الاثنين، 22 مايو 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2191 du 22.05.2006

 archives : www.tunisnews.net


المجلس الوطني للحريات بتونس: السلطات التونسية ترحّل مندوبا عن منظمة العفو الدولية موقع الحزب الديمقراطي التقدمي: اعتقال هشام عصمان رئيس فرع تونس لمنظمة العفو الدولية لمدة ساعات عبد الستار بن موسى: ندوة صحفية الإثنين 22 ماي 2006 بدار المحامي رسالة هيئة 18 أكتوبر بباريس في اليوم التضامني مع المحامين بتونس جمعيّة الصحافيين التونسيين: لائحـة عامة كلمة: هـوامـش العدالـة رويترز: تونس تطرد ممثلا سويسريا لمنظمة العفو الدولية سويس انفو: توتـُّر قد يتأجج بين تونس والعفو الدولية بي بي سي: مقتل تونسي في حادث طلق ناري اتهمت فيه وحدة ليبية رويترز: يهود ومسلمو جربة التونسية .. قصة تعايش مستمرة د.منصف المرزوقي: ولّى زمن المعارضة ،فليبدأ زمن المقاومة علي شرطاني: تعالوا إلى كلمة سواء بعضنا بين بعض ممثّل دار الآداب في معرض تونس الدولي للكتاب السيد نبيل نوفل : “ل “كلمة معرض تونس للكتاب يعطي الحرية للرقابة بدل إعطائها للقارئ صــابر التونسي: تكريــم بن سـدريــن، دليل اختلال الموازين أ.عبد الباقي خليفة: العيال كبروا ! الوسط : المشروع الذي ولد كبيرا بدرالدين الرياحي: حين يهاجر الشعر إلي لغات و أوطان أخري: أسطرة القصيدة في ‘بقايا البيت’!  سعد محيو: أمريكا والشرق الأوسط: لا انـحـسـار؟


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 
 
المجلس الوطني للحريات بتونس
 
تونس في 22 ماي 2006  

السلطات التونسية ترحّل مندوبا عن منظمة العفو الدولية

رُحّل إلى  باريس إيف شتاينر Yves Steiner مندوب الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية ليلة 21 ماي 2006 بعد احتجازه من قبل السلطات التونسية عندما كان بصدد حضور الجلسة العامة للفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية. وكانت عناصر من الأمن التونسي بالزي المدني قد دخلت قاعة أشغال الجلسة بنزل أميلكار في الضاحية الشمالية للعاصمة تونس دون إذن قانوني وطلبوا أن يرافقهم إيف شتاينر، غير أنّ مسؤولي الفرع التونسي تصدّوا لهذا الإجراء وطلبوا من تلك العناصر مغادرة القاعة فورا غير أنّ مجموعة من عناصر الأمن عادت لتقتحم القاعة واقتادت الضيف السويسري بالقوّة إلى مكان مجهول. وقد اتصل بأعضاء المنظمة في تونس في وقت متأخّر من الليل ليعلمهم بوجوده في المطار في انتظار ترحيله في أوّل سفرة باتجاه العاصمة الفرنسية. وقال إنّه كان قد اقتيد إلى أحد محلاّت الأمن التونسي ويجهل مكانها. وكان السفير السويسري قد حضر إلى مكان الحادثة وقد عاين السيارة التي نقلت إيف شتاينر من أمام النزل المذكور. وكان ممثل الفرع السويسري قد ألقى كلمة في جلسة الافتتاح انتقد فيها حالة حرية التعبير في تونس. وكان يعتزم زيارة المحامين المعتصمين في دار المحامي احتجاجا على تجاهل مطالبهم. والمجلس الوطني للحريات بتونس : –       يعبّر عن تنديده الشديد بالتجاوزات التي ارتكبتها السلطات التونسية في حق الصديق إيف شتاينر، وبانتهاكها لحرمة نشاط قانوني لمنظمة دولية تعمل في تونس. –       يلفت الانتباه إلى أنّ مثل هذا الإجراء هو خطوة في اتجاه تشديد الحصار على نشاط الجمعيات المستقلّة وعزلها عن محيطها الدولي.

عن المجلس الناطقة الرسمية سهام بن سدرين

 

اعتقال هشام عصمان رئيس فرع تونس لمنظمة العفو الدولية لمدة ساعات

تم اليوم 22 ماي و على الساعة الواحدة بعد الزوال اعتقال السيد هشام عصمان رئيس فرع تونس لمنظمة العفو الدولية عند خروجه من مقر عمله بكلية الطب بسوسة دون استدعاء رسمي. و بعد إمضاء بعض الوقت بمنطقة الشرطة بسوسة تم نقله إلى تونس العاصمة أين تم استنطاقه في محلات الشرطة العدلية ثم إطلاق سراحه على الساعة السادسة و النصف تقريبا. و كان فرع تونس لمنظمة العفو الدولية الذي ترأسه خلال السنة الماضية السيد هشام عصمان قد عقد جلسته العامة يومي السبت 20 ماي و الأحد 21 ماي و انتخب مكتبا تنفيذيا من 7 أعضاء من بينهم هشام عصمان و من المنتظر أن يقع انتخاب رئيس الفرع في الأيام القادمة. و قد استنطق أعوان الشرطة السيد هشام حول الجلسة العامة للفرع و أشاروا إلى تدخلات المدعوين المحليين و الأجانب في الجلسة الافتتاحية و التي انتقدت سياسات السلطة. و قد تم التهديد بحل فرع تونس لمنظمة العفو الدولية إن لم يتم التراجع عن ذلك مراسلة خاصة بموقع الحزب الديمقراطي التقدمي

(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ22  ماي 2006 )
 

ندوة صحفية الإثنين 22 ماي 2006 بدار المحامي

 

