الاثنين، 14 يونيو 2010

Home – Accueil

TUNISNEWS

 10ème année, N°3674 du 14.06.2010

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادق شورو

ولضحايا قانون الإرهاب


حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

هند الهاروني:المطالبة برفع الحصار عن أخي عبد الكريم الهاروني

كلمة:السجين السياسي السابق والناشط الحقوقي محمد القلوي تحت الحصار

كلمة:وفد أمني يزور مركز الأمن بسهلول ويجرد رئيسه من صفته

المرصد التونسي:مدرسة بوجابر قلعة سنان , حين يفقد المدير أعصابه

عن بعض أولياء المدرسة التونسية بالدوحة: إلى سيادة رئيس الجمهورية التونسية

حركة الديمقراطيين الاشتراكيين تثمن المسار التعددي التونسي في ذكرى تأسيسها

العرب أولاين:تونس تبدأ تجربة فريدة في بث حوارات مع الوزراء حول شواغل المواطنين

الأسبوعي:لاعمرة بدون إمضاء إلتزام تعهد المعتمر بجبر أضرار الدولة عند تخلفه

الامجد الباجي:انهيار الثقاقة التونسية

زكية الضيفاوي:خضراء والابن البارّ

الأسبوعي:رؤوف بن يغلان:أعددت مسرحيتي مع «الحارقين» في صقلية

منصف المرزوقي :كتاب الرحلة – مذكرات آدمي ، ينتظر تشريفكم وتقييمكم

منصف سليمي : دعوة لفتح باب المساءلة والمحاسبة دون حصانة لأحد

الصحبي عتيق:تصحيح مقاصد المكلف: النية أولاً (3و4 /5)

فؤاد زكريا:ماركس .. وأفيون الشعوب 

القدس العربي: تصاعد ‘حرب الاتهامات’ بين ‘الجزيرة’ و’نايل سات’

المجلس الإسلامي الدنماركي يعقد جمعيته العامة وينتخب قيادته

مؤسسة عز العراق:السجون السرية للحكومة العراقية

القدس العربي:العفو الدولية تطالب مصر بفتح تحقيق فوري في مقتل مواطن على يد الشرطة

القدس العربي:منظمات حقوقية سورية تدعو وزير الداخلية للتحقيق في وفاة شاب اثناء توقيفه

بلال الحسن:الأسئلة الحائرة حول فكّ حصار غزة

عبد الحليم قنديل:الاعتراف مقابل الغذاء: احذروا المؤامرة

عريب الرنتاوي: »الشرعية » الفلسطينية حين تتبنى الرواية الصهيونية

غسان شربل:سنة الفرص الضائعة

جورج سمعان:… ماذا بقي لإيران من أوراق؟

العرب:الدور الإقليمي الجديد لتركيا في منطقة الخليج والشرق الأوسط


 Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


 منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري

حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

أفريل 2010

https://www.tunisnews.net/23Mai10a.htm


 

الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني:liberte.equite@gmail.com تونس في 02 رجب 1431 الموافق ل 14 جوان 2010

أخبار الحريات في تونس

 


1)    البوليس السياسي يعتقل ويعذب الشاب رضا قصة: يواصل أعوان البوليس السياسي التابعين لمنطقة الشرطة بسوسة اضطهاد الشاب رضا قصة فقد قاموا على الساعة التاسعة من صباح اليوم الاثنين 14 جوان 2010 إلى اعتقاله من منزله واقتياده على متن سيارة تابعة للشرطة وهو مقيد اليدين، وكانوا طيلة الطريق يعمدون إلى ضربه والاعتداء عليه بالعنف اللفظي والمادي قئلين أنهم ينفذون تعليمات  »المعلّم »، ولم يطلق سراحه إلا مساء، وقد نتج عن هذا الاعتداء خروج الدم من إحدى أذنيه وأكد لعائلته أنه فقد السمع بالأذن المتضررة وهو ينوي رفع قضية عدلية لمتابعة المعتدين قضائيا وإداريا. 2)    استمرار المراقبة اللصيقة لرئيس وأعضاء المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وإنصاف: لليوم السادس على التوالي يتعرض عدد من أعضاء المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وإنصاف للمراقبة اللصيقة، فبالإضافة للأستاذ محمد النوري رئيس المنظمة الذي يخضع باستمرار للمراقبة والمتابعة والمحاصرة سواء بمكتبه أو منزله أو عند تنقله، يتعرض منذ ستة أيام كل من المهندس عبد الكريم الهاروني الكاتب العام لمنظمة حرية وإنصاف والمهندس حمزة حمزة والسيد محمد القلوي أعضاء مكتبها التنفيذي إلى مراقبة لصيقة من قبل أعوان البوليس السياسي الذين يتبعونهم في كل تنقلاتهم على متن سيارات مدنية ودراجات نارية. وحرية وإنصاف تدين المضايقات المسلطة على أعضاء مكتبها التنفيذي وتطالب بوقف هذه الممارسات المخالفة للقانون التي تحد من حرية العمل الحقوقي وتدعو السلطة إلى فسح المجال أمام المدافعين عن حقوق الإنسان حتى يقوموا بواجبهم في نشر ثقافة حقوق الإنسان والحد من التجاوزات والانتهاكات.  3)    حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو عيدا آخر وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور.  عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين تونس في 14 جوان 2010-3 رجب 1431

المطالبة برفع الحصار عن أخي عبد الكريم الهاروني


هند الهاروني-تونس بالرغم من نداءاتنا المتكررة بخصوص المطالبة برفع  الحصار الأمني المضروب على أخي عبد الكريم الهاروني، السجين السياسي السابق و الأمين العام السابق  للاتحاد العام التونسي للطلبة و الكاتب العام الحالي للمنظمة الحقوقية « حرية و إنصاف »، ما يزال هذا الحصار متواصلا و يشتد يوما بعد يوم  حيث بلغ الأمر حدّ المراقبة اللصيقة بالليل و النهار على مدار الساعة على مرأى و مسمع من المواطنين حيث ما كان في منزله، في مقر عمله، في بيتنا، في المسجد، في المقبرة و في كل تنقلاته بما في ذلك التنقل في إطار عمله أو مع أفراد عائلته. و تتم هذه الملاحقة بالتناوب بين أعوان الشرطة بالزي المدني على متن السيارة البيضاء رقم  15-341969 التابعة في الأصل لوزارة النقل. هذا الحصار الأمني يعتبر اعتداء صارخا على حرية التنقل وعلى الحياة الشخصية في علاقة وثيقة بحرية الرأي و التعبير التي يضمنها دستورالبلاد و المواثيق الدولية للجميع دون تمييز و هو في الأخير مسّ من حقوق المواطنة. إنّ المطالبة برفع الحصار عن أخي عبد الكريم تعدّ في حدّ ذاتها دفاعا عن الحرية و عن المساواة. و من هذا المنطلق أتوجه بنداء حارّ إلى كل الأحرار في تونس و في أيّ مكان للتحرّك من أجل رفع الحصار غير القانوني و غير الإنساني المفروض على أخي عبد الكريم.

 


السجين السياسي السابق والناشط الحقوقي محمد القلوي تحت الحصار


حرر من قبل التحرير في الأحد, 13. جوان 2010 يتعرض السجين السياسي السابق والناشط الحقوقي محمد القلوي عضو المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وإنصاف منذ أيام لحصار ومراقبة لصيقة ومتابعة مستمرة من قبل عدد من أعوان البوليس السياسي، إلا أن المراقبة قد تطورت إلى التدخل في حقه في الشغل حيث يرابط عناصر البوليس قرب من مكان عمله مما يسبب له حرجا أمام مشغله، كما عمدوا ـ حسب بيان لمنظمة حرية ولإنصاف ـ إلى الضغط على المشغلين من أجل عدم التعامل معه. وقد هدد السيد القلوي في صورة استمرار السلطة في حرمانه من حقه في الشغل بالدخول في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجا على الاضطهاد اليومي الذي يعيشه وأفراد اسرته. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 13 جوان 2010)  

وفد أمني يزور مركز الأمن بسهلول ويجرد رئيسه من صفته


حرر من قبل التحرير في الأحد, 13. جوان 2010 قام يوم السبت 12 جوان 2010 وفد أمني مرسل من قبل تفقدية الأمن إلى مركز الأمن بسهلول من ولاية سوسة بمعاينة مباشرة للاوضاع، سلم إثرها رئيس المركز « فوزي قيراط » قرارا بتجريده من صفته كرئيس مركز و نقلته إلى إحدى المناطق الداخلية. و أتت زيارة الوفد الأمني بعد عديد التشكيات التي رفعها المواطنون وعدد من الهياكل في شأن استغلال رئيس المركز المذكور لمنصبه، وتلقيه عديد الرشاوي.  جدير بالذكر أن رئيس المركز المذكور كان قد أوقف عوني شرطة عن العمل الشهر الماضي بسبب تخليهما عن حصة الاستمرار بعد أن أصيب أحد العونين بنوبة مما اضطر زميله إلى غلق المركز ونقله إلى مستشفى فرحات حشاد بسوسة أين احتفظ به تحت العناية الطبية. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 13 جوان 2010)

 

مدرسة بوجابر قلعة سنان , حين يفقد المدير أعصابه

 


اجتمع اليوم أعضاء النقابة الاساسية للتعليم الاساسي بقلعة سنان ،بالزميلات و الزملاء الاكارم في مدرسة بوجابر،على إثر التجاوزات الخطيرة التي أقدم عليها مدير المدرسة المذكورة،حيث عمد الى دفع زميلة و جرها الى مكتبه ،و ترهيبها و تهديدها بمنع ترسيمها ،و هرسلتها و ترويعها ،يذكر أن هذه الحادثة تمت يوم 12 جوان ،و قد التحق ساعتها أعضاء النقابة الاساسية بقلعة سنان بالمدرسة المذكورة ،و استمعوا الى اعتذارات المدير و رغبته في تنقية الاجواء و الحرص على السير السليم و الطبيعي للعمل الا أن المعلمات و المعلمين في بوجابر و قلعة سنان عموما،تفاجؤوا ،باستدعاء زميل من المدرسة المذكورة ،بتلقيه برقية ممضاة باسم المدير الجهوي ،و تلح عليه بالحضور الى الادارة الجهوية للتربية و عقب ذلك،التحقت النقابة الاساسية للتعليم الاساسي بالزملاء،و استمعت اليهم من جديد ،و تم الاجتماع بهم من الساعة الواحدة و ثلاثين دقيقة الى حدود الثالثة و النصف ،و تم تحرير عريضة نقابية في الغرض و بإمضاء الحاضرات و الحاضرين الا أن السيد المدير ،كال لأعضاء النقابة الأساسية ما شاء من التهديد و الوعيد ،بل وصل به الأمر حد التلفظ بكلمات خطيرة جدا من قبيل (اخرجوا علي من المدرسة)،(اسكت انت ما تتكلمش،ما تعرفش القانون)(انتم نيتكم سيئة)ا ؟؟؟؟؟؟؟ و صنف نفسه عدوا لنا كنقابيين ،و كان في حالة هستيرية ،بحيث لم يكن التواصل معه أمرا ممكنا و نحن نحمله مسؤولية كلامه ،و تهديداته ،و ماضون في نضالاتنا ضد هذه الممارسات المتطرفة و المخالفة لكل أصول التعامل السليم و الحضاري و لن يهدأ لنا بال قبل تجميل هذا المدير مسؤولياته القانونية كاملة رضا كارم -قلعة سنان — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux  


إلى سيادة رئيس الجمهورية التونسية زين العابدين بن علي

 


 نحن بعض أولياء تلاميذ المدرسة التونسية بالدوحة نتقدم إلى سامي عنايتكم بأسمى عبارات الوفاء و التقـدير و نشكر لكم اهتمامكم و رعايتكم الموصولة بكافة الجاليات التونسية الموجودة بالخارج، كما نعـــــبر عن اعتزازنا و افتخارنا بالمنظومة التربوية التونسية و نجاحها في تونس و الخارج و خير دليل على ذلك  المدرسة  التونسية بالدوحة هذه المؤسسة التي برهنت على نجاحها خلال السنوات الماضية ، فإذا تحدثنا عن الإمتحانات الوطنية فسيادتكم أعلم بما حققته هذه المؤسسة من نتائج باهرة و متميزة تراوحت بين  98%  و 100% ، و على صعيد الإمتحانات المدرسية  و المشاركة في جميع الأنشطة مع المدارس القطرية و الهيئات الرياضية رغم عديد النقائص التى نأمل أن تفض في أقرب الآجال و هي موضوع المقر و بعض الديون ، كما نأمل حسب ما وعدتنا به إدارة المدرسة أن تكون مدرسة نموذجية خارج ارض الوطن عند تسلم المقر الجديد ، كما نلتمس التخفيض من عدد التلاميذ في الأقسام رغم وعينا التام أنها مشكلة مقر لا غير و نظرا لنجاح المؤسسة ونجاح المنظومة التربوية بتونس  جعل عديد الجاليات العربية تقبل على المدرسة التونسية . سيادة الرئيس ، مازالت ثلة من الأولياء معروفة عند الجميع منذ سنوات تكتب بإسم الأولياء على أعمدة الأنترنت ضد المدرسة و ضد السفارة ، تشتم و تدعي بالباطل و تذكر أسماء مسؤولين يتمتعون بثقة تونس و بسمعة طيبة في قطر ، علما أن هؤلاء يكتبون العرائض و يرسلون الرسائل المجهولة الهوية بغية  تشويه سمعة الناس و لمصالح خاصة . سيادة الرئيس إننا واثقون من حرصكم على إعطاء تعليماتكم إلى من يهمه الأمر لإيقاف هذه المهزلة خاصة و أن هؤلاء باتوا معروفين لدى السفارة و لدى الجميع وإن ما تتمتع به المنظمة التونسية للتربية والأسرة من خبرة في مجال التربية والتعليم لخير دليل على اختيارها لتسيير هذه المؤسسة ، فنحن نؤكد على بقاء هذه المدرسة منارة تربوية خارج أرض الوطن لمزيد استقرار الجالية التونسية بقطر ، ولمزيد إشعاع المنظومة التربوية التونسية التي وضعتم أسسها . دمتم يا سيادة الرئيس خير سند لتونس  تونس العهد الجديد  لرفع التحديات   والسلام                                                                                             عن بعض أولياء المدرسة التونسية بالدوحة أبو صدق جوان  


حركة الديمقراطيين الاشتراكيين تثمن المسار التعددي التونسي في ذكرى تأسيسها

 


تونس 24- أحيت حركة الديمقراطيين الاشتراكيين في تونس الذكرى 32 لتأسيسها. وتأتي هذه الذكرى وقد قطعت تونس أشواطا بعيدة في تحقيق التعددية السياسية والديمقراطية. وأكد اسماعيل بولحية الامين العام للحركة ان حركته حرصت منذ تأسيسها في 10 جوان 1978 على تكريس المبادئ التي بعثت من اجلها في كنف التواصل والتكامل بين أجيالها المتعاقبة. وبين لدى إشرافه بمقر الحركة بالعاصمة على حفل استقبال بالمناسبة التي انتظمت تحت شعار « الولاء الدائم لتونس » ان خيارات وتوجهات الحركة تتماشى وتتناغم والمبادئ التي جاء بها تغيير السابع من نوفمبر وهو ما يفسر تأييدها لخيارات الرئيس زين العابدين بن علي ومساندتها له في الانتخابات الرئاسية لشهر اكتوبر 2000. واضاف بأن الحركة ستظل حليفا للرئيس بن علي وستسهم في دعم جهوده على درب الديمقراطية وترسيخ والتعددية مثلما اكد على ذلك البند الاول من برنامجه « معا لرفع التحديات » موضحا انها ستحرص ايضا على ان تكون في طليعة القوى الوطنية للحفاظ على استقلال البلاد وحرية قرارها السياسي وعلى الاسهام في اشاعة الوعي بالتحديات المطروحة وباهمية التفاعل الايجابي مع متطلبات الحداثة من اجل ان تظل تونس منارة حضارية في محيطها الاقليمي والدولي.x  (المصدر: موقع صحيفة « العرب أولاين » (يومية – لندن) بتاريخ 14 جوان 2010)


تونس تبدأ تجربة فريدة في بث حوارات مع الوزراء حول شواغل المواطنين

 


تونس 24- تشرع الفضائية التونسية الرسمية المعروفة بـ »تونس 7″ وكذلك الاذاعة التونسية بدءا من الثلاثاء 15 جوان-حزيران الجاري في بث سلسلة حوارات مع أعضاء الحكومة بشأن مشاغل عامة وقضايا يومية للمواطنين. ويعد ذلك تطبيقا سريعا لقرار كان اتخذه الرئيس التونسي زين العابدين بن على يقضي بتنظيم لقاءات دورية تجمع الوزراء بمختلف الاطراف ذات العلاقة بمجالات اختصاصهم في حوارات صريحة ومفتوحة، وذلك « توفيرا للمعلومة الشاملة والدقيقة، واصغاء لشواغل المهتمين والمعنيين بكل القطاعات والاجابة عن استفساراتهم ». وقالت وكالة الانباء التونسية إن أولى هذه الحوارات سيكون مع منذر الزنايدي وزير الصحة العمومية. وكان قرار الرئيس بن علي بإجراء تلك الحوارات وجد ترحيبا واسعا من العديد من الملاحظين عربا وأجانب اعتبروه مكرسا لنهج الشفافية الذي تسلكه تونس ودعما لأركان الحكم الرشيد. ويعد القرار الأول من نوعه عربيا وعلى صعيد الكثير من دول العالم.
 (المصدر: موقع صحيفة « العرب أولاين » (يومية – لندن) بتاريخ 14 جوان 2010)


لاعمرة بدون إمضاء إلتزام تعهد المعتمر بجبر أضرار الدولة عند تخلفه


تونس-الأسبوعي بعد تلدّد طويل وقع رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار الاتفاقية الإطارية التي أعدتها شركة الخدمات الوطنية والاقامات وقد تحول في بداية الاسبوع المنقضي وفد من الشركة الى السعودية لاطلاع الشريك السعودي على الاجراءات التي تتبعها الجهات التونسية لمكافحة ظاهرة التخلف ومن أبرز هذه الاجراءات إمضاء المعتمر لالتزام مع التعريف بالامضاء يتضمن 12 شرطا لا تخدم مصلحته. وقبل الحديث في تفاصيل الالتزام جدير بالذكر الاشارة الى أن وكالات الاسفار وحسب مصادر داخلها غير مقتنعة بالاتفاقية الاطارية الا أن 103 وكالة أسفار تنظم العمرة ستكون مجبرة على توقيعها وتسليمها لشركة الخدمات الوطنية والإقامات بما يمكن من اعتمادها في تنظيم رحلات العمرة بعد أن سجلت الحرفاء وقبلت جوازات سفرهم.. جبر أضرار من جهة ثانية ستكون وكالات الأسفار مطالبة بتقديم التزام المعتمر «للمنتزه » ممضى ومعرفا بالإمضاء مع طلب التأشيرة وهو الالتزام الذي يقرّ فيه الحريف دون قيد أو شرط بحق وكالة الأسفار في مطالبته بجبر كل الأضرار المادية والمعنوية المترتبة عن ثبوت تخلفه بالبقاع المقدسة وأيضا بمقاضاته أمام العدالة.. والسؤال الذي لم تعثر له عن إجابة وبخاصة لدى أصحاب وكالات الأسفار هو كيفية تولي المتخلف جبر كل الأضرار المعنوية والمادية المترتبة عن اغلاق النظام الآلي الخاص بالتأشيرات على بلادنا أي غلق العمرة تماما؟ لا تعويضات للمتراجعين ومن بين ما يتضمنه الالتزام أن كل معتمر لا يمكنه استرجاع جميع المبالغ التي دفعها لتغطية تكاليف العمرة من 21 شعبان الى 5 شوال بعد تسليم ملفه الى شركة الخدمات الوطنية والإقامات من طرف وكالة الأسفار. وتشير مصادرنا الى أن المعتمر الذي يؤجل سفره أو تراجع سيخسر كل ما دفعه ولا يمكنه بأية حال من الأحوال استرجاع ثمن التذكرة وتكاليف الإقامة من منطلق أنه قد يكون فعل ذلك ليعتمر عن طريق البر بعد أن حصل على التأشيرة وعلمنا في هذا الإطار أن المعتمر بمقدوره استرجاع مصاريف في حالة واحدة وهي تسليم جواز سفره للشركة والانتظار حتى يقع غلق العمرة، وهذه  النقطة مثلا لم يقع التنصيص عليها في الالتزام.. بالاضافة الى أن الحريف لا يمكنه استرجاع العربون الذي دفعه في حالة عدوله عن السفر بعد تسليم ملفه الى «المنتزه» من قبل وكالة الأسفار. حول جواز السفر وفيما يخص جواز السفر جاء في الاتفاقية الاطارية وتحديدا في  البند الخامس أن شركة الخدمات الوطنية والإقامات تسلّم جوازات السفر المؤشرة والمفوترة الى الممثل الرسمي المفوض من قبل وكالة الأسفار قبل أربع ساعات من موعد اقلاع الطائرة أو حسب ما يصدر عن الشركة من بلاغات في أوقات الذروة ..على وكالة الأسفار إعلام حريفها بوجوب تحويل منحته السياحية قبل تسليم جواز سفره الى الوكالة حيث لا يجوز له استرجاعه بأي حال من الأحوال قبل الموعد المحدد.. وفي السياق ذاته فإن المعتمر يقر في الالتزام الذي يطالب بتعريفه بالامضاء بتسليم جواز سفره لرئيس المجموعة مباشرة إثر الانتهاء من اجراءات الدخول للبقاع المقدسة ولا يمكنه بأية حال من الاحوال المطالبة به مهما كان الظرف الا في مطار المغادرة أثناء القيام بتسجيل الأمتعة.. وهو ما يعتبر تضييقا للخناق على المعتمر.. أين حقوق المعتمر زيادة عن كل هذه الشروط فإن المعتمر الذي يدفع الملايين للحصول على خدمات جيدة يقر في الالتزام بأن روزنامة التنقل داخل البقاع المقدسة وبرنامج الايواء يتم تعديلهما حسب الظروف والامكانيات المتوفرة مع الحفاظ على صنف الخدمات الذي اختاره الحريف مقابل كل هذه الشروط التي يلتزم بها فإنه لا الاتفاقية الاطارية، ولا أيضا الالتزام أشار أو لمح ولو لنزر قليل لحق من حقوق المعتمر. ــــــــــــــــــــــــ في صورة حصول حادث من يعوض لعائلات الضحايا والمتضررين من المعتمرين؟ من المعلوم أن كل وكالة أسفار تدفع لشركة الخدمات الوطنية والإقامات مبلغ 14 دينارا عن كل معتمر تابع لها كضمان أو تأمين إلا في حالة تعرضه لحادث لا يحصل على التعويض ودليلنا على ذلك أن ضحايا حادث الحافلة الاخير قرب المدينة المنورة والذي توفي فيه أربعة معتمرين لم يقع تعويض أهاليهم إلا عن طريق صندوق مخصص لمثل هذه الحالات في السعودية حيث سيقع تمكين أهل كل رجل متوف من مبلغ 40 ألف دينار (وعددهم 3 رجال) وامرأة واحدة سيحصل أهلها على مبلغ 20 ألف دينار… أما الجرحى والبالغ عددهم 16 جريحا  فقد عادوا منذ أيام والأضرار التي لحقتهم متفاوتة وتكفلوا بمداواة أنفسهم على نفقتهم ولم يقع التكفل بهم أو تعويضهم مثل المتوفين… والسؤال المطروح ما جدوى، مبلغ التأمين الذي يدفع عن كل معتمر إذن؟ ..المهم تعددت الشروط والقرارات والاجراءات لكن الضحية واحدة وهي المعتمر…  عبد الوهاب (المصدر: جريدة « الصباح » الأسبوعي  الصادرة يوم 14 جوان 2010)  
 


