TUNISNEWS
7 ème année, N° 2473 du 28.02.2007
الحزب الديمقراطي التقدّمي: بـيـــــان
البديـل عاجل: عون من الحرس البحري يطلق النار على شاب بسيدي داود رويترز: أحكام بسجن خمسة تلاميذ في تونس بموجب قانون مكافحة الإرهاب الصباح: صدور أحكام على التلاميذ الخمسة المتهمين بعقد اجتماعات غير مرخص فيها الحياة: تونس: أحكام جديدة بالسجن في قضايا إرهابية الصباح: إدانة 16 متهما في قضية «حرقان» وات: سفير فرنسا بتونس يؤكد:”العلاقات التونسية الفرنسية ثرية للغاية ومتنوعة” الصباح: السفير الفرنسي بتونس في لقاء صحفي:الموافقة على 87 بالمائة من مطالب التأشيرة أرقام قياسية للمبادلات التجارية والاستثمار يو بي آي: سفير فرنسا بتونس: لن نغيّر سياستنا تجاه الضفة الجنوبية للمتوسط
وات: المكتب السياسي لحزب الخضر للتقدم يعقد اجتماعه الدورى
الجزيرة.نت: فوز ثلاث عربيات بجائزة لوريال واليونسكو للبحوث العلمية
سليم بوخذير: المراكز العمومية للأنترنت و المراكز العمومية للشرطة و بن علي و أنا . . و رقّصني يا جدع
سليم بن حميدان: الانفتاح السياسي والفيتو الخارجي
افتتاحية صحيفة “الموقف” : الحلم المغدور أحمد نجيب الشابي: كفانا وعودا … نريد الإصلاح فتحي الرّحماني : المعارضة والبدائل الدّيمقراطيّة: نموذج المصالحة الوطنيّة: الممكن الممتنع
د.منصف المرزوقي : إشكاليات بلورة” الإنسان الحرام ” في ثقافتنا
الأستاذ الهادي المثلوثي: مجتمع الحوار مجتمع الحرية والأمان
سويس إنفو : كمال العبيدي: “عدد الصحفيين العرب العابرين للخطوط الحمراء في ارتفاع كبير” محمد كريشان : الشراكة الفلسطينية الصعبة د. أبو خولة: محاكمة ” أزهرية ” للمدون عبد الكريم
الصباح: «رهائن» الفنان عزالدين قنون: المسرحية تفضح الإرهابيين.. ولا تسقط في المألوف من الكلام الحياة: الجزائر: منع «الإصلاح» الإسلامي من خوض الانتخابات البرلمانية
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
الحزب الديمقراطي التقدّمي تونس في 27 فيفري 2007 بـيــــــــــــــان
يتابع الحزب الديمقراطي التقدّمي بإنشغال كبير وضع سجناء حركة النهضة وبخاصّة حالة السجين رضا البوكادي الذي يعاني من قصور كلوي يستوجب متابعة يوميّة. وقد أفادت مصادر عائليّة وحقوقيّة أنّه تعرّض للتعنيف الشديد إثر مطالبته بنظام حمية خاصّ وصفه له الطبيب ورفضته إدارة السجن. إنّ الحزب الديمقراطي التقدّمي إذ يدين هذه الاعتداءات الصارخة ويطالب بتقديم كلّ الإسعافات الطبيّة الضروريّة والعاجلة لرضا البوكادي، فإنّه يحمّل السلطات مسؤوليّة كلّ تدهور قد يطرأ على صحّته نتيجة الإهمال والإصرار على حرمانه من حقّه في المتابعة الصحّية. ويؤكّد الحزب عزمه على مضاعفة كلّ الجهود وتكثيف النضال مع مختلف مكوّنات المجتمع المدني من أجل اطلاق سراح كلّ مساجين الرأي وعودة المغتربين وإعادة الحقوق السياسيّة والمدنيّة لكلّ من كان موضع تتبّع من أجل أفكاره أو نشاطاته السياسية ومن أجل سنّ قانون العفو العام. الأمينة العامّة ميّة الجريبي (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 27 فيفري 2007)
عون من الحرس البحري يطلق النار على شاب بسيدي داود
بينما كان
الشاب محمد الجبالي، 32 سنة، تاجر متزوج وأب لطفلين (بنت تبلغ من العمر 5 سنوات وطفل عمره 3 سنوات ونصف)، يتجه نحو ميناء سيدي داود يوم الأحد 25 فيفري 2007 على الساعة الرابعة و45 دقيقة بعد الظهر قصد صيد الأسماك، اعترض سبيله عونان من الحرس البحري وطلبا منه الاستظهار ببطاقة هويته. أجابهما أنه لا يحمل معه بطاقة هويته، فحاول العونان الزجّ به في سيارتهما الإدارية، إلا أنه رفض الانصياع وولّى أعقابه باتجاه بيته ممتطيا دراجته، حسب ما ذكره شهود عيان. فما كان من
العون المدعو يسري
إلا أن التحق به وضربه بواسطة الأغلال (menottes) على رأسه، وهو ما جعل السيد محمد الجبالي يحاول الفرار فأطلق عليه العون رصاصة أصابته على مستوى نصف جسمه الأسفل، ثم تركه طريحا وذهب صحبة زميله دون إسعاف الضحية. فقام المارّة بنقله إلى بيت أخيه الذي حمله إلى مستشفى الهوارية لتلقي الإسعافات اللازمة. وفي المساء، قام البوليس بأخذه إلى منزل تميم واحتفظ به بعد تلقي الإسعافات بمستشفى المدينة.
يوم الإثنين 25 فيفري 2007، ذكرت عائلة الضحية أنه تم إيقاف المعتدي على الساعة الثانية بعد الزوال لكن دون إطلاق سراح ابنها. وحسب المعلومات التي تحصلت عليها فإنّ السلطات حاولت تقديم الحادثة على أساس كونها مشاجرة وقعت بين العون والضحية، وهو ما قد يؤدي إلى اعتبار إطلاق النار من طرف العون “حالة دفاع شرعي”، على الرغم من كون شهود العيان قد أكدوا أن محمد الجبالي لم يعتد على العون ولم يهدّده بالمرة. ولما تحوّل يوم أمس أخ الضحية إلى منزل تميم لم يتمكن من مقابلته، وأعلمه أعوان الشرطة أن أخاه سيمثل في اليوم الموالي أمام النيابة العامة بمدينة قرمبالية.
وقد أكدت اليوم العائلة أنّ العون يسري حاول إطلاق النار ثانية على ابنها لولا منعه من طرف زميله. كما صرحت أنّ رصاصة العون اخترقت فخذ محمد الجبالي الذي قضّى الليلة الفاصلة بين الأحد والاثنين للعلاج بمستشفى منزل تميم تحت حراسة أمنية، وتم نقله من الغد إلى مركز الشرطة رغم دقة حالته الصحية، وهولم يقدر على المثول أمام النيابة العامة اليوم. كما أن العائلة ليست متأكدة من أن العون الذي أطلق النار محلّ تتبّعات وتتساءل لماذا تمّ ايقاف ابنها ولماذا تقع إحالته على القضاء في حين أنه هو الضحية.
إن محمد الجبالي هو ضحية أخرى من ضحايا تجاوزات أعوان الأمن الذين يعتدون بسهولة على المواطنين. كما أنّ الإفلات من العقاب الذي يتمتعون به لم يفعل سوى تعزيز وقاحتهم. (المصدر: البديـل عاجل – قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 27 فيفري 2007)
صدور أحكام على التلاميذ الخمسة المتهمين بعقد اجتماعات غير مرخص فيها
ادانت الدائرة الجناحية الرابعة مساء اول امس التلاميذ الخمسة الذين وجهت لهم تهمة عقد اجتماعات غير مرخص فيها وقضت بسجن كل من الاول والثاني مدة سنة وسجن كل واحد من الثلاثة الاخرين مدة 6 اشهر. وكانت «الصباح» نشرت وقائع القضية واطوار المحاكمة في عددها الصادر امس الثلاثاء. وللتذكير بالوقائع فان المتهمين هم تلاميذ من متساكني قبلي تم ايقافهم بباب سعدون بعدما اشتبه المحققون في انهم ينتمون الى الجماعات المتبنية للفكر الجهادي السلفي. وكانوا قد اعترفوا امام باحث البداية بعقدهم اجتماعات وتدارسهم مسائل الجهاد، وقد عزموا على السفر الى العراق للمشاركة في الجهاد ولكن في جلسة المحاكمة تراجعوا في جميع اقوالهم. وقررت المحكمة بعد المفاوضة ادانتهم والقضاء في حقهم بالسجن. مفيدة (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 28 فيفري 2007)
أحكام بسجن خمسة تلاميذ في تونس بموجب قانون مكافحة الإرهاب
تونس (رويترز) – قالت مصادر بمنظمات للدفاع عن حقوق الانسان يوم الاربعاء إن محكمة تونسية قضت بسجن خمسة تلاميذ تونسيين لا تتجاوز أعمارهم 21 عاما لفترات تترواح بين ستة أشهر وسنة بموجب قانون مكافحة الارهاب. وأضافت أن المحكمة وجهت تهما للتلاميذ بعقد اجتماعات غير مرخص بها بعد ضبطهم خلال اجتماعات بمنطقة باب سعدون بالعاصمة تونس في 6 فبراير شباط الحالي في اطار ملاحقتها لجماعات تتبنى الفكر السلفي الجهادي. وأوضحت المصادر أن التلاميذ اعترفوا أثناء التحقيق بانهم تدارسوا الفكر الجهادي وتأثروا بالاوضاع الراهنة بالعراق وفلسطين واقتنعوا بضرورة السفر للعراق للجهاد لكنهم تراجعوا عن أقوالهم وقالوا انهم التقوا مع بعضهم لمشاهدة مباراة رياضية بالعاصمة. وحوكم التلاميذ الخمسة بموجب قانون مكافحة الارهاب بعد اعتقالهم بالعاصمة تونس وهم من مدينة قبلي الواقعة جنوبي البلاد. وحكمت المحكمة بسجن اثنين منهما لمدة عام بينما حكم بالسجن لستة أشهر على كل من الثلاثة الاخرين. وتحاكم تونس التي شهدت خلال مطلع العام الحالي مواجهات مسلحة نادرة الحدوث مع عناصر جماعة سلفية عشرات الشبان بموجب قانون مكافحة الارهاب. وأصدرت محكمة تونسية خلال الشهر الماضي احكاما بالسجن من 5 الى 11 عاما على ثمانية اشخاص كما سجنت هذا الشهر لاول مرة مجموعة من افراد جماعة الدعوة والتبليغ. وأقرت تونس أحد أكثر بلدان المنطقة استقرارا قانون مكافحة الارهاب في 10 ديسمبر كانون الاول عام 2003. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 28 فيفري 2007)
تونس: أحكام جديدة بالسجن في قضايا إرهابية
تونس – رشيد خشانة استمرت محاكم تونسية بملاحقة متهمين بالانتساب إلى تنظيمات إرهابية، وأفادت مصادر قضائية أن محكمة الدرجة الأولى في العاصمة تونس قاضت أول من أمس خمسة من طلاب إحدى الثانويات في مدينة تطاوين الجنوبية، تراوح سنهم بين 19 سنة و21 سنة، بتهمة تشكيل تنظيم إرهابي. ولم تتسن معرفة قرار المحكمة في شأنهم. كذلك قررت الدائرة الجنائية الأولى في محكمة العاصمة سجن تونسي في العقد الثالث، كانت سلمته السلطات الايطالية في 2005، لمدة عامين بعدما دانته بتهمة تزوير وثائق رسمية وبرّأته من تهمة الانضمام الى شبكة إرهابية. ونفى المتهم الذي تعرّف على عناصر إسلامية لدى إقامته في مدينة نابولي جنوب إيطاليا، أن يكون سافر إلى أفغانستان للتدرب على القتال. وفي سياق متصل، أفيد أن محكمة مدنية في ضاحية منوبة شمال العاصمة تونس قررت سجن شابين تراوح سنهما بين 22 و25 عاماً لمدة سنة واحدة بعدما دانتهما بتهمة عقد اجتماعات من دون الحصول على ترخيص وجمع «تبرعات لأغراض ارهابية خارج البلد». وأشارت أوراق القضية إلى أن الشابين كانا يجمعان الأموال اللازمة للالتحاق بـ «المقاومة العراقية». (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 28 فيفري 2007)
في الميدة:
إدانة 16 متهما في قضية «حرقان»
ادانت هيئة الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية 16 متهما في قضية ابحار خلسة بينهم متهم كفيف واصدرت في شأنهم احكاما تتراوح بين العام والعامين سجنا وقد احضر ثلاثة من المتهمين بحالة ايقاف لمقاضاتهم من اجل تهمة المشاركة في وفاق يهدف الى مغادرة التراب التونسي خلسة بحرا طبق احكام الفصول 38 و39 و40 و41 من قانون 3 فيفري 2004 ولم يحضر بقية المتهمين وهم بحالة سراح وتمت احالة اثنين منهم بحالة فرار. وللتذكير بوقائع القضية التي اوردناها بتاريخ سابق فقد انطلقت الابحاث على اثر ورود معلومات على اعوان مركز الامن العمومي للحرس الوطني بالميدة مفادها اعتزام مجموعة من الشبان اصيلي وقاطنين بنفس المكان الابحار خلسة باتجاه ايطاليا فتولى اعوان الفرقة المذكورة استغلال تلك المعلومات والتحري فيها وجلب اربعة من المتهمين الذين ذكر احدهم انه خلال شهر جويلية 2005 اتصل به المتهم الخامس واعلمه انه يخفي معدات بحرية لاستغلالها في اجتياز الحدود خلسة وطلب منه تفقدها فحرر في الغرض محضر بحث احيل على النيابة العمومية التي اذنت بفتح بحث تحقيقي كان منطلقا لقضية الحال. تمسك بالانكار ومطالبة بالبراءة وباستنطاق المتهمين تمسكوا بانكار التهمة المنسوبة اليهم وباعطاء الكلمة للسان الدفاع اكتفى بعض المحامين بتسجيل حضورهم وتقدم البعض الاخر بتقارير تتضمن مرافعاتهم ورافع محام في حق احد المتهمين افاد بان منوبه ليس له علم او خبرة في عملية الابحار. وهو لم يتحصل على اي مبلغ مالي من بقية المتهمين ودوره اقتصر فقط على اخفاء معدات الرحلة لديه وتبعا لذلك طلب التخفيف عنه والاكتفاء بالمدة المقضاة من قبله بسجن الايقاف لنقاوة سوابقه ورافعت محامية في حق احد المتهمين اكدت على ان دور منوبها كان سلبيا في العملية وهو لم يخطط ولم يشارك في الرحلة وطلبت البراءة في حقه باعتبار انه موقوف منذ اكثر من سنة واحتياطيا التخفيف عنه ورافع محاميان في حق متهم ثالث اكدا على تمسك منوبهما بالانكار وعدم ثبوت الادانة لان موكلهما كان في القطر الليبي زمن الواقعة مما يؤكد استحالة تورطه في العملية وتبعا لذلك طلبا عدم سماع الدعوى في حقه. واثر المفاوضة ادانت هيئة المحكمة جملة المتهمين وقضت بسجن بعضهم مدة عام وقررت سجن المتهمين المحالين بحالة فرار مدة عامين. فاطمة الجلاصي (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 28 فيفري 2007)
