الأربعاء، 2 يوليو 2008

Home – Accueil

 

TUNISNEWS
8 ème année,N°2962 du 02.07.2008
 archives : www.tunisnews.net   

رسالة إلى المنظّمات الحقوقيّة غير الحكوميّة : إيقاف عبد الكريم الهاروني لمدّة 12 ساعة حــرية و إنـصاف:زيادالفقراوي من جديد بسجن المرناقية.. في إضراب مفتوح عن الطعام منذ اختطافه يوم  25/06/2008 حــرية و إنـصاف :البوليس السياسي يواصل الاعتداء على مراد النوري الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع جندوبة : بيـــــــــــــــــــــــــــــان الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة سوسة : ديمقراطية المقرات الموصودة اللجنة الجهوية بتوزر لمساندة أهالي الحوض المنجمي : بيــــــــــان المكتب الحقوقي والإعلامي لجمعية الزيتونة  بسويسرا وقفة تضامن مع المضربين عن الطعام مجموعة من اللائكيين التونسيين : حذار من مخاطر الردة و ضرب مكاسبنا الحداثية متضامنون مع مؤسسي « الجمعية  الثقافية  التونسية  للدفاع  عن اللائكية :عريضة وطنية   يو بي أي: عجز الميزان التجاري للطاقة في تونس يتجاوز590 مليون دولار يو بي أي: تونس تحذر من إتلاف المحاصيل الزراعية لإعتبارات إقتصادية كونا: وفد خليجي يبحث في تونس سبل التعاون وتبادل الخبرات في مجال العمل المستقل وات: إعادة توطين النعام ذى العنق الاحمر بالجنوب الغربى التونسي الصباح: في جرجيس..سقط الموظف البلدي فجأة في ‘بالوعة’ فضلات المسلخ البلدي.. بجرجيس.. أثناء مباشرة عمله؟؟ الصباح: مسرحيّون و«تخميرة» المهرجانات الصيفيّة د. منصف المرزوقي:مساهمة في النقاش بعين خارجية غير  أجنبية -إعلان دمشق…. آراء ومواقف عربية صلاح الدين الجورشي  :عندما تناظر حنفي مع أبويعرب المرزوقي خفايا وأسرار تسليم الجزائر  »عمر قرايدي« إلى تونس ( إعادة نشر مع التصحيح) محمد الفوراتي :في حوار مع محسن مرزوق الأمين العام للمؤسسة العربية للديمقراطية للشرق: نسعى إلى احتضان حوار جدي بين العلمانيين والإسلاميين عادل الحامدي : النفط المعتدل والانفتاح السياسي: شرطان لاستعادة الدور العربي المفقود محمود الذوادي : «التعريب النفسي»… تونس نموذجاً محمد بوعود: قناة الفتنة غير المستقلة الدكتور التليلي العجيلي: الطرق الصوفية والإستعمار الفرنسي بالبلاد التونسية (1881 – 1939) محمد كريشان : معضلـة موغـابي د. عبد الله فهد النفيسي :الإسلام والغرب: المحطّات الخَمْس الامان اللبنانية ايمانويل اسبانيول وبياتريس باتري: ساركوزي يخالف معاهدة برشلونة ويتخلى عن سياسة حقوق الانسان عثمان سعدي: بينما تؤمن بوحدانية لسانها في بلادها وتعتبر الاعتراف باللغات الجهوية بلقنة للجمهورية.. فرنسا تعمل علي تعدد اللغات في المغرب العربي


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


 

أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللصحفي سليم بوخذير وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- الصادق العكاري

22- هشام بنور

23- منير غيث

24- بشير رمضان

25 – فتحي العلج  

16- وحيد السرايري

17- بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11- كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14- محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6-منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8-عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1-الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


رسالة إلى المنظّمات الحقوقيّة غير الحكوميّة إيقاف عبد الكريم الهاروني لمدّة 12 ساعة

 

صباح يوم السّبت 28 جوان 2008 ، توجّه عبد الكريم صحبة والده إلى المقبرة لزيارة والدته رحمها الله ثمّ توجّها إلى مقهى الحيّ و عند مغادرتهما المكان، أحاطت بهما مجموعة من البوليس السّياسي على متن سيّارتين و درّاجة ناريّة و طلبوا منه الذّهاب معهم لأنّ مسؤولا أمنيّا يريد مقابلته لفترة لا تتجاور الرّبع ساعة فعبّر لهم عن استيائه من استمرار هذا السّلوك معه من قبل البوليس بما يتنافى مع القانون حيث رفضوا كالعادة تقديم استدعاء كتابي و جاؤوا ليأخذوه من الشّارع. أخذوه إلى منطقة الشّرطة بقرطاج حوالي السّاعة ال10 صباحا ليبقى هناك إلى حدود السّاعة ال 10 مساء جالسا على كرسيّ. بعد طول انتظار و حوالي السّاعة الثّامنة ليلا حاولوا معه مرّة ثانية لدفعه إلى الإمضاء على « التزام » ينصّ على عدم الاتّصال بجهات أجنبيّة و عدم التّصريح لوسائل الإعلام و عدم التّعرّض لسياسة الدّولة في مجال حقوق الإنسان فرفض الإمضاء لأنّ من حقّه الاتّصال بالإعلاميّين الأجانب و المنظّمات الأجنبيّة غير الحكوميّة و التّعبير عن رأيه بحرّيّة في وسائل الإعلام بما في ذلك الفضائيّات و نقد سياسة الحكومة بقول الحقيقة لوضع حدّ للانتهاكات و بالتّالي فإنّ ما ورد في نصّ « الالتزام » مخالف للواقع و للقانون و هولذلك مرفوض. كما أكّد أنّ « الالتزام » وثيقة غير قانونيّة لأنّه إمضاء تحت الإكراه لذلك ترفض الإدارة تسليم نسخة منه للموقوف. و قبل إطلاق سراحه عبّر له رئيس منطقة الشّرطة بقرطاج عن رفض النّظام لما يقوم به عبد الكريم من نشاط حقوقي و إعلامي و عن قلقه  من التّنامي السّريع لهذا النّشاط منذ خروجه من السّجن يوم 7 نوفمبر 2007وأنّ الاستمرار في هذا الاتّجاه سيسبّب له و لعائلته متاعب فعبّر عبد الكريم عن تمسّكه بحقّه في التّعبير عن رأيه بحرّيّة و النّشاط في إطار القانون و عن رفضه لمعاملة البوليس اللاقانونيّة و اللاإنسانيّة له و لعائلته و استعداده للحوار مع من يملك القرار. و مع عودته إلى البيت انسحبت قوات البوليس المرابطة هذه الأيّام أمام بيتنا. و بالمناسبة أجدّد الدّعوة إلى كلّ الأحرار في تونس و في العالم ، شخصيّات و منظّمات و أحزاب ووسائل إعلام للعمل على وضع حدّ لهذا الحصار البوليسي و لهذه الممارسات اللاقانونيّة و اللاإنسانيّة و الوقوف إلى جانب أخي عبد الكريم في نضاله من أجل استرداد حقوقه المدنيّة و السّياسيّة و الاجتماعيّة كاملة  دفاعا عن الحرّيّات و عن حقوق الإنسان و عن سمعة تونس. ختاما، نلفت انتباهكم أنناّ تأخّرنا في إعلامكم بسبب قطع الانترنت عنّا و كذلك الهاتف القارّ في الأيّام الأخيرة. مع الإشارة أنّ هذا الانقطاع يتكرّر من حين إلى آخر. شكرا لكم جميعا مع أسمى عبارات التّقدير و الاحترام. و السّلام
تونس في  2 جويلية 2008 الموافق ل28 جمادى الثّانية 1429 هند الهاروني، شقيقة عبد الكريم الهاروني الهاتف : 21671971180 الجوّال : 21694582959


أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 02/07/2008 الموافق ل 28 جمادى الثانية 1429

زيادالفقراوي من جديد بسجن المرناقية.. في إضراب مفتوح عن الطعام منذ اختطافه يوم  25/06/2008

 

 
بعد اختطافه يوم الأربعاء 25 جوان 2008 من قبل أعوان البوليس السياسي التابعين لإدارة أمن الدولة دخل سجين الرأي السابق الشاب زياد الفقراوي في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجا على اختطافه و تلفيق التهم ضده و قد أخبرتنا عائلته أنه تم عرضه يوم السبت 28 جوان على قاضي التحقيق بالمكتب الثاني بالمحكمة الابتدائية بتونس الذي أمر بإيداعه سجن المرناقية ، و أضافت عائلته بأن حالة زياد الصحية متدهورة جدا نتيجة الإضراب المفتوح عن الطعام الذي يشنه منذ أسبوع و ما تعرض له بعد الاختطاف من تنكيل كما ذكرت أنه سيعرض على قاضي التحقيق يوم 5 أوت 2008. علما بأن الشاب زياد الفقراوي قد قضى بالسجن مدة ثلاث سنين من سنة 2005 حتى بداية 2008 تحت طائلة قانون الإرهاب غير الدستوري و ها هو اليوم يعتقل من أجل نفس التهم بعد ورود اسمه في مقدمة التقرير الذي نشرته منظمة العفو الدولية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التعذيب خاصة و أن زياد الفقراوي يشكو من عجز جنسي نتيجة التعذيب و قد قام بشكوى في الغرض و لكن دون جدوى. و حرية و إنصاف تندد بهذه المظلمة الجديدة التي تستهدف الشاب زياد الفقراوي و تطالب بإطلاق سراحه و عرضه على الطبيب و وقف كل التتبعات ضده و تدعو إلى وضع حد لسياسة الاعتقالات غير المبررة . عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  

أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 02/07/2008 الموافق ل 28 جمادى الثانية 1429

البوليس السياسي يواصل الاعتداء على مراد النوري

 

 
محاولة للنيل من والده الأستاذ محمد النورى باعتباره رئيس منظمة حقوقية تدافع عن الحريات و عن حقوق الناس يتعرض ابنه السيد مراد النورى إلى اعتداءات متواصلة ففي شهر ديسمبر 2007 حينما كان والده يشن إضرابا عن الطعام تعرض إلى اعتداء بالعنف الشديد كاد يفقده عينه اليسرى و قد تقدم حينها بشكوى إلى النيابة العمومية لم يقع النظر فيها إلى الآن. و هو ما شجع البوليس السياسي إلى الاعتداء عليه مرارا عديدة آخرها ما حصل يوم مساء يوم السبت 14 جوان 2008  حينما كان يتبع والده بسيارته الخاصة حيث عمدوا إلى تهديده بالقتل و عمدوا إلى تهشيم سيارته من الخلف بقضيب حديدي و صدمها من الأمام باعتراضها بشكل جانبي سبب لها أضرارا بالغة بواسطة سيارة أخرى كل ذلك وقع على خلفية المحاصرة اللصيقة لأعضاء المكتب التنفيذي لمنظمة حرية و إنصاف يومي السبت و الأحد 14 و 15 جوان 2008 حين تعرض الكاتب العام للمنظمة السيد زهير مخلوف إلى التهديد بالقتل و كل أعضاء المكتب إلى التضييق الخانق. و كشكل من أشكال قلب الحقائق و طمسها عمد البوليس السياسي إلى الإيهام بأن ما وقع يوم 14 جوان 2008 هو حادث مرور منه البوليس و ليس اعتداء مفضوحا على المنظمة  و أعضاء مكتبها و على ابن رئيسها السيد مراد النوري من طرف البوليس، فافتعلوا شكاية تعهدت بها الفرقة الفرعية لحوادث المرور بتونس التي عمدت إلى تجاهل ملابسات الاعتداء لتقديمه في قالب حادث مرور. و تجدر الإشارة إلى أن الأضرار التي تعرضت لها سيارة السيد مراد النوري وقعت معاينتها في الإبان من طرف عدل التنفيذ الأستاذ عبد الستار بن حسين بتاريخ 16/06/2008 أي بعد وقوع الاعتداء بيوم واحد و قد قدم السيد مراد النوري شكاية في الغرض إلى وكالة الجمهورية بأريانة مما حدا بالبوليس السياسي إلى افتعال وقائع غير صحيحة لغرض طمس الحقيقة. و قد رفض الباحث و بشدة تسجيل تصريحات السيد مراد النوري حول ملابسات القضية التي تؤشر على أن الاعتداء كان مبيتا له و هو ما ضمنه السيد مراد النوري في شكايته  و هو ما حدى بالباحث الى تغيير المحضر مرتين بعد استشارة المسؤولين الذين تستروا في مكتب مجاور. و حرية و إنصاف -تساند السيد مراد النوري فيما  تعرض له من اعتداءات متكررة و تعتبر أن  افتعال شكاية ضده كوسيلة لطمس الحقيقة و الضغط عليه و على والده للتخلي عن نشاطها الحقوقي المشرف. – تندد بمواصلة البوليس السياسي الاعتداء على الناشطين الحقوقيين. -تؤكد على أن من بين الأهداف التي ترمي إليها المنظمة هي رصد التجاوزات و الإعلام عنها كوسيلة للإصلاح دون استهداف أو مواجهة أو معاداة لأحد. عن المكتب التنفيذي للمنظمة المكلف بملف استقلال القضاء و المحاماة الأستاذ عبد الرؤوف العيادي


 
 
 

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع جندوبة بيـــــــــــــــــــــــــــــان  

 
اليوم2جويلية 2008 نظمت اليوم2جويلية 2008 جامعة جندوبة للحزب الديمقراطي التقدمي تجمعا لمساندة أهالي الحوض المنجمي بقفصة        تحول أعضاء هيئة  فرع جندوبة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان للمساهمة في هذا التجمع فتم منع الإخوة الهادي بن رمضان رئيس الفرع،الهادي المناعي ، نور الدين الصولي بالقاسم المحسني و سعيد المشيشي أعضاء هيئة الفرع باستعمال حواجز أمنية متمثلة في سيارات أمن و أعوان بالزي المدني و الرسمي بأعداد غفيرة على مستوى مدخل مدينة جندوبة. كما تمت محاصرة مقر الحزب الديمقراطي التقدمي ببوسالم حيث لم يسمح بالدخول إلا لأعضاء الحزب. كما منع بعض المنخرطين من بينهم  صلاح الدين العلوي ومحمود العبيدي. و تمسك المشاركون بحقهم في دخول المقر ساعتين.  إن فرع جندوبة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان يعبر مجددا عن:  
1-تمسكه بحقه في التنقل و حضور التجمعات.   2-يندد بالحصار الأمني المضروب على مقر الحزب الديمقراطي التقدمي ببوسالم  و منع التجمع به.  3-يعبر الفرع مجددا عن مساندته لأهالي الحوض المنجمي بقفصة و يعتبر أن قضيتهم تندرج ضمن الحقوق الأساسية التي تناضل الرابطة من أجل تحقيقها  جندوبة في 2جويلية 2008 عن هيئة الفرع الرئيس الهادي بن رمضان


   الحزب الديمقراطي التقدمي          جامعة سوسة           ديمقراطية المقرات الموصودة  

 
نحن المنتمين للحزب الديمقراطي التقدمي من منخرطين وأعضاء بجامعة سوسة واللجنة المركزية والممضين أسفله بعد تدارسنا للأوضاع داخل جامعة سوسة وما آلت إليه الأمور في صلب الحزب ونظرا لخطورة المرحلة تم الإتفاق على أن نسوق الملاحظات التالية : 1 ـ إذا كانت التعدديّة هي سمة من سمات الخلق والطبيعة فإنّها بالنسبة للحزب الديمقراطي التقدمي سمة من سمات تكوينه وكل جزء من أجزائه هو مكوّن أساسي من مكوناته وفي الحقيقة إن هذا المزيج هو ما يُضفي على مذاقه نكهة خاصة هو هذا الفسيفساء . إقطع أيّ جزء منها وستجد أنّه كلّه ضاع وذهب إلى الجحيم ، ومع الأسف هذا هو بالتحديد ما يحاول أن يفعله بعض النافذين في الحزب ومؤيديهم فهم بدأوا بتهميش مجموعة من أعضاء المكتب السياسي والمجلس المركزي وأعضاء الجامعات إثر البيانات الأخيرة التي اصطلح على تسميتها  » الأسلوب السياسي للحزب في علاقته بالسلطة وبخطابه السياسي والتعبوي وبأجندته خلال المرحلة القادمة  » وخططوا لإزاحة كل من لم يهلّل ويكبّر لهم غير معترفين بالتعدديّة الفكريّة بوصفها جزءا من مكوّنات هذا الحزب وجزءا من روحه ومن مبرّرات وجوده ، وأوّل شروط هذا الإعتراف هو القبول بالشّراكة في كلّ الأمور وحتّى تكون هذه الشراكة شراكة بناء وتقدّم ، قيما وأخلاقيات وقواعد وضوابط وقوانين فلا يمكن شطب أيّ كان مهما كانت أراؤه وأفكاره لأنّ الحزب يكبُر بقدرته على الإستيعاب والإحتواء والضمّ ولكنه يضعف ويصغر إذا مال المتحكمين فيه إلى النّبذ والتهميش والعزل وهذا يعني أن الشّراكة السياسية واجبة وضرورية بين كل مكونات الحزب وليس منّة من أحد لأن من يحدّد غير المرغوب سرعان ما سيجد نفسه  » غير مرغوب فيه أيضا  » لأن المسؤول المحنّك يجب أن ينجح ليس بقمع غيره وقهره وطرده من الحزب وإنما بقوّة الحجّة والمثال والنموذج ، وهذا يعني أنّ الديمقراطيّة الحقيقيّة هي قبول الآخر وليست مجرّد إحتفاء الذّات بنفسها لمجرّد أن هذه الذّات هي الأغلب على فرض إرادتها على الآخرين . إنّ  » الأغلبيّ  » ( على فرض   وجوده ) في الحزب الديمقراطي التقدمي الذي جعل المسألة الديمقراطيّة وحريات التعبير والإعلام وحقّ الإختلاف شعاره وهدفه وأجندته الرئيسية هو الذي يملك من السّعة ما يكفي للنظر إلى  » الأقلّي  » بوصفه جزء منه يحفظ حقوقه ويراعي مخاوفه ويُوفّر له كلّ ما يجعله يشعر أنّه شريك حتى يحفظ  » الأغلبيّ  » لنفسه دورا غير قابل للتشكيك . فالديمقراطيّة ليست  » حكم الأكثريّة  » كما يظنّّ السُُّذّج بل هي حماية الأقليّة. وبعد كل ما تقدّم وانطلاقا من إيماننا الراسخ بمبادئ هذا الحزب وشعورا منّا بالمسؤوليّة التاريخيّة المُلقاة على عاتقنا فضّلنا الإصداع بالحقيقة مهما كان الثمن وعدم السّكوت عن تجاوزات تخطّت كل الحدُود وممارسات متخلّفة شوّهت صورة الحزب وجعلته محلّ نقد من الملاحظين والمراقبين والمتربصين به . 2 ـ التجاوزات والخُروقات للأعراف التنظيميّة للحزب : & ـ هل يصحّ أن تقرر الأمينة العامة للحزب غلق مقرات الحزب في جميع الجهات لمنع الأخوين محمد القوماني و فتحي التوزري عضوا المكتب السياسي من الإجتماع بالمنخرطين والتباحث معهم في شؤون الحزب ؟ وبالتالي تُسابق السلطة في ما تفعله من منع وغلق للفضاءات العموميّة في كلّ مناسبة طالب الحزب بحقه في إستغلالها ! & ـ هل يصحّ أن تدفع الأمينة العامة بقرارها هذا العديد من مناضلي جهة سوسة إلى الإجتماع بالعضوين المذكورين على قارعة الطريق !! & ـ هل من باب الحرص على احترام مناضلي جهة سوسة إلغاء إجتماع تم إقراره لهيكلة الجامعة دون سابق إعلام  أم أنه دليل قاطع على إنعدام التواصل بين المكتب السياسي والقاعدة الحزبية ! & ـ هل يُعقل أن تلتزم الأمينة العامة الصّمت وتتجاهل مقترحاتنا التي أرسلناها إليها عن طريق البريد الإلكتروني ( 4 عرائض ) لم تلق لديها أيّ إهتمام يُذكر ؟ & ـ هل يصحّ في الأصل أن  يتحوّل الأخ المكلف بالتنظيم داخل الحزب إلى سوسة ليتّصل خلسة وفي غياب جلّ أعضاء الجامعة قصد تسويق أمر لا يستوفي الشروط القانونيّة ؟ & ـ هل غابت عن العضوين النافذين في المكتب السياسي الأخوين رشيد خشانة  و منجي اللوز أنّ ما قاما به بمقر جامعة سوسة أخيرا يندرج ضمن سياسة أصبحت مكشوفة وتمثّلت في تغيير وجهة المواضيع التي كان من الأجدى والأنسب مناقشتها لا السقوط في محاكمة غيابية لعضو من أعضاء المكتب السياسي لأغراض لا تستقيم وثقافة الحزب وتقاليده ! & ـ هل يصحّ أن يلوّح السيد رشيد خشانة بإستقالات وهمية وحرمان البعض من مواصلة الإنتماء للحزب قصد تهميش وعزل كلّ من لا يلتزم الصمت ولتكميم الأفواه المنادية بالمكاشفة والمحاسبة في صلب الهياكل داخل حزب جعل من المسألة الديمقراطية وحرية التعبير مرجعه ؟ & ـ هل من الحكمة أن يُقرّر المكتب السياسي بمفرده إجراءات تهمّ مسيرة الحزب في غياب كامل للهياكل المكوّنة له ( لجنة مركزية ـ مجلس وطني ـ جامعات) ؟ & ـ هل أنّ  الأسلوب العقابي الذي يلوّح به بعض النافذين في الحزب سوف يكون الحلّ الأنجع لحسم خلاف سياسي أم أنّه سيجعل الحزب محلّ نقد وسخرية من كل المهتمين بالشأن  السياسي ؟ & ـ هل مازال بعض النافذين في الحزب يعتقدون أن هذه المؤسسة هي ملكية خاصة يتصرّفون فيها كما يحلو لهم ولا يحقّ لأحد سواهم أن يخالفهم الرأي أو يشاركهم في إتخاذ القرارات المصيريّة للحزب ! 3 ـ المطــــالـــــــــب : & ـ إنّ التجربة  » الوفاقيّة  » داخل الحزب الديمقراطي التقدمي إنجاز تاريخي مهدّد من بعض النافذين فيه ونُحمّلهم مسؤوليّة ما قد ينجرّ عن مواقفهم من تصدّع يكون الحزب الخاسر الأكبر . & ـ نرفُض كل المناورات التي تُحاك خفية ضدّ مناضلي الحزب بجهة سوسة ونُعلن عدم إعترافنا بكل هيكل يتم تنصيبه في غياب جميع منخرطي الحزب بجامعة سوسة بدون استثناء وسنتصدّى لكل الحلول المغشوشة والتي لا تحترم النظام الداخلي للحزب بكل الطرق القانونية والشرعية . & ـ ندعو إلى تطوير وتغيير العمل داخل الحزب للإرتقاء إلى مستويات الفعل التي تستجيب لمطالب المواطنين وحاجاتهم بعيدا عن الزعامتيّة والشخصنة والفردنة وتعميق العمل المؤسّساتي المساير لزمننا ومتغيّراته الجذريّة . & ـ ندعو إلى تشريك القاعدة الحزبية في إتخاذ القرارات والإجراءات التي تهم حاضر و مستقبل الحزب ونرفض الأوامر الفوقية والتسلطية . & ـ نُجدّد تمسّّكنا بالحزب الديمقراطي التقدمي ولن نسمح لأيّ كان الطعن في إنتمائنا إليه رافضين كل أساليب الإقصاء والتغييب والتهميش مهما كان مأتاها .    سوسة في 01/07/2008  

