الأحد، 7 مارس 2010

 

 

TUNISNEWS

 9ème année, N°3575 du 07. 03 . 2010

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادق شورو

وللصحافي توفيق بن بريك

ولضحايا قانون الإرهاب


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:زكية الضيفاوي : امرأة بلا حقوق ..في بلد حقوق المرأة .. !

خبر عاجل وسابقة خطيرة بباجة:الاعتداء بالعنف الشديد على الناشط السياسي عبد الحق العبيدي، عضو الهيئة المؤقتة لجامعة الحزب الديمقراطي التقدمي بباجة

معزّ الجماعي :المناضلة “غزالة محمدي” في إضراب رمزي عن الطعام

السبيل أونلاين :أحمد الغزواني ونجله المعتقل غيث يجريان عمليتين جراحيتين

هند  الهاروني:المراقبة الأمنية تشمل يوم الأحد

من سجين سابق إلى سجين حاضر من عبيد خليفي إلى حسن بنعبد الله :الـــوصايا

ابن انس التونسي :اسرانا الى اين

مدونتي الشخصية “من أجل شعب تونسي حرّ” تتعرض للحجب

الموقف:نفطة : مأساة عائلة “خمسة جامعيين معطلين عن العمل”

الصباح:فشل.. تأجيل وغضب في جلسة صندوق المحامين

افتتاحية “الموقف”:دولة القانون في خطر

صلاح الجورشي :برنامج تلفزيوني يحقق ما عجزت عنه منظمات

الصباح:منشطون، إعلاميون وخبراء في ندوة الصباح نعم للجرأة في التلفزة… لا للتجاوزات والرقابة المقنــّعة

المرصد التونسي :النقابة الأساسية للخطوط الجوية التونسية بالمنستير وحمى الانقلابات وتغيير المسؤوليات

خــالد الطراولي :في معاقل الاستبداد النكتة السياسية تبحث عن بسمة

نزار بن حسن:إلى من يهمّه الأمر : الرّسالتين 15 و16

الصباح:نسبة الممنوحين لا تتجاوز 12 بالمائةـ 23 ألف طالب ـ باحث لا يتمتعون بالمنحة ويتهمون المعدل والمحاباة

الرئيس بن علي: المرأة التونسية أصبحت اليوم رمز الحيوية والحداثة وحصنا حصينا ضد تيارات الرجعية والتطرف

حسن بن عثمان:تبادل الأدوار؟

 محمود البارودي، :هل تكون البنوك الإسلامية في تونس نسخة من المصارف التقليديّة؟

رويترز :تعديل فرنسي لإصدار السندات الإسلامية

    رشيد خشانة :الإعتذار عن الحقبة الإستعمارية مازال يُسمّم العلاقات الفرنسية المغاربية

الحياة:الجزائر تعوّض آلاف العمال الذين طُردوا لانتمائهم إلى «الإنقاذ»

العرب:مصر تمنع قيادياً بحماس من الإدلاء بأقواله في قضية مقتل شقيقه

رويترز:ميشال نوفل: تركيا تعود الى الشرق “معثمنة”


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


 منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

 
جانفي 2010


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس : e-mail aispptunisie@yahoo.fr تونس في 07 مارس 2010 زكية الضيفاوي : امرأة بلا حقوق ..في بلد حقوق المرأة .. !

إمتنعت محكمة الإستئناف بقفصة عن تسليم  محاميي السجينة السياسية السابقة السيدة زكية الضيفاوي ( الصحفية و أستاذة التعليم الثانوي )  نسخة من الحُكم القضائي الصادر بتاريخ 15 سبتمبر 2008  و القاضي بسجنها مدة 4 أشهر ونصف نافذة ، بعد تقدمها بطلب في الغرض من أجل تقديم نسخة الحكم كمؤيّد ضمن ملف التظلم الذي تقدمت به لدى المحكمة الإدارية للإعتراض على قرار شطبها من وظيفة التدريس بالتعليم الثانوي الذي كانت اتخذته وزارة التربية دون عرض الأمر على  مجلس التأديب مثلما ينصّ على ذلك القانون . وقد قررت السجينة السياسية السابقة زكية الضيفاوي خوض إضراب جوع بيوم واحد يوم 8 مارس الجاري احتجاجا على حرمانها من حق العمل الذي يأتي في إطار سياسة عقابية تمارس ضدّها على خلفية نشاطها الحقوقي والصحفي حيث طالها السجن والهرسلة البوليسية فضلا عن البطالة . إن الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين : – تطالب بتمكين السيدة الضيفاوي من حقها في تقديم المؤيدات اللازمة ضمن ملف تظلمها المرفوع لدى المحكمة الإدارية واحترام حقها في الدفاع . – تعرب عن تضامنها مع مطلبها الشرعي في العودة إلى العمل ورفع سيف التجويع المسلط عليها عقابا لها على أفكارها وآرائها .   عن الجمعية الهيئـــة المـــديرة


خبر عاجل وسابقة خطيرة بباجة: الاعتداء بالعنف الشديد على الناشط السياسي عبد الحق العبيدي، عضو الهيئة المؤقتة لجامعة الحزب الديمقراطي التقدمي بباجة

 


يعلن مكتب الهيئة المؤقتة للحزب الديمقراطي التقدمي بباجة أنّه وعلى الساعة السابعة مساء هذا اليوم 05 مارس 2010 ، تعرض الناشط السياسي عبد الحق العبيدي بباجة إلى الاعتداء بالعنف الشديد من طرف شخصين، تعمدا التحرش به و ملاحقته في الطريق العامّ، حيث تعمد الشخص الأول الارتطام به وهو يرافق زوجته قصد استفزازه ولكن عبد الحق وحرمه لم يعيرا الأمر أهمية وأوقف عبد الحق سيارة أجرة استقلتها قرينته وذهب إلى المقهى، وهناك تعمد نفس الشخصين مهاجمة المناضل عبد الحق وكالوا له ضربات شديدة في مستوى الرأس ولكمه احدهم على عينه اليمنى، ودارت الأحداث على مرأى و مسمع عون شرطة كان يراقب تحركات عبد الحق و مسك الشخصان المتضرر من ثيابه و بمعية عون الأمن اقتادوه الى مركز الشرطة بباجة، وهناك، وقع تسريح الشخص الذي لكمه وتحفّظوا على الثاني واستجوبوه، حيث أنكر كل ما نسب إليه رغم وجود أكثر من مائة شاهد بشارع فرنسا داخل و خارج المقهى. والجدير بالذكر ان أعضاء المكتب المؤقت لجامعة باجة قد تحولوا بكاملهم صحبة زوجة عبد الحق وابنه الاكبر الى المستشفى حيث وقعت الكشوفات والتحاليل بالقسم الاستعجالي بمستشفى باجة وقرر الطبيب إرسال عبد الحق لمستشفى الرابطة (قسم الأعصاب) للتأكد من نتائج الكدمات التي برأسه ووجهه، اذ لاحظ الطاقم الطبي حالة الهبوط والآلام التي يعاني منها عبد الحق. إننا نندد بمثل هذه الممارسات المتخلفة للجهة التي خططت وبرمجت هذا الاعتداء ونُصرّ جميعنا على التوجه للقضاء للكشف على هوية المعتديين وتحميل المسؤولية الكاملة لكل من دفع بهؤلاء المرتزقة للإعتداء على ناشط سياسي ونُحذر من ظاهرة الإنفلات الأمني الذي تعاني منه مدينتنا منذ زمن، كما نتمنى الشفاء العاجل للأخ عبد الحق العبيدي الذي بدأ الأول في دفع فاتورة الاختلاف السياسي بباجة. عن الهيئة المؤقتة لجامعة الحزب الديمقراطي التقدمي بباجة شكري القسطلي، المكلف بالإعلام (المصدر: موقعpdpinfo.org  (محجوب في تونس) بتاريخ 6 مارس 2010) لمشاهدة الصور: http://pdpinfo.org/spip.php?article52255  


المناضلة “غزالة محمدي” في إضراب رمزي عن الطعام

قررت الناشطة الحقوقية و السياسية “غزالة محمدي” تنفيذ إضراب رمزي عن الطعام غدا 8 مارس 2010 للمطالبة بحقها في الشغل بعد رفتها من العمل على خلفية نضالها الحقوقي . و يتزامن تاريخ الإضراب مع اليوم العالمي للمرأة معزّ الجماعي


أحمد الغزواني ونجله المعتقل غيث يجريان عمليتين جراحيتين


فيديو..شهادة أحمد الغزواني تحمل صرخة مدوية ضد القهر الذي يتعرض له وأسرته   السبيل أونلاين – تونس – خاص   http://www.youtube.com/watch?v=JQH2F8_QPCI    بعد إعتقال الشاب سجين الرأي السابق غيث الغزواني بتاريخ 03 مارس 2010 ، هاتفت إدارة مركز الإيقاف بالقرجاني بالعاصمة التونسية اليوم السبت 06 مارس والده السيد أحمد الغزواني لتعلمه بأن إبنه سيحال يوم الإثنين على أنظار محكمة تونس .   والجدير ذكره أن الشاب غيث الغزواني غادر السجن يوم 13 ديسمبر 2009 ، بعد أن أمضى 4 سنوات ونصف ، وأثناء سنوات سجنه أصيب بعدّة أمراض خطيرة منها السلّ والحساسية وضيق التنفس الحاد ، وقد باشر العلاج منذ شهرين بمستشفى أريانة للأمراض الصدرية وقد وصف له الأطباء مجموعة من الأدوية ، وحددوا له تاريخ 8 مارس الجاري لإجراء عملية جراحية ولكن إعتقاله حال دون ذلك .   ونشير أن والده السيد أحمد الغزواني قد أصيب من جراء الضغوط أثناء فترة سجن إبنه بجلطة قلبية وبمرض السرطان ، وقد أدخل اليوم السبت 6 مارس إلى المستشفى للإجراء عملية جراحية .   وقد صرّح للسبيل أونلاين بأنه يخشى على إبنه غيث من تعكر صحته وتعرضه لخطر محدق بعد إعتقاله . كما عبّر عن إنشغاله لحال زوجته التى أصيبت بذهول وصدمة حادة خاصة أنها مصابة بمرض السكري ، أما إبنته فقد لازمت الفراش منذ إعتقال شقيقها ، وقد حمّل السيد أحمد الغزواني مسؤولية ما قد يصيبه ونجله من جراء الضغوطات التى يتعرضان لها خاصة أنهما مقبلان على إجراء عمليتين جراحيتين لأمراض مستعصية وخبيثة ، وحمل السلطة المسؤولية الأولى والأخيرة عن حياتهما ، ودعا كل النشطاء والحقوقيين في الداخل والخارج إلى مساندته وإبنه في ما يتعرضان له من مظلمة .   من مراسلنا في تونس – زهير مخلوف   (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 07 مارس 2010)  


المراقبة الأمنية تشمل يوم الأحد


هند  الهاروني تونس بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد صادق الوعد الأمين تونس في الأحد 21 ربيع الأول 1431-7 مارس 2010 ، اليوم  الأحد  7 مارس ، 2010 تواجدت أمام بيتنا  في الكرم الغربي نفس السيارة المدنية البيضاء نوع فورد 4- أبواب- رقم 8821  تونس 122.


من سجين سابق إلى سجين حاضر من عبيد خليفي إلى حسن بنعبد الله الـــوصايا

 


مرّت الليلـة الأولى يا حســن.. والثانية نمضيها معا، نبكي حالنا…. ونبكي حالهم بـلا شجن، ستمرّ الليالي بلا وسن تلامس فيها أطياف الوطن…سنجتـاز الجسر نحو ضـفّـة الجوع والمحـن… هل كنت تحتاج هـذا الامتحان ليمنحوك صكّ الغفـران… خطفوك منّ بيننا في عزّ الفرحة والمشهد مغر بالفجيعة والخديعة… عاداتهم تلك من عوائدنا، لم نخجل منهم فالذي تعرّى مـرّة قد يتعرّى ألف مــرّة.. في الليلة الثالثة من سجنك الأبدي ستعرف أنهم ما خلقوك وما سجنوك لكنهم حرّروك من خوفهم الأزلي فينا… تعبت يديّ حين لم تتعب سياطهم على ظهورنا.. تعبت يديّ حين لم تتعب غرائزهم وهي تغتصبنا في اليوم ألف مــرّة.. لكم الأمر يا أولي الأمر…. لكم الطاعــة ولنا المجاعة، ووهبناكم أنفسنا… فبــئـس البـضاعـــة… في اللّيلة الرابعة حسـن ستتذكّـر أنّ هذا العالم أوسع من قاماتهم الفارعـة وهاماتهم الفارغة، وأنّك في سجنك أقوى من كل الذين حاربوك لحظة أسروك، عالمك الجميل يمـرّ عبر ثقب إبرة، ماذا لو حرموك من الشّفق المغري بالشهوة، لا تحزن يا حبيبي لا تحزن.. فالقمر يعرف كيف يتسلّل إلى الزنازين ويختلي بالعاشقين والنازحين.. يناجيهم حين يسلوهم عشقا مرمريّا عذبا.. القمر لا يبتسم إلا للرجال والجبال، وأنت يا حسـن رسمت بلدتك الرديف بين سفوح الجبال لتقيها حر الصيف وبرد الشتاء وبعضا من تلك الخيانات.. ضحكت منك تمشي هادئا وعقلك لا يكتظ بالمزايدات والحسابات.. إيه منك وجعي.. في الليلة الخامسة ستتذّكرني.. أنت قطعة منّي يا حسن.. أنت بضعة منّي.. كم أحبك قريبا منّي بعيدا عنّي.. الجدار سميك وهو يفصلنا، والمسار جميل وهو يجمعنا.. وقضبان السجون ساعة وجد وبكاء مجنون.. قضبان السجون أوجعتنا حين أوهمتنا أنّا فقدناك زمنا، أو ربّما سنفقدك إلى الأبــد.. الأرض تتّسع لنا جميعا، والوطــن أضيق من فم رضيع يتلمّس الحرف.. العرق يرشح بين أصابعي، ترتعش يدي.. يديّ ربّتك.. رعتـك.. أثمرتك.. لترسل أحلامك.. هناك حيث سخريّة السجّان وضحكة الغبي الجبان.. داخل السجن وخارجه الأمــر سيّان ونحن نحارب الأوثان… اللّيلة السادسـة تؤذن بالخراب والعذاب، تطلّ على الرقم المفزع الذي أبكى شعبا بأسره، لن تسأل عنّا يا حسن لا فرق عندنا بين المنحة والمحنة، ولا فرق عندنا بين الارتهان والامتحان.. سقف السجن ليس عاليا لامسته يديّ قبلك والثقب يهرّب نفسا ضعيفا كئيبا، تستطيع أن تتنفّس برئة واحدة وان تمنحنا الثانية لتكفينا عمرا آخـر.. لا تحزن حبيبي فمن أوجاعنا تعلّمنا كيف نعانق جبال الرديف الصامدة الشامخة.. لا تحزن فمثلك يولد فينا فرحـا طفوليّا ممزوجا بالحيرة والبسمة المتعبة.. في الليلة السابعة من سجنك ستلعن الأعداد الأرقام والحروف التي فقدت معناها بالألم والوجع المندوب بالتّرديد الماسخ، ستدرك أنّ فضاءهم تعفّن أكثر ممّا تراه بأم عينيك بين الزنازين والعزلة التي يهدّدك بها كبير السجّانين.. سبع ليال وسبعة أيام ولن تحكي لك شهرزاد قصّتك لكنّك ستحكي للغارقين في سباتهم عن دمك الذي يفور وعن شعب أٌعد له التنّور والقدور.. لم تكن يوما من أصحاب الولائم ولا الغنائم فكيف حاربت وحدك جيشا مهزوما مهموما.. سينقضي الأسبوع الأول يا حسن، ربّما تعوّدنا على النسيان، وربّما سكرنا وحبّرنا صفحاتنا بالهذيان، ستنقضي الأسابيع.. نحن من يعدّها سكاكين الزمن تجرحنا وتنحرنا والموت تحنّط فينا كالصخر فما عاد يخيفنا أو يرهبنا، وعليك أن تتعلّم كيف تحي في زمانك وفضاءك، وان تحارب عالمهم ولغتهم: آريــا، الشمبري، الزيارة، ألكرفي، الكونفة، الشّيبة، القفة، الممشى، الباكيا، اوتوروت، الكبران، حارس الليل… هم لا يحرسون الليل ولكنّهم يغتصبون النّور في اللّيـل.. عالمهم ضيّق يا حبيبي وعالمك أوسع فانهض لتحرق أوراقهم التي يبست، واكتب حروفك بين شوارع الرديف وأزقّتها وأنهجها الضيقة.. ولكم ركضت طويلا يا حسن، لم تهرب سوى من عينيك، ومن صورة ترجرج الصّخر من تحت قدميك.. وتجرّح اللّحم في أعيادهم الوثنيّة.. ربّك ربّك يقتفي أثرك في الرّمــل والملح ليكتب اسمك بين أسماء الأنبياء والأشقياء.. يا شقيّ الرّوح شقيّ التّراب.. من علّمك أن تكون شقيق التراب والجبال.. من علّمك أن تصغي للريح بلا مسار.. كيف المسار يا حبيبي.. كيف.. تحنّ إليك حبات التراب يا حسن.. عيون الأطفال.. غمزات الصبايا.. دمعات العجائز والشيوخ.. تحنّ إليك الجبال والسهول والأودية التي سكنتها هاربا من بطش الشيطان وزحف الجراد الأزرق، والنمل يسير خلفك ليمحو آثار قدميك.. حسن.. يا حسن حتى النمل يعشقك ويعشقني وقد كفر بسنابك خيل الأنبياء من قبل.. حروفي تندبك وأسمائي تكتبك أضعاف الأبجدية المنسية من معاجمهم.. المشهد لم يكتمل بعد، والشوق وجع النهار كابوس الليل، الشوق للرجال محنة الرجال.. أنت تشبهنا لكنّ طيفك يمنحنا غربتنا، وغيابك المضني ينهكنا عن مواصلة المسيرة، وعليك أن تضحك منهم ومنّا.. كلنا نربض في الحضيرة، ونقتات من بقايا الزّبل ونفترش الحصيرة.. أنت لا تعرف الدّمع.. لا طعمه.. لا لونه.. لكنّه ينزل بلا مواعيد آو أمنيات مجنونة.. كطفل يعدو على الشاطئ ثم يسقط لكنّه ينهض مرّة أخرى.. يتعب وهو يلعب.. يضحك ثمّ يغضب.. يركض ليهرب.. يجثو على ركبتيه ليرسم على الرمـل خطوطا مائلة ومتعرّجة.. رسم طائرة ثمّ بعثر الرمل ليرسم غولا له أنياب كبيرة ووجه بشع.. خاف ممّا رسمت يداه، فهرب نحو حضن أمّه.. ودسّ رأسه بين ذراعيها وأغمض عينيه… وحاول أن يطرد الصورة من ذهنه.. حسن.. يـــــــا حسن.. الرديف تشتاق خطوك.. سيرك.. ركضك.. وبسماتك نشتاق ونحلم.. الخوف يصنع الحياة في وطني، والكل يبحث عن الحقيقة ويدّعيها.. الرعب يملأ الطرقات والأزقة والنفوس والنوم أمنية الخائفين من المجهول.. وحدك تعرف مصيرك مذ كنت غضّا طريّا.. ولنا موعد قريب معا ومعهم.. كلّما نزفت جراحنا عرفنا أنّ الطريق في نهايته وأننا على تخوم الفرح الأزلي الأبدي….. عبيد خليفي سجين الحوض ألمنجمي نشر في صحيفة الطريق الجديــد في 6مـارس 2010  