في الميدة:
إدانة 16 متهما في قضية «حرقان»
ادانت هيئة الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية 16 متهما في قضية ابحار خلسة بينهم متهم كفيف واصدرت في شأنهم احكاما تتراوح بين العام والعامين سجنا وقد احضر ثلاثة من المتهمين بحالة ايقاف لمقاضاتهم من اجل تهمة المشاركة في وفاق يهدف الى مغادرة التراب التونسي خلسة بحرا طبق احكام الفصول 38 و39 و40 و41 من قانون 3 فيفري 2004 ولم يحضر بقية المتهمين وهم بحالة سراح وتمت احالة اثنين منهم بحالة فرار. وللتذكير بوقائع القضية التي اوردناها بتاريخ سابق فقد انطلقت الابحاث على اثر ورود معلومات على اعوان مركز الامن العمومي للحرس الوطني بالميدة مفادها اعتزام مجموعة من الشبان اصيلي وقاطنين بنفس المكان الابحار خلسة باتجاه ايطاليا فتولى اعوان الفرقة المذكورة استغلال تلك المعلومات والتحري فيها وجلب اربعة من المتهمين الذين ذكر احدهم انه خلال شهر جويلية 2005 اتصل به المتهم الخامس واعلمه انه يخفي معدات بحرية لاستغلالها في اجتياز الحدود خلسة وطلب منه تفقدها فحرر في الغرض محضر بحث احيل على النيابة العمومية التي اذنت بفتح بحث تحقيقي كان منطلقا لقضية الحال. تمسك بالانكار ومطالبة بالبراءة وباستنطاق المتهمين تمسكوا بانكار التهمة المنسوبة اليهم وباعطاء الكلمة للسان الدفاع اكتفى بعض المحامين بتسجيل حضورهم وتقدم البعض الاخر بتقارير تتضمن مرافعاتهم ورافع محام في حق احد المتهمين افاد بان منوبه ليس له علم او خبرة في عملية الابحار. وهو لم يتحصل على اي مبلغ مالي من بقية المتهمين ودوره اقتصر فقط على اخفاء معدات الرحلة لديه وتبعا لذلك طلب التخفيف عنه والاكتفاء بالمدة المقضاة من قبله بسجن الايقاف لنقاوة سوابقه ورافعت محامية في حق احد المتهمين اكدت على ان دور منوبها كان سلبيا في العملية وهو لم يخطط ولم يشارك في الرحلة وطلبت البراءة في حقه باعتبار انه موقوف منذ اكثر من سنة واحتياطيا التخفيف عنه ورافع محاميان في حق متهم ثالث اكدا على تمسك منوبهما بالانكار وعدم ثبوت الادانة لان موكلهما كان في القطر الليبي زمن الواقعة مما يؤكد استحالة تورطه في العملية وتبعا لذلك طلبا عدم سماع الدعوى في حقه. واثر المفاوضة ادانت هيئة المحكمة جملة المتهمين وقضت بسجن بعضهم مدة عام وقررت سجن المتهمين المحالين بحالة فرار مدة عامين. فاطمة الجلاصي (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 28 فيفري 2007)
سفير فرنسا بتونس يؤكد:
“العلاقات التونسية الفرنسية ثرية للغاية ومتنوعة”
تونس 27 فيفري 2007 (وات)”العلاقات التونسية الفرنسية ثرية للغاية ومتنوعة وهي تنمو في مناخ من الثقة والانفتاح والحوار حول كل المسائل وذلك في اطار احترام الاخر” ذلك ما صرح به السيد سارج دى غاللي سفير فرنسا بتونس خلال الندوة الصحفية التي عقدها يوم الثلاثاء بمقر السفارة بالعاصمة والتي قدم خلالها حصيلة التعاون التونسي الفرنسي في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما تطرق الى المحاور ذات الاولوية التي يمكن للطرفين استغلالها سنة 2007 واضاف السيد سارج دى غاللي بان العلاقات الثنائية تستند الى “شراكة استراتيجية” و”مصالح مشتركة” مؤكدا الارتباط بين مصيرى البلدين على الصعيدين التاريخي والجغرافي وبفضل الارادة التي تحدوهما في مزيد تعزيز هذه العلاقات. واوضح السفير الفرنسي ان العلاقات التونسية الفرنسية قد تميزت على الصعيد السياسي بتبادل منتظم للزيارات على مستوى الوزراء وعي زيارات شملت عديد القطاعات على غرار السياحة والدفاع والتعليم العالي والبيئة. وابرز اهمية الاطر التي تنظم العلاقات الثنائية ومنها بالخصوص برنامج التعاون والحوار الاورومتوسطي 5 زائد 5 مشددا على ضرورة دفع الصرح المغاربي الذى من شانه ان يمثل “عامل سلام ورخاء” في المنطقة. كما ابرز السفير الفرنسي التوافق في وجهات النظر بين تونس وفرنسا بشان المسائل الدولية وبخصوص سياسة حركة الاشخاص والمبادلات البشرية افاد سفير فرنسا ان هذه السياسة “منفتحة ومرنة في اطار احترام القوانين”. واضاف ان القنصلية العامة لفرنسا بتونس قد منحت 73800 تاشيرة سنة 2006 وان نسبة الردود الايجابية على مطالب التأشيرة تنمو بشكل ملحوظ حيث تجاوزت نسبة هذه الردود 87 بالمائة سنة 2006 في حين بلغت نسبة الردود بالرفض 13 بالمائة خلال نفس السنة. وأفاد في ذات السياق ان 2508 طالبا تمكنوا سنة 2006 من التوجه الى فرنسا لمواصلة دراستهم هناك. وفي ما يتعلق بالتعاون الاقتصادى اشار السيد دى غاللي ان فرنسا تمكنت والى موفى سنة 2006 من الحفاظ على موقعها كاول شريك تجارى لتونس فهي اول مزود لها بحصة 23 بالمائة من السوق واول حريف بنسبة 32 بالمائة من الصادرات التونسية. واضاف ان القيمة الجملية للمبادلات قد بلغت سنة 2006 “مستوى قياسيا” لم تشهده من قبل وذلك بحوالي 10 فاصل 2 مليارات دينار اى اكثر من 6 فاصل 1 مليار اورو. اما الحجم الجملي للمبادلات فقد نما ب14 بالمائة مقارنة بسنة 2005 . ولدى تطرقه الى الاستثمارات الفرنسية المباشرة في تونس اشار السفير الفرنسي الى ان بلاده تمتلك اكبر عدد من المؤسسات ذات المساهمة الخارجية حوالي 1150 مؤسسة سنة 2006 معلنا ان 83 مؤسسة جديدة بمساهمة فرنسية قد تم بعثها في تونس خلال السنة المنقضية. واستعرض السفير الفرنسي كذلك حصيلة التعاون الثنائي في المجالين الثقافي والتقني مقدما لمحة عن استثمارات مجموعة الوكالة الفرنسية للتنمية وعن الاليات المالية للتعاون التي تستفيد منها تونس. وخلص السيد دى غاللي الى القول “ان سنة 2006 كانت سنة العلاقات المكثفة بين تونس وفرنسا وان 2007 ستكون سنة تعميق هذه العلاقات على كافة المستويات”. (المصدر: وكالة تونس إفريقيا للأنباء (رسمية) بتاريخ 27 فيفري 2007)
السفير الفرنسي بتونس في لقاء صحفي:
الموافقة على 87 بالمائة من مطالب التأشيرة أرقام قياسية للمبادلات التجارية والاستثمار
تونس ـ الصباح: نظم السفير الفرنسي بتونس سارج دوغاليه M. Serge DEGALLAIX وعدد من أعضاده.. بينهم القنصل العام.. أمس اللقاء السنوي للسفارة مع الصحفيين لتقديم حصيلة الشراكة والعلاقات التونسية الفرنسية لعام 2006 والتعريف بملامح التعاون هذا العام الذي يتميز في فرنسا بتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية واحتمال حصول تغييرات سياسية جوهرية.. وقدم السفير تقييما لحصيلة العام الماضي اعتبرها «ايجابية سياسيا واقتصاديا».. وتوقف السفير وعدد من أعضاده بالخصوص عند البعد الاقتصادي للشراكة.. أرقام قياسية وحسب الاحصائيات الرسمية الفرنسية التي قدمها السفير سارج دوغاليه فقد حققت المبادلات التجارية بين تونس وفرنسا أرقاما قياسية العام الماضي إذ ارتفعت بنسبة 14 بالمائة وتجاوزت من حيث قيمتها الـ6 مليار و100 الف أورو (حوالي 10 مليار دينار تونسي): حوالي 3 مليارات من الاورو تصديرا وتوريدا في الاتجاهين.. وهو ما يسجل لاول مرة.. بفضل عوامل كثيرة منها ارتفاع نسبة المؤسسات الفرنسية والمشتركة المصدرة العاملة بتونس وخاصة في بعض القطاعات مثل النسيج والصناعات الكهربائية والالكترونية.. وحافظت فرنسا على المرتبة الاولى بين شركاء تونس التجاريين تصديرا وتوريدا.. فهي لا تزال الزبون الاول لتونس (32 من مجمل الصادرات التونسية) والممول الاول لها (23 بالمائة من جملة الواردات التونسية).. وبالنسبة للاستثمارات المباشرة فقد ارتفعت قيمتها إلى حوالي 80 مليون اورو(حوالي 135 مليون دينار).. وتوقع السفير دوغاليه أن يكون عام 2007 «عام تعميق التعاون».. فقد زار تونس مؤخرا 3 وزراء فرنسيين ومن المبرمج تنظيم زيارات لعدد من الوزراء التونسيين إلى فرنسا.. تراجع ترتيب فرنسا من حيث قيمة الاستثمار لكن إذا كانت فرنسا لا تزال تحتل المرتبة الاولى من حيث عدد المؤسسات الاجنبية المستثمرة (1150 مؤسسة) فإن ترتيبها تراجع كثيرا من حيث قيمة التمويلات المرصودة للاستثمار الاجنبي الفرنسي بتونس.. فهل لا يوجد توجه لتدارك هذا التراجع خاصة بعد اقبال عدد من كبرى الشركات الخليجية والاماراتية على وجه الخصوص على تونس؟؟ ردا على هذا السؤال الذي توجهت به «الصباح» جاء في أجوبة السفير الفرنسي: «بالنسبة للاستثمارات الاجنبية المهم ليس فقط حجمها المالي بل كذلك مساهمتها في إحداث مواطن شغل.. والمؤسسات الفرنسية تحتل المرتبة الاولى حاليا في هذا المجال لانها توفر نحو100 ألف موطن رزق.. وخلال العام الماضي وحده مكنت المؤسسات الفرنسية الجديدة من احداث حوالي 5 آلاف فرصة عمل جديدة.. والتشغيل تحد مهم وهو من أبرز أهداف الاستثمار.. وفي فرنسا نفسها لنا نفس التحدي.. كما أن من بين أهداف الانفتاح على الاسثتمار الاجنبي تحقيق التقدم التكنولوجي.. والمؤسسات الفرنسية في تونس تساهم مساهمة فعالة في تحقيق هذا الهدف.. فضلا عن هدف الاندماج في الدورة الاقتصادية العالمية لتحسين المقدرة على جذب استثمارات جديدة…» وبالنسبة للمشاريع ذات الرأس مال المرتفع أشار السفير إلى أن عددا من المؤسسات الفرنسية حاولت الفوز بصفقة اتصالات تونس لكنها لم تفز بها.. ومن المؤمل تواصل اهتمام المؤسسات الفرنسية بسوق الاستثمار التونسية بمختلف مكوناته. الانتخابات الفرنسية وكان محور ملف الانتخابات الرئاسية الفرنسية في افريل وماي والانتخابات التشريعية في جوان محور جانب من الحوار بين السفير الفرنسي والاعلاميين.. «لان فرنسا قد تكون مقبلة على مرحلة جديدة برئيس جديد (في صورة عدم ترشح الرئيس جاك شيراك) وحكومة جديدة..» علما أن 13 ألف ناخب فرنسي مقيم بتونس سيدعون إلى المشاركة في هذه الانتخابات.. وتعليقا على سؤال للزميلة «لوطون» حول الخطاب السياسي لابرز المرشحين حول إفريقيا (ومنها تونس والبلدان المغاربية) والعلاقة بالمجتمع المدني وتشريك البرلمان الفرنسي في كل برامج التعاون القادمة.. جاء في أجوبة السفيرالفرنسي بالخصوص «في الحملات الانتخابية هناك مضامين مختلفة.. وبعضها له صبغة انتخابية ويمكن أن يتطور.. لكن هناك قدر كبير جدا من الوفاق حول التعاون والشراكة مع الدول الافريقية ومع تونس ودول المغرب العربي خاصة. بالنسبة لتفعيل العلاقات المباشرة مع المنظمات غير الحكومية في دول جنوب المتوسط بما في ذلك في برامج التنمية الاقتصادية أورد السفير أن «نسبة ضعيفة من المشاريع يقع التعامل فيها مباشرة مع الجمعيات.. لا ن حضور فرنسا المباشر قوي عبر سفاراتها ومصالحها وعلاقاتها المتطورة مع الحكومات.. مع أن المنظمات غير الحكومية يمكن أن تلعب دورا كبيرا في عدة قطاعات تنموية». التأشيرة.. والتقريب بين الازواج التأشيرة والتقريب بين الازواج وبين أفراد