   عزالدين صابر                                                        رياض الحوار  نافع راشد                                                            الطاهر هميلة                            محسن الشاوش                                 


اللجنة الجهوية بتوزر لمساندة أهالي الحوض المنجمي بيــــــــــان

 

 
إن اللجنة الجهوية بتوزر لمساندة أهالي الحوض المنجمي تندد تنديدا صارخا بالاعتداءات على نشطاء الحركة الديمقراطية و الحقوقية على خلفية إصرارهم على مساندة أهالي الحوض المنجمي و في مقدمتهم السادة عبد الرحمان الهذيلي و مسعود الرمضاني و عمار عمروسية و وائل بوزيان و عبد الرؤوف مزيود و عمر قويدر كما تندد بتعطيل فعاليات اليوم التضامني بمنع مناضلي الحركة الديمقراطية و الحقوقية من دخول مقرات الأحزاب الديمقراطية الداعمة لهذه الأنشطة و تجدد التأكيد على ما تتسبب فيه المعالجة الأمنية من تعقيدات تزيد من تعميق حالة الاحتقان الاجتماعي و السياسي بينما تقتضي الحكمة إطلاق سراح كافة الموقوفين و إيقاف التتبع في حق الملاحقين على خلفية الاحتجاجات بالحوض المنجمي و فريانة و الشروع في تفاوض جدي حول المطالب المرفوعة.  نفطة في 30 جوان 2008 عن اللجنة المنسق محمد الهادي حمدة


بسم الله الرحمان الرحيم المكتب الحقوقي والإعلامي لجمعية الزيتونة  بسويسرا وقفة تضامن مع المضربين عن الطعام

 

 
بادر عضوا المكتب الحقوقي لجمعية الزيتونة بسويسرا السيد بلقاسم الهمامي و إسماعيل الكوت بمعية الأخوين علي فلفول و ابوبكر مصدق بالاتصال هاتفيا بالأخوين المضربين عن الطعام في تونس لليوم الرابع والعشرين على التوالي و هما: 1ـ محمد عمار وهو سجين سياسي سابق وسائق سيارة أجرة من منطقة الملاسين بتونس العاصمة. و قد عبر،من خلال المكالمة عن معنويات عالية متمسكا بحقه في التمتع برخصة السياقة المسحوبة منه  قائلا بالحرف الواحد « هدفي هو ان يصل الى سماع الاخوة بالخارج ما نعانيه من هدا النظام في الداخل ». و قد قضى الاخ محمد عمار13 سنة سجنا  بعد أن حوكم بـ 35 سنة. وقد ذكر انه تمّ الاتصال به من طرف منطقة الامن الوطني بالملاسين في بداية اضرابه و عاملوه باستخفاف و تجاهل . كما زارته منظمات حقوقية تونسية عبرت عن مساندتها له وشرعية تحركه. هذا  وقد اعلن انه سيواصل اضرابه حتى تحقيق مطالبه. 2ـ عادل العوني وهو كذلك سجين سياسي سابق و من منطقة الملاسين ايضا. كشف لنا في كلمته بداية تعكر حالته الصحية، خاصة و انه يشكو من مرض الصرع نتيجة التعديب  الذي تعرض له في وزارة الداخلية التونسية و تحديدا في مستوى الرأس. حيث اجريت عليه عملية جراحية ولكن تفاقمت وضعية الصرع لديه مما أدى الى استحالة تشغيله. لذلك هو يطالب بتمكينه من بطاقة معاق وتوفيرتغطية اجتماعية لاسرته باعتباره من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين تعهدت الدولة بكفالتهم وعائلاتهم. وذكر أنه قدم ملفا مفصلا حول وضعيته الصحية للسلطات المعنية لكنه لم يتلق الرد. وقد زاره بعض المسؤولين مبدين تفهمهم لوضعيته لكن دون أن يشفع ذلك بعمل ملموس. ورغم الحاجة فان مصاريف علاجه  يتقاسمها بعض أفراد عائلته وذلك بتوفير الأدوية الملزم باستعمالها.  و أكد انه سيواصل اضرابه من أجل حقوقه الي حد الموت.وقد زارته بعض الشخصيات الحقوقية الوطنية وساندت تحركه. و قد عبر الاخوة الحاضرون عن مساندتهما المطلقة للمضربين وشرعية تحركهما مما أدخل الغبطة و الفرح عليهما و نزع من قلبيهما اليأس الذي عملت أجهزة الأمن على زرعه.  وهذه ارقام الاخوين لمن أراد ان يتصل و يشد من أزرهما:   محمد عمار: 0021623048159 عادل العوني: 0021623306930


 

حذار من مخاطر الردة و ضرب مكاسبنا الحداثية

 
سجلت في الفترة الأخيرة عدة أحداث ومواقف وممارسات جعلت أوساطا واسعة من الرأي العام الوطني تعبر عن استغرابها وانشغالها وخشيتها من المخاطر التي تتعرض لها المكاسب التي حققتها بلادنا على طريق الحداثة والتقدم الاجتماعي والحضاري… منها على سبيل المثال ما عمدت إليه بعض المدارس التونسية من فرض الفصل بين الجنسين في فصول الدراسة، متعدية بذلك على إحدى أسس المنظومة التربوية التونسية المتمثلة في الاختلاط بين الجنسين.. ولكن الأخطر من ذلك هو ما صدر عن مفتي الجمهورية الذي سمح لنفسه، وهو موظف سامي في الدولة التونسية، بإقرار وشرعنة طلاق امرأة من زوجها بمجرد أن أعلن هذا الأخير عن تطليق زوجته ثلاثا… هكذا وبكل بساطة، تغاضى مفتي الدولة التونسية عن سياسة هذه الدولة في قضايا الطلاق التي يحسم فيها بالضرورة عن طريق المحاكم ولا شيء غيرها، وعلى أساس القانون الوضعي المعمول به في بلادنا ولا على أي شيء غيره. وبالتالي تحول المفتي من مفتي الدولة التونسية بقوانينها وتشاريعها إلى ناطق رسمي باسم الشريعة الإسلامية … من جهة أخرى،  أثار ما حدث منذ بضعة أيام في كلية العلوم الاقتصادية والتصرف بمدينة نابل (بالوطن القبلي) انزعاجا شديدا لدى الرأي العام حيث تجرأت أستاذة مادة المعلوماتية التي تعتبر نفسها ‘متدينة’، على منع طالبة بالسنة الأولى من اجتياز الامتحان وذلك بسبب أن ‘زنودها عرايا’.. فطردتها من الفصل مؤكدة للطالبة أنها لن تعود إليه ما لم تغط ذراعيها. وبالفعل، لم تعد الطالبة إلا بعد أن تدخل أستاذ مادة الوسائل الكمية الذي كان متواجدا إذ ذاك، فمكنها من غطاء لتغطية ذراعيها والعودة إلى الفصل واجتياز الامتحان.. كل هذا التصرف المشين لهذه ‘ الأستاذة ‘، وإدارة الكلية لم تحرك ساكنا…  اننا، مجموعة من اللائيكيين التونسيين، نعتبر من واجبنا لفت نظر كل من يهمه الأمر لخطورة تعدد وتضخم مظاهر التراجع المدني في بلادنا واستفحال الممارسات والمواقف الرجعية التي  تضرب في الصميم مكاسب شعبنا ونخص بالذكر منها تلك المتعلقة بحقوق المرأة ومكانتها في المجتمع ومبدأ المساواة بين الجنسين، وندعو الجميع إلى رفض هذه المظاهر والممارسات التي لا يقبلها لا العقل ولا العصر. تونس في 27 جوان 2008        مجموعة من اللائكيين التونسيين  


   عريضة وطنية         
 
             نحن الممضين أسفله ،و على اثر  مبادرة عدد هام من المثقفين و المثقفات ،في أواخر فيفري الماضي ،  بتأسيس « الجمعية  الثقافية  التونسية  للدفاع  عن اللائكية  » بآحترام كامل للمقتضيات القانونية الواردة في قانون الجمعيات ، و بعد ما قوبلت به  هذه المبادرة من رفض مجرد استلام الملف القانوني من طرف مصالح ولاية تونس العاصمة ،مما أضطر المؤسسين إلى إرسال كافة الوثائق الضرورية التي ينص عليها قانون الجمعيات إلى والي تونس عن طريق البريد المضمون الوصول بمعاينة أجراها ودونها عدل منفذ وكان ذلك يوم 25 فيفري الماضي ، فإننا نعبر عما يلي =   1-مساندتنا الكاملة  للمؤسسين من منطلق حقهم الدستوري والقانوني في تكوين هذه الجمعية. 2-مطالبتنا السلطات بتمكين هذه الجمعية من التأشيرة القانونية  وفسح المجال أمامها لتتمكن  من المساهمة النشيطة  ،في إطار الخيار اللائكي الذي يشكل مرجعا لها ، في بلورة  مختلف القضايا والمسائل المتعددة والمتنوعة التي تهم العلاقة بين الدين والدولة ، بين الدين والسياسة ..   الاسم واللقب-                                     المهنة                                         الإمضاء ————-                                 ———-                                    ————


 
 

عجز الميزان التجاري للطاقة في تونس يتجاوز590 مليون دولار

 

 
تونس / 2 يوليو-تموز / يو بي أي: أظهرت بيانات إحصائية أن عجز الميزان التجاري للطاقة في تونس سجل خلال الأشهر الخمسة الماضية ارتفاعا ملحوظا ساهم في تراجع نسبة تغطية الواردات بالصادرات. ووفقا للبيانات التي نشرت اليوم الأربعاء،فإن قيمة هذا العجز وصلت خلال الفترة المذكورة إلى 700.2 مليون دينار تونسي(593.38 مليون دولار)،ما جعل نسبة التغطية تتراجع إلى 65.9%. وكانت دراسة حديثة نشرت في آخر شهر فبراير/شباط الماضي أظهرت أن إنتاج البترول في تونس ما انفكّ يتراجع بشكل ملحوظ،ما جعل العجز الهيكلي لميزان الطاقة التونسي يتفاقم منذ العام 2000. وأشارت الدراسة إلى أن إنتاج النفط في تونس مر من 120 ألف برميل يوميا بين عامي 1982 و1985،إلى 75 ألف برميل حاليا مسّجلا بذلك تراجعا بنسبة 37%. وقدّرت حجم إنتاج النفط في تونس خلال العام الجاري بنحو 4.4 مليون طن مقابل 4.5 مليون طن العام الماضي،بينما قدّرت حجم الإنتاج السنوي التونسي من الغاز الطبيعي بحوالي 76 بليون متر مكعّب ،مقابل استهلاك سنوي يفوق 136 بليون متر مكعب. واعتبرت أن هذه الأرقام تؤكد أن العجز الهيكلي لميزان الطاقة في تونس ما فتئ يتفاقم منذ العام 2000 ليتجاوز 600 ألف طن مكافئ نفط سنويا. وخلصت الدراسة إلى أنه إذا ما تواصل التباين بين حجم موارد الطاقية في تونس،واستهلاكها الذي ينمو بمعدل 4% سنويا، فإن عجز ميزان الطاقة قد يصل إلى 3.5 مليون طن في غضون عام 2010. غير أن مسؤولا حكوميا توقع في وقت سابق تحسن إنتاج الطاقة في تونس خلال العام الجاري،ليبلغ 7.4 مليون طن نفط مقابل 6.7 مليون طن خلال عام 2007. . وعزا توقعاته إلى برنامج التحكم في الطاقة وترشيد استهلاكها الذي يعد أحد أهم الركائز التي تستند عليها إستراتجية بلاده لتنمية قطاع الطاقة،حيث مكّن هذا البرنامج الثلاثي (2005-2007) من التخفيض في الطلب على الطاقة بنسبة 8% خلال العام الماضي. المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 02 جويلية 2008  


تونس تحذر من إتلاف المحاصيل الزراعية لإعتبارات إقتصادية

 

 
تونس / 2 يوليو-تموز / يو بي أي: حذرت تونس من إتلاف المحاصيل الزراعية لإعتبارت إقتصادية،واعتبرت أن مفهوم الأمن الغذائي يظل مسألة أخلاقية بالأساس قبل أن يكون قضية إقتصادية. وقال رئيس البرلمان التونسي فؤاد المبزع في كلمة إفتتح بها اليوم الأربعاء ندوة حول موضوع « الأمن الغذائي »،إنه لا يعقل أن تتلف محاصيل زراعية لإعتبارات إقتصادية في حين تخيم المجاعة على عديد بقاع العالم ويموت البعض من الوفرة والبعض الآخر بسبب الندرة . واعتبر أن العالم بات اليوم يعيش أزمة غذائية غير مسبوقة تهدد بتعميق الفجوة الغذائية بين الدول النامية والدول المتقدمة وباتساع دائرة الشعوب القابعة تحت عتبة الأمن الغذائي لا سيما وأن 850 مليونا من سكان العالم يعانون من المجاعة . وأشار إلى أن القمة العالمية للأغذية التي التأمت في مطلع شهر يونيو الماضي حول الأمن الغذائي العالمي أبرزت جسامة التحدي الذي يواجه المجتمع الدولي من أجل مساعدة الإنسانية على تخطي هذه الأزمة الخانقة التي لا يمكن استشراف آثارها على البلدان الفقيرة والغنية على حد السواء . ومن جهته اعتبر الخبير الدولي في الأمن الغذائي اللبناني مروان أبي سمرا في مداخلة له حول « المشهد الغذائي العالمي اليوم وآفاقه مستقبلا » ، أن العالم ليس إزاء أزمة ظرفية عابرة بل طويلة الأمد قد تؤثر على المجتمعات والدول . وحذر من أن الأزمة الحالية يمكن أن ترفع بشكل كبير معدلات الفقر وسوء التغذية لا سيما في الأوساط الحضرية مع تفاقم التفاوت الإجتماعي وكذلك بين المناطق ليهدد بذلك المكتسبات الصحية والتربوية والاقتصادية التي حققتها البلدان النامية ويعرض التماسك الاجتماعي والوطني للخطر .وأشار إلى أن معالجة هذه الأزمة يتطلب استنهاض الطاقات الإقتصادية والإجتماعية في إطار إستراتيجيات وطنية تتلاءم بين الضرورات الملحة على المدى القريب ومهمات التنمية الإجتماعية والإقتصادية على المدى المتوسط والبعيد. المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 02 جويلية 2008


 

وفد خليجي يبحث في تونس سبل التعاون وتبادل الخبرات في مجال العمل المستقل

    

 
 تونس – 2 – 7 (كونا) – يزور وفد من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تونس تلبية لدعوة من الوكالة التونسية للتشغيل والعمل المستقل وبالتنسيق مع المركز العربي لادارة العمل والتشغيل لبحث سبل توسيع التعاون وتبادل الخبرات في مجال النهوض بالمؤسسات الصغرى. واوضح مصدر اعلامي تونسي هنا اليوم ان الوفد الخليجي اطلع على الخدمات التي تقدمها مصالح العمل والتشغيل المختلفة في مجال الادماج المهني وتنمية روح المبادرة والعمل المستقل في القطاع الخاص. واضاف المصدر ان الوفد الخليجي تعرف على طبيعة الحوافز التي تقدمها تونس لتشجيع العمل المستقل كما اطلع على عينة من المشاريع النموذجية التي انجزتها مجموعة من الشباب في هذا المجال. وقام الوفد بزيارات ميدانية الى مرافق المؤسسات بولاية سوسة على الساحل الشرقي باعتبارها من التجارب المهمة لترسيخ عقلية اعداد وتنفيذ المشاريع لدى الشباب داخل المؤسسات الجامعية والتشجيع على بروز جيل جديد من اصحاب المشاريع والمؤسسات الخاصة في الميادين المجددة والقطاعات الواعدة. ويتضمن برنامج زيارة الوفد الخليجي الى تونس والتي ستستمر حتى يوم الجمعة المقبل القيام بجولة تفقدية لكل من البنك التونسي للتضامن ووكالة النهوض بالصناعة والديوان الوطني للصناعات التقليدية بالاضافة الى (القطب التكنولوجي للاتصالات) بالغزالة الذي يعد من اهم المؤسسات الداعمة للمبادرة الخاصة لا سيما للمشاريع الواعدة فيمختلف القطاعات التكنولوجية الحديثة والمختلفة.   المصدر: وكالة الأنباء الكويتية بتاريخ 02 جويلية 2008  


 
 

إعادة توطين النعام ذى العنق الاحمر بالجنوب الغربى التونسي

 
توزر 2 جويلية 2008 (وات) – تم يوم الثلاثاء اطلاق عشرين طائرا من صنف النعام ذى العنق الاحمر بالحدائق الوطنية عرباطة بقفصة ودغومس بتوزر وجبيل من ولاية قبلى وذلك باشراف الادارة العامة للغابات بوزارة الفلاحة والموارد المائية فى اطار البرنامج الوطنى الهادف الى اعادة توطين أنواع من الحيوانات والطيور البرية الاصيلة المهددة بالانقراض. وتعد عملية ادخال هذا الصنف من طائر النعام الذى وقع جلبه من منطقة أغادير بالمغرب الاقصى الاولى من نوعها بالنسبة الى حديقتى دغومس وجبيل فى حين تتوفر الحديقة الوطنية بعرباطة على أنواع أخرى من النعام. وتتم عملية الاطلاق بصفة تدريجية حيث توضع ازواج النعام فى مرحلة أولى بزرائب صغيرة حتى تتأقلم مع محيطهاالجديد ثم تنقل الى زرائب أكبر تمهيدا لادماجها نهائيا فى الحديقة. وستساهم هذه العملية فى تكوين مدخرات من طيور النعام ذى العنق الاحمر بعد انقراضها بسبب الصيد الجائر. وسيتم في سنوات لاحقة بعد تكاثرها توزيعها على عدد اخر من الحدائق. وتولى الجهات المختصة عناية فائقة للمحافظة على الحيوانات والطيور البرية بالنظر الى دورها فى اثراء المشهد الطبيعى ودعم التنوع البيولوجى بمختلف مكوناته سيما بعد اعادة توطين ناجحة لمجموعات هامة من الحيوانات البرية انقرضت منذ القرن التاسع عشر على غرار غزال الدركاس والمها الصحراوى وأبو حراب. كما تعززت منظومة الحفاظ على الحيوانات البرية بعديد الاجراءات من خلال استصدار النصوص التشريعية المتعلقة بتنظيم الصيد والاتجار بالحيوانات فضلا عن احداث شبكة من المحميات والحدائق الوطنية بمختلف جهات البلاد. ويتم توظيف تنوع المشهد الطبيعى فى السياحة البيئية من خلال استقطاب الباحثين والسياح وبالتالى تنمية الاقتصاد المحلى للمناطق المجاورة للحدائق. ويشار الى أن الحدائق الوطنية بدغومس وعرباطة وجبيل شهدت فى السنوات الاخيرة أشغال تهيئة بهدف توفير الغطاء النباتى ونقاط المياه وتركيز زرائب مما يجعلها موطنا ملائما لاستقرار الطيور والحيوانات البرية. (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 2 جويلية 2008)


 

الصباح: مسرحيّون و«تخميرة» المهرجانات الصيفيّة: الفاضل الجعايبي بـ«خمسون» ومحمد إدريس بـ«الموسوس» وتوفيق الجبالي لا يزال مصرّا على المقاطعة!

