الأربعاء، 24 مايو 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2193 du 24.05.2006

 archives : www.tunisnews.net


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بــــــــيان الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ــ فرع بنزرت: بيــان للــرأي العــام الرابطة المغاربية للديمقراطية تساند  الرابطة التونسية لحقوق الإنسان الرابطـة التونسيـة للدفاع عن حقوق الإنسـان: دعـــوة لحضور المؤتمر الوطني السادس التنسيقية المغربية لمساندة الديموقراطيين التونسيين: بــــــلاغ إسلام أون لاين: تونس.. تصاعد المواجهة بين المحامين والحكومة موقع الجزيرة.نت :الأمن التونسي يفرق تجمعا للمحامين سويس انفو: تونس ترفض الانتقادات السويسرية الشرطة تحقق للمرة الثانية مع النقابي الحبيب بسباس رويترز: تونس تقول إنها لا تقبل دروسا من أحد في مجال حقوق الإنسان صحيفة “الموقف” :عميد المحامين الوزارة لا تريد الحوار ونضالنا المشروع سيتواصل القاضي المختار اليحياوي السلطة الشمولية أمام تحدي استقلال القضاء – تونس ومصر نموذجا الهادي بريك: في تونس : فرسان الحرية يبحثون عن الحرية عبدالحميد العدّاسي: تعقيب أوّلي على بيان محمد بوسنينة: ” اتصالات تونس ” لا تعترف بحقوق المواطنة.. و لا تحمي المعطيات الشخصية .. وتحرم عائلة من حق استعمال الأنترنيت؟ ميسم الهادي: في تعليق على ما كتب الأستاذ محمد بن صالح في مجلة حقائق محمد العروسي الهاني: المصداقية أساس كل محور لحقوق الإنسان ولا معنى للحياة بدون حقوق أساسية للإنسان عبد السلام الحاج قاسم: المتطرّفون في قطاع المحاماة والطريق المسدود جمال كرماوي: رأي مجرّد الصباح :في حديث مع مخترع تونسي- اختراعي يتمثل في اعتماد موزع تحت أرضي للري لتقليص نسبة تبخر المياه والاقتصاد فيها مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات : منبر نقاش حول: المسارات الجديدة لمستقبل البحث العلمي للسيراس الياس حرفوش: ماذا يخفي الحجاب التركي؟ د. حسن نافعة: النظام الحاكم بين البلادة السياسية وسياسة الازدراء عبد الله لعماري: في ذكرى التحرير:سلاح المقاومة في لبنان وجد ليبقى ما بقيت إسرائيل في الوجود آمال موسى: ما أصعب أن تفهم المجتمع المصري نهلة الشهال : سلطات لم يتبق لها شيء، ولم يتبق لنا إلا الدهشة! د. سعد الدين العثماني: الأحزاب الإسلامية وكسب تحدي الإصلاح الديموقراطي


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 
 
أنقذوا حياة محمد عبو أنقذوا حياة كل المساجين السياسيين الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين   تونس في: 24 ماي 2006   بــــــــيان  
تعرض ثلاثة من أعضاء الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين إلى الاعتداء عليهم من طرف البوليس السياسي أثناء مشاركتهم في تجمع احتجاجي بقصر العدالة بتونس تم تنظيمه بدعوة من الهيئة الوطنية للمحامين بتونس يوم 23/05/2006 وقد تم نقل الأستاذ سمير ديلو (عضو الهيئة المديرة للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين) و خالد الكريشي (عضو مؤسس للجمعية) على سبيل السرعة الى المستشفى و هما بحالة غيبوبة حيث تلقيا الإسعافات الأولية في حين وقع إسعاف الأستاذ سمير بن عمر( عضو الهيئة المديرة للجمعية ) بدار المحامي بتونس.
و قد وقع الاعتداء بالعنف اللفظي و البدني من قبل البوليس السياسي على عدد كبير من المحاميات و المحامين و قد انتشر البوليس السياسي بأعداد غفيرة برحاب قصر العدالة و اقتحم لأول مرة في تاريخ تونس مكتب الهيئة الوطنية للمحامين.
و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:
– تعبر عن استنكارها الشديد لاقتحام قصر العدالة و مكتب عميد المحامين و استباحته من قبل البوليس السياسي و العبث بمحتوياته. – تدين الاعتداء الفظيع على المحامين. – تندد بالتعاطي الأمني مع المطالب النقابية للمحامين و التصدي لأي تحرك سلمي يقع تنظيمه من طرف هياكل المجتمع المدني. – تعتبر ما جرى بقصر العدالة يوم 23 ماي 2006 سابقة خطيرة في تاريخ العدالة و تدعو لفتح تحقيق في الموضوع و إحالة المعتدين على العدالة لمقاضاتهم من أجل ما ارتكبوه من أفعال.
رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ــ فرع بنزرت
 بنزرت في 24 ماي 2006

بيــان للــرأي العــام

   

ينهي فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى علم الرأي العام وقوع عملية اعتداء بالعنف الشديد على الأخ عبد الجبار المداحي نائب رئيس الفرع وعضو المجلس البلدي ببنزرت وعضو المجلس الوطني لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين وصورة الواقعة أن دورية أمنية بالزي الرسمي اعترضت السيد عبد الجبار المداحي وهو مترجلا في طريق العودة إلى مقر سكناه وطلب منه الرائد جمال الورتاني والوكيل لطفي الخميري والعريف محمد علي بن عبد الله الاستظهار بهويته بشكل خارج عن الذي وجب لأعوان الأمن التقيد به. وأمام طلب السيد المداحي لهم بالالتزام بقواعد التعامل الأخلاقي معه، انهال عليه الموظفون السالفي الذكر بالعنف الشديد خلفت مما خلف له جروحا على مستوى صدره ورقبته وبيديه واقتيد إلى مركز الأمن مكبلا بعد أن أخضع إلى حصة تعنيف ثانية داخل السيارة الإدارية واستهدافه بعبارات نابية حاطة من الكرامة. وإذ يسرد الفرع صورة هذه الواقعة فإنه : ـ يندد تنديدا شديدا بالعنف الشديد الذي أضحى أسلوبا يتعامل به رجال الأمن مع المواطنين، ـ يرى أن الإفلات من العقاب الذي يتمتع به مستعملو العنف هو الذي جعل الأمر يتفاقم بين رجال الأمن، ـ يعبر عن نيتها متابعة الأمر قضائيا والتشهير بمرتكبي جرائم العنف الرسمي ـ يجدد تضامنها مع الأخ عبد الجبار المداحي   عن هيئة الفرع رئيس الفرع علي بن سالم
 

 

الرابطة المغاربية للديمقراطية تساند  الرابطة التونسية لحقوق الإنسان

تتعرض الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان منذ أشهر لضغوط سياسية وقضائية وأمنية، جعلتها غير قادرة على القيام بمهامها الحقوقية التي قامت من أجلها. ويعود ذلك إلى خلاف مزمن بينها وبين السلطة في تونس، تعود جذوره إلى أواسط الثمانينات، لكنه اتخذ منعرجا خطيرا منذ المؤتمر الخامس للرابطة الذي رفض النظام الاعتراف بنتائجه. ومما زاد الأمر استفحالا وخطورة، صدور حكمين  قضائين جديدين لمنع انعقاد المؤتمر السادس للرابطة للمرة الثانية، الذي يفترض إنجازه يومي 27 و 28 ماي الجاري حسبما أعلنت عنه الهيئة المديرة.  ونظرا لكون الرابطة التونسية، تعتبر إلى جانب ” الجمعية المغربية لحقوق الإنسان “، من بين أقدم المنظمات الحقوقية في العالم العربي وإفريقيا، واستنادا لرصيدها النضالي ودورها في جعل ثقافة حقوق الإنسان الأرضية المشتركة لجميع التونسيين من أجل ترسيخ قيم الحداثة، وتحقيق الكرامة، وخوفا من تؤدي سياسة الحصار التي تمارسها السلطة إلى تفكيك هياكلها والقضاء عليها مما سيشكل خسارة كبرى للحركة الحقوق التونسية والمغاربية والعربية والإفريقية. لكل تلك الاعتبارات السابقة، فإننا ندعو الحكومة التونسية إلى:

1)    احترام تعهداتها الدولية في مجال احترام حقوق الإنسان وعدم تقييد حركة النشطاء أو المساس باستقلالية منظمات المجتمع المدني. 2)    تمكين الرابطة من عقد مؤتمرها السادس، في كنف الحرية والاستقلالية، واحترام خصوصيتها كمنظمة حقوقية عريقة. 3)    اعتماد الحوار كأسلوب حضاري لفض الخلافات مهما بدت عويصة، وتشريك كل الطاقات الخيرة في المجتمع من أجل التوصل إلى حل وفاقي دون المساس من استقلالية القرار الرابطي.   عن المكتب التنفيذي الرئيس : عمر صحابو الرئيس المساعد بالنسبة للجمهورية التونسية : شوقي الطبيب

 

 
الرابطــة التونسيــة للدفــاع عن حقـــوق الإنســـان تونس في 20 مـــــاي 2006

دعـــــــــــوة

تحيـة طيبـة وبعـد، فــإن الرابطــة التونسيـــة للدفــــاع عن حقـــوق الإنســـان تعقد مؤتمرها الوطني السادس يومي 27 و 28 ماي 2006. وسينعقد المؤتمر الوطني السادس في ظرف سياسي شديد الحساسية ووسط تهديد جدي للرابطة من طرف السلطة، فبعد تجميد الأرصدة المالية للرابطة ونشر عدد كبير من القضايا العدلية المفتعلة ضدها، تقوم أعداد كبيرة من قوات الأمن بمحاصرة مقرات فروع الرابطة وتمنع حتى الأعضاء المنتخبين لهيئات تلك الفروع من الدخول ،كما تحاصر المقر المركزي بتونس العاصمة ولا يمكن من دخوله إلا أعضاء الهيئة المديرة، و الهدف من كل ذلك  إنهاء دور  الرابطة و منعها من عقد مؤتمرها في ظروف طبيعية. لـــــذا فإننــا نتشرف بدعوتكم لحضور جلسة افتتاح المؤتمر يوم 27 ماي 2006 بداية من الساعة الرابعة بعد الزوال وذلك بالمقر المركزي للرابطة 21، نهج بودليــر – العمران – تونس.
ولا شك أن حضوركم معنا يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة إلى منظمتنا ولبقائها وتواصل نشاطها. تقبلــوا سيـــدي (تي) فائـــق عبـــارات الاحترام والتقديــــر. عن الهيئـــة المديـــرة الرئيـــس المختــار الطريفـــي

 

التنسيقيــة المغربيـــة لمسانـــدة الديموقراطييـــن التونسييـــن

 
   بـــــــــلاغ
 

   قررت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عقد مؤتمرها الوطني السادس يومي 27 و 28 مايو المقبل بتونس، بعد أن تم منعه لمرة أولى في 09 شتنبر 2005 من طرف السلطات التونسية بالتوظيف المخجل للقضاء.   ومازالت السلطات الحاكمة بتونس مصرة على عرقلة عقد المؤتمر الوطني للرابطة مما أدى بالتنظيمات المغاربية لحقوق الإنسان المجتمعة يوم 12 ماي الماضي بمدريد إلى التنديد بهذه العراقيل واتخاذ قرار بجعل يوم 24 ماي يوما للتضامن المغاربي مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.   اعتبارا لما سبق، إن التنسيقية المغربية لمساندة الديموقراطيين التونسيين ــ التي تشكلت يوم 28 أكتوبر 2005 من طرف تنظيمات ديموقراطية مغربية، سياسية ونقابية وحقوقية وشبيبية ونسائية وجمعوية قررت أن تدعم هذه المبادرة وتجعل من يوم الأربعاء 24 مايو يوما للتضامن مع الرابطة التونسية ومع الديموقراطيين التونسيين عامة في نضالهم من أجل احترام حقوق الإنسان بالقطر التونسي الشقيق.   وبهذه المناسبة سيتم تنظيم وقفة جماعية أمام مقر سفارة تونس بالرباط (6، شارع فاس) يوم الأربعاء 24 ماي من الخامسة إلى الخامسة والنصف مساء.   إن التنسيقية المغربية لمساندة الديموقراطيين التونسيين تنادي كافة الديموقراطيين والديموقراطيات ببلادنا إلى إنجاح هذه الوقفة بحضورهم المكثف ومشاركتهم الفاعلة، تأكيدا لروح التضامن بين الديموقراطيين المغاربيين بكل مكان؛ كما تدعو وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية إلى تغطية هذه الوقفة.                                                                                                                        الرباط في 22 ماي 2006    ملحوظة: تقوم الإدارة المركزية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالمهام الإدارية للتنسيقية المغربية لمساندة الديموقراطيين التونسيين.


   بــــــلاغ

حول تضامن التنظيمات الحقوقية المغربية مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان

اجتمع يوم الخميس 18 ماي 2006 بمقر المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بالرباط رؤساء ومسؤولين عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان والمنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف للتداول بشأن تفعيل مضمون البيان التضامني مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الصادر عن التنظيمات المغاربية لحقوق الإنسان المجتمعة بمدريد يوم 12 ماي الماضي. و ينص هذا البيان بالخصوص على جعل 24 ماي يوما للتضامن مع الرابطة وعلى حضور مسؤولين من المنظمات الحقوقية المغاربية في المؤتمر الوطني السادس للرابطة المقرر عقده يومي 27 و 28 ماي بتونس.   وعلى إثر المناقشة بين الأطراف الثلاثة تقرر ما يلي:
ــ تنظيم وقفة جماعية أمام سفارة تونس بالرباط يوم الأربعاء 24 ماي على الساعة الخامسة مساء، على أن يتم إذا أمكن ذلك، وضمانا لتعبئة أوسع النداء للوقفة وتنظيمها من طرف التنسيقية المغربية لمساندة الديموقراطيين التونسيين. ــ بعث رسالتين، الأولى إلى رئيس الجمهورية التونسية للمطالبة برفع المضايقات عن الرابطة لتتمكن من عقد مؤتمرها الوطني السادس في وقته المحدد وبكل حرية، والثانية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والذي انتخبت تونس لعضويته مع ما يترتب عن ذلك من التزامات في مجال احترام حقوق الإنسان. وستعرض الرسالتين للتوقيع كذلك من طرف التنسيقية المغربية لمساندة الديموقراطيين التونسيين وجمعية هيئات المحامين بالمغرب وفرع منظمة العفو بالمغرب. ــ ذهاب وفد من الحقوقيين والديموقراطيين المغاربة إلى تونس لحضور المؤتمر الوطني للرابطة. ــ العمل على التوقيع الواسع من طرف التنظيمات الديمقراطية الوطنية للعريضة الموجهة إلى رئيس الجمهورية التونسية التي أعدتها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان..
 الرباط في 18 ماي 2006.   عن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان     عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان     عن المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف الرئيسة أمينة بوعياش                   الرئيس: عبد الحميد أمين                الرئيس: محمد الصبار  

مناشــــــــــــدة  

 

  الرباط في 24 ماي 2006   إلى فخامة رئيس الجمهورية التونسية السيد زيــــن العابديــــن بن علـــي ــ دولة تونـــــس ــ   الموضوع: مناشــــــــــــدة   السيـــد الرئيــــس،   تحية واحتراما وبعد،   تتشرف المنظمات الحقوقية والديموقراطية الموقعة أسفله بمناشدتكم بتمكين الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من عقد مؤتمرها في التاريخ والمكان المحددين من طرف أجهزتها التقريرية، إعمالا لمقتضيات الدستور التونسي والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة، وتفعيلا لالتزامات الجمهورية التونسية باعتبارها عضوا في مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة.   السيــــد الرئيس،   إن مناشدتنا تأخذ بعين الاعتبار الأدوار الطليعية للرابطة التونسية في الدفاع والنهوض بحقوق الإنسان ثقافة وحماية بتونس الشقيقة وفي منطقتنا المغاربية.    وفي انتظار استجابتكم، تقبلوا  السيد الرئيس خالص عبارات تقديرنا واحترامنا   عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان  عن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان عن المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف  عن التنسيقية المغربية لمساندة الديموقراطيين التونسيين

عن جمعية هيئات المحامين بالمغرب
عن فرع منظمة العفو الدولية بالمغرب


التنسيقية المغربية لمساندة الديموقراطيين التونسيين

  الوقفة التضامنية ليوم الأربعاء 24 مايو 2006 مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان   1. اللافتة المركزية: “التنسيقية المغربية لمساندة الديموقراطيين التونسيين تعبر عن تضامنها التام مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومع الديموقراطيين التونسيين، وتطالب باحترام حقوق الإنسان بتونس الشقيقة”   « La Coordination Marocaine de Soutien aux Démocrates Tunisiens se solidarise avec la Ligue Tunisienne de Défense des Droits de l’Homme et avec les démocrates Tunisiens et exige le respect des Droits Humains en Tunisie ».   2. البانكرطات — يا حكام تونس / احترموا حقوق الإنسان — يا حكام تونس / ارفعوا قمعكم عن الرابطة — جميعا من أجل احترام / حقوق الإنسان المغاربي. — اطلقوا سراح / كافة المعتقلين/ السياسيين التونسيين. — التنسيقية المغاربية / لمنظمات حقوق الإنسان / مع الرابطة التونسية / للدفاع عن حقوق الإنسان

 
  Pancartes : — Ben Ali / touche pas/ à notre Ligue — La Coordination Marocaine / de Soutien aux Démocrates Tunisiens / avec la Ligue Tunisienne/ de Défense des Droits de l’Homme. — Tou(te)s pour le Respect / des Droits Humains / au Maghreb. — la Coordination Maghrébine des Organisations des Droits Humains/avec la Ligue Tunisienne / de Défense des Droits de l’Homme.
 
  3. الشعارات الشفوية   1. تحيى حقوق الإنسانفي تونس وكل مكان                          12. الحرية حق مشروعوبنعلي مالوا مخلوع؟ 2. هذي وقفة نضاليةمع تونس التضحية                             13. المؤتمر حق مشروع//       ؟ 3. شعب تونس الشقيق ما زلنا على الطريق                         14. شعب تونس قمعتوهوالمؤتمر منعتوه 4. هاذ وقفة التضامن مع تونس ضد فرعون                         15. الطريفي يا صديقلازلنا على الطريق 5.  كلنا فدا فدا للرابطة (لتونس) الصامدة                            16. بنعلي باركامن القمع والهرماكا 6. تحيا تونس الشقيقةوالرابطة الصديقة                              17. بنعلي يا قماعالرابطة (تونس) لن تركع 7. بالنضال والتضامنالحرية لازم تكون                              18. بنعلي يا فرعونالرابطة في العيون 8. بالنضال والصمودالحرية ستعود                                  19. تونس في العيون 9. الحرية الحريةللمعتقل السياسي                                   20. من تونس للرباطما نعيشو تحت السباط //للمعتقل التونسي                                                  21. على دلعونا، على دلعوناحكام العرب اللي قمعونا 10. بن علي كن على بالالمعتقل يخرج فالحال                      22. إذا الشعب يوما أراد الحياة،فلا بد أن يستجيب القدر 11. سوا اليوم سوا غداالمؤتمر ولا بدا  ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر //الحرية ولا بدا ولا بد للظلم أن ينجليولا بد للشعب أن ينتصر. //الحقوق ولا بدا    
 
a) Ben Ali Attention nous vaincrons le Répression b) avec la Ligue en avant pour vaincre la Répression c) le Congrès est un droit pourquoi donc violer la loi
d) les démocrates libérateurs vaincrons les dictateurs  


التنسيقية المغربية لمساندة الديموقراطيين التونسيين
الرباط في 23 ماي 2006   إلى السيــــد نقيب هيئة المحامين ــ الربــــــاط ــ  

الموضوع: التعبئة لوقفة تضامنية مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومع الديموقراطيين التونسيين.

  المرفق: بلاغ إخباري   تحية طيبة وبعد،   يطيب لي أن أكاتبكم لإخباركم بالوقفة الجماعية التي تنظمها التنسيقية \المغربية لمساندة الديموقراطيين التونسيين غدا الأربعاء لمدة نصف ساعة ابتداء من الساعة الخامسة مساء أمام سفارة تونس بالرباط (6 شارع فاس).   ونسعى من خلال الوقفة إلى التعبير عن تضامن الديموقراطيين المغاربة مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومع الديموقراطيين التونسيين عامة.   لذا نرجو أن تعملوا على المشاركة المكثفة للأساتذة المحامين والمحاميات بهيئة الرباط في هذه الوقفة عبر إخبارهم وتحسيسهم بالأسلوب الذي ترونه ملائما.   وتقبلوا السيد النقيب عبارات مشاعرنا الصادقة.   