العائلة الواحدة المزدوجة (حالات الزواج المختلط والحالات المماثلة..) أخذت بدورها جانبا من الحوار.. خاصة أن عدد المستفيدين من حق التقريب بين الازواج انخفض ما بين 2003 و2006 من 2937 حالة في مستوى الافراد على 2331.. وفي مستوى العائلات انخفضت نسبة المستفيدين من 1418 عام 2003 إلى 1361 العام الماضي.. وردا على تساؤلات «الصباح» حول تراجع نسب المستفيدين من تأشيرة التقريب بين الازواج وما تردد عن طول آجال ضبط مواعيد وآجال الرد على المعنيين بمثل هذه المطالب أوضح القنصل العام ومدير وكالة الاجانب والهجرة في السفارة أن « عدد المستفيدين من تأشيرة الدخول الى فرنسا ارتفع مقارنة بعام 2001 بحوالي 10 آلاف حالة.. وبلغت نسبة الذين حصلوا على جواب ايجابي الـ87 بالمائة. فتراجعت نسبة المرفوضين الى 13 بالمائة» (وهي أقل من نسبة المخفقين في الباكالوريا حسب السفير الفرنسي).. ولاول مرة ارتفع عدد الذين حصلوا على تاشيرة الى اكثرمن 24 الفا.. بينهم عدد ممن اسندت لهم تاشيرة طويلة المدى (تتراوح بين عام و5 أعوام).. ونفى القنصل العام وجود أية تعطيلا ت اوبطء في تحديد مواعيد لطالبي التاشيرة.. والمتقدمين بمطالب التقريب بين الازواج وافراد العائلات.. وذكر بكون المطالب تقدم في فرنسا منذ 2003 (بعد صدور قانون ساركوزي).. وأوضح مدير الادارة المختصة بالملف في السفارة أن «دورالادارة في مصالح السفارة بتونس متابعة الملف الطبي والاجتماعي والاداري.. وعموما فإن تحديد موعد المقابلة في السفارة يترواح بين 3 و10 أيام.. فيما ضبط موعد الرد من باريس على مطالب التجميع باجل قدر بـ6 أشهر..» (فقط؟؟) مهرجان سينمائي دولي في نوفمبر وقد أكدت كلمات السفير ومستشاريه ردا على تساؤلات الصحفيين على «حرص الحكومتين على تطوير الشراكة والتعاون اقتصاديا.. وفي القطاعين الثقافي والتربوي.. عبر دعم برامج التعاون في كامل البلاد بما في ذلك في المراكز الثقافية الفرنسية في سوسة وبنزرت وصفاقس والعاصمة مع توفير ثروة هائلة من الوسائل السمعية على ذمة العموم».. ومن المقرر أن تساهم مؤسسات التلفزيون والسينما الفرنسية في مهرجان سينمائي دولي جديد ينظم ببلادنا في نوفمبر القادم «بعد تجربة مهرجان العام الماضي الناجحة في جربة».. وبعد نجاح الملتقى الاول لرؤساء الجامعات الفرنسية والتونسية والمغربية والجزائرية الذي نظم بتونس اواخر العام الماضي.. هناك حرص فرنسي تونسي على تطوير الشراكة والتعاون العلمي بين البلدين.. بما في ذلك عبر مزيد الانفتاح بالنسبة للمعنيين والمعنيات بالبحث العلمي والدراسات الجامعية في تونس.. ورغم ارتفاع عدد الطلبة التونسيين في فرنسا الى حوالي 10 آلاف طالب فإن آفاقا جديدة مفتوحة لتطوير التعاون في ميدان التعليم العالي والبحث العلمي.. خاصة بالنسبة لطلبة المرحلة الثالثة.. العنف.. حقوق الانسان وتعقيا على أسئلة حول أحداث العنف التي سجلت في حمام الانف ومنطقة سليمان في 23 ديسمبر و3 جانفي الماضيين.. والخلافات حول عدد من ملفات حقوق الانسان.. أورد السفير الفرنسي في إجابته «ان الحكومتين التونسية والفرنسية تتفقان على رفض العنف والارهاب.. ونبذ كل مظاهره.. وتتعاونان مع بقية الشركاء الاورومتسوطيين في مكافحتهما.. وهما مع الحوار حول كل الملفات السياسية والحقوقية.. ثنائيا.. أو في سياق الشراكة بين تونس وبروكسيل.. سواء تعلق الامر بتونسيين تعرضوا الى سوء المعاملة في فرنسا وأوروبا.. أو ببقية ملفات حقوق الانسان التي قد تهم النشطاء التونسيين والفرنسيين.. وليس من مهامي كسفير يؤمن بالفصل بين السلطات أن أتدخل في تفاصيل بعض الملفات.. ولكني أؤكد أن الحوار قائم حول كل الملفات السياسية بين حكومتينا.. بحكم العلاقات المتميزة التي تجمعهما… وأن فرنسا ترفض العنف والارهاب والتطرف..» الموقف من التهديدات لايران وردا على سؤال يهم موقف باريس من التهديدات الامريكية لطهران.. وتصعيد ضغوطات مجلس الامن الدولي عليها بسبب ملفها النووي.. جاء في أجوبة السفير الفرنسي «بالنسبة لملف ايران نحن في فرنسا مع ترجيح الخيار الديبلوماسي والحلول السياسية.. ونحن في نفس الوقت مع اقناع الايرانيين بان من مصلحتهم التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومع الامم المتحدة.. نحن مع الحلول السياسية.. ومع استبعاد سيناريو الحرب.. في نفس الوقت تربطنا علاقات تضامن وصداقة متميزة جدا مع الشعب الامريكي.. وإن عبرنا عن مواقف سياسية قد تختلف مرحليا مع الادارة الامريكية.. على غرار ما حصل في حرب فيتنام مع الرئيس دي غول.. أو قبل الحرب على العراق كما وقع مع الرئيس جاك شيراك».. كمال بن يونس (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 28 فيفري 2007)
سفير فرنسا بتونس:
لن نغيّر سياستنا تجاه الضفة الجنوبية للمتوسط
تونس ـ يو بي آي: استبعد ديبلوماسي فرنسي امكانية أن تؤثر التغييرات المحتملة في رئاسة فرنسا علي السياسة الفرنسية الهادفة الي دعم وتعزيز التعاون مع دول الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. وقال سارج ديجالي سفير فرنسا لدي تونس خلال مؤتمر صحافي عقده امس الثلاثاء بتونس العاصمة، انه بغض النظر عن اللون السياسي للرئاسة الفرنسية الذي قد تفرزه نتائج الانتخابات الرئاسية الفرنسية خلال شهر نيسان/ابريل المقبل، فان باريس لن تغير سياستها تجاه الشركاء في المنطقة المتوسطية. وأضاف أن تعاون فرنسا مع دول جنوب البحر المتوسط،سيتواصل بنفس الوتيرة،ومن ضمنها تونس شريكنا الرئيسي في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، الذي تربطنا به علاقات متميزة. ولم يتردد السفير الفرنسي في وصف بلاده وتونس بـ المحركين الأساسين في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، وقال ان فرنسا تسعي الي تعزيز تعاونها مع تونس خلال العام الجاري ليشمل مختلف الميادين، وخاصة منها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. وقال ان تعاوننا مع تونس سيشمل مجالات عديدة خلال العام المقبل منها مساهمتنا في مشاريع كبري مثل مشروع تبرورة البيئي في محافظة صفاقس الواقعة علي بعد 270 كيلومترا جنوب تونــس العاصمة. وكانت العلاقات التونسية ـ الفرنسية قد تحسنت كثيرا منذ وصول الرئيس جاك شيراك الي سدة الحكم، حيث أظهرت احصاءات حديثة صادرة عن غرفة التجارة والصناعة التونسية ـ الفرنسية أن حجم الاستثمارات الفرنسية بتونس ارتفع خلال العام الماضي بنسبة 44 بالمئة بالمقارنة مع النتائج المسجلة عام 2005، لتستقر في حدود 80 مليون يورو. كما أظهرت أن الفرنسيين حافظوا علي المركز الأول علي مستوي المبادلات التجارية مع تونس،حيث بلغ حجمها العام الماضي نحو مليار يورو، بينما تجاوز حجم المساعدات الفرنسية لتونس 100 مليون يورو سنويا. الي ذلك،امتنع السفير الفرنسي التعليق علي الهجوم المسلح الذي استهدف أمس الاول سياح فرنسيين في السعودية، وقلّل بالمقابل من شأن تراجع علاقات بلاده التجارية مع تونس لفائدة بعض العواصم الخليجية. وقال ان الحضور الخليجي مهم في تونس، ولكن ذلك لا يقلل من الأهمية التي تتمتع بها تونس لدي الفرنسيين والدليل أن شركة اتصالات فرنسية كادت أن تفوز بصفقة شراء حصة من اتصالات تونس . وكانت شركة ديجيكوم الاماراتية قد فازت بصفقة شراء 35 بالمئة من رأسمال مؤسسة اتصالات تونس علي حساب مؤسسة فيفندي الفرنسية بصفقة تجاوزت 2.2 مليار دولار. يشار الي أن الاستثمارات الاماراتية أضحت بهذه الصفقة تحتل المرتبة الأولي بين الاستثمارات العربية في تونس، متقدمة بذلك للمرة الأولي علي الاستثمارات الكويتية، حيث تدفقت الاستثمارات الاماراتية خلال العام الماضي علي تونس بشكل ملحوظ، وشملت مجالات العقارات والاتصالات والسياحة. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 28 فيفري 2007)
تونس تترك سعر الفائدة الأساسي بلا تغيير
تونس (رويترز) – قال البنك المركزي في تونس يوم الثلاثاء إنه ترك سعر فائدته الاساسي بلا تغيير 5.25 بالمئة بعد أن هبطت اسعار المستهلكين في يناير وزادت الصادرات. وقال البنك في بيان بعد الاجتماع الشهري لمجلس ادارته إنه في ضوء هذه التطورات فإن مجلس الادارة قرر الابقاء على سعر الفائدة الاساسي للبنك المركزي دونما تغيير. وأضاف البنك قوله إن التضخم هبط في بداية العام ليصل الى 2.5 في المئة في يناير كانون الثاني. وتعمل تونس التي تعتبر الصادرات المحرك الرئيسي لنموها الاقتصادي على توسيع صناعاتها التحويلية من أجل تقليل معدل البطالة فيها الذي بلغ 13.9 في المئة. وساعدت مبيعات الصناعات التحويلية في الخارج على صعود الصادرات اجمالا 29.5 في المئة بينما قفزت الواردات الاجمالية 38.3 في المئة ويرجع ذلك اساسا الى نمو تكاليف المواد الخام والزراعية. وقفزت عائدات السياحة 11.4 في المئة الى 169 مليون دينار تونسي (129.5 مليون دولار) في يناير. ونتيجة لذلك قفز احتياطي البلاد من العملة الى 8.5 مليار دينار او ما يعادل واردات 151 يوما. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 28 فيفري 2007)
المكتب السياسي لحزب الخضر للتقدم يعقد اجتماعه الدورى
تونس 28 فيفري2007 ( وات ) – تدارس المكتب السياسي لحزب الخضر للتقدم خلال اجتماعه الدورى امس الثلاثاء بمقره بالعاصمة الوضع العام في البلاد ومستجدات الوضعين العربي والدولي. واعرب المكتب عن اكباره للفتة الكريمة التي حظي بها الحزب من لدن رئيس الجمهورية باستقبال سيادته امينه العام مؤكدا التزام مناضلي الحزب بالخط الوطني الصادق واستعدادهم اللامشروط للاسهام في دعم الحياة السياسية والتعددية بالبلاد. كما اكد الحزب وقوفه جنبا الي جنب مع كل الاطراف الوطنية لتحقيق المزيد من المكاسب والنجاحات ومزيد تطوير المشهد السياسي الديمقراطي التعددى الوطني وحماية المصالح العليا للبلاد مثمنا تاكيد الرئيس زين العابدين بن علي بمناسبة اختتام الدورة العادية السادسة للجنة المركزية للتجمع الدستورى الديمقراطي علي دعم مبادىء الحوار والتشاور وعلي تحفيز دور الاحزاب الوطنية في الحياة العامة. واعرب عن ثقته في قدرة البلاد علي الانتقال الي مرحلة سياسية جديدة طابعها الاساسي الوفاق والانسجام مع مبادىء التغيير والاصلاح والعمل الجماعي لكسب الرهانات المطروحة ورفع التحديات علي المستوى المحلي والاقليمي والدولي. واقر المكتب السياسي جملة من الانشطة بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثانية لحصول حزب الخضر للتقدم على التاشيرة القانونية فضلا عن التقدم في تركيز هياكل الحزب بالجهات. (المصدر: وكالة تونس إفريقيا للأنباء (رسمية) بتاريخ 28 فيفري 2007)
فوز ثلاث عربيات بجائزة لوريال واليونسكو للبحوث العلمية
منحت مؤسسة لوريال واليونسكو في باريس جائزة (نساء في حقل العلم) لثلاث نساء عربيات من المغرب والسودان وتونس من ضمن خمس نساء يمثلن الباحثات في العلوم الطبيعية بالعالم.
وقام مدير عام اليونسكو الياباني كويشيرو ماتسورا ورئيس مؤسسة لوريالوسير ليندسي أوين–جونز بتسليم الجوائز خلال حفل ينظم في مقر اليونسكو.
وأشادت الفائزات بالجائزة التي وصفنها بأنها تساعد في فتح الباب واسعا أمام تشجيع المرأة في البحث العالمي مما يجسد الدور العلمي المتنامي للمرأة بالمجتمع العربي.
وأبدت التونسية سارة بنت مبارك -وهي إحدى الفائزات- عن أسفها لانعدام التشجيع العربي للمرأة، داعية إلى أخذ زمام المبادرة في جانب البحث العلمي للجميع نساء ورجالا.
