الأحد، 6 سبتمبر 2009

في كل يوم، نساهم بجهدنا في تقديم إعلام أفضل وأرقى عن بلدنا، تونس 

Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS

9 ème année, N 3423 du 06.10 .2009

 archives : www.tunisnews.net


 

حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

هند الهاروني و العائلة:بلاغ عاجل:حقّ عبد الكريم الهاروني في الحياة بكرامة في بلده تونس

الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس: الهاروني يتعرض لمضايقات البوليس السياسي

المجلس الوطني للحريات:جريمة جديدة مدبّرة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان

السبيل أونلاين :مجموعة مجهولة تخرّب أملاك نشطاء حقوق الإنسان في تونس

اسلام اولاين:تونس.. أول دولة عربية تلغي الحج

الشروق:رسمـــــــــــــي: لا حجّ هــذا العــام

رويترز:تونس تلغي الحج هذا العام لعدم توفر لقاح (اتش1 ان1)

الصباح:وزير الشؤون الدينية: «إرجاء موسم الحج… ولا للحج الموازي»

الحياة:تونس تفرض التوقيع على التزام «مظهر محترم وزي غير طائفي»

كلمة:الاعتقال بدل الإعانة للمطالبين بالاندماج بعد السجن

كلمة:بيانات غير متطابقة في التعريف بالإمضاء تكشف تورّط مسؤول تجمّعي كبير في الاستيلاء

الصباح:مصطفى بن جعفر في ندوة صحفية:الانتخابات تتويج لمسار تعددي ديمقراطي

الصباح :المجلس الدستوري: قائمتان إضافيتان للتجديد والتكتل

الحوارنت:كلمة حرة :نحن والإنتخابات الرئاسية

عبدالعزيز عقوبي:تعقيب على بيان:حول تغيير والي قابس الحامة ولاية قابس

المولدي الزوابي:إضراب المعلمين تضامنا مع زملائهم المسجونين، جدل بشأن نجاحه

 شكري القسطلي- باجة – تحية تقدير وباقة زهور للمعلمين المناضلين من باجة

أستاذ من بنزرت:رسالة الى السيد المدير الجهوي للتربية و التكوين ببنزرت نزلت أهلا و حللت … صعبا

النقابة الاساسية للتعليم الاساسي بـــباجة:لائحة اضراب 05 أكتوبر 2009

نقابي من القصرين :أوقفوا هذا النزيف في معمل عجين الحلفاء والورق بالقصرين

 د. خــالد الطراولي:بعد قراءة كتاب « حاكمة قرطاج »…موقفك من ثلاث…

د. مسعود ضاهر:المستبد المتنور في المغرب العربي: بورقيبة نموذجا

عزمي بشارة:حين يمشي العار عاريا 1/2  فهمي هويدي:الكاشفة   ياسر الزعاترة: »فلسطينيون جدد » في الضفة الغربية!  

نبيل علي صالح   :الاستبداد السياسي وجذر العطالة الفكرية

توفيق المديني :الذكرى الستون لتأسيس الجمهورية الصينية

خبراء: مهمة القوات الدولية في أفغانستان باتت مهددة بالفشل

د.أحمد خيري العمري:حجاب ‘آمنة’..


 (Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


               
    جانفي 2009  https://www.tunisnews.net/17fevrier09a.htm        
فيفري 2009    
    مارس 2009     https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm           أفريل 2009      https://www.tunisnews.net/15Mai09a.htm 
    ماي  2009     https://www.tunisnews.net/15Juin09a.htm         
جوان2009

      جويلية 2009                                         

 

الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 17 شوال 1430 الموافق ل 06 أكتوبر 2009

أخبار الحريات في تونس

 


1)الاعتداء على سيارة الأستاذ عبد الرؤوف العيادي: تعرضت سيارة المناضل السياسي والناشط الحقوقي الأستاذ عبد الرؤوف العيادي عضو المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وإنصاف ونائب ريسليلة الاثنين 05 أكتوبر 2009 من جديد لاعتداء آثم تمثل في إقدام مجهولين يعتقد الأستاذ العيادي أنهم من أعوان البوليس السياسي على وضع مواد كيماوية مجهولة في خزان وقود سيارته كان بالإمكان أن تؤدي لانفجار المحرّك وإحداث كارثة لا قدر الله. 2)الاعتداء على مراسل إذاعة  »كلمة »: اعتدى عناصر من البوليس السياسي التونسي مساء اليوم الاثنين 05 أكتوبر 2009 بتونس العاصمة بالعنف الشديد على الصحفي معز الباي مراسل إذاعة « كلمة  » الالكترونية بمدينة صفاقس، وقد حصل الاعتداء بالقرب من نزل « الهناء الدولي » بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، إذ قام ستة أعوان من الشرطة السياسية بالاعتداء بالصفع على الصحفي الباي واستولوا على هاتفه الجوال وبعض معدات التسجيل التابعة للإذاعة ووثائقه الشخصية. ولم يقف عناصر البوليس السياسي عند هذا الحدّ بل طاردوا الصحفي الباي حتى التحاقه بمقرّ جريدة « الموقف » ومن ثمة محاصرته في مقهى قريب صحبة وسام الصغير عضو الحزب الديمقراطي التقدمي والصحفي إسماعيل دبارة. ولا يزال أعوان البوليس السياسي يضربون طوقا أمنيا على مقرّ جريدة » الموقف » طيلة مساء يوم الاثنين ومن الواضح أنهم يبيتون للاعتداء من جديد على الصحفي الباي خصوصا و أن أحدهم هدده بالانتقام على خلفية تغطياته الإعلامية الجريئة عبر راديو  »كلمة ». 3)حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور. 4)علي رمزي بالطيبي يواصل إضرابه عن الطعام: يواصل سجين الرأي السابق السيد علي رمزي بالطيبي إضرابه المفتوح عن الطعام لليوم الثالث عشر على التوالي للاحتجاج على الممارسات غير القانونية التي يعمد إليها لاعب كرة القدم السابق عادل السليمي الذي يدعي أنه مدعوم من جهات عليا وأنه فوق القانون. وقد تدهور الوضع الصحي للسيد علي رمزي بالطيبي بعد الأيام الثالث عشر وأصبح يشعر بالدوار والإغماء عند الوقوف بالإضافة إلى آلام حادة بالقلب تنتابه إثر نوبات متكررة تعتريه منذ أن كان بالسجن وقد عاودته الآلام القلبية الحادة هذه الأيام..    عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  

   بلاغ عاجل حقّ عبد الكريم الهاروني في الحياة بكرامة في بلده تونس ما  يسلّط على إبننا عبد الكريم الهاروني بعد 16 سنة سجنا :  

بسم الله الرحمان الرّحيم و الصّلاة و السّلام على سيّدنا محمّد صادق الوعد الأمين تونس في 5 أكتوبر 2009-16 شوّال 1430 أنا هند الهاروني، شقيقة عبد الكريم الهاروني و ينظمّ إليّ جميع أفراد عائلتنا لمطالبة المسؤولين في هذا البلد بضمان توفير الحقوق الأساسيّة لابننا عبد الكريم الهاروني و خصوصا : السّلامة المعنويّة و الجسديّة و الأمان والحفاظ على الكرامة الإنسانيّة و المعاملة المحترمة و ضمان الحياة الكريمة له و لزوجته و لعائلتنا.   فمنذ أن وقع إطلاق سراحه في نوفمبر 2007 و المراقبة اللصيقة له من قبل رجال الأمن لا تتوقف في جميع تنقلاته حتى في مكان عمله و منذ الليلة الأولى التي  توجه فيها إلى بيت الزوجية يوم 14 أوت 2009 و ها قد طفح الكيل مع التهديدات الخطيرة و المتكرّرة التي وقع تسليطها عليه  و على زوجته عنوة عن طريق ابن من يملك المنزل المستأجر الكائن ب 7 مكرر نهج الملازم البجاوي قرب جامع الحق بجانب شارع الحرية بالمنزه الخامس قرب العاصمة. اليوم الإثنين 5 أكتوبر 2009، عند خروجه على الساعة الخامسة مساء من العمل في ضفاف البحيرة و جد 3 سيارات مرابطة هناك و تبعته سيارة مدنيّة فيها رجال أمن  بالزي المدني في الشارع  رافضين تقديم استدعاء كتابي و اقتادوه إلى منطقة الإرشاد في ضفاف البحيرة لساعات و حضر هناك رئيس المنطقة و شخص من أمن الدولة و هنالك  طرحت عليه أسئلة شخصية عنه و عن زوجته كالإسم بالكامل و مكان العمل … و حذّروه من القيام بأيّ نشاط حقوقي أو سياسي وعدم الإدلاء بأي تصريح صحفي و قد دافع عن حقه في حرية التعبير و عن كونه لا يخالف القانون .  من غير المعقول أن يقع تعريض حياة إبننا عبد الكريم إلى الخطر و بهذه الطريقة و يقع التعرض إليه في أي مكان و خطفه من الشارع و في أي وقت من قبل رجال الأمن. الآن و أكثر ممّا مضى أصبحت حياة إبننا عبد الكريم عرضة للخطر الشديد و لذلك فإننا نوجّه هذا البلاغ إلى الأطراف المعنيّة  المسؤولة  عن حماية حياة إبننا عبد الكريم و زوجته و هو حقّ ثابت و دستوريّ و تضمنه جميع المواثيق الدوليّة،  مطالبين بوضع حدّ فوري  لهذه الاعتداءات و التهديدات الخطيرة على حياة الأفراد وبالتّالي فهي معاملات غير قانونيّة ولا إنسانية. هند الهاروني و العائلة العنوان : حيّ 26-26 مبنى 4ب شقة 4 ب –سيدي عمر  2089 الكرم الغربي-تونس الهاتف القار :21671971180 تونس في 6 أكتوبر 2009  

الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس International Campaign for Human Rights in Tunisia icfhrt@yahoo.com Tel: (0044) 2084233070- 7903274826

الهاروني يتعرض لمضايقات البوليس السياسي

 


يتعرض الكاتب العام لمنظمة حرية وانصاف السيد عبد الكريم الهاروني الى مضايقات متكررة من قبل البوليس السياسي بهدف منعه من القيام بنشاطه الحقوقي في الدفاع عن الحريات، وقد أقتيد يوم أمس الإثنين الى منطقة شرطة ضفاف البحيرة، وحذر من القيام بأي نشاط حقوقي او اعلامي او سياسي. ويتعرض بيت السيد عبد الكريم الهاروني منذ شهر أوت الماضي الى المراقبة الشديدة على مدار الساعة، من قبل اليوليس السياسي الذي جند ثلاثة أعوان للوقوف أمام باب المنزل مباشرة.   وإن الحملة الدولية لحقوق الإنسان، بتونس اذ تعرب عن تضامنها الكامل مع السيد عبد الكريم الهاروني، فإنها تدين بشدة هذه الإنتهاكات الخطيرة لحقوق المواطنة التي دأب البوليس السياسي على ممارستها ضد النشطاء الحقوقيين والمعارضين السياسيين. الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس علي بن عرفة لندن   6 أكتوبر 2009  

جريمة جديدة مدبّرة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان


تعرض الأستاذ عبد الرؤوف العيادي إلى عملية إضرار بسيارته بهدف النيل من سلامته عندما كان مرفوقا بزميلته المحامية راضية النصراوي صحبة زوجها حمة الهمامي وابنتهما يوم 4 أكتوبر 2009 حوالي الساعة التاسعة مساء بمأوى السيارات التابع لمطار تونس قرطاج. وتمثلت صورة الاعتداء في العمد إلى خلع الصندوق الخلفي للسيارة إضافة إلى خلع قفل خزان الوقود وسكب مادة تسببت في تعطيل المحرك بعد انطلاق السيارة لبضعة أمتار وإحداث صوت غليان داخل الخزان وانبعاث غاز خبيث كريه الرائحة. وقد تمت معاينة الواقعة من قبل عدل منفذ حرر في ذلك محضرا طبق القانون، كما حضر على عين المكان عميد المحامين ورئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس وعدد من المحامين. وبعرض عيّنة من محتوى خزان الوقود على أحد الخبراء في الكيمياء لاحظ أنّها مادة من صنف acide peracétique من خصائصها القابلية للانفجار عندما تكون خاما، إضافة إلى إذابة المعدن. وقد عاين جميع الحاضرين إلى جانب الأستاذ العيادي حركة كبيرة للبوليس السياسي بالمكان والذي كان في حالة استنفار ظاهرة بالمطار قبل وصول الأستاذة راضية النصراوي عائدة من جينيف. والمجلس الوطني للحريات يذكّر بأنّ هذه الجريمة ارتكبت بمكان خاضع لحراسة مشددة باعتباره منطقة حدودية وتنتصب به عادة كاميرات مراقبة تعمل ليل نهار. كما جاءت في سياق اعتداءات مادية ولفظية ومضايقات نفّذها البوليس السياسي داخل المطار وبمحيطه ضد عدة نشطاء. ويذكّر المجلس بأنّ سيارة الأستاذ العيادي استهدفت إلى الإضرار عدة مرات حيث وقع وضع كمية من الرمل داخل المحرك وسد فتحة التشغيل بلصق قوي الفاعلية. ويعتبر المجلس: – أنّ ما حصل هو محاولة للنيل من سلامة الأستاذ عبد الرؤوف العيادي ومرافقيه وتعريض حياتهم للخطر، إضافة إلى جريمة الاعتداء على الملك. – أنّ السلطات قد قطعت شوطا جديدا في خطورة ما ترتكبه من جرائم في حق النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان. ويحمّل المجلس القضاء التونسي مسؤوليته في الكشف عن الجناة الحقيقيين المتورطين في هذه الجريمة. كما يذكّر الدولة بالتزاماتها إزاء الإعلان الأممي لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان الذي وقعت عليه. عن المجلس الناطقة الرسمية سهام بن سدرين


مجموعة مجهولة تخرّب أملاك نشطاء حقوق الإنسان في تونس


السبيل أونلاين – تونس – خاص   قال مصدر مطلع في تونس أن مجموعة مجهولة ، يعتقد أن لها علاقة بأطراف في دوائر رسمية ، قامت ليلة الاحد الماضي بخلع سيارة الاستاذ رؤوف العيادي وبصب مادة معدة لخلط الدهن بخزان السيارة وذلك بمستودع السيارات بالمطار لما كان الاستاذ في استقبال الاستاذة راضية النصراوي .   وأكد المصدر أن سيارة النصراوي مزقت اطاراتها بواسطة سكين في وقت سابق .   وسخر المصدر من الجهات التى تقف وراء تلك الإعتداءات ووصفها بـ »فرقة تدمير السيارات » ، وعلّق على تلك الإعتداءات التى طالت أملاك نشطاء حقوق الإنسان بقوله « نرجو ان لا تؤدي الاعتداءات المتكررة بالمطار الى تخويف السياح من زيارة تونس كما نرجو ممن يدافعون عن نظام العصابات قليلا من الحياء , على الاقل في هذه المرحلة التي تستعد فيها البلاد لمهزلة انتخابية سيتبعها سير نحو المجهول » ، حسب تعبيره .    (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 06 أكتوبر 2009 )

 


تونس.. أول دولة عربية تلغي الحج

 


تونس- أعلنت السلطات التونسية اليوم الثلاثاء 6-10- 2009 إلغاء الحج هذا العام لعدم توفر اللقاح المضاد لفيروس (إتش1 إن1) المعروف بإنفلونزا الخنازير، لتصبح أول دولة عربية تتخذ هذه الخطوة. ونقلت صحف محلية عن وزير الشئون الدينية أبو بكر الأخزوري قوله: إنه تقرر تأجيل الحج إلى العام القادم لعدم توفر اللقاحات وكذلك للاشتراطات السعودية المتمثلة في عدم منح تأشيرة للحجاج إلا بعد أسبوعين من إعطائهم اللقاح. ولن تتمكن تونس من الحصول على اللقاح المضاد لإنفلونزا الخنازير إلا نهاية شهر أكتوبر الحالي أو مطلع نوفمبر المقبل، ما يقلل من فرص تناول الحجاج له قبل السفر بأسبوعين كما تشترط السعودية، حيث يبدأ موسم الحج هذا العام في 18 نوفمبر المقبل وفقا للسفارة السعودية في تونس.   وأشار الأخزوري إلى أن السعودية اشترطت أيضا عدم السماح لأي حاج بصعود الطائرة إذا كانت حرارته في حدود 38 درجة مئوية (أعلى من الدرجة الطبيعية بدرجة واحدة)، مضيفا أن « ذلك غير ممكن عمليا خصوصا أننا نحفظ كرامة المواطن ومشاعره لاسيما أن المختصين في علم النفس يؤكدون أن هذه المسألة تحدث انكسارا نفسيا حادا للحاج ». وأعلنت تونس حتى الآن تسجيل 80 حالة إصابة بإنفلونزا الخنازير. وكانت تونس ألغت في وقت سابق هذا العام العمرة تخوفا من تفشي وباء إنفلونزا الخنازير. مصر تترقب ولم تعلن أي دولة عربية عدا تونس حتى الآن إلغاء الحج، لكن مصادر مصرية مطلعة كانت قد رجحت إلغاءه أيضا وذلك بعد أن استبعدت وصول اللقاح المضاد لفيروس إنفلونزا الخنازير إلى مصر في الموعد الذي حددته وزارة الصحة وهو 15 أكتوبر الجاري لضمان تطعيم الحجاج قبل سفرهم لأداء الفريضة. وكان وزير الصحة المصري حاتم الجبلي قد ألمح في وقت سابق إلى احتمال إلغاء الحج إذا تأخر وصول الدفعة الأولى من المصل وتضم 100 ألف جرعة. وتتجه دول عربية أخرى على الأقل لتقليل أعداد الحجاج هذه العام وفي مقدمتها العراق الذي أعلن قرارًا بهذا الشأن في وقت سابق. وبسبب المخاوف من الفيروس، أوصى وزراء الصحة العرب من هم فوق الخامسة والستين ودون الثانية عشرة بعدم أداء فريضة الحج هذه السنة، كما شملت التوصية النساء الحوامل والمصابين بأمراض مزمنة. وأودى الفيروس « إتش1 إن1 » بحياة أكثر من 3 آلاف شخص على الأقل منذ ظهوره في نهاية مارس الماضي، وذلك بحسب حصيلة لمنظمة الصحة العالمية. (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 06 أكتوبر 2009)  

رسمـــــــــــــي: لا حجّ هــذا العــام

 


صرّح السيد أبوبكر الأخزوري وزير الشؤون الدينية رسميا خلال ندوة صحفية عقدها صباح أمس بأنه تم تأجيل الحج الى السنة القادمة بسبب نفي الاستطاعة وعدم توفر اللقاحات وكذلك بسبب الاشتراطات السعودية. وأضاف الوزير بأن اللقاء الصحفي هدفه ابراز أسباب ارجاء الحج الى سنة قادمة. وقال: �لا نقول تعطيل ولا إلغاء الحج لأننا لا يمكن ان نعطّل حكما شرعيا ونحن في تونس أحرص الناس على إقامة الشعائر الدينية والبلد الذي يقوده بن علي لا يمكن ان تعطّل فيه الشعائر�. وأفاد ان ارجاء الحج الى سنة قادمة يعود الى ثلاثة أسباب وتتمثل في انتفاء الاستطاعة واستشهد بالآية القرآنية: �و& على النّاس حجّ البيت لمن استطاع اليه سبيلا�. وأوضح ان كل العلماء جعلوا الاستطاعة مالية وبدنية وأمنية. وتساءل: �هل ان الاستطاعة متوفرة مع عدم توفر اللقاح حيث أكد أهل الاختصاص في بلدنا أنه غير متوفر حاليا ويمكنه ان يكون متوفرا مع نهاية شهر أكتوبر�. وأضاف في نفس السياق بأن مسألة التيقن من نجاعة اللقاح ومن عدم امكانية احداث أضرار جانبية يتطلب وقتا كافيا لتتثبّت فرق المراقبة من ذلك لاسيما وان الشركات المزودة للقاحات لا تقدم ضمانا ولا تلتزم بجبر الضرر عند حدوثه. وأشار الى انه بعد التثبت من اشتراطات الاخوة في السعودية المتمثلة في ان تأشيرة الحج لا تؤخذ الا بعد مرور أسبوعين من اجراء اللقاح وبعملية حسابية بسيطة ندرك انه لا يمكن اسعاف من يروم الحج باللقاح هذه السنة. وقال: �كان في خلدنا تنظيم الحج كبقية السنوات لذلك دعونا الى تقديم فرز ثان بعد تحييد من أدرك الـ65 سنة ومن تجاوزها حسب التعميم السعودي والأطفال دون سن 12 سنة�. وبلغة الارقام تراجع عدد الحجيج بعد الفرز من 6400 الى 2751 وعدل عن الحج بسحب ترشحه 185 شخصا و55 تغيبوا. عزوف وأكد الوزير أنه ثمة عزوف تلقائي من الراغبين في الحج بعد عمليات التحسيس والتوعية وبلغت نسبة 90٪ لدى المكفولين بالخارج. وهؤلاء سيحصلون على مستحقاتهم حيث طلبت شركة الخدمات الوطنية والاقامات من البنك المركزي اعادة المال الى أصحابه. وذكر أن تقلّص عدد الحجيج من العوامل الاخرى التي سوف يؤجل لأجلها الحج في تونس حيث حدد بالمئات وهذا التقلص يستحيل معه التنظيم. وعرّج على عامل آخر يتعلق باشتراطات السعودية من خلال اعلانها عبر القنوات الرسمية بأنه قبل صعود الحاج الى الطائرة تؤخذ درجة حرارته فإذا كانت في حدود 38 درجة فما فوق فإن الحاج لا يصعد الى الطائرة ويعزل للخضوع إلى كشوفات وقال: �هذا في تصوّرنا غير ممكن عمليا خاصة وأننا نحفظ كرامة المواطن ومشاعره لاسيما وان المختصين في علم النفس يؤكدون ان هذه المسألة تحدث انكسارا نفسيا للحاج�. وأفاد من جهة أخرى بأنه يوجد مؤشر يدل على أن السلطات السعودية سوف تشترط التلقيح لأن السفير السعودي قال: �لا داعي للحج اذا لم تصل الدفعة الاولى من التلقيح قبل 15 أكتوبر الجاري ووزير الصحة صرّح بنفس الشيء�. وأكد وزير الشؤون الدينية ان الخوف ليس فقط على الحجيج بل ايضا على عائلاتهم والمحيطين بهم بعد العودة حيث يمكن ان تحدث مع برودة طقس كارثة بانتشار العدوى. دعم أفاد الوزير في ردّه على أسئلة الاعلاميين بأن قرارات البلدان في مسألة ارجاء الحج تختلف من بلد الى آخر حيث حرّم البعض من علماء المسلمين الحج وهناك من قال ما لم يصلني التلقيح سوف ألغي الحج. وبخصوص الحج الموازي صرّح الوزير بأن هذا النوع غير ممكن ومن كان تونسيا ويعيش في بلد آخر فهي مسألة أخرى مرتبطة بالتثبت من تأشيرته. وذكر أنه في كل الاحوال يخضع كل وفد الى المراقبة والتثبت لضرورة التوقي. وبخصوص خسائر وكالات الاسفار التي تعد بالمليارات أفاد الوزير بأن تونس تدعم المؤسسات المنتصبة بها فكيف لا تدعم المؤسسات التونسية ومن الطبيعي جدا ان يتم النظر في هذا الامر من خلال دعم وكالات الاسفار. وفيما يتعلق بالحفاظ على نفس قائمة حجيج السنة الحالية للموسم القادم أفاد الوزير انه يمكن الحفاظ على نفس القائمة لكن مع فتح آفاق حظوظ الترشح لأفراد آخرين وعموما هي مسألة سابقة لأوانها بالنسبة اليه. نزيهة بوسعيدي (المصدر: النشرة الإلكترونية لجريدة الشروق التونسية يوم  الاربعاء 06 أكتوبر 2009)  


تونس تلغي الحج هذا العام لعدم توفر لقاح (اتش1 ان1)