اسرانا الى اين


بسم الله الرحمان الرحيم, الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على اشرف المرسلين و خاتم النبيين محمد صلى الله عليه و على اله و صحبه و سلما تسليما كثيرا اما بعد:  فقد اردت ان اطرح في هذه الاسطر القليلة موضوعا هو في الحقيقة يحتاج الى كتب و مؤلفات و هو شان من شؤون المسلمين الذي اهملوه كبقية شؤونهم الا وهو موضوع اسرى المسلمين و لن اتوقف على ما يعانيه اسرانا من مشاكل مادية و معنوية (فإن اي بيت من بيوت المسلمين اليوم على إطلاع كبير بما يعانيه السجين من هذه المشاكل كيف لا و هولا يكاد يخلو بيت من بيوتنا من سجين في قضية ما من القاضايا التافهة) و لكني اردت ان اعرض اكبر مشكلة تواجه اسرانا اليوم و هي خذلان الامة لهم نعم هذه اكبر قضية و اعظم مشكلة تواجههم.  اولا ساعرج على مكانة الاسير في الاسلام و ما يجب على المسلمين اتجاهه ثم ساعرض لكم بعض صور خذلان الامة لهم و كيف تركوا مقهورين مغلوبين على امرهم. الاسير المسلم وواجب المسلمين:   قال تعالى في كتابه الكريم [و المؤمنون و المؤمنات بعضهم اولياء بعض] و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في الحديث الذي رواه البخاري بسنده عن ابي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: [فكوا االعاني يعني الاسير _ _ و أطعموا الجائع و عودوا المريض] (فتح الباري 6 \ 3046) و روى البخاري ايضا عن ابي جحيفة رضي الله عنه قال: [قلت لعلي رضي الله عنه: هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله? قال: لا و الذي فلق الحبة و برأ النسمة ما أعلمه إلا فهما يعطيه الله رجلا في القران, و ما في هذه الصحيفة قلت: و ما في الصحيفة قال: العقل و فكاك الاسير و ان لا يقتل مسلم بكافر] (فتح الباري 6 \ 3047 ) قال ابن بطال: فكاك الاسير واجب على الكفاية و به قال الجمهور. و قال اسحاق ابن راهويه من بيت المال. و روي عن مالك ايضا. اذا فان فكاك الاسير من واجبات المسلمين بل يتعداهم من افراد الى جماعتهم. و لن اسرد لكم ما كان يفعله اسلافنا في مثل هذه القضية لفكاك اسرى المسلمين لاننا بعيدين كل البعد عنهم (ولا اقصد بعد الزمن و لافارق العهد و لكن لاننا ادنى منهم همما و اضعف عزما و اقل يقينا و ايمانا و ابعد منهم في الغيرة عن الدين و عن المسلمين كيف لا و قد سب رسول الله صلى الله عليه و سلم نبينا و قائدنا و اشرفنا و شفيعنا امام اعيننا و لم نحرك ساكنا فان لم تتحرك همتنا مع رسولنا فكيف بها مع من هو ادنا منه فينا) و لكن ساذكر حالنا معهم. ففي افغانستان و خلال الهجوم الاورو امريكي عليها قام بعض اهالي بكستان باعتقال العديد من المجاهدين العرب سواء الذين كانوا مقيمين في بكستان او الذين كانوا قادمين للمشاركة في مقاومة الغزو و الاحتلال و حتى بعض الذين شاركوا الباكستانيين في الدفاع عن كشمير, وقاموا ببيعهم للامريكيين “الرأس بخمسة مائة  500 دولار امريكي (نقلا عن برنامج شاهدته على احد القنوات الاخبارية و فيه شاهادات لبعض من قاموا بمثل هذا العمل الدنيئ). و في العراق و بعد احتلالها من قبل القوات الاوروامريكية نفس الشيء قام بعض اهالي العراق ببيع عناصر المقاومة عراقيين كانوا او من جنسيات اخرى الى القوات الامريكية (وصرحت الولايات المتحدة اليوم انها اعتقلت ما يزيد عن 90,000 شخص مشتبه بعلاقتهم بتنظيم القاعدة منذ احتلال العراق سنة 2003 الى !!!!) اليوم و ملؤوا سجن ابو غريب (غوانتناموا في ارض العرب) و الكل يذكر مشاهد التعذيب و التذليل و الاحتقار التي تجاوزت كل القيم وكل الابعاد الانسانية و التي غطوها بعلة انها عمليات فردية قام بها جنود دون تلقي اي اوامر ثم فضحهم الله تعالى و كشف ان كل ما حدث و يحدث بامر و تدبير من القيادة العليا. و في السجون و القواعد الامريكية في افغانستان ايضا لا يختلف الوضع كثيرا ان لم يكن اخزى و افضع مما هو عليه في العراق. وفي غوانتنامو المئات من الاسرى و الالاف من ادوات التعذيب و اشكالها (و لكم ان تقرءوا رسائل سامي الحاج مصور الجزيرة التي ذكر فيها امورا تبرز فاشية الدولة الامريكية) مما لا يخفى على احد و ادعاء حكومة باراك اوباما انه سيغلقه الا انه لم يذكر انه سيفرج عن الاسرى هناك بل ان حكومته قامت بتسليم العديد منهم الى دول اوربية مطلوبين فيها يعني تم فقط تغيير مكان الاسر و قد فرح بعض المغفلين من امتنا بهذه الانباء ضانيين ان امريكا ستفرج عن الاسرى باغلاقها لغوانتنامو. العديد من السجون السرية لوكالة الاستخبارات الامريكبة سي اي اي و هنا الطامة حيث ان معظم هذه السجون متواجدة في ارض المسلمين فحسب اخر تقارير الامم المتحدة فان مثل هذه السجون موجودة في كل من اليمن, سوريا, مصر, المغرب, الاردن هذا طبعا الى جانب دول اخرى لم تعلن الامم المتحدة عن اسمها او لم تسطتع ان تكشف امرها وفي هذا اكبر خيانة من حكوماتنا العميلة بلا استثناء لابناء شعبها و افراد امتها و رغم كشف الامم المتحدة لهذا الامر في تقاريرها إلا ان شعوبنا البالية لم تحرك ساكنا و كأنهم عموا عن هذا الامر او انهم جبنوا. دولنا العربية, فسجونها تعج بالاسرى ممن اطلقوا عليهم سجناء الراي و منذ عشرات السنين و الى اليوم فهي في امتلاء دائم و لم تعرف يوما طريقا للفراغ فقد عجت بالمؤمنين حتى ان الحكومات اصبحت مضطرة للعفو عن المجرمين من قتلة و سارقين و … لتجد فراغا تحبس فيه المسلمين ممن سموهم ظلما و بهتانا ارهابيين. ولم يكفي هذا القدر من الذل و الخذلان حتى ان بعض الحكومات قامت باسر الاشخاص الذين تم الافراج عنهم من غوانتنامو و من بعض الدول الاوروبية و كانه لم يكفيهم ما لاقوه من قبل ذلك حتى يزيدون فيهم ظلما و تنكيلا مثال: تونس, السعودية, اليمن .. . “وهل يمكن للجلاد ان يصبح يوما جراحا مطببا” البوسنة و بعد تحررها الان تفرغت للمجاهدين العرب الذين قضوا السنين في الدفاع عن المسلمين هناك و الذين لولاهم ما كان للمسلمين هناك شوكة, فالان تقوم الحكومة باسرهم و سجنهم و سحب الجنسيات منهم و تفريقهم عن ابنائهم و زوجاتهم و ترحيلهم لدولهم الاصلية ليلقوا هناك الاسر و التعذيب و الاذلال و هذا صور من صور الشكر و الامتنان من الشعب البوسني المسلم للذين هبوا لنصرتهم و هاجروا اهلهم و اراضيهم من اجل عزتهم. و طبعا مع اسفي الشديد اسرانا الالاف من اسرنا في سجون اسرائيل من النساء و الاطفال و الرجال الذين مضى عليهم الدهور و لا احد يحرك ساكنا بل ان الذل و الخذلان هو ان ترى بعض الرويبضة يسعون للضغط على حركة حماس للافراج عن الاسير الاسرائيلي “شاليط” و يتجاهلون الاف اسرى المسلمين و لا يستحون من انفسهم عندما يرون سعي اسرائيل لفك اسير واحد من اسراها و استخدامها لكل الوسائل في سبيل تحقيق ذلك فيما يقبعون هم متفرجين مكتوفي الايدي امام اسرى المسلمين في سفالة و دنائة و في اعظم و جه للخيانة عبر التاريخ. هذا كان حال اسرى المسلمين عامة و باقتضاب و هذه اوجه خيانة الحكومات, التي تسمى مجازا او كذبا و افتراءا حكومات المسلمين, فماهي مواقف الافراد مع الاسرى? لا اعرف من اين سابدأ تحديدا و لكني مع الاسف ساذكر اننا امة تعدادها الان مليار و سبعة مائة مليون انسان و لكننا مع الاسف غثاء كغثاء السيل. مع غوانتناموا كانت في البداية احتجاجات و مظاهرات مفرغة خاوية لا تكاد تتعدى اصواتها حناجير المنادين بها و طبعا كما هي عادتنا و لا زالت سرعان ما خمدت و اسكتت. و لم تكن هناك اي عمليات فعلية ملموسة لنصرة الاسرى كأن تكون هناك مقاطعة شعبية جدية لارجعة فيها حتى تحرير كل اسرى المسلمين في غوانتنامو او حركات شعبية تضغط على حكوماتها بكل الوسائل المتاحة لقطع العلاقات الدبلوماسية و الاقتصادية مع امريكا. و اما عن ابو غريب فان البعبعة الاعلامية التي حصلت و الاصوات السياسية التي صدعت قصمت ظهر البعير و خرجت بالقضية من اطارها الاممي و الاسلامي و جعلوها مجرد قضية حقوق انسان و معاملة للاسرى و جعلوا من المقاومين, الذين حاولوا مرارا اقتحام السجن و فك اسرى المسجونين, ارهابيين و متطرفين, و مقابل هذا كان الصمت الاسلامي رهيب و لم تتحرك اي جهة اسلامية سياسية تحركا يذكر في حين عجت الشوارع الاوروبية بالاحتجاجات و كثرت التحركات السياسية في الغرب منددة و مطالبة باغلاق غوانتنامو و ابو غريب و دامت هذه التحركات سنين طويلة حتى افضت الى ضغط الحكومات الاوروبية على امريكا لاغلاق غوانتنامو و تحسين ظروف الاسرى, وانظروا كيف كانت التحركات الاوروبية مثمرة مقابل فشلنا نحن امام تحقيق اي نتيجة تذكر و القضية هي قضيتنا قبل ان تكون انسانية. ومن باب اخر لم نرى اي جمعية او حتى محامي واحد واقف في ساحة الدفاع عن الاسرى في امريكا او في الغرب بل ان كل المحامين او الجمعيات الدفاعية كانت غربية, و لم يكن هناك تواجد لأي شخصية سياسية للمطالبة حتى بمعاملة اسرانا كأسرى حرب وقد ذكر لي احد المحامين في تركياعن قصة واجهها مع عائلة  السجين السابق في غوانتنامو, و اسمه “مراد” صاحب الجنسية الالمانية و من اصل تركي, قال لي حين علم اهله بوجوده في غوانتنامو جاءت امه الى تركيا و طرق معها ابواب السياسيين سواء في مجلس حقوق الانسان التابع للبرلمان التركي او غيره قال كلما طرقنا باب و علموا ان الموضوع فيه غوانتنامو سرعان ما اداروا ظهورهم فلم تجد امه سبيلا الا في التوجه الى اوروبا و البحث عن نصير لها و لابنها و بالفعل قد وجدت ما ارادت و تدخلت شخصيات سياسية و ضغطت على الحكومة و تمكنوا من اطلاق سراح مراد. فبالله عليكم هل من ذل و هوان اكثر من هذا, شخصيات اوروبية و بدافع الانسانية تدافع عن اسرانا و تتوصل الى اطلاق سراحهم في حين تقوم حكومات الدول العربية و غيرها باسرهم و ايداعهم في السجون اثر عودتهم و مباشرة من الطائرة الى الزنزانة !!!!! ! وعيبنا الادهى و الامر أننا ننظر لاسرانا بأعين امريكية فكلما اسرت امريكا فردا و قالت هذا ارهابي قلنا “امنا هذا ارهابي” و سكتنا طيب اذا كانوا ارهابيين لماذا لاتتم محاكمتهم لماذا يأسرون و لسنين طويلة دون محاكمات و لا ادلة ادانة بل وبدون توجيه اية تهمة سوى انه “فلان كان متواجد في المكان الذي قتل فيه جنودنا” و علان القي القبض عليه على الحدود الفلانية “و اخر” كان صديقه كذا “الى غير ذلك من الخزعبلات و الترهات التي لا يقبلها عقل و اذا كانوا ارهابيين لماذا تمت تبرئة جل من تم اطلاق سراحهم ?? لماذا عمدت امريكا الى السجون السرية اذا كانت محقة في ادعائتها لماذا لا تجهر بذلك و هل يستطيع احدا معرضتها او مسائلتها ان فعلت? هذا دليل اخر على زيفهم و على مدى سخافة عقولنا. و اما بالنسبة لاسرانا في اسرائيل فاننا لا نذكرهم و لا يخطرون لنا على بال الا في عيد الاسرى او في ذكرى الاسرى و ما شابه ذلك و كانه شيء نفتخر به ان جعلنا من جروح اسرانا عيدا, و حكوماتنا تشق طريقها المخزي نحو التطبيع مع اسرائيل و اقامة العلاقات الصديقة و الحميمة معها و تصم اذانها و نحن معهم, على صيحات و اهات الاسرى و عائلتهم!! و اما في دولنا العربية و الاسلامية فانه من العجب العجاب ان تمتلئ السجون بالالاف من الشباب و الرجال الملتزمين بالدين في غير ذنب و لا جرم, و الناس لا تبالي بل كانه لم يكن شيء و لم تخدش كرامة و الادهى من هذا انه اذا اسر اي سياسي شيوعي او قومي او ديمقراطي قامت الدنيا و لم تقعد و لا يزال اسمه يذكر في نشرات الانباء او على صفحات الصحف و المدونات الالكترونية في حين لا يتم ذكر عدد او اسماء الاشخاص الاسلاميين الذين يتم اعتقالهم الا عن حياء و باقتضاب و حكم سابق بانهم من الارهابيين? ????? هل اولئك فقط هم على الحق و هؤلاء على الباطل ام قيمة اولئك الانسانية أعلى من قيمة هؤلاء? لماذا تخمد الاصوات المنادية بالحرية و الديمقراطية عن هؤلاء ام ان ديمقراطيتهم لا تشملهم و عجزت عن الدفاع عنهم لماذا يبقون دائما في اخر صفحات دفاتر اعمالهم? طبعا و العيب الاكبر على الشعوب المسلمة التي لا تتحرك في سبيل تحرير اسراهم و حتى عائلات المسجونين انفسهم لم يفكروا بانشاء جمعيات حتى خيرية للتعريف بقضية ابنائهم و كسب رأي الشعب لصالحهم و محاولة كسر الطوق الذي على اعناقهم. لماذا يبقى علمائنا الربانيين و الزعماء السياسيين الاسلاميين قابعين في السجون لعقود و لا يحرك احد ساكنا (مثال الشيخ الدكتورصادق شورو)? و تعجبت اشد العجب لما قبض على صدام حسين و رأيت المئات من المحامين مجندين في الدفاع عنه و كانه بطل اسلامي أو اممي وهو السفاح الجاني! و هذا  كله من خذلان الامة لاسراها و قعوصها عن اداء واجباتها الدينية و الاخوية و حتى الانسانية اتجاه ابناءها و حماتها و الذي ذكرته قليل من كثير و كما قلت في البداية ان هذا الموضوع يجدر ان تكتب فيه الكتب و المؤلفات و لكن ارجو ان تكون هذه الصفحات دافعة لبعض العقول و القلوب المفتوحة للتحرك فعليا و ايجابيا لتقوم بدورها اتجاها امتها و اسراها. و اختم بقول الشاعر: ويا اخوتي إن اخوانكم في شتى البقاع ينادونكم فهيا انفروا للوغى مالكم رضيتم بهذا الخنى و القعود لمن تتركون الاسرى لمن وقد كبلوا في سجون المحن وذاقوا عذاب الاسى و الشجن ولم يطلقوا من جحيم القيود و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على اله و اصحابه احمعين و اسال الله ان يفك اسر الماسورين و يفرج كرب المكروبين و ان يعيد المبعدين الى اهلهم سالمين امين. كتبه ابن انس التونسي بتاريخ 19_02_2010 contact : kerim_haji@yahoo.fr 
 


مدونتي الشخصية “من أجل شعب تونسي حرّ” تتعرض للحجب


تعرضت مدونتي الشخصية “من أجل شعب تونسي حرّ” صباح اليوم إلى الحجب من قبل أعوان وكالة الإتصال الخارجي التونسية و هو ما نتج عنه استحالة زيارتها انطلاقا من تونس إلا عبر تقنية البروكسي . و جاءت هذه الممارسات المتخلفة بعد تطرق مدونتي إلى المشاكل الإجتماعية التي يعاني منها المواطن التونسي و فضح ممارسات السلطة و خاصة منها انتهاكها لحقوق الإنسان و تفشي ظاهرة الفساد المالي من قبل أصهار الرئيس التونسي “بن علي” . عنوان المدونة Mouezjemai.maktoobblog.com الإمضاء معزّ الجماعي مدون و صحفي براديو و كلمة – تونس 


نفطة : مأساة عائلة “خمسة جامعيين معطلين عن العمل”


بقلم: عمر قويدر دخل يوم الأربعاء 03 مارس 2010 كل من الشقيقين سمير الصديقي وعبد السلام الصديقي وهما من أصحاب الشهادات الجامعية المعطلين عن العمل في اعتصام بمقر معتمدية نفطة دام أكثر من ساعتين طلبا للشغل ، وقد لجأ الشقيقان إلى هذا الشكل الاحتجاجي بعد المماطلة التي لقيتها العائلة المكونة من 9 أفراد من ضمنهم خمسة من أصحاب الشهادات الجامعية جميعهم عاطلين عن العمل وتلميذان يزاولان دراستهما الثانوية يعولهم جميعا أب ضرير متقاعد يتقاضى راتبا قدره 120 دينارا يخصم منه 59.800 دينارا معلوم تسديد قرض جامعي لأحد الأبناء المتخرج والعاطل عن العمل !!!!!! . وضعية لم تلفت انتباه السلط المحلية والجهوية رغم كل محاولات الاتصال وطلب المساعدة ونحن نتساءل أين هو القرار الرئاسي القاضي بتشغيل فرد من كل عائلة معوزة ؟ وهل العوز وسحب القرار الرئاسي على هذه العائلة يحتاج إلى واسطة ؟ هذا وقد عبر فرع توزر ـ نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عن مساندته لهذه العائلة وحق أبنائها في الشغل من خلال مواكبته للاعتصام والدعوة الآن ملحة للسلط المحلية والجهوية للتدخل العاجل لإنقاذ هذه العائلة وإيجاد حلول جذرية للخروج بها من حالة اليأس والعوز. (المصدر: “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 536 بتاريخ 5 مارس 2010)  


