TUNISNEWS
9ème année,N°3625 du 26 .04 . 2010
archives : www.tunisnews.net
الحرية لسجين
العشريتين الدكتور الصادق شورو
وللصحافي توفيق بن بريك
ولضحايا قانون الإرهاب
جمعية صوت حر والمنظمة الدولية للمهجرين التونسيين: بيــــان مشتــــــــرك
أمسية تضامنية بباريس:(مواطنون تحت الحصار ، المراقبة الإدارية في تونس )
السبيل أونلاين:وفاة السجين السياسي السابق اسماعيل السعيدي بمرض خطير
الدكتور محمد الغمقي محروم من جواز سفر منذ 2002
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: قرصنة مدونة الجمعية :”مواطنون تحت الحصار “.. !
زياد الهاني:طلب فتح تحقيق ضد السيد عادل التيويري مدير عام الأمن الوطني
منظمة مراسلون بل حدود:زهير مخلوف ضحية عنف الشرطة وإفراج وشيك عن توفيق بن بريك
كلمة:زيارة لعميد المحامين بباريس إلى تونس في ظل حصار بوليسي
الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة نابل:بيــــان
كلمة:شخصيات وطنية توجه نداء إلى السلطات التونسية من أجل غلق ملف الحوض المنجمي
رويترز:اتحاد الصحفيين العرب: الصحفيون يعانون من قيود عدة تسلبهم حرياتهم
عادل القادري:متى يصبح المرصد الوطني للانتخابات لجنة وطنية قارة ؟
لطفي الهمامي:رسالة خاصة في الممنوعات
عرفات بوجمعة:علاقة قيادات النهضة بأبنائها
عبد المجيد الميلي:بين السلطة والنهضة من سياسة المعالجة إلى المعالجة السياسية
عبدالحميد العدّاسي :النّساء ثمّ الرّجال… نقطة نظام
الصباح:جريمة مزدوجة بشعة في فرنسا تونسي أغرق زوجته في حوض الاستحمام وطعن حماته ثم ألقى بنفسه من الطابق السادس
الحياة:تونس تسعى لتعزيز السياحة الإستشفائية
الجزيرة.نت:أثناء استقباله وفدا من فلسطينيي 48 القذافي: الحل بدولة ثنائية القومية
هادي يحمد:’البرقع الفرنسي’ .. شذوذ ما بعد الحداثة؟
برهان غليون :العرب بين حلم النهضة والخوف على الهوية
عبده وازن:مأساة آن فرانك ونظرات محمد الدرّة
القدس العربي:سفير اسرائيلي سابق بالقاهرة: مبارك لن يترشح بسبب صحته استنفار أمني مصري غير مسبوق في سيناء
(Pourafficher lescaractèresarabes suivre la démarchesuivan : Affichage / Codage / ArabeWindows)To read arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)
منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس
أفريل 2010
https://www.tunisnews.net/15Avril10a.htm
جمعية صوت حر والمنظمة الدولية للمهجرين التونسيين بيان مشترك
تواصل السلطات التونسية منعها للعشرات من المواطنين التونسيين المقيمين بالخارج من الحصول على جوازات سفرهم التونسية، في خرق واضح لدستور البلاد وانتهاك فاضح لحرية التنقل والسفر المكفولة بموجب الميثاق الدولي لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الحكومة التونسية. بعض هؤلاء المواطنين ليس لاجئا سياسيا وتقدم بطلب استصدار أو تجديد جواز سفره منذ سنوات عديدة دون جدوى، مثل السادة:
– نجيب العاشوري (2000) – فتحي الناعس (2001) – محمد الغمقي (2002) – بلال بن سالم (2007) – علي الدباك (2007) – الفاضل بدة (2008) – عائشة الذوادي (2008) أما المجموعة الثانية فتشمل لاجئين سياسيين اشترطت المصالح القنصلية عليهم سحب اللجوء السياسي لمنحهم جواز السفر، ووجدوا أنفسهم في وضع إداري عويص بسبب نكوص الإدارة التونسية عن وعدها، مثل:
– السيد عبد السلام بوشداخ (عميد المهجرين : حوالي 30 سنة) – السيدة فاتن العريض أما المجموعة الأخيرة، فهي عشرات من اللاجئين وقدماء اللاجئين الذين تعرضوا للابتزاز واضطر بعضهم تحت ضغط المصالح القنصلية لإصدار مواقف علنية في الاستقالة الحزبية والتبرؤ من الانتماء السياسي، غير أنهم ما زالوا يتعرضون لمماطلتها بخصوص وثائقهم الإدارية التونسية متعللة بانتظار قرار الموافقة من قبل وزارة الداخلية بتونس، الآمر الذي جعل المئات من اللاجئين غيرهم يتحفظون و حتى هذه اللحظة على المطالبة بهذا الحق الدستوري في الحصول على وثائقهم الرسمية. إن منظمة صوت حر والمنظمة الدولية للمهجرين التونسيين إذ تعربان عن مساندتهما المطلقة لحق كل من تقدم بطلب وثائقه الإدارية التونسية في الحصول عليها وفي العودة الآمنة والكريمة إلى البلاد، فإنهما تعبران عن: 1ـ رفضهما التام لأي نوع من أنواع الابتزاز أو المساومة أو فرض أي شرط غير قانوني على المتقدمين بطلبات الحصول على الجوازات من قبل المصالح القنصلية والأمنية التونسية. 2ـ دعوتهما للسلطات التونسية من أجل التسريع بتسليم الجوازات العالقة لكل من طلبها حسب الأصول الإدارية وضمن الآجال القانونية المعمول بها. 3ـ دعوتهما عموم المهجرين لرفض تلبية أي شرط غير قانوني أو دفع أي ثمن من أجل الحصول على حقهم الدستوري في كامل الوثائق الإدارية التونسية، وندائهما لهم جميعا بالاستعداد للتحرك والنضال المدني والقانوني من أجل المطالبة بحقهم المسلوب في المواطنة الكاملة. 4- مناشدتهما أبناء شعبهم في تونس للتضامن معهم ونصرة قضيتهم العادلة. 5ـ عزمهما تنسيق تحركات ميدانية وشن حملة اتصالات واسعة بمؤسسات المجتمع المدني الدولي والمنظمات العالمية في كل دول اللجوء من أجل إسماع صوتهم. المهجر، في 27 أفريل 2010
أمسية تضامنية بباريس دعوة مفتوحة للجميـــــــــــــــــــــــــــــــع
أمسية تضامن مع معاناة المواطنين التونسيين الواقعين تحت إجراءات المراقبة الإدارية المؤبدة : الخميس 29 أفريل 2010 ابتداء من الساعة 18h30 Salle AGECA 177 rue Charonne 75011 Paris Metro Ligne 2 – Station Alexandre Dumas.
سيكون اللقاء فرصة لتقديم ومناقشة الكتاب / الوثيقة الصادر مؤخرا عن الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين بعنوان: ” مواطنون تحت الحصار ، المراقبة الإدارية في تونس ” يهدف هذا اللقاء أساسا إلى إطلاع المهاجرين التونسيين بفرنسا والجاليتين العربية والإسلامية والرأي العام الفرنسي والدولي على معاناة سجناء الرأي السابقين والمعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في تونس (المراقبة الإدارية-الحرمان من الحقوق المدنية – الاضطرار للهجرة …).
بإشراف :
– الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، – جمعية التضامن التونسي، – اللجنة العربية لحقوق الإنسان ، – جمعية صوت حر، – المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين،
(في الحضور تأييد للقضية وإسهام في تخفيف معاناة أصحابها)
وفاة السجين السياسي السابق اسماعيل السعيدي بمرض خطير
السبيل أونلاين – تونس انتقل الى رحمة الله تعالى اليوم الاثنين 26 أفريل 2010 ، السجين السياسي السابق اسماعيل السعيدي وذلك في حدود الساعة السادسة مساءا بتوقيت تونس ، بعد معاناة مريرة مع مرض البوصفير الذى اصابه في المخ داخل السجن سنة 2000 ، نتيجة الإهمال الطبي . ويقيم المرحوم منذ أكثر من شهر في مستشفى الرابطة بتونس اين وافته المنية .وسيواري جثمانه الثرى يوم غد الثلاثاء 27 أفريل في مقبرة المروج بالعاصمة . للتعزية يمكن الاتصال بشقيقه في تونس عبد الله : 98535142 أو بشقيقه المقيم في فرنسا عبد الجليل : 0033625394502 وبهد المناسبة الأليمة تتقدم أسرة السبيل أونلاين لعائلة الفقيد بأحر التعازي ، سائلين الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته وموفور مغفرته وأن يدخله منازل الأنبياء والشهداء والصالحين ، وأن يرزق ذويه جميل الصبر والسلوان ..وانا لله وانا اليه راجعون . (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 26 أفريل 2010)
الدكتور محمد الغمقي محروم من جواز سفر منذ 2002
إني المسمى محمد بن الطاهر الغمقي من أصل تونسي مقيم في فرنسا منذ حوالي ثلاثين سنة، وأب لثلاثة أطفال. أعمل أستاذا جامعيا وعضو المكتب التنفيذي للمجلس الجهوي للديانة الإسلامية لمنطقة باريس وضواحيها، ومحاضر في قضايا الحوار الحضاري والحضور الإسلامي في الغرب والعلاقات الأوروبية – العربية، ومدير تحرير سابق لمجلة “الأوروبية”، ومشارك في برامج حوارية مثل برنامجي “نقاش” و “وجها لوجه” في قناة فرانس 24 العربية… ولكني مواطن تونسي محروم من جواز سفر يخوّل لي حرية التنقل، وهي من الحريات الأساسية التي تكفلها الأعراف والقوانين الدولية. والنتيجة، حرمان من حضور ندوات فكرية وعلمية في أوروبا والعالم العربي والإسلامي دعيت لحضورها بصفة محاضر أو مشارك، وحرمان من زيارة الأهل والأقارب لمدة طويلة، وحرمان من السياحة في أرض الله الواسعة… تقدمت بمطالب عديدة لتجديد جواز السفر في قنصلية بانتان بضواحي باريس، وفي كل مرة أذهب إلى القنصلية (آخرها يوم الخميس 8/4/2010) أرجع صفر اليدين، وأسمع نفس الكلام تقريبا ” انتظر، اصبر قليلا، اكتب إلى وزير الداخلية..” علما بأنني لست لاجئا سياسيا ولست من قيادات المعارضة.. طلبي الوحيد هو الحصول على جواز سفر ، وهو حق يضمنه الدستور التونسي لكل مواطن.
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس/ aispp.free@ gmail.com تونس في 26 أفريل 2010 قرصنة مدونة الجمعية : “مواطنون تحت الحصار “.. !
حقق بوليس الإنترنيت ” انتصارا ” جديدا في معركته المتواصلة ، بلا هوادة ، ضد المواقع ” المناوئة ” و المدونات ” المشاغبة ” والبريد الألكتروني للجمعيات و المنظمات الحقوقية المستقلة و للشخصيات السياسية المعارضة و النشطاء الحقوقيين، فقد أصبح المتصفح لمدونة الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين حول المراقبة الإدارية يجد عند وضعه لعنوان المدونة http://moraqba.wordpress.com) صفحة تتضمن العبارة التالية: (Not Found … The requested URL moraqba.wordpress.com was not found on this server. ) علما أن المدونة تشتمل على تقرير الجمعية حول مظلمة المراقبة الإدارية بعنوان ” موطنون تحت الحصار : المراقبة الإدارية في تونس ” و هو من إعداد موقع ” نواة ” في إطار تعاونه مع الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين. ومن العجيب أن تتواصل هذه الممارسات المتخلفة التي جعلت تونس تحتل مراتب متقدمة ضمن أعتى أعداء الإنترنيت حسب ترتيب المنظمات المتخصصة. وكان أجدى بها أن يتم استثمار الأموال الطائلة التي تنفق على المنع و الحجب ( .. والمراقبة و القطع و القرصنة و “الصنصرة ” و” الهرسلة ” و سرقة البريد الإلكتروني ..) في دعم التجهيزات بالمناطق المحرومة ومساعدة ..” أيتام التنمية الشاملة ” الذين لم يصلهم بعد قطار” العناية الموصولة ” ..؟ ألم يكن أجدى بالرقيب ، إن كان و لا بد له من عمل مقابل ما يتقاضاه من أموال دافعي الضرائب ، أن يتمعن في ما يتضمنه موقع بالمكشوف مثلا (http://www.bilmakchouf.org/ )من بذاءات و قذارات لا يكاد معارض سياسي أو ناشط حقوقي يسلم منها. و لكن عيون الرقيب لا تخطئ المواقع الإخبارية الجادة (تونس نيوز ، نهضة أنفو ، نواة ، ديلي موشن ، يوتيوب ، العربية نت ، الفجر نيوز ، السبيل أونلاين ، إسلام أونلاين ، الحوار نت ..، البديل..إذاعة كلمة ) ومواقع الأحزاب غير المعترف بها ( حركة النهضة، حزب العمال الشيوعي التونسي، المؤتمر من أجل الجمهورية وحتى مواقع بعض الأحزاب المعترف بها لا تسلم من ” القصف الإلكتروني ) الحزب الديمقراطي التقدمي، التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات( وعمليات التخريب المتعمد للمواقع الشخصية من نشطاء و معارضين ( موقع الدكتور المنصف المرزوقي ، مدونات الصحفيين عبد الله الزواري و سليم بوخذير و زياد الهاني والقاضي مختار اليحياوي و المحامي خالد الكريشي) و الجمعية إذ تعتبر هذا الإعتداء الجديد إمعانا في التمسك بممارسات تنتمي لزمن ولى عهده و تتنافى مع ما تروجه ” وكالة الإتصال الخارجي ” و تلهج به ” المصادر المسؤولة ” من تكذيب ” ادعاءات ” التضييق على الإعلام و محاصرة الفضاء الافتراضي ، فإنها تجدد تحديها للرقابة و إصرارها على مواصلة رسالتها في فضح الانتهاكات و تعرية الجلاديـــــن .. . ! مهما كان الثمن.. عن الجمعيــــــــــة الرئيس الأستاذ سميـــــــر ديلــــــو
الحمد للّه وحده تونس في 26 أفريل 2010 السيد وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس المحترم دام حفظه
الموضوع: طلب فتح تحقيق ضد السيد عادل التيويري مدير عام الأمن الوطني
الإدارة العامة للأمن الوطني، وزارة الداخلية، شارع الحبيب بورقيبة – تونس 1000.
العـارض: زياد الهاني، صحفي – 12 شارع الهادي شاكر، قرطاج 2016
تحيّـة وبعد
يؤسفني أن أنهي إلى جنابكم الشكوى التالية بعد أن تلقيت في تمام الساعة الحادية عشر وثلاثة دقائق من صباح يوم الجمعة 23 أفريل 2010 مكالمة هاتفية من مجهول هددني فيها بالقتل إذا تمسكت بتنظيم مظاهرة يوم 3 ماي أمام مقر وزارة الاتصال. مع إسماعي سيلا من التهديدات استخدم فيها لغة وضيعة تعكس مستواه. علما بأني تقدمت صحبة الزميل المحترم صالح الفورتي بإعلام إلى وزارة الداخلية حسب المقتضيات القانونية، لممارسة حقنا الدستوري في تنظيم مظاهرة سلمية يوم 3 ماي بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة أمام مقر وزارة الاتصال بتونس العاصمة.
وقد تمّ الاتصال بي على هاتفي الجوال رقم 98434609، عن طريق خط هاتفي رقمه 79900301 تبيّـن بعد أن قمت كصحفي بالتقصي اللازم بأنه لا يتبع أحد المحلات العمومية للاتصالات مثل ما يتبادر للوهلة الأولى. فهذا الرقم الهاتفي غير موجود أصلا بقاعدة بيانات “اتصالات تونس”. وبمزيد الاستقصاء، توصلت إلى أن هذا الرقم يتبع أحد الأجهزة الأمنية الخاصة الراجعة بالنظر للسيد عادل التيويري المدير العام الجديد للأمن الوطني.
ويأتي هذا التطور بعد أن جرت يوم الأربعاء 14 أفريل الجاري محاولة فاشلة لتلفيق تهمة حق عام ضدي، إثر عملية تابعها منذ انطلاقها السيد رئيس فرقة الإرشاد السياسي بمنطقة الأمن. حيث قام شخص لا أعرفه بدفعي قرب مقر الجريدة التي أعمل بها، ثم أمسك بخناقي وحاول الاعتداء عليّ وجرّي لتبادل العنف معه، زاعما بأني ضربته. هذا “المواطن” الذي لم يكن يحمل بطاقة تعريف وطنية أو أية وثيقة تثبت هويته صرح للشرطة، التي لم تقم بأي عمل للتثبت من ذلك وجارته في كل تقلباته، بأن اسمه كمال بن محمد بن مختار بوصرّة. وبعد أن قمت بتقصي أمر الدعـيّ، تبيّن أن الاسم الرباعي الذي انتحله غير موجود في السجلات الرسمية للدولة. وأن أقرب شخصين يحملان إسما مشابها، لا يشتركان معه إلاّ في ثلاثة جذور.
وقد سبق لي أن تعرضت في ضاحية قرطاج مساء يوم 15 أكتوبر 2009 إلى اعتداء بالعنف من قبل مجهول، حسب ما أعلمتكم به في حينه. وذلك كله بسبب تمسكي بحقي في التعبير عن رأيي السلمي في شؤون بلدي الذي أصبحت رائحة الفساد فيه تزكم الأنوف، وتكالب عليه أصحاب النفوذ من أفراد العائلات القريبة من دوائر الحكم. ومن الطبيعي والحال كذلك أن أتحول أنا وأمثالي من الغيورين على الصالح العام وعلى المصالح العليا للبلاد إلى مجرمي حق عام، في وقت أصبح فيه رموز نهب المال العام سادة المجتمع وأصحاب قرار في الدولة يحتلون مواقع نيابية في البرلمان وفي المجالس البلدية “المنتخبة”. ويحظون بالتوسيم والتكريم، ويشكّـلون حكومة ظلّ تـفعل فعلها في العباد وفي البلاد.