تونس 6 اكتوبر (رويترز) – قال مسؤولون حكوميون يوم الثلاثاء ان تونس قررت الغاء الحج هذا العام لعدم توفر اللقاح المضاد لفيروس (اتش1 ان1) المعروف بانفلونزا الخنازير.   ونقلت صحف محلية عن وزير الشؤون الدينية ابو بكر الاخزوري قوله انه تقرر تأجيل الحج الى العام القادم لعدم توفر اللقاحات وكذلك للاشتراطات السعودية المتمثلة في عدم منح تأشيرة للحجاج الا بعد اسبوعين من اعطائهم اللقاح.   ولن تحصل تونس على اللقاح المضاد لانفلونزا الخنازير الا نهاية شهر اكتوبر تشرين الاول الحالي أو مطلع نوفمبر تشرين الثاني.   ويبدأ موسم الحج هذا العام في 18 نوفمبر تشرين الثاني المقبل وفقا للسفارة السعودية في تونس.   وقال الاخزوري ان السعودية اشترطت ايضا عدم السماح لاي حاج بصعود الطائرة اذا كانت حرارته في حدود 38 درجة مضيفا ان « ذلك غير ممكن عمليا خصوصا واننا نحفظ كرامة المواطن ومشاعره لاسيما وان المختصين في علم النفس يؤكدون ان هذه المسألة تحدث انكسارا نفسيا حادا للحاج. »   وأعلنت تونس حتى الان تسجيل 80 حالة اصابة بانفلونزا الخنازير.   وكانت تونس ألغت في وقت سابق هذا العام العمرة تخوفا من تفشي وباء انفلونزا الخنازير.   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 6 أكتوبر 2009)  

وزير الشؤون الدينية:

«إرجاء موسم الحج… ولا للحج الموازي»  ** تكفـــل الدولـــة بدعـــــم وكــــالات الأسفـــــار

 


تونس ـ الصباح: أكد وزير الشؤون الدينية أبو بكر الاخزوري في مستهل اللقاء الاعلامي الذي عقده أمس «إن القرار الخاص بموسم الحج يتعلق بارجاء أداء هذا المنسك الى السنة القادمة ـ على خلفية التوقي من الوضع الوبائي الناجم عن انتشار انفلونزا الخنازير ـ ولا يعتبر تعطيلا ولا إلغاء على اعتبار أنه لا يمكن أن نعطل حكما شرعيا، سيما أن تونس حريصة على اقامة الشعائر وأكبر شاهد على ذلك هو الواقع المعيش…».   وأوضح أن قرار ارجاء الحج الى السنة القادمة يعود الى انتفاء شرط الاستطاعة وقد حصر جل العلماء التكييف الشرعي للاستطاعة في جوانبها المالية والبدنية والأمنية… في هذا السياق أورد الوزير أن عدم توفر اللقاح في الوقت المناسب وفي غياب ضمانات الشركات المنتجة له وعدم التزامها بجبر الضرر عند وقوعه في حال وقوعه في حال استعمال اللقاح ما ينفي الاستطاعة، كما ان اشتراطات السلط السعودية التي يقضي بعضها بأن منح التأشيرة لا يتم الا بعد مرور أسبوعين من اجراء اللقاح يظهر بعملية حسابية تعذر اسعاف من يروم الحج هذا العام باللقاح مما يزيد في انتفاء شرط الاستطاعة سيما بعد أن تمت افادة السلط التونسية عبر القنوات الرسمية السعودية بدفعة من الاجراءات الاحترازية والوقائية التي تمنع صعود أي حاج الى الطائرة في حال بلوغ درجة حرارة 38 فما فوق، ولتفادي مشاعر الانكسار النفسي والمعنوي التي يتعرض لها الحاج في مثل هذه الحالة، وكذلك حالات الاحباط التي تصيبه في حال ارتفاع حرارته داخل الطائرة وما يترتب عنها من اجراءات عزل وإعادة ترحيل، ارتأت السلط التونسية أنه لا فائدة من ارسال الحجيج مع الاحترام الكلي للاشتراطات السعودية.   عزوف تلقائي   ولمزيد توضيح الموقف التونسي من قرار تأجيل الحج «بعيدا عن كل ارتجال أو اعتباطية» ـ كما جاء على لسان الوزير ـ بين الأخزوري أن تونس كانت تعتزم تنظيم الحج وانطلقت في هذا المسعى وتمت دعوة من يرغب في ذلك الى فرز ثان بعد تحييد كبار السن (65 سنة وما فوق) والصغار (أقل من 12 سنة) والمصابين بأمراض مزمنة حسب الاشتراطات السعودية، وأنتجت عملية الفرز تقلصا في عدد المترشحين الذي مر من 6400 الى 2751 ترشحا وهناك من بادر بسحب ترشحه بصفة تلقائية (نحو 185 انسحابا) وهناك من تغيب (55 تغيبا).   وإزاء وضعية العزوف المسجلة والتي يدعمها مؤشر آخر للعزوف في صفوف المكفولين من قبل أبنائهم المقيمين بالخارج وصلت نسبته 90% تعذر تنظيم الحج وكان قرار الارجاء…   استرجاع المصاريف   واثر قرار ارجاء الحج ولتمكين المكفولين من الخارج من مستحقاتهم من الأموال التي دفعوها تقدمت الشركة الوطنية للاقامات والخدمات بطلب للبنك المركزي التونسي يسمح باستعادة قيمة المصاريف التي دفعوها.   على صعيد آخر وتعقيبا على سؤال «الصباح» حول موقف الوزارة من ظاهرة الحج الموازي التي تنتعش في مثل هذا الوضع وتنظم خارج الأطر الرسمية، شدد وزير الشؤون الدينية على أنه لا مجال للقبول أو السماح بذلك بالنسبة للمقيمين في تونس لكنه أشار الى أنه لا يمكن منع من يقيم خارج الوطن وببلد يتوفر فيه اللقاح من الحج…   وأضاف ردا على سؤال لأحد الاعلاميين «بأن الحج برا ممنوع وحتى في حال تمكن البعض من الحج عبر هذا المنفذ فانهم سيخضعون عند العودة الى الاجراءات الصارمة للحجر الصحي لوقاية المجموعة الوطنية من كل مخاطر العدوى وانتشار المرضى»..   أولوية الحج   حول مقترح يتعلق بتمكين من لم يسعفهم الحظ بالحج هذا العام من أولوية الترسيم الآلي للقيام بهذا المنسك الموسم القادم تكريسا لمبدإ الانصاف لم يستبعد الوزير هذه الامكانية معقبا على مقترح «الصباح» بأن ذلك ما يرجوه.. الا أن أخذ القرار سيتم في إبانه من التعمق في دراسة كل التصورات…»…   دعم وكالات الأسفار   بخصوص جبر الخسائر التي لحقت بوكالات الأسفار جراء تعليق العمرة والحج أوجب تدخل الدولة في هذا المجال، وقد صرح الوزير بأن هناك تفكيرا في دعم هذه المؤسسات ليس بصيغة تعويضية وانما بصيغ للدعم  تجنب الخوض في تفاصيلها، مطمئنا وكالات الاسفار وقوف الدولة الى جانبها..   وفي ما يتعلق بتعهدات وتعاقد شركة الاقامات والخدمات مسبقا مع الجهات السعودية المتعامل معها لتأمين النقل والاقامة للحجيج التونسيين قبل صدور قرار ارجاء الحج تمت الافادة بأن الوضعية المستجدة فرضها الأمر الواقع أو ما يعرف بالقوة القاهرة وهي وضعيات متعارف عليها وتقننها اجراءات معروفة سيتم التعامل بها دون أن يفسد الوضع الطارئ لعلاقات التعاون بين الطرفين للود قضية وفي كنف التفاهم مع الجهات السعودية…   الكتاتيب والانفلونزا   عند تعرضه للخطة الوقائية المعتمدة من قبل وزارة الشؤون الدينية للتوقي من انتشار فيروس انفلونزا الخنازير في مستوى الكتاتيب التي تحتضن نحو 25 ألف طفل في سن ما قبل الدراسة أوضح السيد أبو بكر الأخزوري بأنها تخضع لجل التراتيب والاجراءات المقرة للتصدي للمرض بالمؤسسات التربوية وبمؤسسات الطفولة، بما في ذلك اللجوء الى الغلق لمدة ثمانية أيام في حال تسجيل ثلاث اصابات في قاعة واحدة. معلنا  بأن كل الوسائل الوقائية المتاحة لحماية صغارنا بما في ذلك القيس الآلي لحرارة رواد الكتّاب ستأخذ بالاعتبار وسيتم العمل على توفيرها لتعزيز التوقي، مشيرا الى أنه لم تسجل أية اصابة في صفوف الأطفال الى حد اليوم.   منية اليوسفي   (المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 6 أكتوبر 2009)

تونس تفرض التوقيع على التزام «مظهر محترم وزي غير طائفي»


تونس – إسماعيل دبارة   لم تجد طالبة الحقوق سناء (21 سنة) وسيلة تلتفّ بها على قرار جامعتها القاضي بمنع ارتداء الحجاب أو «الزيّ الطائفي» داخل أسوار الجامعة ، غير تعديل وضعية حجابها إلى ما يشبه غطاء الرأس التونسي التقليديّ المعروف بـ «الفولارة».   التعديل الذي لجأت إليه سناء كان لتفادي نظرات أعوان الأمن الجامعي الثاقبة التي تترصّد الطالبات اللواتي يرتدين «الزيّ الطائفي» بحسب تعبير مسؤولي الحكومة والإداريين. لكنّ هذا التعديل على غطاء الرأس الذي لجأت إليه طالبة الحقوق «موقّت وإلى حين». وتقول سناء لـ «الحياة»: عندما كان الأمر يتعلّق ببعض المناوشات مع إدارة الجامعة حول ارتداء الحجاب، لم أكن آخذ المسألة على حمل الجدّ، أما وقد تدخّل أعوان الأمن على الخطّ فقد اخترت عدم المواجهة خوفاً من العواقب ، كل ما يمكنني فعله هو تعديل وضعية غطاء الرأس بكشف أجزاء أخرى من وجهي من دون كشف خصلات الشعر، بما يضلّل أعوان الأمن الجامعي ولما أغادر أسوار الجامعة أنا حرة في ارتداء ما أشاء».   ما ذكرته سناء لـ «الحياة» قد يلخّص حيرة الآلاف من طالبات تونس المحجبات وقلقهن، ممّن فوجئن في بداية العام الدراسيّ الجديد بقرارات صادرة عن مؤسسات تعليمية عليا وثانويّة تقضي بإجبار الطلاب على التوقيع على إقرار ينص على التزامهنّ الحضور إلى المؤسسات التعليمية بـ «ملابس محترمة» ومن ذلك حلق اللحى بالنسبة الى الذكور وخلع الحجاب بالنسبة الىالإناث.   «على الطلاب «تحجير (تجنب) اللباس الطائفي والالتزام بالحضور إلى المؤسسة الجامعية بلباس محترم ومظهر لائق: ذقن محلوق ورأس مكشوف وهندام محترم»، هذا ما ورد في النظام الداخلي لأحدى المؤسسات الجامعية في تونس.   وعادة لا تكتفي الجامعات والمدارس في تونس بمثل هذه البنود للتصديّ لظاهرة الحجاب التي تقلق مسؤولي الحكومة إلى درجة اعتباره «زياً طائفياً ورمزاً سياسياً لبعض الحركات الأصولية» ، بل تستند تلك الإدارات إلى عناصر الأمن لتعقّب المحجبات وتهديدهنّ أحياناً للكفّ عن ارتداء الحجاب بحسب ما نقلت بعض جمعيات حقوق الإنسان المحليّة.   ورأت منظمات حقوقيّة أنّ الحملة على المحجبات «استعرت» مع بداية السنة الدراسية الجديدة ، وذكرت «لجنة الدفاع عن المحجبات في تونس» أنّ «حرباً محمومة يتعرض لها الحجاب والمُحجبات على يد السلطة الرسمية التي سخرت كل مؤسسات الدولة وإداراتها لمحاربة الحجاب وغيره من مظاهر التدين».   ووزعت في شوارع تونس مناشير وقوانين تمنع ارتداء الحجاب أثناء الدراسة والعمل وفي الإدارات الرسمية، لكنّ المحكمة الإدارية العليا قضت في كانون الأول (ديسمبر) 2006 بـ «عدم دستورية» المنشور رقم 108 الصادر في 1981 الذي يمنع اللباس الطائفيّ، وأكدت المحكمة أن القوانين التي تمنع ارتداء الحجاب بتونس غير شرعية وغير قانونية لمخالفتها الدستور.   كما قضت المحكمة ذاتها أواخر العام 2007 ببطلان قانون مشابه، وهو القانون عدد 102 الصادر في 1986، وذلك خلال بتّها في دعوى قضائية رفعتها مُدرسة رداً على قرار وزير التربية يقضي بإيقافها عن العمل وحرمانها من الراتب على خلفيّة ارتدائها الحجاب.   منى طالبة لغة الإيطالية، توجّهت الى الجامعة في محافظة «قابس» الجنوبيّة للمرة الأولى ، أكدت لـ «الحياة» أنها «تعرّضت للعرقلة والمنع من الترسيم إلى حين نزعها للحجاب» وتضيف: «القانون كان واضحاً : ضرورة نزع الحجاب لأنه زيّ طائفيّ والاكتفاء بلباس تونسيّ محترم لا يحمل دلالات سياسية، هذا ما أبلغتني به إدارة المعهد العالي، وقد رضخت لطلبها من دون تردّد فدراستي ومستقبلي فوق كلّ اعتبار».   لا ترضخ معظم الطالبات المُحجبات في تونس إلى إجراءات إدارات المؤسسات التعليمية التي اعتبرنها «جائرة» و «تحدّ من حرياتهنّ الشخصيّة في اللباس» و يعمدن إلى التمرّد على تلك الإجراءات والقوانين ، فسميرة (24 سنة) تختار الصّدام سواء مع مدير الجامعة أم مع أعوان الأمن المرابطين أمام مؤسسات التعليم العالي وتقول: «الحجاب مفروض شرعاً على النساء المُسلمات ، ولا يحقّ لأي كان التدخّل في حرية اللباس الذي ينصّ عليه دستور الجمهورية، عادة ما أشتبك مع أعوان الأمن في مشادات صاخبة لأنني أرفض الانصياع لتهديداتهم ومُستعدة لتحمّل عواقب اختياراتي ، لن انزع الحجاب الشرعيّ حتى إن اعتبرته حكومتنا مستورداً من إيران الخُمينية كما ادعت سابقاً» .   أكاديميّون عرب طالبوا الأسبوع الماضي بإلغاء المراسيم التي تحظر الحجاب في الجامعات التونسية، وتوجّهوا بنداء إلى الرئيس زين العابدين بن علي لـ «معاقبة الجامعات والمؤسسات التي تحظر ارتداء الحجاب».   وأثار نداء الجامعيين العرب ارتياحاً بين عدد من المحجبات في تونس ممّن اعتبرنه «وسيلة جيدة للضغط على الحكومة لإجبارها على احترام حقهنّ في ارتداء الحجاب».   وذكرت «الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب» أنها مستعدّة لـ «تشكيل وفد من وجهاء الجمعية وأعيانها ومفكريها ومثقفيها للاجتماع بالرئيس التونسي»، كما قررت الجمعية معاقبة الجامعات والمسؤولين التونسيين الذين يثبت تورطهم في حملة التنكيل بالمحجبات، وذلك بـ «مقاطعتهم وعدم دعوتهم الى المشاركة في المؤتمرات العلمية الدولية، وبوضعهم على القائمات السود لأعداء الحجاب» بحسب ما ورد في بيان الأكاديميين العرب.   (المصدر: « الحياة » (يومية – لندن) بتاريخ 5 أكتوبر 2009)  


الاعتقال بدل الإعانة للمطالبين بالاندماج بعد السجن


حرر من قبل التحرير في الأثنين, 05. أكتوبر 2009 اعتقلت السلطات الأمنية بمدينة جندوبة يوم أمس الاثنين سجيني حق عام سابقين هما أنور وإبراهيم على خلفية الاعتصامات التي شاركا فيها صحبة عشرات المساجين احتجاجا على تنصل الإدارة من تعهداتها بمساعدتهم على الاندماج في الحياة العامة بتوفير موارد رزق لهم. وذكرت مصادر مقربة من الموقوفيْن بأنّهما كانا من المفروض أن يحضرا صباح اليوم الثلاثاء 6 أكتوبر لاستلام التمويل الذي رصدته هياكل التضامن الاجتماعي بتدخل من جمعية المساجين المفرج عنهم، غير أنّ جهات أمنيّة اعتقلت أنور وإبراهيم بتهم مختلفة.  
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 5 أكتوبر 2009)  

بيانات غير متطابقة في التعريف بالإمضاء

تكشف تورّط مسؤول تجمّعي كبير في الاستيلاء


حرر من قبل معز الباي في السبت, 03. أكتوبر 2009 تعرّض موظّف ببلديّة العين بصفاقس إلى الإحالة على التحقيق القضائي بتهمة تدليس عقود متعلّقة بانتزاع عقّاري من خلال عمليّات التعريف بالإمضاء. وحسب ما أفادتنا به مصادر مطّلعة، فإنّ السيد محسن العموري المتهم في القضيّة الذي عرف طيلة فترة عمله بالاستقامة، والذي تعكّرت حالته الصّحيّة على إثر هذه المساءلة، كان ينفّذ تعليمات مسؤول كبير في التجمّع وعضو في مجلس المستشارين والذي يبدو أنّ العقود المذكورة كانت تتمّ لفائدته.  وحسب ما راج في الأوساط المطّلعة فإنّ السيّد رشيد السلاّمي كاتب عامّ الجامعة الدستوريّة بصفاقس والمتّهم الرئيسي في القضيّة قد يكون عرضة لرفع الحصانة عنه بغرض مساءلته حول عمليّات التدليس المذكورة، وهو ما يفسّر تغيّبه الملحوظ في احتفالات اليوم العالمي للمسنّين.  هذا يظهر أنّ ما أثار انتباه الدوائر المختصّة لما يحدث من عمليّات استيلاء عقّاري منذ سنوات، هو عدم مطابقة بعض بيانات الهوّية في عمليّات التعريف بالإمضاء، ممّا استوجب تحقيقا في الأمر، قد يذهب ضحيّته موظّف بسيط ينفّذ التعليمات لا غير.  
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 3 أكتوبر 2009)  


مصطفى بن جعفر في ندوة صحفية:  الانتخابات تتويج لمسار تعددي ديمقراطي


 تونس (وات): عقد السيد مصطفى بن جعفر الامين العام للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات صباح امس (5 أكتوبر) بمقر الحزب بالعاصمة ندوة صحفية استعرض فيها مواقف التكتل من المرحلة الاولى من الانتخابات الرئاسية والتشريعية.    وبين بالمناسبة أن حزبه ينظر الى الانتخابات على أنها تتويج لمسار تعددي ديمقراطي ولحياة سياسية تعددية وامتحان لمختلف الاحزاب على أن يختار الشعب بكل حرية وشفافية من يمثله.   واعلن ان المكتب السياسي للحزب قرر المشاركة في الانتخابات ودعوة اطراف من المعارضة الى التنسيق من أجل تنظيم الحملة الانتخابية ومراقبة عملية الاقتراع.   واكد على اهمية التقدم خطوات اخرى بالمسار الديمقراطي التعددي فى تونس التي حققت أشواطا في مجال الرعاية الاجتماعية فضلا عن تحسن الوضع الاقتصادي.   (المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 6 أكتوبر 2009)  

المجلس الدستوري: قائمتان إضافيتان للتجديد والتكتل


تونس-الصباح : بعد التثبت من الاعتراضات المقدمة له من قبل بعض القائمات التي تقدمت بترشحاتها للانتخابات التشريعية المقررة ليوم 25 اكتوبر الماضي.   نقض المجلس الدستوري القرارالاداري القاضي باسقاط قائمة حركة التجديد في الدائرة الانتخابية بالمنستير والتي يترأسها السيد جنيدي عبد الجواد مع الاقرار بعدم قانونية ترشح بقية القائمات في دوائر تونس 1 وتونس 2 ومنوبة وبنزرت والكاف وجندوبة والقيروان وقفصة وصفاقس1 وصفاقس 2 ومدنين وتطاوين   كما نقض القرار القاضي باسقاط قائمة التكتل من أجل العمل والحريات في بنزرت والتي يتراسها السيد محمد زين العابدين البجاوي مع الاقرار بعدم قانونية ترشح قائمات تونس1 وتونس2 واريانة ومنوبة وبنعروس ونابل وباجة والكاف وجندوبة والقيروان وسوسة والمنستير والمهدية والقصرين وسيدي بوزيد وتوزر وصفاقس1وصفاقس2 ومدنين وتطاوين.   وبالتالي ستكون قائمات حركة التجديد ممثلة في الدوائر التالية: قابس (حسين الكريمي)، اريانة (طارق شعبوني)، بنعروس (محسن خلفاوي)، نابل (محمد العقربي)، زغوان (عادل شاوش)، باجة (محمد رؤوف محجوب)، سليانة (محمد الحبيب العوني)، سوسة (علي سيدهم)، المنستير(جنيدي عبد الجواد)، المهدية (كمال الشريف)، القصرين(حمادي الغيلاني)، سيدي بوزيد (زهير فاضل)، توزر(عمر قويدر) وقبلي (محمد بن زايد).   وستكون قائمات التكتل من أجل العمل والحريات ممثلة في الدوائر التالية:زغوان(صالح السويسي)، سليانة (سامي القيطوني)، بنزرت (محمد زين العابدين البجاوي)، قفصة(حسين مال)، قابس (مصطفى بوعواجة) وقبلي (محبوبة بن صوف).   وهكذا ستكون المعارضة ممثلة في الانتخـابات التشـريعية القــادمة بـ140 قائمة تتوزع على 23 قائمة لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين،23 قائمة لحزب الوحدة الشعبية، 22 قائمة للحزب الاجتماعي التحرري،21  قائمة لحزب الخضر للتقدم، 14 قائمة لحركة التجديد،22 قائمة للحزب الديمقراطي الوحدوي، 6 قائمات للتكتل من أجل العمل والحريات و9 قائمات للحزب الديمقراطي التقدمي.   مع العلم ان التجمع الدستوري الديمقراطي تقدم بـ161 مترشحا (وهو عدد المقاعد المخصصة للدوائر الانتخابية) في 26 قائمة. كما تقدمت 15 قائمة مستقلة لهذه الانتخابات.     سفيان رجب   (المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 6 اكتوبر 2009)