فشل.. تأجيل وغضب في جلسة صندوق المحامين


أعلن عميد المحامين رئيس مجلس إدارة صندوق الحيطة والتقاعد للمحامين السيد بشير الصيد عن تأجيل أشغال الجلسة العامة الخارقة للعادة إلى يوم السبت 3افريل بنفس المكان، بعد أن تم التأكيد على عدم اكتمال النصاب القانوني وذلك وفقا لأحكام الفصل 53 من قانون المهنة. وبالعودة إلى أوراق الحضور واطلاعنا على عدد الإمضاءات تبين لدينا أن عدد الحضور لم يتجاوز الخمسين محاميا رغم أن الصندوق يضم في صفوفه أكثر من6000 منخرط وهو ما يعني آليا إلغاء جلسة 6 مارس والترتيب إلى موعد لاحق لعقد الجلسة العامة بمن حضر. وقبل بداية أشغال الجلسة العامة الخارقة رفض ثمانية من أعضاء الصندوق الالتحاق بالعميد على المنصة رغم النداء الذي وجهه لهم رغم وجودهم بالقاعة الكبرى للجلسة. بالرغم من علمه المسبق باستحالة انعقاد الجلسة وإمكانية التأجيل فان الأسلوب الذي توخاه العميد ينم عن انفراده بالرأي وباستهزائه بمؤسسة الصندوق» وواصل الأستاذ الهادي التريكي حديثه قائلا» لينظر العميد إلى العدد الضئيل الحاضر بيننا اليوم» ودعا الأستاذ التريكي إلى التفكير بجدية في تسيير الصندوق بعيدا عن المهاترة والخفايا السياسية.» أما الأستاذ عامر المحرزي فقد حدثنا عن المبالغ المالية التي تم صرفها من اجل جلسة معروف سلفا أنها لن تتم وقال»هل يعقل أن يتم صرف ما قيمته 8 الاف دينار على جلسة معلوم فشلها رغم كون العميد كان يمكن له أن يدعو إلى جلسة أولى بدار المحامي». واتهم الأستاذ المحرزي العميد بالقول»أن الغرض من جلسة اليوم مرتبط تمام الارتباط بانتخابات جمعية المحامين الشبان التي يحاول العميد التأثير على بعض من فصولها وذلك من خلال دعم عدد من المترشحين». وفي سؤال لأحد المحامين الحاضرين بالجلسة المؤجلة حول إمكانية اعتبار أن طبيعة الصراع داخل الصندوق هو صراع الإيديولوجي سياسي بالأساس قال المتحدث» أن هذا جانب لم يعد خافيا على احد فبالرغم من أن الاختلاف يكون عادة للبناء الا أن العكس هنا هو الذي حصل». وقال احد أعضاء الصندوق»نحن لا نحاول المس من شخص العميد كما يدعي في كل مرة بل نحن نحاول أن نبين له أن المسار الإصلاحي الذي يقوم به لا بد له أن ينطلق من قاعدة الديمقراطية أولا إذ لا يعقل أن يجرنا العميد إلى جلسة فاشلة بالرغم من انه يمثل الاقلية داخل الصندوق فالرافضون للجلسة هم 8 اعضاء من اصل 14عضوا يمثلون مجلس إدارة الصندوق، فالديمقراطية تقتضي الالتزام برأي الأغلبية لا العكس كما حصل في مسألة تحديد أشغال الجلسة الخارقة للعادة». خليل الحناشي (المصدر: “الصباح” (يومية – تونس) بتاريخ 7 مارس 2010)  

افتتاحية “الموقف”: دولة القانون في خطر


بقلم :أ.د. أحمد بوعزّي شهدت البلاد في الأيام الأخيرة وبالتحديد منذ ثلاث سنوات تفاقما لدوس القوانين التي تنظم الحياة الاجتماعية والعمرانية والتجارية والمالية، فلا يمرّ أسبوع دون أن نسمع أو نرى تجاوزا للقانون يسمّم حياة المواطنين ويُشعرهم بعجزهم أمام الظّلم والثراء غير الشرعي على حساب المواطنين وعلى حساب المصلحة العامة. وعادة ما تقع هذه التجاوزات بمساعدة الإدارة التي يقع تسخيرها لإسكات المتضررين من هذه التجاوزات بالتهديد والوعيد وأحيانا بالسجن واستعمال العنف. فقد وقع الانقلاب على جمعية القضاة التي كانت تنادي باستقلال القضاء وبأن لا يقع توظيفه وتسخيره لتلجيم المظلومين من هذه التجاوزات أو المدافعين عنهم، ووقع الانقلاب على نقابة الصحافيين حتى لا يقع الإعلام عن هذه التجاوزات وإسماع صوت ضحاياها، وحوصرت الأحزاب المستقلة حتى لا تدافع عن المظلومين وتؤلّب الرأي العام ضد التجاوزات، وحوصرت جرائدهم بحرمانها من التمويل العمومي الذي تنعم به الجرائد التي تغطّي على التجاوزات والظلم، ومُنع توزيعها على مشتركيها وذلك بتوظيف ديوان البريد الذي يقبض ثمن التوزيع ولا يوزّع الجرائد، وقد تُؤلب مصالح الضرائب ضد الخواص الذين تسوّل لهم أنفسهم نشر الإشهار على صفحات جرائد المعارضة. المؤلم أننا نشاهد الدولة تضعُف أمام هذه التجاوزات وتحاول في بعض الأحيان إصلاح تداعياتها ولكنها لا تمنعها أو تردعها، بل تزداد ضعفا يوما بعد يوم. وهناك أمثلة كثيرة على هذه التجاوزات نسوق قليلا منها. المثال الأول: بعد صدور الأمر عدد 261-2010 بتاريخ 15 فيفري 2010 الذي قنّن الإشهار بالطريق العام والذي منع في فصله الخامس “إقامة اللافتات والركائز الإشهارية على الرصيف” نرى العمّال يواصلون تبديل المعلقات الإشهارية على لوحات تسد الرصيف أمام المارة في العاصمة وضواحيها، وتمنعهم من السير بأمان وكأن شيئا لم يكن، وكأن الأمر الذي أمضاه رئيس الجمهورية يخص نيجريا أو مصر لأن السّلط المكلّفة بتطبيق القانون في بلادنا أضعف من أن تتصدّى لأصحاب شركات الإشهار، هؤلاء الأثرياء الجدد الذين يخالفون القانون ويتعدّون على حقوق المواطنين ويزدادون ثراء بصورة غير شرعية دون حرج. غير أن السّلط نفسها تتصرّف بصورة مخالفة تماما عندما يتعلّق الأمر بمواطن عادي يسدّ الرصيف. المثال الثاني: اتخذت بلدية حلق الوادي قرارا يقضي بانتزاع عقارات حي “البراطل” التي تقطنها 18 عائلة، وقبل أن تحصل على قرار بالانتزاع للمصلحة العامة أو الحصول على قرار بالإخلاء، بل قبل أن تبتّ محكمة الأصل في قرار الهدم الذي لا يزال موضوع نزاع، سخّرت القوة العامة لإخلاء المساكن، فحاصرت قوات الشرطة مصحوبة بالكلاب الشرسة الحي يوم 12 جانفي الماضي على الساعة السادسة صباحا ووقع كسر الأقفال والدخول عنوة إلى مساكن آهلة وإخراج المواطنين منها بالقوة بلباس النوم والاعتداء عليهم بالعنف لمنعهم من المقاومة وحبسهم لمدة ست ساعات في حافلات تمّ جلبها للغرض لتمكين الجرّافات من هدم منازلهم وتسويتها بالأرض. ويظهر أنه سيقام مشروع خاص بالمكان يدرّ أموالا طائلة على باعثيه. الدولة ضعفت أمام المتنفّذين ولم تستطع حماية المواطنين بل وقع استغلال أدواتها من شرطة ومعتمدية لافتكاك عقاراتهم دون رضاهم بالقوة الغاشمة. والغريب في الأمر أنه وقع استدعاء العائلات المتضرّرة بعد أكثر من شهر إلى لجنة في وزارة الشؤون الاجتماعية لبسط مشاكلهم لديها ولمّا جاء محاموهم للدفاع عنهم مصحوبين بالوثائق القانونية أنكرت الوزارة وجود اللجنة أصلا ورفضت قبول تقاريرهم وتسجيلها في مكتب الضبط. لقد أصبحنا وكأن هناك إدارة موازية حاولت الحصول على إمضاءات من أصحاب العقارات ثم اختفت لمّا رأت أن الفخ الذي نصبته لم يمسك الأشخاص المناسبين وإنما جاء محاموهم عوضا عنهم. وغير ذلك من الأمثلة كثير. المثال الثالث: تم غلق معهد “لويس باستور” الذي يدرّس البرامج الفرنسية للتعليم الثانوي سنة 2007 ثمّ تمّ هذه السنة سحب الترخيص من “جامعة تونس الحرة” ومعهد “بوليتكنيك” التابع لها، وكل هذه المؤسسات التعليمية تابعة للسيد محمد بوصيري بوعبدلي. وقد وقعت كل هذه الإجراءات في ظروف غير واضحة وبسرعة لم تعوّدنا بها الإدارة التونسية ولم يتمكّن مالك المؤسسات من الدفاع عن نفسه. لقد أصبحت الدولة ضعيفة، ولولا وجود بعض الموظّفين الثقاة الذين مازالوا يقومون بوظيفتهم بإخلاص لانحدرت بلادنا إلى مستوى بعض البلدان التي نقرأ عنها أخبارا مفزعة. لكن إلى متى سيدوم صبر هؤلاء الأمناء أمام تحدّي المتنفّذين للقانون والتراتيب والذين يفوزون يوميا بامتيازات ليس لهم فيها حق ترتهن مستقبل أبنائنا وأحفادنا؟ لقد بدأت طاقة احتمالهم تبلغ حدّا يصعب معه تماديهم في القيام بعملهم بتفان، وبدأ يظهر هذا القلق حتى على أعوان الأمن المكلّفين بتنفيذ تلك الأوامر. أمّا المواطن العادي المغلوب على أمره فأصبح لا يعلم مصدر “التعليمات” المخالفة للقانون التي تستعملها الإدارة أو أعوان الأمن ذريعة للتعدّي على حقوق المواطنين وتكبيل حريتهم وتعطيل نشاطهم التجاري والسياسي، إذ أنها لا يمكن أن تصدر عن سلطة مسؤولة. لقد أصبح البعض من المتنفذين يشكلون مراكز قوى لها تأثيرها على مؤسسات الدولة توظّفها لمصلحتهم الخاصة رامية بقوانين البلاد عرض الحائط، همّهم الوحيد زيادة الثراء في الميادين الطفيلية غير المنتجة وغير الخالقة لمواطن الشغل. مراكز القوى هذه تتصرّف وكأنها تريد غنم أكثر ما يمكن وفي أسرع وقت ممكن لتثبّت سيطرتها على وسائل القوة من مال وإعلام وكأني بها تتسابق مع الزمن… بهذا المعنى يغدو الإصلاح الإداري وحماية حقوق المواطنين وممتلكاتهم وتعزيز دولة القانون وديمومتها مرتبطا بالإصلاح السياسي … وإذ أسوق هذه الأفكار فلغيرتي على مؤسسات الدولة وعلى هيبتها التي أراها تتفتت رويدا رويدا، لكن دون هوادة. (المصدر: “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 536 بتاريخ 5 مارس 2010)
 

برنامج تلفزيوني يحقق ما عجزت عنه منظمات


صلاح الجورشي 2010-03-07 يسكن بمنطقة نائية تقع في الشمال الغربي لتونس، وينتمي إلى أسرة فقيرة يتولى هو مسؤولية إعالة أفرادها. كان يعمل بمؤسسة خاصة، وعندما نظمت وزارة التكوين المهني والتشغيل مناظرة لانتداب موظفين، شارك هذا الشاب، وأبلغته الإدارة بأنه قد تم قبوله، واشترطت عليه أن يأتيها باستقالة مكتوبة من عمله السابق. وهو ما فعله، لكن الوزارة استثنته مع 12 مرشحا نجحوا بدورهم، وحكمت عليهم بالبطالة منذ عام 2004، غير عابئة بظروفهم الاجتماعية البائسة. وفي حلقة أخيرة من البرنامج التلفزيوني التونسي «الحق معاك»، تم عرض هذه المشكلة، ورغم إحجام أحد المسؤولين عن التعليق أو التحدث مع صحافي البرنامج، فإن الجميع قد فوجئوا بتدخل وزير التشغيل، الذي اتخذ قرارا بإعادة النظر في هذا الملف، وتم التوصل إلى حل أرضى هذا الشاب ومن معه. هذا البرنامج يحتاج إلى وقفة. ليس فقط بسبب النجاح الذي حققه والشعبية التي اكتسبها. ولكن لاعتبارات إضافية عدَّة نستعرض بعضها في النقاط التالية: * رغم الطابع الاجتماعي لهذا البرنامج، فإنه يوفر للمشاهد ثقافة قانونية مهمة. هذه الثقافة ليست نظرية، بحكم كونها مرتبطة بمشكلات يواجهها المواطن يوميا، وهو ما يجعلها ثقافة حقوقية بامتياز. بمعنى آخر يقوم البرنامج، استنادا إلى المحامين الذين يتولون دراسة الشكاوى والرد على الجوانب ذات الطابع القانوني، بتوفير قدر من المعلومات التي من شأنها أن تقلص من حجم جهل المواطنين بحقوقهم، وتخفف من إحساسهم بالعجز أمام الإدارة وأجهزة الدولة، ما يشجعهم على المطالبة بحقوقهم المهضومة. وإذ يجري الحديث عن مئات الشكاوى التي وصلت إلى البرنامج، وقد يقدرها البعض بالآلاف، فذلك يعكس حجم المشكلات التي وُلدت وتعقدت في غياب احترام القانون وتقاعس الأجهزة الإدارية عن القيام بدورها الطبيعي، وهو خدمة المواطنين. * كشفت تجربة البرنامج عن حالة الارتباك والخوف التي يمكن أن تصيب الكثير من أصحاب المسؤوليات الإدارية الصغيرة أو حتى الكبيرة عندما يجدون أنفسهم أمام الكاميرا لمساءلتهم عن مسائل تقع في صلب مهامهم الإدارية. ولذلك يرفض الكثير منهم التحدث، ويتعذر باجتماعات فعلية أو وهمية. وهو ما دفع بأصحاب البرنامج إلى اللجوء إلى استعمال كاميرا خفية تخترق الحواجز والأبواب المغلقة، وترفع الغطاء عمَّا هو أعظم. لهذا السبب يخشى عديد المسؤولين الإعلام الحر. وحتى لا يذهب الظن بالبعض فيعتقدون أن المقصود بهذا الكلام هم المسؤولين الكبار؛ إذ تجد أحيانا موظفا صغيرا جدا يتطاول على الصحافيين ويعرقل مهمتهم، ويرفض أن يسمح لهم بحرية التعبير والمبادرة والوصول إلى مصادر الخبر. بل أحيانا قد يغضب رئيس جمعية أو أمين عام حزب معارض عندما تنتقده صحيفة، أو تنشر مقالا يعتبره مناوئا لحزبه. كثير من المسؤولين الإداريين الحكوميين يخشون من أن يؤدي الهامش البسيط من حرية التعبير إلى كشف المستور، من تقصير في الشغل، واستغلال للنفوذ، وابتزاز المواطنين من أجل الحصول على رِشَا، أو تمييز بينهم لأسباب شتى. وقد ازداد خوف بعض المسؤولين عندما تم ربط إقالة رئيس بلدية العاصمة بحلقة سابقة بثها هذا البرنامج. بمعنى آخر، كلما ارتفع سقف حرية التعبير، اتسع نطاق تطهير الإدارة ومختلف مؤسسات الدولة من أمراض شتى، يختفي أصحابها وراء الصمت غير الاختياري لوسائل الإعلام. * قد يطرح بعض القراء السؤال التالي: هل يفهم من الكلام السابق أن في تونس يوجد قدر من حرية التعبير؟ والدافع إلى مثل هذا التساؤل اتفاق المنظمات الدولية والإقليمية المختصة في الدفاع عن حرية الصحافة والصحافيين حول القول بوجود أزمة تعبير حادة في تونس، خاصة خلال الأشهر الأخيرة. لكن، قد يفاجأ البعض عندما أقول إنه رغم ذلك التوصيف هناك قدر من الحرية يمارَس بأشكال متعددة. ولعل هذه تعتبر خصوصية تونسية. ففي الوقت الذي كان يمنع فيه الناشط الحقوقي التونسي خميس الشماري (قبل أن ينهي إضرابه عن الطعام) من استقبال أكثر من شخص واحد في بيته، كان في مقابل ذلك يسمح لصحافيي هذا البرنامج باستعمال كاميرا خفية لاقتحام مقرات عمل بعض الكوادر الوسطى في المؤسسات التابعة للدولة. وهو أمر لا يمكن حصوله إلا بدعم أو حماية من سلطة عليا. صحيح لم يبلغ الأمر درجة فتح النقاش حول الملفات الحارقة التي تشغل منظمات حقوق الإنسان والمعارضة التونسية، لكن ملفات حساسة عدَّة تناولتها القنوات التلفزيونية أو الإذاعية التونسية، بأسلوب مخفف لكنه لم يخل من جرأة. قد يكون ذلك بغرض امتصاص حالة الشك في مصداقية وسائل الإعلام الرسمية أو غير الرسمية. كما قد يكون الأمر اجتهادا من بعض الصحافيين الذين بادروا، ونجحوا في إقناع رؤسائهم بأنه لا خوف على «الاستقرار» من هامش صغير. فأزمة الإعلام المحلي لا تتحمل مسؤوليتها فقط الجهات الرسمية، وإنما أيضا توجد شريحة من الإعلاميين الذين يخافون من ظلهم، ويتوهمون بأن كل كلمة قد تخرج عن اللغة الخشبية ستؤدي إلى غضب المسؤول، وبالتالي معاقبتهم وحرمانهم من بعض الامتيازات الصغيرة. الخلاصة أن حرية الصحافة شرط من شروط تحقيق التنمية، وأن برنامجا مثل هذا يخدم السلطة أكثر من ألف خطاب أو كتاب دعائي يؤلفه مرتزق مجهول. وبالتالي من مصلحة النظام أن يفتح نوافذ مقر الإذاعة والتلفزيون ليخرج الهواء الملوث، ويحل محله هواء نقي ينعش الرأي العام، ويعطي صورة مختلفة عن البلاد. (المصدر: “العرب” (يومية – قطر) بتاريخ 07 مارس 2010)


منشطون، إعلاميون وخبراء في ندوة الصباح نعم للجرأة في التلفزة… لا للتجاوزات والرقابة المقنــّعة

 