 
تونس ـ الصباح للفنان المسرحي توفيق الجبالي موقف أضحى معروفا من المهرجانات الصيفية.. إنه وبعد ان كان لا يتردد في أن يكون حاضرا ضمن سهراتها وعروضها اما من خلال اعماله المسرحية أو بصفته ممثلا (مسرحية «اسماعيل باشا») ذات صائفة على مسرح قرطاج الأثري.. فإنه أصبح يتحاشى بالكامل هذه المهرجانات الصيفية خاصة في السنوات القليلة الماضية ويعتبرها مجرد «تخميرة» فارغة وبدون معنى ولا هدف واضح.. أذكر أنني سألته ذات مرة: لماذا تقاطع المهرجانات الصيفية ولا تطلب برمجة انتاجات «التياترو» المسرحية ضمن عروضها؟ فنظر إليّ نظرة فيها من الاستغراب بقدر ما فيها من اللامبالاة وأجابني على طريقته اللاذعة والساخرة: عن أية مهرجانات تتحدث؟.. لقد تحولت المسألة الى «رموفة»!» وانني أفضل أن انصرف الى الراحة طيلة الصيف على المشاركة في مهرجانات «تطييح القدر»!. بالفعل، انه باستثناء مشاركة يتيمة خلال الدورة الماضية (صائفة 2007) لمهرجان قرطاج الدولي بعرض مسرحي فرجوي كان من اخراجه ومن انتاج التياترو احتضنه قصر العبدلية بالمرسى فإن الفنان المسرحي توفيق الجبالي ظل «مقاطعا» على امتداد السنوات الاخيرة للمهرجانات الصيفية سواء منها الدولية أو الوطنية.. وها هو يجدد «مقاطعته» لها هذه الصائفة ايضا من خلال غيابه وغياب انتاجات «التياترو» المسرحية عن أي مهرجان من هذه المهرجانات.. الجعايبي… يُصرَّ بالمقابل، يبدو الفنان المسرحي فاضل الجعايبي «مهووسا» بالحضور من خلال اعماله المسرحية في كبريات المهرجانات الدولية (قرطاج، الحمامات…) بل وحتى في ما دونها قيمة واشعاعا… كاتب هذه السطور حضر ذات صائفة عرضا لمسرحية «عشاق المقهى المهجور» للفاضل الجعايبي وجماعته بمسرح بوقرنين مثلا، في اطار مهرجان بوقرنين بحمام الأنف… وما من شك في أن الفنان المسرحي فاضل الجعايبي ينطلق في اصراره على أن يكون حاضرا بأعماله المسرحية في المهرجانات الصيفية من «نظرة» تختلف بالكامل عن «نظرة» زميله توفيق الجبالي لهذه المهرجانات.. فهو (الجعايبي) لا يعتبرها مجرد «رموقة».. بل يرى فيها مناسبة لجمع أكبر عدد ممكن من الجمهور في سهرة واحدة لمشاهدة عرض مسرحي.. والفاضل الجعايبي الذي احتج وغضب بسبب عدم برمجة مسرحيته «خمسون» ضمن عروض الدورة الماضية لمهرجان قرطاج الدولي (دورة صائفة 2007) يبدو سعيدا ومتفائلا ببرمجته ضمن عروض دورة هذه الصائفة من مهرجان قرطاج الدولي.. والواقع أن اصرار فاضل الجعايبي وحرصه على أن يكون حاضرا بمسرحياته في المهرجانات الصيفية قد يكون يعكس ربما جانبا آخر من شخصيته باعتباره فنانا معروفا بنرجسيته وبأنه يملك قناعة بأنه المسرحي الوحيد القادر على استقطاب «الآلاف المؤلفة» من الجماهير لمشاهدة عروضه المسرحية! محمد ادريس.. الاستمرارية أما الفنان المسرحي محمد ادريس الذي نجده حاضرا هذه الصائفة بمسرحيته «الموسوس» في اطار عروض الدورة 44 لمهرجان قرطاج الدولي فهو يبدو سائرا على «وتيرة» واحدة من مسألة الحضور أو عدم الحضور في المهرجانات الصيفية.. فالرجل لم يعرف عنه موقف يميزه من المهرجانات الصيفية.. فلا هو «مهووس» بالحضور كما هو الشأن للفاضل الجعايبي، ولا هو ايضا «مقاطع» لها كما هو الشأن لتوفيق الجبالي.. فهو يحضر عندما يكون لدى المسرح الوطني ما به يحضر ويقنع ويغيب عندما يتعين الغياب.. واذ يقدم محمد ادريس ويقرر هذه الصائفة العودة الى جمهور مسرح قرطاج الأثري بمسرحيته «الموسوس» فهو بالتأكيد يكون قد أعد عرضا مسرحيا فرجويا يجمع بين الامتاع بالفرجة والمؤانسة بالمضمون.. فالرجل لا يمكن أن يغامر وأن «يقتحم» على جمهور مهرجان قرطاج الدولي الذي أصبح معروفا خلال السنوات القليلة الاخيرة بتعلقه بالزهو وحب المرح والفرجة فضاءه الصيفي بعمل مسرحي لا يجمع فيه بين الامتاع والمؤانسة كما فعل الفاضل الجعايبي الذي قرر أن يقترح على جمهور مهرجان قرطاج مسرحية «خمسون» السياسية والعنيفة لفظا وصورة ومواقف. محسن الزغلامي (المصدر: جريدة ‘الصباح’ (يومية – تونس) الصادرة يوم 2 جويلية 2008)


مساهمة في النقاش بعين خارجية غير  أجنبية -إعلان دمشق…. آراء ومواقف عربية  
 
                                                         د. منصف المرزوقي ترك إعلان دمشق أثراً إيجابياً عند انطلاقته في الأوساط العربية بحيث يمكن رصد ذلك من خلال ردود الفعل التي صدرت في المشرق والمغرب، والاتصالات التي أجراها عدد هام من المثقفين العرب مع المعروفين من إعلان دمشق. وقد تجسد هذا الموقف بشكل واضح في إشارة تقرير التنمية العربية الرابع الذي أعطى للإعلان دمشق حيزاً واضحاً. ويمكن القول أن النقاش العربي حول إعلان دمشق قد بدأ يتضارب منذ إعلان دمشق بيروت – بيروت دمشق، حيث أعرب  أكثر من عشرة كتاب عرب عن احترامهم للإعلان دمشق ولكن نقدهم الصارم له. ومنذ ذلك الحين يمكن القول بشكل عام أن المثقفين العرب الذين يحملون رؤية يسارية أو عروبية ديمقراطية قد زاد نقدهم أكثر فأكثر للتجربة السورية ومخاوفهم من تكرارها بشكل مسخ للتجربة العراقية على رأي أحدهم »سفياني » من هنا، من أجل فهم أفضل لهذه الظاهرة توجهنا إلى الكاتب اللبناني فيصل جلول. والتونسي المنصف المرزوقي……  شكرا لمجلة مقاربات على تشريفي بالمشاركة بهذا النقاش السوري السوري حول تقييم مسيرة إعلان دمشق . لكنني سأتهرّب بكل شجاعة من الردّ على أغلبية الأسئلة لعدة أسباب ،منها أنني لست على ثقة بمعرفة دقيقة للأشياء حتى أسمح لنفسي بإصدار أحكام معيارية. ربما هناك خوف من توسيع دائرة خصومي وهي بغير حاجة لمزيد من التوسيع. أخيرا وليس آخرا لاعتقادي أنني، إذا أردت أن أكون عنصرا نافعا في هذا  النقاش  الهام ، فهذا يتطلب مني أن أعين إخوتي السوريين بتمكينهم من النظر لشؤونهم بعين خارجية، قد لا تكون ثاقبة، وقد لا تكون أحسن نظرة ، لكن من مزاياها أنها تعطي للوعي مستوى جديدا . فالقاعدة أننا ننظر للعالم دوما انطلاقا من ذواتنا وبرج المراقبة هذا ليس بالضرورة أحسن برج ،ومن ثمة هناك ضرورة للاستعانة بعين لآخر وإن كانت عين السخط حتى تتضح كل المساؤى التي تسهو عنها عين الرضا. وحتى أكون صريحا  أضيف أنني أفضل عدم الخوض في قضايا اجرائية ومشاكل حزبية وشخصية ، للتركيز على الأهم وهو التحديات الاستراتجية التي تواجه إعلان دمشق لأنها  نفسها التي تواجهها اليوم كل حركات التغيير السلمي الديمقراطي في أرجاء الوطن الكبير ، وما الوضع السوري إلا حالة قد تكون …اصعب الحالات. كيف ينظر مناضل ديمقراطي عربي من تونس تحديدا  للشأن السوري وخاصة لقضية إعلان دمشق؟ يمكنني القول – أو الاعتراف- أنني أتابع تجربة المعارضة السورية وخاصة تكوين جبهة إعلان دمشق بكثير من الإعجاب …والإشفاق…والشكّ المتزايد في مستقبله. لنبدأ بالإعجاب الذي يشاركني فيه كما أعتقد  كل العرب الذين يتابعون الشأن السوري . هذا الشأن  جزء من الهمّ المشترك ، معركة في ساحة محددة  لحرب واحدة أي حرب التحرر الوطني ضدّ  احتلال داخلي  بغية تحقيق الاستقلال الثاني أي بناء النظام الديمقراطي على أنقاض دولة الفساد والقمع والتزوير.   الإعجاب ناجم عن الوعي بأنه لا يوجد شعب عربي تعرّض لقمع وحشي كالذي عرفه الشعب السوري تحت ظلّ أشرس دكتاتورية عربية معاصرة، قد لا تفوقها عنفا ووحشية إلا الدكتاتورية البعثية الأخرى، التي انهارت للأسف بضربات الاحتلال الأجنبي المقيت… وكم كنا نودّ أن نراها تسقط بفعل القوى الداخلية حتى لا تنبت للأشباح أنياب جديدة وقد أنست فظاعات الاحتلال فظاعاتها، وأنها كانت السبب الرئيسي لمجيئه وللكوارث التي تسبب فيها.    وإنها لمأساة فكرية وشعورية بالنسبة لوحدوي وعروبي أبا عن جد – وباق على العهد –  أن  تكون أبشع الأنظمة الاستبدادية هي التي تغطت برداء القومية. لا يستطيع المرء إلا أن يقف مشدوها أمام الدمار الهائل للاستبداد « القومي » في العراق وليبيا وسوريا ليس فقط على مستوى الأجساد والأرواح والقيم ومؤسسات الدولة والمجتمع، لكن أساسا على مستوى  الأحلام، وقد أصبحنا نخجل اليوم حتى من كلمات الوحدة والحرية والاشتراكية. ورغم حماة، والتعذيب، ومخادع البراءة في المحتشدات سيئة الذكر مثل تدمر، وسنوات بل عقود من القهر المنظم، فإن المجتمع السوري – الذي كان قبل وباء الاستبداد أكثر  المجتمعات العربية تقدما – استطاع أن يحتفظ بجمرات تحت رماد الحريق الذي اكتسح البلاد والعباد طيلة حكم الأسد الأب منتجا قوى حقوقية وسياسية حافظت على جذوة الحرية في أصعب وأقسى الظروف. لا يستطيع المشاهد التونسي الذي لم يجرّب قمعا وحشيا كالذي عرفته المعارضة السورية إلا أن ينحني بكل تقدير أمام آلام رهيبة وتضحيات جسام وشجاعة منقطعة النظير وإصرار يبعث على موجة من الاحترام والتهيّب. ثمة سبب ثان للإعجاب ( مشوب بشيء من الغيرة) وهو نجاح الاخوة السوريين في تكوين ما عجز عنه التوانسة والمصريون والليبيون والجزائريون …أي تكوين جبهة سياسية واسعة من أحزاب وشخصيات وعلى برنامج سياسي. صحيح أن إعلان دمشق لم يشهد انخراط كل القوى وشهد انسحاب البعض منها . لكنه إطار غير معروف في بقية أقطار الوطن العربي. إنه أمر عجزنا على تحقيقه في تونس حيث لم تتمخض محاولات لا عدّ لها ولا حصر إلا على تكوين جبهة حقوقية تكرر نفس المطالب العقيمة لتي طالبت بها منظمات حقوق الإنسان طوال 20 سنة دون نتيجة. كذلك الأمر في مصر حيث بقيت المعارضات مفككة ومجزأة ومن ثمة عاجزة عن تأطير شارع مؤهل للانفجار في كل لحظة بحكم ما وصلت إليه معاناة الناس. الشعور الثاني هو الإشفاق .  فالصعوبات  الكبرى وراءكم والصعوبات الأكبر أمامكم والمفر غير واضح . بصراحة لن أحب أن أكون مكان إخوتي السوريين. فالدكتاتورية سواء في تونس أو مصر نظام « سهل » الاقتلاع وتكلفة العملية لن تكون باهظة. مثلا النظام في تونس هرم موضوع على رأسه. يكفي أن تأتي هزة قوية لكي يسقط على جنبه . كل رأس مال هذا النظام جيوش جرارة من الشرطة الكارهة لوضعها والواعية بأنها في خدمة عصابتي إجرام هما عائلة بن علي وعائلة زوجته ليلي الطرابلسي …وهي لا تنتظر إلا منقذا جديدا من داخلها أو من خارجها ويومها لن يرفع تونسي واحد نصف اصبع للدفاع عن نظام ليس له سند سياسي أو طائفي أو قبلي أو طبقي . حتى العراب الأجنبي الذي يستعمل هذا النظام في حربه ضد « الارهاب » لن يجد صعوبة في قبول نظام لا يضطر للتعامل معه على استحياء. نفس الشيء في مصر حيث لا أحد يعتقد أن الجيش سيقبل بتوريث الجملكية المصرية، أو أن الأمور ستتواصل وقد بلغ إفلاس النظام أنه أصبح عاجزا عن توفير الخبز والماء  . عامل آخر يسهل على التوانسة والمصريين والليبيين التعامل مع الدكتاتوريات وهي أن هذه الأخيرة بدون شك أنظمة عميلة فوتت كل ما بقي من الاستقلال الأول مما يجعل الوطنية والمواطنية شيئا واحدا.  صعوبة الوضع في سوريا ناجمة عن تضافر عاملين: الركيزة الطائفية للنظام وورقة « الوطنية » التي يلعبها نظام مستهدف من قبل « الفوضى العالمية الجديدة « التي تقودها إدارة بوش. كيف سيلعب المجتمع السوري ضد هذه اللعبة؟ إنها مسألة شائكة لن يكون من السهل حسمها خاصة إذا لم يكن هناك وضوح كاف في الخطاب. لست من النوع الذي يسدي النصائح – ولو أنني من الذين يقبلونها بامتنان – لكنني أودّ أن أقول لاخوتي السوريين : يجب ألا يكون هناك أدنى لبس في خصوص رفض الطائفية وكل كلام منمق يخفي وراءه ما لا يفصح هو خيانة موصوفة لمشروع التحرر. كذلك لا بدّ أن يكون الموقف من ورقة  » وطنية » النظام  خاليا من كل لبس. فلا مجال للمفاضلة بين الاستبداد والاستعمار لأنهما  وجهان لنفس قطعة النقد. يجب ألا يكون هناك أي لبس بخصوص الرفض القاطع للتعامل مع الاستبداد الخارجي الممثل اليوم  في الإدارة الأمريكية والانخراط في أي من ألاعيبها ويكفي ان تكون هناك تجربة عراقية واحدة. وبنفس الصرامة يجب  رفض مفهوم  » وطنية  » النظام ، لأنه لا وطنية اليوم إن لم تكن مواطنية، وخارطة الوطن في فهمنا الجديد تمرّ على جسد كل مواطن لأنه  هو لا غير الممثل الشرعي والوحيد للوطن، ومن ثم فإن الخيانة الوطنية ليست التعامل مع الأجنبي بقدر ما هي التعامل مع المواطن-الوطن، بالوحشية والترويع والتسلط والاستنزاف وكل موبقات النظام الاستبدادي. السؤال كيف يمكن التوفيق بين الأمرين، مثلا لو تعرضت سوريا لاعتداء خارجي واستنفر النظام حوله الشعب لاعبا مرة أخرى ورقة وطنيته المزعومة . بالطبع لا جدال أن على كل الديمقراطيين  الوقوف في وجه الاعتداء لكن مع التأكيد أكثر من أي وقت مضى على أن ما يدافعون عنه عنه هو المواطن – الوطن ، أو وطن المواطنين وليس نظاما لن يكتسب أي شرعية بهذه المواجهة مع الخارج لأن خيانته للشعب وحقوقه المشروعة متأصلة فيه ويجب أن ترحل معه. آتي هنا للنقطة الثالثة وهي الشكّ المتزايد بخصوص الاستراتجية التي يعتمدها إعلان دمشق. هذه الستراتجية مبنية على السعي للتغيير الديمقراطي بالأسلوب السلمي التدريجي.  السؤال هل هذا مشروع قابل للتحقيق أم هو وهم إضافي سيضاف لقائمة الأوهام التي جرينا وراءها طوال حياتنا وأدت بنا إلى الطرق المسدودة وخيبات الأمل التي عرفنا ولا نزال نجرّب لوعتها. نقرأ في وثيقة التأسيس أن  » إقامة النظام الوطني الديمقراطي هو المدخل الأساس في مشروع التغيير والإصلاح السياسي  ويجب أن يكون سلمياً ومتدرجاً ومبنياً على التوافق ، وقائماً على الحوار والاعتراف بالآخر » لننطلق من كون الخيار السلمي لإقامة النظام الوطني الديمقراطي خيار مبدئي غير خاضع للنقاش ومن لا يقبله مطالب بالبحث له عن إطار آخر. لكن أن يكون التغيير متدرجا ومبنيا على التوافق والحوار والاعتراف بالآخر (أي اساسا السلطة) فقضية تكتيكية يجب تفحصها بتمعن للتأكد من صلاحيتها. وليس من الواضح أن الاتفاق حولها سيكون سهلا. لنبدأ بقضية الإصلاح المبني على التوافق والحوار والاعتراف المتبادل. هذا الإصلاح مثل الزواج لا يكون إلا بتفاعل طرفين. ماذا يبقى من المشروع إذا رفض الطرف الآخر « الزواج » والإنسان لا يمكن أن يتزوج من نفسه . الحل الوحيد ، إذا أردنا التمسك بنفس المنظومة الفكرية ، هو  التحلي بمزيد من الصبر وتكثيف الضغط المؤدب ومواصلة الإلحاح ليقبل الطرف الآخر يوما ما  بالإصلاح بعد أن يهديه الله إلى سواء السبيل ، أو أن تتغير الظروف. ها قد تحول المشروع من الإصلاح إلى مشروع الإقناع بالإصلاح. وفي الأثناء ، كيف سنقنع الشعب المقهور، الجائع، الضحية المزمنة، بمصداقيتنا ونحن نتلقى اللطمات وأقصى ما نفعل الاحتجاج عليها بدل مواجهة لاطم نعرف جميعا أنه يخاف ولا يستحي؟  كيف سنصبح طرفا مقبولا لدى هذا الجبان العنيف الذي لا يستحي وبأي طريقة عقلانية سنقنع هذا المخيف  الخائف بالدخول معنا في زواج إصلاحي سيؤول على الوطن بالبنين والبنات من المؤسسات الديمقراطية الحديثة وليدة مثاليتنا حسن استعداده.  نعم ماذا نفعل إذا أصرّ الطرف الآخر ليس فقط على رفض الإصلاح وإنما على المضي قدما في مشروعه الدكتاتوري؟ إنه الجدار الاسمنتي  الحديدي الذي يرتطم به المشروع الإصلاحي والذي يحاول أصحاب الخيار إسقاطه  حتى لا يفقدوا ثقتهم في مقومات وجودهم . صعوبة  هامة أخرى في هذا الخطاب العام  لم يسلم منها النموذج السوري : التدرّج . كيف سنتدرّج في بناء النظام الديمقراطي على افتراض أن هناك في الطرف المقابل من سيقبل بمحاورتنا بغير البوليس والقضاء. ركائز النظام الديمقراطي أربعة : استقلال القضاء والحريات الفردية والحريات العامة والتداول السلمي على السلطة عبر انتخابات (لا يجب أن تعرف بأنها كذا وكذا وإلا صارت شبهة).  كيف سنتدرّج مثلا في تحقيق ركن استقلال القضاء ؟ هل سنقبل بأن يبقى فاسدا للعشر سنوات الأولى ؟ كيف سنتدرّج في بند الانتخابات : هل سنعطي السلطة – كما طلب ذلك البعض في تونس في الثمانيات- آليا الحق في ثمانين في المائة من مقاعد البرلمان ونأخذ الباقي ( حتى نطمئن سيادتها فلا تقلق على مصيرها ) وبعدها نتفاوض كل سنة حول المقاعد المتروكة للمعارضة ، والشعب يفتعل الذهاب للتصويت. ماذا بخصوص الحريات ؟ كيف يكون التدرج في حرية الصحافة ؟ هل سنمنع باتفاق ضمني الحديث في فساد العائلة المالكة والباقي مسموح به؟ إن لم يكن هذا هو التدرّج فما المقصود به؟  ليتأمل أصحاب هذا المفهوم الغريب من كل جوانبه وسوف يكتشفون أنه لا يستقيم، فالديمقراطية هيكل متكامل الأجزاء وهذه الأجزاء لا تكون إلا بوجودها معا وفي نفس الوقت وفي تناغم . مما يعني أن الديمقراطية  موجودة أو غير موجودة و التدرج هو الاسم الآخر لديمقراطية مغشوشة و  خدعة حرب استعملها الاستبداد لخداعنا ونستعملها اليوم نحن في محاولة يائسة لخداعه.  الكل يعلم أن أي إصلاحات حقيقية يجب أن تكون في مستوى اللب لا في مستوى القشور وإنها إذا كانت جوهرية فإنها ستفتح الباب أم سيل المطالب المعلقة منذ قرون والممنوعة بسدّ القمع، وأنّ فتح هذا الباب فلن يغلق إلى أن تذهب الأمور إلى نهايتها. كلنا ندرك هذا والاستبداد الخائف أول من يدركه، فلماذا نصرّ على استعمال كلمات لا معنى لها ولا مستقبل. يخطئ من يتصور أنني أدعو هنا لخطاب راديكالي نتيجة  تطرف فكري أوتشنج  عصبي يجب أن  يواجه بالحكمة والتعقل والوسطية وكل هذه الكلمات المنمقة التي تخفي وراءها ما تخفي. فالسياسة كسياقة السيارة.  يجب أن تتوجه إلى حيث تريد أن تتوجه عبر رؤيا واضحة للطريق وللعقبات . يجب  أن  تكون حريصا على روحك و أرواح الناس ، منتبها لقدراتك وخاصة لحالة الطريق . هذه الحالة لا تحدد الهدف طبعا (بناء نظام ديمقراطي بالوسائل  السلمية)  ، لكنها  تحدد السرعة  وظروف السياقة التي قد يكون منها التوقف على قارعةالطريق وانتظار مرور عاصفة أو إعياء مفاجئ يتطلب اغفاءة قصيرة  . الخطأ أن تسرع في مدينة مكتظة ،أو أن تدخل السيارة الطريق في تردّد فتتسبب في حوادث قاتلة.  المطلوب إذن  ليس الاستسلام  لمزاج وطبع وأهواء وعواطف وإنما الردّ الذكي على سؤال واحد : كيف تكون السياقة السليمة الآن وهنا .  وهذا سؤال  لن يفلت منه أحد ، لا في سوريا ولا في تونس أو مصر أو ليبيا الخ . نعم   كيف تكون « السياقة » عندما تواجهك دكتاتورية خائفة و متعنتة ترفض كل حوار وكل إصلاح لأن الشروط الذاتية والموضوعية لمثل هذه الإصلاح غير متوفرة. مشكلة أخرى لا ينتبه لها الخطاب الطوباوي عن الإصلاح والتدرج ،  وهو أننا أولا في سباق مع الزمن الذي يدمّر كل يوم شيئا ما من وطن  يخرب بصفة متسارعة ، وحلّ الانتهاء من كل هذا البؤس  بالعنف. من لا ينتبه اليوم أننا دخلنا على امتداد الوطن العربي في حالة حرب أهلية ساخنة أو باردة ، متفجرّة أو تتأهب للانفجار وأن المقاومة المسلحة تقدمت شوطا بعيدا هنا  وتراجعت هناك ، لكن المستقبل لها إن لم نفعل شيئا . كل هذا مجددا لأنه لا وجود عند الطرف المقابل لأي رغبة وخاصة لأي قدرة على إعلان السلام  وطلب المفاوضة مع الممثلين الحقيقين للمجتمع حول الحل الوسطي الوحيد المثالي: نقل السلطة للشعب  مقابل عدم المحاسبة ومصالحة على طريقة جنوب افريقيا عندما صفت احتلالها الداخلي . الخيار إذن في ظل الهروب إلى الأمام الذي يمارسه النظام السياسي العربي الفاسد،  وتنامي المقاومة المسلحة، وخاصة  في ظل تزايد  الفقر الذي يشمل اليوم 62 % من أمتنا  وظهور شبح الجوع ، هو أن نكون أو لا نكون ، اقصد كحركة سياسية مدنية . إذا أردنا ألا نكون فالطريق هو مواصلة تسجيل الحضور السياسي بخطاب سريالي يطالب من حيوانات كاسرة مرعوبة أن تتخلى عن معاقلها ويحاول طمأنتها بكلمات معسولة وكأنه يمكن ترويض الكواسر بسكاكر حلوى ملونة …أو القطع النهائي مع الاستبداد ورفض كل شرعية له والتنظم كمقاومة مدنية سلمية والتوجه بالخطاب السياسي للناس لا للسلطة والقبول بأن تكون التضحيات التي سندفع ثمنها في كل الحالات هي في خدمة التوجهات الوحيدة التي يتطلبها الوضع المسدود والتي  يمكن أن تعطينا شرعية ومصداقية لدى الرأي العام . وحتى هذا …قد يكون جاء متأخرا . ومع هذا لا خيار لنا جميعا غير الثبات والمواصلة.  – مفكر وناشط حقوقي تونسي المصدر مجلة مقاربات غير دورية يصدرها مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية بتاريخ جوان 2008  

 

عندما تناظر حنفي مع أبويعرب المرزوقي

    

