TUNISNEWS
7 ème année, N° 2193 du 24.05.2006
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بــــــــيان الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ــ فرع بنزرت: بيــان للــرأي العــام الرابطة المغاربية للديمقراطية تساند الرابطة التونسية لحقوق الإنسان الرابطـة التونسيـة للدفاع عن حقوق الإنسـان: دعـــوة لحضور المؤتمر الوطني السادس التنسيقية المغربية لمساندة الديموقراطيين التونسيين: بــــــلاغ إسلام أون لاين: تونس.. تصاعد المواجهة بين المحامين والحكومة موقع الجزيرة.نت :الأمن التونسي يفرق تجمعا للمحامين سويس انفو: تونس ترفض الانتقادات السويسرية الشرطة تحقق للمرة الثانية مع النقابي الحبيب بسباس رويترز: تونس تقول إنها لا تقبل دروسا من أحد في مجال حقوق الإنسان صحيفة “الموقف” :عميد المحامين الوزارة لا تريد الحوار ونضالنا المشروع سيتواصل القاضي المختار اليحياوي السلطة الشمولية أمام تحدي استقلال القضاء – تونس ومصر نموذجا الهادي بريك: في تونس : فرسان الحرية يبحثون عن الحرية عبدالحميد العدّاسي: تعقيب أوّلي على بيان محمد بوسنينة: ” اتصالات تونس ” لا تعترف بحقوق المواطنة.. و لا تحمي المعطيات الشخصية .. وتحرم عائلة من حق استعمال الأنترنيت؟ ميسم الهادي: في تعليق على ما كتب الأستاذ محمد بن صالح في مجلة حقائق محمد العروسي الهاني: المصداقية أساس كل محور لحقوق الإنسان ولا معنى للحياة بدون حقوق أساسية للإنسان عبد السلام الحاج قاسم: المتطرّفون في قطاع المحاماة والطريق المسدود جمال كرماوي: رأي مجرّد الصباح :في حديث مع مخترع تونسي- اختراعي يتمثل في اعتماد موزع تحت أرضي للري لتقليص نسبة تبخر المياه والاقتصاد فيها مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات : منبر نقاش حول: المسارات الجديدة لمستقبل البحث العلمي للسيراس الياس حرفوش: ماذا يخفي الحجاب التركي؟ د. حسن نافعة: النظام الحاكم بين البلادة السياسية وسياسة الازدراء عبد الله لعماري: في ذكرى التحرير:سلاح المقاومة في لبنان وجد ليبقى ما بقيت إسرائيل في الوجود آمال موسى: ما أصعب أن تفهم المجتمع المصري نهلة الشهال : سلطات لم يتبق لها شيء، ولم يتبق لنا إلا الدهشة! د. سعد الدين العثماني: الأحزاب الإسلامية وكسب تحدي الإصلاح الديموقراطي
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
بيــان للــرأي العــام
الرابطة المغاربية للديمقراطية تساند الرابطة التونسية لحقوق الإنسان
تتعرض الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان منذ أشهر لضغوط سياسية وقضائية وأمنية، جعلتها غير قادرة على القيام بمهامها الحقوقية التي قامت من أجلها. ويعود ذلك إلى خلاف مزمن بينها وبين السلطة في تونس، تعود جذوره إلى أواسط الثمانينات، لكنه اتخذ منعرجا خطيرا منذ المؤتمر الخامس للرابطة الذي رفض النظام الاعتراف بنتائجه. ومما زاد الأمر استفحالا وخطورة، صدور حكمين قضائين جديدين لمنع انعقاد المؤتمر السادس للرابطة للمرة الثانية، الذي يفترض إنجازه يومي 27 و 28 ماي الجاري حسبما أعلنت عنه الهيئة المديرة. ونظرا لكون الرابطة التونسية، تعتبر إلى جانب ” الجمعية المغربية لحقوق الإنسان “، من بين أقدم المنظمات الحقوقية في العالم العربي وإفريقيا، واستنادا لرصيدها النضالي ودورها في جعل ثقافة حقوق الإنسان الأرضية المشتركة لجميع التونسيين من أجل ترسيخ قيم الحداثة، وتحقيق الكرامة، وخوفا من تؤدي سياسة الحصار التي تمارسها السلطة إلى تفكيك هياكلها والقضاء عليها مما سيشكل خسارة كبرى للحركة الحقوق التونسية والمغاربية والعربية والإفريقية. لكل تلك الاعتبارات السابقة، فإننا ندعو الحكومة التونسية إلى:
1) احترام تعهداتها الدولية في مجال احترام حقوق الإنسان وعدم تقييد حركة النشطاء أو المساس باستقلالية منظمات المجتمع المدني. 2) تمكين الرابطة من عقد مؤتمرها السادس، في كنف الحرية والاستقلالية، واحترام خصوصيتها كمنظمة حقوقية عريقة. 3) اعتماد الحوار كأسلوب حضاري لفض الخلافات مهما بدت عويصة، وتشريك كل الطاقات الخيرة في المجتمع من أجل التوصل إلى حل وفاقي دون المساس من استقلالية القرار الرابطي. عن المكتب التنفيذي الرئيس : عمر صحابو الرئيس المساعد بالنسبة للجمهورية التونسية : شوقي الطبيب
دعـــــــــــوة
التنسيقيــة المغربيـــة لمسانـــدة الديموقراطييـــن التونسييـــن
قررت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عقد مؤتمرها الوطني السادس يومي 27 و 28 مايو المقبل بتونس، بعد أن تم منعه لمرة أولى في 09 شتنبر 2005 من طرف السلطات التونسية بالتوظيف المخجل للقضاء. ومازالت السلطات الحاكمة بتونس مصرة على عرقلة عقد المؤتمر الوطني للرابطة مما أدى بالتنظيمات المغاربية لحقوق الإنسان المجتمعة يوم 12 ماي الماضي بمدريد إلى التنديد بهذه العراقيل واتخاذ قرار بجعل يوم 24 ماي يوما للتضامن المغاربي مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. اعتبارا لما سبق، إن التنسيقية المغربية لمساندة الديموقراطيين التونسيين ــ التي تشكلت يوم 28 أكتوبر 2005 من طرف تنظيمات ديموقراطية مغربية، سياسية ونقابية وحقوقية وشبيبية ونسائية وجمعوية قررت أن تدعم هذه المبادرة وتجعل من يوم الأربعاء 24 مايو يوما للتضامن مع الرابطة التونسية ومع الديموقراطيين التونسيين عامة في نضالهم من أجل احترام حقوق الإنسان بالقطر التونسي الشقيق. وبهذه المناسبة سيتم تنظيم وقفة جماعية أمام مقر سفارة تونس بالرباط (6، شارع فاس) يوم الأربعاء 24 ماي من الخامسة إلى الخامسة والنصف مساء. إن التنسيقية المغربية لمساندة الديموقراطيين التونسيين تنادي كافة الديموقراطيين والديموقراطيات ببلادنا إلى إنجاح هذه الوقفة بحضورهم المكثف ومشاركتهم الفاعلة، تأكيدا لروح التضامن بين الديموقراطيين المغاربيين بكل مكان؛ كما تدعو وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية إلى تغطية هذه الوقفة. الرباط في 22 ماي 2006 ملحوظة: تقوم الإدارة المركزية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالمهام الإدارية للتنسيقية المغربية لمساندة الديموقراطيين التونسيين.
حول تضامن التنظيمات الحقوقية المغربية مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
مناشــــــــــــدة
الرباط في 24 ماي 2006 إلى فخامة رئيس الجمهورية التونسية السيد زيــــن العابديــــن بن علـــي ــ دولة تونـــــس ــ الموضوع: مناشــــــــــــدة السيـــد الرئيــــس، تحية واحتراما وبعد، تتشرف المنظمات الحقوقية والديموقراطية الموقعة أسفله بمناشدتكم بتمكين الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من عقد مؤتمرها في التاريخ والمكان المحددين من طرف أجهزتها التقريرية، إعمالا لمقتضيات الدستور التونسي والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة، وتفعيلا لالتزامات الجمهورية التونسية باعتبارها عضوا في مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة. السيــــد الرئيس، إن مناشدتنا تأخذ بعين الاعتبار الأدوار الطليعية للرابطة التونسية في الدفاع والنهوض بحقوق الإنسان ثقافة وحماية بتونس الشقيقة وفي منطقتنا المغاربية. وفي انتظار استجابتكم، تقبلوا السيد الرئيس خالص عبارات تقديرنا واحترامنا عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان عن المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف عن التنسيقية المغربية لمساندة الديموقراطيين التونسيين
التنسيقية المغربية لمساندة الديموقراطيين التونسيين
الوقفة التضامنية ليوم الأربعاء 24 مايو 2006 مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان 1. اللافتة المركزية: “التنسيقية المغربية لمساندة الديموقراطيين التونسيين تعبر عن تضامنها التام مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومع الديموقراطيين التونسيين، وتطالب باحترام حقوق الإنسان بتونس الشقيقة” « La Coordination Marocaine de Soutien aux Démocrates Tunisiens se solidarise avec la Ligue Tunisienne de Défense des Droits de l’Homme et avec les démocrates Tunisiens et exige le respect des Droits Humains en Tunisie ». 2. البانكرطات — يا حكام تونس / احترموا حقوق الإنسان — يا حكام تونس / ارفعوا قمعكم عن الرابطة — جميعا من أجل احترام / حقوق الإنسان المغاربي. — اطلقوا سراح / كافة المعتقلين/ السياسيين التونسيين. — التنسيقية المغاربية / لمنظمات حقوق الإنسان / مع الرابطة التونسية / للدفاع عن حقوق الإنسان
الموضوع: التعبئة لوقفة تضامنية مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومع الديموقراطيين التونسيين.
المرفق: بلاغ إخباري تحية طيبة وبعد، يطيب لي أن أكاتبكم لإخباركم بالوقفة الجماعية التي تنظمها التنسيقية \المغربية لمساندة الديموقراطيين التونسيين غدا الأربعاء لمدة نصف ساعة ابتداء من الساعة الخامسة مساء أمام سفارة تونس بالرباط (6 شارع فاس). ونسعى من خلال الوقفة إلى التعبير عن تضامن الديموقراطيين المغاربة مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومع الديموقراطيين التونسيين عامة. لذا نرجو أن تعملوا على المشاركة المكثفة للأساتذة المحامين والمحاميات بهيئة الرباط في هذه الوقفة عبر إخبارهم وتحسيسهم بالأسلوب الذي ترونه ملائما. وتقبلوا السيد النقيب عبارات مشاعرنا الصادقة.