انهيار الثقاقة التونسية


المشهد الثقافي في تونس هو عبارة عن جنازة متواصلة. يوميا لا تسمع حديثا الا على تشييع الجثامين. وهناك جثث مبعثرة وملقاة على قوارع الطرق لم تعد تابه لها شركات الدفن. لقد شبعت سماءنا من السموم.وبدا المسممون يموتون  هم ايضا بما ضخوه من  مواد قاتلة  ومشعة  كانوا يعتقدون جهلا انها لن تقتل الا  اعداءهم. وزارة ثقافة لم تعد وزارة للمثقفين ولم يعد احد يعرف  وزارة من صارت. وضعت هناك كجسد ممتد على طول البلاد مدعية انها لم تعد طرفا . وعبثا نبحث عن اطراف  فلا نجد الا هذا الجسد الممدود  يشتغل كما يشتغل اية جسد حكومي  به تلك الرفعة  ومفاتيح الاقصاء  وبيروقراطية مكلفة بتطبيق تعليمات  وسياسة ثقاقية  لا تبوح عن نفسها ولا تريد مواجهة النقد. وتحشد حولها وجوه هي نفس الوجوه التي بدات تموت هذه الايام وفيها ما هي وجوه ميتة اصلا وتشتغل من الدار الاخرى في اطار خطة نسخ الارواح وتثيت حالة الموت هذه التي انتشرت. يكتشف بعضهم اليوم ان تاسيس سياسة ثقافية  على قاعدة  ان الثقافة هي عمل تنشيطي ترفيهي   لا يؤدي الا وئد الثقافة وقتلها  وتحويلها الى مرتع للجراثيم والاوبئة . ومهما ادعى من ادعى ان  الدولة ليست معنية بهذا فلا نرى اليوم مسؤولا عما حدث الا الدولة. هذا الدمار الذي بدا ياتي على الاخضر واليابس  هو من مسؤولية سياسة ثقافية  اتسمت برفض تحمل المسؤوليات. خطاب  الدولة انها خرجت من الثقافة هو خطاب مزيف وخطير.لان هذا الخروج الشكلي  لم يرافقه انسحاب كلي  من ساحة التوجيه الاعلامي ومن اسواق  التوزيع  وخصوصا من  سلطة الاديولوجيا. ستراتيجية الانسحاب من الانتاج الثقافي  كان سيضع اية سلطة في مازق لو قررت الدولة  ان تسحب حقوق الكل من ملكية  التاثير الاديولوجي. لذلك احتفضت السلطة والحكومة  بكل ما كانت تمتلكه في العهد الاشتراكي السابق من وسائل التبليغ والتاثير .وبهذا لم تخرج الدولة من قطاع الثقافة  بل  نراها سلمت  كل مساحة الحياة العامة للسلطة الحالية  ووفرت لها  قوة التاثير دون ان تبقي على مسؤولياتها في صورة ما تاكد حدوث كوارث بسبب ذلك التاثير. حرية الاسواق لا تتاسس على الفوضى.لو كانت الدولة حريصة على تسليم الانتاج الثقافي لكانت  مكنت التجمعات المهنية من القيام بدورها. في تونس  يوجد اتحاد مسرحيين ونقابة للمسرحيين ونقابة لاصحاب الشركات  وجمعيات لحرفيي السنما واتحاد للفنانين التشكيليين ونقابة للموسيقيين  واتحاد للكتاب  .ولست ادري  ماذا.وهي جمعيات فيها ما هو قديم  وفيها ما هو مستحدث. ولكنها  تجمعات لا تعمل. لم يتركوها تعمل كما يجب. انها تعمل كخلايا ومكاتب تابعة لوزارة الثقافة. يتصرف المسؤولين فيها تماما كما لو انهم موظفين في وزارة الثقافة. وهي تجمعات لا احد يكيل لها وزنا ولا يعيرها اهتماما ومنذ ان انتصبت لم تتمكن من  بلوغ درجة التاثير اللازم  لتغيير الواقع الثقافي  وهي مشهورة بانها وكر للموالين للسلطة .ولا نعرف لها موقفا صارما  لا في تحديد معالم  الحياة الثقافية ولا تاثيرا على الواقع المهني  للفنانين . هناك رفض قاطع  من السلطة ان يكون للفنانين سلطة مستقلة عن ارادتها لهذا ابقت على نفوذها داخل كل هذه المبادرات و افرغتها من محتواها  لفائدة  استعمالها كاطر  لتنفيذ سياساتها. الاموال التي ترصدها وزارة الثقافة  للانتاج الثقافي  لا يزال الكثيرين يعتقدون انها اموال لدعم الثقافة .حتى خطاب الوزراة لا يخلوا من استعمال فج لهذا المفهوم. ولكن الوزارة في الحقيقة تستعمل تلك الاموال في اطار سياسة ممنهجة على قاعدة انها اموال  تصرف في اطار حملات العلاقات العامة. انها اموال  موصوفة بانحيازها الدقيق وبغياب مرجعيات الصرف  وتستعمل في اغلب الحالات لدعم كل من يدعم سياسة الحكومة. هذه الضبابية  خلقت حالة من الهذيان  حول اموال الدولة الموجهة للثقافة. وبما ان الوزارة خرجت من وضعية المساءلة حول هذه الاموال.فان  صرف هذه الاموال خرج على نطاق اية سلطة وبات من معلوم الغيب من سيحصل عليها. وتكونت حولها عصابات ملثمة  واخرى مكشوفة الوجه. تتنافس بكل الطرق الوضيعة والحزينة للحصول عليه. ان اصرار وزارة الثقافة على استعمال عبارة دعم المنتوج الثقافي لاموال هي في الحقيقة  مرصودة  لتمويل حملات علاقات عامة  القصد منها حشد  رائ عام مساند لسياسات الحكومة اربك المنتج الثقافي وفتح البلاد على مرحلة بدا فيها التدافع الى الاسفل يجر الجميع . ان ادعاء وزارة الثقافة انسحابها من الانتاج الثقافي  كان لابد ان يتزامن مع توضيح ان ما يصرف من اموال  هي منح لتجميع مناصرين لسياسة الحكومة وليس دعما للانتاج الثقافي. . ولكنهم فضلوا الابقاء على ضبابية الموقف وبقيت الوزارة تصرف اموالا على اطراف دون اخرى. وابقت على استعمال كلمة  دعم الانتاج الثقافي رغم ان السياسة المعلنة رسميا هي انسحاب الدولة من الانتاج الثقافي. وبينما ضل الفنانين  يعتقدون ان الوزارة  تواصل سياستها القديمة في دعم الثقافة.تمارس الوزارة  في صمت سياسة تقوم على  اشتراء الاصوات المناصرة  والداعمة للحكومة. وباتت هذه الوضعية تساهم في  خلق واقع ثقافي غاية في الرداءة . فمعيار المساندة والولاء لا يعبا بالقيمة الفنية. اذ تحولت المنافسة بين الفنانين من فكرة اجهاد النفس  للابداع الى الابداع والتفنن في اعلان الولاء والتاييد. وحوصر الفن حتى الموت. لقد دمرت اسس الانتاج الثقافي في بلادنا.وفتحتها للغزو الثقافي من كل صوب وحدب.واتجهت الينا اجهزة البروبغندا العالمية  وبات المواطن التونسي مستهدفا من كل الجهات.واغرق السوق في سلع رخيصة  ومناؤة لحياة وثقافة البلاد .وانهال الردم من كل الجهات.وتاكد ليدنا ان الوزارة  ليست محرجة بما الت اليه  سوقنا الثقافية.بل تعاملت معه على  انه هو ايضا وضع ماركيتينغ  سياسي جديد وحاولت الاستفادة منه  على انه مساحة اشهارية  لما يمكن ان تعتبره بضاعتها. حتى انه كان لدينا وزير ثقافة في السابق سمح لنفسه بان يتحول الى متعهد حفلات وقامت في الصحافة فضيحة سباب بينه وبين  مغنية كاباري رخيصة من الشرق واثارت صحافة الفضائح  معاركه معها على الكاشيات  وكدنا نموت اما ضحكا او كمدا مما يحصل امام اعيننا. اننا نعبر مرحلة انتقالية غاية في الخطورة.ولقد طالت اماد هذه المرحلة. وبتنا متاكدين ان حالة العفن الثقافي  التي نراها انتشرت امامنا  سيكون من الصعب في المستقبل مقاومة تاثيراتها السلبية على الجسد الاجتماعي. ان انتقالنا من وضعية بلاد كانت سباقة للابداع الى بلاد  مستهلكة لانتاج الاخرين  وباتت تغرق في وحل النسخ  والتقليد.سيكون صعبا عليها في المستقبل بناء صناعة ثقافية قادرة على منافسة خصوم اشداء واقوياء. الامجد الباجي  

خضراء والابن البارّ


قصة قصيرة :بقلم زكية الضيفاوي خضراء منطقة ريفيّة نائية جدا. تتالت عليها سنوات الخصب فطابت بها الحياة، وابتسمت لأبنائها فتزاوجوا وتكاثروا وبأرضها تشبثوا، يعطونها الحب، تعطيهم النسل. ابن وحيد من أبنائها فر منها منذ الصّغر يلاحق حلقات العلم وازدهار الحياة في المدن المتقدمة حتى عاد إليها طبيبا في ريعان شبابه، محملا بأسرار التقدم وبحب لا يوصف لأهلها وبإخلاص مبالغ فيه لعمله. و وجد نفسه طبيبها الوحيد ومعالج أمراضها، لذلك عمل على أن تكون عيادته مفتوحة ليلا نهارا حتى أضحت تعج بمرضى يعالجهم مجانا، فهمه الوحيد ليس جمع المال كما الأطباء في المناطق الحضرية المتقدمة. إن مهنته كطبيب جعلته إنسانيا إلى أبعد الحدود،وحسب درجة إنسانيته حدد أهداف حياته، إنها التضحية التي لا تنضب من أجل حماية أهله من الأمراض الخطيرة، لكنه اكتشف أن أمراضهم غريبة عما درسه،فكل السكان يعانون من حدة البصر،حتى المتقدمون في السن منهم لم يضعف الدهر بصرهم .. لذلك عمل الطبيب جاهدا على صنع مستحضر يقضي نهائيا على هذا المرض ،ولما أكمل صنعه سماه « الكُحلي » لأنه يزيد العيون سوادا وجمالية والأهم من ذلك أنه يجعلها لا تبصر، فالعمى في عهده نعمة للمساكين « لا عين ترى لا قلب يوجع ». وما أن كاد يطمئن على راحة قلوب أهله حتى اكتشف الطبيب البارع أن القلوب لا تتألم فقط لما تراه العين،بل أيضا لما تسمعه الأذنان فازداد حرصه على ضرورة توفير الراحة التامة لقلوب معذبة،خاصة وأن اتساع  ممتلكاتهم وتشتت سكنهم عودهم على مخاطبة بعضهم البعض عن بعد حتى أصيبت حناجرهم بمرض خطير جدا، وأصبحت أصواتهم قوية خشنة، وعجزوا عن التهامس،حتى أنك تخال الواحد منهم وهو يحادثك إنما يسعى إلى إيصال صوته إلى أقصى أنحاء المعمورة، مما قد يقلق راحة بعضهم البعض خاصة وأنه لكلّ واحد منهم قصصٌ يدمي القلوبَ سماعُها، لذلك سهر الطبيب المسكين الليالي الطوال يخلط عقاقيره ويستشير مدرسيه في المدن البعيدة حتى صنع مستحضرا يخفت الأصوات سماه « اللجام » وجربه عليهم فانتهى بهم إلى الخرس التّام، وهذا أفضل فهكذا لا يسمع بعضهم شتيمة بعض وتنتفي الخصومات نهائيا ويكون « غل البكّوش في صدره ». ومرة أخرى اكتشف طبيب خضراء أن هذا الدواء لا يكفي فقد تمزّق سكون الأهالي أصواتُ الدواب أو حتى هسهسة الريح ما داموا قادرين على السمع،لذلك لا بد من صنع دواء يخلصهم من هذه الحاسة أيضا،وسرعان ما اكتشف مستحضرا آخر سماه « نعمة الطرش » وأنعم به عليهم « سعدو الأطرش يمشي في الزفة وما تقلقوش أبواقها ». هكذا تلذذ الأهالي نعمة الراحة وأصبحوا لا يملونها بل ويطالبون بالمزيد إنهم لا يقدرون تضحياته حق قدرها.. يريدون منه أن ينفق العمر في السّهر على راحتهم دون التفكير في راحته.. إنهم أنانيون. سنين طويلة وهو يعمل ويكد ليخلصهم من الآفات الخطيرة كالسمع و النطق والبصر، وعندما حقق لهم ذلك بدأ الجميع يتأفف من رائحة عقاقيره، حتى حاسة الشم فيهم أصبحت تعكر عليه صفوه، واقتنع طبيبنا أخيرا بأن قدره أن ينفق العمر في سبيل أهله وبلده إنه « يحب البلاد كما لا يحب البلاد أحد »، ومن يحب البلاد عليه أن يسهر على راحة أهلها، ومن يقدر على ذلك سوى ابنها البار؟ حكميها الأوحد، قاهر الأمراض وصانع المستحيل،  إنه عينها الساهرة وأذنها الصاغية ولسانها الناطق باسمها أبدا وعقلها المدبر.. فهل يمكن أن يتخلى عنها؟. فكر الطبيب جيدا فلم يجد بدا من أن يضحي بفترة أخرى من حياته في البحث عن دواء يحد من حاسة الشم عل أهل خضراء ينعمون بالهدوء المطلق، فأقفل باب مخبره عليه كالعادة ليصنع « محطم الأنوف » فيخلص من تأفف الأهالي من كل الروائح الكريهة « ما أجمل حياة الدّيكة لا تعكرها رائحة الأوساخ ». هكذا استطاع الابن البار أن يوفر لخضرائه هدوءا وسكينة منقطعي النظير، لكن خضراء الجحود، ما شكرته يوما ولا نوهت بخصاله، وحتى لما أراد أن يتباهى أمامها بانجازاته مذكرا بفضله على أهلها اكتشف أن لا أحد قادر على أن يدقق فيه النظر أو أن يسمعه أم حتى يتلذذ رائحة البنفسج التي تعبق بها خطاباته الرنانة.
 


رؤوف بن يغلان أعددت مسرحيتي مع «الحارقين» في صقلية


محمد صالح الربعاوي عالجت الهموم بالرمزية المشحونة بالضحك الملغوم بعض الحارقين طلبوا مني التوسط لهم أرفض «التبندير» وعبارة  «لاباس» سبب أمراضنا قال رؤوف بن يغلان أن مسرحيته الجديدة «حارق يتمنى» هي نقد للعلاقات الاجتماعية وفضح للتجاوزات وكشف للمسكوت عنه بطرح كوميدي عميق وجريء. وأضاف أنه عالج المعاناة والهموم بالرمزية المشحونة بالضحك الملغوم. كما شدد على أنه حرص على النفاذ إلى مختلف جزئيات ظاهرة «الحرقان» استنادا إلى شهادات حية حتى تكون معالجته المسرحية صادقة وجريئة بعيدة عن «البندير» و»التدربيك» على حد تعبيره. وهي مسائل تكتشفونها من خلال الورقة التالية لما التقيت بالمسرحي رؤوف بن يغلان بمكتبه حدثني عن المجهودات الكبيرة التي بذلها من أجل إنتاج عمل مسرحي يشد الاهتمام وينال الاستحسان والاحترام من النقاد والجمهور. وخرج في أكثر من مرة عن الكلام ليمثّل أمامي بعض المشاهد إلى حد وجدت فيه نفسي أمام «بروفة» حقيقية لهذه المسرحية. والأجمل أنه كان يناقش معي خلفيات كل مشهد ومنطلقاته ومرتكزاته.  كان مسكونا بالكثير من الهواجس التي حرص على توظيفها في هذا العمل الإبداعي. ومازال يعيش صراعا ومخاضا لن ينتهيا بالتأكيد إلا مع العرض الأول للمسرحية اختلاف الطرح كشف لنا بن يغلان أن «حارق يتمنى» تختلف عن مسرحياته السابقة في الطرح والرؤية التي تختلف عن مسالك الآخرين مضيفا «في مسرحية مثلا» تطرقت إلى موضوع علاقة الرجل بالمرأة في مجتمع ذكوري وهاجمني البعض بدعوى دفاعي عن المرأة على حساب الرجل .وفي مسرحية «آش يقولولو» عالجت مسألة الثقافة الصحية والتربية الجنسية قصد فضح عديد الممنوعات. أما في مسرحية «نعبر وإلا مانعبرش» فقد سلطت الضوء على حرية التعبيروالصحافة وعلاقة المواطن بالإدارة. في حين أن مسرحية «حارق يتمنى» تعالج ظاهرة «الحرقة» وأنطلق من هذا المشكل الساخن لربطه بأحداث عالمية  
شهادات حية حرصا منه على النفاذ إلى مختلف جزئيات ظاهرة «الحرقة» من جميع جوانبها النفسية والاجتماعية والاقتصادية سافر بن يغلان في أكثر من مرة إلى صقلية أين التقى بعديد الحارقين وسجل معاناتهم. وأطلعني على عديد الشهادات المصورة التي عبر من خلالها أصحابها عن آلامهم وندمهم بعد نجاحهم في الوصول الى إيطاليا بسلام… بعضهم أكد أنه «تمرمد» ويعيش «الميزيريا» في أدنى درجاتها إلى حد أصبحوا يقتاتون فيه من القمامة… البعض الآخر كشف أنه يقطن بـ»خربة» لا تتوفر فيها أدنى ضروريات الحياة بل تهدده الحشرات والثعابين …آخرون اعترفوا أنهم يواجهون المجهول باعتبارهم مازالوا يعانون من الجوع والعراء… واتفقت كل الآراء على أن إيطاليا ليست تلك الجنة الموعودة  عدت أسأل بن يغلان عن أهمية هذه الشهادات الحية في مسرحيته فقال «لو لم أتمكن من الاستماع إلى هذه الشهادات لما استطعت التعبير بصدق عن معاناة الحارقين. كما أعانتني هذه الحالات على بلورة رؤيتي للأسباب الحقيقية التي دفعت المئات إلى اللجوء إلى «الحرقان»… «برشة» نادمين لكن يقولون لك أن المجتمع ضحك علينا في تونس ولن نعود بأياد فارغة حتى وإن كلفنا ذلك الانتحار… بعض «الحارقين» طلبوا مني التوسط لهم لدى الأطراف المسؤولة لتسهيل عودتهم والابتعاد عن الجحيم لكني سأتوسط لهم فقط من خلال المسرحية… رهاني الكبير هو تحدي هذه المأساة بالسخرية واضحاك الناس وهذه هي المعادلة الصعبة التي»حاربت» على أكثر من واجهة من أجل بلوغها   
 رمزية مشحونة وضحك ملغوم  وعن الأساليب التي اعتمدها لمعالجة هذه الظاهرة من وجهة نظره الفنية أوضح أنه اعتمد على السخرية والتهكم ومحاسبة العقلية السائدة من خلال الرمزية المشحونة بالضحك الملغوم باعتبار أن كل جملة تتضمن «ضحكة صارخة». وأضاف «حاولت فضح واقعنا من زيف وغش وأنانية في المعاملات والسلوكيات. وهذا المجتمع الذي طغت عليه المادة سأفضحه بطريقة تضحك عليه الجمهور… سأجلد ثقافة «دبر رأسك» و»اخطى رأسي واضرب» وسيقهقه الجمهور من هذا المجتمع الذي يفرض علينا التصرف بسلوكيات تهلك بعضنا بعضا  
بعيدا عن البندير «همي أن تكون معالجتي لهذه المسألة صادقة بعيدة عن «البندير» و»التدربيك» لأن عبارة «لا باس» من أبرز «أمراضنا». مؤكدا أن الجمهور سيكتشف جرعات الجرأة التي لامست خلل المسؤول ووضعت الإصبع على تقصير صاحب القرار في أغلب المواقع الإدارية. وأضاف أن الحديث عن أسباب  «الحرقة» سيضع الكثيرين في دائرة الاتهام. وتظل الغاية الأساسية من مثل هذه الأعمال المسرحية توعية مختلف الأطراف للقيام بالأدوار الموكولة إليها في سبيل الحد من هذه الظاهرة ومحاصرتها مع السعي تدريجيا إلى القضاء عليها في مهرجان الحمامات  كشف لنا ابن يغلان أنه تأكد تقديم العرض الأول لـ»حارق يتمنى» بمهرجان الحمامات إلى جانب مصافحته لجمهور عديد المهرجانات الأخرى أبرزها مهرجان سوسة الدولي. كما أوضح لنا أنه التقى بمدير مهرجان قرطاج واتفق معه على «الكاشي» وكل الجزئيات. وبعد أيام فقط وصلته مراسلة من إدارة المهرجان تعلمه بعدم برمجة المسرح بصفة عامة في الدورة الجديدة من المهرجان  محمد صالح الربعاوي
(المصدر: جريدة « الصباح » الأسبوعي  الصادرة يوم 14 جوان 2010)  