كلمة حرة

نحن والإنتخابات الرئاسية


توطئة:   لمّا احتاج سيّدنا سليمان عليه السلام لبعض أعوانه كي يأتيه بعرش ملكة سبأ، طرح عليهم المهمّة [قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ]، فبدأ كلّ منهم يستعرض ما عنده من الإمكانيات: [قَالَ عِفْرِيتٌ مِّن الْجِنِّ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ]، وقد تذهب سرعة التنفيذ بالتركيز على مختلف مراحله، فلا يُنتبَه إلى ما قام به سيّدنا سليمان عليه السلام من مقارنة وترجيح وموازنة وتمحيص، قبل اختيار ذي العلم على ذي القوّة والإذن له بأداء المهمّة الدقيقة!.. والذي نريد الإشارة إليه أنّ كلّ عمل أو مهمّة يُحتاج فيه أو فيها إلى ذي الكفاءة والقدرة المؤهِّلة للتكليف… وطبيعيّ أن لا يكون النّاس متساوين في ذلك، إذ منهم القوي والأقلّ قوّة والضعيف، ومنهم العالم والأقلّ علما والجاهل، ومنهم الحكيم والأقلّ حكمة والسفيه، ومنهم المخلص والأقلّ إخلاصا والمنافق!… وحريّ بمن يهمّهم تنفيذ المهمّة اختيار القادر على القيام بها على الوجه الأكمل بحيث يُحرص على اجتناب الفشل بأعلى مراتب الحرص… ومن الإخلاص والشعور بالمسؤولية في ذات الوقت سعي المكلِّف والمكلَّف على حدّ السواء إلى تدارس وفهم المهمّة والاشتراك في اختيار الأصلح للقيام بها – كما كان شأن سيّدنا سليمان مع ملئه وأعوانه – لتأديتها بطريقة يُرجى منها النّجاح الكامل: [فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ]… وهنا نتساءل أيّهما أكبر  وأهمّ: مهمّة الإتيان بعرش الملك أو مهمّة اختيار الملك؟!…   نحن والانتخابات الرّئاسية (25 أكتوبر 2009):     نجيب بواقعيّة على السؤال أعلاه فنقول بأنّ مهمّة اختيار الملك (وهو عندنا – حسب الدستور – رئيس الجمهورية) وجعله خادما وراعيا لمصلحة البلاد لهي أهمّ وأخطر بكثير من مهمّة استقدام العرش كما في القصّة القرآنيّة المعلِـّمة، ولذلك فليس باستطاعة ذي قوة فينا واحد أو ذي علم منّا واحد القيام بها، بل لا بدّ من تظافر الجهود… كلّ الجهود… من أجل أوّلا: فهمها، ومن أجل ثانيا: معرفة أو التعرّف على مَن يقع اختياره لتنفيذها، ومن أجل ثالثا: ضمان إنجاحها بأقدار معقولة إن لم نقل بأقدار عالية!…   أوّلا: فهم المهمّة: لا يمكن اختيار رئيس الجمهورية دون الاتّفاق على مهامّه ووسائل تنفيذها وعلاقته بمن اختاره!… ونحسب أنّ تحديد المصطلحات وضبط التعريفات وتقنين العلاقات بين الرّاعي والرّعية لهي من أهمّ الوسائل المساعدة على الاختيار والانتخاب، ثمّ الوفاق وصلاح الحكم… وإنّا لو أخلصنا القول وأحسنّاه لقلنا: أنّ الرّئيس هو ذاك الفرد الذي اختير من بين أفراد الشعب بناء على مؤهّلات اكتسبها هو ونبغ فيها وقصّر في اكتسابها آخرون أو لم يقاربوه فيها؛ تمكّن أساسا (تلكم المؤهّلات) – ونحن في بلد مسلم – من معرفة ربّه والوقوف عند حدوده، وتوقير رسوله صلّى الله عليه وسلّم واتّباع سنّتـه…، ومعرفة قضايا بلاده وعزمه على إيجاد الحلول لها بحكمة تجلب للنّاس الخير وترفع للبلاد الذكر، ومعرفة حقوق مواطنيه عليه وخوفه من التقصير في أدائها بما يجلب له حبّهم ويذهب عنه بغضَهم ويصلح ذات بينهم ويؤمّن خائفهم ويشبع جائعهم ويكسو عاريهم ويعزّ ذليلهم، مستأنسا في ذلك بسيرة أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه في الحكم: فقد توجّه لرعيته بالقول: « الصدق أمانة والكذب خيانة، الضعيف فيكم القوي عندي حتى أزيح عليه حقه (آخذ له حقّه) إن شاء الله، والقوي فيكم الضعيف عندي حتى آخذ منه الحق إن شاء »، منفّذا بأمانة ما جاء في دستور البلاد وقوانينها الأصلية، أي من غير تلك التي جاءت خادمة لضمان انحراف الحاكم وتأسيس سطوته، كقانون « الإرهاب » مثلا، وغيره من القوانين الضاربة للحرّيات الخاصّة أو العامّة، المهمّشة للأحزاب أو الجمعيات، المبطلة لدور القضاء، المفقدة للثقة بين الرّاعي والرّعيّة، المطمّعة للرّاعي في الرّعية، المخوّفة من الرّاعي الرعيّة، المجرّئة أقارب الرّاعي على الرّعيّة!…أي أن يفيَ – في كلمة – بما أقسم عليه في اليمين الدستورية وفيها: « أقسم بالله العظيم أن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة ترابه وأن أحترم دستور البلاد وتشريعها وأن أرعى مصالح الأمة رعاية كاملة »…الله أكبر! ما أجمل (من الإجمال) كلماتنا المكنونة في دستورنا!.. فالرّئيس يقسم أن يحافظ على استقلال الوطن فلا عدوّ مسلّح يهدّد حدوده الجغرافية، ولا عدوّ عقائدي يهدّد عقول ناشئته أي لا تمسيح ولا تنصير ولا تهويد ولا تشييع ولا عبادة شياطين ولا مثليين ولا غير ذلك من الأمور الشاذّة..! والرّئيس يقسم على احترام دستور البلاد وتشريعها؛ والدستور في بنده الأوّل يؤكّد على أسلمة البلاد ولسانها العربيّ: فلا يحارب مظاهر التديّن فيها ولا يمنع من باب أولى إقامة الفرائض فيها ولا يشرّع من باب أوكد مناشير تحارب الإسلام فيها ولا يمنع الحريّات الشخصية فيها ولا يصبح ملكا توّاقا إلى الألوهية فيها!.. والرّئيس يقسم أن يرعى مصالح الأمّة رعاية كاملة: فلا يسمح بما يمنع عنهم راحتهم أو يحدّ من حرّياتهم أو ينقص من عزّتهم أو يشترط على خدمتهم؛ فالإدارة كلّها خادمة لمصلحة الأمّة أي لمصلحة المواطن والكلّ سواسية أمام القانون دون نظر إلى نسب أو جاه أو غيرهما من المؤثّرات في العالم الديكتاتوري المتخلّف!… والأمّة عنده هي مجموع أفراد البلاد من ذكر وأنثى، فهو يرعاهم كلّهم ولكنّها رعاية من أجل النفع وليس من أجل المراقبة والتضييق! فإنّ المراقبة والتضييق مفاسد وليست مصالح كما جاء في القسم!….   ثانيا: التعرّف على من يقع اختياره لتنفيذ المهمّة (الحكم) ما من نبيّ بُعث إلاّ كان من وسط قومه، والرّسول صلّى الله عليه وسلّم كان من وسط قومه عزّا وشرفا ومنعة، والرّاجع إلى السيرة يتوقّف طويلا عند ذاك التقديم الذي قدّم به جعفر الطيّار رضي الله عنه نبيّه عليه الصلاة والسلام للنّجاشي، ملك الحبشة، فقد قال: [أيها الملك! كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنّا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم. وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً… (الخطبة الجعفرية)]… فمعرفة الرّئيس من أكبر العوامل التي تساعد على قبوله أو – بالمقابل – على رفضه!.. فالرّيئس لا بدّ أن يكون منّا! أي أن تكون مصالحنا مصالحه وشرفنا شرفه وما يحزننا يحزنه وما يفرحنا يفرحه وما يؤلمنا يؤلمه وما يهمّنا يهمّه! لا بدّ أن يكون منّا: أي أن يكون متواضعا لضعيفنا رحيما به، موقّرا لعالمنا مجلاّ محترما له، آويا إلينا بعد الله لا يخشى على نفسه منّا، قريبا لا يُحرس بغيرنا دوننا، مشاركا مخالطا لنا لا يستأثر بخلواته التي تحجبه بحيطان قصره عنّا… ثمّ علينا أن نعرف نسبه فإنّ ذلك ممّا يؤلّف بيننا وبينه، وإنّا لنستغرب كثيرا في بلادنا التونسية وفي البلاد العربيّة الأخرى قلّة المناسباب التي يلتقي فيها الرّئيس بأهله ولا سيّما بأمّه وأبيه، ما يجعل النّاس يتفرّقون في التوصيف: فمن قائل باحتمال ضيق الوقت، وقائل بسوء معدن الرّجل وعقوقه إذ كم مِن النّاس مَن « يخجل » من احضار أصله أو الحديث عنه!… كما تتأكّد في هذه النّاحية ضرورة معرفة الأصدقاء السابقين والحاليين، فالنظر إلى الأخلاّء يحدّد الخليل ويعرّفه ويصنّفه، كما أنّ ردود أفعاله إذا ما أخطؤوا تزيد من كشف بعض قيمه! ونحسب أنّه ليس من الحكمة ولا حتّى من الرّجولة القبول بمن فسد معدنه أو جُهل نسبه أو تقذّر بما اقترفه أصهاره ومحيطه!… وأمّا الأمانة والعفاف فهما الخاصيّتان اللتان تستطيعان الذّهاب حتّى بما أفسده النّسب والمصاهرة، فالأمين العفيف لا يُتخطّى لغيره من النّاس لا سيّما في الوقت الذي قلّت فيه الأمانة وتقلّص فيه العفاف!…   ثالثا: ضمان إنجاح مهمّة (اختيار رئيس الجمهورية، رئاسة الجمهورية) أوّل ضامن لإنجاح مهمّة الاختيار هي تقوى الله سبحانه وتعالى: أي أنّ كتابتك على بطاقة التصويت لأيّ اسم تعني مشاركتك في كلّ ما يقترف! أي لو أنّك صوّت لفائدة شخص – يُجمع الكثير على أنّه ظالم أو قاتل أو مفسد أو محارب للدّين – من أجل حماية نفسك من شرّه مثلا، فقد تسلم منه ولكن لا تلومنّ إلاّ نفسك إذا وجدت عند ربّك ما لا يساعدك على السلامة يوم القيامة!.. فهي مسؤولية جسيمة، تركها والهروب منها أفضل آلاف المرّات من تحمّلها خطأ وجرأة على الله ثمّ على الحقّ وخلقه…   ممّا يضمن إنجاح المهمّة (مهمّة الاختيار أو الانتخاب) هي كما أسلفنا معرفة المزمع انتخابه: سواء كان ممّن جرّب المهمّة في السابق بما تراكم من أفعاله ومنجزاته: أكانت خادمة للمصلحة العامّة؟ ملتزمة بالقسم؟ مستجيبة للدستور؟ منفذّة للخطط الانتخابية التي جعلته يفوز على أساسها؟ أو كان من الجُدُد فننظر إلى شخصه ونسبه وصدقه وأمانته وعفافه؛ ويُعرف كلّ ذلك أو جلّه بالنّظر إلى تديّنه وعلاقته مع ربّه ثمّ مع النّاس، كما ينظر إلى مواقفه من مجمل القضايا ولا سيّما تلكم المتّصلة بحقوق النّاس وبالقضايا الإسلامية الكبرى كقضية فلسطين والعلاقات مع الصهاينة وأعداء الأمّة وما شابه ذلك!…   وأمّا ما يضمن مهمّة رئاسة الجمهورية، فهي المراقبة المستمرّة لأداء الرّئيس بواسطة المؤسّسات الصالحة الخادمة لمصالح النّاس أو بواسطة الضغوط الشعبيية عند فساد تلكم المؤسّسات، وتذكيره دائما بأنّه قد اختير لخدمة شعبه وليس لاستعباده..، بأنّه قد اختير منهم وأنّهم قادرون على إلغاء ذلك الاختيار إذا ما اتّضح لهم خطأهم فيه؛ فإنّ ما أفسد على العرب حكّامهم هو قلّة مراقبتهم التي تطوّرت فتحوّلت إلى خوف ثمّ تطوّرت فتحوّلت إلى خنوع وعبادة لا تليق بالإنسان الذي أسجد الله لأبيه آدم الملائكة تكريما!…   عود على بدء: بعد هذا – ونحن ندعو إلى وقفة صدق مع النفس ومع مدلول الكلمات – أيمكن المجازفة بإعادة انتخاب الرّئيس الحالي لولاية خامسة « ونصف » (فقد تولّى الحكم سنة 1987)؟.. وقد عرفنا جهازه مبغضا للكثير منّا ساجنا معذبا مهجّرا مفتّنا مقتّلا لنا!.. محاربا للحرّيات !.. مستهزئا بالشعائر والفرائض!.. مخلفا للوعد ناقضا للعهد!.. شديد البأس علينا!.. متزلـّفا للصّهاينة !… أيمكن أن يحدث هذا باسم « الاختيار »… باسم « الانتخاب »؟!.. أيمكن أن نكون – لا قدّر الله – ممّن عناهم الله بقوله: « …(نسرّها في أنفسنا ولا نقولها….) »؟… نستغفر الله!.. وندعو التونسيين إلى تحمّل مسؤولياتهم، فإنّ الاختيار كشف لبواطنهم وقيمهم: فإن اخترتم الحسن فأنتم أهل عقل وحكمة وقد رغبتم في الخير ودعوتم إليه!.. وإن اخترتم السيّئ فأنتم أهل جهل وسفه وقد ساندتم الشرّ وشرّعتم إليه!.. فانظروا كيف تختارون وكيف تكونون وما الذي ستجنون!.. ثمّ عليكم بعد ذلك الإصرار على معرفة نتائج أصواتكم بمتابعة ومراقبة الإعلان عنها، وعدم قبولها إذا تأكّد لديكم حصول غشّ فيها… ولا بأس هنا من تقليد الغرب فيما ذهب إليه يوم انتظر واعتصم حتّى درأ النتائج المدلّسة المغشوشة بإذهاب مسبّبها!… وأمّا إذا لم يأنس المرء في نفسه القدرة على القيام بهذه الأعمال فليغلق عليه بابه أو يمسك عليه صوته، فإنّه ممّا يعذره أمام الله سبحانه وتعالى… والله من وراء القصد..    (المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 6 أكتوبر  2009)  

تعقيب على بيان:

حول تغيير والي قابس الحامة ولاية قابس


لقد استنكر متساكني الحامة ترشيح السيد بوبكر بوصبيع من طرف التجمع الدستوري الديمقراطي كنائب على الحامة ليس للونه كما ورد ببيانكم و ان مثل هذه الافكار الرجعية ليس لها مكان في عقلية الحامي العاقل المتحضر الذي يقطن الحامة اليوم في القرن الواحد و العشرين وان الحامة تفتخر بابنها البار بوبكر بوصبيع الذي كثيرا ما تألق في سلم الوظاف التي كلف بها. على ان استنكار متساكني الحامة من ترشيح السيد بوبكر بوصبيع على الحامة يرتكز على انه يقطن منذ مايزيد عن خمسة وعشرين سنة بتونس العاصمة كما ان السيد بوبكر بوصبيع متقاعد تجاوز الستين من عمره ولم يقم باي نشاط اداري او سياسي بالحامة منذ ان ترك الحامة و انتقل يعيش بالعاصمة كما انه غير معروف لدى جيل التغيير. لهذه الاسباب لم ترم اطارات الحامة هذا الاستهتار بمصالح الحامة وترشيح شخص غير ملم بخصائص الحامة و الحال ان الحامة تعج بالاطارات النشيطة على مستوى التجمع او الادارة. و على هذا الاساس لما بلغ الامر الى اعلا هرم السلطة وقع العدول عن ترشيحه ولو كان لتر شيح السيد بوبكر بوصبيع اي قاعدة شعبية لما عدل التجمع عن ترشيحه.
الامضاء اطار من اطارات الحامة. ********************************************************** بيــــــــــــــان حول تغيير والي قابس الحامة ولاية قابس بما أنني أصيل معتمديه الحامة ولاية قابس وحقوقي تونسي بلغني خبر أزعجني لم أكن أتوقعه أن يصدر في بلد مثل الحامة التي اعرفها بلد نضال وكفاح ولهذا أندد باستغلال أهل منطقتي لأغراض عنصرية مقيتة. إن هذه المدينة تعد أكثر من 100 ألف نسمة وشاسعة الأطراف توجد في الجنوب التونسي تنتمي منذ القديم إلى قابس تعد أكثر من 12 مدرسة ثانوية وإعدادية ومن أهم المناطق الفلاحيه بولاية قابس أهلها يعيشون على تربية الماشية والفلاحة الكبرى وفيها نسبة البطالة تفوق 40بالمائة من سكانها. هذه المدينة لعبت وتلعب دورا هاما في الحياة السياسية في تونس ولها ماضي كبير حافل بالنضال والأحداث الثورية والنقابية لقد أنجبت رجالا لهم ماضيهم ووزنهم في الساحة الوطنية منهم محمد بن شرف الدين الذي قام بثورة ضد الباي قبل الاستعمار الفرنسي ثم قاوم الاستعمار محمد الدغباجي الثائر المشهور محمد علي الحامة النقابي الشهير والطاهر الحداد الذي نادى بتحرير المرأة في العالم العربي والإسلامي والحاج علي خضر السياسي المخضرم والطاهر لسود أول ثائر في الحركة الوطنية والجلولي فارس أول رئيس لمجلس الأمة بعد الاستقلال ومؤسس مجلة الأحوال الشخصية. ان هذه المنطقة حضنت العديد من الأجناس منهم اليهود لهم حاليا معبد منذ القدم وأيضا تسكنها حاليا شتى القبائل من جميع الألوان الأسود والأبيض ما راعنا أخيرا ان التجمع الدستوري الديمقراطي أدخلنا في دوامة عنصرية خطيرة على مجتمعنا وذلك عندما سمي في قائمته الانتخابية لمجلس النواب سنة 2009 السيد بوبكر بوصبيع أصيل الحامة واسود اللون وله قدرة علمية فائقة وينتسب إلى التجمع منذ صغره وله مناصب إدارية سابقة في أعلى مستوى ولأجل لونه الأسود وقع رفضه وتعويضه بشخص أخر. لأن مجموعة تنتمي إلى الحزب الحاكم رافضت هذا الشخص لأجل لونه وقامت بإرسال برقيات تنديد إلى هرم الحزب الحاكم والضغط عليه مع تجمعات أمام معتمديه الحامة لقد أتت هذه السلوكات البذيئة بثمارها حتى وصلت بإسقاط والي الجهة وتعويض الأسود بالأبيض مع أن الشخص الذي عوض مكانه لم يكون يوما ما مشارك في الحزب الحاكم , كما وصل الأمر بتغيير السيدة حياة عبدالدائم مستوى تعليمي بعد ألباك 7 سنوات إلى أن وقعت لها جلطة في المخ وعوضت بالسيدة بوع بدلي مستوى لا تصل السنة السادسة ابتدائي هل نحن في عالم متأخر الى هذه الدرجة. كيف لرئيس الدولة وهو أيضا رئيس التجمع يقبل بهذه العنصرية في تونس التي ناضلت من اجل التقدم منذ الاستقلال هل يريدون بعودة تونس إلى الوراء أم انتهى أمر البلاد. هل يمكن في القرن الواحد والعشرين ننظر إلى الأشخاص من لونهم لا من كفاءاتهم العلمية رغم إننا اليوم نرى اكبر دولة في العالم اختارت رجلا اسود ومن اصل مهاجر إفريقي . ومن الغرابة نحن كدولة عربية إسلامية تؤمن بالحقوق ولا نفرق بن عربي أو أعجمي إلا بالتقوى هذا عارا في جبين الشعب التونسي. فرنسا 1سبتمبر 2009 عبدالعزيز عقوبي سياسي وحقوقي تونسي  

إضراب المعلمين تضامنا مع زملائهم المسجونين، جدل بشأن نجاحه


حرر من قبل المولدي الزوابي في الأثنين, 05. أكتوبر 2009 قالت مصادر نقابية إنّ إضراب المعلمين يوم أمس الاثنين حقق نجاحا بنسبة مشاركة عامّة بخمسين بالمائة على الأقلّ. وأكّد متحدث باسم النقابة العامة للتعليم الأساسي في اجتماع خطابي نظم بساحة محمد علي بالعاصمة أنّه ستتم دعوة هيئة إدارية للقطاع للاجتماع في ظرف 15 يوما لبحث الخطوات النضالية المناسبة بعد تحرك الأمس . ولم تسجل نسب إقبال كبيرة على هذا الإضراب على غرار المناسبات السابقة فقد بلغت 35 بالمائة في قفصة و 52 بالمائة في سليانة و54 بتوزر و50 بالمائة بسوسة و57 بالمائة في المهدية و63 بالمائة في سيدي بوزيد و75 بالمائة في قابس.  وكان مؤتمر النقابة العامة للتعليم الأساسي قد دعا في جوان الماضي إلى إضراب بيوم واحد مطالبة بإطلاق زملائهم المعتقلين منذ جوان 2008 على خلفية تأطيرهم للتظاهرات الشعبية الاحتجاجية في الرديف وهم عدنان الحاجي وبشير العبيدي والطيب بن عثمان وعادل جيّار، وقد قضت المحكمة بسجنهم لمدد تتراوح بين 6 و8 سنوات.  ويلغت نسبة المشاركة في الإضراب بالرديف 96 بالمائة لكنّها نزلت إلى أدنى مستوياتها في المتلوي إلى صفر في المائة.  وقدّرت النسبة العامة بقفصة بحوالي 35 بالمائة وهو رقم أدنى بكثير من النسب المسجلة في جميع الإضرابات التي خاضها المعلمون سابقا من أجل مطالب مهنيّة.  وقد عقد بدار الاتحاد بقفصة اجتماع نقابي بحضور ضعيف اتهم خلاله المتدخلون الكاتب العام للنقابة الجهوية الناصر القطواني بالعمل على إفشال الإضراب كما طالب آخرون بإحالة النقابيين الذين لم يشاركوا في الإضراب على لجنة النظام لمخالفتهم لوائح نقابتهم.  وسجل في هذا الاجتماع غياب أعضاء المكتب التنفيذي الجهوي وعلى رأسهم الكاتب العام الجهوي عمارة العباسي، إضافة إلى غياب القيادات النقابية المركزية . وفي جندوبة شدد المجتمعون بدار الاتحاد الجهوي على أنّ تاريخ الإضراب لم يكن مساعدا على ضمان أوفر حظوظ النجاح.  وأعرب المعلمون الذين اجتمعوا بدار الاتحاد الجهوي بجندوبة عن استعدادهم للنضال بكل الوسائل الشرعية من أجل إطلاق سراح مساجين الحوض المنجمي.  ودعت اللائحة الصادرة عن هذا الاجتماع إلى عقد هيئة إدارية قطاعية خلال أسبوع لتقييم نتائج الإضراب ورسم خطة نضالية مستقبلية، كما دعا المعلمون بقية القطاعات والجهات وقيادة الاتحاد العام إلى تحمل مسؤولياتهم لحل أزمة الحوض المنجمي.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 5 أكتوبر 2009)  


تحية تقدير وباقة زهور للمعلمين المناضلين من باجة


باجة يوم الاثنين 05 أكتوبر 2009 بكل ّ ارتياح و ثقة في مستقبل مربي تونسنا و بعد الارقام الجيدة التي أسفر عليها اضرابنا اليوم رغم نوعيّته و رغم تخاذل العديد من المدّعين لحبهم للحرية و شغفهم بمشاغل المعلّمين أينما كانوا ، فإن ّ كافة العائلة النقابية تشيد و بكلّ اعتزاز بمواقف الرّجال و شجاعة ربّات الحجال ، أخواتنا و زميلاتنا و زوجات الرجال الرجال و جاراتنا و بناتنا و امّهات اطفالنا و معلّماتهم للوقفة المغوارة و الاحتجاج المسؤول و السلوك الحضاري القيم ، اذ وبعد اسبوع من الجولات التحسيسية بين المدارس الريفية و الحضرية و بعد توزيع المئات من البيانات و البلاغات و المطويات في ظروف لا يعلمها الا الله ، نفاجئ اليوم بعديد الوجوه التي كنا و الحق يقال لا نشك في سلامة سريرتهم ، يتجهون بكلّ ارتياح الى فصولهم و يكسرون الاضراب مع سابقية الاضمار ، جل الذين لم يضربوا يدعون عدم وصول المعلومة في الابان و هذا غير صحيح، لاننا زرنا و مسحنا كلّ مدارس مدينة باجة و ضواحيها و هذا بالدليل و البرهان… كيف يتخاذل هؤلاء و فيهم من تحمّل مسؤوليات نقابية و فيهم من هو عضو حالي في فرع رابطة حقوق الانسان و فيهم من اخرجته النقابة و الاتحاد من براثن الغول ؟ و مع ذلك يستسهلون اكبر سلطة قرار في النقابة العامّة الا وهي المؤتمر و يتجاهلون تبعات هذا التمرّد على المنظمة متعللين بعدم التئام الهيئة الادارية للمصادقة على الاضراب و هم يعلمون ان لائحة المؤتمر الممضاة من الامين العامّ المساعد و رئيس المؤتمر تعتبر قرارا من الدرجة الاولى لا حاجة للهيئة ان تصادق عليه … لا علينا ، لقد تعرّت الوجوه و ظهر الحقّ في عيون مناضلينا و سمت الثوابت و المبادئ النقابية الصرفة على كلّ الحسابات الضيقة و ان غدا لناظره قريب ، لا يسع كل النقابيين بولاية باجة الا ان يقدموا اسمى عبارات الشكر و الاحترام لكل المعلمين الذين ساهموا في النجاح النسبي لاضراب 05/10/2009 فالهدف المرسوم قد حققناه : وهو ايصال اصواتنا و استغاثاتنا الى اعلى مستويات السلطة و طالبنا بكلّ شجاعة و تحضّر ووعي باطلاق سراح عدنان الحاجي و بشير العبيدي و الطيب بن عثمان و طارق الحليمي و كلّ رفاقهم الذين اعتقلوا و حوكموا و سجنوا بدون حقّ في ما سمي بانتفاضة الحوض المنجمي بقفصة و التي نسميها التحرّك الاجتماعي و الانساني بهذه المنطقة المنكوبة التي تعاني شظف العيش و تطالب بأدنى مستوى من ظروف العيش الكريم، ايتها الاخوات ، ايها الاخوة النقابيين الاحرار ، نضالنا متواصل و ضمائرنا مرتاحة و طريق الحرية يسلك بالتناوب و الاتحاد و الالتفاف حول منظمتنا العتيدة و نقاباتنا المناضلة الصامدة و انا اذ رمينا الزهور و الرياحين على المربيين الذين سارعوا لمناصرة زملائنا المعتقلين لنعبّر لكم و لكلّ من شبّ على حبّ تونس على ابتهاجنا بقراراتكم الصائبة فعشتم و عشتنّ زميلاتي، حصنا منيعا لكلّ المعلمين في بلادنا … عاشت نضالات المعلمين و المعلمات و الحرية كلّ الحرية لسجناء الحوض المنجمي… عاش الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة عمالية مناضلة و ديمقراطية و مستقلة… و ما جزاء الاحسان الا الاحسان و السلام عليكم.
شكري القسطلي الكاتب العامّ المساعد النقابة الاساسية للتعليم الاساسي بباجة — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicals  