من جهتها امتدحت السودانية فاطمة عباس اليونسكو على دعمها ووقوفها خلف المرأة، وتأسيس هذه الجائزة السنوية.
وأشارت النساء الثلاث إلى أن حصولهن على الجائزة يمثل اعترافاً بالجودة الاستثنائية التي اتسمت بها بحوثهن.
يُذكر أنه لا تخلو سنة دون فوز للباحثات العربيات.
وكان العام الماضي شهد تفوق ثلاث باحثات أيضا هن: اللبنانية غنوة نجا, والسورية منى آل صباغ, واليمنية سلوى حميد آل خياط.
وكانت مؤسسة لوريال واليونسكو أطلقتا هذا البرنامج عام 1998 بهدف دعم النساء في ميدان العلم والمعرفة المتطورة. وتبلغ قيمة الجائزة 100 ألف دولار أميركي، ويجري منحها سنوياً لخمس باحثات متميزات (باحثة عن كل قارة) اعترافاً بإسهامهن في التطور العلمي.
وتختار مجموعة من المهتمين مؤلفة من 2000 عضو من أنحاء العالم أسماء المرشحات سنوياً، ويتم اختيار الفائزات بواسطة لجنتي تحكيم متناوبتين من عام إلى آخر.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 28 فيفري 2007)
المراكز العمومية للأنترنت و المراكز العمومية للشرطة و بن علي و أنا . . و رقّصني يا جدع
القلم الحرّ سليم بوخذير
أعلمني اليوم الإربعاء 28 فيفري2007صاحب المركز العمومي الذي أنا دائب الحضور فيه ومشترك فيه بمبلغ 20 دينار أنّ عونا أمن بالزي المدني حضرا لديه بعد آخر زيارة لي إلى المركز ليُعلماه بأنّهما مكلّفان رسميا بإبلاغه أنّني “أتعاطى نشاطا صحفيا ممنوعا و أكتب مقالات معادية للرئيس بن علي(أعيد حرفيا ما ذكره لي) و بأنّني “أدخل إلى مواقع محظورة في غفلة منه و ذلك بإستعمال البروكسي من ذلك تونيس نيوز ” و أضاف أنهما “أظهرا له نسخة من مقال لي أتهجّم فيه على الرئيس و بالمقال صورتي داعين إيّاه إلى منعي من الدخول مستقبلا” وقال مُحدّثي إنّهما أبلغاه أيضا أنّني “مطرود من جريدة الشروق وممنوع من العمل في تونس” قائلين له حرفيا “رُد بالك منّو في المرّة الجاية كيف يجيك” حسب قوله، ولأنّ صاحب المركز حدّثني بهدوء في الموضوع فقد إتّصفت إجابتي له بهدوء حيث سألته حرفيا: “هل أفهم من كلامك هذا أنّني ممنوع من الدخول؟ ” فأجاب بقوله أنا أوّلا أردت الإستفسار منك أنت عن الأمر” فأجبته أنّني فعلا أكتب مقالات ضدّ هذا الدكتاتور المدعو زين العابدين بن علي وأدخل إلى مواقع تُنكر السلطات أنّها محجوبة في تونس ومنها تونيس نيوز ، وأنّني لست على إستعداد لأن أقاطع عادة كشف ما يُمارس هذا الجنرال و أذنابه في حق الشعب التونسي من انتزاع لحقوقه و نهب لثرواته و إمتهان لكرامته و إنّني لست وحدي في هذه المهمّة كما أنّني لست على إستعداد لأن أغيّر عادة الدخول إلى مواقع المعارضة التونسية ومواقع المنظمات الحقوقية المحجوبة في تونس . ثمّ سألته إن كان قد سأل العونان اللذيْن حضرا له : لماذا لا يتعهدان هما بمنعي إن كانا يقدران ، فأجابني بهدوء بقوله حرفيا :أنا يا أخي أردت الحديث معك بشكل ودّي في الأمر لأفهم الحكاية فقط ولأعرف إن كنت تدخل مواقع ممنوعة أم لا و لم أعلمك بأنّني أمنعك من الدخول وأنت حريف وحرّ في الدخول فأنا لم أتسلّم قرارا كتابيا من الحكومة بمنعك من الدخول ولذلك لست على إستعداد لمنعك وأرجو منك فقط أن لاتدخلني في مشاكلك معاهم ولا تدخل إسم مركزنا العمومي للأنترنت في الموضوع ،فما تفعله هو أمر لا يخصّني ويعنيك لوحدك وهم لو أرادوا منعك لحضروا بأنفسهم فهذه ليست مهمّتي أنا” .
في الواقع هذه الممارسة البوليسية التي هدفها ترهيب صاحب المركز العمومي للانترنت من حضور إلى هناك ، هي ليست الأولى التي أتعرّض لها و لن تكون الأخيرة على ما أعتقد ، فطوال عمري لم أنعم بحرية المرور في شبكة الأنترنت ببلدي و دائما ما أجد حرس المرور منتشرا في طرقات الشبكة العنكبوتية مُلاحقا لي ليلعب لعبته المفضّلة معي إمّا بحجب المواقع التي أكتب فيها أو بالعبث بإيمايلات عديدة كنت أنشأتها أو بإرسال الأعوان لترهيب أصحاب المراكز العمومية للأنترنت منّي، صدّقوني أنّني فعلا صرت أحلم بشيء واحد في حياتي و هو أن أدخل يوما واحدا إلى شبكة الأنترنت و أُبحر من الصباح إلى المساء دون أن أجد الموانع، هذا أكبر حلم في حياتي صدّقوني وحتّى حينما كنت أمنّي النفس بأن أحقق هذا الحلم البسيط يوما بأن أسافر إلى بلد آخر ليس فيه بن علي و ليس فيه صنصرة، حرمتني حكومة البعير هذه التي تحكمنا من حقّ بسيط للغاية إسمه جواز السفر .
مرّة في صفاقس في شهر جانفي 2006 على ما أذكر رافقني أعوان البوليس في كل مكان في المدينة و دخلوا معي مركزا عموميا للأنترنت يقع باب البحر و أبلغوا صاحب المركز بمنعي من الدخول ورغم مقاومتي أخرجني بالقوة 3 شبان من العاملين بالمركز بتعليمات من البوليس الذي كان يتفرّج ويضحك ، مرّة أخرى في صفاقس أبلغني صاحب مركز عمومي بعد أن طلب متّي بطاقة التعريف أنني ممنوع و أعطاني رقم هاتف الشخص الذي أعطاه التعليمات فإتضح أن إسمه شكري بن موسى وكان يشتغل وقتها على رأس فرقة بوليسية إسمها فرقة الإرشاد (لست أدري الإرشاد عن ماذا تحديدا وعمّن) مُبلغا إياي أنّه حضر لديه هو و أعوانه بعد آخر زيارة لي إلى هناك و أبلغه بضرورة منعي.
و في مناسبة أخرى حضر 4 أعوان من أمن الدولة وأخرجوني بالقوة من مركز عمومي بشارع الحبيب ثامر بالعاصمة في فترة إضراب 18 أكتوبر عن الطعام .
ومنذ أيّام قليلة كنت مشتركا في المركز العمومي للأنترنت القريب من بيتي و تحديدا المركز الذي يقع بمنطقة السعيدية إلى جوار محطّة المترو ففوجئت بقطع الشبكة عنّي كلّما دخلت إلى أي موقع بالشبكة، فسألت صاحب المركز: لماذا أنا فقط تنقطع عنّي الشبكة في كلّ زيارة ؟ فأجابني بقوله حرفيا : “إنت تعارض في الحاكم وتحب تقعد تحل الأنترنت راهم هُوما الّلي قصُّوها عليك مش آنا” ، فاجأتني إجابته فسألته : وأنت من أين لك أنّني معارض أصلا؟ فقال لي إنّ أعوان الأمن بباردو كانوا حضروا أكثر من مرّة طالبين منه معلومات عن المواقع التي أدخلها وماذا أفعل و أنّه أعلمهم بعجزه عن معرفة ماذا أفعل تحديدا و أنه لم يخبرني بالأمر سابقا لأنّه “حشم منّي” على حدّ قوله ناصحا إيّاي بأن أغيّر المركز العمومي للأنترنت حتّى لا يتفطّنوا لي وبالتالي يتيسّر لي الدخول إلى ما أريد دون قطع للشبكة و قد عملت بنصيحته و إنتقلت إلى مركز آخر فاكتشفت فعلا أن المشكل الفنّي لم يعد قائما و لكنهم سرعان ما حضروا إلى المركز الجديد الذي إشتركت به كما ذكرت لا ليفعلوا فعلتهم في الشبكة هذه المرّة و إنّما في صاحب المركز.
الأمر كما يعرف جميع النشطاء في تونس لا يسري على شخصي فقط، فمرّة منعت صاحبة مركز للعمومي للأنترنت بنهج يوغسلافيا المحامية و الحقوقية سامية العكرمي من الدخول إلى تونس نيوز وحدث الأمر نفسه مع السجين السياسي السابق الحسين بن عمر في مركز الأنترنت بشارع مدريد . وفي شهر فيفري 2006 حضر البوليس و أخرج الزميل لطفي الحيدوري من مركز شارع الحبيب ثامر بالقوة و احتجزوه في سيارة لساعة لمنعه من إرسال مقال جديد إلى مجلة “كلمة”. و في حالة إذا إشترك معارض في الشبكة من بيته لا تمضي أيام معدودات حتّى يقطعوا عليه الشبكة جملة و تفصيلا و إلى أجل غير معلوم .
و من يتجرّأ في تونس على إنشاء مدوّنة يعرف أيضا حجم المجهودات المهولة و ذات السرعة الساحقة التي تبذلها وزارتي الداخلية والإتصالات معا لحجب المدوّنة في أسرع الآجال ، إسألوا المختار اليحياوي كم حجبوا له من مدوّنة، و أمّا العبد الفقير إلى ربّه فصرت كلّ يوم أغيّر عنوان مدوّنتي من فرط ما طالها الحجب.
بعد كلّ هذا ، أريد أن أوضّح أنّ المسألة المُضحكة الكبرى التي صادفتها كمواطن غير صالح في تونس منذ إفتكاك بن علي للحكم في 87 ، هو أن أكثر صورة حائطية لاحقتني في حياتي هي صورة بن علي الكبيرة الحجم هذه المعلّقة في أغلب مراكز الأنترنت و التي يظهر فيها صاحبنا و هو أمامه حاسوب جوّال من الحجم الكبير جدّا و السيّد “عامل بعْمايلو و هُوّا يظهّر لنّا في رُوحو على أساس إنّو الدكتور الأعلى متاع مجتمع المعلومات” ، الذي يُدمّر أعصابي كلّما واجهتني هذه الصورة في مركز الأنترنت هو أنّني أشعر ببن علي و كأنّه يُريد أن يخاطبني من خلالها ليقول لي بأعلى صوت :” أنا وحدي ادخل إلى جميع المواقع و أمّا أنت فلا . . آنا راني دخّلت الأنترنت لتونس ليّا آنا فقط مُشْ ليك ولأمثالك”.
ومع كلّ الذي تقدّم ، هناك مسألة بسيطة أريد أن أقولها لعمّنا الدكتاتور، و هي أنّني يا بن علي رغم كلّ هذه المتاعب التي سبّبها لي نظامك و لعديد الشرفاء في تونس في شبكة الأنترنت ورغم كلّ هذا الإزعاج الفائق الذي ما فتئ تسبّبه لي صورتك الغريبة تلك التي أجدها مُعلّقة في كلّ مركز أنترنت تقريبا ، إلاّ أنّني أنا الرابح مع ذلك في نهاية المطاف و لست أنت ، فأنا مازال قلمي حرّا مشعّا في الشبكة التي أنت أشهر أعدائها في كلّ الكرة الأرضية و مازال متينا لم يُكسر رغم محاولات أجهزتك المتشعّبة الوسائل، وأنت في المقابل “سُلطانك” صار مفضوحا أكثر في كلّ العالم بفضل قلمي و أقلام أمثالي و متآكلا من جميع نواحيه بفضل مُعاداتك للنور و للحقيقة و للحريّة . . . وللإنسان!
وفي الختام ، هناك سؤال حيّرني منذ مدّة أريد أن أطرحه عليك قبل أن أمضي و “برحمة اللّي جابك” لا تخيّبني وأجبني عنه يا معالي الدكتاتور .
السؤال هو: لماذا في كلّ أنحاء العالم العربي يسمّونها مقاهي أنترنت و أمّا أنت بالذات فأذنت أن تُسمّى هكذا “مراكز عموميّة للأنترنت” ؟ هل لأنّك تريد أن يُذكّرك إسمها دائما بالمراكز العمومية للأمن وفاء منك لمهنتك الأصلية؟ أمْ لأنّك تُريد أن تقول من خلالها لكلّ التونسيين: إنّها (أي المراكز العمومية للأنترنت) تمثل لهم الطريق التي يسلكه أي مناوئ منهم لدكتاتوريتك إلى مراكز الأمن العمومي مباشرة.
رجاء أرسل لي الإجابة عبر الإيمايل و بالتحديد من ذلك الحاسوب الجميل الضخم الذي تظهر أمامه في الصورة. .