عن سكرتارية التنسيقية عبد الحميد أمين، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان

تونس.. تصاعد المواجهة بين المحامين والحكومة

تونس – رويترز – إسلام أون لاين.نت/ 24-5-2006 واصل عشرات المحامين التونسيين اعتصامهم لليوم السادس عشر مهددين بالإضراب عن الطعام حتى تتم تلبية مطلبهم بإلغاء قانون لا يعطي للمحامين دورًا فعالاً في “المعهد الأعلى المحاماة” الذي أقرته الحكومة مؤخرًا، واصفين إياه بأنه خطير على استقلالية المهنة. فيما لوّحت هيئة المحامين التونسيين بوقف تعاملاتها مع وزير العدل بعد اتهامه لهم بـ”الاستقواء بالأجنبي”.
ونظّم عشرات المحامين التونسيين الثلاثاء 23 مايو 2006 تظاهرة احتجاجية في ساحة قصر العدالة بالعاصمة، ورددوا شعارات تندد بما قالوا إنه تجاهل من قبل الوزارة لمطالبهم الشرعية مثل “المحاماة حرة حرة”، غير أن عشرات من أفراد الشرطة طوّقوا المكان وأخرجوهم إلى دار المحامي المجاورة.
وتطالب هيئة المحامين بدور فعّال ومجلس إدارة منتخب وإشراف فعلي على “المعهد الأعلى للمحاماة” الذي صادق البرلمان التونسي على تأسيسه منذ نحو أسبوعين بموجب قانون لا يسمح لهيئة المحامين بالإشراف عليه، بل تعين الحكومة مديره وتشرف عليه وزارتا التعليم العالي والعدل وحقوق الإنسان.
وتعتبر الحكومة هذا المعهد مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية، بينما تعتقد هيئة المحامين أنه “تكريس لاستحواذ السلطة على القطاع وضرب لاستقلاليته”.
ضرب مبرح
وقال سمير ديلو أحد المحامين لرويترز: إنه وزميله خالد الكريش تعرضا لضرب مبرح على أيدي أفراد الشرطة ونقلا للمستشفى، لكن مصادر أمنية نفت الاعتداء على أي معتصم وقالت إن توجه المحاميين الاثنين للمستشفى كان من قبيل التمويه.
ولوّح المحامون الذين يدخل اعتصامهم اليوم السادس عشر في دار المحاماة بالإضراب عن الطعام؛ حتى تتم الاستجابة لمطالبهم وهو ما أكده عبد الستار بن موسى نقيب المحامين قائلاً: “قد نضطر لإضراب جوع للمطالبة بحقوقنا والرد على اتهامات وزير العدل بقيامهم بالاستقواء بالأجنبي”.
وقال بن موسى: إن هيئة المحامين ستوقف تعاملاتها مع البشير التكاري وزير العدل على إثر تلك الاتهامات.
وكان التكاري قد انتقد في وقت سابق هيئة المحامين التي اقترحت تمويلاً أجنبيًّا لمعهد المحاماة، معتبرًا ذلك “مساسًا بسيادة البلاد”.
تكرار إضراب الجوع
ويأتي تهديد المحامين بالإضراب ليعيد إلى الأذهان سيناريو “إضراب الجوع” الذي كان قد أعلنه 8 قياديين ينتمون إلى أحزاب معارضة وجمعيات أهلية تونسية يوم 18-10-2005 في مكتب المحامي عياشي الهمامي بتونس؛ احتجاجًا على انسداد سبل الحوار مع النظام، ومطالبين بإطلاق سراح السجناء السياسيين، وحرية التعبير والصحافة وعمل الأحزاب.
ولقي هذا الإضراب تضامنًا قويًّا من قوى سياسية تونسية في الداخل والخارج بمختلف توجهاتها الإسلامية والقومية والليبرالية واليسارية.
واختتم النشطاء إضرابهم بعد أن كلّف الرئيس التونسي زين العابدين بن علي “الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية” بالتحاور مع الأحزاب السياسية المعارضة وبقية مؤسسات المجتمع المدني حول شكاويها وتطلعاتها، وهو ما اعتبره مراقبون آنذاك استجابة لضغوط المعارضة لاتخاذ خطوات إصلاحية.
ويُعَدّ ملف الإصلاح أحد الملفات الساخنة على الصعيد التونسي، خاصة وسط مطالبة العديد من الدول الغربية في مقدمتها الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي الحكومة التونسية بإجراء مزيد من الإصلاحات السياسية والتعهد باحترام حقوق الإنسان.
وقد خفض عدد من الزعماء الأوروبيين مستوى تمثيلهم في القمة المعلوماتية نوفمبر الماضي احتجاجًا على ما وصفوه بتدهور أوضاع الحريات وحقوق الإنسان في تونس، وعدم الإفراج عن مئات من السجناء السياسيين.    (المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت بتاريخ 24 ماي 2006 )

الأمن التونسي يفرق تجمعا للمحامين

  فرقت قوات الأمن التونسية تجمعا نظمه عدد من المحامين التونسيين بمناسبة اليوم الوطني للتضامن مع المحاماة في تونس العاصمة.   وقال نقيب المحامين التونسيين عبد الستار بن موسى للجزيرة إن محامين من العاصمة تونس وباقي المناطق الأخرى في البلاد تجمعوا بأعداد غفيرة للاحتفال بالمناسبة بطريقة سلمية، لكن قوات الأمن اقتحمت قصر العدالة ومقر نقابة المحامين واعتدت على المشاركين في التجمع.   وأشار إلى أن خمسة من المحامين أصيبوا بجروح من جراء هذا الاعتداء، فنقلوا إلى المستشفى وهم في حالة إغماء.   وناشد عبد الستار الرئيس التونسي زين العابدين بن علي التدخل لوقف هذه الممارسات وحماية المحامين وإطلاق الحريات بما فيها حرية التظاهر والتعبير.   تجدر الإشارة إلى أن منظمة مراقبة حقوق الإنسان التي تتخذ من نيويورك مقرا لها أصدرت بيانا بالاشتراك مع منظمة حماية المدافعين عن حقوق الإنسان جاء فيه أن الشرطة في تونس تمنع عقد الاجتماعات وأن المدنيين يتعرضون للضرب هناك.   (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 23 ماي 2006)

 

 

تونس ترفض الانتقادات السويسرية

swissinfo  24 أيار/مايو 2006 – آخر تحديث 11:11     أوضحت وزارة الخارجية التونسية في رد فعل على الانتقادات السويسرية بأن “تونس لا تتلقى أية دروس في مجال حقوق الإنسان” وكانت وزارة الخارجية السويسرية قد استدعت يوم الثلاثاء 23 مايو القائم بالاعمال التونسي في برن وقدمت له احتجاجا رسميا في أعقاب طرد المواطن السويسري والعضو في منظمة العفو الدولية إيف شتاينر. في اللقاء الذي تم في العاصمة الفدرالية برن يوم الثلاثاء 23 مايو 2006، والذي استدعت فيه رئيسة الدائرة السياسية الثانية بوزارة الخارجية السويسرية المكلفة بمنطقة إفريقيا والشرق الأوسط السفيرة ليفيا لوي، القائم بالأعمال التونسي، عبرت المسؤولة السويسرية عن الأسف لتوقيف وطرد المواطن السويسري إيف شتاينر من قبل السلطات التونسية مساء الأحد 22 مايو الجاري. واعتبرت المسؤولة بوزارة الخارجية السويسرية أن رد فعل السلطات التونسية “كان مبالغا فيه”. وكانت وزارة الخارجية السويسرية قد أصدرت رد فعل قبل يوم من ذلك، داعية القائم بالأعمال التونسي لتقديم تعليلات لهذا الحادث، إلا أنها لم ترغب في تقديم المزيد من التفاصيل حول المسار الذي سيسلكه تطور هذه القضية. وكان المواطن السويسري، وعضو الهيئة التنفيذية للفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية إيف شتاينر قد توجه في عطلة نهاية الأسبوع الماضي الى تونس لحضور الاجتماع السنوي للفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية، ومع أنه دخل بشكل عادي إلى البلاد إلا أنه تعرض للتوقيف والتعنيف قبل طرده يوم الأحد من التراب التونسي. “لا نتلقى دروسا” وقد ردت تونس بقوة على هذه الانتقادات. إذ عبرت في بيان (توصلت سويس إنفو بنسخة منه عبر البعثة التونسية في جنيف) مسنود إلى “مصدر مأذون بوزارة الخارجية التونسية” عن “الأسف لكون سويسرا البلد ذو الحساسية المفرطة عندما يتعلق الأمر بتطبيق قوانينه سيما تجاه الأجانب يرد الفعل بأسلوب غير معهود لا يتوافق والأعراف الدبلوماسية بالتعبير عن الأسف لكون تونس حرصت كبلد ذي سيادة، على احترام قوانينها ولم تقبل تصرفات مخالفة من شأنها تعكير صفو نظامها العام”. ويرى “المصدر المأذون” في بيان الخارجية التونسية، أن إيف شتاينر تم طرده “لتصرفه بطريقة تنم عن استفزاز صارخ يتعمد المساس بالقانون الجاري به العمل”. وأضاف نفس المصدر أن “تونس بلد قانون، ومتفتح ومتسامح، والحريات العامة فيه مكفولة ومكرسة في الدستور وتمثل ممارسة يومية”. وانتهى بيان الخارجية التونسية الى التنصيص على أن “تونس التي لا تتلقى دروسا من أي كان في هذا الميدان، تذكر بأنها بذاتها حريصة على الإرتقاء بحقوق الإنسان في كافة أرجاء العالم”. “خرافات” وكان الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية قد طالب السلطات الفدرالية السويسرية باتخاذ موقف صارم مما حدث، رافضا الاتهامات الموجهة للسيد شتاينر من أنه اخل بالنظام العام، وجدد وصفه يوم الثلاثاء تلك التهم بأنها مجرد “خرافات”. وترى منظمة العفو الدولية أن الأسباب الحقيقية تكمن في أن السيد إيف شتاينر يحمل جنسية سويسرية، وفي مشاركته في قمة مجتمع المعلومات بتونس في شهر نوفمبر 2005. وحسب شهود عيان، كان إيف شتاينر قد تطرق علانية قبل توقيفه من قبل البوليس، للخطاب الذي ألقاه الرئيس السويسري سامويل شميت أثناء قمة مجتمع المعلومات في العاصمة التونسية (يوم 16 نوفمبر 2005)، وهو الخطاب الذي فرضت عليه وسائل الإعلام الرسمية التونسية رقابة في حينها. وكان رئيس الكنفدرالية حينها قد طالب فيه تونس باحترام حرية التعبير. سجل غير مشرف تعتبر تونس، حسب تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2006 (صدر يوم 23 مايو) من بين الدول التي لها سجل غير مشرف في مجال حقوق الإنسان. إذ أشارت المنظمة التي تتخذ من لندن مقرا لها إلى أن “مئات من السجناء السياسيين، وبعضهم من سجناء الرأي، يرزحون في السجون، وما برح كثير منهم محتجزين منذ ما يزيد على 10 سنوات”. كما أفاد التقرير أن “أشخاصا بالإمكان حبسهم، ومضايقتهم لمجرد تعبيرهم بطريقة مسالمة عن آرائهم”. من جهة أخرى، أفاد محامون أن الشرطة التونسية تدخلت يوم الثلاثاء 23 مايو بالقوة لإجلاء عشرات المحامين الذين كانوا يحتجون في قصر العدالة بالعاصمة التونسية ضد تأسيس معهد تكوين يرون أنه يمس باستقلالية مهنتهم. وأشارت نفس المصادر الى أن اثنين من بينهم نقلا الى المستشفى. سويس انفو مع الوكالات (المصدر: موقع سويس انفو بتاريخ 24 ماي 2006 )

الشرطة تحقق للمرة الثانية مع النقابي الحبيب بسباس

 

قامت الشرطة العدلية التابعة لمنطقة الأمن بباب بحر للمرة الثانية وخلال أقل من 72 ساعة باستدعاء الوجه النقابي المعروف الحبيب بسباس والذي كان قد تقلد مسؤوليات نقابية متعددة من بينها منصب الكاتب العام لجامعة البنوك لفترة ناهزت العشر سنوات ثم منصب الامين العام لاتحاد عمال المغرب العربي وقامت باستجوابه حول نشاط مرتبط ياحتفالات كان قد دعا اليها المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل يوم 1 ماي الفارط بمدينة توزر والتي شهدت احتجاجات من مئات العمال والنقابيين حول ما اعتبروه تفريطا من البيروقراطية النقابية في حقوق العمال.   وقد تم هذا الاستجواب بناء على طلب من المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل. وقد ركزت الاسئلة خصوصا على  البيانات ومن قام بكاتبتها وتوزيعها.   ويعرف الحبيب بسباس بكونه متزعم الاحتجاجات الموجودة صلب الاتحاد العام التونسي للشغل وبمعارضته الشديدة للمكتب التنفيذي الحالي.   (المصدر: مراسلة بالبريد الإلكتروني يوم 24 ماي 2006 على الساعة 15 و45 دقيقة بتوقيت وسط أوروبا)


تونس تقول إنها لا تقبل دروسا من أحد في مجال حقوق الإنسان

 

تونس (رويترز) – قالت تونس يوم الأربعاء انها لا تتلقى دروسا من أي كان في مجال حقوق الانسان بعد تعبير سويسرا عن أسفها لطرد تونس ممثلا سويسريا لمنظمة العفو الدولية يوم الاحد.   وطردت تونس يوم الاحد ايفيس ستينير بسبب ما قالت انه “اخلال بالنظام العام ومخالفة قوانينها” خلال مشاركته في أحد اجتماعات فرع منظمة العفو الدولية باحدى ضواحي العاصمة.   وعبرت برن عن أسفها لطرد ستينير وقالت انها تبقى مهتمة لما يحصل في تونس في مجال حقوق الانسان.   وأعرب مصدر من وزارة الخارجية التونسية في تصريحات نشرت يوم الاربعاء في الصحف المحلية “عن الاسف لكون سويسرا البلد ذا الحساسية المفرطة عندما يتعلق الأمر بتطبيق قوانينه سيما تجاه الاجانب يرد الفعل باسلوب غير معهود لايتوافق والاعراف الدولية لكون تونس حرصت على احترام قوانينها ولم تقبل تصرفات مخالفة من شأنها ان تعكر صفو نظامها”.   وأضاف نفس المصدر ان” تونس التي لا تتلقى دروسا من أي كان في هذا الميدان تذكر بانها بذاتها حريصة على الارتقاء بحقوق الانسان في كافة ارجاء العالم”.   ويقول دبلوماسيون ان العلاقة بين تونس وبرن تمر بتوتر غير خفي منذ دعوة الرئيس السويسري تونس خلال قمة للمعلوماتية العام الماضي لاحترام حرية التعبير واستقبالها في وقت لاحق لمعارضين تونسيين.   (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 24 ماي 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

 


 

الديمقراطي التقدمي: تكتيل الجهود في وجه الانغلاق السياسي

ندد الحزب الديمقراطي التقدمي بشدة باعمال العنف التي استهدفت المحامين معبرا عن مساندته للاعتصام الذي دعت له الهيئة الوطنية للمحامين. وحمل الحزب السلطات المسؤولية الكاملة عن المضاعفات الخطيرة لسياسة الانغلاق التي تتوخاها تجاه المحامين والحقوقيين والمدرسين والقضاة والصحفيين وسائر قوى المجتمع المدني.   ودعا إلى فتح حوار وطني حول مشاغل المجتمع مع هيئاته الممثلة بدلا عن مواجهتهم بالمنع والقمع وانتهاك الحقوق. كما دعا الاحزاب الديمقراطية والجمعيات المستقلة وكافة الهيئات الممثلة للمجتمع المدني إلى التشاور وتكتيل الجهود في وجه الانغلاق السياسي ودفاعا عن مصالح المجتمع.    وكان عددا من المحامين المعتصمين تعرضوا للضرب وقد نقل الاستاذان عبد الرزاق الكيلاني عضو مجلس الهيئة والعياشي الهمامي إلى المستشفى في حالة إغماء.   (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 360 بتاريخ 20 ماي 2006)


 

عميد المحامين الوزارة لا تريد الحوار ونضالنا المشروع سيتواصل

 

  يواصل عشرات المحامين اعتصاما مفتوحا منذ الثلاثاء 9 ماي الجاري بعد مصادقة مجلس النواب على قانون المعهد الأعلى للمحاماة الذي ترفضه الهيئة بصيغته الحالية. وفيما يُضرب حصار أمني حول دار المحامي مكان الاعتصام عقد السيد بشير التكاري وزير العدل ندوة صحفية أنحى فيها باللائمة على الهيئة وأكد أن قانون المعهد جاء لتوحيد المدخل وليس لإغراق المهنة. كما نفى وزير العدل أي اعتداءات على المحامين. وبخصوص التغطية الاجتماعية أكد أن النظام الأنسب هو نظام غير الأجراء أي نظام المستقلين ولكن الهيئة الوطنية للمحامين تطالب بصندوق خاص ومستقل. حول هذه القضايا وأفق العلاقة مع وزارة العدل كان لنا الحوار التالي مع عميد المحامين الأستاذ عبد الستار بن موسى.   ماهي آخر التطورات فيما يخصّ قرار الهيئة بتنظيم اعتصام مفتوح احتجاجا على قانون المعهد الأعلى للمحاماة؟   يتواصل الاعتصام مع تزايد الالتفاف حول الهيئة ومزيد من المساندات التي تصلنا من جميع أنحاء العالم. وفي نفس الوقت تتكثف المضايقات على الزملاء ومحاصرة مكان الاعتصام. وقد اجتمع مجلس الهيئة يوم السبت 13 ماي الماضي وأصدر بيانا ندد فيه بالحصار الأمني المفروض على دار المحامي وبالاستفزازات المتكررة والصادرة عن أعوان الأمن تجاه المحامين. و وصل الأمر إلى حدّ الاعتداء على عديد الزملاء (الأساتذة عبد الرزاق الكيلاني وشوقي الطبيب عضوا مجلس الهيئة والعياشي الهمامي وعبد الرؤوف العيادي وليلى بن دبّة وغيرهم) في الطريق العام وبحضور ومعاينة العديد من المحامين الذين أمضوا على شكاية قصد سماعهم كشهود إثبات.   ولكن السيد وزير العدل نفى هذه الاعتداءات وقال ” أن تعنيف أي شخص لا يكون إلا عندما يتقدم بشكوى ويثبت انه تعرض للعنف وهذا الأمر لم يثبت من الناحية القانونية”؟   خلافا لما لاحظه السيد وزير العدل خلال ندوة صحفية قامت بتغطيتها كل الصحف خلافا لندواتنا الصحفية التي تتعرض للتعتيم الكامل، فإن هناك شكاية جزائية رفعها المتضررون إلى وكالة الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس مع شهود وإثباتات مادية. مع العلم أن وكالة الجمهورية رفضت سابقا تسجيل بعض الشكايات من هذا النوع.   وزارة العدل قللت من نجاح الاعتصام إذ قال الوزير أن عدد المحتجين أقل من عدد أعضاء الهيئة؟   لسنا ندري ماهي المصادر التي اعتمدها السيد وزير العدل لقول ذلك فالاعتصام يشهد عددا متزايدا من المحامين المعتصمين والمساندين لهم، مع العلم أن قوات الأمن اتخذت جميع الاحتياطات لمنع المحامين من إدخال لوازم الإقامة إلى مكان الاعتصام من طعام وأغطية مهما خف وزنها. بالإضافة إلى هذا فإن مجلس الهيئة قرر الاعتصام وأصدر بيانات في تفعيله وتنظيمه ويشرف يوميا على الأقل عضوان من أعضاء المجلس على فعالياته. ومجلس الهيئة هو المنتخب ديمقراطيا وهو الذي يعبّر عن إرادة المحامين وهو المعبر عن مشاغلهم. كما أن أعضاء الهيئة بصدد التنقل إلى مختلف الجهات لعقد اجتماعات تحسيسية واعتصامات قصد إنجاح اليوم التضامني المقرر ليوم 23 ماي 2006. وعلى سبيل الذكر فمحكمتا الاستئناف بكل من مدنين وقابس شهدتا يوم الاثنين 16 ماي اجتماعات حاشدة حضرها جلّ الزملاء وعبروا عن تضامنهم مع الهيئة ومساندتهم لمطالبها المشروعة وعلى رأسها إعادة النظر في قانون المعهد الأعلى للمحاماة في شكل مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية وخاضع للسلطة التنفيذية ومهمّش للهيئة تهميشا كاملا.   نفهم من كلامك أن تحركاتكم الاحتجاجية ستتواصل ؟   نحن لسنا مع التصعيد المجاني وإن كنّا نأمل في حوار مبدئي وبنّاء إذ اتضح أن الوزارة انتهجت حوارا صوريا. وفي انتظار أن يكون الحوار مع السلطة التنفيذية جديّا ونزيها بعيدا عن المغالطات فالمحامون سيواصلون نضالهم السلمي من أجل تحقيق مطالبهم بكلّ الوسائل المشروعة.   جاء في الندوة الصحفية التي عقدها الوزير أن اللجنة المشتركة هي التي تولت الموافقة على مشروع المعهد فما هو تعليقكم؟   حصل اتفاق صلب اللجنة المشتركة على مدّة الدراسة بسداسيتين وعلى مناظرة وطنية واحدة على مرحلتين الأولى مخصصة لحاملي الإجازة في الحقوق والثانية للناجحين في المرحلة الاولى وحاملي شهادة الدراسة العليا أو الماجستير. وأعمال اللجنة موثقة وما على السيد الوزير إلا إشهارها، علما بأن ممثلي الهيئة، كما لاحظ السيد الوزير، رفضا أن يكون المعهد مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية وهنا بيت القصيد باعتبار أنّ مثل هذه المؤسسة تفقد المهنة كلّ استقلالية وهو ما تريده الوزارة وتسعى إليه.   مازال يتردد أن الهيئة الوطنية للمحامين ضمنت مشروعها للمعهد مبدأ التمويل الأجنبي فما هي حقيقة الأمر؟   هذا غير صحيح بالمرة والقانون الذي صاغته الهيئة وسلمناه للوزارة يثبت ذلك ( سلمنا العميد نسخة منه) فهو لا يحتوي إلا على إشارة إلى إمكانية تمتع الطلبة بمنح في إطار التعاون مع نقابات المحامين. وهذا اللمز بقبول التمويل الأجنبي وبأننا نضرب الاستقلالية تستعمله الوزارة كحصان طروادة في محاولة للمس من سمعتنا. وما أؤكد عليه أن الهيئة الوطنية للمحامين لها ثوابت وطنية لا يستطيع أحد التشكيك فيها، وهي ترفض التمويل الأجنبي. بل إني أقول أن الدولة التي تريد المحافظة على استقلالها عليها أن ترفض التمويل الأجنبي حتى لا تقع في التبعية، علما ان حكومتنا أبرمت اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي ستتسلّم بموجبه 35 مليارا لتطوير مرفق القضاء بجميع مكوناته. وقد طالبنا في هذا الإطار بتمكيننا من 3 مليارات من هذا المبلغ لإنفاقها على المعهد الأعلى للمحاماة.   في ما يخص التغطية الاجتماعية للمحامين أكد السيد وزير العدل على أن النظام الأنسب هو نظام غير الأجراء و قال أن الفرصة متاحة للهيئة لمزيد التعمق فيه؟   في هذا الباب أشير إلى أن جريدة الصباح نقلت عن الندوة الصحفية المذكور أن 8 أعضاء من الهيئة من جملة 14 وافقوا على القانون الخاص بالتغطية الاجتماعية وإنى أتساءل كعميد ومداولات مجلسنا سريّة كيف بلغت هذه الأخبار المغلوطة إلى السيد الوزير ليرددها في ندوة صحفية؟ مع الإشارة إلى أن دفتر مداولات مجلس الهيئة ينبئ بغير ذلك ويمكن أن نمكن وسائل الإعلام من الاطلاع عليه. فقد وافق الحاضرون بالإجماع على تغطية اجتماعية في إطار صندوق خاص ومستقل ونحن متمسكون بذلك. أما اللجنة المشتركة الخاصة بالتغطية الاجتماعية التي حضرها عضوان من مجلس الهيئة فهي لم تبلور تصورات بل خاضت نقاشات فقط. ولم يعبر ممثلا الهيئة بتلك اللجنة عن موافقتهما على التصور الذي تتحدث عنه الوزارة.   أجرى الحوار محمد فوراتي   (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 360 بتاريخ 20 ماي 2006)

 


 

السلطة الشمولية أمام تحدي استقلال القضاء:

تونس ومصر نموذجا

معركة استقلال القضاء في الوطن العربي عامة هي البوابة الحقيقية للحداثة والإصلاح، حسب رأي الناشط في مجال حقوق الإنسان المختار اليحياوي. يعتصم القضاة في مصر بنادي القضاة بالقاهرة كآخر شكل من أشكال الاحتجاج، كما يعتصم المحامون بدار المحاماة بتونس بعد أن تجاوزت السلطة كل الحدود في عدم إقامة أي اعتبار لشأنهم. لقد تنامى دور السلطة القضائية في البلدين بعد انحسار الأمل في قيام سلطة تشريعية حقيقية، حسب رأي المحامي والناشط في مجال حقوق الإنسان المختار اليحياوي. في الوقت الذي يعتصم فيه القضاة في مصر بنادي القضاة بالقاهرة كآخر شكل من أشكال الاحتجاج المتبقية لهم للفت النظر إلى ما يتهدد وجودهم، يعتصم المحامون بدار المحاماة بتونس بعد أن تجاوزت السلطة كل الحدود في عدم إقامة أي اعتبار لشأنهم. والملفت للنظر ليس هذا التزامن في حد ذاته ولكن ما يمثله نادي القضاة في مصر والهيئة الوطنية للمحامين من علامات منيرة في عصر الهوان الشامل الذي يمر به كل من بلديهما. فالمؤسستان تختزنان تاريخا حافلا بدأ قبل بداية الدولة الوطنية نفسها وعاصرا حكم الإطلاق في عهد الملوك وصمدا في وجه الاستعمار واستطاعا أن يحافظا على كيانيهما على مدى أكثر من نصف قرن من غوغائية وتقلبات المستبدين في عهد الاستقلال دون أن يمنعهم ذلك من نحت الصورة المهيبة التي يحضون بها اليوم في بلديهما. فما الذي حصل اليوم حتى يضرب عليهم مثل هذا الحصار ولماذا هذه الأعداد الضخمة من فيالق الأمن المدججين بالسلاح التي ترابط ليلا نهارا على كل المنافذ المؤدية لمقرات اعتصامهم ولماذا ينتشر رجال المخابرات والبوليس السري في كل مكان حولهم ولماذا يترك كبار المسؤولين الأمنيين مشاغلهم ويقضون الأيام والليالي على قارعة الطريق أمامهم وماذا يراقبون؟ إحباط القضاة الغريب في ما يحصل ليس ما تؤشر إليه هذه الحالة من تجاذب مشروع بين السلطات وتنازع عن الاختصاصات والصلاحيات، ولكن الغريب حقا أن يجد رجال القانون من قضاة ومحامين أنفسهم في مواجهة فيالق البوليس والمخابرات فيسحلون ويضربون ويهانون بمقتضى التعليمات وتطبق عليهم إجراءات الطوارئ ومكافحة الإرهاب. فلا يجد القاضي الذي كرس حياته لإنصاف المظلومين من يدافع عليه في محاكمته ولا يجد المحامي الذي نذر حياته للدفاع عن المضطهدين من ينظر في قضيته. الحقيقة أن الصورة واضحة ولا تحتاج حتى إلى مجرد تعليق. بل أنها صورة فاضحة لانقلاب الموازين وتكشف مواجهة سلطة العنف لحكم القانون. يقول د. حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة: “إن الدور الذي يلعبه نادي القضاة على المسرح السياسي في مصر الآن رغم إرادته يشبه إلى حد كبير الدور الذي لعبه نادي الضباط في حياة مصر السياسية قبيل اندلاع ثورة 1952.” وفي تونس لا يقل الموقع الذي تحتله المحاماة اليوم عن دورها في أحلك الفترات التي مرت على هذه البلاد في عصر الاستعمار حيث أنجبت أغلب رجال دولة الاستقلال بعد أن تبوؤوا مقدمة النضال ضد الاستعمار. الأحداث الجارية في مصر هذه الأيام بالغة الدلالة على عمق التحول في طبيعة الصراع على السلطة هناك، حيث اضطر الرئيس حسني مبارك إلى تقديم القاضيين مكي وبسطويسي إلى المحاكة التأديبية على خلفية تصريحاتهما بخصوص عمليات التزوير التي شهدتها الانتخابات التشريعية الأخيرة التي أشرفا على مراقبتها. وعوض أن ترهب هذه المحاكمة القضاة في مصر زادت من حدة المواجهة القائمة بينهم وبين السلطة حول مطلبهم المزمن في إصدار التشريعات اللازمة لضمان استقلال السلطة القضائية عن بقية السلطات باعتباره الضمانة الوحيدة الكفيلة بتحصينهم من مثل هذه المحاكمات وتمكينهم من القيام بدورهم بعيدا عن كل الضغوط و التهديدات. موقف القضاة التونسيين وبينما يتواصل الاعتصام الذي قرره نادي القضاة بناديهم للأسبوع الرابع على التوالي كشفت الولايات المتحدة خبر الزيارة غير المعلنة التي كان يجريها جمال نجل الرئيس حسني مبارك هناك ومقابلته للرئيس الأمريكي جورج بوش وكبار مسؤولي الحكومة الأمريكية وهو الذي لا يحمل أي صفة تخوله تمثيل السلطة الرسمية المصرية مما أعاد قضية التوريث إلى واجهة الاهتمامات. تبدو هذه الخلفية التي تتفاعل من خلالها الحالة المصرية شبيهة إلى حد التطابق مع تفاعلات الأوضاع في الحالة التونسية حيث يتواصل في نفس الوقت الاعتصام الذي دعت إليه الهيئة الوطنية للمحامين بدار المحامي المواجهة لقصر العدالة بتونس احتجاجا على تشريع يهدد كيانهم بعد أن قامت السلطة بإحكام قبضتها على القضاة بافتكاك مقر جمعية القضاة التونسيين وسلمته لهيئة شكلية من أنصارها إثر تصاعد الاحتجاجات بين القضاة للمطالبة بإصدار التشريعات اللازمة لضمان استقلال السلطة القضائية عن بقية السلطات باعتباره الضمانة الوحيدة الكفيلة بتحصينهم من كل الضغوط والتهديدات و تمكينهم من التفرغ بكل استقلالية للقيام بدورهم. لقد تنامى دور السلطة القضائية في البلدين بعد انحسار الأمل في قيام سلطة تشريعية حقيقية وتحول برلمانات البلدين لمجرد غرف تسجيل لما تمليه عليها السلطة التنفيذية التي لم تعد تخفي طابعها الاستبدادي ونزعتها الشمولية. ومع أن حكام البلدين يخصصان خمس أعضاء البرلمان للمعارضة للتباهي بمظهر التعددية أمام الضغوط الغربية فإن التعامل مع المعارضة يتم أساسا بطريقة أمنية تمنعها فعليا من كل مشاركة فعلية في الحياة السياسية. فنواب المعارضة في البرلمان المصري جلهم مستقلون وينتمون لحركة الإخوان المسلمين المحظورة بينما عجزت بقية الأحزاب المسموح لها بالتواجد بصفة قانونية عن الظفر بأي تمثيلية ذات اعتبار. تنازلات المعارضة التقليدية وفي تونس يخصص خمس أعضاء البرلمان للمعارضة بحكم القانون رغم أنها لا تتجاوز في مجموع الأصوات التي تتحصل عليها جميعا الخمسة بالمائة من مجموع أصوات الناخبين وتمكن الطريقة التي تجرى بها السلطة عملية الانتخاب من اختيارها أيضا للنواب المحسوبين على المعارضة من بين أعضاء الأحزاب الأقرب إليها. و قد تأكد تآكل المعارضة التقليدية وإهتراء إشعاعها بفعل التنازلات للتلاؤم مع منظومة الاستبداد الماسكة للسلطة في كلا البلدين بمناسبة طرح قضية التجديد للرئيسين حسني مبارك وزين العابدين بن علي في الفترة الأخيرة الماضية بعد استيفائها للمدة التي يخولها لهما الدستور. فالرجلان من خريجي المؤسسة العسكرية وحصلا على موقعهما السياسي بفضل الخدمات الأمنية التي قدماها لسلفهما ووجدا نفسيهما فجأة وفي ظروف استثنائية في موقع القرار فمارسا السلطة بالطريقة الوحيدة التي يتقنانها مدفوعين إلى ذلك بأوضاع لم تخلو من التقلبات زادت في تركيز سلطة القرار بين يديهما. وقد أفقدتها هذه الوضعية ثقة الطبقات الشعبية التي تمثل أغلب السكان حتى أصبحت لا ترى فيها سوى صنوا للحكم لا كأدوات تغييره وفضلت الإنسحاب من كل مشاركة سياسية إن لم تغذ الأمل في صدق وطهارة المحسوبين على التيارات الدينية. اليوم بعد أن تجاوز الرئيسان سن السبعين وأصبحا يرمزان للحكم مدى الحياة وانكسرت مقومات بقية السلطات تحت وطأة السلطة الأمنية الوحيدة القائمة حاليا في مصر وتونس والطاغية على كل المجالات لا يبدو أن الوضع مؤهل لإفراز أداة تحول ذات مصداقية ما لم ترفع حالة الترهيب المتبعة في مواجهة أبسط الاحتجاجات. وتبرز هذه الحالة انفصام في علاقة المنظومة السياسية بالمجتمع في كلا البلدين في وقت هما في أشد الحاجة فيه إلى نخب سياسية ناضجة تحمل رؤى قادرة على مواجهة تحدي التحول إلى أنظمة حكم ديمقراطية غبنت دونها تطلعات مجتمعاتها. ولا شك أن مشاهد الاستعراض المفرط للقوة من قبيل ما يحصل أمام نادي القضاة في مصر أو دار المحاماة في تونس لن يزيد المناضلين إلا إصرارا على عدالة مطالبهم ولكنه لن يسمح حتما بخلق المناخ اللازم لإرساء ثقافة الحوار والتسامح الكفيلة وحدها بإنضاج النخب السياسية الضرورية لتجاوز المرحلة الحالية. ولعل هذه الأوضاع هي التي تحمل الحقوقيين من قضاة ومحامين في تونس ومصر اليوم المسؤولية التاريخية في بناء قواعد مرجعية للعبة السياسية، وهي قواعد لا يمكن أن يكون لها تأثير ما لم تتلازم مع إعلاء حكم القانون. معركة استقلال القضاء في الوطن العربي عامة هي البوابة الحقيقية للحداثة والإصلاح لأنها المعركة التي ستربطنا بصفة عضوية بفضاء الحرية وهي صميم الإصلاح ولبه الذي ينتظر دعمه في المرحلة الحالية و يجعل مستقبل الأوضاع في البلدين رهين التعامل مع هذه القضية. إذ كيف يستوي الحال و العود أعوج؟ أليس العدل أساس العمران؟ المختار اليحياوي
حقوق الطبع قنطرة 2006 المختار اليحياوي،قاضي تونسي، أحيل من منصبه كقاضي في ديسمبر/كانون الأول 2001 بعدما دعا، في رسالة مفتوحة وجهها إلى الرئيس بن علي، إلى احترام المبدأ الدستوري لاستقلالية القضاء، اليحياوي مدير المركز التونسي لاستقلال القضاء.  

(المصدر: موقع قنطرة الألماني بتاريخ 24 ماي 2006)

وصلة الموضوع:http://www.qantara.de/webcom/show_article.php/_c-492/_nr-392/i.html


في تونس : فرسان الحرية يبحثون عن الحرية

 

ربما يكون رد عصابة النهب والفساد في تونس حول الجدل الدائر بمناسبة إنتخاب تونس ضمن لجنة الحريات في المنظمة الاممية قبل أسبوعين هو خير رد من ضمن عشرات السجالات بين مؤيد ومعارض . وليس ذلك سوى لكون تلك العصابة لفرط ضيقها بالحرية من أي إناء أينعت عمدت إلى إرتكاب أكبر فضيحتين حقوقيتين أسبوعا واحدا بعد إنتخابها : أولهما طرد السيد ” إيفيس شتاينر ” مندوب منظمة العفو الدولية بسويسرا الذي طرد شر طردة من تونس يوم 21 مايو الجاري بسبب حضوره الجلسة العامة لفرع تونس لذات المنظمة إذ إعتقل الرجل داخل الجلسة بنزل ” أميلكار ” بتونس العاصمة من لدن كلاب العصابة وذئابها القذرة تماما كما تعتقل السباع المفترسة طريدة أضناها الكدح  في آخر رمق من حياتها . وثاني تلك الفضائح المدوية هي حلقات التدمير التي يتعرض لها المحامون  في إثر رفضهم لقانون جائر يستهدف مهنتهم الشريفة وهي حلقات متسارعة على مدى عشرة أيام كاملة حتى تاريخ كتابة هذه السطور تتكون من وجبات دسمة جدا من التعذيب اليومي ضربا مبرحا وركلا مما أدى إلى إصابات جسدية بليغة ضد عدد منهم إضطروا إلى ملازمة المستشفى من مثل الاستاذ سمير ديلو . وذلك رغم توخيهم  الاساليب السلمية في المطالبة بحقهم الذي يضمنه لهم القانون ومن أدرى بالقانون منهم ؟
أجل . كان ذلك أبلغ رد على السجال الدائر قبل أسبوعين في إثر إنتخاب تونس في اللجنة الاممية لحقوق الانسان : ردا عمليا بليغا يجعل كل من دافع عن عصابة السلب والتصهين في تونس يموت خجلا إن كان في القلب حبة خردل من حياء . وكفى الله معارضي تلك العصابة المفسدة خير الجهاد وخير القتال .  

في تونس : حركة المجتمع الثائر في طور جديد بكل المقاييس والموازين

شنفت آذاننا طويلا على مدى عقود آسنة من كر الليل والنهار بكون المعارضين ليسوا سوى حفنة صغيرة ممن باعوا ضمائرهم للشيطان أو للسعودية وإيران وموسكو وهافانا أو للناصرية …
لما كانت الحملات البوليسية الشرسة تكر ليل نهار على مدى عقدين كاملين ضد الاسلاميين دون هوادة ظن بعض الناس كما ظن محمد الصياح يوم قال عام 1980 ” تونس بخير لولا الفئات الضالة ” ثم ما لبثت الايام وهي تترى حبلى أن أكدت للناس أجمعين بأن المعارضة الاسلامية لسلطان بورقيبة ثم لخلفه المجبوب ليست معارضة من أجل تحسين أوضاع الدين أو ترميم مؤسساته أو كف العدوان عن شعائره وشرائعه فحسب بل هي بالاساس معارضة سياسية حضارية شاملة عنوانها الاكبر : تحرير المجتمع من تغول الدولة تحريرا سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا وثقافيا شاملا عبر أداة الديمقراطية .
اليوم إختلف الوضع تماما حيث إلتحقت كل طوائف المجتمع المدني بكل ألوانها الفكرية والسياسية بحبل المعارضة وليس سوى من الانصاف بأن نقول بأن حركة 18 أكتوبر هي الوليد الشرعي الاصيل لذلك التراكم الطويل من تجارب الاقتراب والابتعاد عن الدولة التي إبتلعها الحزب الواحد بالكلية وسخرها لخدمة الزعيم الاله وآله وحاشيته  .
لقد ثبت الاسلاميون على أرض الواقع مقولة كون النظام الحاكم عصابة نهب وتصهين يدير الجريمة ضد البلاد هوية عربية إسلامية وعدلا إقتصاديا وإجتماعيا وحرية سياسية وشخصية وإنحيازا للمحتل الغاشم في فلسطين. وبذا فإن المدخل إلى التغيير يكون عبر المجتمع سيما قواه الحية أما فتات موائد السلطان فلا تسمن ولا تغني من جوع . وبذا يكون الاعتراف من المجتمع بالدولة وليس العكس وتكون الشرعية شعبية إجتماعية وليس عبر تفاهمات القصور وصفقات العروش .  

في تونس : إذا تخضبت الجلابيب السوداء الداكنة بالدماء الحمراء القانية فإنتظر الساعة

ساعة الحتف لعصابة النهب في تونس تسطرها الاقدار يوما بعد يوم فما بين طرفة عين وأخرى يهجم عليك مشهد النعش مسجى كما هجم عليك الشيب يخضب ذقنك وأنت في غفلة سادرا .
اليوم تخضبت الجلابيب السوداء لفرسان الحرية في تونس بالدم الاحمر القاني وهم في حالة إعتصام في القصور المشيدة أملا في ترجمة شعار البلاد إلى حقيقة معيشة فلا يمر يوم واحد حتى يضيق البحر منداحا على مد البصر بسفينة الحرية وتنخرم كفتي الميزان لتقر الظالم على ظلمه وتقتل الضعيف الفقير كمدا ويهوي الاسد المشرف على شعار بلادي بعصاه الغليظة ضربا مبرحا على كل من يقول ” لا ” ولو همسا أو حلما في أضغاث الرؤى .
آخر صرح في تونس يمكن أن يهدم قبل إشتعال نار الثورة على غرار ثورة جانفي 1984 هو صرح المحاماة . ذلك الصرح المدجج برجال يحمون هيبة القضاء العادل ينصرون الفقير ويذبون عن الضعيف ويسندون الموجوء
. الهجوم على المحامين هو هجوم على القضاة وهدم لحصن المجتمع : العدل بين الناس .
إذا كان يسيرا على سلطان البغي في تونس أن دجن السلطة التشريعية تدجينا سريعا وعجيبا فإن إستقلال سلطان القضاء شرط مشروط لعدم إندلاع ثورة مائجة هائجة لا تبقي ولا تذر .
لا أحد فينا يرجو تحولا مجهولا لمجرى الامر في بلاده ولكن القلب يحدث صاحبه دوما بأن الفلك الباغي الذي رهنت له عصابة الفساد نفسها لن يزال بها حتى يوردها مهالك الردى فهي تغذ السير غذا حثيثا اليوم إلى حتفها المحتوف ملعونة أينما ثقفت . يرجو كل واحد منا أن تكون ساعة عصابة الفساد من قبيل رصاصة الرحمة تفتك دون دوي ولكن مسار الارهاب ضد فرسان الحرية المغاوير الاشاوس ينبئ بمصير أشد خذلانا .  

في تونس : أحفاد العميد شقرون وزملاء المرحوم الهيلة يكتبون شهادة وفاة العصابة

تحيط بالانسان أحيانا مشاهد فوق درب حياته المزروعة أشواكا مكلبة لا تنفك عنها ذاكرة بل تظل حية متوقدة يبرق سناها كأنها لم تزل مخالفة قول الشاعر :
                         كأن شيئا لم يكن إذا مضى ـــ وكأن شيئا لم يزل إذا أتى
من تلك المشاهد : حلقة من حلقات دفاع  عميد المحامين بتونس طرا المرحوم شقرون ضد الارهاب البورقيبي في قاعة محكمة أمن الدولة المنتصبة ثأرا ضد قيادة حركة الاتجاه الاسلامي في صائفة 1987 . ليصدقني القارئ الكريم بأني نسيت ما يجري لي ولاخواني من حولي على مدى شهر كامل مقيدين بالسلاسل الثخينة وذلك لفرط التأثر بمشهد ذلك الجبل الاشم المرحوم شقرون أول عميد للمحامين في تونس المستقلة وأول وزير للعدل في دولة بورقيبة . بهرني المشهد : شيخ طاعن في السن يكاد يعافس أرذل العمر يتصدر أبناءه فرسان الحرية منافحا عن ثلة من الشباب بلسان المتبني لكل ما فعلوا وقالوا وإفتروا وخططوا  لا يهاب صولة المحكمة ولا هيبة من يقف وراءها يثبتها ويحثها على قطع الرقاب لتضع الحرب أوزارها .
وبذات القوة سن المرحوم عبد الرحمان الهيلة أسيافه متوشحا خطابا عربيا قحا لذيذا يحكي نشوات ثملى للجرجاني والرافعي والمسعدي فكان رئيس المحكمة يحملق مشدوها لا يكنه من خطاب المرحوم شيئا ويكاد يسأله عن اللغة الاجنبية التي يستخدمها في مرافعته في حين كانت القاعة تعج بالضحك العالي من حين لاخر كلما إستخدم المرحوم الهيلة كلمة إستغلقت على الحمر الذين جئ بهم أتياسا محللين في ليلة دهماء إحلولك دجاها ثم تنفس صبحها وإنفلق ضحاها .
بالامس كتب المرحومان شقرون والهيلة شهادة وفاة البغي البورقيبي في محكمة أمن الدولة واليوم يكتب العميد عبد الستار بن موسى ومن معه من خارج السجن و من داخل السجن ذات الشهادة لخليفة بورقيبة الشقي . محكمة اليوم إسمها : محكمة أمن المجتمع .
قانون إجتماعي حاكم صارم ماض مطرد لا يتخلف : وتلك الايام نداولها بين الناس .   الهادي بريك ـ ألمانيا
 

تعقيب أوّلي على بيان

 
 كتبه عبدالحميد العدّاسي

بلغني عبر البريد الإلكتروني بيان مؤرّخ بتاريخ 30 مايو 2006، لا شكّ أنّه سيكون محلّ حديث يُعيد إلى ساحة الإسلاميين جدالا أمِروا باجتنابه. ولئن كان الموضوع سياسيا لا أستطيع ركوب أمواجه، فقد رأيت الوقوف عند بعض المعاني التي قد تغفلها الأنا إذا تعاظمت لدى صاحبها فأقول:   – لست مقتنعا بأنّ الذين سُرّحوا من بين إخواننا الرّهائن، لدى سلطة التغيير، كانت استجابة لمبادرة أو لنداء لمجموعة أو لفرد، والشواهد على ذلك كثيرة لا يُخطئها إلاّ مصرّ على سماع حديث نفسه، بل كانت العمليّة بحثا عن مصلحة آنية ومناسباتية جناها النظام في ذلك الظرف أو في تلك الآونة. – لم يكن من الخَلق أجمعين من اهتمّ بقضيّة المساجين اهتمام أبناء الحركة ( حركة النهضة ) بهم سواء على المستوى القيادي أو على المستوى الفردي ولذلك فلا مجال للمزايدات المحرجة. –  منذ عام تنقصه بعض الأيّام، كانت الحركة في قيادتها التقليدية بالخارج قد مدّت أيديها بلا شروط إلى صاحب التغيير والمغيّرين طلبا لطيّ صفحة الماضي، غير أنّ ذلك لم يغيّر من الأمر شيء، ممّا يؤكّد بأنّ الإتّكاء على فكرة تعنّت أو تصلّب أبناء النهضة قد لا يسعف كثيرا المتّكئين عليها. –  أعتقد جازما – وهذا الكلام معاد – أنّ الوحيد الذي يمكنه حلّ هذه القضيّة هو صاحب التغيير، فهو المسؤول الأوّل والآخر، وإن تحدّث البعض عن محدودية إلمامه بالشأن الآن، عمّا يجري بالبلاد. كما أعتقد بأنّ كرهه للإسلاميين هو الذي منعه من مدّ يده إليهم، وليس كما يريد البعض إقناعنا بأنّ تنطّعا منّا أو عنادا فينا هو الذي منع الرّهائن من تنشّق الهواء. – أتصوّر أنّه من المنطق ألاّ تكون العودة إلاّ بعد تسريح كلّ المساجين، فلنوحّد الجهد إذن في هذا المساق ولا نتلهّى بكذبة صنعها فاسد وسهر على إيصالها إلينا مفسد لا يرقب فينا إلاّ ولا ذمّة. – القبول بالأمر الواقع لا يكون في كلّ الحالات واقعيّا، وإلاّ لكانت قبلت حماس مثلا بالإعتراف السريع بالكيان الصهيوني ( قد يجبرها السماسرة العرب على ذلك في المستقبل لا قدّر الله )، ولوجب القبول كذلك بالظلم المسلّط علينا والفساد المستشري فينا والأمراض الإجتماعية النّاخرة لمجتمعنا، دون أن تحرّك ساكنا…لا، الأمر ليس كذلك…هذا على الأقلّ ما أراد أن يعلّمنا إيّاه مناضلونا بالداخل من خلال إضراباتهم وجوعهم وموتهم والتّشوّهات التي أحدثها المغيّرون فيهم!.. – لهفي على إخوة أحبّة يستعملون نفس المفردات التي استعملها أعداء الحريّة في البلاد، يتملّقون بها ظالم كاسر لا يزيد بسماعها إلاّ إصرارا على إذلال النّاس وتجنّب الإحسان إليهم…                      