كتاب الرحلة – مذكرات آدمي ، ينتظر تشريفكم وتقييمكم


منصف المرزوقي   يسعدني أن أعلم أصدقائي وقرائي  أن  الطبعة الكاملة لكتابي  » الرحلة »  صدرت  هذا الشهر في دمشق عن دار الأهالي . الكتاب في 780 صفحة ويحتوي على الأجزاء الخمسة التي طبعت  كل على حدة سنة 2002 ( الإحرام، العالم، الطريق، المغامرون، الملحمة) أضفت لهما كتابين لم ينشرا ( الغريب، الرؤيا) وبهما أكون قد أكملت مشروعا فكريا وأدبيا  بدأ بمخاض دام قرابة الخمس سنوات وفترة كتابة استغرقت خمسة عشر سنة بالضبط  وتنتهي اليوم بصدور الكتاب كاملا. هذا المشروع هو نفسه جزء من مشروع ثقافي  أضخم وفيه  مواصلة الكتابات السياسية  من أجل المساهمة في تحرّر الأمة والشعب والانتهاء من كتاب  » المدخل إلى علوم  الصحة  » الذي أريده  زبدة تجربتي في ميدان الصحة العمومية  ومساهمتي المتواضعة في نهضة علمية عربية . لما لمست « الرحلة »  بعد أن وصل الكتاب بالبريد من دمشق بعد طول ترقب حذر، شعرت بما يشعر به كل أب جاءه مولود طال شوقه إليه خاصة وأن  هذا المولود عرف كل الأهوال الممكنة قبل أن يرى النور ، فمن تعقب » والده  » طوال عقدين من الزمان إلى كل مشاكل النشر…الرفض المؤدب وغير المؤدب نظرا لضخامة الكتاب وندرة القراء…تحيّل ناشر مصري  أخذ المخطوطة ونفقات طبعها ثم تبخّر…خطر المصادرة من قبل السلطات السورية بعد اعتقال كتابي  » حتى يكون للأمة مكان في هذا الزمان  » من نفس دار النشر. طبيعي أن أتنفس أخيرا الصعداء وان اشعر ببهجة  كل أب جاءه مولود جديد …ولم لا حتى بشيء من الفخر. فليس من السهل فعلا التعهد أمام النفس بالقيام بعمل كبير يستغرق سنوات ويتطلب جهدا ضخما والنجاح في البقاء على العهد رغم جبال من الصعوبات…. ليس من السهل الكتابة والأخطار ترفرف من حولك لا تعلم هل سترى غدك أم لا …. ليس من السهل أن تكتب وأنت تعرف جيدا أنك تكتب لأمة أميّة ، أمة أمرت بالقراءة وكتابها المقدس اسمه القرآن ومع ذلك هي أقل الأمم الكبرى قراءة…. ليس من السهل أن تكتب وأنت تعلم اصدق العلم أن الكتاب لن يخترق من الحدود العشرين  إلا  أقلها … ليس من السهل أن تكتب وأنت تعرف أن موقعك الذي تأمل منه إيصال أفكارك مغلق في بلدك ومعرّض للتدمير في كل لحظة …ليس من السهل أن تكتب وأنت تعلم أشدّ العلم أن هناك  كم من شخص متربص  لتوظيف هذه الفكرة أو تلك الجملة  ضدّك سياسيا… ليس من السهل أن تكتب وأنت تعرف أن هناك أقلية تجهر بأنها ضد حرية  الضمير والرأي والتعبير وأغلبية تصرخ أنها من أنصارها شريطة  أن يكون لها  الحق في أن تنقد  كل ما ومن تريد وألا يتطاول عليها أحد بالنقد…ليس من السهل محاولة التجديد في مجتمع لا يريد شيئا غير اجترار نفس الأفكار والرؤى  …. الأخطر من هذا كله أنك لا تعرف هل ما تكتب هو الذي يحتاجه الناس ويتطلبه الظرف ومن شأنه أن يعين ولو شخص واحد على تحسين وضعيته ومزاجه  أم أنك لا تفعل سوى إضافة الزبد للزبد…نعم ليس من السهل أن يكتب كاتب اليوم وهو  يعلم أنه في أسوا الأحوال يحرث في البحر وفي أحسنها يزرع في الصحراء. هل ثمة خيار آخر للمثقف غير تجنيد فكره ووضعه في خدمة شعبه وأمته والإنسانية جمعاء ؟ أحبّ أم كره ،  عليه أن يقبل أن هذا واجبه ، أنه لا شكر على واجب، أن  التاريخ مثل الباحث عن الذهب  الذي يقلب أطنانا من التراب بحثا عن ذرة واحدة من التبر …أنه لن يكون موجودا لما يصدر حكمه على ما كتب : تبر أم تراب. وفي الأثناء الواجب داخل الواجب أن تدق على الأبواب ، أن تحمل كتابك إلى بيوت الناس بكل تواضع فخور أو فخر متواضع أملا أن يقبلوا بهديتك وأن يجدوا فيها رسالة المحبة التي وضعتها فيها . يسعدني إذن  أن أهدي كتاب الرحلة لكل قرائي أصدقائي  والأمل أن يجد كل قارئ ذاته  فيه وأن يكتشف رحلته هو لا غير ، لأن هذا الكتاب كل شيء إلا سيرة ذاتية وإنما أردته سيرة كل ذات ومنها ذاتك أنت الذي يقراني في هذه اللحظة. ولأنه لن  يتم توزيع الكتاب  بصفة طبيعية في أي بلد عربي ، خاصة في تونس قبل التحرير فللوصول إليه  ، لا حل غير تحميله ،مجانا بالطبع ، من  الموقع – بين فترات التدمير – www.moncefmarzouki.com    للأسف باب التواصل  مغلق لأن بوليس الانترنت التونسي ملأ  فضاء الردود بالقاذورات  لكن يمكن ترك أي تعليق على عنواني      moncefmarzouki@yahoo.fr وسأكون سعيدا بوضعه على الموقع مع المودة  

دعوة لفتح باب المساءلة والمحاسبة دون حصانة لأحد


منصف سليمي
 
1- لقد أحجمت  طوال الخمسة عشر سنة  الفارطة عن التطرّق إلي حجم الظلم والتجاوزات الخطيرة التي مارستها قيادة حركة  النهضة في السودان بحقّي وحقّ عدد معتبر من أتباع الحركة والمتعاطفين معها رغم الأضرار الكبيرة التي خلّفتها تلك الممارسات  علي حياتي  وحياة  أسرتي   إلاّ انّ  نبش السيّد العدّاسي  في هذا الموضوع  بطريقة تلوي عنق الحقيقة   وأعتباره  وضعنا في موضع من  هو مشكّوك في براءة  ذمّته  وولائه  لمدّة سنوات من قبل قيادة النهضة بالسودان   بغير وجه  حق  ليست إلاّ  » معاملة غير مفتوحة    » تبرّرها « تخوّفات القيادة الواقعيّة »  وأعتباره هذا الظلم  « ليس بظلم  بل علي العكس من ذلك  كلّه خير وبركة مادام مقترفوه إخوتنا من القيادات   و ما دام هذا  سيسفر  عن  « لجوئنا  » مرّة ثانية داخل السودان  (ولكن هذه المرّة هربا من ظلم إخواننا !!) و « فرارنا  » من ظلم إخوتنا الي الخلوة   لحفظ القرآن  الكريم !! (وأنا أسأله بهذه المناسبة  وقياسا علي ما رأي  لماذا يريد منّي أن أتطرّق الي ظلم السلطة  بحقّ أتباع الحركة في تونس  ما دام هذا الظلم  علي مقياس ما قال كلّه خير وبركة باعتباره  يسفر بالنتيجة عن  « فرار » الإخوة  و »لجوءهم  » الي السجن  ليتوج بعد سنين بحفظهم  للقرآن الكريم !!؟؟أمّ أن  ظلم قيادات الإخوة  « بطّيخ »  وظلم  السلطة « خيار » كما يقول إخواننا  الشرقيين  !!؟؟)  قلت أن نبش السيّد العدّاسي في هذا الموضوع المحزن منذ حوالي نصف سنة  ( من خلال  مقال كتبه ونشره بتاريخ :21-11-2009    بمناسبة وفات المرحوم مجاهد الذيبي )   حركّ أوجاعي من جديد  وأصابني بصدمة نفسية عميقة فوق صدمتي وبقيت أيّام وليالي أفكّر دون أن يغمض لي جفن و لسان حالي يقول هل يعقل أن يبرّر هذا الإنسان تلك التجاوزات الخطيرة   التي حدثت  منذ خمسة عشر سنة  بل ويعتبرها من الخير المطلق ويمتنع  عن الإعتذار العلني عنها ؟؟؟  وبعد تردّد طويل قرّرت أخيرا ان أكتب   محاولا  تجنّب شخصنة الموضوع  و إكتفيت  بذكر  ما تعرّض له  المرحوم  الذيبي  بصفة عامة  دون غوص في التفاصيل ودون « نشر للغسيل »   خاصّة وأنّ الرسائل التي كان يرسلها المرحوم الذيبي لي  والتي تصوّر معاناته    كانت تتناقض تماما مع ما ذكره العدّاسي
2- نتج عن تلك المعاملة المهينة بحقّي  ترسّبات سلبية  أثرت بشكل بالغ علي  نفسي  وذهني  وفكري وتصوّراتي وأفكار ي   وحتّي علي أسرتي وأولادي  وجعلتني أزهد تماما في الحيات العامّة  والنشاط  الثقافي و الفكري والدعوي  رغم حبّي المفرط سابقا لمثل تلك النشاطات فحسبي الله ونعم الوكيل في من كان سببا في ذلك 3-لا أقبل الظلم من أحد سواء كان  سلطة أو  « إخوة »  ولكن ظلم ذوي القربي  أدهي وأمر وما حصل لي يذكرني بالمثل الشعبي القائل   » هرب من تحت القطرة فجاء تحت الميزاب  » 4- في الوقت الذي كانت أسرتي تدفع فيه ضريبة الخيارات  الفاشلة  من محاصرة  ومداهمات وتضييق أمني   كان  « إخوتي » في السودان ينغّصون حياتي  ويعاملونني بغير وجه حق  معاملة من هو مشكوك في ولائه  وقد حاولت بعد وصولي إلي السودان ببضعة أشهر  ان اسافر من جديد إلي ليبيا  بعد أن إنقطعت أخبار أسرتي عنّي  تماما منذ مغادرتي أرض الوطن  تونس   لأطمئن أسرتي عن أحوالي  إلاّ أن قيادة الحركة « عادل  ومن معه  »  عرقلوا سفري دون وجه حق رغم انّ حركة سفر اتباع الحركة  بين ليبيا والسودان لم تنقطع أبدا  ذهابا وإيابا لأفاجأ بعد وصولي الي أوروبا مباشرة بخبر نزل عليّ كالصاعقة  ويتمثّل في أنّ اغلب أفراد أسرتي  قد أصيبوا  بصدمة نفسية حادّة وبانهيارات عصبية  استلزمت نقل بعضهم الي مستشفي ألامراض العقلية « الرازي » وخرج أغلبهم بعاهات نفسية وصحية متفواتة  الخطورة  بل إن  أخي الأكبر  المنجي سليمي    قد أصيب  بإعاقة  ذهنية  مستديمة تستوجب  إحاطة صحّية خاصّة وهو يعيش هذا الوضع منذ  15 عشرة سنة  وقد نتج كلّ ذلك عن انقطاع  أخباري عنهم لمدّة طويلة  وتزامن ذلك مع ترويج جهات مغرضة  إشاعة مفادها أنّني قد توفيت كما زاد الطّين  بلّة تزامن ذلك مع  المداهمات و المضايقات الأمنية  للعائلة  ورغم إيماني بقضاء الله وقدره إلاّ أنّني  لازلت أعتقد أن زيارتي تلك الي ليبيا (التي لم تتم »بسبب عرقلة « إخوتي « لسفري )  وأطمأنان أسرتي عن حالي   كانت ستخفّف كثيرا من وقع الصدمة   وربّما كنت إخترت العودة الي السجن علي أن يدفعوا هم تلك الضريبة الباهضة  ولكن شاء الله وما قدّر فعل 5-  أدعوا ما تبقّي من قيادة حركة النهضة  الي فتح باب   المساءلة والمحاسبة  في كلّ التجاوزات بداية من 1991 والي غاية اليوم  إن كانت فعلا تريد إصلاحا  ودون حصانة لأحد  سواء كان من القيادة أو من القاعدة  ليأخذ كلّ ذي حقّ حقه  دون جور أو ظلم  
 
منصف سليمي هولندا

الجزء الاول من البحث(1/5) https://www.tunisnews.net/02Juin10a.htm

الجزء الثاني من البحث(1/5) https://www.tunisnews.net/03Juin10a.htm
 
 
تصحيح مقاصد المكلف: النية أولاً 3/5

 


2010-06-04  
الصحبي عتيق * 

(4) في سبيل الله:
يحدّد القرآن الكريم في نصّ صريح أنّ دور الإنسان هو العبادة -بما هي تعبيد الطريق وتذليلها بإزالة العوائق منها واقتحام عقباتها وإخضاع مصاعبها- وإزاحة كل ما من شأنه أن يحول بين الإنسان وبين التقدم نحو الله « وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون » (الذاريات -56).. فما من وجهة للإنسان المسلم إلا الله، وهذا ما تؤكده الآيات القرآنية « إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين ألا له الدين الخالص « (الزمر- 2، 3)، « قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين » (الزمر- 11) « وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين » (الأعراف- 29). وإنّ في الإخلاص تأكيدا لمعان ثلاث: المعنى الأول هو انتفاء الهوى من أحكامنا باعتباره شرّا ووثنا يُتبع: « ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله » (سورة ص- 26)، « ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله » (القصص -50).
أمّا المعنى الثاني فهو التحرّر من الضغط الخارجي ومن كل أشكال المسايرة والنفاق الاجتماعي، وبقاء الوعي والقناعة المبدئية هي المحدّد في الفعل، ولذلك وصف الله تعالى الرساليّين بكونهم لا يخشون أحدا سواه، ولا يتملقون الناس ولا يخافون لوْمة لائم « الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله » (الأحزاب -39)، « فسوف يأتي الله بقوم يحبّهم ويحبّونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لوْمة لائم » (المائدة- 54).. وبالمقابل فقد وصف الله المنافقين بكونهم مرائين لا تعنيهم الأخلاق وإنما تحكمهم عقليّة حفظ ماء الوجه وطلب رضا الناس بأيّ ثمن « يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم » (النساء -108)، « وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا » (النساء- 142)، أما المعنى الثالث فهو تأكيد ابتغاء وجه الله بعد نفي كل شريك من داخل الذات أو من خارجها، ولذلك يصف الله عز وجل الإنسان التقيّ بكونه « الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى » (الليْل- 18، 19، 20) وإن القرآن ليمضي في هذا الاتجاه إلى حدّ القوْل بأن الذي يأخذ الصدقة ليس هو الفقير، ولكن الله سبحانه « هو الذي يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات » (التوبة- 104) وللنبيّ (صلى الله عليه وسلم) في هذا المقام تعبير رائع حيث قال: « من تصدّق بصدقة من كسب طيّب، ولا يقبل الله إلاّ طيّبا، كأنما يضعها في كفّ الرحمن يُربيها كما يُربي أحدُكم فلوّه أو فسيله، حتى تكون مثيل الجبل » (رواه الإمام مالك في الموطأ)، فمجموع هذه النصوص تهدي إلى تحديد كامل للنيّة الحسنة طبقا لمفهوم القرآن، فهي حركة تعدل بها الإرادة الطائعة عن كل شيء، طوعا أو كرها، ظاهرا أو باطنا، كيْما تتوّجه نحو الجانب الذي تتلقى منه الأمر، إنه اتصال بالمثل الأعلى، والأزكى والأكمل: الله جل وعلا.
إذن فلا يمكن أن يتسلّل إلى نفس قارئ القرآن إمكانيّة النسيان العميق، أو حتى الغفلة الطويلة، ما دامت دقات هذا العلم الروحي ترن في أذنيه، وتعاوده بلا انقطاع، كيْما تردّه إلى المنبع الأول للقوة والنور، ولا نظن أن هناك تدريبا أبلغ تأثيرا من هذا حتى نبقى على انتباهنا يقظا، وحتى نجعل نيّتنا « طاهرة ونزيهة » (محمد عبدالله دراز: دستور الأخلاق في القرآن). ❍ كاتب وباحث من تونس
 
 
تصحيح مقاصد المكلف: النية أولاً (4 /5)

 
2010-06-11  الصحبي عتيق ❍   
(5) النيّة الجازمة مظنة الجزاء:
نظرا للأهميّة البالغة للنيّة، على النسق الذي سبق منا توضيحه، فإنها ستكون محطّ اهتمام عند كلّ نظر كما كانت محط عناية من قبل الوحي الإسلامي، ويمكن أن نرصد الحالات التالية: الحالة الأولى: هي التي يشير إليها حديث النبيّ صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: « إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، فقيل يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه » (رواه البخاري). فرغم انتفاء العمل، وعدم حصول القتل، ولا وجود لغير النيّة الجازمة والعزم الأكيد على إحداثه، فقد كان ذلك كافيا لجعل أسلوب التعامل والمجازاة واحدا مع كل من القاتل والمقتول. الحالة الثانية: وهي التي يشير إليها حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يشبّه فيه أصحاب الأعذار القاهرة بالمجاهدين معه: « إن أقواما بالمدينة خلفنا ما سلكنا شعبا ولا واديا إلا وهم معنا حبسهم العذر » (رواه البخاري)، فالنيّة جازمة التوْق للجهاد، والتطلع للاستشهاد على أشده، إلاّ أنّ العوائق الماديّة في آخر لحظة أجهضت المشروع، إلا أن ذلك لا يقلل شيئا من خيريّة النيّة وصلاحها واستحقاقها للجزاء وإن كانت بشكل غير الذي تناله النيّة التي تصل إلى حدّ التحقق، ذلك أن للنيّة دوْما جزاءَها ولكنّها كلما اقتربت من العمل غنيت بالقيم بحيث لا تبلغ كمالها إلا في العمل التام. الحالة الثالثة: هي التي يشير إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: « من سأل الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه » (رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي). ولفظ الترمذي « من سأل الله القتل في سبيله صادقا من قلبه أعطاه الله أجر الشهيد ». ويشير إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: « إنما الدنيا لأربع نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربّه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقا، فهذا بأفضل المنازل. وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النيّة يقول لو أنّ لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيّته فأجرهما سواء. وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط بغير علم، لا يتقي فيه ربّه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقا، فهذا بأخبث المنازل. وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيّته فوزرهما سواء » (رواه الترمذي بسند صحيح). فهذا التطلع للخير أو للشرّ، برغم انتفاء الشروط الموضوعية ابتداء والتي تعطي القابليّة لتحقيق الفعل، يعوّد النفس ويدرّبها على نوعيّة من الاهتمام والتوجّه إنْ خيرا فخيرا وإنْ شرّا فشرّا، وبمجرّد أن يتوفر الشرط الموضوعي السانح تعبّر بذلك النفس عما تربّت عليه، وبالتالي فهذه النيات الافتراضية لم تكن شيئا عارضا أو خاطرا عابرا وإنما كانت عملا تربويّا فاعلا نافذا يستحقّ الجزاء، وعلى هذا الأساس من الفهم نعتبر أن للاستبداد شرطيْن: شرط ذاتي متمثل في نزوع سلطوي استغلالي قهري لا ينقصه حتى يتجسّد غير الشرط الموضوعي وهو امتلاك المقدرة المادية على ذلك كأن يكون مركز التقرير السياسي والاقتصادي وما إليه. الحالة الرابعة: وهي التي يشير إليها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: « إن الله تجاوز لي عن أمّتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل به أو تكلم » (البخاري). فالخاطر العارض الذي لا ينشئ عزما ولا يصبح نزوعا وأصلا فإنه لا يمثل عملا نحاسب عليه سلبا أو إيجابا. الحالة الخامسة: والتي يشير إليها حديث لرسول الله عليه الصلاة والسلام (رواه ابن عباس) نذكره لاحقا والمتمثلة في نية إحداث شر مع عقد العزم على ذلك ثم تأتي نيّة لاحقة تبطل النيّة الأولى وتجهض مشروعها، حامية بذلك نفسها والمجتمع من شر وظلم. فهذا الإقلاع وإن كان في ظاهره فعلا سلبيا إلا أنه في حقيقته فعل إيجابي مقابل سلبيّة نيّة الشر في بداية أمرها، مما من شأنه أن يرشح النفس لجزاء وخير وتثمين أخلاقي. الحالة السادسة: وهي التي يشير إليها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يعد فيه بين أوائل من تسعّر بهم النار يوم القيامة ثلاثة: « أوّلهم رجل استشهد، فأتي به فعرّفه نعمته فعرفها قال: فما فعلت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال كذبت، ولكنك قاتلت لأنْ يقال جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. وثانيهم رجل تعلم العلم وعلمه، فأتي به فعرفه نعمته فعرفها، قال: فما فعلت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. وثالثهم رجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله، فأتى به، فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحبّ أن يُنفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال جواد، فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي به في النار. أولئك أول خلق الله تسعر بهم نار جهنم » (رواه مسلم). فالأعمال موافقة في ظاهرها لمقتضى نصوص الوحي، بل هي من خيرة ما يمكن أن يأتي الإنسان من الخيرات، وما يكسب من الصالحات، إلا أنها آلت إلى خراب وتباب، بل انقلبت إلى ضدها، وأدت بأصحابها إلى سواء الجحيم. ذلك لأن النيّة فيها إشراك ولم تكن خالصة لله من دون العالمين. ❍ كاتب وباحث من تونس

 
 
 
(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 11 جوان 2010)

ماركس .. وأفيون الشعوب

  