سيدي وكيل الجمهورية
لقد أخطأ الذين توهموا إمكانية ترهيبي العنوان. لذلك أؤكد لجنابكم بأني متمسك بحقي الدستوري في تنظيم مظاهرة 3 ماي في موعدها ومكانها المعلن في إطار الاحترام الكامل للقانون. بل ومتشوق لهذا الموعد عساني أشهد كيف سينفذ أصحاب التهديد وعيدهم. وسأظل قلما مسكونا بروح العدل ومدافعا عن الحرية وعن قيم الجمهورية، وسيفا مشهرا لا يدخل غمده إلاّ للسفر الأخير.
ولن أتخلى عن القيام في إطار القانون، بواجب التصدي لعصابات المفسدين الذين ينهبون ثروات بلادنا ويصادرون مستقبل أجيالنا القادمة، ولشبكات الإرهاب الرسمي والدعائي التي تسندهم، أواجههم حيّـا وميّـتا. حيّـا ما دام بي نفس، وميّـتا يحاربهم دمي، وحلمي وحلم كل التونسيين الطيبين الصابرين المجاهدين من أجل قوت عيالهم، بأن يحيا أطفالنا مواطنين أسيادا محفوظي الكرامة والحقوق في بلدهم. وتكون تونسنا الجميلة المتعطشة للحرية أجمل، لأنها تستحق أفضل بكثير ممّـا هو معروض عليها.
وتأسيسا على ما سبق ذكره، ألتمس من جنابكم الإذن بفتح تحقيق ضد السيد عادل التيويري مدير عام الأمن الوطني وكل من يكشف عنه البحث، حيث لا أحد فوق القانون كائنا من يكون. طالبا تتبعهم من أجل:
· التهديد باعتداء يوجب عقابا جنائيا، ومتوقف على شرط. مثل ما هو منـصوص عليه بالفصل 222 من المجلة الجزائية. · تعمد الإساءة إلى الغير أو إزعاج راحتهم عبر الشبكات العمومية للاتصالات. مثل ما هو منصوص عليه بالفصل 86 من مجلة الاتصالات. مع رجاء تسجيل تمسكي بفتح تحقيق مستقل في واقعة 14 أفريل المفتعلة التي كادت تودي بي للسجن، وتتبع الضالعين فيها.
وتفضلوا سيدي وكيل الجمهورية ختاما بقبول فائق التقدير.
المواطن زياد الهاني
مراجع قانونية:
* الفصل 222 من المجلة الجزائية: يعاقب بالسجن من ستة أشهر إلى خمسة أعوام وبخطية من مائتين إلى ألفي دينار كل من يهدد غيره باعتداء يوجب عقابيا جنائيا وذلك مهما كانت الطريقة المستعملة في هذا التهديد. ويكون العقاب مضاعفا إذا كان التهديد مصحوبا بأمر أو متوقفا على شرط حتى وإن كان هذا التهديد بالقول فقط. * الفصل 86 من مجلة الاتصالات: يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين سنة واحدة وسنتين وبخطية من مائة إلى ألف دينار كل من يتعمد الإساءة إلى الغير أو إزعاج راحتهم عبر الشبكات العمومية للاتصالات.
ملاحظة: تم إيداع هذه الشكوى بكتابة وكالة الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس في الساعة الثالثة والربع من بعد ظهر يوم الإثنين 26 أفريل 2010. الموظفة بشباك قبول عرائض المواطنين لم تضمّـن الشكاية في الحين وحملتها إلى “النيابة العمومية”. وعادت بعد حوالي 40 دقيقة لتطلب مني العودة في اليوم التالي لاستلام عدد التضمين.
علما بأنكم تتصفحون حاليا النسخة الخامسة والخمسين من مدونة “صحفي تونسي”، بعد أن قام الرقيب بحجب النسخة السابقة. تحيا تونس تحيا الجمهورية
تونس، 26 أفريل 2010
زهير مخلوف ضحية عنف الشرطة وإفراج وشيك عن توفيق بن بريك
إذا كان الإفراج عن الصحافي توفيق بن بريك سيتم في غضون ساعات، فقد أقدمت الشرطة على الاعتداء على الناشط الحقوقي والصحافي الإلكتروني زهير مخلوف بعنف في أثناء اعتقاله في 24 نيسان/أبريل الماضي. في هذا الإطار، أعلنت مراسلون بلا حدود : “لا يسعنا إلا أن نعبّر عن بالغ صدمتنا بالاعتداء الوحشي والمجاني الذي نفّذته القوى الأمنية بحق الناشط الحقوقي السلمي هذا. وإذا كانت السلطات تتهم زهير مخلوف بتشويه صورة البلاد، فإن هذا الاعتداء الذي يفضح عنف الشرطة التونسية تماماً كما أساليبها التنكيلية الممارسة ضد الصحافيين ليظهر مجدداً الوجه الآخر من الموضوع”. في الساعة الخامسة والربع من بعد ظهر 24 نيسان/أبريل، وفد ثمانية شرطيين بلباس مدني إلى منزل زهير مخلوف لاعتقاله. وفي غياب مذكرة التوقيف، رفض الصحافي مرافقتهم. فما كان منهم إلا أن أبرحوه ضرباً أمام زوجته وأولاده الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و12 سنة. وإثر اقتياده بالقوة إلى مركز شرطة برج الوزير في مدينة أريانة بالقرب من العاصمة التونسية، أسيئت معاملته مجدداً ولكنه تمكّن من تبليغ محاميته الأستاذة إيمان الطريقي بما تعرّض له عبر رسالة نصية قصيرة. وفي أثناء استجوابه، تطرّق عناصر الشرطة إلى تسجيلين أعدّهما الصحافي مؤخراً حول وقائع مختلفة من بينها قضية صابرين الخميري وهي طالبة مسجونة تعرّض لها عناصر من الشرطة في تونس في آذار/مارس، فادعت عليهم. وقد أفادت الأستاذة الطريقي بأن هذه القضية قد تكون من بين الأسباب الفعلية لما أصاب زهير مخلوف لا سيما أن الصحافي قد دعي في مساء 24 نيسان/أبريل برفقة ناشطين حقوقيين آخرين إلى حفل عشاء نظّمه نقيب المحامين السابق في باريس الأستاذ كريستيان شاريار بورنازيل. وبعد أن علم النقيب الباريسي السابق بتوقيف الناشط الحقوقي، توجه عند الساعة الحادية عشرة والنصف ليلاً برفقة محاميين آخرين إلى مركز الشرطة المعني. فنفى عناصر الشرطة وجود الصحافي. وفي منتصف الليل، تمكّن زهير مخلوف من الاتصال بهم لإبلاغهم بأنه أخلي سبيله. فسارعوا إلى منزله ولاحظوا الكدمات على وجهه والدماء على جسده فضلاً عن سيارة تابعة للشرطة خالية من المميزات مركونة بالقرب من المنزل الذي يراقبه عناصر من الشرطة بلباس مدني منذ أشهر. وفي اتصال مع مراسلون بلا حدود، أكّد زهير مخلوف أن أنفه مكسور وأن أولاده في حالة صدمة. قضى مراسل جريدة “السبيل أنون لاين” (http://www.assabilonline.net) زهير مخلوف 116 يوماً في السجن في الأشهر الأخيرة. وبعد توقيفه في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2009، حكم عليه في الأول من كانون الأول/ديسمبر بالسجن لمدة ثلاثة أشهر بسبب تقرير أعدّه حول الشروط البيئية في منطقة نابل الصناعية (http://arabia.reporters-sans-frontieres.org/article.php3 ?id_article=31603 و http://arabia.reporters-sans-frontieres.org/article.php3 ?id_article=31594). ومع أنه كان ينبغي الإفراج عنه في 18 كانون الثاني/يناير 2010 (http://arabia.reporters-sans-frontieres.org/article.php3 ?id_article=31634)، إلا أنه أبقي قيد الاحتجاز ومن ثم شددت عقوبته مدة شهر بالإضافة إلى فرض غرامة قدرها 6000 دينار (3165 يورو) كتعويض (http://arabia.reporters-sans-frontieres.org/article.php3 ?id_article=31669). أما الصحافي توفيق بن بريك الذي حكم عليه بالسجن لمدة ستة أشهر في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 في قضية ملفّقة فكان يجدر الإفراج عنه علماً بأنه اعتقل في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2009 إثر نشره مقالتين انتقد فيهما نظام الرئيس بن علي في وسيلتين إعلاميتين هما “لو نوفل أوبسرفاتور” وموقع “ميديابار” وحكم عليه بالسجن لمدة ستة أشهر مع النفاذ وأحيل إلى سجن سيليانا الذي يبعد 130 كيلومتراً عن العاصمة. (http://arabia.reporters-sans-frontieres.org/article.php3 ?id_article=31664) في النهاية، تفتتح محاكمة الاستئناف في قضية فاهم بوكدوس في 27 نيسان/أبريل 2010 في قفصة. وفي 26 نيسان/أبريل 2010، توجه الأستاذ شاريار بورنازيل برسالة إلى الرئيس زين العابدين بن علي لإبلاغه عن قلقه إزاء مصير هذا الصحافي والمتهمين معه في القضية وتذكيره بالرهانات الدولية: “في الوقت الذي تأمل فيه تونس عقد شراكة مع أوروبا، لا يجوز ألا تمتثل للمعايير القانونية الأوروبية في مجال الحريات وحقوق الإنسان”.
زيارة لعميد المحامين بباريس إلى تونس في ظل حصار بوليسي
حرر من قبل التحرير في الأحد, 25. أفريل 2010 رافقت زيارة عميد المحامين بباريس الأستاذ كريستيان شاريير بورنازيل إلى تونس يوم السبت 24 أفريل- والتي تمّت بدعوة من فرع تونس للمحامين لحضور ندوة علمية ينظّمها- محاصرة بوليسية شديدة. وكان العميد قد التقى على هامش الندوة بعدد من النشطاء الحقوقين والمحامين والصحفيين وتحدّث إليهم بهدف تكوين فكرة عن الوضع الحقوقي وواقع الحريات في تونس. وكان الناشط الإعلامي والسياسي زهير مخلوف، الذي كان على موعد مع العميد بورنازيل، قد تعرّض إلى الاختطاف من أمام منزله والاعتداء بالعنف من قبل عناصر من الأمن عشية نفس اليوم بهدف منعه من الحديث اليه، وهو ما أشرنا له في نشرة سابقة. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 25 أفريل 2010)
الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة نابل في 25-04-2010 بيــــان
فوجئت جامعة نابل للحزب الديمقراطي التقدمي بإقدام مجموعة من البوليس السياسي يتقدمهم رئيس منطقة النخيلات عشية السبت 24-04-2010 باعتقال ابن الحزب والناشط الحقوقي زهير مخلوف بطريقة لا حضارية ومنافية للقانون حيث تم نعته بوابل من العبارات النابية والاعتداء عليه بالعنف الشدشد تحت أنظار عائلته الأمر الذي روع أبناءه الصغار وخلف له جروحا وكدمات على مستوى العين ونزيفا بفمه وفق ما أفادتنا به زوجته. وأمام هذا التطور والتصعيد الخطير في تعامل السلطة مع إطار الحزب السيد زهير مخلوف الذي لم يمر على مغادرته السجن سوى بضع أسابيع حيث قضى عقوبة بأربعة أشهر بموجب قضية كيدية كانت ضريبة لنضاله السياسي والحقوقي والإعلامي. فإن جامعة نابل للحزب الديمقراطي التقدمي: -تدين بشدة عملية الاعتقال وما سبقها من حصار أمني لزهير مخلوف. -تدعو السلطة إلى رفع اليد عن السيد زهير مخلوف والإقلاع عن التعامل مع النشطاء السياسيين والحقوقيين والإعلاميين والطلبة من الزاوية الأمنية الصرفة التي لا تنتج سوى التوتر والاحتقان. -تعبر عن تضامنها مع زهير مخلوف ووقوف كل مناضلي الحزب بالجهة إلى جانبه. جامعة نابل للحزب الديمقراطي التقدمي المسؤول عن الإعلام الحبيب ستهم
شخصيات وطنية توجه نداء إلى السلطات التونسية من أجل غلق ملف الحوض المنجمي
حرر من قبل التحرير في الأحد, 25. أفريل 2010 وجه عدد من ممثلي مكونات المجتمع المدني نهاية الأسبوع الجاري نداء إلى السلطات التونسية تحت عنوان “من اجل غلق ملف الحوض المنجمي” طالبوا فيه بإطلاق سراح كل المسجونين على خلفية التحركات الاحتجاجية التي شهدتها مدن الحوض المنجمي سنة 2008 وإيقاف التتبعات ضد الصحفي الفاهم بوكدوس و الحقوقي محي الدين شربيب . ورفض الممضون على النداء صيغة السراح الشرطي الذي تمتع به المسرحون من قيادات التحركات الاحتجاجية نهاية السنة الفارطة. وفي المقابل أكدوا على ضرورة سن عفو عام على جميع المسرحين وإرجاعهم إلى سالف عملهم. مشيرين إلى أن منطقة الحوض المنجمي مازلت تخضع إلى حصار أمني كما يتعرض قادة الحركة إلى مراقبة أمنية لصيقة من طرف أعوان البوليس السياسي على حد قولهم. ومن جهة أخرى وجّه السيد عدنان الحاجي، أحد قادة الحركة الاحتجاجية بالحوض المنجمي، دعوة إلى الرأي العام الوطني من محامين ونقابيين وسياسيين لحضور جلسة يوم الثلاثاء 27 أفريل 2010 بمحكمة الاستئناف بقفصة التي سيمثل فيها كل من الناشط حسن بن عبد الله والصحفي الفاهم بوكدّوس للنظر في الأحكام الصادرة ضدّهما على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية بالحوض المنجمي. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 25 أفريل 2010)
اتحاد الصحفيين العرب: الصحفيون يعانون من قيود عدة تسلبهم حرياتهم
من طارق عمارة قمرت (تونس) (رويترز) – قال الاتحاد العام للصحفيين العرب يوم الاحد 25 أفريل 2010 في ختام أعماله بضاحية قمرت في تونس ان الصحفيين في معظم الدول العربية مازالوا يعانون قيودا على حرية التعبير من بينها عقوبة الحبس. وافتتح الاتحاد يوم السبت 24 أفريل الاجتماع وناقش عديد الموضوعات الشائكة من بينها الموقف من الاوضاع السياسية في فلسطين والعراق والسودان. كما استعرض تطورات الاصلاح الديمقراطي في الدول العربية وخصوصا اطلاق الحريات العامة وفي مقدمتها حرية الصحافة والتعبير. وأشار بيان ختامي للاجتماع تلاه مكرم محمد أحمد الامين العام للاتحاد على الصحفيين الى ان “البنية القانونية التي تنظم علاقة الصحافة بالمجتمع والسلطة لاتزال عاجزة عن حماية وصون الحريات الشخصية وتطبيق المواثيق الشرف التي تحمي أخلاق المهنة”. وأضاف “لاتزال القوانين المقيدة للحريات في جرائم النشر بما في ذلك عقوبة الحبس تشكل جزءا من القوانين التي تحكم عمل الصحافة العربية في ظل وضع عربي يزداد ترديا يسوده الاختلاف”. ويعاني الصحفيون في أغلب البلدان العربية من الرقابة والازعاج وتدني الاجور اضافة الى العمل في اوضاع صعبة في بلدان النزاعات مثلما هو الحال في العراق وفلسطين. ويمثل هاجس حبس الصحفيين ابرز ما يعوق اداء الصحفيين في ما يتعلق بعديد المواضيع مثل صحة قادة بلدانهم. وفي الاشهر الاخيرة تم سجن صحفيين في المغرب بسبب تقارير اخبارية. وأكد الاتحاد العام للصحفيين العرب التزامه بالحفاظ على علاقات متكافئة مع الاتحاد الدولي للصحفيين وطالبه بعدم التدخل في الشؤون الداخلية التي تخص البلدان العربية. وأضاف تأكيده على “شرعية الانتخابات التي جرت في نقابة الصحفيين التونسيين ويرفض رفضا قاطعا اي شكل من اشكال التدخل في الشؤون الداخلية للنقابة”. وجمّد الاتحاد الدولي للصحفيين الاعتراف بنقابة الصحفيين التونسيين بحجة أنها تفتقر للشرعية. ووجه مشاركون في الاجتماع انتقادات حادة للاتحاد الدولي للصحفيين وطالبوه بالحياد وعدم فرض وصاية على النقابات العربية. وقال ابراهيم نافع رئيس الاتحاد العام للصحفيين العرب في مؤتمر صحفي اثر تلاوة البيان الختامي ان اصرار الاتحاد الدولي على التدخل في امور داخلية لنقابات عربية أمر غير مقبول. وأضاف “المصيبة الكبرى أن تقارير منظمات غربية لاتستقي معلوماتها الا من المعارضة ولا تكلف نفسها عناء الاتصال بالاطراف الشرعية أو جهات مستقلة”. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 25 أفريل 2010)
