الـشباب العربي البـعـثي أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة وحـدة حــريـة اشتراكية
بعث تشيده الجماجم والدم تنهدم الدنيا و لا يتهدم لما سلكنا الدرب كنا نعلم أن المشانق للعقيدة سلم يا ابناء تونس الاحرار يا ابناء أمتنا العربية المجيدة
يسجل التاريخ البشري اليوم احدى أفضع الجرائم المرتكبة من قبل قوى العدوان بحق أمتنا العربية المقاومة عبر اغتيال الرفيق القائد الشهيد صدام حسين بأيدي عملاء و خونة العراق و الامة في مسعى لاهانة البعثيين و العرب الاحرار و كسر ارادتهم في التصدي لمشاريع الهيمنة و الاستعمار لقد كان اليوم تاريخ لقاء جديد بشهيد الامة وعنوان صمودها و حياتها فقد استشهد صدام حسين الفتى الفقير. استشهد صدام حسين اليتيم الدي قطع الكيلومترات من اجل أن يتعلم في الحادية عشر من عمره, استشهد صدام حسين الشاب القومي الهوى و البعثي العقيدة و الانساني المبادئ, استشهد صدام حسين المناضل الدي قضى شبابه بين السجون و المنافي, استشهد صدام حسين رئيس دولة العراق ,وباني حداثته و تقدمه, استشهد صدام حسين المدافع عن الامة من طمع الفرس والمتصدي للخونة العرب, استشهد صدام حسين عاشق فلسطين وعدو من عاداها, استشهد صدام حسين قائد و مفجر أسرع مقاومة في التاريخ, أيها المناضلون من اجل الحرية يا مثقفي الامة و أحزابها لقد أزفت ساعة الحقيقة فاما أن يتخندق الجميع في الصف الوطني و ضمن المنهج المقاوم الدي ساهم صدام حسين و غيره من الشهداء في رسمه و اما البقاء رهن الامريكان و الانظمة العربية العميلة و الصهيونية العالمية ,فلا مجال بعد اليوم للتعويل على الدعم الغربي لقضايانا لانهم مهما اختلفوا و تناقضوا فانهم يلتقون في النهاية على ضرب كل حركات المقاومة و قتل كل رموز التحرر الوطني و القومي و ما اغتيال أمين عام حزبنا العظيم حزب البعث العربي الاشتراكي الا دليل على دلك العداء الامبريالي للتوجه الوحدوي و الاشتراكي و التحرري الدي سلكه الشهيد و البعث في دولة العراق أيها البعثيون في كل مكان لقد قدم لنا القائد مثالا في الرجولة و الشجاعة و الصمود و الترفع عن المغريات جميعها وجسد بحق معاني البعث المقاوم المعادي للاستعمار و الصهيونية و الرجعية فعلينا اليوم و رغم كل الالم الدي نشعر به من فقدان المعلم و القائد أن نسلك منهجه و نتبع خطاه في مقارعة أعداء الامة في أقطارنا وأن نكون مثله و لو بمقدار الحصى من الجبل أو القطرة من البحر,و اننا نقسم أن نصنع من جريمة اغتيال الرفيق القائد الشهيد ميلادا جديدا للبعث ينشأ كل يوم صداما جديد يثأر له و لرفاقه و كل الشهداء واننا لن نبكيه قبل الثأر له و لو بعد حين المجد و الخلود للرفيق القائد صدام حسين عاش حزب البعث العربي الاشتراكي حزب صدام حسين و كل الثوار تحية للمقاومة الوطنية العراقية التي أعد لها و فجرها صدام حسين عاشت فلسطين حبيبة صدام حرة أبية وليسقط الاستعمار والخزي و العار للخونة من أنظمة و أحزاب و مثقفين الشباب العربي البعثي
