الأحد، 5 أغسطس 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2630 du 05.08.2007
 archives : www.tunisnews.net
 

 


 
صــابر: مقابلة مع الأستاذين محمد القلوي والصحبي عتيق المسرّحين أخيرا مراسلون بلا حدود: مدير النشر في صحيفة كلمة أمام المحاكم النقابيون الشرعيون: ذكرى أحداث 05 أوت 1947 بصفاقس- لى متى تواصل زمرة اللصوص الحرامية متصاص أموال العمال الشيخ راشد الغنوشي: تهنئة بتسجيل مولود إسلامي جديد أبو أنيس: آه لو يعي بن علي كلام الدكتور النجار بلحسن عبد السلام: رفع لبس والتباس في قضية معهد باستور مغاربية: اختتام دورة تدريبية إقليمية لتخريج المدافعين عن حقوق الإنسان الصباح: هل تنجح تيارات إصلاح الأحزاب من الداخل؟ الصباح: اليوم اجتماع المجلس المركزي لحركة التجديد: هل تكون بداية النهاية لـ«مرحلة حرمل» داخل الحركة؟ الصباح: السحرة والمشعوذون – بين واقع الإقبال عليهم… وتحريم القانون لأفعالهم حقائق: عبدة الشيطان : جنون و مجون …دوس على التقاليد الاجتماعية وخضوع للشهوات الشيطانية… تجوّلوا في شوارعنا تحت غطاء فرق موسيقية …؟ العرب أونلاين: محمد بن راشد يتوجه الاثنين الى تونس – علاقات ثنائية قوية واستثمارات إماراتية بمليارات الدولارات اللجنة العربية لحقوق الإنسان: مصر : من أجل وقف المحاكمات العسكرية السياسية الطابع إسلام أونلاين: مصر..اعتقال 14 إخوانيا وتأجيل محاكمة الشاطر  الحياة: مصر: التحقيق مع ضابط عذّب مواطناً حتى الموت د. سلوى الشرفي: في الفتاوى والفتاوى المضادة…”ارفع لسانك عن خالد” عبداللطيف الفراتي: أمة تأكل ما لا تنتج
أحمد الخميسي: معبر إلي وطن

د. حسن أبوطالب: نحو شرق أوسط جديد.. بأهداف قديمة وآليات جديدة

الحياة : صقور الجيش يحكمون تركيا حتى عام 2012 …

محمد أبو رمان: انتخابات تركيا وانتصار الإسلام السياسي ومسألة الأكراد (1)

سامي شورش: انتخابات تركيا وانتصار الإسلام السياسي ومسألة الأكراد (2)


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


بسم الله الرحمان الرحيم

مقابلة مع الأستاذين محمد القلوي والصحبي عتيق المسرّحين أخيرا

 
إن إطلاق دفعة أخرى من المساجين السياسيين بتونس من مناضلى حركة النهضة التونسية حتى وإن كانت خطوة إيجابية فهي بالتأكيد خطوة متأخرة , بل ومتأخرة جدا وهذا ما جاء على لسان الأستاذ محمد القلوي . فهذه الخطوة لا تحمل أي رسالة إيجابية من طرف النظام تجاههم وإنما تهدف إلى إنهاء ملف السجناء السياسيين بالتدرج من دون أدنى كلفة سياسية , والتخلص من هذا الملف الذى أصبح يشكل حملا ثقيلا على النظام , بعد أن مارس الأخير تجاههم هواية التشفي والإنتقام على مدى أكثر من عقد ونصف . إن الوقوف أمام عدسة كمرا التصوير التلفزيوني بعد مضي ما يناهز السبعة عشر عاما داخل سجون هي بمثابة مقابر للأحياء يعد حدثا جديرا بالإهتمام , لأنه إعادة إكتشاف من غيبهم السجن بعد كل هذا الوقت الطويل جدا , ويعجز الإنسان أمام هذا الموقف كبح جماح دمعات حرى على هذا الموقف المشحون بقليل من الفرحة والكثير من الألم , خاصة وأن هناك من ما يزال في السجن إلى الآن  
إن التعذيب مهما كان وحشيا وإن السجن مهما طال أو قسى لن يغير من رأي كائنات تفكر وتدفع من حياتها أثمان باهضة جدا قد تصل إلى الشهادة من أجل قناعاتها وأفكارها
نعرض إلى الجزء الأول من المقابلات التى أجرتها قناة الحوار التونسي في عـ63ــــددها , مع الأستاذين محمد القلوي والصحبى عتيق 
 
علــــــــى
 Google Video 
 
وتجدونه أيضا علـــــــى
dailymotion
 
صــابر : سويســرا


** مراسلون بلا حدود **

مدير النشر في صحيفة كلمة أمام المحاكم

تونس 1 آب/أغسطس 2007  

يفترض بمدير النشر في صحيفة كلمة الإلكترونية عمر مستيري المثول أمام المحكمة التأديبية للدرجة الأولى في تونس العاصمة في 2 آب/أغسطس إثر تقدّم المحامي المقرّب من السلطة محمد بكار بشكوى “التشهير” ضده. في هذا الإطار، أعلنت المنظمة: “لا أساس للشكوى المرفوعة ضد عمر مستيري لا سيما أنه يستحيل بلوغ المقال المعني في تونس نظراً إلى ترشيح السلطات الدائم لموقع صحيفة كلمة الإلكتروني. إلا أن الحكم على محمد عبو في نيسان/أبريل 2005 بالسجن لمدة عام وستة أشهر على خلفية نشره مقالاً على موقع تونس نيوز قد أثبت أنه من شأن شكوى مماثلة أن تؤدي إلى فرض عقوبة فادحة، مما يحملنا على أخذ هذه القضية على محمل الجد”. يتعرّض عمر مستيري للملاحقة القانونية بموجب المواد 42 و50 و51 و72 و78 من قانون الصحافة لنشره نصاً في 5 أيلول/سبتمبر 2006 يتفاجأ فيه من تبرئة المحامي محمد بكار المشطوب من مجلس الخدمة في العام 2003 إثر إدانته عدة مرات بالغش والاحتيال. وقد استدعى نائب مدعي الجمهورية الصحافي في 29 آذار/مارس 2007 لاستجوابه حول المصدر الذي أعلمه بهذه التبرئة. غير أن صحة الوقائع لم تخضع لأي منازعة. في اتصال مع مراسلون بلا حدود، ندد عمر مستيري “بالطابع الاستثنائي” لمحاكمته التي لا تزال قائمة على رغم إغلاق المحاكم في الصيف. وقد أشار الصحافي أنه قد يتعرّض للسجن لمدة ستة أشهر. ليست المرة الأولى التي يتعرّض فيها صحافيو كلمة للملاحقات القضائية ومحاولات التنكيل. ففي 28 شباط/فبراير 2004، صادقت محكمة الاستئناف في تونس على الحكم الصادر في محكمة الدرجة الأولى بحق الصحافية نزيهة رجيبة المعروفة بأم زيد والقاضي بسجنها لمدة ثمانية أشهر مع وقف التنفيذ وتسديد غرامة تبلغ 1200 دينار تونسي (حوالى 800 يورو) بتهمة انتهاك قانون الصرف والجمارك. فما كان من محامييها إلا أن نددوا بالطابع السياسي للمحاكمة التي رفضوا المشاركة فيها. في أيار/مايو 2007، حال جهاز من عناصر الشرطة دون الوصول إلى مقر المجلة والمجلس الوطني للحريات في تونس لمدة ستة أسابيع تقريباً. تعتبر مراسلون بلا حدود الرئيس التونسي زين العابدين بن علي المتربّع على عرش السلطة منذ العام 1987 أحد صيّادي حرية الصحافة الـ 34 في العالم، كما ترى أن سياسة النظام تجاه سير المعلومات عبر الإنترنت هي الأكثر قمعاً للحريات على الكرة الأرضية، مما يحتّم تصنيفها على أنها من “أعداء الإنترنت” إلى جانب 12 دولة أخرى منها بيلاروسيا وكوريا الشمالية. Bureau Moyen-Orient / Maghreb & Middle-East Desk قسم الشرق الأوسط و شمال أفريقيا / Reporters Without Borders 5 rue Geoffroy-Marie F – 75009 Paris 33 1 44 83 84 84 33 1 45 23 11 51 (fax) www.rsf.org  

النقابيون الشرعيون

ذكرى أحداث 05 أوت 1947 بصفاقس إلى متى تواصل زمرة اللصوص الحرامية امتصاص أموال العمال

 

        تونس في 05 أوت 2007     تمر اليوم 60 سنة عن اندلاع أحداث 5 أوت 1947 اثر الاضراب العام الذي تم يوم 4 أوت إذ نظم العمال في اليوم الموالي تظاهرات حاشدة ضد غطرسة المعمر والمستعمر الفرنسيين سرعان ما انظم اليها عديد الأهالي والغيورون فتصدى لها الجيش الفرنسي بقوة الحديد والنار مخلفا عديد الشهداء والجرحى الذين سقطوا فداء للوطن وللعمل النقابي الذي أوقف على إثره المناضل الحبيب عاشور حيث حكم عليه بخمس سنوات سجنا وعشر سنوات ابعاد ومراقبة.   Ø     أيها الأخوة النقابييون والنقابيات الأحرار   منذ أكثر من ست سنوات ما انفكت زمرة السوء المنصبة على رأس منظمتنا العتيدة عقب مؤتمرين مشبوهين، تلوك سيرة أمجاد العظماء ورواد الحركة النقابية وترتزق من إحياء ذكراهم دون التزام بخطهم المضيء ونضالاتهم من أجل منظمة عمالية قوية ونقابات مستقلة لا هدف لها غير الدفاع عن مصالح العمال وصون حقوقهم ومكتسباتهم. ان هذه القيادة المنصبة التي تدعي التصحيح لم تقم في الواقع إلا بتلطيخ العمل النقابي في الوحل بممارساتها المشبوهة وبفسادها المالي ومتاجرتها بحقوق العمال ونضالات النقابيين.   Ø     أيها الأخوة النقابييون والنقابيات الأحرار   ان هذه القيادة الفاسدة التي زيفت المؤتمرات الأساسية والقطاعية والجهوية والوطنية وسلطت لجنة النظام التي باعت ضميرها للشيطان وللارتزاق لاجتثاث ما تبقى من نفس نقابي صادق لتنصيب ازلامها ومسانديها تغدق عليهم الامتيازات من أموال العمال لشراء صمتهم ومساندتهم، لم تجن غير الافلاس اذ انفض عنها العمال وتقلص عدد المنخرطين وخسرت كل مواقعها الدولية ورياداتها في عديد المنظمات العالمية بعد أن انكشف للجميع خواء أفكارها واملاء جيوبها وتفويتها في المبادئ والأمانة النقابية قبل تفويتها في ممتلكات الاتحاد والعمال وارتكابها لتجاوزات مالية وسوء تصرف في مؤسسات الاتحاد كشفتها عمليات التدقيق والمراجعة وبرزت أساسا في نزل أملكار وتعاونية الاتحاد للتأمين وتعاضدية الجنوب للصيد البحري “كوسوب”، تعاضدية سوق الجملة، تعاضدية الخمور التي تم ايقاف مديرها العام للتغطية على اللصوص الحقيقيين واللذين ستطالهم المساءلة قريبا لأن هذه المؤسسات أحدثت بأموال وتضحيات العمال.   Ø     أيها الأخوة النقابييون والنقابيات الأحرار   ان هذه العصابة التي تدعي النظافة والشفافية المالية وقعت في شر أفعالها وشعاراتها وأصبحت موازناتها تشكو من العجز الدائم رغم بيع الأراضي وتأجير النزل وأموال الدعم العمومي وعائدات الأكرية وانخراطات العمال وخاصة في القطاع العام. ان هذه المجموعة استغلت مواقعها لجمع الأموال وتحصيل المكاسب الشخصية لها ولأفراد عائلاتها والمقربين منها ويكفي النظر الى ممتلكاتهم ومساكنهم الفخمة والوظائف السامية التي ارتقوا اليها في مؤسسات لا ينتمون اليها والى المناصب والامتيازات التي تحصل عليها أبناؤهم وأقرابهم في وقت تعرف فيه سوق الشغل ضغطا كبيرا وخاصة بالنسبة لأصحاب الشهدات العليا.   Ø     أيها الأخوة النقابييون والنقابيات الأحرار   لم تكتف هذه الزمرة بخدمة مصالحها الشخصية وفسادها المالي بل اتجهت الى السمسرة وامتلاك شركات مناولة للمتاجرة بعرق العمال متضامنة مع البعض من ارباب العمل وممارسة سياسة الخطاب المزدوج تهادن أحيانا وتصعد أحيانا في محاولة للتغطية على سوء تصرفها وضعفها بارتداء جبة النضال الزائف بالدعوة الى اضرابات بعضها عشوائي وبعضها الآخر تضامني أو مخالف للتراتيب والاجراءات القانونية وهي بذلك تدفع الى تهديد الاستقرار وتقويض مكاسب الحوار العقلاني والمطلبية الواقعية ارضاء لبعض الأطراف المشبوهة التي تتخفي وراء العمال والنقابيين في محاولة لاقحامهم في قضايا وأهداف لا تهمهم ولا علاقة لها بالعمل النقابي. ان ما يحدث اليوم في صفاقس من تجاوز للقانون وتكوين مليشيات في ظاهرة غريبة للاعتداء بالعنف والترهيب على العمال والأعراف والاعتصام بمحل الغير وتعطيل حرية العمل من طرف غرباء مثلما حدث في “مصنع التقدم” الذي كان مثالا لاحترام القوانين وذلك أمام مسمع ومرأى من الجميع تعتبر ظاهرة خطيرة لا بد من التوقف عندها وتحليلها بجدية لأن تكوين ملشيات على هذا الشكل سيدخل المنظمة في دوامة الفوضى والتصادم والعنف وربما الى ما لا تحمد عقباه.   Ø     أيها الأخوة النقابييون والنقابيات الأحرار   يكاد الصمت المريب على هذه الممارسات والتصرفات التي تقوم بها هذه الشرمذة المنصبة والمرتبكة التي أصبحت تخبط خبط عشواء يتحول الى دعم لها وقبولا بها. ان وضعية المراقبة والرصد الصامت أصبحت بمثابة المشاركة خاصة وأن هذه المجموعة ورغم الأصوات والكتابات الداعية الى الإصلاح الحقيقي للأخطاء والتجاوزات واصلت غيها ولم ترتدع ولم تعد الى العمل النقابي الصحيح. ان ما وصلت اليه منظمتنا اليوم بات يتطلب أكثر من أي وقت مضى من كل الغيورين والصادقين تحمل المسؤولية والدفاع عن الرواد والشهداء وإنقاذ الاتحاد مما تردى فيه وممن يحاولون توظيفه في غير صالح العمال والنقابيين والبلاد.    عاشـت الطبقة العاملة  عاشـت تونس آمنة مستقرة منيعـة  عن النقابيين الشرعيين  المنسق العام  علي الضـاوي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

تهنئة بتسجيل مولود إسلامي جديد

 

 لا يزال الخيار الإسلامي يوالي نموه وتطوره على أكثر من صعيد، مستفيدا من كل  خطوة انفتاح وتحرر من الأنماط السياسية المتخلفة المتكلسة ، محققا المزيد من التأثير في محيطه والتكيف في الآن نفسه مع إكراها ته، فلم تمض غير أيام معدودة على الانتصار المدوي الذي حققه الإسلاميون في واحدة من أعرق قلاع الأصولية العلمانية المتشددة هي تركيا محدثين أكبر تحول في بنية المجتمع والدولة منذ تأسست الجمهورية، حتى جاءت الأنباء من موريتانيا تزف خبر تتويج إسلامييها أداءهم المتميز في الانتخابات التشريعية بالاعتراف الرسمي بهم مكونا من مكونات ساحة التعددية، في بلد رغم عراقته الثقافية فقد توالت عليه أنظمة مستبدة لم يحقق معها كسبا مذكورا في مجالات التنمية بما جعله معدودا بمقاييسها في المؤخرة من بلاد العرب ورغم أنه  بدأ مسيرته التعددية منذ بداية التسعينيات إلا أنها ظلت تتعثر بسبب إصرار العساكر الذين تولوا السلطة انقلابا وتسلطا وإصرارا على إتباع نهج الوصاية على الشعب وعلى الأساليب البوليسية في التعاطي مع مشكلاته ومن ذلك رفضهم الاعتراف بالتيار الإسلامي الوسطي الذي ظل طيلة عشرين سنة المنصرمة يرزح تحت وطأة الملاحقة والاعتقال والتعذيب ، حتى إذا بادر فريق من العسكر الوطنيين على إزاحة الدكتاتور الأخير، أشرقت شمس الحرية وتنفست البلاد الصعداء، فتتابعت بثبات وجدية خطوات التحول الديمقراطي لتفرز برلمانا ثم رئيسا منتخبين ، ضمن  انتخابات تعددية نزيهة لم يقص منها أحد وشهد الجميع بنزاهتها وفي هذا السياق جاء الاعتراف بعدد من الأحزاب أهمها حزب التجمع الوطني من أجل الإصلاح والتنمية ،على طريق استكمال مقومات الديمقراطية وإرساء دولة الحق والقانون  تلك العملية الماضية إلى هدفها في جدية وثبات ، بما يشهد على فجاجة كل ما روجه فراعين العرب وسحرتهم من تعلات لتسوغ تأبيد حكم الاستبداد وتسوغ حرمان شعوبهم من حقهم في الحرية والكرامة والديمقراطية ، مصرين على انتهاج أسلوب الري قطرة قطرة ، بذريعة أن الشعوب لم تتهيأ للديمقراطية بسبب التأخر الاقتصادي وفشو الأمية وخطر الإسلاميين إلا أن الوقائع لا تزال تتوارد  تترى داحضة هذه الترهات.

 وآخرها ما تواترت أنباؤه من موريتانيا الشقيقة من حصول تطورات سريعة عملاقة بمجرد  إزاحة الدكتاتور،  بما يشهد لتهيئ العرب للديمقراطية من زمان ، وأنه ليس بينهم  وإشراقه شمس الحرية  والديمقراطية  والوحدة والتقدم غير غروب أمثال ولد الطائع عن وجوههم.

 لا يملك المرء إزاء هذه المسيرة الموريتانية الموفقة إلا أن يهنئ شعب موريتانيا بما يسّر الله له  من بركات الحرية  والحكم الرشيد، وأن يهنئ الرئيس سيدي ولد عبدالله على قيادته لهذه المسيرة، وكذا زعماء وشيوخ الحركة الإسلامية على رأسهم الإخوان الشيخ محمد الحسن ولد الددو والأستاذ جميل ولد منصور وكل إخوانهم ، دون أن ننسى المجلس العسكري بقيادة العقيد  الهمام  محمد ولد فال، الذين فتح الله على أيديهم أبواب الخير.