 
صلاح الجورشي    نظم «منتدى الجاحظ» -وهو جمعية ثقافية مقرها بتونس- مناظرة فكرية بين مفكرين عربيين يجمع بينهما اختصاص الفلسفة وغزارة الإنتاج منذ سنوات طويلة، لكنهما يختلفان حول أشياء أساسية في النظرة إلى التراث، وعلاقة الفلسفة بالدين، وكيفية التنظير لتغيير الواقع. الأول مصري، معروف بدفاعه عن إنشاء تيار تحت يافطة «اليسار الإسلامي» وهو الدكتور حسن حنفي. أما الثاني فهو الفيلسوف التونسي «أبويعرب المرزوقي» الذي اشتهر بمشاكساته وتأملاته الفكرية والسياسية. والمناظرة فن اشتهرت به مجالس الفكر والثقافة في التجربة العربية الإسلامية. وقد كان لها دور فاعل في تطوير الفكر وتأسيس العلوم والارتقاء بوسائل المحاججة وآداب الاختلاف. وحتى يقع إعادة إحياء هذا التقليد الثقافي، وحتى يقع التمييز بينه وبين صراع الديكة الذي تقدمه بعض الفضائيات حيث لا علم ولا حوار، استحضرت -باعتباري رئيس منتدى الجاحظ وكلفت بإدارة الحوار- مقولة أحد المتكلمين حدد فيها شروط المناظرة وأخلاقياتها. روي أنه اجتمع متكلمان فقال أحدهما: هل لك في المناظرة؟ فقال: على شرائط.. ألا تغضب، ولا تعجب، ولا تشغب، ولا تحكم، ولا تقبل على غيري وأنا أكلمك، ولا تجعل الدعوى دليلا، ولا تجوز لنفسك تأويل آية على مذهبك إلا وجوزت لي تأويل مثلها على مذهبي، وعلى أن تؤثر التصادق، وتنقاد للتعارف، وعلى أن كلا منا يبغي مناظرته على أن الحق ضالته والرشد غايته». وقد كان المتناظران في منتدى الجاحظ عند حسن نية الجمهور الذي ضاق به المكان. اختلفا في قضايا جوهرية، لكن دون غضب أو تشنج أو تبادل اتهامات، وهي مواصفات يفتقر إليها كثير من الجدل الدائر بين منتجي المعرفة والأدب والسياسة في بلادنا العربية، حيث تضخمت الذوات، وكثر الادعاء، وضاقت النفوس بعضها ببعض. لن أستعرض محاور المناظرة وما قاله الطرفان، فذاك قد نعود إليه في مناسبة أخرى، لكن استوقفتني وجهتا نظر صدرتا عن الفيلسوفين المتحاورين. والموقفان يدلان على هاجس الشعور بالمسؤولية لدى بعض المثقفين العرب، مما يجعلهم يدافعون عن مواقف تبدو مخالفة تماما لما يردده ويريده الجمهور والنخبة. انطلق حنفي من كون مصلحة الأمة مقدمة على مصلحة الأفراد، وأن حق الأوطان يسبق حقوق الأفراد. وبما أن الأمة حاليا محاصرة ومهددة، وأن الاستعمار عاد ليفرض سيطرته على جزء جديد من الأرض العربية وهي العراق، فإنه -أي حنفي- على استعداد أن يضع يده في يد أي حاكم عربي يقرر بذل قصارى الجهد من أجل تحرير فلسطين والعراق، وذلك مقابل التنازل حاليا أو مؤقتا عن حقوق الإنسان والديمقراطية والحريات العامة. أي إعطاء الأولية لتحرير الأوطان على حساب النضال من أجل إعادة الاعتبار لحرية المواطن. هذا الرأي استفزني، وناقشت فيه أستاذي وصديقي بكل جدية وتحفز. فأنا أعلم مدى صدقه وإيمانه بالحرية، وهو الذي كتب بحثا عميقا وجريئا حول جذور الاستبداد في الثقافة العربية الإسلامية، لكن بعد أن اختلط الحابل بالنابل، ودخلت أميركا على خط المطالبة بالديمقراطية، وحصلت كارثة العراق، هل يكفي ذلك لنعيد إنتاج الخطاب المأساوي السابق الذي كان يمارس سلطته وإرهابه خلال الستينيات من القرن الماضي تحت شعار «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»؟ أما المرزوقي، وهو يستحضر ما حدث في العراق، لم يتردد في أن يعلن أمام سامعيه أنه يعتبر أن الإصلاح السلمي هو الطريق الوحيدة، وأنه يفضل دعم أنظمة مستبدة على الدخول في مغامرات ومهاترات غير مأمونة العواقب. بل وذهب إلى حد الإعلان بأن كل من يدعو إلى القيام بثورات شعبية للإطاحة بالأنظمة العربية القائمة هو عميل للإمبريالية والاستعمار الجديد. رأي المرزوقي يذكرنا بآراء فقهاء أهل السنة الذين كانوا يخشون من تداعيات الثورات التي يربطونها بالفتنة، وكان بعضهم يفضل بقاء حاكم ظلوم على فتنة تدوم. لكن المسألة تحتاج إلى توقف. أشاطره بأن الإصلاح هو الخيار الاستراتيجي المطروح على دعاة التغيير، وأن منطق الثورة لم يعد واردا، خاصة أن شروط الثورة غير متوفرة، ولا يوجد من هو مستعد لتحمل تبعاتها. لكن المشكلة تكمن في أن كثيرا من أوضاع البلاد العربية يتجه بنسق متزايد نحو حالة من الانخرام بحكم تفكك النظام الاجتماعي والسياسي التقليدي. لهذا، وكلما استمرت الحكومات في تأجيل اتخاذ قرارات عاجلة لتعديل سياساتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، فإنها لن تترك أمام الجماهير الغاضبة واليائسة سوى اللجوء إلى أنماط من التمرد والهيجان التي تكون خسائرها أحيانا أكثر من إيجابياتها. فالخيار الإصلاحي يحتاج إلى ثقافة إصلاحية، وخبرة، وصبر، وطول نفس، وقيادات قادرة على تحقيق المكاسب بأقل التكاليف. كما أن المنهج الإصلاحي يحتاج أيضا إلى وجود أنظمة لها بقية من عقلانية، ومستعدة للتفاعل والتصحيح التدريجي، ومنح بعض فرص المشاركة والتعبير. الإصلاح يحتاج إلى توفير معادلة من قطبين، قطب تمثله سلطة بدأت تدرك أن مصلحتها في الانفتاح على شعبها ونخبتها. وفي المقابل قطب تمثله معارضة قطعت مع العنتريات، واعترفت بقدراتها الحقيقية، وسلمت بأن الحكمة تقتضي التدرج والقبول بالحلول الوسطى وتجنب أسلوب المغامرات القاتلة.   • كاتب تونسي   المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 02 جويلية 2008 

خفايا وأسرار تسليم الجزائر  »عمر قرايدي« إلى تونس

 

 
* طيلة وجودي بالسجن لم يقع التطرق لوضعيتي… * عائلة الشيخ راشد الغنوشي، مرت بمدينة قلعة سنان أثناء هجرتها… * هل يوجد تنسيق بين حركة النهضة التونسية… والمجموعات المسلحة بالجزائر؟… * تم تسليمنا على متن طائرة عسكرية صغيرة مقيدي الأيدي، مثبتيْن في الكرسيين برفقتنا أعوان مسلحون من المخابرات العسكرية الجزائرية… * قائد الطائرة العسكرية الجزائرية .. نظر لي ثم رفع نظره وسبابته اليمنى إلى السماء… * لقد رأيت آثار التعذيب على المعتقلين الجزائريين… * قلعة سنان ملاذ ثوار جبهة التحرير الوطني الجزائرية إبان الاحتلال الفرنسي… *واقع الأمر في تونس رغم كثرة العراقيل…إلا أنه يبشر بخير… *الذين عادوا إلى أرض الوطن، نظرت إليهم  الأعين في الداخل على أنهم….  باعوا القضية، و بحثوا عن الخلاص الفردي، ورموا تاريخا… وراء ظهورهم… * أسأل الذين خرجوا من تونس و بقوا بالمنفى: لماذا خرجتم من تونس إن كان سبب خروجكم ما زال قائما إلى حد اللحظة فلمَ الرجوع إذن؟ باريس / حوار  الطاهر العبيدي taharlabidi@free.fr عمر القرايدي، لمن لا يعرفه هو أحد أبناء حركة النهضة التونسية، صدر فيه حكما غيابيا بالسجن لمدة  12 سنة من طرف المحكمة العسكرية التونسية سنة 1991، كان من الأوائل الذين فروا إلى الجزائر لطلب الحماية ومحاولة السفر من هناك لأوروبا، وهو كذلك من القلائل الذي عاش المنفى ليعود للسجن،  حيث بقي في الجزائر أكثر من سنتين، ليقع تسليمه إلى السلطات التونسية، رغم أنه كان متحصلا على وثيقة من المفوضية السامية للاجئين بالجزائر، وبقيت زوجته « فاطمة  » وابنتيه « نسيبة  » « وتيسير » مشردين في العاصمة الجزائرية، وعند تسلمه من طرف الأمن التونسي تعرّض لأنواع شتى من التعذيب في مقرات وزارة الداخلية، لتعاد محاكمته من جديد ويثبت الحكم الأول 12 سنة سجن، أمضاها في سجون تونس الخضراء، وهو ابن مدينة قلعة سنان الواقعة في الشمال الغربي، وهي منطقة حدودية بين تونس والجزائر، كانت في وقت الاستعمار الفرنسي قاعدة عسكرية خلفية لجبهة التحرير الجزائرية، وفي باطن جبالها محفور مستشفى استخدمه ثوار الجزائر لعلاج جرحاهم، عمر القرايدي بعد خروجه من السجن الآن عضو بالمكتب التنفيذي لمنظمة حرية و إنصاف مكلف بالإدارة ومنخرط بمنظمة العفو الدولية فرع تونس، طرحنا علية جملة من الأسئلة المرتبطة بالماضي والحاضر في جو من فرحة العائلة بفوز ابنته  » نسيبة  » هذه الأيام بنجاحها في امتحان الباكالوريا فكان هذا الحوار العفوي وثيقة في دفاتر التاريخ  سنة 1992 صدر فيك حكما غيابيا ب12 سنة سجن من طرف المحكمة العسكرية التونسية، وقد كنت من الأوائل الذين فرّوا إلى الجزائر، وبقيت هناك مدة طويلة، ثم تمّ تسليمك من طرف السلطات الجزائرية، فهل يمكن أن نعرف لماذا تعرّضت أنت بالذات للترحيل، في حين أن العديد وقع تسهيل سفره من الجزائر إلى الخارج ؟ بسم الله الرحمن الرحيم، تعرض أبناء حركة النهضة في مطلع التسعينات إلى محنة شديدة أتت على الأخضر واليابس، و بات مصير الواحد منهم إما سجين أو مهاجر، وكنت من القليلين الذين جمعوا بين صفتيْ الهجرة و السجن إذ بقيت في الجزائر من 14 أفريل 1991 إلى حدود 13 جوان 1993 تاريخ اعتقالي هناك، واكتويت بنار الهجرة ، لأن البقاء في الجزائر أيام اندلاع الحرب الأهلية، وأيام شراسة الاشتباكات المسلحة، والتفجيرات اليومية التي كانت مركزة على العاصمة وضواحيها، يكون صعبا جدا إن لم نقل مستحيلا، وكنت من القليلين الذين بقوا في الجزائر ننتظر دورنا للانتقال من جحيم الجزائر إلى واحات الحرية الأوروبية، وكانت وتيرة السفر بطيئة للغاية، إذ يتم تسفير عائلة أو عائلتين كل شهر تقريبا، مما جعل الوقت يعمل لصالح الأجهزة الأمنية التونسية، التي تنتظر للانقضاض على بقايا حركة النهضة في الجزائر بعد خروج أهم القيادات الموجودة هناك، وكانت السلطة الجزائرية تعمل على تسهيل خروج الأفراد المتبقين مع بعض العائلات، إلا أنها كانت تحضر لاتفاقية تبادل المطلوبين بينها وبين تونس، وبعد إمضاء الاتفاقية في شهر ماي 1993 تقريبا، تمت صفقة التبادل التي كنت من ضمنها ووقع تسليمي صحبة الأخ فتحي الورغي، في حين تسلمت الجزائر مطلوبيْن اثنين ينتميان للمجموعات المسلحة الناشطة آنذاك ضد سلطة الدولة الجزائرية، وربما وقع تسليمي أو مقايضتي صحبة فتحي الورغي لأننا الوحيدين اللذين بقيا هناك مما يعرف بالقضية الأمنية. هل يمكن أن تستعيد لنا وصف تلك اللحظات، وما صاحب عملية تسليمك، وهل كنت وحدك أم معك بعض زملائك، وأثناء رحلة العودة هذه، هل كنت مقيّد اليدين، وماذا كانت مواقف الأمن الجزائري المرافقين الذين يدركون أنهم سيسلموك للعذاب بكل أشكاله؟   كانت لحظات عصيبة يقتاد فيها المرء إلى مصير مجهول، دخلت صحبة صديقي وأخي فتحي الورغي إلى المقر المركزي للأمن بالجزائر العاصمة، لاستكمال إجراءات السفر إلى ألمانيا، لم يكن ينقصنا إلا الترخيص الأخير من قسم الهجرة والأجانب بمركزية الأمن ، ذهبنا منذ الصباح الباكر وبقينا في الانتظار إلى المساء، إلى أن جاء أعوان من الأمن العسكري الجزائري وأعلموا المسئول على قسم الهجرة والأجانب بأنني وفتحي الورغي مطلوبان لديهم، وعليهم إبطال إجراءات السفر، بما يعني أننا موقوفين على ذمة التحقيق، بقينا في المقر المركزي للأمن مدّة أسبوع للتثبت من صحة الهوية، وبعدها تم اقتيادنا في سيارة خاصّة، تحمل لوحة تفيد بأنها على ملك أحد التجار، لا يرى من خلالها أي شيء إلى مقر وحدة المخابرات العسكرية  » ببوزريعة » وهناك دخلنا إلى بوابة من بوابات جهنم، وقع تفريقنا، أدخلوني إلى زنزانة انفرادية درجة الحرارة فيها مرتفعة جدا، ظلام دامس  لا يوجد فيها إلا نصف حشية قديمة وغطاء ( زاورة )، أما الروائح و الناموس فحدث ولا حرج، للأمانة لم نتعرض للتعذيب، وإنما كنا نسمع أنات وصراخ المعتقلين الآخرين بالزنازين المجاورة، بقينا هناك ثمانية أيام تم التحقيق معي عديد المرات في غرفة لا يوجد بها سوى طاولة وكرسيين وأوراق بيضاء، وقلم وكاميرا في أعلى السقف مصوّبة على الطاولة، أظن أن هناك فريقا كان يتابع البحث من خلال الكاميرا، كان همّ الجزائريين منصبّا على موضوع واحد: هل يوجد تنسيق بين حركة النهضة التونسية وبين قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ، والمجموعات المسلحة من خلالي أو من خلال من تبقى من التونسيين اللاجئين في الجزائر، وبعد قضاء الأيام المذكورة تم نقلي إلى سجن سركاجي ( السجن الجديد ) بأعالي القصبة وهو سجن قديم أسسه خير الدين بربروس وأضافت فرنسا جزءه الجديد، مشيّدا في شكل ثمانية ومتكون من طوابق عديدة، أدخلوني إلى الطابق السفلي الخاص بالعزلة الانفرادية والعقوبات ( تحس بدوار شديد وآلام حادّة بالرأس عند الوهلة الأولى من الدخول، ثم تبدأ تلك الحالة في النقصان والتلاشي ربما نتج ذلك عن شدة الرطوبة )، وهناك وجدت أخي فتحي الورغي صحبة شخص ثالث، بقينا هناك ثمانية أيام إلى جوار شيوخ الجبهة الإسلامية الذين كانوا في الزنزانات المجاورة أذكر من بينهم الشيخ عبد القادر حشاني رحمه الله، والشيخ يخلف الشراطي والشيخ عبد الحق العيادة والشيخ عيساني وكذلك كان معنا في نفس الجناح الضابط بومعرافي المباركي المتهم بقتل الرئيس محمد بوضياف بالإضافة إلى عديد المعتقلين الآخرين. بعد ثمانية أيام تم عرضي على المحكمة العليا بالجزائر العاصمة التي قضت بتسليمي للسلطات التونسية رغم أني قدمت ملفا للمفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة بالجزائر واعتبرتني لاجئا وسلمتني شهادة تثبت وضعيتي مما يُلزم السلطات الجزائرية بأن لا تتخذ أي إجراء يتعلق بي دون مراجعة المفوضية السامية للأمم المتحدة إلا أن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن، و تم نقلي على جناح السرعة صحبة فتحي الورغي إلى مطار البليدة العسكري، ومن هناك تم تسليمنا على متن طائرة عسكرية صغيرة لا تتسع لأكثر من عشرة أشخاص مقيدي الأيدي مثبتيْن في الكرسي وكان برفقتنا أعوان مسلحون من المخابرات العسكرية الجزائرية ، وحطت بنا الطائرة في مطار تونس قرطاج الدولي أين وجدنا بانتظارنا مجموعة من أعوان إدارة أمن الدولة تسلمونا بعد إجراءات البروتوكول مع زملائهم الجزائريين، واقتادونا إلى إدارة أمن الدولة بوزارة الداخلية بتونس. أذكر لمّا ركبت في سيارة أمن الدولة في مطار تونس أن قائد الطائرة العسكرية الجزائرية التي أقلتنا نظر لي، وكان جالسا على مدرج الطائرة ثم رفع نظره وسبابته اليمنى إلى السماء ففهمت أنه دعا لي بالحفظ فابتسمت إليه لشكره ولإعلامه أن رسالته وصلت. العديد من الفارين إلى الجزائر وغيرهم يثني على تعامل السلط الجزائرية مع وضعياتهم، ويصفونهم « بالرجلة » « والنيف »  والشهامة فكيف تراه أنت؟ معاملة الأمن الجزائري لنا ولعائلاتنا كانت عادية يتخللها احترام متبادل، وهذه تحسب لهم ما عدا ما تخلل الإيقاف من إهانة في السجن سرعان ما وقع تفاديها بعد الاطلاع على ملفنا، أما معاملتهم لمواطنيهم رهن الاعتقال فلا يمكن تخيلها أو وصفها، لقد رأيت آثار التعذيب على المعتقلين الجزائريين، ولم أقابل واحدا منهم لم يذكر أنه تعرّض للتعذيب، حتى أنني التقيت شخصا جزائريا معتقلا بمقر الأمن المركزي وسط العاصمة يسأل كل داخل بلهجته العاصمية  » آي محمد جُزْتِ لا تورتير  » أي هل مررت بالتعذيب ؟ فيكون الجواب دائمــــــــا  » نعم » لأن التعذيب بالنسبة للمعتقلين الجزائريين نوع من التشفي والتنكيل غير مرتبط بالبحث وانتزاع الاعترافات بالقوة. كيف استقبلكم الأمن التونسي مباشرة بعد عملية التسليم، وهل صحيح أنك عذبت حتى فقدت القدرة على الوقوف على قدميك، وهل أعيدت محاكمتك من جديد وكم قضيت في السجن؟ بعد وصولنا إلى إدارة أمن الدولة بتونس وبعد الترحيب بنا في بلدنا، بدأت ساعة الحقيقة التي استمرت شهرين وخمسة أيام، نلت فيها ما لذ وطاب من الأكل من شهي جميع الموائد الدسمة المتنوعة من التعذيب بدون استثناء، سواء كانت دجاجا مشويا أو خروفا محنيا، كما سبحت في أحواض الماء، مع ما يرافق ذلك من تدليك جيد يساعد على الارتخاء والانتعاش، أما أسلاك التنشيط العصبي فهي جيدة لتنشيط الذاكرة وتنظيف جيوبها مما علق بها من أدران الماضي، و بعد تطهير الوعي واللاوعي تم عرضي على المحكمة العسكرية، لأقوم بإجراءات الاعتراض لأنني محاكما غيابيا، وفي 10 أكتوبر 1994 قضت المحكمة العسكرية الدائمة بتونس بتأييد الحكم الصادر ضدي، بسجني مدة اثنتي عشرة سنة، قضيتها وخرجت من السجن بموجب سراح شرطي، وأنا الآن أخضع للعقوبة التكميلية المتمثلة في المراقبة الإدارية لمدة خمس سنوات.   خلال مدة السجن ما هي الحالات التي أثرت فيك أكثر من غيرها، وهل تعتبر نفسك ضحية صفقة أمنية، أم وقود لمعركة سياسية؟  يعيش الإنسان ليؤثر ويتأثر بما حوله،  لذلك فكل هنيهة من زمن السجن تركت بصمتها في ذاكرتي وجسمي وعقلي وروحي ونفسي سلبا وإيجابا ، أحتسب كل ما نالني عند الله سبحانه، فلست طالبا لسلطة ولا راغبا في جاه ولا طامعا فيما يملكه غيري، غيرتي فقط على ديني، انتميت لهذه الحركة المباركة التي آلت على نفسها أن تعيد للدين بريقه وأن تجدده في قلوب أبناء هذا الوطن العزيز وأن تتحمل الصعاب والمحن في سبيل ذلك، عملت في حقل الدعوة في المعهد عندما كنت تلميذا، وفي قلعة سنان المنسية رغم شهرتها، كنت مع لفيف قليل من الإخوة ندعو إلى العودة إلى الينبوع الصافي، ندعو إلى المحافظة على الصلاة والتمسك بالقرآن، والتشبه بشمائل سيد المرسلين، كنا دعاة لا بغاة، لم نضمر الشر يوما لأحد حتى أسيء فهم مقصدنا فتأوّله المتأولون وزخرفه المغرضون ، واليوم و قد نالنا ما نالنا فإننا وقفنا على حظنا من أمرنا فما وجدناه سلبا نأينا بأنفسنا عنه وطهرناه وما وجدناه حسنا زكيناه وأكدناه ، ربما زمن الاعتقال كنت ضحية صفقة أمنية، ولكن قلبي مطمئن الآن إلى عودتي فلو اطلعت على الغيب لرضيت بالواقع أما قولك أنني ربما كنت وقودا لمعركة سياسية، فهذا ما لا أرضاه لنفسي ولا لغيري لأن فيه من الغمز واللمز الشيء الكثير، أما فترة السجن فموقفي منها يعلمه إخواني الذين كانوا معي، فقد كنت أجيبهم دائما عن سؤالهم متى نخرج ؟ بقولي : عندما نحفظ القرآن، لقد دخلنا السجن لقضاء أحكام بلغت في عدها أعمار الدينصورات فوجدنا عبادا من فصيلتنا ( مساجين الحق العام ) يعيشون في ظلمات الجاهلية ( كفر وجهل وفقر وفسق ) فناضلنا من أجل الحفاظ على الكينونة وإثبات الوجود في مرحلة أولى ضد مشروع المسخ والخسف والتجهيل والتجويع والإبعاد وفي مرحلة ثانية غلبت علينا طبيعتنا الدعوية فهدى الله على أيدينا الآلاف من مساجين الحق العام، الذين تذوقوا حلاوة الإيمان والقرآن للمرة الأولى في حياتهم، والذين وقفوا ويقفون الليالي الباردة الطوال قياما لله توبة مما اقترفت أيديهم وندما على ما فاتهم من أعمال البر والتقوى، وها أن اليوم كالبارحة يصطفي الله لهذه المهمة من يكملها، فيدخل شبان من أبناء الصحوة الثانية ليتمّوا بناء ما زال في حاجة إلى بنّاء، أحسب أن السجن محنة للدعاة ليس مكتوبا عليهم جميعا ولكنه مرحلة ضرورية للتمحيص  » ليميز الله الخبيث من الطيب  » والسؤال الذي يطرح نفسه  ليس: لماذا دخلنا السجن؟ أو من المسئول عن دخولنا السجن ؟ فالذي يطرح هذا السؤال حسب رأيي إما جاهل بالأمور وجب علينا أن نرشده أو فتان يريد إدخال الفتنة بيننا وجب التنبه إليه والحذر من نفثه ونفخه، لأن السؤال هو ماذا استفدنا من سجننا؟ وكيف السبيل لتدارك ما فاتنا ؟ مع الأخذ بعين الاعتبار بتغير الحال وثقل متطلبات المآل ، لقد أرادوها حالقة لا تبقي ولا تذر ومحنة تأتي على الأخضر واليابس، فانقلبت بنعمة من الله وحفظه وفضله منحة ميّزت الخبيث من الطيب ونارا أذهبت ما تعلق بالذهب من الشوائب  » أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون  ». بعد ترحيلك إلى تونس، بقيت زوجتك فاطمة ومعها بنتين مشرّدة في الجزائر وفي وضعية غير قانونية، فكيف تمكنت من العودة إلى تونس، وما هي جملة الظروف التي واجهتها خلال عودتها الاضطرارية؟  بعد ترحيلي إلى تونس في 8/7/1993 بقيت زوجتي فاطمة هناك صحبة ابنتيّ نسيبة ( 3 سنوات ) وتيسير ( سنتان ) بالجزائر العاصمة مع بعض العائلات التونسية الأخرى، التي تنتظر دورها للخروج إلى أوروبا، إلا أنه بعد اعتقال السلطات الجزائرية لمجموعة من الشباب النهضوي وتسليمهم للسلطات التونسية في منتصف سنة 1994، لم يعد هناك بدّ من الاستمرار في المكوث هناك، فقرّرت زوجتي صحبة عائلة أخرى تم تسليم عائلها مع المجموعة المذكورة آنفا الاتصال بالسفارة التونسية بغية العودة إلى تونس، وفعلا قامت السفارة التونسية بإجراءات السفر، وتمّت عودة عائلتي على متن الطائرة، ومن مطار تونس قرطاج تم اقتيادها إلى وزارة الداخلية أين قاموا ببحثها وإطلاق سراحها على أن تعود إليهم في الأسبوع المقبل. بعد خلوّ التراب الجزائري من أفراد حركة النهضة الذين كانوا يقدمون العون لبعضهم البعض، عاشت زوجتي وبنتاي معاناة صعبة في ظروف قاسية للغاية، وانقطعت عنها كل السبل، ولم يعد بمقدورها الاتصال بأي جهة، فرأت أنه من الواجب أن تعود لتونس مهما كانت التكاليف، أما بعد عودتها فقد تعرّضت لكثير من المضايقات من قبل منطقة الأمن بالكاف ومركز شرطة قلعة سنان، أما بخصوص معاملة أعوان إدارة أمن الدولة بوزارة الداخلية، فقد أكدت للأمانة أنهم عاملوها معاملة حسنة هي والعائلة التي وقع تسليمها معها. بماذا تفسّر أن طيلة وجودك في السجن لم يقع التحرك من أجلك، ما جعل البعض يرد ذلك إلى كونك ابن مدينة قلعة سنان آخر نقطة في الشمال الغربي، مما يعني حسب هذه الرؤى أن الجهوية تتحكم في شكل التحركات السياسية والحقوقية لفائدة المساجين ؟     طيلة وجودي بالسجن لم يقع التطرق لوضعيتي إلا من خلال تقرير يتيم فيه قائمة اشتملت على أسماء من تبقوا بالسجن بعد سنة 2002، كما ذكر أيضا المرض الذي أعاني منه، وهذا ليس تقليلا ولا تحقيرا فالجهوية وإن كانت مترسّبة في لا وعي التونسي نسأل الله أن يشفينا جميعا منها إلا أنها أقل نسبة و ترسبا عند الإسلاميين مقارنة بغيرهم، و ليست الأسماء هي الأهم في قضية السجن والمساجين، بل الملف عموما فلو وقع تحرك معين في سجن ما، ووقعت تغطية إعلامية لذلك التحرك لاعتُبر ذلك تحريكا للملف برمته، مهما كانت استفادة شخص بعينه من ذلك التحرك. إن قلعة سنان أكبر من أن يُبخس حقها بعدم ذكر واحد من أبنائها قضى ما يزيد عن العشرية بأحد سجون الخضراء فهي مائدة يوغرطة وقلعته الشهيرة التي حارب منها غزاة تونس وهي قلعة سنان باشا التركي التي تحصن بها عند طرده للأسبان، كما كانت قلعة للجيوش الإسلامية إبان فتح افريقية وهي ملاذ ثوار جبهة التحرير الوطني الجزائرية إبان الاحتلال الفرنسي وخصوصا بعد استقلال تونس إذ كانت تمثل لهم القاعدة العسكرية الأولى وبها مستشفى محفور تحت جبالها استخدمه ثوار الجزائر لعلاج جرحاهم، كما هي مدينة الشهيد أحمد العمري الذي قضى نحبه في الأحداث الطلابية الشهيرة 8 يوم ماي 1991. ومن ملامستي للعمل الحقوقي بعد خروجي من السجن أستطيع أن أؤكد عدم صحة القول بتحكم الجهوية في شكل التحركات السياسية والحقوقية لفائدة المساجين، وإن كانت تفوح من بعضها رائحة هذه النزعة في بعض المناسبات القليلة كالتركيز على أشخاص معينين أو تضخيم بعض الأحداث. ما صحّة ما يروى، أنك أنت من ساعد على تهريب عائلة الشيخ راشد الغنوشي؟ عائلة الشيخ راشد الغنوشي، وكثير من العائلات الأخرى مرت بمدينة قلعة سنان أثناء هجرتها، وقد نالهم جميعا بعضٌ من كرم جهة القلعة وأتمنى أن لا تكون الجهة قد قصّرت في وفادتهم حتى لا يقال عن أبناء مدينتنا بأنهم ليسوا كرماء. بعد خروجك من السجن التحقت بمنظمة حرية وإنصاف، وقبلها كنت ضمن الجمعية الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين، فكيف استطعت الانخراط في العمل الحقوقي في ظل المحاصرة الأمنية، واستلاب الحرية للمسرحّين من السجن عبر الإمضاء اليومي في مختلف المخافر ؟ الانخراط في العمل الحقوقي حق لكل مواطن تونسي،  وليس منّة من أحد، ويبقى لكل واقع مقتضياته، وواقع الأمر في تونس رغم كثرة العراقيل فيه إلا أنه يبشر بخير عميم، سيعود على التونسيين جميعا في نهاية المطاف، لأن الواقع الحقوقي مرتبط بالأساس بالواقع الإعلامي الدولي، وكلما كان الرصد جيدا كلما تقلصت مساحة الانتهاكات، واتسعت مساحة الحراك الحقوقي، وانضافت إلى عقلية المواطن ثقافة جديدة لم يكن يستوعبها من قبل هي معرفته الجيدة بحقوقه، والأهم من ذلك معرفة المحافظة عليها والدفاع عنها. إن المحاصرة الأمنية وتضييق هامش الحرية للمسرّحين من خلال سيف المراقبة الإدارية، لا يحدّان بأي حال من الأحوال من إرادة الفرد في الانخراط في العمل الحقوقي، الذي يعود بالخير على البلاد و العباد.  منظمة حرية وإنصاف تتعرض للمضايقات والمحاصرة، والاعتداءات اليومية والتهديد بالقتل لبعض أعضائها، فكيف تمارسون عملكم في مثل هذا الوضع الذي يتسم بالرعب الأمني؟ الفعل الحقوقي مجهود يومي متواصل، فيه بذل وتضحية وتحدّي للصعاب، ولا يجرمننا شنآن قوم على التقاعس عن أداء واجبنا في رصد الانتهاكات، وكشفها وإنارة سبيل المتظلمين، ومواساة المكروبين، والاجتهاد في جعل الساحة التونسية ساحة تعترف للجميع بالحقوق، تقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، تشدّ على يدي المظلوم، وتبصّره بطرق الوصول إلى حقه، وتبين للظالم ظلمه، وتحذّره من مغبة التمادي فيه، نحن منظمة حقوقية مستقلة، لا نعادي أشخاصا بعينهم، وإنما نسعى في جهد مشترك مع كل الناشطين إلى أن تكون جميع الحقوق محفوظة ومحترمة، وأن يعم الإنصاف بلادنا، حتى لا يبقى تونسي واحد يرفع مظلمة. كيف تنظر أنت من الداخل إلى عودة بعض أفراد من المنتمين لحركة النهضة، إلى تونس بعد سنوات من المنفى؟ أسأل الذين خرجوا من تونس و بقوا بالمنفى: لماذا خرجتم من تونس سنة 1991؟ إن كان سبب خروجكم ما زال قائما إلى حد اللحظة فلمَ الرجوع إذن؟ أما إذا زال السبب فلمَ البقاء بالمَهَاجر؟ أما رأيي في العودة كمبدأ فإنها حق لكل تونسي مهاجر، وزمانها رهين بإرادة الشخص الذي يرزح تحت ضغوطها، النفوس تختلف وقدرة التحمل تختلف من شخص لآخر ،  » و لا يكلف الله نفسا إلا وسعها  ». للأمانة أقول أن هؤلاء الرهط الذين عادوا إلى أرض الوطن، نظرت إليهم الأعين في الداخل بادئ الرأي على أنهم متساقطون باعوا القضية، وبحثوا عن الخلاص الفردي، ورموا تاريخا ناءت به أكتافهم وراء ظهورهم، أما أعين بعض المتتبعين الذين ركزوا على الجانب الإنساني للقضية، فرأوا أن من حق كل مواطن تونسي أن يعود لبلاده متى شاء ومهما كانت التكاليف، دون تبديل أو تحريف، وأن يواجه المشكلة أمامه ولا يهرب منها تاركا إياها وراء ظهره، وأنه من باب الإنسانية أن لا يظل المرء محروما من أقرب الناس إليه، فقد مات من مات وولد من ولد وكبر من كبر، تقطعت صلة الرحم قسرا لا اختيارا وتغيرت ملامح شجرة النسب والقربى والناس في لهث شديد. و إنني أستغل هذه المناسبة لأدعو السلطة التونسية أن تغلق هذا الملف نهائيا بسن عفو تشريعي يخرج بمقتضاه السجين من السجن و يعود المهاجر إلى وطنه ، إن المهاجرين اليوم في حاجة ماسة إلى تونس و تونس في حاجة ماسة إليهم، لم يعودوا كما كانوا فرادى هم اليوم في أضعاف أضعاف، أعدادهم التي خرجوا بها فيهم من أصبح جدا له أحفاد، وفيهم من أصبح أبا له أولاد ولا ننسى النساء كبارا وصغارا ( بحكم غلبة العاطفة عليهن ) اللواتي تمنين رؤية آبائهن أو أمهاتهن قبل ورود المنايا، أليس من الحكمة أن يصدر الأمر بالسماح لهم جميعا بالدخول إلى أرض الوطن في بادرة سيسجلها التاريخ في سجل تونس الخضراء العزيزة علينا جميعا، دون إقصاء أو تهميش أو تخوين أو تخويف؟  المصادر تونس اونلاين / 1 / 7 / 2008 بالتزامن مع آخر ساعة / 1 / 7 / 2008 وطن امريكا / 1 / 7 / 2008 الحقائق الدولية / 1 / 7 / 2008 شبكة لطيف / 1 / 7 / 2008 ليبيا المستقبل / 1 / 7 / 2008