تونس ـ الصباح «الجرأة في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة بين السباق على نسب المشاهدة والالتزام بأخلاقيات المهنة» كان محور اهتمام الندوة التي نظمتها «الصباح» ودعت لها بعض المشتغلين بالقطاع، وكانت المناسبة سانحة للإحاطة بمختلف جوانب الموضوع لاسيما من بينها أسباب طرح مسألة الجرأة اليوم بإلحاح وإن أصبح قطاع السمعي البصري اليوم عرضة إلى كثير من المنزلقات بحكم تنوع البرمجة ودخول أنماط جديدة من البرامج بأسلوب مختلف ومضمون آخر إلى درجة تدعو ربّما لتقنين جديد أو تنظيم جديد للقطاع. وكان همنا الأكبر في هذه الندوة الخروج بمقترحات عملية تضاف إلى ما هو أمر حاصل لا محالة على غرار فتح المجال للمهنيين والمهتمين للتعبير عن آرائهم مهما كانت مختلفة ومتناقضة أحيانا. ولعل أبرز إفادة حصلت من الندوة الخروج بشبه إجماع حول التمسك بالجرأة بل والمطالبة بها وإن لزم الأمر بدون حدود، لكن دون السقوط في الابتذال الذي قد يؤدي إليه نقص الحرفية أو غيابها لدى بعض المنشطين حيث يكون هؤلاء معرضين إلى بعض الزلاّت اللفظية التي يمكن أن تؤول إلى ألفاظ إباحية وجنسية أو إلى استباحة محرمات واستفزازات شخصية. إذن نعم للجرأة المهمّ أنه يمكن الخوض في جميع المواضيع بمهنيّة وحرفية تامّة وفي كنف احترام حق المشاهد في احترام شخصه وعدم المساس بقيمه. دعت «الصباح» لهذه الندوة التي نظمها القسم الثقافي وأدارها السيد صبري براهم رئيس التحرير وكل من السادة والسيدات رضا النجار الخبير في مجال الإتصال وحسن الزرقوني رئيس مؤسسة «سيغما كونساي» ونزار الشعري منشّط تلفزيوني ولطفي العماري صحفي وهالة الذوّادي صحفية بقناة حنبعل ونوفل الورتاني مذيع ممثلا عن إذاعة موزاييك الخاصة وخميس الخيّاطي صحفي مهتم بالنقد التلفزيوني. وتناولت الندوة بالدرس مجموعة من المحاور من أبرزها تمثّل البرامج التلفزيونية والإذاعية للجرأة وما إذا كانت السبيل الوحيد لإظهار حرية التعبير ومسألتي الأخلاق والجنس وما إذا كانت السبيل الوحيد للرفع من نسب المشاهدة والإستماع. ولئن بادرت جريدة الصباح باختيار موضوع الجرأة في الإذاعة والتلفزيون لطرحه للنقاش بهذه المناسبة في إطار حرصها على مواكبة مشاغل جمهور المتلقين فإنها تقوم بذلك لأسباب أساسية لا تقل أهمية عمّا ذكرنا. ومن بين أبرز هذه الأسباب أوّلا الوعي بدور التلفزيون خاصة في التأثير في المجتمع، دور لا يخلو أحيانا من خطورة عندما يتعلق الأمر بوضع هويّة البلاد وثقافتها موضع تساؤل وثانيا وكما سبق وذكرنا الخروج بحلول أو مقترحات عمليّة لأن الهدف من تنظيم الندوة ليس الإدانة أو الرغبة في جلد هذه المؤسسة الإعلامية أو غيرها ولا مقاربة الموضوع بدافع نفعوي ضيق وإنما المساهمة في الرفع من مستوى الحوار. الجرعة الزائدة إن طرح موضوع الجرأة بوسائل الإعلام السمعية البصرية بتونس ليس جديدا ولكن ربما لم يسبق أن اتخذ الموضوع كل هذا الحجم واستحوذ على درجة عالية من الإهتمام بمثل ما نلاحظه اليوم. ما هي الدواعي أو بالأحرى الأسباب التي جعلته يتصدّر الإهتمامات وتتناوله مختلف وسائل الإعلام بحرص شديد؟ حاول ضيوفنا كل بطريقته الخاصة أن يقدم من وجهة نظره تفسيرا خاصا للأمر أو أن يجيب عن هذا الإستفسار. اكتسى تدخل لطفي العماري في هذا السياق طابعا استنكاريا وهو يحمّل المسؤولية في ذلك للإعلاميين إذ يعتبر أن المسألة تحولت إلى ظاهرة بسبب محاولة من بعض الإعلاميين (الصحافة المكتوبة ) لتنصيب أنفسهم أوصياء على الذوق العام ويقول في هذا الصدد: «لا اعتقد ان الآراء والذائقة العامة للشعب التونسي مختزلة في ما تكتبه بعض الاقلام هذا ربما لكي يحصل كل واحد على حقه لكن هذا لا يمنع من أن نقول إن هذه الظاهرة ليست جديدة على تونس. ففي الثمانينات مثلا عندما تجرأت المنشطة شفيقة الساحلي وقدمت برنامجها بطريقة مختلفة عن السائد قامت الدنيا ولم تقعد ولم ترحمها الصحافة مما اسكتها وابعدها تماما عن التنشيط». وتساءل في نفس الاتجاه : ماذا تغير الآن؟ الذي تغير في نظره هو ان العولمة جعلتنا نأخذ حذرا مبالغا فيه متسترين وراء درع الاخلاق والعادات والتقاليد مضيفا : « اذا كانت قبلة تهدد اخلاقنا وتقاليدنا لهذه الدرجة فاعتقد ان المشكل اصبح في عاداتنا وتقاليدنا وليس في القبلة في حد ذاتها»… .. واقصد هنا ان هويتنا وعاداتنا وتقاليدنا متحولة وليست ثابتة وتحتاج الى الدخول في حوار مع الثقافات والعادات والتقاليد الاخرى والتي قدرها ان تتلاقح وتستفيد من بعضها البعض. ومثلما اصبحنا نحتفل بعيد الحب ونتبادل التهاني بالارساليات القصير ورأس السنة الادارية يمكن ان نتطرق للامور الجنسية». ويقلل المتدخل من خطورة المسألة بقوله : « لم ار عندنا اشخاصا نائمين على سرير وأقصى ما سمعته هو كلمة «جريئة»وشاب صرح بحبه لفتاة ومثل هذه الامور اصبحت عادية، ولكن ما يقلقني فعلا هو اننا اليوم اصبحنا نقيم الدنيا ونقعدها على برامج يقال انها مست او خدشت الحياء وانا اريد ان أرى هذا الحياء وافهم ما معنى ان نخدش الحياء لانني اعتبر ان فكرة الحياء هلامية… ولعلها هي التي دفعتنا الى تنظيم هذه الندوة… صحيح هناك احتجاجات لكنني ارى ان الاخلاق فكرة عامة لا تحتاج الى سلطة تحميها…». وينظر الأستاذ رضا النجار الخبير في الاتصال باحتراز إلى استعمال مصطلح الجرأة في برامج تلفزيون الواقع والمنوعات المستلهمة من البرامج الرائجة بالقنوات الأجنبية وينفي عنها صفة الإبداع لأنها «مستوردة في شكلها وفي موسيقاها وفي ديكورها وحتى في أنماط التنشيط « ويتساءل أين الإبداع من ذلك ويستنكر قائلا «هل الإبداع يكمن في تشجيع الحواس الدنيا للمتلقي وأين الجرأة من ذلك عند ما تمنح المايكروفون إلى أم تبكي ولدها أو التسلل إلى حجرات ملابس اللاعبين ,الذي هو فضاء خاص, بدافع السبق الصحفي؟ وينتهي إلى أن الجرأة بلا مهنية لا تساوي شيئا. ولا يتردد الأستاذ رضا النجار في مقارنة بعض البرامج الحوارية بذلك الحوار الذي يدور في المقاهي حيث لا احترام لأخلاقيات المهنة ليستخلص أن الحرية بدون مهنية تسيب. وتكتسي مسألة الجرأة في نظر المنشط نزار الشعري أهمية قصوى حتى أنها تذكره «بالحداد على إمرأة الحدّادّ» ويقول «هي مسألة تاريخية موجودة ونحن لم نخلق حدثا جديدا..الفكرة ليست مرتبطة بالجنس لأن جرأة البرامج الرياضية لـ»حنبعل» أثارت نفس المشكلة قبل نحو سنتين أو ثلاث.. جرأة برنامج «الحق معاك» في استباحته للإدارة التونسية أثارت نوعا من الحديث عن الجرأة..جرأة تنشيط « أحنا هكة» طرحت إشكالية نوعية التنشيط. ويضيف أن الجرأة تعيدنا إلى نقطة هامة وهي انفصام شخصية المتلقي وهي ليست ظاهرة تونسية بل مرتبطة بالتقبل الفردي والتقبلالجماعي للمادة التلفزية المعروضة.» ويضرب نزار مثلا الجدل الذي أثير عند عرض فيلم «لايف» في أمريكا التي هي مثال يحتذى به – بين ظفرين- في حرية التعبير « حسب وصفه ليصل إلى الملاحظة التالية : أن رفض محتوى العمل كان موجودا وبشكل كبير لكن في اليوم الذي عرض فيه الفيلم حطّم كل نسب المشاهدة وهنا تظهر بشكل جلي حالة الانفصام في شخصية المتلقي… أما بخصوص المثال التونسي فيقول «نحن هنا لدينا قيم… الأنا الأعلى موجود بل ونحرص على إظهاره لكن كل ما هو خفي..كل ما هو جنسي..كل ما هو صدى المحاكم موجود في داخلنا.. يدغدغنا.. واستشهد المتدخل بالأمثلة التي يعرفها وتحديدا « احنا هكة» ويقول :»عندما انطلق البرنامج منذ 3 سنوات جوبه بموجة كبيرة من النقد وجدنا أن القائمين حرّاسا على الهوية وعلى القيم أشهروا سلاح القلم وانهالوا علينا «ما هذا يا هذا.. ولماذا هذا واحنا موش هكة» الخ..الخ.. وما حصل أنه بعد ثلاث سنوات تعوّد الناس على البرنامج بدليل تبوئه للمراكز الأولى في نسب المشاهدة لثلاث أو أربع مرات وذلك ليس بالأمر الهيّن. المسألة تبدو محسومة بالنسبة للصحفية التلفزيونية هالة الذوادي (قناة حنبعل) فالجمهور وإن صدم في البداية تقبل البرامج الي تصنف في خانة الأعمال الجريئة وتقول في هذا السياق : «عندما نتطرق إلى مواضيع متأتية من خارج الحدود نقول أنها لا تعنينا ولا تعكس واقعنا وعندما نتحدث عن إنتاجنا المحلي الذي نعرّي به ومن خلاله حقيقة التونسي.. نصطدم بالاحتجاجات… كل ذلك لأننا لم نعوّد المشاهد قبلا على مواضيع تصدمه…وما حصل الآن هو أننا صدمنا المتفرج ثم وبعد هذه الصدمة وجدنا أنه تعوّد وقبل بقانون اللعبة» وتضيف : « في الماضي لم تكن هناك جرأة وكان الجمهور يطالب بها ويتساءل : لماذا لا نطرح هذا الموضوع أو ذاك طالما أنه موجود وعندما تحدثنا بجرأة قالوا لا يجدر بالإعلام السمعي البصري أن يتخطى بعض الخطوط الحمراء وتعدد الأمثلة التي تدل على جرأة قناة حنبعل في التطرق إلى المسكوت عنه حسب وصفها على غرار الشذوذ الجنسي والأمهات العازبات والعنف. كسب معركة الأرقام إن القراءة الكمية لا تدع مجالا للشك. لقد حققت البرامج الحوارية وبرامج تلفزيون الواقع نسب مشاهدة قياسية وهو ما يثبته السيد حسن الزرقوني (سيغما كونساي )بالأرقام حيث قال: «لم يسبق في تاريخ التلفزة التونسية أن لاقت بعض البرامج الأسبوعية رواجا وإقبالا واستقطابا ونسب مشاهدة كالذي تلقاه اليوم فمنذ 12 سنة وأنا أقيس بالطرق والامكانيات المتوفرة لدي ولم أر برنامجا يقدّم عيّنات مختلفة في مناطق مختلفة وفي وضعيات وأيام مختلفة كبرنامج «المسامح كريم» الذي يحقق نسبة مشاهدة واقتحام أسبوعية بين 40 و45 بالمائة مما يعني أن نحو 4 ملايين شخص يشاهدون هذا البرنامج وهو ما يفسّر تعدّد الآراء وكثرة التفاعلات مع ما يقدّمه التلفزيون خاصة في هذه البرامج».ويستشهد نفس المتدخل بأمثلة أخرى من البرامج التي تنتجها مؤسسة «كاكتوس» التي تستقطب بين 30 و35 بالمائة أي يتابعها زهاء 3 ملايين مشاهد والبرامج الرياضية والسياسية والاجتماعية التي تجذب من 15 إلى 25 بالمائة أي 2 ملايين متابع في المتوسّط.. ليؤكد وجود أوضاع جديدة ويواصل: «لنأخذ مثال برنامج الأحد الرياضي الذي يحرص على متابعته ما يقارب المليوني مشاهد كل أسبوع حقيقة أرصدها منذ 12 سنة وأتوصل في كل مرة إلى أن هذا البرنامج يستقطب نسبة 20 بالمائة من المشاهدين… هناك كم كبير من المشاهدين يتابعون برامج تونسية ولكن ما هي نوعية هذه البرامج ؟ بطبيعة الحال هي ليست تلك التي كان يقدمها – مثلا- المرحوم نجيب الخطاب في سهرات السبت أي المنوعات بل هي برامج حوارية مستمدة من الواقع التونسي بين ظفرين.. من الناحية السوسيولوجية ودائما من منظار إحصائي أتساءل إن كانت القيم الجماعية والفردية عند التونسي هي ذاتها… وهنا يمكن القول هل ما هو موجود في قيم الفرد تجعله يقبل بالمشاهدة الجماعية ؟ هنا يكمن الفرق بين من يدفع ثمن تذكرة ويدخل السينما لمشاهدة فيلم وبين مادة تصل إليه في بيته ومضطر أن يتابعها بطريقة جماعية. وانطلق نوفل الورتاني (إذاعة موزاييك) من إشكالية السباق على نسب المشاهدة ليؤكد تأييده لفكرة سعي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة لاستقطاب المشاهد من خلال برامج تمسه مباشرة وتساءل: «لماذا لم نطرح مثلا سؤال بعض البرامج لمن هي ومع من تحكي؟ البرامج التي ترفع شعار الشمس مشرقة والعصافير تزقزق إلى من تراها موجهة؟ من حقي أنا كباث في العملية الاتصالية أن افكر في المتلقي قبل أن أفكر في المسؤول الذي يجب أن يكون راض عني. وواصل: «صحيح هناك جرأة ولغة هجينة لكنه يستدرك قائلا أنه عندما تحدث زلة لسان تكون أرحم من اللغة الخشبية». ونفي أن تكون المواضيع الجريئة منحصرة في الجنس مشيرا إلى أنه من دور الصحفي أن لا ينخرط في النقد دون الاعتماد على مرجع وتساءل إن كان من حق الصحفي أن يربيّ الناس ويعلّم الأخلاق. نعم للتنظيم لا للرقابة تطرح بطبيعة الحال فرضيّة حاجة قطاعالسمعي البصري إلى تنظيم أكثر احكاما وربما إلى مراجعة القوانين. المسألة تتخذ عدة تسميات ولا يحبذ الأستاذ رضا النجار فكرة استعمال هياكل للرقابة. لا بدّ بالنسبة له من إلغاء لفظ الرقابة. ويقترح تسمية هياكل تنظيمية أو هياكل تعديل كبديل عنها. وهو يقول في هذا الصدد: «أنا ضد شيء اسمه رقابة» لكنه يشترط أن تكون الحرية مصحوبة بالمسؤولية. مقابل ذلك يشدد الأستاذ رضا النجار على مسألة التشريع ويقول أن السمعي البصري في مختلف أنحاء العالم يخضع لجملة من القوانين مختلفة عن الصحافة المكتوبة لأن التلفزيون مثلا يدخل إلى البيوت ويذكر بأن لكل مجتمع مرجعياته وطقوسه بما في ذلك المجتمع الأمريكي مشيرا إلى أنه وإن كان لديهم من يخرق هذه الطقوس فإنهم في النهاية يستجيبون لشفرة خاصة بهم حتى وإن كان كل شيء عندهم من أجل المال. ويقترح في هذا الصدد تنشيط هياكل على غرار المجلس الأعلى للإتصال مضيفا أنه لابد في قانون الصحافة السمعية البصرية من شارات تحذير تحدّد لكل فئة خاصة منها الأطفال والشباب ما عليهم مشاهدته حتى أنهم على حد قوله توصلوا في أمريكا إلى «شريحة» لمراقبة حجم العنف في بعض البرامج وهو عندما يتحدث عن العنف لا يستثني العنف اللفظي ويحمّل الأستاذ رضا النجار العائلة المسؤولية في تقنين ما على أفرادها مشاهدته. ولم يخف الأستاذ رضا النجار أسفه لما يلاحظه من تسابق على نسب المشاهدة الذي جرّ القطاع العمومي جرا إلى مسار غير مطالب بالإنسياق فيه. ويضيف قائلا: «نحن مع التعددية وكل قناة جديدة أو وسيلة إعلام جديدة أعتبرها رحمة لأنها تأتي بخط تحريري جديد وتأتي باعتبارات جديدة وتخلق مواطن شغل جديدة للشبان والمبدعين». لكنه يطالب مقابل ذلك بالحفاظ على المسافة بين القطاعين الخاص والعام ويتمسك بضرورة أن يكون لكل قطاع منهما كرّاس شروط خاص به. ويتفق نوفل الورتاني مع الأستاذ رضا النجار في مناهضتهما للصنصرة وإن كانت مصطلحاتهما مختلفة فيقول: «عندما كانوا يقومون بالصنصرة يقولون نفعل ذلك لحماية المجتمع والأخلاق.. أنا لست مع الصنصرة ومع أن السوق هو الذي يفرض..كفانا تعاملا مع المتلقي كقاصر»..أما بالنسبة إلى خميس الخياطي الذي أكد تدخل لطفي العماري حيث أيّد فكرة وجود أناس «حراس على الأخلاق» حسب وصفه لكنه ليس ضد فكرة مراقبة القنوات بل يدعو إلى ذلك بالحاح من خلال التشديد على ضرورة أن يكون للمجلس الأعلى للإتصال ما أسماه بإلزامية القرار حتى يتمكن حسب قوله من مراقبة ما إن كانت القنوات الخاصة والعامة «تحترم قواعد اللعبة «ويقول في هذا الصدد: «لابد من هيكل لتقييم المشهد السمعي البصري مثل مركز المراقبة الفرنسي». .. وفي خضم التطرق إلى مسألة ضوابط وحدود الجرأة قال نزار الشعري: «..هذا ما يقودنا إلى الاعتراف بأنه يكفي أن نتعوّد على الجرأة..لكن إلى أي حد؟ هذا هو السؤال المهم… وفي رأيي فإن الحد المطلوب مرتبط ب»فلسة» المرحوم العروي.. اليوم نحن في فضاء مفتوح.. كل ما يرغب فيه المشاهد بدءا من القنوات الدينية إلى القنوات الإباحية..يعني أن كل ألوان الطيف موجودة فقط كل ما عليك أن تتحكم في الجهاز الذي بين يديك وأن تحدد ما عليك مشاهدته أو ما يجوز للعائلة المجتمعة أن تتابعه». وفي ذات المسألة ترى هالة الذوادي أن الجرأة طبعا لا بد أن تتقيد بالضوابط المهنية والذاتية ولا يمكن حصرها في الجنس.. وتضيف: «لا بد من طرق الأبواب المغلقة وفتحها ولا بد للمحاولات أن تتوالد طالما أنها تصب كلها في خانة الإفادة». (المصدر: “الصباح” (يومية – تونس)، بتاريخ 6 مارس 2010)  

النقابة الأساسية للخطوط الجوية التونسية بالمنستير وحمى الانقلابات وتغيير المسؤوليات

 


تعرضت جريدة الشروق في الأسابيع الأخيرة في أكثر من مناسبة “للتوتر ” الحاصل داخل النقابة الأساسية للخطوط الجوية التونسية بالمنستير دون أن تأتي بشكل واضح على خلفية تلك “التوترات والصراعات ومن يقف ورائها. ويهمنا من جهة إنارة الرأي النقابيين والرأي العام عموما أن نقدم من خلال هدا المقال لمحة مفصلة قليلا عن مسيرة هده التشكيلة النقابية مند مؤتمرها المنعقد في مارس 2007. حيث اجمع الأعضاء الفائزون في هدا المؤتمر على إسناد الكتابة العامة لبلقاسم النصيري رغم عدم تحمس الكاتب العام للاتحاد الجهوي لمثل هدا الخيار. ولم تمض أكثر من 7 أشهر حتى تمكن الكاتب العام الجهوي بمنطقه الجهوي المقيت وتنسيقه مع الحزب الحاكم من تأليب أغلبية الأعضاء ضد الكاتب العام فطالبوا بتحوير المسؤوليات مرددين ما لقنهم إياه الكاتب العام الجهوي بخصوص “عدم أهلية هدا الوافد من سيدي بوزيد لقيادة النقابة في المنستير ” و عدم “خلو جهة المنستير من الرجال حتى يلتجئوا للغرباء (البراينية). وقد تم التحوير بالفعل وزكاه قسم النظام الداخلي بوصفه”شأنا داخليا للجهة”. وتم بمقتضى دلك التحوير إسناد الكتابة العامة لأحد أصيلي المنستير وكتب في حينها مراسل جريدة الشعب في معرض تغطيته للحدث ( علما وأنه لا يكتب حرفا واحدا إلا بعد استشارة الكاتب العام الجهوي) كتب حرفيا “وقد استبشرت الإدارة لهدا التحوير. في الثناء اختار أحد أعضاء النقابة الأساسية لهده النقابة –في إطار “ولائه المطلق للعمل النقابي وقياداته” أن يتطوع للعمل كسائق خاص بالكاتب العام وأصبح يرافقه في جميع تنقلاته و يجمع له الأخبار و الوشايات ويتجند لترويج ما يأمره بنشره بين النقابيين تشويها لخصوم الكاتب العام الجهوي وتلميعا لصورة أتباعه. و تدخل الكاتب العام الجهوي مجددا وطلب من الكاتب العام لنقابة الخطوط الجوية التونسية (الذي لم تمض إلا بضع أشهر على توليه مسئولية الكتابة العامة) أن يتنازل عن دوره في حضور الاجتماعات النقابية واللقاءات التفاوضية التي تنعقد في تونس ويفوض للعضو السائق تمثيل النقابة في مثل هده المناسبات. فرفض الكاتب العام هدا الابتزاز وتمسك بحقه في ممارسة صلاحياته مما أثار مجددا غضب الكاتب العام الجهوي وحمله على أن يوعز “لسائقه ” بأن يقود حملة ضد الكاتب العام ويطالب مجددا بإعادة توزيع المسئوليات أو عقد مؤتمر استثنائي وهو ما تم بالفعل في 17/02/2009 وأفرز المؤتمر تشكيلة جديدة وأسندت الكتابة العامة توافقيا للعضو الذي فاز بأكبر عدد من الأصوات.ثم جاء موعد مؤتمر الاتحاد الجهوي وتدخل الكاتب العام الجهوي لإجبار الكاتب العام لنقابة مطار المنستير على إسناد إحدى نيابات هده التشكيلة في مؤتمر الاتحاد الجهوي” للعضو السائق” فرفض الخضوع لأمره وتصرف وفق قناعته. وغضب الكاتب العام الجهوي وانطلق مجددا يخطط لانقلاب جديد في هده النقابة محرضا أغلبة الأعضاء على المطالبة بإجراء تحوير في المسئوليات وهو ما حصل بالفعل يوم السبت27-02-2010 وفي غياب كل من الكاتب العام وعضو آخر. لكن العمال قد ردوا على هدا الانقلاب بإمضاء عريضة طالبوا من خلالها بعقد مؤتمر استثنائي سيكنس نهائيا- إدا ما تم عقده- العضو”سائق الكاتب العام للاتحاد الجهوي” من أي مسؤولية نقابية نقابي – المنستير . — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux


في معاقل الاستبداد النكتة السياسية تبحث عن بسمة


خــالد الطراولي عندما تعبر النكتة عن واقع متوتر النكتة في ظلال الاستبداد قامت منظمة عالمية باستطلاع للرأي حول انقطاع التيار الكهربائي، فسألت مواطنا غربيا عن رأيه في انقطاع التيار الكهربائي؟ فرد الغربي: يعني ماذا انقطاع؟ نحن ليس عندنا انقطاع في التيار الكهربائي، فسألوا مواطنا من العالم الثالث ما رأيك في انقطاع التيار الكهربائي؟ فرد: يعني ماذا كهرباء؟، فسألوا مواطنا عربيا ما رأيك في انقطاع التيار الكهربائي؟ فرد: يعني ماذا رأي؟! عالم النكت عالم عجيب وغريب، لا تعرف بدايته ولا حدوده، ولكنه موجود بيننا يصاحبنا في ترحالنا وإقامتنا، لا تكاد تخلو منه لغة أو ثقافة أو بلد، تجد للنكتة مرادفها في أكثر من حارة وجماعة وبلد، يتغير الفاعلون والأسماء وتبقى النكتة لتعبر عن فكرة وموقف يتجاوز حدود البقعة التي أطلقتها وأصحابها الذين اختلقوها، فهي عابرة للقارات وللزمن، وأكاد أجزم بأنها سبقت تقارب الأسواق وعولمة الاقتصاد وتداخل المصالح، وشكلت أول بنود ميثاق القرية الكونية الذي لم ير النور إلا أواخر الألفية السابقة. والنكتة السياسية هي إحدى أظرف هذه النكت وأكثرها تجاوزا للإطار الزماني والمكاني، وكثيرا ما سمعنا عن نكات تضحك شعوبا مختلفة الأعراق والتقاليد، وتفصلها مسافات التاريخ والجغرافيا وهي تعبّر عن أحوال وظواهر تجاوزت الحدود وجمعت كل هذه الشعوب. والنكتة السياسية تعبير عن العلاقة بين واقع يعيشه أصحابه وبين حاكم يحكمه، فيمكن أن تكون النكتة تعبيرا في إطار ديمقراطي أو في عالم مستبد. فنكتة الاستبداد غمغمة وإطارها الدهاليز والبيوت المغلقة والمشي حذو الحائط، وصاحبها الخوف والريبة والتوجس، ومآلها ضحكة عابرة لتنطفئ الشمعة بعد حين، وإن عرف صاحبها فهو في عداد المفقودين. أما نكتة الإطار الديمقراطي فهي علانية ومباشرة لا يحملها خوف ولا يصحبها ارتعاش الأصابع، ومآلها التغيير أو المساهمة في تنحية الغبار عنه، حتى إنها تصبح مؤشرا للشعبية لرجل السياسة ونوعا من الطمأنة حول وجوده في المشهد العام، حتى إنه يُروى أن ديغول كان كثيرا ما يحزن وينزعج خوفا من تدني شعبيته إذا لم يجد رسم كاريكاتير له منشورا أو نكتة سياسية تنقده! ولعل أخصب هذه النكات وأكثرها تداولا وأجملها تعبيرا هي التي تريد وصف العلاقة بين هذه الجماهير وحكامها، وتتجلى في هذه العلاقة المتوترة والتي ترتكز غالبا على استخفاف واستفراد وإقصاء واستبداد.. ولهذا تجد أن تكاثر النكت في هذا المجال يصحب درجة الاستبداد المصاحبة, فكلما كثرت النكت عبرت عن درجة متقدمة ومستويات عالية من الاستبداد والغطرسة. فالنكتة السياسية في مواطن الاستبداد تعبير أولي عن حالة خاملة أو متردية للحرية داخل البلد، وهي مؤشر نوعي وحقيقي لدرجة القهر السياسي التي عليها البلد ومستوى الفساد فيه. وفي التاريخ المعاصر مثـّل المعسكر الشرقي والستار الحديدي الذي نزل عليه طيلة عقود -وخاصة الإطار السوفياتي ومعتقلات الغولاغ في سيبيريا- ملاذا للتعبير عن هذه الظلمة والظلم اللذين حبست فيهما شعوب بأسرها. وبخروج هذه البلدان من ربقة هذا الاستبداد المانع للحرية، وقع تسليم هذا التراث إلى بقاع في العالم أضحت تعبيرا عن الاستبداد والاستخفاف بالشعوب، فكانت مناطق مثل أفريقيا والعالم العربي محطات ملزمة للنزول لمن أراد تتبع خطى النكتة السياسية وآثارها. كنا نتمنى إرثا غير هذا، ولكن الاستبداد أبى إلا أن ينشر رداءه علينا كاملا، يقول رسام الكاريكاتير الشهير ناجي العلي: من يريد النكتة في العالم العربي فعليه ألا ينظر إلى الكاريكاتير، بل إلى الواقع السياسي العربي. عندما تعبر النكتة عن واقع متوتر تتأرجح النكتة بين الدفاع عن الذات ومحاولة المقاومة والتعبير عن الرفض وعدم التقوقع، وبين الانسحاب الفعلي والانكفاء نحو مناطق أقل ضررا والاكتفاء بالقليل. بين هذين التفسيرين يبرز الدور الذي تلعبه النكتة سواء في البقاء على الحياة ولو على عكازين، أو الموت السريري الذي ينتظر صاحبه قبل النهاية الفعلية ودخول المقبرة. إن النكتة السياسية تنفيس ولا شك عن غضب منضبط وتعبير عن سخط عام، ومحاولة مواجهة الظلمة ولو بفانوس صغير أو شمعة لا يكاد زيتها يضيء، ولكنها يمكن أن تمثل خلاصا نهائيا مغشوشا وحالة ثابتة تلتجئ إليها الشعوب اضطرارا وتنتهي إلى أن تصبح مثبطا للعزائم واستئناسا وقبولا بها، فتتأقلم الجماهير مع الحالة وتنسى واقعها الحقيقي وما يتطلبه من تفاعل وتفعيل، وتصبح النكتة وأصحابها جزءا من الواقع المستبد بما تحمله من إرجاء وتواكل ورضاء به. فينقطع الحبل بين جماهير “تنكّت” غضبا لتضحك، ونخبة تحاول قيادة النضال ورج هذا الواقع الساكن والمجمد. فيمكن للنكتة من هذا الباب أن تحمل شحنة سلبية تخدم الاستبداد أكثر مما تعاديه وتساهم في تمكنه وتواصله. ومما يروى عن العديد من الحكام أنهم يتلهفون يوميا لسماع آخر النكت التي تعنيهم ولا يرون غضاضة في الاستمتاع بها وبداية صباحهم بابتسامة واستلقاء على السرير من كثرة الضحك! من هذا الباب لا نستغرب أن تخدم النكتة الاستبداد من خلال تفريغ شحنة الغضب وتسكين السخط وجعل الجماهير تعتقد أنها أدت دور المعارضة والرفض وزيادة، وأن مسؤوليتها انتهت عند عتبة خيمة الحاكم. كما أن النكتة يمكن أن تخدم بعض القرارات التي يريد المستبد إيصالها بطريقة لطيفة وحتى مضحكة، ولكنها بإعادتها وتكرارها في غلاف الابتسامة والضحك وتعوّد الناس على سماعها، تصبح غير غريبة ولا شاذة، وتنطلق في التمكن داخل وعي الجماهير ومخيالهم. ولذلك نرى في بعض البقاع كثرة النكات حول توريث الحكم للأبناء أو الزوجات، فتكون البداية اندهاشا وضحكا واستلقاء على الظهر، وفي النهاية قبولا وانسحابا وزحفا على البطون. ولهذا ليست النكتة السياسية دائما معراجا واضحا وسليما، لتمثل ذلك البعد المعروف في أنها معارضة في إطار دافئ ومبتسم، ولكنها يمكن أن تكون أداة للاستبداد في تمرير فعل أو نظر بكل هدوء، وهو يراهن على قابلية الجماهير التي تبنى في منازل اللاوعي. النكتة في ظلال الاستبداد بين هذا وذاك، وإذا ما أرادت النكتة أن تحمل روح الخلاص -حسب تعبير غورباتشوف الرئيس الأخير للاتحاد السوفياتي سابقا، وهو يعلق على حالة بلاده أيام السوفيات- فإنه يجب أن تكون النكتة مسارا سياسيا واجتماعيا ضاغطا، ومنهجية مقاومة مدنية ناجحة إذا احترمت شروطا، منها: * النكتة محطة في المقاومة المدنية وليست كل المقاومة، حتى لا يهيمن السكون والإرجاء وتتعطل المسارات وينجو الاستبداد مراهنا على العدم. فهي مسار متزامن مع مسارات أخرى في المعارضة ومقاومة الاستبداد. * النكتة بداية وعي بالمقاومة السلمية وليست نهاية الوعي، ولهذا ليست من مهمة المعارضة الواعية استباق ضحك الجماهير أو مصاحبته نحو مناطق السكون وإراحة الضمير، والقناعة بأنها أدت المسؤولية وكفى الله المؤمنين القتال، ولكن يجب توظيف هذه الاستفاقة الجماهيرية المبتسمة والمتواصلة، ودفعها إلى مناطق أكثر وعيا وفعلا سلميا. لقد كان سؤال النهضة بحثا عن الاستبداد ومواقعه وآلياته ومحاولة تجاوزه فهو عين الداء ولا يزال، وإذا كان هذا السؤال متواصلا ومحاولة الأجوبة كذلك بين حاكم ومحكوم ونخبة وعوام، إلا أن الاستعمار الذي كان إطاره قد ولى أو يكاد، وعوضته وجوه من بني جلدتنا تحمل أسماءنا وتدفعنا إلى البحث عن استقلال ثان بعدما خابت الآمال وتنحى الرجاء… سؤال النكتة السياسية اليوم وفي ديارنا ومن داخل دهاليزنا وكهوفنا ليس إلا تثبيتا وتعميقا لنفس السؤال ولكن تحت لحاف يبتسم، ابتسامة المنهوك أو المحبط أو اليائس أو الثائر، أو كل ذلك. سؤال النكتة السياسية اليوم هو بين استكانة وتقوقع ورمي للمنديل واختفاء في المقابر واتكال على الآخر، لعله يأتي من السماء أو من تحت الأرض أو من وراء الحدود، وبين ثائر ومقاوم لم يعد يملك أداة غير ابتسامته ولا وسيلة للتعبير عن معارضته سوى بياض أسنانه، وفي كلتا الحالتين هو تعبير عن أزمة الكلمة وأزمة الفكر وأزمة الرأي في ديارنا. لقد قيل إن ابتسامة الإنسان هي عنوان بشريته، فالحيوان لا يضحك، والإنسان حيوان ضاحك… وحتى لا يصبح حيوانا يُضحِك، فإن شروط إنسانيته تكمن في تعامله الواعي والمتحدي لأي واقع مهتز ومتوتر يدفعه إلى الانسحاب والتقوقع ودخول المقابر والرضا بصولة الدرة والصولجان. وحتى يبقى حديثنا كما بدأناه يحمل البسمة المعبرة، ورغم منازل اليأس والتيئيس المحيطة والغالبة، إليكم هذه الطائفة الصغيرة من النكت التي تلخص كل حديثي وتتجاوزه… وهي على بساطتها تعبر عن مفاهيم وأدوار كبيرة تتماهى بين ديمقراطية وتنمية وشعوب وحكام. أحدهم وجد فانوسا سحريا فمسحه فطلع له عفريت، وقال له اطلب ما تريد، قال له الرجل، وهو من الذين يعانون من أزمة المواصلات في بلده: أريد كوبري (جسر) من بلدي إلى العاصمة، فأجابه العفريت: هذه صعبة، اطلب شيئا آخر. قال الرجل: اجعل حاكمنا يترك السلطة! فقال له العفريت مسرعا: الكوبري الذي تريده طريقان ذهاب وإياب أم ذهاب فقط!!!. كان أحد السياح يركب تاكسي في البلد الذي يزوره، وكان صاحب التاكسي معلقا ثلاث صور لرؤساء البلد داخل العربة، فاستوضح السائح من السائق عنهم، فأجابه صاحب التاكسي: أما هذا فرئيسنا الأول جاءنا بالاستقلال ورحل، وأما هذا فهو رئيسنا الثاني، قال إنه جاء بالاستقلال الحقيقي ثم رحل، وأما هذا الأخير فهو أبو علي شريكي في التاكسي!. في حوار بين وزير عربي ووزير غربي، قال هذا الأخير نحن في بلادنا نعطي للموظف 10 آلاف دولار في الشهر كحد أدنى، ونأخذ منه 5000 كضرائب وفواتير ماء وكهرباء، ولا نسأله بعد ذلك ماذا يفعل بالبقية. فأجابه الوزير العربي نحن أحسن منكم نعطي الموظف 200 دولار في الشهر ونأخذ منه ألفا، ولا نسأله من أين يأتي بالبقية!. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 07 مارس  2010)  


إلى من يهمّه الأمر : الرّسالتين 15 و16

إلى من يهمّه الأمر : الرّسالة 15 الصّورة تأكّد الحقيقة  
يندرج هذا النّص ضمن مجموعة من النّصوص كنتم قد طالعتم بعضها وتواصلون التمتّع بها في الأيام المقبلة لتنقل لكم تفاصيل مثيرة، عايشتها أو علمتها من مصادر موثوق بها، تتعلّق بالشّـابة وبعض ممارسات مسئوليها وبعض نكت هذا الزّمان. رسالة اليوم حمّلتها صورا، علّ الصّور تمكّن المتابع من فهم وضعيّة المدينة جيّدا وتمكّنه علاوة على الرّسائل الأخرى فهم اهتمامات مسؤولي المدينة في ضلّ النّقائص والاخلالات. شكرا وتندرج الرّسالة في اطار معالجة مؤسّسة تربويّة أكنّ لها حنينا غير عاديّ، مكّنني أحد الأصدقاء من صور لحالها المحزن، وهي كالآتي: المعهد الثّـانوي أبو القاسم الشّـابي بالشابة الحالة الأولى : صورة لوضعيّة بيت الرّاحة المخصّصة للتّلاميذ الذّكور وأكّد محدّثي أن الوضعيّة أعمق بكثير الحالة الثّـانية : حالة أسقف قاعات العلوم الفيزيائيّة ، ممتلئة بالثّقوب الحالة الثّـالثة : بالوعات المجاري مفتوحة، بدون غطاء أو حماية بالقرب من حجرات الملابس وبالقرب من الملاعب المخصّصة لحصص التّربية البدنيّة الحالة الرّابعة : وضعيّة التّطهير وتصريف المياه المستعملة بالمعهد : اهمال كامل ألخّص نصّ الرّسالة في سؤال واحد: بعد تعداد هذه الصّور وغيرها كثير ولكن أردت الاختصار، أين تصرف الأموال المخصّصة للصّيانة بالمعهد ؟؟؟؟ لمشاهدة الصوّر انقر على الرّابط التالي http://www.facebook.com/notes/nzr-bn-sn/ly-mn-yhmh-lmr-lrsl-15-lwr-tkd-lqyq/342903249806 إلى من يهمّه الأمر : الرّسالة 16 (عندما يتمّ تجاوز السّلطات) يندرج هذا النّص ضمن مجموعة من النّصوص كنتم قد طالعتم بعضها وتواصلون التمتّع بها في الأيام المقبلة لتنقل لكم تفاصيل مثيرة، عايشتها أو علمتها من مصادر موثوق بها، تتعلّق بالشّـابة وبعض ممارسات مسئوليها وبعض نكت هذا الزّمان. وجدت من الضروري أن أعرّج على بعض مسئولي مدينة الشّـابة الّذين ما انفكّوا يواصلون اعتداءاتهم على القانون بحكم طبيعة وظائفهم. شكرا البطل الأوّل الّذي سنتحدّث عليه مرارا وتكرارا في ما تبقّى من رسائلنا لهو شديد الشّبه بضابط البوليس أيّـام محاكم التّفتيش في أوروبا، يأمر وينهى، يدوّن المحاضر كما يحلو له، ولا يقرّ شخص وحيد في المدينة بمصداقيّة بل لا تكاد تجد انسان في المدينة يكنّ له الاحترام أو الرّغبة في البقاء في الشّـابة، كما أطلعني عديد الأصدقاء. انّه عون البوليس، البطل الهمام، محمّد سلاّم، نائب رئيس مركز الأمن بالشّـابة. واليكم بعضا ممّـا قام : يوم السّبت 12 ديسمبر الفارط قام عون الأمن المذكور بالاعتداء بالعنف اللّفظي على أستاذ تعليم ثانويّ أمام المدرسة الإعدادية فرحات حشّـاد بالشّـابة. وكان بطلنا الهمام بصدد تدبّر توصيلة مجانيّة لزميل في مفترق طرقات قريب من المدرسة عندما مرّ الأستاذ وتوجّه بإشارة للعون مفادها أنّه ليس على سفر وليس بإمكانه إيصال الشّرطي الطّـالب للتّوصيلة، فقام هذا الأخير بملاحقته بسيّـارته (golf4) وقطع الطّريق عليه وتوجّه له بـألفاظ بذيئة تمسّ من شخص وكرامة المدرّس وسلك التّعليم من قبيل”..كثّرتولها رجال التّعليم..” وعلى مرشدة تربويّة جاءت تستنكر الألفاظ الّتي توجّه بها العون لزميلها، وان ادّعى بعض الأساتذة براءة سلاّم من هذه الممارسات فذلك من قبيل المقايضة، وأكّد كثيرون ومن الثّقاة صحّة ما ذكر في هذا النّص. وتضامن الإطار التّربويّ بالمدرسة الإعدادية مع زملائهم في مناسبة أولى وخاضوا إضرابا بخمسة عشر دقيقة تعطّل فيها سير الامتحانات، ثمّ دخلت المؤسّسات التّربوّية بالشّـابة في إضراب ثان بـ15 دقيقة يوم الاثنين 14 ديسمبر تنديدا بممارسات العون المتجاوزة للقانون، والنّتيجة دروس معطّلة وحالة اضطراب داخل المؤسّسات التّربويّة، والسّبب شخص وحيد مخالف للقانون مستمدّا لقوّته من بعض علاقات ومتستّرا وراء وظيفته في سلك الأمن. السيّد سلاّم يعمل بحسب المزاج، فتراه مرّة يقلب المدينة رأسا على عقب لتنتقل المدينة من حالة الهدوء إلى اضطراب غير طبيعيّ، فيقوم بإيقاف القاصي والدّاني ولا يخلو الإيقاف من سبّ وشتم وعنف في بعض الأحيان لينتقل إلى تلفيق تهم عندما تقتضي الحاجة. منذ شهرين تقريبا تمّ إيقاف شخص مصاب بمرض في الأعصاب قرب منزله وتمّ ذلك بتعلّة حمله لزجاجة خمر كانت موضوعة كـــكمين لأحدهم(ع.ق.)، وسجّل له محضرا تضمّن تهما لا متناهية، وتمّ نقل المتّهم الضحيّة إلى السّجن وعرض على المحكمة، ذنبه أنّه لم يفهم قانون لعبة صديقنا. أمّـا ما كان من حوار بين المتورّطين في قضيّة الزّنا مع فتاة قاصر وصديقنا حافظ القانون، فيعرفه القاصي والدّاني وكما ذكرت في رسائل فارطة، لا يختفي الخبر في مدينتنا أكثر من بضع دقائق والحمد لله على هذه النّعمة، وسيكون موعد لاحق مع تفاصيل تلك القضيّة. أمام مقرّ الاتّحاد المحلّي للشّغل بالشّـابة، شارع 9 أفريل وفي يوم ممطر منذ سنة تقريبا، اثر تحرّكات التّنديد بالعدوان على قطاع غزّة، قام نفس الشّخص بتهديد النّقابيّين وشتم آخرين والاعتداء بالعنف اللّفظي والمّـادي على طالبة في الطّريق العام (أكيد أنّ جميع من حظر يومها يفتكر المشهد)، ذلك أنّ المسكين نسي أنّ طبيعة النّظام جمهوريّ وأنّه كان من المفروض أن يكون خادم المواطن لا جلاّد له، كما نسي أنّ لاتّحاد الشّغل وللنّقابيّين والسّياسيّين والحقوقيّين والمواطنين الحاضرين يومها شرعيّة تفوق شرعيّة ومصداقيّة نسبه المذكور في مضمون الولادة، ولكن طبيعة البلاد والعباد سمحت بذلك فسامحها الله. أمّـا فيما يتعلّق بالشّهادات وكيفيّة كتابتها ومحاضر البحث وكيفيّة صياغتها والشّكايات وطريقة حفظها فذلك موضوع ثان لا تكفي مجلّدات لحصره وتركته ليتمّ نشره في غير المكتوب، ستسمعونه لاحقا في تسجيلات صوتيّة لشهادات حيّة تتحدّث عن الوقائع وتعذّر نشرها الآن لاحتوائها الكثير من الكلام النّابي الّذي لا نرغب لـــمتابعينا سماعه، نحن في صدد الاشتغال عليها. أسفي شديد أنّ شخصا حضي بأهميّة تفوق قيمته ليخطّ قلمي سطورا عدّدت بعض ممارساته، وكنت مضطرّا لأنقطع عن الكتابة مرات عديدة لغرض التقيؤ أو الوضوء فقد أصابتني النّجاسة لمجرّد كتابة الاسم وتعداد الممارسات وأضنّ أنّي سأضطرّ لكتابة الرّسائل القادمة الّتي تتمحور حوله في الحمّـام أو الإسطبل علّ ذلك يقلّل من وطأة العفن والنّتونة. انقر الرابط التالي http://www.facebook.com/note.php?note_id=344905324806&comments#!/notes/nzr-bn-sn/ly-mn-yhmh-lmr-lrsl-16-ndm-ytm-tjwz-lslt/344905324806 نزار بن حسن