متى يصبح المرصد الوطني للانتخابات لجنة وطنية قارة ؟
يعتبر المرصد الوطني للانتخابات منذ 1999 أحد العناصر الهامة في المشهد الانتخابي التونسي. وقد جاء إحداثه بقرار رئاسي يعكس إرادة سياسية لا يمكن إنكارها في الارتقاء بسير العملية الانتخابية ببلادنا وإضفائها المزيد من ضمانات الشفافية والحياد والنزاهة من خلال تكليف رئيس المرصد إلى جانب عدد من الشخصيات المستقلة بمتابعتها في مختلف مراحلها ثم رفع تقرير تقييمي إلى رئيس الدولة يتضمن ما تم رصده من إيجابيات ونقائص وتجاوزات وما يمكن تقديمه من ملاحظات ومقترحات في الغرض من أجل تحسينها وتطويرها في المستقبل وهذا ما تحقق نسبيا في بعض النقاط الإجرائية مثل إمضاء الناخب أمام اسمه إثر قيامه بعملية الاقتراع. ولئن تزامن ميلاد المرصد مع تنظيم أول انتخابات رئاسية تعددية ببلادنا فإنه لم يتوقف عندها بل تواصل ليشمل مختلف المناسبات الانتخابية بما في ذلك الانتخابات البلدية. ورغم ذلك التواصل والاستمرارية فإن الجدير بالملاحظة أنه لم تتوفر إلى حد الآن لهذه الهيئة ذات الطبيعة الاستشارية المؤقتة التي تتغير تسميتها كل مرة حسب الاستحقاق الانتخابي ما يسمح باعتبارها هيئة قانونية قارة أو دائمة، رغم أن تركيبتها أو بالأحرى قائمتها الاسمية لم تتغير كثيرا مثلا بين الانتخابات التشريعية والرئاسية 2009 وبين الانتخابات البلدية القادمة في ماي 2010. ولعل السبب الأول في ذلك أن إحداث مرصدنا المتجدد لم يتم، كما هو الحال في بلدان ديمقراطية عديدة (من الهند إلى غينيا والسينغال) تشرف فيها على الانتخابات لجنة وطنية مستقلة، بالاستناد إلى نص قانوني سواء كان فصلا دستوريا أو قانونا أساسيا أو أمرا خاصا به أو ضمن المجلة الانتخابية بما يؤسس لديمومته ويحدد طبيعة تركيبته وتمثيليتها و يعزز صلاحياته من ترسيم الناخبين وإعداد القائمات الانتخابية وتوزيع البطاقات إلى تقديم المرشحين ومراقبة الحملات الدعائية وتمويلها والإشراف على مكاتب التصويت وتكوين أعضائها وسير عملية الاقتراع والفرز والجمع والإعلان عن النتائج وبما يمنحه سلطة تقريرية ملزمة تدفع عنه بعض الأصوات المشككة في فعاليته والمقللة من شأنه وحتى من استقلاليته باعتبار ارتباطه بالسلطة التنفيذية، على أن تبقى مسألة الطعون من مشمولات المجلس الدستوري. ولعل المشاكل والصعوبات المتكررة التي تعترض أحزاب المعارضة بالخصوص في مختلف مراحل العملية الانتخابية وفي علاقة بالإشكالية المزمنة لحياد الإدارة، ما قد يدفع إلى التفكير بجدية في ارتقاء المرصد الوطني للانتخابات الذي راكم تجارب عديدة ومفيدة إلى لجنة وطنية مستقلة للانتخابات يمكن أن تتخذ صيغا مختلفة على ضوء النماذج المقارنة والقريبة منا (بصرف النظر عن نماذج الإشراف القضائي أو البرلماني) مثلما هو الحال في العديد من البلدان الإفريقية التي لا تشترط قوانين بعضها (مثل بوركينا فاسو) بالضرورة أن يكون أعضاء لجنة الانتخابات غير متحزبين ولكنها تحرص على التوازن العددي بين ممثلي الحزب الحاكم وممثلي جميع أحزاب المعارضة القانونية ومنظمات المجتمع المدني المستقلة ولا سيما منها الحقوقية إلى جانب ممثلي الإدارة في المستويات المركزية والجهوية والمحلية التي يمكن أن تحال عدد من مشمولاتها الحالية المتعلقة بالانتخابات إلى اللجنة المطلوب إحداثها وفروعها مع بقاء التنسيق والتعاون بين اللجنة والإدارة قائما بطبيعة الحال. هذا و يكون للجنة الوطنية للانتخابات مكتب إداري قار يشرف عليه رئيس اللجنة المنتخب من طرف أعضائها ويكون من غير المتحزبين وكذلك نائبه والمقرر وأمين المال الذين لا يحق لهم الترشح في الانتخابات ما داموا أعضاء في اللجنة ويتقاضون أجرا مقابل تلك المهمة القابلة للتجديد مرة واحدة كل خمس سنوات. صحيح أن المرصد التونسي الحالي يضم عددا لا بأس به من الشخصيات والكفاءات المشهود لأغلبها من حقوقيين وجامعيين وإعلاميين بالاستقلالية والحياد، ولكن استقلاليته الحقيقية لا ينبغي في اعتقادنا أن يستمدها من عدم التحزب المعلن لأعضائه وإنما بالأساس من استقلاليته هو نفسه كهيكل عن السلطة التنفيذية التي يصعب فصلها (ليس فقط في بلادنا) عن الحزب الحاكم الذي يترأسه رئيس الدولة وتتكون هيئته القيادية في أغلبيتها من أعضاء الحكومة، ولذلك فإن اللجنة الوطنية للانتخابات المؤسسة قانونيا والمستجيبة للمعايير الدولية وذات الاستقلالية الهيكلية والمادية ستكون بلا شك إضافة نوعية إلى المشهد السياسي التونسي الذي يعاني أيضا على صعيد مواعيد الاستحقاقات الانتخابية من تقارب مفرط أكثر من اللازم بالنسبة إلى حياة سياسية نشيطة لا يستحسن أن تبقى خاملة انتخابيا طيلة خمس سنوات. وعلى غرار المجلس الدستوري الذي بدأ استشاريا قبل أن تتعزز سلطته المرجعية و القانونية الملزمة التي نرجو أن تترسخ أكثر بأن يصبح محكمة دستورية، نأمل أن يتطور المرصد الوطني للانتخابات إلى لجنة وطنية قارة كهيئة مستقلة تقع الإشارة إليها في الدستور وبالتفصيل في القانون الأساسي الخاص بها أو ضمن مجلتنا الانتخابية، وإن كنا ندرك جيدا أن القانون الانتخابي مهما تطور سواء بالنسبة لأنظمة الاقتراع التي يحددها أو في مستوى الضمانات التي يكفلها، ليس قادرا وحده أن يمنع حدوث تجاوزات في المستقبل أو أن يغير في العمق من واقع العملية الانتخابية التي يبقى النهوض بها رهين تطور موازين القوى السياسية وازدهار مناخ المنافسة السليمة حتى تستطيع كل الأحزاب وليس فقط الحزب الحاكم أن تغطي كافة الدوائر في الانتخابات البلدية بقوائم مرشحيها وتغطي كافة مكاتب التصويت بملاحظيها الذين يمثلون بالتأكيد أهم الضمانات الواقعية لعملية انتخابية أكثر نزاهة وشفافية وعدالة. عادل القادري ـ جريدة الوحدة
رسالة خاصة في الممنوعات
أهلا صديقي الداودي، حدثتني المرّة الفارطة عن موقع الحوار المتمدن الذي تُصدر فيه نصوصك الشعرية والنثرية، وقد تبيّن أن يد الحجب قد طالته أو حاصرته في المجال الذي يمكنها أن تسيطر عليه أي على شبكة الانترنت المستعملة في تونس. يبدو الحدث عاديّا فالعشرات من المواقع والمدوّنات الخاصة محجوبة، ولكن لديّ ملاحظة أريد أن أبديها لك: إذا كانت المواقع المحجوبة في أغلبها مهتمة بالشأن العام وصنفتها السلطة مناوئة لها، فإن الحوار المتمدن ليس موجّها أساسا ضدّها بل هو موقع متعدّد الأطروحات والكتابات والتوجّهات وخاصة مروج التمدن المختص في الأدب إبداعا ونقدا، ولكن يبدو أن درجة الحساسية بلغت مأخذها ودرجة الهستيريا لم تعد مضبوطة بحدود ما. خطر ببالي الموقف الذي أنت فيه، فمن ناحية لا يمكنك نشر نصوصك في المواقع والجرائد التونسية الرسمية منها وشبه الرسمية وكذلك الحزبيّة وأنا وأنت نعرف معنى شبه الرسمية، فإن لم يكن للمنع فلأنها تحولت إلى خرقة من الأوراق الملونة بالإعلانات. فإذا وضعت فيها نصّا ابتلعته فإذا بنصّك على مائدة فطور أو بوتيك للملابس الداخلية والماكياج وفي أحسن الحالات إعلانات العرافين ونجوم الرياضة والإجرام ، ومن الأدب واحتراما للنص، فعليك إبعاده لأن المكان ليس بمكانه. أمّا إذا قرّرت أن تنشر في صحف المعارضة فعليك أن تنتظر تاريخ صدورها والذي في كل مرة يكون بعملية قيصرية وبخوف من سحبها من الأكشاك، وإن صدر، فمهما كان محتواه فإن البيانات التنديدية وأخبار الانتهاكات إمّا أن تجعل منه نصا من ذات النبرة العامة للجريدة أو الموقع أو أنه سيكون مقالا متروكا، فإذا به يقتلك حتى لا تفكر في النشر ثانية. ماذا تفعل إن أردت أن تربط جسورا مع قراء عبر عمود خاص بك يكون دوريا؟ مَن مِن الصحف يمكن أن تمنحك هذا الجزاء العظيم؟ لم يبق لك غير المواقع الإلكترونية يا صديقي، ولكن الموقع الذي تنشر فيه محجوب أي أنك مجبر على التوجه إلى مواقع أخرى أو أن تبحث عن طرق ملتوية لإرسال مقالك إلى الموقع الذي تريد. في الحقيقة وأنا أفكر في حالك وأهذي عمّا يمكن أن تفعله، فأنا أتحدث عن عموم الكتاب وبالأخص العشرات من الشبان الذين يواجهون مثل هذا الأمر بتغيير محتويات مقالاتهم وتطويعها إلى المائدة التي حدثتك عنها لأن السبيل أمامهم مقطوع. ما شدّ انتباهي أن الكاتب من المفترض أن يكتب ويفكر في عناصر وأفكار ما يكتب بكل حرية دون أن تربكه عناصر من المفترض أن تكون ثانوية، فإذا بالكاتب بات يفكر أين ينشر قبل أن يكتب، ليس من جهة الإجراء النشري والبرمجة وإنما من جهة ضوابط النشر قبل الفكرة التي يريد أن يكتبها. ولكن حتى في هذه الحالة عليه أن ينضبط إلى الإطار المسموح به أو أن يكتب ويناضل من أجل النشر. لا أقصد أن يناضل من أجل حرية النشر بل من أجل أن ينشر ما يكتب لأن بين الأمرين مساحة شاسعة. يصبح الكاتب إمّا تابعا للمطحنة العامة ويكون تافها أو إنه يتساقط بالتدريج أو إنه يتحوّل إلى مكافح من أجل نشر مقال. ليس من السهل أن نكتب، لأنه بعد ذلك علينا أن نبحث عن طريقة ملتوية لإرسال مقال ثم الدخول بالبر وكسي للموقع الذي نشر المقال وأن ننزله ونطبعه ثم نوزّعه على بعض الأصدقاء لنقول لهم لقد صدر في الموقع الفلاني ونمدّهم بالعنوان ولكنهم في النهاية لا يمكنهم الإطلاع على المقال وهو على الصفحة كما نشر، وبدل اهتمامهم بالأفكار في النص يكون اهتمامهم مرتبط بحجب الموقع وبذلك نكون قد أدخلناهم في شراكة معنا، دون وعي منهم أو منا، في الإطلاع على موقع محجوب وهو إجرام مفترض. في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، ورغم بدايات التجربة الصحفية في الأوطان العربية ورغم سيطرة الاستعمار على منافذ النشر والتوزيع ورغم وضع المجتمعات العربية الإقطاعية ورغم الانهيار العثماني وسيطرة الغريب الأجنبي على دواليب الحياة ورغم عدم وجود الانترنت والاتصالات الحديثة، كانت الكتابة والنشر وقودا للتربية والإبداع والتمرّد والمقاومة والجمال لدى شعوبنا وأعمدة الصحف كانت أقوي تأثيرا في تشكيل الذهنية العامة من الآن. ما أتصوّره قد يبدو أخطر ممّا نعتقد نحن أنه بديهة : “القادم أفضل”. فيتملكنا جراء ذلك، في كثير من الأحيان، الانتظار ويحولنا تدريجيا إلى منهزمين بأوهام نحن صنعناها ونحن صدقناها لأن الواقع لم يسربها لنا بل على العكس من ذلك هو يدلل بالوقائع أن القادم أسوأ.. ربّما لو غيّرنا أفكارنا ونفسياتنا والذهنية العامة بأن القادم أسوأ، ربما يثور الناس من أجل تغيير مستقبلهم ولكن يظهر أن الوهم أقوى لأنه يعمل على احتمالات مفتوحة يتبين منها ما يريده الواحد منا من قادم الأيام أي المستقبل. ماذا لو كتبت بالفرنسية أو بالانجليزية؟ أنا شبه متأكد أنك ستجد في أقرب وقت ممكن جريدة أو موقع ينشر عمودك أو نصوصك وربما وهو المرجح إذا كان هذا الإطار له مداخيل أن يمارس الشفافية المالية معك وأنت لست بطالبها. ألا يعنى هذا أنك محاصر وبذلك لغتك محاصرة في حين أن اللغات الأخرى تنتشر وتنشر حبرها الفكري وتأثيراتها؟ طبعا أنا مدافع عن اللغة العربية ليس من موقع شوفيني ولكن الأمر قاتل إلى حدود اللحظة. كثير من الأصدقاء يقولون لي أن العولمة أقوى من الحجب، صحيح، ولكن مثل الديمقراطية أقوى من الدكتاتورية. هي مستقبل البشرية ونحن في زمن الديمقراطية، معنى ذلك أن الأنظمة بدل أن تصبح ديمقراطية عندنا تزداد شراسة وتسير عكس التيار جاعلة من القادم فضاعة لا تطاق، انظر مثلا إلى جمهورية جيبوتي “العربية”. عام 1977 تمت صياغة دستور جديد نص أحد فصوله على أن رئيس الجمهورية يمكنه الترشح مرة واحدة على إثر انتهاء مدته الأولى فحكم الرئيس الأول إلى 1999 ونحّاه المرض لأن سنه تجاوز الثمانين وجاء ابن شقيقه ليحكم مدة أولى ست سنوات ومدة ثانية ست سنوات أخرى تنتهي في المستقبل، في الوقت الذي يتصوّر فيه شعب هذا البلد أن مستقبلا آخر خارج دائرة هذا النموذج المسيطر، ولكن الرجل استبق أحلامهم قبل نهاية ولايته بتنقيح الدستور ليسمح له بولاية ثالثة. أنا أتحدث عن جيبوتي لأنني لا أفكر في الذهاب إليها خلال السنوات القادمة على الأقل، أما البلدان الأخرى وأنا اكتب عنها فعليّ أن أفكر قبل ذلك هل لدي نية لزيارتها أو لا لأن للكتابة ضريبة فهل كتّابنا في تونس مستعدون لدفع ضريبة نشر مقال خارج دائرة الطحانة والفاسدين لصياغة مستقبل بديل ما دمنا لم نتمكن من فرض واقع بديل؟ أليس بالضرورة على العقول الحرّة في تونس أن تناضل ويكون الكاتب عندئذ مقاوما أو فلاقا…؟؟ مع هذا يعجبني كُتّاب التّقيّة والسرية والتلميح والرمزية والسريالية والتنقيطية والتكعيبية، ولكن في بلد يصبح فيه الكاتب والناشر والقارئ في مكتب واحد بمنزل الحاجب، ألا يجعل ذلك من كل هذه الإبداعات والتقليعات والمدارس حاملة لمعنى الخوف والرهبة والتقيّد كما أن أيّة قراءة أو دراسة نقدية لا يمكنها إغفال ذلك إذا كانت جادّة. تدور الدائرة ونعاود من الجديد الحديث عن الرقابة والمحاصرة والسمسرة وحجب الحوار المتمدن… قلْ ألم يفتحوا إلى الآن وزارة الخوف؟ صديقي صلاح لنا لقاء بمقهى الدينار للإطلاع على نصك القادم صديقك لطفي الهمامي باريس: 21 أفريل 2010
(المصدر: “البديـل عاجل” (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 26 افريل 2010)
علاقة قيادات النهضة بأبنائها