 
السيدات والسادة فرسان الأقلام، الضيوف الكرام، تحية إجلال وإكرام، أعقد هذه الندوة الصحفية جوابا عن الندوة الصحفية التي عقدها السيد وزير العدل يوم الإثنين 15 ماي 2006 وما لحقها من تصريحات واتهامات سواء عبر الصحف اليومية أو أثناء مسرحية الملف التلفزي التي تم إعدادها وإخراجها بطريقة سيئة وفي إطار التغييب المتعمد للهياكل المنتخبة. لقد ظهر السيد الوزير خلال ذلك الملف ومن خلال تصريحاته الصحفية متشنجا، متحاملا على الهياكل المهنية المنتخبة وعلى رأسها العميد، موجها لها الإتهامات المجانية جزافا جاعلا من الخلاف معها مسألة شخصية بحتة. إذا كان الخصام مشروعا فيجب على من ينتهجه أن يخاصم بشرف وأن يعتمد على قوة الحجة وليس على حجة القوة، وأن يحرص على أن تكون الخصومة تواجهية أي بحضور الأطراف المعنية. إن حركتنا الإحتجاجية هذه لم تكن وليدة الصدفة بل فرضتها الظروف الصعبة التي تمر بها مهنة المحاماة، لقد مللنا المماطلة والتسويف، ودار لقمان على حالها، بل إن الوضع المادي والمعنوي للمحامي يزداد سوءا يوما بعد يوم إلى درجة أن أصبح جل المحامين عاجزين عن توفير مصاريف المكتب وحتى عن توفير أبسط الضروريات ووفرة الإعلامات الواردة على الهيئة والفروع فيما يتعلق بقضايا الخروج من مكاتب المحامين لعدم الخلاص لأكبر دليل على ذلك. إن حركتنا الإحتجاجية نظمتها ونفذتها الهياكل بعيدا عن الحسابات السياسوية أو المصالح الإنتخابوية او الشخصية الضيقة. من أجل ماذا تم إقرار هذه الحركة الإحتجاجية؟ لماذا لم يكن الحوار جديا ومسؤولا؟ من المسؤول عن تأزم الأوضاع؟ I)  من أجل ماذا تم إقرار الحركة الإحتجاجية للمحامين : لم يكن تحركنا من أجل معهد المحاماة فقط، لأن قانون المعهد هو بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس، إنما تحركنا هو من أجل تحقيق مطالبنا المهنية المشروعة التي ماانفك المحامون بقيادة هياكلهم المنتخبة يناضلون من أجل تحقيقها بجميع الوسائل.
لقد تضمنت ديباجة المذكرة التي وجهها مجلس الهيئة الحالي منذ 2 ديسمبر 2004 إلى وزارة العدل توضيحا دقيقا لكافة مطالبنا وأنقل لكم حرفيا ديباجة تلك المذكرة. “لما كانت المحاماة مهنة حرة مستقلة حسب صريح قانونها الأساسي تشارك القضاء في إقامة العدل وتؤمن الدفاع عن حقوق المتقاضين وعن حرياتهم وأموالهم وأعراضهم وتساهم في ضمان المحاكمة العادلة حسبما نص على ذلك الدستور التونسي، فإنه لا يمكن للمحامين أداء رسالتهم على الوجه الأكمل إلا بتوفر الظروف الموضوعية الكفيلة بذلك ومن بينها حماية مجال العمل وإيجاد تغطية إجتماعية دائمة وتنظيم الدخول إلى المهنة. إنه لا يمكن لأي نظام قضائي أن يدعي أنه يضمن المحاكمة العادلة أو يؤمن التوازن المنشود بين المواطن والسلطة إذا كان المحامي مغيبا أو مهمشا أو تابعا أو ضعيفا أو محتاجا. ولقد أوضحت السلطة في أكثر من مناسبة بأنها واعية بهذه الحقيقة، غير أنها لم تترجم إلمامها بكل المشاغل وتراكماتها إلا سنة 2002 عندما أعلن رئيس الجمهورية في 07-11-2002 عن إذنه بالقيام ببعض الإصلاحات تمحورت أساسا حول :
1- توسيع بعض مجالات التدخل : كتخصيص المحامي بإبرام العقود المتعلقة بالأصل التجاري أو إقرار نيابة المحامي في النزاعات الجبائية. 2- إيجاد تغطية إجتماعية شاملة 3- القيام بدراسة لإنشاء معهد أعلى للمحاماة يمكن من تأطير المحامين المتمرنين ومن تمكين الوافدين الجدد على المهنة من تكوين إضافي مع تأمين حق أصحاب شهائد المرحلة الثالثة حقوق في الإلتحاق بالمهنة. 4- حماية المهنة من بعض الممارسات غير الشرعية مثل إستغلال الإعفاء من إنابة محام قصد ممارسة المهنة بطريقة غير شرعية. 5- إتخاذ الإجراءات التي تيسر ظروف عمل المحامي بالمحاكم في إطار التعاون بين مختلف مكونات الأسرة القضائية. وقد تفاءل المحامون عند صدور هذا الإعلان وتم التعبير على ذلك في أكثر من مناسبة، ولكن لم تشهد الأوضاع أي جديد، بل أن أوضاع المحاماة زادت تأزما.”
مجال تدخل المحامي :
إن مجال تدخل المحامي ما انفك يشهد تقلصا مستمرا حتى أصبح بمثابة : دقيق بين شوك نثروه    ***  ثم قالوا لحفاة يوم ريح إجمعوه ومن آخر القوانين التي نزلت نزول الصاعقة على المحامين والمتقاضين هو القانون المتعلق بالتعويض عن حوادث المرور. لقد قدمنا صلب المذكرة مقترحاتنا المتعلقة بمجال عمل المحامي إستنادا إلى التجارب الأجنبية شرقا وغربا من مصر إلى فرنسا حيث تم تخصيص المحامي بكل أعمال المحاماة من إسداء المشورة وتمثيل المتقاضين والمرافعة وتحرير العقود وكانت مقترحاتنا تتمحور حول تخصيص المحامي بالإستشارة وبالنيابة وتحرير العقود وجعل إنابة المحامي وجوبية في المادة الجزائية والمادة العقارية واختيارية أمام باحث البداية وإلزام الشركات التجارية بانتداب محام مستشار والتنظير في ذلك مع مراقب الحسابات، والتوزيع العادل لقضايا الدولة والمؤسسات العمومية كما طالبنا بإصدار الأمر المتعلق بأتعاب الدفاع بالنسبة لقضايا الإعانة العدلية. هذا وبعد سنة من الإنتظار الممل ومن المماطلة والتسويف وبعد سنة من سكوت السيد وزير العدل وجه مجلس الهيئة منذ 28 ديسمبر 2005 مقترحات جاهزة حول مشاريع قوانين تتعلق بمجال عمل المحامي.
معهد المحاماة :
تضمنت المذكرة المطالبة بإنشاء معهد قصد توحيد المدخل ومجابهة إغراق المهنة وتكوين المترشحين تكوينا أساسيا وتمكين المحامي المباشر من تكوين مستمر وإجباري على أن يشرف على ذلك المعهد مجلس إدارة متكون من ممثلين عن وزارة العدل ووزارة التعليم العالي وفي أغلبيته من المحامين ويديره محام يختاره مجلس الإدارة ويتم تمويل المعهد من مصاريف المشاركة في المناظرة ومصاريف التسجيل ومساهمة الدولة ومساهمة الهيئة كما يشرف على المسائل البيداغوجية والعلمية مجلس علمي، كل ذلك على غرار ما هو معمول به صلب التجارب الأجنبية. هذا وطالب مجلس الهيئة بأن يقع الإبقاء على مدة التمرين الحالية (أي سنتين) ويحتفظ مجلس الهيئة بترسيم المحامين المتمرنين بجدول المحامين.
التغطية الإجتماعية :
تضمنت المذكرة المطالبة باتخاذ التدابير التالية. أ- تنقيح القانون المتعلق بالتامبر وذلك بجعله إلزاميا مع ترتيب جزاء على عدم وضعه (السقوط والرفض). ب- كترقيم التامبر مستقبلا ومد مجلس الهيئة بكشوفات كل ثلاثة أشهر عن مداخيل التامبر. ج- كتوسيع قاعدة التامبر وذلك بإضفائه على كل أعمال المحامي دون إستثناء إذ لا معنى من الإستثناءات الحالية المتعلقة بالنفقة وحوادث الشغل فكلها قضايا يتحصل فيها المحامي على أتعابه، الإستثناء الوحيد الذي يمكن الإبقاء عليه هو المتعلق بالتساخير والإعانات العدلية. ج- الترفيع في معلوم التامبر بصفة تصاعدية كما هو معمول به في العديد من البلدان العربية كمصر والأردن والمغرب، وتوظيف معلوم نسبي عند تحرير العقود تماشيا مع الأتعاب التي يتقاضاها المحامي محرر العقد وفي هذا الصدد لا بد من الإشارة إلى أنه في بعض البلدان كلبنان على سبيل الذكر يتم تمويل الصندوق بنسبة تخصم من معلوم إستخلاص كل الأحكام وذلك نظرا لما يقوم به المحامي من مساهمة في حل النزاعات والدفاع عن المعوزين عند التسخير سواء مجانا في نطاق الإعانة العدلية أو مقابل أتعاب زهيدة عند التسخير. هذا ويحق للمحامي أن تساهم المجموعة الوطنية في تمويل تقاعده وهو ما كان يبرر معلوم المرافعة الذي ظل يدفعه كل مواطن ولو لم يكلف محام ويقع إيداعه مباشرة بصندوق التقاعد.
إيجاد الضمانات الكفيلة بممارسة مهنة المحاماة :
لما كانت المحاماة ولا تزال الضمانة الأساسية لإرساء المحاكمة العادلة ولصيانة حقوق الإنسان والحريات العامة والفردية وانطلاقا من إيمان جميع مكونات المجتمع بأن المحاماة تبقى الملجأ الوحيد لمختلف الفرقاء والملاذ لمختلف المتخاصمين فإنه من الضروري تمكين المحامي من أداء رسالته في أحسن الظروف وفرض معاملته باحترام والواقع يبرز بوضوح ما يعانيه المحامي يوميا من عراقيل ومضايقات متعددة أثناء أو بمناسبة المباشرة اليومية لمهنة المحاماة. إن الفصل 46 من القانون التونسي المنظم لمهنة المحاماة أوجد علاقة غير متكافئة بين القضاة والمحامين بينما في العديد من البلدان مثل مصر يتمتع المحامي أثناء القيام بواجبه بنفس الحصانة المسندة للقاضي. هذا ونلاحظ حصول تراجع ملحوظ في بعض المكتسبات والحقوق، إذ كثيرا ما تلجأ النيابة العمومية إلى التحرير على المحامين في مسائل مهنية مما يشكل خرقا واضحا للقانون. لذلك تضمنت المذكرة الموجهة إلى وزارة العدل منذ 02/12/2004 التأكيد على “أن تيسير عمل المحامي لا يمكن أن يكون في ظل حصانة منقوصة ومكانة مهزوزة، لذلك يجب تنقيح قانون المهنة بما يضمن الحصانة القانونية والفعلية وذلك بإلغاء الفصل 46. لا بد أيضا من التنصيص صراحة بقانون المهنة على أن المحامي يجب أن يتمتع أثناء أو بمناسبة القيام بواجبه بنفس الحصانة المسندة للقاضي على غرار ما هو معمول به في العديد من الدول كمصر (الفصل 54 من قانون المحاماة المصري)، وإحاطة مكتب المحامي بالحصانة الضرورية لما يحتوي عليه من وثائق هامة وأسرار وجعل الإعتداء عليه بمثابة جناية. والتنصيص بقانون المهنة على إلزام مختلف الإدارات والوزارات والمحاكم بتسهيل عمل المحامي والعمل على إحترامه وإعطائه الأولوية أثناء أو بمناسبة القيام بواجبه وذلك أسوة بالقانون المقارن. فالقانون المنظم لمهنة المحاماة بمصر ينص في المادة 49 على أنه للمحامي الحق في أن يعامل من المحاكم وسائر الجهات التي يحضر أمامها بالإحترام الواجب للمهنة. إن الرأي السائد والمتداول لدى كل المحامين هو أن المحاماة بقيت لعدة عقود تنتظر حتى أصبحت تحتضر”.
هذه هي تصوراتنا التي تضمنتها مذكرة المطالب المهنية ومختلف المراسلات اللاحقة  الموجهة إلى وزارة العدل.
II )  كيفية تعامل وزارة العدل مع المطالب المهنية  ماانفك السيد وزير العدل يعلن عن تمسكه بالحوار إلا أن قوله لم يكن برقا صادق الخبر، إذ جعل من الحوار مجرد شعار، جعل منه كلمة حق أريد بها باطل وصيره عبارة عن سراب خلب، فالوزارة لم تسلك أسلوب الحوار الجدي والنزيه، البناء والمسؤول والذي يفرض النقاش الشفاف مما يفضي إلى حصول  إتفاقات موثقة وممضاة من قبل الطرفين أي الوزارة ومجلس الهيئة الوطنية للمحامين.
لقد إنتهجت وزارة العدل حوارا شكليا وغير جدي فجاءت مشاريع قوانينها احادية الجانب، ضاربة عرض الحائط بمقترحات الهيئة المصادق عليها من قبل المجلس والمبلغة لها كتابيا، كما جاءت مشاريع الوزارة مخيبة لآمال المحامين غير مستجيبة لمطالبهم المشروعة ومفرغة تماما لروح الإصلاحات التي أذن بها السيد رئيس الدولة منذ سنة 2002.
1) فيما يتعلق بتوسيع مجال عمل المحامي وتوفير الضمانات الضرورية الكفيلة بممارسة مهنة المحاماة: علاوة على المقترحات التي تضمنتها المذكرة الموجهة إلى الوزارة منذ 2 ديسمبر 2004 فإن مجلس الهيئة وجه إلى الوزارة منذ 28 سبتمبر 2005 عدة مقترحات حول مشاريع قوانين تتعلق بمجال العمل والضمانات وهي مقترحات تم إعدادها من قبل كفاءات من المحامين المختصين وتمت مناقشتها صلب مجلس الهيئة، إلا أن الوزارة لازمت الصمت مدة طويلة ولم تتقدم في النهاية سوى بمشروع قانون وحيد يتعلق بالإنابة الوجوبية للمحامي في المادة الجبائية لم تقع إستشارة مجلس الهيئة فيه أو حتى إعلامه به. كما جاء متضمنا لبعض الأحكام الإعتباطية والتي أبقت على إمكانية إنابة المستشارين الجبائيين أمام الدوائر الجبائية وتمكينهم من المرافعة والحال أن كل قوانين العالم جعلت المرافعة حكرا على المحامين. وإذ تطالعنا بعض الصحف من حين لآخر بأنباء مصدرها وزارة العدل تبشر بقرب صدور قوانين جديدة متعلقة بتوسيع مجال التدخل، فإن تلك الأنباء كثيرا ما تكون معدة للإستهلاك ومسخرة للإشهار، إذ أنها تصدر عادة قبل الجلسات العامة أو التحركات الإحتجاجية للمحامين وتقدم تحت عنوان بارز “إصلاح المحاماة” أو “توسيع مجال عمل المحامي ” والمتأمل في مضمونها يتضح له جليا أنها عبارة عن شعارات براقة وإجراءات لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تجسد إرادة فعلية لدى الوزارة لإصلاح مهنة المحاماة ولإنجاز ما وقع الإعلان عنه من قبل سيادة رئيس الدولة. فما تم الإعلان عنه من أعلى منبر سنة 2002 بالنسبة لهذه المسألة كان يتعلق بتوسيع بعض مجالات التدخل واتخاذ الإجراءات التي تيسر ظروف عمل المحامي بالمحاكم، وحماية المهنة من بعض الممارسات غير الشرعية مثل إستغلال الإعفاء من إنابة محام قصد ممارسة المهنة بطريقة غير شرعية.
أما بالنسبة لحماية المهنة فالوزارة لم تحرك ساكنا ولم تقدم أي مشروع قانون. وفيما يتعلق بتيسير عمل المحامين فقد إكتفى السيد الوزير بإصدار منشور بقي حبرا على ورق، أما بالنسبة لمجال عمل المحامي فإن الإجراءات المعلن عنها من قبل الوزارة هي في الواقع هزيلة ولا توسع مجال التدخل مثلما تم إقراره والإعلان عنه من أعلى منبر. فالإنابة الوجوبية للمحامي أمام المحكمة العقارية  لا يمكن أن تقتصر على ملفات التسجيل الإختياري التي تمثل 2% من مجمل النزاعات، وكان بالأحرى جعل الإنابة وجوبية في ملفات التحيين  نظرا للإشكاليات الإجرائية والقانونية العويصة التي تطرحها تلك الملفات والتي لا يمكن للمتقاضي أن يكون ملما بها. اما الإنابة الوجوبية بالنسبة للتعقيب الجزائي فكان أولى وأحرى أن تشمل كافة مطالب التعقيب وأن لا تقتصر على مطالب التعقيب الجنائي. فإجراءات الطعن بالتعقيب مهما كان نوعها تتسم بصبغة فنية دقيقة وتستوجب إلماما بالقوانين وبالإجراءات لا يقدر عليها المتقاضي. كما أن الإقتصار على الإنابة الإختيارية للمحامي أمام باحث البداية المكلف بموجب إنابة عدلية صادرة عن التحقيق سوف لن تزيد في مجال عمل المحامي شيئا فالإنابات قليلة ونادرة.
إن كل الإجراءات المشار إليها أعلاه والتي ماانفكت الوزارة تعلن عنها عبر الصحف سوف لن توسع من مجال تدخل المحامي إلا قليلا وهو لاينم عن إرادة فعلية لدى وزارة العدل لإصلاح مهنة المحاماة وتوسيع مجال التدخل بل تنم عن إرادة لديها في تقزيم مهنة المحاماة واستفحال مشاكلها المادية والمعنوية. فلو كانت إرادة الإصلاح لدى الوزير صحيحة لإقتدت بالتجارب الأجنبية أين صارت إنابة المحامي وجوبية في جل المجالات وخاصة في المادة الجزائية لما لتلك المادة من تأثير على حقوق الناس وحرياتهم، فالمحاكمة العادلة لا يمكن ضمانها إلا بواسطة لسان الدفاع والمتأمل على سبيل الذكر في مجلة الإجراءات الجزائية الجزائرية يتبين له جليا مدى حرص المشرع  على صيانة حقوق الدفاع وتوسيع مجال عمل المحامي، ذلك أنه من حق كل متهم الإستعانة بمحام أثناء كامل مراحل البحث الإبتدائي وأمام النيابة العمومية حيث يسجل وكيل الجمهورية مرافعات المحامين ويقبل مؤيداتهم، وينص على ذلك بالمحضر وإلا عد باطلاهذا ويحق للموقوف منذ الوهلة الأولى الإستعانة بمحام قصد زيارته بالسجن والتثبت من إجراءات إيقافه والمطالبة بعرضه على الفحص الطبي.
2)   فيما يتعلق بمعهد المحاماة : لقد تم إنشاء لجنة تفكير متكونة من ممثلين عن كل من وزارة العدل ووزارة التعليم العالي والهيئة الوطنية للمحامين. وقد بادر مجلس الهيئة بمراسلة وزارة العدل طالبا الترفيع في عدد ممثليه وإسناد رئاسة اللجنة إلى عميد سابق، إلا أن الوزارة رفضت ورغم ذلك الإحتراز وحتى لا يقال أن الهيئة رفضت الحوار منذ البداية فإنها شاركت بممثلين إثنين حضرا مختلف الجلسات وحصل إجماع أولي على التصورات التالية :
– كيفية الدخول إلى المعهد : وذلك عبر مناظرة وطنية واحدة على مرحلتين. الأولى تفتح لحاملي الإجازة في الحقوق وتتعلق بالمسائل النظرية والثانية تفتح للناجحين في المرحلة الأولى وإلى حاملي شهائد المستار أو الدراسات المعمقة وتتعلق بالإجراءات والأمور التطبيقية.
– مدة الدارسة : سداسيتان    – برامج التدريس : المسائل التطبيقية والإجرائية وأخلاقيات مهنة المحاماة وتعلم لغة أجنبية أخرى وفن الترافع.
– مدة التمرين : سنتان إلا أنه لم يحصل الإتفاق حول الطبيعة القانونية للمعهد وكيفية تسييره وإدارته وتمويله. وكذلك حول الأحكام الإنتقالية. عندئذ تم الإتفاق على تكوين لجنة مصغرة لإعداد مشروع أولي تقع مناقشته مجددا كتعميق الحوار في المسائل التي مازالت موضع خلاف. وإذا كان للسيد الوزير خلاف ذلك فليدلي بحجته وهذا هو المنهج السليم الذي يستوجبه الحوار. علما بأن اللجنة ليست هي التي تبت في ملفات الحوار بل هي التي تقدم مقترحات يتم إرسالها إلى وزارة العدل وإلى وزارة التعليم العاملي وإلى الهيئة الوطنية للمحامين وهي الأطراف الثلاثة المعنية بالمعهد. إلا أن الوزارة فاجأت الجميع بأن أعدت خارج اللجنة مشروعها الخاص وأعلنت عنه عبر الصحف وهو ما فاجأ الجميع بما في ذلك بعض أعضاء اللجنة من غير المحامين ثم قدمته إلى مجلس الوزراء بدون علم الهيئة. إن ذلك المشروع لم يكرس حتى ما اتفق عليه صلب اللجنة سواءا بالنسبة لكيفية الدخول إلى المعهد أو بالنسبة لمدة الدراسة أو برامجها. فجعل الدخول إلى المعهد يتم عبر مناظرتين مستقلتين وجعل السنة الأولى من الدراسة مخصصة للأمور النظرية. كما أنه كرس توجه الوزارة الرامي إلى جعل المعهد تحت وصايتها وذلك بإقراره في شكل مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية، أي تسيرها إدارة متكونة من موظفين ويديرها موظف يعينه وزير العدل حتى ولو كان محاميا وهو ما يتناقض كليا مع ما هو معمول به بمختلف أنحاء العالم حيث أنشئت معاهد المحاماة في شكل مؤسسات ذات نفع عام يسيرها مجلس إدارة يتكون في أغلبيته من المحامين ويرأسها مدير يختاره مجلس الإدارة،  وتساهم الدولة في تمويله باعتباره يسلم شهائد وطنية، وقد تهرب الوزير أثناء الملف التلفزي من الإجابة عن هذا السؤال الذي توجه له به منسق ذلك الملف عديد المرات. ولقد إستأنس مجلس الهيئة بالتجارب الأجنبية ووجه نسخا من القوانين المؤسسة لمعاهد المحامين بالخارج إلى الوزارة وهو ما يؤكد بأن المعهد الذي تضمنه مشروع مجلس الهيئة ليس معهدا خاصا بل هو معهد في شكل مؤسسة ذات نفع عام، كما أن مشروع الهيئة لم يتضمن خلافا لما ذكره السيد الوزير التمويل الأجنبي متهما الهيئة بالتعاون مع الإستعمار، بل تضمن أنه بإمكان طلبة المعهد الحصول على منح تربص لمدة مؤقتة من معاهد المحامين بالخارج. لقد إتهمنا السيد الوزير باطلا بالعمالة، فليسمح لي سيادة الوزير بأن أذكره بالقانون المحدث لمعهد القضاء الصادر في 22/01/1999 والذي تضمن في فصله التاسع وفي باب التنظيم المالي للمعهد بأن المقابيض العادية تشتمل على
… ثالثا :  الإعانات التي تقدمها الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية أو غيرها من المؤسسات الوطنية والدولية للمعهد.
ولأسأل السيد الوزير هل أن الإستعمار دخل بلادنا مع القانون المحدث للمعهد الأعلى للقضاء، وليسمح لي سيادة الوزير بأن أذكره بأنه أمضى شخصيا وباسم الدولة التونسية بتاريخ 25/12/2005 على إتفاق مع الإتحاد الأروبي ستتمتع بموجبه الدولة بمبلغ 34 مليارا من المليمات قصد تطوير المرفق القضائي بمختلف مكوناته بما في ذلك المحاماة.  إن مجلس الهيئة لم يعتبر إمضاء الوزير على تلك الإتفاقية خيانة وطنية ولم يشبه الوزير بمصطفى خزندار الذي جلب اللجنة المالية الدولية والإستعمار إلى تونس. إن مشاريع النصوص المتعلقة بإنشاء معهد المحاماة والتي أرسلها مجلس الهيئة إلى وزارة العدل منذ 29/11/2005 وافق عليها جميع أعضاء المجلس بما في ذلك عضوا اللجنة. كما وافقت عليها ندوة الفروع في جلسة ممتازة وبالتالي فإنها أصبحت مشاريع الهيئة ولم تكن مطلقا مشاريع العميد أو جماعة قليلة صلب الهيئة.
لقد وجه السيد الوزير أثناء الملف التلفزي إتهامات مجانية إلى مجلس الهيئة إذ ذكر بأن الترسيم بالتمرين لا يتم إعتمادا على الملفات واستنادا إلى الشهائد المقدمة بل لإعتبارات إنتخابية وسياسية.  وهنا لا يسعني إلا أن أذكر سيادته بأن الترسيم يتم طبقا للشروط القانونية المتوفرة ولا تشترط الهيئة ما يفيد الإنتماء الحزبي لأي جهة كانت، وإن الملفات التي يتم رفضها تكون إما لإنتفاء الشروط القانونية (شهائد معمقة في إختصاصات غير قانونية، شهائد كفاءة لممارسة المهنة من دول أجنبية)  أو لعدم توفر مكتب تمرين وعلى العكس من ذلك فإن ما يثير الإستغراب هو كثيرا ما تنقض محكمة الإستئناف قرارات الهيئة وتأذن بترسيم مترشحين لا تتوفر فيهم الشروط القانونية للترسيم والأمثلة على ذلك كثيرة وجل هذه الملفات مازالت منشورة أمام المحكمة الإدارية.  لقد وجه السيد الوزير أثناء الملف التلفزي إتهامات مجانية إلى مجلس الهيئة إذ ذكر بأن زيارات المجاملة تتم أيضا لأسباب إنتخابية وهو مخالف للواقع تماما خاصة وأن جل من يقع ترسيمهم مي نهاية العام الثاني وكامل العام الثالث من المدة النيابية لا يمكنهم قانونا المشاركة في الإنتخابات.
كما لاحظ السيد الوزير بأن معهد المحاماة سيرجع للمحامين الأخلاقيات، وكأن المحاماة ليست لها أخلاقيات وكأن مجلس الهيئة غير قائم بواجباته وغير حريص على صيانة المبادئ السامية التي تقوم عليها مهنة المحاماة. إن الإتهام الذي وجهه السيد الوزير خطير خاصة أن جل من تمت إحالتهم على مجلس التأديب وصدرت ضدهم عقوبات تأديبية من اجل السمسرة أو المس من الأخلاقيات قد تم إستئنافيا نقض القرار التأديبي في شأنهم أو التخفيف منه إلى حد إنتفاء الفائدة.  ليسمح لي سيادة الوزير أن أذكره أخير ا في هذا المجال بأن الهيئة وبعد أن أغلقت الوزارة أبواب الحوار تماما أمامها لم تتخذ قرارا في غلق الترسيم بل إتخذت قرارا في تعليقه مؤقتا وهو مخول لها قانونا. لقد إتهمنا السيد الوزير بعدم الموافقة على مشروع القانون حتى تبقي دار لقمان على حالها مدعيا بأن عدم دخول ذلك القانون حيز التنفيذ سيعرض البلاد إلى كارثة على غرار ما حدث سنة 1789 بفرنسا. ليسمح لي أن أذكره أولا بأن الثورة الفرنسية كانت منارة للعالمين جميعا وبأنها قضت على الملوكية وهل في بلادنا الآن ملوكية يا سيادة الوزير؟
وليسمح لي أن أذكره بأن فقهاء القانون وهو من بينهم أكدوا بأن القوانين التي لا يقع إستشارة أهل الذكر والمعنيين بتطبيقها لا يتم إعدادها جيدا وبالتالي لاتدخل حيز التنفيذ أو سرعان ما يتم تعديلها بل هناك من القوانين التي بقيت منذ المصادقة عليها في العديد من الدول حبرا على ورق، كالقانون المحدث لمعهد المحاماة بالمغرب والذي لم يدخل حيز التنفيذ إلى الآن.
3) فيما يتعلق بالتغطية الإجتماعية للمحامين :
إن اللجنة المشتركة تناولت بالدرس عدة مقترحات ولم تتوصل إلى إتفاقات أولية، بل حتى إلى مجرد تصورات مكتملة ولقد بينت عديد الندوات التي نظمها مجلس الهيئة بأن نظام  لتغطية الإجتماعية يجب أن يبقى في إطار صندوق خاص ومستقل على غرار كل بلدان العالم وهو ما أثبتته الدراسة الفنية التي أعدها مكتب دراسات متكون من إختصاصيين في الميدان بناءا على التقارير المالية للهيئة وعلى إحصائيات وزارة العدل وقد بينت تلك الدراسة أن المشكلة الأساسية بالنسبة للتغطية الإجتماعية للمحامين تكمن في مصادر التمويل وأن المجموعة الوطنية كثيرا ما تمول صناديق المحامين على غرار فرنسا من خلال معلوم المرافعة الذي كان معمولا به لدينا ومثل إلغاؤه سنة 1993 مصيبة كبرى، وعلى غرار لبنان حيث مول الصندوق من نسبة من معاليم تسجيل العقود، أو الأردن حيث يمول بنسبة من إستخلاص الأحكام،… كما أنه يتم تمويل صندوق تقاعد المحامين بفرنسا جزئيا من صندوق الدفوعات المالية للمحامين الذي رفضت الوزارة دون تعليل تبني مقترحات الهيئة في شأنه منذ بداية التسعينات.  لقد إتضح جليا أثناء الملف التلفزي أن لدى السيد الوزير نسخة من ذلك التقرير وقد إطلع عليه إلا أنه وقف عند ويل للمصلين، علما بأن ذلك التقرير يتم تعميقه وتطويره بانتظام بناءا على ملاحظات الزملاء خاصة المختصين الذين كانوا يشغلون خططا سامية بالصناديق الإجتماعية. لقد قال السيد الوزير بأننا نرفض الإلتحاق بالصندوق القومي للضمان الإجتماعي على غرار الأطباء والصيادلة فليسمح لي بـأن أذكره بأن المهنة الوحيدة التي لها صندوق خاص ومستقل هي مهنة المحاماة أما الأطباء والصيادلة فلم تكن لهم تقاعد مطلقا ومن المنطقي إيجاد تغطية إجتماعية لهم.
لقد إتهمنا سيادة الوزير “سامحه الله” بالخيانة إذ ذكر حرفيا بأن التقرير المالي للسنة القضائية المنقضية تضمن بأن الهيئة إقترضت مبلغ 736 ألف دينار من صندوق التقاعد خلال سنة واحدة وهو ما يمثل ربع مداخيل الصناديق ولا يدري مآله.
فليسمح لي أن أذكره بما ورد بالصفحة 14 من التقرير المالي في باب تهيئة دار المحامي  (مصادر التمويل بالنسبة للشـــــراء) : قرض من صندوق الحيطة والتقاعد لشراء دار المحامي في عهد العميد الأستاذ عبد الوهاب الباهــــي (394.097,000د.ت)، قرض من صندوق الحيطة والتقاعد لتهيئة دار المحامي منذ تاريخ الشراء إلى حدود الإنتهاء من الأشغال (500,000,000د.ت) المجموع : 894.097,000 د.ت تم إرجاع جزء من قرض شراء دار المحامي 157.638,000د.ت. ومازال متخلدا بذمة الهيئة مبلغ 736.459،000د.ت. علما وأن التقارير المالية تتم تحت مراقبة خبير محاسب يمضي عليها ويعتمدها بعد التدقيق وقد تمت المصادقة عليها خلال جلسات عامة. لقد أشار سيادة الوزير خلال الملف التلفزي عرضيا إلى إستقلالية مهنة المحاماة، والإستقلالية هي حجر الزاوية، ضمنتها المعاهدات الدولية التي صادقت عليها الدولة التونسية، كما ضمنها القانون التونسي المنظم لمهنة المحاماة  في فصله الأول، ومهنة المحاماة هي مستقلة في هياكلها ومواقفها ومؤسساتها. هي مستقلة في هياكلها التي لا تقبل الإملاءات، وهي مستقلة في مواقفها التي لا تقبل الإحتواء أو التوظيف من أي كان ولما فشلت الوزارة في توظيف الهياكل وفي إملاء المواقف والقرارات ها هي تعمد إلى محاولة تهميش الهياكل وضرب مؤسسات المهنة والإلتفاف حولها بكل الوسائل، واعتقادنا راسخ بأن السيد وزير العدل أغلق باب الحوار مرة أولى لما سعى جاهدا إلى إفراغ طلباتنا من محتواها، وأعد في الكواليس تصورات ومشاريع تمثل إلتفافا على الإصلاحات التي أعلن عنها سيادة رئيس الدولة وتقزيما لها، كما أنه أغلق باب الحوار مرة ثانية وجعله من المستحيل العسير، جعل منه كالنفخ في النفير لما إتهم مجلس الهيئة بالخيانة والعمالة الأمر الذي دفعنا إلى النضال عن مطالبنا المشروعة بالوسائل النقابية الشرعية التي ضمنها  الدستور وخوض حركة إحتجاجية أقرها مجلس الهيئة من ذلك تنظيم إعتصام بدار المحامي إلتف حوله المحامون رغم الحصار الأمني والتعتيم الإعلامي، كتنظيم أيام إحتجاجية بمختلف المحاكم الإستئنافية لاقت حضورا مكثفا ومساندة لمطالب الهيئة في إنتظار تنظيم اليوم الإحتجاجي السلمي بقصر العدالة الثلاثاء 23 ماي 2006 والذي ستلتئم الآن ندوة الفروع للتحاور حول كيفية تسييره وإنجاحه.
وأنتهز هذه الفرصه لأتوجه بالشكر الجزيل إلى السادة النواب الذين ساندونا في مطالبنا ودافعوا عنها، كما نتوجه بالشكر إلى أعضاء لجنة التشريع العام بمجلس النواب الذين إقترحوا على السيد وزير العدل الزيادة في عدد المحامين بالمجلس العلمي، كما أتوجه بالشكر إلى كل المحامين الذين إلتفوا حول هياكلهم ودافعوا عن مطالبهم، كما لا يفوتني أن أشكر المحامين التجمعيين الذين تحلوا بالجرأة وبروح الزمالة وساندوا مطالب الهيئة وطلبوا من السيد الوزير في إجتماعاته إحترام الهياكل المهنية المنتخبة. إن المحاماة وطنية حتى النخاع، وطنية بإنجازاتها وبرجالاتها وبنضالاتها وهناك بعض الأطراف النافذة تسعى إلى تشويه سمعتها بكل الوسائل حتى تؤجج  فتيل الأزمات لتستفيد من ديمومتها وتعمل على تزييف الحقائق لتنقلها على حالتها تلك إلى المسؤولين في أعلى مستوى. نحن نجدد إستعدادنا للحوار الجدي والبناء والمسؤول مع السيد الوزير الأول ونأمل أن يصل صوتنا صوت الحق والحرية إلى سيادة رئيس الدولة.
عاشت المحاماة حرة مستقلة. وختاما تحية وسلاما.
    العميد عبد الستار بن موسى