تونس.. تصاعد المواجهة بين المحامين والحكومة
الأمن التونسي يفرق تجمعا للمحامين
فرقت قوات الأمن التونسية تجمعا نظمه عدد من المحامين التونسيين بمناسبة اليوم الوطني للتضامن مع المحاماة في تونس العاصمة. وقال نقيب المحامين التونسيين عبد الستار بن موسى للجزيرة إن محامين من العاصمة تونس وباقي المناطق الأخرى في البلاد تجمعوا بأعداد غفيرة للاحتفال بالمناسبة بطريقة سلمية، لكن قوات الأمن اقتحمت قصر العدالة ومقر نقابة المحامين واعتدت على المشاركين في التجمع. وأشار إلى أن خمسة من المحامين أصيبوا بجروح من جراء هذا الاعتداء، فنقلوا إلى المستشفى وهم في حالة إغماء. وناشد عبد الستار الرئيس التونسي زين العابدين بن علي التدخل لوقف هذه الممارسات وحماية المحامين وإطلاق الحريات بما فيها حرية التظاهر والتعبير. تجدر الإشارة إلى أن منظمة مراقبة حقوق الإنسان التي تتخذ من نيويورك مقرا لها أصدرت بيانا بالاشتراك مع منظمة حماية المدافعين عن حقوق الإنسان جاء فيه أن الشرطة في تونس تمنع عقد الاجتماعات وأن المدنيين يتعرضون للضرب هناك. (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 23 ماي 2006)
تونس ترفض الانتقادات السويسرية
الشرطة تحقق للمرة الثانية مع النقابي الحبيب بسباس
قامت الشرطة العدلية التابعة لمنطقة الأمن بباب بحر للمرة الثانية وخلال أقل من 72 ساعة باستدعاء الوجه النقابي المعروف الحبيب بسباس والذي كان قد تقلد مسؤوليات نقابية متعددة من بينها منصب الكاتب العام لجامعة البنوك لفترة ناهزت العشر سنوات ثم منصب الامين العام لاتحاد عمال المغرب العربي وقامت باستجوابه حول نشاط مرتبط ياحتفالات كان قد دعا اليها المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل يوم 1 ماي الفارط بمدينة توزر والتي شهدت احتجاجات من مئات العمال والنقابيين حول ما اعتبروه تفريطا من البيروقراطية النقابية في حقوق العمال. وقد تم هذا الاستجواب بناء على طلب من المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل. وقد ركزت الاسئلة خصوصا على البيانات ومن قام بكاتبتها وتوزيعها. ويعرف الحبيب بسباس بكونه متزعم الاحتجاجات الموجودة صلب الاتحاد العام التونسي للشغل وبمعارضته الشديدة للمكتب التنفيذي الحالي. (المصدر: مراسلة بالبريد الإلكتروني يوم 24 ماي 2006 على الساعة 15 و45 دقيقة بتوقيت وسط أوروبا)
تونس تقول إنها لا تقبل دروسا من أحد في مجال حقوق الإنسان
تونس (رويترز) – قالت تونس يوم الأربعاء انها لا تتلقى دروسا من أي كان في مجال حقوق الانسان بعد تعبير سويسرا عن أسفها لطرد تونس ممثلا سويسريا لمنظمة العفو الدولية يوم الاحد. وطردت تونس يوم الاحد ايفيس ستينير بسبب ما قالت انه “اخلال بالنظام العام ومخالفة قوانينها” خلال مشاركته في أحد اجتماعات فرع منظمة العفو الدولية باحدى ضواحي العاصمة. وعبرت برن عن أسفها لطرد ستينير وقالت انها تبقى مهتمة لما يحصل في تونس في مجال حقوق الانسان. وأعرب مصدر من وزارة الخارجية التونسية في تصريحات نشرت يوم الاربعاء في الصحف المحلية “عن الاسف لكون سويسرا البلد ذا الحساسية المفرطة عندما يتعلق الأمر بتطبيق قوانينه سيما تجاه الاجانب يرد الفعل باسلوب غير معهود لايتوافق والاعراف الدولية لكون تونس حرصت على احترام قوانينها ولم تقبل تصرفات مخالفة من شأنها ان تعكر صفو نظامها”. وأضاف نفس المصدر ان” تونس التي لا تتلقى دروسا من أي كان في هذا الميدان تذكر بانها بذاتها حريصة على الارتقاء بحقوق الانسان في كافة ارجاء العالم”. ويقول دبلوماسيون ان العلاقة بين تونس وبرن تمر بتوتر غير خفي منذ دعوة الرئيس السويسري تونس خلال قمة للمعلوماتية العام الماضي لاحترام حرية التعبير واستقبالها في وقت لاحق لمعارضين تونسيين. (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 24 ماي 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
الديمقراطي التقدمي: تكتيل الجهود في وجه الانغلاق السياسي
ندد الحزب الديمقراطي التقدمي بشدة باعمال العنف التي استهدفت المحامين معبرا عن مساندته للاعتصام الذي دعت له الهيئة الوطنية للمحامين. وحمل الحزب السلطات المسؤولية الكاملة عن المضاعفات الخطيرة لسياسة الانغلاق التي تتوخاها تجاه المحامين والحقوقيين والمدرسين والقضاة والصحفيين وسائر قوى المجتمع المدني. ودعا إلى فتح حوار وطني حول مشاغل المجتمع مع هيئاته الممثلة بدلا عن مواجهتهم بالمنع والقمع وانتهاك الحقوق. كما دعا الاحزاب الديمقراطية والجمعيات المستقلة وكافة الهيئات الممثلة للمجتمع المدني إلى التشاور وتكتيل الجهود في وجه الانغلاق السياسي ودفاعا عن مصالح المجتمع. وكان عددا من المحامين المعتصمين تعرضوا للضرب وقد نقل الاستاذان عبد الرزاق الكيلاني عضو مجلس الهيئة والعياشي الهمامي إلى المستشفى في حالة إغماء. (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 360 بتاريخ 20 ماي 2006)
عميد المحامين الوزارة لا تريد الحوار ونضالنا المشروع سيتواصل
يواصل عشرات المحامين اعتصاما مفتوحا منذ الثلاثاء 9 ماي الجاري بعد مصادقة مجلس النواب على قانون المعهد الأعلى للمحاماة الذي ترفضه الهيئة بصيغته الحالية. وفيما يُضرب حصار أمني حول دار المحامي مكان الاعتصام عقد السيد بشير التكاري وزير العدل ندوة صحفية أنحى فيها باللائمة على الهيئة وأكد أن قانون المعهد جاء لتوحيد المدخل وليس لإغراق المهنة. كما نفى وزير العدل أي اعتداءات على المحامين. وبخصوص التغطية الاجتماعية أكد أن النظام الأنسب هو نظام غير الأجراء أي نظام المستقلين ولكن الهيئة الوطنية للمحامين تطالب بصندوق خاص ومستقل. حول هذه القضايا وأفق العلاقة مع وزارة العدل كان لنا الحوار التالي مع عميد المحامين الأستاذ عبد الستار بن موسى. ماهي آخر التطورات فيما يخصّ قرار الهيئة بتنظيم اعتصام مفتوح احتجاجا على قانون المعهد الأعلى للمحاماة؟ يتواصل الاعتصام مع تزايد الالتفاف حول الهيئة ومزيد من المساندات التي تصلنا من جميع أنحاء العالم. وفي نفس الوقت تتكثف المضايقات على الزملاء ومحاصرة مكان الاعتصام. وقد اجتمع مجلس الهيئة يوم السبت 13 ماي الماضي وأصدر بيانا ندد فيه بالحصار الأمني المفروض على دار المحامي وبالاستفزازات المتكررة والصادرة عن أعوان الأمن تجاه المحامين. و وصل الأمر إلى حدّ الاعتداء على عديد الزملاء (الأساتذة عبد الرزاق الكيلاني وشوقي الطبيب عضوا مجلس الهيئة والعياشي الهمامي وعبد الرؤوف العيادي وليلى بن دبّة وغيرهم) في الطريق العام وبحضور ومعاينة العديد من المحامين الذين أمضوا على شكاية قصد سماعهم كشهود إثبات. ولكن السيد وزير العدل نفى هذه الاعتداءات وقال ” أن تعنيف أي شخص لا يكون إلا عندما يتقدم بشكوى ويثبت انه تعرض للعنف وهذا الأمر لم يثبت من الناحية القانونية”؟ خلافا لما لاحظه السيد وزير العدل خلال ندوة صحفية قامت بتغطيتها كل الصحف خلافا لندواتنا الصحفية التي تتعرض للتعتيم الكامل، فإن هناك شكاية جزائية رفعها المتضررون إلى وكالة الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس مع شهود وإثباتات مادية. مع العلم أن وكالة الجمهورية رفضت سابقا تسجيل بعض الشكايات من هذا النوع. وزارة العدل قللت من نجاح الاعتصام إذ قال الوزير أن عدد المحتجين أقل من عدد أعضاء الهيئة؟ لسنا ندري ماهي المصادر التي اعتمدها السيد وزير العدل لقول ذلك فالاعتصام يشهد عددا متزايدا من المحامين المعتصمين والمساندين لهم، مع العلم أن قوات الأمن اتخذت جميع الاحتياطات لمنع المحامين من إدخال لوازم الإقامة إلى مكان الاعتصام من طعام وأغطية مهما خف وزنها. بالإضافة إلى هذا فإن مجلس الهيئة قرر الاعتصام وأصدر بيانات في تفعيله وتنظيمه ويشرف يوميا على الأقل عضوان من أعضاء المجلس على فعالياته. ومجلس الهيئة هو المنتخب ديمقراطيا وهو الذي يعبّر عن إرادة المحامين وهو المعبر عن مشاغلهم. كما أن أعضاء الهيئة بصدد التنقل إلى مختلف الجهات لعقد اجتماعات تحسيسية واعتصامات قصد إنجاح اليوم التضامني المقرر ليوم 23 ماي 2006. وعلى سبيل الذكر فمحكمتا الاستئناف بكل من مدنين وقابس شهدتا يوم الاثنين 16 ماي اجتماعات حاشدة حضرها جلّ الزملاء وعبروا عن تضامنهم مع الهيئة ومساندتهم لمطالبها المشروعة وعلى رأسها إعادة النظر في قانون المعهد الأعلى للمحاماة في شكل مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية وخاضع للسلطة التنفيذية ومهمّش للهيئة تهميشا كاملا. نفهم من كلامك أن تحركاتكم الاحتجاجية ستتواصل ؟ نحن لسنا مع التصعيد المجاني وإن كنّا نأمل في حوار مبدئي وبنّاء إذ اتضح أن الوزارة انتهجت حوارا صوريا. وفي انتظار أن يكون الحوار مع السلطة التنفيذية جديّا ونزيها بعيدا عن المغالطات فالمحامون سيواصلون نضالهم السلمي من أجل تحقيق مطالبهم بكلّ الوسائل المشروعة. جاء في الندوة الصحفية التي عقدها الوزير أن اللجنة المشتركة هي التي تولت الموافقة على مشروع المعهد فما هو تعليقكم؟ حصل اتفاق صلب اللجنة المشتركة على مدّة الدراسة بسداسيتين وعلى مناظرة وطنية واحدة على مرحلتين الأولى مخصصة لحاملي الإجازة في الحقوق والثانية للناجحين في المرحلة الاولى وحاملي شهادة الدراسة العليا أو الماجستير. وأعمال اللجنة موثقة وما على السيد الوزير إلا إشهارها، علما بأن ممثلي الهيئة، كما لاحظ السيد الوزير، رفضا أن يكون المعهد مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية وهنا بيت القصيد باعتبار أنّ مثل هذه المؤسسة تفقد المهنة كلّ استقلالية وهو ما تريده الوزارة وتسعى إليه. مازال يتردد أن الهيئة الوطنية للمحامين ضمنت مشروعها للمعهد مبدأ التمويل الأجنبي فما هي حقيقة الأمر؟ هذا غير صحيح بالمرة والقانون الذي صاغته الهيئة وسلمناه للوزارة يثبت ذلك ( سلمنا العميد نسخة منه) فهو لا يحتوي إلا على إشارة إلى إمكانية تمتع الطلبة بمنح في إطار التعاون مع نقابات المحامين. وهذا اللمز بقبول التمويل الأجنبي وبأننا نضرب الاستقلالية تستعمله الوزارة كحصان طروادة في محاولة للمس من سمعتنا. وما أؤكد عليه أن الهيئة الوطنية للمحامين لها ثوابت وطنية لا يستطيع أحد التشكيك فيها، وهي ترفض التمويل الأجنبي. بل إني أقول أن الدولة التي تريد المحافظة على استقلالها عليها أن ترفض التمويل الأجنبي حتى لا تقع في التبعية، علما ان حكومتنا أبرمت اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي ستتسلّم بموجبه 35 مليارا لتطوير مرفق القضاء بجميع مكوناته. وقد طالبنا في هذا الإطار بتمكيننا من 3 مليارات من هذا المبلغ لإنفاقها على المعهد الأعلى للمحاماة. في ما يخص التغطية الاجتماعية للمحامين أكد السيد وزير العدل على أن النظام الأنسب هو نظام غير الأجراء و قال أن الفرصة متاحة للهيئة لمزيد التعمق فيه؟ في هذا الباب أشير إلى أن جريدة الصباح نقلت عن الندوة الصحفية المذكور أن 8 أعضاء من الهيئة من جملة 14 وافقوا على القانون الخاص بالتغطية الاجتماعية وإنى أتساءل كعميد ومداولات مجلسنا سريّة كيف بلغت هذه الأخبار المغلوطة إلى السيد الوزير ليرددها في ندوة صحفية؟ مع الإشارة إلى أن دفتر مداولات مجلس الهيئة ينبئ بغير ذلك ويمكن أن نمكن وسائل الإعلام من الاطلاع عليه. فقد وافق الحاضرون بالإجماع على تغطية اجتماعية في إطار صندوق خاص ومستقل ونحن متمسكون بذلك. أما اللجنة المشتركة الخاصة بالتغطية الاجتماعية التي حضرها عضوان من مجلس الهيئة فهي لم تبلور تصورات بل خاضت نقاشات فقط. ولم يعبر ممثلا الهيئة بتلك اللجنة عن موافقتهما على التصور الذي تتحدث عنه الوزارة. أجرى الحوار محمد فوراتي (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 360 بتاريخ 20 ماي 2006)
السلطة الشمولية أمام تحدي استقلال القضاء:
تونس ومصر نموذجا
(المصدر: موقع قنطرة الألماني بتاريخ 24 ماي 2006)
وصلة الموضوع:http://www.qantara.de/webcom/show_article.php/_c-492/_nr-392/i.html
في تونس : فرسان الحرية يبحثون عن الحرية
في تونس : حركة المجتمع الثائر في طور جديد بكل المقاييس والموازين
في تونس : إذا تخضبت الجلابيب السوداء الداكنة بالدماء الحمراء القانية فإنتظر الساعة
في تونس : أحفاد العميد شقرون وزملاء المرحوم الهيلة يكتبون شهادة وفاة العصابة
تعقيب أوّلي على بيان
بلغني عبر البريد الإلكتروني بيان مؤرّخ بتاريخ 30 مايو 2006، لا شكّ أنّه سيكون محلّ حديث يُعيد إلى ساحة الإسلاميين جدالا أمِروا باجتنابه. ولئن كان الموضوع سياسيا لا أستطيع ركوب أمواجه، فقد رأيت الوقوف عند بعض المعاني التي قد تغفلها الأنا إذا تعاظمت لدى صاحبها فأقول: – لست مقتنعا بأنّ الذين سُرّحوا من بين إخواننا الرّهائن، لدى سلطة التغيير، كانت استجابة لمبادرة أو لنداء لمجموعة أو لفرد، والشواهد على ذلك كثيرة لا يُخطئها إلاّ مصرّ على سماع حديث نفسه، بل كانت العمليّة بحثا عن مصلحة آنية ومناسباتية جناها النظام في ذلك الظرف أو في تلك الآونة. – لم يكن من الخَلق أجمعين من اهتمّ بقضيّة المساجين اهتمام أبناء الحركة ( حركة النهضة ) بهم سواء على المستوى القيادي أو على المستوى الفردي ولذلك فلا مجال للمزايدات المحرجة. – منذ عام تنقصه بعض الأيّام، كانت الحركة في قيادتها التقليدية بالخارج قد مدّت أيديها بلا شروط إلى صاحب التغيير والمغيّرين طلبا لطيّ صفحة الماضي، غير أنّ ذلك لم يغيّر من الأمر شيء، ممّا يؤكّد بأنّ الإتّكاء على فكرة تعنّت أو تصلّب أبناء النهضة قد لا يسعف كثيرا المتّكئين عليها. – أعتقد جازما – وهذا الكلام معاد – أنّ الوحيد الذي يمكنه حلّ هذه القضيّة هو صاحب التغيير، فهو المسؤول الأوّل والآخر، وإن تحدّث البعض عن محدودية إلمامه بالشأن الآن، عمّا يجري بالبلاد. كما أعتقد بأنّ كرهه للإسلاميين هو الذي منعه من مدّ يده إليهم، وليس كما يريد البعض إقناعنا بأنّ تنطّعا منّا أو عنادا فينا هو الذي منع الرّهائن من تنشّق الهواء. – أتصوّر أنّه من المنطق ألاّ تكون العودة إلاّ بعد تسريح كلّ المساجين، فلنوحّد الجهد إذن في هذا المساق ولا نتلهّى بكذبة صنعها فاسد وسهر على إيصالها إلينا مفسد لا يرقب فينا إلاّ ولا ذمّة. – القبول بالأمر الواقع لا يكون في كلّ الحالات واقعيّا، وإلاّ لكانت قبلت حماس مثلا بالإعتراف السريع بالكيان الصهيوني ( قد يجبرها السماسرة العرب على ذلك في المستقبل لا قدّر الله )، ولوجب القبول كذلك بالظلم المسلّط علينا والفساد المستشري فينا والأمراض الإجتماعية النّاخرة لمجتمعنا، دون أن تحرّك ساكنا…لا، الأمر ليس كذلك…هذا على الأقلّ ما أراد أن يعلّمنا إيّاه مناضلونا بالداخل من خلال إضراباتهم وجوعهم وموتهم والتّشوّهات التي أحدثها المغيّرون فيهم!.. – لهفي على إخوة أحبّة يستعملون نفس المفردات التي استعملها أعداء الحريّة في البلاد، يتملّقون بها ظالم كاسر لا يزيد بسماعها إلاّ إصرارا على إذلال النّاس وتجنّب الإحسان إليهم…
” اتصالات تونس ” لا تعترف بحقوق المواطنة.. و لا تحمي المعطيات الشخصية .. وتحرم عائلة من حق استعمال الأنترنيت؟
في تعليق على ما كتب الأستاذ محمد بن صالح في مجلة حقائق عدد 1063
“حرية الصحافة تلك الضالة المنشودة المفقودة (مع حذف الموجودة).