عرفات بوجمعة حافظت حركة النهضة منذ بداية تأسيسها الى المحنة الأخيرة سنة 1991 على وحدة قيادتها مع امتثال قواعدها لقراراتها وتوصياتها. فرغم اختلاف الآراء بين قيادييها في أولويات المرحلة وسبل التعامل مع السلطة في الكثير من المحطات. ورغم اختلاف الآراء بين الرعيل الأول للصحوة والجيل الجديد من الشباب الطلابي في ثمانينات القرن الماضي ظل الوئام هوالسمة البارزة في المؤسسات القيادية. ورغم البلبلة التي أحدثها انشقاق بعض رموزها الأوائل والذين أصبحوا يعرفون باليسار الاسلامي وتجميد قيادات عضويتهم في الحركة اثر أحداث باب سويقة ظل أبناء النهضة أوفياء لقيادتهم ممتثلين لقرارات مؤسساتهم وقد لاقوا من أجل ذلك شتى أنواع الاضطهاد والمعاناة والتشريد ولكن ما هون عليهم الأمر أن قيادتهم كانت أول من دفع الثمن سواء بالأحكام العالية التي حوكموا بها أو الهجرة القصرية التي أرغموا عليها. شهدت محنة 1991 تحولا كبيرا في طبيعة العلاقة بين قيادة الحركة وقواعدها في الخارج بينما ظلت على ماهي عليه في الداخل. داخل متماسك قيادة وصفا هدفهم الأساسي الصمود في محنة السجن والخروج منها بأقل الخسائر. والحمد لله نجحوا في ذلك بشكل كبير حيث خرج جزء كبير منهم حفظة لكتاب الله مصرين على مواصلة المشوار الذي بدأوه رغم الصعوبات والمعيقات المادية والاجتماعية والأمنية. أما في الخارج فانكبت قيادة وكوادر الحركة في تقييم المراحل السابقة واستخلاص العبر وقد كتب في ذلك الكثير واستغرق الوقت الطويل والذي لم ينته لحد الآن. ومع أهمية تقييم التجربة واستخلاص العبر لاستشراف المستقبل، ظلت أغلب التقييمات تركز على من هو المسؤول على هذا الفشل داخل جسم الحركة وضرورة محاسبته مع التقليل من دور السلطة وفي بعض الأحيان اغفاله تماما. ومع استمرار التقييم الى مالانهاية والبقاء في نقطة الصفر بالاضافة الى طول أمد الهجرة القصرية وما لها من آثار نفسية بالخصوص، بدأت تتسع الهوة بين مؤسسات الحركة التي أنهكها التقييم العقيم والعجز على تحقيق مكاسب سياسية على نظام سياسي شمولي، وقاعدة بدأت تفقد ثقتها بقدرة قيادتها المتصارعة والعاجزة فانصرف بعضهم لتحسين وضعهم المادي والبعض الآخر طلبا للعلم وتحصيلا للمعرفة ولقوا في ذلك خاصة في بداية مرحلة الهجرة العناء ولكن برحمة من الله وفق الغالبية في تحقيق مرادهم ومنّ الله عليهم بأن أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف. وبعد عشريتين من الهجرة القصرية بدأت مؤسسات الحركة وقياديها عوض الاستفادة من تجربة الهجرة والبناء عليها والاستفادة من خروج الاخوة من السجون لاضفاء جو جديد يساعد على مواصلة المشوار والدفاع على المشروع الذي تعاهدوا على نصرته من موقعهم في المهجر والاستفادة من الامكانات المتوفرة، رفعت السيوف والأقلام وبدأ الجرح دون التعديل. وقد نتج عن ذلك واقع مرير يسر العدو ولا يفرح الحبيب قيادة مهجرية منقسمة لا يتطلب من المهتم بشأن الحركة والمتتبع لأخبارها الكثير من الجهد والعناء ليعلم أوضاعها وحال قيادتها. فبتنقله بين صفحات الأنترنت القريبة من الحركة يجد بشكل يومي مقالات تخص الشأن الداخلى للحركة وتنتقد قيادة الحركة المنتخبة ولكن ممّن؟ صحيح أنها من جهات مختلفة وبأسماء حقيقية ومستعارة ولكن الكثير منها قيادات متواجدة في المؤسسات المركزية للحركة تنتقد قيادة الحركة. وكأن المؤسسات التي تحتضنهم لم تسعهم للتعبير عن الرأي والنقد أو ربما وظفوا هذه المنابر كوسيلة ضغط لتحسين مواقع أو تحقيق مكاسب. الغريب في الأمر أن هذه الأصوات ورغم نقدها لخطاب القائد والقيادة لم تشكك أبدا في نزاهة الوسائل الديمقراطية التي أفرزت هذا القائد أو القيادة . بعد انعقاد مؤتمر الحركة الأخير والذي من البديهي أنه جمع أصحاب الآراء المختلفة لينافحوا عن آرائهم ويطرحوا تصوراتهم ومشاريعهم كان من المتوقع أن يحترم الجميع ما قرره المؤتمرون وتكون هذه المحطة انطلاقة جادة نحو مرحلة جديدة تثمر عملا جادا ودعما لاخواننا في الداخل لا عبئا عليهم. والذي لا يقدر على تقبل ذلك فعليه بالانسحاب الهادئ كما فعل اخوانهم بالأمس. ولكن بعض الاخوة القياديين أصروا على مواصلة المنهاج نفسه بمقالات هنا وعرائض هناك فجعلوا الجسم في ارباك متواصل وكل ذلك على أساس أنهم يمثلون الأغلبية الصامتة. ولكن لماذا هذه الأغلبية الصامتة لم ترشح واحدا من هذا التيار ليقود المرحلة؟ أو لماذا لم يتقدم أحد من هذا التيار ويأخذ المشعل ليقودنا لبر الأمان؟. ومع هذا وذاك يبقى السؤال مطروحا: أين هي القيادة المنتخبة؟ موازاة مع اتباع بعض قيادات الحركة الهجوم العلني على قيادة الحركة وبأشكال مختلفة تارة عن طريق نقد اسلوب عملها وتارة أخرى عن طريق مبادرات جماعية خارج مؤسسات الحركة وفي بعض الحالات اتهام القيادة بانتحال شخصيات لسبهم وفضحهم. نجد قيادة الحركة تعيش عجزا تاما وعدم القدرة على أخذ المبادرة ووقف هذا النزيف والفلتان. بل سلكت الطريق السهل والخاطئ حسب رأيي وهو محاولة احداث توازن بين التوجهين على المستويين الشوري والتنفيذي. وبذلك ظلت المؤسسات المركزية حبيسة هذه المعادلة الصعبة. صرف هذا التوجه الانكباب على العمل لنصرة اخواننا في الداخل ورفع المظلمة عن المهجرين في الخارج بما يكفل لهم حقوقهم وكرامتهم. كل ذلك بتعلة الحفاظ على الجسم والخوف من الانشقاق في هذه المرحلة الانتقالية الخ… ولكن أثبتت الوقائع أن هذا النهج أدى الى النقيض وما موضوع العودة الا واحدا من أهم تجلياته. محطة العودة والأغلبية الصامتة نهجت السلطة في تونس في بداية تعاملها مع أبناء الحركة في المهجر سياسة التشفي والعقاب بعد أن اجبرتهم على مفارقة الأهل والأحباب فرفضت منح العائلات في تونس جوازات سفر لكي لا يلتئم الشمل كما منعت منح جوازات سفر للأولياء لملاقاة أولادهم فحرم الكثير من رؤية آبائهم وأمهاتهم قبل وفاتهم. وعليه كان من البديهي أن لا يعود الاخوة وعائلاتهم للبلاد. ولكن بعد الضغوطات التي مورست على النظام التونسي والاحتجاجات التي شهدتها العواصم الأوروبية خاصة عند زيارة رئيس الدولة لفرنسا اضطرت السلطة السماح بالتحاق العائلات بأرباب أسرهم ومنح جوازات سفر للأولياء لتقر أعينهم بملاقاة فلذات أكبادهم. ومع مرور الوقت سمح أيضا للأخوات والأبناء بالعودة وظل أمر المنع مقتصرا على أصحاب الشأن أي أبناء النهضة. ومع وضوح قرار الحركة بمنع العودة لأبناء الحركة باعتباره خلاصا فرديا يضر بالمصلحة الجماعية ولا يحقق مصلحة للشخص الا اذا تنازل عن حقوقه وأضر بغيره، لاقت عودة بعض المنتمين السابقين للحركة استهجانا كبيرا من طرف أبناء الحركة وصل حد وصفهم بالخائنين والعملاء. وبقي غالبية أبناء الحركة ملتزمين بهذا القرار اقتناعا أو التزاما. ولكن شيئا فشيئا بدأت نفس المجموعة القيادية تتبني هذا الملف ليس على أساس السعي لبدء عودة الأغلبية الصامتة التي يدافعون عنها ويدعون أنهم يمثلونها على أساس أن القيادات تتموقع في الصفوف الأمامية عند النضال وتتركها للقواعد عند توزيع الغنائم. بل بدأت تتسابق وتنسق فيما بينها لتظفر بكرم السلطة بمنحها جواز سفر وعدم ايذائها عند عودتها للبلاد. وبنفس الأسلوب استطاعت أن تحصل على قرار من المؤسسات المركزية برفع الحظر وتعبيد طريق العودة ولكن هذه المرة للقيادات أولا وليس مهما أن يبتز بعد ذلك ضعفاء الحركة وأبناءها العاديين من طرف الملحق الأمني في السفارات التونسية. حتى وان لم يقدم هؤلاء ثمن لعودتهم أليس مساعدة السلطة على التفرد بأبناء الحركة واحدا واحدا لارغامه على التنازل والقبول بعودة مذلة ثمنا باهضا. أليس واردا أن تأتى الحركة من هذه الثغرة التي أحدثوها. ألم ينهزم المسلمون في غزوة أحد لتسرع بعض الصحابة في الحصول على الغنائم. كيف يرضون لأنفسهم أن يقدموا على طلب جوازات سفر ويتجاوزون قرار المنع الذي كان قائما ثم يتشبثون بمواقعهم القيادية ويستمرون في اتهام القيادة بتجاوز الصلاحيات والافراط في التشدد تجاه السلطة الرشيدة في تونس وبذلك أصبحوا أشداء على اخوانهم رحماء على خصومهم. كيف يرون اخوانهم في الصف يهانون في السفارات وتفرض عليهم العودة الذليلة باعلان التوبة وسب الحركة وقيادتها أو عدم تسهيل عودتهم وهم حسب زعمهم يعودون بدون مقابل مع حفاظهم على مواقعهم القيادية. ألم يسألوا أنفسهم لماذا هذا الكرم المفرط من السلطة تجاههم والتي لم تعودنا بمثله والشدة المفرطة مع بقية أبناء الحركة بل مع غير المنتمين لها أيضا. كيف لم يخطر على بالهم ضرورة الانسحاب من مواقهم القيادية ان خيروا المصلحة الفردية عن المصلحة الجماعية وذلك تماشيا مع السلوك الحركي السوي وحفاظا على ما تبقى لهم من مكانة عند الغالبية الصامتة التي يمثلونها كما يزعمون. المشكلة تكمن أيضا في تعامل القيادة مع ملف العودة. شدة مع أبناء النهضة والزامهم بالقرارات حتى وان كانت العودة لأسباب عائلية قاهرة ولكن عندما تعلق الأمر ب”المشاكسين” من القيادة أصبح الأمر يتحمل المرونة والنقاش ثم تغيير القرار والسماح بالعودة دون الرجوع للغالبية التي يهمها الأمر مثلها مثل أولي الأمر. فكيف تتعامل القيادة مع بعضها بطريقة متميزة عن باقي أبناء هذا الجسم. الصف المهمش تتمثل نظرة القيادة لأبنائها على أنهم أداة تنفيذ لقرارات الحركة وليسوا جهة استشارة وكأنهم غير مأهلين لذلك. وبذلك اقتصرت المشورة على فئة ضيقة تحضى بالعناية وتشارك في صنع القرار رغم أن الوقائع أثبتت عدم أهلية بعضهم. وفي المقابل أثبت أبناء الحركة على قدرة هائلة في تطوير قدراتهم وتحولهم الى كوادر ناجحة في المؤسسات التي يعملون فيها. فالمئات من أبناء الحركة حاصلين على شهادات جامعية والكثير منهم أصبحوا يديرون مؤسسات ناجحة. ولكنهم للاسف الشديد لم يجدوا العناية الكافية والاستيعاب اللازم. بل عانوا من الاهمال واللامبالاة فانصرفوا عن هموم الحركة وتحولوا الى طاقات معطلة داخل الجسم حية ونشطة خارجه. هذا لا يمنع من القول بان أبناء الحركة في الكثير من الحالات آثروا الاهتمام بالجانب الشخصي على شأن الحركة. على كل حال النتيجة هي أن أبناء الحركة رضوا لأنفسهم أن يبقوا في موقع المتفرج.. كل جهة تدعي لنفسها تمثيلهم. وهم لا يعبهون بهذه التجاذبات أو الصراعات حتى وان كانت تمسهم والمشروع الذي خرجوا من أجله. والحال أن الأمر أصبح لا يحتمل والخطب عظيم يجب على هذه الغالبية الصامتة أن تأخذ بزمام المبادرة وتحدد بنفسها المسار الذي يجب أن يسلك والذي يعنى بالشأن المهجري، ولا تتركه لجهة آثرت نفسها عليهم أو جهة لم تشاورهم في شؤون مصيرية تهمهم. يجب على الاخوة أن يستعينوا بوسائل فاعلة تساعدهم على أخذ المبادرة من مثل عرائض توقع على شكل واسع تتبنى مواقف معينة تمثل وسيلة ضغط على المؤسسات المركزية لتصحيح المسار والتخفف من الذين آثروا أنفسهم عليهم، الدعوة الى استفتاء يشمل كل أبناء الحركة في المهجر في المواضيع المصيرية المرتبطة بهم وبالمهجر، التحرك الدؤوب للحفاظ على الجسم الذي بنوه بسواعدهم وكابدوا من أجل الحفاظ عليه حتى يبقى شامخا عنوانا لمحاربة الاستبداد. وأساليب أخرى يمكن بانتهاجها أن يصحح المسار وتحسم الخلافات ونحافظ على الخير المتبقى ونتخفف من الرداءة الموجودة. لندن – 25-04-2010
بين السلطة والنهضة من سياسة المعالجة إلى المعالجة السياسية
بتمكين الدكتور عبد المجيد النجار من جواز السفر واستعداده لعودة قريبة أشهر قليلة بعد عودة السيد محمد النوري تكون السلطة في تونس قد باشرت معالجة سياسية للملف النهضوي. لقد خلصت السلطة في تونس ومنذ وقت طويل إلى أن الساحة النهضوية حصلت داخلها مراجعات عميقة وهامة وأنها بذلك لم تعد تشكل تهديدا امنيا لها وترتب على ذلك قبولها التعاطي معها بمعالجات غير أمنية. لقد تفاعلت السلطة مع مبادرة السيد لزهر عبعاب سنة 2005 وهي مبادرة جاءت من أعضاء سابقين في النهضة يئست من إمكانية تغيير هذه الحركة من الداخل و خلصت إلى أن هذا الإطار لم يعد الأنسب لخدمة الصالح العام فاختارت الخروج لتعبر عن مواقفها خارجه مطالبة أساسا بفك الاشتباك ووضع حد لهذا الصراع العقيم والبحث عن معالجات إنسانية لما ترتب عن هذه المواجهة وتوجهت للجسم النهضوي كما توجهت للسلطة بهذا الخطاب ونجحت في إقناعها بجدية مسعاها وبمسؤولية موقفها. فجاء تفاعل السلطة مع هذه المبادرة ايجابيا وسهل ذلك إطلاق سراح من تبقي من المساجين ومكن العديد من المهجرين من العودة واستعادة حقهم في المواطنة. قد تكون المؤاخذات على المنهج عديدة سيما بطؤه وعدم وضوح مقاييس هذه التسوية إذ سوت وضعية أفراد من أصحاب الأحكام الثقيلة في حين لا تزال ملفات العديد من الشباب من أصحاب الأحكام الخفيفة وممن لم يساهموا في أي نشاط منذ استقرارهم بالمهجر عالقة ولأسباب غير مفهومة. ولكن رغم هذه المآخذات فلا أحد ينكر ما أحدثته هذه المبادرة من حلحلة لأوضاع كان الجمود والانتظار سمتها وما وفرته من أطر للقاء والحوار وما أرسته من مناخات ثقة متبادلة وما حصل من ردم لهذه الهوة السحيقة بين الطرفين. قبلها كان النهضوي يتحدث للعالم أجمع ويتظلم عنده ولا يجرأ علي الحديث مع مواطنه وها هو اليوم يكتشف من جديد أنه بالا مكان الحديث مع دولته ومواطنيه وان اختلفا. والجديد في طريقة التعاطي مع السيد محمد النوري والدكتور النجار أن ذلك لم يكن على قاعدة الانخراط في مبادرة 2005 والاستقالة من النهضة بل بالعكس مكنوا من جوازاتهم وحقهم في العودة والكل يعلم مواقعهم في مؤسسات النهضة. فحق العودة مكنوا منه على أساس انتمائهم للنهضة ومؤسساتها وهذا يمثل شكلا جديدا في التعاطي مع الملف النهضوي فبعد سياسة المعالجة جاءت المعالجة السياسية. هذه المعالجة السياسية هي مطلب الساحة الإسلامية إضافة إلى المعارضة والقوى الوطنية التي ترى في ذلك مسألة مبدئية . فاتجاه السلطة هذا ينقل المسؤولية من عاتقها ويضعها على عاتق من يؤمنون بها في الطرف الآخر وعلى رأسهم الإسلاميون. وهي بذلك تطالبهم بتقديم تصور للخروج من هذا الوضع وبعرض أفكار حول مضامين وأشكال واطر مساهمتهم في الحياة العامة وممارستهم لحقهم في المواطنة. جاء البدء بالسيد محمد النوري ثم الدكتور عبد المجيد النجار ليؤكد متابعة السلطة الدقيقة للتجاذبات الحاصلة داخل الساحة النهضوية ولتضاريسها السياسية والفكرية والشخصية ثم لمنهج الحذر وعدم الاستعجال الذي تعتمده السلطة في التعاطي مع هذا الملف ثم خاصة رغبة السلطة في أن تعطي فرصة للآخر ليعبر وفي مناخات طبيعية عما حصل من مراجعات وما استفيد من التجربة الماضية من استخلاصات وعن الرغبة في خوض تجربة جديدة على أساس قواعد جديدة. فالدكتور النجار عبر مرات عديدة على أنه في قطيعة تامة مع الخيارات العدمية التي يصر عليها بعض النهضويين والتف حوله تيار واسع من كوادر النهضة وأمضوا معه على ما سمي حينها بوثيقة المناصحة والتي رسم على أساسها خارطة طريق للمرحلة القادمة. ثم إن الدكتور النجار يمثل الجناح التونسي الزيتوني داخل النهضة مقابل الجناح الاخواني المشرقي وهو يمثل الجناح المعرفي الأكاديمي مقابل الجناح الحركي السياسي وهو الأقدر على إعادة موقعة للأفكار بديلا عن هيمنة الأشخاص. فهو اليوم تقع على عاتقه صياغة مشروع نهضوي متصالح مع دولة الاستقلال متفاعل مع هوية تونس العربية الإسلامية المالكية الزيتونية القيروانية معانقا طموحها في التقدم والازدهار والاستقرار يمكن كل أبنائها من وضع جهودهم لخدمتها. فهل سيتمكن الدكتور النجار من حلحلة جمود الأفكار والتصورات بعد أن حلحل السيد لزهر عبعاب جمود الأفراد والملفات؟ لا شك أن مهمة الدكتور النجار ليست سهلة وأن المعوقات أمامها من كل جانب فأرضية اللقاء الوحيدة اليوم داخل الساحة النهضوية هي ارث حركة الاتجاه الإسلامي وأدبيات مطلع الثمانينات فهل تتسع أجوبة ثمانينات القرن الماضي لأسئلة العشرية الثانية من القرن الحالي ؟ ثم إننا بعد ثلث قرن من التأسيس الفكري والسياسي لهذا التيار أمام تحولات عميقة في المجتمع أساسها تثبيت هويته الإسلامية وتأكيد خياره الحداثي وهذا يستوجب إخراج هذه الموضوعات من دائرة التدافع السياسي باعتبارها قواسم مشتركة لا يمكن لأحد احتكار الدفاع عنها بل إن ما ينتظره المجتمع من نخبه توفير مواقع الشغل والارتفاع بمستوى أداء المؤسسة التعليمية لتضع أبنائنا في أعلى درجات الاقتدار المهني و الدفاع الناجح عن حظوظ بلادنا واقتصادها أمام غول العولمة واحترام الحريات الأساسية للمواطن ليكون شريكا حقيقيا في الدفاع عن المصالح الوطنية . إن مجتمعنا قد حسم خياراته الكبرى ولم يعد في حاجة إلى فيلسوف يفكر مكانه إنما هو في حاجة إلى مهندسين يضعون خياراته موضع الإنجاز. فهل سينفر النهضويون ليضعوا أنفسهم وقدراتهم في خدمة وطنهم وشعبهم ضمن إعادة تأسيس لمشروعهم النهضوي ويخوضوا غمار هذا الرهان الجديد أم أن تضاريس الساحة النهضوية وتعقداتها الفكرية والسياسية والشخصية والنفسية ستجعل من هذا الميلاد مؤلما وعسيرا؟ أم أن بعض النهضويين سيفضل رد هذه اليد الممدودة والتشكيك فيها ويعفي نفسه من واجب التفاعل معها مكتفيا بموقع الضحية مجتهدا في التظلم مفضلا تحمل ثقل سياسة المعالجة عن تحمل ثقل ومسؤولية المعالجة السياسية وذلك دون شك أيسر ولكنه يتعارض مع المصلحة الوطنية. عبد المجيد الميلي/ باريس
النّساء ثمّ الرّجال… نقطة نظام
لقد مرّ نساءُ الإسلاميين بظروف جدّ قاسية سواء كنّ داخل البلاد حيث عربدة البوليس وانتشاء صانعه ومحرّضه على الإساءة وتجاوز الحدود الإنسانيّة… أو خارج البلاد حيث الغربة وصعوبة تربية الأبناء ولذعات الحنين إلى حضن الأمّ والأب والأخت والأهل عموما… وإذا كان الدّاخل قد حُدّد بالمتاريس فانتفت فيه ولديه المناورة، فإنّ الخارج قد أباح – بما فيه من فرص مساعدة – التحرّك والاجتهاد حتّى فيما لا يجوز فيه – أحيانا – الاجتهاد… ثمّ ما لبث أن كلّل ذلك كلّه بزيارات خاطفة خفيّة سرعان ما زادها اكتشافها إصرارا عليها، إذ المرء بطبعه نزّاع إلى التواجد في مجالات الحق… فهو وإن لم يكن – أحيانا – على حقّ، شديد الرغبة في أن يجد الفتوى لإصلاح ما صدر منه ورآه النّاس غير مناسب… ومن ثمّ فقد انتبهت قيادة المهجر إلى ضرورة تقنين الوضعيّة أو جعلها – رغم المرارة – مسايرة لطبيعة الأمور واعتبار أن لا شذوذ فيها… وقد كان الأفراد في أغلبيتهم مع هذا الصنيع إذ الأولى وصْل ما قُطع وربْط ما حلّ وتوخّي الليونة في القضيّة لا سيّما والنّساء لا يجبرن كثيرا على لعب أدوار قد عجم النّظام – متمنّيا – لها الرّجال لتقدير عنده أو من خلال تجربته في الانتدابات!… وهناك كان الرّجال – ممّن ظلّ منضبطا للمؤسّسة – يرقبون المآلات، ولكنّ القيادة – فيما يبدو – لم تتحوّط للتقليد والاقتداء: اقتداء الرّجال بالنّساء (ولا عيب في اقتداء الرّجال بالنّساء إذا ما احترموا النّساء)، فظلّت صامتة ساكنة حتّى بدأت المحاولات الرّجالية تماما كما بدأت النّسائية من قبل… فلم تنتظر القيادة بعد ذلك بل بادرت حسب ما بلغ علمي إلى تمديد ما سُمح به للمراة كي يشمل الرّجال… وعليه فلا ضير بعد ذلك في أن يعود هذا الرّجل أو ذاك إلى البلاد شريطة أن لا يضرّ ذلك به أوّلا، ولا يضرّ بالجسم – جسم الحركة – ثانيا… ولفظ “الرّجل” هنا لا يوجب عندي طول توقّف عند هيأته؛ أكان قياديّا أم كان قاعديا… ولكنّه (اللفظ) يوجب التأكيد على المضمون أي أن يكون الرّجل رجلا…. وهنا يتدخّل عاملان مهمّان: ثقتنا (ثقة العامّة والخاصّة) في الرّجل من حيث تكوينه وثباته وحرصه على خيره والخير العام ومراعاته لمصلحته وللمصلحة العامّة ومعرفته للمضيف (النّظام التونسي) والتعامل معه تعامل من لا يخشى انقطاع الرزق أو انتهاء الأجل… ومن حيث هو نفسه وكيف سيكون ردّ فعله بعد استلام وسيلة السفر وقبل السفر وبعده ومدى تأثير ذلك على علاقاته مع إخوانه ومحيطه وقضيّته وبلده وطموحاته… فأمّا العنصر الأوّل فهو إن عُدم – لا قدّر الله – دالّ على عدم الجدوى من التواصل مع بعضنا البعض في هذا المضمار، لأنّه لا خير في مجموعة أو جماعة لا تغشاهم الثقة!… ويوم سُمّي الصدّيقُ صدّيقا كان يولي هذا الجانب – جانب الثقة – أهمّية كبيرة، وكان ناجحا أيّما نجاح في معرفة صاحبه الذي جرّب عليه صدق الحديث والأمانة والعفاف والثبات على الحقّ وهو الذي قال صلّى الله عليه وسلّم: “والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أنْ أترك هذا الأمر ما تركتُه حتى يُظهِره الله، أو أهلك دونه”، وعلينا أن نقتدي بأبي بكر الصدّيق رضي الله عنه في التعرّف على بعضنا البعض (المبالغة في التعارف) حتّى تسقط أحكام الوشاة والمفسدين العاملين بين صفوفنا، فلا نسمع مثلا لمن يتّهم شيخا فاضلا أو رجلا مجاهدا (وقد ضربت أكثر من مرّة مثالا بأخ لم تؤثّر اتصالاته وعلاقاته بالآخر المنبوذ عند الكثير منّا في شيء؛ لأنّه كان ثابتا على مبادئه)، ولكنّا نلقم فمه الحجر مطمئنّين إلى معدن أخينا الكريم… وهنا فلا ضير في أن يتعامل الزّائر الرّجل مع السلطات هناك فيما يراه خادما للمصلحة العامّة واضعا أمامه تقوى الله سبحانه وتعالى ثمّ أنّات المعذّبين وصراخات ذوي الأرحام ممّن فقدوا أبناءهم في مجاهل الدّفاعات ضدّ “الإرهاب” الإرهابيّة المنافقة ومحاصرة إخوته وأخواته داخل البلاد في الرزق وفي اللسان… وأمّا العامل الثاني فيحدّده قول الرّاجع من الزيارة، فإن قال خيرا فلا تثريب عليه ولا مؤاخذة، ورأيي أنّه من غير الوارد أن يكون لديه شبه إحساس بالذنب نتيجة نظرات إخوانه ممّن كبر عليه فعله بالزيارة!… وأمّا إذا عاد متحدّثا بالانجازات ممسكا عن المضايقات والظلم فقد خسر نفسه وخسرنا وخسرناه مقابل متاع قليل من الدنيا زائل… وفي هذا الباب ليس لفظ “الرّجل” سواء عندي كما كان أعلاه… فكلّما كبرت شخصية الأخ الزّائر كلّما كبرت تصرّفاته سلبا أو إيجابا… فزلّة العالم ليست كزلّة الأميّ أو المتعلِّم في فصول الدراسة!… هذا رأيي باختصار فيما تعلّق بموضوع الزيارة (إذ لا عودة حسبما يبدو)… ولقد كان يمكن للنّظام التونسي التفكير في مصلحة البلاد فيتصالح مع دين أهله ومع أهله ليستفيد من كفاءات أهله بدل أن يظلّ لاهثا وراء “سيادة” صنعها غيرُه من جدر فولاذيّة يحاصرون بها المحاصَرين، وصنعها هو من تقسيم شعبه بين قوّاد لئيم وعزيز قوم عمل على إذلاله لخشيته عزّة الأعزّاء وكرم الكرام وعطاء المخلصين… عبدالحميد العدّاسي الدّانمارك في 26 أبريل 2010
جريمة مزدوجة بشعة في فرنسا تونسي أغرق زوجته في حوض الاستحمام وطعن حماته ثم ألقى بنفسه من الطابق السادس
شهدت مدينة ستارزبورغ في حدود الساعة الخامسة من مساء احد الأيام القليلة الماضية جريمة مزدوجة جدّ فظيعة عندما أجهز كهل تونسي في الثالثة والأربعين من عمره على زوجته التي تصغره بنحو عشرة أعوام وحاول قتل حماته (60 سنة) قبل أن يلقي بنفسه من الطابق السادس لبناية تتكون من سبعة طوابق فيلقى حتفه على عين المكان. وسائل الإعلام الفرنسية التي أوردت الخبر أشارت إلى ان المشتبه به كان عقد قرانه على الهالكة (33 سنة) سنة 2008 بتونس قصد تسوية وضعيته القانونية بفرنسا والحصول على أوراق الإقامة ثم عادت الزوجة الحاملة للجنسيتين التونسية والفرنسية إلى سترازبورغ بمفردها استعدادا لتسوية وضعية زوجها حتى يلتحق بها نهائيا. في الأثناء ظل الزوج يتردد على ما يبدو بين الفينة والأخرى على زوجته بـ «فيزا» سياحية إلى أن حملت الهالكة وأنجبت طفلا لا يتجاوز الآن عمره الثلاثة أشهر. خلافات وتهديدات المصدر ذاته أفاد ان العلاقة بين الزوجين ساءت لأسباب مجهولة وهو ما دفع بالضحية إلى تهديد بعلها في أكثر من مناسبة بالفراق وبعدم مساعدته على استخراج وثائق الإقامة قبل أن تغير قبل ستة أشهر مقر إقامتها وتنتقل بالسكنى إلى شقة كائنة بالطابق السادس. معركة كلامية وبعد ظهر يوم الواقعة نشبت معركة كلامية بين الزوجين على مرأى ومسمع من رضيعهما وهو ما انتبهت إليه جارتهما القاطنة بالطابق السابع التي أكدت أثناء حديثها لصحيفة فرنسية أنها سمعت الزوجين اللذين لا يقطنان معا تحت سقف واحد يتخاصمان قبل أن تستمع لصياح فهرعت حينها نحو الشقة لتفاجأ بوالدة المتسوغة (الضحية) مصابة بعدة طعنات والدماء تنزف من رأسها وكتفيها فسارعت حينها إلى الاتصال بالإسعاف ثم توجهت للبحث على الضحية ففوجئت بها جثة هامدة في حوض الاستحمام قبل أن تعثر على الرضيع على قيد الحياة. الجارة ذاتها ذكرت أن والدة الضحية أعلمتها أن زوج ابنها ألقى بنفسه من نافذة الشقة فأطلت من النافذة لتعثر عليه طريح الأرض والدماء تنزف من أنحاء عديدة من جسمه، وبمجيء أعوان الإسعاف والحماية المدنية نقلوا والدة الهالكة إلى المستشفى حيث احتفظ بها في حالة وصفت بالمطمئنة. سيناريو الجريمة تحولت السلط الأمنية والقضائية بسترازبورغ على عين المكان حيث عاينت جثتي الزوجين وموطن الواقعة وفتحت تحقيقا في الغرض لكشف ملابسات هذه الجريمة التي وصفتها الصحف الفرنسية بالفاجعة، وفي هذا الإطار قال «بريس رايموند كاستانان» نائب المدعي العام بمحكمة سترازبورغ: «إنّ أطوار الجريمة واضحة ومسؤولية الزوج عن وقوعها لا شك فيها»، وفي انتظار تحسن الحالة الصحية والنفسية لوالدة الضحية وسماع أقوالها فإن وسائل الإعلام الفرنسية التي أوردت الخبر رجحت أن يكون الزوج التونسي أغرق زوجته في حوض الاستحمام ثم حاول قتل حماته بسكين و مفك براغي «تورنيفيس» عندما جاءت للبيت لزيارة ابنتها قبل أن ينتحر بإلقاء نفسه من نافذة الشقة. تجدر الإشارة إلى أنّ الطفل الوحيد لطرفي الجريمة نُقل إلى المستشفى ومنه أودع بمركز للعناية بالطفولة في انتظار تحسن الحالة الصحية لجدته. صابر المكشر (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 26 أفريل 2010)
تونس تسعى لتعزيز السياحة الإستشفائية
تونس – سميرة الصدفي حلت تونس في المرتبة الثانية عالمياً من حيث عدد السياح المقبلين على الخدمات الصحية، إذ زارها في العام الماضي 170 ألف سائح أجنبي بينهم 150 ألفاً أقبلوا على المعالجة بمياه البحر و20 ألفاً استقطبتهم مراكز المعالجة بالمياه المعدنية. وبالنظر الى حجم ما يدره إستقطاب هذه الفئة الميسورة من السياح، أعدت وزارة الصحة التونسية خطة لتعزيز هذا القطاع والترويج لخدماته في الأسواق الدولية، خصوصاً الأوروبية، مع التركيز على توافر المعايير الدولية في المراكز الاستشفائية المحلية. وانطلقت السياحة الاستشفائية في البلد منذ الستينات من محطة قربص المعلقة فوق جبل أخضر مُطل على البحر المتوسط، وهي مدينة صغيرة تتفجر مياه ساخنة في نواح مختلفة منها وباتت منذ تلك الفترة مقصداً للتداوي ومحطة للاستجمام. ولا تبعد محطة قربص التي يجري تجديدها حالياً سوى ساعة بالسيارة عن العاصمة تونس. وتوقع فرج دواس مدير عام «الديوان الوطني للمياه المعدنية» أن تصبح تونس قطباً لتصدير الخدمات الصحية في أفق 2016. وقال لـ «الحياة» إن أحد أضلاع استراتيجية تطوير القطاع يُركز على تكثيف المشاركة في المعارض الدولية للتعريف بالمنتوج السياحي المحلي وضمان وصوله إلى مناطق مختلفة. وفي هذا الإطار شارك عارضون تونسيون في عدد مهم من مراكز العلاج بمياه البحر في فرنسا، خصوصاً في إطار فعاليات صالون «سنيور» أواخر آذار (مارس) الماضي. وطلبت السلطات من جميع مراكز العلاج المحلية السعي إلى الحصول على شهادة المطابقة للمواصفات العالمية، بالنظر إلى أن بعض السياح يشترط نوعية معينة من الخدمات، ما يساهم في نهاية المطاف بتطوير القطاع. وأفيد أن خمسة مراكز تونسية حصلت على تلك الشهادة فيما العشرات من المراكز في طريقها إلى الحصول عليها، ويتم إسنادها بواسطة مكاتب عالمية تُرسل خبراء وموفدين منها للتثبت من جودة الخدمات. وسعياً إلى تنشيط الإقبال يجري حالياً درس آليات جديدة للتمويل بينها إمكان تكفل الصناديق الاجتماعية في بلد السائح بنفقات العلاج. وفي المقابل يجري إعداد اشتراعات جديدة ترمي إلى تعزيز مراقبة الخدمات في المراكز ووضع شروط تتعلق بتكوين العاملين في القطاع ومستوى التجهيزات ونوعية الخدمات المقدمة للزبائن. وأظهرت الإحصاءات تزايد الإقبال على العلاج بمياه البحر خلال الأشهر الأولى من العام الجاري ما يؤشر إلى تعزيز نسبة توافد السياح على الخدمات الاستشفائية خلال هذا العام قياساً على العام الماضي. وتتوقع وزارة السياحة التونسية استقبال 300 ألف سائح من الباحثين عن المحطات الاستشفائية سنوياً في غضون ثلاثة أعوام. وتتميز المحطات الاستشفائية التونسية بكونها من فئتي الأربع والخمس نجوم، وهي موزعة على مناطق طبيعية مختلفة. فهناك محطات في المنتجعات الساحلية مثل حمامات وسوسة يؤمها صنف من السياح المولعين بالبحر والشمس وزيارة المدن التراثية، ومحطات أخرى في الغابات الشمالية في محيط مدينتي عين دراهم وطبرقة والتي يحسب الزائر أنه في مرتفعات البيرينيه في قلب أوروبا. وهناك أيضاً محطات في مدن تقع على أبواب الصحراء مثل الحامة وتوزر ونفطة، وتتيح للسياح الأوروبيين المتطلعين لرؤية الصحراء الاستمتاع بالعيش بين أحضان الرمال والواحات. وتم أخيراً تخصيص اعتمادات بـ 15 مليون دولار لتطوير الحمامات المعدنية التقليدية في مدينة الحامة (جنوب) بإنشاء مدينة استشفائية جديدة ستستوعب 1500 مُستحم في اليوم، وهي تعتمد على عيون معدنية طبيعية ساخنة في غالب الأحيان. وقال الطبيب صدقي العبيدي لـ «الحياة» إن المياه المستخدمة في المحطات الاستشفائية أخضعت لتحاليل بيوكيماوية في أكبر المختبرات الأوروبية أثبتت أنها مطابقة للمواصفات الدولية وغنية بالمعادن والأملاح الصالحة لمعالجة أمراض مختلفة. وأوضح أن هناك 95 نبعاً للمياه المعدنية في البلد بينها 65 ساخنة والباقي تقل درجة حرارتها عن 25 درجة. ولا تستخدم المحطات الاستشفائية حالياً سوى 50 نبعاً، في حين يُعلب الباقي ويُروج في السوق للاستهلاك. وبعدما تلقى الجيل الأول من القائمين على المحطات تكوينه في الخارج، باتت اليوم جميع مراحل التكوين والتدريب تتم في البلد. وحفز مستوى الكادر المحلي مجموعات دولية مثل مجموعة «فاتيل» الجامعية الفرنسية المتخصصة بتدريس السياحة الاستشفائية على إقامة مدرسة عليا في تونس، وأكد عبد الرؤوف الطبلبي مدير فرعها في تونس والإمارات أن تونس تستقطب حالياً طلاباً من 26 جنسية بالإضافة إلى الطلاب المحليين. (المصدر: “الحياة” (يويمة – لندن) بتاريخ 26 أفريل 2010)