لندن 5 جويلية 2007        

الشيخ راشد الغنوشي


بسم الله الرحمان الرحيم

آه لو يعي بن علي كلام الدكتور النجار

و أنا أقرأ المقال المعنون” أما لهذه المأساة من نهاية” للدكتور عبد المجيد النجار، وجدته في بضع فقرات قد وضع النقاط على الحروف، فلخص مشكلة الإسلاميين و السلطة تلخيصا موجزا  منصفا و محايدا ثم وصف العلاج الناجع و المنطقي و المتاح فكان حديثه يفيض عقلا و رصانة و موضوعية في مسؤولية و وطنية قل و جودها في زمن التملق الكاذب المدمر للأنفس و الأوطان. فهل من عاقل حكيم في السلطة و دوائر النفوذ يقدر هذا الكلام و يمضي في تحقيقه في الواقع؟ حقا  و صدقا إني أتمنى أن يغتنم بن علي و حاشيته هذه الفرصة الذهبية لإنقاذ الوطن و بناء صرح الثقة من جديد بين أبنائه فيبادرون فورا و بدون وسائط في حوار وطني شامل يزيل الإحتقان و يعطي كل ذي حق حقه فإن وجدوا محاورا مسؤولا من كل الأطراف الوطنية بلا استثناء فقد نجحوا في بناء وطن الغد الذي يتسع للجميع و يأمن فيه الجميع و إن لم يجدوا الأيادي الممدودة فقد برّ أوا ذمتهم أمام الله و التاريخ و أقاموا الحجّة على الفرقاء. والله لو كنت مكانك يا بن علي ـ ولا أتمنى أن أكون، لعظم الأمانة و ضخامة المسؤولية أمام الله أولا و أمام التاريخ ـ لو كنت مكانك لبعض الوقت لرفعت سمّاعة هاتفي مباشرة و اتصلت بالشيخ راشد الغنوشي أو الدكتور النجار و حددت معه موعدا قريبا للحوار المباشر دون شروط. و بذلك تتبع السارق ـ حاشى الشيخ و الدكتور أن يكونوا سراقا و لكنه المثل التونسي ـ إلى باب الدار. و هذا لعمري لن ينقص من ملكك شيئا و لن يزيدك إلا براءة أمام الله ورسوله، سيما و قد تجاوزت السبعين واقترب لقاؤك مع الله و كلنا للقاء الله سائرون. فهل لك من عمل تختم به حياتك و يشفع لك أمام ربك عسى أن يقبل الله توبتك و يغفر لك الدماء التي سالت في سجونك و شوارعك بغير حق. هي فرصتك و رب الكعبة فالكل يتحدث عن الإنفراج و أنا متأكد أنك قرأت ما كتبه المخلصون من أمثال صلاح الدين الجورشي في مقاله ” ماذا بعد العفو الرئاسي ” أو الأستاذ مرسل الكسيبي و غيرهم من الوطنيين الصادقين و لك في نصائح الدكتور النجار خير مثال في هذه الكلمات التي لك ان تأمر بكتابتها بماء الذهب ” أما إذا كان العقلاء يريدون حلا لإنهاء هذه المأساة، وتفكيك أسبابها بالوئام فإنهم كما أعتقد في قناعتي الشخصية سيجدون طرفا محاورا كما اتصف بالرجولة عندما خاصم أو خوصم، فصبر وصابر، وتجرّع الآلام، وامتصّ الأوجاع فلم يردّ مطلقا بعنف، ولم يستنصر مطلقا بجهات خارجية على حساب الوطن بل على حساب من خاصمه من أهل الوطن، فإنه يتّصف بذات الرجولة حينما يحاور، فيبدي من المرونة والتدرّج في الإجراءات والوسائل بقدر ما يبدي من الصلابة في القيم المبادئ، ويبدي من الشجاعة ما يعترف به من أخطاء الذات حينما تستبين له، وما يتفهّم به أوضاع المحاوِر وظروفه ومقتضياته حينما يقتنع بها، ويعطي من الالتزامات والمواثيق ما يكون له قدر محقّق من الوفاء، فالمرجعية الأساسية هي مرجعية التزام ديني ثابت وليست مرجعية ذرائعية ليس لها قرار، كلّ ذلك في سبيل أن يصطلح الوطن بكلّ فئاته مع نفسه، فلا يبقى فيه من يشعر بظلم قد يجرّه إلى حقد، ولا من يشعر بقهر قد يجعل نفسه تحدّثه بانتقام”. ختاما أسوق لك سيادة الرئيس و للشيخ راشد الغنوشي هذه القصة من تاريخ سلفنا الصالح. قصة سيدنا عبد الله بن حذافة صاحب رسول الله صلى اله عليه وسلم: “‏ أسرت الروم عبد الله بن حذافة السهمي، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له الطاغية‏:‏ تنصّر وإلا ألقيتك في البقرة، ( البقرة إناء كبير من نحاس)، قال‏:‏ ما أفعل‏.‏ فدعا بالبقرة النحاس فملئت زيتاً وأغليت، ودعا برجل من أسرى المسلمين فعرض عليه النصرانية، فأبى، فألقاه في البقرة، فما رأى إلا عظامه تلوح على سطح الزيت المغلي ، وقال لعبد الله‏:‏ تنصّر وإلا ألقيتك‏ كما ألقيت صاحبك.‏ قال‏:‏ ما أفعل‏.‏ فأمر به أن يلقى في البقرة فبكى رضي الله عنه، فقالوا‏:‏ قد جزع، قد بكى‏:‏ قال الطاغية: ردوه‏.‏ فقال‏ رضي الله عنه:‏ لا ترى أني بكيت جزعاً مما تريد أن تصنع بي، ولكني بكيت حيث ليس لي إلا نفسٌ واحدة يفعل بها هذا في الله، كنت أحب أن يكون لي من الأنفس عدد كل شعرة  في جسدي، ثم تسلّط علي فتفعل بي هذا‏.‏‏ فأعجب به الطاغية:‏ وأحبّ أن يطلقه، فقال‏:‏ قبل رأسي وأطلقك‏.‏ قال‏:‏ ما أفعل‏.‏ قال تنصّر وأزوجك بنتي وأقاسمك ملكي‏.‏ قال‏:‏ ما أفعل‏.‏ قال قبل رأسي وأطلقك وأطلق معك ثمانين من المسلمين‏.‏ قال‏:‏ أما هذه فنعم‏.‏ فقبّل رأسه، وأطلقه، وأطلق معه ثمانين من المسلمين‏.‏ فلما قدموا على عمر بن الخطاب قام إليه عمر فقبل رأسه، قال‏:‏ فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمازحون عبد الله فيقولون‏:‏ قبلت رأس علج، فيقول لهم‏:‏ أطلق الله بتلك القبلة ثمانين من المسلمين‏.‏ تعليق: لست يا شيخ راشد أكرم من عبد الله ابن حذافة حتى لا تتنازل ولست يا بن علي أطغى من طاغية الروم حتى لا تطلق بقية الاسرى الذين في يدك فلم لا تطلق الحريات السياسية و إن أردت من الشيخ الغنوشي أن يقبل رأسك فلا أظنه يبخل على الوطن بتقبيل رأس ولي أمر تائب ينوي الإصلاح. فقد أعطاك من قبل صكا على بياض عندما قال :” ثقتنا في الله وفي بن علي كبيرة” أبو أنيس


 

رفع لبس والتباس في قضية معهد باستور

 
بلحسن عبد السلام تحياتي لسادة المشرفين على نشرية “تونس نيوز” الغراء تحياتي لسيد توفيق العياشي تحياتي لكل السادة القراء تعقيبا على مقال السيد توفيق الصادر بتونس نيوز ليوم 4 .8 .2007 تحت عنوان “رفع التباس وذود عن سيادة القانون” والذي كان بمثابة رد منه على ما كتبته حول موضوع غلق معهد لويس باستور الحر لصاحبه السيد البصيري بوعبدلي من طرف سلط الاشراف ولكي لا اطيل على السيد العياشي والذي طلب مني التوضيح اقول اننا متفقون على النقاط التالية: 1 ان السيد بوعبدلي في سنة 2004 وقع غلق مدرسته الابتدائية نظرا للاضرار التي الحقها باطفال ابرياء وعفى عنه سيادة رئيس الجمهورية بعد ان تعهد بالتزامه بالقوانين التربوية المعمول بها في البلد ولقد اطنبت الصحافة في الموضوع في ذلك الوقت.واسال هذه تحسب له او ضده؟؟؟؟؟؟؟؟ 2 في سنة 2007 تظهر قضية جديدة المتمثلة في معهده “لويس باستور” الذي تسرع السيد البوعبدلي في فتحه لوضع السلطة المشرفة امام الامر المقضي بدليل ان الترخيص الذي يعمل بموجبه غير تام اذن يعترف ضمنيا انه تصرف بصفة غير قانونية ويرمي اللائمة على السلطة بقوله “هاهم خلوني اشتغل بترخيص غير مكتمل مدة 3 سنوات توا اتفكروني؟؟”….فهل تقبل مثل هاته التعلة مثلا من شخص لا يدفع الاداء مدة سنوات ثم يقول هاهم خلوني نخدم اعلاش ماجاو اقبل؟؟؟؟؟ 3 يتحدى السيد بوعبدلي السلطة المشرفة التي منعته من الاشهار لقبول التلاميذ لحد البت في ملف معهده قانونيا بنشره لاعلان اشهاري في جريدة “الموقف” 4 طريقة رمي الرماد في العيون التي يتبع فيها السيد بو عبدلي ولك عينة منها قرار غلق معهده سببه بنت العائلة امتاع اربعة على عشرين او المنافسة الغير نزيهة امتاع السيدة سهى 5 انت متفق معي ان قرار غلق مدرسته الابتدائية في سنة 2004 لاسباب سؤ تصرف الحق الضرر باطفال ابرياء تجعل منه صاحب سوابق 6 عندما لمحت الى موضوع كليته والطلبة الافارقة والعملة الصعبة اردت ان اقول ان من كان بيته من زجاج لا يضرب بيوت الناس بالحجر وصاحب الامر اعني السيد بوعبدلي يعرف جيدا ما اقصده سيدي العياشي الستة نقاط المتفقين عليها كافية على ما اضن شخصيا من جعل تسييس القضية يلحق ضررا بصاحبها اكثر من نفعه اليس كذلك؟؟؟؟؟؟…… والسلام والى الامام يا فرسان الحقيقة الاخوة المشرفين على نشرية “تونس نيوز”


 

اختتام دورة تدريبية إقليمية لتخريج المدافعين عن حقوق الإنسان

2007/07/31 اجتمعت هيئات الدفاع عن حقوق الإنسان من كافة العالم العربي في مدينة الحمامات التونسية لعقد ندوة دامت عشرة أيام حول التوعية بأهميتها نظمها المعهد العربي لحقوق الإنسان. الدورة التدريبية انتهت يوم الإثنين 30 يوليو. جمال العرفاوي من تونس لمغاربية- 31/07/2007
اختتمت صباح الاثنين 30 يوليو بمدينة الحمامات الدورة التدريبية السابعة عشرة التي نظمها المعهد العربي لحقوق الإنسان لتكوين المدافعين عن حقوق الإنسان في المنطقة العربية. وفي تصريح لمغاربية قال صالحي أسامة رئيس الرابطة الجزائرية للفكر القانوني “لقد تعلمت الكثير خلال هذه الدورة التي مكنتنا من التعرف بشكل جيد على آليات حقوق الإنسان وقدمت لنا الوسائل القانونية التي يمكن أن نواجه بها خصومنا في هذا المجال”. وكان أدم عبد المولى، المنسق الإقليمي لمفوضية حقوق الإنسان بجينيف، قد أكد خلال افتتاح الدورة التي تواصلت عشرة أيام “أن مثل هذه الدورات مهمة في المنطقة العربية التي تحتاج إلى متخصصين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان”. وكشف عبد المولى أنه شخصيا كان من خريجي الدورة الأولى التي نظمها المعهد العربي لحقوق الإنسان قبل نحو 17 عاما. وقال عبد المولى في تصريح لمغاربية “لهذه الدورات أهمية كبرى لتمكين المدافعين عن حقوق الإنسان؛ وبعد التجربة التي اكتسبها المعهد صرنا نرى خريجيه منتشرين في مختلف أنحاء العالم ويتحملون مسؤوليات كبيرة في منظمات حقوق الإنسان”. وتهدف الدورة إلى تمكين النشطاء في مجال حقوق الإنسان من التعرف على القوانين والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وكذلك تدريبهم على كيفية التعامل مع المنظمات الدولية والحكومات في القضايا الإنسانية التي تحدث في بلدانهم بالاضافة إلى تدريبهم على تحديد نوعية وطبيعة الانتهاكات . وبالإضافة إلى الأمم المتحدة، دعمت هذه الدورة مؤسسة فورد الأمريكية التي تعد داعما قويا لأنشطة المعهد الذي قام بتخريج أكثر من 7000 ناشط في مجال حقوق الإنسان. وشارك في هذه الدورة أكثر من عشرين منظمة عربية. وقال السعودي عبد الله علي ثابت وهو ناشط مستقل في مجال حقوق الإنسان “بكل اختصار تمكنت خلال عشرة أيام من التعرف بشكل جيد على كل مختلف الجوانب القانونية والمعرفية المتعلقة بمجال حقوق الإنسان. لقد عدلت في الكثير من المفاهيم التي كنت أحملها خطأ”. وقبل انطلاق الدورة توجه مختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان للمشاركين بالقول “بعد انتهاء الدورة ستعرفون مدى أهمية التمكن المعرفي والقانوني في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان”. الطيب البكوش وهو رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان الذي أكد على حرص المعهد على تنظيم الدورات التكوينية في مواعيدها وبانتظام، وفاخر بالمعهد الذي تمكن من “تخريج آلاف من النشطاء والعاملين في هذا المجال من عشرات الدّورات التدريبية العامّة والمختصّة، الإقليمية والوطنية، وكذلك العشرات من الذين ارتقوا إلى مستوى المدرّبين، والعديد منهم أنشؤوا جمعيات أو ساهموا في تدعيم الجمعيات والمؤسسات الموجودة” و المعهد العربي لحقوق الإنسان منظمة غير حكومية عربية مستقلة، تأسست سنة 1989، بمبادرة من المنظمة العربية لحقوق الإنسان واتحاد المحامين العرب والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وبدعم من مركز الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. وقد تحصل المعهد على جائزة اليونسكو الدولية لتدريس حقوق الإنسان لسنة 1992.
مغاربية نًشرت على موقع مغاربية‎ (http://www.magharebia.com) ‎ http://www.magharebia.com/cocoon/awi/xhtml1/ar/features/awi/features/2007/07/31/feature-01

الحياة السياسية:

هل تنجح تيارات إصلاح الأحزاب من الداخل؟

اليوم انتخاب أمين عام لحركة التجديد ومكتبها السياسي ورقات ومبادرات نقد ذاتي لمسيرة المعارضة

تونس – الصباح : يجتمع اليوم أعضاء المجلس المركزي لحزب حركة التجديد لانتخاب الامين العام الجديد والمكتب السياسي (من 12عضوا) وأعضاء أمانة الحزب أي القيادة التنفيذية المضيقة (من 5 أعضاء).. بعد أن صادق المؤتمر الذي عقد الاسبوع الماضي على عدة تعديلات منها احداث منصب رئيس شرفي للحزب أسند الى السيد محمد حرمل عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي منذ 1957 ثم أمينه العام منذ1980 .. خلفا للسيد محمد نافع.. وتتزامن هذه التغييرات مع حالة انتظار وحركية تشهدها عدة احزاب وحركات سياسية منها حركة الديمقراطيين الاشتراكيين والحزب الديمقراطي التقدمي.. وتتجه الانظار منذ اشهر الى فرص تفعيل دور حركة الديمقراطيين الاشتراكيين وغيرها من الاحزاب السياسية بعد سنوات استفحلت فيها الخلافات الداخلية.. بين تيارات.. تداولت على تبادل الانتقادات.. حول “الخط السياسي”.. هل يكون أساسا “الرهان على منهج الوفاق” والمكاسب التي يمكن أن يحققها.. مثل دخول البرلمان والمجالس البلدية وبقية الهيئات.. فضلا عن تعيين عناصر من الحزب في مواقع مهمة في الادارة وفي اجهزة الدولة بما في ذلك رئاسة مؤسسات اقتصادية وديبلوماسية؟ وبعد تقييمات متباينة لتجربة بدأت في انتخابات 1994 تعتمد على تخصيص حوالي 20 بالمائة من مقاعد المعارضة في البرلمان الى جانب تشريك شخصيات منها في مواقع مختلفة.. برزت خلافات سياسية حقيقية..تجاوزت الصراعات التقليدية على بعض المناصب والمسؤوليات.. وقد فتح الملف مجددا داخل حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بعد توعك الحالة الصحية للامين العام السيد اسماعيل بولحية (شفاه الله).. وبروز تنافس جديد حول زعامة الحركة.. فيما عاد رموز سابقون للحركة مثل الجامعي وعضو البرلمان سابقا السيد أحمد الخصخوصي إلى الدعوة للعودة إلى مرجعيات الحركة وثوابتها.. خلال تزعمها المعارضة القانونية وغير القانونية.. من 1978 إلى مطلع التسعينات.. تغيير التوجه السياسي لحزب التجديد وقد كشف المؤتمر الوطني لحزب التجديد الاسبوع الماضي وجود تيار قوي داخله يطالب بـ” تعديل التوجه السياسي للحزب “في اتجاه ضمان مصالحة الحزب مع ثوابته وصبغته المعارضة.. كما وجه تيار قوي داخل المؤتمر نقدا ذاتيا لمسيرة الحزب منذ 1994.. وكانت النتيجة فوز غالبية من أعضاء المجلس المركزي من بين أنصار “التغيير”  للمسار السياسي الذي تزعمه الامين العام المتخلي السيد محمد حرمل.. خاصة في مرحلة 1994 و2001.. باعتبار الحزب عدل توجهاته جزئيا منذ مؤتمر ماي 2001.. وان اختلف مع الحزب الديمقراطي التقدمي وانصاره في انتخابات 2004 عندما رشح السيد محمد علي الحلواني للرئاسة.. ورفض مسايرة مقترح ترشيح السيد أحمد نجيب الشابي باسم المستقلين وكل فصائل المعارضة.. ويتنافس السيدان أحمد ابراهيم ـ الاقرب الى الخط “الجديد” وحاتم الشعبوني ـ الاقرب الى خط السيد محمد حرمل ـ على الامانة العامة للحزب فيما تكثفت مساعي عدد من مناضلي الحزب واصدقائه للتوصل الى صيغة وفاقية تعوض الانتخابات.. تسند الامانة العامة الى السيد احمد ابراهيم وخطة النائب الاول للسيد حاتم الشعبوني.. ضمانا لصيغة توفيقية.. تجنب الحزب بوادر التوتر التي برزت في الليلة الختامية للمؤتمر..عندما لوحت بعض الشخصيات بالانسحاب.. في الحزب الديمقراطي التقدمي بعض الاختلافات المماثلة برزت مؤخرا كذلك في الحزب الديمقراطي التقدمي ـ الذي تتولى السيدة مية الجريبي أمانته العامة منذ أشهر.. ولئن نفى الدكتور فتحي التوزري ما تردد عن استقالته من المكتب السياسي للحزب (مقابل تاكيد استقالته من الهيئة التنفيذية) فقد تاكدت استقالة السيد محمد القوماني من ادارة جريدة الموقف (مع الاحتفاظ بعضوية المكتب السياسي) واستقالة الدكتور مالك كفيف القيادي سابقا في حركة الديمقراطيين الاشتراكيين وأمين مال الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان من هيئة 18 أكتوبر.. التي يعتبر الحزب الديمقراطي التقدمي وحزب التكتل بزعامة الدكتور مصطفى بن جعفر من ابرز من يدعمها بين الاحزاب القانونية.. الاهتمام بالمكاسب ايضا وجاءت هذه التطورات بعد اصدار الثلاثي التوزري والقوماني وكفيف وثيقة تقييمية لحصيلة خمسين عاما من تاريخ تونس السياسي منذ اعلان الغاء الملكية وتاسيس النظام الجمهوري.. وهي وثيقة اختلفت مع التقييم الذي قدم في ندوة نظمتها شخصيات منتمية لتجمع 18 اكتوبر.. وقد اعتبر الثلاثي التوزري وكفيف والقوماني أن ذلك التقييم اهتم بالنقائص فقط وتجاهل المكاسب الكثيرة التي حققها النظام الجمهوري خلال نصف قرن.. لا سيما لفائدة المرأة والاسرة والتعليم وعديد الاصلاحات الاقتصادية والسياسية.. وطالبت وثيقة الثلاثي بتعميق مسار الاصلاح السياسي واقترحت اصلاحات عملية عديدة للحياة العامة.. منها ما يهم قطاعات الاعلام والحريات العامة والفردية.. وقد سبق للثنائي فتحي التوزري ومحمد القوماني أن أصدرا وثيقة داخلية طويلة قبل المؤتمر الوطني للحزب أعربت بوضوح عن معارضة وجهة النظر التي تدعو الى “القطيعة”.. وطالبت الوثيقة قيادة الحزب وقادة المعارضة بالرهان على خيار”المشاركة” عوض خيار”القطيعة”.. “الذي اثبت عقمه”.. نقد ذاتي وكان السيد محمد القوماني أعد ورقة نقدية مطولة لتجربة هيئة 18 أكتوبر المعارضة قدمها خلال ندوة فكرية في القاهرة وفتح حولها حوار داخل الحزب وفي صفوف المعارضة.. وتضمنت تلك الورقة بالخصوص دعوة المعارضة لتعديل بعض مواقفها في اتجاه “التوازن” بين نقد النقائص والمطالبة باصلاحها من جهة والاقرار بالمكاسب والانجازات.. مع رفض خيار “الكرسي الفارغ” و”المقاطعة”.. لان “المعارضة السلبية” لا تفيد في نظره.. ولا تخدم مسار الاصلاح ونوايا تحسين اوضاع الحريات العامة والفردية ولا كل سيناريوهات التداول السلمي والانتخابات الديمقراطية. ومن بين النقد الذي وجهته وثيقة القوماني لتجربة جبهة 18 أكتوبر نقص نجاعتها والتركيز على النقد دون تقديم تصورات بديلة ومقترحات عملية للتجاوز.. وهو نفس النقد الذي وجهه الثلاثي في وثيقة عيد الجمهورية.. لذلك خصصت وثيقتهم قسما كبيرا لتقديم مقترحات للبناء والاصلاح.. ولم تكتف بالنقد.. ديناميكية جديدة؟ هذا الحوار الفكري والسياسي قد يحدث ديناميكية جديدة داخل الاحزاب.. وان كان يسير في اتجاهات مختلفة.. ويبدو انه بدأ يشمل قواعد تلك الاحزاب وطنيا وجهويا.. في محاولة للخروج من دوامة الاتهامات والاتهامات المتبادلة.. بـ”الخيانة” و”التواطؤ”.. حينا وبـ” الثورية” و”اللاواقعية” حينا آخر.. فهل تنجح سيناريوهات الاصلاح الداخلي للاحزاب أم تجهضها العراقيل التنظيمية والحزبية كالعادة؟ .. في كل الحالات فان صدى مثل هذه الحوارات الحزبية الداخلية قد يبقى نخبويا اذا لم ينجح اصحابه في تفكيك ادواته وتبسيطه وتشريك النخب المستقلة والتجمعية فيه.. حتى يجد صدى لدى مختلف صناع القرار في البلاد. كمال بن يونس (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 5 أوت 2007)  

اليوم اجتماع المجلس المركزي لحركة التجديد:

هل تكون بداية النهاية لـ«مرحلة حرمل» داخل الحركة؟

تونس – الصباح يلتئم صباح اليوم المجلس المركزي لحركة التجديد، لانتخاب مجلس وطني ومكتب سياسي لقيادة الحركة خلال الفترة القادمة.. وكان المجلس المركزي الذي يضم أربعين عضوا (20 شخصية من حزب التجديد بصيغته القديمة و20 مستقلا)، قد تم انتخابه بشكل وفاقي خلال المؤتمر الذي انعقد الأسبوع المنقضي.. وشهدت الأيام الماضية تحالفات ونقاشات موسعة في أوساط المجلس المركزي وخارجه من بين مناضلي الحزب وكوادره المختلفة، بغاية الترتيب لاجتماع اليوم، والتوصل إلى صيغ تضع حدا للخلافات المستفحلة بين أعضائه، والتي لم تنجح المناقشات هنا وهناك، ولا بعض الوساطات من شخصيات مختلفة (لكنها فاعلة ومؤثرة صلب الحزب)، في التوصل إلى معادلة متفق عليها بين مكونات الحزب.. صراع غير متكافئ.. ووفق المعلومات التي حصلت عليها “الصباح” من مصادر مختلفة داخل الحزب، فإن المجموعة المحسوبة على السيد محمد حرمل، حرصت خلال مسار التفاوض مع المكونات الأخرى، على الإبقاء على موقعها القيادي المتقدم صلب الحزب، في محاولة للاستفادة من الإرث الذي خلفه السيد محمد حرمل الأمين العام المتخلّي، خاصة فيما يتعلق ببعض المقاربات والمواقف وحتى التحالفات داخل الحركة، بل إن هذه المجموعة، أو بعض أفرادها، حرصوا على ممارسة نوع من الضغوط، ضمن سيناريو توظيف “الوضع غير النهائي” صلب الحزب (عدم تعيين مكتب سياسي ومجلس وطني)، من خلال رفع “الفيتو” في وجه بعض الأشخاص الفاعلين، على غرار السيدين الجنيدي عبد الجواد ومحمود بن رمضان، اللذين استطاعا ـ إلى جانب أحمد إبراهيم ـ تغيير الكثير من المعادلات صلب المؤتمر الأخير.. غير أن وجهة النظر هذه، لم تحظ بقبول الشق الثاني في الحزب، الذي يمثل الغالبية صلب المؤتمر، وهو يتألف من المجموعة التي توصف “بالمعارضة” لخط السيد حرمل داخل الحزب بقيادة السيد أحمد إبراهيم من جهة، ومجموعة المستقلين التي التحقت بالحركة قبل بضعة أشهر، والتي يقودها السيد محمود بن رمضان من جهة ثانية.. وهي المجموعة التي أصبح لديها “موقع وموقف” على حد السواء، يعكس درجة تمثيلية واسعة ضمن معادلة جديدة لحزب كشف المؤتمر الأخير، أنه يبنى بصيغة جديدة وإن كانت غير مكتملة إلى حد الآن.. ويبدو من خلال قراءة في حيثيات المؤتمر الأخير لحركة التجديد، والمعلومات التي أمكن الحصول عليها من أطراف مختلفة، أن مجموعة السيد محمد حرمل، باتت أقلية داخل الحزب، خصوصا إثر المناقشات الطويلة التي تمخضت عن المؤتمر، والتي غيّرت الكثير من التوازنات في مستوى موازين القوى، بالإضافة إلى “الوضع الجديد” للسيد حرمل الذي لم يعد له ـ وفق قرار المؤتمر الأخير ـ أي سلطة قرار وأي صبغة تنفيذية صلب حركة التجديد، بما يعني من الناحية العملية، تقلص نفوذ المجموعة المحسوبة عليه، والتي يقودها ـ رمزيا على الأقل ـ السيدان حاتم الشعبوني ورشيد مشارك… إلى جانب كل ذلك، فإن المستقلين الذين التحقوا بالحزب، ليسو كتلة إيديولوجية واحدة، بقدر ما يمثلون مجموعة من المشاريع السياسية المتعددة، وهو ما يعني انفتاحهم على احتمالات عديدة، في مستوى المواقف والمقاربات، لكن على صعيد التحالفات، يبدون الأقرب إلى وجهة السيد أحمد إبراهيم، الأوفر حظا بالفوز بالأمانة العامة للحزب (السكرتير الأول)، وهو ما سوف يزيد في إضعاف مجموعة حرمل، التي تبدو مطالبة باستخدام المناورة من دون القفز على حيثيات الواقع الجديد صلب الحزب..     مستقبل «الحرملية» في الحزب.. ويرى مراقبون، أن اجتماع اليوم، بما سوف يتمخض عنه من قرارات بشأن تركيبة المجلس الوطني وتشكيلة المكتب السياسي، سيجيب على تساؤل شديد الأهمية، ليس بالنسبة لحركة التجديد وأفقيها السياسي والتنظيمي فحسب، وإنما أيضا بالنسبة لما يمكن أن نطلق عليه “مستقبل الحرملية” صلب هذا الحزب.. ولعل الاستفهام المطروح في أوساط الطبقة السياسية والنخب المتابعة للشأن السياسي في البلاد، يتعلق بمدى قدرة التجديديين على انتخاب مؤسسات قيادية جديدة، بإمكانها القطع مع “الخط القديم” الذي كان مرتبطا ـ إلى حد بعيد ـ بالسيد محمد حرمل.. أو يحافظ “ورثة” حرمل على “التركة” التي خلفها موقعا وموقفا وأسلوبا في إدارة شأن الحزب، الأقدم بين أحزاب المعارضة في البلاد؟؟.. صالح عطية
(المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 5 أوت 2007)

السحرة والمشعوذون:

بين واقع الإقبال عليهم… وتحريم القانون لأفعالهم

إعداد: مفيدة القيزاني

 

تونس – الصباح

«الشعوذة»، «السحر» «التنجيم» مصطلحات باتت تشكل جزءا كبيرا من ثقافتنا  الشعبية بل انها تكاد تكون ظاهرة  لأنها أضحت تفرض نفسها  بقوة في مجتمعنا والمجتمعات الاخرى وهي لم تعد تشمل فئة اجتماعية دون أخرى بل إن جذورها امتدت الى  المثقفين والاثرياء والمشاهير

 هؤلاء  يجمعهم  هدف واحد وهو ايجاد الحل بحجرات السحرة والمشعوذين ولكن رغم الامل  الكبير الذي  يحدو هؤلاء  فإنهم يخرجون في النهاية بهزيمة قد تكلفهم احيانا  حياتهم.

«الصباح»  بحثت في الموضوع من خلال  التحقيق التالي، وتطرقت الى العقوبات الجزائية لهذه الفئة

مثقفون على أبواب العرافين

المرأة المتزوجة التي هجرها زوجها  والرجل الذي  أصيب بالعجز  الجنسي  والفتيات اللواتي  تأخرن في الزواج  هؤلاء هم الفئة الاكثر  ترددا على العرافين ولا يمكن القول إنهم  من الطبقة ذات المستوى التعليمي البسيط  فمن بينهم  جامعيون وإطارات كلهم يبحثون عن حلول للاشباح التي تطاردهم  ولذلك  بات من المألوف  ان ترى في طريقك لافتة  كتب عليها «عراف روحاني»  او «فلكي عالمي»  وما يتلوها من عبارات المدح  الضمني والقاب  وشهادات من قبيل  «حكيم عالمي  يداوي الامراض المستعصية ويقضي على ما تسمى بالتابعة» ويحل عقد «المكتوب»  وهؤلاء  تجدهم ينشرون الاعلانات للتعريف بأنفسهم  ويحدثون مكاتب خاصة بهم.. وكل ذلك  لا ستجلاب ضعفاء النفوس رغم يقينهم أنه لا جدوى  من أعمالهم  بناء على ما ورد  بالاية الكريمة «ولا يفلح الساحر حيث أتى».

والشائع أن النساء يشكلن الزبائن الاكثر لأن عدوى الايمان المطلق بقدرات العرافين  الخارقة  هي وراء ذلك، حيـث تجدهن يتهامسن ناشرين  غسيلهن وخلافاتهن الزوجية داخل قاعات الانتظار بمكاتب العرافين وتجد الواحدة  منهن  تشيد بقدرات العراف الفلاني والمشعوذ الفلاني على ارجاع زوجها  اليها بعد نفور طويل وخضوعه المطلق  لرغباتها  وتطويعها له على الشاكلة  التي تريدها، وهنا تساق ضعيفة النفس  لتقلد  تلك المرأة المحظوظة لتنعم هي الاخرى بشيء من بركات المشعوذ، ولكنها تمنى في نهاية المطاف بهزيمة وتجد نفسها  وجها  لوجه مع الوهم الذي بناه لها العراف.

أما الميسورون  والمشهورون  فإنهم  يلجأون الى العرافين لمنحهم المزيد من «البركة».

إحصائيات مفزعة

أكدت بعض الاحصائيات انه يوجد في العالم العربي عراف أو مشعوذ  لكل ألف نسمة، وفي احدى الدراسات الاخرى أجريت على السحر والشعوذة يوجد 55% من النساء من المترددين على العرافين و24% ممن  يجدن القراءة.

 

«الحبة السوداء» و«اللوبان الذكر» و«عرق تبعني» الاكثر طلبا

ان المتردد ين على العرافين لابد من لهم من زيارة «سوق البلاط» بالعاصمة فهناك يجدون ضالتهم من «الحوارات» و«البخورات» التي يطلبها  العراف لمداواتهم  وهذا ما يجعل  هذا السوق يستقطب يوميا عددا هائلا من الزبائن ممن يبحثون عن «الحبة السوداء» و«أم الجلاجل»  «عين العفريت»  و«تفاح  الجان و«ظفر الجان»  و«اللوبان الذكر»  و«عرق تبعني» و«أم البوية» وغيرها من جلود الحيوانات المحنطة او الحية وهي في الواقع لا تفسخ السحر ولا تجلب الحظ ولا تبعد «التابعة» وانما تشبث الزبائن بها يرفع من نسبة اعتقادهم  بفاعليتها  ونجاعتها  في ابعاد الشر عنهم  او في الحاق الضرر بأعدائهم.

ضحايا الدجل والشعوذة

ان مجال الدجل والشعوذة أضحى المجال الاكثر استقطابا للزبائن وهو ما فتح المجال على مصرعيه للمتحيلين والراغبين في الكسب السريع والسهل  الى درجة أن بعضهم  تجاوز فتح المكاتب الى احداث  قنوات مختصة في هذا المجال  ليسقط  في نهاية المطاف حرفائها  ضحايا  للاوهام  التي يبثونها  على لسان شخص  يلقبونه  بالشيخ  فلان، وآخر مأساة حصلت وفاة تونسي أصيل  نابل صدق ما قاله الشيخ فلان بقناة لبنانية مختصة في الشعوذة  ولما سافر الى  هناك  صحبة زوجته  طلب منه المسؤولون عن تلك الامور بالقناة مبلغا ماليا هاما في البداية  لمداواته من مرضه المزمن  وسلمه  الشيخ المكلف بالعلاج  دواء  أو خلطة عكرت صحته فتوفي واعيد الى تونس جثة هامدة.

وليس هذا المسكين الضحية الوحيدة وإنما  تطالعنا  يوميا  الصحف بعديد الاخبار عن أعمال  المشعوذين والذين  التجأوا الى الحيل  كإيهام زبائهم  بقدرتهم على استخراج  الكنوز من باطن الارض وآخر ضحاياهم فلاح من الوطن القبلي  لهف منه هؤلاء 250 ألف دينار بعدما أدعوا وجود  كنز في مزرعته. وهناك  ظاهرة اخرى غريبة وهي إدعاء بعض المشعوذين وجود «جان يهودي» بجسد الحريفة ولا يخرج الا بمضاجعة العراف لها، وفي هذه الحالة  لا يمكن أن نقول الا الكلمة التي قالها أبو العلاء المعري «يا أمة ضحكت من جهلها  الأمم».

ثقافة الشعوذة ليست دخيلة على مجتمعنا

يرى علماء الاجتماع أن ثقافة الشعوذة موجودة منذ زمن بعيد وليست دخيلة على مجتمعنا  وهي تستقطب أساسا  الباحثين عن السعادة والساعين بالسوء للناس والراغبات في الزواج  والتواقون للثراء وهؤلاء يبحثون عن الوهم ويعانون  من الفراغ  الروحي  ويبتعدون عن اعمال العقل لحل مشاكلهم وعادة ما تتميز الشعوذة  بالسرية والحميمية ومهما يحاول الزبائن إخفاء ما بداخلهم فإنهم ينكشفون عند لجوئهم الى المشعوذين والسحرة.

(المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 5 أوت 2007)

 


 

عبدة الشيطان : جنون و مجون …دوس على التقاليد الاجتماعية وخضوع للشهوات الشيطانية… تجوّلوا في شوارعنا تحت غطاء فرق موسيقية …؟

 

هل هي نهاية العالم ؟ ام اننا ادركنا من التقليد ما اصبح يبيح كل أشكال دوس القيم ؟ الجهل يفعل احيانا مفعوله الى حد عماء البصيرة والا بماذا نفسر بروز ظاهرة ليست منا ولا نحن منها ومجتمعنا بماضيه وحاضره لم يكن يتوقعها اصلا ؟ عبدة الشيطان في تونس ؟ هل هذا معقول او هو مجرّد حديث مجنون ؟ التأمل في طقوس هذه الفئة هو الذي يقود فعلا الى الجنون… طقوسهم هي مزيج من الخبل و المجون و التفسخ. كيف ذلك ؟ أصل الحكاية وكعادة كل حكاية غريبة إلى حدّ الاستهجان وليس من تقاليدنا، التوريد فيها وهو شعار الجماعة «كل اللي من البرّة جاء في عينيك حلا».. لكن عن اي حلاوة يتحدثون ..فمن يتأمل في طقوسهم لا مفر له من الجنون. ولو كان مايأتونه فنا كما يزعمون فلِم مارسوه سرا ؟… فالفن اشاعته هي الاساس اما ما يمارس في الدهاليز و تحت الاضواء الخافتة فلن يكون الا لسببين اولهما عدم الاقتناع وثانيهما الضغط والخوف. وفي كلتا الحالتين نسأل هل هم مقتنعون بما يفعلون ومن الضاغط عليهم حتى يفعلوا بانفسهم ما يجر الى السخرية؟.. لعله ابليس ؟ إنهم عبدة الشيطان الذين كثر حولهم الحديث في عديد الدول العربيّة منذ سنوات والذين وصلت «عدواهم» إلى تونس ولو بشكل محدود منذ مدة. هؤلاء يبدو أنهم تجولوا في شوارعنا وفي «طنبك» العاصمة تحت غطاء فن الهاردروك …فأي فن يزعمون ؟ هؤلاء عددهم غير مضبوط لأن البعض يتبع دون أن يعرف أين يسير لكن الثابت أن جلهم من أبناء المعاهد والمدارس. يميزون أنفسهم بوضع عصابة سوداء عريضة على معصم اليد اليمنى، ويرتدون الملابس والقبعات السوداء عليها صور جماجم بشرية … جماجم! ما معنى التحلي بجمجمة؟ هل هو تعلق بالقبح والموت وانقلاب القيم؟ اليس أمر أهل الجماجم في حاجة إلى دراسة من قبل اطباء الامراض النفسية؟. و ماذا عساه يكون اللون المفضل ؟ هل يمكن ان يكون غير الاسود باعتبار انسداد الافق امام هؤلاء بسبب الغشاوة التي طمست اعينهم إضافة إلى الأحمر رمز الدم والقتل والجريمة. حقائب و جماجم يحملون حقائب ويرتدون الإكسسوارات التي تتميّز باللونين الأحمر والأسود وهما اللونان المفضلان لعبدة الشيطان..و هل يمكن ان تكون لهم ألوان غير هذين ؟ لايكتفون بالجمجمة وما حولها من ألوان فهم يميزون انفسهم أيضا باشارات تنطلق من اليد اليسرى برفع السبابة والخنصر وضم الإبهام على الاصبعين الباقيين، ورموزاً خاصة منها النجمة الخماسية، خطوطاً ومحاطة بدائرة والصليب المقلوب. و للاناث من عابدات الشيطان علامات تبدأ بطلي الاظافروالشفاه باللون الأسود وماذا يكون هذا اللون سوى دليل على القتامة والانغلاق؟ كل العبادة و الطقوس تكتنفها السرية التامة وهل هناك ديانة تمارس سرا ؟ من اليهودية الى المسيحية الى الاسلام، كل الديانات تمارس جهرا الا الشيطانية …لأنها من فعل الشيطان. القداس الاسود لأهل الشيطانية قداس اي الشيطان الاكبر اتباعه يسمونه القداس الاسود. وتمارس العبادة في غرفة مظلمة، مرسومة على جدرانها رموز شيطانية وفيها «مذبح» مغطى بالأسود وتوضع عليه كأس مليئة بالعظام البشرية، أو الخمور إذا لم تتوفر العظام وخنجر لذبح الضحية ونجمة الشيطان ذات الأجنحة الخمسة، وديك أسود الريش وصليب مقلوب ويمسك الكاهن أو الكاهنة بعصا ويستحضر الشيطان، ثم؟! يذبح الديك بخنجر ويشرب دمه ويمرّر الكأس المملوءة بدم الديك على الجميع… القداس الأحمر و هناك ايضا القداس الاحمر ودوما الالوان لا ترمز الا الى الشرور ففي هذا القداس تحضر الذبيحة و تكون بشرية… و اي دين يأمر بذبح البشر؟!. و يمكن تعويض ذبح الطفل بذبح ديك او قط المهم هو الذبح الذي يتم من خلاله استحضار مشهد شيطاني. انها ظاهرة غريبة في هذا القرن ولو ان ميلادها يعود الى القرن الماضي…جاءت تحت غطاء موسيقي فافرادها يحبّون سماع موسيقى ”الـسر البلاك ميتالس” و يدعون للاعتقاد بالشيطان ويعني لهم الشر والموت وتدمير الطبيعة والانتحار وعدم الإيمان بالله. اول معبد للشيطان ..متى ظهر ؟ و يعود ظهور اول معبد للشيطان الى سنة 1966 وضم آنذاك حوالي أربعين ألفاً من الأتباع يؤمنون بالسحر ويقيمون القداديس السوداء ويضحون بالحيوانات، وعبرت هذه الآفة إلى الفئات الشابة من خلال إثارة الرغبات وتعاطي المخدرات وعقاقير الهلوسة وممارسة الجنس الفاضح وفي الفترة نفسها أحصي حوالي 22 ألف معبد للشيطان في الولايات المتحدة. ومع تنامي التطورات التقنية أخذت هذه الاعتقادات تروّج لنفسها من خلال الأنترنات ألعاب الكمبيوتر وأفلام العنف والرعب والسحر. و يبرر الداعون إلى عبادة الشيطان بأن الامر يتعلق بصديق للبشرية منذ الأزل فعن اي جنس من الصداقة يتحدثون؟ انحراف ام افلاس ؟ لكن السؤال الاهم الآن هو من المسؤول عن بروز مثل هذه الخرافات في مجتمعاتنا العربية؟ هل هو الانحراف الاخلاقي الى حد الافلاس ؟ أو استقالة العائلة عن اداء دورها بالشكل المطلوب أم هو الجهل والابتعاد عن أصول التربية العربيّة الإسلاميّة سيما اذا علمنا ان هؤلاء الذين انساقوا وراء هذا التيار هم في جلّهم ان لم نقل كلهم من الشبان الذين يقلدون دون دراية. سؤال حائر الظاهرة متفشية في العالم من الولايات المتحدة الأمريكية مرورا بالبرازيل في أمريكا اللاتينية ، وألمانيا في قلب أوروبا الموحدة ، وصولا الى المنطقة العربية-البحرين والمغرب ولبنان والأردن ومصر …،وتتخصص أجهزة وفرق ووحدات في كل الدول المذكورة لرصد هذه المجموعات من أجل الحيلولة دون انتشارها الواسع وسط المجتمع أيضا للوقوف دون تنفيذها لجرائم القداس الأسود أو القداس الأحمر ، حيث يقوم أعضاؤها بجرائم قتل بشرية عبر الطعن أو الذبح بالسكاكين ، هذا إن لم نتحدث عن اغتصاب الأطفال والرضع وقطع أعضائهم التناسلية كما حدث في احدى شبكاتهم قبل بضع سنوات بالبرازيل…