فؤاد زكريا    الجمعة, 11 حزيران 2010 13:16 من أصعب الأمور أن يتحدث المرء عن فكر ماركس والماركسية بروح محايدة، فلم يكن فكر ماركس مجرد فلسفة من الفلسفات التي تظهر وتختفي دون أن تترتب على ظهورها أو اختفائها نتائج عملية واضحة ومباشرة، ولم يكن ذلك الفكر مجرد تأملات نظرية يستطيع المرء أن يعرضها ويتخذ منها موقفاً، بالقبول أو الرفض، وهو هادئ الأعصاب، لا يتدخل في الحكم الذي يصدره إلا عقله فقط، بل إن فكر ماركس، الذي حطم الحاجز القديم بين الميدان النظري والميدان العملي، وأزال كل الفواصل بين التأمل والممارسة، لابد أن يثير في نفس من يريد أن يحكم عليه، اتجاها إلى الرفض العنيف أو القبول المتحمس، لا ترجع أسبابه إلى قيسة هذا الفكر بالمقاييس العقلية وحدها، فأنت قد تقبل فكر أفلاطون أو ديكارت أو حتى سارتر أو ترفضهم بعقلك، ولا تشعر بأن قبولهم أو رفضهم يؤثر عليك عمليا في شيء، أما ماركس فينفرد بأنه يرغمك، سواء كنت معه أو عليه، على التخلي عن موقف الحياد العقلي. ذلك لأن فكر ماركس، الذي تجسد في القرن العشرين على شكل ثورة اجتماعية شاملة، أحرزت نجاحا في جزء غير قليل من العالم، وما زالت تشق طريقها بنشاط في أجزاء كثيرة أخرى، قد أصبح يهدد مصالح قوية يخشى عليها الكثيرون، ويسعى غيرهم إلى الانقضاض عليها. وفي وضع كهذا لا يستطيع كل من الفريقين أن يفكر بطريقة محايدة، إذ أن الفريق الذي يشعر بأن ماركس يهدد مصالحه يستخدم كل الأساليب من أجل تشويه فكره وعرضه بطريقة ممسوخة، ويسئ فهمه عمداً، على حين أن الفريق الذي يتخذ من فكر ماركس أداة للثورة يتحمس له تحمسا مفرطا، ويتخذ منه موقفا تبريرا، لأنه يعمل حسابا لتطبيقاته العملية قبل كل شيء. وهكذا يعجز كل فريق عن أن يزنه بميزان النقد المحايد، أو أن ينظر إليه بطريقة موضوعية خالصة، لأن المصالح العملية تشابكت مع الفكر النظري تشابكا وثيقا، عمليا، ولكن العوامل التي تخرجنا عن حيادنا، تعمل في حالة المذاهب الأخرى بطريقة خفيفة مستترة، أما في حالة ماركس فهي صريحة واعية، لا يحاول أحد إخفاءها، وحتى لو حاول فلن يستطيع. ولقد كانت نتيجة هذا الوضع، الذي ينفرد به ماركس عن سائر المفكرين، هي ضرب نطاق من التحريم على فكره، بحيث ابتعد الكثيرون عن محاولة فهمه، حتى أولئك الذين تسمح لهم إمكاناتهم الثقافية بأن يفهموه، أما في الحالات التي بذلت فيها محاولات لعرض تفكيره – وهي في بلادنا قليلة – فإن التشويه المتعمد «الذي يرجع إلى تدخل المصالح» كان هو الغالب. وهكذا اقتصرت معارف الغالبية العظمى من قراء الصحف والكتب غير المتخصصة، فيما يتعلق بماركس، على مجموعة صغيرة من التعبيرات المحفوظة المتكررة، وحتى هذه التعبيرات تعرض في جميع الأحيان بطريقة مشوهة أو محرفة أو مقطوعة من سياق، له معنى مخالف. ومن بين هذه التعبيرات جملة ربما كانت تشكل الحصيلة الوحيدة المعروفة عن ماركس في عقول عدد غير قليل من الناس، فضلا عن أنها هي السلاح الأقوى – وربما الوحيد – الذي يستخدم في محاربة ماركس في البلاد النامية التي يغلب عليها طابع التدين، ومنها بلادنا العربية، ومصر بوجه خاص، تلك هي الجملة المشهورة «الدين أفيون الشعوب». وسوف أحاول في هذا المقال أن ألقى الضوء على هذه العبارة المشهورة دون أي محاولة للدفاع أو الهجوم، فمن المفيد، في رأيي، أن يعرف القارئ – في بلادنا بوجه خاص – المعنى الذي استخدم به ماركس هذه العبارة، والظروف التي قيلت فيها وأن تتضح له الخلفية التي حددت ماركس من الدين حتى يتسنى لهذا القارئ أن يحدد لنفسه موقفا مبنيا على علم ومعرفة، تجاه أولئك الذين لا يقدمون إليه ماركس إلا من خلال جملته المشهورة عن الدين. ولأبدأ أولا بالسياق الذي وردت فيه هذه العبارة: ففي كتاب «مقدمة لنقد فلسفة الحق أو القانون عند هيجل» وهو من كتابات ماركس المبكرة، يقول: «إن العذاب الديني تعبير عن العذاب الفعلي، وهو في الوقت ذاته احتجاج على هذا العذاب الفعلي، فالدين هو زفرة المخلوق المضطهد، وهو بمثابة القلب في عالم بلا قلب، والروح في أوضاع خلت من الروح، إنه أفيون الشعب» (لا حظ أنه استخدم كلمة «الشعب» بصيغة المفرد، لا الجمع كما هو شائع). هذه الفقرة هي أطول الفقرات التي تحدث فيها ماركس عن الدين، وهي تكشف بوضوح عن السياق الذي قيلت فيه عبارته المشهورة، فلم يقل ماركس هذه العبارة على سبيل النقد أو التحامل أو التشنيع، بل إنه، بعكس ذلك، قالها في سياق يعد فيه الدين تعويضا للإنسان عما فقده في العالم الفعلي المحيط به، وتخفيفا لما يعانيه من بؤس. إن الدين في هذا النص عزاء لإنسان مطحون، وهو يظل ضروريا مادامت الأوضاع التعسة التي يحياها الإنسان قائمة: إذ أن من القسوة المفرطة أن تحرم المظلوم المضطهد حتى من الأمل في حياة أخرى أفضل من الحياته التعسة، أو أن تسلبه الإيمان الراسخ بأن في الكون نظاما عادلا، وبأن هذه العدالة إذا تمهلت أو تأخرت قليلا، فإنها لا تهمل. ولكي نزيد ما يعنيه ماركس إيضاحا، نضرب له مثلا من المشاهد المألوفة في الأفلام المصرية، ففي هذه الأفلام تجد «الشرير» (وليكن فريد شوقي) يحتسي الخمر قبل أن يشرع في ارتكاب جريمته، لكي تعطيه الخمر مزيدا من التشجيع والقوة الدافعة إلى ارتكاب الجريمة، كما تجد البنت الطيبة مظلومة (ولتكن فاتن حمامة) تلجأ إلى الخمر لتنسى همومها وتخفف من وقع الكوارث التي تراكمت عليها. هنا يصبح للفعل الواحد، وهو شرب الخمر، معنيان مختلفان، ويتضح لنا أن التخدير الذي تحدثه الخمر على النوعين، بينهما فرق واضح، فهناك تخدير يدفع المرء إلى ارتكاب الشر، وتخدير يخفف عن المرء وقع الشر، النوع الأول نذمه ونكرهه، أما الثاني فنشعر إزاءه بالعطف، رغم علمنا بأن تناول المخدر أو المسكر بكل أنواعه عمل غير أخلاقي. والآن، فبأي معنى استخدم ماركس تعبير «أفيون الشعب» في عبارته المشهورة؟. من الواضح أن كل من يقتطع هذا التعبير من سياقه لكي يهاجم به ماركس يستخدمه بالمعنى الأول، ولنسمه رمزيا معنى «فريد شوقي»، مستغلا الوقع السيئ للفظ «الأفيون» على الآذان، فينسب إلى ماركس أنه جعل من الدين أداة لخداع البشر وإيقاعهم في حبائل الشر. ولكن الواقع أن ماركس استخدمه بالمعنى الثاني «معنى فاتن حمامة »، لأن السياق بأكمله يتحدث عن الاضطهاد والظلم الذي يقع على الناس، ويجعل الدين عزاء ضروريا لهم في عالم لا يرحم. فهناك إذن مغالطة واسعة الانتشار في الطريقة التي تقدم بها عبارة ماركس المشهورة إلى الناس عن الدين. وعلى حين أن من الشائع تفسير هذه العبارة بأن ماركس قصد بها إبعاد الناس عن الدين مثلما يبتعدون عن مخدر ضار كالأفيون، فإن المعنى الحقيقي الذي استخدمها به هو أن الناس لن يجدوا مفرا من الالتجاء إلى الدين للاحتماء به من الظلم الاجتماعي المحيط بهم، والذي يعجزون عن أن يفعلوا إزاءه أي شيء. فعبارة ماركس تنطوي ضمنا على المعنى القائل إن الدين عزاء لابد منه مادامت المظالم الاجتماعية قائمة، وسيظل ضروريا إلى أن يصبح المجتمع البشري منظما على نحو تسوده العدالة ويختفي فيه ظلم الإنسان للإنسان، ولما كان التنظيم الاجتماعي العادل مازال بعيدا عن التحقق في مجتمعات كثيرة، فإن ماركس لا يستطيع أن يدعو شعوب هذه المجتمعات إلى التخلي عن أديانها. إله إسرائيل هذا التفسير ليس دفاعا عن موقف ماركس من الدين، إذ سيظل من الصحيح مع ذلك أن الدين في نظره«أفيون » أي أنه ينقل البشر من عالم الواقع إلى عالم وهمي يتخيلون فيه أن مشاكلهم قد وجدت حلا أبديا لها، وأن المظالم التي تحيط بهم قد اختفت إلى غير رجعة. وحتى مع الاعتراف بأن ماركس يرى الدين ضروريا لأولئك الذين تطحنهم قسوة النظم الاجتماعية، فإن هذا لا يمكن أن يكون رأيا يرضى عنه رجل الدين، إذ أن الدين – حسب رأي ماركس – لن يعود ضروريا بمجرد أن يحقق الإنسان لنفسه نظاما يختفي فيه الظلم والاستغلال. وكل ما يمكن استنتاجه من التفسير الذي قدمناه هو أن عبارة ماركس المشهورة تحمل معنى مخففا إلى حد بعيد بالقياس إلى المعنى الذي يشيع تفسير هذه العبارة به. ولكن موقف ماركس الأساسي يظل، بعد هذا كله، معاديا للدين، على أن هذا العداء بدوره كانت له ظروف ينبغي أن يلم بها القارئ بحيث يضع موقفه من الدين في سياقه الصحيح، ويتوصل إلى الإجابة الصحيحة عن ذلك السؤال الذي أعتقد أنه سؤال حاسم في هذا الموضوع، وأعنى به: هل من الممكن أن نعمم رأي ماركس عن الدين، أم أن هذا الرأي ينطبق على الدين في مجتمع معين، وعصر معين؟. إن تجربة ماركس مع الدين هي في أساسها تجربة مثقف غربي ينتمي إلى تراث يجمع بين اليهودية والمسيحية بحكم الاتصال الحضاري بين العقيدتين (أي بين العهد القديم والعهد الجديد)، وبحكم الازدواج بين أسرته اليهودية والمجتمع المسيحي الذي عاش في وسطه، فما الذي أخذه ماركس على هذا التراث الديني الذي كان ينتمي إليه؟. لن نجد صعوبة في تحديد موقف ماركس من اليهودية، فقد تخلى عنها منذ عهد مبكر من حياته، وقطع كل روابطه بها،وقد ألف ماركس منذ وقت مبكر رسالة معروفة باسم «المسألة اليهودية» عبر فيها عن الرأي القائل إن للديانة اليهودية أساسا دنيويا هو الحاجة العملية والسعي إلى تحقيق المصلحة الذاتية، فقال: «لو وجد تنظيم للمجتمع يلغى الشروط الضرورية للا مساواة، وبالتالي يقضى على إمكانها، لأصبحت اليهودية مستحيلة، عندئذ ينقشع الوعي الديني اليهودي كما لو كان ضبابا كئيبا بدده هواء المجتمع المنعش»، وفي موضع آخر من هذه الرسالة نفسها يقول: «إن المال هو الإله الغيور لإسرائيل، الذي لا يمكن أن يوجد إله قبله، والحق أن المال ليحط من قدر كل آلهة البشر، ويحيلهم إلى سلع، إن المال هو القيمة العامة، المكتفية بذاتها، لكل شيء، ومن ثم فقد سلب العالم كله – يستوي في ذلك العالم الإنسانية والعالم الطبيعي – قيمته الحقيقة». ولقد بلغ من قسوة الهجوم الذي وجهه ماركس إلى اليهودية في هذه الرسالة أن البعض قد اتهمه – برغم انتمائه العائلي إلى اليهودية – بالعداء للسامية، وهي تهمة لا تعقل في مثل هذه الظروف، وحقيقة الأمر هي أن ماركس قد انشق نهائيا، وإلى غير رجعة، عن العقيدة التي ورثها عن أجداده، وكثيرا ما يكون أبناء اليهود الذين يرفضون عقيدتهم (مثل الفيلسوف الكبير اسبينوزا)، أشد قسوة في مهاجمتهم لليهودية، وأقدر على كشف أخطائها، حتى من نقادها العنصريين، ومن المؤكد أن العامل العنصري لا يكون له أي دور في هذه الحالة، بل يسعى اليهودي المنشق على تحرير اليهود من أنفسهم، ومن جمود عقائدهم، حتى يمكنهم أن يسيروا مع الإنسانية كلها في موكب التحرر، أما أولئك الذين يصرون على أن ماركس كان برعم كل شيء يهوديا، وعلى أن الماركسية كلها جزء من مؤامرة يهودية على العالم، فهم عنصريون قصار النظر، لا يتصورون أن من الممكن للمرء التحرر من تراثه الديني، فضلا عن أنهم يعطون اليهودية أهمية، تفوق ما تستحق، ويمجدونها من حيث لا يشعرون. تراث الكنيسة أما موقف ماركس من التراث المسيحي، الذي يمثل التيار الرئيس في الحضارة التي ينتمي إليها، فهو الذي يستحق منا مزيدا من الاهتمام، ذلك لأن ماركس قد أتخذ من هذا التراث موقفا واضح العداء، ولكن هذا العداء لم يكن شيئا بعيدا عن المألوف بين المثقفين الغربيين المستنيرين منذ فجر النهضة الأوروبية الحديثة حتى يومنا هذا. ذلك لأن أوروبا لم تستطع أن تحقق نهضتها الفكرية والعلمية والفنية الرائعة في العصر الحديث إلا بعد صراع مرير مع الكنيسة، وكان كل كشف جديد، وكل تقدم للروح البشرية في أي ميدان من ميادينها الواسعة يتحقق بعد مقاومة عنيفة من الأوساط الدينية، وبعد محاولات مستميتة تبذلها هذه الأوساط للحفاظ على التخلف السائد، وفي هذا الصراع سقط شهداء كثيرون، أشهرهم جوردانو برونو الذي أحرق حيا في مطلع القرن التاسع عشر لأنه كان يؤمن بدوران الأرض حول الشمس ويدعو إلى ذلك علنا، ولم تخل حياة أي فيلسوف أو عالم ذي شأن في فترة النهضة الأوروبية ومطلع العصر الحديث من مشكلات مع رجال الدين، وهي مشكلات كانت تصل أحيانا إلى حافة الهاوية، كما في حالة غاليليو، أو كانت تؤدي بالمفكر أحيانا أخرى إلى التخفي والانزواء، والحذر، كما في حالة ديكارت واسبينوزا، أو تدفعه إلى الاحتماء بسلطة الدولة من خطر الكنيسة، كما في حالة بيكون وهبز وربما هيوم. ولقد ظل هذا الوضع في أوروبا قائما حتى القرن التاسع عشر، بل إن آثاره لم تختف تماما حتى يومنا هذا، ولكن الأمر المؤكد هو أن الكنيسة بدأت تنتقل إلى موقف الدفاع منذ عصر التنوير، أي في القرن الثامن عشر، على حين أنها كانت في القرنين السابقين تهاجم بشدة، وبلا رحمة دفاعا عن مصالحها التي كان معظمها، في واقع الأمر، دنيويا خالصا، وإن كانت المبررات التي كانت تقدمها على السطح الظاهري ذات طابع روحي بالطبع وليس أدل على دنيوية هذا المصالح من أن مارتن لوثر، الذي تعلقت عليه الآمال في البداية بعد أن قام بحركة الإصلاح المشهورة، وأنشق على الكنيسة الكوثوليكية داعيا إلى إقامة علاقة مباشرة بين الإنسان والله دون وساطة جهاز فاسد يسيطر عليه رجال يحترفون الدين – أقول إن مارتن لوثر ها، عندما اختبر في ميدان الواقع العملي، قد رسب رسوبا شنيعا، وأثبت أنه لا يقل تعلقا بالمصالح الدنيوية عمن أعلن انشقاقه عليهم: ففي عام 1626 نشبت ثورة الفلاحين بزعامة توماس مونتسر للمطالبة بأدنى الحقوق الإنسانية للفلاحين في عصر بلغ الإقطاع فيه أقصى درجات استبداده، ولكن المصلح الديني وقف إلى جانب المصالح القائمة، ولم يقدم أي عون للفلاحين الذين كانت ثورتهم تأثرا بتعاليمه، بل إنه دعا الأمراء إلى سحقهم بلا رحمة، وكان هذا ما حدث بالفعل في مذبحة من أشهر المذابح في التاريخ الأوروبي الحديث. كان هذا هو تاريخ الكنيسة في التراث الغربي الذي ينتمي إليه ماركس ولم يكن من المستغرب أن يدخل عدد كبير من المفكرين في صراع معها خلال مرحلة أو أخرى من حياتهم، بل إن هذا الصراع أتخذ منذ عصر التنوير طابع الهجوم السافر، واشتهر في هذا الصدد مجموعة من الفلاسفة الفرنسيين يعرفون باسم «فلاسفة الموسوعة»، منهم ديدرو ولامتري ودولباخ، هاجموا الدين بقسوة بالغة، وبصراحة تثير الدهشة، ولم يعد في استطاعة الكنيسة منذ ذلك الحين أن تقضي على حياة نقادها، كما كانت تفعل من قبل، ولذلك اكتفت بالدفاع النظري، وبتغيير مواقعها باستمرار كلما أرغمها التقدم البشري على التراجع والقيام بتنازلات. ولقد كان كثير من هؤلاء المفكرين يهاجمون الدين في ذاته، ولكن مهاجمتهم للدين كانت في واقع الأمر انعكاسا مباشرا لموقفهم من النموذج الوحيد الذي عاشوا في ظله وتأثروا به في حضارتهم الغربية، وأعنى به الكنيسة المسيحية بجهازها الهرمي المحكم، وبموقفها التاريخي من اتجاهات التقدم العلمي والفكري والاجتماعي، وعلى ذلك فإن ماركس لم يكن إلا واحدا في سلسلة طويلة من المفكرين الذين أفرزتهم الحضارة الغربية الحديثة، والذين وجدوا لزاما عليهم أن يهاجموا الدين دفاعا عن حقوق الإنسان. وبطبيعة الحال كان هناك نمط آخر من المفكرين، لا يرون أي تعارض بين الدين وتأكيد حقوق الإنسان، ولكن هذا النمط لم يكن له وزن كبير في فترة الصراع الأولى، التي دامت من القرن السادس عشر حتى القرن التاسع عشر، ولم يظهر كقوة فكرية ذات تأثير إلا بعد أن أصبحت الاتجاهات العلمانية والعقلانية آمنة راسخة الأقدام، بحيث لم يعد هناك خوف من الارتداد إلى عهد السيطرة الشاملة للكنيسة. ولم تكن لدى العدد الأكبر من هؤلاء المفكرين الغربيين الذين هاجموا الدين أي نظرية اجتماعية تؤدي إلى أي نوع من الاشتراكية أو الشيوعية، أي أن الصراع بين الفكر والدين في العالم الغربي لم يكن مرتبطا بالضرورة بالثورة الاشتراكية، بل إن الاشتراكيين بأكملهم لم يكوّنوا سوى أقلية ضئيلة ضمن مجموعة كبيرة من المفكرين الذين دخلوا في معارك مع الدين دون أن يكون لنظرياتهم مضمون اجتماعي ثوري واضح. وهكذا يتضح للقارئ أن هناك خطأ أساسيا آخر في كل الكتابات السوقية الشائعة التي تصور موقف ماركس بأنه ظاهرة فريدة في تهجمه على الأديان، وتغفل تلك الحقيقة التاريخية التي لا يستطيع أحد إنكارها، وهي أن التيار المعادي للدين تيار رئيسي في الفكر الغربي، كان موجودا منذ فجر النهضة الحديثة، قبل أن تظهر الماركسية بمئات السنين، أما في عصرنا الحاضر فقد اشتد هذا التيار قوة، واشتهر من بين ممثليه عدد كبير ممن لا ينتمون أصلا إلى الماركسية، ومع ذلك فإن هذه الكتابات غير العلمية تكيل المديح لمفكرين مثل برتراند راسل أو هيدجر أو سارتر، دون أن تشير إلى أن موقفهم من الدين لا يقل عداء عن موقف ماركس وأتباعه، مما يثبت أن الهجوم على ماركس بسبب الدين إنما هو تغطية سطحية لأسباب أقوى وأعمق. يمكننا إذن أن نقول أن تجربة ماركس مع الدين تجربة مع تراث ديني رجعي في صميمه، نشبت بينه وبين الفكر العلمي والإنساني معارك قاسية راح ضحيتها شهداء كثيرون، وكان يستخدم أداة سهلة، مضمونة المفعول، لتخدير الناس وصرفهم عن محاربة المظالم المحيطة بهم، أي أن هذه التجربة كانت، بالاختصار، مصطبغة بالطابع الخاص لتراث حضاري معين هو التراث الأوروبي الغربي، ولموقع زمني خاص في هذا التراث. على أن هناك تجربة أخرى لم يكن من الممكن أن يعرفها ماركس، لأنها تنتمي إلى تراث حضاري لم يعرفه معرفة كافية، فضلا على أن معالمها لم تتحدد إلا في عصر لاحق لذلك الذي عاش فيه ماركس، تلك هي تجربة الدين كقوة تحررية، يستمد المجتمع منها طاقة روحية تعينه على التصدي لطغيان الاستعمار الأجنبي، وهذه التجربة لم تظهر ملامحها إلا في بلاد العالم الثالث، وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وإن كان تأثيرها لم يتضح بجلاء إلا في القرن العشرين. ولقد تنبه الغرب ذاته إلى الدور الذي قام به الدين في بلاد العالم الثالث، من أجل حشد الطاقات الروحية لأبنائه في مواجهة القوة المادية التي واجههم بها الاستعمار الغربي، وظهر الدين في ثوب جديد، ودور جديد في كثير من الحركات التحررية في أميركا اللاتينية، وانشق كثير من رجال الدين عن الكنيسة التقليدية وانضموا إلى صفوف الثوار دون أن يتخلوا عن وظيفتهم الأصلية كرجال دين (وهذا أهم ما في الأمر)، كما كان لبعض الرهبان البوذيين دور ملحوظ في مساندة الثورة التحررية في فيتنام ومكافحة طغيان العصابة الحاكمة العميلة قبل الوصول إلى النصر النهائي. على أن أروع نماذج اتخاذ الدين قوة تحررية ضد الاستعمار قد تمثل في عالمنا العربي، فقد تنبه المستشرق الفرنسي جاك بيرك الذي عاش فترة طويلة من حياته في شمال أفريقيا، إلى الدور الكبير الذي لعبه الدين الإسلامي في الثورة الجزائرية، وفي حركة مقاومة الاستعمار الفرنسي في شمال أفريقيا عامة، وجعل من هذه الظاهرة موضوعا رئيسيا لعدد غير قليل من كتبه، وكانت الحقيقة التي توصل إليها هي أن الدين في هذه المنقطة من العالم لم يكن على الإطلاق عاملا مخدرا للشعوب، بل كان على العكس من ذلك سلاحا عظيم الفاعلية، نبه الشعوب إلى حقوقها، وساعدها على حفظ أصالتها وصوت تراثها في وجه استعمار يملك قدرة هائلة على التغلغل والتسلط، لا في الميدان السياسي والاقتصادي فحسب، بل في الميدان الفكري والحضاري أيضا، فتمسك شعوب تونس والمغرب والجزائر بقيمها الدينية في عصر الاستعمار الفرنسي لم يكن على الإطلاق من قبيل «الدروشة» أو التخدير، بل كان هو القوة التي أعانتها على التصدي لمحاولات القضاء على هويتها وأصالتها . وهكذا أفلحت هذه الشعوب في مقاومة جهود فرنسا من أجل تغريبها – أنا أستخدم كلمة «التغريب» هنا بمعنيين متكاملين: معنى الاغتراب عن الذات وتراثها وأصالتها من جهة، ومعنى الاصطباغ بالصبغة من جهة أخرى – بفضل تشبثها بطوق النجاة الأخير الذي بقى لها. وهو القيم الدينية. على أن هذا النموذج لا يقتصر على شمال أفريقيا، أو على الأمثلة التي أشار إليها جاك بيرك فحسب. ففي مصر كانت كثير من الثورات الشعبية ضد الاستعمار تتخذ طابعا دينيا، وذلك منذ وقفة الشيخ عمر مكرم الوطنية الرائعة ضد طغيان الحملة الفرنسية في نهاية القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، حتى الدور البطولي الذي قام به رجال الدين المسلمون والمسيحيون في ثورة 1919، وفيما بين هذين الموقفين كان لرجال الدين دور يذكر في ثورة عرابي، بل إنني، وإن لم أكن مؤرخا، أتصور أن حلقة الذكر المشهورة التي قيل إن عرابي قد أقامها عشية موقعة التل الكبير (وهي الموقعة التي كان يعرف أنها حاسمة في تقرير مصير البلاد إزاء الاحتلال البريطاني، كانت لها إذا كانت قد حدثت بالفعل – دلالة رمزية بالغة، فتفسيرها الظاهري هو أنها كانت دليل التخلف في وجه قوى استعمارية تستند إلى أحدث أساليب التكنولوجيا المعروفة في ذلك الحين، ولكن تفسيرها الأعمق هو أنها كانت محاولة لاستخراج القيم الدينية من أعماق الوجدان الشعبي، كيما يستمد منها الشعب طاقة يدافع بها عن هويته الأصلية ضد خطر دخيل. فهنا، في ساعة الخطر، كان الدين صيحة تتجمع بها القوى الشعبية تحت لواء واحد ضد العدو الذي يهدد كل القيم والمقدسات، وما كان أشبهه في ذلك، وهو قياس مع الفارق طبعا، بجوزيف ستالين حين لجأ في خطبته المشهورة غداة الغزو النازي لبلاده إلى استخدام لفظ «روسيا» بدلا من لفظ «الاتحاد السوفيتي» لكن يربط حاضر الشعب بماضيه، ويدعوه إلى الذود عن مقدساته. إن الدين لفي هذه الحالات جميعا إنما هو عودة إلى الأعماق السحيقة في ساعة الخطر، ودعوة إلى انبعاث أعمق ما في الذات الاجتماعية لمواجهة عدو غريب غاصب. على أن القيم الدينية، في العالم الثالث، لا تستخدم دائما على هذا النحو المؤدي إلى التقدم، فنحن نعرف جميعا تلك الحالات التي استخدم فيها الدين قوة تحارب التحرير وتتحالف مع الغاصب والمستعمر والمستغل ،وتضفي على أطماعهم من القدسية، وكأنها تحقيق لإدارة الله في الأرض، وحسبنا أن نذكر بعض الأمثلة من التاريخ القريب: فباسم الدين أسقطوا مصدق وعاد احتكار البترول مسيطرا على إيران، وباسم الدين انقلبوا على نظام سوكارنو ـ الذي كان مخلصا في إيمانه – وارتكبت في اندونيسيا مذبحة من أفظع مذابح التاريخ، قتل فيها كل من كان له اتجاه تحرري وطني على أساس أنه «شيوعي»، وباسم الدين حورب نظام سلفادور الليندي الوطني حتى سقط رائده الشيخ في ميدان الشرف ومات ميتة الأبطال، وحلت محله ديكتاتورية بلغ جبروتها وإرهابها حدا جعل أولئك الذين أقاموها يخجلون من انتسابها إليهم، ويتبرأون منها ظاهريا حتى لا يفتضحوا أمام العالم المتحضر، وباسم الدين – بالأمس القريب – قتل مجيب الرحمن وأفراد أسرته البعيدون والقريبون بطريقة فيها من الجبن والخسة ما يثير الاشمئزاز، دون تمييز بين رجال ونساء وأطفال. وخلاصة القول إن الصورة المتعلقة بالدور الاجتماعي الذي يستخدم فيه الدين في العالم الثالث، شديدة التعقيد، فهناك مؤمنون مخلصون لا يستمدون من الدين إلا مبادئ تساعد على التقدم والتحرر، وهناك أيضا مؤمنون، بعضهم على الأقل مخلصون، يستخدمون الدين وسيلة للقهر والرجوع إلى الوراء، وفي استطاعة كل من الفريقين أن يأتي بالمبررات التي يؤيد بها موقفه، والتي هي في نظره مقنعة كل الإقناع. ولكن ما يهمنا في الموضوع ليس المقارنة بين هذين الموقفين، بل هو إثبات التعقيد الشديد للصورة، وإيضاح أن مشكلة دور الدين في المجتمع قد اتخذت في عصرنا، وفي مجتمعات العالم الثالث، طابعا لا يمكن أن يكون قد خطر ببال ماركس، ففي عصره، وفي الحضارة التي ينتمي إليها، كانت المسألة بسيطة كل البساطة، واضحة كل الوضوح، إذ أن كل تقدم علمي وفكري في أوروبا الحديثة لم يتحقق إلا بعد صراع عنيف ضد سلطة الكنيسة، أعني ضد المؤسسة الرسمية التي تنصب نفسها حامية للدين. والسؤال الحاسم، الذي تتلاقى عنده كل خيوط هذا المقال، هو: هل كان ماركس سيعالج دور الدين بتلك الطريقة المبسطة، لو كانت قد أتيحت له فرصة معايشة هذا الوضع بالغ التعقيد للدين في مجتمعات العالم الثالث المعاصرة؟. إنني أفضل أن أترك للقارئ التفكير في الإجابة عن هذا السؤال، وحسبي أن أكون قد أوضحت له أن قضية ماركس المشهورة «الدين أفيون الشعب» لا تحمل المعنى الذي يشبع تصوره، وأن موقف ماركس من الدين كان مرتبطا بعصر معين وثقافة معينة، وأن ماركس لو كان قد عايش تلك التجربة شديدة التعقيد التي عاشتها مجتمعات العالم الثالث في عصرنا الحاضر، لكان من الجائز أن يعدل أحكامه البسيطة المباشرة بحيث يعمل حسابا للدور التحرري الذي قام به الدين في بعض هذه المجتمعات. * مفكر مصري (1927 ـ 2010) http://socialisthorizon.net/index.php?option=com_content&view=article&id=791:2010-06-11-13-21-17&catid=37:2009-06-15-08-49-52&Itemid=63 (المصدر:موقع الأفق الإشتراكي(يساري-مصر)بتاريخ 11 جوان 2010)