(المصدر: مدونة “القلم الحر” بتاريخ 28 فيفري 2007 على الساعة 8 و38 مساء)
الرابط: http://alkalamhor.maktoobblog.com/?post=228584
الانفتاح السياسي والفيتو الخارجي
سليم بن حميدان على إثر حضوري ندوة الدفاع عن المساجين السياسيين التونسيين بباريس مساء يوم الجمعة 23 فيفري المنصرم تملكتني رغبة كبيرة في الانزواء والتفكير الهادئ العميق في ما آلت إليه أوضاعنا التونسية. سجن وتعذيب وموت بطيء وحرمان من أبسط الحقوق للمعتقلين السياسيين وتشف منهم وملاحقة لحركاتهم وسكناتهم بعد تسريحهم وتنكيل فظيع بذويهم نكاية وانتقاما. حلقات مترابطة من مسلسل أحزان ليس له إلا عنوان واحد: التدمير. تدمير السجين السياسي هو الخطوة الأولى في استراتيجية تدمير السياسة والدولة والمجتمع. هو تدمير للسياسة لأن الإمعان في التعذيب والقتل يلقن درسا لكل “ذي عقل وبصيرة” بأن النشاط السياسي والمطالبة بالحقوق والنقد الحر الجريء لأرباب الحكم محظورات اجتماعية يتعرض متعاطوها لأبشع العقوبات. وهو تدمير للمجتمع لأن الشعور بالخوف والعجز عن فعل شيء ما نصرة للمضطهد السياسي وتخفيفا لمعاناته هو مدخل لتفكيك التضامن الاجتماعي وهو أيضا سبب مباشر في العزوف عن الاهتمام بالشأن العام بسبب حالة الإحباط الشامل لتصبح القضايا الوطنية موضوعا ملغى من دوائر التفكير والتعبير. أما تدمير الدولة فهو النتيجة المنطقية لتدمير الإنسان والمجتمع حيث تتخلى عن وظيفتها الحضارية كمركز للإجماع وناظم للاجتماع وتنحط لتتحول إلى فريق من فرقاء الصراع في تناقض فاضح مع علة وجودها. لكن السؤال الذي يطرح هنا نفسه بقوة هو: لماذا كل هذا البطش والدمار ؟ لا أعتقد أن جريمة ما تبرره مهما كانت بشاعتها. فالجميع أضحى يعلم أن “جرائم الخصم” التي يفسر بها النظام التونسي بطشه وقسوته لا تعدو أن تكون أعمالا لا ترتقي في جميع الدول الديمقراطية ذات السيادة الحقيقية إلى درجة الجنح أو المخالفات، هذا إن لم تكن أصلا مسرحيات تم إخراجها بحنكة ودهاء لتضخيم الخصم والقضاء عليه وعلى نظرائه من بعده استئصالا لكل قوة يمكنها طرح بديل أو التبشير بالأفضل. مفردة وحيدة يمكنها تفسير ما يحدث في تونس: الضغط الخارجي. الانفتاح السياسي: خيار سيادي أم قرار خارجي ؟ انفتاح النظام السياسي على الديمقراطية والحريات لم يكن أبدا خيارا وطنيا مستقلا، لدى غالبية دول العالم الثالث وفي كامل الوطن العربي. إنها قضية إستراتيجية بامتياز، يتقاطع فيها المحلي بالإقليمي والدولي وتخضع لتجاذبات السياسة العالمية ومصالح القوى العظمى. من الغباء إذن تصور الأمر مجرد إرادة وطنية تقرر منفردة تجاوز حالة الاستبداد والانفتاح على القوى الاجتماعية والسياسية الفاعلة أو رسم السياسات الثقافية والاقتصادية بشكل مستقل. أكاد أجزم بأن هذه الحقيقة ترتقي، في عالم اليوم، إلى مصاف البديهية السياسية التي تعترف بها الأنظمة الحاكمة نفسها وتعتبر التفاعل الايجابي معها واقعية سياسية ودبلوماسية محنكة. لا بل إن التدخل الخارجي، في بعديه السياسي والإنساني، قد أصبح لدى كثير من النخب والشعوب، اليائسة والمحبطة، مطلبا ملحا وقاربا للنجاة من جحيم الدكتاتوريات والحروب الأهلية على نحو ما يشرحه لنا بشكل دقيق الكاتب غسان سلامة في كتابه “نداءات الامبراطورية” (بالفرنسية). ليس إجرام الأنظمة الدكتاتورية إذن نابعا من طبيعة وطنية أو أخلاقية متأصلة لدى الممسكين بالسلطة لأن مثل هذا القول يتأسس على نظرية المجرم بالطبيعة التي جاء بها الفقيه الإيطالي لامبروزو والتي أثبتت العلوم النفسية والاجتماعية خرافيتها. وإنما هو نابع من التقاء عوامل نفسية (السادية وجنون العظمة) واجتماعية (تفكك التضامنات) وثقافية (مبايعة الظالم على عدله وجوره) وسياسية (الميل إلى سوء استعمال السلطة عند تملكها في حال غياب السلطات المضادة) واقتصادية (المصالح المادية المباشرة) ودولية (المصالح الإستراتيجية للقوى العظمى). في تقديري، يلعب العامل الخارجي دور الفاعل الرئيس في تشكيل الصيغة النهائية لمنظومة الاستبداد شكلا ومضمونا. فليست الصورة القاسية لجمهورية الاستبداد الثاني (برئاسة بن علي) مقارنة بجمهورية الاستبداد الأول (برئاسة بورقيبة) نابعة من مجرد تغير في شخصية المستبد أو مزاجه وإنما هي الاستحقاقات الدولية الجديدة التي تفرض على المستبد في كل مرة لونا جديدا من الضغط لا يستطيع مقاومته دون دفع ثمن باهض قد يكون رأسه (صدام حسين) في أسوء الأحوال أو زوال حكمه في أفضلها. لقد اتضح الأمر جليا طيلة عقد الثمانينات عندما اتفقت القوى العظمى على تركيع اقتصاديات الدول “النامية” عبر مشاريع الإصلاح الهيكلي التي أشرف عليها صندوق النقد الدولي. فأصبح قمع الاحتجاجات النقابية واجبا سياسيا على الدولة القيام به من أجل الإيفاء بالتزاماتها القانونية الدولية. كما أن مشاريع الأطلنطي والتوسع الشرق الأوسطي ومكافحة الإرهاب تفرض اليوم على الدول الضعيفة أن تكون “صديقة وحليفة” وإلا فإنها تتحول إلى دول شريرة وتكون عرضة لشتى أنواع الابتزاز والملاحقة القانونية والمحاصرة السياسية والاقتصادية. باختصار، الدول الضعيفة هي دول تابعة اضطرارا أكثر منه اختيارا. وليست تونس خارجة عن منظومة الدول الضعيفة التابعة مهما تردد من مفاهيم الاستقلال والسيادة والوطنية. ولقائل أن يقول بأن وضع التبعية هذا ناتج عن الوضع الجيوسياسي للدولة (الجغرافيا والموارد) وأن أي نظام لا يمكنه فك روابط التبعية بشكل فجائي والانتقال الفوري إلى وضع الاستقلال والسيادة الكاملة. هذا القول صحيح وواقعي طبعا دون أن يبرر غياب إستراتيجية حكومية لمقاومة التبعية تأخذ بعين الاعتبار استحقاقات المرحلة الانتقالية وتحاول قدر الإمكان تخفيف تكاليفها. ولقائل أن يقول أيضا بأن نظام الحكم المتمكن في بلادنا “لا يصلح (بفتح الياء) ولا يصلح (بضمها)” وأنه استعمار داخلي لا يرجى برؤه إلا بالحرب الشعبية طويلة الأمد أو بالمقاومة المدنية العنيدة، غير أن تجاربنا العربية الحديثة أثبتت جميعها طوباوية هذا الطرح رغم جدواه الواقعية في الضغط على الاستبداد وفضحه. إنها أساليب أخلاقية في مقاومة الاستبداد ولا يمكن اعتبارها أساليب سياسية، في غياب شروطها الموضوعية، خصوصا إذا عرفنا السياسة بأنها فن تحويل اللازم إلى ممكن. وبغض النظر عن هذا القول أو ذاك، فإن مطلب الحريات والديمقراطية يقع في قلب المعركة الوطنية من أجل فك التبعية والتحرر من الهيمنة الخارجية. ولئن كان من الطبيعي جدا أن ترفض قوى الهيمنة العالمية انتقال بلادنا، ومعها كل البلدان العربية والإسلامية، نحو الديمقراطية الكاملة لأنها سوف تأتي للسلطة بحكومات مستعصية على التسويات المجحفة والمشاريع الملغومة، فإنه من غير الطبيعي ألا تجتهد النخب الوطنية، حكومات ومعارضات، في إيجاد تسويات أهلية داخلية تحفظ مصالح كل الأطراف بما في ذلك لوبيات الضغط وعصابات المصالح المالية والاقتصادية المتربعة في قلب أجهزة الدولة أو على حواشيها على نحو ما يحدث في كثير من دول أمريكا اللاتينية وبعض الدول الآسيوية دول مثلث الذهب الآسيوية (تايلاند – برمانيا ولاوس أو حتى باكستان). كان العلامة اللبناني المرحوم مهدي شمس الدين كتب سنة 1997 كتابا بعنوان “التطبيع بين ضرورات الأنظمة وخيارات الأمة” دعا فيه إلى هدنة بين الأنظمة العربية الحاكمة وشعوبها. ورغم وعيه التام بعمالتها ودخولها مستنقع التسويات الوهمية التي تشرعن ما هو غير شرعي وتقنن الغصب والإكراه (في إشارة للتطبيع العربي-الصهيوني) فإنه أرسى على خلاصة مفادها ” أن أحد أهم أسلحة عدونا كان هو أسلوبنا في التعامل مع بعضنا، في تعامل قوى الأمة العربية بعضها مع بعض، وفي تعامل الشعوب مع الأنظمة، وفي تعامل الأنظمة مع الشعوب، وفي تعامل الأنظمة بعضها مع بعض”. الأكيد هو أنه في ظل استمرار حالة التصامم بين طرفي اللعبة أي النظام والمعارضة، وفي غياب إرادة حكومية جريئة تتمرد على فيتو التفاوض والحوار، المسلط عليها خارجيا، سوف يتواصل مسلسل الانهيار حيث لن يؤدي القمع هنا والتنديد هناك إلا لتراكم الأحقاد والضغائن ولمزيد من التصدع والدمار تاركا المجتمع في وضع فوضى دائمة والدولة في حالة هشاشة وارتباك ونظام الحكم في دوامة بطش وعنف هي دليل خوف أكثر منه مؤشر قوة وبأس. وفي أتون هذا الصراع الأزلي يبقى أنين السجين في قبوه كما كوابيس الحاكم في قصره أصواتا مؤلمة ومؤذية تقض مضاجعنا وتفسد علينا عمرنا القصير ولا حول لنا ولا قوة إلا بالله.