بقلم: ميسم الهادي
ترددت كثيرا قبل أن أكتب ما سأكتب وسبب ترددي بسيط ولا يستدعي الكثير من الجهد. سبب ترددي هو أن كاتب المقال كان يوما ما أستاذي ولو كنت في قاعة درسه وسمعت منه طرحه هذا لناقشته نقاش طالب لأستاذه ونقاش شاب كله تفاؤل وعزيمة لرجل استقر في خانته ورسم النظام حدوده فأضحى محتارا بين أن يتخطاها فترفع عنه الحصانة أو يدور في فلك حرية المتر الواحد، اغتظت أن أسمع من أستاذي الرجل الصحفي ورئيس جمعية الصحفيين سابقا كلاما وطرحا “يأكل به نفسه” كما حكم على بطل رواية الجنة لصنع الله إبراهيم بأن يأكل نفسه… وثمة فرق شاسع بين هذا البطل وذاك قفزت إلى ذاكرته تلك المشاهد الصاخبة وحز في نفسه أن يرى الصحافيين متعطشين إلى الحرية …
يا للعجب ….. كأن أستاذي يريد من هؤلاء أن يصطفوا في طابور وينتظرون إنتظار الطفل الهادئ الرصين أن يوزعوا عليهم حصصا من الحرية في هدوء وإلا سيكونون فوضويين…. لكم كرهت أن أستمع إلى تلك المقولة الثابتة الخشبية “بخطى وئيدة ولكنها ثابتة” ، يا سيدي إذا كان قفز إلى ذهنك ما قفز فمنذ أيام كنا في ندوة لا داعي لذكر موضوعها وقفز إلى أذهاننا ما قاله بعض المحاضرين الأجانب في نصيحة لمن يهمه الأمر ” بالأمس كان القوي يأكل الضعيف ولكن اليوم في عالم التكنولوجيات الحديثة الأسرع يأكل الأبطأ والأقل سرعة” لا ينطبق هذا على سائقي السيارات لأنهم سوف “يأكلون أنفسهم” ولكن ما العيب في أن نتقدم بسرعة نحن معك في أن الغرب وأمريكا لم تعد تمثل مرجعا في حرية الصحافة ولا في حقوق الإنسان وقد نزلت الستائر عن كل عوراتها ولكن هذا دافع أخر لكي نسرع الخطى لنقدم الأفضل ما دام المجال مفتوحا …. ما العيب في أن يسير التقدم الإقتصادي وجنبا إلى جنب مع حرية الصحافة والحريات العامة؟ كأنك تنظم إلى من يقول أن الشعوب العربية ليست شعوبا حاضرة للديمقراطية وللحرية ولا زالت أمامها معابر إجبارية أخرى لتصل إلى ذلك الوعي وتلك أسباب واهية ابتدعها المرتزقة والأنظمة الدكتاتورية التي لم تستوعب فكرة المشاركة والتعددية ولم تتخيل طرقا أخرى لبناء مجتمع ديمقراطي غير طرق القمع والقرارات الأحادية والدعاية الكاذبة المفضوحة.
كان أجدر بأستاذي أن يسأل نفسه سؤالا واحدا ولا بأس إن أوصدت الأبواب وسألته سرا هل أنت فعلا حر؟ وإذا كنت كذلك لم أضفت كلمة “الموجودة” إلى عنوانك ؟ كان أجدر أن تعنون مقالك ” الحرية ، الضالة المنشودة المفقودة” كيف إذا تتحدث عن مكاسب الإعلام التونسي وعن إنتعاشته كأنما في كثرة القنوات أو الأبواق حرية. الحرية ليست حرية العبوات وإنما حرية المحتوى، نعم ثمة بعض التقدم ولكن ذلك بمثابة السائق الذي يحكم سرعة سيارته في الثلاثين في طريق سيارة وهو تقدم متثاقل وشكلي لا يغني من جوع ولا عطش. نعم كل الظروف مؤاتية وفي نظري لا بد أن تكتمل الصورة لا كما ذهبت إليه في قولك ” بإمكان تونس أن تصبح عاصمة إعلامية عالمية” فهذا كلام تافه ومركب في حركة قطع لصق لتونس ساحة مالية عالمية أو تونس بوابة تكنولوجيات وما إلى ذلك، فالصحافة والإعلام أستاذي لا يحصر في عاصمة وأنت أعلم أن تونس لن تصبح عاصمة إعلامية إذا ما إستمر الكبت وإستمر حراس البوابات على مداخل كل نسمة حرية…..
الصحافة قيمة منفلتة وقد أصحح آمالك لأقول إن لدينا من الكفاءات ما يمكنه ترك بصمات على الساحة العالمية والمساهمة في رفع شأن هذا الوطن الذي نحبه جميعا والذي لأجله لا بد أن نصلح أنفسنا لا بالمغالطة والخداع وإنما بوضع الأصابع على مواطن الألم وبالسعي إلى تقويم العود لأنه صدق من قال ” لا يستقيم الظل والعود أعوج ” ودعني أقول أخيرا أستاذي أنه لا بد أن نعمل على نقاء وتصفية الفضاء الإعلامي ولا بأس أن تنتشر عدوى الإبداع فهي العدوى الوحيدة المرحب بها والتي لا بد أن نهيأ لها المحيط. لأن صحافيينا وإعلاميينا حين رحلوا عن الوطن ووجدوا فضاءات حرة ملائمة ومشجعة على الإبداع ومحيطات خلق أبدعوا دون أن يكونوا فوضويين.