تهديد جدي للعالم و الاحداث تؤكد ان الظاهرة تهدّد العالم العربي و الدليل ما حصل في الاردن مثلا حيث تكثفت في وقت ما الدوريات الأمنية في شوارع عمان الشرقية والغربية بعد إكتشاف الأجهزة الأمنية الأردنية مجموعة من أتباع جماعة عبدة الشيطان وضبطهم في إحدى قاعات الاحتفال في منطقة عبدون إحدى ضواحي عمان الغربية وهم يمارسون طقوسا غريبة و يرتدون ملابس فاضحة ويتقلّدون بسلاسل من ذهب ويرقصون بطريقة مثيرة على أنغام موسيقى غربية صاخبة. ضريبة الانفتاح كما ظهر عبدة الشيطان في مصر بين أواخر سنة 1996 وأوائل سنة .1997 وضبطت الشرطة نحو 140 فرداً منهم من الذكور والإناث ، كانوا جميعاً من أبناء الطبقة الغنية التي استحدثها الانفتاح الاقتصادي والثقافي . وقد اعترف المقبوض عليهم بأن جذور اعتناق الشباب المصري لهذه الأفكار جاءت من خلال مجموعة من الإسرائيليين عبر منفذ طابا عن طريق استدراجهم بالجنس والمخدرات والخمور وأن هدفهم اعتناق الفكر المنحرف والترويج له والدعوة إلى عدم الإيمان بالله ، وإنكار الذات الإلهية ، وتقديس الشيطان باعتباره القوة العظمى التي تحرك الحياة والبشر ، وأثبتت التحقيقات أن منظمات وهيئات خارجية تخطط لنشر الفكر المنحرف . وقد أعلن مفتي الديار المصرية الأسبق الشيخ نصر فريد واصل أن عبدة الشيطان مرتدّون عن الدين ، ونظراً لحداثة سنهم يجب استتابتهم فإن رجعوا عن أفكارهم الفاسدة يمكن العفو عنهم ، وإن أصروا على الانحراف ينفذ فيهم حكم الشرع. ويؤكد أهل الاختصاص في علم الاجتماع أن الأمر فيه إنكار الحدود وإعلان الذات والإرادة ، وهي فكرة محورية في الحداثة الغربية ظهرت في الرؤية الداروينية الاجتماعية ، والفلسفة النيتشوية التي تهاجم العطف والمحبة والعدل والمساواة باعتبارها أخلاق الضعفاء ، والعالم في منظورها ليس سوى خلية صراع لا يوجد فيه عدل أو ظلم ، وإنما فقط قوة وضعف ، ونصر وهزيمة ، والبقاء ليس للأفضل ، وإنما للأصلح من منظور مادي أي للأقوى ، وإذاً فهناك مطلق واحد هو إرادة الإنسان البطل القوي المنتصر : الإنسان المتأله ، أي الشيطان بالمعنى الفلسفي . نبش القبور وقد نبّه الجميع إلى بعض غرائب هذه الجماعة ، منها مسألة نبش القبور، وعادة ما يذهبون نهاراً إلى المقابر ويقومون بالنبش والبحث عن جثث الموتى، ويتراقص كبيرهم فوق الجثة التي يعثرون عليها ، وغالباً ما يفضلون الجثث حديثة الوفاة ، ويذبحون القطط باعتبار نفوسها من الشيطان، ويشربون من دمائها ويلطخون أجسادهم ووجوههم بها ، ثم يذهبون إلى الصحراء ليعيشوا فيها أياما لا يضيئون شمعة وإنما يحيون في الظلام ، وعلامتهم بينهم رفع إصبعين (رمز الشيطان)، وتلك الإشارة هي السلام فيما بينهم .وقيل في تبرير نبش القبور والمبيت حذوها هو معاينة العدم والشعور به محسوساً ، والتدريب على ممارسة القتل دون أن تطرف لهم عين . وقيل عن تلطيخ اليدين والجسم بالدم إنه ليكون العضو دموياً عنيفاً لا يخشى الموت ، ولا يرهب القتل، ويأبى الخضوع لأي كان ، ويزيد إحساسه بالقوة . مال و مخابرات هؤلاء جماعة اشتهروا في مصر كما سلف ذكره منذ سنوات، وتحدثت عنهم وسائل الإعلام وخاضت في ذكر أوصافهم وطقوسهم ومصادر ثقافتهم، المخابرات الأجنبية التي كانت تنفق في مصر باسم المعونات الخارجية، هي التي ركزتهم حيث أفردها التوسع في إقراض البنوك باسم تشجيع الاستثمار ، ورسخها ما آلت إليه الأحوال في مصر نتيجة بيع القطاع العام لغير المصريين وتخصيص أراضي البناء بالمجان للأثرياء، وقد تبين أن المقبوض عليهم من أعضاء ما يُسمى بعبادة الشيطان ، تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة وأنهم من خريجي المدارس الأجنبية ، ولا يعرفون شيئاً عن الإسلام. لهم كتابهم الديني وللجماعة كتابهم الديني وهو كتاب «الشيطان» من تأليف الأمريكي اليهودي المدعو ليفي ، يعنى اللاوي والمؤسس لكنيسة الشيطان بسان فرانسيسكو عبادة الشيطان هي صرعة التسعينات، مثلما كانت الوجودية صرعة الخمسينات ، والهيبيز صرعة السبعينات. مراتب و أسماء الشر … وللجماعة مراتب ، فبعضهم أمير وبعضهم مجرد منتمٍ وبعضهم أمير مجموعة ، وبعضهم له اسم الشر ، وبعضهم يطلقون عليه اسم الشر الأعظم. وتمارس الجماعة إثر كل جلسة استماع موسيقى الشيطان والجنس الجماعي ، فعندما يحمى الجو يتعاطون المخدرات ويتعرون وعندئذ يشتد بهم الرقص ، ويستبيحون الأعراض ويمارسون الجنس واللواط ، وقد يجتمع الشابان على شابة واحدة ، ويختلط الحابل بالنابل. ويؤكد معلمو الجماعة أن عبدة الشيطان ليسوا من الخاملين ، فهم موهوبون ومبدعون ، وليسوا منحرفين ، ولكنهم يمارسون الحياة من غير قيود الأخلاقيين ، فالأخلاقيون أفسدوا الحياة وآن أوان التخلص من الأخلاق ، لأنها عنصر إعاقة وليست عامل دفع وترقية ، وللجماعة وصاياها المناقضة للوصايا العشر في التوراة ، ولوصايا القرآن وهي أطلق العنان لأهوائك وانغمس في اللذة ، واتبع الشيطان فهو لن يأمرك إلا بما يؤكد ذاتك ويجعل وجودك وجوداً حيوياً ، والشيطان يمثل الحكمة والحيوية غير المشوهة ، والتي لا خداع فيها للنفس ، ولا أفكار فيها زائفة سرابية الهدف ، فأفكار الشيطان محسوسة وملموسة ومشاهدة ، ولها مذاق ، وتفعل في النفس والجسم فعل الترياق، والعمل بها فيه الشفاء لكل أمراض النفس والوقاية منها . ولا ينبغي أن تتورط في الحب ، فالحب ضعف وتخاذل وتهافت ، فأزهق الحب في نفسك لتكون كاملاً ، وليظهر انك لست في حاجة لأحد وأن سعادتك من ذاتك لا يعطيها لك أحد ، وليس لأحد أن يمن بها عليك . وفي الحب يكون التفريط في حقوقك فلا تحب ، وانتزع حقوقك من الآخرين ، ومن يضربك على خدك فاضربه بجميع يديك على جسمه كله ، ولا تحب جارك وإنما عامله كأحد الناس العاديين ، ولا تتزوج ، ولا تنجب ، فتتخلص من أن تكون وسيلة بيولوجية للحياة وللاستمرار فيها ، وتكون لنفسك فقط ، وجماعة الشيطان يرتدون الثياب السوداء ، ويطلقون شعورهم… إنه الهذيان الذي ما بعده هذيان. وتفيد الأبحاث أن عبدة الشيطان يستمدون أفكارهم بالإضافة إلى ذلك من كتاب الإنجيل الأسود المطبوع في إسرائيل خصيصاً لبلاد الإسلام ، وكانت أول مجموعة تم القبض عليها من المترددين على منفذ طابا. ولهذه الحركة جذور في التاريخ فقد ظهرت في العصر العباسي الأول ، ولوحظ ارتباطها منذ البداية بالمجوسية والزردشتية، وتبنت أفكار الزندقة التي راجت آنذاك على يد الفرس ، ابتداءً من حكم أبي جعفر المنصور حتى عصر الخليفة المأمون وهي حركات هدامة ، قصد بها الفرس هدم الدين الإسلامي وتقويض المجتمع ، ولكنها دعت إلى أن ينغمس الناس في الملذات والشهوات بلا ضابط ، وإسقاط الفرائض. وعبدة الشيطان حركة كغيرها من الحركات الإلحادية في الإسلام ، ومثيلتها قديماً حركة الصابئة ، وهم عبدة الشيطان في منطقة حران بشمال العراق ، ولما زارهم الخليفة المأمون وجدهم قد أطالوا لحاهم وشعورهم وأظافرهم ، وكان هؤلاء أول إعلان لعبدة الشيطان في التاريخ. وهذه الظاهرة إذا وصلت إلى تونس بشكل محدود فإنه لا بد من توفير سبل الوقاية منها تماما مثل التبشير بالمسيحية التي قد نعود اليها في عدد قادم. والوقاية تنطلق بالاساس من الوسط العائلي فالطفل يولد على الفطرة.

الطاهر ساسي (المصدر القسم العربي لمجلة “حقائق” تحديث 5 جويلية 2007)  


 
محمد بن راشد يتوجه الاثنين الى تونس

علاقات ثنائية قوية واستثمارات إماراتية بمليارات الدولارات

تونس – العرب أونلاين – يتوجه الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم نائب رئيس دولة الامارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبى يوم الإثنين الى تونس فى زيارة رسمية تستغرق يومين وتعرف العلاقات الثنائية زخما كبيرا مع التصديق على مشروع إعادة تهيئة البحيرة الجنوبية للعاصمة التونسية.. ومن المقرر ان يجرى نائب رئيس الامارات خلال الزيارة مباحثات مع الرئيس التونسى زين العابدين بن على حول سبل دعم العلاقات بين البلدين والقضايا العربية ذات الاهتمام المشترك.. سما دبي.. 14 مليار دولار وتشهد تونس خلال الفترة المقبلة واحدا من اضخم المشروعات الاستثمارية فى البلاد قدرت تكاليفه الاجمالية ب 14 مليار دولار امريكى وخصصت له مساحة 830 هكتار بالضاحية الجنوبية للعاصمة. وقد ابرمت الحكومة التونسية مع شركة “سما دبي” الاماراتية مؤخرا اتفاقا لانجاز هذا المشروع الذى يقع بالبحيرة الجنوبية للعاصمة ويشتمل على مجمعات متكاملة عقارية وسكنية وتجارية وخدماتية ومرافق اخرى ذات صلة. واقر الرئيس التونسى زين العابدين بن على الاتفاق بعد مصادقة مجلس ا لنواب التونسى على المشروع الذى من شانه ان يجعل من تونس مركزا اقليميا للخدمات والاعمال فيما يتنظر ان يتيح عند واثناء انجازه فرص عمل جديدة وازدهارا فى سوق مواد البناء فضلا عن مساهمته وفق مصادر رسمية فى تحقيق هدف النمو المقدر ب 3 ،6 بالمائة خلال السنوات العشر القادمة . واكد وزيرالتنمية والتعاون الدولى التونسى محمد النورى الجوينى ان الموافقة على انجاز هذا المشروع تاتى فى اطار الحرص على رفع حجم الاستثمار الخارجى والتقليص من المديونية الخارجية ودفع ا لتصدير وايجاد مزيد من مواطن العمل لابناء البلاد. واشار الى ان الحكومة سارعت الى وضع برنامج تاهيلى خاص لتوفير اليد العاملة لهذا المشروع كما ونوعا . مشاريع متعددة كما عرفت العاصمتان التونسية والإماراتية زيارات متعددة لشخصيات من البلدين أبرزها زيارة الوزير الأول التونسى محمد الغنوشى والشيخة هيا راشد آل خليفة، فضلا عن إعلان العديد من المشاريع الاستثمارية الكبرى. ومثل العام الماضى “2006” نقطة الانطلاق الفعلية والمتميزة للاستثمارات الإماراتية فى تونس. فبعد أن كان الأوروبيون، وتحديداً الفرنسيين، الشريك التجارى الأول لتونس، وأكبر مستثمر فيها، قلب الإماراتيون المعطيات لصالحهم، وشكلوا أكبر مستثمر أجنبى بتونس. وشملت طفرة الاستثمارات الإماراتية فى تونس مشاريع ضخمة فى عدة قطاعات، فاق حجمها إلى حد الآن السبعة مليارات دولار. وكانت وفود حكومية تونسية رفيعة، قد زارت الإمارات فى العامين الماضيين، وأجرت مباحثات مع عدد من المؤسسات الحكومية، وشركات القطاع الخاص، حول الفرص الاستثمارية المتوفرة فى تونس. وزيادة عن المشاريع المنجزة، أو التى بصدد الإنجاز، أو الوعود المعلنة، من المنتظر أن تثمر هذه المباحثات عن قيام شركات من دبى بالاستثمار فى مشاريع تطويرية أخرى فى تونس، تشمل الموانئ البحرية، السياحة، الاتصالات، التأمين، محطات توليد الطاقة وتحلية المياه وتكرير البترول. “مارينا القصور”، بهرقلة: 4 آلاف وحدة سكنية كشفت إعمار العقارية فى أبريل الماضي، تفاصيل خطتها الاستثمارية الجديدة فى تونس، التى تهدف إلى تطوير مشروع “مارينا القصور” على الساحل الشرقى التونسي، وذلك بتكلفة إجمالية تصل إلى 1.88 مليار دولار، ويقع المشروع السكنى الجديد، الذى يحتضن قرية سياحية فى وسطه، على مساحة 442 هكتاراً، فى أحد أجمل المواقع الطبيعية فى ولاية سوسة، باتجاه النهاية الجنوبية لخليج الحمامات. وأكد محمد على العبار، رئيس مجلس إدارة إعمار العقارية، أن الهدف من المشروع هو إقامة موقع سياحى على الساحل الجنوبى للبحر المتوسط، يتميز بكونه يوفر الراحة والاستجمام والخصوصية، بالقرب من أهم المواقع الأثرية والثقافية فى تونس. وفازت شركة “تيكوم ـ ديغ” التابعة لشركة دبى القابضة فى مارس 2006م، بأكبر عملية تخصيص فى تونس، بعرض بلغ 3.50 مليارات دينار “1.83 مليار يورو، 2.25 مليار دولار” لشراء 35 بالمئة من رأسمال اتصالات تونس، وهو أكبر بكثير من عرض منافستها فى الجولة الأخيرة شركة “فيفاندى يونيفرسال” الفرنسية المعروفة. كما أعلنت مجموعة “بوخاطر” نهاية شهر أكتوبر 2006م، عن مشروع ضخم هو الأول من نوعه فى تونس، ويتمثل فى إنشاء مدينة سكنية وترفيهية ورياضية متكاملة على ضفاف بحيرة تونس الشمالية، وهى أرقى المنتجعات السكنية والتجارية للعاصمة التونسية. ويمتد المشروع، الذى بلغت اعتماداته خمسة مليارات دولار أمريكي، على مساحة 250 هكتاراً، ويضم 9 أكاديميات رياضية، وثلاثة أندية للغولف والتنس والرياضات البحرية. وفى الثانى من نوفمبر 2006، استقبل الرئيس التونسى زين العابدين بن علي، رئيس المجموعة الإماراتية “داماك”، حسين السجواني، المستثمرة فى قطاعات مختلفة، كالعقارات والخدمات والصناعات الغذائية والتأمينات، وتتواجد فى 16 دولة. وآخر القادمين هى مجموعة “ماجد الفطيم” التى اختارت تونس قاعدة لأنشطتها واستثماراتها فى منطقة شمال أفريقيا. وأعلنت المجموعة مؤخراً أن من مهام فرعها بتونس، والذى أطلقت عليه تسمية “ماجد الفطيم شمال أفريقيا”، تقديم “خدمات استشارات ودراسات ومساعدة فى مجالات التسويق والتصرف والاستثمار”. وأعلنت شركة دبى القابضة بدء العمل بمحفظة 300 مليون دولار للاستثمار فى الأسواق التونسية، من خلال الشركات الموجودة، أو من خلال الدخول فى سوق الأسهم التونسية وإنشاء شركات جديدة. وأعلن محمد القرقاوي، رئيس الشركة، خطط الاستثمار هذه بعد لقائه بكل من الرئيس التونسى ووزراء التجارة والصناعة والسياحة. وبحسب القرقاوي، يأتى التوجه الجديد للشركة فى إطار “خطط لتوسيع نشاط الشركة فى البلدان العربية التى تعد تونس أولى محطاتها”. (المصدر: موقع “العرب أونلاين” بتاريخ 5 أوت 2007)

أثارت ردود فعل لدى المراقبين الدوليين

تفجيرات المغرب العربي.. تحدٍ مكشوف للمصالح الأميركية

 
أحدثت ظاهرة التفجيرات المتتالية الأخيرة في دول المغرب العربي ردود أفعالٍ غاضبة لدى المحللين والمراقبين الغربيين، حيث صوبوا أقلامهم الغاضبة والناقمة ضد منفذي تلك التفجيرات الذين باتوا يُفرضون تحدياتٍ جسيمة على المصالح الأميركية في المنطقة التي تتركز في أمرٍ أساسي، ألا وهو: إيجاد مغرب عربي ”معتدل” طبقا للمعايير الأميركية. تفسير ظاهرة التفجيرات بالمغرب العربي تباينت تفسيرات الباحثين الغربيين حول تلك الظاهرة التي باتت تأخذ شكلاً ملحوظاً منذ ربيع 2007؛ بدايةً من الجزائر إلى كازابلانكا بالمملكة المغربية. تراوح تحليل الظاهرة بين تفسيراتٍ عدة: من كونها ”تصاعداً خطيراً” إلى كونها ”تعظيماً لإنجازات حركات الجهاد” إلى كونها ”تحويل الجزائر إلى عراقٍ ثانٍ” إلى كونها ”(بروباجندا) لإحياء مشاعر متمردي شمال إفريقيا” إلى كونها. فمن وجهة نظر ”مجلس العلاقات الخارجية” CRF، تعتبر الهجمات الأخيرة بالمغرب العربي إشارةً واضحةً إلى تصاعد جبهة جديدة في شمال إفريقيا، تنتمي إلى جماعة الجهاد العالمية. وقد يتفق ”ستيفين كوك” – الخبير بـ ”مجلس العلاقات الخارجية” – على ذلك الرأي قائلاً ”إن التفجيرات الأخيرة تُمثل تصاعداً خطيراً”. أما ”تقرير أخبار القوة والمصلحة” (مؤسسة بحثية لتحليل الصراعات)، فهو يعتبر الهجمات جزءاً من الإستراتيجية الجديدة الطامحة نحو تعظيم إنجازات حركات الجهاد العالمية. بينما ترى ”رويترز” أنها قد تعكس رغبة منفذيها في تحويل الجزائر إلى عراقٍ ثان، بدليل الرسالة التي بعثها المنفذون إلى رئيس الجزائر، فور انتهائهم من عمليتهم الأخيرة في 11 أبريل/ نيسان .2007 وأخيراً، تساءلت ”الإيكونوميست” عما إذا كانت تلك الهجمات ”مجرد (بروباجندا) لإحياء روح متمردي شمال إفريقيا”. تحدي المصالح الأميركية في المنطقة على رغم اختلاف التفسيرات الغربية حول الظاهرة، إلا أنه يمكن الذهاب إلى اتفاقها جميعاً حول التحديات التي نتجت عنها. وهي التحديات التي من شأنها عرقلة المصالح الأميركية بمنطقة شمال إفريقيا؛ مما يُفرض علينا التساؤل التالي: ما هي المصالح الأميركية في المنطقة؟ إن المصالح الأميركية في المنطقة تتلخص – بحسب رأي كاتبة المقال – في أمرٍ أساسي: إيجاد مغرب عربي ”معتدل” يوافق الرؤية الأميركية. وبناءً عليه، فإن اندلاع ظاهرة الإرهاب في المنطقة سيهدد بدوره تلك المصلحة. فخطورة اندماج ”الإرهابيين الإفريقيين” – كما يُسميهم الباحثون الغربيون – في منظومة ”الإرهاب الدولي”، ستُفرض تحدياً على الحكومات العربية ”المعتدلة”، سواءً في الجزائر أو في المغرب؛ ومن ثم ستُفرض تحدياً على الشراكة التي تجمع بين الإدارة الأميركية وبين الحكومتين الجزائرية والمغربية، والتي تقضي بالعمل سوياً لمناهضة الإرهاب. وهي الشراكة التي لا تضم فقط الجزائر والمغرب، بل تضم أيضاً تشاد ومالي، موريتانيا، النيجر، نيجيريا، تونس، والسنغال. وتعتبر هذه الشراكة – التي تُسمى ”الشراكة عبر الصحراوية لمناهضة الإرهاب” أو TSCTP – مبادرةً طويلة المدى؛ تستهدف دعم الحكومات المحلية لتلك الدول التسعة، إضافة إلى الجيش ومسؤولي الشرطة، من أجل إقامة أجواء استراتيجية وتكتيكية لمحاصرة ”الإرهاب ” قي شمال غرب إفريقيا. ومن ثم، يمكن القول إن ظاهرة تصاعد التفجيرات الأخيرة في شمال إفريقيا تهدد بدورها تلك الشراكة التي تعتبر العمود الأساسي لسياسة واشنطن لمناهضة ”الإرهاب” في شمال غرب إفريقيا. عناصر التهديد حسب الأقلام الأميركية ويمكن تلخيص عناصر ذلك التهديد، حسب الأقلام الأميركية، في النقاط الآتية: * تهديد الحكومتين الجزائرية والمغربية المواليتين للإدارة الأميركية فتحت عنوان ”تصاعد الراديكاليين في شمال إفريقيا” – المنشور في موقع ”مجلس العلاقات الخارجية” الأميركي، يوم 16 أبريل/ نيسان 2007 – أكد ”إيبين كابلان” على ما تمثله تلك التفجيرات الأخيرة من تحدياتٍ سافرة للحكومتين الجزائرية والمغربية، إذ بات لازماً عليهما أداء مهمتين شاقتين في آنٍ واحد: الأولى، إيجاد وسيلة ناجعة للقضاء على الإرهابيين من دون جعل بقية السكان يتجهون إلى الراديكالية أو الاصطفاف تحت لواء ”الرعاية الروحية للقاعدة”؛ والثانية، إيجاد وسيلة ناجحة للقضاء على ”الإرهابيين من دون عزل المسلمين المعتدلين”. * تهديد المنطقة عبر ربط الإرهاب المحلي الإفريقي بـ ”الإرهاب العالمي”. فتحت عنوان ”القاعدة في شمال إفريقيا: الجهاد المحلي والعالمي” – المنشور بموقع ”مركز واشنطن لدراسات الشرق الأدنى”، يوم 23 أبريل/ نيسان 2007 – أشار ”جيك ليبتون” إلى خطورة التفجيرات باعتبارها أداة قادرة على جذب المسلحين المحليين بالمنطقة، واستقطابهم لنيل الدعم من الشبكات الجهادية الأوسع. ويدلل ”ليبتون” حجته بما حدث في أغسطس/ آب ,2006 حيث قام تنظيم ”القاعدة” باحتضان الجماعة الجزائرية ”المتطرفة” GSPC؛ وهو ما يراه ”ليبتون” نتاجاً لسعي تلك الجماعة نحو إدماج الجهاديين الجزائريين في داخل الشبكات العالمية الجهادية، وكذلك نتاجاً لنظرة الكثير من المتطرفين الدوليين للجزائر باعتبارها الجبهة الجهادية الجديدة. تهديد مصدر الطاقة إن ”إخراج الإرهابيين من المجتمع الشمالي الإفريقي”، كما يؤكد ”ليبتون”، يعتبر ”تحدياً كبيراً، بل قد يخلق من الإشكالات والاضطرابات ما هو أكبر من الإرهاب. صحيح أن الإرهاب هو أداة الضعيف ضد القوي، إلا أن تركه من دون رقابة سيتيح الفرصة لحفنة من الأفراد بتوجيه التهديد تجاه مصدر الطاقة (النفط) في موريتانيا ونيجيريا والجزائر. وهو من أهم المصالح الأميركية في المنطقة.” حل مشكلة الصحراء: سياسة واشنطن للمواجهة فيما يخص التحديات التي تواجهها واشنطن في شمال إفريقيا، استمعت ”لجنة مجلس النواب الأميركي حول الشئون الخارجية” في 7 يونيو/ حزيران 2007 إلى كلمة كلٍ من (نائب ديمقراطي لولاية كاليفورنيا) رئيس اللجنة ”توم لانتوس” ، ومساعد وزير الخارجية بمكتب شئون الشرق الأدنى ”ديفيد ويلش”. الاثنان اتفقا على اعتبار ”حل مشكلة الصحراء الغربية” مربط الفرس لتفويت الفرص على منفذي عمليات ”الإرهاب.” فمن جانبه، حذر ”لانتوس” من التمدد السريع للـ ”القاعدة” في أنحاء المنطقة الشمالية الإفريقية، مما يوجب الإسراع في تسوية قضية الصحراء الغربية لمنع تلك الصحراء الخاوية من التحول إلى ”أرضية كبرى لتفريخ الإرهاب”. وقد يرى المبادرة المغربية للسلام – في أبريل/ نيسان 2007 – أفضل فرصة، منذ سنوات، لكي تصل الأطراف المعنية إلى حلٍ نهائي، يُمهد لإنشاء جيل جديد (صحراوي مغربي)، متحرراً من الصراع المسلح وتداعياته. أما ”ويلش”، فقد حذر هو الآخر من تفاقم أزمة الصحراء الغربية، موضحاً بأن عدم حل تلك الأزمة سيترك نحو 90 ألفاً من الصحراويين في مخيمات اللاجئين، وهو ما سيؤهل منطقة الصحراء لتكون سماءً آمنةً وجاذبةً لمخططي” الإرهاب”؛ ومن ثم، فإن التحدي الأكبر الماثل أمام واشنطن الآن هو دفع مفاوضات السلام مباشرةً بين الأطراف المعنيين: المغرب، الجزائر، والبوليساريو. وهو ما أيده مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمجموعة الأزمات الدولية ”روب مالي”، حيث اقترح على كلٍ من واشنطن والأمم المتحدة إعلان تأييدهما للمحادثات بين الأطراف الثلاثة، ليتحدثوا سوياً من دون محاولة لفت انتباه أطراف خارجية أخرى، مثل الأمم المتحدة. ملخص القول، إن ”لانتوس” و”ويلش” ذهبا إلى ضرورة قيام واشنطن باستثمار رأس المال السياسي الدولي لتنمية حل عملي، مما يصب ليس فقط في مصلحة الصحراويين والمغاربة، بل أيضاً في مصلحة واشنطن والأمم المتحدة؛ وهو ما نُشر على موقع ”مركز التقدم الأميركي” تحت عنوان ”الطريق نحو شمال إفريقيا مستترة: منع إرهاب آخر”، في 12 يونيو/ حزيران.2007 ولكن ثمة أسئلة يجب طرحها: ها ستستطيع واشنطن جمع الصحراويين الطامحين نحو الاستقلال مع المغاربة الكارهين لذلك الاستقلال؟ إن أكثر ما يكرهه الصحراويون الاستماع إلى مصطلح ”الحكم الذاتي”، وإن أكثر ما يكرهه المغاربة الاستماع إلى مصطلح ”الاستقلال”، كما يشير ”كلود سلحاني”، المحلل السياسي المتخصص في شئون شمال إفريقيا. فهل بالإمكان أن ينتهي الأمر بجلوس الطرفين، بمنتهى البساطة، على طاولة المفاوضات الأميركية؟ وهل يمكن اختزال حل ”مشكلة الإرهاب بشمال إفريقيا في تسوية قضية الصحراء الغربية”، أو في دعم ”الشراكة عبر الصحراوية لمناهضة الإرهاب”؟ وهل من العقل والحكمة أن تخضع حكومات شمال إفريقيا للوصف الأميركي لقضيةٍ تمس أمنها القومي؟ وإذا كان من مصلحة واشنطن أن تحفظ شراكتها مع الأنظمة السلطوية المتسلطة، فأين الإصلاح الذي زعمته – وما زالت تزعمه – من خلال تلك الشراكات أو المبادرات التي أوجدتها بعد حوادث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول؟ (المصدر: موقع المشاهد السياسي   بتاريخ 4 أوت 2007)