نسبة الممنوحين لا تتجاوز 12 بالمائة ـ 23 ألف طالب ـ باحث لا يتمتعون بالمنحة ويتهمون المعدل والمحاباة


يعاني جل طلبة المرحلة الثالثة المرسمين بالمؤسسات الجامعية التونسية من إشكالية عدم توفر الإمكانيات المادية الضرورية لإتمام بحوثهم ويقولون إن عدد المتمتعين بالمنح الجامعية ضئيل للغاية وبالعودة إلى إحصائيات وزارة التعليم العالي نجد نسبة الممنوحين لا تتجاوز 12 بالمائة ويبلغ عددهم أقل من ثلاثة آلاف طالب من بين أكثر من 26 ألف طالب بالمرحلة الثالثة.. وبالإضافة إلى ذلك فإن حظوظ التدريس بالجامعة ليست متاحة لهم جميعا الأمر الذي جعل بعضهم يشكّكون في توفّر الشفافية الكافية في عملية إسناد هذه المنح كما يعتبرون أن المحاباة تلعب دورا كبيرا في الانتداب. وفي المقابل تفيد معطيات الوزارة أن إسناد المنح والانتداب يتمان وفقا لشروط معينة يتعين توفرها لدى الطالب.. ضرورة قصوى أجمع طلبة المرحلة الثالثة الذين تحدثنا إليهم أمس في مكتبة كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس على أن المنح الجامعية تعد «ضرورة قصوى للطالب».. وقال معز الباحث في التاريخ المعاصر: «من المفروض أن يتمتع كل طلبة المرحلة الثالثة بمنح جامعية لتوفير المال الضروري لإتمام بحوثهم.. لأن إعداد الأطروحة يتطلب مصاريف كبيرة.. فالطالب يحتاج إلى اقتناء كتب وطبع دراسات ورقن أطروحته وطباعتها والتنقل إلى كليات أخرى ومراكز بحث والإبحار في شبكة الانترنيت.. وكل ذلك له ثمن.. ولا يستطيع الطالب في مرحلة عمرية معينة مطالبة عائلته بتوفير هذه المصاريف». ولاحظ معز أن شرط الحصول على منحة جامعية يعد تعجيزيا خاصة بالنسبة لطلبة الشعب الأدبية.. ويتمثل هذا الشرط في إحراز الطالب طيلة سنوات الدراسة الأربع السابقة على معدل 11 من عشرين. وذكر أنه من العسير جدا على طالب في اختصاصات أدبية الاستجابة لهذا الشرط وهو ما حرم آلاف الطلبة من حق الترشح للحصول على منحة. وأضاف معز أن هناك طلبة تعوزهم الإمكانيات المادية وتحول دون تمكنهم من إتمام بحوثهم بالسرعة المطلوبة فهم يضطرون بالإضافة إلى البحث العلمي للبحث عن شغل وقتي حتى وإن كان المرتب ضعيفا.. لا لشيء إلا لأنهم يحتاجون توفير مصاريف الغذاء واللباس والتنقل وكل ما يتطلبه إعداد الأطروحة ومصاريف تسوغ مسكن نظرا لأن طالب المرحلة الثالثة لا يتمتع بسكن جامعي. وذكر محمد أنه اضطر للبحث عن شغل وقتي قصد توفير مصاريف البحث العلمي.. وبين أنه ما كان ليفعل ذلك لو كان يتمتع بمنحة جامعية. وبينت الطالبة سهير جميل أن والدها يشتغل موظفا في القباضة ويتقاضى مرتبا بسيطا تأخذ منه النصيب الأوفر لتقتني الكتب والدراسات التي تحتاجها في بحثها في اختصاص الإنقليزية وهي تشعر بحرج كبير ولكن ليس أمامها خيار آخر.. فهي لم تعثر على شغل وتريد مواصلة بحوثها حتى تتمكن من الظفر بموطن شغل في الجامعة. وفي هذا الشأن تحدث طلبة المرحلة الثالثة ماجستير عن رغبتهم الكبيرة في التدريس في الجامعة وبينوا أن هناك من زملائهم من تحققت له هذه الأمنية وذلك لتوفر عدة عوامل منها ـ وليست ـ أهمها «أكتاف صحيحة». وقال معز «إن المحاباة موجودة.. والكل يعرف ذلك» وهو ما أكده الهادي الذي اعتبر «أن الأمر عادي لأن الجامعة ليست في منأى عن المجتمع وبما أن المحاباة و»المعارف» و»الأكتاف» ظواهر موجودة في المجتمع فإنها ستوجد بالضرورة في الجامعة». بالإضافة إلى المحاباة بين معز والهادي ومحمد أن الأساتذة المؤطرين يلعبون دورا كبيرا في الانتداب.. وذكروا أنه بقدر المكانة التي يحظى بها المؤطر في الجامعة بقدر ما تكبر حظوظ طلبته في الظفر بعقود عمل جزئية أي أنهم يدرسون نصف الوقت بنصف الأجر.. وهي خطوة أولى نحو عقود أهم تضمن لهم أجرا كاملا. مراجعة شروط المنح في ما يتعلق بالمنح الجامعية تشير مصادر دواوين الخدمات الجامعية إلى أن عدد المنح وبعد أن تمت مراجعة شروط إسنادها في مطلع السنة الجامعية الجارية سيتطور وتؤكد المصادر نفسها على وجود توجه يقضي بتمتيع عدد أكبر من طلبة المرحلة الثالثة بهذه المنح لكي يتمكنوا من مواصلة دراستهم وبحوثهم في ظروف أفضل. وقالت مصادر لـ«الصباح»: «ينتظر أن يتطور عدد المنح هذه السنة الجامعية كما ينتظر أن يرتفع مستقبلا من سنة إلى أخرى فبمقتضى القرار الصادر بتاريخ 26 أكتوبر الماضي تغيرت شروط إسناد المنح.. وبعد أن كان أحدها ينص على ضرورة أن لا يتجاوز الدخل السنوي الخام للأجر الأدنى المهني المضمون ستة آلاف دينار أصبح الدخل يساوي أربع مرات الدخل السنوي المضمون وهو ما مكن عددا أكبر من الطلبة من إمكانية الترشح لنيل المنح الجامعية». فعلى سبيل المثال مكن تغيير هذا الشرط من الترفيع في عدد طلبة المرحلة الثالثة الممنوحين والراجعين بالنظر لديوان الخدمات الجامعية للوسط من 339 طالبا إلى أكثر من 500 طالب هذه السنة.. وبينت مصادرنا أن وزارة التعليم العالي وضعت هذا العام وككل سنة منحا على ذمة الطلبة المرسمين بالمرحلة الثالثة في مؤسسات التعليم العالي والبحث في تونس ودعت منذ شهر أكتوبر الماضي رؤساء الجامعات والعمداء ومديري مؤسسات التعليم العالي والبحث لإعلام الطلبة بذلك وتعليق الإعلانات الخاصة بمنح المرحلة الثالثة لكي يطلع عليها الطلبة.. وبعد ذلك قدم الطلبة مطالبهم لمؤسساتهم الجامعية التي عملت على ترتيب المترشحين حسب معدلاتهم وحسب شهاداتهم ثم أحالت منذ شهر نوفمبر تلك الملفات مرتبة إلى رئاسة الجامعة. سعيدة بوهلال (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 07 مارس 2010)


بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة:

الرئيس بن علي يوجه رسالة إلى رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية * المرأة التونسية أصبحت اليوم رمز الحيوية والحداثة وحصنا حصينا ضد تيارات الرجعية والتطرف

 


تونس (وات) – بمناسبة الاحتفال، يوم الاثنين 8 مارس، باليوم العالمي للمرأة، وجه الرئيس زين العابدين بن علي رسالة إلى السيدة عزيزة حتيرة رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية. وفي ما يلي نص الرسالة: // السيدة عزيزة حتيرة تحتفل بلادنا بكل حماس واعتزاز مع سائر أعضاء الأسرة الدولية باليوم العالمي للمرأة. ويطيب لي في هذه المناسبة المتميزة أن أتوجه إليك وإلى عضوات المكتب التنفيذي للاتحاد الوطني للمرأة التونسية بأحر التحيات وأزكى التمنيات، مهنئا النساء التونسيات كافة داخل الوطن وخارجه بهذا اليوم العالمي وراجيا أن يعود عليهن بمزيد التقدم والنجاح. وإنه لمن حسن الصدف أن يتزامن احتفالنا باليوم العالمي للمرأة هذه السنة مع الذكرى الحادية والثلاثين لاعتماد الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ومع رئاسة تونس، في شخص السيدة ليلى بن علي، لمنظمة المرأة العربية، بما يثبت جدارة بلادنا بأن تكون في مقدمة البلدان التي منحت المرأة أوفر الحقوق وبوأتها أفضل المراتب. لقد كانت تونس سباقة في وعيها المبكر بقضية المرأة بفضل ما ظهر فيها من حركات إصلاحية رائدة أكسبت بلادنا رصيدا فكريا واجتماعيا أصيلا يجمع بين التحرير والتنوير والتطوير والتحديث والتسامح والاعتدال ويزداد غزارة وعمقا بتوالي العهود وتنوع المراحل. وكنا بادرنا منذ الأيام الأولى من التغيير بوضع منظومة متكاملة من التشريعات الاجتماعية التي تناولت تكريس حقوق الإنسان في أوسع معانيها وأنبل غاياتها ولاسيما منها ما تعلق بالأسرة والمرأة والطفولة إضافة إلى المبادرات والإجراءات التي اتخذناها في المجال وشملنا بها الدستور ومجلة الأحوال الشخصية ومجلة الشغل وقانون الجنسية والمجلة الجزائية وذلك من أجل حفظ كرامة الرجل والمرأة على حد سواء وتكريس مفهوم المساواة والشراكة بينهما في الأسرة والمجتمع. فلا عجب إذا استكملت المرأة التونسية في زمن قياسي حقوقها واقتحمت ميادين الفعل وإثبات الذات في مختلف أوجه النشاط والنضال وفي شتى مواقع المسؤولية والقرار حتى أنها أصبحت اليوم رمز الحيوية والحداثة في مجتمعنا وحصنا حصينا ضد تيارات الرجعية والتطرف. وإذ يحق للمرأة التونسية أن تفتخر في هذا اليوم العالمي للمرأة بما تحقق لها من مكاسب وإنجازات وبما تمارسه من أدوار ومسؤوليات في الأسرة والمدرسة والكلية والإدارة ومؤسسات الإنتاج والمال والأعمال وفي مجالات الإبداع الفكري والثقافي والفني والرياضي وفي المؤسسات الدستورية ومكونات المجتمع المدني عامة، فإنه يحق للشعب التونسي أيضا أن يعتز بما يسود مختلف أفراده وفئاته وأجياله من تماسك وتوازن وتكامل، تعتبر أنفس الفضائل التي يملكها في رصيده الاجتماعي والسياسي الذي يتميز به في محيطه الجغرافي القريب والبعيد. وكل عام والمرأة التونسية بخير وكل عام وتونس بخير. (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 7 مارس 2010)


تبادل الأدوار؟

حسن بن عثمان (*) في الإبداعات الفكرية والأدبية والفنية والعسكرية وشؤون الحكم ليس ثمة من تبادل للأدوار، ولذلك فالأدوار محسوبة لأناس بعينهم. نقول الرشيد أو المتنبي أو التوحيدي أو الجاحظ أو الغزالي أو الشابي أو الطيب صالح، أو العبادلة السبعة، فهم أدوارهم تدور الأفلاك لأجلهم. الدور دور لا محيد عنه، ولا يمكن تسليفه أو تسلفه. الإبداع دور مثله مثل الجندية، ليس فيه مجال لتبادل الأدوار، كما أن الجندي حين يفتدي فإنه يقوم بدور يؤمن به، وهو في ذلك لا يتبادل أي دور من الأدوار، ففي الجندية كل الأعضاء جنود لا فرق بين أعلاهم رتبة وأدناهم، فكافتهم ينتظمون لأمور عليّة، تتمتع بنوع من القدسية، لأن في المسألة فداء. المبدع مثل الجندي يفتدي ولا يقتدي، رغم أن في افتدائه اقتداء، وفي إبداعه فداء. والقدسيات المقدسات في ذلك لا تنالها أراجيف القول العمومي العادي. وكما أن الحياة الإنسانية والمجتمعات في حاجة إلى العلوي فهي في حاجة، بالقدر ذاته، إلى السفلي. في حاجة إلى الدور وإلى تبادل الأدوار. في حاجة إلى الصميم والبديع، وإلى الشبيه والنظير. الدور لأصحاب الدور أما تبادل الأدوار فهو فن من الفنون الشريفة، الشريفة كما كان يقال، ويلزمه في الرواية كما في المجتمع مؤهلات خاصة، تعرّفنا بطريقة الإيحاء واستراتيجيات المعاني وتقنيات إدارة الرموز والإخبار عن التحيّزات والتقلقات والمرحليات. مثلا، لنحدد الأمر في مجال الإعلام المكتوب. حزب عمره يفوق عمر دولة استقلاله، في جميع تجارب الدول العربية، التي يتراوح عمر استقلالها بين الخمسين والتسعين سنة، هل من الممكن العثور على وسيلة إعلام جماهيرية مكتوبة منسوبة لذلك الحزب؟ من أعرق دولة إلى أحدثها، بل يتسع النظر إلى ما يسمى أحزاب المعارضة، من من تلك الأحزاب توفّر على جريدة تجرد كل أموره، أو بعضها الكثير، وتجعله على علاقة بأناس بلده وبالدنيا. أعتمد في هذه الخاطرة على الكثير من التورية لطبيعة الحال. حزب لا يتبادل الأدوار مع صحيفته وكتاب صحيفته، فهو يتماهى مع الدور المركزي ويهمل الدور الجماعي، وفي ذلك يهدر الفداء والاقتداء، يتماهى مع المبدعين والإبداع، أي مع الذاتي في مسائل غير ذاتية، وفي ذلك إضرار بالمسائل كلّها. ومن تبادل الأدوار منظمات للشغالين تنشر جرائد للنخبة، وليس على بالها ما يرضي الشغالين بالفكر والساعد لكي يتابعوا جرائدها ويجدوا أنفسهم فيها. مثلما يحدث في منظمات الأعراف التي تصدر جرائد لا علاقة لها بمهام الأعراف وأدوارهم، جرائد للرواج الشعبي، وتنجح في ذلك بما تروجه من شعبويات. حزب يعارض دولة ولا يقدر على تكوين جريدة وإدارتها، كيف يمكنه إدارة دولة. حزب لا يعرف كيف يجعل له جريدة، هل يمكن الوثوق به؟ يبدو أن هناك الكثير من مظاهر تبادل الأدوار غير المسرحية وغير الفنية وغير الإبداعية وغير العسكرية وغير المدنية، في حضورنا اليومي في المدينة، وهي جميعها من مظاهر قلق أدوارنا الذاتي وتبادل أدوارنا الوجودي، وإدارة شأننا الإنساني. فأي ركح سيحتوينا؟ وبأي فوضى أدوار؟ (*) كاتب وروائي تونسي (المصدر: “الصباح” (يومية – تونس)، بتاريخ 6 مارس 2010)