 
 

قطر فتحت ذراعيها لاحتضان المؤسسة محسن مرزوق الأمين العام للمؤسسة العربية للديمقراطية للشرق: ندعو لشراكة ناضجة مع الحكومات العربية لترسيخ الممارسة الديمقراطية المنطقة العربية لم تشهد طرحا للمسألة الديمقراطية أكثر من الوقت الحاضر حالة الإصلاح والديمقراطية مازالت بعيدة عن طموحات الشعوب العربية نسعى إلى احتضان حوار جدي بين العلمانيين والإسلاميين نعمل على إطلاق ماجستير متخصص في قضايا الانتقال الديمقراطي

 

 
حوار محمد فوراتي   شغلت المسألة الديمقراطية النخب والرأي العام العربي لعقود طويلة، ورغم المحاولات المحتشمة هنا وهناك فإن التقارير الدولية والواقع بقي يشير إلى المنطقة بأنها مازالت لم تبلغ بعد مرحلة النضج والرشد الديمقراطي ولم تدخل دائرة الحكم الرشيد، ومازالت الشعوب العربية التي تعيش الأزمات الواحدة تلوى الأخرى تنتظر عسر الولادة في الوقت الذي تتطور فيه الديمقراطيات من حولنا حتى في القارة السمراء التي تشهد انتخابات ديمقراطية وتعددية سياسية لا أثر لها في أغلب الدول العربية. وقد جاءت ولادة المؤسسة العربية للديمقراطية في الدوحة وبدعم كبير من صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند لتعطي الأمل للكثير من الديمقراطيين العرب ومن ورائهم الشعوب للتقدم خطوة نحو الأمل الديمقراطي وبناء المجتمع التعددي المتسامح والقوي. وقد بدأت المؤسسة عملها وفي برنامجها المستقبلي مخطط طموح يشرك النخبة وقطاع التعليم والمبدعين ويعتمد كل السبل لترسيخ الممارسة الديمقراطية في المنطقة فكرا وسلوكا. وفي هذا اللقاء مع الأستاذ محسن مرزوق الأمين العام للمؤسسة نحاول أن نتعرف على ظروف ولادة هذه المؤسسة وبرنامجها المستقبلي وأهدافها وطريقة عملها.   – أستاذ محسن ماهي الإضافة المرجوة من بعث المؤسسة العربية للديمقراطية ؟   الإضافة الأولى للمؤسسة كونها أول مؤسسة عربية بمال عربي لدعم الثقافة والسلوك والإصلاح الديمقراطي. هذا في حد ذاته إضافة نوعية. ثانيا يمكن اعتبار المؤسسة العربية للديمقراطية تطورا نوعيا في نمط المؤسسات العربية المتخصصة في إسناد التحولات الديمقراطية، فهي بيت خبرة ونقطة مركزة معرفية في مجال قضايا الانتقال الديمقراطي ستعمل بشكل موضوعي وتقني على تمكين الحركة العربية الديمقراطية في مجالات يمكن تسميتها بالميمات الخمس:   – المفهمة: تطوير مفاهيم ومعاني تساعد الحركة الديمقراطية العربية على السيطرة على المعاني – المعرفة: نقل وبناء المعارف حول قضايا الانتقال الديمقراطي ، خزنها، إدارتها وترويجها -المأسسة: بناء حركة عربية للديمقراطية بأرضية وأنشطة، إدارة حوارات داخلية وخارجية بين مختلف أجنحة الحركة الديمقراطية العربية – المقدرة: بناء وتقديم الخبرات في مجال إدارة عمليات الانتقال الديمقراطي – الموارد: الدعم المادي للمؤسسات العاملة في مجال الإصلاح الديمقراطي وهذه هي مجملا مجالات تميز واختصاص المؤسسة العربية للديمقراطية.   –  ممن تتكون المؤسسة وهل هي مفتوحة لكل الديمقراطيين ؟ تتكون المؤسسة العربية للديمقراطية من مجلس إدارة ترأسه صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند ولجنة تنفيذية يرأسها معالي الدكتور علي فخرو وأمانة عامة تنفيذية وخبراء ومنظمات شريكة. وهي مفتوحة تماما لكل المنظمات والمؤسسات والشخصيات العربية مهما اختلفت توجهاتها شرط اعتمادها حصريا على العمل السلمي في العمل من أجل التغيير الديمقراطي وتبنيها لمبادئ حقوق الإنسان كما وضعتها المنظومة الإنسانية لهذه الحقوق.   – لماذا اخترتم قطر مقرا للمؤسسة ؟ وقع اختيار قطر لأسباب متعددة. أهمها أن قطر فتحت ذراعيها الكريمين لاحتضان المؤسسة وسمحت لها بالعمل بكل حرية ودعمتها. وفي هذا المجال لا يفوتني مرة أخرى أن أتقدم بالشكر والثناء لحضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر على دعم سموه للمؤسسة ماديا ومعنويا ولمؤسس المؤسسة العربية للديمقراطية صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند صاحبة الرؤيا. كما قدمت قطر أشكالا متعددة من الدعم للمؤسسة منها المساعدة النوعية التي قدمتها الهيئة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان بإشراف من رئيسها الدكتور خالد العطية وهو عضو للجنة التنفيذية للمؤسسة والدكتور علي المري أمين عام الهيئة والذي شغل مسؤولية الأمانة العامة للمؤسسة في الفترة الماضية. كما أحاط بنا مسؤولون آخرون وصحفيون ومواطنون وبصراحة لم نطرق بابا فوجدناه مغلقا أمامنا.   – ولكن عملكم سيكون صعبا في ظل تراجع الحريات والديمقراطية في العالم العربي وربما في العالم؟   أليس هذا أجمل ما فيه؟ كونه صعبا ويتطلب التزاما وتضحية وأفكارا جديدة وخلاقة ومقاربة منهجية ذكية وحكيمة؟ لماذا تبعث مؤسسة للعمل على المساهمة في دفع عملية الانتقال الديمقراطي في المنطقة العربية لو كانت الأمور على ما يرام. لا يوجد خط تطور تاريخي واحد وحتمي في السياسة بشكل خاص وفي التاريخ البشري بشكل عام. السياق الدولي الآن يحتوي كل الاحتمالات والسياق العربي كذلك. إن دورنا هو أن نحاول دفع مسار التقدم في اتجاه الاحتمال الأفضل لشعوبنا من بين الاحتمالات الأخرى. وهذا يعني جهدا في صراع وتراجع وتقدم ومكاسب تحسب بشكل براغماتي. من الصعب الحكم بتراجع الحريات والديمقراطية في العالم. تقارير فريدوم هاوس مثلا تتحدث عن تقدم على المستوى الدولي في العشرية الأخيرة وخاصة مع موجة الدمقرطة التي شملت مزيدا من دول أوروبا الشرقية وآسيا. والمسار الدولي العام الآن هو مسار تقدم في مجال الدمقرطة رغم التراجعات الوقتية والأزمات على هامش خط التقدم العام. هذا طبيعي جدا، فكما قلت خط التقدم ليس أبدا صافيا أو حتميا بدون شوائب. في المنطقة العربية، السياق يحتوي احتمال التقدم الديمقراطي واحتمال التفكك والانهيار واحتمال إعادة إنتاج الجمود. والاحتمالات الثلاث تجدها في بعض الأحيان في بلد واحد. وقد تجد أحد التوجهات مسيطرا على حالة التقدم في بلد بينما يسيطر آخر في بلد ثاني. ولكن بما لا شك فيه انه لم تشهد المنطقة العربية وضعا في السابق كانت فيه المسألة الديمقراطية مطروحة أكثر من الوقت الحاضر. نلاحظ نفس الشيء بالنسبة لمسار الانحلال والتفكك، فهو يهدد الأنظمة السياسية في المنطقة أكثر من أي وقت مضى. توجد صراعات ونذر حروب أهلية واحتلال ونذر حروب أخرى….إلخ. أما مسار إعادة إنتاج الجمود فهو يصب في مجرى المسار السلبي الذي نخشى منه. إذن، تطرح مسألة التحول الديمقراطي لا بوصفها ترفا أو من الكماليات بل بوصفها علاجا ضروريا وعاجلا حتى وإن كان بالجرعات وليس بالصدمة الكهربائية التي تحمل من المضار أكثر ما تحمل من المنافع. وعندما ننظر للمسألة من هذه الزاوية تصبح قضية التراجعات والممانعات عائقا لا بد من التعامل معه كما يتعامل العالم في مخبره مع عوائق سياق عمله العلمي الموضوعية، ينظر لها بشكل بارد ومتجرد ويركز كل طاقته لمعالجتها وتجاوزها. وهذا ما تطمح المؤسسة العربية للديمقراطية للقيام به.   – من يسير الهيئة وكيف توضع سياساتها وإستراتيجيتها المستقبلية؟   للمؤسسة مجلس أمناء يتشرف برئاسته صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند له. وهو يضع السياسات العامة والاستراتيجية للمؤسسة ويراقب تنفيذها. ولجنة تنفيذية تتابع العمل بين اجتماعات مجلس الأمناء وترفع له توصيات ومقترحات وأمانة عامة تنفيذية تقترح وتنفذ البرامج وتشرف على تسيير المؤسسة وإدارة ممتلكاتها وتمثلها قانونيا ورسميا.   – كيف سيكون تعاونكم مع الحكومات ومنظمات المجتمع المدني العربية ؟ سنعمل على فتح آفاق الحوار والتعاون مع الحكومات. هنا يجب أن نكون واضحين. الانتقال الديمقراطي لن يحصل في أي دولة عربية بدون عقد أو وفاق أو « مساومة » سمها ما شئت بين المجتمع والحكومات. هناك تغير في ميزان القوى يجب أن يحصل ثم يترجم سياسيا بإعادة صياغة العلاقة بين النخب الحاكمة على أسس جديدة. هذا هو بالضبط ما وقع في أغلب التحولات الديمقراطية الأخيرة في العالم. المطلوب إذن صياغة استراتيجية للتحولات السياسية « تروض » قوى الحكم والمحكومين وتسمح بالانتقال السلمي. هي الاستراتيجية الأصعب ولكنها المناسبة لمنطقة لا تتحمل أغلب بلدانها الهزات العنيفة لكونها قائمة على توازنات هشة. من هذا المنطلق نحن ندعو لشراكة ناضجة مع الحكومات التي تميل أغلب نخبها للاقتناع أن طرق الحكم الحالية صارت بكل بساطة غير صالحة وغير فاعلة ومخاطرها على متبعيها أكثر من مضرتها على المستهدفين بها. هنا قد يقال: « ولكن الحكومات قد ترفض هذه اليد الممدودة ». وهذا قد يكون فعلا رد بعض الحكومات في المنطقة ولكن ليس كلها. وإن حصل وهو يحصل فعلا فلا يعني ذلك أنه من المفروض علينا أن نواجه التوتر بالتوتر، والخطأ بالخطأ. نحن محتاجون لزاوية نظر أشمل ننظر منها فوق الفاعلين الحاليين وقصر نظرهم وننظر للسياق العام طويل المدى. فالممانعات الحالية هي مناوشات تعبر عن عجز على إيقاف المسار العام. أيا كانت وجهة هذا المسار: إما التقدم وإما التفكك. عجلة التاريخ الضخمة تتقدم ولا يمكن للأيادي الصغيرة المجردة من مشاريع مستقبلية استراتيجية أن توقفها. بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني، تموقع المؤسسة العربية نفسها أيضا كبيت خبرة وأداة إسناد استراتيجي. العلاقة قائمة على مبدأ الشراكة فالمؤسسة لا تريد تعويض مؤسسات المجتمع المدني بل تريد مساعدتها على أداء دورها بطريقة أفضل وأحسن. ولاتفوتني الإشارة هنا إلى أن منظمات المجتمع المدني تعاني من نقاط ضعف عديدة ظرفية وهيكلية، وأن عددا منها صار جزءا من المشكلة وليس من الحل.   – تستعدون لإصدار تقرير عن حالة الديمقراطية في الوطن متى يصدر؟ وما هي مضامينه ؟ سيصدر أول تقرير تجريبي في نهاية هذه السنة – وبماذا سيتميز عن غيره من التقارير التي ترصد حالة الديمقراطية وحقوق الإنسان بالعالم العربي؟ سيكون أول تقرير عربي شامل. يعتمد مقاربة نوعية فيه تشخيص وتقييم وقياس ولكن أيضا توصيات عملية للتقدم. فهدفه البناء وفتح آفاق الحوار والتأثير العملي وليس هدفه التشهير. وأفقه مصلحة دولنا ووطننا العربي. – ومن يعدّ هذا التقرير؟ تعده مجموعة من المنظمات والخبراء من كافة الدول العربية المعنية يعملون وفق منهجية موحدة.   –  بالإضافة إلى التقارير ما هي مهامكم الأخرى ؟   نحن نعمل على عدد من المحاور ومنها: -تطوير الرؤى الاستراتيجية لقوى الانتقال الديمقراطي من خلال البحوث والحوارات وسنعمل في هذا الإطار على بعث مجلة تكون مجالا لهذا العمل -مراكمة وتداول المعارف حول قضايا الانتقال الديمقراطي من خلال بعث موقع ألكتروني متخصص يشتمل على مكتبة ألكترونية ودليل خبراء وخبرات ودعم برامج تبادل المعارف بين قيادات من المنطقة مع قيادات من دول العالم التي مرت بتجارب انتقال مثل دول أوروبا الشرقية وإفريقيا وآسيا. وفي هذا الإطار تتنزل برامج التثقيف الديمقراطي أيضا والتربية على الديمقراطية. -دعم قدرات نشطاء الحركة الديمقراطية العربية من خلال دورات التدريب العملية المباشرة وتقديم خبرات ملموسة في سياقات عملية وإنتاج كفاءات. وأحد البرامج الملموسة في هذا المجال هي إطلاق ماجستير متخصص في قضايا الانتقال الديمقراطي. -مساعدة القوى الديمقراطية على مأسسة ذاتها ومراكمة تقدمها من خلال العمل مثلا على تأطيرها في إطار حركة ذات أرضية مشتركة واجتماعات تنسيقية دورية -أخيرا وعلى قدر المستطاع توفير موارد مالية لتمويل بعض أنشطة المؤسسة. هذه كلها مشاريع ستتحول للإنجاز.    – ماهو موقع النخب العربية المثقفة من برنامجكم. وهل ستشرّكون الكتاب والمثقفين في دعم وتطوير وتعليم الديمقراطية في العالم العربي.   نحن لا نتوجه لهؤلاء فقط بل نفكر أيضا في التوجه للمبدعين. فالإبداع هو فضاء حرية في أوضاع الاستبداد ويحتاج للحرية لكي يزدهر. إننا بصدد تجميع عدد كبير من الأفكار ووضعناها في إطار خطة عمل استراتيجية. ومن بين الأفكار بعث مجلة فكرية متخصصة في قضايا الديمقراطية وربما مهرجان سنوي بعنوان الإبداع والحرية يدعى له المبدعون العرب بكل أطيافهم وتنوعاتهم.   – نشر الديمقراطية ليس في الممارسة فقط بل يحتاج إلى التثقيف والتوعية لكل الأجيال. فهل هناك برنامج توعوي وتثقيفي على مستوى المؤسسات والأفراد؟   هذا أكيد. هناك مشروع لتطوير مواد تربوية حول قضايا المواطنة بالتعاون مع المؤسسات التربوية.   – كيف تقيمون حالة الإصلاح والديمقراطية في الدول العربية ؟   هناك تقدم في مجالات تحققت خاصة بعمل القوى الديمقراطية وحكمة موضعية لبعض الحكومات بعيدة النظر. وهناك أيضا مراوحة في نفس المكان ومقاومة من مجموعات المصالح التي بكل أسف تستفيد من تعفن الوضع. وبشكل عام يمكن القول أن حالة الإصلاح والديمقراطية مازالت بعيدة جدا لا على طموحات الشعوب فقط بل حتى على المستوى الأدنى الضروري لإدارة مقبولة للشأن العام.   –  في الوطن العربي تيارات وأفكار متصارعة كل منها يدعي الديمقراطية. ما هو الحكم بالنسبة لكم في التعامل مع الأحزاب والتيارات المختلفة الفكرية والسياسية؟   ليس لنا أي موقف مسبق إطلاقا من أي منها. الحكم هو جملة من المبادئ من بينها اعتماد العمل السلمي إطلاقيا للعمل من إنجاز التغيير الديمقراطي وتبني مبادئ العمل الديمقراطي كما نصت عليه المواثيق والمعاهدات الدولية في مجال حقوق الإنسان بمفهومها الشامل. غير ذلك نحن لا نفرق بين مختلف الحركات ونتطلع للعمل معها وبالشراكة معها لإقامة حوار فيما بينها يمكنها من إدارة اختلافاتها بطريقة أفضل من دون أن يكون حاجز الاختلاف مدعاة لاٌقصاء أو إضعاف حظوظ الحركات الديمقراطية في العمل المشترك حول أرضيات دنيا مشتركة مرحلية. نحن محتاجون لمسار إنضاج فلا زالت بعض مظاهر المراهقة السياسية موجودة. شخصيا أنا من أنصار البراغماتية المثالية أي من أنصار منهجية واقعية لتحقيق المثل التي نرنو إليها جميعا فتشكل المشترك بيننا. بعد تجربة الأيديولوجيا في مرحلة الشباب، اقتنعت أن أحسن مكان للرأس ليس اليمين أو اليسار بل في موقعه الطبيعي أي بين الكتفين. نحن في هذه المنطقة نريد أن ننهض. وفي المنطقة أفكار مختلفة حول أحسن سبل النهوض. ولكننا يجب أن نتفق جميعا على طريقة تجعل اختلاف الأفكار هذا عنصر نهوض. هذا يتطلب الاتفاق على أرضية مشتركة تتضمن مبادئ عامة وقواعد لعبة تضمن حق الاختلاف وحرية التعبير عنه. هذه هي بالضبط الديمقراطية بشقيها القيمي والإجرائي. إذا استطعنا أن نيسر حوارا بين مختلف التيارات الفكرية والسياسية في المنطقة وفق هذا الأسلوب فسننجز عملا هاما.   ولكن الاختلافات جسيمة بين هذه التيارات وتوجد نوازع إقصائية تحرك بعضها؟   نعم هذا صحيح. ولكن لابد من العمل على تغيير هذا الوضع. المبدأ الأول هو لا لاحتكار الصفة الديمقراطية من أي طرف. فالديمقراطية ليست نسبا أو إرثا. الإسلاميون بتنويعاتهم والعلمانيون بتنويعاتهم القومية واليسارية والليبرالية هم أبناء الوطن الواحد وتعبير عن أبعاد طموحاته وكينونته المختلفة. لا شمس واحدة بل شموس متعددة. إذا نظروا للأمر من هذا المنظور سيعيدون اكتشاف أنفسهم فطبيعة قضيتهم ثم مجتمعهم ويصبحون قادرين على التغيير.   – الكثير من الدول العربية تجري انتخابات تتفاوت التقييمات بمدى شفافيتها وحياديتها. فماهو موقع المؤسسة من رصد التجارب الانتخابية؟ ( مراقبة – تقارير …الخ)   قد يكون لنا في المستقبل برامج في مجال التدريب على رصد الانتخابات وبرامج خاصة في مجال تطوير الثقافة الانتخابية.   – هل هناك أمل لديكم في التأثير في الحالة العربية نحو الأفضل ؟   طبعا، بدون شك. عندي قناعة أيضا تسند الأمل. سيكون للمؤسسة العربية تأثير ولا بد من بعث عدد أكبر من المؤسسات المماثلة لأن الحاجات واسعة جدا. الحقل شاسع جدا وعندما نرمي بعض البذور وتثمر سيكون ذلك علامة على نجاحنا ولكن عندما ترى اتساع الحقل قد تقول أن النتيجة أقل من المطلوب….   المصدر: جريدة الشرق (يومية – قطر) بتاريخ 01 جويلية 2008  