 

سيف القذافي يتراجع عن تأكيده حدوث «مقايضة» لإطلاق البلغار …

الحكومة الفرنسية تنفي تدخلها في صفقة الصواريخ الليبية

طرابلس  في وقت واصل مسؤولو الحكومة الفرنسية وقصر الاليزيه نفي تدخلهم في صفقة الأسلحة التي اشترتها طرابلس من باريس بأكثر من 400 مليون دولار وأثارت جدلاً كبيراً، تراجع نجل الزعيم الليبي سيف الإسلام القذافي عن تصريحاته التي أكد فيها قبل أيام أن عقد التسلح يأتي في إطار «مقايضة» بالممرضات والطبيب البلغار الذين أطلقتهم ليبيا الشهر الماضي. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن القذافي الابن أن عقد التسلح الذي وقعته ليبيا مع مجموعة «ايه اي دي اس» الفرنسية لم يكن «مقايضة» للافراج عن البلغار المتهمين بتعمد إصابة أطفال ليبيين بالايدز. وقال: «لم تتم مقايضة الممرضات والطبيب بصفقة التسلح. وأنا لم اربط بين موضوع الإفراج عنهم وشراء صواريخ ميلان ومنظومة متطورة للاتصالات للشرطة والأمن»، مشددا على أن عملية «الإفراج كانت لها أبعاد انسانية، وهي غير قابلة للمساومة». وأكد أن مفاوضات عقد التسلح «كانت جارية منذ 18 شهراً»، موضحاً «أنها عقود صغيرة لم تكن مشروطة من فرنسا ولا من ليبيا، وكانت هناك موافقة فرنسية على تصدير الصواريخ منذ شباط (فبراير) الماضي». ولفت إلى أن «مسألة التعاون النووي بين باريس وطرابلس كانت محل تفاوض ونقاش قبل زيارة الرئيس السابق جاك شيراك لليبيا العام 2004». واعتبر أن «هناك من يصفي حسابات مع (الرئيس الفرنسي نيكولا) ساركوزي لمساهمته في الإفراج عن البلغار، بسبب شعوره بالغيرة، ولكن بطريقة غير أخلاقية». وخلال زيارة ساركوزي لطرابلس نهاية الشهر الماضي، وقع البلدان مذكرة حول مشروع تسليم مفاعل نووي مدني لتحلية مياه البحر، إضافة إلى اتفاق في المجال العسكري. واتهمت المعارضة الفرنسية الحكومة بأنها لا تتمتع بـ «الشفافية»، مشككة في أن الافراج عن البلغار كان ثمرة مقايضة سرية. وتصاعد الجدل بعدما أعلنت ليبيا توقيع عقد تسلح مع مجموعة «اي ايه دي اس» لشراء صواريخ مضادة للدروع من طراز «ميلان» بقيمة 168 مليون يورو ونظام «تيترا» المتطور للاتصالات بقيمة 128 مليون يورو. لكن مدير التسويق في المجموعة الأوروبية مروان لحود أكد أمس أنه «لم يحدث أي تدخل مباشر» من الرئاسة الفرنسية في المفاوضات حول العقد الليبي. وقال: «بالتأكيد كان هناك دعم قدمه جهاز المفوضية العامة للتسلح كما يجري في كل عقود الأسلحة من هذا النوع، لكن العقد لم يكن مدرجاً على الإطلاق على جدول أعمال زيارة الرئيس ساركوزي». وأكد أن العقدين يجري «التفاوض في شأنهما منذ أكثر من عشرة أشهر». وفي السياق ذاته، قال الأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان: «لم نتدخل أبداً للإسراع بالوصول إلى نتيجة» في مفاوضات عقدي التسلح. وأكد أنه «لم يتم التطرق بتاتاً» إلى إجراء مقايضة مع ليبيا. وردا على سؤال عن مذكرة تحر محتملة أصدرها القاضي المكلف شؤون الارهاب جان لوي بروغيار حول مشاركة رئيس جهاز الاستخبارات الليبي العقيد موسى كوسى في الاعتداء على طائرة «دي سي 10» التابعة لشركة «يوتا» الفرنسية في العام 1989، قال غيان إن كوسى «ليس موضع ملاحقة». وأضاف أنه «يأتي غالباً إلى فرنسا، كل ثلاثة أشهر تقريبا، للقاء نظرائه. استقبلته مرتين أو ثلاثا عندما كنت في وزارة الداخلية». وكشف أن آخر لقاء جمعه بكوسى «كان قبل أيام من استقرار ساركوزي في الاليزيه. جاء كوسى ليقول لي نقلاً عن القذافي أن الأخير يرغب في بناء علاقات أكثر متانة مع فرنسا… وفي هذه اللحظة، فكرنا أن ملف البلغار يمكن أن يحرز تقدماً. وقلت له على الفور إن حل هذه المسألة مقدمة لأي تقارب». (المصدر: صحيفة ” الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 5 أوت 2007)  

اللجنة العربية لحقوق الإنسان

ARAB COMMISSION FOR HUMAN RIGHTS

COMMISSION ARABE DES DROITS HUMAINS

International NGO in special Consultative Status with the Economic and Social Council of the United Nations

مصر : من أجل وقف المحاكمات العسكرية السياسية الطابع

 

تتابع اللجنة العربية بقلق شديد المحاكمة العسكرية السابعة للإخوان المسلمين في مصر، المعروفة بالقضية رقم 963 لسنة 2006 جنايات أمن دولة عليا والمقيدة بإدارة المدعي العام العسكري تحت رقم 2 لسنة 2007 جنايات عسكرية عليا. وتنبع أهمية هذه المحاكمة من كونها أول محاكمة من هذا النوع وبهذا الحجم والأهمية، بعد التعديلات الدستورية التي اعتبرتها اللجنة العربية لحقوق الإنسان وأهم المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان في العالم نكسة على صعيد تكوين دولة القانون وضمانات الحريات الأساسية في مصر. وقد نظمت أكثر من ندوة في أوربة للتعريف بما يجري وقامت باتصالات متعددة مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان وبرلمانيين أوربيين وشبكة منظمات غير حكومية من أجل بناء شبكة مناهضة للمحاكمات السياسية العسكرية التي ستترك آثارا كارثية على وضع حقوق الإنسان في مصر والمنطقة. ولهذا أرسلت اللجنة العربية لحقوق الإنسان ممثلين عنها لجلسة 2/6/2007 وجلسة 5/8/2007 وتابعت مع منظمات صديقة وقائع جلسة 15/7/2007. وفي هذه المناسبة نود تسجيل الملاحظتين التاليتين:

أولا: هذه أول مرة يجري فيها بشكل جماعي وقاطع، رفض المراقبة القضائية لمنظمات عربية ودولية منذ قرابة عشرين عاما. فقد حضرت اللجنة العربية لحقوق الإنسان جلسات لمحكمة عسكرية مصرية قبل خمس سنوات وحضرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية جلسة محاكمة في 1995. وتمكنت اللجنة العربية لحقوق الإنسان من حضور عدة محاكمات بأعضاء غير مصريين منها. وهذه المرة، نحن أمام سابقة خطيرة تقوم على إبعاد الشهود القضائيين غير المصريين من عرب وغير عرب من حضور جلسات المحكمة، في محاولة للتفرد بالمعتقلين وحصر القضية في نطاق القضاء الاستثنائي المصري المغلق.

ثانيا: نحن أمام قضية تمس البعد الاقتصادي والبعد العلمي والثقافي للناشطين السياسيين بكل ما يعني ذلك على صعيد بناء النسيج المدني والسياسي في المجتمع المصري والقدرة النضالية اليومية في العمل العام. ففي كل دول العالم، يلجأ العاملون في الشأن العام لمؤسسات اقتصادية تسمح لهم بالعيش خاصة عندما ينتمون لأحزاب معارضة أو ممنوعة، أي عندما تكون أبواب رزقهم وسيلة ضغط يومية عليهم. وعندما تقوم السلطات الأمنية ومن ثم القضائية الاستثنائية باعتقال هذا العدد الهام من المهندسين والأطباء وأساتذة الجامعة وأرباب العمل، فهذا يعني أن السلطة السياسية قد قررت تعزيز مضايقاتها السياسية بمضايقات اجتماعية واقتصادية تطال اللقمة والصنعة ومستقبل أطفال المعتقلين. وهذه ممارسة خطيرة تحتاج إلى شجب واستنكار ليس فقط في مصر بل على صعيد الوطن العربي والعالم.

ان اللجنة العربية لحقوق الإنسان تستنكر موقف السلطات المصرية من تواجد المراقبين الدوليين والعرب، وتشجب استمرار هذه المهزلة-المأساة،  كما تطالب بوقف المحاكمات العسكرية فورا وعدم توريط القضاء العسكري في الحسابات السياسية الضيقة للسلطة.

القاهرة وباريس 5/8/2007  

C.A. DROITS HUMAINS

5 Rue Gambetta – 92240 Malakoff – France

Phone: (33-1) 4092-1588  * Fax:  (33-1) 4654-1913

E. mail achr@noos.fr   www.achr.nu www.achr.eu


مصر..اعتقال 14 إخوانيا وتأجيل محاكمة الشاطر

إيمان عبد المنعم قررت المحكمة العسكرية تأجيل محاكمة خيرت الشاطر النائب الثاني لمرشد جماعة الإخوان المسلمين و39 من قيادات وأعضاء الجماعة إلى 19 أغسطس الحالي في الوقت الذي انتقدت فيه اللجنة العربية لحقوق الإنسان منع حقوقيون ومراقبون دوليون من حضور الجلسة وطالبت علي إثر ذلك برفع اسم مصر من مجلس حقوق الإنسان. تزامن ذلك مع اعتقال قوات الأمن المصرية 14 إخوانيا جنوب القاهرة، وتمت إحالتهم إلى نيابة أمن الدولة. وجاء قرار المحكمة بالتأجيل بعد جلسة استمرت 3 ساعات ونصف في “معسكر أيوب” في صحراء شمال شرق القاهرة وتركزت وقائعها علي فض الأحراز التي ضبطت بمنازل الأفراد وهي عبارة عن خزن مالية وأجهزة كمبيوتر وبعض الكتب. ومثل مع الشاطر أمام المحكمة  39 من قيادات وأعضاء الجماعة، بينهم حسن مالك عضو مكتب الإرشاد ورجل الأعمال، بتهمة “الانتماء لتنظيم محظور وغسيل الأموال” لصالح الجماعة. وتمت إحالة حرز حسن المالك وهو عبارة عن خزينة للنقود إلى هيئة الفحص لفحصها، في حين خلت أحراز خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام للجماعة من المبالغ التي نسبت إليه فيما لم تحضر النيابة أحراز 10 من المحاكمين خاصة المستندات المالية الخاصة بهم. وتوقعت هيئة الدفاع في تصريحات لإسلام أون لاين.نت أن تكون الجلسة المقبلة في 19 من الشهر الجاري ستكون ساخنة؛ وأرجعت ذلك لأن عاطف الحسيني – الضابط وشاهد الإثبات الوحيد في قضية مليشيات الأزهر- سيمثل أمام المحكمة لسماع شهادته. منع وانتقاد وخلال المحاكمة تم منع الأهالي من دخول إلى المحكمة، باستثناء فرد أو اثنين من عائلة كل فرد، في حين لم يُسمح لأولاد الشاطر الشباب بالدخول. كما أكدت مصادر بجماعة الإخوان المسلمين إن السلطات منعت اليوم الأحد أي حقوقيين أو صحفيين أو مصورين من حضور جلسة المحاكمة الرابعة التي عقدت اليوم الأحد في قاعدة “الهايكستب” العسكرية جنوب القاهرة،  كما منعت حوالي 60 محاميا من الحضور. وفي السياق ذاته، منع أمن المحكمة كلا من فيوليت داجر رئيس الشبكة العربية لحقوق الإنسان، ونبيل خريس مبعوث منظمة العفو الدولية، من حضور وقائع الجلسة. وفي بيان صدر ظهر اليوم الأحد، انتقدت اللجنة العربية لحقوق الإنسان منع داجر حضور محاكمة 40 إخوانيا. وأدان البيان بشدة منع منظمات المجتمع المدني من مراقبة سير الجلسات، واستهجن مثل هذا التصرف واصفا إياه بالغريب، خصوصًا أن المنظمةَ سبق السماح لها هي ومنظمة العفو الدولية بحضور المحاكمة العسكرية للإخوان 1995م، كما تمَّ السماح لها بحضور عدة محاكمات لمصريين وأجانب على الأراضي المصرية. وجاء في البيان : “نحن أمام سابقة خطيرة تقوم على إبعاد الشهود القضائيين المصريين من العرب وغير العرب من حضور جلسات المحكمة في محاولةٍ للتفرد بالمعتقلين وحصر القضية في نطاق القضاء الاستثنائي المصري المغلق”. كما اعتبر البيان القضية من أنواع الضغط على سُبل الرزق للنشطاءِ السياسيين لمنعهم من أداء دورهم، ووصف المحكمةَ العسكريةَ بـ “المهزلةِ والمأساة”، مطالبا بوقفها على الفور. وأعربت داجر عن حزنها الشديد لمنعها هي والوفد الحقوقي من حضور المحاكمة وما شاهدته من معاملة غير آدمية لأهالي المعتقلين وهيئة الدفاع عنهم والمتضامنين معهم، متعجبة من وقوع جرائم حقيقية وكبيرة على أرض مصر ولم يحاكَم عليها أحد أصلا. وحول رد الفعل المتوقع من المنظمة العربية لحقوق الإنسان على ما جري في المحكمة العسكرية قالت داجر “المنظمة سيكون لها ردودُ فعلٍ على المستوى الدولي، وسوف تخاطب المنظمات الدولية والأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان”. وطالبت اللجنة العربية لحقوق الإنسان المجلس العالمي لحقوق الإنسان بأخذ موقف واضح من مصر، وشطبها من هذا المجلس نهائيًّا. وكانت السلطات قد منعت وزير العدل الأمريكي السابق رامزي كلارك من حضور جلسة المحاكمة السابقة التي عقدت يوم 15 يوليو الماضي. وقال كلارك في مؤتمر صحفي عقد في اليوم التالي إنه لن يأتي إلى مصر لحضور الجلسة الجديدة إلا إذا تأكد من السماح له بدخول قاعة المحاكمة موضحا أن هدفه من الحضور هو تقديم استشارات في القانون الدولي للمحامين المدافعين عن المتهمين. وبدأت جلسات المحاكمة في أواخر أبريل بتهم من بينها غسل الأموال والإرهاب. وتنفي جماعة الإخوان التهم. كما أصدرت محاكم مدنية مصرية أحكاما بالإفراج عن المتهمين. اعتقالات من ناحية أخرى، اعتقلت السلطات المصرية 14 من الإخوان المسلمين جنوب القاهرة، وتمت إحالتهم إلى نيابة أمن الدولة للتحقيق معهم. وأوضح مصدر أمني أعلن عن اعتقال المجموعة إنهم كانوا في “معسكر تدريبي” في منطقة أبو قتاتة بالجيزة جنوب القاهرة، مضيفا إنه “كان بحوزتهم أوراق تنظيمية وخطة تحرك للأيام القادمة لإحياء نشاط الجماعة”. وتعد تلك المجموعة هي المجموعة الثانية في غضون أسبوع بعد مجموعة الـ18 التي تم اعتقالها في مداهمة أيضا لأحد المنازل في منطقة المطرية شرق القاهرة. وقبل ذلك بأسبوع ألقي القبض على 21 آخرين في مدينة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط شمال غرب البلاد.