رسالة هيئة 18 أكتوبر بباريس  في اليوم التضامني مع المحامين بتونس

  السيد العميد السيدات والسادة أعضاء الهيئة الوطنية للمحامين محاميات ومحاموا تونس     نحن واعون ومعتزون بنضالكم السلمي المشروع من اجل مطالبكم المهنية وحماية استقلاليتكم والذود على هياكلكم الشرعية المنتخبة وهي تخوض أعسر المعارك لفرض احترام حقوق الدفاع وحرمته ,كشرط أساسي لبناء منظومة قضائية مستقلة عادلة وذات سيادة .
إن اعتزازنا بكم يصل حد الإكبار والإجلال:
    – عندما ترفضون إقصاء وتهميش هياكلكم الممثلة ,في كل ما يهم مهنة المحاماة ومستقبل القطاع.     – وعندما تدينون انتهاك البوليس لحرمة المحاكم أو عند تعنيفه وإهانته للمحامين أو كلما استنكرتم الحملات الإعلامية الهاتكة لأعراض زميلاتكم وشرف زملائكم.     – وان إكبارنا لكم يكبرعندما عجلتم بتضامنكم مع القضاة ورفضكم الانقلاب على جمعيتهم والتنكيل بهياكلهم الشرعية.     – وعندما تطوعتم نصرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أو عندما تدافعون عن حرية التعبير وتنخرطون في طليعة المطالبين بإطلاق سراح المساجين السياسيين وفي مقدمتهم زميلكم محمد عبو وضرورة سن قانون العفو التشريعي العام لفائدة جميع ضحايا القمع.   كنتم ومازلتم ترفعون أصواتكم في رحاب المحاكم مستنكرة للمحاكمات السياسية ولمسلسل توظيف القضاء لتصفية الخصوم وأصحاب الرؤى المخالفة.   السيدات والسادة   إن كل الأسباب والوقائع تجعل من هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات بباريس ,الجامعة لأغلب أحزاب المعارضة والجمعيات والشخصيات المستقلة ,تقف إلى جانبكم بصورة مبدئية ودائمة .باعتبار نضالكم إلى جانب نضال السيدات والسادة القضاة يحتل مكانة حاسمة في مسيرة معركتنا المشتركة لبناء دولة المؤسسات الممثلة ودولة القانون العادل.
نحي تجمعكم المشهود هذا واعتصامكم المتواصل وهو في نهاية أسبوعه الثاني.   نؤكد لكم تجندنا لنكون مضخم صوت لنضالاتكم وعاملين من موقعنا بلا هوادة لحشد تأييد   أصدقاء الشعب التونسي في العالم لقضيتكم, وذلك انتصارا للحق وعزلا للظلم والاستبداد.
  باريس في 23 ماي 2006 هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات بباريس  
 

 جمعيّة الصحافيين التونسيين
 
تونس في 19 مــاي 2006 لائــحــة عــامــة   
نحن الصحافيون التونسيون المجتمعون اليوم الجمعة 19 ماي 2006 في جلسة عامة عادية بالمقر الجديد لجمعيّة الصحافيين التونسيين، وبعد تدارسنا لأوضاعنا المهنية والاجتماعية، نسجّل:
–         تقديرنا لجملة المكاسب التي قرّرها رئيس الدولة لفائدة الصّحافيين وجمعيتهم، وأهمّها :
* الحصول على مقرّ جديد للجمعية وما يعنيه من فسح المجال لتطوير أداء الجمعية وحسن تأطير الصحافيين. *بعث صندوق تآزر الصحافيين الذي نأمل أن يشرع في تقديم خدماته في أقرب الآجال. * الإذن بتسهيل اقتناء الصحافيين لحواسيب محمولة. *تسوية وضعية عدد من الزملاء الصحافيين في المدة الأخيرة. وندعو الهيئة المديرة لمواصلة العمل من أجل تسوية بقيّة الملفات المطروحة في مؤسسة الإذاعة والتلفزة والمؤسسات الإعلامية الخاصة.
–     كما نعبّر عن ارتياحنا لصدور القانون الأساسي للجمعية في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية في 21 مارس 2006 بما تضمّنه من تنقيحات تعزّز دور الجمعية كهيكل حاضن للصحافيين ومدافع عن قضاياهم. –       نجدّد المطالبة باحترام القوانين الجاري بها العمل وخاصة قانون الشغل وقانون الصحافة والاتفاقية المشتركة للصحافة المكتوبة لضمان حقوق الصحافيين وتحسين ظروف عملهم. –      ندعو إلى مزيد العناية بالجوانب الاجتماعية للصحافيين ومن بينها إيجاد الصيغ الملائمة لتمكين الصحافيين من اقتناء مساكن في جميع جهات الجمهورية.  –     ندعو الزملاء الصحافيين إلى الالتفاف حول جمعيتهم بما يعزّز علاقتهم بها ويطوّر أداءها في اتجاه فتح قنوات حوار معهم من خلال تفعيل موقع الواب الخاص بالجمعيّة لتسهيل التواصل. –      واعتبارا لأن حرّية الرأي والتعبير تشكّل أساس الممارسة الصحفية، نثمّن صدور التقرير السنوي الخامس للجمعية حول حرية الصحافة في تونس، وندعو لمواصلة الجهد من أجل تحقيق مزيد من المكاسب ومزيد توسيع مجال الحرّيات. –      نسجّل تفشّي مظاهر سلبية مخلّة بأخلاقيات المهنة وندعو في هذا الصدد للالتزام الكامل بميثاق الشرف. –          نؤكّد على تمسّكنا ببعث اتحاد الصحافيين التونسيين. وفي ما يخص علاقة الجمعية بالمنظمات الدولية نسجل التطوّر الإيجابي في العلاقات القائمة مع الاتحاد العام للصحافيين العرب. وتدعو الجلسة العامة الاتحاد الدولي للصحافيين )الفيج( إلى رفع حالة التجميد المسلّطة على عضوية جمعيتنا خلال الاجتماع المقبل لهيئته التنفيذية على أساس التكافؤ والندّية واحترام استقلالية القرار.
ونسجّل من جانب آخر تضامننا الكامل واللامشروط مع الزملاء الصحافيين في فلسطين والعراق. وندعو الجمعيّة للقيام بمبادرة تخفّف عنهم وطأة الحصار وترفع جزءا من معاناتهم.   عن الهيئة المديرة رئيــس الجمعيّة      فـوزي بـوزيـّان

نقابة جديدة بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة

   انعقد مؤتمر النقابة الأساسية بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة يوم 17 / 05 / 2006 تحت إشراف الكاتب العام للإتحــــاد  الجهوي بمنوبة السيد مصطفى المديني وبحضور عدد من أعضاء  النقابة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي.      وبعد قراءة التقرير الأدبــــي ومداولات المؤتمرة ، جرت عملية الاقتراع لانتخاب مكتب تنفيذي جديد للنقابة الأساسية .      وقد أفرز الانتخاب هيئة جديدة تتركب من السيدة والسادة:   * فضيلة لعواني * عبد السلام الككلي * خالد نويصر * الطاهر بن يحيى * شمس الدين المنصري * عبد اللطيف الحناشي * الحبيب الملاخ     وقـــد آلت الكتابــة العامـــة بعــــد جلســــة انتخـــابيـــة جــــرت يوم 19 / 05 / 2006 بمقر الإتحــــاد الجهوي بمنوبــــة بإشراف  الأخ مصطفى المديني إلى السيد عبد السلام الككلي   

 

هـــوامـــش الـعــــدالـــة

أ. عبد الرؤوف العيادي

تعاون أمني على حساب من؟ خلال استنطاقه من طرف الدائرة الجنائية بالمحكمة العسكرية الـــدائــمة يـــوم /03/2006 صرح المتهم سيف الله بن حسين المحال في ثلاث قضايا من أجل ذات الوقائع بما يوحي بتوسع الفكر الإستنساخي في بلاد الإمتياز من المجال الطبي إلى المجال العدلي- أنه قضى أياما عديدة خلال إيقافه لمخافر أمن الدولة بوزارة الداخلية- وهو يجيب عن أسئلة يطرحها عليه بواسطة الفاكس قاضي تحقيق فرنسي وآخر انقليزي وقد كان يدون أجوبته كتابيا، حتى أنها اتسعت إلى ما لا يقل عن ألفي صفحة كاملة ! وقد عبرت بذلك السلطة عن دخولها مجتمع المعلومات من بابها الخاص- باب البوليس !.

 

ممنوع الأذان! المتهم سيف الله بن حسين روى كيف اعتدى عليه أعوان طلائع السجون بصورة وحشية تجريده من جميع ثيابه وذلك أنه رفع الأذان داخل السجن، مما خلف له آثارا عديدة بأنحاء جسمه، إلا أنه أصر على حقه وهو يتولى الأذان عند موعد الصلاة قائلا للمحكمة ” لقد فاتهم أنني مستعد للموت دون ديني!”.

 

مقاطعة الأستاذ العياشي الهمامي أشار الأستاذ العياشي الهمامي إلى كتيبة “التجوّعيين” قائلا أنهم يرددون مَا تطلبه منهم وزارة العدل، وأنه لو تصدر إليهم التعليمات بتغيير الموقف من النقيض إلى النقيض لما ترددوا في ذلك طالما أنهم وعاء بدون فكر عندها هاجت عناصرالتجوّع” وماجت، وتظاهر بعضهم بأنه يتجه نحو المنبر حيث الأستاذ العياشي لتأديبه وافتعال أجواء الفوضى والتمرد على رئاسة الجلسة، وَ كان زميل علق متجها إليهم إنهم من حزب “التجمع ” وليسوا حزب ديكرت!

 

الأستاذ فوزي وحملة مقاومة العقرب! الأستاذ فوزي بن مراد توجه إلى كتيبة “التجوعيين”الذين حاولوا منعه من مواصلة تدخله بافتعال الإحتجاج تارة وبالصياح تارة أخرى- بالقول إذا عادت العقرب عدنا لها بالنعال. كما تحدّى تهديداتهم بأنه جرب السجن و لا يخيفه أن يعود إليه وَ تناول بجرأة سلوك الوزارة وأذنابها ممن جاءوا لتنفيذ مخططها في فرضإشرافها” على المحاماة. أحدهم علّق بأن الأستاذ فوزي الذي يشدك تعليقه ومنهجه التحليلي للأحداث الطريف والدقيق في آن بأنه في الذكرى الأولى قمعه وافتعال محاكمة لـَهُ وهو يقوم بواجبه داخل قاعة الجلسة- أعلن بداية حملة مقاومة العقرب!

 

الأستاذ كسكروت، هو أيضا حضر ضمن الكتيبة بدأ حياته قاضيا ثم استقال ودخل المحاماة وما أنْ بأموال منوبته العجوز التي تعرضت لحادث مرور خلف لها سقوطا كبيرا بعد توليه تنفيذ الحكم الصادر لفائدتها، حتى”ورّاها من العجل وذنو” واستولى على البقية يبدو تعويضا منه لسقوطه الأخلاقي الذي فاق السقوط البدني للمسكينة التي علمت بفعلته على سبيل الصدفة فرفعت ضده شكوى في الخيانة الموصوفة إلاّ أن الإجراءات القضائية شفعت بإجراءسياسية”(وفق منظور السلطة) انتهت إلى صدور حكم ضده لطيف بالإدانة والسجن مع تأجيل التنفيذ مقابل انضمامه إلى خلية التجوعيين بالجهة. مرّ أمامي وكنت ضمن أعضاء مجلس الهيئة المنتصب كمجلس تأديب سنة2004 وقد حضر الجلسة صحبة عدد لا يقل عن خمسة محامين ليتولوا الدفاع عنه والواقع أن إدانته لا جدال فيها بعد صدور الحكم القضائي- إلا أنه كان يرمي من استجلاب العديد من المحامين التلويح بوجود ” باكو” أصوْات وكانت الحملة الإنتخابية لتجديد الهياكل قد بدأت! أذكر أن بداية تدخلات الأستاذ المذكور العنيفة كانت بمناسبة الندوة التي حاولت جمعية المحامين الشبان عقدها لمناقشة تنقيح الدستور إذ كان يصيح مقاطعا الأستاذ محمد عبو المشرف على الندوة:” مشكلتنا الخبز آش دخلنا في السياسة!” وكرر السيناريو للمرة الألف فارضا إلى جانب نظرائه من التجوعيين عدم عقد الندوة، يومها حصل على تسمية “الأستاذ كسكروت” يوم الجلسة العامة يطاول الصياح حتى يسجل حضوره بصوته الذي يتميز بحشرجة تجعله غير مسترسل رغم المجاهدة- والعبرة بالمشاركة!

 

الأستاذ عضروط : التباكي لمزيد الإستطعام عندما دعا أحد الزملاء يوما بمكتب المحامين لجلسة طارئة للنظر في موضوع الإعتداء على زميله صاح الأستاذ عضروط يزينا من الإجتماعات خلينا نأكل الخبز، أجابه زمنها أحد الحاضرين أن المحاماة هي رسالة وليست مهنة العضاريط. هذا الأستاذ عبر عن سخطه للطريقة التي يتم التصرف بها في مال هيئة المحامين- معلما الحضور أن أحد أعضاء الهيئة يسافر ظاهريا للمشاركة في بعض الندوات وواقعيا يعرج إلى أحد البلدان الأوروبية للإتصال بابنه حيث يزاول تعليمه. لكن البكاء لا يكون بعين واحدة، إذْ انحبست دموعه في العين الثانية، إذ لم يبك على المال العام الذي تمول السلطة به سفراته هو وسواه من أعضاء الخلية لتلميع صورة السلطة البوليسية. كما حلل جهده النشرة الصحية التي قدمها حول وضعه الخاص مبررا للدفاع عن وجهة نظرا الوزارة في الإنخراط في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، البعض رأى في ذلك طلبا لمزيد الإستطعام من المال العام، وَ ما نوحي إلاّ على روحي!

 

(المصدر: مجلة “كلمة ” الألكترونية، العدد 42  بتاريخ 20 ماي 2006)

 


تونس تطرد ممثلا سويسريا لمنظمة العفو الدولية

تونس (رويترز) – طردت السلطات التونسية ليل الأحد السويسري ايفيس ستينير العضو في منظمة العفو الدولية متهمة إياه بالإخلال بقوانين البلاد. وقال مسؤول حكومي رفيع طلب عدم نشر اسمه يوم الاثنين ان “السلطات أمرت السويسري ايفيس ستينير بمغادرة البلاد فورا لإخلاله بالنظام العام ومخالفة قوانينها”. وقال ناشطون ان قوات من البوليس اعتقلت عضو منظمة العفو الدولية السويسري أثناء مشاركته في اجتماع ينظمه فرع المنظمة في تونس في أحد الفنادق بالعاصمة بسيدي بوسعيد في الضاحية الشمالية. وأضافوا ان قوات الأمن اعتقلت ستينير بعد ان رفض طلبا لاستجوابه خارج الفندق الذي تجري فيه الاجتماعات الا بعد الاستظهار بامر قضائي. ولم تعط الحكومة تفسيرات واضحة حول اسباب طرد النشط السويسري لكن المسؤول الحكومي أوضح لرويترز ان “تصرفات ستينير وسلوكاته المشينة لاتتماشى مع بلد ذي سيادة”. ومثل ستينير منظمة العفو الدولية خلال القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي جرت بتونس العام الماضي وانتقد “انتهاكات حقوق الانسان في تونس”. (المصدر: موقع سويس انفو نقلا عن وكالة رويترز للأنباء بتاريخ22  ماي 2006 )

 