هل تكون البنوك الإسلامية في تونس نسخة من المصارف التقليديّة؟

محمود البارودي، خبير اقتصادي عرفت الصناعة المالية الإسلامية منذ نشأتها مطلع السبعينات من القرن الماضي نموا منقطع النظير و ذلك للاعتقاد السائد بأنه من المستحيل تصور وجود نظام مصرفي لا يتعامل بنظام الفائدة . فقد قررت منظمة المؤتمر الإسلامي في قمة لاهور سنة 1974 إنشاء البنك الإسلامي للتنمية و في سنة 1975 أنشأ أول بنك خاص و هو بنك دبي الإسلامي. في نفس السنة تم إحداث الجمعية الدولية للبنوك الإسلامية هدفها وضع معايير التعامل المالي الإسلامي و الدفاع عن المصالح المشتركة. في 1979 كانت باكستان أول دولة تعلن أسلمت القطاع المصرفي برمته لتتلوها بعد ذلك و في سنة 1983 كل من السودان و إيران. و قد اختارت كل من هذه الدول أن تقود إصلاحات شاملة لتتوافق مع النظام المالي الإسلامي. تشتمل صناعة الخدمات المالية الإسلامية على المصارف الإسلامية التجارية و الاستثمارية و كل الخدمات المالية التي تقدمها المصارف التقليدية. و يقوم التصور المالي الإسلامي على نظرية المشاركة في الأرباح و الخسائر و الدخول في مجلات الاستثمار المباشر و تحمل المخاطر. من حيث الإطار القانوني يمكن تصنيف المؤسسات المالية الإسلامية إلى ثلاثة مجموعات: المجموعة الأولى: تعتبر كل المؤسسات التي نشأت في البلدان الإسلامية و التي غيرت نظامها المصرفي كليا (مثل إيران،باكستان و السودان) أو جزئيا على غرار تركيا. المجموعة الثانية: و التي تنطوي تحت إطارها مجمل المؤسسات المصرفية الإسلامية التي توجد في البلدان الإسلامية يقوم اقتصادها على النظام المصرفي التقليدي (قوانين مصرفية غربية). نشأت هذه البنوك بعد إصدار البلدان الحاضنة قوانين خاصة تعفيها من إلزامات العمل المصرفي السائد و قوانينه. المجموعة الثالثة: تضم المصارف الإسلامية التي نشأت في الدول الغربية على غرار الدنمارك و المملكة المتحدة، و لكنها تمارس نشاطها دون تغيير القوانين المصرفية التقليدية. و بالتالي فقد أثبتت هذه التجربة أن المصرفية الإسلامية يمكن أن تمارس وفقا للشريعة الإسلامية و للقوانين المصرفية الغربية. ويمكن اعتبار تجربة بنك الزيتونة حالة خاصة نظرا لأن تونس دولة إسلامية لم تتخذ أي قانون يعفي البنك من إلزامات العمل المصرفي التقليدي و لكنها في نفس الوقت منعته من إضفاء التسمية الإسلامية عليه. لقد دفعت الأزمة المالية العالمية الكثيرين إلى الإشادة بالبنوك الإسلامية و التمويل الإسلامي كحل للخروج من هذه الأزمة. إن ما نستنتجه من خلال تحليل انعكاسات الأزمة على بعض المصارف الإسلامية هو عدم تأثرها بشكل كبير و إن كان هناك تأثير فانه على الأرباح و ليس على رأس المال.فالشريعة الإسلامية حرمت شراء الديون و المضاربة على رؤوس الأموال و هذا ما جعل هذه المصارف و المؤسسات محصنة ضد هذا النوع من الأزمات و بالتالي يمكن أن تكون ملاذا أمنا للسيولة المتوافرة. في الوقت نفسه تسعى عديد المؤسسات طرح بدائل تدعم بها صيغ التمويل الإسلامي و تلبية الطلب المتزايد للعملاء الذين يبحثون عن بديل إسلامي . إن الهدف من وراء المصارف الإسلامية هو توسيع توريق الاستثمارات و تسييلها و جلب المدخرات الصغيرة قبل الكبيرة من اجل إتاحة الفرصة أمام الأغلبية للاستثمار و هذا ما يساهم في زيادة عرض المدخرات الموجهة نحو الاستثمار و النتيجة الحتمية هي الحد من ظاهرة البطالة التي استفحلت في معظم البلدان العربية. لكن الخوف من أن يكتفي الساهرون على هذه التجربة في تونس على اختيار اسم البنك أو مفهومه الأساسي الذي لا يتجاوز مسألة الوساطة المالية، فتصبح بعد ذلك الصيغ الاستثمارية المفضلة لا تختلف عن سمات البنوك التقليدية الأخرى و يعجز بالتالي عن إبراز معالم الاستثمار الإسلامي المبني على المخاطرة و على الاستثمار الحقيقي. إن أهم ما في الأمر هو أن الهياكل التنظيمية للبنك يجب أن تعير إهتماما لإدارة الاستثمار في حجمها و تخصصاتها ، بحيث تستوعب جميع ضروب النشاط الاقتصادي المنتج و لا تكتفي بجهاز صغير و عمليات روتينية تشبه الأنظمة التقليدية و لا تتجاوز تأثيراتها. كما لا يجب تكريس التمويل تجاه ميسوري الحال فحسب الذين يملكون الضمانات بأنواعها، و تجعل بالتالي المستثمر يتحمل مخاطر الاستثمار دون أي مشاركة للمصرف. لذلك لا يجب أن تتحول قوة الضمانات هي الأساس في تمويل المشاريع بل يجب إيلاء أهمية كبرى إلى دراسة الجدوى الاقتصادية. لكن اخطر ما في الأمر أن يتحول التمويل التجاري سببا في أثار تضخمية تربك نظام الأولويات و الضروريات و بذلك يتم إفراغ العمل المصرفي الإسلامي من مضامينه الحيوية و أهدافه الإستراتيجية و التي تتجاوز مسالة اجتناب الربا إلى المساهمة الفاعلة في تنمية مجتمعات من خلال دفع عجلة التنمية و الحد من ظاهرة البطالة التي أصبحت عائقا حقيقيا يهدد استقرار بلادنا.
(المصدر: “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 536 بتاريخ 5 مارس 2010)  

تعديل فرنسي لإصدار السندات الإسلامية

    


  كشف مسؤول فرنسي عن قرب تعديل الإطار القانوني والمالي في البلاد ليناسب إصدار سندات إسلامية، في حين تتطلع باريس لاجتذاب هذه الصناعة التي تعتبر سريعة النمو. وأوضح العضو المنتدب في هيئة باريس يورو بليس أرنو دو بريسون أن العمل يتقدم في مسألة استضافة إصدار سندات إسلامية. وأعرب عن ثقته في الانتهاء من الإطار المالي والتنظيمي الجديد للصكوك خلال العام الجاري، وربما خلال النصف الأول منه. وباريس يورو بليس هيئة تروج لأنشطة الأعمال والاستثمار في العاصمة الفرنسية. والصكوك أداة رئيسية في قطاع التمويل الإسلامي وتتطلع باريس للحاق بلندن في جذب أنشطة الأعمال في قطاع يقدر بنحو تريليون دولار على أقل تقدير. يشار إلى أنه تم تأجيل إصدار واحد على الأقل لصكوك فرنسية العام الماضي بسبب عراقيل قانونية. وأوضح جيل سان مارك عضو لجنة التمويل الإسلامي في باريس يورو بليس الشهر الماضي أن فرنسا لا تزال تدرس تغييرات ضريبية وقانونية لتجنب الازدواج الضريبي على الأدوات الإسلامية. وتصمم الصكوك الإسلامية في صورة اتفاقيات لاقتسام الأرباح أو للإيجار وتأتي العائدات من الأصول الأساسية. وكانت بريطانيا صاحبة النصيب الأكبر في تطوير سوق تمويل إسلامي في أوروبا إذ من المقرر أن تصدر منظمة خاصة للرعاية الصحية مقرها لندن أول سندات إسلامية على الإطلاق في المملكة المتحدة هذا الشهر. وفي 2004 افتتح بنك البحرين الإسلامي فروعا في المملكة المتحدة، وصرح مسؤول مصرفي في باريس بأن السلطات تبحث إمكانية اتخاذ خطوة مماثلة في فرنسا. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 5 مارس 2010)

الإعتذار عن الحقبة الإستعمارية مازال يُسمّم العلاقات الفرنسية المغاربية

رشيد خشانة – تونس هل صحيح أن عقدة التاريخ تسمم العلاقات المغاربية – الفرنسية وتعطل تنمية التعاون بين الجانبين، أم أنها الشجرة التي تُخفي الغابة؟ الكلام عن التاريخ ليس دائما هو بيت القصيد، فالحملة التي شنتها وسائل الإعلام التونسية في الفترة الأخيرة على باريس لتذكيرها بماضيها الإستعماري ومطالبتها بالإعتذار عن الجرائم التي اقترفها جيش الإحتلال، أتت في سياق زماني محدد. في الواقع، تزامنت الحملة مع الإنتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة التي منح خلالها الإعلام الفرنسي ملاجئ لمعارضين من تونس، فرأى مراقبون في فتح خزائن التاريخ مناورة لإحراج باريس وحملها على “ضبط” وسائل الإعلام المنفلتة من الرقابة. وما عزز تلك القراءة هو أن الهجوم الشامل على فرنسا أتى بعدما امتلأت وسائل الإعلام نفسها بالثناء عليها وعلى قيادتها خلال زيارة رئيسها ساركوزي في 2008 ورئيس وزرائها فرنسوا فيون في 2009. أما مع الجزائر فتبدو الأزمة الثنائية أكثر تعقيدا، لأن نسق تحسين العلاقات كان يسير في اتجاه تصاعدي بعد مجيء بوتفليقة إلى سدة الرئاسة،وكان الجانبان على أبواب التوقيع على معاهدة صداقة. لكن ما أن بادر البرلمان الفرنسي بسن قانون في 23 فبراير2005 امتدح فيه الإستعمار وبرر أعماله حتى انتكس التقارب وعصفت أزمة حادة بالعلاقات، مُعطلة أجندة الزيارات الرسمية بين كبار المسؤولين في البلدين. وأثار القانون سخط الجزائريين، وعلى رأسهم بوتفليقة الذي وصف مبادرة البرلمان الفرنسي بـ «الوقحة و(تنم عن) قلة حياء». وطالب عبدالعزيز بلخادم الأمين العام لجبهة التحرير الوطني أثناء الاحتفال باليوم الوطني للهجرة في 17 أكتوبر الماضي بوجوب سن قانون لتجريم الاستعمار. وفعلا لوحظ أن نوابا في البرلمان الجزائري تبنوا مشروع قانون في هذا المعنى، وشط أجواء أعادت الوئام إلى الأحزاب السياسية الكبرى أوما يُعرف بـ «الحركة الثورية». قاعدة التعامل مع فرنسا وتمثلت الخطوة اللاحقة بعقد الكتل البرلمانية لقاءات في المجلس الشعبي في ديسمبر الماضي لدرس تفاصيل مشروع القانون الذي يحوي 15 مادة متشعبة تتناول جل الملفات التاريخية والآنية في علاقة فرنسا بالجزائر. وأفاد أحد المشاركين في إعداد المشروع swissinfo.ch أن المواد تتصدرها مطالبة السلطات الفرنسية بتعويض الجزائريين عن كامل الحقبة الاستعمارية، ومحاكمة مجرمي الحرب، وتعويض ضحايا التجارب النووية الفرنسية في الصحراء، ومواد أخرى لها إسقاطات تنديدية بالجرائم التي ارتكبها الاحتلال. وأضاف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن مشروع القانون اعتبر الاعتراف باقتراف الجرائم هو «قاعدة في التعامل مع فرنسا»، وأن يُرفق الاعتراف بتقديم اعتذار، كما فعلت ألمانيا مع فرنسا نفسها بعد الحرب العالمية الثانية. واشترط مشروع القانون على السلطات الفرنسية «الاعتراف بكل الحقائق السلبية المدوّنة في الذاكرة قبل تطبيع حقيقي ونهائي للعلاقات الثنائية معها». كما طالب باسترجاع الأرشيف «الذي أخذته الإدارة الاستعمارية عندما غادرت الجزائر» بعد الاستقلال عام 1962. وبعدما ظلت الأحزاب الجزائرية القريبة من السلطة ترفض لسنوات تمرير مشروع قانون في هذا الإتجاه، بسبب حسابات أخذت في الاعتبار إمكان تدهور العلاقات بين الدولتين إلى مستويات أكثر مما كانت عليه، صبت التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الذي حمل على الجيل المشارك في معركة الإستقلال، الزيت على النار. ولوحظ أن الطبقة السياسية الجزائرية بدأت تقترب أكثر من النواب الخمسين الأوائل الذين أطلقوا مشروع قانون تجريم الاستعمار. كما نجح نواب جبهة التحرير الوطني، الذي يرأسه شرفياً الرئيس بوتفليقة، في تحقيق التفاف نيابي حول ما فشلت فيه قبل عامين «حركة الإصلاح الوطني» (حزب اسلامي معتدل). وعلى رغم أن هدف المشروع واحد في نسختيه الأولى والحالية، إلا أن الذي تغيّر هو تلقي أحزاب السلطة إشارات إلى أن الحكومة رفعت يدها عن أي «حرج» قد يُحدثه مشروع القانون في العلاقات مع باريس. أكثر من ذلك طالب النواب، وبينهم القوميون والإسلاميون والمستقلون، السلطات الجزائرية بالسعي لدى الأمم المتحدة إلى إصدار قرار يدين الاستعمار. أربعة منغصات غير أن السفير الفرنسي في الجزائر كسافيي دريانكور رأى في تصرحات أدلى بها أخيرا لصحيفة جزائرية أن التجاذب في شأن الذاكرة التاريخية ليس الخلاف الوحيد الذي نغص العلاقات. وذكر ثلاثة ملفات أخرى أولها قضية الدبلوماسي الجزائري حسان زياني الذي أوقفه القضاء الفرنسي، وهي القضية التي أزعجت كثيرا السلطات الجزائرية، إلا أن دريانكور أكد أن قاضي التحقيق الفرنسي المكلف لا يمكنه الخضوع للإعتبارات السياسية، مستدلا بأن رئيسا فرنسيا (في إشارة إلى شيراك) خضع لملاحقة مماثلة ولم يستطع أحد التأثير على المجرى القضائي. والملف الثاني هو قضية الصحراء الغربية «لاعتقاد الطرف الجزائري بأن فرنسا تقف إلى جانب المغرب على حساب الطرف الصحراوي» على ما قال. أما المأخذ الثالث فيتعلق باعتقاد الجزائريين أن الاستثمار الفرنسي في بلدهم لا يعكس حجم العلاقات بين البلدين وأنه يبحث عن الربح غير المكلف، على خلاف الصينيين مثلا. وعلى رغم الإتصالات الدائمة بين السفير دريانكور والخارجية الجزائرية لتخفيف الإحتقان، على أمل تذليل الصعوبات التي أدت إلى إرجاء زيارة بوتفليقة إلى باريس إلى أجل غير مسمى، لم يصل إلى نتيجة وصرح لصحيفة “الشروق” الجزائرية بأنه لا يعلم تاريخ الزيارة “ولا يستطيع حتى القول إن موعدا تم ضبطه لأن هذا الأمر سيفصل فيه رئيسا الجمهوريتين ومعاونوهما”. وفي قلب هذا التباعد يوجد رفض باريس تقديم اعتذار للجزائر أسوة بما فعلته مع مدغشقر. ويرى الفرنسيون أن ما قاله الرئيس ساركوزي في خطاب شهير ألقاه بقسنطينة عندما زار الجزائر منذ سنتين، كان قويا وكافيا إذ صرح بأن الاستعمار ظالم وغير عادل. واعتبر السفير الفرنسي في الجزائر أن ما قاله ساركوزي لم يصدر من أي رئيس قبله، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن سفراء فرنسيين أدانوا في كل من ڤالمة وسطيف الجرائم الإستعمارية المقترفة فيهما. واقترح دريانكور القيام بعمل مشترك في سنة 2012، بمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر من دون الكشف عن مضمون هذا العمل المشترك. غير أن الجزائريين مرتابون من باريس وخاصة بعد تصريحات كوشنير التي رأى فيها الجزائريون “بوادر أزمة حقيقية لا تخص الخلاف حول الماضي التاريخي فحسب وإنما أيضا الحاضر والمستقبل ببعده السياسي والاقتصادي والاجتماعي. واعتبروها دليلا على “أن فرنسا التي تدّعى حقوق الإنسان والمساواة لم تتخل قط عن فكرها ”الكولونيالي” إلى اليوم، وأن عهد ساركوزي والجيل المحيط به من اليمين المتطرف ليس بوسعه تقديم قراءة صحيحة لما تريده الجزائر كشروط للتطبيع”. وقالت الإعلامية نوارة باشوش لـ swissinfo.ch إن التصريحات التي أطلقها كوشنير هي مجرد حلقة من مسلسل الحشد الإعلامي الذي أطلقه نظام ساركوزي ضد مشروع تجريم الاستعمار الفرنسي، خاصة بعد إعلان نواب البرلمان عن ذهابهم بعيدا في اقتراحهم بشأن هذه القضية وإقامة محاكم جزائية مختصة في هذا المجال، وهو ما أثار ردود فعل منددة بين نواب فرنسيين لأول مرة” كما قالت. ومع اقتراب افتتاح الدورة الربيعية للبرلمان الجزائري في بداية مارس يبدو أن باريس تبذل قصارى جهدها من اجل إفشال المصادقة على هذا المقترح، أو على الأقل تأجيله إلى فترة لاحقة قد تتحسن خلالها الظروف التي تحكم علاقات البلدين لصالحها. وإذا ما تمت المصادقة فإن السفير الفرنسي سيغادر الجزائر مثلما أسر بذلك هو نفسه إلى نواب من حزب جبهة التحرير في حفل استقبال أقامه أخيرا على شرفهم في بيته. لماذا تذكّـرُوا الآن؟ غير أن المؤرخ التونسي الدكتور عبد الجليل التميمي تعاطى مع الدعوات التي أطلقتها بعض الأحزاب والمنظمات والأنظمة المغاربية بكثير من التحفظ، قائلا “هل تساءلت تلك الأحزاب والمنظمات والأنظمة التي تم استعمار شعوبها، عن سبب غياب اهتمامها الكامل منذ أكثر من 50 سنة أي منذ استقلالات بلداننا، عن هذا الملف وعدم إعداده وفقا للأصول القانونية المتبعة لمثل هذه المطالبات؟”. وقال التميمي لـ swissinfo.ch: “كان أجدر بالأحزاب والمؤسسات البحثية العربية وسائر المنظمات على اختلاف توجهاتها، الاهتمام بهذه القضية وإعداد الدراسات الموثقة والمدعمة بالإحصاءات الدقيقة والمستمدة من مخزون الأرشيفات المحلية والفرنسية والبريطانية والإيطالية والإسبانية، التي تكشف بالأدلة والقرائن والخرائط، الأضرار البالغة في عديد المجالات، الفلاحية منها والاقتصادية والمالية والتجارية وخصوصا التربوية، لتكتسي مطالبتنا شرعيتها لدى المنظمات الحقوقية الدولية”. ولاحظ أن “مطالبنا لم تتعد التصريحات الظرفية الصحفية النارية، إذ لم تقم أي دولة عربية واحدة بإعداد مشروع مدروس أشرفت عليه هيئات خبيرة بهذا الملف ومدركة لكل أبعاده القانونية والحضارية المختلفة”. وعلى أساس هذه الرؤية أكد التميمي على ضرورة التفريق بين المطالبة بالاعتذار والمطالبة بجبر الأضرار “الذي وجب أن يستند على معطى رقمي دقيق وموثق للتداعيات الخطرة للاحتلال الفرنسي على فضائنا المغاربي، وعلى الأخص منه الجزائر، إذ لا يمكن إطلاقا لأي مؤرخ مهما كانت قناعاته وثوابته الإيديولوجية، أن يتغافل عن المآسي التي حلت بالشعب الجزائري طوال الاحتلال الفرنسي. لكنه اعتبر أن ما قام به الرئيس الفرنسي السابق شيراك بإلغاء مفعول القانون الذي سنه البرلمان لتمجيد الإستعمار “طمأن مثقفي العالم بأن فرنسا لن تسمح بهذا المس الخطر بالمبادئ والقيم”، مُشددا في الوقت نفسه على أن “مطالبة الشعوب المستعمرة بالاعتذار أمر تفرضه طبيعة المتغيرات اليوم إذ أن الإمتناع عنه لا يمكن قبوله البتة مهما كانت الأسباب والتعلات”. ومن هذه الزاوية لا يستبعد الدكتور التميمي فتح ملف اغتيال مؤسس النقابات العمالية التونسية فرحات حشاد في 5 ديسمبر 1952 ، وهو يعتبر أن هذا الملف التاريخي “يحتاج إلى روية وجمع كل المعلومات من الأرشيفات المختلفة الفرنسية أساساً وأخذ شهادات الفاعلين على غرار الذين سمعناهم مؤخراً في قناة الجزيرة الوثائقية”. ورأى أن هذا الملف “لم يفتح بعدُ لأن الآليات التي تتألف منها هذه العناصر مفقودة، ونحن أول مؤسسة (مؤسسة التميمي) نظمت مؤتمرا دوليا عن حشاد ونشرنا أعماله، وهو ملف ينبغي دراسته في ضوء المعطيات الأرشيفية في فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وأمريكا وخاصة الموجودة لدى المخابرات البريطانية وغيرها”. نصب تذكاري في باريس؟ وعلى رغم اعتراض اليمين الفرنسي القوي على فكرة الإعتذار لا يمانع سياسيون وأكاديميون يساريون من الإقدام على خطوات تصحيحية، فعندما دعا المؤرخ أوليفيي لاكور غرانميزون لإقامة نصب تذكاري لضحايا مذبحة 8 مايو 1945 في سطيف (الجزائر) تجاوبت مع دعوته دانييل جيولي غوفري، مساعدة عمدة باريس المكلفة بالذاكرة، وقالت إنها على استعداد للنضال من أجل تجسيد المقترح. وأشارت غوفري في تصريح للصحافة على هامش الملتقى المنظم بباريس حول أحداث 8 مايو 1945 في كل من سطيف وقالمة وخراطة، إلى أن مثل هذه المبادرات مهمة جدا لأنها تسمح بتسليط الضوء وتشجع الفرنسيين ”على الاهتمام بهذا الجانب من التاريخ في فرنسا”، مؤكدة أنها ستعمل كل ما في وسعها لكي يصادق مجلس بلدية باريس على مقترح غرانميزون باعتباره الوسيلة الأفضل لمصالحة الشعوب من خلال البحث عن الحقيقة. وفي السياق نفسه دعا المشاركون في ندوة أقيمت أخيرا بمدينة بسكرة الجزائرية عن ثورة الزعاطشة (1849) الرئيس بوتفليقة إلى العمل على استعادة رؤوس قادة تلك الثورة ممثلة في الشيخ بوزيان وابنه والشيخ موسى الدرقاوي الموجودة بالمتحف الأنثروبولوجي بباريس، ودفنها في موقع المعركة ببلدية ليشانة، والتي كانت مفتاحا للثورات الشعبية في الجزائر ضد المستعمر الفرنسي. لكن مثقفين آخرين اعتبروا ذلك النوع من الخطوات الجزئية غير كاف. وفي هذا الإطار قارن الأكاديمي الجزائري حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات حول الوطن العربي وأوروبا في جنيف (سويسرا) بين موقف باريس من الإعتذار التركي لأرمينيا وموقفها من الإعتذار للجزائر، موضحا أن الجميع يذكر ما قامت به باريس كي تمنع تركيا من الانضمام للاتحاد الأوروبي، فاشترطت اعتذارا تركيًا لأرمينيا على ما تزعم أنها جرائم إبادة ضد الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى، بينما هي تنسى الاعتداد بهذا الموقف لما يتعلق بها وبجرائمها التي ارتكبتها في حق ملايين الجزائريين، بل وصل الأمر بوزيرهم الأول فرانسوا فيون إلى حد مطالبة الجزائر بسحب مشروع القانون من البرلمان”. لكن عبيدي وضع الإصبع على خلفية مهمة تتمثل في الصراع الدائر داخل مركزي القرار في الجزائر وفرنسا حول هذه المسألة. وقال في هذا المضمار لصحيفة “الخبر” الجزائرية: “مثلما ليس لفرنسا مقاربة واحدة تتعامل بها مع الجزائر، للأسف نحن أيضا لا نتعامل مع باريس بمقاربة واحدة. ويؤسفني القول بأن الموقف الرسمي الجزائري غير متجانس، وهذه نقطة الضعف فيه”. وشرح قائلا “هناك من يدعم فكرة نسيان الماضي وطي الصفحة والانتباه للمستقبل.. وهذا أمر لا يجب أن يسود في أذهان الجزائريين… وفي باريس، يوجد من يدعو إلى معاملة الجزائر بطريقة خاصة والتزام الحيادية في القضايا التي تضر بالعلاقة معها، وفي مقدمتها الموقف (الفرنسي) المنحاز والمتعارض مع الشرعية الدولية فيما يتعلق بمسألة الصحراء الغربية. وغير بعيد عن الجزائر وتونس تعرضت ليبيا لاستعمار إيطالي ترك جراحا غائرة وآثارا مؤلمة في نفوس الليبيين، غير أن رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني لم ير غضاضة في تقديم اعتذار علني لليبيا ووعدها بصرف تعويضات مالية، وإن كانت ليست بحاجة إليها. إلا أن هذا الإعتذار بدا كما لو أنه حركة بهلوانية دعائية ترمي فقط لفتح الحقول النفطية الليبية أمام الشركات الإيطالية. وعلى أي حال يبدو مستحيلا توقع خطوة مماثلة من جانب الفرنسيين. ويُقدم الدكتور التميمي مفهوما للإعتذار قد يشكل مخرجا من هذا التباعد العميق في المواقف، وهو يقول “إننا لا نحتاج إلى تعويض مالي فمثلا دولة مثل الجزائر تنعم بحقول البترول والنفط وهي لا تحتاج إلى تعويض مالي، بل أن يترجم (الإعتذار) بمعاملة المهاجرين في فرنسا معاملة إنسانية وإعطائهم حقوقهم، وأن تقوم (فرنسا) بتأطير الخبراء وفتح مجال التعاون الأكاديمي، وأن تتألف هيئة من الخبراء في القانون والتجارة والمالية ووضع إحصاءات ثابتة وموثقة لتحديد أطر التعويضيات عن الجرائم التي اقترفتها في عهد الاستعمار”. واستدرك الدكتور التميمي قائلا: “لو فكرنا ملياً سنجد أن فرنسا قدمت بعض أشكال التعويض عبر تمويل الآلاف من مشاريع التنمية منذ الإستقلال وفي عديد المجالات والاختصاصات، وهي تستطيع أن تستكمل التعويض الحضاري عبر حماية أسس الديموقراطية في دولنا الحديثة وتوفير المخابر الحقيقية لتجنيد إبداعات الشباب ودعم المؤسسات العلمية وخلق مناخ للتطوير العلمي والأكاديمي، وهذا هو التعويض الحقيقي” كما قال. ورأى أن ألمانيا اعتذرت لفرنسا “عندما مسحت تاريخ النازية من أوروبا فكانت أجمل هدية قدمتها هي محاربتها للنازية بكل وسائل الإعلام والمنابر الفكرية والأكاديمية مما مهد لإقامة الوحدة الأوروبية. (المصدر: “سويس انفو” (سويسرا)، بتاريخ 6 مارس 2010)  