 

النفط المعتدل والانفتاح السياسي: شرطان لاستعادة الدور العربي المفقود

 

 
عادل الحامدي (*) يعجز المرء حقا عن تفسير استماتة النظام العربي وإصراره علي تمسكه بثوابت أقل ما يمكن أن يقال فيها ان الزمن قد تجاوزها وانها تراوح مكانها وترفض التطور في أي اتجاه. وأهم مظاهر هذه الثوابت العربية تلك المتصلة بالحكم الجبري الرافض للمشاركة الحرة والذي يضع حدودا من أسلاك شائكة في وجه أي عمل سياسي منظم، حتي وإن سلمنا بالسلمية المطلقة لهذه المشاركة، مما جعل عملية التطور مستحيلة إلا عن طريق الثورة أو التمرد المدني، علما بأن كلا الأمرين الأخيرين لا شيء يضمن نجاحهما باستثناء الاعتماد علي الخارج الذي كشفت حرب الخليج الأخيرة عن محدودية وخطورة مثل هذا التوجه الذي تبين بالكاشف أن تكاليفه لا يتحملها لا المجتمع العربي ولا دولة هذا المجتمع فضلا عن الغازي. فالفوضي العراقية أكبر شاهد وأجل محفز لحكوماتنا العربية علي التأمل في ما يطبع السلطة العربية من افتقاد القدرة علي أي تطوير سياسي جاد يسمح بميلاد معارضة وطنية تتحمل مسؤوليتها في ضمان التداول السلمي علي السلطة، مع مراعاة حاجة الدول القائمة إلي الاستقرار وعدم الطعن في شرعية البني السياسية القائمة حتي لا تنتهي السلطة العربية إلي ما انتهت إليه معارضة ثالث الخلفاء رضي الله تعالي عنهم، يوم كان للدولة الإسلامية العربية الناشئة ضمان من العقيدة والرجال ومن له القدرة علي تصحيح المسار وتطوير أساليب الحكم في وقت مبكر بسيف معاوية، الذي استطاع أن يستمر في توسيع دولة الإسلام والتعايش مع معارضة مسلحة ومنظمة طيلة ثلاثة قرون، وهي بالمرصاد لأي تجاوز حتي أنهت الحكم الأموي الحافل بالانجازات والتوسعات. وأمام هذا الثبات في الحياة السياسية العربية والإعراض عن كل مبادرات التطور التي تفرضها تحولات الواقع السياسي والاقتصادي الدولي والإقليمي، وفي ظل استحكام الأزمة الغذائية في العالم التي تهدد مصائر الملايين، ينذر بانفجارات شعبية لا يمكن لأحد توقع حجمها ولا التحكم في اتجاهاتها، توصل الفلسطينيون والإسرائيليون الي تهدئة أجلت العنف المتبادل الي ما نتمناه من صمود لهذه الهدنة، فقد تدخلت مصر كعادتها ونجحت بفضل الله في انتشال هدنة بستة أشهر نأمل أن يتم خلالها ليس التخفيف علي سجناء غزة فحسب وإنما اجتماع عباس وهنية للسير معا نحو هدنة نهائية مع إسرائيل، وهدنة داخلية فلسطينية، الخطوة التي لا بد منها إذا كانت الأطراف المعنية تملك أقل مقدار من الحياء من شعوب العالم والمصداقية لتحويل مشروع الدولتين إلي واقع ملموس وإلي احد ثوابت المنطقة. ومع أن القاهرة لم تتردد في معالجة الملف الفلسطيني سواء أكان ذلك لجهة الاستمرار في دورها التاريخي باعتبارها مركزا عربيا، أو تمكنها من إقناع الأطراف المختلفة بالتوقيع علي هدنة تشير كل التوقعات إلي أنها تتجه إلي الرسوخ والثبات، فإن ذلك لا يغني عن دور المملكة العربية السعودية والكويت والجزائر وليبيا الذين يفتقد السلام العربي ـ الإسرائيلي إلي أدوارهم التي يجب أن تقطع الطريق أمام استفراد الإدارة الأمريكية بالتسريع بمسار السلام أو خفضه، والعمل بجدية علي إعادة الوهج والنضارة للقضية الفلسطينية من خلال رتق ما بها من خلافات اسماعيلية ـ عباسية، فإن صمت القبور الذي تبديه الكويت، وقد كان لها في سالف عهد منظمة التحرير الفلسطينية صولات وجولات، ولجماعات الإسلام السياسي في برلمانها اليوم كلمة وموقع، غير مفهومين، إذ لم يعد من المقنع لأحد أن تظل الذاكرة الكويتية عند مربع غزو العراق لها وما أوجده من محاور عربية ودولية بعد أن سكن صدام حسين باطن الأرض، وتحول العراق إلي ساحة لحرب الملثمين. ولقد كنت أكبرت في الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قبل عدة أسابيع موقفه العروبي الأصيل حين أعرب عن استعداده لتزويد غزة بكل ما تحتاجه من نفط، إلا أن ظني قد خاب إذ لم أسمع عن طائرة جزائرية يتيمة تحط بمؤنها وبأدوية أطفال فلسطين الذين تفتك بهم الأمراض المعدية. وقد كان الأمل معقودا علي الأخ القائد الذي عرف بكرمه حقيقة، إلا أن كرم العقيد لا معني له فهو سحابة لم تنزل بأرض فلسطين التي لا يمكن أن ينكر الأخ العقيد أن له فيها قدسا ومزارا، لكنه انشغل بفتوحاته السياسية الإفريقية، وهذا خطأ في منهج العقيد إذ أن الرجل يجعل ماله وخيره في إخوانه الأفارقة في حين تناسي ذوي القربي من أرامل الفلسطينيين وأيتامهم. إن إقدام المملكة العربية السعودية مؤخرا علي المساهمة في الحد من اغتيال الجوع وفتكه بالملايين، وقبولها بالعمل علي تخفيف ارتفاع أسعار البترول، مؤشر علي حساسية السعوديين وشجاعة الملك عبد الله الذي منح عهده لبان كي مون بعمل السعودية الفوري علي تلافي مضاعفات هذه الأزمة، وبالفعل فقد كانت عروس البحر الأحمر جدة مؤخرا مسرحا لاستقبال منظمات وشخصيات عالمية تكرس وقتها للتباحث في قضية من أشد القضايا وأحرج المسائل، كيف لا والعالم في حالة فزع ليس من جنون البقر ولكن من جنون الأسعار؟ وهي تضحية تستحق موقفا مقابلا من العالم من موقع شعور بالمسؤولية إزاء السلام العالمي، سلام لا يتم فيه تجويع أهل غزة، ولا تقطع فيه أرحام الفلسطينيين لخلاف سياسي عابر بين تنظيمين سياسيين وجدا لخدمة القضية الفلسطينية، التي لا تزال كمعلقات الشعر العربي تنتظر من يهيم بها ويضعها علي أرض الواقع. وهذه خطوات مهمة يمكنها أن تشكل رافعة سياسية واقتصادية مقنعة لأن تعاود القيادة السعودية طرق باب رعاية الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني ولم شتات الفتحاويين والحمساويين، وغيرهم من فصائل المقاومة الفلسطينية، وتضميد الجرح الداخلي الغائر وفق توافقات سياسية يكون العرب أحد أطرافها، لا سيما بعد أن أطلق الرئيس محمود عباس مبادرته للحوار الوطني، ووضعت الحرب الإعلامية بين الطرفين أوزارها، واستحال التراشق الإعلامي إلي لغة هادئة تغلب الحوار علي ما سواه. إن الغرب الذي تشقه تيارات أيديولوجية ملونة وتحكمه أنظمة سياسية ديمقراطية في الداخل ومتأرجحة بين المبدأ والاحتيال السياسوي المستعجل، ينفتح علي الحكومات العربية بحكم المصالح والمنافع المتبادلة، وكثيرا ما يتم دفع هذا التسوق الحكومي علي حساب 300 مليون من المواطنين العرب الذين يعانون من الاستبعاد في صنع أقدارهم ورسم علاقة سوية ـ عبر حكوماتهم ـ بهذا الغرب الذي كثيرا ما تقعده مصالحه عن تحفيز الأنظمة العربية ودفعها إلي التطوير الذاتي والولوج إلي العصر عبر تبني ديمقراطية سياسية واقتصادية مباشرة تجعل من العمل السياسي وظيفة إدارية تحكمها قوانين صارمة وتضبط تقنياتها برلمانات تفرزها قواعد انتخابية بالمقاييس العالمية، وليس بمعهود الواقع العربي في العصر الحديث. ولا شك أن تراجع الروحانية العالمية وخلو الساحة الدولية من الأحلام الكبيرة والكف عن ميلاد حركات سياسية وعمالية صخابة يموت روادها ولا يسقطون في مستنقعات العنف والإرهاب، كل ذلك قد خلت منه ساحات العمل السياسي فلم تعد أغلب حكومات العالم تتمتع بسلطات شعبية مضادة كما كانت الحال إبان الستينات والسبعينات من القرن الفائت، يوم أن كان عدد المنخرطين في نقابة العمال البريطانية يربو عن ثلاثة عشر مليونا من العمال، ويوم أن قاد كمشة من الطلاب حركة 68 التي أطاحت بأحد أكبر عمالقة السياسة في العالم، أقصد صانع فرنسا الحديثة. هذا التراجع كانت له انعكاسات في العالم العربي المرتبط عضويا بالغرب منذ ما لا يقل عن قرنين من الزمن، فلم تعد مكة الشريفة تسارع دون تردد لتصفية خلافات العرب مهما عظم خطبها وأصبحت مصر تنظر فرقا إلي أكتافها خوفا من المساس بروابطها مع إسرائيل، وإن كانت مصر قد تحملت الكثير من أشقائها ومن أجل السلام والاستقرار في المنطقة، فإن ذلك لا يبرر تأجيل القرارات الصعبة وتحمل مسؤولية الإقدام الشجاع علي انجاز كل مستحيلات المنطقة بما في ذلك انجاز مشروع لدولتين وإن تباطأت أمريكا. (*) كاتب وإعلامي تونسي مقيم في بريطانيا (المصدر: صحيفة ‘القدس العربي’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 2 جويلية 2008)