تونس في 30.12,2006
يعلم البعثيون في تونس جميع الأحرار و الشرفاء و القوى الوطنية و التقدمية في تونس و الوطن العربي أنه تقرر إقامة مجلس عزاء لتقبل التعازي باستشهاد الرفيق الشهيد البطل صدام حسين، و ذلك يوم الثلاثاء، 2 جانفي (يناير) بالمقر المركزي للإتحاد العام التونسي للشغل بالعاصمة التونسية على الساعة 14. الرجاء نشر هذا الإعلام المجد و الخلود للرفيق القائد الشهيد صدام حسين عاش حزب البعث العربي الإشتراكي
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان – فرع القيروان القيروان 30 – 12- 2006 بيـــــــــان
وقع فجر اليوم تنفيذ حكم الإعدام في الرئيس السابق صدام حسين اثر إقراره من طرف “محكمة التمييز” في العراق وذلك رغم النداءات العديدة التي توجهت بها العديد من الشخصيات العالمية والمنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية من اجل إيقاف التنفيذ وذلك إما من منطلق مبدئي ، رفضا لعقوبة الإعدام كطريقة وحشية تحط من كرامة الإنسان مما يجعلها اقرب لوسائل القساس والثأر منها إلى تطبيق القانون أو من منطلق حقوقي باعتبار أن محاكمته عرفت العديد من التجاوزات مما ينفي عنها صفة الحياد الضروري لتطبيق العدالة .
وفرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بالقيروان يؤكد على :
– إن المحكمة التي أصدرت هذا الحكم لا تمتلك أية استقلالية و لا أية شرعية قانونية بصفتها جاءت تحت سلطة الاحتلال وبأمر منه وهذا ما يتنافى مع الميثاق العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص في مادته العاشرة على حق كل متهم في أن “تنظر في قضيته محكمة مستقلة ونزيهة .” – إن محاكمة الرئيس صدام حسين ورفاقه قد عرفت العديد من التجاوزات والانتهاكات في حق المتهمين وحق الدفاع، مما أثار شجب المنظمات الحقوقية العالمية التي اعتبرت أنها لا تمتلك صفة المحاكمة النزيهة والعادلة. – إن اختيار يوم عيد الأضحى لتنفيذ عقوبة الإعدام يعد إثارة لمشاعر المسلمين كما انه يعمق الإحساس بالظلم ويزيد من مشاعر الاحتقان ويغذي الصراع الطائفي الذي جعل العراق مسرحا لأحداث دموية أليمة تحصد العشرات من الضحايا يوميا، سوف لن تتوقف بإعدام السيد صدام حسين.
هذا ونستغرب موقف العديد من الدول الغربية – ومنها بريطانيا واستراليا – التي ترفض من ناحية تطبيق عقوبة الإعدام وتطالب بإلغائها في بقية الدول نظرا لطابعها أللإنساني وتعتبر أن تنفيذها في الرئيس العراقي الأسبق عملا ايجابيا وعادلا من ناحية ثانية،وهو تناقض يشكك في حرص هذه الدول على علوية القانون وفي التزامها بكونية حقوق الإنسان وشموليتها.
كما إننا نؤكد مرة أخرى على حق الشعب العراقي في مقاومة الاحتلال وبناء دولته المستقلة وندعو كل قواه السياسية والدينية إلى نبذ الصراع الطائفي وتجاوز أحقاد الماضي وتوحيد الجهود من اجل الدفاع عن سيادة بلدهم وبناء نظام ديمقراطي مستقل يحترم الحريات والأفراد ويحقق المساواة بين كل العراقيين .