الحلم المغدور
رشيد خشانة كأن غلق الحدود المغربية – الجزائرية منذ اثني عشر عاما لم يكن كافيا لقتل اتحاد المغرب العربي حتى يأتي قرار فرض التأشيرة على العرب الراغبين في زيارة ليبيا (عدا التونسيين … من حسن الحظ) ليُجهز على المريض في غرفة إنعاشه. ومع اقتراب الذكرى الثامنة عشر لتأسيس الإتحاد بعد أيام، تبدو أوضاعنا أسوأ مما كانت، فتقديرات الخبراء حددت الخسارة الناجمة عن تأخير قيام كيان اقليمي بنقطتين من نسبة النمو لكل بلد مغاربي، هذا عدا الإنعكاسات المُصاحبة التي كانت ستتحقق في مختلف المجالات لو أنجز التكامل طبق الجدول الزمني الذي وضعه مجلس الرئاسة. ومجلس الرئاسة نفسه الذي يحتكر وحده سلطة القرار في الإتحاد أخفق عدة مرات في عقد اجتماعي ولو شكلي، بينما تنام 34 اتفاقية صادق عليها نوما هانئا في أدراج الأمانة العامة في الرباط. والناظر للعالم المُتحول في جوارنا شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، يدرك أن مهد الحضارات صار أهله اليوم يجلسون القرفصاء على حاشية التاريخ، بفعل أنظمة لا تستمع إلى شعوبها ولا تأبه لتأسيس شرعية لوجودها أو تصغي لنداء المستقبل. وبالنتيجة فإن الحلم الذي حملته أجيال متعاقبة وأثبتته دراسات الجدوى المختلفة تهشم على جدار الحكم الفردي والصراعات الهامشية، بعدما أظهرت الحكومات عجزها عن النهوض برسالة إقامة تجمع إقليمي عتيد. وما من مخرج من هذا التمزق سوى بأخذ الشعوب ونخبها وقياداتها الأصيلة مشعل البناء لإرساء مسار جديد ينبع من المجتمعات الأهلية ويتعالى عن الخلافات الزائلة، أملا في ردم جزء من الفجوة التي ما انفكت تتعمق بيننا وبين العالم المُصنع. (المصدر: افتتاحية صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس) العدد 393 الصادر يوم 23 فيفري 2007)
كفانا وعودا … نريد الإصلاح
أحمد نجيب الشابي ثلاث حقائق تسم الوضع الراهن في بلادنا. الأولى أن ما جد من اشتباكات مسلحة في موفى ديسمبر الماضي لم يكن حدثا معزولا تمت السيطرة عليه وطيه كما يراد لنا أن نعتقد. فاتساع الاعتقالات إلى المئات من الشباب في نطاق ما بات يعرف بالحملة على السلفية الجهادية والتي لم تكد تسلم منها جهة من جهات البلاد إنما يدل على أن الظاهرة منتشرة وأن لها جذورا في واقعنا الثقافي والاجتماعي والسياسي. المعتقلون شباب في العشرينات من أعمارهم، يتراوح مستواهم التعليمي بين السابعة من التعليم الأساسي والسنوات الأولى من التعليم العالي، ينتمي معظمهم إلى الشريحة الدنيا من الطبقات الوسطى ويشتركون جميعا في كونهم حديثي العهد بالتدين وبأداء فريضة الصلاة، يؤمون المساجد في أحيائهم ويلتقون فيها بمن يفقههم في الدين… يبتدئ الأمر بتثقيف أساسي ينطلق من كتاب “فقه السنة” ثم ينتقل الحديث عن الفريضة الغائبة، فريضة الجهاد و تنقسم إلى ثلاث: جهاد الدفع ويتمثل في الدفاع عن حياض الإسلام عند تعرضها للعدوان كما هو الحال في العراق وفلسطين، وهو فرض عين على كل مسلمة ومسلم، و جهاد طلب وهي الغزوات التي تهدف إلى نشر الإسلام في البلدان الأخرى ثم جهاد الردة وهو الذي يستهدف الأنظمة العربية التي تطبق القوانين الوضعية وتدير ظهرها لشرع الله. وبعد أن يتشبع الشاب بهذه الثقافة ويعلن تبنيه للعقيدة الجهادية ينتقل الحديث معه إلى التهيؤ العملي لأداء فريضة الجهاد: جمع الأموال ولو عن طريق الفيء(استباحة أموال الناس لأغراض الجهاد) والتنقل إلى الجزائر للتدرب على السلاح على يد “الجماعة السلفية للدعوة والقتال”، ومنها الرحيل إلى العراق عبر سوريا للمشاركة في مقاومة الاحتلال ميدانيا وبعدها يكون للعمل بقية … شاهدنا شيئا من أطوارها خلال أحداث ديسمبر- جانفي الماضيين. الخلاصة الأولى التي يمكن للمرء أن ينتهي إليها هي أن الظاهرة تتغذى من عوامل خارجية: الظلم الدولي الذي تمارسه الولايات المتحدة وإسرائيل في العراق وفلسطين والذي يستفز الشعوب الإسلامية قاطبة ويوقظ فيها غريزة الدفاع عن النفس، وعوامل أخرى داخلية ومنها الفراغ الثقافي الذي يعيشه شباب عاطل عن العمل يائس من غده، موصودة في وجهه جميع الأبواب حتى أبواب الهجرة، ووجد نفسه ممزقا تتجاذبه نزعات الانغماس في الرذيلة أو الاحتماء بالدين، سائما، هائما لا من موجه أو محيط سوى الفضائيات التي يتفاعل معها بما كتب له الله من زاد ومعرفة. ظاهرة كهذه تفرض بداهة تسجيل أن الحلول الأمنية، ولئن كانت ضرورية لمعالجة تعبيراتها العنيفة المباشرة، تكون قاصرة بالطبع والضرورة عن تناول جذورها الاجتماعية والثقافية والسياسية بل أنها إذا ما انفردت بالظاهرة وجرت في جو من العتمة والقسوة (تعذيب على نطاق واسع وأحكام ثقيلة قد تصل إلى الحكم بالإعدام) فمن شأنها أن تولد نتائج عكسية تؤجج الظاهرة عوضا عن إطفائها. وإذا كانت هذه الظاهرة لا تخص تونس وحدها فإن درجات خطورتها تتفاوت من بلد إلى آخر، وإذا قصرنا النظر على بلدان المغرب العربي (الجزائر، المغرب، موريتانيا ) يمكن للمرء أن يستنتج أن الأزمة السياسية إذا ما تداخلت مع انسداد الأفق الاجتماعي لدى الشباب يمكن لها أن تهدد الأمن الأهلي، كما هو الحال في الجزائر منذ عام 1992 بينما يساعد الانفتاح السياسي كما هو الحال في المغرب وموريتانيا على محاصرة الظاهرة سياسيا في انتظار أن تحل باقي أبعادها المتفجرة. هذا الاستخلاص الأول ينتقل بنا إلى الحديث عن الحقيقة الثانية التي تسم وضعنا الراهن وهي أن مسار الإصلاح السياسي معطل في بلادنا منذ عقود وأن الحكومة الحالية لا تملك أدنى نية أو إرادة في حلحلته أو دفعه إلى الأمام. وليس في هذا جحود أو مغالاة بل هي الحقيقة عينها دون مواربة أو مساحيق. يكفي أن نلقي بنظرة خاطفة إلى الوراء لندرك كم هي كبيرة فاجعتنا. ففي أعقاب فشل تجربة التعاضد سنة 1969 حمل الأستاذ أحمد المستيري زعيم التيار التحرري داخل الحزب الاشتراكي الدستوري آنذاك لواء المطالبة بإصلاحات دستورية جوهرية تقلص من سلطات رئيس الدولة وتوسع من صلاحيات الحكومة وتجعلها مسؤولة أمام البرلمان، وإن هو لم يضع وقتئذ نظام الحزب الواحد موضع التساؤل فقد طالب بمراجعة علاقته بالدولة بما يصون الحريات الفردية والعامة ويترك هامشا لدور المجتمع المدني. هذه المطالب فرضها ما ساد الستينات من استبداد بالرأي ومصادرة للحريات والحقوق كادت تقذف بالبلاد في هاوية العنف والفوضى. وكان الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة عين، تحت ضغط الأحداث، الأستاذ أحمد المستيري عضوا في اللجنة التي أوكلت لها مهمة الإعداد لمؤتمر الحزب الاشتراكي الدستوري بالمنستير سنة 1971 والتي نظمت في ذلك السياق استشارة شعبية واسعة لم تترك مسألة إلا وطرحتها على النقاش العام: صلاحيات الرئيس ومسؤولية الحكومة أمام البرلمان وكيفية خلافته عند العجز أو الرحيل.. جاء كل ذلك قبل أن ينقلب عليها الرئيس الراحل ويلغي أعمالها ومقرراتها ويطرد جميع ممثلي الجناح التحرري من الحزب ويعين محلها ممثلي التيار المتشدد الذين خابوا في المؤتمر، ثم استكمل المشهد بإرساء الرئاسة مدى الحياة والخلافة الآلية من قبل الوزير الأول الذي يعينه الرئيس نفسه. واليوم وبعد خمس وثلاثين عاما من ذلك التاريخ لا زالت البلاد ترفع نفس المطالب: الحد من سلطات رئيس الدولة وتحديد عدد ولاياته وإخضاع الحكومة لمراقبة الهيئة التشريعية وضمان استقلال القضاء والفصل بين أجهزة الحزب الحاكم وأجهزة الدولة وتحرير الصحافة والإعلام في عصر الفضائيات والثورة المعلوماتية وإطلاق حرية تأسيس الأحزاب والجمعيات ورفع القيود على نشاطها وإخلاء السجون من معتقلي الرأي وعودة اللاجئين وحياد الإدارة واحترام حقوق الدفاع وصون حقوق الإنسان وتجريم التعذيب الخ… أليس في هذا عنوان جمود أحوالنا وتأخرنا المدوي في عصر بات يعرف” بالموجة الديمقراطية الثالثة” التي عمت العالم ولحق زبدها سواحل الأطلسي ومياه الخليج من عالمنا العربي؟ ومن دروس ماضينا أيضا أن الحكومات التي تعاقبت علينا خلال العقود الخمسة الماضية لم تتناول مسألة الإصلاح إلا كوسيلة لامتصاص الغضب واحتواء الأزمات في انتظار الالتفاف عليه والعودة إلى الوراء. فبعد كارثة 26 جانفي 1978 وحادثة قفصة لسنة 1980 والتي كادت تودي مرة أخرى بالنظام القائم وتقذف بالبلاد في دوامة العنف والفوضى عادت حكومة الأستاذ محمد مزالي لتعد الشعب التونسي بالتعددية والديمقراطية وعرفت البلاد وقتها فعلا ربيعا ديمقراطيا انتعشت خلاله الحريات الصحفية والجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية وسرح فيه المساجين السياسيون، قبل أن تنقلب الأمور على أعقابها بدء من انتخابات 1981 التي عرفت تزويرا على نطاق واسع وانتهاء بأزمة منتصف الثمانينات، التي عصفت مجددا بالحركة النقابية وبالحريات الأساسية ووضعت البلاد على حافة العنف الأهلي مما حدا برئيس الحكومة آنذاك السيد زين العابدين بن علي، إلى إقالة رئيس الدولة الذي ثبت عجزه وطالت شيخوخته والإعلان عن تغيير سياسي قوامه الاعتراف برشد الشعب التونسي وأهليته بالديمقراطية والوعد بإلغاء الرئاسة مدى الحياة وتحديد عدد الولايات الرئاسية بثلاث لا رابعة لها ونبذ كل خلافة آلية لا يكون الشعب طرفا فيها. واليوم وبعد مرور عشرين سنة كاملة على ذلك التغيير يسأم المستمع إلى الخطاب الرسمي من تكرار الوعود بالإصلاح والتي إن دل تكرارها على شيء فإنما على انعدام النية والإرادة في إنجازه. وما يثير الاستغراب والاندهاش حقا أن تنبري في كل مرة أقلام العقلاء والمعتدلين من المحللين لتلتقط مؤشرات زائفة من هنا وهناك تصوغ بها خطابا يسهم في إدامة علاقة غير صحية بين سلطة منفردة بالرأي والقرار وشعب يعامل معاملة القاصر المحجور عنه حقه في مساءلة الحكام والمشاركة في اختيارهم. وهنا تكمن الحقيقة الثالثة التي تسم الوضع العام في بلادنا وتخص خطاب وممارسة المعارضة. ففي وضع كالذي نعيشه وبعدما أفاقت البلاد على أحداث أليمة كالتي عشناها الشهر الماضي لا يمكن الاكتفاء بتصريح لمسؤول عن حزب من أحزاب الديكور أو بدعوة للمشاركة في يوم استشاري حول التكوين المهني أو رفع الحظر عن مسرحية تجند لها ما ضمته تونس من فنانين ومبدعين، أو بدعوة أحزاب المعارضة “لتقديم مقترحاتها قصد الاستئناس بها في التحضير للذكرى العشرين للتغيير” أو تعيين مسؤول لا يذكر له أي انجاز على رأس هيئة هامشية لم يسجل لها أي أثر في حياتنا الوطنية لنتفاءل باتجاه جديد للانفتاح وندعو المعارضة إلى تجنب القطيعة مع الحكومة وخفض نبرة النقد ضدها، تشجيعا لها على السير في نهج قد نتمناه، لكن لم تفكر الحكومة فيه مجرد التفكير. ولا أدل على ذلك من الحكم الصادر هذا الأسبوع بإبطال الأعمال التحضيرية للمؤتمر السادس للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان سعيا لتدجينها وإخماد صوتها المستقل وكذلك الدعوة الصادرة في نفس الأسبوع عن اللجنة المركزية للحزب الحاكم لتأبيد الرئاسة مدى الحياة وهما العلامتان اللتان ترسمهما السلطة لكل تطور مستقبلي: تدجين الحياة السياسية والهيئات الاجتماعية وإدامة الحكم الفردي. إن الحوار والتفاوض وسيلة من وسائل العمل السياسي لكن الحوار وحده لا يكفي لتحقيق التقدم المنشود والذي يظل محكوما بطبيعة الأطراف المتقابلة وبحقيقة علاقة القوى السياسية بينها. وعلى الرغم من العزلة الداخلية والحرج الخارجي ومن تنامي استفاقة المجتمع المدني والحركة السياسية فإن السلطة لم تشعر بعد بأن عليها أن تقدم تنازلات جدية تضع البلاد على سكة التطور السياسي الحقيقي لذلك لا يمثل الحوار معها خيارا أساسيا بل وسيلة ثانوية ويبقى الضغط الخيار الأمثل لدفعها إلى الخروج من انغلاقها والقبول الفعلي بالتعددية والتنافس والتداول والاحتكام للشعب أساسا لكل شرعية. وبدون هذا الضغط تنحرف المعارضة عن دورها وتسهم في تعميق الفراغ السياسي الذي يسهم بدوره في دفع الشباب إلى اليأس وإلى الحلول القصوى والمدمرة. إن حجم العطل الذي نحن عليه منذ عقود وهول الفجوة التي تفصلنا عن العالم وضخامة التحديات التي تواجهننا لا تترك أي مجال للتردد: حكومتنا خصم للإصلاح وليست طرفا فيه، وقوة الإصلاح ومحركه تكمن في النخب التي على المعارضة تعبئتها من أجل افتكاك الحقوق والحريات وإرساء الشرعية على أساس القانون والعودة إلى صناديق الاقتراع بعيدا عن كل وصاية وما عدا ذلك وهم ويأس. (المصدر: “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس) العدد 393 الصادر يوم 23 فيفري 2007)
المعارضة والبدائل الدّيمقراطيّة
نموذج المصالحة الوطنيّة: الممكن الممتنع