رسالة الى السيد المدير الجهوي للتربية و التكوين ببنزرت نزلت أهلا و حللت … صعبا

 


السيد المدير الجهوي المحترم في مفتتح سنة دراسية اعتمدت خلالها سلطة الإشراف موازنات « وقتية »   متسرعة زادت من معاناة المدرسين  ، طالعتنا بزيارات مكوكية للمؤسسات التربوية بالجهة  لم تنقطع حتى أثناء الليل . كنا نأمل أن تثمن خلال هذه الزيارات جهود الأسرة التربوية  و خا صة المدرسين و المدرسات بعد تحسن نتائج الباكالوريا بالجهة حيث قفزت بنزرت من المرتبة الثالثة عشر الى المرتبة الثامنة وطنيا. لكن سرعان ما أصبنا بخيبة عندما وصلتنا أصداء هذه الزيارات سيدي المدير الجهوي المحترم ، إن حملتك المسعورة على زميلاتنا ممن ترتدين الحجاب نكران للجميل, فهن و غيرهن أفنين العمر من أجل أبنائنا التلاميذ ,وهن و غيرهن سهرن الليالي و عملن الساعات الطوال لإتمام برامج لا تنتهي , و هن و غيرهن درسن و لازلن بمناطق الظل في ظروف قاسية و أحيانا مهينة داخل مدارس لا تتوفر بها أبسط الضروريات. أما إشارتك بالبنان إلى إحدى زميلاتنا و تعطيل درسها على مرأى و مسمع من تلاميذها لتذكرها بحدة بمنشور » الزي اللائق » أو » الزي الطائفي » فهذا سلوك لا حضاري نستغرب صدوره عن المسؤول الأول عن التربية بالجهة.أما تكرار الممارسة أثناء زيارات أخرى  بمدارس  و معاهد بالجهة فهو يكشف المهمة المشبوهة التي كلفت بها، انها مهمة أمنية و ليست مهمة تربوية . سيدي المدير الجهوي المحترم ، بعد تذكيرك بالسلوك الحضاري الذي نحث تلاميذنا على التحلي به, نذكرك أن المحكمة الإدارية بتونس أصدرت قرارا ألغت بموجبه المنشور 108 الصادر سنة 1986 والقاضي بمنع ارتداء الحجاب داخل المؤسسات الحكومية وقد اعتبرت المحكمة في قرارها عدد10976 ⁄1 عن الدائرة الخامسة للمحكمة الإداريّة برئاسة القاضية سامية البكري الصادر لفاِئدة الأستاذة سعيدة عدالة بأنّ المنشور فيه تهديد للحريات الأساسية ومنها حرية المعتقد المكفولة في الدستور. كما إعتبرت أنّ هذا المنشور غير دستوري. سيدي المدير الجهوي المحترم ، نطالبك بالكف عن مضايقة زميلاتنا و التخلي عن مهمتك الأمنية و التفرغ لدورك التربوي لتحقيق نتائج مدرسية أفضل تشفع   لك لدى رؤسائك. سيدي المدير الجهوي المحترم ، نزلت أهلا و لكنك حللت صعبا بأرض الجلاء أرض القيم و الكرامة و الحياء.   أستاذ من بنزرتالمرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicals  

باجة في 05 أكتوبر 2009 النقابة الاساسية للتعليم الاساسي بـــباجة

لائحة اضراب 05 أكتوبر 2009

 


نحن معلّموا و معلّـمات جهة باجة ، نعلن اليوم دخولنا في إضراب احتجاجي بيوم واحد مساندة منا لزملائنا المعتقلين و كافة مساجين الحوض ألمنجمي، كما ندعو و نطالب بإطلاق سراحهم دون قيد أو شرط و إرجاعهم إلى سالف عملهم، كما نصرّ على المضي ّ قدما في نضالاتنا و تضامننا معهم في السراء و الضرّاء مستعملين في ذلك كلّ الطرق الشرعيّة حتّــى رفع المظلمة عنهم و ردّ اعتبارهم ماديا و معنويا، و نؤكّد التفافنا حول نقابتنا و منظمتنا العتيدة و إذا تمادت السلطة في تعنّتها و و تجاهلها للحالة الصحية المتدهورة لزملائنا المعتقلين فإننا نقترح ما يلي : 1/ الدخول في إضراب بيومين على الأقل خلال شهر نوفمبر المقبل , 2/ تنظيم أيام تضامنية بدور الاتحاد و تحسيس كلّ شرائح الشعب بضرورة التضامن مع عائلات المعتقلين و التواصل معهم, 3/ فتح باب التبرعات لفائدة كل أهالي الرديف المنكوبة و المناطق المتاخمة لها المتضررة جراء فيضانات يوم 23 سبتمبر 2009, 4/ مزيد التحسيس بخطورة أوضاع المعتقلين و تنشيط قنوات الاعلام النقابي في هذا الصدد, 5/ تشريك مختلف النقابات و كل القطاعات في جميع اشكال النضال و المساندة الفعّالة لاهالي الحوض المنجمي لانها تبقى قضيّة الاتحاد العامّ التونسي للشغل بكلّ مكوّناته و هياكله, عــــاشت نضالات المعلّمين عــــاش الإتحاد العام التونسي للشغل مستقلا ، ديمقراطيا و مناضلا
لجنة من المعلمين النقابيين و القواعد منبثقة عن اجتماع يوم الاضراب بدار الاتحاد الجهوي للشغل بباجة — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicals


أوقفوا هذا النزيف في معمل عجين الحلفاء والورق بالقصرين


لازالت الشركة الوطنية لعجين الحلفاء و الورق بالقصرين مهددة بالانهيار نتيجة سياسة الاستهتار للسيد المنجي جليل الرئيس المدير العام الذي قضى إلى حد الآن حوالي7سنوات على رأس هذه الشركة وادخلها في أزمات متعددة على جميع  الأصعدة بسبب سياسته وتغليبه مصلحته الخاصة على مصلحة الشركة و أهمها جلبه لحريف لم تتعامل الشركة معه من قبل يدعى نجيب كمون صاحب شركة  وصلت ديون هذا الأخير إلى أكثر من12 [ CGP] مليار و لم يمتثل الرئيس المدير العام إلى التوصيات التي جاءت بها لجان التفقد والتوصيات الوزارية  و ضرب عرص الحائط كل التشكيات و التضمرات  من عديد الغيورين على مستقبل الشركة بعد  ان اصبح مستقبلها في خطر. علما و ان هذا الحريف ليس له أية نية لخلاص الديون فأصبحت الشركة تتخبط في مشاكل مالية كبيرة بما أنها تقترض من البنوك و تعطي الورق بدون مقابل مع التلاعب بمصير الشركة و كل ما قام الرئيس المدير العام من تحويرات اخيرة ، فالغاية منها دائما امتصاص غضب البعض و التخلص من بعض الإطارات و تقريب إطارات أخرى و إعطائها نفوذا أوسع لخدمة مصالحه الخاصة و مزيد التلاعب بمصير الشركة أو بالأحرى بمصير الجهة كاملة ؟لأن شركة السليلوز تعتبر أهم قطب صناعي إن لم نقل الوحيد و هو ركيزة هامة للولاية ككل. حيث وقعت أخيرا بعض التغييرات شملت بعض المسؤولين على رأسهم مدير الشراءات و إدارة الحلفاء و التصرّف في المخزون مع كل هذا أوضيفت الى هذا المسؤول الجديد إدارة المالية، عملية لم يقع مثلها في الإدارات التونسية الأخرى فكيف يكون مسؤولا على الشراءات و التزويد و في نفس الوقت مسؤولا على الشؤون المالية أو الأصح على تمويل الشراءات و الصفقات و المهام في الداخل و الخارج، فلكم أن تتخيّلوا مدى نفوذ من له صلوحيات التصرّف المطلق في أموال الشركة و التغطية و الدعم التام من الرئيس المدير العام إن لم نقل التعليمات طبعا كالعادة لأن مصلحته الشخصية تقتضي ذلك.  نأتي إلى أهم مسؤول وهو المدير الفني  [ بإعتبار أن الشركة صناعية بالأساس بالرغم من دورها الاجتماعي الهام ] فالمدير الفنّي الحالي جعل الشركة تشكو من تدهور فنّي فادح نتيجة عجزه لقلة معرفته و انعدام شخصيته أمام مرؤوسيه مما أدى إلى عدم السيطرة و الأخذ بزمام الأمور لتسيير المصنع و هو معروف أيضا بتحيزه مع الأسف [ للعروشية ] مما أثار البلبلة بين العمال و الحزازيات بين الإطارات و الاستهتار بمصلحة الشركة و إقصاء كل إطار يقف أمام مصلحته و مصلحة الرئيس المدير العام بالطبع، ها نحن نزف لكم أهم النتائج التّي توصل لها المدير الفنّي فلا تستغربوا : – خسائر مالية فادحة في الإنتاج – إنتاج الورق الغير صالح للبيع و إعادة صنعة من جديد لا لشيء سواء لإيهام العمال بأن المصنع في حالة جيّدة – إتلاف السلع و المواد الكميائية بدون أدنى رقابة و طبعا كل هذا بعلم الرئيس المدير العام. – انقياده للرئيس المدير العام بدون أدنى ملاحظة أو حتّى مجرد ابداء رأي.   كذلك التغيير الأخير شمل  المدير الإداري  و بإمكاننا أن نقول أن هذا الأخير مسؤول مشهود له بحسن السلوك و السمعة الطيّبة و القدرة على تحمل المسؤولية مع العلم ان له من المستوى التعليمي و الخبرة ما يؤهله لمثل هذه المناصب و للقارئ هنا أن يلاحظ أنّنا أصبحنا نعطي و نعير أهمية كبرى و أولوية مطلقة للسلوك الشخصي أكثر من الكفاءة المهنية لماذا لأن المدير السابق و المقال من الادارة رغم أنف الرئيس المدير العام، وقعت نقلته الى نيابة الشركة بتونس العاصمة  كانت له تجاوزات عديدة و كان مستراب في علاقاته الخاصة لهذا نحن نتمنّى أن المدير الاداري الجديد ان يستطيع إصلاح بعض ما فسد و الحقيقة هو صعب في الوقت الحاضر لان التغيير لم يكن شاملا في الإدارة فالعناصر المشاركة في تدهور حالة الإدارة مازالوا موجودين منهم السكرتيرة الخاصة للمدير المقال كانت لها نفوذا تدعو للشك و الريبة لقائل أن يقول لماذا كل هذا؟ ما المقابل ؟ و كيف لمثل هذه أن تؤتمن على أسرار الإدارة ؟   الحالة العامّة للشركة غير مبشرة بالخير أصبح هناك فتور من العمال و عدم ثقة بالمسؤولين و تكاسل في العمل ، تسيب ، تمارض ، فوضى ، قلة احترام لتوقيت العمل كل هذا طبعا أفرزته سياسة الإدارة العامة الغير مبالية بمصلحة الشركة. نأمل ان يجد هذا النداء أذانا صاغية من لدن الغيورين على مصلحة البلاد والعباد.   نقابي من القصرين  


بعد قراءة كتاب « حاكمة قرطاج »… موقفك من ثلاث…

 د. خــالد الطراولي   عندما تقرأ كتاب « حاكمة قرطاج » لكاتبيه بو وغراسيي والصادر عن دار لا ديكوفارت الفرنسية، كله أو جله أو البعض من ورقاته، لن يتركك في مكانك ساكنا، سواء كان الإطار أريكة وفنجان شاي، أو دردشة ثقيلة على نهر السين أو التاميز، أو مختبئا في بيتك وتحت لحافك تشعل شمعة وأنت خائف من دبيب النمل…لن يتخلى عنك الكتاب وهو يهز ضميرك ومشاعرك وعواطفك وعقلك على السواء، أو أن تتخلى عنه ويدك لا تطاوعك والمنضدة تتباعد حتى لا تعينك على الانسحاب…   الكتاب يناديك ويهزك، بعد أن تمر لحظات طويلة من الدهشة والاندهاش، من الحيرة والتساؤلات، من الغيظ الكامن، من الغضب المتصاعد… ويضغط عليك للإستشعار، للتفكر، ويستدعيك طوعا أو كرها لأخذ موقف… وموقفك سيدي هذه المرة لا يخلو من ثلاث مضارب :   1/ إما أن ترمي بالكتاب منذ السطر الأول، أو الكلمة الأولى، أو الحرف الأول أو العنوان، أو تقول هذا على الحساب حتى أقرأ الكتاب أو لن أقرأه، وتجدد البيعة والركوع والسجود وتلعن الأفاكين والمفترين بصوت يصيب بعض أطرافه ارتعاش وغثيان، ثم تنحاز جانبا بعدما أتممت بنود العقد وأكملت فصول المسرحية، وتضع إصبعيك في أذنيك حتى لا تسمع صوت الأوراق وهي تنتفض، أو تغمض عينيك حتى لا ترى الشموع وهي تقاوم الارتعاش ومن حولها تحوم فراشة لا تهاب اللهيب، أو تغلق عقلك حتى لا تتبين طريقك في مستنقع من الأوحال… حتى إذا اختليت بنفسك استحييت بعض الشيء، أو سعيت إلى الكتاب من جديد ولكن على أطراف الأصابع وفي جنح الظلام وأغلقتَ الأبواب وقلتَ هيت لك ممنيا نفسك بليلة سعيدة على وقع خطوات وطن جريح زاحف…   2 / وإما أن تغادر الكتاب وتتبعه بمغادرة القاعة أو البيت، وتتطلع إلى نسيم عليل وإن كانت أيام الخريف تنحو للبرودة وتستشرف شتاء عاصفا، لتتساءل هل هذه تونس؟ هل هذا وطني؟ هل هذه بلاد الثعالبي وحشاد… وبورقيبة؟؟؟ أم هو وطن آخر وقصة أخرى؟، وطن لا تعرفه، ليس له تاريخ ولا ماضي ولا مستقبل، صدمك من بين ورقات عاتية، يحمل بصمات غير بصمات الأجداد ولا الأحفاد، أيامه ليالي ولياليه كهوف ودهاليز وسواد…تفرك عينيك مجددا، تتلمس جسدك شبرا شبرا… هل أنت في كابوس أم في يقظة؟ لعلك كنت تمني نفسك بأن تجدك ملقا على سريرك، لتقول ذهبت المنامة وطارت الحمامة وكفى الله المؤمنين القتال… لكن الواقع يصدمك كما تصدمك أشعة الشمس، لتعلن لك بدون شماتة أو استخفاف: واحسرتاه إنها الحقيقة المرة ولا حقيقة غيرها وأنت حي تعايشها… تتحول قليلا ثم تعود وتطوي القصة كما طويتَ الكتاب، وتغَيّب ضميرك كما غيّبتَ أبطال القصة، وتلعن الشجاعة وأهلها، وعنترة ومن والاه، وتسكب عليهم آيات التهور والجهل، وتركن إلى صومعتك أو تعتكف في محرابك أو في مكتبك أو في مصنعك أو في مخبرك أو في مزرعتك أو في معهدك…ثم تقنع نفسك أنك لم تر الكتاب ولم تقرأه، وتنسحب مطأطأ الرأس، حذو الحائط خائبا مكسور الجناحين، شعارك الذي لا تريد رفعه… »الّي خاف نجى، واللي تراه راكب فركة قل له مبروك الحصان »…ليتواصل المشوار بدونك وإن أعلنت نسبتك إلى هذا البلد وأهله، وإن رفعت لنا عاليا وبصراخ ملفت بطاقة ولادتك التي تعلن باحتشام أنك ابن هذه الأرض الطيبة…الجريحة …تونس لغيرك وهذا ما تكتبه الأيام الحاضرة…   3 / وإما أن تغلق الكتاب بهدوء، أتممته أو توقفتَ عند بعضه، لأنك لن تتحمل مواصلته أو أنه لم يضف لك الكثير، لتعلن العصيان لأول مرة، أو لتواصل العصيان وترفع شعار تونس وطني هو مني وأنا منه…   يدفعك داع الدين… فلا يمكن أن تشهد شهادة الزور، لا يمكن أن تقول لا أعرف لا أعلم لم أر لم أسمع، لا يمكن أن تفتح صدغيك بالمباركة والمساندة والتهليل والتكبير…. تخاف أسئلة مرعبة مخيفة من رب لا ينسى وديان لا يموت، في يوم يجعل الولدان شيبا إلا من أتى الله بقلب سليم… يدفعك منادي الوطن… ولي وطن آليت أن لا أبيعه، وأن لا أرى غيري له الدهر مالكا، تونس للجميع بيسارها ويمينها، بيهودها ومسلميها، بسلطتها ومعارضيها، لصغيرها وكبيرها، لنسائها ورجالها، لا لفرد ولا لحزب ولا لمجموعة ولا لأسرة مهما علت الأنساب وتضخمت الكنوز وكبرت الأعتاب… تدفعك حكومة الضمير التي لن تتركك مرتاحا حتى لا تقول كيف العمل؟ كيف الفعل؟ كيف أنا؟ على أي أرض أقف؟ وإلى أي مصير أتجه وتتجه بلادي وأهلي وبني وطني؟؟؟… عهد في رقبتك والعهد كان مسئولا…   تدفعك منظومة قيم رفيعة وأخلاق، أعلاها كُتبت يافطة جميلة براقة متلألئة : حب الوطن من الإيمان، ثم تتلاحق وتتدافع شبكة أو سلسلة من الفضائل والقيم… الشهامة، الرجولة، العدالة، المروءة العون، الإيثار، المسؤولية، التكاتف، التضامن، الكرامة، الحرية….لتنغص عليك يومك وليلك، وتدلف بك بعيدا بين الهمم العالية والقمم الشاهقة، وتوردك منازل الحق والفضيلة… فالمسؤولية على الأوطان واجب كل فرد قبل الجماعة، وحمل همومه والدفاع عن حريته واستقلاله وكرامته، واجب كل فرد قبل المجموعة!   لعلي أتوقف لآخذ البعض من أنفاسي، أو لأتحسر، أو لأتشاءم، وأنا أرى حاضر تونس يستعرضه هذا الكتاب بكل هذه الظلال وهذا السواد،…لكني أحمد الله، فطبعي متفائل حتى وإن كان الظلام دامسا لا يعبره ولو بصيص من نور…أحمد الله أن تونس ليست كل ما ورد في الكتاب، فتونس تاريخ وجغرافيا وثقافة وعقلية، تونس رجال ونساء، تونس شعب أبيّ وجماهير وفيّة… تاريخ طويل من الوفاء والمقاومة والقيم النبيلة والأخلاق العالية، وليست هذه الأيام إلا قوسين صغيرين في مصير أمة، ونقطة أو نقطتين في تاريخ شعب…تاريخ بعيد وقريب، لا ينسينا نساء عظيمات ورجالا عظماء، وإن شئتم فاقرأوا ما تيسر من حياة الثعالبي وعزيزة عثمانة ومن مناضلي هذه الأيام ومناضلاته…   تونس ثقافة وهوية، تستسقي مادتها من مقدس جميل وحضارة مغروسة في أعماق كياننا، لن تلوثها أصابع غير بريئة ومعاملات رديئة وممارسات خبيثة…، تونس كلمة، تحملها ابتسامة طفل بريئة، ودعوة عجوز فاضلة، وفتيات متحجبات صامدات، ونساء حرائر، صاحبات كلمة وموقف، شاهدات على العصر والعصر شاهد عليهن…   تونس شعب وفيّ وعزيز، مناضل حتى النخاع وواع بما يحدث، وإن ظهر للعيان غير ذلك، وإنما هي أيام قلائل، والشجر الذي يبقى هو الذي ينحني أمام العاصفة حتى تمر، وإن أردتم التأكد من ذلك، فاقرأوا تاريخه ومقاومته، ونكاته التي تملأ مجالسه ولقاءات أسره وأفراده…   لن أتشاءم لأني أعلم أن في الضفة المقابلة، سواء من قرأ الكتاب أو من لم يقرأه، رجالا صادقين ونساء صادقات، يفزعون كما نفزع، وتهتز مشاعرهم كما تهتز مشاعرنا، في سلك الأمن والجيش والإدارة، داخل القصر وخارجه، ولكن العين بصيرة واليد قصيرة وأنا أتفهم حالهم، ولعل صوتهم الخافت سيصل يوما إلى بعيد…     هذه تونس التي لن تجدها بين دفتي الكتاب، ولكن أطمئن الجميع أنها موجودة في المستقبل زمانا ومكاننا، تدعوك لمواصلة الطريق، طريق المصالحة بين كل كياناتها دون إقصاء أو تهميش، طريق العزة والوفاء ولتقول عاليا: تونس لأبنائها المخلصين، لأبنائها الصادقين، شعارها : فلا عاش في تونس من خانها ولا عاش من ليس من جندها… هكذا تعلمنا هذا النشيد وهكذا صدعنا به في بلادنا وفي غير بلادنا… وما بقى ليل والفجر ملاحقه!   ينشر بالتزامن مع موقع اللقاء www.liqaa.net


مراجعة د. مسعود ضاهر لأعمال المؤتمر السابع عن الدراسات البورقيبية حول « دولة القانون واتخاذ القرار السياسي:  المستبد المتنور في المغرب العربي: بورقيبة نموذجا

 