عن هيئة الفرع مسعود الرمضاني
إعادة نشر لتقرير إخباري:
التقى دروكدال بمعاقل ”السلفية” في بجاية
اعتقال رأس شبكة تجنيد الجزائريين للقتال في العراق
المصدر: حميد· يس تفيد معطيات دقيقة جمعتها ”الخبر” حول المعتقل المسمى حركيا ”أبو المثنى”، أنه تعرض للاعتقال بإحدى ضواحي العاصمة قبل شهور قليلة، بناء على معلومات قدمها شخص اعتقل شرقي العاصمة بسبب ارتباطه بالجماعة السلفية وضلوعه في شبكة تجنيد مقاتلين إلى العراق· ومن بين ما تنسب إليه مصالح الأمن، الاتصال بعبد المالك دروكدال، أمير ”السلفية”، المدعو ”أبو مصعب عبد الودود”· حيث تذكر مصادر أن لقاء جمعهما في مركز قيادة الجماعة بمرتفعات بجاية نهاية 2005، وكان ”أبو المثنى” حينها حاملا رسالة خطية تسلمها من مغربي قادم من ألمانيا، حملها بدوره من شخص يمثل القاعدة في أوروبا يدعى ”أبو حمزة الأندلسي”· وتطلب الرسالة الاعتناء بمجموعة من التونسيين التحقوا بمعاقل ”السلفية” ومساعدتهم على تحقيق أهدافهم، وتوصي بإيواء عناصر تابعة للقاعدة في أوروبا، في حالة دخولهم الجزائر هاربين من أوروبا بعد تنفيذ أعمال إرهابية· ونقل عن المعتقل، أن اللقاء جرى بحضور 30 إرهابيا من المقربين لـ”عبد الودود”، يرجح أنهم أعضاء مجلس الأعيان، وكان ضمنهم المستشار العسكري للجماعة المدعو ”أبو عمار”· وحسب المصادر، فإن ”أبو المثنى”، المنحدر من غرب البلاد، اعترف أثناء التحقيق الأولي بعلاقته مع خلية تونسية تنشط في تونس تتكون من خمسة أشخاص، طلبوا منه إيفاد شخصين إلى تونس للتدريب على صنع واستعمال المتفجرات· وقالت المصادر إن ”أبو المثنى” (24 سنة)، طلب من مستشار ”السلفية” العسكري دعم الجماعة التونسية بأسلحة حربية لتنفيذ عمليات إرهابية فوق التراب التونسي، وقد تجاوب ”أبو مصعب” مع الطلب فسلمه بنادق كلاشنيكوف ومسدسات آلية· وينسب لـ”أبو المثنى” التنسيق مع أشخاص من غرب البلاد العام الماضي، بغرض جلب أسمدة فلاحية ومواد كيمياوية ومستحضرات من المغرب، تحسبا لعمليات تفجيرية· ونقل عنه أن ”أبو حمزة الأندلسي” كان يرغب في فتح جبهات قتال ضد الأنظمة المغاربية بالتعاون مع الجماعة السلفية، تجسيدا للمشروع الذي يسعى إليه أسامة بن لادن وهو تأسيس ”قاعدة الجهاد في المغرب العربي”· وتتناول معطيات متوفرة عن ”أبو المثنى”، أنه كان شديد التأثر بما يجري في العراق ودائم الحضور إلى دروس بمسجد بالضاحية الجنوبية، تحرّض على قتال الأمريكان· ودرج على الاستماع إليها رفقة شقيق له سافر إلى بلاد الرافدين وفجّر نفسه ضد القوات المحتلة العام الماضي· وبتكليف من عناصر من القاعدة في العراق، قام ”أبو المثنى” بمساع للبحث عن أشخاص مهتمين بالقتال في العراق، وتلقى أموالا بالعملة الصعبة لتغطية تكاليف السفر لفائدة الأشخاص الذين يظهرون استعدادا للقيام بأعمال ضد أهداف عسكرية أمريكية بالعراق· وأثبتت التحريات أنه رتب في عام 2005 عدة سفريات إلى بلاد الرافدين، بالتنسيق مع شخص من جنسية تونسية يدعى ”أبو مريم التونسي”· (المصدر: تقرير سبق أن نشرته صحيفة “الخبر” الجزائرية يوم 12 نوفمبر 2006)