24 ماي 2006
المصداقية أساس كل محور لحقوق الإنسان ولا معنى للحياة بدون حقوق أساسية للإنسان (الحلقة الرابعة والاخيرة)
بقلم العروسي الهاني – مناضل دستوري أختم اليوم الحلقة الرابعة والاخيرة لمفهوم حقوق الانسان على إثر انتخاب تونس في مجلس حقوق الانسان الاممي. وذكرت في المقالات الثلاثة بالعناصر الاساسية الهامة التي لا تكتمل حقوق الاسنان الا وبها على شرط أن تكون حقوقا محترمة ومصانة ومهابة … بدون منة من أحد… وكما قال أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار”. واليوم أريد أن أساهم في 4 محاور أخرى . المحور الاول حقوق المشاركة في الحياة السياسية إن من الحقوق الاساسية المشاركة بحرية في العمل السياسي باختيار واقناع وحرية وايمان دون كراهية أو موانع. فهناك من اختار العمل الحزبي في حزب التحرير والبناء وهو اختيار هام وصائب ومفيد وله أبعاد سياسية وأخلاقية وشجاعة أدبية وصبر وتجلد ونضال طويل وشاق وشرف الانتماء ، وهناك من اختار حزبا آخر واتجاها آخر فهو حر يعمل بحرية وتلقائية دون مس بكرامته أو مضايقته أو حرمانه من حق الممارسة السياسية بأكثر حرية ونفسح له مجالات العمل والحظوط والامكانيات التي تتاح للحزب العريق حزب التحرير والبناء دون تخوين أو نعوت بعيدة عن مفهوم حقوق الانسان . المحور الثاني أتاحة فرصة المشاركة في المجالس النيابية من الواجب الوطني أن يساهم كل الوطنين الغيوريين والمتألقين والذين لهم الشعاع واستعداد وحماس وتعلق بخدمة المجموعة الوطنية أن تتاح لهم المشاركة الفاعلة في الترشح بحرية للمجالس النيابية مجلس النواب ومجلس المستشارين والمجالس البلدية بأكثر عدل وشمولية. ولا يمكن أن يحتكر شخص واحد المسؤولية مدى الحياة وهناك أشخاص فقط لهم حق المسؤوليات النيابية في الوقت الحاضر وبعضهم ترشح أو وقعت تزكيته بصفة أدق لعضوية مجلس النواب 3 أو 4 مرات وكأن البلاد مفتقرة للاطارات المشعة وأصحاب الكفاءة والاشعاع والروح النضالية وخدمة المجموعة … وهناك من استكمل 3 دورات في مجلس النواب ثم اتجه الى مجلس المستشارين وكأن هذه المجالس حكرا على البعض.. المحور الثالث حرية ممارسة الصحافة إن ممارسة حق حرية الصحافة جاء به قانون مجلة الصحافة ومن الواجب تطبيق القانون الجديد الذي نقح والذي يعطي حق إصدار صحيفة دون إيداع قانوني كما كان سابقا ونقح بفضل نص جديد يقضي بالإعلام.. ولكن كثيرا ما نسمع بملاحظات تسير في الاتجاه المعاكس.. والوصل الوقتي كثيرا ما يقع عدم احترامه والعمل به.. هذا في خصوص بعث صحيفة جديدة.. أما بعث إذاعة أو قناة تلفزية فحدث ولا حرج فهذا الحق غير متوفر في الوقت الحاضر رغم طموح عدة وجوه لها شأن في مجال الإعلام والصحافة. والمغرب الشقيق أعطى مؤخرا رخصا لبعث إذاعات جديدة في هذا المضمار وحقق الهدف وفتح الأبواب أمام أصحاب المهنة . أما في خصوص إصدار الكتب فحدّث ولا حرج كتاب ينشر وآخر يعطل لماذا … ؟ مثل كتاب المناضل فتح الدين البودالي. غرة جوان 2006 عيد ميلاد السنة الاولى لاتصالنا بالولاية لوضع ملف الجمعية غرة جوان 2005 هو يوم لا ننساه و لا يمحى من الذاكرة الشعبية يذكرنا بأول اتصال حصل بولاية تونس في خصوص طلب التأشيرة للجمعية وهو يصادف عيد غرة جوان 1955 عيد النصر وعودة القائد الزعيم الحبيب بورقيبة الى أرض الوطن حاملا لواء النصر. هذا اليوم كان موعدا مع الولاية بتونس لتسليم ملف التأشيرة وبدون جدوى وهذا المحور التالي يبرز القصة . المحور الرابع والاخير تكوين الجمعيات المصداقية هي الاساس هذا المحور الهام يتطلب الشجاعة الادبية والاصداع بالحق فموضوع تكوين الجمعيات فيه مكيالين.. مكيال يسرع في الوزن لكل من يرغب في تكوين جمعية أدبية أو ثقافية والمحافظة على الطيور والنسور والقطط والمحافظة على التراث وجمعيات المياه مع معرفة دقيقة لاصحابها.. وجمعيات يطول الابحاث في شأنها وتعطل ويقع التحري ويطول الانتظار الممل.. وأروي قصة تكوين “جمعية الوفاء للمحافظة على تراث الزعيم الحبيب بورقيبة ورموز الحركة الوطنية”: هذه الجمعية التي تقدمنا في شأن بعثها بطلب مرفوق بكل الوثائق للولاية الدائرة السياسية.. ووقعت محاولة أولى للتعطيل الذكي الذي لا يخفى على العقلاء والاذكياء … ثم وقع في مرحلة ثانية إعادة الملف بواسطة الرسالة مضمونة الوصول وكأن عنوان الولاية غير واضح وغير معروف وهو نوع من التملص… وأخيرا وقع الالتجاء الى رمز البلاد رئيس الدولة وتم توجيه الملف يوم 13-06-2005 إلى الرئاسة.. ثم التذكير يوم 7 جويلية 2005 .. والتذكير الثاني يوم 21-07-2005 .. بواسطة الفاكس ورسائل مضمونة الوصول.. ومنذ التاريخ ننتظر الإجابة إلى اليوم.. صمت رهيب لا ردا سلبا ولا ايجابيا … واعتقد أن كل الرسائل لم تبلغ لصاحب الأمانة.. الرمز.. والا كيف هذا الصمت الرهيب والأمر يتعلق بتكوين جميعة تحمل اسم الزعيم الأوحد مؤسس الدولة وباني أركان الجمهورية وبطل التحرير والجلاء وتحرير المرأة، وجدت مثيلتها العناية من طرف الحكومة الفرنسية وهي الآن في أوج النشاط في باريس.. سبحان الله.. فرنسا – خصم الأمس صديق اليوم تسند الرخصة والدعم للجمعية – والوطن الام تونس تصمت.. لماذا هذا الأمر الرهيب.. وعندما تقع الإساءة والتحامل على الزعيم بورقيبة لم يتحرك أي طرف للرد على الافتراءات سواء في منتدى التميمي أو المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية أو في الصباح والشروق ما عدا ثلاثة أشخاص دوما يردون على الافتراءات والاساءة.. وعندما نطالب بتكوين جمعية للمحافظة على تراث الزعيم نعامل بالصمت والمماطلة وإعادة الملف من الولاية وغير ذلك من الصور المخجلة المضحكة والمبكية في آن واحد.. والأمل الوحيد الآن في شخص رئيس الدولة.. رمز البلاد.. عسى أن يعطي الإذن بتكوين الجمعية.. وكما أسلفت فإن المحيط الدائر يجب أن يكون أكثر حرصا على إبلاغ الأمانة لرمز البلاد وهو الأمل كما قلت.. هذه بعض المحاور أردت إضافتها للمقالات السابقة أيام 17 و 21 ماي الجاري قال تعالى : “فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري الى الله إن الله بصير بالعباد ” صدق الله العظيم ملاحظة : ذكرني صديقي الوفي و المخلص بأن لا جدوى بإعادة التذكير مرارا قلت له علمنا زعيمنا بطول النفس وعدم اليأس قال تعالى : “و لا تيئسوا من روح الله إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون” صدق الله العظيم. محمد العروسي الهاني مناضل دستوري – تونس
المتطرّفون في قطاع المحاماة والطريق المسدود
في حديث مع مخترع تونسي: اختراعي يتمثل في اعتماد موزع تحت أرضي للري لتقليص نسبة تبخر المياه والاقتصاد فيها
جربة ـ الصباح تميزت لقاءات الشراكة التي انتظمت مؤخرا بجزيرة جربة على هامش يوم الشراكة ومساندة الاستثمار بولاية مدنين.. بمبادرة من وكالة النهوض بالصناعة.. تتنوع مجالات التعاون الاقتصادية والفلاحية والصناعية والخدماتية.. بين اطراف تونسية واجنبية من الصين وليبيا وفرنسا وبلجيكا وايطاليا.. ولعل ما لفت الانتباه اثناء عقد ورشات العمل، تقديم عدد قليل من الباحثين الجامعيين التونسيين نماذج من اختراعات ودراسات تساهم في تقليص الفجوة بين واقع المشاريع وعلاقتها بالجوانب التكنولوجية او ما يعرف باقتصاد المعرفة ومن ضمن هؤلاء السيد بالاشهب الشهباني اصيل جزيرة جربة «استاذ جامعي بمعهد المناطق القاحلة بمدنين.. حيث كان لنا لقاء معه حول الاضافة العلمية البحثية التي قدمها اثناء يوم الشراكة هذا. الاختراع يتمثل في حفظ المياه والتربة وبعبارة واضحة «الاقتصاد في المياه والاستغلال الامثل لها في معالجة نوعية التربة والنبتة» وذلك بطريقة اعداد موزع تحت ارضي للري للخضروات والاشجار المثمرة ونباتات الزينة وغيرها.. كل ذلك من اجل تقليص تبخر مياه الري.. ويفسر الاستاذ الشهباني هذه المسألة بان وضع النجهيزات الفلاحية المطلوبة تحت الارض يجعل منها في مقارنة غير مباشرة مع طريقة القطرة-قطرة ويتمثل وجه الشبه في كون هذه الاخيرة تعتمد سطح الارض في حين يعتمد اختراعه عمق الارض للحصول على نتائج ايجابية في اقتصاد مياه الري.. اذ تبين انه مقارنة بطريقة القطرة قطرة تتقلص نسبة استهلاك المياه الى 3 مرات.. باللجوء الى الطريقة الثانية مثال ذلك انه لانتاج ما بين 5 و6 كلغ من الطماطم في مساحة محددة يجب استهلاك 500 لتر من الماء حسب الطريقة الاولى في حين عند استعمال الموزع تحت الارضي تنحصر كميات استهلاك الماء بـ170 لترا فقط ولنفس حجم الانتاج. مثال آخر يتعلق بسقي نباتات الزينة تكون مثبتة في حاويات مرتبطة بتجهيزات «الاختراع المذكور» ففي هذه الحالة تتم عملية السقي مرة واحدة في الشهر عوض مرة في الاسبوع. والاهم من كل هذا فان الجدوى الاقتصادية تكون من نصيب الاشجار المثمرة وحتى بعض الزراعات الكبرى.. حيث لا يتجاوز عمق استغلال المياه 70 صنتم وفق طريقة «الري تحت الارضي» لكن الميزة الكبرى التي سنجنيها من هذا الاختراع هو تقليص نسبة «تسبيخ التربة» من 15 سنة الى 5 سنوات فقط. وهو ما يعني القضاء على نسبة كبيرة جدا من «ملوحة المياه» نتيجة عملية التبخر التي تنجر عن تراكم الاملاح في التربة حتى ولو كانت نسبة الملوحة في المياه اكثر من النسب المتعارف عليها. فالنظرية الجديدة يمكن ان تغض الطرف عن تلك النسبة من الاملاح.. اذ تبين حسب التجارب العلمية في الفلاحة ان المعضلة الكبيرة عند استعمال المياه للري هي في تبخرها وليس في الكمية المطلوب سقيها.. والمهم في تواجد اكبر قدر من حجم المياه في عمق الارض. 20 سنة من العمل وحول برنامج اختراعه والفترة التي قضاها ليرى النور يقول الاستاذ بالاشهب الشهباني ان ما تم تحقيقه هو نتيجة مجهود تواصل 20 سنة ليتحصل سنة 2003 على شهادة اختراع وبراءة مع ما رافقها من شهادات تقدير واستحسان من كل الاطراف. وكل ما يرغب فيه وبحكم تفرغ 80% من وقته في البحث و20% للتدريس بمعهد المناطق القاحلة بمدنين.. هو ان يتجسم مشروعه لفائدة الفلاحة التونسية وخاصة في مناطق الجنوب التونسي بتمويل تونسي لحما ودما فبعملية حسابية لا تتجاوز التكلفة المليارين من المليمات.. يستطيع المشروع ان يشغل في مرحلة اولى 11 شخصا منهم مهندسون وفنيون سامون ومتصرف في التقنية والمالية وذلك بالتنسيق مع المراكز القطاعية في قطاع البلاستيك. اما عن دراسته فكانت مليئة بالمثابرة والعمل الجدي حيث تجول عبر الجامعات التونسية والفرنسية والبلجيكية لتكون النتيجة هذا الاختراع التونسي مائة بالمائة. نجيب اللوز (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 24 ماي 2006)
المسارات الجديدة لمستقبل البحث العلمي للسيراس
مع الأستاذ حسن العنابي وعبد القادر الزغل والهاشمي القروي ومنصر الرويسي وآخرون يوم السبت 27 ماي 2006 على الساعة التاسعة صباحا
السويد: السماح لطالبة مسلمة بارتداء الحجاب