” اتصالات تونس ” لا تعترف بحقوق المواطنة.. و لا تحمي المعطيات الشخصية .. وتحرم عائلة من حق استعمال الأنترنيت؟

  في البلدان المتقدمة تكون المواطنة والحقوق المترتبة عليها هي المرجعية في تعامل المرافق العامة وتنظيم علاقاتها مع الناس. حتى مصالح تلك المرافق تكون لاحقة لتلك المرجعية ومؤسسة عليها. فهي كأجهزة أو مؤسسات تعكس القيمة الحقيقة والمرتبة التي يحتلها المواطن في بلده.
وإذا حاولنا تجسيم هذه القاعدة على تعامل عدة مرافق عامة في تونس مع المواطن نجد أن المقارنة لا تصح، لأن المرجعية تختلف تماما، إذ أن المواطنة لم ترق بعد إلى مستوى المبدأ في المفهوم العام لتلك المرافق. ليس لأن المواطنة بالمعنى السياسي أو الثقافي لم تبلغ هنا ذاك المستوى، فلم نكن في تونس نطمح منذ عقدين لأن ترتقي لما هي عليه اليوم لتصبح قيمة في الخطاب السياسي أو البعد الدستوري، أو أن تكون تونس وراء تحويل المواطنة إلى مرجعية في أدبيات القمة العربية.. وإنما لأن تلك المرافق تضرب عرض الحائط بتلك القيمة ولا تنظر للمواطن سوى كرقم في معاملاتها وأرباحها، بلا حقوق أو مصالح. وهذا مناقض للمنهج العام، وللسياق الطبيعي للتعامل لدى شعب متحضر، إن سمحت له مثل تلك المرافق بالتحضر!
و ما يدفعني لقول ذلك هو هذا السلوك الذي تنتهجه شركة ” اتصالات تونس” التي تحتكر قطاع الإتصالات وخاصة منه الهاتف القار، ومن خلال حالة قائمة تبدأ قصتها بحصول عائلة على خط هاتف منزلي دفع المعلوم المطلوب فيه، ودفعت معاليم فواتير استغلاله.. ثم فجأة، وبدون مبرر، وردت فاتورة تتضمن معلوم استهلاك مكالمات خارجية، أي مهاتفة أرقام في بلدان أخرى… واعترضت العائلة حسب الأصول الإجرائية نافية قطعيا أي علاقة لها من أي نوع بتلك الأرقام. لكن الشركة المحتكرة قطعت الخط مصرّة على استخلاص ما تعتبره عائدات لها. وتبدأ منذ أشهر رحلة لم تنته للبحث عن حل، وما يزال الوضع كما هو رغم الإتصال والتدخل، ورغم بيان الحق، حق المواطن المستهلك، من باطل الشركة التي هي خصم وحكم.
قد يقال إنه من العادي أن يقطع خط هاتف لم تدفع معاليم استهلاكه.. لكن ذلك تبسيط للأمر، لأن طبيعة الحالة، وهي واحدة من مئات، تشير إلى بواطن خطرة في التعامل وفي ضرب الشركة لحقوق المواطنة عرض الحائط في تونس.
فأن يصرّ مواطن من جهة على رفض علمه أو تعامله أو أي صلة له مع الأرقام الهاتفية الخارجية المطعون فيها، لا بد أن يحمل موضوعيا شيئا من المصداقية التي تستوجب البحث عن حل، كما يعني أن هناك اختراقا ما لخطّه الهاتفي، وأنه لا يتمتع بحماية للمعطيات الشخصية الخاصة به في هذه الحالة، إما لأن الشركة المسدية للخدمات عاجزة عن تلك الحماية أو أنها تتغافل عنها بوجه من الوجوه. وفي كل الحالات تكون مسؤولة عن خرق فاضح منها لمبدإ دستوري.
ومن جهة أخرى فأن لا ترد الشركة على تشكيات المواطن رغم مرور أكثر من ستة أشهر على انطلاق الموضوع، وتأتي منذ أسبوعين فقط لتقول أنها ستحيله على التفقدية لبحثه هو بمثابة الضحك على ذقون كل من عرف به! بل امتد احتقارها حتى لمنظمة الدفاع عن المستهلك، وهي جمعية ذات مصلحة عمومية، فلم تكلف الشركة نفسها حتى الردّ على تدخلها إلى غاية يوم 23 ماي ومنذ حوالي ثلاثة أشهر! فهل ذلك حقا حماية لمصلحة عامة؟ أم هو حسن للتصرف؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل من حسن التصرف، بمعناه الأوسع، أن تأتي المؤسسة التي تحتكر استغلال الإتصالات في تونس، البلد الذي احتضن بنجاح القمة العالمية لمجتمع المعلومات، وتبجحت الشركة بأنها كانت المساند الرسمي لها، والبلد الذي يحتضن المنظمة العربية لتكنولوجيات الإتصال، لتمنع عائلة من حقها في استغلال الأنترنيت؟
نعم عائلة كاملة، أحدها صحافي، وإثنان متخصصان في المعلوماتية، وثالث في المراحل الأولى من تعلمها… وكلهم في أمسّ الحاجة لها…  تمنعهم ” اتصالات تونس ” عنوة وبدون وجه حق من استغلال السعة العالية للأنترنيت ADSL ؟ أهذا هو حسن التصرف؟ أم تريد الشركة أن نضرب لها مثلا في ذلك، تعقيبا على قول من قال في الموضوع إنه يدافع عن مصالح الشركة.. وأية مصالح! إن مؤسسة ما، نشرت إعلانا للبحث عن شاحنة صغيرة لنقل تجهيزات خاصة بها، وهي التي تملك عشرات الشاحنات الصغيرة! فأيها أقل كلفة، هل هو الإذن لسائق من سواقها بفعل ذلك، أم تحمل كلفة الإشهار بمئات الدنانير، وكلفته الإدارية، ثم كلفة فتح المناقصة وقيمة التسويغ والتي هي بمئات أخرى؟
وهكذا لا نجد أن المواطنة تشكل مرجعية في تعامل ” اتصالات تونس” مع المواطن المستهلك، فلا تلقي له بالا ولا تعير حقوقه ومصالحه أية أهمية، متسترة وراء تحكمها في القطاع بما لا يجعل للمواطن أي مهرب… ولا ملجإ..
فهل ستكون لهذه العائلة حقوق لدى تلك الشركة؟ أم أنها ستنتظر إلى أن تتنازل “الإتصالات” من عليائها لتمنّ عليها وتعتبر أفرادها كمواطنين ؟   محمد بوسنينة  صحافي تونسي

 

في تعليق على ما كتب الأستاذ محمد بن صالح في مجلة حقائق عدد 1063

“حرية الصحافة تلك الضالة المنشودة المفقودة (مع حذف الموجودة).

بقلم: ميسم الهادي

 

ترددت كثيرا قبل أن أكتب ما سأكتب وسبب ترددي بسيط ولا يستدعي الكثير من الجهد.  سبب ترددي هو أن  كاتب المقال كان يوما ما أستاذي  ولو كنت في قاعة درسه  وسمعت منه طرحه هذا لناقشته نقاش طالب لأستاذه ونقاش شاب كله تفاؤل وعزيمة لرجل استقر في خانته  ورسم النظام حدوده فأضحى محتارا بين أن يتخطاها فترفع عنه الحصانة أو يدور في فلك حرية المتر الواحد، اغتظت أن أسمع من أستاذي الرجل الصحفي ورئيس جمعية الصحفيين سابقا كلاما وطرحا “يأكل به نفسه” كما حكم على بطل رواية الجنة لصنع الله إبراهيم بأن يأكل نفسه… وثمة فرق شاسع بين هذا البطل وذاك قفزت إلى ذاكرته تلك المشاهد الصاخبة وحز في نفسه أن يرى الصحافيين متعطشين إلى الحرية …

 

يا للعجب ….. كأن أستاذي يريد من هؤلاء أن يصطفوا في طابور وينتظرون إنتظار الطفل الهادئ الرصين أن يوزعوا عليهم حصصا من الحرية في هدوء وإلا سيكونون فوضويين…. لكم كرهت أن أستمع إلى تلك المقولة الثابتة الخشبية “بخطى وئيدة ولكنها ثابتة” ، يا سيدي إذا كان قفز إلى ذهنك ما قفز فمنذ أيام كنا في ندوة لا داعي لذكر موضوعها وقفز إلى أذهاننا ما قاله بعض المحاضرين الأجانب  في نصيحة لمن يهمه الأمر ” بالأمس كان القوي يأكل الضعيف ولكن اليوم في عالم التكنولوجيات الحديثة الأسرع يأكل الأبطأ والأقل سرعة” لا ينطبق هذا على سائقي السيارات لأنهم سوف “يأكلون أنفسهم” ولكن ما العيب في أن نتقدم بسرعة نحن معك في أن الغرب وأمريكا لم تعد تمثل مرجعا في حرية  الصحافة ولا في حقوق الإنسان وقد نزلت الستائر عن كل عوراتها ولكن هذا دافع أخر لكي نسرع الخطى لنقدم الأفضل ما دام المجال مفتوحا …. ما العيب في أن يسير التقدم الإقتصادي وجنبا إلى جنب مع حرية الصحافة والحريات العامة؟ كأنك تنظم إلى من يقول أن الشعوب العربية ليست شعوبا حاضرة للديمقراطية وللحرية ولا زالت أمامها معابر إجبارية أخرى لتصل إلى ذلك الوعي وتلك أسباب واهية ابتدعها المرتزقة والأنظمة الدكتاتورية التي لم تستوعب فكرة المشاركة والتعددية ولم تتخيل طرقا أخرى لبناء مجتمع ديمقراطي  غير طرق القمع والقرارات الأحادية والدعاية الكاذبة المفضوحة.

 

كان أجدر بأستاذي أن يسأل نفسه سؤالا واحدا ولا بأس إن أوصدت الأبواب وسألته سرا هل أنت فعلا حر؟ وإذا كنت كذلك لم أضفت كلمة “الموجودة” إلى عنوانك ؟ كان أجدر أن تعنون مقالك ” الحرية ، الضالة المنشودة المفقودة” كيف إذا تتحدث عن مكاسب الإعلام التونسي وعن إنتعاشته كأنما في كثرة القنوات أو الأبواق حرية. الحرية ليست حرية العبوات وإنما حرية المحتوى، نعم ثمة بعض التقدم ولكن ذلك بمثابة السائق الذي يحكم سرعة سيارته في الثلاثين في طريق سيارة وهو تقدم متثاقل وشكلي لا يغني من جوع ولا عطش. نعم كل الظروف مؤاتية وفي نظري لا بد أن تكتمل الصورة لا كما ذهبت إليه في قولك ” بإمكان تونس أن تصبح عاصمة إعلامية عالمية” فهذا كلام تافه ومركب في حركة قطع لصق لتونس ساحة مالية عالمية أو تونس بوابة تكنولوجيات وما إلى ذلك، فالصحافة والإعلام أستاذي لا يحصر في عاصمة وأنت أعلم أن تونس لن تصبح عاصمة إعلامية إذا ما إستمر الكبت وإستمر حراس البوابات على مداخل كل نسمة حرية…..

 

الصحافة قيمة منفلتة وقد أصحح آمالك لأقول إن لدينا من الكفاءات ما يمكنه ترك بصمات على الساحة العالمية والمساهمة في رفع شأن هذا الوطن الذي نحبه جميعا والذي لأجله لا بد أن نصلح أنفسنا لا بالمغالطة  والخداع وإنما بوضع الأصابع على مواطن الألم وبالسعي إلى تقويم العود لأنه صدق من قال ” لا يستقيم الظل والعود أعوج ” ودعني أقول أخيرا أستاذي أنه لا بد أن نعمل على نقاء وتصفية الفضاء الإعلامي ولا بأس أن تنتشر عدوى الإبداع فهي العدوى الوحيدة المرحب بها والتي لا بد أن نهيأ لها المحيط. لأن صحافيينا وإعلاميينا حين رحلوا عن الوطن ووجدوا فضاءات حرة ملائمة ومشجعة على الإبداع ومحيطات خلق أبدعوا دون أن يكونوا فوضويين.

 

24 ماي 2006


 

 

تونس في 20-05-2006   بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين

  

المصداقية أساس كل محور لحقوق الإنسان ولا معنى للحياة بدون حقوق أساسية للإنسان (الحلقة الرابعة والاخيرة)

 

بقلم العروسي الهاني – مناضل دستوري   أختم اليوم الحلقة الرابعة والاخيرة لمفهوم حقوق الانسان على إثر انتخاب تونس في مجلس حقوق  الانسان الاممي. وذكرت في المقالات الثلاثة بالعناصر الاساسية الهامة التي لا تكتمل حقوق الاسنان الا وبها على شرط أن تكون حقوقا محترمة ومصانة ومهابة … بدون منة من أحد… وكما قال أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار”. واليوم أريد أن أساهم في 4 محاور أخرى .   المحور الاول حقوق المشاركة في الحياة السياسية   إن من الحقوق الاساسية المشاركة بحرية في العمل السياسي باختيار واقناع وحرية وايمان دون كراهية أو موانع. فهناك من اختار العمل الحزبي في حزب التحرير والبناء وهو اختيار هام وصائب ومفيد وله أبعاد سياسية وأخلاقية وشجاعة أدبية وصبر وتجلد ونضال طويل وشاق وشرف الانتماء ، وهناك من اختار حزبا آخر واتجاها آخر فهو حر يعمل بحرية وتلقائية دون مس بكرامته أو مضايقته أو حرمانه من حق الممارسة السياسية بأكثر حرية ونفسح له مجالات العمل والحظوط والامكانيات التي تتاح للحزب العريق حزب التحرير والبناء دون تخوين أو نعوت بعيدة عن مفهوم حقوق الانسان .   المحور الثاني أتاحة فرصة المشاركة في المجالس النيابية   من الواجب الوطني أن يساهم كل الوطنين الغيوريين والمتألقين والذين لهم الشعاع واستعداد وحماس وتعلق بخدمة المجموعة الوطنية أن تتاح لهم المشاركة الفاعلة في الترشح بحرية للمجالس النيابية مجلس النواب ومجلس المستشارين والمجالس البلدية بأكثر عدل وشمولية. ولا يمكن أن يحتكر شخص واحد المسؤولية مدى الحياة وهناك أشخاص فقط لهم حق المسؤوليات النيابية في الوقت الحاضر وبعضهم ترشح أو وقعت تزكيته بصفة أدق لعضوية مجلس النواب 3 أو 4 مرات وكأن البلاد مفتقرة للاطارات المشعة وأصحاب الكفاءة والاشعاع والروح النضالية وخدمة المجموعة … وهناك من استكمل 3 دورات في مجلس النواب ثم اتجه الى مجلس المستشارين وكأن هذه المجالس حكرا على البعض..   المحور الثالث حرية ممارسة الصحافة   إن ممارسة حق حرية الصحافة جاء به قانون مجلة الصحافة ومن الواجب تطبيق القانون الجديد الذي نقح والذي يعطي حق إصدار صحيفة دون إيداع قانوني كما كان سابقا ونقح بفضل نص جديد يقضي بالإعلام.. ولكن كثيرا ما نسمع بملاحظات تسير في الاتجاه المعاكس.. والوصل الوقتي كثيرا ما يقع عدم احترامه والعمل به.. هذا في خصوص بعث صحيفة جديدة..   أما بعث إذاعة أو قناة تلفزية فحدث ولا حرج فهذا الحق غير متوفر في الوقت الحاضر رغم طموح عدة وجوه لها شأن في مجال الإعلام والصحافة. والمغرب الشقيق  أعطى مؤخرا رخصا لبعث إذاعات جديدة في هذا المضمار وحقق الهدف وفتح الأبواب أمام أصحاب المهنة .   أما في خصوص إصدار الكتب فحدّث ولا حرج كتاب ينشر وآخر يعطل لماذا … ؟ مثل كتاب المناضل فتح الدين البودالي.   غرة جوان 2006 عيد ميلاد السنة الاولى لاتصالنا بالولاية لوضع ملف الجمعية    غرة جوان 2005 هو يوم لا ننساه و لا يمحى من الذاكرة الشعبية يذكرنا بأول اتصال حصل بولاية تونس في خصوص طلب التأشيرة للجمعية  وهو يصادف عيد غرة جوان 1955 عيد النصر وعودة القائد الزعيم الحبيب بورقيبة الى أرض الوطن حاملا لواء النصر.   هذا اليوم كان موعدا مع الولاية بتونس لتسليم ملف التأشيرة وبدون جدوى وهذا المحور التالي يبرز القصة .   المحور الرابع والاخير تكوين الجمعيات المصداقية هي الاساس   هذا المحور الهام يتطلب الشجاعة الادبية والاصداع بالحق فموضوع تكوين الجمعيات فيه مكيالين.. مكيال يسرع في الوزن لكل من يرغب في تكوين جمعية أدبية أو ثقافية والمحافظة على الطيور والنسور والقطط والمحافظة على التراث وجمعيات المياه مع معرفة دقيقة لاصحابها.. وجمعيات يطول الابحاث في شأنها وتعطل ويقع التحري ويطول الانتظار الممل..   وأروي قصة تكوين “جمعية الوفاء للمحافظة على تراث الزعيم الحبيب بورقيبة ورموز الحركة الوطنية”:   هذه الجمعية التي تقدمنا في شأن بعثها بطلب مرفوق بكل الوثائق للولاية الدائرة السياسية.. ووقعت محاولة أولى للتعطيل الذكي الذي لا يخفى على العقلاء والاذكياء …   ثم وقع في مرحلة ثانية إعادة الملف بواسطة الرسالة مضمونة الوصول وكأن عنوان الولاية غير واضح وغير معروف وهو نوع من التملص…   وأخيرا وقع الالتجاء الى رمز البلاد رئيس الدولة وتم توجيه الملف يوم 13-06-2005 إلى الرئاسة.. ثم التذكير يوم 7 جويلية 2005 .. والتذكير الثاني يوم 21-07-2005 .. بواسطة الفاكس ورسائل مضمونة الوصول..  ومنذ التاريخ ننتظر الإجابة إلى اليوم.. صمت رهيب لا ردا سلبا ولا ايجابيا …   واعتقد أن كل الرسائل لم تبلغ لصاحب الأمانة.. الرمز.. والا كيف هذا الصمت الرهيب والأمر يتعلق بتكوين جميعة تحمل اسم الزعيم الأوحد مؤسس الدولة وباني أركان الجمهورية وبطل التحرير والجلاء وتحرير المرأة، وجدت مثيلتها العناية من طرف الحكومة الفرنسية وهي الآن في أوج النشاط في باريس..   سبحان الله.. فرنسا – خصم الأمس صديق اليوم تسند الرخصة والدعم للجمعية – والوطن الام تونس تصمت.. لماذا  هذا الأمر الرهيب..   وعندما تقع الإساءة والتحامل على الزعيم بورقيبة لم يتحرك أي طرف للرد على الافتراءات سواء في منتدى التميمي أو المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية أو في الصباح والشروق ما عدا ثلاثة أشخاص دوما يردون على الافتراءات والاساءة.. وعندما نطالب بتكوين جمعية للمحافظة على تراث الزعيم نعامل بالصمت والمماطلة وإعادة الملف من الولاية وغير ذلك من الصور المخجلة المضحكة والمبكية في آن واحد..   والأمل الوحيد الآن في شخص رئيس الدولة.. رمز البلاد.. عسى أن يعطي الإذن بتكوين الجمعية.. وكما أسلفت فإن المحيط الدائر يجب أن يكون أكثر حرصا على إبلاغ الأمانة لرمز البلاد وهو الأمل كما قلت..   هذه بعض المحاور أردت إضافتها للمقالات السابقة أيام 17 و 21 ماي الجاري قال تعالى : “فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري الى الله إن الله بصير بالعباد ” صدق الله العظيم   ملاحظة : ذكرني صديقي الوفي و المخلص بأن لا جدوى بإعادة التذكير مرارا قلت له علمنا زعيمنا بطول النفس وعدم اليأس قال تعالى : “و لا تيئسوا من روح الله إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون” صدق الله العظيم.   محمد العروسي الهاني مناضل دستوري – تونس


 
 

المتطرّفون في قطاع المحاماة والطريق المسدود

الأستاذ: عبد السلام الحاج قاسم إن العبارات المتشنّجة والشعارات المتوتّرة التي ردّدها خلال فترة قصيرة أمس بعض المحامين في فضاء إحدى المؤسسات القضائية بالعاصمة لا يمكن أن تحجب واقعا أساسيا هو عدم استجابة الأغلبية السّاحقة للمحامين لمحاولة عميد الهيئة الوطنية للمحامين حشد المحامين في تجمّع «احتجاجي» فوضوي على أساس عدد من المطالب والذرائع غير الواضحة بتاتا. والسبب الأول في قلّة انخراط المحامين في هذا التجمع هو أن الداعين له ليست لهم من المطالب ما يستحق هذا القدر من الشدّ والتشنّج. أما السبب الثاني فهو استنكار الأغلبية السّاحقة من المحامين لتصرّفات أقلّية متطرّفة أصولية ويسراوية فاشلة تريد توتير الأجواء ولو استدعى الأمر اختلاق الصدامات الوهمية. وكذلك رفض الجميع تقريبا لمنطق القطيعة والطريق المسدود. وحتى وإن سلمنا بأن هناك اختلافا للرأي بين بعض المحامين وسلطة الاشراف على القطاع حول تراتيب إنشاء المعهد الأعلى للمحاماة فإنه من المعروف أن مبدأ إنشاء هذا المعهد هو محل اجماع لدى كل المحامين. الخوف كل الخوف أن تضيع الهيئة الوطنية الحالية مصالح القطاع في متاهات لا علاقة لها بالمهنة. أو أن يتوهم البعض في الهيئة أو من محرّضيهم أن الاهتمام الانتهازي الذي تبديه تجاههم بعض الفضائيات ـ المغرمة بالاثارة ـ هو أهم من الدفاع عن المصالح الحقيقية للمحامين أو انه مبرّر لمحاولة فرض الصراخ طريقة للحوار عوض التعبير المعقول والرصين عن الرأي. (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 24 ماي 2006)  