‘القدس العربي’ تكشف جوانب من عملية التشويش وكيفية التصدي لها تصاعد ‘حرب الاتهامات’ بين ‘الجزيرة’ و’نايل سات’ الاتحاد الدولي يساند القناة القطرية. وادارة القمر المصري تهدد بالقضاء ايضا


6/14/2010 القاهرة ـ ‘القدس العربي’ من حسام أبوطالب واحمد القاعود: اشتعلت حرب تكسير العظام بين شركة ‘نايل سات’ المصرية وقناة ‘الجزيرة’ الرياضية وذلك بعد التشويش الذي تعرض له بثها على القمر الصناعي المصري منذ بدء مباريات كأس العالم المقامة حاليا في جنوب أفريقيا في الوقت الذي لم تتعرض فيه اشارة البث في المباريات المنقولة على القنوات الأرضية بمصر لأي خلل. ودخلت الحرب الإعلامية بين وزارة الإعلام وقناة ‘الجزيرة’ القطرية منعطفاً جديداً وسط حالة من الغضب الشعبي المصري بسبب التشويش على القناة القطرية. وذكر الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) الأحد إنه سوف يساعد قناة ‘الجزيرة’ في معرفة السبب في إنقطاع إرسالها خلال بث المباراة الافتتاحية لكأس العالم في جنوب أفريقيا. وقال المتحدث باسم الفيفا نيكولاس مينجوت في جوهانسبرج ‘إن الفيفا تدعم الجزيرة في محاولتها تحديد مصدر التشويش على إرسالها خلال بث مباراة الإفتتاح في كأس العالم’. وقال مينجوت ‘إن قطع الإرسال غير مقبول لدى الفيفا’ الذي باع حقوق البث لمباريات البطولة لقناة الجزيرة الرياضية وتليفزيونات أخرى في نحو مائة دولة في أنحاء العالم. ويشعر الكثير من المواطنين بأن عرض ‘الجزيرة’ بث المباريات مجاناً يمثل خدمة كبيرة لمحدودي الدخل حتى وإن كان التليفزيون المصري يذيع المباريات وفي تصريحات خاصة لـ’القدس العربي’ إتهم استاذ الإعلام بجامعة القاهرة صفوت العالم المؤسسة الإعلامية المصرية بأنها مليئة بالمسؤولين الذين يورطون مصر فيما لا يليق بحجمها ووصف الصراع بين الجانبين المصري والقطري بأنه يسيء لكلاهما معتبراً أن كلا الجانبين يتصيد للآخر الأخطاء. واكدت الادارة الفنية في قناة ‘الجزيرة’ في تقرير اولي بعثت به الى الفريق القانوني الذي يتولى حاليا بحث الجوانب القانونية لاتخاذ الخطوات اللازمة لمقاضاة الجهة التي تقف خلف عملية التشويش هذه، اكدت ان عملية التشويش ‘متعمدة’، ومن جهات عالية الخبرة والمستوى، ولا يمكن ان تكون من قبل افراد، وانما اجهزة رسمية. وقال التقرير الذي اطلعت عليه ‘القدس العربي’ ان عملية التشويش تمثلت في بث موجات على القمر نفسه، وتردد الاشارة الاصلية نفسها مما ادى الى تداخل الاشارتين وبالتالي ضياع محتوى الاشارة الاصلية. واكد مصدر كبير في الادارة الفنية لـ’القدس العربي’ انه تم توثيق عمليات التشويش المتعمد من الجهات ‘المجهولة’، ولا يمكن حاليا الكشف عن هذه الجهات حتى تستكمل جميع التحقيقات. وقال المصدر ان ادارة القناة بادرت فورا الى زيادة قوة الاشارة من 160 وات الى 300 وات، ثم الى 500 وات مما ادى الى وقف عمليات التشويش، ولضمان استمرارية الاستقبال، وتواصل عمليات البث بشكل طبيعي، جرى اطلاق باقات اضافية على نايل سات بترددات جديدة، واخرى على عدة اقمار اخرى مثل ‘عربسات’ و’هوت بيرد’، والاعلان عنها في جميع قنوات ‘الجزيرة’، ومواقعها على ‘الانترنت’.ووصف المصدر بان ما جرى هو تخريب اقتصادي متعمد تقف خلفه جهات ذات اهداف سياسية، من ضمنها تأليب عشاق كرة القدم ضد القناة واصحابها، والايحاء بفشلها في اداء هذه المهمة. ويذكر انها المرة الاولى التي تتولى فيها شبكة ‘الجزيرة’ الفضائية، من خلال قنواتها الرياضية مسؤولية بث مباريات نهائيات كأس العالم حصريا على قنواتها في المنطقة العربية. وبينما نفت مصر رسمياً أمس أن يكون لها أي علاقة بالتشويش الذي تعرضت له ‘الجزيرة’ على مدار اليومين الماضيين أشار المهندس أسامة الشيخ في تصريحات خاصة الى ‘أن مصر أكبر من أن تدخل في صراع من هذا النحو مع الجزيرة أو غيرها’. وأشار إلى أن ‘ماسبيرو الذي يقترب عمره من نصف قرن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يشارك في حرب من اي نوع ضد اي كيان مهما كان حجمه’، داعياً ‘الذين يشنون الحرب ضد القاهرة من عواصم عربية أن يتوقفوا عن تلك الحركات الصبيانية’. وأضاف الشيخ أن اتحاد الإذاعة والتلفزيون سيسلك الطرق القضائية ضد قناة الجزيرة، ‘رداً على الاتهامات التي وجهتها الأخيرة إلى مسؤولي النايل سات المصري، بالتشويش على بثها أثناء نقل المباراة الافتتاحية لكأس العالم’، وفقاً لما نقل موقع ‘أخبار مصر’ التابع للاتحاد. وقال رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون المصري انه سيلاحق قناة ‘الجزيرة’ الرياضية قضائياً، بعدما أخلت بعقدها مع التلفزيون المصري، ونقلها الـ22 مباراة، التي تم التعاقد عليها على قنواتها المفتوحة، رغم أن الاتحاد دفع 22 مليون دولار ثمناً لهذه المباريات. وساق الشيخ دليلاً اعتبره مادياً على براءة مصر من التشويش على الجزيرة حيث اشار الى أن القنوات الرياضية المصرية نالها ما نال ‘الجزيرة’ من تشويش فكيف نكون مسؤولين عن تلك الحادثة. وقال وزير الاتصالات المصري طارق كامل امس الاحد ان بلاده ستحتج لدى الاتحاد الدولي للاتصالات على اتهامات قناة ‘الجزيرة’ لمصر بالتشويش على بثها للمباراة الافتتاحية لكأس العالم لكرة القدم المقامة في جنوب افريقيا. وكان ناصر الخليفي ـ المدير العام لقنوات ‘الجزيرة الرياضية’ عبر عن حزنه الكبير وأسفه الشديد لما وصفه بالتصرف غير الأخلاقي من قبل (جهات) قامت بإعلان حرب على ‘الجزيرة’. وأشار إلى أن القناة سوف تلاحق قضائياً كل من تسول له نفسه العبث بحقوق مشاهديها، موضحاً أن ‘الجزيرة الرياضية’ اتخذت عدة خطوات تقنية تهدف لمعالجة الأضرار الناجمة عن الفعل غير الأخلاقي. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 14 جوان  2010)


 

الاثنين 14 حزيران (يونيو) 2010 المجلس الإسلامي الدنماركي يعقد جمعيته العامة وينتخب قيادته

  


أوغوس (الدانمارك) ـ خدمة قدس برس جددت الجمعية العامة للمجلس الإسلامي الدنماركي أمس الأحد (13/6) الثقة في الأستاذ عبد الحميد الحمدي رئيسا لدورة ثانية ، وانتخاب 11 عضوا لمجلس الشورى. ونوهت الجمعية العامة التي انعقدت خلال يومي السبت والأحد الماضيين (12و13/6) بأداء المجلس في الفترة الماضية، لا سيما طريقته في التعاطي مع أزمة الرسوم المسيئة للرسول الكريم، معتبرينها اتسمت بالعقلانية، وفتح أبواب الحوار مع كافة النخب الدنماركية على جميع المستويات الرسمي منها والمدني والشعبي. وتابع المجتمعون  الخطوات التي تم قطعها في طريق التأسيس للمركز الإسلامي وسط العاصمة كوبنهاغن، وهو المركز الذي تبلغ قيمته الإجمالية ما يقارب 10 مليون يورو، تم جمع الجزء الأكبر منها، وتم دفع الأقساط الأولى منها لصالح المكان الذي تم اختياره بالقرب من المؤسسات الرسمية وبالقرب من المناطق ذات الكثافة السكانية الإسلامية العالية، على أن تكون للمركز فروع في مختلف المدن الدنماركية الكبرى.
 
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 14 جوان 2010)