توتـُّر قد يتأجج بين تونس والعفو الدولية

swissinfo  22 أيار/مايو 2006 – آخر تحديث 21:50     أعرب إيف شتاينر، عضو الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية الذي أطردته السلطات التونسية، عن تخوفه من تعرض نشطاء حقوق الإنسان في تونس لمزيد من المضايقات. وزارة الخارجية أعربت عن أسفها للتدخل الأمني “غير المتناسب حسبما يبدو” من طرف السلطات التونسية، واستدعت القائم بالأعمال التونسي لتقديم توضيحات بشأن الحادث. أقدمت السلطات التونسية بعد ظهر الأحد 21 مايو على إيقاف المواطن السويسري إيف شتاينر، عضو الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية، الذي كان مدعوا لحضور الاجتماع السنوي للفرع التونسي للمنظمة، وأرغمته على مغادرة البلاد. وفي حديث مع سويس انفو فور عودته من سويسرا مرورا بباريس، عبر السيد شتاينر “عن الشعور بالانزعاج والخوف بعد التعرض لعملية طرد من هذا النوع وبهذا العدد من قوات الأمن، لمجرد المشاركة في اجتماع سنوي للفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية”. ويعتقد السيد شتاينر أن “التخوف الأكبر هو إزاء من مكثوا هناك لأنهم حاولوا الدفاع عني وحمايتي”، مضيفا “إن ما نخشاه هنا في سويسرا هو أن يتعرضوا لمضايقات”. وتتلخص تعليلات السلطات التونسية كما وردت في تصريحات صحفية نُسبت إلى “مسؤول حكومي رفيع طلب عدم نشر إسمه” في “أن السلطات أمرت السويسري إيف شتاينر بمغادرة البلاد فورا لإخلاله بالنظام العام ومخالفة قوانينها”. وأفادت وكالة أسوشياتد برس يوم الإثنين 22 مايو أن السلطات التونسية بررت طرد ممثل الفرع السويسري للمنظمة الحقوقية بـ”سلوكه المُهين والوقح” وبـ “انتهاكه لقوانين البلاد وإساءته لسيادتها”. وعن سير عملية الاعتقال والطرد، قالت الناطقة باسم الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية في لوزان، مانون شيك في حديث لسويس إنفو إن “السيد إيف شتاينر تم استجوابه أول مرة يوم الأحد في حدود الساعة الثالثة والنصف من قبل شرطة في زي مدني في الفندق الذي كان يعقد فيه الاجتماع السنوي لمنظمة العفو الدولية بسيدي بوسعيد”. وقد سمح تدخل عدد من المشاركين من تجنب إلقاء القبض عليه في المرة الأولى، لكن وصول تعزيزات أمنية من حوالي اربعين رجل أمن بعد ساعة من ذلك أدى الي اعتقاله “بدون تقديم أية تبريرات قانونية او وثائق”، على حد تعبير المتحدثة باسم منظمة العفو الدولية. منع السفير من مقابلته وعما إذا كان السيد إيف شتاينر قد تعرض لمعاملة عنيفة من قبل قوات الأمن التونسية، قالت السيدة شيك “لقد أرغم على الإنبطاح طوال فترة نقله بالسيارة الى المطار، وذلك لتفادي مشاهدته من قبل السفير السويسري الذي حضر للفندق”. وأضافت المتحدة – استنادا الى معلومات تلقتها المنظمة من وزارة الخارجية السويسرية- أن “السفير السويسري حضر إلى عين المكان بمجرد إشعاره بالحادث، لكنه مُنع من دخول الفندق حيث ظلت أبواب الفندق مغلقة الى أن تم إجلاء إيف شتيانر”. في انتظار تفسيرات رسمية وقد نقلت وكالة أسوشياتد برس عن “مصدر رسمي” لم يتم الإفصاح عن هويته قوله “منذ وصوله إلى البلاد، تمادى السيد شتاينر بعناد في تصرفاته المُستفزة، بما في ذلك تصريحات مُشينة، مستخدما علنا مصطلحات سفيهة وغير مقبولة تسيء لسيادة البلاد ولمؤسساته”. وحسب نفس المصدر الذي قالت الوكالة “إنه يعكس موقف الحكومة” التونسية، فإن سلوك السيد شتاينر “لا يُطاق في أي بلد يتمتع بالسيادة ويحرص على احترام قوانينه”. أما المعني بالأمر، فقد أوضح في حديثه مع سويس انفو “لقد أردت معرفة أسباب هذا التوقيف والاحتجاز في مطار قرطاج ثم طردي، ولكن الشرطة التونسية لم تقدم في أي وقت من الأوقات الأسباب، بل اكتفت في المطار بالتوضيح بأن الدولة التونسية دولة ذات سيادة وأنها تطردني وفقا لهذا الحق في السيادة”. وعن المبرر الذي أوردته السلطات والمتعلق بـ”الإخلال للنظام العام”، قال السيد شتاينر “ليس لدى أي انطباع أنني قلت أو قمت بشئ من شأنه أن يغضب السلطات”، مضيفا “إن السلطات التونسية لم تمنعني من دخول ترابها والدليل على ذلك أنني لم أتعرض لأية مضايقات عند دخولي البلد”. وقد حاولت سويس إنفو الحصول على رد فعل رسمي من طرف السلطات التونسية، لكن بدون جدوى. محاولة لكسر المقاومة وعن الإجراءت التي تنوي منظمة العفو الدولية اتخاذها، أوضح السيد إيف شتاينر “نفكر في رفع دعوى قضائية في تونس، لكننا لا نرغب في زيادة الضغط على الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية أكثر مما يواجهه اليوم”. أما على المستوى الدبلوماسي السويسري، فأكد السيد شتاينر أن المنظمة “ستطالب وزارة الخارجية السويسرية بإصدار بيان صارم تدين فيه ما تم يوم الأحد”. متحدثة باسم وزارة الخارجية أوضحت لسويس إنفو عشية الإثنين أن الوزارة “تأسف للتدخل الأمني غير المتناسب حسبما يبدو من طرف السلطات التونسية” كما قالت إنه تم استدعاء القائم بالأعمال في السفارة التونسية ببرن إلى مقر وزارة الخارجية لـ “تقديم توضيحات بشأن الحادث”. وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية لسويس إنفو أن “سويسرا تظل متيقظة لتطور حقوق الإنسان في تونس” على صعيد آخر، أبدي عضو منظمة العفو الدولية لسويس إنفو تخوفه من “تشديد السلطات التونسية الضغوط على المناضلين والنشطاء في مجال الحريات وحقوق الانسان ومن تعرضهم للاعتقال”. ونوه إلى ان الاتصالات الهاتفية التي أجراها بعد عودته لسويسرا تشير الى “أن المقربين من فرع تونس لمنظمة العفو الدولية تعرضوا للاعتقال”. وفي غياب تعليلات رسمية تونسية لعملية الطرد (إلى حين إعداد هذا التقرير)، يرى السيد شتاينر ان الحادث له علاقة بدون شك بنشاطاته أثناء قمة مجتمع المعلومات (نوفمبر 2005) حيث قام ضمن منظمات المجتمع المدني السويسرية “بتوعية السلطات الفدرالية بوضع الحريات الفردية في تونس وهي التوعية التي تجسدت في رد فعل الرئيس السويسري سامويل شميت أثناء قمة مجتمع المعلومات بتونس”. ويرى السيد إيف شتاينر أن “الحملات الإعلامية التي كان يقوم بها قد تكون أزعجت السلطات التونسية ودفعتها الى محاولة كسر هذه المقاومة القائمة منذ عامين تقريبا”. وبكثير من الأسف، قال عضو الهيئة التنفيذية للفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية “إن منظمة العفو الدولية التى كانت أكثر منظمات المجتمع المدني حصانة في تونس أصبحت اليوم هدفا لنظام بن علي”. سويس انفو – محمد شريف – جنيف (المصدر: موقع سويس انفو بتاريخ 22 ماي 2006 )


مقتل تونسي في حادث طلق ناري اتهمت فيه وحدة ليبية

 كمال بن يونس بي بي سي – تونس أعلنت الخارجية التونسية عن حادث طلق ناري، هو الاول من نوعه بين البلدين، واتهمت تونس وحدة مسلحة من خفر السواحل الليبية بالتورط فيه وأوردت أنه تسبب في قتل أحد البحارة التونسيين الذي كان ورفاقه على متن مركب صيد في المياه الاقليمية الدولية.
وحسب البلاغ الرسمي الصادر عن وزارة الخارجية التونسية فإن وحدة من خفر السواحل الليبية أطلقت النار على مركب صيد بحري تونسي في المياه الإقليمية الدولية وتحديدا في النقطة 33 درجة و30 دقيقة شمالا و11 درجة و56 دقيقة شرقا.
وقد تسبب الحادث حسب، نفس المصدر الرسمي التونسي، في قتل أحد البحارة الذين كانوا على متن المركب. ولم يقدم الجانب التونسي تفاصيل أخرى حول مصير بقية البحارة وإن كانت سجلت في صفوفهم إصابات خطيرة أم لا.
وانتقد البلاغ الرسمي التونسي لجوء وحدة مسلحة ليبية لهذا الأسلوب. وحمل المسؤولين الليبيين – دون تسميتهم – مسؤولية ما جرى عبر القول انه “يمكن حل مثل هذه المسائل بالاعتماد على التشاور والحوار الأخوي “بما يشير إلى أنه في صورة حدوث تجاوزات من قبل بعض مراكب الصيد ( مثل انتهاك الحدود البحرية ) يمكن تسوية الامر بين السياسيين دون اللجوء الى اطلاق النار على البحارة”.
يذكر أن هذه هي المرة الاولى التي يعلن فيها رسميا عن مثل هذه الحادثة المسلحة. كما تميزت علاقات تونس وليبيا طوال العقدين الماضيين بالتنسيق رفيع المستوى بين قيادتي البلدين. وكان الزعيم الليبي معمر القذافي طوال مرحلة فرض الحظر الجوي الاممي على ليبيا يصف تونس ببوابة ليبيا نحو العالم، واقيمت بامر منه يافطة عملاقة على حدود البلدين تحمل هذه المقولة.
وكانت تونس فتحت مطاراتها- طوال سنوات الحظر- أمام ملايين المسافرين الليبيين وخاصة مطار جربة جرجيس الدولي القريب من الحدود الليبية التونسية والذي كان يستخدم من قبل كبار ساسة العالم والزعماء والاعلاميين المتجهين الى طرابلس الذين كانوا يتابعون رحلتهم برا من جزيرة جربة نحو العاصمة الليبية.
وكانت عدة لقاءات سياسية رفيعة المستوى بين كبار المسؤولين الليبيين والامريكيين والاوربيين، التي مهدت للمصالحة الليبية – الغربية، جرت بتونس، وتردد أن من بينها لقاء بين الزعيم الليبي معمر القذافي والمديرالسابق للمخابرات المركزية الامريكية (سي أي ايه)، ولقاءات بينه وبين الرئيس الفرنسي شيراك.
ومن الناحية الاقتصادية تعتبر العلاقات التونسية الليبية “نموذجية” لأن قيمة المبادلات الاقتصادية البينية بينهما تفوق الـ 4 مليارات دولار، كما يفوق عدد السياح في الاتجاهين المليوني سائح.
(المصدر: موقع ال بي بي سي بتاريخ 22 ماي 2006 )  


مقتل صياد سمك تونسي برصاص ليبي

GMT 10:45:00 2006 الإثنين 22 مايو أ. ف. ب. تونس: اعلنت وكالة الانباء التونسية اليومان صياد سمك تونسيا قتل برصاص اطلقته سفينة ليبية في المياه الدولية في البحر المتوسط قبالة سواحل البلدين. ونقلت الوكالة النبأ عن مصدر مأذون له في وزارة الخارجية التونسية عبر عن “اسفه العميق بعد اطلاق النار الذي اطلق الاحد من وحدة بحرية ليبية على زورق صيد تونسي مما ادى الى مقتل صياد سمك تونسي”. واوضحت الوكالة ان الحادث وقع في المياه الدولية قبالة سواحل البلدين. وعبر المصدر عن “استغرابه للجوء الى هذه الوسائل”، مؤكدا مجددا “متانة العلاقات بين البلدين مما سمح باستمرار في التوصل الى حلول لهذا النوع من المشاكل عن طريق التشاور والحوار الاخوي”. (المصدر: موقع إيلاف  بتاريخ22 ماي 2006 )


يهود ومسلمو جربة التونسية .. قصة تعايش مستمرة

 

جربة (تونس) (رويترز) – يمد (عم الهادي) المسلم الذي انزوى في أحد مداخل معبد الغريبة اليهودي بجربة يديه لكل زائر ليقدم له بابتسامة نقية القلنسوة اليهودية لغطاء الرأس عند التعبد. هكذا تبدو الصورة بين مسلمي جزيرة جربة الذين يتجاوز عددهم المئة ألف ومئات من اليهود الذي يجمعون ان جزيرتهم الهادئة رمز للتسامح الديني. ولم يتبق من حوالي 100 الف يهودي كانوا يعيشون في تونس وهي دولة علمانية منذ نصف قرن سوى نحو الفين استقر اكثر من 1500 منهم في جربة بعد ان هاجر اغلبهم لأوروبا والبعض الآخر لاسرائيل. وتنتشر عشرات عائلات (اليهود الجرابة) في حي الحارة الكبرى وفي الحارة الصغيرة في جربة وسط جيران مسلمين حيث يتعايشون في محبة واحترام متبادل على حد تعبير الشيخ المسلم حسين (74 عاما) الذي يقطن بجوار عائلة يهودية. ويقول حسين “لا أتذكر انه حصل أي شيء مكروه بيينا وبين جيراننا اليهود ..هم تونسيون يحبوننا ونحبهم ..انهم أحد خصوصيات جربة”. ويجمع يهود جربة ان تعلقهم بديانتهم اليهودية ومبادئها لا ينفي اندماجهم الكامل في (المجتمع الجربي). ويؤكد دافيد ديدوشيم وهو مسؤول عن المدرسة اليهودية بجربة لرويترز “نحن نفعل كل ما يلزم ليتعلم أبناؤنا ديناتهم اليهودية مثلما يتعلم المسلمون ديانتهم لكن ذلك ينتهي بتوقيت الفصل لينصرف الجميع الى يوم مع الأغلبية المسلمة بحب وانسجام كبير”. ويدرس نحو 400 طفل يهودي في المدارس التونسية بجربة بعد ان ينهون دروسا خصوصية يتلقونها في مدارس يهودية يتعلمون فيها اللغة العبرية ويتم تلقينهم مباديء الدين اليهودي. ويقول الطفل حنينة (13 عاما) الذي كان منهمكا في قراءة أحد النصوص بالعبرية في مدرسته اليهودية بالحارة الكبرى لرويترز “أتعلم هنا لغتي وديني ثم أدرس باقي البرامج مع زملائي المسلمين..ليس هنا اي مشكل”. من جهتها وصفت الطفلة ايلين 15 عاما علاقتها بزميلاتها المسلمات بانها ممتازة وقالت “عندما نغيب يوم السبت عن الدروس زميلاتنا المسلمات يقدمن لنا كراساتهن لنقل تلك الدروس ويقمن بتفسيرها لنا”. ويمثل احتفال اليهود السنوي الذي يقام بمعبد الغريبة بجربة كل عام فرصة جديدة ليهود جربة لتجديد معاني التسامح والتعايش السلمي مع المسلمين حيث يقيمون احتفالات تسمى (الهيلولة) يغنون فيها ويرقصون رفقة مسلمي جزيرة جربة. وتتجلى مظاهر الاندماج والانسجام بوضوح ايضا حينما يأخذ اليهود في ترديد الاغاني التونسية الشعبية بشكل جيد للتاكيد على انهم يمثلون احد مكونات تراث البلاد. وبحسب المؤرخين فان وجود اليهود في تونس يعود الى القرن السادس قبل الميلاد وينحدرون من مجموعتين تعرف الاولى (بالتونسية) والثانية (بالغرانة). وعند استقلال البلاد تونس عام 1956 اختار الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة رجل الاعمال اليهودي باروخ وزير ا للسياحة.كما يشغل حاليا اليهودي روجيه بيزميت منصبا في مجلس المستشارين وهي الغرفة النيابية الثانية في تونس. ويرى البعض ان الاف اليهود الذي يزورون معبد الغريبة سنويا من اوروبا واسرائيل لا يأتون لدوافع دينية بقدر ما هو ايضا حنين لاصولهم وذكرياتهم في جزيرة جربة. وقالت رشال وهي يهودية من اصل تونسي تقيم في باريس منذ نحو خمسين عاما “منذ وطات قدمي جربة وانا اقبل هذه الارض الطيبة التي لا احمل فيها سوى الذكريات الجميلة”. والتقت رشال عددا من جيرانها السابقين في الحارة الكبرى قبل ان تبكي بحرارة عندما علمت بوفاة (سميرة) احدى صديقاتها المسلمات التي قالت انها رفيقة عمرها. وأُثيرت مخاوف منذ أربع سنوت من امكانية اهتزاز العلاقة بين مسلمي ويهود جربة بعد تعرض معبد الغريبة الى هجوم انتحاري دموي خلف 21 قتيلا أغلبهم المان. غير ان أعدادا كبيرة من يهود جربة أجمعوا على ان الحادث لايستهدفهم. وأكد اليهودي جبريل قابلة أحد المسؤولين عن الجالية اليهودية في تونس انه بعد تفجيرات 2002 لم يغادر جربة اي يهودي لاقتناعهم بانهم غير معنيين بذلك. وهو نفس الرأي الذي عبر عنه حاييم حداد الذي قال “نحن تونسيون قبل كل شيء..الجميع هنا يعرف مدى تعلقنا بوطننا تونس مهما حصل..ونحن نعلم اننا غير مستهدفين من أحد”. واعتبر سائق التاكسي ناصر ان لا مشكل له مع يهود تونس لكنه يشعر “بكره شديد فقط تجاه الاسرائيليين لقمعهم الشعب الفلسطيني الشقيق”. واشتهر اليهود بانهم من ابرز من يتقن حرفة الحلي والذهب في حومة (حي) السوق بجربة. وتقول الشابة منية المسلمة ان أهالي جربة يثقون في إتقان اليهود للحرفة أكثر من غيرهم وان معاملاتهم مع التجار اليهود عادة ما تكون أسهل من غيرها مع بعض التجار العرب. وفي جربة 19 معبدا يهوديا بعضها مجاور لمساجد اسلامية في إشارة للتسامح بين الديانات. ولعل عائلة السيدة مونيك التي تعيش في جربة أكثر النماذج تعبيرا على التسامح بين المسلمين واليهود حيث تعتنق هي اليهودية بينما ابنيها هشام ومحسن مسلمين مثل والدهما المتوفى. وترى مونيك ( 69 عاما) ان الديانة هي مسألة قناعة شخصية. وتضيف “لم يحاول أحد منا إقناع الآخر باعتناق ديانته ولو مرة وحيدة..أنا أحترم الاسلام وأبنائي يحترمون ديني وهذا المهم”.   من طارق عمارة   (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 22 ماي 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

 