قضية المجموعة المسلحة تفاصيل الواقعة
بقلم منية المسعودي أفاد يوم الأحد 24 ديسمبر مصدر رسمي بوزارة الداخلية والتنمية المحلية أنه جد ليلة السبت 23 ديسمبر الجاري تبادل لإطلاق النار بين مجموعة أنفار مقيمة بأحد المساكن الكائنة بالضاحية الجنوبية للعاصمة ودورية أمنية بالمكان أسفر عن مقتل عنصرين من تلك المجموعة وإلقاء القبض على عنصرين آخرين منها وجرح عوني أمن. وأشارت الأبحاث الأولية إلى أن عناصر المجموعة المذكورة من المجرمين الخطيرين والمفتش عنهم. تحدثت أغلب الصحف عن هذه الواقعة مقدمة بعض التفاصيل عن ظروف وقوعها. حيث كتبت جريدة “الشروق” في عددها الصادر يوم الثلاثاء 26 ديسمبر مقالا عن الحادثة بعنوان “كل التفاصيل عن المواجهة المسلحة بين قوات الأمن وعصابة المخدرات”. وذكرت في هذا المقال أن “مجموعة من الأنفار كانوا على متن سيارة متجهين نحو العاصمة قادمين عبر الطريق الوطنية رقم 1، فأوقفتهم دورية للحرس الوطني على مستوى برج السدرية، إلا أنهم لم يمتثلوا لذلك، فاضطر أعوان الدورية إلى الالتجاء لزملائهم ببير الباي، فرفض أفراد المجموعة للمرة الثانية الامتثال، مما جعل قوات الأمن تشتبه في الأمر وتستنفر وحداتها، خاصة أمام ورود أنباء عن سعي عصابة دولية تنشط في مجال تهريب المخدرات إدخال كميات هامة من المواد المخدرة، فجرت عملية مطاردة للسيارة المشتبه بها في حي “الشعبية” بحمام الأنف، إلا أن المفاجأة كانت كبيرة عندما باغتهم أفراد هذه العصابة بالمبادرة بإطلاق النار تجاههم وبوابل من الرصاص، عندها اضطرت قوات الأمن إلى التمترس والاستنفار ثم تبادل إطلاق النار مع أفراد هذه المجموعة”. وجرت على حد تعبير جريدة “الشروق” : “مواجهة شرسة تمكن على إثرها أعوان الأمن من قتل عنصرين في العقد الثالث من عمرهما وتمكنوا أيضا من إيقاف شخص حاول الفرار بعد إصابته بطلق ناري”. وقد دل هذا الشخص على منزل بجهة بئر الباي التي تبعد قرابة الكيلومترين عن مكان المواجهة حيت تمترس باقي أفراد العصابة. وأشارت “Le Quotidien” في عددها الصادر يوم الثلاثاء 26 ديسمبر أن عناصر الأمن قامت بمحاصرة المنزل والتنبيه على من فيه بواسطة مضخم للصوت ثم ألقت بعض القنابل المسيلة للدموع إلا أنهم فوجئوا بإطلاق النار من قبل أفراد العصابة جرح على إثره عوني أمن أحدهما إصابته خطيرة على مستوى الرئتين. وتمكن أعوان الأمن على اثر هذه المواجهة من إلقاء القبض على ثلاثة أشخاص أحدهم وقعت إصابته بطلق ناري وحجز كميات هامة من المخدرات وبعض قطع الأسلحة، والأبحاث متواصلة لإلقاء القبض على بقية أفراد العصابة التي يعتقد أن يكون بعضهم التجأ إلى جبل بوقرنين. وأضافت “الشروق” أنه وحسب مصادر رسمية، أن التحقيقات الأولية أكدت أن أفراد هذه العصابة مرتبطون بشبكات دولية لتهريب المخدرات والسلاح وأنهم دخلوا