فتحي الرّحماني مساهمة في إثراء النّقاش الدّائر في المعارضة اليوم حول البدائل الدّيمقراطيّة الممكنة في ظلّ الانغلاق السياسي الذي تشهده بلادنا ورغبة في إيجاد حلول قد تمكّن من الانتقال نحو الدّيمقراطيّة، وبعد استقراء ما آلت إليه بعض التجارب في دول كالمغرب ولبنان وفلسطين ومصر، نحاول في هذا المقال أن نعرض لإحدى البدائل الديمقراطية وهو المصالحة الوطنيّة من حيث هي أرضيّة سياسيّة وقانونيّة مشتركة بين الحكم والمعارضة أساسها التوافق بين الطرفين، خاصّة أنّ التحوّل الدّيمقراطي للدّولة والمجتمع أصبح اليوم حاجة ملحّة أكثر من أيّ وقت مضى، رغم أنّ برنامج الإصلاح والديمقراطية الذي تبنّته قوى المعارضة في تونس وفي أقطار عربيّة كثيرة والتفّت حوله قطاعات من المثقّفين والطبقات الوسطى ظلّ مشوبا بمحاذير كثيرة منها: * الخشية من الخضوع أو الاندماج في أجندات أجنبيّة بوعي أو بدونه لعلّ أبرزها مشروع الشرق الأوسط الكبير الأمريكي ممّا جعل الخوف على مصير الأمّة الهاجس المقدّم على مطلب الحريّات والإصلاح عند شرائح واسعة من الجماهير، وهو ما أضعف تفاعلها مع دعوات المعارضة خاصّة أنّ الحكم سعى إلى إحباط مشروع الإصلاح وإفشاله بتعبئة الرّأي العام ضدّه ومحاولة تقويض أسسه الأخلاقيّة والسياسيّة وتشويهه وتقديمه باعتباره مشروعا أجنبيّا مشبوها مفروضا من الخارج متجاهلا الضغوط والمطالبات الدّاخليّة به منذ عقود. * قصور المعارضة وإخفاقها في التغلّب على نقاط ضعفها وعجزها عن الارتقاء إلى مستوى التحدّيات المطروحة عليها وفشلها في تعبئة الرّأي العام حول مطالبها العادلة بسبب فقدانها للنّجاعة الكافية في اختيار الخطط والوسائل لأنّ كثيرا منها ما يزال أسير تصوّرات واستراتيجيات وشعارات وأفكار هي من تراث حقبة فاتت ولم ينجح في التكيّف مع الأوضاع الجديدة المتحوّلة الخارجيّة والإقليميّة والوطنيّة، ولأنّها لم تستطع بعد توحيد جهودها وتجسير الفجوات بينها. وإزاء ذلك كلّه احتلّت قضيّة المصالحة الوطنيّة كبديل ديمقراطي ونموذج من نماذج الإصلاح موقعا مركزيّا في النّقاش والحراك السياسيين للخروج من الأزمة الخانقة التي تهدّد استقرار الحكم والمجتمع على حدّ سواء، ولمحاولة بناء دولة حديثة تتّسع لكلّ مواطنيها بلا استثناء وتجسّد إرادتهم: دولة القانون والمواطنة التي تضمن الحريّات والحقوق المتساوية وتحدّ من رغبة الحكم في الاستفراد بالسّلطة و تحويلها إلى ملكيّة خاصّة من خلالها يحتكر الموارد الوطنيّة ويحرم الآخرين منها ويهمّش الشّعب ويجعله هدفا لعمليّات إخضاع شاملة ومستمرّة، وفي الآن نفسه تلبية طموح المعارضة في محاربة احتكار القرار السّياسي والسعي إلى تعميمه للدّخول في مجتمع الشراكة في السّلطة والثروة. وإذا كانت المصالحة الوطنيّة اليوم تقدّم على أنّها بديل عن الثورة والانقلاب والانتفاضة فإنّها تقتضي شروطا وأسسا عامّة مشتركة بين الحكم والمعارضة أهمّها: * إخراج السياسة من مجال المحرّم واللاّمفكّر فيه إلى مجال التأمّل المتعدّد واختلاف وجهات النّظر في إطار من الشفافيّة والمسؤوليّة. * تحطيم التصوّر الشمولي للمطابقة الوهميّة بين السلطة والدّولة والمجتمع في أذهان النخب الحاكمة ونخب المعارضة على حدّ سواء. * اعتراف مختلف الأطراف (حكما ومعارضة) ببعضها البعض وبشرعيّة مطالب الإصلاح المرفوعة. * ضرورة الاعتراف بتعدّد المصالح الاجتماعيّة وتعدّدية تمثيلها من قبل القوى السياسيّة المختلفة. * الاعتراف بمبدأ التعدّدية السياسيّة وما تتضمّنه من قبول بالنسبيّة وشرعيّة الصّراع حول البرامج والتوجّهات الاجتماعيّة والثقافيّة. * التفكير بتسويات تفاوضيّة لمواجهة التحدّيات الخارجيّة والمشاكل الوطنية الداخلية. * التغاضي عن الحقبة الماضية والقطع معها أو التعامل معها تعاملا نقديّا برغبة التجاوز والنّظر إلى المستقبل بمزاج جديد ينزع نحو السّلم والحياة الدّيمقراطيّة والمشاركة الإيجابيّة. كما تقتضي المصالحة الوطنيّة شروطا خاصّة ينبغي على الحكم أن يلتزم بها أبرزها: * أن يعتبر الحكم نفسه فئة من فئات عديدة أخرى ذات مصالح معيّنة، وأن يتخلّى عن تماهيه كليّا مع المجتمع وعن وهم أنّه الممثّل الشرعي والوحيد لإرادة الشّعب بل عن تقديم نفسه على أنّه الشّعب ذاته. * أن يتخلّى الحكم عن اعتبار أيّ دعوة للإصلاح تهديدا لمصالحه ووجوده. * أن يعترف بالمعارضة الفعليّة كأطراف سياسيّة لها وجهة نظرها السياسيّة ولها مشروعها المجتمعي أي كمنافس سياسي له وليس بالضرورة كبديل عنه. وفي المقابل فإنّ المصالحة الوطنيّة تتطلّب من المعارضة: * إدراج مطالبها المرفوعة تحت شعار إصلاحيّ والتخلّي عن الدّعوة لتغيير النّظام والقبول بالعمل معه وفق ميثاق تعاقدي يحدّد قواعد المصالحة ويضبط شروط المشاركة ويضع ضمانات متبادلة تحفظ المصالح الحيويّة لكلّ الأطراف في إطار من التوافق يمهّد للانتقال نحو الدّيمقراطيّة. * تخلّي المعارضة عن تصوّراتها الراديكاليّة لتفسح المجال للواقعيّة والبراغماتيّة السياسيّة خاصّة أمام فشل الحلول العنيفة بل وتفوّق الحكم في ممارسة العنف. * العمل على صياغة جديدة لمفهوم الوطنيّة والمواطنة على أسس سياسيّة وقانونيّة تعوّض التصوّرات الإيديولوجيّة والعقائديّة السائدة وتقلّص الفجوة بين أطياف المعارضة وتوحّدها في مواجهة مشروع الحكم. (المصدر: “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس) العدد 393 الصادر يوم 23 فيفري 2007)
أقسام الاستعجالي بين نقص التجهيزات وتهاون الإطار
محمد الحمروني تعرف عديد الأقسام بالمستشفيات العامة ببلادنا حالة سيئة بسبب تردّي الخدمات والاكتظاظ ونقص التجهيزات والإطار الطبي وشبه الطبي بما حول حياة العديد من المرضى وأهاليهم إلى ما يشبه الجحيم. وحتى لا نكون عدميين وجب التأكيد أن مجهودا محمودا بذل من اجل تطوير أوضاع المستشفيات وأن اكبر ما تحقق في هذا المجال من انجازات يعود الفضل فيها لمجموعة كبيرة من الأطباء الأكفاء الذين تميزوا في اختصاصاتهم، وبعضهم خير العودة للعمل في بلادنا رغم المغريات المادية الكبيرة التي قدمت لهم من قبل بلدان مثل فرنسا أو أمريكيا. وتعتبر الخدمات المقدمة للمرضى في أقسام الاستعجالي بالمستفشيات العامة الأسوأ في البلاد وذلك على الرغم من الخصوصية التي تميز هذه أقسام باعتبارها تتقبل أناسا في حالة خطرة وحرجة جدا في اغلب الأحيان: حوادث طرقات، سقوط من أماكن مرتفعة، غرق، حروق، أو أمراض أخرى مثل جلطة قلبية أو غيرها- عفا الله الجميع-..واغلب هذه الحالات لا تحتمل الانتظار بما يفرض أن يقع التعامل معها آنيا ويصبح توقيت التدخلات العلاجية يحسب بالدقائق وأحيانا بالثواني فتأخير دقيقة أو تقديمها قد يعني موت أو حياة احد الأشخاص. ونظرا للأهمية التي تحظى بها مثل هذه الأقسام في الدول الغربية تم تجهيزها بأحدث المعدات وأكثرها تطورا، إضافة إلى تخصيص طاقم كفء وذو خبرة طويلة للإشراف عليها. زيادة على ذلك أصبح الطب الاستعجالي في عدد من دول العالم المتقدم اختصاصا مستقلا بذاته فمثلما هناك طب الأطفال وطب النساء والتوليد وطب الأعصاب هناك الطب الاستعجالي. أما في بلادنا فإن أقسام الاستعجالي عادة ما تكون الأقل تجهيزا ولا يوجه إليها إلا المتخرجين الجدد من الأطباء من مختلف الاختصاصات ممن لا يملكون الخبرة اللازمة. فوضى عارمة في استعجالي الرابطة كنت بصدد إعداد هذا الملف عندما رنّ هاتفي الجوال وطلب منّي أحد أقاربي الالتحاق به في إستعجالي الرابطة لأشاهد بأمّ عيني آلام عدد كبير من المرضى وأغلبهم في حالة حرجة دون أن يهتم لأمرهم أحد. ولكيْ أسرع ركبت سيارة أجرة وطلبت من سائقها التعجيل بي إلى المستشفى المذكور، وما إن وصلت حتى رأيت المرضى مطرحين على الأرض يستصرخون الأطباء .. كانوا بالعشرات ومنهم من كان في حالة حرجة حتى أن أنينهم يسمع عن بعد كما يسمع استجداؤهم أهاليهم إعادتهم إلى بيوتهم. كانت هناك طبيبة واحدة تبذل، على صغر سنّها، ماستطاعت من الجهد لفحص بعض الحالات وتخفيف آلام الموجوعين.. حالات كانت في أغلبها لا تحتمل الانتظار، وأخطرها كانت حالة أحد أبناء الشمال الغربي، قالت عائلته انه أصيب بجلطة قلبية ولمّا حملوه إلى أحد أطباء الجهة أمرهم بنقله فورا إلى احد مستشفيات العاصمة ولكن.. المريض بقي أكثر من ساعتين ينتظر دوره قبل أن يتم فحصه وإدخاله إلى المستشفى. أين الأطباء؟ إلى جانب خطورة حالات المرضى كانت علامات التعب الكبير والتوتر الشديد بادية بوضوح على وجوه الأقارب والمرافقين لهم…فتاة جاءت بوالدها وهو في حال جد خطرة: أنبوب الهواء موصول بأنفه وأنبوب التغذية موصول بوريده ولما طال بها المقام دون أن تجد حلا تحولت هي إلى ممرضة، فقامت بتغيير كيس التغذية بنفسها بما يتطلب ذلك من غرز للإبرة في الوريد، في الوقت الذي كان فيه والدها يبحث عن الـ”نفس فلا يجده”. وتواصلت الأوضاع على حالتها دون أن يجد المرضى وأهلوهم من يستمع إلى أناتهم ..انفعل شاب وبدأ في الصراخ مطالبا بإنقاذ والدته التي كانت تحتضر بين يده وسط بكاء أفراد عائلتها وبكاء من حضرها من المرضى ومرافقيهم، فتوجه إليه احد الأشخاص قدم نفسه على انه “من المسؤولين” وقال له : صراخك لن يفيد شيئا لأنه لا يوجد أطباء غير تلك “الستاجار”، وإن أردتم حلا فاذهبوا إلى الإدارة. وفعلا توجه فوج من الأهالي إلى الإدارة ولم يسمح لهم بالدخول إلا بعد لأْي واصطحبهم عون إلى مكتب سيدة قال إنها مسؤولة وخاطبتها امرأة باسم المرضى بلسان فرنسي فصيح وقالت لها ما معناه أن هناك مشكلة كبيرة في قسم الاستعجالي وان المرضى وعدد كبير منهم في حالة خطرة لا يجدون من يهتم إلى أمرهم. اصطحبت المسؤولة جموع الغاضبين إلى القسم وسألت عن الأطباء فقيل لها إنهم ذهبوا لتناول الغذاء …هكذا بكل بساطة! وغادرت المسؤولة دون أن تقدم حلا واكتفت بان تتمتم لا ندري أهي تلعن الأطباء أم المرضى وأهليهم أم ماذا؟ بعد ساعة أخرى من الانتظار توجه الأهالي، إلى إدارة المستشفى يبحثون عن مسؤول يكون قادرا على أن يقدم لهم حلا، وقد استشاطوا غضبا، فاعترضهم شخص بميدعته البيضاء وقدم نفسه على انه مسؤول أوّل ولم يقدم للمرضى وأهليهم من حل سوى قوله: أتفهّم مشاكلكم. وبعد هنينهة إجتمع الثلاثة المسؤول الأول ومن قال انه من المسؤولين وسيدة المكتب وبقوا يعبّرون للمواطنين عن تفهمهم لمشاكلهم ويؤكدون أن السلطات العليا لا تقبل بهذا التهاون وان المسؤولية يتحملها رئيس القسم شخصيا.. في تلك الأثناء كان المرضى لا يزالون مكدسين في القسم وأمام فداحة ما يجري أخرجت آلة التصوير وبدأت التقط صورا لكل ما يجري من حولي لعلّي انقل بعضا من تلك المعانات إلى الناس والي الرأي العام والى “أولى الأمر” في بلادنا عسى أن تجد تلك الأنات أذنا منصتة. فالتقطت صورا للمرضى وهم مكدسين في رواق الطبيبة الوحيدة بالقسم ثم توجهة إلى جسد مكوم مغطى على نقالة و…وإذا برئيس القسم يقبل عليّ ومعه عدد من حراس المستشفى والممرضين وغلّقوا الأبواب وبعد شدّ وجذب طويلين وحوار عن الحقوق والواجبات تكدّس حولي عدد كبير من أصحاب الميدعات البيضاء ورجالا كتب على ملابسهم (سَاكُوِريتَيْ) ليقوم احدهم بخطف آلة التصوير الشاهدة الوحيد على المعاناة التي عاشها المواطنون تلك الأمسية. أسئلة حائرة غادرت المستشفى متجها إلى مقر الجريدة وقبل ذلك كنت سلمت رقم هاتفي الجوال إلى بعض أهالي المرضى على أساس أن نتقابل بعد أن يكونوا قد فرغوا من الاعتناء بأهاليهم لأخذ تصريحاتهم حول المعاناة التي عاشوها. ولم أكد ابلغ المقر حتى جاءني اتصال من احد أقرباء المرضى وعلمت من خلال ذلك الاتصال أن أعوانا من مركز الأمن بباب سعدون مدعومين بعناصر من الأمن بالزّي المدني قدموا إلى المستشفى وسألوا الحاضرين عن هوية الصحفي الذي كان بالمكان وهل كان معه رفقاء أم لا و في أي صحيفة يعمل، كما علمنا أن أعوان الأمن اخذوا آلة التصوير واصطحبوا إحدى معهم احدى المسؤولات الرفيعات بالمستشفى. كثيرة هي الأسئلة التي طرحها عليّ الأهالي الذين اتصلوا بي بعد هذه ممن حضروا الواقعة أسئلة لم استطع الإجابة عنها ومنها هل ستقوم الجهات المعنية بفتح تحقيق في التهاون الكبير الذي حصل والذي سبب احتجاج المواطنين؟ أم أن همّها سيظل معلقا بالبحث عن هوية الصحفي الذي قام بتلك الزيارة في ذلك الوقت غير المتوقع؟ وماذا لو كان الذي قام بتلك الزيارة الفجئية احد المسؤولين الكبار هل كان سيعامل بنفس الطريقة وهل ستسحب آلات التصوير من الصحفيين المرافقين له؟ هل يجب إلقاء اللوم على الأطباء وحدهم أم أن الإدارة هي التي تتحمل المسؤولية؟ ولماذا لا يطالب الأطباء بتحسين أوضاع الأقسام التي يعملون فيها؟ (المصدر: “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس) العدد 393 الصادر يوم 23 فيفري 2007)
إشكاليات بلورة” الإنسان الحرام ” في ثقافتنا
د.منصف المرزوقي
تثبت هذه الدراسة السريعة للأسباب والمراحل المعقّدة التي أدّت إلى تراجع التعذيب في الغرب أنّ محاربته في بلداننا قضية بالغة التعقيد و لا تقتصر على مجرّد النضال السياسي ( رغم أهمّيته ) بإدانة التعذيب ليلا نهارا وفضحه في كلّ مجال . فالمطلوب ليس تغيير البنية السياسية الفوقية فقط وإنّما ربح معركة فكرية قيمية في عمق الحضارة التي نحمل انتماءنا إليها إكليل شوك وإكليل غار .