ولّى زمن المعارضة ،فليبدأ زمن المقاومة

د.منصف المرزوقي* الاثنين 22 أيار (مايو) 2006. موجة من القمع في سوريا تستهدف رموز المجتمع المدني ، موجة من القمع في مصر تستهدف رموز المجتمع المدني، موجة من القمع في تونس تستهدف رموز المجتمع المدني ….إنها الأخبار التي أصبحنا نعيش على وقعها في الأسابيع الأخيرة . كلها تؤكد أكثر من أي وقت مضى أن مقولة النظام السياسي العربي لا يصلح ( بفتح التاء) ولا يصلح ( بضمها) لم تكن يوما من باب البلاغة والمبالغة أو عنوان تطرف ولا واقعية ، إنما من باب التشخيص الطبي الموضوعي. أما تزامن هذه الأحداث فليس من باب الصدفة وإنما مؤشر على دخول الأزمة المزمنة في منعرج بالغ الخطورة. لقد كان الوعد بالإصلاح نتيجة الضغط الأمريكي بعد أن فهمت الإدارة الأمريكية الحالية أن أكبر منتج لعدم الاستقرار في المنطقة والعالم هو سياسة أنظمة فاقدة الهيبة والمصداقية والشرعية ،لم تترك خيارا للناس غير الاستسلام أو التمرّد . لكنها غارقة اليوم لعنقها في المستنقع العراقي و أعجز من قدرة فرض أي شيء على أنظمة هي بأمس الحاجة إليها في ما تسميه الحرب على الإرهاب. لا شك أيضا أن هذه الأخيرة أدركت أن حماس بوش وجماعته لنظام ديمقراطي في “الشرق الأوسط الكبير” قد خفّ كثيرا بعد انتصار حماس وما يؤذّن به في حال انتخابات ديمقراطية في أي قطر آخر.هل يعني هذا أن الإدارة الأمريكية الحالية أطلقت يديها بصريح العبارة أو بالتغاضي لضرب الحركة الديمقراطية والحقوقية العربية وليس فقط الحركة الإسلامية ؟ إنها فرضية يجب أن تكون حاضرة في أذهان كل الفاعلين السياسيين العرب إلى أن يأتي ما يثبت العكس. لكن انتهاء الضغط الخارجي يبقى ثانويا في تفسير الهجمة الشرسة التي تتعرض لها حركات إصلاحية ومسالمة وغير إسلامية في مجملها . إن مأساة الأنظمة الاستبدادية العربية ،وليس فقط جملكيات تونس ومصر وسوريا ،أنها فقدت على مر السنين الشرعية بالتاريخ أي ريادتها في تحرير الوطن، والشرعية بالأيدولوجيا أي تمثيل الفكر الوطني أو القومي أو الاشتراكي ، والشرعية بإرادة الشعب أي خروج سلطتها من انتخابات نزيهة، وخاصة الشرعية بالمشروع أي تحرير فلسطين أو تحقيق الرخاء والعدل الخ . وبفقدانها كل هذه الأغطية الواحد بعد الآخر أصبحت تعيش في رعب النزع الأخير .من يدرك أحسن منها أنها فقدت كل ماء الوجه وكل قاعدة سياسية داخل البلد الذي تدعي تمثيله … أنه لا جدوى مستقبلا لأي خطاب عن الإصلاح لأن هذا الخداع لم يعد ينطلي على أكبر ساذج …أن السياسة بمفهومها الراقي والواسع لم تعد في مقدورها … أنه لم يعد من حام لوجودها غير تواطؤ الشرطي الدولي وهراوة الشرطي المحلي. لا غرابة أن تضع جنبا كل المساحيق والأقنعة وألا تستحي من اللجوء إلى القمع الوقائي أمام أبسط تحرّك وهي مثل قلعة محاصرة تشعر أنها على وشك السقوط . معنى هذا أننا دخلنا المنعرج الأخير والأخطر الذي تدخله كل دكتاتورية نفذ خزانها من كل وقود سياسي وهي مثل الحيوان الجريح المحشور في زاوية . وفي مثل هذه الحالة لا بدّ من الوعي بأن القضية أصبحت مسألة حياة أو موت بالنسبة لحفنة الأشخاص الذين يكونون لب النظام الفاسد ،و خاصة بالنسبة لشعوب أصبحت أنظمتها عدوها الأول وحجر العثرة الكبرى أمام بقائها وتطورها. لا مجال اليوم للهروب من الحقيقة وهي أننا أمام أنظمة للاقتلاع و إلا تطورت كما يتطور الورم الخبيث داخل الجسم الذي ابتلي به. إن واجبنا ومسؤوليتنا تجاه الوطن والأجيال القادمة في استئصال هذا الورم لفرض حق الملايين في الحياة الكريمة على حق حفنة من الأشخاص في التأله والسلب والنهب وعدم المحاسبة،و يقايضون وجودهم بتفكك مجتمع بأسره وسقوطه في بئر بلا قاع من اليأس والبؤس والعنف. الثابت أن هذه المعركة لن تكون سهلة، فالعصابات مستعدة للدفاع عن نفسها إلى آخر نفس وحلفاؤها لن يتوانون عن مساندتها لعلمهم أن البديل لن يكون الدمية الطيعة التي يريدون . الثابت أيضا أنها معركة يمكننا خسارتها وإن خسرناها فبثلاث خيارات كارثية( ولا نتحدث هنا عن خيار بعض المساكين التمسك بصبر أيوب علّ الثور يجود عليهم ببعض الحليب) – تعويل الإسلاميين المتشددين على العنف وهو آخر بصيص أمل أنظمة تغذيه وتتمعش من ادعاء مقاومته . – تعويل الديمقراطيين المتغرّبين على بعض الأنظمة الغربية الحالية والحال أنها الصديق الوفي للدكتاتوريات العربية والصديق الكاذب للحركة الديمقراطية العربية ناهيك على أنها،بعد قوانتانامو والسجون السرية والتعذيب بالتفويض ورفض نتائج الانتخابات الفلسطينية ، آخر من لها الحق في ادعاء الدفاع عن الديمقراطية و حقوق الإنسان. – أخيرا وليس آخرا صراع الديمقراطيين والإسلاميين على فروة الدب قبل صيده وهذه أحسن هدية للدابة الجريحة ومهلة إضافية لتواصل آثامها . لكن من البديهي أننا نستطيع ربحها بثلاث توجهات استراتيجية : – إقرار كل القوى السياسية والحقوقية بنهاية زمن المعارضة وبداية زمن لمقاومة ، أنه لم يعد لأنظمة الفساد والتزييف والقمع حق الوجود ولا يجوز مستقبلا مطالبتها بأي شيء خارج الرحيل ،مع مقايضة رحيل سلمي بعدم المتابعة ، وعدم التفويت أبدا في مثل هذه المتابعة إذا أسالت العصابات الدم للبقاء في الحكم بأي ثمن. – تكوين أوسع جبهة سياسية ممكنة ضد الاستبداد تطرح معالم البديل الديمقراطي وتعمل على تكريسه. – تجنيد القوى البركانية الهائلة التي تغلي داخل الأجيال الجديدة عبر المظاهرات و شن الاضرابات القطاعية وصولا إلى رفض دفع الضرائب والإضراب العام وبصفة عامة استعمال ما تتفتق عنه عبقرية الشعوب من وسائل الانتفاض السلمي . كل هذا إلى يوم نهاية الكابوس …إلى يوم انتصاب الجمهورية والنظام الديمقراطي ….إلى يوم تحقيق الاستقلال الثاني . نكون أو لا نكون …. اشتدّي أزمة تنفرجي,


تعالوا إلى كلمة سواء بعضنا بين بعض :

  بقلم:علي شرطاني

إن الملاحظ  أنه خلال العقد الأخير من القرن العشرين كله تقريبا، وهي الفترة التي يعتقد الواهمون فيها من أطراف الائتلاف المكون لنظام تحالف 7 نوفمبر الرهيب، والذي تنقلت فيه مكونات الحركة العلمانية اللائكية التي يغلب عليها الطابع والتوجه السياسي اليساري الماركسي والقومي العربي داخل السلطة وخارجها من معارضة النظام إلى معارضة المعارضة والمعارضة الإسلامية تحديدا- أن الجميع كانوا منشغلين بترشيد ما سموه سفها من عند أنفسهم الديمقراطية المسؤولة، والتي ليس لها من معنى في الحقيقة إلا الإنتهاء من لعب دور المعارضة، وإنهاء المعارضة، ووضع البلاد تحت تصرف خمس أنواع من المافيا:

1 – المافيا الأمنية : والتي تكونت بها دولة البوليس وهي المكونة لها واكتملت صورتها بها وأمعنت في القتل والسجن والتشريد والتيتيم والترميل والتنكيل وإرهاب الشعب بكل فئاته  بأي موقع وفي كل مكان.
2 – المافيا السياسية : وهي التي قبلت فيها الحركة العلمانية بكل مكوناتها بتقاسم الأدوار وتكاملها بين من هم داخل السلطة وبين من هم خارجها، بإنهاء الخلافات بينها وتجميدها، وجعل الأولوية المطلقة في برنامجها مجتمعة استئصال المعارضة المبدئية والجادة والأقوى والأكثر انتشارا بالبلاد. والتي تمثلها حركة النهضة ومعها كل مكونات الحركة الإسلامية. وتحريم ليس الكلام فقط بل مجرد التفكير في الشأن السياسي على أوسع شرائح المجتمع من أبناء الشعب.
3- المافيا الثقافية : وهي التي جعلت من أولوياتها الأكيدة والعاجلة، بل ومن مهمتها التي لا مهمة لها غيرها، العمل على صرف أنظار الشعب كله، وخاصة أجيال الشباب فيه عن كل ما له علاقة بالإسلام وبهوية البلاد وثقافتها العربية الإسلامية الأصيلة، وتسخيرا كل إمكانيات البلاد لتأكيد وفرض ثقافة الميوعة والدعارة والإنحلال، وصرف أنظار واهتمامات الشعب كله للرقص الداعر والغناء الفاجر والمسرح الساخر والأفلام المبتذلة والمسلسلات المثيرة وتغطية كل مناشط رياضة الكرة تحديدا. 
4 – المافيا الإقتصادية : وهي التي مثلت ومازالت تمثل قمة في الفساد المالي ونهب أموال المجموعة الوطنية وتهريبها بلا حسيب ولا رقيب. والتي أصبحت البلاد بسببها مرتهنة للمؤسسات المالية الدولية بمديونية تزداد ثقلا يوما بعد يوم. وازداد بسببها الفقراء فقرا والأغنياء غنا وقد تعززت هذه المافيا بكل من استطاع اللحاق بها ومن وجد الطريق السالكة لها من أصحاب المنازع الدنيوية وأصحاب المنطلقات الفكرية والثقافية المادية. وأصبحت إمكانيات واعتمادات البلاد المالية بين يدي أفراد الأسرة المالكة ومن قبلت أن يتقاسم معها النفوذ المالي من الأقرباء والمقربين والسماسرة والمهربين واللصوص والمرابين والمرتزقة وقطاع الطرق…. وهذا ما يعلمه اليوم القاصي والداني بداخل البلاد وخارجها، ولم يعد ذلك خافيا على احد.
5 – المافيا الإعلامية : وهي الخادم الأمين لما تبقى من أنواع المافيا المتواطئة كلها في ما يبدو في انسجام تام بعضها مع بعض على البلاد والشعب. وهي بين مهيمن ومنتفع، وخائف وطامع، وكل من موقعه راض بوضعه، أو ليس أمامه إلا إبداء الرضى لأن مجرد إظهار غضبه وعدم رضاه ومخالفته وعدم انسجامه يكون كافيا لاتهامه بالإسلام والإلتقاء في ذلك مع الإسلاميين والإقتراب منهم في الرأي وفي الموقف مما يحصل بالبلاد من خبائث وموبقات وجرائم وفساد سياسي ومالي وإداري وأخلاقي…، وليس من السهل عليه إثبات خلاف ذلك. ولابد أن يدفع ثمن ذلك غاليا.
هذه المافيا التي أحكمت سيطرتها على كل منابر الخطاب والإعلام، بدءا بالمسجد وهو المنبر الأخطر، ومرورا بالصحافة الصفراء القذرة والحمراء الدامية، وشبكة الإتصالات السلكية واللاسلكية وشبكة المعلومات العالمية، ومنابر الإعلام المرئي والمسموع من الإذاعة والتلفزيون، وهي من المنابر التي تم استغلالها أفحش استغلال من طرف كل أنواع هذه المافيا، تمكينا لجريمتها في محاربة الشعب التونسي في عروبته وإسلامه وحريته وكرامته ورزقه ومكتسباته ومصالحه. وفرضا لجريمة ثقافة الدعارة والفساد والميوعة والإنحلال والإقصاء، وتغطية كل التهميش السياسي والإقصاء والإستئصال. والبغي الإقتصادي والقمع الأمني والمسخ والإفساد الثقافي والتظليل الإعلامي.وهي كلها مظاهر من الفساد أجمع كل المراقبين بالداخل والخارج على وجودها، وتم الإعتراف بها لأسيادهم في الغرب الصليبي عندما ألحقوا بهم صفة الفساد التي كانوا عليها والتي كانوا يدعموهم وهم عليها والذين لا يريدونهم ولا يقبلوا بهم ولا يزكونهم إلا لما يكونوا عليها، باحثين عن مبرر لأنفسهم  لذلك عندهم بما يقدمونه لهم من خدمات كان لها تأثيرات سلبية كبيرة على آدائهم السياسي والإجتماعي والمالي، و أن ذلك كان نتيجة محاربتهم للتطرف الإسلامي الذي يمثل خطرا على الجميع.
وفي هذه الأثناء، وفي هذا الوضع، وقد أحكمت حكومة المافيا في هذا النظام المافيوزي قبضتها على البلاد بالخوف والرعب والإرهاب- كانت بعض الأطراف التي مازالت مصرة على أن تصنف في المعارضة ضمن هذه المافيا، وضمن المافيا الإعلامية، وهي التي عطلت صحافتها عن الصدور بالرغم مما يقدم لها من دعم مادي، مما يتم اقتطاعه من أموال المجموعة الوطنية التي كانت الأقل استفادة بل الأكثر خسارة من هذا الوضع، إذا كان لا بد من حديث عن استفادة وخسارة وعن مستفيد وخاسر.
اولا : لأنها ليس لها ما تقوله في وضع هي طرف فيه وهي راضية عنه أو على الأقل مطمئنة فيه ومستفيدة منه.
ثانيا : لأن أي قراءة نقدية لهذا الوضع تعتبره خذلانا للسلطة التي هي أحد مكوناتها أو طرفا مهما داعما لها، ودعما للموقف وللجانب الإسلامي الذي أصبح في مرحلة ما الطرف الوحيد في المعارضة.
ثالثا : لأن أقلامها ومنابرها الإعلامية حتى قديما لم يكن لها من اهتمام إلا بمحاربة الحركة الإسلامية، وقد بات من المفيد تزامنا مع الحركة القمعية ضدها الانتهاء عن ذلك، لأن ذلك يعتبر بمثابة التغطية الإعلامية لما يدور بينها وبين هذه الأطراف المكونة للنظام من صراع ومواجهة وخصام وصدام. ولمزيد التمكين للحملة القمعية الإستئصالية، يكون من الأكثر فائدة وتعميما لها إنهاء الكلام عن الهجمة التي ظلت ومازالت مستمرة على الإسلام وعلى الحركة الإسلامية عموما، وعلى حركة النهضة الإسلامية خصوصا.
رابعا : لان أقلام النخبة المتغربة في الحركة العلمانية اللائكية الهجينة قد التحقت بنظام التحالف وهرعت لخدمته مؤكدة ولاءها له، طامعة في حصة مما يقتطع لها من المجهود المادي للمجموعة الوطنية التي قل وندر أن تجد فيه بيتا ليس فيه مأتما على الأقل لأحد أبناء الأسرة ممن طالته يد المنون و أوصدت وراءه أبواب السجون، أو صار طريدا شريدا تائها ممحونا، جراء حملة الإستئصال التي يتعرض لها المدافعون عن الأصالة والهوية والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والمكاسب الحقيقية للشعب لتحقيق الإستقلال الحقيقي للوطن والسيادة والكرامة للشعب.
خامسا: سألت مرة أحد الضحايا ممن انخرط ومازال منخرطا في هذا المسلسل الإجرامي التصفوي التخريبي عن سبب عدم صدور صحف الأحزاب الرسمية و الإدارية- وهي التي كانت تصدرها حين كانت في المعارضة ولم تكن تحضى بهذه العناية وهذا الدعم المادي الذي تحضى بها، وليس لها هذا الدعم الرسمي المباشر الذي تتلقاه اليوم- فأجابني بابتسامة فيها امتعاض قائلا: بصراحة لأنه لم يعد عندنا أقلام.
وبعد هذا الصمت الطويل، استأنفت هذه النخبة الفاشلة حديثها من حيث تركته في فترة الثمانينات من القرن الماضي، وليكون الإسلاميون الحاضر الغائب دائما، والحاضر مرة أخرى هذه المرة كذلك، هم مادة الحديث بعدما كانوا كذلك في تلك الفترة،الحاضر المعمول على تغييبه، وكانت الخطط ترسم وتبرم التحالفات المغشوشة بكل انتهازية لإستئصالهم وسحقهم وإنهاء وجودهم التنظيمي والسياسي والإجتماعي والثقافي وحتى الجسدي .فقد أبدت هذه النخبة في هذه الأيام اهتماما بالعفو التشريعي العام، وبخطة الإصلاح التي تبنتها الدول الثماني الأكثر تصنيعا في العالم، والتي أعطت مهمة الإشراف على تنفيذها وتطبيقها للإمبراطورية الأمريكية، مع الإستماع في ذلك لوجهة نظر ورأي الغرب عموما والإتحاد الأوروبي خصوصا. وبالبحث مجددا في تكوين قطب ديمقراطي تقدمي لجمع شتات اليسار الماركسي، بعد أن ظل مسكوتا عن هذا المشروع أكثر من عقد من الزمن، وبعد التحاق الكل بالسلطة، والعمل فيها ومعها ومن خلالها من أجل افتكاك المواقع المناسبة والقرار السياسي، أو أن يكون له أكبر الأثر فيه، والتصدي من خلالها وبالتعاون معها للحركة الإسلامية، والعمل على وأدها واستئصالها. وبالعلاقة بالحركة الإسلامية تحالفا أو تنسيقا أو تعاونا أو عملا جبهويا أو قطيعة، كما أبدت كذلك اهتماما محدودا بمساجين الرأي بالسجون التونسية، وبالدعوة إلى ضرورة إخلائها منهم،وبالمغتربين وبحقهم في العودة، مع مواصلة الصمت المطبق الذي يعتبر موافقة على مواصلة العمل بالمنشور رقم 108 سيء الذكر.
فكل الدلائل تشير إلى أن توتر هذه النخبة المتغربة ضد هوية الشعب والأمة مازال قائما ومتواصلا من خلال مواصلة توترها ضد الحركة الإسلامية رغم محاولة تبرئة ذمتها من معاداة الدين والتراث والثقافة الأصيلة، ورفض الثوابت والمقومات الأساسية لشخصية الشعب والأمة. ورغم سعيها بكل انتهازية وتضليل إلحاق نفسها بحركة الإصلاح الوطني ذات الأصول العربية الإسلامية كما هو معلوم. ويبدو أن الذي زادها توترا وإحباطا، هو تأكد فشلها مجتمعة في القضاء على الحركة الإسلامية. وإخفاقها مجتمعة- وفي غياب تام لها- على إقامة نظام ديمقراطي حقيقي. وهي التي تبين بعد كل ذلك أن مخاضها قد انتهى بها إلى إنجاب نظام لقيط مشوه لا أصل له ولا فصل. وهي التي بدأت تعيش اليتم، وخاصة فرق طائفة اليسار الماركسي والقومي العربي منها بعد سقوط الإتحاد السوفياتي والمعسكر الشرقي. ولعل شعورها بحالة اليتم هذه قد ازداد هذه الأيام من خلال بعض المؤشرات والبوادر التي يستفاد منها أن الغرب بدأ ربما يبحث عن بدائل عنها، بعد أن أكد لها فسادها، وبعد أن أقرت واعترفت له بذلك. والذي يزيد ربما هذا الشعور باليتم مرارة لديها، هو أن الغرب الذي تعتبر نفسها جزءا منه وتعمل منذ عقود من الزمن على فرض رؤيته وبرامجه وتصوراته ونمطه الثقافي والفكري والحضاري والإجتماعي بدأ يشير إلى إمكان القبول على المدى المتوسط والبعيد ربما ببعض البدائل الإسلامية والإستعاضة بها عنها. فقد بدا من خلال بعض المواقف والتصريحات و الأصوات المرتفعة من هنا وهناك أنه قد أصابها غيضا كبيرا لقبول ساداتهم وأوليائهم “بعملاء” على حد تعبيرهم بدلا منهم. وهم الذين يكون قد ترسخ ربما في أذهانهم أن العلاقة بالآخر الأجنبي لا يمكن إلا أن تكون علاقة عمالة وإدارة أعمال كتلك التي عقدوها معه وعقدها معهم عقودا من الزمن. وهو الذي ربما يكون قد ترسخ في ذهنه كذلك ذلك.
وليست المسألة في الحقيقة مسألة عمالة، وهم الذين لا مشكلة لهم مع خط العمالة الذي ظلوا سالكين له زمنا طويلا ومازالوا لم يتخذوا لأنفسهم بعد بديلا عنه، إلى أن بدت هناك تخوفات من إمكانية طردهم منه. ولكن المسألة مسألة غيض من الغرب الذي استعملهم طويلا ومازال يستعملهم، وبدا اليوم يظهر بعض بوادر إمكانية طردهم ورفضهم. وغيض من الإسلاميين الذين طالما قاوموهم وقاموا ضدهم بحملات إبادة كثيرة لإنهاء وجودهم من الأرض بدعم معلن ومباشر من الغرب الصديق لهم، والذين يبدو أن الأمر يوشك في النهاية على فرض أنفسهم عليهم وعلى حلفائهم وأوليائهم في الغرب. والذي يجب أن يعلمه هؤلاء و أولئك المؤمنين بالغرب، حتى من بعض المحسوبين على الإسلام والحركة الإسلامية، أنه ليس أمام هذا الغرب نفسه إلا القبول بهذا الحل أحب الجميع أم كرهوا. فإن لم يكن ذلك عاجلا فسيكون آجلا، تحقيقا لوعد الله سبحانه وتعالى في قوله في كتابه العزيز ” وعد الله الذين امنوا وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني ولا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فألئك هم الظالمون”
والذي يجب أن يعلمه العلمانيون واللائكيون في العالم وفي تونس، أنه كما للمنهج المثالي الليبرالي ثوابته وحتمياته ومسلماته ومقدساته، وكما للمنهج الوضعي المادي ثوابته وحتمياته ومسلماته ومقدساته، فإن للمنهج الإسلامي الواقعي الوسطي ثوابته وحتمياته ومسلماته ومقدساته. والذي يمتاز به هذا المنهج عن غيره من المناهج أنه رباني النشأة والورود والمصدر، وكوني الطبيعة والتوجه، وبشري التأويل والتنزيل خطأ أو صوابا نجاحا أو إخفاقا. في حين أن المنهجين الغربيين الآخرين الأهم في واقع حياة البشر اليوم في إطار هذه الحضارة المادية العظيمة، هما وإن كانا يجدان لهما أصلا في الديانتين اليهودية والمسيحية المحرفتين، أي أن لهما علاقة ما بالنشأة والورود الربانيين، إلا أنهما بشري النشأة والوجود من حيث أنهما قد أدخل عليهما من التحريف ما أفسد طبيعتهما الإلهية الخالصة ، وبشري التحريف منذ وقت مبكر، وبشريي التأويل والفهم والوضع والتنزيل إئتلافا واختلافا وتوافقا وتعارضا مع النصوص التي تبين بما لا يدعوا مجالا للشك في مخالفتها لحقائق العلم ولأحكام وحكم العقل الراشد المبدع السليم . وأصبحا عالميي الطبيعة والتوجه. وقد سقط أحدهما ومازال الثاني يفرض على الخلق فرضا بقوة السلاح والإعلام والمال. حتى إذا اختفت قوة السلاح أو جوبهت الأسلحة التي يفرض بها بأسلحة مثلها، أو بأخرى أشد منها فإنه يستضعف هو كذلك ويسقط لا محالة كما يسقط في إطار قانون التدافع بين الناس وتداول الأيام بينهم  أي نظام ومنهج آخر من مناهج الحياة.
وليست مناصبة الغرب العداء للإسلام من خلال مناصبة عدائه للحركات الإسلامية المعاصرة التي تمثله إلا دليلا على الخوف من هذا الدين أن يضعف هذا النظام الغربي أو يكون شريكا له في اقتسام المواقف والمواقع والمصالح في العالم، أو يمكن أن يحتويه أو يستقطبه في الآماد المقبلة.
ولكن الذي بدا واضحا أن هذا الدين وهذا المنهج الرباني الإلهي الواقعي،إنما يأخذ طريقه لعقول الناس ووجدانهم وواقع حياتهم بالعقل. وأن الثابت تاريخيا أن الذي يزيده رسوخا وانتشارا هو مواجهته ومحاربته. فهو الذي يزداد رسوخا بقدر ما توجه له ولأهله والمؤمنين والعاملين به من ضربات، وبقدر ما تجرى عليه وعلى أهله ومعتنقيه والعاملين على التمكين له  من ضغوط.
وإني لأرى أربعة أنواع من الضغوط التي يتم بها التمكين للإسلام تدريجيا اليوم في العالم وهي:
1-     الضغط الغربي الصليبي اليهودي على المسلمين وعلى حركة الإسلام الذي ازداد اشتداده على الإسلام على أنه توجه حضاري ومنهج إرهابي تسعى للتمكين له حركات إرهابية.
2-     ضغط الحركة العلمانية اللائكية الهجينة المتطرفة على الإسلام وعلى الإسلاميين والذي هو من ضغط الغرب الصليبي الصهيوني الحليف الإستراتيجي لها تأتمر بأوامره وتنتهي بنواهيه في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين خاصة.
3-     الضغط الجهادي الإسلامي، الموصوف بالإرهاب، على الغرب وعملائه ووكلائه في العالم الإسلامي وكان العرب من أكثر الأوفياء له من كل أولئك والأكثر عداء لحركة الجهاد الإسلامي ولحركة التحرر الإسلامي في العالمين العربي والإسلامي وفي العالم.
4- الضغط الإسلامي الوسطي المعتدل وقدرته على الإستقطاب، مما جعل منه ملاذا للجماهير، والصمود والثبات في وجه الأنظمة والقوى الدولية.
فهو المنهج الذي يتقدم ويظهر ويزداد قوة بقدر ما يمارس عليه من ضغوط. وهي حقيقة كل منهج يحمل في ذاته أسباب القوة والتمكين. وهو الذي لا يستمد وجوده من أي منهج أو فكر أو ثقافة أو ديانة أخرى مثلما استمدت المسيحية وجودها من اليهودية ومثلما استمدت الماركسية الوضعية وجودها من الليبرالية المثالية.
وهو المنهج والنظام الذي يبدأ من ضعف ومن واقع الإستضعاف ويستمد قوته من الثبات والصمود في وجه الإستكبار حتى إلحاق الهزيمة بالقوى المحلية والدولية المحيطة به. فهو الذي جاء ضعيفا وغربيا وعاش أهله وأتباعه ومعتنقيه الإستضعاف والضعف والغربة.وأثبت صمودا وثباتا في وجه الإستكبار المحلي القبلي القرشي والعربي في الجزيرة العربية – والذي كانت علاقته بقوى الإستكبار الدولي الفارسي والروماني كعلاقة النظام العلماني اللائكي في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين بقوى الإستكبار العالمي الغربي الصليبي الصهيوني اليوم- حتى إذا انتصر عليه استمر في حملته، وهو الضعيف دائما بمقاييس العدة والعتاد، حتى كان له ما أراد من إسقاط أكبر قوتين دوليتين في ذلك الوقت، وهما الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية، بروح معنوية عالية يستمدها المقاتلون في جيشه من الإيمان بالله وبالجهاد في سبيله، مع الحد الأدنى من العدة والعتاد لوضع هذا المنهج القويم الذي هو سبيل الله ومنهجه الذي ارتضاه لخلقه بين يدي الناس حجة لهم أو عليهم.
وكأني أرى التاريخ يعيد نفسه اليوم، ولكن بالطريقة اللولبية التي قدمه بها كارل ماركس، في واقع مغاير، وبمقاييس مغايرة، وفي ظروف مغايرة وأماكن وأزمنة مغايرة، وبمعطيات وأساليب ووسائل مغايرة لما قد سلف في التاريخ كله، ولكنها متشابهة معها.
                                                                             قفصة في:21/5/2006                                                                                    بقلم:علي شرطاني                                                                                            تونس  