رأي مجرّد
جمال كرماوي هل تعرفون شيئا اسمه «الضجيج السياسي».. وهل تعلمون أن هناك مهنة يحترفها البعض اسمها «مضخّم صوت».. هل تساءلتم ذات صباح لماذا تصدر الصحف أصلا.. ما دُمنا نعلم ما لا تعلم!؟ كيف نفرق بين مجتمع حيّ متحرّك تعتمل فيه الأفكار وتتراشح وتتلاقح تحت خيمة الوطن وبين مجتمع لا جديد فيه وهو أقرب الى الكوما السريرية.. الحراك السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي علامة صحة ومؤشر على عنفوان البلاد وليس كما يروج لها البعض من المغالين علامة أزمة بل الأزمة في غياب الحراك حيث تنتعش الاشاعة وينتفخ الوسواس وتسري الريبة في الزوايا.. الضوء وحده يكنس الأقاويل ويشحذ ملكة التطوير لا التدمير.. والضّوء هو الاعلام.. أقول هذا وأنا أتابع ما يجري في عديد الساحات في المجتمع المدني ولأن التغطية مبتورة فإنها تصدر اشعاعات سيئة ومضرة بصورتنا.. بقدر ما هي مضرّة بالقضايا المطروحة وبمفهوم الاختلاف الجميل ليحوله الى خصومة وعناد وتلويح بالتهم.. الاختلاف من أجل التلاقي وليس من أجل التجافي.. الاختلاف يمكن الحديث عنه بل وتصديره الى الذين يهتمون بالتطور الديمقراطي في بلادنا وكلنا نعلم أن التعتيم على صاحب الرأي الآخر يصنع منه غولا أو بطلا أو ضحية تلقى التعاطف ولو لم تكن على حق.. بلادنا ورشة عملاقة بالفعل فهل يعقل أن لا يصدر منها بعض الضجيج؟ (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 24 ماي 2006)


 

في حديث مع مخترع تونسي: اختراعي يتمثل في اعتماد موزع تحت أرضي للري لتقليص نسبة تبخر المياه والاقتصاد فيها

 

جربة ـ الصباح   تميزت لقاءات الشراكة التي انتظمت مؤخرا بجزيرة جربة على هامش يوم الشراكة ومساندة الاستثمار بولاية مدنين.. بمبادرة من وكالة النهوض بالصناعة.. تتنوع مجالات التعاون الاقتصادية والفلاحية والصناعية والخدماتية.. بين اطراف تونسية واجنبية من الصين وليبيا وفرنسا وبلجيكا وايطاليا.. ولعل ما لفت الانتباه اثناء عقد ورشات العمل، تقديم عدد قليل من الباحثين الجامعيين التونسيين نماذج من اختراعات ودراسات تساهم في تقليص الفجوة بين واقع المشاريع وعلاقتها بالجوانب التكنولوجية او ما يعرف باقتصاد المعرفة ومن ضمن هؤلاء السيد بالاشهب الشهباني اصيل جزيرة جربة «استاذ جامعي بمعهد المناطق القاحلة بمدنين.. حيث كان لنا لقاء معه حول الاضافة العلمية البحثية التي قدمها اثناء يوم الشراكة هذا.   الاختراع يتمثل في حفظ المياه والتربة وبعبارة واضحة «الاقتصاد في المياه والاستغلال الامثل لها في معالجة نوعية التربة والنبتة» وذلك بطريقة اعداد موزع تحت ارضي للري للخضروات والاشجار المثمرة ونباتات الزينة وغيرها.. كل ذلك من اجل تقليص تبخر مياه الري.. ويفسر الاستاذ الشهباني هذه المسألة بان وضع النجهيزات الفلاحية المطلوبة تحت الارض يجعل منها في مقارنة غير مباشرة مع طريقة القطرة-قطرة ويتمثل وجه الشبه في كون هذه الاخيرة تعتمد سطح الارض في حين يعتمد اختراعه عمق الارض للحصول على نتائج ايجابية في اقتصاد مياه الري.. اذ تبين انه  مقارنة بطريقة القطرة قطرة تتقلص نسبة استهلاك المياه الى 3 مرات.. باللجوء الى الطريقة الثانية مثال ذلك انه لانتاج ما بين 5 و6 كلغ من الطماطم في مساحة محددة يجب استهلاك 500 لتر من الماء حسب الطريقة الاولى في حين عند استعمال الموزع تحت الارضي تنحصر كميات استهلاك الماء بـ170 لترا فقط ولنفس حجم الانتاج.   مثال آخر يتعلق بسقي نباتات الزينة تكون مثبتة في حاويات مرتبطة بتجهيزات «الاختراع المذكور» ففي هذه الحالة تتم عملية السقي مرة واحدة في الشهر عوض مرة في الاسبوع. والاهم من كل هذا فان الجدوى الاقتصادية تكون من نصيب الاشجار المثمرة وحتى بعض الزراعات الكبرى.. حيث لا يتجاوز عمق استغلال المياه 70 صنتم وفق طريقة «الري تحت الارضي» لكن الميزة الكبرى التي سنجنيها من هذا الاختراع هو تقليص نسبة «تسبيخ التربة» من 15 سنة الى 5 سنوات فقط. وهو ما يعني القضاء على نسبة كبيرة جدا من «ملوحة المياه» نتيجة عملية التبخر التي تنجر عن تراكم الاملاح في التربة حتى ولو كانت نسبة الملوحة في المياه اكثر من النسب المتعارف عليها.   فالنظرية الجديدة يمكن ان تغض الطرف عن تلك النسبة من الاملاح.. اذ تبين حسب التجارب العلمية في الفلاحة ان المعضلة الكبيرة عند استعمال المياه للري هي في تبخرها وليس في الكمية المطلوب سقيها.. والمهم في تواجد اكبر قدر من حجم المياه في عمق الارض.   20 سنة من العمل   وحول برنامج اختراعه والفترة التي قضاها  ليرى النور يقول الاستاذ بالاشهب الشهباني ان ما تم تحقيقه هو نتيجة مجهود تواصل 20 سنة ليتحصل سنة 2003 على شهادة اختراع وبراءة مع ما رافقها من شهادات تقدير واستحسان من كل الاطراف.   وكل ما يرغب فيه وبحكم تفرغ 80% من وقته في البحث و20% للتدريس بمعهد المناطق القاحلة بمدنين.. هو ان يتجسم مشروعه لفائدة الفلاحة التونسية وخاصة في مناطق الجنوب التونسي بتمويل تونسي لحما ودما فبعملية حسابية لا تتجاوز التكلفة المليارين من المليمات.. يستطيع المشروع ان يشغل في مرحلة اولى 11 شخصا منهم مهندسون وفنيون سامون ومتصرف في التقنية والمالية وذلك بالتنسيق مع المراكز القطاعية في قطاع البلاستيك.   اما عن دراسته فكانت مليئة بالمثابرة والعمل الجدي حيث تجول عبر الجامعات التونسية والفرنسية والبلجيكية لتكون النتيجة هذا الاختراع التونسي مائة بالمائة.   نجيب اللوز   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 24 ماي 2006)  


مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات العنوان : المنطقة العمرانية الشمالية – عمارة الامتياز – 1003 تونس الهاتف : 0021671231444 / 0021671751164. – الفاكس 0021671236677 البريد الإلكتروني temimi.fond@gnet.tn الموقع على الإنترنت( باللغة العربية) ; www.temimi.org  (site en français) www.temimi.refer.org تونس في 23 ماي 2006 منبر نقاش حول:

المسارات الجديدة لمستقبل البحث العلمي للسيراس

مع الأستاذ حسن العنابي وعبد القادر الزغل  والهاشمي القروي ومنصر الرويسي وآخرون يوم السبت 27 ماي 2006 على الساعة التاسعة صباحا

كنا قد نظمنا يوم السبت الماضي 13 ماي 2006 الحلقة الأولى لمنبر نقاش حول : البناة المؤسسون لمركز السيراس, وقد شارك فيه الأساتذة مصطفى الفيلالي والشاذلي العياري ومحمود السكلاني وحبيب عطية وعبد القادر زغل والهاشمي سكيك وغيرهم من المتدخلين, بحضور عديد الشخصيات المهتمة بالبحث العلمي في العلوم الإنسانية والاجتماعية في بلادنا, وكانت هاته الحلقة الأولى هامة جدا في مستوى المسؤولية, حيث تمكن المتدخلون من تقديم معلومات عن الإنجازات الجوهرية في عديد التخصصات التي حققها السيراس في فترة وجيزة جدا, وكان هذا المركز بحق. عنوان فخر لتونس باعتباره أنجح المختبرات البحثية في الوطن العربي برمته, وهذا بفضل ما يتمتع به الباحثون من حرية أكاديمية مطلقة ومساهماتهم المباشرة في التنمية الشاملة لبلدهم, إلا أن هذه التجربة لم تتواصل لعدة أسباب… وقد أثير في هاته الحلقة الأولى, سبيل تفعيل السيراس مستقبلا ومنح العلوم الإنسانية والاجتماعية ودورها الاساسي في التنمية. وعلى ضوء ذلك ارتأينا دعوة الأستاذ حسن العنابي, مدير السيراس اليوم وعبد القادر الزغل والهاشمي القروي ومنصر الرويسي والأساتذة الذين تفضلوا بتنشيط الحلقة الأولى, كما  دعونا عددا من الباحثين المعنيين بمستقبل البحث العلمي في العلوم الإنسانية والاجتماعية لاستشراف حقيقي لآليات ذلك والاستفادة من الأخطاء الماضية وتوظيف المستجدات البحثية الدولية لوضع جدولة جديدة لتفعيل السيراس محليا ومغاربيا ودوليا, وتلك هي الرسالة الحقيقية التي وجب أن يضطلع بها الجميع مسؤولين وباحثين. وسوف نتناول في الحلقة القادمة: المسارات الجديدة لمستقبل البحث العلمي للسيراس. والدعوة مفتوحة للجميع ابتداء من الساعة التاسعة صباحا في المقر الجديد بالمؤسسة المذكور أسفله. د. عبد الجليل التميمي (المصدر: مراسلة الكترونية وزعتها المؤسسة يوم 24 ماي 2006)


السويد: السماح لطالبة مسلمة بارتداء الحجاب

استوكهولم – قاسم حمادي       أصدرت الوكالة السويدية للتعليم قراراً بالسماح للطالبات المسلمات بارتداء الحجاب حتى أثناء الحصص المدرسية، منتقدةّ بشدة مدرسة مينارفا في مدينة اوميو في شمال البلاد والتي فصلت طالبة مسلمة في السابعة من العمر رفضت خلع الحجاب في المدرسة.   وتفجرت أزمة الحجاب في المدارس بعدما تقدم أهل الفتاة بشكوى ضد مدرسة مينارفا إلى الوكالة الوطنية للتعليم، معتبرين تخيير ابنتهم بين ترك المدرسة وخلع الحجاب يتعارض مع القوانين السويدية التي تسمح لكل الناس بممارسة شعائرهم الدينية بحرية تامة.   وفصل مدير المدرسة هانس جانسون الفتاة لاعتقاده بأن كون مدرسته خاصة يجعلها غير مشمولة بقرار ممارسة الشعائر الدينية. لكن الوكالة الوطنية للتعليم أشارت في قرارها إن قانون حرية الأديان ينطبق على كل المدارس رسمية كانت أم خاصة. واعتبرت جمعية النساء المسلمات في مدينة اوميو ان القرار يؤكد أن السويد «بلد تحترم فيه الأديان كلها». وقالت رئيسة الجمعية ريما منيمنة إنه «انتصار للعدالة».   (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 24 ماي 2006)  


حنان ترك ارتدت الحجاب

القاهرة – أحمد السماحي       أعلنت الفنانة حنان ترك أنها ارتدت الحجاب، لتؤكد خبراً كان ينتظره كثيرون منذ أربع سنوات، وتحديداً بعد وفاة الممثل علاء ولي الدين في شباط (فبراير) 2002، وابتعاد ترك عن الساحة الفنية لشهور. وتردد خلال تلك الفترة أن ترك تفكّر بقوة في ارتداء الحجاب، لا سيما أنها شاهدت الموت يتجسد أمام عينيها في رحيل زميلها الفنان الذي كانت تتقاسم معه بطولة فيلم «عربي تعريفة» الذي لم يبصر النور أيضاً.   ولم تخف ترك أنها تتابع دروساً دينية وتحرص على الاستماع إلى محاضرات وأشرطة عمرو خالد والحبيب علي وعمر الجندي وغيرهم من الدعاة. وروى بعضهم أن ترك التقت آنذاك الحبيب علي الذي نجح في إقناعها بارتداء الحجاب لكنها عدلت عن الفكرة.   إلا أنها اتجهت منذ ذلك الوقت اتجاهاً فنياً يميل إلى الاعتدال، وأعلنت مراراً أنها لن تقدم إلا فناً خاصاً يسهم في تسليط الضوء على مشكلات المجتمع، كما حصل في مسلسل «سارة» الذي عرض في رمضان وتحدثت فيه عن وضع ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع العربي.   وأصدرت ترك أخيراً مجلة مجانية للأطفال، وزارت الكثير من الملاجئ ودور رعاية الأيتام.   آخر أعمال حنان ترك كان تصوير مسلسل «أولاد الشوارع» الذي يتحدث عن عمالة الأحداث، وانتهت من تصوير فيلم «أحلام حقيقية» الذي يروي قصة فتاة تحلم ليلاً، فتتجسد أحلامها في اليوم التالي، فتلجأ إلى الاعتدال في حياتها، خشية الحلم بالموت أو بكارثة معينة.   وفي اتصال مع «الحياة» أشارت ترك إلى أنها لم تتخذ قراراً في شأن مسلسل «أولاد الشوارع» الذي صورت بعض مشاهده قبل ارتداء الحجاب. كما أكدت أنها لن تقدم أي عمل لا يتماشى مع المرحلة الجديدة من حياتها.   وكانت الفنانة حلا شيحا ارتدت الحجاب قبل مدة.   (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 24 ماي 2006)


ماذا يخفي الحجاب التركي؟

 

الياس حرفوش       مثل الاتجاهات التكفيرية السائدة في منطقتنا يستخدم الذين يحملون سلاح العلمانية في تركيا المنطق نفسه، عندما ينكرون أي حق على المتدينين في التعبير عن تدينهم بأية طريقة، مهما كانت بسيطة او طبيعية. انه التوجه الذي اصبح سمة في منطقة لم يعد ممكنا العثور فيها على مكان أو متسع بسيط لشيء من التسامح تجاه الآخر او للقبول بما هو مختلف.   وازمة الحجاب الاخيرة تعكس جانبا من انعدام التسامح الذي نحن بصدده. فقد فجر هذه الازمة اغتيال أحد قضاة المحكمة الدستورية العليا الذي اصدر حكما منع بموجبه ترقية مدرسة الى مديرة مع أنها تلتزم بالقانون الذي يمنع ارتداء الحجاب داخل المدارس او المؤسسات العامة، غير ان الاعتراض على «سلوكها» كان لأنها تتحجب في بيتها او في طريقها الى المدرسة! وذهب هذا الحكم في تطرفه العلماني الى اقصاه، في اتجاه لم تدركه حتى قوانين الحجاب الفرنسية التي ذاع صيتها قبل بضع سنوات، ثم خفتت الضجة حولها في آخر الامر، بعد أن اكتشف الجميع انها كانت تعبيرا حقيقيا عن نزعة الى المساواة في ظل القوانين الفرنسية (العلمانية حقا) والتي لم تفرق في التعامل، على العموم، بين طالبة مسلمة وغير مسلمة.   اما في تركيا فالأمر مختلف. فالمسألة لا تثار على خلفية تفرقة في التعامل مع اتباع ديانات مختلفة، في بلد اكثريته الساحقة مسلمة. بل تطرح قضية الحجاب مشكلة اخرى اكثر حدة، هي اتجاه فريق يعتبر نفسه «الاب الروحي» للنظام، الى منع أي اشهار للتدين، أيا كان شكله ومهما بلغت درجة «براءته». بمعنى انه لم يعد التحقيق في «خلفيات» وضع الحجاب يسير في اتجاهات سياسية فقط في تركيا، تتعلق بالدوافع او الانتماءات الحزبية وراء هذا المظهر الخارجي، بل صار يحاكم الناس على اشكالهم وملابسهم، وهو المدى المبالغ فيه في هذا التطرف المعادي للدين، والذي يميز الفهم «الاتاتوركي» للعلمانية.   هذا التطرف هو الذي لا بد أن يؤدي في نتيجته الى تطرف من الجهة المقابلة، مما يقطع الطريق على أي حوار أو قبول بالاختلاف، وهما القاعدة في اي سلوك حضاري. ومن نتائج هذا الوضع الغريب أن طالبات جامعيات تجبرهن قوانين منع الحجاب المفروضة في تركيا على الالتحاق بجامعات اوروبية في فرنسا او بريطانيا او المانيا، حيث يسمح لهن بمتابعة دراستهن رغم الحجاب الذي يغطي رؤوسهن بينما يمنعن في بلدهن من ذلك. انه تطبيق غريب ومقلوب لأي مفهوم من مفاهيم الحرية الفردية التي لا يستقيم نظام ديموقراطي من دونها والا انقلب الى نظام ديكتاتوري. ويزيد من غرابة هذا الوضع ان رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي (المتهم بالتحريض على العلمانيين) هو أحد اكثر السياسيين الاتراك الذين يدافعون عن دخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي، فيما العلمانيون المتحزبون لكمال اتاتورك، مثلما تحزبت المدارس الماركسية يوما ما لماركس ولينين، هم الذين يشكلون الآن الخطر الاكبر على التوجه التركي نحو ابواب اوروبا. إذ أن هذا التحزب يخفي وراءه شرارات انقلاب عسكري على المؤسسة السياسية الحاكمة، رغم وصولها الى السلطة بقوة الدستور والانتخابات. فلا شك أن تركيا هي الدولة «الديموقراطية» الوحيدة التي يجد الجيش فيها نفسه مضطرا لاعتبار نفسه «حارسا للنظام» الى حد عدم التردد في الانقلاب على مؤسساته المنتخبة، كما فعل اكثر من مرة وكما يهدد الآن من خلال الدعوة التي اطلقها رئيس اركانه الجنرال حلمي اوزكوك الى معتنقي «العقيدة» العلمانية الى النزول الى الشوارع للتعبير عن رفضهم لسياسات رئيس الحكومة الذي بذل جهدا كبيرا لجعل الانتماء الى الدين الاسلامي وجها مقبولا من وجوه الهوية التركية، بعد أن تمت محاربة هذا الانتماء على وجه غير ديموقراطي لثمانين سنة طويلة هي عمر تركيا الحديثة.   (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 23 ماي 2006)

 