د. مسعود ضاهر   لكل دولة عربية رائدها في الحداثة وباعث نهضتها في تاريخها المعاصر.  أما سجله الشخصي فمثقل بعدد لا يحصى من الوعود بالحرية والديموقراطية ، وبمشاريع الإصلاح السياسي ، والتنمية البشرية والاقتصادية المستدامة، ونشر العلوم والتربوية العصرية والتكنولوجيا المتطورة للحاق بركب الحداثة والمعاصرة. . لكن المؤلم أن بطل الريادة هو نفسه الباعث على الجمود. فانتهت إلى الحداثة العربية المشوهة إلى بعث تيارات السلف غير الصالح. وتراجعت النهضة بشكل مريع في مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية والتربوية والفنية.   استمد رائد  » الوطنية والحرية والإصلاح والتغيير ودولة القانون والمؤسسات العصرية » شرعيته السياسية من نضالاته الوطنية ضد الاستعمار الخارجي. واستمد خلفاؤه  من بعده شرعيتهم من وراثة السلطة عبر رابطة الدم أو رابطة الحكم العسكري، أو رابطة الفساد والإفساد التي تشكل العروة الوثقى بين أفراد الطبقة السياسية المسيطرة.    ومع أن رواد النهضة في الدول المغربية الحديثة  قد دخلوا التاريخ من باب النضال في سبيل الاستقلال، والسيادة الوطنية، والتحرر الاجتماعي ،  إلا أن وثائق الأرشيف الدالة عليهم غالبا ما وضعت تحت رقابة صارمة من  أجهزة الدولة التي بنوها.   فتعليمات الوريث الشرعي أن يبقى الزعيم المؤسس أسير الرواية، والانطباعات الشخصية. فكثر المديح، والنقد ، والنقد المضاد، لتبقى صورة الزعيم المؤسس رمادية، لا بل قاتمة في معظم الأحيان. ولم توضع الوثائق الرسمية في ميزان النقد العلمي البناء من أجل إبراز دور الزعيم في تاريخ بلده وفق توصيات الباحث الروسي بليخانوف في كتابه المعروف:  » دور الفرد في التاريخ ».   لكن المؤرخ التونسي المتميز ،  الدكتور عبد الجليل التميمي،  أخذ على عاتقه إنصاف الرئيس التونسي  الحبيب بورقيبة وباقي رواد الحداثة والنهضة في دول المغرب العربي.  فسارع إلى تنظيم  سلسلة من المؤتمرات الثقافية المتلاحقة  التي تناولت جوانب كثيرة من سيرهم  الذاتية ، وأعمالهم العمرانية . وقد ساهم في إحياء تلك المؤتمرات خلال السنوان القليلة الماضية  أكثر من مائتين وخمس عشرة شخصية سياسية وأكاديمية ونقابية  تونسية مرموقة. وكان آخرها المؤتمر السابع الذي عقد بمدينة تونس  في الفترة ما بين 29 -31 آذار 2006، ونشرت أعماله الكاملة  في مطلع العام 2009 تحت عنوان:  » دولة القانون واتخاذ القرار في تونس البورقيبية وفي المغرب العربي  1955 -2005″. تضمن هذا الكتاب الهام جميع الأبحاث العلمية التي قدمت إلى المؤتمر، بالإضافة إلى  النقاشات المعمقة التي دارت في جلساته. وابرز عناوين الأبحاث : المجتمع المدني كآلية لتفعيل وتجسيد الديموقراطية في المغرب العربي، ومؤسسات النظام السياسي العربي: التحديات الجديدة والمشاهد المستقبلية،  ودولة القانون في الجزائر بين النص والممارسة، ودور الرئيس هواري بومدين في بناء الدولة الجزائرية الحديثة،  والملك الحسن الثاني وإدارة ملف العلاقات المغربية – الإسرائيلية،  والديموقراطية مفهوما وممارسة عند الحبيب بورقيبة ، والفكر الاقتصادي البورقيبي، والبرلمان في النظام السياسي المغربي ، وحرب التحرير وتكون الدولة الجزائرية، ونقابة الأعراف في تونس وآليات المشاركة الاجتماعي والسياسية، وإشكاليات المسألة الديموقراطية في المغرب العربي،  وبورقيبة وبناء الدولة الوطنية،  وبورقيبة: فكر شبه سياسي ولا اقتصادي ، وآليات اتخاذ القرار في سوريا، وغيرها.   كانت أفراد النخب المغاربية الحاكمة في عهد بورقيبة وباقي زعماء المغرب العربي،    قد درسوا في أعرق الجامعات الأوروبية. واستمدوا فلسفتهم في الحكم من عصر الأنوار الأوروبي.  وتشبعوا بمباديء الحرية والعدالة والإخاء والمواطنة. ووعدوا الجماهير الشعبية في المغرب العربي بإقامة دولة القانون والمؤسسات الفاعلة فور نيل الاستقلال السياسي .  لكن ممارساتهم التسلطية أفضت إلى استمرار أسليب القمع والقهر والاستبداد القديمة. فانتهت عهودهم بانتعاش الثقافة التقليدية الموروثة، وتشجيع السلوكيات الأنانية والاستغلالية والانتهازية والزبائنية البائسة.   وذلك يطرح تساؤلات منهجية كثيرة حول الأسباب العميقة التي أدت إلى المسار المأزوم الذي تعيشه الأنظمة السياسية في المغرب العربي منذ بداية الاستقلال السياسي حتى الآن.   تمحور النظام السياسي في كل من ليبيا ، وتونس ، والجزائر ، والمغرب حول شخصية الرئيس  القائد.  فعمل جاهدا على بناء وحدة داخلية تمحضه الثقة الكاملة  بنسبة تقارب المائة في المائة دون الإفساح في المجال لأي شكل من أشكال المعارضة لسلطته  المطلقة. وتم تسخير أجهزة الدولة ومؤسساتها في خدمته الشخصية لدرجة يمكن معها القول على طريقة لويس الرابع عشر : » أنا الدولة ».  ومنهم من اتخذ الرئيس جمال عبد الناصر نموذجا يحتذى في ممارسة الحكم الفردي التسلطي دون أن تكون له مواصفات الزعيم المصري وإنجازاته الوطنية والقومية، والاحترام الذي ناله في المحافل الدولية.     لقد عممت القيادات المغاربية  الحكم التسلطي المقرون بالديموقراطية الشكلية.  فولدت تلك الديموقراطية مأزومة منذ بداية عهد الاستقلال السياسي ثم إزدادت تأزما بعد أن تراجعت الإنجازات الوطنية وعم الفساد والإفساد في ظل الدولة التسلطية والزعيم الأوحد الذي أدركه الهرم وفقدان الذاكرة وهو متشبث بكرسي الحكم.  ولم تتشوه صورة النظام البورقيبي فحسب بسبب ممارساته القمع بل تشوهت أيضا صورة الزعيم  الذي كان يعتبر بطل الاستقلال ورائد التحرير. مرد ذلك على أن الزعيم المغاربي بدأ حياته السياسية بشن الحرب على المحتل الأجنبي،  والنضال في سبيل التحرير والاستقلال السياسي، وإطلاق الوعود بفك الارتباط التبعي بالخارج على جميع المستويات التربوية والاقتصادية والثقافية.  لكن عهده انتهى بقمع الجماهير الشعبية المطالبة بالحرية، والعدالة الاجتماعية، والديموقراطية، وحقوق الإنسان، والحق في العيش الكريم. وشاركت النخب المغاربية بفاعلية كبيرة في الدفاع عن قضية فلسطين والمشاركة العملية ، عسكريا وسياسيا وماليا،  في مساندة الشعب الفلسطيني في نضاله لاسترجاع حقوقه المغتصبة، وترؤس اللجنة الدولية لمناصرة القدس. إلا أن الحماس الكبير بدأ يتراجع ليسفر عن التطبيع الرسمي، المعلن أو المضمر،  بين بعض الأنظمة المغاربية وإسرائيل. وسرعان ما بدأ الاصطفاف العربي ، في المشرق والمغرب، وراء الخط الذي رسمه  الرئيس السادات والذي أفضى إلى التطبيع المنظم ، والاعتراف بأن أوراق الحل جميعها هي في أيدي الولايات المتحدة الأميركية وليس في أيدي الشعب الفلسطيني ولا الشعوب المدافعة عن القضايا القومية العادلة.  نتيجة لذلك،  تحول الزعيم الأوحد في كل دولة مغاربية إلى دكتاتور فعلي بعد سنوات قليلة على تسلمه دفة الحكم.  وقد مهد لديكتاتوريته بقمع قوى المعارضة، وساندته في توجهاته نخب سياسية وثقافية ومالية كثيرة إلى أن بات الخضوع للدولة التسلطية وزعيمها الأوحد تراثا شعبيا يستند إلى أسوأ أشكال القدرية، والاستكانة، والاعتراف بالعجز، وتقبيل يد السلطة مع الدعاء لها بالكسر، وتبني مقولة العين التي لا تستطيع مقاومة المخرز.  وتحولت الجماهير الشعبية في الدول التسلطية العربية إلى كم كبير من القوى الاجتماعية المهمشة  والتي تلهث وراء لقمة العيش بعد أن حرمت من جميع الحقوق المواطنة التي نصت عليها شرعة حقوق الإنسان ومباديء الأمم المتحدة.  وما كان للزعيم العربي أن يتحول إلى ديكتاتور حقيقي لمدى الحياة إلا بعد  نجاحه الباهر في أن يدخل  الإحباط واليأس إلى أذهان الجماهير الشعبية التي باتت على قناعة تامة بعجزها التام عن التغيير.  فعرفت المجتمعات العربية نماذج مقاربة في مجال تحول القائد الوطني إلى ديكتاتور، ودولة الاستقلال إلى دولة تسلطية تابعة، والنخب المتنورة إلى نخب سلطوية تنشر ثقافة التبرير وتحارب ثقافة التغيير. وتحول المجتمع المنتفض ضد الاستعمار الغربي إلى مجتمع خانع يعيد إنتاج وترسيخ الديكتاتورية التي حاربت مباديء الديموقراطية  وأبقت فقط على شكلها دون المضمون.  مع ذلك،  ركزت النخب الثقافية المغربية المتنورة على دور المجتمع المدني للخروج من هذا المأزق . فهو الحل الوحيد الذي يفتح كوة في هذا الجدار التسلطي المظلم للأنظمة العربية التي تحولت بالكامل إلى أنظمة ديكتاتورية أو شبه ديكتاتورية.  إلا أن نخب المجتمع المدني التي تملكت ثقافة الحداثة  من  خلال اتصالها المباشر بالمقولات العقلانية الأوروبية بدت عاجزة عن مواجهة الموروث الهائل للاستبداد الشرقي. وقد توهم بعض مثقفيها  أن المجتمعات العربية،  في المغرب والمشرق،  بحاجة إلى  » مستبد عادل »  وفق السمات التي كتبت عنه في التراث العربي والإسلامي.  إلا أن الممارسة العملية كشفت زيف هذه المقولة، وان المستبد لا يمكن أن يكون عادلا.  بقي أن نشير إلى أن الدول التسلطية في المغرب العربي  نجحت في بناء مؤسسات حديثة مقتبسة عن المؤسسات الغربية، وبشكل خاص البرلمان، وقانون الانتخاب، وأجهزة الرقابة،  وأنظمة الإدارات المركزية وغيرها. وفي حين قامت المؤسسات الحديثة في الغرب على تغليب إرادة المواطنين الأحرار على كل الإرادات الفردية والتسلطية،  فإن مثيلاتها في الدول العربية قامة على أساس تغليب الإرادة الفردية الديكتاتورية لتتحول إلى إرادة  » وطنية جامعة » من خلال صناديق الاقتراع.  وشوهت ثمرات الحداثة الغربية المستندة إلى العقلانية وحقوق الإنسان إلى حداثة شكلية في الدول العربية  بعد أن حولت موروث الاستبداد الشرقي إلى نظام حكم ظاهره ديموقراطية ومضمونه ديكتاتوري. وتحول خطاب الزعيم الأوحد في الدول المغاربية إلى كلام منمق عن الديموقراطية المفرغة من مضامينها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.  فهو لا يؤمن أصلا بالديموقراطية ، ولا يرى أن الشعب الليبي أو التونسي أو الجزائري أو المغربي مستعد  لها لأنه لم يصل بعد إلى مرحلة النضج السياسي. وانه غير مؤهل لممارسة الحرية والديموقراطية وفق تجلياتها الغربية. وكان الزعيم المغاربي على قناعة تامة بعدم جدوى الديموقراطية في بلاده لأنها تقود إلى التفرقة والنزاعات القبلية والمناطقية، وتعيد البلاد إلى دائرة النفوذ الأجنبي.   لذلك  » لم يكن بورقيبة في واقع الأمر ديموقراطيا ،  لا في سلوكه ، ولا في تفكيره في أي مرحلة من مراحل حياته السياسية. وهو الذي يتحمل المسؤولية التاريخية في عملية تعطيل وعرقلة إرساء النظام الديموقراطي في البلاد التونسية ».  ولم يكن سائر زعماء المغرب العربي أكثر ديموقراطية من بورقيبة، لا من حيث السلوك، ولا من حيث الممارسة. وهي تتحمل المسؤولية التاريخية في منع بناء الديموقراطية السليمة وتطويرها وفق حاجات المجتمعات المغربية.  ختاما،  بات حلم بناء الدولة الحديثة في المغرب العربي صعب المنال رغم الزمن الطويل الذي بقي فيه زعماء المغرب على سدة الحكم.  فغابت قيم الديموقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية والشفافية والمشاركة الشعبية في الحكم. و ضاعت الفرصة طوال أكثر من نصف قرن على ولادة الدول المستقلة في المغرب العربي. وتبدو مؤسساتها اليوم ديموقراطية في الشكل لكنها ذات مضمون تسلطي يجعلها عاجزة عن حماية الاستقلال والسيادة والحريات العامة والخاصة على المستوى الداخلي، وعن مواجهة التحديات الكبيرة الناجمة عن التبدلات الدولية المتسارعة في عصر العولمة. كتاب متميز يحمل الكثير من المقولات العلمية الرصينة التي تكشف أواليات اتخاذ القرار التسلطي ،  ليس في المغرب العربي فحسب ، بل على امتداد العالم العربي.     ***عبد الجليل التميمي( مشرف): » دولة القانون واتخاذ القرار في تونس البورقيبية وفي المغرب العربي 1955 -2005″.  أعمال المؤتمر العالمي السابع للدراسات البورقيبية.  منشورات مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات بالاشتراك مع مؤسسة كونراد أديناور.  تونس 2009.    كشاف الموضوعات   الصفحة 7- أ. د. عبد الجليل التميمي. – دولة القانون والمؤسسات في المغرب العربي بين الممارسة الفعلية والتأويلات المضللة ………………………………. 11- كلمة د. عبد الجليل التميمي في افتتاح المؤتمر ………………………. 13- كلمة د. هاردي أوستري في افتتاح المؤتمر ………………………….. البحوث: 15- د. بن حمادي، عبد القادر. – المجتمع المدني كآلية لتفعيل وتجسيد الديمقراطية في المغرب العربي …… 25-د. بن طاهر، علي.- مؤسسات النظام السياسي العربي: التحديات الجديدة والمشاهد المستقبلية الممكنة: رؤية سوسيو سياسية (المغرب العربي نموذجا) 31- بودهان، موسى.- دولة القانون في الجزائر بين النص و الممارسة …….. 45- جيلالي بلوفة، عبد القادر.- دور الرئيس هواري بومدين (1965-1978) في بناء الدولة الجزائرية الحديثة ……………………………………… 55-د. حاتمي، محمد.- الملك الحسن الثاني وإدارة ملف العلاقات المغربية الإسرائيلية ……………….. 65-د. الحناشي، عبد اللطيف.- الديمقراطية مفهوما وممارسة عند الحبيب بورقيبة بين عهدين …………………………………………………. 83- الزعنوني، مصطفى.- الفكر الاقتصادي البورقيبي ……………………. 87- د. شرف الدين، رسلان.- آليات اتخاذ القرار في سوريا ………………. 105-د. الفيلالي، وفاء.- البرلمان في النظام السياسي المغربي: من 1963 إلى 2005 ……………… 133- د. قدوسي, محمد.- حرب التحرير وتكون الدولة الجزائرية ……………. 139- د. قسومي, المولدي.- نقابة الأعراف في تونس وآليات المشاركة الاجتماعية والسياسية ……….. 169-مواعدة، محمد.- إشكاليات المسألة الديمقراطية في المغرب العربي ……… 179- بورقيبة وبناء الدولة الوطنية: الحيثيات والاستشرافات : حوار مع المؤرخ د. عبد الجليل التميمي ….. موجز بعض البحوث المنشورة في القسم الفرنسي : 189- د. المنوبي، خالد.- بورقيبة : فكر شبه سياسي ولا اقتصادي ………….. 191- مداولات المؤتمر ………………………………………………….. 275- البيان الختامي ……………………………………………………. 279- كشاف أسماء الأعلام والمجموعات …………………………………. 284- كشاف الأماكن الجغرافية …………………………………………… 287- منشورات المؤسسة حول الدراسات البورقيبية ……………………….. 2 – القسم الفرنسي 7- أ. د. عبد الجليل التميمي. – دولة القانون والمؤسسات في المغرب العربي بين الممارسة الفعلية والتأويلات المضللة ………………………………. 11- كلمة د. عبد الجليل التميمي في افتتاح المؤتمر ………………………. 13- كلمة د. هاردي أوستري في افتتاح المؤتمر ………………………….. البحوث: 17- د. المنوبي، خالد.- بورقيبة : فكر شبه سياسي ولا اقتصادي ………….. 23موجز بعض البحوث المنشورة في القسم العربي : 25- البيان الختامي ……………………………………………………. 29- منشورات المؤسسة حول الدراسات البورقيبية ……………………….. يطلب هذا الكتاب من العنوان التالي : مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات الكائن بـ : عمارة الامتياز -المركز العمراني الشمالي لتونس A 25 – تونس 1003   الهاتف من تونس : 444 231 71 أو 164 751 71 من الخارج : 444 231 71 00216 أو 164 751 71 00216 الفاكس من تونس : 77 66 23 71 من الخارج : 77 66 23 71 00216 البريد الإلكتروني : Email : fondationtemimi@gnet.tn/ fondationtemimi@yahoo.fr رقم الموقع على الانترنت  (عربي/فرنسي) www.temimi.refer.org   د. عبد الجليل التميمي تحت إشراف وتقديم دولة القانون واتخاذ القرار في تونس البورقيبية وفي المغرب العربي، فيفري/ شباط 2009. 326 ص ؛ 24 سم – (السلسلة الثالثة : الحركة الوطنية التونسية والمغاربية:  رقم 18) ر.د.م.ك. 6-089-32-9973-978 1- دولة القانون. 2 – الديمقراطية في المغرب العربي. 3 – اتخاذ القرار السياسي.