 
 

ممثّل دار الآداب في معرض تونس الدولي للكتاب السيد نبيل نوفل : معرض تونس للكتاب يعطي الحرية للرقابة بدل إعطائها للقارئ

أجرى الحوار: لطفي حيدورب قال السيد نبيل نوفل الذي التقيناه في جناح دار الآداب بمعرض تونس الدولي للكتاب إنّ الكتاب قد صار بضاعة بعد أن تحوّل المعرض إلى عمل مربح للدولة عندما اكتشفت أنّه يدرّ دخلا هامّا. وأضاف هذا المسؤول في أحد أقدم دور النشر اللبنانية والعربية والتي يديرها سهيل إدريس صاحب مجلّة الآداب أنّ الطريقة التي يعامل بها الكتاب غير حضارية بل صار هناك خوف من الكتاب كعدوّ مجهول. هذا واشتكى محدثنا من فقدانه لنسخ عديدة من الكتب التي وصلت إلى الديوانة التونسية قبل المعرض وأبلغنا أنّه أصبح يشعر بضغط نفسي كبير أثناء وجوده في تونس نظرا للممارسات البيروقراطية والابتزازية التي تعرض لها من قبل الإداريين والمسؤولين. وأسرّ لنا أنّه بعد سبع عشرة سنة من مشاركة دار الآداب في معرض تونس قد يعتزم مقاطعته.

كلمة : هل كان هذا المعرض فرصة ملائمة ومناخا مناسبا لترويج الكتاب ؟ نبيل نوفل : معرض تونس هو من المعارض المهمّة في العالم العربي والسبب هو تعطش القارئ التونسي من جميع الأعمار للكتاب المشرقي والكتاب العربي بالذات. وهو في القديم كان يقرأ بالفرنسية والكتاب الفرنسي متوفر ومقبل على الكتاب الفرنسي رغم غلاء سعره يشتريه. و للأسف هو دائما يدفع على الكتاب الفرنسي مهما كان سعره ويشفق على الكتاب العربي أن يدفع فيه ويعتقد أنّه غالي الثمن. أيّ معرض يقام هو ظاهرة ثقافية صحّية ويجب أن يقام المعرض ولكن يجب أن تكون الإدارة واعية لإقامة المعرض. والمسؤول عن إقامة المعرض والترويج له في كافة الدول العربية- ولا أتكلّم عن تونس بالذات- اكتشف أنّ إقامة معرض هو عمل تجاري مربح. فأصبحت كل دولة تحاول إقامة المعرض وتدّعي أنّه ظاهرة ثقافية وأنّه مهرجان ثقافي وتقيم المعرض ليس فقط من أجل الثقافة ولكن كعمل مربح للدولة حتى يرى المسؤولون أنّ هناك دخلا من المعرض الثقافي أيضا كالدخل الذي يأتي من السياحة ومن ضرائب التبغ والخمور وغيرها… فالمفهوم بالنسبة إلى الكتاب كونه سلعة، وهذا شيء مخجل في نظري لأنّني أعتقد أنّه يجب أن تكون نظرة المسؤولين عن الثقافة والإداريين والمسؤولين عن المعرض أنّ الكتاب ليس سلعة. ومن المخجل جدّا أن تكون هناك ضريبة وقيمتها 1 % على قيمة الفاتورة التي يصدرها الناشر إلى جانب 3 /1000 ضريبة تدفع على القيمة الإجمالية للفاتورة علما بأنّ المبيعات لا تتمّ بالمجموع الإجمالي للفاتورة فهناك احتمال بيع 30 أو 40 % من قيمتها ولكنّ الضريبة تبقى على المجموع. وهذه الضريبة مقررة وتدفع خلال المعرض عن طريق الوسيط الڤمرڤي.

 

كلمة : ماهي الصعوبات التي اعترضتك باعتبارك ناشرا ؟ نبيل نوفل : أوّلها طريقة تعاطي الڤمارڤ في تونس معنا كناشرين بأسلوب ابتزازي واستفزازي بطرقة غير مباشرة. فجميع السلع موضوعة في طرود يتمّ فتحها وقلبها رأسا على عقب والبحث عن أشياء غير الكتب، وإذا لم يجدوا مبتغاهم يعيدون الكتب إلى مكانها بطريقة عشوائية تفسد الكتب بعد أن رصفناها بطريقة خاصة تحفظها. هذا بالإضافة إلى أنّ الكتب لا تعاد بنفس الكمّيات.

كلمة : يعني هناك سرقة ؟ نبيل نوفل : نعم هناك سرقة. وهي مسؤولية الڤمارڤ. أنا لا أعرف من الذي سرق، هل هم العمّال الذين يساعدون الڤمارڤ أو المسؤولون على الڤمارڤ أنفسهم… وفي كلّ الحالات المسؤول هو الذي يجب أن يتحمّل مسؤولية ذلك… وفي السابق كان يفتح كل طرد وصاحب البضاعة موجود على رأس بضاعته حتى لا يكون هناك مجال للسرقة. كما يعمد مسؤولو الڤمارڤ إلى ابتزازنا فقد يتركونك تنتظر يوما أو يومين.. ساعة أو ساعتين، وينظرون إليك بفوقية. ولكن لو وعدتهم بمقابل مثل بعض الكتب التي يريدها أو مقابل آخر والله أعلم!!

 

كلمة : أي رشوة ؟ نبيل نوفل : نعم.. يجب أن نسمّي الأشياء بمسمّياتها، هي تعتبر رشوة. هو يجب أن يقوم بعمله بدون مقابل لأنّه يتقاضى راتبا، وليس ذنبي أنا إذا كان راتبه لا يكفيه. يمكنه أن يطالب الدولة التي ترعاه بزيادة راتبه أو تعطيه ما يكفيه ولا يلجأ إلى الابتزاز والسرقة. الطريقة التي يعامل بها الكتاب والأسلوب البيروقراطي في ملء الطلبات وغيرها… والوقت الضائع بدون أي سبب، هذا غير حضاري نهائيّا، وإذا نظرنا إلى دول أخرى عربية وأجنبيّة فإنّ هذه الأشياء غير موجودة، فهي بنسبة زائدة وبضغط نفسي في تونس أكثر بكثير. وحتى أكون عادلا في الجزائر أيضا هناك نفس الأساليب البيروقراطية القاتلة. وأعتقد أنّه لو وصلت هذه الأخبار، وهي لا تصل، للأسف إلى المسؤولين الحقيقيين الذين يعيش البعض منهم في أبراجهم ولا يتطلّعون أو لا يسمح لهم بأن يروا بأنّ هناك من البطانة حولهم تريهم الوجه الأحسن لا الوجه القبيح للأشياء. أعتقد أنّهم سيصدمون بالحقيقة المؤلمة. وهذه أشياء منفّرة ولا تشجّع أيّ شخص وخاصة دور النشر المحترمة الكبيرة التي تمارس خدمة للثقافة وليس تجارة. أنا لا أنكر أنّه يجب أن يكون هنالك هامش ربحي في أيّ عمل ولكن ليس تجارة. فالبون شاسع بين التاجر والمثقف الذي يدير عملا ثقافيا. وأنا ألفت الانتباه بالمناسبة إلى أنّه حتى في مجال الاستثمار لأي أجنبي يريد إقامة مشروع في تونس فهو سيصدم. سيصدم مثلا إذا توجه إلى البنك لإجراء أية معاملة لن ينهيها في ساعة أو ساعتين بل يوم أو يومين. لقد فوجئت في أحد البنوك هنا في تونس بالتعقيدات والبيروقراطية وأشياء لم أكن أتصوّرها لدرجة أنّني قررت أنّه لا داعي لتلك الخدمة

 

كلمة : كيف تعاملت معكم الرقابة في معرض الكتاب في تونس ؟ نبيل نوفل : الحديث عن الرقابة مؤلم. فدار الآداب وأنا شخصيا ضد كل ما يسمّى رقابة أو عمل رقابي. فالرقيب هو شخص غير مؤهّل… مَن أعطاه شهادة ليصبح رقيبا ؟ فإذا كانت السلطة عيّنته رقيبا فهل هو مؤهّل نفسيا وفكريا حتى يراقب الكتاب ؟ لا أعتقد ذلك. كنت قد قاطعت معرض الكويت بسبب الاصطدام بالرقابة لأنّها تمنع الكتب وتصرّح بالفضائيات. وهذا تناقض غير مفهوم نعيشه في العالم العربي، أن نصرّح بالفساد من خلال الفضائيات ونمنع الكتاب إذا تكلّم في الجنس وبعض الأشياء المحظورة. أمّا في تونس، وحتى أكون واضحا وصريحا كان من الأشياء المشهود لها في معرض تونس للكتاب في أوائل دوراته السماح بمعظم الكتب، وقليل من الكتب منعت. ولكن في الدورات الأخيرة أُعطيت الحرية للرقابة بدلا من أن تعطى للقارئ. وصار هناك خوف من الكتاب كعدوّ مجهول، وهذا مؤسف. ومن الأشياء التي تستفزّ العارض أو الناشر أنّ الشخص المسؤول على الرقابة يقرر منع بعض الكتب بدون إبداء الأسباب. وفي هذه الدورة منع لي 5 طرود وهي لأعمال كانت مسموحة في السابق، مثل أعمال الطيب صالح المجزّأة والكاملة. والشيء المضحك مصادرة الأعمال الكاملة للشاعر محمود درويش أيضا.

 كلمة : ما هي أسباب هذه المصادرة ؟ نبيل نوفل : الأسباب مضلّلة وتافهة ولا يجب أن يلتفت إليها، بحجة أنّه سقط سهوا كتابة بعض العناوين. وما المشكلة هل وجد بتلك الطرود شيء يستحق المنع. لقد كان الوقت ضاغطا على دار العودة فتطوّعت لمنح القارئ التونسي فرصة الاطّلاع على منشوراتها، ومعظمها كتب نقدية وروائية وشعرية لأفضل الكتّاب العرب.

كلمة : كيف تقيّم القارئ التونسي : نبيل نوفل : في الحقيقة القارئ التونسي يعد من أفضل القراء في العالم العربي وهو في نظري أنا مظلوم وهي مسؤولية الدولة هناك لجان ترسلها الجهات المسؤولة من الجامعات والمعاهد، وبكلّ صراحة أنا آسف على هذه اللجان فهي غير مؤهّلة ولاتملك الصلاحية الكافية إذ تمرّ على الأجنحة وتختار ثم يأتي مسؤول آخر ويحذف نصف ما اختاره أستاذ جامعي ورأى أنّه يناسب الجامعة أو المعهد الذي يعمل به، ذلك لأنّ المسؤول الآخر هو الذي يملك الصندوق الذي تدفع منه الطلبات. كما أنّ هناك لجان غير مؤهّلة ثقافيا. في الحقيقة هناك نخبة من المثقفين في تونس تعي تماما ما تريد وتقبل على الكتب الجيّدة والفكرية والثقافية. ولكن هناك فئة أخرى تبحث عن كتب الطبخ وكتب الأبراج والسحر الأسود وأشياء من هذا القبيل. وأنا أعتقد أنّ الرقابة هي المسؤولة.

 

كلمة : لكن حجم المعروضات من كتب السحر والتنجيم كبير. نبيل نوفل : كثيرة جدّا، ولكنّ الإدارة المسؤولة عن المعرض يهمّها أن يُدفع كراء الجناح ولا يهمّها ما يبيع. وذلك على أساس أنّه طالما أنّ هذه الكتب لا تضرّ فهي أيضا لا تنفع والأمر سيّان بالنسبة إليهم.