البلاد التونسية قادمين من إحدى الدول وأنهم يريدون ترويج كميات هامة جدا من المواد المخدرة. أما جريدة “الصريح” في عددها الصادر يوم الأربعاء 27 ديسمبر فقد تناولت الموضوع من زاوية أخرى في مقال لصالح الحاجة بعنوان “هوامش على حادثة حمام الشط” حيث ذكر فيه أنها المرة الأولى التي يتم فيها تبادل إطلاق النار بين الشرطة وجماعة إجرامية، معتبرا أن التحدث عن تفاصيل الواقعة مازال مبكرا وأنه يجب ترك الجهات الأمنية تواصل عملها وتحقق في الحادثة حتى تكشف الحقيقة. وخير صالح الحاجة الحديث عن خطورة ما كشفته هذه الواقعة بدل التعمق في تفاصيل ما حدث والذي اعتبره “خطير على أكثر من صعيد” لأنه أماط اللثام عن وجود أسلحة دخلت البلاد بطريقة غير شرعية “حتى أن هناك وكالة أنباء أجنبية ادعت أن من الأسلحة التي حجزتها الشرطة لدى المجموعة الإجرامية بندقية الكلاشنكوف. وهذه أول مرة نسمع فيها عن الكلاشنكوف في تونس”. كما وصف صالح الحاجة الواقعة بأنها كشفت عن يقظة جهازنا الأمني وذلك “عندما بادر هو بالهجوم على هذه العصابة ولم يكن في حالة دفاع ولم يفاجأ بالأمر” وهو ما يتضارب مع ما ذكرته جريدة “الشروق” عن كون العصابة هي التي بادرت بإطلاق النار. كما اعتبر صالح الحاجة أن الكشف عن هذه الجماعة الإجرامية قد يمنع تنفيذ “مخطط إجرامي وخطير” تكون عواقبه وخيمة على “استقرارنا الاقتصادي والسياحي والاجتماعي”. أما جريدة “الحدث” الصادرة يوم الأربعاء 27 ديسمبر فقد أكدت ما ذكرته جريدة “الشروق” مشيدة بـ”يقظة الأمن الوطني وحنكته وجهوده المتواصلة ليسود الأمان بالبلاد وبحسن أداء الإعلام الرسمي حيث سارع بإصدار بلاغ حول ما جد”. أما جريدة “أخبار الجمهورية” فقد كتبت مقالا بعنوان “ما حكاية العصابة التي تصدى لها أعوان الأمن، وكيف عاشت الضاحية الجنوبية ليلة السبت الشرسة ؟” تحدثت فيه عن أطوار الواقعة وطرحت في آخره تساءل الرأي العام في تونس عن “مصدر الأسلحة التي كانت بأيدي المجرمين وبأي طريقة عبرت الحدود ؟ وهل أنها وصلت عبر أشخاص أم في “كنتونار” متسلل صرح موردوه أنه يحتوي على بضاعة عادية ؟”. (المصدر: أسبوعية “الجريدة” الألكترونية التونسية، العدد 55 بتاريخ 30 ديسمبر 2006) الرابط: http://www.gplcom.com/journal/arabe/article.php?article=1282
أحــــــداث .. متابعــــــة وتعليــــــــــق
حول الأحداث الأمنية الأخيرة التى وقعت فى تونس أكدت مصادر مختلفة منها بعض المصادر التونسية الغير رسمية وكذلك صحيفة الوطن الجزائرية أن مواجهات مسلحة وقعت بين عناصر من البوليس التونسى وعناصر وصفت بـ “السلفية الجهادية” خلال الأيام الماضية فى إحدى ضواحى تونس العاصمة , فى حين قدمت السلطة التونسية رواية مختلفة تماما مفادها أن تلك المواجهات حدثت بين عناصر من البوليس وعصابة إجرامية لها علاقة بتجارة المخدرات , وبين الروايتين لا يوجد أي قاسم مشترك يؤلف بينها وهذا ما يزيد الحادثة غموضا وإلتباسا , وإذا كانت