استوكهولم – قاسم حمادي أصدرت الوكالة السويدية للتعليم قراراً بالسماح للطالبات المسلمات بارتداء الحجاب حتى أثناء الحصص المدرسية، منتقدةّ بشدة مدرسة مينارفا في مدينة اوميو في شمال البلاد والتي فصلت طالبة مسلمة في السابعة من العمر رفضت خلع الحجاب في المدرسة. وتفجرت أزمة الحجاب في المدارس بعدما تقدم أهل الفتاة بشكوى ضد مدرسة مينارفا إلى الوكالة الوطنية للتعليم، معتبرين تخيير ابنتهم بين ترك المدرسة وخلع الحجاب يتعارض مع القوانين السويدية التي تسمح لكل الناس بممارسة شعائرهم الدينية بحرية تامة. وفصل مدير المدرسة هانس جانسون الفتاة لاعتقاده بأن كون مدرسته خاصة يجعلها غير مشمولة بقرار ممارسة الشعائر الدينية. لكن الوكالة الوطنية للتعليم أشارت في قرارها إن قانون حرية الأديان ينطبق على كل المدارس رسمية كانت أم خاصة. واعتبرت جمعية النساء المسلمات في مدينة اوميو ان القرار يؤكد أن السويد «بلد تحترم فيه الأديان كلها». وقالت رئيسة الجمعية ريما منيمنة إنه «انتصار للعدالة». (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 24 ماي 2006)
حنان ترك ارتدت الحجاب
القاهرة – أحمد السماحي أعلنت الفنانة حنان ترك أنها ارتدت الحجاب، لتؤكد خبراً كان ينتظره كثيرون منذ أربع سنوات، وتحديداً بعد وفاة الممثل علاء ولي الدين في شباط (فبراير) 2002، وابتعاد ترك عن الساحة الفنية لشهور. وتردد خلال تلك الفترة أن ترك تفكّر بقوة في ارتداء الحجاب، لا سيما أنها شاهدت الموت يتجسد أمام عينيها في رحيل زميلها الفنان الذي كانت تتقاسم معه بطولة فيلم «عربي تعريفة» الذي لم يبصر النور أيضاً. ولم تخف ترك أنها تتابع دروساً دينية وتحرص على الاستماع إلى محاضرات وأشرطة عمرو خالد والحبيب علي وعمر الجندي وغيرهم من الدعاة. وروى بعضهم أن ترك التقت آنذاك الحبيب علي الذي نجح في إقناعها بارتداء الحجاب لكنها عدلت عن الفكرة. إلا أنها اتجهت منذ ذلك الوقت اتجاهاً فنياً يميل إلى الاعتدال، وأعلنت مراراً أنها لن تقدم إلا فناً خاصاً يسهم في تسليط الضوء على مشكلات المجتمع، كما حصل في مسلسل «سارة» الذي عرض في رمضان وتحدثت فيه عن وضع ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع العربي. وأصدرت ترك أخيراً مجلة مجانية للأطفال، وزارت الكثير من الملاجئ ودور رعاية الأيتام. آخر أعمال حنان ترك كان تصوير مسلسل «أولاد الشوارع» الذي يتحدث عن عمالة الأحداث، وانتهت من تصوير فيلم «أحلام حقيقية» الذي يروي قصة فتاة تحلم ليلاً، فتتجسد أحلامها في اليوم التالي، فتلجأ إلى الاعتدال في حياتها، خشية الحلم بالموت أو بكارثة معينة. وفي اتصال مع «الحياة» أشارت ترك إلى أنها لم تتخذ قراراً في شأن مسلسل «أولاد الشوارع» الذي صورت بعض مشاهده قبل ارتداء الحجاب. كما أكدت أنها لن تقدم أي عمل لا يتماشى مع المرحلة الجديدة من حياتها. وكانت الفنانة حلا شيحا ارتدت الحجاب قبل مدة. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 24 ماي 2006)
ماذا يخفي الحجاب التركي؟
الياس حرفوش مثل الاتجاهات التكفيرية السائدة في منطقتنا يستخدم الذين يحملون سلاح العلمانية في تركيا المنطق نفسه، عندما ينكرون أي حق على المتدينين في التعبير عن تدينهم بأية طريقة، مهما كانت بسيطة او طبيعية. انه التوجه الذي اصبح سمة في منطقة لم يعد ممكنا العثور فيها على مكان أو متسع بسيط لشيء من التسامح تجاه الآخر او للقبول بما هو مختلف. وازمة الحجاب الاخيرة تعكس جانبا من انعدام التسامح الذي نحن بصدده. فقد فجر هذه الازمة اغتيال أحد قضاة المحكمة الدستورية العليا الذي اصدر حكما منع بموجبه ترقية مدرسة الى مديرة مع أنها تلتزم بالقانون الذي يمنع ارتداء الحجاب داخل المدارس او المؤسسات العامة، غير ان الاعتراض على «سلوكها» كان لأنها تتحجب في بيتها او في طريقها الى المدرسة! وذهب هذا الحكم في تطرفه العلماني الى اقصاه، في اتجاه لم تدركه حتى قوانين الحجاب الفرنسية التي ذاع صيتها قبل بضع سنوات، ثم خفتت الضجة حولها في آخر الامر، بعد أن اكتشف الجميع انها كانت تعبيرا حقيقيا عن نزعة الى المساواة في ظل القوانين الفرنسية (العلمانية حقا) والتي لم تفرق في التعامل، على العموم، بين طالبة مسلمة وغير مسلمة. اما في تركيا فالأمر مختلف. فالمسألة لا تثار على خلفية تفرقة في التعامل مع اتباع ديانات مختلفة، في بلد اكثريته الساحقة مسلمة. بل تطرح قضية الحجاب مشكلة اخرى اكثر حدة، هي اتجاه فريق يعتبر نفسه «الاب الروحي» للنظام، الى منع أي اشهار للتدين، أيا كان شكله ومهما بلغت درجة «براءته». بمعنى انه لم يعد التحقيق في «خلفيات» وضع الحجاب يسير في اتجاهات سياسية فقط في تركيا، تتعلق بالدوافع او الانتماءات الحزبية وراء هذا المظهر الخارجي، بل صار يحاكم الناس على اشكالهم وملابسهم، وهو المدى المبالغ فيه في هذا التطرف المعادي للدين، والذي يميز الفهم «الاتاتوركي» للعلمانية. هذا التطرف هو الذي لا بد أن يؤدي في نتيجته الى تطرف من الجهة المقابلة، مما يقطع الطريق على أي حوار أو قبول بالاختلاف، وهما القاعدة في اي سلوك حضاري. ومن نتائج هذا الوضع الغريب أن طالبات جامعيات تجبرهن قوانين منع الحجاب المفروضة في تركيا على الالتحاق بجامعات اوروبية في فرنسا او بريطانيا او المانيا، حيث يسمح لهن بمتابعة دراستهن رغم الحجاب الذي يغطي رؤوسهن بينما يمنعن في بلدهن من ذلك. انه تطبيق غريب ومقلوب لأي مفهوم من مفاهيم الحرية الفردية التي لا يستقيم نظام ديموقراطي من دونها والا انقلب الى نظام ديكتاتوري. ويزيد من غرابة هذا الوضع ان رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي (المتهم بالتحريض على العلمانيين) هو أحد اكثر السياسيين الاتراك الذين يدافعون عن دخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي، فيما العلمانيون المتحزبون لكمال اتاتورك، مثلما تحزبت المدارس الماركسية يوما ما لماركس ولينين، هم الذين يشكلون الآن الخطر الاكبر على التوجه التركي نحو ابواب اوروبا. إذ أن هذا التحزب يخفي وراءه شرارات انقلاب عسكري على المؤسسة السياسية الحاكمة، رغم وصولها الى السلطة بقوة الدستور والانتخابات. فلا شك أن تركيا هي الدولة «الديموقراطية» الوحيدة التي يجد الجيش فيها نفسه مضطرا لاعتبار نفسه «حارسا للنظام» الى حد عدم التردد في الانقلاب على مؤسساته المنتخبة، كما فعل اكثر من مرة وكما يهدد الآن من خلال الدعوة التي اطلقها رئيس اركانه الجنرال حلمي اوزكوك الى معتنقي «العقيدة» العلمانية الى النزول الى الشوارع للتعبير عن رفضهم لسياسات رئيس الحكومة الذي بذل جهدا كبيرا لجعل الانتماء الى الدين الاسلامي وجها مقبولا من وجوه الهوية التركية، بعد أن تمت محاربة هذا الانتماء على وجه غير ديموقراطي لثمانين سنة طويلة هي عمر تركيا الحديثة. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 23 ماي 2006)
النظام الحاكم بين البلادة السياسية وسياسة الازدراء
في ذكرى التحرير: سلاح المقاومة في لبنان وجد ليبقى ما بقيت إسرائيل في الوجود
ما أصعب أن تفهم المجتمع المصري
سلطات لم يتبق لها شيء، ولم يتبق لنا إلا الدهشة!
نهلة الشهال (*) يقال في بلادنا إن الاستمرار في القدرة على الاندهاش نوع من السذاجة. ذلك أن الدهشة ترفٌ في بلادنا «المخبوطة» على رأسها، والتي تعاني من كل الآفات: بؤس غير مسبوق رغم تكدس العائدات المالية من الريوع بشكل غير مسبوق أيضا، وتراجع عن كل منجزات القرن الفائت بما فيها أوله التنويري ومنتصفه التحرري، واحتلالات، وعنف، وأفق مسدود فلا أحد يعرف حقا ما السبيل. إلا أنه، ورغم الكدر المتغلغل في أرجاء العالم كله بسبب الدعوة اللجوج إلى الإقرار بواقعية الخضوع للبزنس وما يتبع هذا التسليم من مقاييس، ما زالت الدهشة تعتبر درعا أخلاقيا وما زالت تعتبر منبع الإبداع والتجديد. لذلك، ينبغي أن يبقى مدهشا تعرض القضاة في مصر -أم الدنيا، أليس كذلك؟- للضرب في الشارع على يد أفراد من الشرطة يقودهم عن بعد ضابط مختص في القمع، يصدر أوامره ميدانيا. ينبغي أن يبقى مدهشا أن يؤدي به إلى المستشفى لعدة أسابيع، الضرب الذي انهال على القاضي الوقور. لم تكن إذاً دفعة صغيرة أو لكمة عابرة عن طريق الخطأ، بل كانت تقصّدا. ماذا يتبقى لسلطة يضرب الشرطي فيها القاضي؟ يقر وزير العدل المصري في مؤتمر صحافي بأنه تعرض «لضغوط سياسية» عليا من أجل تحويل القاضيين إلى المجلس التأديبي عقوبة لهما على تناولهما العلني لبعض التواطؤ القضائي في التغطية على التزوير في الانتخابات. قاضيان آخران غير القاضي المضروب، وقبل ضرب هذا الأخير الذي ضُرب لمشاركته في اعتصام نفذه القضاة للاحتجاج على واقعة تحويل القاضيين إلى التأديب! وأما تحويل المستشارين في محكمة النقض، وهي أرفع الهيئات القضائية، وهما نائبا رئيسها، إلى اللجنة التأديبية، تمهيدا لنقلهما من وظيفتهما أو لإحالتهما على التقاعد، فهو الفصل الراهن وغير الاخير من سياق بدأ منذ بضع سنوات، حين اشترط الجسم القضائي، ممثلا بنادي القضاة في مصر، وهو بمثابة النقابة، أن يتولى الإشراف على الانتخابات العامة حتى يصدر صكا يشهد بنزاهتها. ولأن السلطة كانت بحاجة لمثل هذه الشهادة بمواجهة تهمةٍ تُلاقي قبولا عاما بأنها تتلاعب بنتائج الانتخابات، ولأن حركة الاحتجاج على هذا التلاعب تعاظمت، وافقت السلطة على إشراف قضائي حاولت حصره في الحدود الدنيا: يوم الانتخابات وصناديق الاقتراع. إلا أن بعض القضاة – بل أغلبهم – استفاد من التجربة للسعي إلى مزيد من إتقانها، فتبلورت مطالبة، تُلاقي هي الاخرى قبولا عاما، بشمول الرقابة القضائية لمجمل العملية من أولها أي القيد في السجلات، إلى آخرها أي إعلان النتائج، وبشمولها كل انتخابات عامة وليس التشريعية منها فحسب. مبدئيا، ليس هذا مطلبا ثوريا بل هو يطابق منطق الأصول الدستورية. لكنه في بلداننا إجراء خطير لأن السلطة بشكل عام تعتمد على الفساد كنمط لتسيير الأمور، بل الفساد هو عصب السلطة. الفساد في كل الميادين وليس في الاقتصاد فحسب كما يُظن. الفساد استقر كنظام عام، لذا تفقد السلطة صوابها حين يتم الاقتراب من آليات الفساد لتعطيلها أو أقله لعرقلة عملها. وفي المقابل، لعل ذلك هو أيضاً، وتحديدا، سر الالتفاف الكبير الذي تشهده مصر حاليا حول صراع نادي القضاة من أجل انتخابات عامة نزيهة. لعله استشعار لنقطة بداية ما تنطلق من عندها الحركة المعكوسة: انتخابات عامة نزيهة، فسلطة متجددة وقابلة للمساءلة، وخاضعة لها، وهي لذلك وبالضرورة تمتلك درجة من الحساسية، وإن معقولة، تجاه القضايا العامة، من معالجة الانهيار المريع في التعليم العام والعناية الصحية العامة، إلى شكاوى الفلاحين الذين تنزع منهم أرضهم بالقوة في تصفية تامة لكل إجراءات الإصلاح الزراعي، إلى الفضائح اليومية المتعلقة بالاتجار بالأغذية الفاسدة وبكل ما يخطر على بال، إلى سوى ذلك من لائحة تطول في مصر وقد تنتهي بالنجاح في مطاردة كل اللصوص… واستئناف الحلم. تلك هي محورية معركة القضاة ورمزيتها في آن معا. وأما رد السلطة فيتميز بالضيق وبالعنف المنقطع النظير. لو تُحكى قصة تلك الصحافية التي ذهبت لتغطية اعتصام القضاة والتجمع المساند لحركتهم لظُن أن في الأمر مبالغة أو أن الوقائع تجري في مكان من العالم نجهل قواعد الحياة فيه: منذ أيام قليلة، اختطفت السيدة من الشارع من قبل عربة شرطة، وهي تصرخ «أنا صحافية»، وأوسعت ضربا في العربة ثم مزقت ثيابها تماما وهددت بالاغتصاب الجماعي، ثم حدث ما لا يروى، وبعدها اقتيدت عارية في الشارع ومُنع المارة من التدخل لستر جسمها بأي ثياب، بحجة أنها «آداب») !