 

(المصدر: مجلة “كلمة ” الألكترونية، العدد 42  بتاريخ 20 ماي 2006)

 


تكريــم بن سـدريــن، دليل اختلال الموازين

صــابر التونسي يتهمني بعض “أحبابي” ومن خالفني بأنني متطرف في آرائي وأن الصواب دائما مجانبي، وأنني أتصيد الفرص للسباحة ضد التيار! وأجاريهم أحيانا وأقول إن ذلك أمر ممتع لمن له عضلات رياضية وأخرى فكرية! وتأبى صيرورة الأحداث إلا أن تدعم آرائي وتسفه المخالفين! ومن ذلك جائزة “إندكس” التى حصلت عليها السيدة سهام بن سدرين بتعلة أنها أحد الناشطات البارزات في مجال حرية الصحافة وحرية التعبير! حيث ورد في شبكة الصحافة العربية: أن الجائزة جاءت تكريما لها لتسليطها الضوء على افتقار تونس لحرية التعبير ونضالها الشخصي ضد قمع المعلومات وبصورة خاصة أثناء القمة العالمية لمجتمع المعلومات في نوفمبر 2005 . وإنني وإن كنت جاهلا “بإندكس” ومن يقف خلفها فإنني أرى أنهم قد أخطأوا العنوان وذلك يدل على بساطة معاييرهم وسذاجتها إن أحسنا الظن بهم! وأدعو القارئ النزيه ليتابع رأيي حتى نهايته ثم يحكم لي أو علي! فإذا ناقشنا الأمر دون العودة إلى مخزون المعلومات المسبقة عن “الضحية والجلاد” وتعاملنا مع ظاهر الأمر فإنه يحق لي أن أطرح هذه الأسئلة: ما الذي فعلته سهام بن سدرين غير أنها صرخت في كل وادى سواء وجدت من يسمعها أم لم تجد؟؟ وهل صراخ الضحية أمر اختيارى أم فطري ومفروض عليها؟؟ لماذا نقلب المعايير ونجعل من “الطيحة اتكربيسة”؟؟ ألا يعود الفضل في حصول بن سدرين على الجائزة إلى طبيعة النظام المنغلقة؟؟ الذي لم يستطع أن يتحمل “كلمة” مفردة ووحيدة مرة في الشهر يتعاون على النطق بها مجموعة حتى أن نصيب الفرد يقل عن الحرف الواحد؟؟ هل رأينا أحدا من البلدان التي تفتح أبواب الحرية على مصراعيها يُكرّم بهذه الجائزة أو غيرها؟؟ ألا يكون الانغلاق بهذا المعنى ملهما للإبداع والتمرد؟ ونعمة يعود فضلها لمسببها؟ ألا يحتمل أن يكون الأمر مقصودا من “قيادتنا الحكيمة” ومحسوبا بدقة حتى يتألق بعض مواطنينا ويذكرهم العالم في محافله وجمعياته؟؟ تعلمت من صديق سوري كان يدرّسُ بجامعة في السودان أن أكون متفائلا وأنظر إلي الشقاء من زاوية لذة انقضاءه! فقد كان صاحبي هذا يسمي السودان بلد الأفراح لأنه لا يمضي من أيامك فيه يوم إلا وتفرح مرارا عديدة! فإذا عاد الكهرباء بعد انقطاعه تفرح وذلك يحدث مرارا في اليوم وكذا الماء! والحصول على وسيلة نقل أو حصة سكر أو بنزين!! والقاعدة أن تسأل عن سبب فرحك ولا تسأل عن مسبب عنائك قبلها! ومن هذا الباب أرى أن جمعية “إندكس” قد أخطأت في إسنادها الجائزة إلى بن سدرين وكان يجدر بهم أن يُوَسِّموا بها “النظام” وجنوده لأن رفع العصا وإيجاع الناس بها ضربا أمر واعي ومدروس وفعل”عاقل” يسبقه تخطيط وإضمار وترصد! أما الصراخ والتظلم والبكاء فذلك أمر فطرى يصدر عن صاحبه كانعكاس شرطي وردة فعل طبيعية!! ألا ترون أن جميع من خلق الله يرد الفعل إذا تعرض للاعتداء ويستعمل كل ما يتاح له! باستثناء من تبلد حسه أو الحمير في بعض الحالات!! إن حال الذين أسندوا الجائزة لبن سدرين كحال الصياد الذي يترك صيده أمام عينيه ويتبع أثره للوصول إليه!! أو كالذين افتتنوا برسم رسام لم يكن له من إبداع إلا أن نقل نقلا مشوها من مشاهد الطبيعة الجميلة وفاتهم أن يسبحوا بحمد الخالق الذي أبدعه! وصدق بيكاسّو حين قال بأن أول مخرب للطبيعة هو المسمار الذي تعلق عليه لوحة الرسام! (Le piton est le premier destructeur de la nature) أي موازين عرجاء هذه التي تكرم الضحية لأنها ضحية وتترك الجلاّد؟؟!! كان عليكم معاشر “الإندكسيين” أن تتوجوا “النظام” وتشكروه أن دفع الناس دفعا للصراخ والعويل والإبداع والتفنن في خرق جدار الصمت والتكيف مع مستلزمات حالة الحصار وقوانين “الطوارئ”! كان عليكم سادتي أن تمنحوا “النظام” كمية كافية من العصي والخوذات، وقنابل الغاز، والأجهزة المتطورة لفبركة الفضائح ليزيد قمعه وتنكيله فيزداد فضيحة! وقديما قيل: على نفسها جنت براقش! فبالقمع يولد التصدي ويشتد عوده لأن لكل فعل رد فعل مواز له في القوة ومعاكس له في الاتجاه! والليل يعقبه الفجر ومن رحم المعاناة يأتي النصر! وبضدها تتمايز الأشياء وكذلك “المقالات” أحيانا!! وفي الله أملي أن تنعدم هذه الجوائز بانعدام أسبابها

 

(المصدر: مجلة “كلمة ” الألكترونية، العدد 42  بتاريخ 20 ماي 2006)

 


الى مسؤول

مؤسسات الدولة ليست رزق السيد الوالد

ما بين الفينة والاخرى يطالعك رهط من المسؤولين.. ـ والحمد لله انهم شواذ يحفظون ولا يقاس عليهم يتصرفون في المؤسسات الوطنية التي ائتمنوا عليها وكأنها رزق «السيد الوالد» او «الوالد السيد» لمن يريد قراءتها بطريقة اخرى. هؤلاء المفلسون وعلى التسيير غير قادرين.. الذين لا يؤمنون بالرأي فما بالك بالرأي الآخر.. يصنفون البشر الى صنفين في تقسيم بسيط لا يجاوز امكاناتهم العقلية المحدودة.. تصنيف بدائي يقوم على قاعدة ان كل من ليس معي فهو ضدي.. ومن هو ضده لا مكان له في مؤسستـ «ـه» ولا بمؤسستـ «ـه».. وكأنها فعلا مملكته الخاصة.   هؤلاء الذين لا يؤمنون بحق الاختلاف ويظنون ان النقد البناء هو هدم وان كل من خط جملة نقدية هو ساع لتهديم مؤسستـ (ـه) وهنا الخلط الواضح بين الذات والمؤسسة ـ ظنا منه انه والمؤسسة وجهان لعملة واحدة وقد غاب عنه ان المؤسسة باقية والذات الى زوال وان من قال «لو دامت لغيرك لما آلت اليك» لم يقل غير كلمة الحق.   هؤلاء الذين لم يتشبعوا بمبادىء التغيير ولا بقيمه السمحة بلغت بهم الدناءة الى حد اصدار التعليمات بمنع من كتب نقدا موضوعيا من الحضور في انشطتهم.. لهؤلاء نقول لن نترككم تقيمون فيها الآذان كما فعلتهم في السابق وفضحناكم.   حافظ الغريبي  (المصدر: جريدة الصباح  التونسية الصادرة يوم22 ماي 2006 )

 

العيال كبروا ! الوسط : المشروع الذي ولد كبيرا

 

أ.عبد الباقي خليفة/الوسط التونسية
كي ينمو العشب بين الصخور ، وتعود من مهجرها الطيور ، و يغني الشعب بعد انكسار القيود ، تحيا بلادي … لما سئل أحد أمراء دول الخليج عن دوافع إقدامه على اجراء اصلاحات سياسية و اعلامية ، دون أن تكون هناك ضغوط داخلية أو حاجة ماسة لذلك ، حسب تقديرات السائل النفعي المتزلف ، أجابه  طويل العمر ،” العيال كبروا ، ولا بد من استباق الاحداث ” كان ذلك متزامنا مع الاضطرابات التي شهدتها نيبال وأجبرت ملكها على التنازل لصالح المعارضة . دون انتظار لتطورات قد تؤدي ببلاده إلى ما أصاب الصومال أو العراق و غيرها . ونتعلم من ذلك ، أنه طالما لم يشعر النظام ، أي نظام حكم ، بأن العيال كبروا ، فسيظل يعاملهم كالاطفال بل كالحيوانات والممتلكات الشخصية .
وشعور الأنظمة ، يجب أن يسبقه شعور الشعوب ، و خاصة طلائعه المثقفة و المناضلة من أجل غد أفضل من جمهورية الابرتايد ، التي تعمل على البقاء حتى الغد و بعد الغد ،و بلا مواعيد رحيل .
و جريدة الوسط الالكترونية الرائدة و المتألقة ، والتي تهدف إلى أن تكون أحد نقاط الارتكاز ، للتدليل على أن ” العيال كبروا ” قد نجحت حتى الآن في مواكبة تسارع الاحداث الوطنية والاقليمية ، فهي مشروع ولد كبيرا ، و يرنو ، لا للتحليق في فضاءات التغيير الحقيقي المستند لارادة شعبية و ثقافية متجذرة في الذات ومنفتحة على الآخر فحسب ، بل لصنع فضاءات الحرية والديمقراطية والتعايش السلمي بين مختلف مكونات الطيف السياسي و الثقافي والمجتمع المدني الحقيقي ، لا المصطنع بالبلاد ، وذلك دون احتكار للحقائق أو تسفيه للخصوم أو تقديم النفس على أنها الناطق الرسمي و الوحيد باسم الشعب .
إن الوسط ومن خلال الاسابيع القليلة الماضية من انطلاقتها المباركة ،التي ندعو الله أن يباركها ويمد في عمرها لخدمة الحرية الحقيقية ،والحقيقة الحرة ،الناطقة والشاهدة ،والمخلصة بمختلف أنواع التشكيل اللغوي ، استطاعت بعون الله أن تستقطب كوكبة من الأقلام التي تفهم عصرها ، عبر لغة العصر، وهي الانترنت ، كما استطاعت استقطاب 60 ألف مبحر من مختلف البقاع ، ولاسيما تونس رغم التخلف التقني الذي يجعل القارئ ينتظرو ينتظر حتى يمل ، بشهادة السياح الذين يستخدمون شبكة الانترنت عند زياراتهم لتونس .
وبدل أن يقوم النظام بتحسين الخدمات المعلوماتية لتسهيل عملية الاتصال بالشبكة العنكبوتية ،قام بشراء جهاز لمراقبة الاتصالات التي يجريها المواطنون من المواقع الانترنتية المختلفة . ربما لا يعلم بأن ” العيال كبروا ” أو يتجاهل ذلك كالنعامة تماما . إنه عار بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، و لكن ماذا ينفع ذلك مع جهات جعلت من العار بزنس .
و مهمة الوسط وأخواتها أن تواصل رسالتها لاشعار الكبار بأنهم كبروا ، و إشعار من لا يزال يعتقد بأنهم أطفال همهم لقمة العيش والخدمات الأساسية ، كما يريد أن يروج المتزلفون والمنافقون ، بأن اعتقاده خطأ ، و ممارسته بناء على ذلك وبال عليه وعلى الشعب و مستقبله . إنها رسالة عظيمة تقوم بها الوسط ، وسط هذه اللجة من الانفجارات المعلوماتية . لقد تمكنت الوسط من الوسائل و عليها الآن الاحتفاء بالمحتوى ، و كسب المزيد من الاقلام و القراء .
و بما أنني أعمل منذ عدة سنوات في المجال الاعلامي المكتوب ” اليومي و الاسبوعي و الشهري ” و المرئي و السمعي “غير منتظم “, كان من السهل علي إدراك الخاصية التي تتميز بها الوسط و مثيلاتها ،و هي سرعة نشر المعلومة سواء كان خبرا أو تحليلا أو قراءة ثقافية ، فالجريدة تحتاج ليوم والمحطة التلفزيونية تحتاج لعدة ساعات أما الجريدة الالكترونية الاخبارية فإنها لا تحتاج سوى لبضعة ثوان و تكون مادتها أو قل مائدتها أمام القراء . فهنيئا للوسط بمواكبتها للعصر و دعوتها نظام الحكم و الشعب لذلك ،و هنيئا لقرائها بهذا الحقل الزاخر بعبق الورود و الزهور والرياحين من كل لون ، وهنيئا للاخ الكريم مرسل الكسيبي الذي يتحمل الجهد الاكبر في ابراز محاسن الوسط للجميع . و دعوتي لاصحاب الاقلام و القراء مآزرة الوسط بجميع أنواع الدعم و المساندة ، كي ينمو العشب بين الصخور ، وتعود من مهجرها الطيور ، و يغني الشعب بعد انكسار القيود ، تحيا بلادي .
 
(المصدر: الوسط التونسية)


حين يهاجر الشعر إلي لغات و أوطان أخري:

أسطرة القصيدة في ‘بقايا البيت’!

بدرالدين الرياحي حفل المشهد الشّعريّ التّونسيّ في  بداية  التّسعينات  من القرن  الماضي  بأسماء  جديدة  انخرطت  في تجربة  الكتابة  والنّشر،  يحدوها  أمل الابداع  والإضافة  للمدوّنة  الشّعريّة . لكنّ المتتبّع  لإنتاج  ذلك الجيل  الشاب ،  والذي  اقترن أغلب أفراده  بكتابة  قصيدة النثر ، يلاحظ  أنه  ظل محكَوما  بمظاهر  كثرة  الأسماء والتكرار والتشابه  في الكتابة  والغزارة  في النشر، دون  افراز أصوات  شعرية  متميزة  و أصيلة  أبدعت  رؤاها  الفنية  والجمالية  الخاصة . بل إن  ذلك  الكم  الهائل  من  النصوص –  مع إستثناءات قليلة جدا ـــ   لم  يكن  إلا  دليلا  على انحسار الابداع  وأزمة الشعر في  آن .   ومن أهم تلك  الأصوات القليلة  المتفردة  لذاك الجيل ، يطالعنا  إسم الشاعر  ميلاد  فايزة  الذي اختار منذ بداية   تجربته مع الشعر، الصمت والابتعاد عن أضواء الحضور والمشاركات في الأماسي الشعرية  مفضلا ﺍلقراءة  و التأمل والكتابة   لتعميق التجربة .   بعد  سنتين من  تخرجه  من قسم  الآداب  العربية  بكلية  الآداب والعلوم الانسانية  بسوسة ، هاجر الى الولايات المتحدة الامريكية  وبالتحديد  الى مدينة  ميشيغان ،  التي اتخذ منها  منفى اختياريا  ومكانا  جديدا لمواصلة العيش  والكتابة  .   منذ  دخوله الى الجامعة  كانت  أفكار السفر والهجرة  والمنفى  أحلاما  كبرى تسكنه  ولاتزال  ، حتى  أنه عمد مرة إلى  نشر قصيدة  في جريدة  الصحافة  التونسية ،  منوها  في آخرها بأنها  كتبت في  العاصمة الرومانية  بوخارست ، وهو الذي لم يكن  آنذاك  قد غادر  تونس  بعد!   .   و يبدو أن أحلام  السفر والمنفى  قد  تحولت في  شعره الى تيمات  أساسية ، إذ  نقرأ في  كتابه  الشعري الأول  ﴿بقايا البيت الذي دخلناه مرة واحدة﴾ ، الصادر سنة 2004 عن دار الواح باسبانيا ، قصائد منفى بامتياز، لكنه منفى مخصوص ، أي أنها  قصائد  تهاجر غالبا  الى أوطان و لغات أخرى وأزمنة متخيلة  تتجاوز معطيات  الواقع و التاريخ  وإن أحالت أحيانا على  أسماء  أعلام  أو أمكنة.   فقصيدة  بقايا البيت التي  جاءت  موزعة على  ثلاثة أجزاء ، وهي عنوان الكتاب، تطالعنا  قائمة  على مشاهد عجائبية تبدو  قريبة جدا  من عالم السحر وأجواء الحكايات والقصص الميثيولوجية ،وهي على  نحو ما  تذكرنا  ببعض مناخات  نصي  رسالة الغفران للمعري والكوميديا الإلهية  لدانتي.                                 لكن رغم هذا التصادي الظاهر مع الأجواء التي ذكرنا ، تتبدّى  القصيدة  نازعة  الى خلق أجوائها التخييلية  المتفرد ة  و إبداع  طقوسها  العجائبية  المخصوصة ، حتى  كأننا  إزاء نص ملحمي  يرسم  فيه الشاعر بطولات الحب والخيال  وصراع  الانسان/ الفرد   مع الزمن والموت ، ويسرد  فيه  شعريا        ” بقايا البيت ”  ، بيت رؤاه السرية  و أحلامه الغامضة والمرهفة  في الأزمنة البعيدة .  ألم يقدم الشاعر كتابه  بجملة أدبية  لاتخلو  من  دلالات هامة  للكاتب  اليوناني  نيكوس  كازانتزاكي  تقول  : » كنت أريد الخلاص  من عتمتي  الداخلية  العميقة ،  وتحويلها  إلى نور» . ؟                                  هي أيضا  قصيدة  تستعيد بشكل  ما  أجواء الأسطورة  لتكتب   أسطورتها   الخاصة ،  من حيث اعتمادها على روح الاسطورة  وطقوسها  ونظامها  الرمزي أحيانا ، وإرادة  قوة  الفعل الخارقة  للشخوص التي حول  الشاعر صفاتها إلى  مايشبه  نزعة  إلاهية  تتجاوز  طاقة  البشري المحدودة   ( مثال  شخصيتي هوكوواوا  ويارا) .  والشاعر  إذ  ينزع إلى “أسطرة ” قصيدتة ، فإنه  يسعى  من  وراء ذلك إلى  التوغل   أبعد  ما يمكن  في  مناطق الحلم  و الايحاء  والترميز  و لكي  يمنح  القصيدة  حياتها  الخاصة  وسيماتها الحادثة .         لذلك  تحتفي  قصيدة  ( بقايا البيت الذي دخلناه  مرة  واحدة  )  وبشكل  جد  ملفت  بعناصر الطبيعة   والعالم  البدائي الأول  و الموسيقى و الجسد  ــ  من حيث هو رمز للحب  وآلية  لمقاومة الموت ــ  عبر لغة حدسية  شفافة  تستجلي  عالمها  الفريد  ، وصفا وسردا وتصويرا ،  وعبر تكثيف الاستعارة  والتنويع  بين  تقنية  المشهد السينمائي  والمونولوج  والفلاش  باك  ،  وأحيانا  بطريقة  التضمين و الكولاج  مثلما  نقرأ  في قصيدتي ﴿أوجان جيلفيك﴾  و ﴿بقايا البيت1 ﴾ ، إذ عمد الشاعر الى توظيف  مقاطع  شعرية  باللغة الفرنسية  لأرتير رامبو وأوجان جيلفيك ، تبدو لنا  على  وشك  التماهي  مع النص الأصلي ،  بل  إن  هذا الأخير  حول  صميم  مدلولاتها  إلى  دلالات  جديدة  تتوالد  عبر إنشاء  وشائج  نصية  حادثة  ( مثال  قصيدة أوجان غيلفيك  ص16 ) .   وبذلك  تنفتح  القصيدة على أكثر من  لغة  و صوت  ومرجع ،  وتتجاوز الى حد كبير  مقولات  ´´الأنا“  والتراث و الذاكرة  ــ التي لاتزال حاضرة  بقوة  في  كثير من الاعمال الشعرية  لمجايليه ــ  لتكتسب  طابعا  تثاقفيا  يرنو  إلى الانفتاح على   الثقافة  الغربية  وقيمها الإبداعية .  يقول الشاعر: «   ــ ألم تتعب؟ ــ في دمي  بذور السلالات . حالما  بمن  ألتقي  كنت  أغنّي ،                     أصعد  الأعالي، حتى  أسمّي  ما  لم  يسمّ . (ص55)                                                                                  تجدر الإشارة  في  هذا السياق  أن الشاعر قد  منح  في  كتابه  عناوين  ثلاث   قصائد  أسماء  شعراء وفنانين غربيين  أمثال غيلفيك ، سلفادور دالي ، وبيتهوفن  ،  إضافة  إلى  ذكر أسماء أخرى لشعراء فرنسيين  ،  وذلك ــ  مثلما أشرنا سابقا ــ  احتفاء  بأ برز أصوات الثقافات الأخرى  وتنافذا  فنيا  مع  نصوصها وخبراتها  التعبيرية و الجمالية ، مثلما يتجلى  في قصيدة  ( لوحات لم يرسمها سلفادور دالي)    إذ  يستعير الشاعر   مفردات  الرسام  وأدواته التصويرية  وهذيانه ،  فتستحيل القصيدة  مشاهد  سوريالية  قائمة  على حدة  التخيلات واللاشعور .   كما  يظهر هذا الحوار مع الآخر وبشكل أكثر جلاء ،  في التغني  بشخصية الشاعر الفرنسي ارتير رامبو ، وفي ترديد  إسمه  في أكثر من قصيدة   كرمز  لتمرد الإنسان/ الفرد   على الوجود  وتوقه الحارق  إلى التحرر من كل  أشكال التنميط والإستلاب .   وثمة  في كتاب ( بقايا البيت الذي  دخلناه  مرة واحدة ) ما يجيز القول ،  إن هناك  نفسا  رامبويا   يلتمع  في شعر ميلاد  فايزة  و يسري في  ثنايا  عديد  القصائد ، من خلال  مسحتي   الشقاء  والحيرة   الماثلتين   في  الأسئلة  المتكررة  وفي  البحث المحموم  عن الحرية و الكمال  وطرق المستحيل  .  كما يظهر ذلك  أحيانا  في  نبرة  غنائية  ذات  نفس  نوستالجي واستشرافي  أيضا ،  تتأسس غالبا  على التكرار اللفظي  والمقطعي  والتداعي الحر  للصور الحلمية ،  وفي  استنفار  طاقتي  الرؤيا والخيال   لأعادة  اكتشاف  عالم  الذات  الإنساني   وتسمية  مخبوءاته  وأجزائه الحميمية المتوارية  خلف الآني و العقلاني والمرئي،  يقول  الشاعر في  قصيدته  المتميزة  أقمار سمية : «    بللي بالضوء يديك ثمة  فراغات أثقل من برودة  المرايا  في لغتي لكني  أمشي  أبد ا باتجاه  العاصفة . واهبا ضحكاتي  لسلال الكائنات الليلية      أو باحثا عن  مدرج يصل بين  يديك  المليئتين  بالأشجار وطيورنا  التي فاجأها  صوت الرعاة  المجروح بالشمس.   ثمة  فراغات أثقل من برودة  اللغة  في المرايا وأثقل من  كلماتي الغارقة في  أحشاء  سمك المحيط.(ص26)    ولعل أهم  ما يسترعي الإنتباه  في  قصائد ميلاد  فايزة ، هو أن أغلبها  يطالعنا  موسوما  بنبرة غنائية رهيفة  أحيانا ، ومكثفة  وعالية  أحيانا  أخرى  حسب نوعية  الموضوع  و مراحل نمو النص وحركته  . ويطغى حضور تلك  النبرة  الغنائية  أكثر خاصة  في  القصائد التي  تدور مواضيعها  حول  الحب والطفولة  أو في  تلك التي  تستعيد  زمن الماضي ( مثال  قصائد  سمية  الثلاث) .   و حضور النبرة  الغنائية  في  شعر ميلاد فايزة  إنما  يخفي  وراءه  شعورا دفينا  بالغربة  و يفصح  عن ذات  قلقة  تجاه  وجودها وأسئلته ، لكنها أيضا  ذات  تطالعنا  مصرة  أبدا على  تفجير قلقها و تحويله إلى  صور حلمية  متدفقة ، و دهشة أسئلة  لا تكاد  تخلو منها  قصيدة  .  أسئلة  يولد عبرها  الشاعر  آفاقا  واسعة من الترميز و الإيحاءات  والدلالات ،  متوسلا  في ذلك  ــ  مثلما  نقرأ  في  قصيدة  خاتم  سمية ــ   بلغة  ذات  خصائص متعددة  ،  تجمع  بين  الذاتي  والتأملي  والبصري ،  وغالبا  ما تنزع  إلى  تكثيف  التعبير والإستعارات  وتنويع الصور الشعرية  :«   صغيرة  أيتها الغرفة وليس لنافذتك  ستارة أفتح بابك على ليل ثقيل أعمى ، ليس على العتبة نجوم أو صوت يلون حزن الزهرات            قبل اختفائها في الريح. . أملأ يدي ماء وكلمات لأفك سر الأغنية ، لأعلق صورتها على الجدار الندي . لسنوات أفكر في بابك مغلقا أفكر في أنوار صغيرة  تختبىء في الخزانة        . . من يفتحك حين أمضي ؟          من يهبك شمسا أوحكاية ؟          من يعيد إلى معصمك أساور الفجر؟  أو يضع على العتبة عطش الجبال                                    المورقة                                         في                                         عش طائر؟   ثمة  أيضا   في  قصائد ( بقايا البيت  الذي  دخلناه  مرة واحدة)   لهجة  ذاتية  قوية ،  تتجلى  من خلال  طغيان  ضمير المتكلم  المفرد  بصيغة  الأنا ، التي تنتسب  لها  أغلب  الأفعال  ودلالاتها  .                 ولاشك  أن  الشاعر  أراد  أن  يقدم  لنا  في عمله الشعري  الأول  زخم  تجربته  الذاتية  باستيهاماتها  ورؤاها  وتطلعاتها ،  لذلك  تبدو   بنية  القصيدة  مطبوعة  بنزعة  أوتوبيوغرافية ، لعل من  أهم  ميزاتها هو خروجها   أحيانا عن  نطاق  ذاتيتها  و انفتاحها  على  التقاط  الموضوعي ،  في تلقائيته  وحرارته .    كما  تتبدى  لنا  متخطية  لزمن  الماضي ،  لتنغرس بقوة  في  بؤرة الحاضر، حاضر الكتابة المشرئبة  إلى  استشراف  الآتى  وابداعه  ، من  خلال الإستعمال المكثف  لصيغة  الأفعال  المضارعة التي  تمنح  دلالات وتدلالات  القصيدة  استمراريتها  في  زمن  الحاضر  واتصالها  أيضا  بالمستقبل .    ويمكن القول  أن  ما يميز  شعر ميلاد  فايزة   في  عمله الأول ، هو بلوغه  شعرية  عالية  تنم  عن قدرة  كبيرة  في  تصريف القول الشعري  وفي  خلق  جمالية  مخصوصة ، عبر  توظيف  عديد  الأنماط  التعبيرية  والأسلوبية  في  كتابة  قصيدة  النثر  .  ويبدو لي  أن  قصيدته هي الأكثر  صفاء  وامتاعا  مقارنة مع ما حاوله  أبناء  جيله ،  فهي  قد  تجاوزت  لغة  البوح  الغارقة  في  النثرية  والمباشرة ، وقطعت  مع  تهويمات  التجريب  وما نتج عنها ،  من نصوص  خاوية  فنيا . إضافة  إلى  توقها  الكبير  إلى التفرد  والمغايرة  . إننا  إزاء  صوت  شعري  متميز  في  مشهد  ثقافي  تونسي  كثرت  فيه  الأسماء  وندر  فيه  الشعر  .                                                                                                                                                  بدرالدين الرياحي                                                                                              فيينا  
 