الثقة كما هو معلوم بالرواية الرسمية هي صفر على الشمال فإن الرواية الأولى هى الأكثر مصداقية وهذا ما يدعو السلطة من دون تأخير لوضع الصورة الكاملة للأحداث وبتفاصيلها المملة فوق الطاولة وعدم التعتيم على الموضوع وإستغلال الواقعة فى الكواليس الدبلوماسية للإستقواء بالخارج تجاه المعارضة وتجيير هذا المؤشر الخطير لصالح الدعاية الرسمية السمجة فى ما يسمى”مكافحة الإرهاب والتطرف” . إن هذه الواقعة الخطيرة جدا على تونس الحبيبة يتحمل النظام الرسمى التونسى وحده تداعياتها نتيجة التكلس السياسى الذى صبغ سلوكه والتطرف العلماني المشط الذى ميز تعاطيه مع كل مظاهر التدين فى تونس طوال ما يناهز عقدين من الزمن . إن الخاسر الأول من إندلاع أي أعمال عنف فى تونس لا قدر الله هي كل عائلة ومواطن تونسي دون تمييز , والوطن الحبيب تونس , والمستفيد الأول هو النظام القائم الذى يريد أن يأبد تحكمه بالبلاد بأي ثمن , لذلك على السلطة التى تمسك بالقرار السياسى للدولة التونسية أن تستفيق من تخلفها فى إدارة البلاد وتستجيب إلى نداءات المعارضة الوطنية فى التعاطى السياسى بدل التعاطى الأمنى الفج مع كل الملفات الوطنية … نسأل الله تعالى أن يحفظ بلدنا الحبيب تونس وأن يجعله ببركة هذه الأشهر الحرم بلدا آمنا مطمئنا وأن يحفظ كل أبناء شعبنا الكريم وأن يسبغ عليهم العافية والخير وأن يرفع عنهم حكم نظام الجنرال بن على وأذنابه .. إنه ولى ذلك والقادر عليه المساجين السياسيين بتونس.. من السجن إلى الهرسلة الأمنية منذ فترة قصير تواترت أنباء وردت من تونس تفيد أن البوليس ما يزال يمارس ضغوط شديدة على المساجين السياسيين السابقين عبر التردد على بيوتهم في زيارات ليلية ونهارية درج عليها النظام منذ بداية التسعينات .. وهذه الزيارات الفجئية تنضاف إلى المراقبات الأمنية الأخرى كتسجيل الحضور بالمراكز والمضايقات فى التنقل والحرمان من أبسط الحقوق المدنية للمواطنة ناهيك عن الحقوق السياسية . هذا ويعيش جل المسرحين صعوبات مادية فى معيشتهم تزيدها تلك الملاحقات الأمنية تعقيدا.. والسؤال الذى يطرح نفسه بإلحاح هو: إلى متى سيستمر هذا الوضع المأساوي للمسرحين من المساجين السياسيين ؟؟؟ فأي ذنب إرتكبه هؤلاء المواطنون التونسيون كي تستمر هذه المظالم بحقهم كل هذه السنوات !!!؟ فهم قد قضوا أحكام جائرة صدرت بحقهم , فماذا يريد النظام بتأبيد معاناتهم !!!!! إنه الظلم الأسود الذى يمارسه نظام متعفن أدمن القمع ولا يرى نفسه إلا فى زي بوليس … وحسبنا الله تعالى في من ظلم الشيخ راشد الغنوشى فى المؤتمر القومى الإسلامى شارك الشيخ راشد الغنوشى رئيس حركة النهضة التونسية فى المؤتمر القومي الإسلامي الذى أقيم مؤخرا فى العاصمة القطرية الدوحة والذى إستمر ليومين , وقد ساهم الشيخ الغنوشى فى تنشيط الحوار بين التيارين المذكورين كما إقترح بمعية أحد القيادات القومية إسم الأستاذ نور الدين شفيق كمرشح لخلافة الدكتور عصام العريان