الجزائر تعوّض آلاف العمال الذين طُردوا لانتمائهم إلى «الإنقاذ»

 


الجزائر – عاطف قدادرة شرعت الجزائر في تعويض آلاف العمّال المسرّحين من عملهم (3455 عاملاً) لاعتبارات متعلقة بما يُعرف في البلاد بـ «المأساة الوطنية» من خلال دمجهم أو تعويضهم أو احتساب السنوات التي قضوها خارج العمل في إطار التقاعد. ومعظم هؤلاء سُرّحوا من أعمالهم نتيجة شكوك أمنية في تعاطفهم مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة منذ عام 1992. وشملت إجراءات التعويض غالبية المسرّحين في بداية التسعينات عندما غرقت البلاد في أعمال العنف بعد إلغاء الانتخابات التي كانت جبهة الإنقاذ على وشك تحقيق فوز ساحق فيها. وبات ممكناً الآن احتساب سنوات التقاعد لهؤلاء العمال بموجب مرسوم أصدرته وزارة العمل والضمان الاجتماعي وذلك في إطار التدابير التكميلية لتطبيق المصالحة الوطنية. وأعطى الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، بالمناسبة، الضوء الأخضر من أجل إصدار إجراء آخر يتعلق بـ «تمديد الآجال لفائدة عائلات المفقودين وعائلات الإرهابيين الذين يتيح لهم القانون الحصول على التعويضات لرفع دعاويهم بصفة عادية». وكانت تلك الدعاوى التي يقدمها هؤلاء للجهات القضائية تُرفض «شكلاً» بحجة انقضاء الآجال المحددة. وتدرس الحكومة حالياً ملفين اثنين عالقين من ملفات متابعة المصالحة الوطنية. الأول يُعرف بملف «أبناء الإرهابيين» والثاني «أوامر البحث الأمنية ضد مستفيدين من المصالحة». وتطرح قضية «أبناء الجبال» على الحكومة من زاوية ضرورة تسريع منح ألقاب للمعنيين لغرض التسجيل في الحالات المدنية، أما أوامر البحث فتتطلب مراسلات قضائية لمصلحة الأمن لوقفها. وتلقّت هيئات رسمية تتابع تطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية شكاوى في شأن هذين الملفين الاثنين اللذين وصفهما مصدر لـ «للحياة» بأنهما الأكثر تعقيداً أمام الحكومة في الوقت الحالي. ويدفع الجهاز التنفيذي باقتراحات عدة لإنهاء مشكلة التسجيل في الحالات المدنية لما عُرف بـ «أبناء الإرهابيين». لكن المصدر لفت إلى أن من أهم العوائق التي تواجه الأجهزة المعنية في هذا المجال الحالة التي يكون فيها الوالد المزعوم قُتل في حملات «مكافحة الإرهاب». ومكّنت المحاولات التي تمت بالنسبة إلى بعض الملفات من طي عدد منها وهي الحالات التي جرى خلالها حضور الوالدة والوالد معاً. لكن حالات أخرى كثيرة تعقدت بسبب غياب بيانات الآباء وتعقيدات اللجوء إلى حل وحيد وأخير يتمثل في تقنية الحمض النووي. وقد تم إحصاء موقت لـ 1613 يتيماً ضحية «المأساة الوطنية»، منهم 1017 طفلاً من ضحايا الإرهاب و596 طفلاً من «أبناء الإرهابيين المتوفين». ويجري التكفل حالياً بـ 111 حالة من ضمن 1823 طفلاً على مستوى مؤسسات التكفل الاجتماعي التابعة للدولة، وهم أبناء تركهم أهلهم أو ولدوا في الجبال. وتتكفّل الدولة بتدريس هؤلاء في المدارس الحكومية، لكن مصالح الحالات المدنية ترفض تسجيلهم بألقاب إلا في حالة احضارهم وثائق قضائية تُثبت نسبهم. وفي الملف الثاني، أفاد المصدر أن شكاوى بلغت هيئات حكومية من مستفيدين من المصالحة الوطنية اصطدموا في حياتهم العادية باستمرار صلاحية الأوامر بالبحث ضدهم لدى مصالح الدرك الوطني أو الشرطة، وهي أوامر أُرسلت بناء على تحقيقات قضائية في فترات سابقة ولم يجر إلغاؤها بالوتيرة نفسها التي جرى فيها الإفراج عن المعنيين. ولا تطال هذه الإشكالية إلا حالات قليلة من مجموع قرابة 2200 سجين أُطلق سراحهم خلال الفترة ما بين آذار (مارس) 2006 وآب (أغسطس) من العام نفسه. (المصدر: “الحياة” (يومية – لندن)، بتاريخ 6 مارس 2010)  


مصر تمنع قيادياً بحماس من الإدلاء بأقواله في قضية مقتل شقيقه

2010-03-07 غزة – العرب  أكد سامي أبو زهري القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس، أن السلطات المصرية منعته من السفر للإدلاء بشهادته في قضية استشهاد أخيه في السجون المصرية. وأضاف أبو زهري في مؤتمر صحافي عقده بغزة أمس أن «العائلة قامت بتعيين محام مصري وهو الأستاذ ناصر أمين الذي بذل جهداً قانونياً كبيرا، وبناء على المعطيات التي تقدم بها المحامي وافقت النيابة المصرية على فتح ملف التحقيق، وفي هذا السياق أصدرت نيابة غرب الإسكندرية قرارا بدعوته لسماع أقواله في القضية». وأشار إلى أنه قدم عبر الجهات المختصة طلبا للسماح له بالدخول لمصر إلا أن الجهات الأمنية رفضت ولم تسمح له بذلك، رغم أن معبر رفح كان مفتوحاً خلال الأيام الماضية. ودعت عائلة أبو زهري السلطات المصرية والجهات القانونية في مصر إلى عدم التهرب من المسؤولية وإجراء تحقيق جاد وسريع وإحالة القضية إلى القضاء، وتمكين المعنيين من العائلة من الإدلاء بشهاداتهم حول القضية.  
(المصدر: “العرب” (يومية – قطر) بتاريخ 07 مارس 2010)  

ميشال نوفل: تركيا تعود الى الشرق “معثمنة”


من جورج جحا بيروت (رويترز) – يقول الباحث والمحلل السياسي اللبناني ميشال نوفل في كتاب جديد ان تركيا وجدت نفسها في حقبة تاريخية اخيرة مضطرة الى ان تعدل وتطور توجهاتها السياسية الخارجية نتيجة التغيرات التي طرأت على العالم منذ انتهاء الحرب الباردة. وقال “كان على تركيا ان تطور وتعدل توجهات سياستها الخارجية على وقع ديناميات البيئة العالمية المتحولة عقب افول الحرب الباردة خصوصا ان عدم تبلور نظام عالمي جديد تتفرع عنه انظمة اقليمية فرعية جديدة تسبب بتهديدات امنية جدية لتركيا في المحيط الجيوسياسي الشامل الشرق الاوسط والبلقان والقوقاز. “وعليه عملت المؤسسة الحاكمة في تركيا لصوغ مقاربة جيوثقافية تجعل تاريخها الامبراطوري العثماني وميزات موقعها الجيوسياسي المحوري رصيدا ايجابيا في مرحلة اعادة بناء النظرية السياسية للدولة.” ميشال نوفل صحافي ومحلل سياسي متخصص في شؤون الشرق الاوسط “في تفاعلاته العربية التركية والايرانية”. وهو يتولى حاليا ادارة تحرير الصفحات العربية والدولية في جريدة “المستقبل” اللبنانية. اما كتابه فقد حمل عنوانا مركبا واضحا جاء على الشكل التالي ” عودة تركيا الى الشرق..الاتجاهات الجديدة للسياسة التركية”. جاء الكتاب الموثق بدقة تجعله مرجعا مكثفا وان غير ضخم في 151 صفحة متوسطة القطع بينها فهارس للبلدان والمدن والمناطق والشعوب وللمفردات والمفاهيم وللشخصيات وللهيئات والتيارات والوجهات والاحزاب وثبت للمراجع والمصادر واخر للخرائط التي ضمها الكتاب. وربما كان من اهم ما في الكتاب من الناحية التوثيقية سجل زمني لاحداث تاريخية مهمة تتعلق بموضوع بحث المؤلف وقد اورده تحت عنوان “معالم كرونولوجية” وفيه عناوين مختصرة ابتداء بتاريخ معين هو القرن التاسع للميلاد حيث اشار الى معلم تاريخي هو “تدفق كثيف للمجندين الترك في خدمة الخليفة العباسي” وانتهاء بمعلم اخر عنوانه هو “6-10 -2004.. اللجنة الاوروبية تصدر تقريرها في شأن الوضع التركي بالنظر الى معايير العضوية في كوبنهاجن وتعتبر ان تركيا تحترم بصورة كافية المعايير الديمقراطية المحددة في الاتحاد الاوروبي.” وردت هذه المعالم الزمنية بين الصفحة 107 والصفحة 126 من الكتاب. وقال الكاتب في مجال الحديث عن التغير في السياسة التركية ان التغير الاساسي ظهر “عندما شرعت الدولة في فتح الابواب للنظام الاقتصادي العالمي فأطلقت حركة السوق وحررت نظام التجارة الخارجية وكان التبدل في مفهوم التصنيع في المرحلة الاولى في التحول الاستراتيجي على مستوى نظرية الدولة. “وفي نطاق السياسة الخارجية استمر تأكيد انتماء تركيا الى العالم الغربي خصوصا طلب الانتماء الى الاسرة الاوروبية فيما كان يجري توثيق الروابط الاقتصادية والتجارية بالعالم العربي والاسلامي. وتمكنت تركيا من تعويض تقلص قيمتها الاستراتيجية بنظر قادة العالم الغربي اواخر الثمانينات نتيجة للتحولات التي اسفرت عن انهيار الانظمة الشيوعية في اوروبا وتفكك الاتحاد السوفيتي. “فقد جاء الغزو العراقي للكويت عام 1990 ليعيد تذكير الغرب الحريص على امداداته النفطية بأهمية انقرة الحيوية بالنسبة الى امنه. ومن ناحية اخرى انفتحت افاق جديدة امام الدبلوماسية التركية نتيجة التفكك الكامل للاتحاد السوفيتي وانعكاساته في منطقتي القوقاز واسيا الوسطى حيث تعيش شعوب لها جذور مشتركة مع اتراك الاناضول وتم الاعتراف فعلا بظهور عالم تركي كان خارج حسابات الرؤية الرسمية.” اضاف ان هذا العالم يشمل ست جمهوريات مستقلة اضافة الى تتارستان داخل الاتحاد الروسي والاقليات التركية في البلقان والعراق وايران والصين مما يعني ان مسؤوليات جديدة باتت تترتب على الطبقة السياسية والمجتمع المدني في تركيا.” وقال انه مع مطلع سنة 1992 صارت تركيا “مثابة القطب الجاذب في مجال جيوسياسي واسع يمتد من البلقان غربا الى حدود الصين شرقا واكتسبت السياسة الخارجية التركية ابعادا جديدة تفرض على انقرة التصرف كقاطرة لدفع “الجمهوريات التركية” المستقلة حديثا الى حضن النظام العالمي وقد تحقق ذلك فعلا عام 1992.” ورأى ان الكمالية -نسبة الى نظام كمال اتاتورك- نتيجة لكل ذلك “تجاوزها تقادم الزمن شأنها في ذلك شأن الايديولوجيات الشمولية المنهارة في الاتحاد السوفيتي سابقا وفي بلدان شرق اوروبا. كذلك تبين ان الايديولوجيا الرسمية الجديدة التي تبنتها المؤسسة العسكرية التركية قبل ان تقدم على تنفيذ انقلاب 1980 ترفع لواء الكمالية وتستند عمليا الى مفهوم ثقافة وطنية تمتد جذورها في الدين الاسلامي. “ولقد كان للجنرالات ورواد التيار القومي – الديني الفضل في مواكبة الوعي الاجتماعي الذي تجاوز التطور الاقتصادي لادخال دروس الدين في اطار الدروس الاجبارية في المدارس الابتدائية والثانوية وهو تدبير نصت عليه المادة 24 من دستور 1982 وتم تكريس “التوليف التركي – الاسلامي” سياسة رسمية في مجال الثقافة الوطنية ترفع شأن التجربة العثمانية وتضع الاسس لارادة تأكيد تركيا كقوة اقليمية كبرى.” وتابع يقول “وينطوي التوليف التركي – الاسلامي على محاولة لاستعادة الرصيد الجيوسياسي للتجربة العثمانية على نحو يسمح بتجاوز سلبيات الحقبة الكمالية ولاسيما منها الانعزالية والقطيعة مع الموروث الاسلامي والعثماني والانكفاء الى المربع الجغرافي الاناضولي واعادة ربط تركيا العثمانية الجديدة بحاضنتها التاريخية والتمحور حول محيطها الجيوسياسي والجيوثقافي مقدمة لاعادة هندسة العلاقات الاقليمية في الشرق الاوسط واعادة الشراكة الاستراتيجية مع العرب.” وقال ان رفض تركيا التعاون مع الولايات المتحدة تمهيدا لغزو العراق عام 2003 كان “بمثابة الكاشف للاتجاهات الجديدة للسياسة الخارجية التركية…” ولعل عناوين الفصول الخمسة في الكتاب توضح كثيرا مما فيه. والعناوين هي “تركيا وصعود العالم التركي” و”حركة التوليف التركي الاسلامي” و”اعادة توجيه السياسات التركية” و”العراق في مفهوم العثمانية الجديدة” و”المقاربة التركية للشرق الاوسط”. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 7 مارس 2010)

Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

4 août 2008

Home – Accueil TUNISNEWS 8 ème année, N° 2995 du 04.08.2008  archives : www.tunisnews.net   Voix Libre :Le prisonnier politique Bouraoui

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.