وماذا لو؟)، ولم تنته محنتها إلا بعد ساعات. قصة ترهيب صُممت لتكون نموذجية. وهي تكررت ولم تنفع، بدليل أن الصحافية نفسها روت الواقعة واستأنفت عملها. إلا أن السلطة لا تملك سوى ذلك جوابا عن الأحداث المتسارعة. لهذا السلوك في السياسة اسم: إنه الإفلاس. ويتكرر هذه الأيام أيضا مشهد مماثل في تونس، من اعتداء على القضاة – ومعهم المحامين- وإن لم يصل وقعه بعد إلى درجة ما يجري في مصر، ولم ينل بعد الصدى الذي أصاب نظيره المصري، حيث بدأت حملة تضامن من الأجسام النقابية للقضاة في العالم مع حركة القضاة المصريين وضد موجة القمع الشرسة، التي وإن كانت لم تتوقف أبدا إلا أنها تعرف اليوم مستويات قياسية، حيث هناك مئات المعتقلين ومواجهات في كل مدن مصر وجامعاتها. والسؤال يتعلق بأسباب العودة إلى هذا المقدار من الشراسة، عدا الإفلاس مما ليس عارضا. وربما كمن أحد الأجوبة في الاطمئنان إلى تغير في المقاربة الأميركية – من جديد- لواقع هذه السلطات، حيث اختفت المطالبة بالديموقراطية بل بتعميمها، وابتُلعت تلك النظرية التي عبرت عنها الدكتورة رايس حين قالت إن الإدارة الأميركية أخطأت في الماضي إذ فضلت الاستقرار على التغيير فعرقلت الديموقراطية. فبعد انتصار حماس في فلسطين إثر انتخابات هناك إجماع على نزاهتها، وغلبة قوى في العراق إثر انتخابات اشرف عليها الاحتلال بنفسه واتت بمن لا ترغب واشنطن بتحقيقهم للغلبة – إلى هذا الحد على الأقل، وبعد وصول كتلة وازنة من الأخوان المسلمين إلى البرلمان في مصر، بات الحديث عن الديموقراطية والتغيير خفيض الصوت في واشنطن، وعادت السلطات التي خافت لوهلة إلى «الفرعنة». وهي بذا تثبت أنها سلطات تابعة حتى عندما تمارس القمع! وينطبق القانون نفسه على سورية وإن خاصمت الولايات المتحدة: فها هي تعود إلى اغتيال تلك الفسحة الرقيقة من «السماح» التي تركتها تزدهر بعض الشيء حين كانت تخشى إطباق الخطة الأميركية عليها خلال الفترة القريبة الماضية، فلا تكتفي بالاستمرار في اعتقال الاقتصادي الكبير الدكتور عارف دليلة، اعتقالا متعنتا وكيديا لا يراعي مكانة الرجل وسنه ومرضه، وخصوصا براءته من كل تهمة، بل تقدم منذ أيام على اعتقال رجل من طينة الكاتب ميشيل كيلو، وهو معارض بالتأكيد لنهج النظام القائم، وإنما لا يمس وطنيتَه الصميمة أي غبار. بل هو معارض لأنه وطني! ولأنه يعرف أن المعركة التي تنتظر سورية – رغم الارتباك الأميركي في العراق، ورغم ارتفاع وتيرة التحدي الإيراني للولايات المتحدة – لا تخاض بالطرق والأدوات السائدة. ليس على ذلك من مزيد، سوى ربما العودة إلى الدهشة. دهشة مصطنعة هذه المرة! (*) كاتبة وأكاديمية من لبنان (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 21 ماي 2006)
الأحزاب الإسلامية وكسب تحدي الإصلاح الديموقراطي
د. سعد الدين العثماني – الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي (*) elotmani@maktoob.com يعتبر الحديث عن الإصلاح في البلدان العربية والإسلامية حديث الساعة، والاهتمام به الشغل الشاغل لمختلف القوى السياسية والمجتمعية. والتعرف على رؤية الحركة الإسلامية السياسية في هذا المجال أمر مهم بسبب الوزن السياسي المتنامي لهذه الحركة، والأنظار المتجهة إليها قبولا أو رفضا، رضى أو توجسا من مختلف القوى السياسية المحلية والأجنبية. إن أبناء الحركة الإسلامية في النهاية مواطنون يمتلكون تصورات للإصلاح في بلدانهم، ومن الضروري التعرف على تلك التصورات من أصحابها وبقدر مقبول من الدقة بعيدا عن الخطابات المعممة والآراء الانطباعية. وهذا يمكن من التعرف علي تصورات مكون أساسي من مكونات الواقع السياسي في الحاضر والمستقبل، بعيدا عن التهوين والتهويل، بغية التعرف علي مساحات الالتقاء والاختلاف فيما بينها وبين التوجهات الفكرية والسياسية الأخرى. تنويهات أولية من المهم التنويه في بداية هذا العرض إلى أمور أولية هي: ـ إن الحركة الإسلامية لا تحمل تصورا واحدا منمطا ولا مقاربة واحدة لأمور الإصلاح السياسي، بل تتجاذبها مدارس متنوعة، وأحيانا متباينة. ولذلك فإن تحميل بعضها أفكار أو تصرفات البعض الآخر، مما هو شائع لدى بعض المتتبعين والكتاب أمر غير علمي ولا موضوعي. وفيه الكثير من الأحكام المعممة بغير وجه حق. وذلك التنوع في حد ذاته ليس أمرا سلبيا كما يتصور البعض، بل هو تجل لسعة الظاهرة الإسلامية وانتشارها وتجذرها، وكونها تستوعب اليوم فئات مختلفة ومتباينة من المجتمع. ـ إن التيار العام للحركة الإسلامية هو تيار يتبنى الفكر الوسطي المعتدل، والنظرة التجديدية للدين، ويتبنى الإصلاح بالوسائل السلمية والقانونية، وينبذ كل أشكال العنف. ـ إن السمة الغالبة على مقاربة الحركة الإسلامية السياسية للإصلاح هي التدرج وطول النفس وتجنب مختلف أشكال العجلة والتسرع وعدم القفز على معطيات الواقع بغية اختصار طريق الإصلاح، وهو الخطأ الذي وقعت فيه فصائل كثيرة من الحركات اليسارية والقومية والإسلامية طيلة عقود من الزمان. ـ إننا هنا نعبر عن رأي شخصي لعدد من قضايا الإصلاح السياسي والمجتمعي، وفي المجمل للمقاربة التي يتبناها حزب العدالة والتنمية المغربي. المرجعية الإسلامية من الطبيعي أن يمتلك أي مشروع للإصلاح تصورا مذهبيا يجد أصوله في فلسفة معينة لها نظرتها ورؤيتها للعالم والإنسان والتاريخ والمجتمع. إنها المرجعية أو الأرضية التصورية للإصلاح. وفي جميع الحالات يعرف التعامل مع تلك المرجعية تراوحا بين الوثوقية النصية وبين التجديد والمراجعة، ويصل أحيانا إلى التجاوز أو التلفيق. وبتعبير آخر يتراوح بين الراديكالية أوالتطرف، والإصلاحية، والتجديدية. وليست الحركة الإسلامية بنشاز عن ذلك بتبنيها المرجعية الإسلامية وانطلاقها منها لبناء تصوراتها ورؤيتها واستلهام مشروعها المجتمعي. والانطلاق من مرجعية مثل هذه لا ينافي في شيء الحداثة ولا الديمقراطية، ولا التنظيم المدني للسلطة كما سنحاول تفصيل ذلك في هذا العرض. كما أن التجربة الغربية نفسها استوعبت العديد من الأحزاب ذات المرجعية المسيحية، فتكون منهم تيار الديمقراطيين المسيحيين والاجتماعيين المسيحيين. وتنص القوانين المؤسسة لهذه الأحزاب صراحة على انطلاقها من القيم المسيحية أومن الكتاب المقدس على حسب اختلافاتها وتنوع رؤاها. وتصورنا لأهمية المرجعية ينطلق من أن تطور الشعوب لا يمكن فصله عن النسق الثقافي والمرجعية الحضارية السائدة في تاريخها. وشعوبنا ظلت عبر تاريخها شعوبا مسلمة. وأي إصلاح لأحوال المجتمع ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار هذه الحقيقة التاريخية. وهكذا فإن نجاح أي إقلاع اجتماعي وحضاري وأي تحرك في مواجهة التحديات المطروحة يستلزم الارتباط بالخصوصية التاريخية، بل ينبغي أن ينطلق من روح الاعتزاز بالمكانة الحضارية والتاريخية لبلداننا وأمتنا، والتأسيس على أرضية توافقية وتشاركية بين مختلف فئات المجتمع. وهو أكفأ السبل للاستثمار الأنفع لطاقات الشعوب. وإن تغييب هذه الحقيقة يؤدي إلى ردود فعل تضيع الوقت والجهد، كما أنه لن يستطيع تعبئة الطاقات والجهود لإنجاح المبادرة المعنية. إن الشرط هوياتي والثقافي يشكل مدخلا أساسيا وضروريا لنجاح أي إصلاح، فهو القادر على زرع الحيوية في الأمة وتوليد الطاقة القادرة على الإنجاز. والكثير من التوترات في مراحل التغيرات الاجتماعية ناتج عن وضع برامج مصادمة للهوية، وللمبادئ التي يعتنقها الشعب ويؤمن بها. وإلى هذه الحقيقة انتهت اليوم مختلف الدراسات الاجتماعية، ومختلف النظريات التي تهتم بالتنمية. فقد أضحت الخصوصيات الثقافية والاجتماعية أمرا تهتم به جميع المنظمات الدولية وتعمل على تكييف برامجها معه. لكن من الناحية المبدئية والحقوقية أيضا، فإن انطلاق مشاريع النهوض من المرجعية الإسلامية حق من حقوق الشعب واحترام لهويته وعقيدته، ومن الظلم أن يحرمه. وأي مشروع لا ينطلق من تلك المرجعية فهو اعتداء على الشعب وعلى هويته وثقافته. صحيح أن المرجعيات يجب أن تخضع باستمرار للنقد والمراجعة والتجديد حتى لا تبقى محنطة عاجزة على إنتاج رؤى ومواقف وبرامج متناسبة مع تطور العصر وحاجات المجتمع. وهي وظيفة التجديد في الفكر الإسلامي والتي تعني الاجتهاد الفقهي والفكري الإسلامي، بما يتلاءم مع ما صار إليه المجتمع من أوضاع ومشارب واحتياجات. ونهدف في عرضنا هذا إلى توضيع المنطلقات المعرفية لتصور حزب العدالة والتنمية المغربي للممارسة السياسية وللإصلاح، والمنهجية المعرفية التي يعتمدها في التعامل مع المرجعية الإسلامية ومع النص الشرعي. وقد اخترت أساسا منهجيا للإجابة على هذا السؤال سمات تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم بالإمامة، فعلى عكس ما يظن الكثيرون فإن لها خصوصيات تصلح أساسا منهجيا لتجديد الفكرة الإسلامية في هذا المجال، والخروج من سجن التجارب التاريخية التي ربما تكبل انطلاقة الكثير من المسلمين للاستفادة بقوة من التجربة الإنسانية المعاصرة. تنوع التصرفات النبوية في الإسلام ليست التصرفات النبوية من نوع واحد ولا على وزن واحد. فعلى الرغم من أنه نبي تلقى الوحي عن الله إلا أن تصرفاته، من أقوال وأفعال ليست كلها وحيا يتبع، بل منها إضافة إلى ذلك نوعان من التصرفات على الأقل: ـ التصرفات بالإمامة أو السياسية: وهي تصرفاته بوصفه إماما للمسلمين ورئيسا للدولة يدير شؤونها بما يحقق المصالح ويدرأ المفاسد ويتخذ الإجراءات والقرارات الضرورية لتحقيق المقاصد الشرعية في المجتمع، وهي التصرفات التي سنتوقف عندها بتفصيل في هذا العرض. ـ التصرفات البشرية: حيث يتصرف بوصفه بشرا يجري عليه ما يجري على البشر من نسيان وخطأ. ويمكن تقسيم هذا النوع إلى عدة أقسام منها: 1 ـ التصرفات الجبلية: وتشمل أقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله الصادرة منه بمقتضى البشرية المحض. 2 ـ التصرفات العادية: وهو ما يتصرف به الرسول صلى الله عليه وسلم جريا على عادة قومه ومألوفهم في الأكل والشرب وهيئات اللباس، وعوائدهم الجارية بينهم في المناسبات كالزواج والولادة والوفاة ونحوها…من قضايا الحياة المختلفة. 