أثناء استقباله وفدا من فلسطينيي 48 القذافي: الحل بدولة ثنائية القومية
وديع عواودة-سرت شدد الزعيم الليبي معمر القذافي على استحالة حل الدولتين، وانتقد المبادرة العربية لتجاهلها فلسطينيي الداخل واللاجئين، ورأى أن الحل هو الدولة الواحدة ثنائية القومية، داعيا إلى تفكيك السلاح النووي الإسرائيلي. جاء ذلك خلال استقباله في مدينة سرت أمس وفدا من فلسطينيي الداخل ضم 39 شخصا من مختلف المشارب السياسية، في زيارة تأتي تلبية لدعوة ليبية بعد توجهات متكررة من بعض قادة فلسطينيي 48. واعتبر القذافي اللقاء بوفد فلسطينيي الداخل لحظة تاريخية، ودعا العالم العربي إلى فتح الباب أمامهم باعتبارهم جزءا من الأمة العربية، مشددا على أن ذلك لا يعني تطبيعا مع إسرائيل بأي شكل من الأشكال. وعرض رؤيته القائمة على فكرة الدولة الواحدة قائلا إن القضية الفلسطينية نشأت بعد احتلال فلسطين وتهجير أهلها عام 1967، وأكد أنه لن يعترف بإسرائيل ولن يعترف بدولة فلسطينية تقوم في الضفة وغزة فحسب. وانتقد الزعيم الليبي -الذي يترأس القمة العربية الحالية- المبادرة العربية لتجاهلها فلسطينيي الداخل واللاجئين، وشدد على فشل كل التسويات التي تقوم على عودة اللاجئين إلى ديارهم، وأوضح أن الحل يقوم على دولة ثنائية القومية للفلسطينيين هي “إسراطين” أو “سموها كما تشاؤون”، وأضاف “لا مشكلة لنا مع اليهود إنما هي مع الصهيونية”. وأكد استحالة قيام إسرائيل كدولة عرقية نظيفة، وقال إن على الإسرائيليين ألا يحفروا قبرهم بأيديهم وعليهم القبول برؤية الدولة الواحدة، ودعا إلى تفكيك السلاح النووي الإسرائيلي مشيرا إلى أن العرب لن يقبلوا العيش في ظل إرهاب هذا السلاح. اللاسامية والصهيونية ورجح القذافي ألا يتماشى اليهود مع توجهات القيادات الصهيونية طويلا، وأن ينتصروا لما يخدم مستقبلهم قبل أن يوقع بهم في الهاوية. وتابع “عموما العداوة ليست مع اليهود الذين منحهم العرب ملاجئ يوم ذبحهم وطردهم الغرب، إنما مع الاستعمار والصهيونية، وهذه جماعة عددها محدود ومستقبلها محدود، ودولة بقاؤها مرهون بدعم خارجي مشكوك في دوامه، وإسرائيل دولة يحميها أسطول أميركا السادس، ولذا وجودها مشكوك فيه وستندثر سكانيا وسيتم التغلب عليها عسكريا، فالعرب أيضا سيملكون السلاح النووي”. كما دعا الزعيم الليبي فلسطينيي الداخل إلى تحديد مطالبهم من العالم العربي ومن الجامعة العربية لنقلها بصفته رئيسا مناوبا للقمة. وانتقد القذافي العالم الغربي لاستخدامه اللاسامية سلاحا لترهيب العرب والمسلمين، وتجاهله لحقيقة كون العرب ساميين، لافتا إلى استغلال إسرائيل مسألة معاداة السامية لخدمة مآربها ومحاربة كل من يدين جرائمها الهمجية، وأضاف “لا يكترث الغرب بالسامية العربية ويتساوق مع المزاعم الصهيونية، وعلينا التوضيح بأن إسرائيل احتلال استعماري حامي أم سامي”. كما انتقد السلطة الفلسطينية التي تنتقد إسرائيل وتتحدث عن ممارسات العدو الصهيوني وبنفس الوقت يقوم قادتها بمعانقة رموزه وتساءل كيف نفسر ذلك؟. واتهم القذافي الساسة الإسرائيليين باعتماد المذابح بحق الفلسطينيين خدمة لاحتياجاتهم الانتخابية، لافتا إلى مذبحة قانا الأولى التي اقترفتها إسرائيل بقيادة شمعون بيريز عام 1995 عشية الانتخابات العامة، إضافة إلى مآرب مشابهة خلال العدوان على غزة نهاية العام 2008. واعتبر أن إسرائيل بتعريفها لذاتها كدولة يهودية وإصرارها على أن تبقى دولة عرقية نقية مع أنه يسكنها 1.5 مليون عربي، إنما ورطت ذاتها سيما أن هؤلاء العرب يتكاثرون. التنكر العربي من جهته شكر الوفد الفلسطيني ليبيا على دعوتها، واستذكر رئيس لجنة المتابعة العليا لشؤون فلسطينيي الداخل محمد زيدان ما وصفه بوقوعهم تحت وطأة كابوسين: الاضطهاد الإسرائيلي والتنكر العربي لهم منذ النكبة بذريعة التطبيع. وأبدت النائبة في الكنيست الإسرائيلي عن التجمع الوطني الديمقراطي حنين زعبي في تصريح للجزيرة نت رضاها عن نتائج الزيارة، وقالت إن الوفد أوصل رسالته الجوهرية المتعلقة بتعزيز التواصل مع الأمة العربية خارج دائرة التطبيع مع إسرائيل. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 26 أفريل 2010)
‘البرقع الفرنسي’ .. شذوذ ما بعد الحداثة؟
هادي يحمد 4/26/2010 باريس – ما الذي يدفع فتيات فرنسيات تشبعن بروح الثقافة العلمانية الفرنسية في القرن الواحد والعشرين إلى أن يتنقبن وأن يتخفين وراء البرقع الأسود؟ الم تعد كل أفكار التحرر النسوية وانجازات رائدات تحرر المرأة الفرنسية والغربية على وجه العموم من أمثال ‘اولمب د كوج’ مسطرة أول ميثاق حقوق إنسان للمرأة بفرنسا و’سيمون دي بوفوار’ رفيقة درب الفيلسوف ‘جون بول سارتر’ و’سيمون فيل’ الثائرة ضد الإجهاض و’اليزابيت بادينتير’ أو النسوية الحديدية كما تلقب وغيرهن مقنعة لهاته النسوة؟ ما الذي حدث وما الذي يحدث فعلا في أذهان هاته النسوة اللاتي جئن وقد شاعت قيم ثورة 1968 الثقافية وقد أصبحت من البديهيات في المجتمع الفرنسي؟ وأين يمكن أن ندرج نقاب هاته النسوة في السياق الثقافي الفرنسي؟ ما الشبه بين برقعهن والبرقع الأفغاني او السعودي او غيره؟ هل هذا البرقع والنقاب نقابهن هو نسخة من البرقع القادم من الشرق؟ ما الفرق بين البرقع ‘الباريسي’ والبرقع ‘الكابولي’؟ وبشكل اشمل ما الفرق بين تدينهن والتدين التقليدي أو ذلك الذي يدرجه الفكر الغربي ضمن مرحلة ‘ ما قبل تاريخية ‘؟ هل نحن أمام ظاهرة جديدة ‘ ما بعد حداثية ‘ لا علاقة لها بالنسخة التقليدية من التدين وبالتالي نحن أمام نقاب وبرقع يدرج ضمن سياق تاريخي واجتماعي مغاير؟ من المهم القول بان هذا المقال غير معني بالدفاع عن النقاب ولا يرمي إلى شيطنته ولكنه يحاول أن يفهم جذوره في السياق الفرنسي الخالص منطلقا من فرضية ان مبدأ أن الذين يركزون على انه ‘مجرد مظهر قادم من أفغانستان أو الخليج’ هم ‘مبسطون’ جدا وبالتالي يتناسون سياق وجوده الاجتماعي والثقافي والفلسفي ولهذا سأحاول أن انطلق من خصوصية هذا الواقع الفرنسي منطلقا من مقطع يتحدث فيه الصحافي والكاتب الفرنسي ‘هرفي كيبير’ (توفي 1991) في روايته ‘الصديق الذي لم ينقذ حياتي’ عن صديقة ‘ميزيل’ (الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو توفي 1984). حيث يقول ‘في بعض الليالي، من خلال شرفتي الواقعة في 203 شارع ‘باك’ كنت أراه يخرج من بيته بمعطف من الجلد الأسود مع سلاسل وقطع حديدية يحملها على كتفيه .. وينزل إلى سيارته الواقعة في مرآب السيارات تحت العمارة .. ويخرج بسيارته ويشق باريس ليصل إلى الدائرة الرابعة ويدخل إلى حانة وماخور ‘كيلير’ حيث يلتقي بضحاياه’ (ص 29). ماذا يفعل الفيلسوف الفرنسي ‘ميشال فوكو’ بالسلاسل والقطع الحديدية وأين يذهب؟ كان يذهب إلى إحدى دور البغاء التي يختلط فيها الرجال بالنساء في حفلات ‘الليبرتان’ الجنسية حيث يمارسون الجنس بالطريقة السادية المازوشية باعتماد السلاسل والحديد وغيرها من الأدوات والـــتي تقع فيها حفلات ‘التعذيب الجنسي’ الرمزي للاجساد العارية. ولكن ما علاقة ممارسات ميشال فوكو الشاذة هذه مع قضية النقاب والبرقع المثارة اليوم بفرنسا والتي نحن بصدد تناولها الان ؟ من المهم النظر إلى الموقف الفرنسي الحالي تجاه النقاب والبرقع على كونه موقف فلسفي من مكانة المرأة في المجتمع وبالتالي في علاقة مباشرة بقضية التحرر الجسدي للمرأة ولعلاقة الإنسان الأوروبي في فترة الحداثة بفلسفة الجسد بشكل عام وهذا المقطع من رواية ‘هرفي كيبير’ وهو يتحدث عن الأب الروحي ‘فلسفة الجسد’ يعبر كثيرا عن أفكار الفيلسوف و’ممارساته الحداثية’ في علاقة بموضوع الجسد. فلسفة تحرر الجسد والانهيار الكامل لكل المعايير الأخلاقية تعكس إلى حد فلسفة الحداثة الغربية والمعروفة ب’فلسفة تحرر الجسد’ التي بلغت أوجها مع ‘ميشال فوكو’ وميشال سير (توفي 2008) و’ميشال انوفراي’ ركزت بالخصوص على ‘اللذة بلا نهاية’ و’التحرر الأقصى’ للجسد جنسيا ومعرفيا واجتماعيا وجماليا ومحاربة غير مداهنة للمكبوت والمغيب والمقصي من لذة ورغبة وشهوة وقلبا لمفاهيم الأنوثة والذكورة عبر مقولة ‘اختلاط الأجناس’ وتماهيها وتداخلها وصولا إلى التحرر الجنسي والإباحية المطلقة وهي بلا شك احدى أسباب كل التشريعات التي أنجزت في السنوات الأخيرة والمرتبطة بتقنين الإباحية وبالزواج المثلي إلى قلب العلاقات السلطوية بين المرأة والرجل داخل الأسرة الأوروبية. لو انطلقنا من فرضية غير مستبعدة تماما وهي أن جل اللابسات للنقاب والبرقع في فرنسا تشبعن بالثقافة الغربية العلمانية التي تبثها المدرسة اللائكية الفرنسية وروح التحرر الجسدي هذه التي بثتها الحركة النسوية عبر عشريات عديدة والتي مثل ميشال فوكو احد اكبر أعمدتها ولو أخذنا بعين الاعتبار ملاحظة مهمة للمختص في وزارة الداخلية الفرنسية ‘برنارد غودار’ (حوار لفيغارو 16-6-2009) من أن اغلب ممن يرتدين البرقع والنقاب هن ‘من الفرنسيات المعتنقات للإسلام’ أي إنهن اجتماعيا وثقافيا فرنسيات قلبا وقالبا لخلصنا إلى نتيجة مهمة في تحليلنا وهي أن البرقع الذي نشاهده في المجال الفرنسي هو نتاج ثقافي فرنسي خالص بنسبة كبيرة وهو يندرج في هذا المسار التاريخـــــي والاجتماعي لعلاقة الفرنسيات بجسدهن وللعلاقة بين الرجل والمرأة وبلوغ حركة ‘التحرر الجسدي’ إلى حد انقلابها إلى ضدها ببلوغها حدودها المتطرفة القصوى والتي تتمثل عملية التعذيب والممارسة السادية. و لكن السؤال كيف تتحول هذه الممارسة السادية والمازوشية الإباحية التي عمادها الإظهار والعري المطلق في علاقة بالجسد إلى علاقة سادية مازوشية عمادها الإخفاء المطلق؟ ربما نجد الإجابة عند ميشال فوكو في تفسيره للعلاقات السادية الارتدادية التي تنقلب إلى الضد مع المحافظة في كلا الحالتين على علاقة اللذة السادية سواء بالتلذذ بتعذيبه عبر الممارسة الجنسية الفوكوية (نسبة إلى فوكو) من اجل تحقيق ‘اللذة الجنسية المطلقة’ أو تعذيبه بشكل أخر عن طريق وضعه تحت ساتر اسود يمنعه في شكل لذة معكوسة على هذا الجسد الأوربي تبلغ أقصى درجاتها بتغطيته ونفي وجوده وقهره وراء عباءة سوداء قاتمة تسجنه على العالم الخارجي من اجل تحقيق ‘اللذة الدينية المطلقة’ إنها عملية ‘مراقبة ومعاقبة’ للجسد على حد تعبير عنوان كتاب ‘ميشال فوكو’ (صدر سنة 1975 ) . ربما ما يدعم هذا التوجه في التحليل أن الفتيات الفرنسيات المرتديات للنقاب لا يرتدين هذا اللباس مع الاقتناع الكامل على كونه واجبا شرعيا وخاصة أن الجمهور الأعظم من العلماء المسلمين لا يرون وجوبه ولكن الدافع هو السياق الثقافي الفرنسي بالذات المتعلق بقضية الموقف من الجسد وتحرر المرأة بشكل عام أي هو على الأرجح ردة فعل احتجاجية ‘ما بعد حداثية’ ضد قضية التحرر المطلق والتي لم تؤدي في نهاية المطاف إلا إلى ‘الفراغ الوجودي’ روحيا مع الإبقاء على النظرة ‘الاستهلاكية’ و’الاستعبادية لجسد المرأة’ بالرغم الدعوات التحررية التي بلغ عمرها حتى الان حوالي قرن من الزمان وهو ما يفسر الدعوات النسوية إلى أكثر توازنا متمثلة خاصة في الموجة الثالثة من الحركة النسوية في الغرب عن طريق الأمريكية ‘ريبكا ولكار’ سنة 1992 على سبيل المثال. وإذ أخذنا المفهوم الغربي لمرحلة ‘ما بعد الحداثة’ على كونها ‘أصبحت تشمل اللاعقل ووسعت مفهومها عن القدرات الإنسانية لتشمل المتخيل والوهم والعقيدة والأسطورة وهي الملكات التي كانت الحداثة الظافرة المزهوة بذاتها وقــــد استبعدتها المزهوة بذاتها وبعــــقلانيتها الصارمة’ (محمد سبيلا الحداثة وبعد الحداثة 2007) ألا يمكن أن نفهم هذا النكوص للفرنسيات نحو ‘النقاب’ و’البرقع’ على كونه موقف ‘ما بعد حداثي فلسفي’ تجاوزت فيه هاته النسوة منجزات الحداثة العقلانية إلى ما هو ضدها من متخيل ووهم وأسطورة؟! إذا فهمنا لبس البرقع والنقاب في السياق الفرنسي على كونه ‘نتاج اجتماعي وثقافي محلي للنساء المرتديات له انطلاقا من تجربتهن الفرنسية المرتبطة بقضية تحرر المرأة ولفظهن ورفضهن المتطرف لمنجزات الحداثة الغربية