يتعلّق الأمر بداهة بإعادة هيكلة العلاقة بين الفرد والمجموعة في صلب المجتمع نفسه أىّ بكل بساطة بإعادة صياغة الذهنيّة العربيّة في إحدى أهمّ “الملفّات ” الاجتماعية . لنحدّد في البداية ما نتوفّر عليه من عوائق وأوراق ونحن نضع طموحنا في هذا المستوى. لا جدال أنّ التيّار الغالب إلى اليوم في حضارتنا هو التيّار “المجموعاتي”. فليس للفرد من كرامة وقيمة إلا تلك التي يستعيرها من انتماءه إلى القبيلة أو الدّين أو الأمّة أو الدّولة وفي اضطلاعه ب”واجباته “تجاههم. يبقى أن هناك قانون في الكون يسنّ على أنّه لا يوجد شيء إلاّ ووجد بالضرورة نقيضه ومن ثمّة وجب علينا أن ننقّب داخل حضارتنا عن النقيض لعلّه يكوّن قوّة دفع ننطلق منها ونطوّرها .
نكتشف بسرعة أنّنا أمام نقيض سلبي بل وخطير وهو ما يمكن أن نسمّيه ب “الفردانية المتشدّدة” التي رأينا عيّنة منها في الحضارة الغربيّة عند الفوضوي . Stirner إنّ تاريخ الشعر العربي ملآن بصرخات هذه الفردانية المتمرّدة كصرخات الصعاليك أو المتنبّي الذي فاخر بأن قومه هم الدين فاخروا به وليس العكس أو المعرّي “الأخير زمانه الآتي بما لم تستطعه الأوائل ” أو أبو نواس المزدري لقيم وقوانين المجموعة. لا جدال أنّ أحسن ما يعبّر عن هذه الذهنيّة المتمرّدة هي المقولة الشهيرة “واحد كألف وألف كأفّ ” وهي المخرج الوحيد طوال تاريخنا الذي اقترح على الإنسان العربي . إنّ ما لا يزال يطبع مخيالنا ونحن نعاني من “المجموعاتية المتشدّدة” هو دور البطل الخارق للعادة أي “السوبرمان ” بمفهوم نيتشه أو بمفهوم كتب الأطفال ويشكّل منذ القدم البديل المغري.
هكذا ترانا نجاهد كلّ من جهته لننقذ ذواتنا من الاختناق والرداءة والامتثال لعقليّة القطيع التي تفرضها “المجموعاتية ” بأن نصبح الواحد كألف تاركين الألف كأفّ للرعي والرّاعي للذئب. معنى هذا أنّ عمليّة إنقاذ الذات هذه وتلبية حاجتها للكرامة والاعتراف بها من قبل المجموعة هي عمليّة فردية صراعيّة، العدوّ فيها هو كلّ آخر، شعارها “إنّما العاجز من لا يستبد “.لا غرابة أن يبقى التعذيب في المنطقة العمياء من الوعي الجماعي. فما قيمة واحد من “الألف كأفّ “وقد انتصرت الذات وملكت نواصي المجموعة وطوّعتها بالاستبداد العائلي أو القبلي أو السياسي ؟. وهذا بطبيعة الحال طريق مسدود بل هو الطريق الذي يقود حتما إلى بيوت الأشباح، ومن ثمّة ضرورة البحث عن طريق آخر مبني على اعتراف كلّ ذات بالذوات الأخرى واعتبار عملية الإنقاذ من الاختناق والرداءة والسلبيّة وعقليّة القطيع عملية جماعية ننتصر فيها الكل أو ننهزم فيها الكلّ. يعني هذا أن ندخل بدورنا الرّؤيا الجديدة.
ولقد بدأنا ندخلها لا بفعل العدوى والتقليد ولكن أساسا لأنّ العوامل الموضوعية التي رأيناها تفعل فعلها في الغرب قد بدأت تأتي أكلها عندنا أيضا. إنّ التقدّم الاقتصادي والاجتماعي والصحّي والتعليمي عامل بأهميّة إخفاق الأنظمة الاستبدادية وأيدلوجيتها المبنيّة على مزيج غريب من الفردانية المتشدّدة والمجموعاتية المتشدّدة .
من بين المؤشرات الإيجابية العديدة على انخراطنا في الرّؤيا الجديدة أنّنا بدأنا نعرف أدب الرواية عندنا وأيضا بروز إشكالية التعذيب داخله ابتداء من السبعينيات مثلما هو الأمر في رواية عبد الرحمان منيف ” شرق المتوسّط” والتي تذكرنا برواية Koestler في الثلاثينيات. لكننا ما زلنا في بداية طريق طويل مهدّد بكلّ أنواع الردّة والتراجع والجمود، و سنجد صعوبات كبرى في جعله المسار الملكي لفرط تجذّر وقدم التيّارين الآخرين . إن الإشكالية بالنسبة للمناضلين العرب هي كيف نعجّل بمفاعلة استقامت بعض شروطها؟ إنّ دور معارك السطح مواصلة التشهير بالتعذيب وفضحه ولا بدّ هنا من التنويه بالعمل الجبّار الذي قامت به المنظّمات العربية لحقوق الإنسان منذ نشأتها في نهاية السبعينات.
لقد سلّطت النّور على الظاهرة وأخرجتها من المنطقة العمياء للوعي الجماعي وهيّأت الذهنية العربية لحتمية إلغاء هذه الآفة .كما لا ننسى أن أكثر من مائتي أستاذ قانون وقاض وضابط وصحفي ودبلوماسي من الوطن العربي اجتمعوا أربع مرّات ما بين سنة 1988 و 1989 بدعوة من المعهد الدولي للدّراسات في العلوم الجنائية بمدينة سيراكوازا في إيطاليا لوضع مشروع اتفاقية عربية لمنع التعذيب، نشرت بنودها سنة 1990، لكنّها لا زالت تنتظر التصديق من قبل الدول والجامعة العربية (16). بداهة هناك وعي عربي جديد بالظاهرة وهو المكسب الكبير في هذه المرحلة من تطوّر الإشكالية. لكن هناك معارك العمق وهي الأساسية في القضاء على التعذيب ومهمّتها بلورة ” الإنسان الحرام ” عبر الأدب والفلسفة والفنّ والسياسة في إطار برنامج واعي طويل المدى يدرك أن تغيير ذهنيّة حضارية أمر صعب معقّد مكتسباته هشّة سريعة الزوال إن لم يقع تعهّدها طول الوقت تعهّد أطرى نبتة وأسهلها عرضة للتلف .لا جدال أنّ هذا المنحى الجديد سيواجه بصفة ضارية من قبل المتشبّثين بالمجموعاتية .بداهة سنخطئ إذا أردنا إقناع النّاس بالتصدّي للتعذيب أو عقوبة الإعدام وهم لا يزالون على الرؤيا القديمة .
إن استراتجية مبنية على الدعوى والإيمان بأفضلية أفكارنا وعلميتها وإنسانيتها وحداثتها الخ ومن ثمّة على ضرورة انتصارها عاجلا أو آجلا تنبع من الرّؤيا لا من حقيقة مطلقة سابقة متقدّمة على المتصارعين. ترتطم أفكارنا بالرؤيا الأخرى التي يمكنها على غرار الجسد المهدّد بالجراثيم إفراز أجسام فكرية مضادّة تبطل مفعول أفكارنا . نحن لم ننتقل إلى الرّؤيا الجديدة من باب الحجج والإقناع وإنّما من باب الانقلاب النظري الشامل ثم بدأنا نبحث بعدها عن الحجج والمبرّرات. معنى هذا أنّنا سنفقد كلّ معارك الحجج العقلانية لإدانة التعذيب وعقوبة الإعدام طالما لم نغيّر الرّؤيا التي نتوّجه إليها. و إذا نجحنا في تغييرها ولو جزئيا فإنّ أيّ موضوع محدّد سيجد طريقه إلى الفكر والقلب دون مقاومة تذكر. إنّ زعزعة الرّؤيا القديمة أمر سهل حتّى عند القوى الإسلامية التي يجب أن لا ننسى أنّها هي التي تعرّضت إلى أبشع أنواع التعذيب. ويكون ذلك بالتركيز على نقطتين أساسيتين:
-فضح ما يختفي وراء مفهوم مصطلح ” المصلحة العليا ” لهذا البعبع أو ذاك. -إثبات خطأ اعتبار الإنسان في الرّؤيا الجديدة فردا وقع تأليهه على حساب المجموعة.
مجتمع الحوار مجتمع الحرية والأمان
بقلم الأستاذ الهادي المثلوثي hedi_mathlouthi@yahoo.fr الحوار هو ما يدور من كلام مشترك بين شخصين أو أكثر حول موضوع محدد يتم تبادل الآراء حوله ويفصح فيه كل عن مواقفه الخاصة بكل حرية عن طريقة الخطاب المباشر أو عن بعد أو عبر الوسائط وقنوات الحوار. هذا النوع من الحوار والمطلوب في حياتنا اليومية هو نتيجة لقواعد الحوار التي يكتسبها الطفل بدءا بالحوار داخل الأسرة فالمدرسة إلى أن يبلغ سن الرشد السلوكي والنضج الفكري. ولكن ماذا يحدث عندما يختل أو ينعدم الحوار التربوي والتعليمي ؟. عندما تختل البدايات تضيع السبل ولا تدرك النهايات وهذا ما نحن عليه بنسبة تثير الريبة وتزرع الخوف من قادم الأيام والشاهد على هذا تزخر به المجالس الخاصة والأماكن العمومية في ربوعنا. فلا أحد (يحترم نفسه) ينجو من الشعور بالاشمئزاز والأسف عندما يقف أمام مدرسة أو يدخل مقهى أو يستمع إلى ما يدور في الشارع بين جمع من الأفراد. اللغو والثرثرة والتلاسن والاستفزاز والتحقير والتفاهة وكلام متدافع ومتعال بشتى البذاءات هي الحالة السائدة والوسيلة القائمة بين الأفراد. وباستطاعة أي منصف أن يحكم على هؤلاء بالتخلف الذهني والأمية الاجتماعية ويجزم أنهم لم ينتموا إلى أسرة ولم يدخلوا مدرسة. وهذا أمر خطير يدعو إلى إعادة النظر في أساليبنا التربوية والتعليمية بجدية ودون إبطاء لأن طوفان الرداءة ما انفك يتسع ويفرض التكيف على بيئة اجتماعية ملوثة بل موبوءة وتنبئ بتهديدات شاملة. والخطير في الأمر أن تستقيل الأسرة وتعجز المدرسة ويصبح “الشارع” صاحب الدور الأكبر والشريك المؤثر في “التربية والتعليم” وصانع البيئة الاجتماعية الآسرة للجميع والمهددة لجودة الحياة ولأمن الناس. ما معنى الحرية، ما معنى الحوار المتمدن، ما معنى الأمن الثقافي، ما معنى الديمقراطية الاجتماعية، ما معنى المجتمع المتقدم في غياب التربية السليمة والتعليم المحترم ؟؟. تثبت التجارب أن بالتربية المعتلة تفسد النفوس وبضعف التعليم تفلس العقول فينحط المجتمع وتخرب الأوطان. والخلاصة من كل ذلك “وراء كل شعب محترم تربية سليمة ووراء كل تقدم تعليم محترم”. قد لا يمثل الفقر عيبا وفقر النفوس يعد من أخطر العيوب وقد نتحمل الإفلاس ولكن إفلاس العقول يحوّل الحياة إلى مسرح للعفاريت والمجانين. كل واحد شيطانه في جيبه ومن لا جيب له فيده في جيوب الآخرين أو في أعناقهم. نختنق ونتخانق لأبسط الأمور وزيفا نتوادد ونتعانق والمبدأ “دبّر رأسك، واخطأ رأسي واضرب…”، والنتيجة جيل مضروب على رأسه فقير الروح وعديم الفكر. ودون تعميم هذا هو المشهد السائد في أوضح صوره وهل من أمل في المستقبل وتيار الانحلال يعبث بالحاضر وينشر الإحباط ؟. ليس خافيا ما نعاني وجميعنا يستحق الرثاء ولا يعبأ بالعاقبة وكأن الأمر صار قدرا بيد الدجالين ولا خلاص من مكاسب التدجين. ولست أبالغ لو قلت أن الدجل انتصر على نور العلم وأن التدجين جرد التربية من مضمونها فقضى على إنسانية الإنسان. وليس بوسعي غير القول: إذا اخترت الصمت ملاذا فلست من الأحرار / وإذا تصورت الأمر هيّنا فاعلم أننا في انهيار / وإذا سلّمت بالواقع عجزا فاكتب حجة انتحار. لو كان أولياء الأمر على وعي بالمسؤولية وعلى جدية كافية بمراجعة أساليب التربية وأهداف التعليم لما انهارت القيم وتفسخت الأخلاق وتشنجت العلاقات داخل الأسرة وبين الصغير والكبير وبين الجار وجاره وبين الحاكم والمحكوم حتى صارت القضايا السلوكية والأمنية هي الهمّ الشاغل للفرد وللمجتمع وللدولة برمتها على حساب البناء الاجتماعي السليم والتنمية التعاونية المنتجة. لقد بتنا مجتمع نزوات ونزاعات وانفعالات شخصية وجماعية وقد كان من الممكن إرساء مجتمع الحوار وتفاعل الإرادات وتكامل الحريات حيث يكون الفرد محترما والشعب محترما والحاكم محترما والجميع حرا آمنا على حاضره ومستقبله. تونس في 26/02/2007 (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 27 فيفري 2007)