النظام الحاكم بين البلادة السياسية وسياسة الازدراء

بقلم: د. حسن نافعة (*)   الحكم الذي صدر يوم الخميس الماضي (18 ماي 2006، التحرير) بتبرئة المستشار محمود مكي وتوجيه اللوم إلى المستشار هشام البسطاويسي في التهمة المنسوبة إليهما بإهانة القضاء، يعكس موقفًا لا يمت للقضاء بصلة، وعلى الرغم من أن البعض رأي فيه حكمًا مخففًا استهدف تهدئة الأزمة؛ تمهيدًا لاحتوائها، إلا أنني أعتبره سبةً في جبين القضاءِ المصري وعارًا لحق بذيله.   وفي تقديري أن حكمًا كهذا ما كان ليصدر إلا مدفوعًا بشهوةِ انتقامٍ شخصي، أو توسلاً لمصلحةٍ ذاتية. وفي كلتا الحالتين فهو حكمٌ ينتمي لعالم السياسة وليس إلى عالم القانون الذي لا يعرف سوى الأحكام الموضوعية المجردة عن كل هوي شخصي أو مصلحة ذاتية، مادية كانت أو معنوية، ويُدرك التلامذة المبتدئون في دراسةِ القانون أنَّ هذا الحكم شابته عيوبٌ فنية وشكلية خطيرة، فقد اختلفت عقوبة المتهمين رغم تساوي مراكزهما القانونية تمامًا في ذاتِ القضية، كما أن الحكم بتبرئة أحدهما وتوجيه اللوم للآخر صدر دون أن يمثل أي منهما أو يكلف أحدًا بتمثيله أمام المحكمة، فإذا أضفنا إلى ذلك أن المستشار هشام البسطاويسي صدر في حقه هذا الحكم الجائر بينما كان يرقد بين الحياةِ والموت في غرفةِ العناية المركزة، وأن مَن أصدر الحكم ضده كان على علمٍ تامٍ بحالته، لبدا لنا موقفه هذا مجردًا من كل المشاعر الإنسانية وأقرب ما يكون إلى محاولةِ اغتيالٍ معنوي منه إلى حكمٍ تحت مظلة القضاء.   وأيًّا كان الأمر فمن الواضح أن ما شهدته ساحة القضاء على مدى الأسابيع الماضية، وهذه المحاكمة العبثية تُعدُّ كاشفًا لخطورةِ ما وصلت إليه الأوضاع السياسية في مصر ويثبت بما لا يدع مجالا لأي شك أن يدًا عابثة وشريرة قد بدأت تطول كل الحصون في مصر وتنال منها، بما في ذلك حصن القضاء الذي كنا نظنه أكثر صلابةً ومناعةً، وللأسف يبدو أن أجهزة الدولة تقف بكل إمكاناتها وراء هذه اليد الخفية العابثة والشريرة.. دليلنا على ذلك أن الدولة التي قبلت إسناد مهمة الإشراف على الانتخابات للقضاء هي التي رفضت في الوقت نفسه تزويده بالضماناتِ التي تكفل سيطرته الكاملة على مجمل إجراءاتها وآلياتها؛ ولهذا السبب وجد القضاء المصري نفسه في موقف مَن أريد له عمدًا أن يتحول إلى شاهد زورٍ على صحةِ انتخاباتٍ يجري تزييفها أمام عينيه نهارًا جهارًا على الرغم من أنه يتحمَّل وحده مسئولية نتائجها المعلنة أمام الجماهير، وحين رفض الأغلبية الساحقة من شرفاء القضاة هذا الموقف وطالبوا بالكشف عن المتورطين في التزوير اتهموا بتسييس القضاء، وبدلاً من التحقق من صحة ما قيل عن وقائع التزوير إذا بالحكومة تلقي بثقلها وراء المتهمين بالتزوير الذين لم تكتفِ بتغطيتهم وحمايتهم وإنما ذهبت إلى حد التحريض على معاقبة المتسببين في كشفهم وتعرييتهم.   إن الحكم الذي صدر في حق المستشار هشام البسطويسي، أحد أشرف وأشجع رجال القضاء، لهو دليل دامغ على مدي تغلغل السلطة التنفيذية في شؤون القضاء. والواقع أن تدخلها جاء مزدوجا هذه المرة واستهدف النيل من رجال القضاء والحط من كرامتهم، مرة بالإصرار على تحويلهم إلى شهود زور، وأخري بالوقوف إلى جانب المزورين والعمل على محاصرة الشرفاء ومعاقبتهم. فعلي من نلقي بمسؤولية وصول الأوضاع إلى هذا الحد الذي يدفع بالبلاد كلها نحو حافة الهاوية؟. لا أعتقد أنه أصبح بمقدور أحد ممن يحملون أمانة الكلمة وتتوافر فيهم حسن النية وشرف القصد أن يعفي رأس النظام من هذه المسؤولية. لكن ما الذي أدخل مصر في هذا النفق المظلم، وكيف؟   الواقع أن كثيرين كانوا قد استبشروا خيرا حين شاءت مصادفات القدر حمل الرئيس مبارك إلى مقعد السلطة عقب اغتيال سلفه في واحد من أكثر مشاهد العنف السياسي إثارة في التاريخ المصري، وذلك لسببين: الأول، أنه لم يسبق لمبارك الاشتغال بالسياسة. وكانت تلك ميزة بدا أن مصر تحتاجها في مرحلة تتوق فيها للتحول من الشرعية الثورية إلى الشرعية الديمقراطية، بعد أن سئمت عصور الزعماء الملهمين من أصحاب الأحلام الكبيرة والخطايا الأكبر.   والثاني: أن مبارك بدا وقتها زاهدا في سلطة سعت إليه ولم يسع هو إليها ويميل نحو الاكتفاء بولاية واحدة أو ولايتين على الأكثر، كما بدا نظيف اليد يؤمن بأن “الكفن ليس له جيوب”، ورغم مؤشرات كثيرة تدل على بلادة النظام الحاكم في البداية وافتقاره للحساسية السياسية التي تمكنه من اتخاذ القرارات السليمة في التوقيت الملائم، فإن رؤيته وعدم تهوره جنباه ارتكاب حماقات كبرى، مثل تلك التي شهدتها مصر في عهد عبد الناصر عام 67 أو السادات عام 77 ومنحاه القدرة على الاستمرار في الحكم بتأييدٍ شعبي وجماهيري واضح في البداية.   ولو كان الرئيس مبارك قد قرر الاكتفاء بولايتين فقط لكان قد تمكَّن من ترتيب عملية الانتقال من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية في أمانٍ تامٍ ولأنهى حياته السياسية عام 1993م محاطًا بكل الاحترامِ والتقدير، فقد بدت مصر في ذلك العام وكأنها خرجت لتوها من عنقِ الزجاجة وتخلَّصت من بعضِ أعباء المرحلتين الناصرية والساداتية.   غير أنَّ الرئيس مبارك، لسببٍ أو لآخر لم يتخذ هذا القرار الحكيم، ليس هذا فقط لكنه بدا واضحًا أنه استمرأ السلطة و”طمع” فيها ليس لنفسه فقط ولكن لابنه من بعده، وكان هذا تحولاً مذهلاً في شخصيةِ الرئيس بدا متناقضًا بالكامل مع الانطباعاتِ الأولى عنه، وبصرف النظر عمَّا إذا كان هذا التحول قد تمَّ لأسبابٍ تتعلق بالتركيبة النفسية والجوانية للرئيس مبارك أم بتأثير المحيطين به والقريبين منه، إلا أنه أدى إلى دخول البلاد تدريجيًّا في مأزقٍ كبير.   فالكثيرُ من القراراتِ الإستراتيجية الخاطئة التي اتخذت مع بداية التسعينيات، لا يمكن تفسيرها أو تبريرها إلا في إطارِ الرغبة في ترتيب البيت داخليًّا وخارجيًّا على نحوٍ يسمح في النهايةِ بقبول سيناريو التوريث، ولم يفطن المنظرين لهذا التوجه إلى أن كل خطوة في هذا الاتجاه كانت تسحب سلبًا من رصيد النظام حتى وصلنا إلى ما نحن فيه الآن.   فترتيب البيت الداخلي وفقًا لسيناريو التوريث هو الذي أدَّى إلى استفحالِ الدور السياسي لنوعية معينة من رجالِ أعمال ارتبطت مصالحهم وثرواتهم بالدولة ارتباطًا عضويًّا، حيث تم التغاضي عن أساليبهم غير القانونية في جمع الثروات مقابل ضمان تأييدهم السياسي ودعمهم المادي، وهو الذي أدى إلى تخريبِ الصحافة القومية باستصدارِ تشريعاتٍ غير دستورية استهدفت التمديد دون وجهِ حقٍّ لموالين فاسدين على رأس عددٍ من أهم المؤسسات الصحفية الكبرى، وعلى حسابِ أجيالٍ كاملة من قياداتٍ صحفية أكثر كفاءةً ونزاهةً ومهنيةً، والواقع أنَّ هذه اليد العابثة لم تقتصر على قطاعِ الأعمال أو الصحافة، لكنها كالت لتنال الجامعات والنقابات العمالية والمهنية وغيرها من القطاعات الحساسة في الدولة، وها هي اليوم تمتد في محاولةٍ لتطويع الهيئات القضائية لمخططاتها.   ومع هذا التحول التدريجي لطبيعة النظام كان من الطبيعي أن يحدث تحولٍ مماثلٍ في إدراك الشعب له، فبعد أن كانت البلادة وفقدان الحساسية السياسية هي الصفة الأكثر انطباعًا عن النظام، أصبح الانطباع السائد الآن، خصوصًا بعد هذا الذي يجري لشرفاء القضاة، أن النظام يستخدم سياسة منهجية تقوم على ازدراء الشعب والتعامل معه بقدرٍ كبيرٍ من الاستهانة.   ومن هنا كان لا بد للشعب أن يغضب، وليست علامات التوتر البادية حاليًا في كل مكانٍ على سطح الحياة السياسية في مصر سوى مقدماتٍ لعاصفة لم تهب بعد، لكنها قادمة لا محالة.   إن زيارةَ جمال مبارك الأخيرة للولايات المتحدة لهي أكبر دليل، في تقديري، على أنَّ نظامَ الحكم في مصر ربما يكون هو النموذج الوحيد في العالم القادر على هذا المزج المذهل بين البلادة السياسية وإزدراء الشعب. فبينما يشتعل الشارع المصري توترًا لأسبابٍ تدور جميعها حول القلق من سيناريو التوريث، يذهب نجل الرئيس في زيارة سرية لمفاوضات مع مستشار الأمن القومي الأمريكي ويلتقي فيها بكل من بوش وتشيني ورايس.   فمَن أرسله إلى هناك في هذا التوقيت يا تُرى؟ وبأي صفة؟ ولماذا الحرص على سرية هذه الزيارة؟ وألا يستحق هذا الشعب المغلوب على أمره قدرًا أكبر من الشفافية والمصارحة في أمرٍ يتعلق بمستقبله؟ تلك أسئلة لن نكف عن طرحها على الرئيس مبارك، لكننا لم نعد ننتظر منه أن يجيب عليها.. فالكرة الآن أصبحت في ملعب شعبٍ غاضبٍ بدأ يُدرك أن نظامه الحاكم يتعمد الاستهانة به والحط من كرامته   (*) كاتب وأكاديمي من مصر   (المصدر: صحيفة “المصري اليوم” المستقلة الصادرة يوم 23 ماي 2006)
 

 

بسم الله الرحمن الرحيم  

في ذكرى التحرير: سلاح المقاومة في لبنان وجد ليبقى ما بقيت إسرائيل في الوجود

بقلم: عبد الله لعماري – محام وناشط حقوقي مغربي          tamkine@hotmail.com   عندما سئل الرئيس اللبناني إميل لحود، عن سلاح حزب الله، وعن الشروط التي إذا ما تحققت، أمكن لحزب الله أن يتخلى عن سلاحه، الذي هو سلاح المقاومة اللبنانية، أجاب بكل جرأة وشجاعة، بوعي العارف بخبايا الواقع، وبحنكة القائد العسكري الاستراتيجي، أجاب بأنه لا مبرر لنزع سلاح المقاومة اللبنانية، إذا لم تتحقق عودة كل اللاجئين الفلسطينيين، من المخيمات اللبنانية، إلى ديارهم في فلسطين، إذ أن الخطر الصهيوني سيبقى دائما قائم التهديد. جواب حاسم، لرجل مؤتمن على السيادة اللبنانية، يبدد الأحلام والأوهام حول الربط المعتسف، بين نزع سلاح المقاومة، وجلاء العساكر الصهاينة عن مزارع شبعا اللبنانية.
وهي الخدعة التي تهيأ شروطها، أمريكا، ودول الغرب، الحامية للكيان الصهيوني، وتسعى لتمريرها عبر ما يسمى بـ “قرارات الشرعية الدولية”، التي لم يعد يجد مجلس الأمن الدولي عسرا في إنتاجها الواحد تلو الآخر، من القرار 1559 إلى 1680، والبقية تأتي. خدعة انطلت على بعض المخدوعين في لبنان بلغة السلام الخشبية، ذات اللكنة الرطينة العجماء، فتصوروا المشكل بسيطا، كما بسطه دهاة الشرعية الدولية، ودهاقنة إنتاج قراراتها المغرضة، الساخرون من سذاجة الشعوب المستعبدة، وكأن حفنة من تراب مزارع شبعا، هي الحل السحري الذي سيفيض على لبنان بالأمن والأمان، ويسدل الستار على كابوس مخيف، اسمه “إسرائيل”.
ولكن قوى أخرى في لبنان، مردت على النفاق والعمالة والاستخذاء للأجنبي، ممن أشربوا عجل الدولار في قلوبهم، كما أشربه من قبل، جيش لحد العميل، ولم يتعظوا بمصير جيش لحد، ومن على شاكلتهم، الذين غدرت بهم مخدومتهم “إسرائيل” نفسها، ورمتهم في مزابل التاريخ، حينما استغنت عن خدماتهم، في حين عفت عنهم المقاومة، ولم تنكل بهم ثأرا وانتقاما. هاته القوى ترى في القرارات الرامية إلى ترسيم الحدود بمزارع شبعا كما يمليها حماة “إسرائيل” من خلال ما يسمى بـ “مجلس الأمن”، ترى فيها حصان طروادة، لإرغام حزب الله على الخضوع لمؤامرة نزع سلاحه. إن الكيان الصهيوني يتلهف على اللحظة التاريخية التي يرى فيها، حزب الله، كتلة من الخراف، عزلاء من السلاح، سائغة في النهش والذبح والافتراس، كي يثأر من الهزيمة التاريخية النكراء، التي غسلت عار العرب وذلهم وهوانهم، لأكثر من خمسين عاما.
إذ أن كل جيوش العرب، مجتمعة أو منفردة، حولتها “إسرائيل” إلى شبه حمر مستنفرة فرت من قسورة، ولكن كل جبروت “إسرائيل”، وعتوها، وغطرستها، تمرغت في وحل الهزيمة المذلة، من طرف استشهاديي المقاومة اللبنانية، المدعومة والمؤطرة بالعقل الاستراتيجي لحزب الله. والكيان الصهيوني، إذن، مستعد لإخلاء مزارع شبعا، وزيادة عليها، إذا كان هذا هو الثمن الذي يمكنه من اصطياد غول حزب الله، والتخلص من روعه وبأسائه، وهو ثمن بخس وزهيد وهين، أمام هدف صهيوني استراتيجي كبير، هو تحييد المقاومة اللبنانية، بتفكيكها، وتدمير حربة عربية إسلامية، تطعن خاصرة “إسرائيل”، وتقض مضجعها، وتطيح بهيبة الجيش الصهيوني الذي “لا يقهر”، وتحرض شعوب الأمة العربية والإسلامية على تحدي الرعب الصهيوني، وتحول “إسرائيل” إلى نمر من ورق.
إن الاستعمار الغربي، والذي كان ولا يزال ستارا لروح الصليبية العالمية، وحينما عجز عن تطويع الأمة العربية، بعد تقطيع أوصالها، وفصل لحمتها عن سدى مؤسسة الخلافة ذلك الإطار الجامع، على تعلاته، إن هذا الاستعمار اختلق خلقا مشوها من شذاذ الآفاق، هو الكيان الصهيوني، لمواصلة استعباد الأمة العربية، وإذلالها، والتحكم في ثرواتها ومصائرها، والحيلولة دون الأمة الإسلامية وعمقها العربي المحرك لتاريخها وصيرورتها، والباعث لمجدها ونهضتها. وإن هذا الكيان الصهيوني الصنيع، الذي يجسد امتدادا للسياسات الاستعمارية الغربية، ليس له من وظيفة سوى الغصب والتقتيل، والتعذيب والتدمير، ولا يمكن أن تمر ساعة من نهار، دون أن يراق على الأرض العربية، دم عربي، بيد صهيونية، ماسكة بسلاح أمريكي، أودون أن يخرب بناء، أو يتلف زرع وغرس عربي، بيد صهيونية تقود جرافة أمريكية.
وإذن فالذين سقطوا في فخ الخديعة، ويتحدثون عن سلام موهوم، مع كيان قيضه الاستعمار، ويسره لما خلق من أجله، وتسخره الآن السياسات الأمريكية، لمشاريعها الهيمنية على المنطقة، الذين استسلموا لهذه الخديعة، يتعامون، عن مكر الكيان الصهيوني، الذي ما إن تخرج عساكره من الباب، حتى تجد ألف ذريعة لتعود من النافذة. ووجود فلسطيني واحد على الأرض اللبنانية، قد يشكل وحده ذريعة، لكي يخترق الجيش الصهيوني أرض لبنان وأجواءه ومياهه، ويعتدي على سيادته. فكيف إذا كان الأمر يتعلق بحرب تحرير بعيدة المدى، يخوضها الفلسطينيون عن بكرة أبيهم، لتحرير أرضهم المحتلة، والعودة إلى ديارهم المغتصبة، ولن تستطيع أي قوة في الأرض قاطبة، أن تمنع الفلسطينيين من هذا الحق المشروع في المقاومة والكفاح، وانطلاقا من أي شبر على الأرض، تلتصق به أقدامهم، سواء أكانت هذه الأرض لبنانية أو سورية أو أردنية أو مصرية. وما دام الأمر كذلك، فسيكون هناك ألف سبب، يختلقه جيش الكيان الصهيوني، للعودة إلى اجتياح جنوب لبنان من جديد، أو كل لبنان حتى، تعقبا لمن يعتبره تهديدا لأمن “إسرائيل”.
وإذن، فالحديث عن تفكيك المقاومة اللبنانية، وتسليم سلاحها، أو نزعه، هراء كبير، وسخرية بالعقول، وإهانة لأرواح الشهداء، الذين افتدوا كرامة لبنان وعزته واستقراره بحياتهم، واستهتارا بحرمة الدماء التي سالت وديانا على التراب اللبناني، وغدرا بآلاف الأسرى والمعذبين الذي لا زالت أجسادهم لم تشف بعد من جراحات وآلام التعذيب الرهيب بمعتقلات أنصار وعتليت وغيرها. إن “إسرائيل” مدعومة بالنظام الاستعماري الغربي، استطاعت أن تقزم النظام الرسمي العربي، وأن تكبله بالأغلال، وأن تكيل لجيوشه الهزائم المهينة، ولكن المقاومة الشعبية الفلسطينية التي قادتها منظمة التحرير الفلسطينية من الأردن بعد معركة الكرامة، ومن لبنان أيام أمجاد شارع الفاكهاني، أعادتها إلى مربع الصفر، وألهبت حماس الشعوب العربية والإسلامية، بل وحماس شعوب العالم المقهور، وأصبحت معسكرات التدريب في لبنان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، قبلة لكل الثوار، ومدرسة لكل الحركات التحررية.
وشكلت هذه الحالة، ضجرا، وهلعا، ليس للكيان الصهيوني وحده، بل ولكل العواصم الغربية، ذات المشاريع الإمبريالية والاستعمارية، ولكل أذنابها من العواصم الدائرة في فلكها، فكان اجتياح لبنان من أجل تدمير بنية منظمة التحرير الفلسطينية، وشطب معسكراتها، قرارا غربيا، نفذه الجيش الصهيوني بالآليات العسكرية الأمريكية. لكن، ومن عمق شلال الدماء اللبنانية التي أراقها الاجتياح الصهيوني المتوحش، وسفكها على الأرض اللبنانية المستباحة، خرج ما هو أعتى وأعتد من المارد الفلسطيني، وهو حزب الله، الذي حطم أساطير إسرائيل، وهزم عساكرها، وأربك حسابات العواصم الغربية ذات المخططات الاستعمارية.
ولأنه يخشى من أن يتحول حزب الله، إلى حالة رمزية يخترق وهجها أوساط الشعوب العربية والإسلامية، فتصبح كل الحدود المحاذية للكيان الصهيوني، مرتعا للاحتذاء بالنموذج الكفاحي المظفر لحزب الله، وتطوق “إسرائيل” بغابة من الحراب، تلتف عليها من كل جانب، فإن المطلب المستعجل الآن والملح، هو تصفية المقاومة اللبنانية، ونزع سلاح حزب الله، وإن مجلس الأمن جاهز لهذا الغرض، حتى ولو تطلب الأمر أن يقذف بالقرار تلو القرار فيما يشبه الإصابة بـ “الإسهال” !. فهل سيرضخ اللبنانيون، وتنسى ذاكرتهم سنوات الجمر والدمار؟   الدر البيضاء بتاريخ 24 مايو 2006


 

ما أصعب أن تفهم المجتمع المصري

آمال موسى (*) إذا كان فهم الإنسان من اشد الأمور تعقيدا وصعوبة فإن فهم المجتمعات وخصوصا العربية منها تحديدا، يشكل العقدة ذاتها. وليس من قبيل الصدفة أن تكون أغلب ردود أفعالنا على ما يقال ويحدث اليوم في بلداننا تنحصر في الاستغراب والتعجب كانفعالين يعكسان وجود حواجز مانعة لتحقيق التقبل العادي الذي ينسجم مع المنطق وطبعا التناقض سمة من سمات الطبيعة وبالتالي الإنسان والمجتمعات ولكن عندما يبلغ التناقض حدا معينا ويطل على اللخبطة ويصبح اللامنطق الوجه الأكثر تعبيرا عن واقع التناقض الحاصل، فإن الوضع يتعدى المستوى الطبيعي إلى ما سواه . ولأن الشيء عادة بنقيضه يذكر فإن دعوة نوال السعداوي وابنتها منى حلمي الأخيرة ذكرتني بشكل آلي وسريع بدعوة المصرية هيام دربك. فالأولى منى حلمي كتبت «من اليوم سأحمل اسم أمي» أي أنها أعلنت انتسابها إلى والدتها نوال السعداوي عوضا عن أبيها. أما الثانية صاحبة الدعوة إلى تعدد الزوجات، فإنها أسست جمعية خيرية مصرية في أبريل 2004، شعارها «زوجة واحدة لا تكفي» معللة ذلك بقولها إنها حل للعنوسة التي بلغت 9 ملايين عانس وأن تعدد الزوجات يهدف إلى مساعدة الزواج وإقناع الرجال ميسوري المال بالزواج من شريحة الأرمل والعوانس والمطلقات لحمايتهن من الانحراف وتحقيق التنمية الاجتماعية. بل أن هيام دربك تدعو إلى تعميم الفكرة في المجتمعات العربية بتأسيس فروع للجمعية في العراق وفلسطين والإمارات والسعودية. ظاهريا قد يبدو أنه لا رابط بين المثالين وأنهما على طرفي نقيض ولكن أطالة التفكير في المثالين معا، قد تقودنا إلى بعض الفهم خصوصا أننا أمام ظاهرتين اجتماعيتين رغم تناقضهما الفكري الصارخ، فهما من نتاج نفس المجتمع: مثال يحملنا إلى آخر نقطة في الوراء وآخر يطير بنا إلى أعلى شطحات اليسار العربية. ومن المؤكد أن مرور مثل هذه الدعوات وإحداثها الضجة الاجتماعية وتصدر اهتمامات الرأي العام المصري إبان إطلاقها يشير إلى أن الفكر حول المرأة في مصر اليوم يعيش فراغا وأن إسهام الفكر النسوي العقلاني والعميق ليس بالقوة التي تسد الطريق أمام الفرقعات والدعوات التي لا نجني منها غير التشويش. والمشكل أن كلا من منى حلمي وهيام دربك تدعي النضال في مجال حقوق المرأة وأنها تفكر لصالح المجتمع المصري في حين أنهما دليلان قاطعان على عمق اللخبطة الثقافية والفكرية التي يعيشها المجتمع المصري. وبلفت النظر عن خلفية كل واحدة، فإن السؤال البراغماتي القادر على تحويل وجهة التقييم، هو ما جدوى مضمون الدعوتين عمليا وأي مطلب تلبيه كل من الدعوتين؟ بالنسبة إلى منى حلمي كان من الممكن أن تكتفي بمبادرتها وجعلها لا تتجاوز إطارها الفردي فنتعامل معها كتقليعة خاصة لا شأن لنا بها. أما أن يتحول الأمر في مسألة لا رأس لها ولا مبررات إلى تنظير الاجتماعي يصب في خانة النشاطات في مجال حقوق المرأة في مصر فهو أمر يشبه العبث. وإضافة إلى أن الشرع كما هو معرف أقر بنسب الأبناء للأب حفاظا على عدم اختلاط الأنساب أي لتنظيم السلالة وفق معايير مضبوطة، فإن سياق هذه الشطحة قد يحولها إلى قارب نجاة بالنسبة إلى فئة معينة. وأقصد بذلك ضحايا الزواج العرفي في مصر وآلاف قضايا النسب المرفوعة في المحاكم المصرية فيصبح الحل «السعداوي» تشجيعا لمحو مشكلة الانتساب من الأب من خريطة المشاكل، وتزال بذلك المحاذير الاجتماعية التي لها بعض الايجابيات. والأجدى لو ركزت السعداوي على مطالبتها إصدار قانون، يؤكد على أن كل طفل يولد هو طفل شرعي بصرف النظر عن شكل العلاقة بين الأب والأم. إن هذا الطلب مهم وينخرط ضمن خدمة حقوق الإنسان بشكل إنساني صرف. ولكن أن يتحول ذلك الطلب إلى مسألة ثانوية في ضجة لهيبها الأول والأساسي استبدال الانتساب إلى الأب بالانتساب إلى الأم، فهو ما يدل على التخبط داخل الدعوة نفسها والاستنجاد بضجيج يضر ولا ينفع. وطبعا نعرف أن طريقة السعداوي تقوم على الصدمة وهي طريقة مهمة في نقد الثوابت وإعادة صياغة المنظومة القيمية، ولكن المشكل أن السعداوي في دعواتها الأخيرة خاصة تجاوزت جرعة المبالغة التي يشترطها إحداث الصدمة إلى التطرف المضاد. ذلك أنها تقفز على أولويات المجتمع المصري وتحارب السلطة الذكورية بشكل تسعى فيه لا إلى معالجة تورمها بل إلى نفيها ونقل السلطة المتورمة إلى المرأة أي أنها تؤسس لظهور «سعداوي» رجل في المستقبل القريب يشن حربا على الأنانية النسائية. أما الأولى أي هيام دربك صاحبة الدعوة إلى تعدد الزوجات في إطار التنمية الاجتماعية للمجتمع المصري فإنها نسيت أن التنمية والتخلف لا يضعان اليد في اليد. وبعيدا عن أي محاكمة فكرية والتي يغنينا عنها الواقع المصري ذاته، فإن الناظر في مشاكل الشعب المصري وأولوياته والأوضاع التي تعيشها المرأة المصرية طالبة وزوجة وكفاعلة اجتماعية، يجد أنها أبعد ما تكون عن فرقعات السعداوي وابنتها وهيام دربك. (*) كاتبة من تونس (المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 15 ماي 2006)


سلطات لم يتبق لها شيء، ولم يتبق لنا إلا الدهشة!
 