بمعنى رفض الاطروحات النسوية والفلسفية الداعية للتحرر الكامل من كل القيم والأعراف والتقاليد والأديان من اجل بلوغ ‘اللذة القصوى’ فإننا لا نرى ما يربط بين البرقع الفرنسي والبرقع الأفغاني إلا المظهر الخارجي الفارق فيه أن المرأة تحت البرقع الأول عاشت مرحلة الحداثة وتدخل مرحلة ما بعد الحداثة وهي تعيشها وتعي مقولاتها وتتمتع بعقلية ديكارتية فرنسية صقلتها المدرسة العلمانية الفرنسية الداعية إلى المساواة المطلقة بين المرأة والرجل وأما البرقع الثاني فتحته امرأة أفغانية مكبوتة لا تزال تعيش كالعديد من نسائنا العربيات والمسلمات فترة ما قبل الحداثة ولا زلن مقهورات تحت سلطة مجتمع أبوي يرفض منحهن الحد الأدنى من حقوقهن. نجد هذا الاتجاه داخل الحركة النسوية الفرنسية والغربية بشكل عام إلى أفاق أخرى بحثا عن بدائل ثقافية وروحية وتلبي رغبتهن في خذلانهن من تحقق أحلامهن في نماذج عديدة فمثلما اتجهت العديد من النساء الفرنسيات المشبعات بروح الحداثة الغربية إلى أدغال البرازيل بحثا عن قيم جديدة وأفاق روحية جديدة في آلهة الهنود الحمر القديمة ومثلما اتجهت نساء أخريات إلى الشرق الأدنى في موقف ما بعد حداثي بحثا عن بديل روحي وجسدي في آلهة بوذا فان فرنسيات أخريات وجدن في’البرقع والنقاب’ هذا الحل مع فارق بان الحل الذي اخترنه مرتبط بديانة يوصم أتباعها بالإرهاب في الغرب وهو الذي يفسر كل هذه النظرة السلبية له والجدل الذي يدور حوله. من هذه الزاوية ربما يدرج ‘البرقع الفرنسي’ ضمن العديد من الظواهر الشاذة التي أفرزتها فترة ما بعد الحداثة والتي تنتشر اليوم في المجتمع الفرنسي والتي تعبر عن حالة رفض لقيم المجتمع الاستهلاكية برفضها أو بالعكس إلى الدعوة إلى مزيد من التحرر منها عبر مبدأ توسيع دوائر الإباحة فبمثل سواد ‘البرقع’ في الشارع الفرنسي ينتشر أتباع مجموعات ‘الهارد روك’ أو ‘الهافي ميتال’ الذين يتوشحون السواد من أعالي رأسهم إلى أخمص قدميهم أو جماعة متمردة أخرى على نظام المجتمع مثل جماعة ‘الفهود البرتقالية’ التي ترفع شعار ‘لا قيم ولا أخلاق وحدود’ هذا الرفض الإباحي لدى جماعة ‘الفهود البرتقالية’ نجد له موازيا له لدى المنقبات رفضا آخر للمجتمع ولقوانينه بارث حداثي غربي مغرق في الحداثة وبأدوات ومظاهر استقدموها من الخليج أو من أفغانستان .. لا يهم .. المهم إنها تعبر عن الرفض! ‘ صحافي تونسي مقيم في فرنسا
(المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 26 أفريل 2010)
العرب بين حلم النهضة والخوف على الهوية
برهان غليون
حتى غزو البريطانيين للهند، ثم نابليون لمصر في المنتصف الثاني من القرن الثامن عشر، لم يكن الغرب يعني شيئا آخر بالنسبة لعرب لم يكونوا يعرفون أنفسهم أصلا إلا على أنهم مسلمون، سوى منطقة جغرافية تحتلها شعوب مسيحية يغلب على نظم حياتها طابع البدائية. كان الغرب يعني مغايرة دينية بالأساس، وكانت العلاقة به مشروطة بالعلاقات الإسلامية المسيحية، سواء كانت في إطار المناظرة بين الأديان على شرعية التوحيدية أو الصراع على السيطرة المتوسطية ومن ورائها العالمية. ولا تزال آثار هذه النظرة مستمرة عند قطاع واسع من الرأي العام العربي المعاصر الذي ينظر إلى العلاقة الجديدة مع الغرب من منظار التاريخ الوسيط وحسب محدداته الدينية. لكن انتصار الغربيين وتمكنهم من السيطرة على بلاد المسلمين من جهة، والنكسات المتتالية التي منيت بها جيوش السلطان العثماني في أوروبا خلال أكثر من قرن، فتحت أذهان النخب الإسلامية على حقائق جديدة تخص الغرب المسيحي. ومن هذه الحقائق التي لفتت النظر بقوة التقدم التقني والعلمي الذي طبع ثقافة الغرب وبث الحركة في مجتمعاته ونظم إدارته وتنظيمه، منذ القرن الثامن عشر والتاسع عشر بشكل خاص. وشيئا فشيئا أخذ جانب الإنجاز الحضاري الذي حققه الغرب يطغى على التمايز الديني في نظر قطاعات واسعة من النخب الإسلامية والعربية. فاكتشف العرب والمسلمون مفهوم التقدم الذي أنضجه عصر الأنوار، وفي موازاته وبالارتباط به مفهوم الانحطاط التاريخي الذي طبقوه على تاريخهم الماضي. ونظر قسم متزايد من النخب المحلية إلى هذا التاريخ والنظم الاجتماعية التي عرفها كنماذج للجمود والخمول والترهل. وبالمقابل أصبح التعلم على يد الأوروبيين والاقتداء بأعمالهم في الأدب والسياسة والفنون ميدانا للإبداع، ولتجديد الفكر واللغة وأساليب التعبير ومنظومة المفاهيم السائدة في المناظرة العقلية والسياسية. فتجددت المصطلحات، وكتبت الموسوعات، وترجمت مؤلفات عديدة إلى اللغة العربية، وظهرت فنون القصة والرواية والمقالة الصحفية والمناظرة الفكرية، في حجر ثقافة إسلامية بقيت إلى حقبة طويلة رهينة الجدالات والتعليقات والشروح الدينية. ولعل أكثر ما يعبر عن هذه الروح الجديدة التي طبعت العلاقة مع الغرب والنظرة إليه في تلك الفترة، هو النهضة الفكرية والأدبية التي شهدتها الحواضر العربية المشرقية التي كانت على اتصال تاريخي أكبر مع الغرب وفي احتكاك مباشر معه بسبب الحروب والصراعات الدينية. ما كان من الممكن تفسير تقدم الغرب في معاركه العسكرية، وتغلبه على جيوش المسلمين وإمبراطورياتهم التاريخية، بعامل الدين من دون الاعتراف الضمني بتفوق المسيحية على الإسلام ومسايرتها لحاجات تطور العلم والتقنية والنظر العقلي. وهو ما حاول بعض المثقفين الغربيين تسويده بالفعل لتفسير تفوق الغرب. وهذا ما دفع الإصلاحيين المسلمين إلى الرد دفاعا عن الإسلام، كما هو واضح في رد الأفغاني على الفيلسوف الفرنسي رينان في مقالته الشهيرة، والشيخ محمد عبده على هاناتو في كتابه الإسلام والنصرانية بين العلم والمدنية. وقد رأى المصلح الإسلامي العربي أن تقدم الغرب ليس ثمرة تسامح المسيحية مع العلم وإنما نتيجة الأخذ بالأسباب العقلية، كما أن تخلف الشرق وانحطاطه ليس ثمرة تعصب الإسلام ورفضه للعلم والفلسفة العقلية، وإنما نتيجة انتشار الجهل وسوء تفسير الإسلام واختلاطه بالخرافة وبالعقائد الجبرية والاتكالية عند معتنقيه. ومن هنا نظر المصلحون إلى الكشف عن توافق الدين مع العقل في الإسلام ومن ورائه مصالحة الإسلام مع العلم والنظر العقلي باعتبارهما جوهر الإصلاح الديني وغايته. وقد اتهم محمد عبده الذي قاده إخفاق تجربة الثورة العرابية إلى تقديم مهام الإصلاح على مقاومة الاحتلال واعتبارها شرطا للتخلص الفعلي منه، بممالأة السيطرة البريطانية. وهي التهمة ذاتها التي ألصقت بأحمد خان المصلح الإسلامي الهندي الشهير. والجديد في الإصلاح الإسلامي، في الهند كما هو الحال في العالم العربي وغيرهما، أنه ميز داخل الغرب بين الجانب السلبي الذي هو السيطرة والاحتلال الناجمين عن التفوق الحضاري، أي العلمي والتقني، والجانب الإيجابي الذي هو عناصر هذا التفوق العلمي والتقني. واعتبر المصلحون عموما أن العناصر الأخيرة بعكس الأولى، ليست من متطلبات الخصوصية الثقافية الغربية ولا مشروطة بها، وإنما هي ذات طبيعة عامة كونية مرتبطة بالعقل الذي هو مشترك بين جميع أبناء الإنسان. وشيئا فشيئا سيتبلور موقف قوي في وسط النخب الإسلامية يميز في ثقافة الغرب ونظمه بين ما هو صالح ينبغي الأخذ به، حتى لو جاء على يد غير مسلمين، من علوم وتقنيات وتنظيمات مدنية أو إدارية أو سياسية، وبين ما هو سلبي خاص بالغرب ومخالف لعقائد الإسلام وتقاليد المسلمين وقيمهم الثقافية. ففتحوا بذلك باب الاقتداء بالغرب الحضاري على مصراعيه، ولم يعد هناك أي حرج في أن يتمثل المسلمون قيم الحضارة الحديثة العلمية، ويعيدوا إنتاجها على شكل نظم تعليمية حديثة وإدارات حديثة ودول قومية وجيوش عصرية وسياسات اقتصادية تصنيعية ونظم ليبرالية ديمقراطية أو شوروية. وقد حكمت هذه النظرة موقف القطاع الأكبر من النخب الليبرالية التي سيطرت على المجتمعات العربية في النصف الأول من القرن العشرين والتي نجحت في الجمع بين العمل على بناء دول دستورية حديثة وقيادة الكفاح ضد السيطرة الاستعمارية. في ظل هذا الموقف لم يعد الغرب عدوا فحسب، وإنما أصبح ينظر إليه باعتباره شريكا وأحيانا حليفا أيضا في معركة الارتقاء في سلم المدنية الذي يسعى إليه المسلمون. ولم يعد الصراع الضروري والمشروع ضد سيطرته يمنع من الاقتراب منه والتأثر بنظمه وتمثل علومه وثقافته. وهذا ما يفسر نشوء أحزاب وتنظيمات سياسية واجتماعية تقتدي بأحزاب الغرب وتنظيماته، وتتعاون معها، انطلاقا من المشاركة في القيم نفسها، كالأحزاب القومية والماركسية والليبرالية، كما يفسر النهضة الفكرية والأدبية الكبيرة التي شهدتها الثقافة العربية التي طعمتها الآداب الغربية وأخصبت عقول منتجيها. وتشكل هذه اللحظة الليبرالية أحد أهم معالم التراكم المعرفي والحضاري في الثقافة العربية بعد لحظة النهضة الأولى في المنتصف الثاني من القرن التاسع عشر. والواقع أن أوهام العرب عن الغرب باعتباره شريكا في عملية التقدم وتمثل الحضارة لم تكن بعيدة عن أوهام الغربيين أنفسهم في الإيمان بمقدرة العرب، مثلهم مثل بقية الشعوب الكثيرة التي نالت استقلالها بعد الحرب العالمية الثانية، على التقدم في عملية التراكم الحضاري على الطريقة الغربية. ولعل أكثر ما عبر عن ذلك نظرية التطور الاقتصادي ومراحلها الخمس كما جاءت على يد الأميركي روستو، والتي استمرت عبر نظريات التحديث التي سيطرت على حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وما أعقبها في الستينيات والسبعينيات من نظريات عالمية في التنمية والخروج من التخلف ومجاراة الدول الصناعية في سيرها الحديث نحو إقامة مجتمعات الرفاه والديمقراطية والسلام. فقد كان الغرب يعتقد أيضا، بليبرالييه وماركسييه، أن جميع الشعوب سوف تسير على خطى المجتمعات الغربية، وتطور نظما اقتصادية وسياسية ليبرالية تجمع بين التطور الاقتصادي والتقدم العلمي والتقني، واستقرار النظم الديمقراطية التعددية. لم يكن أحد يعتقد أن ثقافة الشعوب غير الأوروبية يمكن أن تشكل عائقا أمام المسيرة المنتصرة للحداثة والتقدم. فمثل هذا الاعتقاد كان يعني أن النموذج الاجتماعي الحديث ليس كونيا ولا إنسانيا ولا قيمة له إلا في بلاد منشئه وحدها. وهو ما يتناقض كليا مع المسلمات التأسيسية للحداثة ذاتها. ولا ننسى أن الاستعمار قد قدم هو نفسه باعتباره مشروعا لتعميم التقدم الذي تقود مسيرته الشعوب الأوروبية، في أنحاء العالم الأخرى الغارقة في الجهل التاريخي الطويل. وهذا هو نفسه السبب الذي يفسر أيضا أنه لم يطرح أحد في بلاد العالم غير الأوروبي نماذج الحداثة الغربية للنقد أو التشكيك. لقد كان التقدم يعني عند هؤلاء وفي مقدمهم العرب، ولا يزال إلى حد كبير، الاقتداء بالنماذج الغربية للحداثة في كل الميادين، العلمية والتقنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية. ففي هذا الاقتداء يكمن شرط الولوج إلى العالمية أو الكونية. أمام الفشل الواضح اليوم في لحاق الجنوب أو معظم شعوبه بالشمال في طرائق إنتاجه ونظم حياته السياسية والثقافية، وهو ما عمق الشعور بأزمة الحداثة بل بخرابها، سيبرز موقفان. الأول غربي يحول الثقافة العربية إلى كبش فداء يسعى من خلاله إلى تفسير فشل تعميم نموذج المدنية الغربية، أي إلى إنقاذ فكرة الحداثة الكونية بإدانة ثقافة العرب والمسلمين والتركيز على خصوصيتها وطابعها الاستثنائي الذي يجعلها، من دون جميع ثقافات العالم، غير قابلة للتفاعل مع قيم العصر الحديث. فهي ثقافة عاطفية وانفعالية، لا عقلانية ولا عملية، ترعى العنف وترفض الآخر، وتعادي أي شكل من أشكال التعددية. وكلها صفات الثقافة البدائية. والثاني عربي، يميل إلى تحميل الحداثة نفسها مسؤولية جميع ما تعاني منه المجتمعات العربية الراهنة من إخفاقات ونقائص وعيوب. والنتيجة التخلي المزدوج عن أفق العالمية والكونية الذي فتح باب إخصاب الثقافات التقليدية وما تبعه من نهضة فكرية وأدبية ولغوية وحضارية لا ريب فيها، كما مكن الغرب من بناء إمبراطوريات عالمية ضمنت له خلال قرون عديدة الموارد الطبيعية والسيطرة والسيادة العالمية التي كانت وراء نهضته التقنية والعلمية الاستثنائية. لا يشجع التقوقع على الموقف الخصوصي الذي يسيطر اليوم، في الغرب والشرق العربي معا، على مراجعة عقلانية لتجربة الاندراج الفاشل في الحداثة ومن ورائها في العمل على إبداع مدنية عالمية ترسخ أسس التضامن بين جميع الشعوب والبلدان وتضاعف فرص الارتقاء، وتجدد مفاهيم التقدم نفسه على ضوء الشعور بالمسؤولية الجماعية تجاه البيئة ومستقبل الأرض والإنسان. إنه يدفع بالعكس إلى التخلي المتبادل عن المسؤوليات بالانكفاء على موقف الضحية وتحويل الآخر إلى جلاد، في إطار العودة نحو مواجهة شاملة وقطيعة فكرية ودينية وسياسية واجتماعية معا. هكذا يعتقد الغربيون في غالبيتهم أن الخطر الأول الذي يتهدد مجتمعاتهم اليوم ويزعزع استقرارها هو الإرهاب والعنف الإسلاميان، ولا يهتمون بشيء سوى تطوير سبل تهميش المسلمين وتقييد حركتهم وإخضاعهم. بينما يحمل العرب الغربيين، أو الهيمنة الغربية، مسؤولية كل ما عرفوه ويعرفونه من إخفاق في الإقلاع الاقتصادي وبناء الأمة والدولة، وغياب الطفرة العلمية والتقنية، وانتشار النزاعات الداخلية والحروب الخارجية، وسيطرة الديكتاتوريات الفاسدة، ويرجعون كل ذلك إلى سياسات الغربيين وخداعهم ومؤامراتهم. ومن المؤكد أن مثل هذا الموقف لا يشجع لا العرب ولا الغربيين على القيام بمراجعة عقلية وناجعة لأسباب الفشل المشترك في بناء عالم حديث قائم على مبادئ إنسانية وقادر على إدراج جميع الشعوب والمجتمعات في حياة ثقافية وسياسية سليمة ومرضية، أي بناء حضارة إنسانية جديدة كانت ولا تزال حلما ملهما، بدل الانخراط في عولمة تعيد إنتاج علاقات الغالب والمغلوب لحقبة الاستعمار القديمة، بوسائل وصور أخرى. والواقع أن موقف الضحية الذي يميل إلى الأنين والشكوى يعكس رفض مواجهة الواقع، والخوف من مراجعة الذات والعجز