(المصدر:  جريدة  أخبارالأدب المصرية  بتاريخ   9 أفريل  2006  )
http://www.akhbarelyom.org.eg/adab/issues/665/0803.html  
 

أمريكا والشرق الأوسط: لا انـحـسـار؟

  ثمة سؤال كبير يحوم كالشبح في سماء الشرق الأوسط منذ أمد غير قصير بدون أن يحظى بإجابات شافية..   يقول السؤال: هل سيبدأ الانحسار الاستراتيجي للولايات المتحدة من الشرق الأوسط مع بدء التراجع المتوقع للقوات الأمريكية من العراق قبل نهاية هذا العام؟    سؤال خطير بالطبع. لكنه مطروح بقوة، ليس فقط بسبب المتاعب الأمريكية الجمة في بلاد الرافدين، التي كلفتها حتى الآن أكثر من 2000 قتيل و10 آلاف جريح (والعد مستمر) ونحو 250 مليار دولار (والحبل ما زال على الجرار)، وليس أيضاً لأن المشروع الأمريكي لتغيير الشرق الأوسط الكبير يحظى بممانعة قوية على حد سواء من خصوم أمريكا، الإيرانيين والسوريين والفلسطينيين واللبنانيين، ومن حلفائها السعوديين والمصريين وغيرهم، بل لأن أمريكا ستكون بعد حين مضطرة للالتفات إلى التطورات الجِـسام التي تجري الآن في أمريكا اللاتينية وشرق آسيا.   غلاف كتاب “رمال الإمبراطورية: السياسة الأمريكية ومخاطر طموحها” للكاتب الأمريكي روبيرت ميري     “دولة صليبية”   السؤال إذن له مبرراته، لكن قبل التطرق إليه، نشير أولاً إلى أن هناك جدلاً مثيراً يجري في الداخل الأمريكي منذ نهاية الحرب الباردة عام1989، يتمحور برمّـته حول رغبة الولايات المتحدة أو حتى قدرتها على إقامة إمبراطورية عالمية. وعلى سبيل المثال، نشر الكاتب الأمريكي روبرت ميري مؤخراً كتاباً بعنوان “رمال الإمبراطورية: السياسة الأمريكية ومخاطر طموحها”، قال فيه “إن لا أحدا يستطيع هزيمة أمريكا، لكن أمريكا مهددة بهزيمة نفسها”. المقدمة التي أملت على ميري هذه الخلاصة كانت بسيطة: أمريكا لا تفهم العالم، وهي، خاصة مع إدارة بوش التي تتشكل من تحالف الواقعيين الكيسنجرييين المؤمنين بفلسفة القوة والقوميين المحافظين (رامسفيلد وتشيني) والمحافظين الجدد، تحوّلت إلى “دولة صليبية” جديدة تسعى لتغيير العالم وفق صورتها. وفي خِـضم هذا الانقلاب، تخلت الولايات المتحدة عن الأسلوب الأمثل في السياسة الخارجية القائم على التعاون الدولي الذي أرسى دعائمه الرئيس وودرو ويلسون في أوائل القرن العشرين. الرؤوس التي يدحرجها هنا الكاتب متهماً إياها بتعريض أمن أمريكا وزعامتها للخطر، عديدة: من وليام كريستول وبول وولفوفيتز وماكس بوت (المحافظون الجدد)، إلى صموئيل هانتغتون وبرنارد لويس (أنصار حروب الحضارات)، مروراً بكاتب “نيويورك تايمز” توماس فريدمان، الذي يدّعي أن أمريكا يجب ألا أن تكتفي بأن تكون زعيمة العالم، بل عليها أيضاً أن تنشر الفكر الرأسمالي في العالم كله، إضافة إلى نشر فكر العولمة. كل هؤلاء، برأي ميري، يشوّهون نظرة أمريكا إلى العالم، مما يجعلها عاجزة عن فهم هذا العالم في صورته الحقيقية، وهذا ما حدث في العراق حين اكتشفت واشنطن أنها فجـّرت بحربها عليه سلسلة مفاجآت طائفية وعرقية وقومية، لم تكن لتتوقعها، وهذه التجربة التراجيدية مرشحة للتكرار في باقي أنحاء العالم، إذا ما استمر “عمى الألوان” السياسي في واشنطن.   منطق مقنع؟   بالتأكيد، خاصة وأنه ليس الوحيد من نوعه. فثمة محللون فرنسيون وبريطانيون سبقوا ميري إلى الاستنتاجات ذاتها حول “الهزيمة الذاتية” الأمريكية، ولكن من مداخل أخرى. من هؤلاء مثلاً، الفرنسي إيمانويل تود، الذي “تنبّـأ” بأن وحش العولمة الذي أطلقته أمريكا في العالم، سيأكل أول من يأكل أبناءه: الأمريكيون أنفسهم. لماذا؟ لأن تصدير الوظائف (outsourcing)، والاعتماد على الكفاءات الخارجية في التطوير والإبداع، وإدمان الاقتصاد الأمريكي على الاستثمارات والأرصدة الأجنبية، سيقلب أمريكا من دولة مُـنتجة إلى دولة مستهلكة، وسيحد من قدرتها على تمويل إمبراطوريتها العالمية. أما البريطاني بول كينيدي، فيتوقع أن تُـصاب الولايات المتحدة قريباً بالمرض القاتل ذاته الذي ضرب كل الإمبراطوريات السابقة في التاريخ: التمدد الاستراتيجي الزائد، وخلل التوازن بين المدفع والزبدة. الآن، إذا دمجنا أفكار ميري وتود وكينيدي في وعاء واحد، ووضعنا الوعاء على نار خفيفة، فعلى أي وجبة سنحصل؟ على وجبة وحيدة: أمريكا، وبرغم كل الجهود الهائلة لجبابرة مراكز أبحاثها ودراساتها، وبرغم كل إستراتيجيات بوش للأمن القومي الهادفة لمنع ظهور أي قوة أخرى منافسة لأمريكا، لن تستطيع في النهاية الهروب من القانون الحديدي التاريخي الخاص بصعود وسقوط القوى العظمى، فهذا قدر لا مفر منه، وهو سُـنّـة حياة لا مناص منها. وبالتالي، السؤال هنا ليس هل تنحدر القوة الأمريكية العالمية، بل متى؟. وهذا الـ “متى” قد تنفع بسرعة كبيرة، إذا ما واصل الثلاثي المحافظ الحاكم الحالي في واشنطن جهوده الخطرة الراهنة لتحويل بلورة القوة الأمريكية إلى ما وصفه روبرت ميري، وعن حق، بـ “الدولة الصليبية الجديدة” الطموحة والجموحة.   عوامل اللا إنحسار   نعود إلى سؤالنا الأولي: هل سينطبق هذا القانون الحديدي أيضاً على الشرق الأوسط؟ كلا! لماذا؟ ردّ مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية على هذا التساؤل، حين نشر في أوائل هذا العام تقييماً إستراتيجياً، إستنتج فيه أن أية إدارة أمريكية جديدة ستخلف بوش (بما في ذلك إدارة ديمقراطية) ستكون مضطرة للاحتفاظ بنسبة كبيرة من القوات الأمريكية في العراق وباقي أنحاء الشرق الأوسط، لاعتبارات عديدة تتلخّـص في ثلاث نقاط: النفط، الاستراتيجيات العليا، والعولمة. أولاً، النفط. خلال الأشهر الستة الأخيرة، صدرت ثلاث كتب تتقاطع كلها عند نقطة واحدة: الوفرة النفطية العالمية انتهت أو تكاد، والندرة النفطية العالمية بدأت أو تكاد، وعما قريب ستندلع حروب موارد جديدة قد لا يكون لها سابق في التاريخ. ثانياً، الإستراتيجيات العليا. حروب الموارد هذه، تعني شيئاً واحداً: من يُـسيطِـر على النفط، يركـّز السلطة والقوة الاقتصادية بيده. وبالنسبة لأمريكا، هذه السيطرة جزء أيضاً من رؤية جيو – إستراتيجية أوسع، هدفها التحكم بقارة أوراسيا قلب العالم. أبرز المحللين الذين تطرقوا إلى هذه النقطة، كان سمير أمين في إطار نظريته “الإمبريالية الجماعية”، فهو يرى (انظر مجلة “مونثلي ريفيو” – 2004)، أن مشروع بوش لإحكام السيطرة على أوراسيا من خلال السيطرة على نفط الشرق الأوسط، “لم ينبثق من بنات أفكاره لتطبِّـقه عصبة من المحافظين الجدد المتطرفين، بل هو مشروع الطبقة الحاكمة الأمريكية منذ 1945”. ويضيف: “لقد فهمت المؤسسة الأمريكية جيداً أن سعيها للهيمنة، يستند إلى ثلاث عناصر تفوّق على منافسيها الأوروبيين واليابانيين، في طليعتها السيطرة على الموارد الطبيعة للكوكب، والاحتكار العسكري، وهيمنة الثقافة الأمريكية”. ثالثاً، العولمة. العامل الأخير الذي يدفع النخب الأمريكية إلى التوحد حيال العراق، هو ظاهرة العولمة. وبرغم أن هذا العامل لم يستوف بعد حقه من الدراسات المستفيضة، بصفته أحد المحركات الرئيسية للسياسة الخارجية الأمريكية في حقبة ما بعد الحرب الباردة، إلا انه بدأ يطل برأسه بشكل متزايد مع انغماس أصحاب القرار الأمريكيين في بحث كيفية التعاطي مع “الدول الفاشلة” في العالم، والتي يعرّفونها بأنها تلك التي تعجز عن تحقيق الأمن لشعوبها فتشكـّل بالتالي، مرتعاً للإرهاب.   الحرب والسلام في القرن الحادي والعشرين   بيد أن الباحث الأمريكي توماس بارنيت، أبرز محلل إستراتيجي في البنتاغون، نشر مؤخراً دراسة بعنوان “خريطة البنتاغون الجديدة: الحرب والسلام في القرن الحادي والعشرين”، أوضح فيها مدى الارتباط الكبير بين مفهوم “الدولة الفاشلة” ومفهوم العولمة، عبر تمييزه بين نوعين من الدول: الفاعلة وغير الفاعلة.
فأي دولة أو منطقة تكون فاعلة برأيه، حين تدمج ما هو قومي بما هو اقتصاد عالمي (الأفكار، المال، الإعلام)، وحين تسعى إلى تنسيق “قواعد حكمها الداخلي” مع الحكم العالمي الصاعد (مثلا عبر الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية). ومن خلال مسحه لـ 140 عملية عسكرية أمريكية في فترة التسعينات، اكتشف بارنيت أن القوات الأمريكية ذهبت بالتحديد إلى الدول الواقعة خارج مركز العولمة التي يسميها “الفجوة غير المندمجة”، وهي: حوض الكاريبي وإفريقيا والبلقان والقوقاز وآسيا الوسطى والشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا والكثير من جنوب شرق آسيا. ويرى المؤلف أن أحداث 11 سبتمبر كانت “هبة من السماء برغم قسوتها”. فهي كانت دعوة من التاريخ لأمريكا كي تبدأ في فرض قواعد جديدة للعالم. العدو في العالم الجديد ليس الإسلام ولا الجغرافيا أو التاريخ، بل “عدم الارتباط بالعولمة” الذي يعني العزلة والحرمان والقمع، وهذه كلها علامات خطر. وبالتالي، إذا فشلت دولة ما في الانضمام إلى العولمة أو رفضت الكثير من تدفقاتها الثقافية، فإنها ستجد في النهاية القوات الأمريكية على أراضيها. النفط، الاستراتيجيات العليا والعولمة، كل هذه إذن عوامل تلعب أدوارا بارزة في تكييف إطلالة النخب الأمريكية على الشرق الأوسط، طبعاً في اتجاه رفض “القطع والهرب”. بيد أن رفض الهرب لن يعني بالضرورة الإبقاء على الوضع الراهن. فكما أن هناك إجماعاً أمريكياً على “استحالة” التخلي عن ثاني احتياطي من النفط في العالم، ثمة إجماع آخر على بلورة “إستراتيجية خروج” توفّر إمكانية استمرارية السيطرة الأمريكية على هذا الاحتياطي، وهذا سيعني أمرا واحداً: مشروع المحافظين الجدد الطموح لتغيير الشرق الأوسط بشطحة قلم انتهى أو يكاد، خاصة مع الصعود القوي للإسلام السياسي عبر الوسائل الديمقراطية في مصر وفلسطين وغيرهما. لكن فشل هذا المشروع، لن يعني الانحسار الاستراتيجي الأمريكي في الشرق الأوسط الكبير. النبيذ سيتغير، لكن الزجاجات الأمريكية القديمة باقية على حالها. بكلمات أوضح: أمريكا قد تخسر بعض المعارك في الشرق الأوسط، لكنها، لاعتبارات نفطية وإستراتيجية (والآن إيديولوجية مع صعود المسيحيين الإنجيليين الأمريكيين)، لا تستطيع أن تخسر الحرب. فما هي في الميزان زعامة أمريكا العالمية نفسها، التي يجمع معظم المحللين على أنها ستستمر بلا منازع جدي حتى عام 2020 على الأقل؟!   سعد محيو – بيروت   (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 22 ماي 2006 )

Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

20 juin 2010

Home – Accueil TUNISNEWS 10 ème année, N° 3680 du 20.06.2010  archives : www.tunisnews.net  Touensa Fehmine:  Succession, Tiraillement et autres

En savoir plus +

11 mars 2003

Accueil TUNISNEWS 3ème année, N° 1026 du 11.03.2003  archives : http://site.voila.fr/archivtn LES TITRES DE CE JOUR:   LTDH: Infos

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.