 

(المصدر: موقع “إسلام أونلاين.نت” (الدوحة – قطر) بتاريخ 5 أوت 2007)


 

مصر: التحقيق مع ضابط عذّب مواطناً حتى الموت

القاهرة        استمرت حال الاستنفار الأمني في قرية تلبانة التابعة لمحافظة الدقهلية (شرق الدلتا) التي شهدت مقتل مواطن إثر تعذيبه في مركز للشرطة الأسبوع الماضي، وفرضت السلطات حظر التجوال لليوم الثالث على التوالي. واستدعت النيابة العامة الضابط المتهم بتعذيب القتيل للتحقيق معه، فيما رفضت عائلة المجني عليه تقبل العزاء فيه «حتى تتحقق العدالة». وكانت أحداث شغب اندلعت في القرية عقب مقتل ناصر أحمد عبدالله الصعيدي (35 عاماً) إثر تعذيبه في مركز شرطة المنصورة لإجبار شقيقه المطلوب على تسليم نفسه. وأحرق سكان غاضبون 30 سيارة تابعة لقوات الأمن المركزي، كما حاصروا مخفر الشرطة. واعتقلت الأجهزة الأمنية 50 شخصاً. وأمرت نيابة المنصورة أمس باستدعاء الضابط المتهم النقيب محمد معوض، ومأمور مركز الشرطة ونائبه والضابط المناوب للاستماع إلى أقوالهم، كما استمعت إلى 12 معتقلاً. وأكد المواطنون أن أجهزة الأمن ألقت القبض عليهم عشوائياً عقب وقوع الحادثة بسبب تظاهر أهالي القرية احتجاجاً على مقتل الصعيدي. وأعلنت عائلة القتيل أنها لن تتلقى التعازي حتى تتحقق العدالة ويقتص من الجناة. واتهمت «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» الشرطة بإساءة استخدام سلطاتها، مشيرة إلى أن قرية القتيل «تتعرض إلى عقاب جماعي». وقال الأمين العام للمنظمة حافظ أبوسعدة لـ «الحياة» إن لجنة تقصي الحقائق التابعة للمنظمة انتهت من تقريرها في شأن الحادث وستعلنه اليوم. واستغرب «استمرار الحملة الأمنية ضد المواطنين في وقت ينبغي تهدئة الأمور». من جهة أخرى، تستأنف اليوم محاكمة النائب الثاني لمرشد «الإخوان المسلمين» خيرت الشاطر و39 آخرين من قادة الجماعة. وستواصل المحكمة العسكرية في جلستها الرابعة فض الأحراز المالية، بعدما تجاهلت في الجلسة الأخيرة احتجاج هيئة الدفاع لعدم دستورية محاكمة مدنيين أمام القضاء العسكري. وطالبت «منظمة العفو الدولية» السماح لمراقبين مستقلين بحضور المحاكمة، بعدما منعت السلطات مراقبين دوليين من حضور الجلسة الأخيرة، بينهم وزير العدل الأميركي السابق رامسي كلارك. وقالت الأمين العام للمنظمة إيرين خان: «نحن نلجأ إلى الرئيس حسني مبارك بصفته أعلى سلطة في مصر، ليفتح أبواب هذه المحاكمة المهمة. وعليه أن يمهد الطريق لها لتحظى بالتدقيق الذي تستحقه». إلى ذلك، أعلن وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية الدكتور مفيد شهاب أن الحكومة ستلغي العمل بقانون الطوارئ في حزيران (يونيو) المقبل، مشيراً إلى أنه سواء تم الانتهاء من قانون مكافحة الإرهاب في هذا الموعد أو لم يتم الانتهاء منه، فإن الحكومة ستلغي العمل بقانون الطوارئ المطبق منذ العام 1981. غير أنه أكد أن القانون سيعرض على البرلمان قبل هذا الموعد. (المصدر: صحيفة ” الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 5 أوت 2007)  

في الفتاوى والفتاوى المضادة…”ارفع لسانك عن خالد”

  

د. سلوى الشرفي    خلال حروب الردّة التي خاضها أبو بكر الصديق ضدّ تاركي الزّكاة، تحت شعار “و الله لأقتلنّ من فرّق بين الصلاة والزكاة” باعتبار أنّ رافضي الزكاة لم يعلنوا خروجهم عن الإسلام، قتل خالد بن الوليد مالك ابن نويرة رغم إدلائه بالشهادة، ونزا على زوجته ليلى ودخل بها في نفس الليلة. وفي الإسلام لا تنكح المتوفى زوجها إلا بعد إتمام العدّة. وكان عمر ابن الخطاب يقول لخالد بن الوليد:” يا عدوّ الله قتلت مسلما ثم نزوت على امرأته والله لأرجمنّك بالأحجار”، ولكن أبا بكر دافع عنه قائلا: “هبه يا عمر تأوّل فأخطأ فارفع لسانك عن خالد”. تكلم عمر ابن الخطاب باسم الرّعية التي يطبّق عليها القانون باحترام قدسي، أما أبو بكر الصديق فقد تكلم باسم ضرورات السلطة، التي كان عثمان بن عفان يلخصها بقوله: “إنّ الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”، فقد كان الخليفة أبو بكر حينها في حاجة ماسّة إلى خدمات الجنرال خالد. وعبارة “ارفع لسانك” أو أغلق فمك، هي أمر سيادي يدخل في وظيفة الرقابة. إنه حكم بالصمت على “الموقّعين عن الله” من المعارضين. و هو نفس الأمر الذي وجّهه وزراء الداخلية العرب إلى مؤسسة الإفتاء غير الرسمية بدعوى ضرورة توحيد مصدر الفتاوى، معترفين بذلك رسميا بالحرب الباردة الدائرة رحاها بين فقهاء السلاطين وفقهاء الرعيّة. فما الذي أزعج السلطة العربية الرسمية يا ترى؟ هل هو فوضى الإفتاء، كما تم تبرير ذلك إعلاميا، أم هو تآكل السلطة التشريعية الرسمية الوضعية والدينية، إلى درجة أصبح معها نظام السّلطات الثلاثةالحديث، المدعّم والمبارك من فقهاء السلاطين، مهددا بالانقراض ؟ وانقراض المؤسسة التشريعية الدستورية، التي لا تعني في الحقيقة بالنسبة لمنطقتنا أكثر من مؤسسة حكم بني أمية أو العثمانيين، أمر غير مسبوق في تاريخ الدولة الإسلامية، التي استطاعت لقرون، أن تدافع عن نفسها من دعاة تطبيق دولة الخلافة الراشدة المتخيلة. وتكمن مشكلة دولة الخلافة النظريّة المثاليّة في كفايتها المحدودة، حيث لا يجيز مبدأ الحاكميّة لله، حق التّشريع للبشر. وبما أن أحكام الله محدودة والوقائع غير محدودة، اضطرّ المسلمون منذ بداية الرسالة إلى اللجوء إلى إعمال الرأي الذي يسمونه اجتهادا، بدعوى أنه لا يخرج عن مقاصد النص. وهو كلام نظري، لأنه يحصل كثيرا أن يتجاوز المجتهد حكم الله، في الواقع الفعلي. وقد وقفنا على ذلك في قضية خالد ابن الوليد وغيرها من الوقائع الموثّقة والخاصة بالخلفاء الراشدين، ناهيك عن الملوك والسلاطين و رؤساء الدّول حديثا. وقد قال عبد الله بن مسعود: “إن الذي يفتي الناس في كل ما يستفتونه لمجنون”، للدلالة على استحالة الإجابة عن كل الطوارئ من داخل النص. كما تسلّحت العامّة، بشيء من الحكمة وشيء من الخبث و كثير من اليأس، ضدّ هذه الاستحالة بمقولة: “علقّها في رقبة عالم ” فيتخلص المستفتي من الذنب بسؤال المفتي وتحليل الأخير أو تحريمه للمسألة. لم تكن إذن علاقة السلطة بالدين، تاريخيا، بالمثالية أو بالفسوق الذي يدّعيه أصحاب الدعوى إلى تطبيق الشريعة. فالحاكم في البلاد الإسلامية ليس بإمكانه تجاوز سلطة الدين المتمثلة في التشريع الإسلامي صراحة، وهو لا يتمتع بسلطة دينية بالمفهوم الغربي، بل بشرعية دينية فقط، بحكم الثقافة السياسية الإسلامية التي تشترط طاعة الفرد لأولي الأمر بطاعة هؤلاء لله. وفي الحقيقة، فإنه بقدر ما يصعب تحقيق هيمنة السياسة على الدين في المجتمع الإسلامي، فإنه يصعب كذلك عمليا فرض الدين على السياسة. ولقد أظهرت محاولات تطبيق مفهوم فصل الدين عن الدولة حدودها أكثر من مرّة تاريخيا، بدليل كثرة الفتن والثورات التي تخللت تاريخ الحكومات الإسلامية المتعاقبة، منذ فترة حكم الخليفة عثمان إلى حكومة الشاه. وهي صراعات ناتجة عن محاولات الحكام المستمرة للتخلص من هيمنة الدين، وعن بروز عناصر من المجتمع تعمل على تذكير هؤلاء الحكام بوجود كتاب الله، وضرورة الاحتكام إليه والخضوع لأحكامه. لذلك لم يحصل أن كانت العلاقة بين رجال الدين ورجال السياسة في المجتمعات الإسلامية بالوضوح الذي تورده الأدبيات السياسية الإسلامية. فقد كانت في الأغلب علاقة هيمنة ورضوخ من الطرفين في نفس الوقت. فبقدر ما كان الحاكم واعيا بأهمية خضوعه، ولو ظاهريا، لشرع الله لضمان طاعة الرعية، كان علماء الدين واعين بصعوبة فرض هيمنتهم على صاحب الملك وبضرورة الخضوع “لأهواء الرؤساء وأصحاب السلطة الذين ترجى عطاياهم وتخشى رزاياهم” حسب التعبير الطريف والدقيق للشيخ يوسف القرضاوي. إن ما لم يدركه بعد، أو ما يتجاهله فقهاء المعارضة، هو المنطق الخاص لكل من السلطة الرسمية والسلطة المضادة. فقد أنبأنا التاريخ الإسلامي أن مسؤولية الدنيا خصصت للحاكم، في حين خصص الدين للرعية، تستعمله سلاحا للمعارضة السياسية. إنه مجرد تقسيم أدوار فرضه التاريخ. فمهما كان ورع الحاكم و تقواه فإنه مضطر إلى اللجوء إلى القانون الوضعي وإلى التحايل على النص، لكي يمكّن دواليب الدولة والمجتمع من مواصلة السّير. لذلك ترى المعارضين الإسلاميين حين يمسكون بزمام السلطة يتصرّفون بالضبط مثل سلفهم المنبوذ. ألم ينصح ابن تيميّة الرعيّة، حين كان فقيه السلطان، بالصبر على جور الأيمّة، معتبرا في كتاب “السياسة الشرعية (…)” أن “ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة بلا سلطان” ؟ ألم يدعُ الغزالي في “المنقذ من الضلال” إلى وجوب تفضيل الحكم القاهر على حالة الفتنة ؟ و في المقابل ألم يخلق الشيّعة، الذين كانوا ينعتون بالرّافضة أي المعارضة، قرآنهم وكافيهم في الحديث ونظريتهم السياسية وكنيستهم؟ واليوم، يعارض رافضة الرّافضة ولاية الفقيه، كما عارض قبلهم الخميني، حين كان ثائرا، مبدأ التقّية. وعارض بورقيبة الثائر على الاستعمار الحملة على الحجاب في الثلاثينات، ثم عاد في الخمسينات لينزعه بيده الرّئاسيّة من على رؤوس النّساء. وعلى ذكر بورقيبة الذي يتّهمه الإسلاميّون بالكفر، لأنه، حسب تعبيرهم، حرّم ما حلّل الله بإلغاء تعدد الزوجات، فإنّه لم يفعل أشنع ممّا فعله عمر ابن الخطاب الذي حرّم، بعد تولي الإمارة، الزواج من الكتابيّة، بل و طبّق قانونه بأثر رجعي عندما أمر المتزوجين بالكتابيات بتطليقهن. ويبدو أن عمر ابن الخطاب قد غفل عن تحليل القرآن للزواج بالكتابية وعن ارتباط الرسول ذاته بالقبطيّة ماريّة وباليهودية صفيّة. وقريبا منا في الزّمن، أفتى فقهاء إيران الإسلامية بتحريم الزواج من الأميركية، بسبب الصراع السياسي المفتوح بين بلدهم و بلد الأميركياّت، ثم عادوا ليقبلوا، أيام الحرب مع العراق، صفقة أسلحة أميركية، في إطار ما سميّ بقضية “إيران كونترا” أو “إيران غيت”. ووصلت شحنة الأسلحة إلى إيران عن طريق إسرائيل. فأثبتت إيران الإسلامية، بتحالفها مع “الشيطانين الأكبر والأصغر”، صعوبة “استكبار” السلطة، مهما كان اللقب الذي تحمله، على البراغماتية السياسية. ولا أعرف شخصيا، و كاستثناء لهذه القاعدة، أصدق من العقيد معمّر القذّافي والرّئيس أحمدي نجاد. غير أن الصّادق في السياسة الرّسميّة وخاصّة في أوضاع غير متكافئة، تكون نهايته كنهاية الحمار الذي قال للأسد الجبّار أن رائحة فمه كريهة. أما المعارض فإن كلمة “طزّ في أميركا” مثلا، تقبل منه و لو على مضض. إنها لعبة السياسة الممجوجة التي تقسم الأدوار بين الثورة التقيّة النقية والدولة الغارقة إلى عنقها في أوساخ دار الدّنيا. يبدو أنه من الصعب صنع توليفة بينهما على أساس، مثلا، المبدأ الحديث للتفريق بين السّلطات، بتسليم البرلمان والقضاء لجماعة الإفتاء البديل. فالقضاء الحديث يجب أن تكون قوانينه مدوّنة بدقة لضمان سلامة الأحكام، وعندما نعلم أن الشريعة تتكون من مدونة تاريخية ضخمة ومتعبة، يستحيل الخروج منها بحكم غير قابل للطعن، وهو ما نرى نموذجا منه في الفتاوى المتضاربة، نفهم سبب عدم تطبيق معظم الدول العربية لما تنص عليه في دساتيرها من أن الشريعة هي مصدر من مصادر التشريع، ونتفهم ألاّ يكون هذا التنصيص أكثر من إعلان نوايا. وكل من مارس السلطة، سواء كان إسلاميا أو غير إسلامي، يعلم جيدا مدى صعوبة بل واستحالة تطبيق الشريعة. وقد أثبتت ممارسات كل من السعودية والسودان وموريتانيا وإيران و باكستان ذلك. ولا يختص عصرنا بهذه الاستحالة، فلنا في هذه القصة التاريخية الطريفة دليل على التباين الحاد بين منطق قيصر ومنطق الله. “يحكى أن سلطان العلماء، الشيخ العز بن عبد السلام، سار إلى مصر فأكرمه ملكها، وولاه الخطابة والقضاء. وكان الحكم في مصر في ذلك الوقت للمماليك، فنظر الشيخ فرآهم لا يزالون في نظر الشّرع عبيدا، لم يتحرروا، فضلا عن أن يحكموا الأحرار. فأعلن بوصفه القاضي، أنهم سيباعون بالمزاد العلني. وكان نائب السلطنة من المماليك، الذين حكم الشيخ ببيعهم، واعتقدوا أنه يمزح، فإذا هو جاد. فشكوه إلى السلطان، فنهاه فلم ينته. فقال له السلطان كلمة فيها غلظة، فما كان من الشيخ إلا أن حمل أمتعته على حمار، وأركب أهله على حمار آخر. وخرج من مصر”. أما بقية القصّة فهي تبرهن على الصّراع التقليدي المستفحل بين السلطان والرعية في الدول المستبدة من خلال الحرب القائمة بين فقهاء كل طرف. وتقول بقية القصة أن أهل مصر خرجوا وراء سلطان العلماء يصرخون حتى خاف الملك على عرشه فأعاده وعمل برأيه. والغريب في أمر هذا الصراع هو أن كل طرف “يرى القشّة في عين أخيه ولا يرى العارضة التي في عينه” حسب تعبير عيسى ابن مريم. وإلا كيف لم يتنبه ممثلو السلطة العربية الذين نعتوا الإفتاء غير الرسمي باللاعقلانية، إلى أن القوانين الرسمية لا تتميز، هي الأخرى بكمال العقل؟ ولماذا لم يتساءلوا عن الأسباب التي جعلت الناس يتوجهون إلى مفتي معارض لحل مشاكلهم العالقة، عوض الاستنجاد بأعضاء البرلمان كما يحصل في الدول الحديثة الحقيقية؟ وكيف ينعتون الفقه المعارض بالفوضوية وتاريخهم مكتظ بفقه الحيل، الوضعي منه والديني؟ ولو ألقوا نظرة على بعض المواقع الخاصة بالإفتاء البديل، لاكتشفوا أن الاستفتاء في مسائل العبادات يفوق بكثير السؤال في قضايا المعاملات، مما يدل على فقدان الناس الثقة في الموقّع الرسمي عن الله حتى في قضايا أكل عليها الدهر وشرب من مثل نواقض الوضوء وما شابهها. والأدهى أن الاستفتاء لا ينحصر في قضايا العبادة، بل يتعدها إلى مسائل معاصرة من نوع مدى إسلامية استعمال الهاتف النقال أو زرع الأعضاء البشرية التي أجاب عنها القانون الرسمي في معظم الدّول العربية. ولو تركت السلطة العربية الرسمية جانبا فوضى الفتاوى وما تجرّه مضامينها المضحكة من بلاوي، وأخذت بالاعتبار قيام الفتوى بوظيفة سدّ فراغ تشريعي، أي الإجابة عن إشكال جديد لا يوفر له القانون إجابة، لتبيّن لها أنّ الناطق بالفتوى ليس هو صانعها الحقيقي، وإنما هو السّائل الذي يكون في حاجة حقيقية أو مصطنعة إيديولوجيّا، عجزت الآلة الجبارة التشريعية الرسمية الحديثة عن تأطيرها قانونا، أو تعامت عنها لأسباب سياسية، أو تخلت عنها ببساطة للفقهاء نظرا لطبيعتها الدينية. وفي هذه الحالة الأخيرة بالذات، يمكن التساؤل حول سبب اعتراف السلطة الضمني بمبدأ التفريق بين قانون قيصر وقانون الله، الذي سمح للمعارضة السياسية الإسلامية بتشييد كنيسة في دار الإسلام السنّي. وقد قرأت على الإنترنت استفتاءالشاب أردني يستنجد بمفتي معارض لمعرفة مدى شرعية عمله المدني مع الجيش الأميركي في العراق، بعد أن اعتذر موقع استفتاء رسمي عن الإجابة “بحجة الحرج الشرعي” كما ذكر الشاب. وقد استفحلت ممارسة تجاهل حاجات المواطن، حقيقية كانت أو إيديولوجية، منذحرب الخليج لسنة 1991، وبدأ الإفراط في تسييس الفتوى يستفزّ العلمانيين والإسلاميين على حدّ سواء. ولنتذكر أنه في السّنة المذكورة، حين لم تكن وسائل الاتصال العجيبة، من فضائيات وإنترنت، قد وقعت بعد في يد الإفتاء البديل، صدرت الفتوى الشهيرة لفقيه سعودي رسمي، التي برّرت مشاركة جيوش المسلمين مع الأميركان في الحرب على العراق. وهي فتوى مخالفة نصا وروحا للآية الصريحة (28 سورة آل عمران) “ألا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء”. غير أن الشيخ عبد العزيز عبد الله بن باز، صاحب الفتوى المذكورة، خرج من الورطة بالاتكاء على آية “وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ”، مما اضطرّه هو الآخر إلى مقارنة حلفائه الأميركان بالميتة والدّم والخنزير، و كلها أخف وطأة على المسلم من “الملحد صدام” حسب تعبيره. فقد قال الشيخ حرفيا: :”إن الدولة في هذه الحالة قد اضطرت إلى أن تستعين ببعض الدول الكافرة على هذا الظالم الغاشم ( يقصد صدام حسين) لأن خطره كبير(…) وأنت أيها المسلم المجاهد في هذه الحرب، إن أصلح الله نيتك، تقاتل عن دين الإسلام وعن نفوس المسلمين وأموالهم وبلادهم، وعن عامة المسلمين وحرماتهم، وتصد عنهم عدوا ملحدا، أكفر من اليهود والنصارى(…) والمقاتل مع صدام متوعد بالنار؛ لأنه أعانه على الظلم والعدوان، ويخشى أن يكون كافرا إذا وافقه على بعثيّته وإلحاده” وبعد ستة عشرة سنة، اعتبرت نفس المؤسسة السياسية صدام “الكافر” الذي بشّرته الفتوى السّابقة بالخلود في أسفل درك من النار، والذي يجوز لعنه، ولا تقبل منه توبة، شهيد الأمتين العربية والإسلامية، انتُهكت بإعدامه يوم العيد حرمة الإسلام والعرب. و لم يستهجن الناس كثيرا فتوى فقيه السلطان ولا هذا التغيير الجذري لموقف السلطان، فقد تعودوا على تحمل ما لا طاقة لهم به منذ الخليفة الأول كما رأينا، إلى الفتوى التي اعتبرت اتفاقية “كامب ديفيد” شبيهة بصلح الحديبية، حتى جاء فيما بعد الفقه المضاد ليعتبرها استمرارا لهزيمة أحد. وبعد الإفتاء السعودي بجواز أكل لحم الخنزير الأميركي لضرورة مقاومة “الكافر” صدام، ثم بعدم جواز أكل لحم خروف العيد حدادا على صدام الشهيد، جاء دور شيوخ الأزهر ليفتوا في الأمر و نقيضه بطريقة أصبحت تدعو إلى الاستهزاء أكثر من السّخط. و يتمّ غالبا اتخاذ المواقف ليقع فيما بعد استدعاء النصوص والأدلة الشرعية، لا للتحاكم إليها، وإنما للاستظهار بها بعدما استلت من سياقها الشرعي التكاملي، حتى أن الناس أصبحوا قادرين على التنبؤ بمضمون فتاوى أزهر مصر كلما اندلعت معركة سياسية. هذه الممارسات التي تطعن في ذكاء المواطن، و تلك التي تنسف مفهوم الدولة الحديثة، والتي استنفد في الكتابة فيها أطنان من الحبر، هي التي أنتجت الحاجة إلى قانون شعبي بديل، وهذه الحاجة هي التي ولدت مؤسسة الإفتاء المارقة عن السلطة، مما سمح في النهاية ببروز ظاهرة دولة في دولة. ويكفي أن نتجول في شوارع المدن العربية وفي أريافها لنعرف من هي الدولة التي التهمت الأخرى. والمهم هو أن ظاهرة الاحتماء بمؤسسة الإفتاء غير الرسمية التي تستجيب في الأغلب إلى حاجيات أنشأتها الإديولوجيا، وهو ما لا ينفي عنها صفة الحاجة على كل حال، وتآكل مصداقية المؤسسة التشريعية السلطانية، هي التي جعلت السلطة العربية الرسمية تقول لمؤسسة الإفتاء غير الرسمية :”ارفعي لسانك عن خالد”. صحيح أن عمر ابن الخطاب، و بأمر أميري، رفع لسانه عن خالد، لكنه عندما تولى الإمارة كان أوّل قرار اتخذه هو عزل الجنرال خالد وهو في قلب معركة. أما مؤسسات الإفتاء المتنطعة، فهي لم تنتظر وضع اليد على السلطة، فقد أولتها الإنترنت و الفضائيات إمارة المسلمين، تديرها بين الفضاء والهواء بمهارة فائقة. وهي لم تكتسب هذه المهارة عن جدارة، كما يدلّ على ذلك سخافة مضامين الفتاوى التي تصدرها، بل بفضل هجانة الفتاوى السياسية لفقهاء السلاطين، فضلا عن تناقضاتهم. يقول “المقريزي في “إغاثة الأمّة في كشف الغمّة: ” من تأمّل هذا الحادث من بدايته إلى نهايته، وعرفه من أوّله إلى غايته، علم أنّ ما بالنّاس سوى سوء تدبير الزّعماء والحكّام وغفلتهم عن النّظر في مصالح العباد” (انتهى) إذ لا يمكن طبعا لظاهرة القصف بالفتاوى والفتاوى المضادّة أن تنشا في غير البلاد التي يتكرّم فيها الحاكم على الناس ببيع حرية التعبير بالتقسيط والفوائد. (المصدر موقع الأوان بتاريخ 5 أوت 2007)