عن فحص السلوك والممارسة، يقود لا محالة إلى إعادة إنتاج المواجهة من حيث هو يسعى إلى تبريرها وإضفاء الشرعية التاريخية عليها. والنتيجة هي ما نشهده اليوم: تفاقم أزمة الأمن وما يعنيه ذلك من خوف متزايد على الذات وتصعيد لإجراءات القمع والقهر وإستراتيجيات السيطرة في الغرب، وتراجع مستمر في فرص التمدن والارتقاء إلى مستوى الحياة الأخلاقية السليمة والمرضية في العالم العربي وبقية بلدان الجنوب. ليس تمثل قيم الحداثة هو السبب في تفجر أزمة الهوية والخوف على الذاتية في العالم العربي، وإنما إخفاق النهضة الاجتماعية والفكرية والاقتصادية وبالتالي الاستبعاد من التاريخ والمشاركة في العالم الجديد. وبالمثل، ليس السبب في انعدام الأمن الداخلي والوطني والعالمي، الذي تشكو منه اليوم مراكز الحضارة الصناعية والتقنية، تخلف الثقافات غير الأوروبية وعدم مقدرتها على تمثل قيم العصر، وبالتالي مقاومة شعوبها للمدنية، وإنما بالعكس أيضا. إنه انسداد أفق هذه المدنية وتراجع الأمل بإمكانية الوصول إليها عند هذه الشعوب بسبب السيطرة الغربية التي أصبحت هيكلية في النظام العالمي. فنظام هذه السيطرة هو الذي يشكل اليوم العائق الرئيسي أمام تعميم قيم الحداثة وتقدم قضيتها عند العرب وغيرهم من الشعوب الكثيرة. تماما كما أن منهج الالتحاق والتبعية والاقتداء والمحاكاة الذي ميز سلوك العرب وغيرهم من شعوب الجنوب تجاه “حداثة الغالب” ونماذجها هو الذي يفسر فشل عمليات النهضة والتقدم، والانكفاء على الماضي. مما يعني أن تنامي عداء العرب والمسلمين للغرب ليس تعبيرا لا تاريخيا عن ثقافة تقليدية مستبطنة للعنف وخالية من القيم الإنسانية وإنما هو الثمرة الطبيعية والحتمية للإحباط التاريخي الناجم عن حرمان الشعوب الأخرى، وأحيانا باسم الحداثة، من الحداثة الحقة، أي من فرص التقدم الحقيقي، والاندراج الفعلي والناجع في العصر والمشاركة في المسؤوليات الجماعية للمنظومة الدولية. والنتيجة ليس من الممكن لحضارة عالمية أن تزدهر وتعيش في سلام طالما بقيت عاجزة عن إدماج الشعوب الأخرى أو ثابرت على حرمانها من التقدم والمشاركة، تماما كما أنه ليس من الممكن لهذه الشعوب أن تصون هويتها وتحتفظ بثقافتها من دون أن تعيد بناءها في أفق العالمية وباستلهام معاييرها. ما هو مطلوب ليس رمي الحداثة العالمية في البحر بوصفها سبب الاستلاب والتخلف والتبعية، وإنما نظام السيطرة الغربية الذي ارتبط بها وترسخ عبر محاكاة نماذجها. ولا المطلوب محو الشخصية وتجريد الشعوب من ثقافتها الخاصة باسم الحداثة وإنما مواجهة مشاكل الاندراج الاقتصادي والسياسي والثقافي في العصر، الذي يشكل وحده مصدر إحياء الثقافات وتجديدها وتحويلها إلى حامل فعلي لهويات حية وتاريخية لا لعصبية طبيعية. ومنذ اللحظة التي سنتمكن فيها من النظر إلى الحداثة من خارج منطق النقل والاقتداء والمحاكاة للنماذج الجاهزة، أي خارج أفق السيطرة الغربية الخاصة أيضا، سنجد أنفسنا مضطرين للتعامل مع الحداثة بمنهج آخر. ولن نرى فيها حقيقة ناجزة ولا جوهرا ثابتا ولا نموذجا مثاليا أو كاملا يحتذى. سنجاهد عندئذ في تحويلها في اللحظة والحركة نفسها التي نسعى فيها إلى تحويل أنفسنا ومجتمعاتنا من خلالها. ومهما شددنا على مثالب الحداثة وسلبياتها، وهي لا تحصى، لن نستطيع أن نقنع أحدا، ولا أنفسنا، بأن مستقبل مجتمعاتنا يوجد خارج أفق الديمقراطية والتنمية الاجتماعية واستقلال الأفراد وسيادتهم على أنفسهم، أو بأن سبل العدل في أوطاننا تسير حتما في عكس توجهات سبل العدالة والحرية وحقوق الإنسان في بقاع العالم الأخرى. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 25 أفريل 2010)
مأساة آن فرانك ونظرات محمد الدرّة
عبده وازن قرأت خبراً في صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية عن صدور ترجمة عربية لكتاب «يوميات آن فرانك» عن دار مجهولة تدعى «مكتبة علاء الدين». الخبر لافت بلا شك، فهذه «اليوميات» التي كتبتها فتاة يهودية في الرابعة عشرة، في المخبأ الذي لجأت اليه مع أسرتها هرباً من الإجرام النازي، ترجمت الى ستين لغة وبيعت منها – ولا تزال – ملايين النسخ، وأُدرجت في البرامج المدرسية والجامعية في بلدان عدّة. إلا أن الخبر لم يخلُ من بعض التباس، فالدار – غير العربية – أعلنت انها أصدرت هذه الترجمة بعدما سمح لها بإصدارها، لكنها لم تحدّد مَن سمح لها وكيف، ولم توضح إن كان ممنوعاً صدور هذه اليوميات في ترجمتها العربية. والدار هذه التي تسمى «مكتبة علاء الدين»، هي الكترونية مبدئياً، لكنها تطبع الكتب أيضاً، و «اليوميات» متوافرة في الصيغتين. واللافت انها لم توزّع هذه «اليوميات» على المكتبات العربية والحصول عليها يتمّ عبر الطلب الكترونياً. تأخرت إذاً الترجمة العربية لهذه «اليوميات» أكثر من خمسين عاماً، لكن بعض القراء العرب أطلعوا عليها في ترجماتها العالمية. وأذكر كم أثرت فيّ هذه «اليوميات» عندما قرأتها للمرة الأولى بالفرنسية في المدرسة، وكيف راح رفاق الصف يتبادلونها متألمين بدورهم لألم هذه الفتاة التي تقاربهم عمراً، ولما عانت في المخبأ الذي لجأت اليه وعاشت فيه مثل فأرة، تقتات من فتات الخبز ومما تيسر لها ولعائلتها من قطع البطاطا أو الأرز. لم نكن حينذاك نعلم جيداً من هم النازيون ولا لماذا اضطهدوا اليهود في أوروبا، لكننا حزنّا كثيراً على هذه الفتاة التي تعلّمنا منها دروساً في الشقاء والخوف والألم… لا أدري كيف ستُقرأ «يوميات آن فرانك» بالعربية، إذا توفرت هذه الترجمة أصلاً. هذه «الفتاة» التي جعلت منها الحركة الصهيونية نجمة، مستغلّةً يومياتها البريئة والأليمة، لا يمكن أحداً أن يعاديها أو يرفض نظرتها المكسورة الى العالم. وقد ساهمت الصهيونية في كسر صورتها كفتاة مرهفة، عانت مثل الكبار وخافت مثلهم وعرفت معنى النفي والعزل في المخيم النازيّ. كتبت آن فرانك معظم يومياتها في البيت «السرّي» الذي لجأت اليه مع عائلتها في أمستردام بعد هربها من فرانكفورت المدينة التي ولدت فيها. وعندما وقع عليهم النازيون ساقوا الأب والأم الى أوشفيتز وآن وشقيقتها مارغو الى مخيّم في شمال ألمانيا. ولم تمض بضعة أشهر حتى ماتت الشقيقتان بداء التيفوئيد عام 1945، ومثلهما ماتت الأم في أوشفيتز، لكن الأب نجا من المحرقة بعد الاجتياح السوفياتي واندحار النازيين. ماتت آن فرانك لكنّ يومياتها سلمت، والفضل يعود الى أحد الأصدقاء الذي عثر عليها في البيت «السري» وخبأها ثم سلّمها للوالد العائد من أوشفيتز. ولم يكن على الأب إلا أن يصدرها عام 1947 في أمستردام تحت عنوان «البيت الخفي»، بعد ان جمع أصولها. وما إن صدرت حتى أكب عليها المترجمون، ووجدت فيها الحركة الصهيونية ضالّتها، وسرعان ما استخدمتها كوثيقة لإدانة النازية أولاً، ثم لتأنيب الضمير الأوروبي و «تأثيمه» انطلاقاً من المحرقة. أفرغت الصهيونية «يوميات» الفتاة من بعدها الوجداني والطفولي ووظفتها في عملها الدعائي الذي هدف الى تغطية المجازر التي ارتكبها الإسرائيليون في فلسطين، وجعلت منها شهادة على الجنون النازي الذي قضى على أعداد هائلة من اليهود. وأنشأت مؤسسة تحمل اسم هذه الفتاة وحوّلت البيت الذي اختبأت فيه وكتبت يومياتها «مزاراً»، ثم ما لبثت أن أطلقت منظمة عالمية تدعى «مركز الشباب العالمي» قاعدتها «مؤسسة آن فرانك». وكان لا بدّ من أن تنتقل «اليوميات» الى المسرح والسينما والتلفزيون في أعمال درامية خطفت أنظار العالم. كان في امكان آن فرانك أن تكون كاتبة يافعة، بموهبتها الفذة ووعيها الفطري وبراءتها العميقة، لو أن الحركة الصهيونية لم تعمد الى استغلالها واستهلاك اسمها والرمز الذي تمثله. وأذكر جيداً بضعة جمل كنت دوّنتها من «اليوميات» وفيها تتحدث عن استحالة الحياة وسط الشقاء والموت، وعن العالم الذي راح يتحول غابة موحشة، وعن الرعد الذي يقترب والذي سيدمّر الجميع في يوم ما. لا أخفي أن خبر «يوميات آن فرانك» أعاد الى ذاكرتي الرواية القصيرة التي كتبتها الفتاة المصرية المقيمة في ايطاليا رندة غازي وعنوانها «حالم بفلسطين»، وفيها تدين الإجرام الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي ضدّ الأطفال الفلسطينيين. كتبت رندة روايتها هذه بالإيطالية بعدما شاهدت الطفل محمد الدرّة يسقط قتيلاً تحت رصاص الجندي الإسرائيلي الذي سمعته يقول متفاخراً عبر الشاشة: «قتلت الابن وتركت الأب حياً حتى يتعذّب». وعندما راجت الرواية في ايطاليا وترجمت الى الفرنسية والانكليزية وسواهما، قام صهاينة أوروبا بحملة شعواء ضدّها وسعوا الى منعها وسحبها من المكتبات في فرنسا وسواها. ترجمت رواية «حالم بفلسطين» الى العربية ونجحت حين صدورها، ثم ما لبثت ان اختفت. ولا أحد يدري ان كانت مدرسة عربية أدرجتها ضمن كتب القراءة التي يقبل عليها التلامذة عادة. وإن لم تكن رندة غازي صورة عن آن فرانك، إلا أن محمد الدرّة يختصر في نظراته الأخيرة المفعمة خوفاً وألماً، مأساة الأطفال أياً كانوا وحيثما كانوا، الأطفال الذين لم ترحمهم اسرائيل يوماً. (المصدر: “الحياة” (يومية – لندن) بتاريخ 26 أفريل 2010)
سفير اسرائيلي سابق بالقاهرة: مبارك لن يترشح بسبب صحته
استنفار أمني مصري غير مسبوق في سيناء اعتقال ثاني اسرائيلي خلال يومين يتسلل عبر الحدود المصرية
4/26/2010 القاهرة ـ ‘القدس العربي’: رفح (مصر) ـ د ب أ: قامت الشرطة المصرية بتعزيز وجودها الامني في شبه جزيرة سيناء حيث شوهدت المصفحات وعربات الامن وهي تتجه نحو الطرق الرئيسية المؤدية الى سيناء وخاصة كوبري السلام فوق قناة السويس ونفق الشهيد احمد حمدي اسفل القناة مع وضع المتاريس والأكمنة على كافة الطرق المؤدية من وإلى سيناء. وقال شهود، ‘انتشرت الاجهزة الامنية في كل ارجاء سيناء بصورة غير طبيعية’. وأكدت مصادر أمنية مصرية رفيعة أن ‘حالة الاستنفار الامني في سيناء حالة طبيعية في كل اعياد واحتفالات سيناء من كل عام’. على الصعيد نفسه جددت المصادر نفيها لما تقوله إسرائيل ان الصاروخين اللذين سقطا في منطقة ايلات والعقبة قد خرجا من سيناء. وقالت المصادر إن ‘سيناء خالية تماما من اي وجود لعصابات او حتى فلسطينيين وإن الوضع الامني في سيناء جيد ومستقر’. وذكر تقرير ان الاجهزة الامنية المصرية اعتقلت امس الاحد شخصا إسرائيليا آخر بعد ان دخل المياه الاقليمية المصرية. وذكرت صحيفة ‘يديعوت احرونوت ‘ الإسرائيلية في موقعها الالكتروني ان الشخص الاسرائيلي (44 عاما) اعتقل في عرض البحر الاحمر داخل المياه الاقليمية المصرية، بعد ان وصلها سباحة من مدينة ايلات. ويعاني هذا الشخص من مرض عقلي. ويجرى مسئولون عسكريون ودبلوماسيون مفاوضات حاليا من اجل الافراج عنه. وفي سياق متصل لم يطرأ تقدم على المباحثات الجارية بين اسرائيل ومصر لاطلاق سراح الشخص الاسرائيلي ساجي شاحوري، الذي دخل السبت شبه جزيرة سيناء راكبا دراجته النارية عن طريق الخطأ. وفي غضون ذلك حذر الرئيس المصري حسني مبارك المتظاهرين من تحويل ‘الحراك المجتمعي الى صراع يجعل البلاد في مهب الريح’، مشيرا الى ترحيبه بالحراك المجتمعي طالما التزم بالقانون. وتعهد مبارك في خطاب متلفز بمناسبة الذكرى الثامنة والعشرين لتحرير سيناء ان تكون الانتخابات المقبلة نزيهة الا انه لم يقل ان كان سيشارك فيها. وهذه المرة الاولى التي يسمع فيها المصريون رئيسهم يلقي خطابا منذ خضوعه لعملية جراحية في شهر اذار/ مارس الماضي. ولوحظ ان صوت الرئيس المصري قد تأثر كثيرا عما كان من قبل، كما ان الرئيس فقد كثيرا من وزنه خلال الشهرين الماضيين. ومن جهته اعتبر السفير االاسرائيلي السابق لدى القاهرة تسيفي مازئيل ان الرئيس المصري لن يترشح في الانتخابات الرئاسية المقررة في العام المقبل بسبب حالته الصحية. واعتبر في ورقة بحثية معمقة حول الوضع السياسي في مصر ان مبارك سيعمل ما يستطيع لمنع الدكتور محمد البرادعي من الترشح للرئاسة. وقال مازئيل ان نظام مبارك ما زال يخشى من جماعة الاخوان المسلمين نظرا لما تملكه من شعبية. ووصف مازئيل من جانبه المظاهرات بأنها مقدمة لسلسلة طويلة من الاحتجاجات والتظاهرات التي سيشهدها الشارع المصري مستقبلاً خلال العام ونصف العام القادمين، متوقعاً أن تزداد حدة احتقان الشارع المصري استعدادا لاقتراب موعد الانتخابات التشريعية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل والانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011. وتحدث مازئيل عن حالة المخاض التي تشهدها الساحة السياسة المصرية، مشيراً إلى أن الحزب الوطني الحاكم والرئيس مبارك يواجهان تحدياً غير مسبوق، بل الأهم منذ تولي مبارك الحكم عام 1981 في أعقاب اغتيال الرئيس محمد أنور السادات. وأرجع الخبير الإسرائيلي من جانبه التوتر والاحتقان الذي تشهده مصر لما أسماه بحالة البلاد الاقتصادية المتردية وزيادة معدل الفوارق الاجتماعية صعوبة، ومطالبة القوى السياسية المصرية بإحداث عملية تغيير سريعة وعاجلة في الحياة السياسية المصرية، أملاً منهم في تحسن نوعي للظروف المعيشية للمواطن المصري. وفي وقت لاحق قالت مصادر أمنية امس إن السلطات اعتقلت مصريا خلال محاولته التسلل إلى اسرائيل من الحدود الشرقية للبلاد. وأوضح مسؤول أمني مصري، رفض ذكر اسمه لـ’يونايتد برس انترناشونال’ ان المتسلل يبلغ من العمر 22 عاما ويدعى محمد الدماطي، وتم القاء القبض عليه قرب العلامة الدولية رقم 82 بالنقب وسط سيناء قبل التسلل إلى إسرائيل. وتابع المسؤول ان السلطات تجري تحقيقاتها مع المواطن لمعرفة سبب محاولته التسلل الى اسرائيل. وكانت اجهزة الامن اعتقلت مصريا يوم الخميس الماضي خلال محاولته التسلل الى اسرائيل بالقرب من العلامة الدولية رقم 15 جنوب معبر رفح. وتشير تقارير اخبارية الى وجود نحو 20 الف مصري يعملون في إسرائيل. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 26 أفريل 2010)