حين يمشي العار عاريا 1/2


عزمي بشارة من لم يلاحظ ملمحا جديا في ذهول الوجوه في جنيف؟ لقد ذهل حتى من سمكت جلودهم لكثرة استخدام مادة حقوق الإنسان أداة في السياسة والخطابة. لكنه الذهول من كون الفضيحة تكمن في عدم وجود فضيحة. فالفضائح تصدم عادة بعد انكشاف (أو ادعاء انكشاف)، أي انفضاح، معلومات استترت عن العيون حتى اللحظة. وتصاغ المعلومات الجديدة على شكل قصة مشينة بمعايير الغالبية، وبمعايير أبطال القصة: سرقة، خيانة وطنية، تآمر مع العدو لتسليم أصدقاء، مصالح مالية وراء موقف سياسي مفاجئ وغريب… في جنيف كان كل شيء واضحا إلى حد الذهول. لقد ارتسم الذهول على النفوس والوجوه من شدة الوضوح والمجاهرة وليس من وطأة الانكشاف. ويكتفي المذهولون من الوضوح بالتعبير عن الدرجة بإضافة عبارتين: « كنت أعلم… ولكن لم أتوقع أنهم وصلوا إلى هذا الحد ». جرت العادة أن تطالب حركات التحرر « المجتمع الدولي » باتخاذ موقف من جرائم الاحتلال. تحاججه وتحرجه بازدواجية معاييره الداخلية والخارجية. تتوسّله. في جنيف كان ما يسمى زورا وبهتانا بـ »المجتمع الدولي » محرجا سلفا بتقرير جاء مفاجئا بالتفاوت بين التوقعات من معدِّه المكلَّف به والمؤتمن عليه من جهة، وبين مضمونه من جهة أخرى. وهدّدت إسرائيل السلطة علنا وليس سرا. مرة أخرى أكرر: هددهم نتنياهو وغير نتنياهو علنا في خطابات متكررةٍ بأن استمرار ما يسمى زورا وبهتانا بـ »عملية السلام » وتلبية « مطالبهم الاقتصادية » مرهون بعدم تأييد التقرير الأممي الذي يدين إسرائيل على جرائمها في عدوانها الاستعماري على قطاع غزة. أما ليبرمان فقد هدد بالكشف عن تورط السلطة الفلسطينية في دعم الحرب الإسرائيلية. وتراجعت السلطة علنا عن تأييد التقرير. فالتأجيل في عرف الهيئات التي تحشد رأيا عاما وترقّبًا وأصواتا هو تنفيسٌ لجهد، وهو في الواقع إفشالٌ لمشروع قرار. ثم عندما يتراجع « صاحب الشأن » عن القضية يصبح بإمكان الآخرين أن يتحرروا من العبء. لينتقل صاحب الشأن بعد ذلك إلى الاختباء وراء تحرر الآخرين من العبء. مكتب رئيس السلطة يسرّب معلوماتٍ بأن الضغط للتراجع عن دعم التقرير جاء من مكتب رئيس الحكومة، والأخير يؤكد العكس. وطرف ممن كان يسارا فلسطينيا يدين « الموقف المخجل » للمندوب الفلسطيني في جنيف، وكأن الأخير هو صاحب قرار. في حين أن ممثل الفصيل اليساري يجلس في الحكومة صاحبة القرار، ويؤيد الرئيس صاحب القرار.  » يجري حاليا توليد مشروع دولة فلسطينية هزيلة فاقدة السيادة، وهي فاقدة للشرعية التاريخية لأنها تقوم على مقايضة الدولة بحق العودة وبالقدس وبالانسحاب  » وخذ على هذا المنوال! عارنا في جنيف. الوجوه كالقديد، وفقدان ماء الوجه بلغ حد التحنط. شهدت مناقشات الجمعية العامة إبان الحرب على غزة مجريات مخزية شبية بعملية إفشال مشروع قرار قطري باكستاني قدم في حينه والقصف جارٍ. وقد ذُهِلَ الكثيرون -من بينهم رئيس الجمعية العامة في حينه- من علنية الجهد الفلسطيني في إفشال مشروع قرار لإدانة إسرائيل. على كل حال يعرف القاصي والداني كيف يقوم طرف بمهمة ما وهو يُجَرُّ إليها جرا. كانت الشماتة أثناء الحرب سافرة. وليس المقصود شماتة بدائية، بل شماتة سياسية عقلانية تبنى على ضرورة أن يستنتج الشعب الفلسطيني أن الموقف الداعم للمقاومة يؤدي إلى التهلكة، وأن موقف التعاون مع إسرائيل يقود إلى الرخاء. المشكلة بالنسبة لمن يتمسك بالحقوق الفلسطينية لا تكمن في شح أو قلة المعلومات. وإذا كان من أمر يميّز عصرَنا هذا فهو وفرة المعلومات ومصادرها، وتحوّل الإشكال إلى تصنيفها وفصل قمحها عن زوانها، وتجنب قراءة مؤامرة أو حكاية وراء كل تفصيل. تكمن المشكلة في التردد والتأرجح بين الانجراف مع خطاب الأنظمة الرسمية العربية القائمة والإعلام القائم من جهة، وبين خطاب عربي فلسطيني من جهة أخرى. والأخير لا يستقي مشروعيته مما يسمى الشرعية الدولية، ولا من قرارات مجلس الأمن، ولا من عملية السلام، ولا من خطاب الدولة العربية القـُطرية، بل من التناقض بين هدف وحدة الأمة وتحرير الإنسان العربي وعروبة قضية فلسطين من جهة، والمشروع الصهيوني من جهة أخرى. ولن يسعف الموقف المتمسك بالحق والعدل لشعب فلسطين إلا الحاجة الشعبية والمجتمعية لخطاب سياسي عربي ديمقراطي مقاوم. وهذا ما لدى أصحاب هذا الموقف ليقدموه. يجري حاليا توليد مشروع دولة فلسطينية هزيلة فاقدة السيادة، وهي فاقدة للشرعية التاريخية لأنها تقوم على مقايضة الدولة بحق العودة وبالقدس وبالانسحاب. وتشهد هذه الأعوام عملية تشكل شخصيتها. وقد التقى مشروع الدولة الفلسطينية مع إسرائيل قبل أن يولد، وذلك في أغرب تقاطع ممكن. التقيا على منع محاسبة دولة الاحتلال دوليا على جرائم ارتكبتها بحق شعب فلسطين. ما بعد الحرب على غزة قيل الكثير حول مجريات الحرب ذاتها ونوع المقاومة والصمود في قطاع غزة. وقد سجّل السياق السياسي لتلك الحرب سوابق خطيرة. ففي ظل الانقسام الفلسطيني الداخلي ثبت أن جزءا من النخبة السياسية الفلسطينية جاهز للتنسيق مع المستعمِر في سياق حسم صراع سياسي داخلي. وبهذا المعنى اتخذ الانقسام الفلسطيني طابعا جديدا لم تعرفه الانقسامات السابقة داخل حركة التحرر الوطني الفلسطينية. يلقي هذا الطابع الجديد بظلال الشك حول ما إذا كان الانقسام هو فعلا انقساما داخل حركة تحرر، بحيث يتم تفاديه بالدعوات إلى الوحدة، وبالمناشدات الموجهة للإخوة بتجاوز خلافاتهم وتسخيرها في خدمة التناقض الرئيسي. وهو الخطاب القائم على مستوى التيار القومي وعلى مستوى الدول العربية في الوقت ذاته. وقد تجاوَزَتْه التطورات برأيي. فموضوعيا التناقض الرئيسي هو مع إسرائيل، ولكن نشأت بنية اقتصادية سياسية لنخبة فلسطينية لا ترى فيه التناقض الرئيسي… وليس ذلك بسبب عدم وعيها لمصالحها، بل بسبب وعيها لها. فقد نمَّت مصالح جديدة في ظل التعاون مع إسرائيل، وفي ظل هيمنة الأخيرة.  » التأجيل في عرف الهيئات التي تحشد رأيا عاما وترقّبًا وأصواتا هو تنفيسٌ لجهد، وهو في الواقع إفشالٌ لمشروع قرار. ثم عندما يتراجع « صاحب الشأن » عن القضية يصبح بإمكان الآخرين أن يتحرروا من العبء. لينتقل صاحب الشأن بعد ذلك إلى الاختباء وراء تحرر الآخرين من العبء  » لا يشبه الانشقاق الحالي انشقاقات فلسطينية سابقة حرَّكتها ولاءاتٌ عربية متنازعة، أو أججتها صراعات على النفوذ، أو حتى خلافات سياسية داخلية فعلية. وطبعا، يزيد تطابق الانقسام الجغرافي والسياسي بين الضفة وقطاع غزة من حدة الانشقاق الحالي، كما يزيده وضع الخطاب الديني في مقابل العلماني حدة. ولكن مميزه الأساسي أنه لم يعد يجري في إطار حركة التحرر، بل بات شرخا بين سلطة موالية للاحتلال وحركات مقاومة دينية الخطاب غالبا. وتُستَخدَم هذه الحقيقة الثانية، أي دينية الخطاب عند حركات المقاومة، من قبل مؤيدي التسوية أو أعداء المقاومة، وحتى من قبل فصائل ضعفت مكانتها، للتهرب من المسألة المركزية. وهي الفرق بين حركات مقاومة من جهة، ومن يتعاون مع الاحتلال في قمع المقاومة من جهة أخرى. هذه هي الحقيقة الأولى في سياق الاحتلال. لأنها تتعلق بالموقف من الاحتلال، وتميّز بين مقاومته والتعاون معه، وليس بين دينية أو علمانية من يقاوم أو يتعاون. وكانت سوف تتخذ مسارا مشابها لو كانت حركات المقاومة الفاعلة علمانية. وتتجلى هذه الحقيقة في: أ‌. استبعاد سلطة أوسلو علنا لأي أداة في « الصراع » مع إسرائيل فيما عدا التفاوض. وصار اسم الصراع أصلا « خلافا » مع إسرائيل. وتتردد في الخطاب الإعلامي العربي كـ »خلاف بين الطرفين ». والحقيقة أن التنازل عن العنف في حل « الخلافات العالقة » هو الموقف الذي يُعلَن عادة بعد توقيع اتفاق سلام. وهذا يعني أن العلاقة بين السلطة وإسرائيل هي علاقة سلام، أو هي علاقة تفاوُض في ظلِّ « السلام والأمن » وليس من أجل « السلام والأمن »، وهذا حتى باللغة الإسرائيلية. ومن هنا ليس ثمة ما يضغط على إسرائيل. ب‌. تبنّي محمود عباس وطاقمه، الذي أصبح بعد مؤتمر فتح الأخير قيادةً رسمية للحركة، ما حاول ياسر عرفات التهرب منه طيلة فترة ترؤسه للسلطة الفلسطينية، وهو التنسيق الأمني (الجدي) مع إسرائيل. وقد كانت إسرائيل تشكو من هذا التملص العرفاتي، مؤكدة أن التنسيق الأمني بموجب أوسلو ثم خارطة الطريق، هو مهمة السلطة الأصلية، وهو كفيل بحل « مشكلة الإرهاب ». وقد أدى التنسيق الأمني المكثف مع إسرائيل مؤخرا إلى: 1.  فقدان طابع وثقافة وأخلاقيات حركة التحرر الوطني، وما يفرزه ذلك من إسقاطات على الوعي الشعبي. 2. القمع المباشر للمقاومة بالقتل والسجن، وتعقيد ظروف المقاومة بشكل خاص في الضفة الغربية. 3. قيام أجهزة أمنية فلسطينية جديدة مؤلفة من أجيال جديدة لم تكن منظمة في الكفاح المسلح الفلسطيني في الخارج، وتتلقى تدريبا أميركيا عربيا تتخلله تربية عقائدية تنمّي ولاءً للسلطة وأجهزتها، وليس لمنظمة التحرير، وشطب كامل لصورة العدو الإسرائيلي واستبدالها بصورة المقاوم الفلسطيني الذي يهدد الأمن والنظام والسلم الاجتماعي ويخرق الاتفاقيات الموقعة.  4. زوال أي رادع أمام أي دولة في العالم، بما فيها الدول العربية، من التنسيق أمنيا وليس فقط سياسيا مع إسرائيل. خاصة إزاء تأسيس سابق وانتشار لمقولة « الممثل الشرعي والوحيد »، و »أصحاب القضية »، و »أهل مكة أدرى بشعابها ». ت‌. كما تتجلى حقيقة هذا التعاون مع الاحتلال في موقف إسرائيلي ودولي يعيد البناء في الضفة بعد الحرب على غزة، بدل أن يعيد البناء في غزة، وذلك لتعزيز منافع المواطن من تأييد سلطة في ظل الاحتلال مقارنة مع الحصار على غزة الذي « تسبب فيه » تأييد حركة مقاومة للاحتلال.  » تبنّي محمود عباس وطاقمه، الذي أصبح بعد مؤتمر فتح الأخير قيادةً رسمية للحركة، ما حاول ياسر عرفات التهرب منه طيلة فترة ترؤسه للسلطة الفلسطينية، وهو التنسيق الأمني (الجدي) مع إسرائيل  » وحتى في أوج التضامن العربي والدولي مع قطاع غزة لكسر الحصار كان الاعتبار الأساسي هو مساعدة السلطة في الضفة لتشكِّل بديلا سياسيا عن حماس في أي انتخابات قادمة. وساد تنسيق كامل بين السلطة الفلسطينية  وأطراف عربية بشأن إحكام الحصار على غزة، والقيام بخطوات تجهض التحركات الدولية لتخفيف الحصار، وتضع زمام المبادرة الدولية وحتى العربية الرسمية بيد سلطة أوسلو عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية. ومن هنا تحول مؤتمر شرم الشيخ مثلا من مؤتمر لإعادة البناء في غزة إلى استعراض التفاف دولي غربي حول أنظمة الاعتدال وحول سلطة أوسلو بعد أن تعرضوا جميعا لعزلة شعبية ونقد عربي في مرحلة الحرب. وما زال الحصار على غزة يشتد. وتم إشغال الرأي العام الفلسطيني والعربي بالمصالحة في القاهرة، ثم بجولات ميتشل المكوكية، التي لا تعتبر غزة جزءا من الاتصالات. لقد شجع هذا الواقع سلطة أوسلو على عدم التعاون بشأن التوصل إلى تفاهم للوحدة الوطنية في حوار القاهرة. فما تريده وتعلن أنها تريده هو اتفاق ببند واحد. وهو موعد وطريقة إجراء الانتخابات لرئاسة السلطة ومجلسها التشريعي. وهي تطمح لإجرائها في الضفة الغربية وغزة، أو في الضفة الغربية وحدها في حالة عدم موافقة حماس على إجرائها في غزة، ثم الطعن في شرعية حكومة غزة مع ما يرافق هذا النوع من التحريض عادة من اتهام الحركات الإسلامية بأنها تستخدم الانتخابات للوصول إلى الحكم ثم تتخلى عن فكرة الانتخابات و »الديمقراطية ». وهي ادعاءات خارجة عن أي سياق.  » يثبت هذا الواقع الذي وصلت إليه غزة أن حركة المقاومة لا يمكن أن تستخدم قواعد اللعبة التي يتحكم فيها الاحتلال دون أن تدفع الثمن. فالانتخابات هي لعبة على منصة الاحتلال وعلى حلبة العمل السياسي العلني في ظل الاحتلال، وتولّي السلطة هو لعبة تدور على حلبة اتفاقيات أوسلو وعلى حلبة النظام الدولي الذي يتبناها  » لقد جرت انتخابات ديمقراطية لم يعترف « المجتمع الدولي بنتائجها » بل حاربها وقوضها وحاصرها بالتعاون مع الخاسر المحلي في الانتخابات. وأقيمت حكومة بديلة بقيادة من خسر الانتخابات وبقيادة رئيس حكومة حصلت قائمته على ما لا يزيد عن 2% من أصوات فلسطينيي الضفة والقطاع. إن إجراء الانتخابات الفلسطينية وهذا التحمس الديمقراطي لإجرائها على أنقاض الديمقراطية، وذلك كبندٍ وحيدٍ على الأجندة، لا يساهم فقط في تهميش ما لم يعد قضية مؤيدي التسوية الأساسية، ألا وهو الاحتلال، بل يُشَرعِنُ استخدامَ الحصار والضغط الجسدي والنفسي في عملية انتخابية. وإذا ما جرت الانتخابات في ظل الحصار، ودون إعادة بناء قطاع غزة، ودون تفاهم فلسطيني/فلسطيني يتضمن الإفراج عن المعتقلين السياسيين عند الحركتين، فلن تعني هذه الانتخابات سوى عملية تزوير واسعة النطاق لإرادة الشعب الفلسطيني باستخدام القوة. فالناخب الفلسطيني فيها مخيّر بين اختيار سلطة وطريق ونهج أوسلو وجنيف (أقصد جنيف غولدستون) و »منافع » دعم التسوية والتعامل مع الاحتلال، وبين استمرار الحصار. وهذا يعني إجراء انتخابات بمسدس موجه إلى جبين الناخب. يثبت هذا الواقع الذي وصلت إليه غزة أن حركة المقاومة لا يمكن أن تستخدم قواعد اللعبة التي يتحكم فيها الاحتلال دون أن تدفع الثمن. فالانتخابات هي لعبة على منصة الاحتلال وعلى حلبة العمل السياسي العلني في ظل الاحتلال، وتولّي السلطة هو لعبة تدور على حلبة اتفاقيات أوسلو وعلى حلبة النظام الدولي الذي يتبناها، وتعني تحمل مسؤولية القيام بأود الشعب تحت الاحتلال في ظروف تدعم فيها الدول العربية التسوية وشروط الرباعية رسميا (الاعتراف ونبذ العنف والالتزام بالاتفاقيات الموقعة)، وترفض فيها دعم سلطةِ مقاومة. كما تتبنى الموقف الدولي القائل بتخيير حماس بين السلطة وتولي حاجات وهموم الناس اليومية وبين المقاومة ورفض التسوية. هنالك بعض الثغرات في هذا الحصار الإسرائيلي العربي الرسمي المضروب حول المقاومة (وحلقته الرئيسية هي السلطة الفلسطينية التي تتعاون مع إسرائيل ضد المقاومة باسم الممثل الشرعي والوحيد). ومنها خلافات عربية/عربية تنافسية أو مملوكية الطابع، ومنها غضب عربي من استغناء السلطة عن بعض الأنظمة في تنسيقها مع أميركا وإسرائيل. (وبالعكس تحاول السلطة مؤخرا استخدام هذه العلاقات المتميزة مع أوروبا والولايات المتحدة لعرض خدماتها على دول عربية معزولة غربيا لتقريبها من وجهة نظرها ضد المقاومة). وتناور المقاومة حاليا بين هذه القوى مستغلَّة هذه الثغرات، ومن ضمنها إمكانية رفض مصري لإصرار محمود عباس على « إجراء الانتخابات في موعدها » (!!)، وتجنيد إصرار عربي على أن الانتخابات يجب أن تجري باتفاق وليس دون اتفاق فلسطيني، وأن إعادة بناء الأجهزة يجب أن تجري في الضفة الغربية أيضا، وليس في غزة وحدها… كما تناور مستغلة فشل مقولة تجميد الاستيطان الأميركية وتراجع أوباما أمام الموقف الإسرائيلي، واستمرار التواصل الفلسطيني الإسرائيلي على أعلى مستوى رغم ذلك، وإحباط إسرائيل لمهمة ميتشل. ولكنها مناورات تهدف للبقاء والحفاظ على الذات بانتظار فرص أفضل. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 3 اكتوبر 2009)  


الكاشفة  


فهمي هويدي الخبر الجيد أن لجنة دولية أثبتت أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في عدوانها على غزة. أما الخبر البائس فإن القيادة الفلسطينية تدخلت لإنقاذ إسرائيل من الفضيحة المجلجلة، وطلبت تأجيل التصويت على تقرير الإدانة لمدة ستة أشهر. (1) إن شئت فقل إنها فضيحة تم سترها بفضيحة أكبر. ذلك أنها من المرات النادرة في التاريخ التي يتطوع فيها القتيل لتمكين القاتل من الإفلات من العقوبة رغم إدانته. وقعت الواقعة في جنيف يوم الجمعة الماضي 2/10، بعد أن قدم إلى مجلس حقوق الإنسان الدولي تقرير القاضي ريتشارد غولدستون الذي عد أول وثيقة دولية شاملة أثبتت ارتكاب إسرائيل لقائمة طويلة من جرائم الحرب أثناء عدوانها الأخير على غزة. كان القاضى غولدستون قد عرض التقرير على المجلس يوم الاثنين 28/9، لمناقشة استمرت حتى يوم الجمعة الذي كان يفترض أن يصدر فيه المجلس قراره بشأنه، وحسب ما سمعت من أحد الدبلوماسيين الذين حضروا الاجتماع فإن المجموعة العربية بما فيها ممثل فلسطين كانت متحمسة للتقرير وراغبة في إحالة القرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبطبيعة الحال فإن الولايات المتحدة وإسرائيل كانتا رافضتين له. أما دول الاتحاد الأوروبي فقد كانت متململة، حتى إن مندوب السويد سأل أثناء المناقشة عن التداعيات التي يمكن أن يسقطها التقرير على عملية السلام الجارية، مستدعيا بذلك الحسابات السياسية الخارجة عن اختصاص المجلس، ومرددا الحجة الإسرائيلية التي تذرعت بأن من شأن تبني التقرير أن يصيب بالشلل جهود السلام الراهنة (التي نعرف مصيرها مقدما).  » القاضي غولدستون يهودي ومن جنوب أفريقيا, والصفة الأولى حصنته ضد زعم العداء للسامية، وانتماؤه الثاني مكنه من أن يقف على حقيقة النظام العنصري، بكل ما يمثله من امتهان لكرامة البشر  » طبقا للنظام المعمول به في المجلس فإن القرار الصادر عنه إما أن يتم بالتوافق بين الأعضاء، وإذا تعذر ذلك فإنهم يحلون الإشكال بالتصويت عليه. ثم يرسلونه بعد ذلك إلى الجمعية العامة (التي يتبعها المجلس) أو إلى مجلس الأمن. وإزاء إدانة التقرير لقائمة طويلة من الممارسات الإسرائيلية في غزة. ولبعض ممارسات حكومة حماس بالقطاع، فقد كان مفهوما انزعاج إسرائيل وحلفائها منه، لأنه يجرم أفعالها التي لم تتوقف عن القيام بها منذ عام 1948، لكنها ظلت طوال تلك السنين بمنأى عن الإدانة والتنديد، محتمية في ذلك بالتحيزات الغربية التي ظلت تتستر عليها طوال الوقت. وبعد الذي حدث في العدوان على غزة شاءت الأقدار أن يتم اختيار قاضٍ مشهود له بالنزاهة والكفاءة وله تاريخ في تحري جرائم الحرب برواندا ويوغسلافيا السابقة، هو ريتشارد غولدستون، ليرأس الفريق الذي تقصى حقائق الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في القطاع. تصادف أن كان القاضي يهوديا ومن جنوب أفريقيا. والصفة الأولى حصنته ضد زعم العداء للسامية، وانتماؤه الثاني مكنه من أن يقف على حقيقة النظام العنصري، بكل ما يمثله من امتهان لكرامة البشر. هذه الخلفية مكنت الرجل من أن يعد تقريرا وافيا ورصينا في ستمائة صفحة يتعذر الطعن فيه، إلا إذا أخذ عليه أنه كان أمينا في ذكر الحقيقة. وهو ما تجلى في تصريح المتحدث باسم الخارجية البريطانية المنحازة تاريخيا لإسرائيل، الذي وصف التقرير بأنه «متوازن». (2) الشائع أن صدور قرار الإدانة في المجلس القومي لحقوق الإنسان يسوغ تقديم كل القادة الإسرائيليين المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت في غزة إلى المحكمة الجنائية الدولية، ويفتح الباب واسعا لملاحقتهم حيثما ذهبوا خارج بلادهم. وهذا صحيح لا ريب، لكن الأمر يتجاوز هذه الحدود، لأن من شأن قرار من هذا القبيل أن يلزم جميع الدول الغربية التي تقدم مساعدات تسهم في دعم الجهاز العسكري الإسرائيلي بأن توقف تلك المساعدات. (في بريطانيا الآن قضية مرفوعة ضد الحكومة ادعت عليها بأنها قدمت أسلحة لإسرائيل استخدمت في العدوان على غزة). إضافة إلى ذلك فإن القرار يوفر لمنظمات المجتمع المدني في أوروبا والولايات المتحدة سندا قانونيا قويا للمطالبة بفك ارتباط بلادهم مع إسرائيل، فيما يخص الأنشطة العلمية والأكاديمية التي تعزز القدرة العسكرية لإسرائيل باعتبارها دولة ثبت بحقها ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.  » الحجة الرئيسية التي استخدمت في تأجيل التصويت هي أن من شأن صدور القرار وتأييد المجموعة العربية له أن يفشل الجهود التي يبذلها الرئيس أوباما لمد الجسور وتحقيق التسوية المنشودة  » كانت تلك أسبابا كافية ليس فقط لإزعاج إسرائيل، من حيث إنها ترتب انتكاسة في علاقاتها الخارجية، إلى جانب فضحها سياسيا وأخلاقيا، ناهيك عما تسببه من حرج لأصدقائها الذين اعتادوا تغطية جرائمها، ولم يكن مستغربا إزاء ذلك أن تمارس كل ما تملك من ضغوط وتستخدم ما بيدها من أوراق لكي توقف إصدار قرار من جانب مجلس حقوق الإنسان. وفي حدود علمي فإن الولايات المتحدة لعبت دورا رئيسيا في ذلك. وأن إحدى الدول العربية ذات الصلة الوثيقة بإسرائيل اشتركت في ممارسة الضغوط على الفلسطينيين والعرب. وكانت الحجة الرئيسية التي استخدمت هي أن من شأن صدور القرار وتأييد المجموعة العربية له أن يفشل الجهود التي يبذلها الرئيس أوباما لمد الجسور وتحقيق التسوية المنشودة. واستند أصحاب تلك الحجة في ذلك إلى أن الرئيس أوباما يمثل «فرصة» ينبغي عدم إهدارها. ومن شأن المضي في التداعيات المترتبة على إصدار قرار مجلس حقوق الإنسان أن تضيع تلك الفرصة. لم يكن ذلك كل ما في الأمر، لأن إسرائيل ألقت في وجه السلطة الفلسطينية بقنبلة أخرى، حين أعلنت على لسان وزير خارجيتها أفيغدور ليبرمان أن السلطة في رام الله تطالب بمحاكمة إسرائيل على ما ارتكبته قواتها في الحرب على غزة، في حين أنها من ضغط لكي تذهب إسرائيل في حربها إلى أبعد مدى لإسقاط حكم حماس في القطاع. (جيروزاليم بوست 25/9). وهذه المعلومة أيدها تقرير نشرته صحيفة «الشروق» المصرية في 4/10 حين نقلت عن مصدر بمنظمة سياسية دولية في غزة قوله إن إسرائيل لديها ما يثبت قيام جهاز الأمن التابع للسلطة بتوفير معلومات لإسرائيل في إطار التعاون الأمني الوثيق بين الجانبين حول نشاطات المقاومة في غزة. هذه المعلومات ظهرت تصديقا للقول الشائع بأنه إذا اختلف الشريكان ظهر المستور. ويبدو أن ما خفي كان أعظم، لأن الإسرائيليين هددوا أيضا بإيقاف بعض المشروعات الاقتصادية التي تهم السلطة في رام الله، وفي مقدمتها عقد إقامة شركة اتصالات جديدة تخص ابن الرئيس أبو مازن، رجل الأعمال الكبير في الضفة. مورست هذه الضغوط كلها على رئيس السلطة قبل وفي أثناء اجتماعات جنيف، إلى أن حدثت المفاجأة أو الفضيحة الكبرى في يوم التصويت على القرار (الجمعة 2/10)، حين طلب المندوب الفلسطيني إبراهيم خريشة تأجيل النظر في القرار لدورة المجلس المقبلة في شهر مارس/آذار من العام المقبل، أي بعد ستة أشهر. وقالت صحيفة هآرتس (عدد ٤/١٠) إن الرئيس أبو مازن هو من اتخذ قرار التأجيل بعد زيارة القنصل الأميركي له يوم الخميس ١/١٠. علما بأن ٣٣ دولة من أصل ٤٧ عضوا كانت تعتزم الموافقة على التقرير. (3) وقع الطلب الفلسطيني كان مدويا على جميع الأصعدة. إذ قبلت السلطة بأن تغطي الموقف الإسرائيلي فتعرت تماما، إذ لم يخطر على بال أحد أن تقدم السلطة على تعطيل وإجهاض تقرير يدافع عن شعب تدعي أنها تمثله. وذلك هو المخيف في الأمر لأن هذه السلطة بما فعلته لم تعد مؤتمنة على مستقبل القضية ومصيرها.  » قبلت السلطة بأن تغطي الموقف الإسرائيلي فتعرت تماما، ولم يخطر على بال أحد أن تقدم السلطة على تعطيل وإجهاض تقرير يدافع عن شعب تدعي أنها تمثله, هذه السلطة بما فعلته لم تعد مؤتمنة على مستقبل القضية ومصيرها  » تعددت التسريبات من رام الله التي حاولت تبرير ما جرى. مرة بالتلويح بالضغوط الأميركية. ومرة بالإحالة إلى رئيس الوزراء سلام فياض واتهامه بممارسة تلك الضغوط. ومرة ثالثة بالادعاء بأن ذلك موقف الحكومة وليس موقف حركة فتح التي حاول متحدث باسمها أن يغسل أيدي الحركة من الفضيحة. لكن ذلك كله لم يقنع أحدا، حتى بين أعضاء الحكومة أنفسهم التي استقال منها وزيرا الاقتصاد وشؤون القدس احتجاجا على سياساتها، وقالت وزيرة الشؤون الاجتماعية: إن موقف السلطة ألحق أضرارا بالمصلحة العليا للشعب الفلسطيني. في الوقت ذاته، توالت الأصداء الأخرى في الساحة الفلسطينية، حيث أدانت 14 منظمة حقوقية موقف سلطة رام الله وتعالت الأصوات في غزة معتبرة ذلك الموقف «خيانة للشهداء وإهدارا لدمائهم» و«فضيحة سياسية وأخلاقية» و«صفعة لضحايا العرب». وهو ما عبر عنه الكاتب والسياسي الفلسطيني بلال الحسن بقوله: إن السلطة في الضفة تسقط في أوساط شعبها أولا، ثم تسقط على صعيد مكانتها وسمعتها. حين تظهر كسلطة مطواعة أمام الأوامر الأميركية. هذا الاستنكار الفلسطيني كان له صداه في أنحاء العالم العربي الذي صدم لموقف السلطة. بل تجاوز حدود المنطقة حتى عبرت عنه منظمة العفو الدولية «أمنستى» التي أدانت تأجيل التصويت على التقرير وطالبت بتحويله إلى مجلس الأمن. (4) صادم ومفجع هذا الموقف حقا، لكن هل هو مفاجئ؟ ردي على السؤال بالنفي. لأن تاريخ الصراع حين يكتب، سوف يكتشف كثيرون أن القيادة الفلسطينية منذ انخرطت في اللعبة السياسية في مناخ الانكسار العربي الذي عبرت عنه اتفاقية كامب ديفد سنة 1979، فإنها ما برحت تقدم لإسرائيل الهدايا المجانية. وهذه الهدايا جميعها صبت في مجرى تآكل القضية من ناحية، والتمكين لإسرائيل من ناحية أخرى.  » موقف السلطة لم يكن مفاجئا إذ إنها ما برحت تقدم لإسرائيل الهدايا المجانية, وبالتالي فإن ما جرى لم يكن منشئا لوضع مشين فوجئ به الجميع, ولكنه ضبط متلبسا في جنيف بارتكاب واقعة كاشفة له, ومن كان هذا سجله لا يستكثر عليه أن يتواطأ مع الإسرائيليين  » فقبل توقيع اتفاقية أوسلو في عام 1993 وجه السيد ياسر عرفات رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين أيد فيها اعتبار المقاومة «إرهابا» وتعهد بنبذه. وفي الاتفاق أخذت إسرائيل الموافقة الفلسطينية الرسمية على شرعية الوجود والتمتع بالأمن دون مقابل، سوى الاعتراف بمنظمة التحرير وبتمثيلها للشعب الفلسطيني. وبعد الاعتراف مباشرة قامت إسرائيل بتحويل الأراضي المحتلة عام 1967 إلى منطقة متنازع عليها، وعاثت فيها تهويدا واستيطانا. وكانت القيادة الفلسطينية هي التي طلبت من الأمم المتحدة إلغاء قرارها السابق باعتبار الصهيونية حركة عنصرية. وهي التي تجاهلت قرار محكمة العدل الدولية الخاص ببطلان الجدار العازل والمستوطنات التي أقيمت على الأراضي المحتلة، وهي التي أسقطت في مفاوضاتها حق العودة للاجئين وقبلت بتبادل الأراضي.  وهي التي قبلت بتجاهل قرارات الأمم المتحدة والمرجعية الدولية، والاحتكام إلى خريطة الطريق الأميركية التي نصت في أول بنودها على ضرورة تصفية المقاومة. وهي التي دخلت في شبكة التنسيق الأمني مع الإسرائيليين ضد المقاومة الفلسطينية. وبعدما اشتركت في حصار غزة فإن ممثل السلطة عارض في الجمعية العامة القرار الذي قدمته قطر وإندونيسيا ودعا إلى اعتبار القطاع منطقة منكوبة. ثم إنها لم تحرك ساكنا حين أبلغت بقرار الكنيست الإسرائيلي ببيع أراضى الفلسطينيين وتملكيها لمن يشاء من يهود العالم، بالمخالفة الصارخة للقانون الدولي. هذه الخلفية التي قفزت بها فوق وقائع أخرى كثيرة تشي بشيء واحد هو أن من كان هذا سجله لا يستكثر عليه أن يتواطأ مع الإسرائيليين في حرب غزة. أو أن يمنع إصدار قرار بإحالة جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل إلى الأمم المتحدة. وإذا صح ذلك التحليل فمعناه أن ما جرى لم يكن منشئا لوضع مشين فوجئ به الجميع. ولكنه ضبط متلبسا في جنيف بمثابة حالة تلبس بارتكاب واقعة كاشفة له. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 6 اكتوبر 2009)  


« فلسطينيون جدد » في الضفة الغربية!