نهلة الشهال (*)       يقال في بلادنا إن الاستمرار في القدرة على الاندهاش نوع من السذاجة. ذلك أن الدهشة ترفٌ في بلادنا «المخبوطة» على رأسها، والتي تعاني من كل الآفات: بؤس غير مسبوق رغم تكدس العائدات المالية من الريوع بشكل غير مسبوق أيضا، وتراجع عن كل منجزات القرن الفائت بما فيها أوله التنويري ومنتصفه التحرري، واحتلالات، وعنف، وأفق مسدود فلا أحد يعرف حقا ما السبيل. إلا أنه، ورغم الكدر المتغلغل في أرجاء العالم كله بسبب الدعوة اللجوج إلى الإقرار بواقعية الخضوع للبزنس وما يتبع هذا التسليم من مقاييس، ما زالت الدهشة تعتبر درعا أخلاقيا وما زالت تعتبر منبع الإبداع والتجديد.   لذلك، ينبغي أن يبقى مدهشا تعرض القضاة في مصر -أم الدنيا، أليس كذلك؟- للضرب في الشارع على يد أفراد من الشرطة يقودهم عن بعد ضابط مختص في القمع، يصدر أوامره ميدانيا. ينبغي أن يبقى مدهشا أن يؤدي به إلى المستشفى لعدة أسابيع، الضرب الذي انهال على القاضي الوقور. لم تكن إذاً دفعة صغيرة أو لكمة عابرة عن طريق الخطأ، بل كانت تقصّدا.    ماذا يتبقى لسلطة يضرب الشرطي فيها القاضي؟   يقر وزير العدل المصري في مؤتمر صحافي بأنه تعرض «لضغوط سياسية» عليا من أجل تحويل القاضيين إلى المجلس التأديبي عقوبة لهما على تناولهما العلني لبعض التواطؤ القضائي في التغطية على التزوير في الانتخابات. قاضيان آخران غير القاضي المضروب، وقبل ضرب هذا الأخير الذي ضُرب لمشاركته في اعتصام نفذه القضاة للاحتجاج على واقعة تحويل القاضيين إلى التأديب!   وأما تحويل المستشارين في محكمة النقض، وهي أرفع الهيئات القضائية، وهما نائبا رئيسها، إلى اللجنة التأديبية، تمهيدا لنقلهما من وظيفتهما أو لإحالتهما على التقاعد، فهو الفصل الراهن وغير الاخير من سياق بدأ منذ بضع سنوات، حين اشترط الجسم القضائي، ممثلا بنادي القضاة في مصر، وهو بمثابة النقابة، أن يتولى الإشراف على الانتخابات العامة حتى يصدر صكا يشهد بنزاهتها. ولأن السلطة كانت بحاجة لمثل هذه الشهادة بمواجهة تهمةٍ تُلاقي قبولا عاما بأنها تتلاعب بنتائج الانتخابات، ولأن حركة الاحتجاج على هذا التلاعب تعاظمت، وافقت السلطة على إشراف قضائي حاولت حصره في الحدود الدنيا: يوم الانتخابات وصناديق الاقتراع. إلا أن بعض القضاة – بل أغلبهم – استفاد من التجربة للسعي إلى مزيد من إتقانها، فتبلورت مطالبة، تُلاقي هي الاخرى قبولا عاما، بشمول الرقابة القضائية لمجمل العملية من أولها أي القيد في السجلات، إلى آخرها أي إعلان النتائج، وبشمولها كل انتخابات عامة وليس التشريعية منها فحسب. مبدئيا، ليس هذا مطلبا ثوريا بل هو يطابق منطق الأصول الدستورية. لكنه في بلداننا إجراء خطير لأن السلطة بشكل عام تعتمد على الفساد كنمط لتسيير الأمور، بل الفساد هو عصب السلطة. الفساد في كل الميادين وليس في الاقتصاد فحسب كما يُظن.   الفساد استقر كنظام عام، لذا تفقد السلطة صوابها حين يتم الاقتراب من آليات الفساد لتعطيلها أو أقله لعرقلة عملها. وفي المقابل، لعل ذلك هو أيضاً، وتحديدا، سر الالتفاف الكبير الذي تشهده مصر حاليا حول صراع نادي القضاة من أجل انتخابات عامة نزيهة. لعله استشعار لنقطة بداية ما تنطلق من عندها الحركة المعكوسة: انتخابات عامة نزيهة، فسلطة متجددة وقابلة للمساءلة، وخاضعة لها، وهي لذلك وبالضرورة تمتلك درجة من الحساسية، وإن معقولة، تجاه القضايا العامة، من معالجة الانهيار المريع في التعليم العام والعناية الصحية العامة، إلى شكاوى الفلاحين الذين تنزع منهم أرضهم بالقوة في تصفية تامة لكل إجراءات الإصلاح الزراعي، إلى الفضائح اليومية المتعلقة بالاتجار بالأغذية الفاسدة وبكل ما يخطر على بال، إلى سوى ذلك من لائحة تطول في مصر وقد تنتهي بالنجاح في مطاردة كل اللصوص… واستئناف الحلم.   تلك هي محورية معركة القضاة ورمزيتها في آن معا. وأما رد السلطة فيتميز بالضيق وبالعنف المنقطع النظير. لو تُحكى قصة تلك الصحافية التي ذهبت لتغطية اعتصام القضاة والتجمع المساند لحركتهم لظُن أن في الأمر مبالغة أو أن الوقائع تجري في مكان من العالم نجهل قواعد الحياة فيه: منذ أيام قليلة، اختطفت السيدة من الشارع من قبل عربة شرطة، وهي تصرخ «أنا صحافية»، وأوسعت ضربا في العربة ثم مزقت ثيابها تماما وهددت بالاغتصاب الجماعي، ثم حدث ما لا يروى، وبعدها اقتيدت عارية في الشارع ومُنع المارة من التدخل لستر جسمها بأي ثياب، بحجة أنها «آداب») !وماذا لو؟)، ولم تنته محنتها إلا بعد ساعات. قصة ترهيب صُممت لتكون نموذجية. وهي تكررت ولم تنفع، بدليل أن الصحافية نفسها روت الواقعة واستأنفت عملها. إلا أن السلطة لا تملك سوى ذلك جوابا عن الأحداث المتسارعة. لهذا السلوك في السياسة اسم: إنه الإفلاس.   ويتكرر هذه الأيام أيضا مشهد مماثل في تونس، من اعتداء على القضاة – ومعهم المحامين- وإن لم يصل وقعه بعد إلى درجة ما يجري في مصر، ولم ينل بعد الصدى الذي أصاب نظيره المصري، حيث بدأت حملة تضامن من الأجسام النقابية للقضاة في العالم مع حركة القضاة المصريين وضد موجة القمع الشرسة، التي وإن كانت لم تتوقف أبدا إلا أنها تعرف اليوم مستويات قياسية، حيث هناك مئات المعتقلين ومواجهات في كل مدن مصر وجامعاتها.   والسؤال يتعلق بأسباب العودة إلى هذا المقدار من الشراسة، عدا الإفلاس مما ليس عارضا. وربما كمن أحد الأجوبة في الاطمئنان إلى تغير في المقاربة الأميركية – من جديد- لواقع هذه السلطات، حيث اختفت المطالبة بالديموقراطية بل بتعميمها، وابتُلعت تلك النظرية التي عبرت عنها الدكتورة رايس حين قالت إن الإدارة الأميركية أخطأت في الماضي إذ فضلت الاستقرار على التغيير فعرقلت الديموقراطية. فبعد انتصار حماس في فلسطين إثر انتخابات هناك إجماع على نزاهتها، وغلبة قوى في العراق إثر انتخابات اشرف عليها الاحتلال بنفسه واتت بمن لا ترغب واشنطن بتحقيقهم للغلبة – إلى هذا الحد على الأقل، وبعد وصول كتلة وازنة من الأخوان المسلمين إلى البرلمان في مصر، بات الحديث عن الديموقراطية والتغيير خفيض الصوت في واشنطن، وعادت السلطات التي خافت لوهلة إلى «الفرعنة». وهي بذا تثبت أنها سلطات تابعة حتى عندما تمارس القمع!   وينطبق القانون نفسه على سورية وإن خاصمت الولايات المتحدة: فها هي تعود إلى اغتيال تلك الفسحة الرقيقة من «السماح» التي تركتها تزدهر بعض الشيء حين كانت تخشى إطباق الخطة الأميركية عليها خلال الفترة القريبة الماضية، فلا تكتفي بالاستمرار في اعتقال الاقتصادي الكبير الدكتور عارف دليلة، اعتقالا متعنتا وكيديا لا يراعي مكانة الرجل وسنه ومرضه، وخصوصا براءته من كل تهمة، بل تقدم منذ أيام على اعتقال رجل من طينة الكاتب ميشيل كيلو، وهو معارض بالتأكيد لنهج النظام القائم، وإنما لا يمس وطنيتَه الصميمة أي غبار. بل هو معارض لأنه وطني! ولأنه يعرف أن المعركة التي تنتظر سورية – رغم الارتباك الأميركي في العراق، ورغم ارتفاع وتيرة التحدي الإيراني للولايات المتحدة – لا تخاض بالطرق والأدوات السائدة.   ليس على ذلك من مزيد، سوى ربما العودة إلى الدهشة. دهشة مصطنعة هذه المرة!   (*) كاتبة وأكاديمية من لبنان   (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 21 ماي 2006)