«التعريب النفسي»… تونس نموذجاً

 
محمود الذوادي (*)  ينظر علم الاجتماع اللغوي إلى غياب التعريب النفسي في تونس على أنه حال مرضية وفي أحسن الأحوال سلوك لغوي منحرف. والعلاقة بين أفراد المجتمع ولغتهم الوطنية هي في الظروف المجتمعية العادية علاقة طبيعية. أي أن عامة الناس في المجتمع يستعملون، من جهة، لغتهم الوطنية في كل شؤونهم الحياتية، ومن جهة ثانية، تحتل لغتهم نفسياً المكانة الأولى عندهم بحيث يعتزون بها ويغارون ويدافعون عنها كلما وقع تهميشها أو تحقيرها والسخرية منها في مجتمعها ومن طرف أهلها. والأمثلة الميدانية لا تكاد تحصى وهي تشير إلى عدم نجاح التونسيين في تطبيع علاقتهم مع اللغة العربية حتى في أبسط الأشياء، فمعظم التونسيين على سبيل المثال فحسب، لا يكادون ينطقون الأرقام باللغة العربية سواء في تبادل أرقامهم الهاتفية أوفي الحديث عن خطوط شبكة المترو أو في الإشارة إلى أقسام منطقة الحي السكني. فتسمعهم يقولون «المنزه سنك (5)» وليس «المنزه خمسة» و «المترو كاتر (4)» وليس «المتر وأربعة». أما عن تبادلهم لأرقام هواتفهم بالفرنسية فحدث ولا حرج. يضاف إلى ذلك بعض الذين، ومن النساء خصوصاً، لا يذكرون أسماء الأيام إلا بالفرنسية. فهذه لها موعد «لو ماردي» عوضاً عن «الثلثاء» أو هي ستزور أهلها «لو سامدي» بدلاً من «السبت». إن هيمنة استعمال اللغة الفرنسية لدى التونسيين في التعامل مع الأرقام ظاهرة طريفة، طبيعية، فمعظهم يطبعون بطاقات عملهم  cartes visitesويكتبون شيكاتهم ويوقعون عليها وعلى غيرها من الوثائق حتى العربية منها باللغة الفرنسية. ويذكرنا هذا بحال زميلة تدرس اللغة الفرنسية في كلية 9 أفريل كانت تعتقد أن دفتر شيكاتها خال من الحروف العربية. فطلبت منها إخراج الدفتر، فإذا بها تكتشف أن الدفتر يحتوي فعلاً على فضاء مكتوب بحروف عربية لمن يرغب في كتابة الشيك باللغة العربية. لا شك في أن غياب التعريب النفسي عند هذه الزميلة هو الذي يفسر جهلها لعقود وجود الحروف العربية على شيكات دفاترها التي استعملتها عبر تلك العقود. يرى علماء أن ثقافة المجتمع (لغته، عاداته، قيمه، تقاليده الدينية، الخ…) تؤثر تأثيراً كبيراً في تشكيل المعالم المميزة للشخصية القاعدية La Personnalité de Base لأفراد ذلك المجتمع. تساعد هذه الرؤية العلمية، مثلاً، في تفسير اختلاف نماذج الشخصيات القاعدية لمجتمعات متجاورة جغرافياً. فالسلوكات اللغوية التونسية الواردة في المؤشرات السالفة الذكر هي معلم بارز من معالم ثقافة المجتمع التونسي المعاصر. وهذا يعني أن الإرث اللغوي الثقافي الاستعماري لا يزال يمثل واقعاً رئيساً متجذراً في ثقافة الحياة اليومية للتونسيين بعد أكثر من نصف قرن على الاستقلال. بعبارة أخرى، إن ذلك الإرث اللغوي الثقافي الاستعماري الفرنسي أصبح عنصراً أساسياً في تشكيل الشخصية القاعدية التونسية لعهد الاستقلال، وذلك بسبب العلاقة الوثيقة بين الثقافي (اللغوي) والنفسي المشار إليها في مقولة علماء الأنثروبولوجيا والاجتماع المعاصرين بخصوص تأثير العوامل الثقافية في بناء الشخصيات القاعدية للمجتمعات. ومن ثم، فاستمرار الإرث اللغوي الثقافي الاستعماري القوي  يمثل أرضية صلبة لوجود واستمرار الحضور الواقعي الملموس لمعالم الاستعمار النفسي الخفي الذي لا تدركه أو لا تود الاعتراف بوجوده أكثرية التونسيين، وذلك لسببين على الأقل: أولاً، إن هذا النوع من الاستعمار أصبح جزءاً مكيناً من التركيبة النفسية لشخصية الأفراد. ومن ثم، لا يكاد هذا الوضع النفسي يسمح لهم بالنظر إليه عن بعد وبالتالي بكثير من الموضوعية. ثانياً، إن الاعتراف به عند القلة القليلة أمر مؤلم لمن يعايشه، إذ هو يحدث إحراجات وتوترات وصراعات وانفصامات في شخصية الأفراد بسبب إزاحة الستار عن الوجه الآخر للطبيعة الحقيقية للاستعمار اللغوي الثقافي/ النفسي. يساعد هذان العاملان في فهم أسباب استمرار صمت أغلبية التونسيين حتى على مجرد طرح موضوع الاستقلال/ التحرر اللغوي الثقافي. بينما نادوا بالجلاءات الثلاثة: العسكري والسياسي والفلاحي. وتحليلنا يقود إلى إدراك أسباب تبني التونسيين سياسة المكيالين في مشروع الاستقلال والتحرر من الاستعمار الفرنسي برؤوسه الأربعة، سياسة تبقي استقلال المجتمع التونسي منقوصاً في أعز جوانب الاستقلال، التحرر اللغوي الثقافي. فقدان الاستقلال اللغوي الثقافي بالمجتمع التونسي بعد أكثر من خمسة عقود من نهاية الاحتلال الفرنسي يقع في دائرة دراسات ما بعد الاستعمار Post Colonial Studies. ونرى أن جذور مخلفات الاستعمار اللغوي الثقافي جذور سياسية ثقافية في المقام الأول. وبعبارة أخرى، فالأمير والمثقف لعبا ويلعبان دوراً رئيساً وحاسماً ليس في استمرار ثقل بقايا الاستعمار اللغوي الثقافي فحسب بل في إعطاء مشروعية قوية لوجوده وانغراسه في عقلية الناس وفي شخصيتهم القاعدية وفي عقلهم الباطن. وكنا أشرنا في كتابات سابقة الى أن القيادة السياسية في العهد البورقيبي لا تكاد تعترف بأن استمرار هيمنة اللغة الفرنسية وثقافتها في المجتمع التونسي بعد الاستقلال هو ضرب من الاستعمار. إذ اقتصر تصور تلك القيادة للاستعمار الفرنسي على الاحتلال العسكري والسياسي والزراعي. وبالتالي نادت بالاستقلال السياسي والجلاء العسكري والزراعي. أما المناداة بالاستقلال اللغوي الثقافي فغائبة بطريقة شبه كاملة بعد أكثر من نصف قرن من الاستقلال، ليس بين النخب السياسية فقط، بل أيضاً بين المثقفين والمتعلمين وعامة الشعب. ومعالم استمرار ظواهر الاستعمار اللغوي الثقافي في المجتمع التونسي لا تكاد تلقى اهتماماً من الباحثين الاجتماعيين منذ الاستقلال. وحال الاغتراب مثلاً بين أكثرية التونسيين المتعلمين والمثقفين رجالاً ونساء، من جهة، واللغة العربية/ لغتهم الوطنية، من جهة ثانية، لا يتطرق لها هؤلاء الباحثون. لقد أطلقنا على تلك الظاهرة، مصطلح «غياب التعريب النفسي». ويتمثل هذا في ملاحظة متكررة تؤكد فقداناً واسعاً وشديداً لعلاقة حميمة بين التونسيين ولغتهم الوطنية/ اللغة العربية. وهذا ما يفسر ندرة أو غياب ظاهرة الدفاع والغيرة على اللغة العربية بعد أكثر من خمسة عقود من الاستقلال. وكمثال ميداني آخر نشير إلى صمت التونسيين على لافتات قسم الغلال المكتوبة بالفرنسية فقط في مغازات المونبري. يعترف العاملون بالمونبري بأنهم لا يتذكرون احتجاج أي تونسي على هذا الأمر. فغياب مثل هذا السلوك غريب في الظروف العادية بين المجتمع ولغته الوطنية. وبالتأكيد لا ينتظر أن يصمت وألاّ يحتج الفرنسيون والألمان والإيطاليون… على المغازات التي لا تستعمل فقط أو في المقام الأول لغاتهم الوطنية. والسؤال العلمي المشروع هنا هو: لماذا يصمت الباحثون الاجتماعيون عن ظواهر الاستعمار اللغوي الثقافي المنتشرة كثيراً في المجتمع التونسي؟ يجوز تفسير الصمت بعاملين: 1 – علاقتهم بالسلطة السياسية/ الأمير في الفترة البورقيبية على الخصوص والمعروف عنها معارضتها لفكرة التحرر اللغوي الثقافي من المستعمر الفرنسي كما ذكرنا. 2 – مشروعية قوية للقول إن صمت هؤلاء يعود أيضاً في جانب كبير منه إلى تكوينهم اللغوي الثقافي الاستعماري/ الغربي على حساب تكوينهم في اللغة العربية وثقافتها الوطنيتين بحيث يحرمهم هذا التكوين حتى من مجرد الوعي بمخلفات الاستعمار اللغوي الثقافي واقتران ذلك بأزمة الهوية، ناهيك عن دراستها والتعمق فيها وفي انعكاساتها على هوية التونسيين ومجتمعهم. إنها عملية إعادة الإنتاج La Reproduction كما سماها عالم الاجتماع الفرنسي بيار بورديو. وتهميش هؤلاء لدراسة ما نسميه «التخلف الآخر» في المجتمع التونسي لمصلحة التركيز على الجوانب الاقتصادية، مثلاً، يعبر عن غياب انشغالهم بالأهم (الثقافة). ومن جهتنا فإن مسيرة بحوثنا اتخذ ت وتتخذ اتجاهاً معاكساً يركز على ظواهر الاستعمار اللغوي الثقافي الأمر الذي سمح لنا بالتوصل إلى إنشاء منظومة من المفاهيم الجديدة مثل «التخلف الآخر» و «التعريب النفسي» و «الفرنكوأراب الأنثوية» ثم ابتكار «نظرية الرموز الثقافية». إن مقياس تأسيس علم اجتماع تونسي حق يعتمد على إنشاء مقولات معرفية ومفاهيم ونظريات فكرية منبتها تربة المجتمع التونسي. وبالتالي عندما نسأل: هل توصلنا حقاً إلى تأسيس علم اجتماع تونسي ذي هوية خاصة به  في فترة الاستقلال؟ تكون الإجابة  بنعم أولاً، وفقاً للمقياس المذكور قبل قليل. وبتعبير ابن خلدون: «وإذا فعلنا ذلك كان ذلك لنا قانوناً في تمييز الحق من الباطل في الأخبار والصدق من الكذب بوجه برهاني لا مدخل للشك فيه». (*) كاتب تونسي (المصدر: صحيفة ‘الحياة’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 2 جويلية 2008)

قناة الفتنة غير المستقلة

 

 
من المؤسف أن يسهم في تعميق الجراح العراقية والعربية والإسلامية تونسي انفتحت له بقدرة قادر إمكانيات فضائية ومالية في لندن فراح يصب الزيت الطائفي على نار الاحتلال الأمريكي والنفوذ الإيراني في العراق… ولئن قيل عنه وأصحابه سابقا إنهم يستغلون الدين لأغراض سياسية في بلادنا، فأنكروا وأقسموا بأغلظ الأيمان الديمقراطية أنهم مظلومون … فإنه يثبت يوما بعد يوم  بما لا يدع مجالا للشك أنه وأمثاله ليسوا فقط بقطرهم كانوا يستهزئون بل بمصير شعب وأمة ما زالوا يتلاعبون و يعبثون. و الأمر ليس جديدا على السيد الهاشمي الحامدي المعروف في قناته المستقلة جدا بالدكتور محمد الهاشمي تيمنا وتبركا وتقربا، لأن الاسم يمكن أن يلعب أيضا نفس دور اللحية والسبحة وأثر السجود على الجبين… ،  ولكنه أمعن في الآونة الأخيرة في شحن البغضاء و الكراهية وتغذية الفرقة والفتنة الطائفية التي لم تعد نائمة بين أبناء العراق والمشرق العربي عموما. ولم يجد مدير القناة ومنشطها الأول الذي يلعب أحيانا دور المرتل المحترف للقرآن، من كل المواضيع الحارقة سوى اتهام الشيعة لعمر بقتل فاطمة الزهراء لإقامة مناظرة مستهجنة. وبعد حلقات عديدة أعيد بثها مرتين كل يوم  طلب الهاشمي من مشاهديه التعبير عن رأيهم في الحوار غير المتوازن وغير المجدي حول قصة خلافية بين الشيعة والسنة عمرها 1400 سنة أي قبل أن تأخذ الولايات المتحدة التي تحتل اليوم العراق استقلالها عن التاج البريطاني باثني عشر قرنا.  وتقول القصة التي يرويها فريق ويكذبها الآخر أن موت فاطمة الزهراء كان بسبب كسر ضلعها من طرف عمر بن الخطاب المتهم بمهاجمة بيت علي بن أبي طالب وحرق بابه لإجباره على مبايعة أبي بكر على الخلافة. واليوم تأتي قناة المستقلة لتنزع الأوهام في بضع ساعات وتقنع الشيعة بعدم استناد مزاعمهم وثلبهم للشيخين لأي مرجع أو نص موثوق. وقد يقول قائل : لا بأس ما دامت الغاية المعلنة علمية وستجمع علماء من الجهتين السنية والشيعية وليأت كل بما لديه لتوضيح الصورة ، وتقديم البراهين والأدلة. ولكن سرعان ما تبين أن الغاية من البرنامج ليس التقريب بين المذاهب بل غرس إسفين إضافي بين أتباع الطائفتين ولا سيما المتواجدين منهم في العراق. وتحولت الحلقات إلى جلسات أشبه بمحاكم تفتيش يرأسها مدير القناة الذي حرص بكل خبث على انتقاء بعض النصوص من كتب منشورة في موقع الكتروني للسيستاني المرجعية الشيعية العليا في العراق يتم فيها تكفير الخليفتين الأولين بما من شأنه أن يستفز أي متابع سني غير مدرك لمغزى البرنامج وأهداف صاحب القناة والجهة التي تقف وراءه. وقد ادعى الهاشمي أنه بهذا البرنامج ينتصر لعمر وأبي بكر الذين يتم لعنهما في بعض المجالس السوداء التي يكثر فيها اللطم الداعي للثأر والمثير للمشاعر الإنسانية بما يعطي صورة سيئة عن المسلمين كما زعم أنه يحق له أن يرد على قنوات شيعية تفعل ذلك. والأحرى أن يقال له: دعهم يلطمون ولا تلطمنا بأيديهم. ويجدر التذكير أنه قبل بضعة أسابيع من بث المسلسل البيزنطي الأخير الذي يختلط فيه الدين بالسياسة في قناة المستقلة والذي طرح إشكالية خطيرة للغاية: هل ماتت فاطمة أم استشهدت وهل أقر السيستاني وغيره من المراجع الشيعية اتهام عمر وأبي بكر ؟ نظمت هذه القناة غير المستقلة سلسلة نقاشات أخرى حول موضوع سياسي يبدو أكثر جدية و واقعية يتعلق بواقع المشروع العربي في مواجهة المشروع الأمريكي والمشروع الإيراني. ولكن معظم الوقت صرفه الهاشمي في الاستشهاد بنص مقتطع من كتاب شيعي قديم (بحار الأنوار) حول المهدي المنتظر والتنبؤ بقتله لتسعة أعشار المسلمين من العرب، وكل ذلك لإثبات أن الخطر الإيراني أكبر من الخطر الأمريكي،  إلى درجة أن أحد المشاركين السياسيين من الشيعة العراقيين أحرجه بملاحظة ساخرة حول علاقة ذلك الكتاب بموضوع الندوة سائلا إياه متى كتب هذا الكتاب التراثي؟ ويحق لأي متتبع للبرنامج وسير النقاش الذي تحكم فيه الهاشمي كما اشتهى و أراد وسيّره الوجهة التي سطرها مسبقا، أن يقول في حق العرب: يا أمة ضحكت من جهلها الأمم. ولعل مركز بغداد لدراسات الوحدة العربية (شبكة البصرة) لم يجانب الصواب حين لاحظ في بلاغ أصدره منذ أيام حول ما تقوم به فضائية « المستقلة » إن هذه البرامج التي تبحث عن الخلاف بين المذاهب وتثير مشاعر الناس وتوقظ فيهم روح التعصب من حرب القبور إلى كسر ضلع الزهراء … هي موجهة بشكل خاص للعراقيين كحلقة من حلقات تهديم البنية الاجتماعية العراقية وتشتيت جهود المقاومة وأهدافها… وبلهجة عراقية وعلى لسان شاعر شيعي (مظفر النواب) يمكن القول للسيد الهاشمي « يا ابني ضلعك من رشيته، بضلعي جبرته وبنيته …  » كذلك هم العراقيون ضلع يجبر آخر ولن تنفعك أموال زيت الصخر لزرع فتنة عجز أسيادك عن زرعها… وإذا رأيت العراق اليوم منكسرا فعليك ألا تبحث عمن كسر ضلع فاطمة، بل عمن كسر ضلوع العراق وضلوعنا وراءه وعطل جبرها والأكيد أنك  ستجد في دائرة الاتهام إلى جانب بوش وبلير أسماء عربية كثيرة تعرفها جيدا ( وبعضها من ممولي قناتك) لا علاقة لها بعمر وأبي بكر الذين تزعم الدفاع عنهما. فدافع عن نفسك لأن الفاروق والصديق لا يحتاجان إليك، تماما كما لا يحتاج إليك السنة والشيعة في العراق.                                           محمد بوعود  

الدكتور التليلي العجيلي: الطرق الصوفية والإستعمار الفرنسي بالبلاد التونسية (1881 – 1939)

 

 
تأليف: الدكتور التليلي العجيلي منشورات كلية الآداب بمنوبة هذا الكتاب هو النص الكامل لرسالة الدكتوراه التي أعدها السيد التليلي العجيلي تحت إشراف الدكتور رشاد الإمام لنيل دكتوراة المرحلة الثالثة وقد نوقشت بكلية العلوم الإجتماعية والإنسانية يوم 23 جوان 1987 لتحميل الكتاب يُرجى الضغط على الرابط التالي: http://www.zshare.net/download/8952060a63eb3c/


 
 
 معضلـة موغـابي  
 
محمد كريشان (*) طبعا ما كان واردا أن تتخذ القمة الإفريقية في شرم الشيخ أي موقف نقدي واضح أو متشدد ضد رئيس زيمبابوي روبيرت موغابي والطريقة التي ظل محتفظا بها بالسلطة بعيدا عن أي تنافس نزيه وانتخابات حرة وشفافة، كما شهد بذلك مراقبو انتخابات الجمعة الماضي قبل معارضي موغابي أنفسهم. قبل سنوات قليلة اتخذ القادة الأفارقة قرارا بعدم الاعتراف بأي نظام في القارة السمراء يستولي علي مقاليد الأمور في بلاده بالقوة، وتحديدا عبر انقلاب عسكري، لكنهم لم يشيروا وقتها بأي كلمة للموقف الواجب تجاه الرؤساء الذين يمسكون لسنوات طويلة ومفتوحة بدفة الحكم دون أي تداول سلمي علي السلطة، إما بالتلاعب بنتائج الانتخابات وإما بعدم إجرائها أصلا. ولهذا وجد الاتحاد الافريقي نفسه في أشهر قليلة أمام وضعيتين محرجتين في كل من كينيا ثم زيمبابوي. وإذا كانت الأزمة الأولي انتهت بتشكيل حكومة ائتلافية بين الغريمين السابقين مواي كيباكيو رايلا أودينغا فاحتفظ الأول بالرئاسة وأسندت للثاني رئاسة الوزراء، فإن موغابي رفض في قمة شرم الشيخ أي تسوية علي هذا المنوال تتيح لمعارضه مورغان تسفنجراي تولي رئاسة حكومة توافقية بين الحزب الحاكم والمعارضة. المشكلة هنا أن المساعي الحميدة التي يقوم بها رئيس جنوب إفريقيا في ملف زيمبابوي لا يمكن لها أن تثمر عمليا إلا إذا توصلت إلي صيغة توفيقية علي غرار ما حصل في كينيا، خاصة أنها تأتي من حليف لموغابي، فجنوب إفريقيا هي أبرز من وقف إلي جانبه في وجه ما تصفه هراري بحملة التشويه المنظمة التي تشنها الدول الغربية. هذه الوقفة من دول مثل جنوب إفريقيا، والتي لم يعكرها سوي النقد الشديد الذي أعلنه الزعيم التاريخي نيلسون مانديلا لموغابي، أغلبها استند، بدون أي تصريح علني بذلك طبعا، إلي أن أي إدانة لرئيس زيمبابوي، ناهيك عن عدم الاعتراف به أو تعليق عضوية بلاده، سيشكل سابقة خطيرة من منظورهم يمكن أن تبني عليها في المستقبل الكثير من الحالات الأخري بما يجعل غالبية أنظمة الحكم في القارة السمراء عرضة لمساءلات وعقوبات من هذا القبيل، وهو ما لا يحتاج منهم إلي فطنة خاصة للوقوف ضده ووأده في المهد. قد تكون جنوب إفريقيا هي الأكثر صدقا في وقوفها إلي جانب عجوز هراريو سنين حكمه الممتدة لأكثر مما قضاه مانديلا في سجون الميز العنصري ولكن ذلك ليس مقنعا في المطلق فمحاربة الهيمنة الأجنبية والوقوف في وجه سعي الدول الغربية، وأساسا بريطانيا، لتصفية حساباتها مع من أطردهم من أراضي بلاده ومنحها لفقرائه ليست سببا وجيها لتأبيد حكم موغابي الذي تجاوز الثمانين والذي كان يفترض أن يتقاعد احتراما لماضيه النضالي واحتراما لشعبه بالخصوص. إذ لا يعقل أن هذا الشعب الذي حكمه أب الاستقلال عن بريطانيا لثمانية وعشرين عاما لا يستطيع أن يعثر علي الرجل المناسب لحكمه من بعده بحيث يتحول معه حكم موغابي إلي قدر محتوم إلي أن تحين ساعة الرجل ويلتحق بجوار ربه. وأمام هذا العناد والتشبث المرضي بالحكم، والذي وصل حد التصريح بأن المعارضة لن تحكم البلاد ما دام هو حيا، ستفتح الباب من جديد أمام عدد من القوي الكبري ليس فقط لتسليط المزيد من العقوبات، فهذا تحصيل حاصل، وإنما لإعادة الحياة من جديد لمبدأ التدخل المباشر والفعلي في الشؤون الداخلية للدول الذي كان يتم في السابق لاعتبارات إنسانية، كما يقولون، أما الآن فلاعتبارات ديمقراطية. هنا يكفي الاستماع لما قاله وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، أحد أشرس المدافعين عن التدخل الإنساني وذلك حين عبر عن استيائه من تراجع في حق التدخل في مواجهة من يتحصنون بالسيادة الوطنية في زيمبابوي ولهذا سنحاول تولي هذه المسألة مجددا ونعتقد أنه فوق سيادة الدول هناك حقوق الإنسان . (*) كاتب وإعلامي تونسي مقيم في الدوحة ا (المصدر: صحيفة ‘القدس العربي’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 2 جويلية 2008)  
 