ياسر الزعاترة أفاض كثيرون خلال الشهور الماضية في الحديث عن « الفلسطيني الجديد » الذي أعلن الجنرال كيث دايتون عن إبداعه في الضفة الغربية.. أعني ذلك الذي انخرط في أجهزة الأمن الفلسطينية على قاعدة الصفقة الجديدة بين سلطة محمود عباس وسلطات الاحتلال، والتي خلاصتها أمن للإسرائيليين مقابل هدوء واستقرار وشيء من الرفاه للفلسطينيين، بصرف النظر عن نتائج المفاوضات. هذا « الفلسطيني الجديد » جاء من أجل « أكل العيش » وليس إيمانا بأية نظرية سياسية (هم حاولوا ويحاولون حشو رأسه بتنظير سياسي يبرر ما يفعل)، ربما لأنه لا يفهم في السياسة أصلا (كان ذلك شرطا مهما للاختيار)، ولم يسبق له الانخراط في أي فعل نضالي ضد الاحتلال (يشذ عن ذلك بعض القادة الذين حسنت سيرتهم خلال السنوات الماضية وأثبتوا ذلك فعلا وقولا)، مع العلم أن صياغة الفلسطيني المذكور قد سبقتها إعادة هيكلة لجهاز الأمن الفلسطيني ترتب عليها إقالة آلاف الضباط (المشكوك في قابليتهم للتعامل مع متطلبات المرحلة الجديدة) رغم أن بعضهم لم يبلغ الخمسين من العمر، وبالطبع في ذات السياق الذي نحن بصدده.  » مهمة توني بلير تبدو أكثر أهمية وإثارة من مهمة الجنرال دايتون، لأن الأخير يركز على بضع عشرات من الآلاف يعملون في جهاز الأمن، بينما يركز الآخر على صياغة قرابة 2.5 مليون فلسطيني في الضفة الغربية  » على أن الذي لا يقل أهمية عن ذلك كله، هو ما يفعله مبعوث الرباعية الدولية إلى الشرق الأوسط توني بلير -والحديث لا يزال عن الضفة الغربية- وذلك بالتعاون مع جهات ذات علاقة، فلسطينية وغربية، بل وعربية أيضا. مهمة بلير تبدو أكثر أهمية وإثارة من مهمة الجنرال دايتون، لأن الأخير يركز على بضع عشرات من الآلاف يعملون في جهاز الأمن، بينما يركز الآخر على صياغة قرابة 2.5 مليون فلسطيني في الضفة الغربية (لو تحررت غزة من أسر حماس لأدمجت في البرنامج!!)، وذلك عبر إشغالهم بقضايا المال والأعمال والرفاه الاقتصادي مع إشعارهم بأهمية التحولات الجديدة، وجزء منها يتعلق بتسهيلات الحياة اليومية، من حيث تقليل عدد الحواجز وسهولة التنقل بين المدن والقرى. في هذا السياق تفتح شركات جديدة برعاية بلير نفسه (سحب السلطة لتقرير غولدستون جاء بعد تهديد الإسرائيليين بتعطيل ترخيص شركة موبايل جديدة لنجل الرئيس عباس حصة فيها)، ويُجلب مستثمرون من الخارج (بعضهم خليجيون وعرب آخرون)، بينما تفتح فرص الاستيراد من الخارج بطرق مغرية (البضائع الصينية تغزو الضفة الغربية ويقبل عليها فلسطينيو الأراضي المحتلة عام 48 بسبب رخص أسعارها)، ويتحدث الناس بشكل يومي عن تلك الفرص، وتتركز الحوارات اليومية في البيوت والدواوين عن رواتب الأبناء وفرصهم، بينما يجري التأكيد من قبل كثيرين على أهمية هذا الوضع المريح، ومن ثم رفض العودة إلى الوضع السابق أيام « التفجيرات الانتحارية »، مع إضافة نكهة تبريرية لذلك كله خلاصتها انطفاء الأمل، بل و »عدم جدوى مسار الانتفاضة والمقاومة في ظل الانقسام »، وبعدما تبين أن « حماس مثل فتح »، وأن « العالم العربي قد تخلى عنا »، إلى غير ذلك من المبررات التي تريح النفس البشرية الذاهبة نحو وضع تحوم حوله الشبهات من الناحية المبدئية. تزداد هذه النظريات والقناعات شيوعا في ظل غياب شبه شامل للرأي الآخر، والذي تمثله حماس من الناحية العملية، فرموز الحركة يتوزعون أو يترددون بين السجون الفلسطينية والإسرائيلية، أما من يخرج منهم لبعض الوقت، فليسفي بوسعه الاختلاط بالناس، سواء كان ذلك بسبب ابتعادهم عنه خشية الشبهة، أم بسبب خوفه هو من تكرار الاعتقال إذا مارس أي نشاط عام في ظل أوضاع تحصي على الناس أنفاسهم، مع العلم أن بشاعة الاعتقال والتعذيب من طرف السلطة قد أصاب كثيرا من أولئك الشبان بالإحباط (ظلم ذوي القربى أشد مضاضة، فكيف حين يغيب التعاطف المعلن مع المعتقلين والمستهدفين بكل الوسائل، إما خوفا أو بسبب الانقسام؟!)، والنتيجة أن الصوت الآخر غائب تماما عن المشهد، ما يعني إفساح المجال أمام مرور اللعبة واقعيا ونفسيا في آن. والواقع الذي لا يمكن إنكاره هو أن الوضع الاقتصادي قد تحسن بالفعل بالنسبة لقطاع لا بأس به من الناس، وبالطبع بسبب تدفق المعونات والاستثمارات (سجلت مناطق السلطة نموا اقتصاديا جيدا خلاف أكثر دول العالم في ظل الأزمة المالية!!)، مع تحسن لمسه الجميع بسبب غياب الانفلات الأمني وتراجع عدد الحواجز الإسرائيلية التي كانت تنغص حياة الناس (نتنياهو ذكّر أوباما في القمة الثلاثية بالتسهيلات التي يقدمها للسلطة على هذا الصعيد). ويبقى أن الجزء الأول لم يشمل الجميع بالضرورة، فضلا عن التفاوت الكبير في حجم الاستفادة، إذ سيغدو بعض المحسوبين على قيادات السلطة من كبار المستثمرين كما هو حال أبناء السيد الرئيس على سبيل المثال لا الحصر، بينما ستكون حصيلة الآخرين محدودة، الأمر الذي يذكّر بواقع الحال خلال النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، مع العلم بأن الوضع سيكون مختلفا بعض الشيء من حيث مستوى الفساد في السلطة، وبالطبع بسبب الرقابة الصارمة هذه المرة من طرف المانحين الدوليين.  » هذا هو بالضبط السلام الاقتصادي الذي تحدث عنه نتنياهو ويرعاه توني بلير وآخرون، وهذه هي الدولة المؤقتة التي يرفضونها في العلن ويقيمونها على الأرض، وهذه بالضبط هي نظرية شارون الشهيرة التي أعلنها وهو في المعارضة عام 2000  » هذا هو بالضبط السلام الاقتصادي الذي تحدث عنه نتنياهو ويرعاه توني بلير وآخرون، وهذه هي الدولة المؤقتة (على نحو نصف الضفة) التي يرفضونها في العلن ويقيمونها على الأرض (دولة الأمر الواقع بحسب سلام فياض)، وهذه بالضبط هي نظرية شارون الشهيرة التي أعلنها منذ أن كان في المعارضة عام 2000 والتي سماها الحل الانتقالي بعيد المدى، وأسس من أجلها حزب كاديما بعد الانسحاب من قطاع غزة، وهي بالمناسبة موجودة في بنود خريطة الطريق بوصفها المرحلة الثانية بعد المرحلة الأولى التي تنص على نبذ العنف والإرهاب والتحريض من الطرف الفلسطيني مقابل وقف الاستيطان من الطرف الإسرائيلي. خلاصة هذه النظرية هي القناعة بصعوبة حسم القضايا الكبرى (القدس، اللاجئين، السيادة، وحتى الأرض)، الأمر الذي يعني الموافقة على هذه الصيغة المؤقتة التي يمكن للفلسطينيين من خلالها إثبات أهليتهم لجوار الدولة العبرية، وصولا إلى تحويل المؤقت إلى دائم، ربما مع تغييرات طفيفة لا تمس الجوهر. هذا هو المشروع الذي عمل عليه شارون، وهو المشروع الذي من أجله أسس كاديما وانسحب من القطاع كما أشرنا من قبل، ومن أجله أيضا قتل الشيخ أحمد ياسين والرنتيسي ومن ثم ياسر عرفات، والأهم من أجله جيء بالقيادة الفلسطينية الجديدة التي ترفض المقاومة وتؤمن بالمفاوضات وبتكريس واقع السلطة/الدولة ولو إلى يوم الدين. والسؤال الذي يطرح نفسه في مواجهة ذلك كله هو: هل يمكن لسلام كهذا أن ينجح في تمرير الواقع الذي يريده الإسرائيليون، أي تحويل المؤقت إلى دائم، وإن بإضافة بعض الرتوش، أم أنه سيصطدم لاحقا بإصرار الفلسطيني على استعادة أرضه وكرامته؟ الذين يشرفون على بناء هذه المعادلة لا يقرؤون التاريخ، تماما كما كان حال أصحابهم الذين ذهبوا إلى العراق معتقدين أن شعبه سيقابلهم بالورود، بينما كتبنا وغيرنا مؤكدين أن المقاومة لن تلبث أن تندلع في وجوههم، وهو ما كان.  » إنهم لا يفهمون أن الفلسطيني لن يبيع أرضه وكرامته ويتعايش مع عدوه مقابل فتات الحياة اليومية، وإذا كان هناك من يقبل ذلك، فهم القلة التي لم تكن منخرطة في النضال من الأصل، وسيأتي اليوم الذي سينقلب فيه قطاع لا بأس به من الفلسطينيين على هذا الوضع لتعود المقاومة من جديد  » إنهم لا يفهمون أن الفلسطيني لن يبيع أرضه وكرامته ويتعايش مع عدوه مقابل فتات الحياة اليومية، وإذا كان هناك من يقبل ذلك، فهم القلة التي لم تكن منخرطة في النضال من الأصل، وسيأتي اليوم الذي سينقلب فيه قطاع لا بأس به من الفلسطينيين على هذا الوضع لتعود المقاومة من جديد، لا أعني فقط أبناء المخيمات والفقراء، بل والكثير من أبناء الطبقة الوسطى وبعض الغنية كذلك، وهو بالضبط ما حدث نهاية سبتمبر/أيلول 2000 بعد قمة كامب ديفد الشهيرة بنحو شهرين اثنين. وهم يعولون على شطب حماس والجهاد وروح المقاومة بوسائل القمع الرخيصة المتبعة، غير أن الحركات المتجذرة في وعي شعبها لا يمكن شطبها بهذه السهولة. ربما كان هذا التحول صعبا في ظل الوضع الراهن، لكن الموقف لن يلبث أن يتغير بمرور الوقت واتضاح حقيقة اللعبة وتفريطها في أهم الثوابت، مع شيوع الفساد في سلطة قوامها الفاسدون (هل ثمة فساد أكثر من التحالف مع العدو؟). بقي القول إن الطريقة التي سيجري من خلالها حل معضلة قطاع غزة وورطة مشاركة حماس في الانتخابات في ظل سلطة أوسلو المصممة لخدمة الاحتلال، ستساهم في تسريع أو تأجيل الانقلاب على هذه اللعبة، فضلا عن تحولات عربية وإقليمية أخرى، وهو ما يدفعنا إلى الدعاء بأن تنتهي هذه المعضلة بانقلاب حماس والجهاد والرافضين من حركة فتح على اللعبة برمتها والعودة إلى مسار المقاومة بكل الوسائل المتاحة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 3 اكتوبر 2009)


الاستبداد السياسي وجذر العطالة الفكرية

نبيل علي صالح   تعاني مجتمعاتنا العربية حالياً من مجموعة أزمات تتصل بملفات شائكة، تنتقل من عام إلى آخر من دون البحث الجدي عن حلول جدية ودائمة لها. وإذا ما أردنا أن نكون أكثر دقة في توصيف المأزق الراهن الذي نعانيه، فإنه يمكننا تحديده في الأمور التالية: 1. تغييب الثقافة النقدية التي يمكن من خلالها تسليط الضوء على مواقع الخلل والاهتراء في جسم الأمة. 2. عدم فهم الناس عندنا لمختلف أنماط وصور ومفاهيم الاستبداد الظاهرة والمخفية. 3. فقدان الإرادة السياسية والكتلة الجماعية (النوعية المؤثرة) التي تهدف إلى إصلاح وتغيير أرضية وقواعد العمل السياسي نفسه، وإلى تكوين تاريخ سياسي وثقافي جديد، تتفتح فيه كل ألوان الحياة، وتجف معه كل منابع الاستبداد. وقد أدت تلك العوامل المسيطرة على مجتمعاتنا إلى مسخ هوية الإنسان وتقزيم وجوده المادي والمعنوي، وتدمير الأخلاق العملية، وقتل العلم وخنق الإبداع. الأمر الذي أدى بدوره إلى تأخر نمو تلك المجتمعات قياساً بالمجتمعات المشابهة لها، وليس قياساً بالمجتمعات والدول المتقدمة.. إذاً نحن نقف في مواجهة �أم الأزمات� العربية، والرهانُ على التخلص منها وجودي بامتياز.. إذ هل يعقل -ونحن نعيش في عصر الحريات العامة والحداثة والتطور والانفتاح والثقافات العابرة والمصائر الواحدة- أن تبقى الشعوب العربية بعيدة عن ذلك كله، وعرضةً -على مدار تاريخها السياسي الحديث- لهيمنة أفكار وثقافة الاستبداد والرأي الواحد الذي يختزل الأمة كلها في شخص الحاكم المتفرد؟!! وللوقوف على الأسباب التي أدت إلى تركيز فكرة الاستبداد في الواقع العربي الحديث، ومن ثم وعي الأساليب التي يمكن من خلالها تعرية وكشف أسسها وركائزها، لا بد من معرفة عوامل بقاء ومظاهر استمرارية الاستبداد التي يتم اللجوء إليها بهدف إعادة إنتاجها باستمرار في مجتمعاتنا.. مع العلم أن لاستمرارية الاستبداد حالياً خلفية ثقافية تاريخية قديمة تمتد على طول مسيرة هذه الأمة منذ بدايات الدعوة الإسلامية، وانفجار الخلافات والانقسامات السياسية والفكرية الأفقية والعمودية في جسم الأمة التي كانت تشتد وتائرها وتضعف بحسب الوقود المستخدم هنا وهناك.. ولكننا بالإجمال العام لن نتطرق إلى هذه الخلفية في هذا المقال المقتضب على أن نعود إلى معالجته في دراسات ومقالات لاحقة. ولكننا الآن سنحاول فهم العوامل المهيئة لنمو بذور الاستبداد في اجتماعنا الديني العربي والإسلامي حالياً، وهي: 1. عدم قناعة النخب الحاكمة في مجتمعاتنا أصلاً بفكرة التغيير السلمي والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. حيث إنه من المعروف أن الأصل في الدولة أن تكون محايدة ومستقلة كرابطة مدنية تحترم استقلالية الفرد الحر المتساوي مع غيره، والقادر على تسيير أموره بنفسه، وتحديد أهدافه العليا بإرادته. وأن الحكومات يجب أن تخضع للمراقبة والمساءلة، وأن الحكام بدورهم يجب أن يخضعوا للقانون والمحاسبة المستمرة، وأن الأمة هي مصدر السلطات (وهي ولية على نفسها) وليس الفرد الحاكم بمزاجه وجشعه وتكالبه على الكرسي والسلطة والثروة. 2. العمل على تفتيت وإذابة ما تبقى من علاقات اجتماعية إيجابية قائمة بين الناس، كالعلاقات الأسرية، وعلاقات التآلف والتعاضد والتعاون والتكافل الاجتماعي التي قدمتها مختلف الثقافات والحضارات والأديان للإنسان، وحضته على تعزيزها وترسيخها في أنظمة سلوكه الفردي والاجتماعي. 3. وجود إعلام رسمي كثيف دعائي وغوغائي (وحالياً غير رسمي، إذ أصبحت كثير من وسائل إعلامنا العربية الخاصة مرتبطة بهذه الجهة أو تلك) تنحصر مهمته الرئيسية في التطبيل والتزمير لنخب الحكم، والتعبئة لأفكارهم وقناعاتهم، وتزييف عقول الناس وحجب الحقائق عنهم، وتسمية الأسماء بغير مسمياتها الحقيقية. 4. التضييق على الأحزاب وباقي مؤسسات وبنى المجتمع الأهلي والمدني (وأحياناً إلغاؤها بالكامل) التي يفترض أن تكون شبه مستقلة عن الدولة. والعمل على استبدالها بعلاقات مصلحية انتهازية لا يمكن أن تقود إلا إلى تعميق النوازع الفردية الأنانية على حساب مصلحة الجماعة والمجتمع. 5. تمييع وتغييب القوانين والمؤسسات السياسية والاقتصادية كلها، وتبديلها عملياً بقانون واحد هو قانون الاستثناء والطوارئ الذي يقوم على قاعدة سوفييتية قديمة، وهي: �يجب أن يفسد من لم يفسد بعد ليكون الجميع مداناً تحت الطلب�، وبخاصة إفساد الجهاز القضائي والتعليمي التربوي. 6. إن نظام الاستبداد ينصّب من نفسه وصياً على مصالح الناس والأوطان، ويقدم لهم نموذجه الفريد في الوطنية وخدمة المجتمع وهذا النموذج هو الولاء الأعمى والطاعة الكاملة للحاكم الفرد، بحيث يتمكن دائماً من سحق وتفتيت بذور الحرية والتعددية السياسية، بدعوى أنها تهدد أمن المجتمع وتضعفه في مواجهة قوى الخارج التي تريد نهب أوطاننا وغزو بلداننا وانتهاك كراماتنا ومقدساتنا. وفي محصلة إجمالية لما آلت إليه النتائج المباشرة لتطبيق تلك السياسات الاستبدادية في مجتمعاتنا العربية، فقد وجدنا أنفسنا جميعاً أمام واقع مدمر ومحطم نفسياً ومادياً (عنف رمزي وعضوي)، وانتقالات سريعة من أزمات إلى أخرى، مما قاد إلى ما نحن عليه اليوم من انسداد كل أفق ممكن لإيجاد حلول ومعالجات ناجعة. خصوصاً أن الوقت يمضي مسرعاً، ولا يرحم ولا ينتظر أحداً، وهو ليس في مصلحة القاعدين والمتقاعسين والمنهمكين في هرطقات وهلوسات داخلية هنا وهناك تشتت القوى وتبعثر الطاقات وتبددها عن الهدف الكبير. وحتى الآن ليس معلوماً متى سينطلق العرب والمسلمون بجدية شاملة نحو الإصلاح الكلي الشامل المرتكز على مشروع نهضوي حقيقي قبل فوات الأوان، وقبل أن يواجهوا أوضاعاً أكثر سوءاً من الأوضاع السيئة والمزرية التي يعيشونها حالياً قد يتعرضون من خلالها لخطر الانقراض الفردي والمجتمعي، إذا لم يستدركوا ويقف بقوة لمعالجة مهمات ثقيلة بانتظار مجتمعاتهم وشعوبهم، تنوء تحت حملها الجبال كما يقال، وهي: � ملف بناء الدولة من الداخل قبل الحديث عن الخارج ومخططاته ومؤامراته، أي تفعيل التغيير السياسي المتمحور حول إعادة السياسة وإدارة الشأن العام إلى حضن المجتمع، وتمكين الشعوب من المشاركة المنتجة في صناعة قراراتها وتقرير مصيرها وصناعة وجودها. � ملف الانقسامات الداخلية بين الدول العربية. � النزاعات المتفجرة في الداخل بين الدول والشعوب. � ملف الأمن الإقليمي وأمن كل شعب من شعوب المنطقة. � ملف التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية. ولا شك أن هذه المسؤوليات الكبيرة تتطلب قيادات نوعية أخلاقية مضحية ومؤمنة عملاً لا قولاً بمسؤولياتها، تعمل بوحي مبادئ وقيم وغايات إنسانية لا مصلحية نفعية. وهذا التاريخ كله يشهد على أنه لم تنطلق أمة أو شعب من سباته من دون وجود، مثل هذه الطبقة القيادية المضحية والمنكرة لذاتها في سبيل بناء الصالح العام والحفاظ عليه وتطويره. والأمر الذي تنعقد عليه الآمال -في هذا المجال- يكمن في دفع القوى الحية والجماهير الواسعة (صاحبة المصلحة الحقيقية في الإصلاح والتغيير السلمي الديمقراطي) إلى أن تؤمن بأن الهدف الكبير دونه أثمان وتكاليف وتضحيات جسام.. وما أعنيه هنا هو ثمن الحرية حتماً. ينشر بالتعاون مع مشروع منبر الحرية www.minbaralhurriyya.org *كاتب وباحث من سوريا   (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 06 أكتوبر 2009)