3 ـ التصرفات الدنيوية: وهي تصرفاته صلى الله عليه وسلم في أمور تخضع للخبرة التخصصية وللتجربة البشرية، مثل الزراعة والصناعة والطب وغيرها … فهي لا يتعلق بها تشريع خاص بل هي متروكة إلى معارف الناس وتجاربهم. والأصل في هذه التصرفات أن الرسول صلى الله عليه وسلم مر بقوم يلقحون النخل: “ما أظن يغني ذلك شيئا”. فتركوه فلم يثمر. فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: “إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه فإني إنما ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به فإني لن أكذب على الله عز وجل ”. وقال لهم أيضا: “ إنما أنا بشر، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر”. وهذا التقسيم للتصرفات النبوية له فوائد عديدة في فقه الدين وفي التعامل مع أحاديث النبي. وهي تبين أن الكثير منها تستجد بحسب الأحوال والظروف، أو ترتبط بأسباب وأحوال خاصة، أوليست إلا تعبيرا عن بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم. وبالتالي فليست كلها سنة للاتباع والاقتداء. وهذه قاعدة جوهرية لتناول الممارسة السياسية وطبيعتها في الإسلام. التصرفات النبوية السياسية لننظر الآن إلى التصرفات النبوية السياسية أو التي تسمى لدى القدماء التصرفات النبوية بالإمامة. وهي تعرف بأنها تصرفاته صلى الله عليه وسلم بوصفه رئيسا للدولة يدير شؤونها بما يحقق المصالح ويدرأ المفاسد ويتخذ الإجراءات والقرارات الضرورية لتحقيق المقاصد الشرعية في المجتمع. لكن المهم هو أن نتوقف عند سمات التصرفات النبوية بالإمامة لنرى درجة الموضوعية التي يصر الأصوليون على التعامل بها معها. ويمكن حصر أهمها في أربع سمات هي : 1ـ تصرفات خاصة: فتصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم بالإمامة تصرفات جزئية مرتبطة بتدبير الواقع وسياسة المجتمع، فهي خاصة بزمانها ومكانها وظروفها. و من تم فهي ليست شرعا عاما ملزما للأمة إلى يوم القيامة. وعلى المسؤولين بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ألا يجمدوا عليها، وإنما عليهم أن يتبعوه صلى الله عليه وسلم في المنهج الذي بنى عليه تصرفاته وأن يراعوا المصالح الباعثة عليها، والتي راعاها النبي صلى الله عليه وسلم زمانا ومكانا وحالا. 2ـ تصرفات مرتبطة بالمصالح العامة والسمة الثانية ذات الأهمية الكبيرة أن التصرفات بالإمامة تهدف إلى تحقيق المصالح العامة. ويربط الأصوليين التصرفات بالإمامة بالمصلحة العامة معيارا أساسا لها، وهو يعكس تمييزا مقصودا بين الفقه الفردي، والفقه الجماعي الذي تؤثر قراراته على مصالح المجتمع الكبرى أو على شرائح واسعة منه. 3 ـ تصرفات اجتهادية: فمن المتفق عليه أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يبلغ عن الله أو عندما يبين الدين يتصرف وفق ما أوحي إليه به أو وفق ما فهمه من الوحي مما لا يقر فيه على خطأ. وعندما يتصرف بوصفه “إماما” أو قائدا سياسيا إنما يتصرف باجتهاده ورأيه الذي يمكن أن يصيب فيه أو يخطئ. وهذا الأمر الثاني يكاد يجمع عليه الأصوليون والفقهاء. ومما يدل أيضا على أن تصرفاته صلى الله عليه وسلم بالإمامة راجعة إلى اجتهاده، مشاورته لأصحابه فيها. إذ لو كان مأمورا بالوحي في القضية المعروضة لما استشارهم. والواقع أنه كان ينزل عند رأيهم ويرجع إلى خبرائهم، كما كان يراجع ويناقش دون أي نكير . وكان الصحابة يميزون بين وظيفته صلى الله عليه وسلم بوصفه مبلغا للرسالة والوحي ووظيفته بوصفه قائدا سياسيا وحربيا. وإذا اختلط عليهم الأمر سألوه فبين لهم. فقد راجعه أحد أصحابه واسمه الحباب بن المنذر في إحدى حروبه فقال له: “يا رسول الله أهذا منزل أنزلكه الله، ليس لنا أن نتقدمه ولا أن نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة”. فقال صلى الله عليه وسلم: “بل هو الرأي والحرب والمكيدة”. فأشار عليه برأي مغاير فقبله. 4 ـ تصرفات في أمور غير “دينية” : وهو معنى يعبر عنه بعض الأصوليين بالتأكيد على أنها تكون “فيما يقع فيه التنازع لمصالح الدنيا”، تمييزا لها عن الأمور التي أتت لتحقيق “مصالح الآخرة”. وهذا التمييز بين ما هو لمصالح الدنيا وما هو لمصالح الآخرة مهم جدا، لكنه يجب أن يفهم في إطار النظرة الإسلامية الشاملة للعلاقة بين الدين والدنيا. إن لفظ الدين يستعمل في الإسلام بمعنيين: الأول عام، يشمل جميع أوجه نشاط المسلم وجميع الأعمال التي يأتيها بما فيها ممارسته السياسية. وهكذا فكل ما يفعله المسلم في حياته من عمل صالح فهو عبادة بمفهومها العام. وكل ذلك يدخل في مسمى الدين. ولذلك كانت كتب الفقه التي تتضمن أحكام الدين العملية تضم أبواب الصلاة والصيام إلى جانب أحكام الأسرة والزواج والطلاق والإرث، والأبواب المرتبطة بالنشاط الاقتصادي والأبواب المرتبطة بالنشاط السياسي. وكل هذا كان يعتبر دينا. فهو هنا بمعنى كل عمل صالح نافع مفيد. المعنى الثاني للدين خاص، يستعمل في مقابل الدنيا. كما ورد في قول الرسول نفسه: “إن كان من أمر دينكم فإلي، وإن كان من أمر دنياكم فشأنكم”. كما قال في الحادثة التي أشرنا إليها من قبل: “إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه، فإني إنما ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به، فإني لن أكذب عن الله”. وفي حديث آخر: “إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر “. فالدين ما كان من تصرفاته عن وحي أو اجتهاد في مرتبة الوحي، والدنيا ما كان منه عن رأي واجتهاد محض. وذهب كثير من علماء الإسلام إلى أن تصرفاته صلى الله عليه وسلم في أمور الدنيا التي تخضع للتجربة هو فيها بشر ككل الناس، ومن ذلك مثلا: ·أبو محمد ابن حزم (ت 456 هـ): ”فهذا (الكلام النبوي) بيان جلي (…) في الفرق بين الرأي في أمر الدنيا والدين”، “وإننا أبصر منه بأمـور الدنيا التي لا خير معها إلا في الآجل، وهو أعلم منا بأمر الله تعالى وبأمر الدين المؤدي إلى الخير الحقيقي…” (الإحكام) ·القاضي عياض (ت 544 هـ): “أما أحواله في أمر الدنيا فقد يعتقد صلى الله عليه وسلم الشيء منها على وجه يظهر خلافه” (الشفا) · محيي الدين النووي حول حديث تأبير النخل: “قال العلماء: ولم يكن هذا القول خبرا وإنما كان ظنا كما بينه في هذه الروايات، قالوا: ورأيه صلى الله عليه وسلم في أمور المعايش وظنه كغيره فلا يمتنع وقوع مثل هذا ولا نقص في ذلك (شرح مسلم) ·العز بن عبد السلام: ” أما مصالح الآخرة وأسبابها ومفاسدها فلا تعرف إلا بالشرع، فإن خفي منها شيء طلب من أدلة الشرع، وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس المعتبر والاستدلال الصحيح. وأما مصالح الدنيا وأسبابها ومفاسدها، فمعروفة بالضرورات والتجارب والعادات والظنون المعتبرات، فإن خفي شيء من ذلك طلب من أدلته (قواعد الأحكام 1/10) “ولا تعرف مصالح الآخرة ومفاسدها إلا بالشرع. وتعرف مصالح الدنيا ومفاسدها بالتجارب والعادات ” (الفوائد في اختصار المقاصد ص 41) إن أهمية التنصيص على انبناء التصرفات النبوية بالإمامة على مصالح الدنيا له دلالات متعددة منها: ـ أنه يخرجها من مسمى الدين بالمعنى الثاني. وهو دليل على وجود نوع من التمييز بين الدين والدنيا في الإسلام. ـ أن من مقاصد الإسلام إزالة أي نوع من القداسة عن الممارسة السياسية حتى لا يصير ذلك احتكارا لها باسم الدين، أو حجرا على الإبداع والانطلاق. ـ أن هذا التمييز يفيد في إدراك ضرورة تغير التصرفات النبوية بالإمامة في حال تغير المصالح التي انبنت عليها. فهي ليست ملزمة لأي جهة مسؤولة أو تشريعية، ولا يجوز الجمود عليها بحجة أنها (سنة النبي). وإنما يجب على كل من تولى مسؤولية سياسية أن يتبعه صلى الله عليه وسلم في المنهج الذي هو بناء التصرفات السياسية على ما يحقق المصالح المشروعة. وثيقة المدينة: أول دستور في الإسلام وأول تطبيق لهذا المنهج نجده في الوثيقة التي وضعها الرسول بعد هجرته إلى المدينة سنة 622م. وهي وثيقة تنظم العلاقات داخل المدينة بين المسلمين، وبينهم وبين المجموعات البشرية الأخرى وخصوصا اليهود. وتعرف هذه الوثيقة تاريخيا باسم الصحيفة، أو صحيفة المدينة، أو كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل المدينة. وقد جاء في هذه الوثيقة: “بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب من محمد النبي الإمي، بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم، أنهم أمة من دون الناس”. إلى أن قال: “وأن من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم”. ثم يقول: “وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم، إلا من ظلم وأثم”. ثم ذكرت الوثيقة تسع قبائل يهودية واحدة تلو الأخرى، تنص في كل مرة على أن لهم مثل ما ليهود بني عوف، وتضيف إلى ذلك أن مواليهم وبطانتهم كأنفسهم. وتقرر الوثيقة بعد ذلك على أن بين المسلمين واليهود “النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم”. فهذه الوثيقة ربما تكون الأولى من نوعها في التاريخ تضع أسسا متقدمة للاجتماع السياسي من خلال التأكيد على أمرين أساسين هما: ـ حرية العقيدة والعبادة، فلكل إنسان الحق في دينه لا يضايق عليه. ـ التعددية والمساواة بين مواطني المدينة بغض النظر عن معتقداتهم الدينية. فجميع المقيمين في دولة المدينة المنورة، مهما اختلف دينهم مواطنون فيها، لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات. وهذا أهم تأسيس لمفهوم المواطنة في الإسلام. إن هذه الوثيقة في تفاصيلها الكثيرة تصرف نبوي بوصفه رئيسا للدولة، لكنها في توجهاتها العامة تعكس المبادئ الإسلامية العليا التي يجب أن يتخذها المسلمون نبراسهم في واقعهم السياسي وفي دأبهم لتطويره. الدولة في الإسلام دولة مدنية إن التصرفات النبوية بالإمامة بما هي تصرفات بالسياسة الشرعية، تفتح بابا واسعا لتجديد الفقه السياسي في الإسلام، وإعادة النظر ـ من زاوية جديدة ـ في كثير من قضاياه. كما تمكن من إرساء وعي منهجي في مجال السياسة الشرعية، وإشاعته بين المشتغلين بالإحياء الإسلامي نظرا وتطبيقا. ورغم أن التفرقة في الإسلام بين ما هو وحي وما هو نتاج بشري، بديهي ومعروف، وخصوصا فيما يتعلق بالممارسة السياسية، إلا أن الوعي بالتصرفات النبوية بالإمامة يوفر أساسا منهجيا هاما وصلبا للعديد من القضايا المطروحة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، نذكر منها: 1)) تبين سمات التصرفات النبوية بالإمامة أن الدولة الإسلامية دولة مدنية، وليست دولة دينية بالمعنى المتعارف عليه في الفكر السياسي الغربي. فطبيعة التصرفات النبوية بالإمامة وسماتها توضح كيف أن الإسلام ينزع كل عصمة أو قداسة عن ممارسات الحكام وقراراتهم، كما ينزعها عن الوسائل التي تتوسل بها الدولة لإدارة شؤون الأمة. لذلك فإن الدولة في الإسلام لا يمكن أن توصف بأنها دولة دينية لأنه لا توجد دولة دينية بدون العصمة أو المعرفة النابعة من عالم الغيب أو من الوحي. الدولة في الإسلام إذن دولة دنيوية، قراراتها بشرية، واجبها تبني أقصى درجات الموضوعية والواقعية في تسيير شؤون المجتمع، كما أن الحاكم في الإسلام، لا يستمد مشروعيته من قوة غيبية، بل هو فرد عادي يستمد ولايته من الأمة التي اختارته وكيلا عنها بمحض إرادتها وهو مسؤول أمامها في الدنيا، فضلا عن مسؤوليته أمام الله يوم القيامة. لكن مسؤوليته في الآخرة فردية لا تنقص في شيء من مسؤوليته الدنيوية الكاملة أمام شعبه. وهكذا يتبين أن النموذج السلطاني التاريخي للدولة ليس هو الصورة المطلوبة من المسلمين، وإنما عليهم إبداع نموذج يتوافق وحاجياتهم وتطورات مجتمعهم وظروف عصرهم. 