الإسلام والغرب: المحطّات الخَمْس

 
بقلم: د. عبد الله فهد النفيسي   لم يتسلّل إلينا الغرب تسلّلاً ولم يتحاور معنا تحاوراً ولم يفتتح علاقته معنا تاريخياً بغصن الزيتون، بل أول ما شاهدناه من الغرب هو قوة النار والمدافع والأساطيل والقدرة على احتلال أراضينا والاستيلاء على مقدّراتنا من خامات ومعادن وممرات مائية وبرية، وما يرافق الاحتلال من قتل وتهشيم وتكسير عظام وتهجير قسري. حدث ذلك في الحملات البريطانية والفرنسية والهولندية والبرتغالية والإيطالية التي غطّت جغرافية متسعة من العالم الإسلامي، امتدّت ما بين نواكشوط وجاكرتا. فإذن، المحطّة الأولى هي محطّة العُنف والاحتلال والإستلاء. – أمّا المحطّة الثانية فكانت محطّة التجزئة وتقطيع الذّبيحة الى أشلاء وشظايا. وبعد أن كان الراكب يمضي في طريقه دون عوائق ما بين المغرب والبحرين أيام الدولة العثمانية، يتعيّن عليه الآن أن يتوقف عند حدود كيانات جديدة كثيرة لم تكن موجودة بصورتها الحالية. لقد عملت قوى الاحتلال الغربي على تكريسها وترسيخها من خلال تقاسم النفوذ الذي حصل ما بين الإنكليز والفرنسيين والايطاليين، ولاحقاً الأميركان في المنطقة. لقد حرص الغرب على تكريس هذه التجزئة وعلى الترحيب بظهور كل شظيّة جغرافية جديدة، فسمّاها دولة وأعطاها مقعداً في الأمم المتحدة وحضّر لها دبلوماسياً وسياسياً، وشجّع كل الحركات الانفصالية في الكيانات القائمة، وأمسك خيوط تلك الحركات بيده لتحريكها متى شاء وبالاتجاه الذي يشاء. ولو زرت الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة أو فرنسا أو ايطاليا وغيرها من الأقطار الغربية، ستجد مكاتب لحركات انفصالية تنادي بتجزئة ما سبق أن تجزّأ وتشظّى على يد الاحتلال الغربي (انظر مثال سنغافورة عام 1965 وتيمور الشرقية عام 1996 وهي أمثلة قريبة تاريخياً). علماً بأن كلتا الحالتين تعتبران مؤامرة غربية واضحة على الوحدة الترابية لبلدين مسلمين مهمّين: ماليزيا وإندونيسيا. – أمّا المحطّة الثالثة فهي محطّة التغريب Westernisation وخلاصة ومحصول هذه المحطّة واستهدافها هو صناعة (نُخبة مُتغرّبة) Westernised elite تقوم مقام (الوكيل الفكري Intellectualgent) ويقوم الغرب بتنصيب هذه النخبة على الحكم وحمايتها والترويج لها وإلباسها لبوس الشرعية الواقعية De facto والتحضير السياسي والدبلوماسي لنسج علاقات هذه النخبة (بالمجتمع الدولي) والمجتمع الدولي هنا المقصود به (دول المركز) في (النظام الدولي)، يتبع ذلك بالتواتر علاقات النخبة بدول الأطراف في النظام الدولي. قد تكون هذه النخبة (عائلة حاكمة) تتوارث الحكم، أو (مجموعة عسكر)، أو (حاكماً فرداً)، أو (حزباً حاكماً) أو غير ذلك من الترتيبات. المهم أن تنشط هذه النخبة في حماية مصالح الغرب في الكيان المستجد وترويج الرؤية الغربية Western Vision لدى العامة. لقد افتتح الغرب الأمريكي والأوروبي مراكز تدريبية لهذه النُخب وأعوانها من المتكلمين بالعربية والذين يدينون ظاهراً بالاسلام، أمّا ولاؤه فهو لعواصم الغرب. هذه العملية (التغريب) تقتضي مقاومة وتجفيف منابع الالتزام الإسلامي واغلاق مدارس ومراكز تحفيظ القرآن ومقاومة اللغة العربية الفصحى التي تجد قاعدتها المنطقية واللغوية في القرآن الكريم وإشاعة مناخات وفضاءات مصطنعة للاحتفال بأعياد غريبة عنا كالاحتفال بعيد الفالنتاين (14 شباط)، ويا له من منظر مضحك مبك أن ترى البدوي في الخليج والجزيرة العربية، الذي لا يكاد يستطيع أن (يفكّ) الخط بلغته العربية يلصق على زجاجة سيارته مُلصق St. Valentine’s. انها محاولة صهر هذا البدوي الممعن بصحراويته ضمن قالب التغريب، وتوظيفه – دون أن يشعر – في خدمة النفوذ الغربي (وخاصة الأمريكي). – أما المحطّة الرابعة فهي محطّة (الالحاق الاقتصادي) وهي محطّة تستهدف توظيف كل مقدّراتنا الاقتصادية (نفط وغاز وقطن ومحاصيل غذائية وموادّ خام) لرفد وخدمة وتسيير الاقتصادات الغربية، والحؤول دون أن توظّف تلك المقدّرات لبناء القواعد الانتاجية في  أقطارنا الإسلامية. فالنفط والغاز في الخليج والجزيرة العربية – وهو السلعة الاستراتيجية الوحيدة في تلك المنطقة ما زال يباع للغرب بصورته الخام دون أن نستثمره أو على الأقل نتوسع في استثماره لبناء القاعدة الانتاجية العريضة التي من الممكن بناؤها في هذا المجال وتدريب الموارد البشرية عندنا على ذلك. وبرغم قابلية الأقطار العربية والإسلامية لزراعة الحبوب والقمح خاصة لتحقيق المستوى الأدنى من الأمن الغذائي، إلاّ أن الغرب يسعى للضغط على الدول الإسلامية عموماً لعدم زراعة الحبوب – والقمح خاصة – واستيراد ذلك من الغرب وخاصة من الولايات المتحدة، ومن يشذّ عن ذلك يتم تنبيهه وتحذيره وربما تهديده. وقد حصل ذلك مع المملكة العربية السعودية عندما قرّرت إبّان عهد فيصل بن عبد العزيز رحمه الله زراعة القمح والتوسّع في ذلك لتحقيق الأمن الغذائي، وعندما زار كيسنجر الرياض عام 1975 لمؤاخذة العاهل السعودي على إيقاف تصدير النفط للولايات المتحدة احتجاجاً على تأييد الولايات المتحدة لاسرائيل خلال حرب 1973، قام كيسنجر بإثارة موضوع القمح السعودي، وطلب الكف عن زراعة القمح، ولكن العاهل السعودي رفض طلب كيسنجر وأكّد على أهمية الأمن الغذائي لبلاده، ولذلك كانت العلاقات الغربية – السعودية في تلك الفترة متوترة للغاية، ولم تنفرج إلاّ بعد مقتل المرحوم بإذن الله فيصل بن عبد العزيز، ولا نستبعد أن يكون للغرب ضلع في مقتله لأنه – رحمه الله – كان نموذجاً قيادياً يؤكد على استقلالية القرار الإسلامي خاصة في السنوات الأخيرة لحكمه، ويجري ذلك على العلاقات الاقتصادية مع الغرب ورفضه لعملية الإلحاق الاقتصادي. – أمّا المحطّة الخامسة والأخيرة فهي محطّة إقامة (الكيان الصهيوني: إسرائيل) في قلب المنطقة؛ وهو كيان وظيفي Functional مهمته في المنطقة الحفاظ على (مُنجزات) المراحل الأربع السابقة: تهشيم أي مقدرة عسكرية لدى العرب تمكّنهم من المقاومة والمُمانعة ومعاكسة مشاريع دول المركز (US + EU)، وإدامة حال التجزئة العربية وتشجيع المزيد منها ومحاربة أي حالة وحدوية بين العرب وإدامة حال التغريب وتقوية تياراته الثقافية والسياسية والفكرية، وإدامة حال الإلحاق الاقتصادي للغرب ودمج الاقتصادات العربية لخدمة الاقتصادات الغربية. إذن مهمة الكيان الصهيوني في محصولها النهائي هي خدمة شاملة لحماية مصالح دول المركز في المنطقة وإزالة أية عقبات في طريقه،  ويُخطئ من يفصل الاستهدافات الصهيونية عن الاستهدافات الغربية، وكذلك يُخطئ من يظن – مجرّد ظن – أن الصهاينة يتحركون في المنطقة العربية والاسلامية بمعزل عن توجيه وإملاءات دول المركز (US + EU)، فالكيان الصهيوني في محصوله النهائي ليس إلاّ هراوة بيد دول المركز، ويبدو أنه بعد احتلال الأمريكان للعراق عام 2003 انتفت وظيفة الكيان الصهيوني الى حدّ ما، ولذا تحرص الادارة الأمريكية الحالية على تعويم الكيان الصهيوني في المنطقة وترويج القبول به عن طريق التطبيع المتدرّج معه تحت مبررات شتى: الواقعية والعولمة والشرق الأوسط الكبير وعالم السّلم لا الحرب وثقافة التعايش لا التنافر والحوار، وغير ذلك من المصائد الفكرية والنفسية. الغرب هو الذي أسَّس الكيان الصهيوني وزرعه في المنطقة العربية، والغرب هو الذي قام بالتحضير السياسي والدبلوماسي والأممي لقيام الكيان الصهيوني والاعتراف الدولي به (وعد بلفور 1917 وقرار التقسيم في الأمم المتحدة 1947 والدعم الفرنسي والبريطاني والأمريكي والغربي عموماً للكيان منذ قيامه حتى الآن (1948 – 2008)، من إنشاء مفاعل ديمونا النووي بدعم فرنسي الى تسليح الجيش الصهيوني بريطانياً وأميركياً، الى غطاء أمريكي وبريطاني في مجلس الأمن وغير ذلك، الى الجسور الجوية في كل الحروب التي قامت بين الكيان والعرب). الغرب هو الذي يحرّك الكيان الصهيوني وهو الذي يوقفه عند حدّه إذا أراد (راجع إن شئت موقف إدارة أيزنهاور عام 1956 من الاعتداء الثلاثي على مصر) الغرب هو الذي حقق التفوّق العسكري الصهيوني على العرب وهو الذي يحافظ على إدامة هذه الحالة: تغذية النزاعات الخفيفة المحدودة بين الصهاينة والعرب، والتدخل من خلالها للتحكم والسيطرة. – سنلاحظ ونحن نراقب المحطّات الخَمْس أنها تعكس عداوة تاريخية مُستدامة للإسلام والعرب والمسلمين، وإذا كان ثمة (ثقافة كراهية) فقد كانت وما زالت عنده. وإذا كان من هو بحاجة لإصلاح صورته فهو الغرب بعينه. فدموية الغرب في المحطة الأولى (محطّة العُنف) وحملاته العسكرية على العالم الإسلامي ما بين نواكشوط وجاكرتا خير دليل. وخبث الدوائر الاستراتيجية وأجهزة القرار الغربية في المحطة الثانية (التجزئة)، كمثال سايكس – بيكو، مؤشر تاريخي قوي على موقف الغرب من وحدة الأمة السياسية والثقافية والترابية – وأمّا المحطة الثالثة (التغريب) فكانت حرباً سافرة وظاهرة على الإسلام ولغته العربية، بحيث نجد الحاكم العسكري – الفرنسي للجزائر يحكم بالإعدام عام 1937 على مجموعة مواطنين جزائريين لأنهم خاطبوه بكتاب رفعوه اليه باللغة العربية، مؤكداً أن الجزائر تراب فرنسي وأنهم بذلك ارتكبوا خيانة عظمى. انظر وتفكّر. وأما المحطّة الرابعة (الإلحاق الاقتصادي) فكانت محطة سلب ونهب لمقدّرات المنطقة (وما زالت هذه السياسة مُطبقة في كثير من العالم الاسلامي) والحاق اقتصاداتها بالاقتصاد الغربي عوماً والأمريكي خصوصاً. أمّا المحطة الخامسة (قيام الكيان الصهيوني) فكانت بمثابة اعلان حرب على الأمة العربية والإسلامية، دائم وثابت ومستمر. – ومن خلال استعراض كتابات دوزيه Doze وراينهارت Reinhart وغولدزيهر Goldzeiher ولامانس  Lamans وسورديل  Sordell ووات Wat ورودنسون Rodinson وغيرهم كثير، سنلاحظ أن هؤلاء جميعاً أنكروا الوحي الذي تنزّل على محمد |، وأنكروا نبوّة محمد |، بل وتطاولوا منذ قرون الى سبّ النبي |، وأنكروا دور المسلمين في الانجازات الحضارية (في ميدان الطب والفلك والرياضيات والجغرافيا وغيرها) وأكَّدوا – لتمكين موجة التغريب – أن سبب تخلّف المسلمين هو الإسلام ذاته، ومعظم كتاباتهم في حقيقتها وجوهرها اتجهت نحو محاولة تقويض أساس العقيدة الإسلامية: الكتاب الكريم والسنة الشريفة. فالنزعة الغربية المضادة للاسلام ورسول الإسلام | نزعة قديمة وراسخة وليست جديدة أو عابرة.  
المصدر مجلة أمان البنانية بتاريخ 27 جوان 2008  


ساركوزي يخالف معاهدة برشلونة ويتخلى عن سياسة حقوق الانسان

 

 
ايمانويل اسبانيول (*)  وبياتريس باتري (**)     يرسم استقبال باريس الرئيس الليبي وزيارة الرئيس الفرنسي الى تونس مرتين على التوالي في خلال ثمانية أشهر، ودعوة الرئيس السوري الى احتفالات 14 تموز (يوليو) بباريس، معالم اتفاق شراكة المتوسط بريشة الاليزيه. ويخالف الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، الاوروبيين واتفاق برشلونة في الرأي حول صيغة حقوق الانسان الواردة في المعاهدة الاوروبية. وفي النسبة الى الاوروبيين، التقارب بين ضفتي المتوسط والانفتاح  الاقتصادي بينهما هو رهن بلوغ أهداف معاهدة برشلونة والتزام معاييرها. وعلى رغم عيوب السياسة الاوروبية، أفضت الفلسفة الاوروبية الى خطوات عملية. فالاتحاد الاوروبي يموّل المساعدات الانسانية في قطاع غزة. وهو من فرض اتفاق وقف الاعمال العدائية بين لبنان واسرائيل في 2006، ومن ندد بالتلاعب في الانتخابات بمصر، ومن يرسل مندوبين لمراقبة محاكمة المعارضين بسورية. وساندت فرنسا عصبة حقوق الانسان التونسية في وجه القمع البوليسي. ويبدو أن ساركوزي ترك العمل بوحي الفلسفة الاوروبية. فهو هزئ بهذه الفلسفة في تونس، وقال أن الخيار المتاح أمامه هو بين الانظمة القائمة و»طالبان المغرب». وتقرّب من الرئيس الليبي، ورحب بالرئيس السوري. ويضفي نهج ساركوزي شرعية على سياسات قمع حقوق الانسان واعلان «حالة الطوارئ وتطبيق الاحكام العسكرية»، وتقييد حرية الرأي. وتقوض هذه السياسات أسس المجتمعات المدنية المتوسطية، وتقمع التيارات المعتدلة والليبرالية والاشتراكية – الديموقراطية فيها. وتلحق الضرر بهذه المجتمعات أكثر مما تقمع الـ»طالبانيين» المفترضين. وسياسة ساركوزي تنذر بتقهقر الشراكة الاوروبية – المتوسطية، وبازدياد هامش تقييد الحريات. ففي ختام زيارات ساركوزي الرئاسية، شعر الناشطون التونسيون في حقوق الانسان بالعزلة، في حين أن اللبنانيين تخوفوا من أن يدفعوا ثمن خيانة فرنسا لهم، اثر انفتاحها على سورية. ويؤجج خطاب ساركوزي مخاوف الفرنسيين. فهو يلوح بأخطار «داهمة»، على غرار وجود 400 مليون أفريقي في سن دون السابعة عشر، ويتذرع بها لتبرير سياساته ولنقل ملف المهاجرين الافارقة الى دول المغرب العربي. ويفصل ساركوزي مشروع الشراكة من اجل المتوسط عن السياسة، ويحوله الى مجموعة جغرافية خاوية الوفاض من مشاريع سياسية. ويبدو أن ساركوزي يولي الاهتمام بالتقاط صورة له مع أصدقائه الرؤساء في 13 تموز، عوض الاكتراث بمصير العلاقات الاوروبية – المتوسطية  المشتركة، بعد عشرين عاماً.    (*) مؤرخ، (**) نائبة أوروبية اشتراكية. عن «ليبراسيون» الفرنسية  26/6/2008 (المصدر: صحيفة ‘الحياة’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 2 جويلية 2008)  


بينما تؤمن بوحدانية لسانها في بلادها وتعتبر الاعتراف باللغات الجهوية بلقنة للجمهورية.. فرنسا تعمل علي تعدد اللغات في المغرب العربي

 
عثمان سعدي (*) رفض مجلس الشيوخ الفرنسي يوم 18/06/2008 الاعتراف باللغات الجهوية بفرنسا، وذلك بإضافة مادة بالدستور تعترف بهذه اللغات كلغات وطنية، ونص التعديل الدستوري المطلوب: إن اللغات الجهوية تنتمي إلي التراث الوطني للأمة . رفض مجلس الشيوخ اقتراح هذا التعديل، واعتبر الاعتراف بهذه اللغات تهديدا للوحدة الوطنية.. وقد جاءت فتوي الأكاديمية الفرنسية أي مجمع اللغة الفرنسية الشهير متفقة مع قرار مجلس الشيوخ. ففي فرنسا عدة لغات جهوية منها: البروتون، والجرمانية، والكاتالينية والباسكية، والكورسية، والأويل، داخل فرنسا؛ كما توجد لغات بخارج فرنسا بالمناطق التي تتبع السيادة الفرنسية كلغات الكاراييبي، ولغة الكاناك وغيرها. والذين يؤيدون الاعتراف بهذه اللغات يعتبرون عدم الاعتراف مخالفة لميثاق أوروبا حول لغات الأقليات التي ترفض دائما الحكومة الفرنسية المصادقة عليه. ومن المعلوم أنه سبق أن جرت محاولة الاعتراف بهذه اللغات في حزيران (يونيو) سنة 1999 علي يد رئيس الحكومة الاشتراكي ليونيل جوسبان، لكن الرئيس جاك شيراك رفض، وعرض الموضوع علي مجلس الوزراء الذي رفض اقتراح جوسبان، وخرج السيد شوفينمان وزير الداخلية من الاجتماع ليعلن: الاعتراف باللغات الجهوية معناه بلقنة فرنسا . العربية عقيلة حرّة لا تتحمل ضرّة: لكن فرنسا التي ترفض التعددية اللغوية ببلادها، تعمل علي التعددية اللغوية بالمغرب العربي، فقد أوجدت لوبيا فرنكفونيا ببلدان المغرب العربي الأربعة: الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا ومولته، وأسست الأكاديمية البربرية بباريس سنة 1967 بهدف منع إعادة الاعتبار للغة العربية واستمرار هيمنة اللغة الفرنسية علي إدارة الدولة، وخلق ضرة للغة العربية وهي الأمازيغية ـ البربرية تدخل في صراع معها لصالح اللغة الفرنسية. فرنسا تقول بأن بالمغرب العربي ثلاث لغات لا لغة واحدة وهي الفرنسية والعربية الفصحي والعربية الدارجة. وأذكر مقولة للشيخ البشير الإبراهيمي أحد رجال الإصلاح الكبار في الحركة الوطنية، حيث يقول: العربية عقيلة حرة لا تتحمل ضرة لقد أصدرت الدولة الجزائرية قانون تعميم استعمال اللغة العربية ووقعه الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد المؤمن بالعربية والعروبة في 1991 . لكن ما ان صدر حتي شنت فرنسا حملة عليه، وتحرك النواب الفرنسيون في البرلمان الأوروبي فأصدروا قرارا ضد القانون الجزائري، وأوعزت فرنسا للوبي الفرانكفوني المندس بإدارة الدولة الجزائرية بمحاربته، وترضخ الإدارة الجزائرية فتضع قانون العربية في ثلاجة؛ وقامت سنة 2002 بجمع البرلمان بغرفتيه الذي أصدر تعديلا للدستور يعتبر فيه اللغة الأمازيغية لغة وطنية، متجنبة إجراء استفاء لأن الشعب كان سيرفض. واللوبي الفرانكفوني البربري لم يكتف بذلك بل طالب بأن تعتبر الأمازيغية البربرية لغة رسمية في مستوي واحد مع اللغة العربية، وإذا رُسّمت اللغة الأمازيغية سيطالب بإلغاء اللغة العربية لأنها في نظره لغة دخيلة. وهذا الوضع اللغوي بالجزائر لا يضاهيه سوي الوضع اللغوي بالعراق تحت الاحتلال الأمريكي حيث فرض أن تعتبر اللغة الكردية لغة وطنية ورسمية. وفي المغرب الأقصي نفس مسألة الأمازيغية تجري وبخطورة أكثر، تكونت الأكاديمية الأمازيغية، والبربريون يطالبون بأن ترسم اللغة الأمازيغية، الفرنسية مسيطرة، والعربية مهمشة، واللوبي الفرانكفوني متحكم في رقاب الدولة المغربية، من خلال هيمنة اللغة الفرنسية علي إدارة الدولة. علما بأن المسألة الأمازيغية بالمغرب الأقصي أخطر منها في الجزائر لأن نسبة الأمازيغ ـ البربر للشعب المغربي عالية تتجاوز الخمسين في المئة بينما هي في الجزائر لا تتجاوز اثني عشر في المائة. والبربر بالمغرب متواجدون في مناطق فقيرة، بينما العرب متواجدون بالسهول الخصبة؛ أما فئة القبايل البربرية التي تطالب بحقوق البربر في الجزائر فهي مستفيدة من الثروة الوطنية أكثر من العرب. توجد بالجزائر اثنتا عشرة فئة بربرية، إحدي عشرة منها لا تري للعربية بديلا، بينما جاءت فئة القبايل مخالفة بسبب انتشار اللغة الفرنسية والتنصير بها. وإذا انفجرت المسألة الأمازيغية بالمغرب سيكون انفجارها اجتماعيا لا سياسيا ثقافيا فقط. ومن المعلوم أن حكومة فرنسا أصدرت قانون حماية اللغة الفرنسية سنة 1994 تطبقه بصرامة، بمناسبة الذكري المائتين لقانون تعميم استعمال اللغة الفرنسية الصادر سنة 1794 في عهد الثورة الفرنسية، الذي ينص علي أن اللغة الفرنسية هي الأمة الفرنسية، وينص في مادته الثالثة علي ما يلي: ابتداء من تاريخ تموز (يوليو) 1794 كل موظف أو كاتب أو مسؤول يوقع قرارا أو وثيقة بلغة غير اللغة الفرنسة يطرد من الخدمة ويسجن ستة أشهر احتفلت فرنسا بذكري هذا القانون سنة 1994 وأصدرت قانون حماية اللغة الفرنسية الذي أخذ اسم (قانون توبون ) نسبة إلي وزير الثقافة الذي كان وراء صدوره. لكن فرنسا تحارب اللغة العربية بدول المغرب العربي الأربع، مبرهنة أنها ما زالت الدولة المستعمرة التي تؤمن بالاستعمار في العمق، وعمق الاستعمار هو اللغة والثقافة. أولا: ان الصهيونية بتأييد الامبريالية الأمريكية لها بعد أن تمكنت في القرنين الماضيين من بلقنة الوطن العربي، تعمل منذ عقود علي بلقنة الأقطار العربية قطرا قطرا. فبعد أن روضت الوضع العربي سياسيا واقتصاديا، اكتشفت أن أقوي رابط يربط بين العرب هو اللغة العربية، وما دام هذا الرابط قويا فلا يمكن لها تحقيق البلقنة القطرية، فعملت علي إضعاف هذا الرابط اللغوي من خلال خلق ضرات للعربية كالبربرية بالمغرب العربي، والنوبية بمصر والسودان، والكردية بالعراق وسورية والشرحية والسوقطرية باليمن اللتين يعمل المركز الثقافي الفرنسي الكبير بصنعاء علي إحيائهما، واللغة الهندية والإنكليزية بدول الخليج. ولا يمكن للعرب مواجهة هذا التآمر إلا بحماية ورعاية لغة الضاد والحد من سيطرة اللهجات العربية علي الفضائيات، وتعريب الطب والعلوم والتقنيات بالجامعات العربية اسوة بالجامعات السورية العظيمة. ثانيا: حتي الاتحاد من أجل المتوسط الذي تدعو له فرنسا، القصد منه خلق تجمع فرانكفوني بالمغرب العربي مرتبط بفرنسا، يقوّي اللوبي الفرانكفوني المسيطر علي إدارة الدول المغاربية الأربع، ليربطها بفرنسا ارتباطا يجعل اقتصادياتها تابعة للاقتصاد الفرنسي من خلال السوق المغاربية الكبيرة وفصل المغرب العربي عن المشرق العربي. ثالثا: من مآسي الأمة العربية أن لغتها غير معتني بها، لا تملك قاموسا ذا طابع قومي تجدد طبعته كل سنة، مثل قاموس العبرية التي يتحدث بها خمسة ملايين. دخْل الأمة العربية من النفط يبلغ قرابة خمسين مليار دولار سنويا، لماذا لا يخصص مليار واحد لخدمة لغة الضاد؟ فبهذا المليار تقام مؤسسة اللغة العربية التي تتفرع إلي: ـ فرع المعجم العربي بفروعه الأربعة: المعجم المتوسط والمعجم الموجز، والمعجم الكبير، ومعجم ألفاظ الحضارة . والقواميس المعربة للمصطلحات العلمية. ـ فرع الموسوعات بمختلف أنواعها، الأمة العربية لا تملك موسوعة واحدة بينما يملك اليهود الموسوعة العبرية، ويشارك علماؤهم في أكثر من عشر موسوعات عالمية، يحررون فيها حتي المواد المتعلقة بالتراث العربي والإسلامي. ـ فرع ترجمة أمهات الكتب العلمية والتقانية، إعدادا لتعريب تعليم العلم والتقنيات بالجامعات العربية. وأنا علي يقين أن هذه المعاجم والموسوعات والكتب بمجرد صدورها تباع وتسترد ما استثمر فيها. نحن العرب عملاق نائم، يعمل الغرب علي بقائه نائما. في القرن التاسع عشر عندما كانت الصين مخدرة في الأفيون بتآمر بريطاني، قال في ذلك نابليون بونابارت قولته المشهورة الصين طامة نائمة دعوها تنم، عندما تستيقظ الصين سترتعد فرائص العالم . وأنعم الله علي الصين بص يات صن فأحرق الأفيون، وأيقظ الصين فتحولت الآن إلي عملاق يهز أركان الغرب. فهل سيجود الله علي الأمة العربية بص يات صن عربي؟ (*) رئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية (المصدر: صحيفة ‘القدس العربي’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 2 جويلية 2008)

 

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

10 juillet 2004

Accueil TUNISNEWS   5 ème année, N° 1512 du 10.07.2004  archives : www.tunisnews.net المجلس الوطني للحريات بـتونس: الاعتداء البشع على نبيل

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.