أمة تأكل ما لا تنتج

 

عبداللطيف الفراتي

في ظرف سنة مر سعر القمح والحبوب في السوق العالمية إلى الضعف مما كان عليه قبل سنة، وذلك على غرار عدد مهم من المنتجات الزراعية المعاشية، مما زاد في توترات الموازين التجارية لعدد وافر من البلدان العربية، ممن تعتمد في غذائها بصورة كلية أو جزئية على التوريد، لا على الإنتاج المحلي. وقد اشتد الضغط على موازين التجارة الخارجية وموازين المدفوعات، دون أمل في تحسين الحال، أو توقع ما يمكن أن يبشر بمستقبل أفضل، بل على العكس فكل المؤشرات تدل على تدهور متوقع للسنوات القليلة المقبلة أمام التزايد السكاني، وارتفاع المقدرة الشرائية في عدد من البلدان العربية، إضافة إلى سياسات الدعم السيئة الأثر باعتبار انخفاض أسعار الرغيف ومشتقات الحبوب عن تكلفتها الحقيقية ودورها في تشجيع استهلاك مواد غير منتجة محليا. وإلى حد ثلاثين أو أربعين سنة كانت بلدان عربية عديدة تحقق الكفاية من إنتاج ما تستهلك من حبوب، من ذلك تونس والمغرب، والجزائر، أو تقترب من ذلك مثل مصر، أما اليوم فإن كل هذه البلدان وغيرها باتت موردة لغذائها الرئيسي، فيما ارتقت دولة عربية وحيدة هي المملكة العربية السعودية إلى موقع الدولة ليس فقط المحققة لاكتفائها الذاتي بل المصدرة، وهو إنجاز يذكر ويشكر. وتدل خريطة العالم العربي على أن هناك عدة بلدان تتوافر لها الإمكانية لإنتاج ما تستهلك من حبوب وزيادة، غير أن السياسات المتبعة، وعدم إيلاء الأهمية اللازمة للزراعات الغذائية المعاشية يجعلها قاصرة عن تحقيق هذا الهدف، فالجزائر والمغرب وإلى حد أقل تونس، والسودان واليمن وسوريا كلها قادرة نظريا لما يتوفر لها من أراض صالحة ومياه على القفز بإنتاجها الحبوبي، وتوفير الكفاية منه لكل العالم العربي الذي يدفع سنويا مليارات الدولارات لتوريد الحبوب وخاصة القمح. ومما يزيد الأمر سوءا أن تلك المادة لحساسيتها وتأثيرها على رغيف المواطن، تتطلب من الدول ليس فقط دفع ثمن غال لتوريدها، بل وكذلك دفع ثمن مرتفع جدا للحفاظ على سعرها المتدني عبر دعم ليس له ما يبرره من الناحية الاقتصادية، والمبررات الاجتماعية المقدمة بشأنه تبقى قابلة للنقاش. وإذ لا يكفي دفع ذلك الثمن المرتفع للفلاح الأوروبي والأمريكي، فإن سعر الرغيف وما يتبعه من مشتقات الحبوب، يعتبر مناسبة للتبذير المفرط، وعدم الاقتصاد ما دام ثمن ذلك الرغيف متدنيا لا علاقة له بحقيقة سعر تكلفته. وبالتالي فإن موازنة الدول تتحمل عبئا مضاعفا، متمثلا في توريد غالي الثمن لمادة كان في كثير من الأحوال بالإمكان إنتاجها محليا، ودعم يشكل أكثر من نصف الكلفة، وهو يمثل في تونس مثلا لا أقل من 60 في المائة من سعر الخبز، وبدل أن يذهب ذلك لمجهود التنمية نجده يستعمل في سد هوة بلا قاع. وتبقى الحكومات عاجزة في الغالب عن مراجعة الأمر باعتبار تجارب الماضي، وضعف الجرأة على أخذ الثور من قرونه، ففي كل من تونس والمغرب ومصر قامت ثورات في ماض غير بعيد وبالذات في أوائل الثمانينيات، بقصد الحفاظ على ثمن الرغيف كان لها ضحاياها الكثيرون، بحيث أصبح المساس بثمن الرغيف يكاد يكون محرما وأمرا غير قابل للنقاش إلا في حدود ضيقة وفي فترات يؤمن فيها عدم رد فعل الشارع، مثل الفترة الصيفية. ولذلك تبقى قضية القمح دملا غير قابل للعلاج في غالب بلداننا العربية. غير أنه يبدو واضحا أن إمكانيات مواجهته ليست بالمستحيلة. فمن جهة ينبغي أن تقوم سياسات جديدة دولية شاملة غير قطرية، وإنما قومية لتحقيق الكفاية الذاتية من إنتاج الحبوب، وغيرها من المواد المعاشية، فالمساحات التي يمكن تخصيصها لذلك الإنتاج متاحة وغير مستغلة في غالب الأحيان وهناك أمثلة صارخة مثل الجزائر أو السودان تقوم دليلا على ذلك. ومن جهة أخرى لا بد من سياسات إرادية حازمة إن لم يكن للوصول بالرغيف وتدريجيا وبحذر إلى حقيقة الأسعار، فعلى الأقل الاقتراب منها على مدى خمس أو ست سنوات، إذ لا يعقل أن تأكل الدول العربية كما يقول المثل زرعها أخضر، ولابد أن يوضع حد لتبذير ناتج عن رخص الأسعار، يزيد من حدة التبعية الغذائية، ويفقد بلداننا قدرات كبيرة كان يمكن أن تصرف في ما يفيد ويدفع عجلة التنمية بدل عجلة التوريد الوحشي. وفي عام مثل هذا الذي نعيش، وباعتبار تدني المحاصيل العالمية من الحبوب،فإنه من الطبيعي أن تتضاعف الأسعار، وأن تختل موازيننا، بل لعل هذا الوضع سيستمر عاما بعد عام، باعتبار التزايد السكاني العالمي، وتزايد الإقبال على استهلاك القمح، حتى بين الشعوب التي لم تكن لها تقاليد في هذا المجال، ففي الموسم الحالي سيرتفع الاستهلاك من الحبوب بالذات إلى مليار و700 مليون طن مقابل إنتاج لن يتجاوز في أفضل الأحوال مليارا و650 مليون طن أي بعجز مؤد بطبيعته إلى التهاب الأسعار. ومن شأن كل هذا أن تتقلص المخزونات التي كانت تعتبر تعديلية والتي كانت تمنع التهاب الأسعار ويعيش العالم فترة ندرة لا يبدو أنها ستتجه نحو التقلص في السنوات المقبلة، مما ينذر بأن أسعار الحبوب ستشهد تصاعدا مستمرا خلال السنوات المقبلة. fouratiab@gnet.tn (المصدر صحيفة “الشرق” القطرية بتاريخ 5 أوت 2007)

 


معبر إلي وطن

 
 
أحمد الخميسي  
 
 
قررت أن أتجه إلي رفح لأرى بعيني حالة الفلسطينيين العالقين بين شتات الصحراء ووطنهم المحتل . ستة آلاف فلسطيني ما بين طلاب أرادوا زيارة أهلهم في غزة ، ومرضى جاءوا للعلاج ، وتجار ، وعمالة فلسطينية في الخليج ، وقلة كانت تستريح في القاهرة . جميعهم وجدوا المعبر مغلقا أمامهم ، وخلفهم لا شيء ، فمكثوا أكثر من شهرين في الصحراء : ممنوعين من أن يعبروا ليصبحوا مواطنين في وطنهم المحتل ، ممنوعين من الرجوع ليصبحوا شتاتا في العالم ، ممنوعين من التقدم أو التراجع ، ممنوعين من أي شيء سوى الانتظار الطويل مع حقائبهم تحت الشمس ، كأن الشمس وطنهم وهم شعاع من ضوئها في الرمل . وكنت كلما عزمت
 
على السفر ردني قلق من مواجهة نظرات الأطفال الصغار الذين لم يذوقوا لحظة نوم هانئة على مدى شهرين . يمكن أن تناقش الكبار في السياسة ، وفي الدول التي تتحكم في المعبر ، وفي الاتفاقيات الدولية ، لكن ما الذي يمكن أن تقوله لطفل لم ينم منذ شهرين ؟ لا شيء ، سوى أن تخفض عينيك من الخجل أو العجز أو الارتباك أو الحنان والعذاب .
 
هبطت من السيارة في العريش ومن هناك ركبت متجها  إلي رفح ومنها إلي المعبر  فرأيت حائطا عاليا ، وجنودنا على مسافات ، وصمت مطبق كالموت . سألت : أين الفلسطينيين العالقين هنا ؟ . جذبني رجل بدوي إلي الطريق : تفرقوا على كل مدن سيناء ، من له معارف توجه إليهم ، ومن استطاع استأجر مكانا ، ومن لم يستطع استضافه الناس . مات منهم خمسة وثلاثون ، وولد لهم صغار جدد ، ومازالوا ينتظرون .
 
عدت إلي العريش وقال لي طبيب عجوز : قد تجدهم أمام مبنى إستاد العريش الرياضي حيث تتجمع سيارات السفر الكبيرة لتقل المسموح لهم بالعبور إلي عويجة. كانت الساعة تقترب من العاشرة مساء ، وهواء البحر يهب على المدينة ، وأنا أتجه إلي مبنى الإستاد الرياضي وأفتش في أعماقي عن السبب الذي يقودني بإلحاح إلي رؤيتهم حتى أدركت أنني أريد أن يرسخ يقيني بأن الظلم في هذا العالم لا يعرف حدودا . أمام بوابة الإستاد وجدتهم ، حلقات من العائلات مرشوقة في الأرض تتحرك أطرافها ، أطفال يروحون ويجيئون وهم يفركون أعينهم المحمرة ، رجال افترشوا الإسفلت ومددوا أرجلهم أمامهم ، زجاجات مياه معدنية فارغة متناثرة ، أوراق بسكويت ، ذقون طويلة ، ونظرات تلمع بالهوس والتعب ، وأصوات تسأل : هل تأتي السيارات اليوم حقا ؟ هل يسمحون بالسفر ؟
 
وقفت أستمع منهم إلي قصص كثيرة إلي أن اقترب مني طفل في الخامسة ورفع عينيه لأعلى يتأملني ، ثم سألني : أنت معنا عمو ؟
 
 
أحمد الخميسي . كاتب مصري
 


نحو شرق أوسط جديد.. بأهداف قديمة وآليات جديدة

مرة أخرى، ويبدو أنها لن تكون الأخيرة، تركِّـز الولايات المتحدة على تقسيم الشرق الأوسط بين مُـعتدلين حلفاء، ودول مارقة تمثل الشر يجب العمل على عزلها ومحاصرتها. وهذه المرة، جاء الحديث كما في تصريحات الرئيس بوش ووزيرة خارجيته رايس، فى سياق تبرير صَـفقات أسلحة ومساعدات أمريكية عسكرية بقِـيمة تصِـل إلى 63 مليار دولار، تنفَّـذ على مدى سنوات عشر وتمنح لكل من مصر وإسرائيل ودول الخليج الستة. الاعتدال بهذا المعنى الأمريكي، يعني الحلفاء المقرّبين جدا والذين يمثِّـلون حجَـر الزاوية في الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، ويعني أيضا الأصدقاء، الذين يصعُـب الاستغناء عنهم، حتى ولو كانت هناك ملفَّـات أو قضايا غيرُ متَّـفق علي تفاصيلها بين الطرفين، ويعني ثالثا، أن الرُّؤية الأمريكية المنسحبة على العالم ككل، باتت أكثر وضوحا بالنسبة للمنطقة العربية وما حولها، أي التقسيم بين مقرّبين ومبعدِين، وبين أصدقاء وأشرار وبين حلفاء وأعداء، ولا ثالث بينهما. ويعني أخيرا، أن الرُّؤية الأمريكية الخاصة بالشرق الأوسط الجديد، الذي بشَّـرت به وزيرة الخارجية الأمريكية رايس في الأيام الأولى للحرب الإسرائيلية على لبنان صيف عام 2006، لا زالت هي الحاكمة، وكل ما هنالك، أن أسلوب التنفيذ تغيَّـر من الأساليب القسرية إلى أخرى تدريجية وأقل عُـنفا وذات نفس أطول. تصور سابق فقبل عام، كان الهدف هو إنهاء دور ما تعتبِـره واشنطن الأذرع الإقليمية، التي تمثل النفوذين، الإيراني والسوري في المنطقة، وبصفة خاصة حزب الله اللبناني، من خلال كسر شوكته العسكرية وإنهاء دوره السياسي في الساحة اللبنانية أو على الأقل حصر التأثير السياسي للحزب في نطاقات محدودة لا تؤثر على خطط الولايات المتحدة الخاصة بشأن مستقبل لبنان، وكانت الوسيلة في ذلك القوة العسكرية الإسرائيلية الباطشة، المدعومة بترسانة أمريكية متطورة. كان التصور آنذاك أن هزيمة عسكرية ساحقة لحزب الله على يد القوة العسكرية الإسرائيلية ستعني بالضرورة هزيمة ساحقة للنفوذين الإيراني والسوري، ليس فقط في لبنان، بل في المنطقة ككل، ومن ثم سيتبع ذلك نوعا من تغيير المعادلات الحاكمة فى المنطقة، وأبرزها وضع كل من إيران وسوريا تحت الضغط المباشر، عسكريا، ومحاصرتهما، سياسيا ومعنويا. في السياق ذاته، بدت حركة حماس الفلسطينية مستهدَفة أكثر وأكثر، ومن ثم، زاد الحصار واشتدّت قسوته وتم استقطاب عناصر فتحاوية معيَّـنة، لتكون مخلب القط في مواجهة حماس في داخل قطاع غزة، بيد أن حماس لم تكسر، بل استطاعت التعايش مع الضغوط وناورت بقدر الإمكان إلى أن حدثت المواجهة مع عناصر فتح، واستقلَّـت حماس بقطاع غزة فى يونيو الماضي، مما شكَّـل فرصة لمحاصرتها في القطاع على نحو يكون عِـبرة لحركات الإسلام السياسي في المنطقة من جانب، ويأفل دورها كحامل للنفوذ الإيراني والسوري من جانب آخر رضا مصري واقع الأمر، أن الأهداف لم تتحقَّـق آنذاك كما تم التخطيط لها، إسرائيليا وأمريكيا، ولكنها بقيت موجودة في حد ذاتها وبات الأمر معلَّـقا على طريقة جديدة في التنفيذ، وهو ما تُـرى بعض ملامحه في الأهداف المتوخَّـاة من التحركات الأمريكية الأخيرة، سواء ما يتعلق بالقضية الفلسطينية أو الإعلان عن صفقات ومساعدات عسكرية لثمانية دول حليفة في المنطقة، وهنا، يمكن إبداء عدد من الملاحظات. أن صفقات الأسلحة المُقدمة لكل من مصر وإسرائيل على مدى السنوات العشر المقُبلة، هي في شقٍّ منها، امتداد لصفقات ومساعدات عسكرية بدأت فعليا منذ عام 1978 وارتبطت أساسا بتثبيت العلاقة المصرية الإسرائيلية الجديدة والحِـفاظ على المعاهدة الثنائية، التي تم توقيعها في مارس 1979، والجديد هذه المرة، أنه تمَّـت زيادة المِـنحة العسكرية المخصَّـصة لإسرائيل بنسبة 50%، حيث زادت من 2 مليار دولار إلى 3 مليارات دولار سنويا، في حين بقيت المساعدة المقرّرة لمصر في الحدود المعروفة مُـسبقا وهي 1.3 مليار دولار سنويا، وهو ما تراه الحكومة المصرية أفضل من لا شيء، خاصة في ضوء مساعي بعض النوّاب والشيوخ في الكونغرس الأمريكي لوقف صرف مبلغ 200 مليون دولار من المَـعونات، إلى حين تحقيق عدد من الشروط السياسية القاسية. تكريس التفوق الإسرائيلي في جزء من التفسير الأمريكي، أن الزيادة المقرّرة لإسرائيل هي لمُـوازنة مجموع الصفقات المقدمة للدول الخليجية العربية من ناحية، ولضمان التفوق النوعي الإسرائيلي، حسب وعد بوش لأولمرت، من ناحية أخرى، ولوقف اعتراضات اللوبي الإسرائيلي على الصفقات المقدَّمة للدول الخليجية العربية من ناحية ثالثة. وأيا كانت الحُـجة، فالنتيجة العملية أن المساعدات العسكرية لإسرائيل بهذا الحجم، تمثل مدخلا إلى تكريس التفوق العسكري الإسرائيلي وتثبيت توازن قوي، إسرائيلي عربي، وكذلك إسرائيلي إقليمي لصالح تل أبيب، وتكون فيه إيران تحت الضغط العسكري غير المباشر ولفترة زمنية ممتدّة لا تقل عن عقد، وهذا ما يقود إلى الملاحظة الثانية. سباق تسلح مخطط قد يشير البعض إلى التخوف من أن تقود هذه الصفقات إلى سباق تسلُّـح جديد في المنطقة، وهو تخوّف في محله، ولكنه مرغوب أمريكيا وإسرائيليا. ففي شق من هذا السباق المنتظر، استنزاف جزء لا بأس به من مداخيل النفط الخليجية المُـتصاعدة، أما الأهم، فهو استنزاف إيران نفسها عبر دفعها إلى سباق التسلُّـح هذا وبما يؤثر على قُـدراتها الاقتصادية وتماسكها الداخلي، ويزيد من الضغوط الداخلية على الحُـكم القائم في طهران، خاصة مع اتِّـساع دائرة العقوبات الأمريكية الاقتصادية، والتي ربما قد تشارك فيها أطراف دولية أخرى في ظل شروط معيَّـنة، تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقها على أرض الواقع فعلا. والتصور المنتظر هنا، وهو نموذج للتفكير المثالي المرغوب، أن إيران، وبدافع من الحفاظ على معادلات التوازن العسكري القائمة وحرصا على عدم اتِّـساع الفجوة مع إٍسرائيل أو مجموع دول الخليج العربية، ستستمر في رصد ميزانيات كبيرة من أجل تطوير قدراتها العسكرية، وهو ما سيؤثِّـر على برامجها الاقتصادية والاجتماعية قطعا، وبما يزيد من درجة الحنق والغضب الداخلي ويدفع الإيرانيين إلى الانقضاض على الحكم، كما سيؤدّي ذلك إلى التخفيف من أنواع الدعم الإيرانية المختلفة لحلفائها في المنطقة، لاسيما حزب الله اللبناني والتنظيمات الأخرى العاملة في العراق وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة. بمعنى آخر، أن التسلح المكثَّـف للحلفاء سيؤدّي في حدِّ ذاته إلى تغييرات مهمَّـة في الداخل الإيراني، كما في معادلات القوة في المنطقة، ومن تمّ، يتبلور الشرق الأوسط الجديد القائم على الاستقطابات الحادّة، بين معتدلين حلفاء وبين متشدِّدين أشرار، وعلى ضغوط مكثفة على دول الشر وعلى استمرار التفوق الإسرائيلي النوعي وعلى محاصرة سوريا. تغيير سوريا يُعد هدف محاصرة سوريا وتقليم أوراق القوّة الإقليمية المحدودة لديها، هدفا إستراتيجيا أمريكيا باميتاز، حتى ما قبل الدعوة الصريحة لإقامة ما يُـسمى بشرق أوسط جديد أمريكي الهوى، غير أن قدرة النظام السوري على المُـناورة واستقراره وقوة تحالفاته الإقليمية مع كل من إيران وحزب الله اللبناني تحديدا، وعدد من الفصائل الفلسطينية المناهضة للتسوية بشكلها الراهن، فضلا عن دوره المُـلتبس في العراق، مكَّـنته من الصُّـمود في وجه الضغوط الأمريكية والإسرائيلية. هذا الأمر دفع واشنطن إلى تبني أساليب ضغط مختلفة، نسبيا، تجاه سوريا، منها فرض عقوبات أمريكية، ومنها التشدد فيما يتعلق بأي مباحثات تسوية مُـحتملة بين دمشق وتل أبيب والسعي إلى الفصل التام بين سوريا وأي جهود تسوية ممكنة، وحصر هذه الجهود فحسب في المسار الفلسطيني، وهو الهدف المعلن حتى اللحظة من الاجتماع الإقليمي الدولي، الذي دعا إليه الرئيس بوش في سبتمبر المقبل، واتِّـباع استراتيجية لفصِـم العلاقة الاستراتيجية بين سوريا وإيران، لاسيما فيما يتعلق بالشأن العراقي. فبينما يتم التباحث مع إيران وتشكيل لجنة أمنية مشتركة معها، يتم تحميل سوريا مسؤولية العنف الحاصل في العراق، وفي لبنان، كما يتم توظيف المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة رفيق الحريري، لمزيد من حصار النظام السوري. وعسكريا، فمن الثابت أن واشنطن تعمل على وقف وتعطيل أي صفقات تسلُّـح تعقدها سوريا مع أي طرف، سواء روسيا أو دول أوروبا الشرقية السابقة، المنتجة للأسلحة، وفي حال تزويد إسرائيل بمعدّات وأسلحة أمريكية أكثر تفوقا وبقاء التسلح السوري على حاله، الذي لم يتغيَّـر منذ أكثر من ثلاثة عقود، فهذا يعني مزيدا من الخلل الاستراتيجي لصالح إسرائيل على نحو يُـضعف القدرات السورية في أي مفاوضات مقبلة، كما يحُـد من قدراتها على المناورة السياسية والإقليمية. تأمل الملاحظات السابقة، يعني شيئا واحدا، وهو أن هدف الولايات المتحدة المتمثل في بناء شرق أوسط جديد لم يتغيَّـر، ولكن أسلوب البناء هو الذي تغير، من القسر والفورية، كما في العدوان على لبنان، إلى أساليب أقل عُـنفا ظاهريا، والتدرج الزمني بعيد المدى. د. حسن أبوطالب – القاهرة (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 5 أوت 2007)


صقور الجيش يحكمون تركيا حتى عام 2012 …

أردوغان «ينحني» أمام قيادة الأركان بعد فوزه في الانتخابات … من أجل دستور أقوى

اسطنبول –   

تحاشى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أي تدخّل في لوائح ترفيع رتب الجيش خلال اجتماع الشورى العسكري السنوي، ما أفسح المجال أمام الجنرال أشيق كوشانار المتهم بمحاولة تدبير انقلاب عسكري ضد الحكومة قبل سنتين، للوصول إلى قيادة أركان الجيش عام 2010.