الأحزاب الإسلامية وكسب تحدي الإصلاح الديموقراطي
 

د. سعد الدين العثماني – الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي (*) elotmani@maktoob.com   يعتبر الحديث عن الإصلاح في البلدان العربية والإسلامية حديث الساعة، والاهتمام به الشغل الشاغل لمختلف القوى السياسية والمجتمعية. والتعرف على رؤية الحركة الإسلامية السياسية في هذا المجال أمر مهم بسبب الوزن السياسي المتنامي لهذه الحركة، والأنظار المتجهة إليها قبولا أو رفضا، رضى أو توجسا من مختلف القوى السياسية المحلية والأجنبية.   إن أبناء الحركة الإسلامية في النهاية مواطنون يمتلكون تصورات للإصلاح في بلدانهم، ومن الضروري التعرف على تلك التصورات من أصحابها وبقدر مقبول من الدقة بعيدا عن الخطابات المعممة والآراء الانطباعية. وهذا يمكن من التعرف علي تصورات مكون أساسي من مكونات الواقع السياسي في الحاضر والمستقبل، بعيدا عن التهوين والتهويل، بغية التعرف علي مساحات الالتقاء والاختلاف فيما بينها وبين التوجهات الفكرية والسياسية الأخرى.   تنويهات أولية   من المهم التنويه في بداية هذا العرض إلى أمور أولية هي:   ـ إن الحركة الإسلامية لا تحمل تصورا واحدا منمطا ولا مقاربة واحدة لأمور الإصلاح السياسي، بل تتجاذبها مدارس متنوعة، وأحيانا متباينة. ولذلك فإن تحميل بعضها أفكار أو تصرفات البعض الآخر، مما هو شائع لدى بعض المتتبعين والكتاب أمر غير علمي ولا موضوعي. وفيه الكثير من الأحكام المعممة بغير وجه حق. وذلك التنوع في حد ذاته ليس أمرا سلبيا كما يتصور البعض، بل هو تجل لسعة الظاهرة الإسلامية وانتشارها وتجذرها، وكونها تستوعب اليوم فئات مختلفة ومتباينة من المجتمع.    ـ إن التيار العام للحركة الإسلامية هو تيار يتبنى الفكر الوسطي المعتدل، والنظرة التجديدية للدين، ويتبنى الإصلاح بالوسائل السلمية والقانونية، وينبذ كل أشكال العنف.   ـ إن السمة الغالبة على مقاربة الحركة الإسلامية السياسية للإصلاح هي التدرج وطول النفس وتجنب مختلف أشكال العجلة والتسرع وعدم القفز على معطيات الواقع بغية اختصار طريق الإصلاح، وهو الخطأ الذي وقعت فيه فصائل كثيرة من الحركات اليسارية والقومية والإسلامية طيلة عقود من الزمان.    ـ إننا هنا نعبر عن رأي شخصي لعدد من قضايا الإصلاح السياسي والمجتمعي، وفي المجمل للمقاربة التي يتبناها حزب العدالة والتنمية المغربي.    المرجعية الإسلامية   من الطبيعي أن يمتلك أي مشروع للإصلاح تصورا مذهبيا يجد أصوله في فلسفة معينة لها نظرتها ورؤيتها للعالم والإنسان والتاريخ والمجتمع. إنها المرجعية أو الأرضية التصورية للإصلاح. وفي جميع الحالات يعرف التعامل مع تلك المرجعية تراوحا بين الوثوقية النصية وبين التجديد والمراجعة، ويصل أحيانا إلى التجاوز أو التلفيق. وبتعبير آخر يتراوح  بين الراديكالية أوالتطرف، والإصلاحية، والتجديدية. وليست الحركة الإسلامية بنشاز عن ذلك بتبنيها المرجعية الإسلامية وانطلاقها منها لبناء تصوراتها ورؤيتها واستلهام مشروعها المجتمعي.    والانطلاق من مرجعية مثل هذه لا ينافي في شيء الحداثة ولا الديمقراطية، ولا التنظيم المدني للسلطة كما سنحاول تفصيل ذلك في هذا العرض. كما أن التجربة الغربية نفسها استوعبت العديد من الأحزاب ذات المرجعية المسيحية، فتكون منهم تيار الديمقراطيين المسيحيين والاجتماعيين المسيحيين. وتنص القوانين المؤسسة لهذه الأحزاب صراحة على انطلاقها من القيم المسيحية أومن الكتاب المقدس على حسب اختلافاتها وتنوع رؤاها.     وتصورنا لأهمية المرجعية ينطلق من أن تطور الشعوب لا يمكن فصله عن النسق الثقافي والمرجعية الحضارية السائدة في تاريخها. وشعوبنا ظلت عبر تاريخها شعوبا مسلمة. وأي إصلاح لأحوال المجتمع ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار هذه الحقيقة التاريخية. وهكذا فإن نجاح أي إقلاع اجتماعي وحضاري وأي تحرك في مواجهة التحديات المطروحة يستلزم الارتباط بالخصوصية التاريخية، بل ينبغي أن ينطلق من روح الاعتزاز بالمكانة الحضارية والتاريخية لبلداننا وأمتنا، والتأسيس على أرضية توافقية وتشاركية بين مختلف فئات المجتمع. وهو أكفأ السبل للاستثمار الأنفع لطاقات الشعوب.    وإن تغييب هذه الحقيقة يؤدي إلى ردود فعل تضيع الوقت والجهد، كما أنه لن يستطيع تعبئة الطاقات والجهود لإنجاح المبادرة المعنية.    إن الشرط هوياتي والثقافي يشكل مدخلا أساسيا وضروريا لنجاح أي إصلاح، فهو القادر على زرع الحيوية في الأمة وتوليد الطاقة القادرة على الإنجاز. والكثير من التوترات في مراحل التغيرات الاجتماعية ناتج عن وضع برامج مصادمة للهوية، وللمبادئ التي يعتنقها الشعب ويؤمن بها. وإلى هذه الحقيقة انتهت اليوم مختلف الدراسات الاجتماعية، ومختلف النظريات التي تهتم بالتنمية. فقد أضحت الخصوصيات الثقافية والاجتماعية أمرا تهتم به جميع المنظمات الدولية وتعمل على تكييف برامجها معه.   لكن من الناحية المبدئية والحقوقية أيضا، فإن انطلاق مشاريع النهوض من المرجعية الإسلامية حق من حقوق الشعب واحترام لهويته وعقيدته، ومن الظلم أن يحرمه. وأي مشروع لا ينطلق من تلك المرجعية فهو اعتداء على الشعب وعلى هويته وثقافته.    صحيح أن المرجعيات يجب أن تخضع باستمرار للنقد والمراجعة والتجديد حتى لا تبقى محنطة عاجزة على إنتاج رؤى ومواقف وبرامج متناسبة مع تطور العصر وحاجات المجتمع. وهي وظيفة التجديد في الفكر الإسلامي والتي تعني الاجتهاد الفقهي والفكري الإسلامي، بما يتلاءم مع ما صار إليه المجتمع من أوضاع ومشارب واحتياجات.   ونهدف في عرضنا هذا إلى توضيع المنطلقات المعرفية لتصور حزب العدالة والتنمية المغربي للممارسة السياسية وللإصلاح، والمنهجية المعرفية التي يعتمدها في التعامل مع المرجعية الإسلامية ومع النص الشرعي.     وقد اخترت أساسا منهجيا للإجابة على هذا السؤال سمات تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم بالإمامة، فعلى عكس ما يظن الكثيرون فإن لها خصوصيات تصلح أساسا منهجيا لتجديد الفكرة الإسلامية في هذا المجال، والخروج من سجن التجارب التاريخية التي ربما تكبل انطلاقة الكثير من المسلمين للاستفادة بقوة من التجربة الإنسانية المعاصرة.     تنوع التصرفات النبوية   في الإسلام ليست التصرفات النبوية من نوع واحد ولا على وزن واحد. فعلى الرغم من أنه نبي تلقى الوحي عن الله إلا أن تصرفاته، من أقوال وأفعال ليست كلها وحيا يتبع، بل منها إضافة إلى ذلك نوعان من التصرفات على الأقل:    ـ التصرفات بالإمامة أو السياسية: وهي تصرفاته بوصفه إماما للمسلمين ورئيسا للدولة يدير شؤونها بما يحقق المصالح ويدرأ المفاسد ويتخذ الإجراءات والقرارات الضرورية لتحقيق المقاصد الشرعية في المجتمع، وهي التصرفات التي سنتوقف عندها بتفصيل في هذا العرض.   ـ التصرفات البشرية: حيث يتصرف بوصفه بشرا يجري عليه ما يجري على البشر من نسيان وخطأ. ويمكن تقسيم هذا النوع إلى عدة أقسام منها:   1 ـ التصرفات الجبلية: وتشمل أقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله الصادرة منه بمقتضى البشرية المحض.   2 ـ التصرفات العادية: وهو ما يتصرف به الرسول صلى الله عليه وسلم جريا على عادة قومه ومألوفهم في الأكل والشرب وهيئات اللباس، وعوائدهم الجارية بينهم في المناسبات كالزواج والولادة والوفاة ونحوها…من قضايا الحياة المختلفة.    3 ـ التصرفات الدنيوية: وهي تصرفاته صلى الله عليه وسلم في أمور تخضع للخبرة التخصصية وللتجربة البشرية، مثل الزراعة والصناعة والطب وغيرها … فهي لا يتعلق بها تشريع خاص بل هي متروكة إلى معارف الناس وتجاربهم. والأصل في هذه التصرفات أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر بقوم يلقحون النخل: “ما أظن يغني ذلك شيئا”. فتركوه فلم يثمر. فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: “إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه فإني إنما ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به فإني لن أكذب على الله عز وجل ”. وقال لهم أيضا: “ إنما أنا بشر، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر”.     وهذا التقسيم للتصرفات النبوية له فوائد عديدة في فقه الدين وفي التعامل مع أحاديث النبي. وهي تبين أن الكثير منها تستجد بحسب الأحوال والظروف، أو ترتبط بأسباب وأحوال خاصة، أوليست إلا تعبيرا عن بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم. وبالتالي فليست كلها سنة للاتباع والاقتداء. وهذه قاعدة جوهرية لتناول الممارسة السياسية وطبيعتها في الإسلام.   التصرفات النبوية السياسية   لننظر الآن إلى التصرفات النبوية السياسية أو التي تسمى لدى القدماء التصرفات النبوية بالإمامة.  وهي تعرف بأنها تصرفاته صلى الله عليه وسلم بوصفه رئيسا للدولة يدير شؤونها بما يحقق المصالح ويدرأ المفاسد ويتخذ الإجراءات والقرارات الضرورية لتحقيق المقاصد الشرعية في المجتمع.    لكن المهم هو أن نتوقف عند سمات التصرفات النبوية بالإمامة لنرى درجة الموضوعية التي يصر الأصوليون على التعامل بها معها. ويمكن حصر أهمها في أربع سمات هي :    1ـ تصرفات خاصة:   فتصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم بالإمامة تصرفات جزئية مرتبطة بتدبير الواقع وسياسة المجتمع، فهي خاصة بزمانها ومكانها وظروفها.     و من تم فهي ليست شرعا عاما ملزما للأمة إلى يوم القيامة. وعلى المسؤولين بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ألا يجمدوا عليها، وإنما عليهم أن يتبعوه صلى الله عليه وسلم في المنهج الذي بنى عليه تصرفاته وأن يراعوا المصالح الباعثة عليها، والتي راعاها النبي صلى الله عليه وسلم زمانا ومكانا وحالا.    2ـ تصرفات مرتبطة بالمصالح العامة     والسمة الثانية ذات الأهمية الكبيرة أن التصرفات بالإمامة تهدف إلى  تحقيق المصالح العامة. ويربط الأصوليين التصرفات بالإمامة بالمصلحة العامة معيارا أساسا لها، وهو يعكس تمييزا مقصودا بين الفقه الفردي، والفقه الجماعي الذي تؤثر قراراته على مصالح المجتمع الكبرى أو على شرائح واسعة منه.     3 ـ تصرفات اجتهادية:    فمن المتفق عليه أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يبلغ عن الله أو عندما يبين الدين يتصرف وفق ما أوحي إليه به أو وفق ما فهمه من الوحي مما لا يقر فيه على خطأ. وعندما يتصرف بوصفه “إماما” أو قائدا سياسيا إنما يتصرف باجتهاده ورأيه الذي يمكن أن يصيب فيه أو يخطئ. وهذا الأمر الثاني يكاد يجمع عليه الأصوليون والفقهاء.     ومما يدل أيضا على أن تصرفاته صلى الله عليه وسلم بالإمامة راجعة إلى اجتهاده، مشاورته لأصحابه فيها. إذ لو كان مأمورا بالوحي في القضية المعروضة لما استشارهم. والواقع أنه كان ينزل عند رأيهم ويرجع إلى خبرائهم، كما كان يراجع ويناقش دون أي نكير .   وكان الصحابة يميزون بين وظيفته صلى الله عليه وسلم بوصفه مبلغا للرسالة والوحي ووظيفته بوصفه قائدا سياسيا وحربيا. وإذا اختلط عليهم الأمر سألوه فبين لهم. فقد راجعه أحد أصحابه واسمه الحباب بن المنذر في إحدى حروبه فقال له: “يا رسول الله أهذا منزل أنزلكه الله، ليس لنا أن نتقدمه ولا أن نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة”. فقال صلى الله عليه وسلم: “بل هو الرأي والحرب والمكيدة”. فأشار عليه برأي مغاير فقبله.     4 ـ تصرفات في أمور غير “دينية” :   وهو معنى يعبر عنه بعض الأصوليين بالتأكيد على أنها تكون “فيما يقع فيه التنازع لمصالح الدنيا”، تمييزا لها عن الأمور التي أتت لتحقيق “مصالح الآخرة”.    وهذا التمييز بين ما هو لمصالح الدنيا وما هو لمصالح الآخرة مهم جدا، لكنه يجب أن يفهم في إطار النظرة الإسلامية الشاملة للعلاقة بين الدين والدنيا. إن لفظ الدين يستعمل في الإسلام بمعنيين:   الأول عام، يشمل جميع أوجه نشاط المسلم وجميع الأعمال التي يأتيها بما فيها ممارسته السياسية. وهكذا فكل ما يفعله المسلم في حياته من عمل صالح فهو عبادة بمفهومها العام. وكل ذلك يدخل في مسمى الدين. ولذلك كانت كتب الفقه التي تتضمن أحكام الدين العملية تضم أبواب الصلاة والصيام إلى جانب أحكام الأسرة والزواج والطلاق والإرث، والأبواب المرتبطة بالنشاط الاقتصادي والأبواب المرتبطة بالنشاط السياسي. وكل هذا كان يعتبر دينا. فهو هنا بمعنى كل عمل صالح نافع مفيد.   المعنى الثاني للدين خاص، يستعمل في مقابل الدنيا. كما ورد في قول الرسول نفسه: “إن كان من أمر دينكم فإلي، وإن كان من أمر دنياكم فشأنكم”. كما قال في الحادثة التي أشرنا إليها من قبل: “إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه، فإني إنما ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به، فإني لن أكذب عن الله”. وفي حديث آخر: “إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر “. فالدين ما كان من تصرفاته عن وحي أو اجتهاد في مرتبة الوحي، والدنيا ما كان منه عن رأي واجتهاد محض.    وذهب كثير من علماء الإسلام إلى أن تصرفاته صلى الله عليه وسلم في أمور الدنيا التي تخضع للتجربة هو فيها بشر ككل الناس، ومن ذلك مثلا:    ·أبو محمد ابن حزم (ت 456 هـ): ”فهذا (الكلام النبوي) بيان جلي (…) في الفرق بين الرأي في أمر الدنيا والدين”، “وإننا أبصر منه بأمـور الدنيا التي لا خير معها إلا في الآجل، وهو أعلم منا بأمر الله تعالى وبأمر الدين المؤدي إلى الخير الحقيقي…” (الإحكام)   ·القاضي عياض (ت 544 هـ): “أما أحواله في أمر الدنيا فقد يعتقد صلى الله عليه وسلم الشيء منها على وجه يظهر خلافه” (الشفا)   · محيي الدين النووي حول حديث تأبير النخل: “قال العلماء: ولم يكن هذا القول خبرا وإنما كان ظنا كما بينه في هذه الروايات، قالوا: ورأيه صلى الله عليه وسلم في أمور المعايش وظنه كغيره فلا يمتنع وقوع مثل هذا ولا نقص في ذلك        (شرح مسلم)    ·العز بن عبد السلام: ” أما مصالح الآخرة وأسبابها ومفاسدها فلا تعرف إلا بالشرع، فإن خفي منها شيء طلب من أدلة الشرع، وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس المعتبر والاستدلال الصحيح. وأما مصالح الدنيا وأسبابها ومفاسدها، فمعروفة بالضرورات والتجارب والعادات والظنون المعتبرات، فإن خفي شيء من ذلك طلب من أدلته (قواعد الأحكام 1/10)  “ولا تعرف مصالح الآخرة ومفاسدها إلا بالشرع. وتعرف مصالح الدنيا ومفاسدها بالتجارب والعادات ” (الفوائد في اختصار المقاصد ص 41)   إن أهمية التنصيص على انبناء التصرفات النبوية بالإمامة على مصالح الدنيا له دلالات متعددة منها:   ـ أنه يخرجها من مسمى الدين بالمعنى الثاني. وهو دليل على وجود نوع من التمييز بين الدين والدنيا في الإسلام.   ـ أن من مقاصد الإسلام إزالة أي نوع من القداسة عن الممارسة السياسية حتى لا يصير ذلك احتكارا لها باسم الدين، أو حجرا على الإبداع والانطلاق.    ـ أن هذا التمييز يفيد في إدراك ضرورة تغير التصرفات النبوية بالإمامة في حال تغير المصالح التي انبنت عليها. فهي ليست ملزمة لأي جهة مسؤولة أو تشريعية، ولا يجوز الجمود عليها بحجة أنها (سنة النبي). وإنما يجب على كل من تولى مسؤولية سياسية أن يتبعه صلى الله عليه وسلم في المنهج الذي هو بناء التصرفات السياسية على ما يحقق المصالح المشروعة.    وثيقة المدينة: أول دستور في الإسلام   وأول تطبيق لهذا المنهج نجده في الوثيقة التي وضعها الرسول بعد هجرته إلى المدينة سنة 622م. وهي وثيقة تنظم العلاقات داخل المدينة بين المسلمين، وبينهم وبين المجموعات البشرية الأخرى وخصوصا اليهود.  وتعرف هذه الوثيقة تاريخيا باسم الصحيفة، أو صحيفة المدينة، أو كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل المدينة.   وقد جاء في هذه الوثيقة: “بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب من محمد النبي الإمي، بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم، أنهم أمة من دون الناس”.   إلى أن قال: “وأن من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم”. ثم يقول: “وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم، إلا من ظلم وأثم”. ثم ذكرت الوثيقة تسع قبائل يهودية واحدة تلو الأخرى، تنص في كل مرة على  أن لهم مثل ما ليهود بني عوف، وتضيف إلى ذلك أن مواليهم وبطانتهم كأنفسهم. وتقرر الوثيقة بعد ذلك على أن بين المسلمين واليهود “النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم”.    فهذه الوثيقة ربما تكون الأولى من نوعها في التاريخ تضع أسسا متقدمة للاجتماع السياسي من خلال التأكيد على أمرين أساسين هما:   ـ  حرية العقيدة والعبادة، فلكل إنسان الحق في دينه لا يضايق عليه.    ـ التعددية والمساواة بين مواطني المدينة بغض النظر عن معتقداتهم الدينية. فجميع المقيمين في دولة المدينة المنورة، مهما اختلف دينهم مواطنون فيها، لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات. وهذا أهم تأسيس لمفهوم المواطنة في الإسلام.    إن هذه الوثيقة في تفاصيلها الكثيرة تصرف نبوي بوصفه رئيسا للدولة، لكنها في توجهاتها العامة تعكس المبادئ الإسلامية العليا التي يجب أن يتخذها المسلمون نبراسهم في واقعهم السياسي وفي دأبهم لتطويره.    الدولة في الإسلام دولة مدنية   إن التصرفات النبوية بالإمامة بما هي تصرفات بالسياسة الشرعية، تفتح بابا واسعا لتجديد الفقه السياسي في الإسلام، وإعادة النظر ـ من زاوية جديدة ـ في كثير من قضاياه. كما تمكن من إرساء وعي منهجي في مجال السياسة الشرعية، وإشاعته بين المشتغلين بالإحياء الإسلامي نظرا وتطبيقا.    ورغم أن التفرقة في الإسلام بين ما هو وحي وما هو نتاج بشري، بديهي ومعروف، وخصوصا فيما يتعلق بالممارسة السياسية، إلا أن الوعي بالتصرفات النبوية بالإمامة يوفر أساسا منهجيا هاما وصلبا للعديد من القضايا المطروحة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، نذكر منها: 1)) تبين سمات التصرفات النبوية بالإمامة أن الدولة الإسلامية دولة مدنية، وليست دولة دينية بالمعنى المتعارف عليه في الفكر السياسي الغربي.    فطبيعة التصرفات النبوية بالإمامة وسماتها توضح كيف أن الإسلام ينزع كل عصمة أو قداسة عن ممارسات الحكام وقراراتهم، كما ينزعها عن الوسائل التي تتوسل بها الدولة لإدارة شؤون الأمة. لذلك فإن الدولة في الإسلام لا يمكن أن توصف بأنها دولة دينية لأنه لا توجد دولة دينية بدون العصمة أو المعرفة النابعة من عالم الغيب أو من الوحي.    الدولة في الإسلام إذن دولة دنيوية، قراراتها بشرية، واجبها تبني أقصى درجات الموضوعية والواقعية في تسيير شؤون المجتمع،    كما أن الحاكم في الإسلام، لا يستمد مشروعيته من قوة غيبية، بل هو فرد عادي يستمد ولايته من الأمة التي اختارته وكيلا عنها بمحض إرادتها وهو مسؤول أمامها في الدنيا، فضلا عن مسؤوليته أمام الله يوم القيامة. لكن مسؤوليته في الآخرة فردية لا تنقص في شيء من مسؤوليته الدنيوية الكاملة أمام شعبه.   وهكذا يتبين أن النموذج السلطاني التاريخي للدولة ليس هو الصورة المطلوبة من المسلمين، وإنما عليهم إبداع نموذج يتوافق وحاجياتهم وتطورات مجتمعهم وظروف عصرهم.   2)) علاقة الديني والسياسي: تمييز لا فصل   لقد اتخذت العلاقة بين الديني والسياسي في فكرنا المعاصر صيغا مختلفة ومتناقضة. لكنها اتخذت في الغرب نفسه أشكالا متباينة على الرغم من وجود قواسم مشتركة. وكل تجربة لها سياقها الخاص، وكل مجتمع يتواضع على صيغة معنية انطلاقا من خصوصياتها.      ولا شك أنه من الضروري الاستعانة في مجال بناء نموذج العالم الإسلامي في التجربة الديمقراطية بتجارب الآخرين. فالتجارب السياسية الإنسانية أعطت الكثير لاستقرار شعوبها وعقلنة إسهامها في تسيير شؤونها.     والقراءة المتفحصة والمتفهمة للتجربة السياسية الغربية تمكننا من إبداع نموذج يحقق الانسجام بين الشرعي والوضعي، ويستجيب لحاجياتنا الخاصة ويمكن من إنجاز التوافقات حولها. وهذا يحتاج إلى إزالة القداسة عن الجوانب المتعلقة بالسياسة من الدين، إذا استثنينا المبادئ العامة والمقاصد الكبرى، والباقي بشري دنيوي بشرية ودنيوية التصرفات النبوية بالإمامة.    ولذلك فإننا نتصور أن الفصل بين الديني والسياسي غير متصور وغير ديمقراطي وغير واقعي.   إنه غير متصور نظريا لأن الإنسان عندما يمارس حقوقه السياسية يفعله انطلاقا من المبادئ والأفكار التي يحملها. وتنطبع ممارسته السياسية بذلك. ولا يمكنه أن يتخلى عن أفكاره.    وهو غير ديمقراطي لأنه معارض لحقوق الإنسان. فجميع المواثيق الدولية تؤكد على حق الإنسان في الدفاع عن أفكاره. كما أنه مسوغ لبعض أنظمة الحكم لممارسة القمع السياسي ومنع بعض التوجهات السياسية من ممارسة حقوقها استنادا إلى زعم كونها حركات “دينية”. وهو مستند غامض قابل لكل التأويلات. وهو غير ديمقراطي أيضا لأن الإسهام الفاعل للجمهور الواسع من المواطنين “المسلمين” في بلد مسلم مثل المغرب في الفعل السياسي، ليس من المرجح حدوثه إلا إذا اتسق هذا الفعل مع مبادئهم الدينية ومعاييرهم الثقافية. وتنزيل الحد الأدنى من الديمقراطية يستلزم كما هو معروف، إلا بوجود درجة كافية من التعبئة للمشاركة السياسية واستحقاقاتها.   وهو غير واقعي لأن هناك اليوم، وفي مختلف الثقافات والديانات عودة الدين إلى عمق الاحتجاجات الاجتماعية والنضال السياسي. كما أن جميع الديمقراطيات اليوم وسعت أصحاب الفكرة السياسية المنطلقة من خلفية دينية مثل الأحزاب الديمقراطية المسيحية في أوربا وآسيا، واليمين المسيحي المحافظ في أمريكا، والأحزاب الهندوسية في الهند، والأحزاب الدينية اليهودية في إسرائيل. فمن غير المبرر ولا المعقول أن تتميز الديمقراطيات في العالم العربي بإقصاء الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، إلا إذا كان الهدف هو الاستئثار بالساحة السياسية من قبل فاعلين تقليديين يخشون من المنافسة الديمقراطية. كما أن العديد من الاتجاهات حاولت الفصل بين الدين والسياسة وهي في السلطة، مثل القومية العربية والاشتراكية العربية، لكنها اصطدمت بواقع معقد رافض، فأنتجت أشكالا عديدة من التطرف.   وفي رأينا أن العلاقة الأوفق بين الدين والسياسة في الإسلام ليس هو الفصل بل هو التمييز. فالدين حاضر في السياسة كمبادئ موجهة، وروح دافقة دافعة، وقوة للأمة جامعة، لكن الممارسة السياسية مستقلة عن أي سلطة باسم الدين أو سلطة دينية.    فبالنسبة لأساس الشرعية، يجمع الفقهاء الدستوريون المسلمون قدماء ومحدثين على أنه يعود للأمة أو الشعب. وأكبر دليل على ذلك هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه توفي ولم يعين أو يوص لأحد بعده بالحكم. فترك الأمر للناس ليس فقط ليختاروا الشخص الذي يريدون، ولكن أيضا بالنهج الذي يرتضون. وهذه سابقة دستورية ذات دلالة، لصدورها من الرسول نفسه. لذلك فالحاكم تختاره الأمة بالطريقة التي ترضيها، والبيعة عقد بين الحاكم والمحكوم أساسه الرضا التام، بدونه فلا عقد. لكن الحاكم على كل حال واحد من الأمة ولي مسؤولية الحكم، فلا امتياز له بذلك، ولا يتصرف إلا بما يقتضيه عقده مع الأمة.    وينطبق نفس الشيء على العديد من المقتضيات الأخرى مثل ضبط المؤسسات السياسية وانتخاب المسؤولين وتحديد مدد ولايتهم، والعلاقة بين السلطات واستقلاليتها وغير ذلك. فهي كلها أمور دنيوية تخضع للاجتهاد البشري.    من الاستنتاجات التي تفيدنا بها أيضا سمات التصرفات النبوية بالإمامة تاريخية التجربة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين، وهي تجربة ظل الفكر الإسلامي المعاصر، السياسي والتشريعي سجينا لها في كثير من الأحيان. إن التجربة الراشدية تشكل لا شك تجربة سامقة، لها في نفس كل مسلم الإجلال والتقدير، لكن هذا لا يجعلها تجربة تتجاوز الزمان والمكان والملابسات التي أملتها.    فما دامت الممارسة السياسية النبوية نفسها نسبية، فمن باب أولى أن تكون التجربة الراشدية كذلك نسبية. وإذا كنا مأمورين بالاقتداء في مجال التصرفات النبوية السياسية بالمنهج العام دون الجمود على الأحكام الجزئية، فإن الاقتداء الذي أمرناه للخلفاء الراشدين لا يمكن إلا أن يكون أيضا اقتداء بمنهجهم في التعامل مع كل نوع من التصرفات النبوية، وأسلوب تفاعلهم مع الواقع الإسلامي المتغير، وتنزيلهم للدين فيه. أما الأشكال المؤسساتية، والآليات الدستورية، والاجتهادات التشريعية والسياسية للفترة الراشدية، فإنها نتاج بشري واجتهاد دنيوي محكوم بالسياق التاريخي والظروف الحضارية والمناخ الثقافي لعصرها. ويجب ألا تتحول إلى جزء من الدين يلزم به المسلمون على اختلاف عصورهم.   قضايا الإصلاح السياسي   لقد أثبتنا الآن أن أي تجربة سياسية في التاريخ الإسلامي ليست نموذجا دينيا يقاس عليه وليست مقارباته ولا حتى مصطلحاته جزءا من الشرع أو الدين. وعلى هذه الأساس المنهجي الواضح يمكننا بسهولة تناول الخطوط العامة لرؤيتنا لمختلف قضايا الإصلاح السياسي.   1. إذا كانت الديمقراطية هي أن يحكم الشعب نفسه بطريقة مباشرة وغير مباشرة، فإنه من الخطأ البين تصور أي تعارض بينها وبين الإسلام. والسبب الأول لذلك هو أن الإسلام لم يضع شكلا محددا للحكم ولا لمشاركة المواطنين فيه، بل ترك ذلك للإبداع البشري وتطوره حسب ما تمليه مسيرة الإنسان الحضارية. وأي شكل جديد يقرب من النموذج المأمول فهو ليس فقط مرحبا به، بل من الواجب دينا ودنيا الاستفادة منه إلى أقصى درجة ممكنة.    ومن الخطأ أيضا وضع مقابلة أو تناقض بين الشورى والديمقراطية، لأن الشورى مبدأ وليس طريقة للحكم. ونماذج تطبيقها في الواقع الإسلامي هو صيغ تاريخية اجتهد المسلمون في وضعها، ولا يمكن إلزام من بعدهم بالجمود عليها. وهكذا فإن أمورا مثل أهل الحل والعقد، وطريقة اختيار الحاكم، ومدة ولايته، ووضعية مواطني الدولة فيها، وغيرها إنما عالجها المسلمون على حسب ما تسمح به ظروفهم الحضارية ومستوى تطور البشرية وليس بالشكل الذي تمليه المقاصد العامة للإسلام.    وهكذا فإن كون الدولة في الإسلام دولة مدنية، تستمد مشروعيتها من مواطنيها، يجعل المسلمين منفتحين باستمرار لتطوير نموذج الحكم على حسب ما تبدعه البشرية من آليات ونظم، وقادرين على تمثل النموذج الديموقراطي في أعلى صوره، بل وإغنائه بمبادئ وقيم تعطيه العمق الاجتماعي والبعد الإنساني الواسع.   لكن الديمقراطية لا يتم تنزيلها في جميع المجتمعات بنفس الطريقة. فإضافة إلى الفروق المعروفة بين الديمقراطيات الغربية نفسها، فإنه من المشروع أن تقوم مجتمعات العالم الثالث، وفي مقدمتها العالم الإسلامي بملائمة الديمقراطية مع أنماطها الحضارية والانطلاق في ذلك من قيمه. وينبني هذا الأمر على أساس أن بناء الديمقراطية عملية متواصلة تتكيف مع زمانها ومكانها، وليست وصفة جاهزة يتم استيرادها. لكن أيا كان الأمر فإن إرادة الشعب هي الحكم في كل ذلك. ولا يجوز أن يحكم الناس إلا بما يرتضونه، وبالطريقة التي يوافقون عليها، وإلا فإنهم لن يقبلوا عليها ولن يلتفوا حولها. وهذا هو جوهر الديمقراطية.    2. ومن الأمور التي تطرح عادة عند الحديث عن الحركات الإسلامية هو موقفها من تطبيق الشريعة. وقد شوه لفظ الشريعة لدى كثيرين حتى أضحى بعبعا مخيفا. ووقع بالأساس اختزال اللفظ وتشويهه. إن لفظ الشريعة يعني في الأصل مجموع الدين، أما اختزال اللفظ في بعض العقوبات الجنائية فلا أصل له.   لذلك لا بد من وضوح تام في التعامل مع موضوع القوانين والتشريعات. من جهة أولى لا يمكن بأي حال من الأحوال فرض قانون على المجتمع. وإذا كان القرآن يقرر أنه “لا إكراه في الدين”، والذي يعني أن الإيمان نفسه لا يجوز إكراه أي كان عليه، فمن باب أولى أن ينطبق الأمر على ما دون الإيمان في فروع الدين. ومن جهة ثانية فإن إيمان المؤمن بوجوب أمر ديني عليه لا يعطيه الحق بفرضه على الآخرين، فهو مكلف به دينا. لكن ذلك لا يكفي لجعله قانونا عاما في المجتمع، بل عليه أن يحاول إقناع الآخرين به حتى يتبناه المجتمع بالطرق الديمقراطية. فلا يمكن أن تعطى سلطة أو يعطى حاكم حق فرض أحكام على الناس بأي مسمى كان.  ويمكن أن يتساءل البعض ما هي الضمانة حتى لا يخرج الناس في تشريعهم عن محكمات الدين. والجواب بأن الضمانة هي الأمة التي قررت النصوص الحديثية أنها لا تجتمع على ضلال. والاجتماع هنا تعني التبني العام، أي لا تتبنى في عمومها ولا يتبنى أكثريتها ما هو مناقض للشريعة. لكنها إذا تبنت ذلك تأويلا أو اجتهادا أو جهلا فلا يمكن إلزامها بغير ما اقتنعت به. وفي الديمقراطيات الغربية اليوم كثير من الأمثلة عن أمور تدافع عنها أحزاب سياسية بخلفية دينية، لكنها تحاول جعلها قانونا اجتماعيا بالوسائل الديمقراطية. فالجمهوريون عندما يعارضون إباحة الإجهاض في أمريكا، ويحاولون الإقناع بموقفهم، فهم يفعلون ذلك ـ أو كثير منهم على الأقل ـ بخلفية دينية، لكنهم يتوسلون إليه بالوسائل الديمقراطية.      3. وأخيرا ليس من مهمة الدولة أو أي جهة سياسية التدخل في شؤون اعتقاد الناس وفرض تصورات أو اجتهادات دينية معينة عليهم، بل مهمتها تدبير الشأن العام في إطار نظام القيم العامة للمجتمع، وما يقتضيه ذلك من احترام عقيدة مواطنيها وعدم تجريحها أو الاستخفاف بها. كما يجب أن تكفل الدولة حرية الرأي والتعبير وأن تضمن حق العبادة وبناء الهيئات والمؤسسات الدينية لجميع المواطنين في جو من الانفتاح والسماحة الكاملة. وواجب الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية أداء واجبها في الإصلاح السياسي وليس فرض حلول “دينية”.    إن التصورات المطروحة أنفا تجعل الأحزاب الإسلامية المعتدلة في العالم العربي والإسلامي إزاء مسؤولية تاريخية وحضارية كبرى، حيث تجد نفسها مطالبة بريادة عملية الإصلاح السياسي والديموقراطي في بلدانها، واعتبار ذلك شرطا لازما لعملية التحديث والتنمية.  _________________   (*) الورقة قدمت في المؤتمر السابع لمركز دراسة الإسلام والديمقراطية (مايو 2006) بواشنطن دي سي   (المصدر: موقع “مركز دراسة الإسلام والديمقراطية” بواشنطن – ماي 2006) وصلة الموضوع: http://csidonline.org/arabic/index.php?option=com_content&task=view&id=109&Itemid=0


Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

23 mars 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 6 ème année, N° 2131 du 23.03.2006  archives : www.tunisnews.net ATS et UTS: Solidarité avec

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.