السجون السرية للحكومة العراقية


هاهي الحرية والاستقلال والديمقراطية والسيادة وحقوق الانسان والرأي والرأي الاخر التي بشر بها المحتل الامريكي الشعب العراقي عندما احتله بقوة السلاح ، حيث تناقلت وسائل الانباء على مدى سبع سنوات منذ العام 2003 أخبار العراق، البلد الذي اصبح مستنقع للجوع والفقر والجهل والقتل والدمار حسب اخر دراسة لمنظمة حقوقية استرالية وكذلك امريكية، ولم ترتفع في سمائها سوى دعوات المظلومين والمكلومين والثكالى، بعد أن أوهم المحتل اهلها بالكثير من الاحلام الوهمية، ولم يكسب الوطن ككيان سوى المراكز الاولى في الفساد وهدر الثروات وعدد الارامل والايتام واللاجئيين في دول الجوار، وها هي وكالات الانباء تعود مجددا لتتبارى في عرض آخر ثمار الديمقراطية العراقية، سجون سرية وأكياس بلاستيكية توضع في رؤوس المعتقلين لمنع الهواء عنهم، وصدمات كهربائية في الاعضاء التناسلية لايقاظهم من غيبوبة التعذيب، وأجبار بعضهم على ممارسة الجنس الفموي مع بعض القائمين على السجن، وهتك الاعراض بالعصي ومواسير المسدسات، والتهديد بأغتصاب الامهات والاخوات، وأقتلاع أظافر الايدي والارجل وحرق الاجساد بالاحماض والسكائر، وأجبار المعتقلين على التوقيع على محاضر أعترافات لا أساس لها تأخذ بالاكراه، كي يخرج رئيس الوزراء بعد أربعة وعشرين ساعة من كل تفجير دام، متفاخرا بأن أجهزته الامنية القت القبض على الذين قاموا بالتفجير، في زمن قياسي لم تبلغه حتى أعرق أجهزة الامن العالمية. أن أشارة منظمة (هيومان رايتس ووتش) الى أن السجن السري الذي كشف النقاب عنه في مطار المثنى كان يضم قضاة تحقيقات، يبدو أنهم كانوا متواطئين مع أعمال التعذيب، حسب أعترافات بعض السجناء بأن أحد القضاة كان يستمع الى القضايا في غرفة بالقرب من أحدى غرف التعذيب، أنما يشير الى أن غالبية القائمين على السجون هم من الجهلة والآميين والساديين والمتاجرين بالام الناس، وليس لديهم حتى الحد الادنى من ثقافة حقوق الانسان، بينما يتحكموا بمصير الكثير من نخب المجتمع، الذين يشكلون الغالبية العظمى من السجناء الذين تمتلىء بهم السجون السرية والعلنية، الذين كانوا يفاخرون بمؤهلاتهم الوحيدة وهي خبرتهم في التعذيب      التي أكتسبوها من تعذيب الجنود الاسرى العراقيين أبان الحرب العراقية الايرانية، وحقدهم على كل من يمثل ثروة وطنية أو أكاديمية أو ساهم في الدفاع عن العراق،وهو الدافع الوحيد الذي جعل التعذيب هو القاعدة كما أشار لها (جو ستورك) ‘مدير برنامج الشرق الاوسط في (منظمة هيومان رايتس ووتش) عند قوله (يوحي الرعب الذي عايناه بأن التعذيب كان القاعدة داخل سجن المثنى)، بل أن شهادات كل السجناء في السجون السرية والعلنية الموجودة في كل العراق (الجديد ) تشير الى أن الذي جرى في هذا المكان هو نموذج لما يجري في كل الاماكن الاخرى وأن التقليل من أهمية الجريمة على لسان المالكي، الذي يتصدر السلطة التنفيذية في العراق’والنأي بنفسه عن مسؤولية ماحدث، وأتهام شركائه في (العملية السياسية) بأثارتها ضده، ووصفها بأنها مجرد أكاذيب وحملة تشويه، وأدعائه (ليست هناك أي سجون سرية في العراق مطلقا )، أنما يشير الى أنعدام الفهم الشفاف لمعنى تحمل مسؤولية شعب ووطن، وأحقاق الحقوق ودفع المظالم التي هي من أولويات السلطات، وهو دليل على أن كل المواقع والمناصب والهياكل السياسية والادارية وحتى القانونية، هي مجرد أطر شكلية لاتمت بصلة الى نظيراتها في دول العالم، وحسنا فعل المالكي وهو يقارن جرائمه بالجرائم الامريكية عندما يقول (أمريكا هي رمز الديمقراطية، ومع ذلك وقعت أنتهاكات سجن أبو غريب، أذن ماهي المشكلة، وعلام كل هذه الضجة)، وهو أستهانة سافرة بالدم العراقي. أن فضيحة سجن المثنى السري هي فضيحة أخلاقية لكل أطراف (العملية السياسية)، فغالبية أحزابهم تمتلك سجونا سرية، ومفارز مسلحة تلقي القبض على المعارضين، حتى أن نائبة برلمانية عراقية أمرت حمايتها بمراقبة ورصد أحد الاشخاص، والقت القبض عليه بتهمة قتل والدها دون علم القضاء بكل هذه الاجراءات، بل أن الصدريين كانوا قد شكلوا محاكم سموها (شرعية) في رصافة بغداد أبان الحرب الطائفية، أصدرت أحكاما بأعدام الكثير من الابرياء لاسباب انتقامية، أو تحت تهم (البعث الصدامي والتكفيري)، كما أن منظمة بدر كانت تصدر قوائم شهرية بأسماء المرشحين للقتل كي توعز لعناصرها التنفيذ، ولازالت سجونهم السرية في أيران      تضم المئات من الابرياء الذين تم نقلهم اليها للتحقيق والتعذيب، أما الحزب الاسلامي العراقي فقد أكتفى بدور المخبر السري للقوات الامريكية، لتلفيق التهم الكيدية ضد عناصر المقاومة، وأن تصريحات وأعتراضات البعض من السياسيين على أحداث سجن المثنى لايعدو أن يكون نفاقا سياسيا ومتاجرة مقززة بمآسي الابرياء، في سبيل مصالح ضيقة تدخل في نطاق جمع أوراق ضغط لاغراض الابتزاز الرخيص،لان الجميع كان يعلم به وبسجن (السدة) و(المدائن) التي لم يتم الكشف عنها لحد الان، والتي حقق معنا فيها من مسؤولين كبار في السلطة الحالية، لكنهم أثروا الصمت وعدم الكشف عنها لاستخدامها الى مابعد أنكشاف غبار معركة الانتخابات. أذن اليس من حق شعبنا أن يسأل لماذا أشار طارق الهاشمي- وهو الذي يفترض ان لاينطق عن الهوى بأعتباره نائب رئيس الجمهورية- الى وجود سجون سرية في حديث له قبل بدء الانتخابات دون أن يكشف عنها؟ وما الغاية من وراء ذلك ؟ ولماذا هو يعلن الان عن وجود سجن سري آخر يقول أنه يبعد عن المنطقة الخضراء بضعة أمتار ؟ لقد أشتركت جميع الاطراف بتغييب العراقيين الابرياء بهذه الجرائم، وضاعت الكثير من حقوق الايتام والارامل من جراء ذلك، وأن هذا السلوك الاجرامي ما هو الا محاكاة لسلوك المحتل الذي أمتلك عشرات السجون السرية في العراق، كان يساق لها الكثير من المعتقلين لقضاء شهور فيها لاغراض التحقيق، يواجهون فيها شتى أنواع الاضطهاد والتعذيب، قبل نقلهم الى السجون المعلن عنها، كما مارست أطلاعات الايرانية نفس الدور القذر في العراق، وقامت بخطف الكثير من الضباط الذين أشتركوا في الحرب العراقية الايرانية، وتغيبهم في سجون سرية في أيران، وكذلك عدد من ضباط المخابرات العراقية السابقين الذين عملوا في متابعة النشاط السري الايراني قبل العام 2003 ومصادر المعلومات، بعد أن أستدلوا على عناوين سكنهم من الاضابير التي باعها لهم بعض الغوغاء مقابل حفنة دولارات، والذين كانوا يقفون في طوابير أمام السفارة الايرانية في منطقة الكرادة، أمام مرأى من المارة حاملين تلك الاضابير المسروقه. أن بكائيات وزيرة حقوق الانسان، ونقابة المحامين العراقية، والمنظمات الدولية المهتمة بحقوق الانسان، والزعيق الكاذب لبعض السياسيين وشيوخ العشائر ورجال الدين، لن تعيد عرض هتك، ولن تحيي بريئا مات تحت التعذيب، ولن تشفي جسدا عوق، ولن تعيد البسمة على شفاه أرملة أو يتيم .      قوائم بأسماء الأبرياء القابعين في المعتقلات السرية التي يشرف عليها رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي قائمة  الاول   المالكي يشرف على السجون السرية/ الرجاء نشر هذه   الأمين العام للامم المتحدة المحترم المقرر الخاص بالاعتقال التعسفي المحترم المقرر الخاص بالاختفاء القسري المحترم المقرر الخاص بالتعذيب المحترم   قوائم بأسماء الأبرياء القابعين في المعتقلات السرية التي يشرف عليها رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي شخصياً ويتعرضون الى أبشع أنواع التعذيب التعسفي والأختفاء القسري وبتواطئ القضاء العراقي الحالي!   العدالة مسألة أخلاقية تضع الى جانب الانسان قرينة لصالحه مفادها أن المتهم برئ حتى تثبت أدانته، وأذا صدر حكم ما فانه يصدر من محكمة شرعية معترف بها وفق القانون، وهذا ما تؤكده المادة ( 14 ) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وقد أكدت على الحل المنصف من قبل محكمة مختصة مستقلة غير استثنائية.   وعندما تلجأ القوات الحكومية الى اعتقال الالاف من ابناء الشعب العراقي وتحتفظ بهم في السجون السرية والعلنية دون محاكمة فأن ذلك يجعل مصيرهم مجهولا ويعرضهم الى القتل والاختفاء القسري لاهداف سياسية ويتعرضون لابشع انواع التعذيب الجسدي والنفسي ومنزوعين من أبسط حقوق المعاملة الأنسانية التي نص عليها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ومواثيق حقوق الانسان والعراق طرف فيه, ويأتي هذا خلاف لنصوص دستور جمهورية العراق لسنة 2005 ويعتبر خرقاً للباب الثاني الخاص بالحقوق والحريات، وجميع مواد هذا الدستور مخترقة وتتعرض للانتهاك تحت ذريعة حالة الطوارئ التي أوجب الدستور والقانون ضرورة رقابة البرلمان والقضاء والمؤسسات المعنية بحقوق الأنسان، فلا حقوق ولا حريات ولا كرامة لأي عراقي في ظل الظروف الحالية، حيث الأعتقال يجري على الشبهات وبدون اوامر قضائية ولفترة تتجاوز اربعة أعوام دون محاكمة وتحت ظروف أعتقال قاسية ويتعرضون لشتى انواع التعذيب والحرمان والمعاملة اللا إنسانية والتمييز الطائفي والعرقي، وتعرض الكثير منهم الى جرائم الاغتصاب الجنسي، ونموذج سجني جهاز مكافحة الارهاب ولواء بغداد الذي يشرف المالكي على عمليات التعذيب فيها..   علماً أن هذه الأجهزة التي تدير هذه السجون لا تمتلك السند القانوني لتشكيلها وأن القضاء الحالي متواطئ بل شريك بهذه الانتهاكات والجرائم، يعد خرقاً لكافة الضمانات القانونية سواء الواردة في القوانين العراقية أو الدولية الخاصة بحقوق الانسان وفي المواد ( 1 و 2 و 3 و 4) من أتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984، وكذلك المواد ( 6 و 7 و 27 ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمواد ( 1 و2 و3 و5 و6 و 15 و 17) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعراق طرف فيه، وكذلك القانون العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل أثم جريمة التعذيب بنص المادة 333 عقوبات، وغيرها من العهود والمواثيق الدولية التي ترقى الى مرتبة القواعد الامرة والتي يندرج تحت أطارها جرائم الحرب وجرائم الأبادة الجماعية والممارسات الشبيهة بالرق التي يتلقاها المعتقلون وهي حال شائعة اليوم في العراق ، حيث التهم جاهزة من قبل الحكومة العراقية ضد الأبرياء وتمارس أرهاب الدولة بذريعة مكافحة الأرهاب وقد ثبت ذلك بالوثائق المرفقة..   وقد تضمن الميثاق الدولي وبموجب المادة السابعة للنظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وهي جرائم ترتكب في حالتي السلم والحرب، والمخالفات الجسيمة التي أرتكبت والمنصوص عليها في المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الاشخاص المدنيين في وقت الحرب، وكذلك المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف الاربعة لعام 1949 والملحق البروتوكولي الاضافي الثاني لعام 1977 المتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة مثل الحملات العسكرية التي قامت بها الحكومة العراقية في محافظات الموصل وديالى والبصرة والديوانية والنجف وكربلاء والسماوة وميسان وبغداد وبابل ومدينة الصدر وغيرها من مناطق العراق .   إننا نكشف اليوم لكم أسماء مصير عشرات الالاف من العراقيين المعتقلين في سجون سرية يشرف عليها المالكي شخصياً، وعشرات السجون التابعة الى وزارت الداخلية والدفاع والأمن الوطني والاستخبارات والمخابرات والعدل وسجون الميليشيات المرتبطة بايران، وتورط كبار مسؤولي هذه الوزارات بهذه الجرائم، وقد مضى على أعتقال هؤلاء اكثر من أربعة اعوام ودون محاكمة، وهم يعيشون اقسى الظروف اللا إنسانية ويتعرضون لشتى انواع التعذيب النفسي والجسدي، وغير مسجلين في قاعدة البيانات، وأن ذويهم لايعرفون شئ عنهم، ولم يعرضوا على القضاء لحد الان، ولم يشملوا بقانون العفو العام الذي شرعه البرلمان والحكومة ترفض تنفيذه.   وأضع هذه الأسماء كدفعة أولى أمام انظار الأمم المتحدة والمقررين الخاصين والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان، لغرض فتح تحقيق دولي ضد مرتكبي هذه الجرائم ,والتحرك فوراً لانقاذ حياتهم خشية تعرضهم للقتل بطريقة منزوعي الهوية ودفنهم في المقابر الجماعية وتحت مسمى الجثث المجهولة والتي أنتشرت مؤخراً في عموم العراق وأكبرها مقبرة السلام الكائنة في محافظة النجف الاشرف.   المرفقات:-   قوائم بأسماء المعتقلين. أسماء المعتقلين:   الاسم الكامل \ سنة التوقيف \ جهة الاعتقال   1 حسين جاسم محمد ياسين 2003 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 2 عطا حميد رشيد محمد الزيدي 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 3 مجيد علي صالح علوان الطائي 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 4 صباح عوديشو خوشابا الجيري 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 5 محمد هاشم محمد جرمط العلواني 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 6 هادي معلة زغير سريح 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 7 عدي مجيد ابراهيم سلمان 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 8 منصور محمد مزهر طامي 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 9 كاظم غازي عبد الله كاظم 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 10 عبد الكريم غازي عبد الله كاظم 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 11 غازي عبد الله كاظم محمود 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 12 فلاح مطر مجرن مسيول 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 13 احمد عبد صالح عبو 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 14 صهيب محيي حمد نصار 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 15 عبد الله علي عبد الله صالح 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 16 نشأت شاكر ياسين طه 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 17 عامر علي عباس عيسى 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 18 محمد توفيق صالح محمد 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 19 حسين حمد قاسم موسى 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 20 عماد عيسى يوسف سمير 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 21 ضياء حسون فزع غضبان 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 22 حسن عبد الله حسن عودة 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 23 امجد محمد خضير حسون 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 24 احمد فاضل جمال رؤوف 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 25 انور مواح فياض عكلة 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 26 مؤيد هلال عبد الله 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 27 ابراهيم اسماعيل ابراهيم رزيج 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 28 محمد احمد محسن عباس 2006 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 29 مهيب محمد عليوي كماش 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 30 فادي محمد علي الجسري (سوري) 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 31 جاسم ابراهيم جاسم عبد الله 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 32 شاكر مروان عباس غزال الجنابي 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 33 جميل احمد عواد رعيد 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 34 محمد عبد الله سالم داود الجبوري 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 35 عمار عبد الله سالم داود الجبوري 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 35 سيف سعد جياد سعيد الشمري 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 36 مهند رزاق جليل رويهي الابراهيمي 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 37 عدنان حسن رجب محمد العبيدي 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 38 رعد حسن عبد عواد الحمداني 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 39 عباس حسين ناصر خلف العجيلي 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 40 مجيد صالح محمود حسن العشعوشي 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 41 عباس جهاد فياض خليفة النعيمي 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 42 سعدي فرحان عريمط عجيل العيساوي 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 43 احمد عبد الله احمد حميد الجبوري 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 44 سهيل عبد الجبار محمد مصطفى الدباس 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 45 ميثاق كريم عباس طرفة العبادي 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 46 مجدي عبد الخالق محمد كنواي 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 47 مهدي صالح احمد عرمان 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 48 جميل مشحن حمادي خليفة 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 49 محمد عفات حمادي علي 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 50 رياض عبد الامير عبد الرسول عبد الحسين 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 51 ماجد شكر هداب محسن 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 52 مهدي سليم فياض محمد 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 53 ساجد عبادي كاظم حسين 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 54 فؤاد احمد عيدان محمود 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 55 عمر علي حسين عبد 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 56 تحسين علي حسين عجاج 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 57 غسان عبد الله مخلف عزيز 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 58 حامد كريم احمد مهند 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 59 عمار نجم عبد الله امين 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 60 مثنى كريم نصيف عفيني 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 61 صلاح حسن حسين الدليمي 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 62 مهند قدوري شكر محمود 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 63 ليث ستار محمد حويجة 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 64 منذر محمد عبد الواحد فرج 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 65 سلام مطر محمد محمود 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 66 ولاء حسين خضير عباس 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 67 شاكر محمود دخيل صالح 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 68 حسين فاضل خليف علوان 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 69 عمر هادي رجب حزوم 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 70 شاكر محمود ضبع حسن 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 71 هاني صالح عبد الله 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 72 فلاح مهدي علي ماجد 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 73 محمود عبيد محمد حسين 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 74 احمد مهدي علي ماجد 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 75 فيصل حارث عبد العزيز محمد 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 76 زياد عدنان صبار علي 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 77 عمر قصير كريم حميد 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 78 علي نصر عباس جاسم 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 78 جمال نجم حميد مصطفى 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 79 خضير عبيد فرحان جواد 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 80 محمد محمود شهاب حمد 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب 81 حسن جاسم محسن خضير 2007 سجن جهاز مكافحة الأرهاب
 

غازي حميد فرحان الكعود

نائب رئيس مؤسسة عز العراق

بغداد 23/6/2010  

Infoezzeliraq2004@yahoo.com


العفو الدولية تطالب مصر بفتح تحقيق فوري في مقتل مواطن على يد الشرطة


6/14/2010 القاهرة- طالبت منظمة العفو الدولية (امنستي انترناشونال) الاثنين السلطات المصرية باجراء تحقيق فوري وشامل ومستقل في مقتل مواطن على يد قوات الشرطة في مدينة الاسكندرية على البحر المتوسط. وكان المواطن خالد سعيد لقي مصرعه جراء التعذيب على أيدي قوات الشرطة في السادس من الشهر الجاري، ونشرت المدونات والمواقع الاخبارية والصحف صورا له وهو مهشم الفكين ومتدلي الشفاه ويظهر عليه آثار ضرب مبرح. وقالت امنستي، في بيان تلقت يونايتد برس انترناشونال نسخة منه، إن الصور المرعبة دليل صادم على الانتهاكات الجارية في مصر والتي تأتي في تناقض واضح للصورة التي يروج لها المسؤولون المصريون لدى مجلس حقوق الانسان بالامم المتحدة، وتعنتهم في الاعتراف ببعض الانتهاكات الصغيرة. وتابعت إن هذه الصور هي إشارة نادرة ومباشرة للاستخدام الروتيني للقوة الوحشية من قبل قوات الأمن المصرية، التي تتوقع أن تعمل في مناخ من عدم المسائلة والحصانة. ودعت امنستي إلى تحقيق يجري على أساس المعايير الدولية، مثل معايير ومبادئ الامم المتحدة. وقالت المنظمة إن قانون الطوارئ يوفر المظلة لانتهاكات قوات الأمن الروتينية التي نادرا ما تتم المعاقبة عليها. واضافت إن المسؤولين عنها يقدمون للعدالة في مناسبات قليلة للغاية. وقال البيان: يجب على السلطات المصرية أن تستجيب فورا لهذا الضرب الوحشي والقتل، بأسرع السبل. واذا لم تفعل فانها سترسل مجددا اشارة على أن هذه الانتهاكات قد تستمر بضمان عدم مسائلة مرتكبيها. وكان خالد سعيد، وفق بيان الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، متواجداً في مقهى إنترنت في حي (كليوباترا) التابع لقسم شرطة (محرم بك) بالإسكندرية حين دخل بعض المخبرين المقهى وبدأوا في تفتيش رواده بغلظة وخشونة. وحين أبدى خالد اعتراضه على المعاملة المهينة، بدأوا في سبه وضربه بعنف، وحين سقط مغشياً عليه، اصطحبوه إلى مقر قسم الشرطة، ثم عادوا به بعد دقائق، وألقوا بجثته أمام المقهى، بعد أن تكسرت جمجمته وعظام رأسه وتوفى على الفور. لكن وزارة الداخلية أعلنت في بيان أن وفاة خالد سعيد جاءت بعد تعاطيه لفافة مخدرة، مؤكدة أن الوفاة نتيجة اسفكسيا الخنق نتيجة انسداد القصبة الهوائية باللفافة التي حاول ابتلاعها. وأضاف بيان الداخلية إن المذكور كان مطلوباً لتنفيذ حكمين بالحبس صادرين في قضيتي سرقة، والأخرى لحيازة سلاح أبيض، وأنه سبق ضبطه في أربعة قضايا سرقات وحيازة سلاح. وأشارت المنظمة المصرية لحقوق الانسان إلى أن التعذيب بات أمرا شائعا داخل أقسام الشرطة والسجون في مصر وأن بعض الحالات التعذيب تقع وسط الشارع وفي وضح النهار وفي منازل المواطنين، في انتهاك واضح لكرامتهم وحريتهم المكفولة بمقتضى الدستور والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الانسان. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 14 جوان  2010)

منظمات حقوقية سورية تدعو وزير الداخلية للتحقيق في وفاة شاب اثناء توقيفه


6/14/2010 لندن ـ ا ف ب: طالبت منظمات حقوقية سورية امس الاحد في بيان وزير الداخلية اللواء سعيد سمور بفتح ‘تحقيق فـــوري وشفاف’ في ملابسات وفاة شاب اثناء توقيفه في مركز امني في دمشق. وقالت المنظمات، وبينها المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره لندن، في بيان مشترك تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه انها علمت بان ‘المواطن السوري الشاب جلال حوران الكبيسي، مواليد دمشق 1977، قد لقي حتفه اثناء توقيفه في فرع دمشق للامن الجنائي مساء 31 ايار (مايو) وذلك في ظروف يشوبها اللبس والغموض’. واضافت ان ‘دورية تابعة للامن الجنائي اعتقلت الشاب صباح 27 ايار (مايو) من امام احد المحال التجارية في سوق الحميدية (دمشق) حيث يعمل على جذب الزبائن واقناعهم بالشراء من محلات تجارية معينة مقابل حصوله على نسبة من الارباح، ويعرف صاحب هذه المهنة في الاسواق باسم (وشيش)، وغالبا ما تقوم دوريات الشرطة في الاسواق بمطاردة اصحاب هذه المهنة التي تعتبر مخالفة ادارية تبلغ عقوبتها الغرامة المالية بمبلغ 250 ليرة سورية (خمسة دولارات)’. وبحسب البيان فقد ‘تم اخبار ذوي الضحية بأنه قد فارق الحياة نتيجة ارتطامه بالارض، وبانه قد تعرض لنوبات اختلاجية حادة ولم يتمكنوا من انعاشه فتم نقله الى مشفى المجتهد لاسعافه، وطلبوا منهم استلام الجثة اصولا’، مضيفا ان اهل الضحية لاحظوا على الجثة آثار كدمات فرفضوا استلامها وطلبوا تشريحها وتقدموا ببلاغ الى النيابة العامة. واعربت المنظمات عن ‘صدمتها الشديدة إزاء المزاعم التي تفيد بأن الشاب جلال الكبيسي قد لقي حتفه جراء تعرضه لعنف جسدي مفرط من قبل عناصر الامن الجنائي وبدون مبرر خاصة أن الضحية لم يرتكب جرما يعاقب عليه إضافة الى ان اجراءات توقيفة غير قانونية ولم تتم بموجب مذكرة توقيف رسمية’. والمنظمات السورية الموقعة على البيان هي اضافة الى المرصد ‘الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان’ و’المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سورية’ و’مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية’ و’المنظمة العربية للإصلاح الجنائي في سورية’ و’المركزالسوري لمساعدة السجناء’. كما ابدت المنظمات ‘قلقها الشديد من تزايد استعمال كافة اشكال التعذيب وبشكل منهجي في كافة مراكز التوقيف والتحقيق والمنشآت التابعة لوزارة الداخلية’ مناشدة وزير الداخلية ‘فتح تحقيق فوري وشفاف تنشر نتائجه بشكل علني حول ملابسات وفاة الشاب وتحديد سبب وفاته والمتسببين بها وتقديمهم إلى القضاء المختص فيما اذا أثبتت نتائج التحقيق ذلك’. كما طالبته بـ’القيام بكافة الاجراءات التي تضمن وضع حد للتجاوزات الخطيرة والانتهاكات الجسيمة التي تحصل بشكل يومي في معظم مراكز التحقيق واماكن التوقيف والاحتجاز التابعة لوزارة الداخلية’، و’العمل وبالسرعة الممكنة على تشكيل لجان سرية مختصة تابعة بشكل مباشر’ له ‘للقيام بجولات وزيارات عشوائية ومفاجئة لمراكز التوقيف والتحقيق’ من اجل ‘التأكد من عدم استخدام التعذيب كوسيلة وحيدة لانتزاع الاعترافات من المتهمين اثناء فترة التحقيق والاستجواب’. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 14 جوان  2010)

 