وفي ضوء لائحة الترقية الجديدة التي أقرها أردوغان وصادق عليها الرئيس أحمد نجدت سيزر، فإن قائد القوات البرية الجنرال الكر باشبوغ سيتولى قيادة الأركان في خريف عام 2008 خلفاً للجنرال يشار بيوك أنيط، ولمدة سنتين يخلفه بعدها كوشانار لمدة سنتين أخريين، علماً أن اقتراب الجنرالات الثلاثة من سن التقاعد هو السبب الذي يجعل خدمتهم في قيادة الأركان محصورة في سنتين بدلاً من أربع، فيما أقرّ الاجتماع طرد 23 عسكرياً برتب مختلفة منهم 10 اتهموا بالرجعية الدينية وأُُخرج الباقون بسبب عدم الالتزام والانضباط بينهم متهمون بعلاقات مع شبكات فساد وعصابات مافيا. وجرياً على عادته، أصرّ أردوغان على شرح مسهب لأسباب فصل العسكريين العشرة.

وكانت أوساط عدة في حزب العدالة والتنمية ومؤيدون له توقعوا أن يتدخّل أردوغان من أجل تغيير التراتب العسكري والترقيات لإقصاء كوشنار على الأقل وإحالته على التقاعد، بسبب ما أشيع عن دور في التحريض على «حكومة العدالة والتنمية» وصوغ بيان 27 نيسان (أبريل) الماضي الذي هدد بالتدخل عسكرياً في حال زاد خطر ما سماه بـ «الرجعية الإسلامية وتهديد النظام العلماني» في إشارة إلى احتمال وصول وزير الخارجية عبدالله غل وزوجته المحجبة إلى القصر الرئاسي.

لكن مقرّبين من رئيس الوزراء أكدوا أن يتعمّد عدم إثارة أي جدل أو مواجهة مع الجيش حالياً، خصوصاً أن من حق الرئيس سيزر رفض المصادقة على أي تعديلات يدخلها أردوغان على ما يقدمه قائد الأركان الحالي، الأمر الذي قد يُحرج الحكومة ويُعيد الاستقطاب بينها وبين الجيش، في حال أحال اردوغان أي جنرال على التقاعد ورفض سيزر المصادقة على القرار. كما تبلّغ أردوغان معلومات تفيد بأن الجناح الرافض لوصول الحجاب إلى القصر الرئاسي لا يزال فاعلاً وهو لم يكترث بنتائج الانتخابات التي فاز فيها حزب العدالة والتنمية واعتبرت انتصاراً قدمه الشعب التركي للحزب ضد تدخّل الجيش في انتخابات الرئاسة.

وفي هذا الإطار، أعد أردوغان لائحة تتضمن أسماء ثلاثة مرشحين من حزبه لمنصب رئيس الجمهورية زوجاتهم غير محجبات، في انتظار أن يعدل رفيق دربه غل وبطواعية عن طموحه للوصول إلى كرسي الرئاسة. وعلمت «الحياة» أن أردوغان وخلال اجتماع خاص مع غل الأسبوع الماضي، شرح له مخاوفه من عودة تدخل الجيش مجدداً في حال طرح وزير الخارجية نفسه كمرشح للرئاسة لكنه لم يطلب منه التنحي بل التفكير وتحمل مسؤولية قراره، مشيراً إلى أنه لن يعترض طريقه في حال قرر أن يترشح رسمياً.

وكان قائد الأركان الجنرال أنيط صرح الخميس الماضي بأن الجيش لا يزال على موقفه من الرئيس المقبل الذي يجب أن يكون ملتزماً بالنظام العلماني فعلاً وليس قولاً.

في المقابل، يبرر سياسيون في حزب العدالة والتنمية موقف أردوغان المرن مع الجيش والمعارضة على رغم خروجه قوياً من الانتخابات البرلمانية، بحرصه على تجنّب أي احتكاكات وحتى تمرير أهم مشروع بالنسبة إلى الحزب وهو الدستور الجديد الذي بدأ العمل على إعداده، والذي يراهن حزب العدالة والتنمية أن يضع حداً جذرياً لتدخلات الجيش في السياسية من خلال تقليص صلاحيات الجيش فيه، بحجة توسيع الديموقراطية والحريات في تركيا.

لكن كثراً يرون أن في ذلك رهاناً غير مضمون، خصوصاً أن وجود كتل سياسية متخاصمة في البرلمان قد تعيق تظهير دستور جديد بالشكل الذي يريده أردوغان.

(المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 5 أوت 2007)

 


 

 انتخابات تركيا وانتصار الإسلام السياسي ومسألة الأكراد (1)

محمد أبو رمان (*)

الفوز الساحق الذي حققه «حزب العدالة والتنمية» التركي في الانتخابات النيابية، للمرة الثانية، له أهمية ودلالة خاصة تتعدى الانتخابات السابقة، وتبرهن على نجاح الحزب في تجربته في الحكم خلال السنوات الأربع السابقة. وتختلف القراءة العربية لتجربة العدالة بين موقف يدعو إلى تعميمها وآخر يقلل من أهميتها ويحاجج باستحالة تطبيقها في العالم العربي، لكن بين هذين الموقفين هنالك مساحة واسعة تتمثل في المجالات التي يمكن أن تستفيد فيها الأحزاب الإسلامية العربية من تجربة العدالة، مع الإقرار –ابتداءً- بعدم إمكانية «استنساخ» التجربة في الفضاء السياسي العربي.

مجال المفارقة كبير وواضح بين النظام السياسي التركي والنظام السياسي العربي؛ في النظام التركي الفيتو العسكري فقط ضد الحركات الإسلامية، لكنه يسمح للآخرين بالوصول إلى السلطة وتولي الحكم، وهو ما حدث مع العدالة والتنمية نفسه عندما أعاد هيكلة شعاراته وعناوينه وبرامجه؛ فقد تمكن من الاستمرار في الحكم. بينما في العالم العربي حالة «الاستعصاء السلطوي» تنسحب على جميع القوى والأحزاب الإسلامية وغير الإسلامية، ومن يمسك بالسلطة لا يريد التخلي عنها للآخرين، مهما كانت مشاربهم الأيديولوجية والسياسية، ناهيك أنّ الانتخابات التركية لا مجال فيها للتزوير والتلاعب بقوانين الانتخابات أو البلطجة ضد المعارضة أو تدخل اليد الأمنية الطويلة للحيلولة دون تحقيق الإسلاميين فوزاً كاسحاً

 

هذه المفارقة صحيحة مئة في المئة، لكنها في الوقت نفسه تكشف عن سرّ تميز وإبداع أردوغان ورفاقه واختلافهم عن «أستاذ» الحركة الإسلامية التركية نجم الدين أربكان. فقادة العدالة أيقنوا حين أسسوا حزبهم الجديد أنّ إصرارهم على الشعارات والعناوين ذاتها سيقودهم دوما إلى الطريق المغلق وستدور التجربة الإسلامية التركية في الحلقة المفرغة ذاتها، فقاموا بقلب الطاولة وتغيير أوراق اللعبة كاملة، وقطعوا المسافة المتبقية من الأيديولوجيا إلى البراغماتية، مخالفين أستاذهم الذي علق في منتصف الطريق!

أمّا إسلاميو الشرق الذين أعلنوا إيمانهم بالديموقراطية والتعددية وتداول السلطة، فهم أقرب إلى النسخة الأربكانية «الأيدوبراغماتية» (منتصف الطريق بين الأيديولوجيا والبراغماتية)، وقد جمدوا على كثير من المواقف الفكرية والسياسية، وثمة تردد وخوف كبير من القيام بغربلة كاملة وتجديد بنيوي في طرحهم الفكري والسياسي، وربما في هذا ردّ على تبرير المفكر المعروف، فهمي هويدي، لجمود إسلاميي الشرق أنهم «شُغِلوا بالدفاع عن أنفسهم بدلاً من التطوير والتجديد». فالحركة الإسلامية التركية – أيضاً- كانت تعاني الحصار والاضطهاد وأُعدِم قادتُها في الستينات وسجنوا لكنهم طوّروا وجددوا وخرجوا من عنق الزجاجة، وهذا درس مهم وحيوي لإسلاميي الشرق، إذا أرادوا أن يتجاوزا حالة «مكانك سر» التي يمارسونها منذ عقود.

أهم ما يقدمه العدالة والتنمية هو تبني مفهوم «العلمانية المؤمنة»؛ وفك الاشتباك سلمياً بين الدين والعلمانية، من خلال تحديد الأرض التي يحتلها الدين في المجال العام والخاص. فأردوغان حين يرفض أنه حزب «إسلامي» يقول إنه يضع القرآن في قلبه، ويسير إلى الأمام، بمعنى أنه يستبطن القيم والأخلاق والمفاهيم الإسلامية في مواقفه وسياساته ولا يجعلها «عقبة» يصطدم بها في طريقه وفي صراعه السياسي مع خصومه. وحزب العدالة والتنمية إذ يقبل بالعلمانية فإنه يعيد تعريفها على أنها «الحرية الدينية»، وهي كلمة يقبلها الغرب، لكنها في الوقت ذاته تصادر على مفهوم العسكر التركي الذي يتبنى العلمانية «اللائكية» (اللادينية). فما يحتاجه إسلاميو الشرق هو تقديم رؤية فكرية وسياسية معاصرة لمفهوم الدولة الإسلامية ومعنى تطبيق الشريعة، بدلاً من التسمُّر عند لغة الشعارات الفضفاضة!

ما سبق يقودنا إلى ملاحظة أخرى، على درجة كبرى من الأهمية. فـ»حزب العدالة والتنمية» قبل وصوله إلى الحكم كان قد قدّم رؤية اقتصادية نقدية بالأرقام والمعلومات وبصورة محترفة ومِهَنيّة، ونجح في تطبيق برنامجه وإخراج تركيا من الأزمة العاصفة، متبنياً رؤية ليبرالية تقوم على ربط الاقتصاد التركي بالعولمة، وهذا ليس محل انتقاد حقيقي، والدليل أنّ الناس انتخبوا الحزب على هذا الخيار والبرنامج. أمّا إسلاميو المشرق فالجانب الاقتصادي هو الثقب الأسود الذي يبتلع كل وعودهم وشعاراتهم، إذ لا يقدمون شيئاً، ويكتفون بلغة خشبية لا تسمن ولا تغني من جوع، وكأن «الاقتصاد» سؤال ثانوي أو هامشي، مع أنه محرك أساسي في عالم اليوم.

المفارقة اللافتة بحق أنّ اسلاميي الشرق ولجوا إلى الحياة الاقتصادية من باب خدماتي واستثماري يقوم على تحقيق الربح السريع والاستثمار في عواطف الناس الدينية وفي تلك الفتاوى التي تعطي «مشروعية حصرية» لمؤسسات الحركة الإسلامية، في الوقت الذي يهاجمون الرأسمالية والليبرالية! مع أنّ الحركات الإسلامية تمتلك نخبا تكنوقراطية يمكنها تفعيلها والإفادة منها. ويمكن لإسلاميي الشرق التحضير لدور مستقبلي من خلال ابتعاث عدد من الشباب لدراسة الاقتصاد والإدارة والعلوم الإنسانية التي تساعد على توفير الكوادر الاستراتيجية ووضع البرامج الواقعية.

أحد الفروق الرئيسة بين العدالة والأحزاب الإسلامية العربية أنّ قادة العدالة من أصحاب العقول الجبارة الاستراتيجية القادرة على أخذ زمام المبادرة وإدارة الصراع السياسي بجدارة واحتراف، بينما «إسلاميونا» من أصحاب الحناجر المنتفخة الجبارة لديهم مهارات لغوية وخطابية هائلة!

العدالة والتنمية يمتلك برنامجاً وطنياً يدرك المصالح الحيوية التركية ومطالب الشعب واحتياجاته ومصالحه ويسير ببلاده إلى الأمام، ويعرف كيف يميز بين الممكن والواجب والتكتيكي والاستراتيجي، أمّا «إسلاميونا» فما زالوا يناقشون كيف يواجهون حكومات ضعيفة عاجزة، مع أنّ هذه الحكومات أصبحت تتكىء على وجودهم وخُطبهم لتبرير استمرارها!

باختصار، لا تقولوا، أنّه لا يوجد ما يستفيد منه إسلاميو المشرق من الأستاذ أردوغان!

(*) كاتب من الأردن

(المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 5 أوت 2007)


 

انتخابات تركيا وانتصار الإسلام السياسي ومسألة الأكراد (2)

سامي شورش (*)

في ظاهرها العام أسفرت الإنتخابات التركية الأخيرة عن فوز كبير للإسلاميين السياسيين المتمثلين في «حزب العدالة والتنمية». لكن الحقيقة التي لا يوليها كثيرون إهتماماً تؤكد أن أصل الفوز تحقق، أيضاً، بفعل الدعم الذي قدمته شرائح غير دينية للائحة العدالة والتنمية الذي يتزعمه رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. فالصراع في تركيا، خصوصاً خلال العقد الماضي، لم يعد يقتصر على ما يجري بين النزعتين العلمانية والدينية من صراعات، بل أصبح يمتد الى دائرة معقدة تشمل أيضاً الصراع بين العلمانية في صورتها الكمالية الحاكمة ونسيج هائل من القوى السياسية والثقافية غير الدينية يضم في طيّاته تنويعات علمانية ديموقراطية وكردية وعلوية وأرمنية وتركية نابذة للقومية في صورتها الكمالية التقليدية. في هذا المعنى، يصح القول إن الفوز جاء إسلامياً. لكن الذي أعطى لديموقراطية ذاك النصر محتوى أعمق وأوسع هو شعور شرائح غير دينية بأن النصر جاء لصالحهم.

 

في هذا المنحى، لا جدال في أن الإسلام السياسي المعتدل يشكل ثقلاً اساسياً في الشارع السياسي التركي، على الأقل منذ التغييرات العميقة في بنية السياسة في العالم مع مطلع التسعينات.

 

ولا جدال أيضاً في أن الكتلة الأساسية لهذا الإسلام السياسي تتألف من شرائح واسعة من المتعلمين والأكاديميين وطلاب الجامعات والمهندسين والأطباء، ما يضفي عليه مسحة واضحة من العصرنة والإعتدال. الى هذا، لا جدال في أن الإسلاميين في تركيا، على عكس العلمانيين والأكراد وبقية الأطياف السياسية، تميزوا، أولاً، بنجاحهم البارع في عزل الإتجاهات الدينية المتشددة والمتطرفة. وثانياً، بقدرتهم الكبيرة على لمّ شمل الجزء الأعظم من المسلمين الأتراك حول طروحاتهم. لكل هذه الأسباب، ولأخرى إقتصادية وسياسية وثقافية، حصل العدالة والتنمية على نسبة أصوات فاقت بكثير نسبة الأصوات التي حصل عليها الحزب ذاته في إنتخابات 2002، وبدا هذا بمثابة حالة طبيعية.

مع ذلك، يظل صحيحاً أن مشهد النصر اللافت لحزب أردوغان أوسع بكثير من هذه التفاصيل. فنسبة الأصوات العالية التي حصل عليها ضمت نسبة غير قليلة من أصوات لا تعود الى الإسلاميين أو الى منتسبي الحزب، بل تعود الى شرائح ومجموعات غير دينية وغير منضوية في إطاره. وقد تكفي الإشارة الى مثال واحد لنعرف مدى الإسهام البارز لفئات غير مسيسة دينياً في صياغة نتائج الإنتخابات:

فالأكراد الذين إستهوتهم تصريحات لأردوغان تميزت بالمرونة والعقلانية حول الشأن الكردي، أطلقها في ديار بكر قبل أكثر من ثلاثة أشهر، رأوا ضرورة دعمه في مواجهة المؤسستين التركيتين التقليديتين، العسكرية والسياسية، فخاضوا الإنتخابات الأخيرة في إتجاهين: الأول، عبر لائحة «حزب العدالة والتنمية» حيث حصلوا من خلالها على 88 مقعداً من مجموع المقاعد التي حصل عليها الحزب (340 مقعدا). والثاني، عبر ترشيحات فردية مستقلة حصلوا من خلالها على 24 مقعداً. هذا إضافة الى أربعة أو خمسة مقاعد أخرى أحرزوها من خلال لوائح إنتخابية أخرى تابعة لبقية الأحزاب.

ويشار الى أن القسم الأكبر من المستقلين الأكراد الذين حصلوا على عضوية البرلمان ينتمون في الأصل الى «حزب المجتمع الديموقراطي» ذي التوجهات الكردية الذي لم يدخل الإنتخابات بقائمة معلنة.

وكانت أنقرة قد دخلت خلال الاشهر القليلة الماضية في توترات كبيرة مع أكراد العراق. بل إن الجيش التركي هدد بإجتياح مناطقهم في حال إستمرت الأحزاب الكردية العراقية في السماح لمقاتلي حزب العمال الكردستاني بإتخاذ بعض الجبال الحدودية ملاذاً لنشاطاتهم. الى هذا، عاشت تركيا توتراً آخر مع أكرادها خصوصاً في ظل تجدد المعارك مع مقاتلي حزب العمال في أطراف مدينتي دياربكر وتونجلي.

وترافقت هذه التوترات مع ضغوط من الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي هدفت الى منع الجيش التركي من الإقدام على أي خطوة إستفزازية عسكرية في حق أكراد العراق، أسهمت لاحقاً في ترسيخ قناعة لدى أكراد تركيا مفادها ضرورة العودة الى خوض الإنتخابات، إن على شكل مستقل أو عبر دعم لائحة العدالة والتنمية. فالمشكلة التي تعترض طريق تركيا، في رأي الأكراد، لا تتمثل في الإسلام السياسي المعتدل، إنما في القبضة العليا لمؤسسة الجيش التي تتحكم بالحياة السياسية في البلاد. وقناعة الأكراد أن هذه القبضة لا يمكن تخفيفها من دون إحداث تغيير عميق في مؤسسة الحكم التركي بدائرتيها البرلمانية والحكومية.

في هذا الإطار، قد يصح التوقع أن النسبة القليلة لمقاعد النواب المستقلين الأكراد (24 مقعداً) قد لا تغير شيئاً أساسياً في المشهد السياسي التركي. لكن الأصح أن حزب أردوغان الذي يمتلك 340 مقعداً سيعجز عن تطبيق برامجه من دون ضمان تحالف برلماني مع الكتلة الكردية. فالإغلبية في البرلمان لا يمكن أن تتحقق من دون تجاوز حاجز الـ367 نائباً.

لهذا، يرى الأكراد أن عودتهم الى البرلمان بمثابة تطور عميق قد يحمل معه تأثيرات ملموسة على مسارات الوضع السياسي في تركيا. فالبرلمان خلا منذ تسعينات القرن الماضي من أي تمثيل كردي بعدما أودعت المحكمة الدستورية خمسة من البرلمانيين الأكراد، في مقدمهم ليلى زانا، السجن بتهمة أدائهم القسم باللغة الكردية. مع هذا، يظل الإحتمال قائماً بتدخل عسكري لمنع التمثيل الكردي من حرية الحركة والعمل في البرلمان الحالي. لكن في حال حصل التحالف مع حزب أردوغان، فإن العسكر قد يعجز عن زعزعة الموقف الكردي البرلماني. والأهم أن أجواء الفوز الإسلامي في الإنتخابات خلقت حالة قد يشعر معها الجيش بمحدودية خياراته للتأثير في مرحلة ما بعد الإنتخابات.

وخلاصة القول إن الإنتخابات الأخيرة أعطت الإسلاميين الحصة الأكبر في مقاعد البرلمان. لكن الأرجح أن هؤلاء لم يفوزوا بهذه النسبة العالية نظراً لإسلاميتهم، إنما فازوا بها لكونهم إمتلكوا رؤية سياسية أقرب الى الواقعية وأكثر إنفتاحاُ وهدوءاً وعقلانية من الأحزاب العلمانية المترعة بالشوفينية والعسكرتارية التي أساءت الى العلمانية بسياساتها المتشددة وحوّلتها الى نموذج نافر.

وفيما الحال على هذه الشاكلة، كان طبيعياً أن يهرب ديموقراطيون وأكراد وأرمن وعلويون من العلمانية التركية ليلتفوا حول الإسلام التركي المعتدل.

(*) كاتب كردي

(المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 5 أوت 2007)

 


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

20 février 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 6 ème année, N° 2100 du 20.02.2006  archives : www.tunisnews.net Raid Attac Tunisie: En solidarité

En savoir plus +

25 mai 2010

Home – Accueil TUNISNEWS 10 ème année,N° 3654 du 25.05.2010  archives :www.tunisnews.net  REMDH – FIDH – OMCT: Tunisie: Le gouvernement

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.