الذكرى الستون لتأسيس الجمهورية الصينية


 بقلم :توفيق المديني ستة عقود مضت على إعلان الزعيم الراحل ماوتسي تونغ تأسيس الجمهورية الصينية الشعبية في 1 أكتوبر سنة 1949، بعد انتصار الشيوعيين الصينيين في الثورة الوطنية الديمقراطية التي خاضوها ضد اليابانيين الذين احتلوا منشوريا أولا، ثم ضد حزب الكيومنتونغ في الحرب الأهلية، ثانيا. وتكمن أهمية الثورة الصينية في قدرة ماوتسي تونغ على أن ينقل الفكر الاشتراكي من محيطه العقلي والجغرافي في أوروبا الرأسمالية، إلى الشرق عبر استيعابه له، ودمجه بالواقع الصيني. وهذه الأهمية تندرج ضمن سياق انتقال بوصله الثورة العالمية، من الناحية الفعلية نحو البلدان حيث القضية القومية والمسألة الزراعية، تحتلان المركز الرئيس في الثورة الديمقراطية. الصين هي البلد الاشتراكي الذي عرف تبدلات قل نظيرها في بلدان المنظومة السوفييتية السابقة، والبلدان النامية، إنها التبدلات التي فعلت فعلها، ولا تزال تفعل فعلها في المسار الاقتصادي والاجتماعي لصين اليوم. فقد انتقلت الصين من كوارث الثورة الثقافية التي قادها ماوتسي تونغ ووزير دفاعه لين بياو في عام 1966، إلى الانفتاح على العالم الرأسمالي، والقيام بالإصلاحات الاقتصادية الليبرالية تحت راية التحديثات الأربعة، التي قادها الزعيم الراحل دينغ سياو بينغ الذي عاد إلى السلطة في عام 1978، بعد أن تم القضاء على عصابة اِلأربعة. ولقد فرض الإصلاح الاقتصادي الذي طبقه باني النهضة الصينية الحديثة الراحل دينغ سياو بنغ من أجل تحديث وتطوير الزراعة، وإحلال الرأسمالية في الريف الصيني، الأمر الذي أدى إلى تفكيك الكومونات الشعبية، التي أطلق عملية بناءها ماوتسي تونغ عقب القفزة الكبرى إلى الأمام عام 1958. ونجم عن هذا الوضع تعميم الملكية الخاصة في الأرض، وتمركز الإنتاج. وبذلك انتقل الملاك الجدد الذين راكموا رأس المال والأرض إلى عمليات الاستثمار الرأسمالي في مختلف المجالات الزراعية والعقارية والصناعية الخفيفة. وما كان لكل هذه الأمور ان تحدث لولا تدخل الدولة التي أبقت النظام السياسي قائماً، لكنها تخلت عن بقية المهمات التي كانت تمارسها في المجتمع. أضفت هذه الازدواجية بين الاستمرارية السياسية والانقطاع الاقتصادي والاجتماعي على النيوليبيرالية الصينية طابعاً خاصاً. فقد كان من الاهداف الرئيسية للسلطة حل أزمة شرعيتها التي باتت موضع بحث مع انتفاضة تيان آن مين الاجتماعية التي قامت في العام 1989. ومذّاك أصبحت الصين تعيش تناقضا صارخا بين انعتاقها في خط الليبرالية الاقتصادية، وبين الاحتكار الشمولي للسلطة السياسية من جانب الحزب الشيوعي. الصين اليوم انفتحت بشكل كامل على العالم الخارجي من خلال نيل عضويتها في منظمة التجارة العالمية، وفتح أبوابها على مصراعيها أمام الاستثمار الأجنبي، ومد السجاد الأحمر للشركات المتعددة الجنسية، لكن يظل القطاع الخاص الصيني ملجما بقوة، بصرف النظر عن تطوره في ظل الفجوات المفتوحة من قبل النظام. لهذا كله نقول إن مستقبل القطاع الخاص في الصين ليس مرتبطا بدخول الرأسماليين الجدد إلى قلعة الحزب الشيوعي الصيني فقط، بل بعملية تحرير مصادر تمويل الشركات والمؤسسات الخاصة. باتت الصين اليوم مصنع العالم، مع تنوع المشاريع التي تستقطب الاستثمارات الأجنبية، والزيادة الكبيرة في التشغيل في قطاع التكنولوجيا الراقية، التي تستفيد من التكلفة المنخفضة لليد العاملة الصينية، والنوعية المتقدمة للصناعة، وقدرة الصين على تسويق منتجات التكنولوجيا الراقية، حسب شهادة المجلة الأميركية، الشهيرة «بز نس ويك». لقد جاء في التقرير الصادر عن مصلحة الدولة للإحصاء، أن نسبة المساهمة الصينية في النمو الاقتصادي العالمي ارتفعت من 3,2 في المئة سنة 1978 إلى 2,19 في المئة سنة 2007. كما أن إجمالي الناتج الوطني انتقل من 30 مليار دولار في سنة 1952 أميركي إلى 3860 مليار دولار في سنة 2008. المجتمع الصيني اليوم، أصبح ينشد التحديث لمواكبة تطور العصر، ويرفض العيش بالطريقة القديمة، فضلا عن انه يرفض كلياً نزعة السيطرة الأبوية والاحتكارية التي يمارسها الحزب الشيوعي الصيني «حزب الأمراء»، الرافض لتحول الصين إلى الديمقراطية التعددية.
كاتب تونسي  (المصدر: صحيفة البيان (يومية-إماراتية)، آراء وتحليلات بتاريخ 7 أكتوبر 2009)

 
 


خبراء: مهمة القوات الدولية في أفغانستان باتت مهددة بالفشل

 


في الوقت الذي يتزايد فيه عدد القتلى في صفوف القوات الألمانية والدولية في أفغانستان، يحتدم الجدل حول المشاركة الألمانية ضمن قوات إيساف، بينما يشك الخبراء من جانبهم في نجاح المهمة الدولية في هذا البلد ويرون ضرورة تعديلها.    أعلنت وزارة الدفاع الألمانية اليوم الاثنين (5 أكتوبر/تشرين الأول) عن مقتل جندي ألماني متأثرا بجروح أُصيب بها العام الماضي في أفغانستان في انفجار عبوة. وبهذا يرتفع عدد القتلى في صفوف القوات الألمانية العاملة في أفغانستان إلى 36 فردا منذ ثمانية أعوام. وكان المظلي، البالغ 24 عاما، قد اُصيب مع اثنين من رفاقه في 6 آب/أغسطس عام 2008 أثناء دورية قرب قندوز. يذكر أن ألمانيا تنشر حاليا نحو 4200 جندي في أفغانستان في إطار القوة الدّولية للمساعدة على إحلال السلام (إيساف) التّابعة لحلف شمال الأطلسي.     وتزامن ذلك مع احتدام النقاش في ألمانيا حول مشاركة القوات الألمانية في تلك المهمة، حيث تزايدت الأصوات الداعية إلى الانسحاب، خاصة مع ارتفاع الخسائر البشرية التي تكبدها الجيش الألماني وعدم استقرار الوضع الأمني في أفغانستان.    كما سلط مقتل ثمانية جنود أميركيين يوم السبت الماضي في معارك شرسة مع طالبان في شرق أفغانستان الأضواء على المأزق الذي يواجهه الحلف الأطلسي، عما إذا كانت الأولوية لنشر قوات الحلف في المناطق الريفية أو تكليفها بالدفاع عن المدن في وجه المتمردين. وطلب الجنرال ستانلي ماكريستال قائد القوات الأمريكية والدولية في أفغانستان إرسال تعزيزات يصل عديدها إلى 40 ألف جندي، بحسب الصحف الأميركية, كما دعا إلى التركيز على محاربة التمرد في المدن.    إن مهمة القوات الدولية في أفغانستان باتت ـ في نظر بعض الخبراء وعلى ضوء تحذيرات القادة الميدانيين ـ مهددة بالفشل. في هذا السياق يقول يان تيخاو، خبير في الشؤون الأمنية لدى المؤسسة الألمانية للسياسة الخارجية، ، بأن مهمة هذه القوات أضحت خلال السنة ونصف السنة الماضيين « صعبة »، مشيرا إلى أن الوضع في أفغانستان ازداد سوء، ذلك أن طالبان استعادت قوتهم وحضورهم في كل أنحاء البلاد تقريبا. ويتابع الخبير الألماني بالقول بأن مهمّة إيساف قد تزداد صعوبة إذا لم يتم رفع عدد القوات العاملة في أفغانستان. ويرى تاخوا بأنه ينبغي رفع عدد المكلّفين بأعمال إعادة الإعمار وكذلك إشراك المزيد من المدنيين الذين يساهمون في برامج لإعادة الإعمار وبناء أفغانستان، مشدّدا بالقول « إن عدم إشراك القوى المدنية في عمليّة إعادة الإعمار يجعل كل نجاح عسكري محكوم عليه بالفشل. »   « الانسحاب أمر لا مفر منه »   على صعيد آخر، يرى الخبير في العلوم السياسية هانفريد مونكلير ضرورة أن يضع الغرب أهدافا واقعية نصب عينيه، لافتا إلى أن الأهداف التي كان وقد ضعها في البداية، مثل تعزيز الديمقراطية في البلاد والإقرار بحقوق الإنسان وضمان حق البنات في التعليم هي أهداف صعبة المنال في الوقت الرّاهن، وبالتالي ينبغي على الغرب بأن يكرّس جهوده لنشر الأمن والسّلام في البلاد. في حين يرى ماتن باراكي، وهو متخصّص في العلوم السياسية في جامعة ماربورغ الألمانية، أن انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان أمرا لا مفرّ منه، مذَكِّرا بفشل البريطانيين في فرض سيطرتهم على البلاد في القرن التاسع عشر، والهزيمة الذريعة التي مُني بها السوفييت عام 1980. كما أعرب براكي عن اعتقاده بأنه لا يمكن إخماد المقاومة في أفغانستان إلاّ إذا تمّ تحسين الوضعية الاقتصادية للشعب في أفغانستان وتوفير فرص عمل له، مشيرا في الوقت نفسه إلى ضرورة سحب قوات الناتو من البلاد واستبدالها بقوات من الدّول الأعضاء في المؤتمر الإسلامي أو من دول عدم الانحياز.    (المصدر: موقع دويتشه فيله (ألمانيا) بتاريخ 5 أكتوبر 2009)  


حجاب ‘آمنة’..

د.أحمد خيري العمري عندما أخبرتني زوجتي بأن آمنة قررت أن ترتدي الحجاب.. انتابتني مشاعر لا يمكن إنكار اختلاطها.. ولا يمكنني أيضا إنكار استغرابي من كم تلك المشاعر، ومن التناقضات الموجودة فيها.. ولا أدري إن كنت متفرداً بتلك المشاعر أم أنها مشاعر مكبوتة مر بها الكثير من الآباء مثلي.. قلت يومها كلاماً متوقعاً من المباركة والدعاء.. لكني انتظرت أن أخلو بنفسي كي أحلل تلك التناقضات.. آمنة لم تبلغ الحادية عشرة بعد، من الناحية الفقهية لم تبلغ بعد المرحلة التي يجب أن ترتدي فيها الحجاب، لكنها ورثت من الناحيتين ‘عظاماً’ جعلتها تبدو أطول من عمرها، وفي أكثر من مرة كنت أراها تعود من المدرسة ومعها أطفال صغار، فسألتها مستغربا: لم تمشين مع أطفال أصغر منك في السن؟ فردت باستغراب أكبر: إن هؤلاء معي في نفس الصف.. طولها بالمقابل لم يسلبها ‘قلب الطفلة’ الذي تملكهô. تضحك عيناها معها عندما تضحك، ويصير فمها مربعا عندما تبكي (لذا يتحاشى الجميع ذلك!) لا تزال تلعب بالدمى، وتتشاحن مع شقيقتها الصغيرة على تلك الدمية أو سواها.. وتغار من هذا الأمر التافه أو ذاك، وتقول ‘مع السلامة’ عشر مرات كلما خرجت من البيت، ويمكن لها أيضا أن توقظني من النوم لكي تودعني فقط وتقول ‘مع السلامة’ رغم أنها قد ترجع قبل استيقاظي!.. آمنة لا تزال طفلة إذن في اكثر من جانب، لكنها في تلك المرحلة البين ـ بين، حيث لا يعود قالب الطفل ملائما، لكن القالب البديل لم يتهيأ بعد.. رغم ذلك قررت آمنة ان تلبس الحجاب، وسألتها والدتها أن تؤخر قرارها لبعض الوقت بحنكة الأمهات وخبرتهن، وفعلاً تم اختبار القرار، وتجاوز بصموده فترة الاختبار، وكان رمضان فرصة لذلك كله.. وعندما اتصلت بها صديقتها ليلة بدء المدرسة، لتسألها سؤالا- نسائيا بامتياز!!- ‘هل ستسرحين شعرك؟!!’.. كان جواب آمنة بفرح حاسم: لقد تحجبت.. تحجبت آمنة إذن، فلِم يشعر والدها بهذا الارتباك، وهو من كتب ودافع عن الحجاب، وابتكر اسما خاصاً بأولئك الكتاب الذين يحاولون إخراج آيات الحجاب عن معانيها..؟؟ ربما لا يتعلق الأمر بجزئية الحجاب بقدر ما يتعلق بجزئية ‘الأبوة’.. فالحجاب عندما تقرر ابنتك أن ترتديه سيقول لك ضمنا: إن طفلتك لم تعد طفلة بعد الآن، صحيح أنها ولدت فيما يبدو أنه الأمس، وأنك لا تزال تذكر رائحتها التي لا بد أنها تشبه رائحة الجنة، وتذكر كيف اتفقت (أو اختلفت!!) مع والدتها على اسمها، ولا تزال تذكر خطوتها الأولى وكلمتها الأولى وأجوبتها الذكية الأولى.. إنها لا تزال طفلة في نظرك، لكنها فجأة ‘تشق الأرض’ وتصير صبية أو تكاد، وتتخذ قرارها بنفسها، وقرارها هذا: الحجابô فجأة ستفهم أنها لم تعد تلك الطفلة، ولم يعد بإمكانك أن تحملها على كتفيك بسهولة، وسيقول لك ذلك: إنك تقترب من حيطان الأربعين بسرعة لم تتوقعها على الإطلاق.. سيكون ذلك كله أصعب عندما يأتي قرار الزواج لاحقاً، وقرار الحجاب يعني أن ابنتك لم تعد طفلة، وسيعني ذلك لاحقاً ولو بعد حين أنها ستتزوج، لم أمرّ بهذا إلى الآن، لكني أعرف أنها سُنَّة الحياة، وأدرك أيضا أن ذلك كله سيكون صعبا جدا يوم يحدث، ليس لعقدة ذكورية شرقية كما قد يحلو للبعض أن يتخيل، بل لسبب بسيط آخر: وهو أن البنت عندما تتزوج ‘ينطفئ’ ضوء ما في بيت أهلهاôويعود من الصعب جدا إنارته من جديد.. فلة وباربي عندما رأيتها للمرة الأولى بعد الحجاب، وكنت عائداً من سفري، تذكرت ما قالته لي والدتها من كون الحجاب قد جعلها تشبه ‘فُلة’.. وفُلة- للقلة التي لا تعرف- هي نسخة إسلامية من الدمية ‘باربي’.. والإسلامي فيها هو الحجاب، وطقم الصلاة.. ورغم أن المقارنة واردة جداً، وأنها فعلا صارت تشبه فُلة مع الحجاب، إلا أني لم أرتح للتشبيه، فلدي موقف نظري مضاد أصلا من ‘باربي’.. وهو موقف لا يلغيه تحجب باربي ولا وضع طقم الصلاة ضمن إكسسواراتها، فباربي في رأيي تكرس في وعي الأطفال نموذجا معينا للجمال عموما وللأنوثة خصوصا مع تركيزها على تضاريس جسدية ينبغي إبقاء الأطفال في معزل عنها، وتكريس هذا النموذج يضع الأطفال مبكراً في سباق محموم نحو محاولة مقاربة النموذج ‘بالنسبة للإناث’، ومحاولة قسر أنفسهن داخل هذا القالب، وهو القالب الذي نرى كيف يتم تعميمه وتكريسه لاحقا عبر وسائل الإعلام المختلفة.. كانت آمنة إذن تشبه فُلة، وهو أمر يروق لها طبعا ولكن لا يروق لوالدها الذي يفلسف كل شيء ويعقده (ويعقد مقارنات بين ‘دورا’ و’باربي’ تنتهي بانتصار الأولى على الثانية، وهو أمر تسر له الشقيقة الصغرى لآمنة..)، ولكن في رأيي إن تحويل المرأة إلى دمية أمر خاطئ حتى لو ارتدت الحجاب، بل بالذات عند ارتدائها الحجاب.. فالحجاب (كما أفهمه، وليس كما هو مطبق!) هو تحديدا وسيلة لمنع تسليع المرأة وتحويلها إلى دمية.. بعبارة أخرى: الحجاب هو آ لية لجعل المرأة فعالة ومشاركة اجتماعياً دون أن تكون أنوثتها وسيلة للتشويش أو المنافسة، وهو أمر علينا الإقرار بوجوده في كل مكان حتى في المجتمعات التي تدعي أنها تجاوزت أمور الكبت .. الحجاب يجعل المرأة قادرة على أن تكون إنسانا دون أن تحولها أنوثتها إلى سلعة، إلى دمية، لا أستطيع أن أنكر أن الكثير من مرتديات غطاء الرأس هن مثل الدمى- سلوكاً وشكلاً- أيضا لكنهن يضعن غطاء على رؤوسهن ولست بصدد إصدار الأحكام عليهن، لكني أذكر فقط أن الحجاب هو في حقيقته رمز لمنظومة فكرية وسلوكية متكاملة تضم ما سبق الإشارة إليه من تسهيل مشاركة المرأة بتحييد أنوثتها وتضم أيضا مبدأ ‘الفصل’- الذي صار يعد اليوم سبة وجريمة وهو في حقيقته صمام أمان لضمان نمو الأفراد والمجتمعات- وتضم مفاهيم أخرى كذلك.. لا أرى معنى للحجاب إذا كان قد شرع فقط من أجل الخروج لقضاء الحاجة كما يروج البعض، لو كان الأمر كذلك لما احتاج الأمر تثبيتاً في نص قرآني صالح لكل زمان ومكان، بل لربما وجد مكاناً مناسباً في حديث نبوي يخص الأمر بالتحديد.. لكن وجوده في القرآن يجعل منه تشريعا من أجل خروج المرأة، من أجل شرعنة مشاركتها في بناء المجتمع، من أجل عرقلة (وليس إلغاء) تحويلها إلى دمية.. إلى سلعة .. كما هي اليوم للأسف، بل كما تساهم حركات تحرير المرأة في ذلك عبر ترويج لصورة المرأة- الدمية باعتبارها نموذجا للتقدم والحرية.. هل تفهم آمنة ذلك كله؟ ليس بعد بالتأكيد.. وسيكون من قبيل المبالغة ادعاء ذلك، لكنها تدرك تماما أن ما ترتديه على رأسها هو أكبر من مجرد قطعة قماش، وأنه يرتبط بسلوكها بشكل مباشر، وأنه هوية عليها احترامها وإجبار الآخرين على احترامها عبر ما تفعله.. سيقول البعض إن آمنة لم تختر الحجاب بالضبط، بل إننا غرسنا فيها هذا الخيار بالتدريج حتى لم يعد لديها سوى أن تعلنه، وأقول هنا: نعم وبالتأكيد، وأستطيع أن أذكر عشرات التفاصيل الصغيرة التي ساهمت في ذلك، من قضاء فترات طويلة يوم الجمعة مرتدية الحجاب قبل الذهاب الى المسجد، ومن التزام والدتها بالحجاب، ومن الحوارات غير المباشرة التي تدور أمامها، كانت آمنة عندما تريد أن تلعب وتبدو كالكبار كما تفعل البنات، فإنها ترتدي الحجاب أو طقم الصلاة، بدلا من وضع الماكياج أو الإكسسورات إياها.. بالتأكيد غرسنا ذلك فيها، هل هناك من يعترض على ذلك؟ هل هناك من يدعي أنه لا يزال بإمك انية وجود خيار حر حقاً في عالم يبدأ بغرس المفاهيم في رؤوس الأطفال حتى قبل أن يبدأوا بالكلام .. بعبارة أخرى: زميلة آمنة التي اتصلت بها تسألها إن كانت ستسرح شعرها هي أيضا تعبر عما غرس فيها من مفاهيم سواء من أهلها أو من المحيط العام بكل مكوناته، والفتاة التي ترتدي الضيق والفاضح أيضا، وتلك التي تترك الباب مفتوحا لصديقها ليدخل خلفها دون علم أهلها تعبر عما غرس في داخلها من مفاهيمô (وكذلك الفتى الذي يدخل بطبيعة الحال!) كل ما في الأمر أن الغرس كان عبر وسائل إعلامية أكثر خبثا وسطوة وقدرة.. أغلب ‘الخيارات’ التي يختارها الناس هي تعبير عن غرس مسبق، لا أنكر هنا وجود خيار حر وفردي ناتج عن وعي مختلف، لكن ينبغي أيضا الإقرار بأن ذلك نادر جدا وغير مهم إحصائيا.. أجمل ما علق في ذهني من الأمر، هو جواب آمنة لوالدتها التي أخبرتها أنها يمكنها ‘تأجيل الأمر’ إن أحبت، قالت لها بكل بساطة: أليس فرضاً علي؟ تلك البساطة الخالية من التكلفô من التذاكي المصطنعô من الفذلكة الفارغةô التي يتشدقون بها عندما يحاولون نزع آية الحجاب من معانيها: تاريخية النص، الحد الأدنى والحد الأعلى، الإنزال والتنزيل والنسبية والصيرورة والسيرورة والكينونة والغائية والإيديولوجيا السياسية وكل السخافات الأخرى في هذا السياق، كلها ستبدو بلا معنى أمام ما قالته ابنتي وهي ترفع كتفيها بلا مبالاة ‘أليس فرضا علي؟’.. شيء آخر، كلما قرأت من أحد المتثاقفين شيئاً عن الأمر وعن كونه ‘صراعاً بين القديم والجديد’ انتابتني رغبة في الضحك على رؤيتهم القاصرة، ذلك أني أنتمي الى أسرة لم تعرف الحجاب إلا متأخرا جدا، وكان والدي رحمه الله قد أرّخ لحركة السفور في العراق في أحد كتبه، وكان تأريخه للأمر منحازا بلا شك للسفور.. أدرك أني أقدم هنا ‘وليمة فرويدية’ هائلة لمنتقدي ‘إذن مشكلته مع أدعياء التجديد هي كناية عن مشكلته الحقيقية مع والده؟!!’ لا، أبداً، والدي رحمه الله انتمى لجيل مختلف، كتب كتابه في الخمسينات من القرن الماضي، و قد أصيب جيله بما يكفي من الأزمات والهزائم التي جعلته يعيد النظر بكثير مما كان بديهيات بالنسبة له يوما ما، وانتهى الأمر لاحقا بتغيير كبير في موقفه قبل وفاته رحمه الله.. وما حدث معي ومع والدي حدث أيضا مع جيلي عموما، فكثير من ابناء جيلي كان عليهم أن ينحتوا طريقهم بحثا عن الايمان الذي لم يغرس كما يجب في طفولتهم.. وربما كانت الكثير من مشاكلنا ناتجة بطريقة ما عن هذا التأخر في الغرسô أنظر لحجاب آمنة، فلا أرى فيه صراعا للأجيال، ولا إيديولوجيا سياسية مزعومة لم أنتمِ لها يوما ما، ولكن أرى جيلا آخر أتمنى له أن يكون أفضل مني ومن جيلي، وأعرف أن الأخطار المحدقة به كبيرة، لكني أطمح أن يكون أقوى منها جميعا.. أرى جيلا آخر، أتمنى أن يكون هو الجيل الآخر القادم لا محالة، أو يساهم على الاقل في مجيئه..في التمهيد له.. هل يمكن ان يتحمل ‘حجاب آمنة’ كل هذا الكلام؟..بالتاكيد..إذا أصررنا أن الامر أكبر بكثير من ‘قطعة قماش’..  كاتب عراقي  (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 6 أكتوبر 2009)  

 

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

12 février 2007

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 7 ème année, N° 2457 du 12.02.2007  archives : www.tunisnews.net   AP: Terrorisme: trois « plaisantins »

En savoir plus +

27 mai 2005

Accueil TUNISNEWS 6 ème année, N° 1833 du 27.05.2005  archives : www.tunisnews.net الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: فك العزلة الانفرادية

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.