الأسئلة الحائرة حول فكّ حصار غزة


بلال الحسن بدأ موضوع أسطول الحرّية كقضية تخصّ عدّة سفن وبضع عشرات من الأشخاص، يتحرّكون إنسانياً نحو غزة لفكّ الحصار عنها، ولكنه تطوّر بسرعة إلى قضية دولية كبيرة أفرزت مواضيع عدّة تدور كلّها حول الموضوع الإنساني الكبير الذي يدعى غزّة. الموضوع الأول: أنّ هناك سياسة دولية اسمها محاصرة غزّة. تقف على رأس هذه السياسة أهمّ دولة في العالم ممثّلة بالولايات المتحدة الأميركية. وتقف إلى جانبها وفي ظلّها دولة « إسرائيل » وجيشها الذي يتولّى تنفيذ سياسة الحصار حتى من خلال عمليات القتل المنظّم. وترعى هذه السياسة اللجنة الرباعية الدولية ذات الشروط المعلنة التي تتماشى مع مصالح « إسرائيل » وحدها. وفي الحصيلة فإنّ العالم الغربي كلّه، يتعاون، ويتفاعل، ويتساند، من أجل مواصلة حصار غزّة. يستدعي الأمر هنا طرح سؤال مقلق: لماذا؟ ما هو هذا الخطر الذي تمثله غزّة، حتى يتمّ حصارها بهذا الشكل الجماعي والصارم وغير الإنسانيّ؟ والجواب نجده في كلمة واحدة هي «حماس». ليس حماس كحركة دينيّة، فهناك حركات دينيّة كثيرة ترضى عنها أميركا وتتعامل معها، ويرضى عنها الغرب ويتعامل معها. و »إسرائيل » كما هي الآن، ربّما كانت أكبر دولة دينيّة، وتطلب علناً الاعتراف بها كدولة يهوديّة، وتتعامل معها أميركا إلى حدّ التفاعل الاستراتيجي. ولكن حماس كحركة تتبنّى نهج مقاومة الاحتلال « الإسرائيلي » بالسلاح، وهو ما ترفضه أميركا، وما يرفضه الغرب، حتى لو كان قرار المقاومة هذا مؤجّلاً على صعيد التنفيذ، كما هو الحال في غزّة الآن. الولايات المتحدة الأميركية، أرادت وسعت إلى كسر إرادة المقاومة في فلسطين وفي المنطقة العربية كلّها. نجحت مع السلطة الفلسطينية في رام الله وتمّ تدمير القوّة العسكريّة لحركة فتح، وفشلت مع حركة حماس. ولذلك فهي تسعى إلى إكمال سياستها لتشمل الجميع. الأمر الغريب هنا، أنّ سياسة ضرب المقاومة الفلسطينية، تبلورت وترسّخت في عهدي الرئيس السابق جورج بوش، وكانت جزءاً أساسيّاً من سياسة فريق المحافظين الأميركيين الجدد، الذين سعوا إلى إنشاء «الشرق الأوسط الجديد» والهيمنة عليه وعلى نفطه. وقد سقط المحافظون الجدد في الولايات المتحدة الأميركيّة، وجاء إلى البيت الأبيض رئيس جديد هو باراك أوباما، وأعلن أنّه يعارض سياسة المحافظين الجدد، بل ويريد علاقة صداقة مع العالم الإسلاميّ، حتى أنّه ألغى قبل أيّام شعار أنّ أميركا في حرب مع الإرهاب في العالم، واكتفى بالقول إنّ لدى أميركا سياسات تحافظ على مصالحها. ورغم ذلك، فإنّنا نجد على أرض الواقع، استمراراً أميركيّاً في سياسة المحافظين الجدد في كلّ ما يتعلّق بالقضيّة الفلسطينيّة، وفي كلّ ما يتعلّق بقطاع غزّة، وفي كلّ ما يتعلّق بحركة حماس أو بأيّ حركة مماثلة لها، وكأنّ أميركا لا تزال تعتبر أنّه إذا سقطت فكرة المقاومة في غزّة، فسيفتح لها ذلك الأبواب من جديد للسيطرة على المنطقة. وربّما يكون الهدف الأميركي الآن أصغر من ذلك، ويسعى إلى إسقاط فكرة المقاومة التي لا تزال صامدة في غزّة، من أجل السيطرة على الوضع الفلسطينيّ، ومن أجل بدء العمل لإنجاز تسوية على غرار تسويات السلطة الفلسطينيّة في رام الله مع الحكومات « الإسرائيليّة » المتعاقبة، أي من أجل تسوية تبقى فيها « إسرائيل » مهيمنة على الوضع كلّه. وحين انفجر الموقف في العالم كلّه، رفضاً وإدانة لاستمرار حصار غزّة غير الإنسانيّ والفريد من نوعه في تاريخ العالم الحديث، حيث الحصار للناس ومن أجل تجويعهم بشكل جماعيّ، لم تتراجع الولايات المتّحدة الأميركيّة، وبدأت تبحث عن مخارج دبلوماسيّة، تقدر هي عليها، بحكم كونها الدولة الأقوى في العالم. فهي الآن تريد تحقيقاً دوليّاً، ولكنّها تريد في الوقت نفسه أن يراعي هذا التحقيق مخاوف « إسرائيل » الأمنيّة. وهي تريد رفع الحصار عن غزّة، ولكنّها تريد صيغة للمراقبة والتفتيش، تفتيش سفن الإغاثة لعلّها تحتوي على أسلحة وذخائر. تبحث الولايات المتحدة الأميركية عن صيغة لرفع الحصار عن غزّة يكون وجهها الآخر إضعاف حماس، وربّما إبعادها عن السلطة. وهنا تتقدّم إلى الواجهة قضيّة المصالحة الفلسطينيّة. فجأة يعلن محمود عباس أنّه سيرسل وفداً إلى غزّة لبحث المصالحة. وفجأة يقول أبو الغيط إنّه ينتظر قدوم حركة حماس لتوقّع على المصالحة. وفجأة يصل إلى القاهرة نائب الرئيس الأميركي (جوزيف بايدن) ليبحث مع الرئيس المصري كيفيّة معالجة شؤون المنطقة، والمقصود شؤون فكّ الحصار عن غزّة، مع أنّه هو شخصيّاً المسؤول الأميركيّ الكبير الذي دافع عن الجريمة « الإسرائيليّة » في الاعتداء على السفن، وفي قتل المدنيّين، في المياه الدوليّة. هذه المصالحة الفلسطينيّة المنشودة تتعثّر. ولا بدّ من السؤال عن الأسباب، ويمكن إيجاز هذه الأسباب بما يلي: هناك فريقان فلسطينيّان مختلفان ومتصارعان، والمصالحة بينهما تعني «الاتّفاق»، ولا يمكن أن تعني دعم طرف ليسيطر على الطرف الآخر. والمصالحة المعروضة تعطي للسلطة الفلسطينيّة في رام الله فرصة السيطرة على قطاع غزّة. وهذان الفريقان شاركا في انتخابات أفرزت فوزهما معاً، إنّما فازت حماس بالأغلبية وتلتها حركة فتح. والمصالحة في ظلّ هذا الوضع تعني «المشاركة» في السلطة ولا تعني الانفراد بها. وهذا ما استوعبته جهود المصالحة التي أفرزت «اتّفاق مكة»، الذي كان في جوهره اتّفاق مشاركة بين الطرفين، بينما تغيب فكرة المشاركة عن مشاريع المصالحة الأخرى. والمصالحة المطلوبة تتعلّق بالشأن الفلسطينيّ كلّه (وليس بمصالحة بين فصيلين فقط)، أيّ بالقضيّة السياسيّة الأساسيّة في المنطقة، والتصالح حولها يحتاج إلى مضمون سياسيّ، عنوانه الحقّ في مقاومة الاحتلال، وعنوانه منع « إسرائيل » من فرض شروطها على الفلسطينيّين. وهذا المضمون السياسيّ غائب عن أوراق المصالحة الفلسطينيّة المعروضة. ولذلك، فإنّ العودة إلى البحث في هذا الموضوع من جديد، وبعد هذا النشاط الدوليّ العارم، لا يمكن أن يكون عودة إلى الوراء، بل لا بدّ أن يكون خطوة إلى الأمام، ومن خلال: مفهوم أميركيّ جديد للتعامل مع الوضع كلّه. ومفهوم « إسرائيلي » جديد مستعدّ للتحقيق الدوليّ، ومستعدّ لتحمّل نتائج جريمته. ومفهوم عربيّ جديد للمصالحة يشكّل دعماً للفلسطينيّين في مواجهة تبعات قضيّتهم، ولا يختصر نفسه بالسعي لنصرة فريق ضدّ آخر. ولأنّ القوى العربية الفاعلة ترفض التعامل الصريح مع هذه القضايا الثلاث، يبدو دورها باهتاً، بينما يتقدّم الدور التركيّ إلى الواجهة، مهما كانت أسبابه ودوافعه واحتمالات تطوّره.  
(المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – لندن) الصادرة يوم 14 جوان 2010)

 


الاعتراف مقابل الغذاء: احذروا المؤامرة

 


عبد الحليم قنديل إنجازات حركة أحرار العالم قد تتعرض للنشل في سراديب ومفاوضات ما يسمى ‘المجتمع الدولي’. ودم شهداء الحرية قد يضيع هباء، وتعجل قطف الثمار من جذورها قد يقودنا إلى مرارات أفظع من ظاهر المأساة الإنسانية لأبناء غزة. لاحظ أن كل رموز الشر تتحدث الآن عن تخفيف حصار غزة، وكأنهم اكتشفوا فجأة ـ بعد صمت أربع سنوات ـ حقيقة حصار غزة، فالبيت الأبيض يتحدث، والرجل الروبوت بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، وتوني بلير ممثل اللجنة الرباعية، وحسني مبارك أيضا، وقد التقى الأخير مع جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي في شرم الشيخ، وصدر بيان عن مكتب بايدن ـ بعدها ـ يشير إلى حركة حماس بوصفها حركة ‘إرهابية’، ويتحدث عن صيغ لتخفيف الحصار على غزة. إنها أطراف عملية السلام إياها، توحي بإحناء الرأس لعواصف وانتفاضات السفن، وتتحرك بدأب لطبخ تسوية جديدة، العنوان: تخفيف الحصار، وفي المضامين: متاهات واتفاقات وخرائط وشروط على طريقة أوسلو وأخواتها، كانت أوسلو ـ بخيباتها ونكباتها ـ طيا لصفحة الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وشيء كهذا يراد بالطبخة الجديدة، أي أن تكون حكاية تخفيف الحصار طيا لصفحة انتفاضة السفن، وإكمالا لطوق السيطرة الإسرائيلية على معابر غزة، وبتكاليف أقل، فإسرائيل تسيطر فعليا على ستة معابر، ويراد ـ بالطبخة الجديدة ـ أن تسيطر إسرائيل بمعونة النظام المصري حليفها الإقليمي على معبر رفح، وأن تسيطر بمعونة الاتحاد الأوروبي ـ وربما أمريكا ـ على منفذ إضافي على بحر غزة، وأن يجري كل ذلك تحت عناوين التفتيش والمراقبة وضمان أمن إسرائيل ومنع تهريب الأسلحة إلى حماس. وصفقة من هذا النوع تعني التالي، وهو أن تتحسن الأمور المعيشية جزئيا في غزة، وأن تسوء الأمور السياسية في نفس الوقت، أن تنفك التعبئة الجارية في الشارع العربي والعالمي لنصرة الشعب الفلسطيني، وأن تحجز المقاومة عن الفعل، فأي رصاصة أو صاروخ فلسطيني قد يعني عودة الحصار كاملا، وبضغط الأطراف الإقليمية والدولية التي تحتال على الحلم الفلسطيني، وتشارك في نوع من ‘تدويل’ الوضع في غزة، وتبقي الأوضاع محلك سر، وتتحول بحكومة حماس إلى إدارة أليفة، تشارك في المشاورات والاتفاقات الرخوة، وترفع عن الإسرائيليين عبء الإدارة الذاتية للسكان، وتنتهي إلى دور أفضل قليلا أو كثيرا من دور عباس في الضفة الغربية، لكن جوهره يبقى ناطقا، وهو أن تكمل حماس دورة الاعتراف بإسرائيل مقابل تدفق الغذاء والدواء والكساء ومواد البناء إلى غزة. ولو جرى ذلك، والخطر ماثل، فقد نكون بصدد مأساة أفدح مما هو عليه الوضع الآن في غزة، رغم أن البعض قد يعتبر ذلك انتصارا، وربما يضرب الدفوف لأن غزة استراحت، وخف ألمها الإنساني، وفي ذلك تزييف مرئي للحقــــيقة، يعــــود سببه إلى نية الفصل بين المقاومة والمأساة الإنسانية للغزاويين، فلم يفـــرض الحصار على غزة، هكذا بالمصادفات، بل بدأ الحصار متواقتــــا ومتزايدا مع تحول غزة إلى قلعة حصينة للمقاومة، وهنا بدت غزة خطرا وجوديا آخر على كيان الاغتصاب الإسرائيلي، خطرا إلى الجنوب، خطرا يشبه خطر حزب الله إلى شمال الكيان الإسرائيلي، وكما أدارت إسرائيل حربها إلى الشمال في صيف 2006، فقد أدارت حربا إلى الجنوب في شتاء 2009، وكانت النتيجة: أن عجزت إسرائيل عن إنجاز النصر في الحالين، وزادت حلقات الحصــــار بطريقة تضغط على أعصــــاب السكان، وتجـــعل حياتهم جحيما، وتؤلبهم على المقاومة، وتصور الأخيرة على أنها السبب في جلب المصائب الإنسانية، والمطلوب الآن: أن يجري تخفيف المصائب الإنسانية مقابل تشديد الحصار على المقاومة، وخض ورج حركة حماس على الطريقة التي جرت لحركة فتح من قبل، وإغرائها بدور محصور بأسوار غزة، ومقابل أن تعترف بإسرائيل وتحمي حدودها. والمؤامرة علنية على أي حال، وشروطها مشهورة، وموجودة في كلام الرباعية الدولية، وفي نص وروح ورقة المصالحة المصرية، وفي خطاب أمريكا التي تلوح بورقة الــــحوار المشروط مع حماس، فيما تبدي إسرائيل تشددا تفاوضيا مفهوما، وتصر على حذف حماس من أي حوار علني، وكأداة ضغط مشفوعة بتهديد بشن الحرب، وتستقوي بالعون الملموس من قبل النظام المصري كحليف عملي لإســــرائيل، ببناء الجدار الفولاذي لغلق أنفاق الحياة والسلاح عبر الحدود، ومنع تسيير قوافل الإغاثة العربية والدولية برا إلى غزة، والفتح المحدود لمعبر رفح، وبشروط تجعل الفتح الساري أقرب إلى الإغلاق شبه الدائم، وبحصر العبور في حركة الأفراد دون البضائع، وتعليق الفتح على شروط ‘عدم حدوث انتهاكات على الجانب الآخر’ وفق نص بيان لمسؤول أمني مصري صدر بعد نقل جو بايدن تعليماته لمبارك في لقاء شرم الشيخ. ولا نريد أن نبدو في صورة الذي يدعي الحكمة بأثر قبلي، ولا الذي ينبه للخطر على سبيل إبراء الذمة، فالمعركة لاتزال دائرة، وتصحيح خطوط السير وارد جدا، وثمة إمكانية لفك الحصارين الإنساني والسياسي معا، وليس فك أو تخفيف الحصار الإنساني مقابل تشديد الحصار السياسي، ونقطة البدء هي التمييز بين عنوانين متعارضين تماما، حتى وإن بدت التقاطعات اللفظية خادعة، فلا بد من التمييز بين حركة أحرار العالم وحركة ما يسمى بالمجتمع الدولي، والتركيز على كسب عطف وقوة الأولى، وتوقي خداع الثانية، ولنتذكر أن حركة أحرار العالم من مواليد حرب غزة، تماما كما أن تزايد عطف الدور التركي على القضية الفلسطينية من مواليد الحرب ذاتها، فبركة الدم الشهيد هي التي أحيت القضية الفلسطينية، وخلقتها خلقا جديدا، وصنعت موجة المظاهرات التي تملأ شوارع العالم، من شرق آسيا إلى أمريكا اللاتينية، ومن تركيا إلى أوروبا وعواصم الدنيا العربية، وهي التي صاغت بإلهامها انتفاضة السفن التي تحاصر وتفضح إسرائيل، وتكشف تواطؤ المجتمع الدولي والنظم العربية، ولا تزال الانتفاضة في بداياتها، ومن الخطر استعجال حلول تطفئ نارها، ولا تحقق هدف كسر الحصار كاملا بدون قيد ولا شرط، والبديل: دعم انتفاضة السفن، وتوفير التعويض السخي لكل من يفقد سفينته بالاحتجاز القسري في ميناء ‘أشدود’، وتسيير أساطيل الحرية إلى شواطئ غزة أيا ما كان رد فعل إسرائيل، وربما يلزم أن نستمر في الإعداد والعد حتى الأسطول العاشر، فالعمل ينطوي ـ في جوهره ـ على تحرير بحر غزة، وربما يصح أن نفكر أيضا في أساطيل إغاثة جوية تطير إلى غزة أيا ما كان رد الفعل، وإن كان الأقرب ـ الآن ـ لإمكانية التنفيذ أن نزاوج بين انتفاضة البحر وانتفاضة البر، وأن يجري تنظيم أساطيل وقوافل برية تدق على باب معبر رفح، وتكثف دواعي الضغط والحرج على النظام المصري، وتهدف لفتح معبر رفح بتنظيم مصري ـ فلسطيني بحت، وبصورة دائمة على مدار الأربع والعشرين ساعة، وبصورة كاملة تتسع للأفراد والبضائع بدون تمييز وبغير قيد ولا شرط. نعم، المعركة دائرة، وهزيمة صفقة ‘الاعتراف مقابل الغذاء’ ممكنة الآن، وبأفضل مما قد تتردى إليه الأمور غدا، واللهم قد بلغت.  
 
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 14 جوان 2010)  

« الشرعية » الفلسطينية حين تتبنى الرواية الصهيونية


عريب الرنتاوي  
ثلاثة أسماء احتلت صدارة الأخبار خلال الأسبوع الفائت، لتناولها الموضوع نفسه وإن من زوايا مختلفة: هيلين توماس مراسلة الـ »يو بي آي » في البيت الأبيض منذ أكثر من نصف قرن، لا تكتفي بمطالبة الإسرائيليين بإنهاء احتلالهم لفلسطين والإفراج عن الشعب الفلسطيني الأسير، بل وتدعو اليهود للعودة إلى ديارهم الأصلية: ألمانيا، بريطانيا والولايات المتحدة وغيرها، الأمر الذي أثار عليها غضب الحاخامات و »اللوبي »والبيت الأبيض على حد سواء. حنين زعبي، واحدة من رموز وأبطال أسطول الحرية، ترد على قطيع من نواب الكنيست الغاضبين والشتّامين: لن أرد على الشتائم والتهديدات لأنني أحتقرها وأحتقر مطلقيها، وترد على نائبة من إسرائيل بيتنا قدمت حديثاً من روسيا: عودي إلى بلدك، عودي إلى روسيا، هذه بلدتي وهذا موطني. محمود عباس، الرئيس المنتخب، والممثل الشرعي الوحيد، يلتقي بثلاثين من نشطاء « اللوبي » إياه: لم ولن أنفي حق الشعب اليهودي في أرض إسرائيل، منصاعاً بذلك لا للمطلب/ الشرط الإسرائيلي حول يهودية الدولة، بل ومتبنياً– طواعية – الرواية الصهيونية للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. والمؤسف أنه تقدم بهذه « المكرمة الرئاسية » المجانية في الوقت الذي كان يعلن فيه هو نفسه، وليس أحداً سواه، أن فرص قيام دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة تتلاشى بفعل الاستيطان والعدوان والممارسات الإسرائيلية. العالم يحتفي بهيلين توماس وحنين زعبي، وبمواقفهما الجريئة والتاريخية، الأولى من قلب البيت الأبيض والثانية من قلب الكنيست، فيما الرئيس الفلسطيني المؤتمن على « الرواية والحق التاريخيين » للشعب الفلسطيني، يتخلى عن روايتنا التي نشأنا عليها، ويتبنى رواية الآخر جملة وتفصيلا، ومن دون قيد أو شرط، مجاناً وقبل أن تلتئم مائدة المفاوضات، الآن وقبل أن نقترب من الحل النهائي، من جانب واحد ومن دون أن يكلف نفسه عناء مطالبة الجانب الآخر بأي شيء في المقابل. تبني الرواية حول « الحق اليهودي التاريخي وأرض إسرائيل التاريخية » هو خطوة أبعد بكثير من مجرد « الاعتراف بوجود إسرائيل »، بل وأبعد من الاعتراف بـ »يهودية الدولة »، هو اعتراف بأثر رجعي بكل الأساطير التلمودية المؤسسة للدولة العبرية، وفيه نفي للرواية الفلسطينية والعربية والإسلامية التي نشأنا عليها جيلا بعد جيل، بل وفيها نفي للرواية العقيدية التي يتلو الرجل بعضا من فصولها في كل صلاة جمعة يظهر فيها على شاشات التلفزيون. ما الذي يريده الرجل، وأين يريد أن يأخذنا، وما هي خطوته التالية، هل يفعلها ويردد ذات لقاء قادم مع « اللوبي » إياه نظرية « أرض بلا شعب لشعب بلا أرض »…لماذا الإصرار على التخلي عن آخر أوراق التوت، تارة يشن هجوما عقائديا صارما ضد المقاومة والكفاح المسلح، وأخرى يرمي الانتفاضة بذات الجمرات التي نرمي بها إبليس، وثالثة يقبل بيهودية الدولة، ورابعة بالتخلي عن حق عودة اللاجئين وخامسة باختزال الصراع إلى مسألة « عودة وعي » أو « صحوة ضمير » عند نتنياهو ليصبح على شاكلة أولمرت أو طراز بيريز، لكأن حقوق الشعب الفلسطيني لا تتخطى حاصل طرح أو جمع مواقف هذا الزعيم الإسرائيلي إلى ذاك. والمؤسف أيضا وأيضا، أن الجسم الفلسطيني المتعب والمرهق، قد فقد مناعته على ما يبدو للتصدي لهذا التنازلات المجانية، الآخذ شكل الهراء والهذيان غير المكلف، فيتمادى من يتمادي في الاعتداء والتطاول على عقولنا ووعينا وذاكرتنا وضميرنا من دون حسيب أو رقيب، وبئس العصبية الفصائلية والمصالح الأنانية التي تحيل فصيلا أساسيا، بل وفصائل أساسية إلى قطيع سائب، لا أحد يحسب له حساب، ولا أحد يأخذه على محمل الجد ولا أحد ينبري لقول كلمة حق في وجه سلطة وسلطان متهافتين.  
(المصدر: صحيفة « الدستور(يومية -الأردن) الصادرة يوم 12 جوان  2010)  
 