2)) علاقة الديني والسياسي: تمييز لا فصل لقد اتخذت العلاقة بين الديني والسياسي في فكرنا المعاصر صيغا مختلفة ومتناقضة. لكنها اتخذت في الغرب نفسه أشكالا متباينة على الرغم من وجود قواسم مشتركة. وكل تجربة لها سياقها الخاص، وكل مجتمع يتواضع على صيغة معنية انطلاقا من خصوصياتها. ولا شك أنه من الضروري الاستعانة في مجال بناء نموذج العالم الإسلامي في التجربة الديمقراطية بتجارب الآخرين. فالتجارب السياسية الإنسانية أعطت الكثير لاستقرار شعوبها وعقلنة إسهامها في تسيير شؤونها. والقراءة المتفحصة والمتفهمة للتجربة السياسية الغربية تمكننا من إبداع نموذج يحقق الانسجام بين الشرعي والوضعي، ويستجيب لحاجياتنا الخاصة ويمكن من إنجاز التوافقات حولها. وهذا يحتاج إلى إزالة القداسة عن الجوانب المتعلقة بالسياسة من الدين، إذا استثنينا المبادئ العامة والمقاصد الكبرى، والباقي بشري دنيوي بشرية ودنيوية التصرفات النبوية بالإمامة. ولذلك فإننا نتصور أن الفصل بين الديني والسياسي غير متصور وغير ديمقراطي وغير واقعي. إنه غير متصور نظريا لأن الإنسان عندما يمارس حقوقه السياسية يفعله انطلاقا من المبادئ والأفكار التي يحملها. وتنطبع ممارسته السياسية بذلك. ولا يمكنه أن يتخلى عن أفكاره. وهو غير ديمقراطي لأنه معارض لحقوق الإنسان. فجميع المواثيق الدولية تؤكد على حق الإنسان في الدفاع عن أفكاره. كما أنه مسوغ لبعض أنظمة الحكم لممارسة القمع السياسي ومنع بعض التوجهات السياسية من ممارسة حقوقها استنادا إلى زعم كونها حركات “دينية”. وهو مستند غامض قابل لكل التأويلات. وهو غير ديمقراطي أيضا لأن الإسهام الفاعل للجمهور الواسع من المواطنين “المسلمين” في بلد مسلم مثل المغرب في الفعل السياسي، ليس من المرجح حدوثه إلا إذا اتسق هذا الفعل مع مبادئهم الدينية ومعاييرهم الثقافية. وتنزيل الحد الأدنى من الديمقراطية يستلزم كما هو معروف، إلا بوجود درجة كافية من التعبئة للمشاركة السياسية واستحقاقاتها. وهو غير واقعي لأن هناك اليوم، وفي مختلف الثقافات والديانات عودة الدين إلى عمق الاحتجاجات الاجتماعية والنضال السياسي. كما أن جميع الديمقراطيات اليوم وسعت أصحاب الفكرة السياسية المنطلقة من خلفية دينية مثل الأحزاب الديمقراطية المسيحية في أوربا وآسيا، واليمين المسيحي المحافظ في أمريكا، والأحزاب الهندوسية في الهند، والأحزاب الدينية اليهودية في إسرائيل. فمن غير المبرر ولا المعقول أن تتميز الديمقراطيات في العالم العربي بإقصاء الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، إلا إذا كان الهدف هو الاستئثار بالساحة السياسية من قبل فاعلين تقليديين يخشون من المنافسة الديمقراطية. كما أن العديد من الاتجاهات حاولت الفصل بين الدين والسياسة وهي في السلطة، مثل القومية العربية والاشتراكية العربية، لكنها اصطدمت بواقع معقد رافض، فأنتجت أشكالا عديدة من التطرف. وفي رأينا أن العلاقة الأوفق بين الدين والسياسة في الإسلام ليس هو الفصل بل هو التمييز. فالدين حاضر في السياسة كمبادئ موجهة، وروح دافقة دافعة، وقوة للأمة جامعة، لكن الممارسة السياسية مستقلة عن أي سلطة باسم الدين أو سلطة دينية. فبالنسبة لأساس الشرعية، يجمع الفقهاء الدستوريون المسلمون قدماء ومحدثين على أنه يعود للأمة أو الشعب. وأكبر دليل على ذلك هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه توفي ولم يعين أو يوص لأحد بعده بالحكم. فترك الأمر للناس ليس فقط ليختاروا الشخص الذي يريدون، ولكن أيضا بالنهج الذي يرتضون. وهذه سابقة دستورية ذات دلالة، لصدورها من الرسول نفسه. لذلك فالحاكم تختاره الأمة بالطريقة التي ترضيها، والبيعة عقد بين الحاكم والمحكوم أساسه الرضا التام، بدونه فلا عقد. لكن الحاكم على كل حال واحد من الأمة ولي مسؤولية الحكم، فلا امتياز له بذلك، ولا يتصرف إلا بما يقتضيه عقده مع الأمة. وينطبق نفس الشيء على العديد من المقتضيات الأخرى مثل ضبط المؤسسات السياسية وانتخاب المسؤولين وتحديد مدد ولايتهم، والعلاقة بين السلطات واستقلاليتها وغير ذلك. فهي كلها أمور دنيوية تخضع للاجتهاد البشري. من الاستنتاجات التي تفيدنا بها أيضا سمات التصرفات النبوية بالإمامة تاريخية التجربة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين، وهي تجربة ظل الفكر الإسلامي المعاصر، السياسي والتشريعي سجينا لها في كثير من الأحيان. إن التجربة الراشدية تشكل لا شك تجربة سامقة، لها في نفس كل مسلم الإجلال والتقدير، لكن هذا لا يجعلها تجربة تتجاوز الزمان والمكان والملابسات التي أملتها. فما دامت الممارسة السياسية النبوية نفسها نسبية، فمن باب أولى أن تكون التجربة الراشدية كذلك نسبية. وإذا كنا مأمورين بالاقتداء في مجال التصرفات النبوية السياسية بالمنهج العام دون الجمود على الأحكام الجزئية، فإن الاقتداء الذي أمرناه للخلفاء الراشدين لا يمكن إلا أن يكون أيضا اقتداء بمنهجهم في التعامل مع كل نوع من التصرفات النبوية، وأسلوب تفاعلهم مع الواقع الإسلامي المتغير، وتنزيلهم للدين فيه. أما الأشكال المؤسساتية، والآليات الدستورية، والاجتهادات التشريعية والسياسية للفترة الراشدية، فإنها نتاج بشري واجتهاد دنيوي محكوم بالسياق التاريخي والظروف الحضارية والمناخ الثقافي لعصرها. ويجب ألا تتحول إلى جزء من الدين يلزم به المسلمون على اختلاف عصورهم. قضايا الإصلاح السياسي لقد أثبتنا الآن أن أي تجربة سياسية في التاريخ الإسلامي ليست نموذجا دينيا يقاس عليه وليست مقارباته ولا حتى مصطلحاته جزءا من الشرع أو الدين. وعلى هذه الأساس المنهجي الواضح يمكننا بسهولة تناول الخطوط العامة لرؤيتنا لمختلف قضايا الإصلاح السياسي. 1. إذا كانت الديمقراطية هي أن يحكم الشعب نفسه بطريقة مباشرة وغير مباشرة، فإنه من الخطأ البين تصور أي تعارض بينها وبين الإسلام. والسبب الأول لذلك هو أن الإسلام لم يضع شكلا محددا للحكم ولا لمشاركة المواطنين فيه، بل ترك ذلك للإبداع البشري وتطوره حسب ما تمليه مسيرة الإنسان الحضارية. وأي شكل جديد يقرب من النموذج المأمول فهو ليس فقط مرحبا به، بل من الواجب دينا ودنيا الاستفادة منه إلى أقصى درجة ممكنة. ومن الخطأ أيضا وضع مقابلة أو تناقض بين الشورى والديمقراطية، لأن الشورى مبدأ وليس طريقة للحكم. ونماذج تطبيقها في الواقع الإسلامي هو صيغ تاريخية اجتهد المسلمون في وضعها، ولا يمكن إلزام من بعدهم بالجمود عليها. وهكذا فإن أمورا مثل أهل الحل والعقد، وطريقة اختيار الحاكم، ومدة ولايته، ووضعية مواطني الدولة فيها، وغيرها إنما عالجها المسلمون على حسب ما تسمح به ظروفهم الحضارية ومستوى تطور البشرية وليس بالشكل الذي تمليه المقاصد العامة للإسلام. وهكذا فإن كون الدولة في الإسلام دولة مدنية، تستمد مشروعيتها من مواطنيها، يجعل المسلمين منفتحين باستمرار لتطوير نموذج الحكم على حسب ما تبدعه البشرية من آليات ونظم، وقادرين على تمثل النموذج الديموقراطي في أعلى صوره، بل وإغنائه بمبادئ وقيم تعطيه العمق الاجتماعي والبعد الإنساني الواسع. لكن الديمقراطية لا يتم تنزيلها في جميع المجتمعات بنفس الطريقة. فإضافة إلى الفروق المعروفة بين الديمقراطيات الغربية نفسها، فإنه من المشروع أن تقوم مجتمعات العالم الثالث، وفي مقدمتها العالم الإسلامي بملائمة الديمقراطية مع أنماطها الحضارية والانطلاق في ذلك من قيمه. وينبني هذا الأمر على أساس أن بناء الديمقراطية عملية متواصلة تتكيف مع زمانها ومكانها، وليست وصفة جاهزة يتم استيرادها. لكن أيا كان الأمر فإن إرادة الشعب هي الحكم في كل ذلك. ولا يجوز أن يحكم الناس إلا بما يرتضونه، وبالطريقة التي يوافقون عليها، وإلا فإنهم لن يقبلوا عليها ولن يلتفوا حولها. وهذا هو جوهر الديمقراطية. 2. ومن الأمور التي تطرح عادة عند الحديث عن الحركات الإسلامية هو موقفها من تطبيق الشريعة. وقد شوه لفظ الشريعة لدى كثيرين حتى أضحى بعبعا مخيفا. ووقع بالأساس اختزال اللفظ وتشويهه. إن لفظ الشريعة يعني في الأصل مجموع الدين، أما اختزال اللفظ في بعض العقوبات الجنائية فلا أصل له. لذلك لا بد من وضوح تام في التعامل مع موضوع القوانين والتشريعات. من جهة أولى لا يمكن بأي حال من الأحوال فرض قانون على المجتمع. وإذا كان القرآن يقرر أنه “لا إكراه في الدين”، والذي يعني أن الإيمان نفسه لا يجوز إكراه أي كان عليه، فمن باب أولى أن ينطبق الأمر على ما دون الإيمان في فروع الدين. ومن جهة ثانية فإن إيمان المؤمن بوجوب أمر ديني عليه لا يعطيه الحق بفرضه على الآخرين، فهو مكلف به دينا. لكن ذلك لا يكفي لجعله قانونا عاما في المجتمع، بل عليه أن يحاول إقناع الآخرين به حتى يتبناه المجتمع بالطرق الديمقراطية. فلا يمكن أن تعطى سلطة أو يعطى حاكم حق فرض أحكام على الناس بأي مسمى كان. ويمكن أن يتساءل البعض ما هي الضمانة حتى لا يخرج الناس في تشريعهم عن محكمات الدين. والجواب بأن الضمانة هي الأمة التي قررت النصوص الحديثية أنها لا تجتمع على ضلال. والاجتماع هنا تعني التبني العام، أي لا تتبنى في عمومها ولا يتبنى أكثريتها ما هو مناقض للشريعة. لكنها إذا تبنت ذلك تأويلا أو اجتهادا أو جهلا فلا يمكن إلزامها بغير ما اقتنعت به. وفي الديمقراطيات الغربية اليوم كثير من الأمثلة عن أمور تدافع عنها أحزاب سياسية بخلفية دينية، لكنها تحاول جعلها قانونا اجتماعيا بالوسائل الديمقراطية. فالجمهوريون عندما يعارضون إباحة الإجهاض في أمريكا، ويحاولون الإقناع بموقفهم، فهم يفعلون ذلك ـ أو كثير منهم على الأقل ـ بخلفية دينية، لكنهم يتوسلون إليه بالوسائل الديمقراطية. 3. وأخيرا ليس من مهمة الدولة أو أي جهة سياسية التدخل في شؤون اعتقاد الناس وفرض تصورات أو اجتهادات دينية معينة عليهم، بل مهمتها تدبير الشأن العام في إطار نظام القيم العامة للمجتمع، وما يقتضيه ذلك من احترام عقيدة مواطنيها وعدم تجريحها أو الاستخفاف بها. كما يجب أن تكفل الدولة حرية الرأي والتعبير وأن تضمن حق العبادة وبناء الهيئات والمؤسسات الدينية لجميع المواطنين في جو من الانفتاح والسماحة الكاملة. وواجب الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية أداء واجبها في الإصلاح السياسي وليس فرض حلول “دينية”. إن التصورات المطروحة أنفا تجعل الأحزاب الإسلامية المعتدلة في العالم العربي والإسلامي إزاء مسؤولية تاريخية وحضارية كبرى، حيث تجد نفسها مطالبة بريادة عملية الإصلاح السياسي والديموقراطي في بلدانها، واعتبار ذلك شرطا لازما لعملية التحديث والتنمية. _________________ (*) الورقة قدمت في المؤتمر السابع لمركز دراسة الإسلام والديمقراطية (مايو 2006) بواشنطن دي سي (المصدر: موقع “مركز دراسة الإسلام والديمقراطية” بواشنطن – ماي 2006) وصلة الموضوع: http://csidonline.org/arabic/index.php?option=com_content&task=view&id=109&Itemid=0