سنة الفرص الضائعة


غسان شربل يطفئ محمود احمدي نجاد الشمعة الأولى من ولايته الثانية ويبتسم. النظام ليس مهدداً على الأقل في الفترة القريبة. مظلة المرشد منصوبة بإحكام فوق الرئيس وترد عنه سهام المعارضين وتساؤلات بعض المقيمين داخل أروقة النظام. الماكينة العسكرية الأمنية مستنفرة لسحق أي حركة احتجاج. قادة «الحرس الثوري» لا يضيعون أي فرصة لتأكيد ولائهم الكامل والقاطع للمرشد والرئيس. ابتسامة الرئيس لا تعني أن الصورة وردية. وتلويحه بقبضته لا يخفي حال التوتر التي تعيشها الجمهورية. وعدم وجود تهديد خطير ومباشر للنظام لا يعني أن النظام يعيش أفضل أيامه. صحيح أن «الحركة الخضراء» لم تجرؤ على النزول الى الشارع لتفادي حمام دم. وصحيح أن سنة من الممارسات القمعية الصارمة أعطت ثمارها. وأن خوض اختبار قوة في الشارع غداة الحزمة الرابعة من العقوبات الدولية ليس محموداً. لكن الصحيح ايضاً أن الثورة التي ولدت من هتافات الحشود في الشارع لم تجرؤ على السماح لمنتقديها بالتظاهر السلمي. تقضي الأمانة القول إن «الحركة الخضراء» لم تقدم أدلة على التزوير الذي قامت احتجاجاً عليه وما اذا كان حجمه يغير نتائج الانتخابات الرئاسية. وواضح ان النظام الإيراني لم يتحول نظاماً معزولاً في الداخل. لكن الواضح ايضاً هو ان النظام لم يعد يحظى بالتفويض الكاسح الذي كان من أبرز أسباب طمأنينته. يمكن القول هنا إن النظام الإيراني رفض الاستماع الى الرسالة التي شكلتها حركة الاحتجاج قبل عام. يمكن الحديث عن تراجع جاذبيته لدى الذين ولدوا في ظل الثورة. يصعب تصديق الاتهامات التي تكاد تدرج مهدي كروبي ومير حسين موسوي ومحمد خاتمي في خانة المخربين او المنافقين او الذين تحركهم إرادة الأجنبي او تستغل تحركاتهم. أرغمت السلطة المحتجين على الانكفاء، لكن ذلك لا يلغي ان هالة النظام أصيبت بثقوب وأن دور المرشد نفسه بات موضع جدل وخلاف وهذا يحدث للمرة الأولى. السنة التي أضاعها النظام في الداخل أضاعها في الخارج ايضاً. أضاع النظام الإيراني الفرصة التي شكلها عرض اليد الممدودة الذي قدمه باراك أوباما. كانت للرئيس الاميركي مصلحة فعلية في إنجاز ما على هذه الجبهة. كانت لديه حاجة لإظهار أن مقارباته مختلفة. لم تغتنم ايران الفرصة وتصرفت بمنطق من يريد كل شيء أو لا شيء. كانت السنة الإيرانية الماضية سنة الفرص الضائعة. فشلت طهران في تبديد شكوك الوكالة الدولية للطاقة الذرية. بالغت في المناورة والتأجيل. أظهرت الأيام الماضية ان هذا الفشل مكلف. فشلت أيضاً وفي السياق نفسه في إقناع روسيا أن لا مبرر لحزمة عقوبات دولية جديدة. وبدا كأن ايران فشلت في قراءة التحسن الذي طرأ على العلاقات بين واشنطن وموسكو بعد المرونة الاميركية في ملف الدرع الصاروخية. سجلت الديبلوماسية الايرانية فشلاً آخر وربما أخطر. الفشل في اقناع الصين بعدم تأييد قرار العقوبات على رغم الحديث المتكرر عن أهمية السوق الإيرانية للصين المتعطشة إلى النفط وفرص الاستثمار. والحقيقة أن القرار الدولي استنزف جزءاً غير يسير من النجاح الذي حققته إيران عبر الاتفاق الذي وقعته مع تركيا والبرازيل. ترافق كل ذلك مع خسارة في الصورة على مستوى الإقليم. نجح رجب طيب اردوغان في اجتذاب الأضواء في الموضوع الفلسطيني الذي توكأت إيران عليه لتعزيز حضورها في العالم العربي والإسلامي. هذا النجاح كشف أن طموحات إيران في الزعامة تصطدم بعوائق جدية بينها طبيعة انتمائها والقاموس الذي تعيش في ظله. كُتب الكثير في الأعوام الماضية عن براعة المفاوض الايراني وكان ذلك صحيحاً. لكن العام المنصرم انتهى بما يشير الى تعثر هذه البراعة. أدت سياسة التوتر الدائم الى بدايات حال من العزلة. ولن يكون مستغرباً ان تضاعف العقوبات الصعوبات الاقتصادية ومعها مستوى التوتر. شهد العام الأول من ولاية احمدي نجاد الثانية مجازفات يصعب الاعتقاد انها تخدم استقرار إيران او المنطقة.  
(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 14 جوان 2010)  


… ماذا بقي لإيران من أوراق؟


جورج سمعان  
الحزمة الجديدة من العقوبات على إيران، تعبير واضح عن إجماع الدول الكبرى على استبعاد العمل العسكري. لكنها بالتأكيد إعلان حرب اقتصادية، خصوصاً أن الباب مفتوح أمام الدول التي كانت تأمل في عقوبات ذات أنياب، لاجراءات انفرادية أشد إيلاماً. مثلما هو مفتوح أمام استئناف الخيار الديبلوماسي إذا أدركت طهران معنى القرار الدولي. فلا الرئيس باراك أوباما استبعد هذا الخيار، ولا شركاؤه في هذه الحزمة، بل إن الحرص على إبقاء الباب مفتوحاً كان مبرر الموقف التركي المعارض. وبقدر ما شكل القرار الدولي انتصاراً آخر لإدارة أوباما، كان نكسة كبيرة للديبلوماسية الإيرانية التي لم تعرف كيف تحافظ على صداقة روسيا والصين، أكبر شركائها التجاريين نفطاً وسلاحاً. ويخشى أن تدفعهما التصريحات غير المسؤولة لبعض الدوائر في طهران نهائياً إلى صفوف خصوم الجمهورية الاسلامية. وفي حين عرف الرئيس الأميركي كيف يـعيـد خطوة خطوة تـرميم علاقات بلاده مع الأقطاب الدوليين، وكيف يشركهم في إدارة المنظومة الدولية وحل مشاكلها، كان الرئيـس أحمدي نـجاد يتـقـدم خـطوات نحو إحكام طوق العزلة حول بلاده، بسياسته «الديماغوجية»، على حد تعبير المسؤولين الروس. كان من السذاجة ان يتوقع أحد قبول الدول الكبرى وألمانيا الاتفاق الثلاثي، الإيراني – التركي – البرازيلي، على تبادل الوقود في الخارج، مع اصرار الجمهورية الإيرانية على مواصلة تخصيب اليورانيوم. فقد أكدت طهران لخصومها بعودتها إلى اتفاق كانت رفضته قبل شهور، أنها يمكن أن تتراجع تحت الضغوط أو مع اقتراب سيف العقوبات. فلماذا إذاً وقف الضغوط؟ لو ان إيران قبلت بالعرض الروسي لتبادل الوقود في الخارج في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، لكانت ربما وفرت على نفسها هذا الحصار. ولكانت تفادت المواجهة المعلنة مع روسيا والصامتة مع الصين. كان تـفـاؤلاً مفرطاً أو سوء تقدير أن تتوقع الجمهورية من هاتين الدولتين التضحيـة بمصالحهما مع الولايات المتحدة وأوروبا كرمى عيون الرئيس أحمدي نجاد الذي يكاد خطابه السياسي حيال موسكو يشبه خطابه حيال المعارضة في الداخل. فهو خاطب الرئيس مدفيديف كأنه يخاطب زعيمي المعارضة كروبي والموسوي! والمعضلة التي تواجه الديبلوماسية الإيرانية باتت مضاعفة. وأكثر تعقيداً من قبل. كان التراجع قبل القرار أقل كلفة في الخارج والداخل. أما الخروج الآن من صفوف الوكالة الدولية للطاقة أو إسقاط الاتفاق الثلاثي فلا يعنيان سوى مزيد من الهروب إلى أمام وتأجيل الاستحقاق. وإذا ما تورطت طهران في مواقف قاطعة في السلبية حيال علاقاتها ببعض الدول الكبرى، فإنها ستعرض نفسها قريباً لمزيد من العقوبات. وتعمق أزمة الثقة بينها وبين المجتمع الدولي… في حين لم تحسن كيف تقنعه بقبولها تبادل الوقود النووي في الخارج. وحتى الالتفاف على الحزمة الجديدة من العقوبات بات أكثر صعوبة، وإن بدا لبعضهم أنها، وهي كانت أقل كلفة من الحرب، ليست الوسيلة الناجعة لإرغام إيران على وقف برنامجها النووي، أو إعادتها إلى طاولة المفاوضات بعد تعليق التخصيب. يجب أن تتحلى القيادة في طهران بالشجاعة، فلا تنجر وراء محاولة الغرب «شيطنة النظام» كما حصل مع صدام حسين. ويجب أن تعيد تقويم مواقفها. وأن تسعى لرأب الصدع الذي أصاب علاقاتها بالمجتمع الدولي أو على الأقل بروسيا والصين. ذلك لأن دولة تطرح نفسها شريكاً للدول الكبرى في صياغة، ليس النظام الاقليمي فحسب بل النظام الدولي، حري بها الحفاظ على الحد الأدنى من العلاقات مع هذه الدول. وهذه ليست المرة الأولى التي تجد فيها إيران نفسها في مواجهة مع العالم. فقائد الثورة الإمام الخميني أضطر إلى تجرع السم وقبول وقف النار مع نظام صدام حسين عندما وجد أن «الثورة الاسلامية» باتت في مواجهة مع الغرب كله الذي كان يخوض الحرب علناً إلى جانب بغداد. وأياً كانت مواقف إيران اليوم شرعية ونياتها سليمة، فإنها يجب أن تبحث عن مخرج من هذا الحصار الذي دُفعت أو اندفعت إليه. فإذا كان الغرب لا يرغب في قيام دولة اقليمية كبرى تقاسمه التأثير والمصالح في المنطقة لأسباب عدة، فإن على الجمهورية الاسلامية أن تبدل ديبلوماسيتها، فلا المعاندة تغني ولا الانتحار باب من ابواب السياسة… فضلاً عن أن الرئيس أحمدي نجاد ليس الخميني، بمعنى أنه لا يملك شرعية مطلقة ليدفع الجمهور الإيراني في الاتجاه الذي يريد عندما يريد! إن الحصار الخانق الذي ستواجهه حكومة أحمدي نجاد في الخارج سيدفعها إلى تشديد الخناق في الداخل، الأمر الذي يضاعف النقمة المكبوتة ويوسع صفوف المعارضين في انتظار الفرصة السانحة. وإذا كانت العقوبات تستهدف بالدرجة الأولى «الحرس الثوري» وآلته العسكرية والاقتصادية، فإنها كمن يدعو «الحرس» والكيانات العسكرية المرتبطة به إلى مزيد من التورط في رسم السياسات الداخلية والخارجية للبلاد. مما سيؤدي لاحقاً إلى سقوط الدولة نهائياً في أيدي «الحرس» وأجهزته فتهيمن هذه على كل مفاصل النظام. كان ثمة اعتقاد بأن إيران يمكن أن تستخدم الأوراق الكثيرة التي في حوزتها، أي عبر حلفائها في المنطقة. من غزة إلى افغانستان. لكن دوائر غربية مراقبة ترى أن التطورات التي سبقت الحزمة الجديدة من العقوبات أظهرت أن هذه الأوراق بدأت تتآكل ولا يمكن استخدامها بسهولة. فورقة الحصار المضروب على قطاع غزة «سرقتها» تركيا من اللاعبين الاقليميين بمن فيهم طهران. وثمة مؤشر لافت في هذا المجال أن حركة «حماس» رفضت علناً اقتراحات إيرانية بأن تواكب فرق من «الحرس الثوري» بواخر «اسطول الحرية». فقد تبين أن «الجهاد السلمي» الذي اعتمدته أنقرة أجدى وأكثر نفعاً من الجهاد العسكري الذي كان الحصار إحدى نتائجه الكارثية. والأمر نفسه يمكن أن ينسحب على الوضع في جنوب لبنان، حيث لا يبدو أن «حزب الله» في وارد فتح الجبهة التي يحرسها جنود دوليون ينتمون إلى أكثر من 35 دولة، استناداً إلى القرار 1701 الذي وضع ويضع مسؤولية جبهة الجنوب في أيدي الدول نفسها التي اقترعت على الحزمة الرابعة من العقوبات. فضلاً عن أن المسؤولين في سورية ولبنان شنوا حملة ديبلوماسية واسعة للرد على التهديدات الاسرائيلية الأخيرة التي توعدت بحرب شاملة إثر ما زعمت أنه تسليح للمقاومة يخل بموازين القوى مع الدولة العبرية. وكأن واشنطن وشركاءها ضبطوا سلفاً سقف التحرك في الجنوب. وهكذا كانت «عاصفة الصواريخ» ذات أهداف عدة. منها تمرير المفاوضات غيـــر المباشــــرة بين اسرائيل والفلسطينيين برعاية واشنطن، ومحاولة إسقاط ورقة المقاومة سلفاً في انتظار أية تطورات مستقبلية ذات صلة بالعقوبات. حتى الوضع في العراق ليس ملائماً لإيران كما كان من قبل. فهو لا يحتمل تفجيرات واسعة كما في السابق، خصوصاً أن موعد الانسحاب الأميركي يقترب، وليس من مصلحة طهران ولا حلفائها في بغداد وهم الأكثرية، أن يغرقوا في مزيد من المتاعب بدل الانصراف الى ترسيخ أقدامهم في النظام والسلطة. أي أن تفجير الوضع سيف ذو حدين… وقد تدفع المفاجآت واشنطن ربما إلى إعادة النظر في برنامج انسحابها من هذا البلد. وهذا ما لا تريد الجمهورية الاسلامية أن تراه. خصوصاً أنها تدرك جيداً أن واشنطن بعد كل هذه التضحيات الاقتصادية والبشرية لا يمكن أن تسلم البلد إلى الإيرانيين، لأن ذلك يعني ببساطة أن كل أهداف الحرب باءت بالفشل. ويعني ذلك تقويض كل الخطط الأميركية. ولا يعود للعقوبات أي معنى. إذ تصبح الجمهورية الاسلامية صاحبة الدور الأكبر في تقرير شؤون المنطقة والخليج… بما فيها المصالح الاستراتيجية النفطية والعسكرية الأميركية. كما أن التدخل الايراني فـــي أفغانستان، إذا صحت الاتهامات الاميـــركية لطهــران بأنها وراء دعـــم مجموعات من «طالبان» و «القاعدة»، قـــد يقوض خطط الأميركيين ودول حلف شمال الأطلسي، أو يعيق ترتيب الوضع السياسي في هذا البلد. لكن عودة شبح «طالبان» يهيمن فوق كابول لن يكون خبراً سعيداً للجمهورية الاسلامية التي تعرف أن إشغالها بحديقتها الخلفية ســيؤدي إلى مــزيــد من إضعافها واحباط أحلامها في المقلب الغربي من الخليج إلى… المتوسط.
(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 14 جوان 2010)

الدور الإقليمي الجديد لتركيا في منطقة الخليج والشرق الأوسط


منبر الحرية 2010-06-14 نبيل علي صالح •  يبدو الوضع السياسي والجيو-استراتيجي الحالي في المنطقة العربية ملتبساً وغير واضح المعالم، وذلك رغم اعتماد القوى الدولية الكبرى -الأكثر فاعلية في خارطة التغيير ورسم السياسات- لخطط وتوجهات سياسية (تقول إنها جديدة) خاصة بالمنطقة، وتتعلق بطبيعة مقاربتها للملفات الشائكة في أكثر من موقع هنا وهناك.. خصوصاً بعد وصول إدارة سياسية جديدة إلى البيت الأبيض، يبدو همّها الأساسي منصباً على مخالفة معظم التوجهات السياسية التي كانت تعتمدها الإدارة الجمهورية السابقة، أكثر من اهتمامها ببناء سياسات واضحة ومعروفة. وفي ظل تضارب مصالح معظم دول المنطقة والإقليم، وتعارض سياساتها إلى درجة التناقض الجوهري فيما بينها من جهة وبينها وبين القوى الدولية الكبرى من جهة ثانية، تحاول بعض دول منطقتنا –وعلى رأسها تركيا- التعاطي مع مجمل التعقيدات القائمة بهدوء وعقلانية.. يمكن ملاحظتها ومتابعتها خلال السنوات القليلة الماضية، وبخاصة بعد تسلُّم حزب العدالة والتنمية للسلطة فيها. فهذه الدولة التي تشغل مساحة جغرافية وحيزا استراتيجيا نوعيا مهما ومؤثرا، لا تزال تشهد منذ وصول حزب العدالة والتنمية –ذي التوجه الإسلامي المعتدل- إلى السلطة في 2002 تحولات مفصلية متسارعة على صعيدها الداخلي والخارجي. وهي تحاول استعادة بعض أو كل مكانتها التاريخية شبه المفقودة والضائعة بين إغراءات الدخول إلى النادي السياسي والاقتصادي الأوروبي والحصول على مقعد فيه، وبين العودة إلى أعماق التاريخ « العصملي » البهي والمتألق الذي كان لتركيا فيه موقع القلب من الجسد، لتستعيد مكانتها « القديمة-الجديدة » ومقعدها المخصص لها وحدها، والذي لا نعتقد أنه يمكن لبعض الدول الأخرى (كإيران مثلاً) أن تحتله نظراً للعمق التاريخي والثقل الجيو-استراتيجي السياسي والثقافي والديني الذي تحوزه تركيا في المنطقة العربية، والذي لن تجد أمام تحققه على الأرض أية عقبات تذكر.. على عكس إيران التي تتوجس منها شراً كثير من الحكومات والشعوب العربية، بسبب تدخلاتها المتكررة في الشؤون الداخلية لبعض تلك الدول، وبسبب تضخم تطلعاتها المرتكزة على تصدير مبادئ ثورتها الدينية الشيعية ذات التوجه والنزعة الرفضية الجذرية، وطغيان نزعتها القومية وحضورها التاريخي على مجمل سياساتها الخارجية (قومنة التشيع). ولكن تركيا تبدو أكثر قدرةً من إيران على القيام بدور أساسي في مجمل السياسات الاستراتيجية المتعلقة بالمنطقة، ليس فقط لأنها دولة كبيرة مترامية الأطراف، تمتلك من الثروات والموارد والطاقات والمزايا الأخرى الشيء الكثير، بل لأنها أيضاً على علاقة جيدة وطيبة مع معظم الدول، مما يمكنها من الحديث مع الجميع ومن دون مواربة حول أكثر من ملف معقد وشائك، والتحول إلى مركز تواصل أساسي في السياسة الإقليمية والدولية، خصوصاً بعد أن تبنت تركيا –بقيادتها الجديدة- ثابتة استراتيجية في سياستها الخارجية وهي ضرورة التعدد في العلاقات، وعدم حصرها في خط أو مستوى واحد. لقد ارتكزت القيادة التركية الجديدة على قاعدة شعبية عريضة وواسعة للمضي قدماً في تنفيذ سياستها الخارجية (الهادئة والعقلانية والنشطة)، بعد تحقيقها لنجاحات اقتصادية داخلية لافتة، جعلت من تركيا إحدى أهم دول العالم في رفع مستويات التنمية الداخلية، وتخفيض العجز المالي، وزيادة حجم الميزانية القومية، وهذا ما يمكن ملاحظته ومتابعته من قبل الجميع، وبخاصة لمن يزور هذا البلد، ويقوم بجولات ميدانية في بعض مدنها الصناعية والتجارية المهمة، ليقف عن كثب على مصداقية الأرقام المتعلقة بالتنمية الاقتصادية ونهوض الاقتصاد التركي التي تقدمها مختلف الأوساط والمنظمات الاقتصادية الدولية بخصوص قوة وتطور الاقتصاد التركي. وباعتقادي أنه لو لم تتمكن قيادة أردوغان -القادم من زخم تحقيق نجاحات باهرة في اسطنبول- من بناء الداخل على أسس اقتصادية صحيحة ومتينة، لبقيت محصلة المعادلة التركية الخارجية –في دورها ومكانتها وتأثيرها- صفراً، كما كانت عليها في السابق عندما كانت تركيا أحد مصادر أو مواقع الإثارة والتوتير في المنطقة. لقد أدرك القادة الأتراك الجدد بأن الفرصة واللحظة الاستراتيجية القائمة حالياً –والناتجة بالطبع عن أخطاء الآخرين، وفشل سياساتهم الخاصة بالمنطقة، الأمر الذي أوقعها في حالة فراغ استراتيجي- أدركوا أن الفرصة سنحت لإعادة موضعة سياساتهم الخارجية، واستغلال اللحظة الحرجة (لحظة الفراغ والالتباس التاريخي) التي قد لا تتوفر لهم مرة أخرى، فانطلقوا في اتجاه بناء سياسات جديدة، تتداخل فيها عوامل جذب واستقطاب مختلفة ومتعددة ما كان من الممكن تصورها سابقاً.. وكانت قاعدة هذا التصور الجديد تقوم على كون تركيا دولة محورية في الشرق، ليس فقط لنفسها ولجوارها وامتدادها الجغرافي الشرقي والجنوبي، وإنما هي كذلك للأوروبيين أيضاً الباحثين دوماً عن استقرار المنطقة (جوارهم الجنوبي والجنوبي الشرقي الدائم)، والذين كان عليهم أن يدركوا أنه لا بد أن تمرّ سياساتهم في المنطقة العربية -المثقلة بالهموم والأزمات- عبر الأتراك قبل غيرهم، لأنهم مهيئون تاريخياً وحضارياً وجاهزون دينياً وجغرافياً للتحدث بعمق وصراحة مع كل دول المنطقة، وحول كل قضايا وشؤون وشجون دول الإقليم، بما فيها إسرائيل.. ولهذا رأينا تركيا تتوسط في المفاوضات بين سوريا وإسرائيل، وتحاول حالياً التوسط بين إيران وأميركا، كما رأيناها تعمل على وقف غزو إسرائيل لقطاع غزة، مع تحميل إسرائيل كامل المسؤولية عن ذلك العدوان. إن التصور السياسي التركي الجديد للمنطقة يحاول مقاربة الأمور من زاوية الضرورة الحيوية لتحقق السلام في المنطقة، والتفرغ لبناء أسس ومقومات الحكم الصالح في داخل مجتمعاتنا العربية والإسلامية التي تشهد وعياً متزايداً بأهمية الترابط بين الأمان والسلام الداخلي والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.. وقناعة الأتراك بهذه المقاربة حقيقة، وليست ناتجة عن أية مراوغة تكتيكية، باعتبار أن تركيا نفسها ما كانت لتصل إلى ما وصلت إليه -من مكانة ودور- لولا إدراك قادتها الجدد لأهمية البعد المؤسسي للدولة المرتكز على قاعدة ديمقراطية واسعة مدعومة من الشعب الذي تزداد عملية انخراطه في ممارسة السياسة والسلطة بمقدار ما تزداد عوامل الجذب والإغراء الاقتصادي والحريات العامة التي توفرها له الدولة. إننا نعتقد أن لتركيا موقعها السياسي ودورها النوعي المؤثر في معظم القضايا والتحديات التي تلف منطقتنا العربية والإسلامية، والواضح أمامنا أن تركيا لم تحصل على هذا الدور هديةً من أحد، بل رسمت له وخططت للحصول عليه بوعي منها ومن تلقاء نفسها، نتيجة عقلانية سياستها الخارجية وسرعة تحركها وروح المبادرة الفعالة التي تمتلكها.. وقد أثبتت الأحداث السياسية والأمنية والعسكرية التي حدثت خلال السنوات الأربع الماضية الأخيرة أن تركيا لاعب محوري وأساسي في معظم المعادلات السياسية القديمة والجديدة للمنطقة، مما يحتم ويجبر الدول والقوى الكبرى على الحديث وفتح القنوات السياسية وغير السياسية بالكامل معها وباستمرار. وهذا ما يجب على العرب أن يتنبهوا له بعد أن غابوا وغيبوا أنفسهم طويلاً عن بناء علاقات طيبة ومتينة مع الأتراك.. رغم أن ما يجمعهم بتركيا أكثر بكثير مما يفرقهم عنها. يُنشر بالتعاون مع مشروع منبر الحرية www.minbaralhurriyya.org (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 14 جوان 2010)

Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

21 juillet 2004

Accueil TUNISNEWS   5 ème année, N° 1523 du 21.07.2004  archives : www.tunisnews.net الصباح: معقبا على استفسار حول ظاهـرة الغش فـي

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.