في خطة المنسق العام للمؤتمر وقد حظي الإختيار بموافقة المؤتمرين , يذكر أنه وقع جدل أمام عدسات الفضائيات حول هذه النقطة والذى حسمه الشيخ يوسف القرضاوى بتأكيده على أن الدكتورعصام العريان قد تأكد ت إستقالته بسبب الظروف المحيطة به وبأنه سيبلغه شكر المؤتمرين على ما بذله فى الفترة الماضية ليتم التصديق علي إختيار المنسق الجديد بعد أن إنسحب منافسه بإرادته وقد لقيت تلك الخطوة تثمينا من الحضور. وقد شاب المؤتمر قدر من الخلاف بين التيارين القومى والإسلامى ظهر فى الجلسات المفتوحة التى نقلتها بعض الفضائيات وهناك أنباء صحفية تحدثت عن خلافات وقعت فى صياغة البيان الختامي ويبدو أن بعض الأطراف فى التيار القومي والمرتبطة بأحزاب سياسية ترتبط بدول وأنظمة عربية إنتقصت من إستقلالية المؤتمر , ويعتبر هذا التجمع الذى أسس منذ سنوات خطوة جادة على طريق المصالحة بين التيارين المذكورين ومحاولة لتفعيل دورهما حول جملة القضايا التى تعنى المنطقة والأمة ولا يعلم مدى تأثير هذا التجمع على الساحات الشعبية المختلفة بما أنه تجمع غير رسمي وهو أيضا نخبوي. إرهاب منظم فى حق عائلة محمد عبو عرضت قناة الحوار التونسى فى حلقتين شهادة زوجة السجين السياسى الأستاذ محمد عبو , وقد وردت فى شهادة هذه المرأة الصامدة تفاصيل مخجلة عن ممارسات النظام التونسى تجاهها وأسرتها , وتلك الممارسات تعبر عن الطبيعة المافيوية لنظام الجنرال بن على . فقد عاشت أسرة الأستاذ عبو فصول من الرعب على أيدي عصابات البوليس التونسى التى كانت تقوم بحركات لا يأتيها إلا النحرفين , وإذا كانت تلك الفصول طويلة نظرا لتعدد المشاهد ومسارح الأحداث منذ إختطاف الأستاذ عبو إلى الآن فإننا ننقل على لسان السيدة سامية عبو صورة عنها , فقد كان البوليس يزور بيت عبو ليلا ويتصرف تصرفات المجرمين والنحرفين حيث يتسلق الأسوار ويعتلى الأسطح ليرعب إمرأة وحيدة مع أولادها الصغار كما كان يطرق الباب ثم يتوارى ولما إستنجدت السيدة عبو بمن يؤنسها فى بيتها أمام هذه الحركات الوضيعة خاطبهم البوليس فى الشارع ” خليونا نخدموا على إرواحنا” هكذا دون أدنى خجل إعدام .. يوم العيد !!!؟ إعدام صدام حسن في يوم العيد بالذات لخص موضوع محاكمتة التى لم تكن تنشد العدالة بالمرة وإنما كانت تريد بلوغ الإنتقام بحكم قضائى صورى ليطفىء الشيعة غائلة صدورهم من صدام العدو اللدود لهم , لقد حولوا صدام حسين من دكتاتور إلى ضحية ورقصوا إحتفالا بعيد مصرعه ولم يكن كبش الأضحية هذه المرة غير بشر وإن أقررنا بأنه دكتاتور فإن إختيار يوم العيد بالذات لإعدامه هي رسالة إنتقام وتشفى وليس فيها حرف واحد من العدالة , إضافة إلى أن أهم ملفات المحاكمات لم تفتح بعد فـ”العشماوى” مستعجل . لقد رموا بالعادالة إلى”الزبالة” فمن أعدموا صدام حسين يوم العيد ليسوا مؤهلين لا أخلاقيا ولاطنيا لنصب هذه المحاكمة وهم لن يجلبوا الخير للعراق مهما طال بهم المقام فى بغداد الرشيد ولعل التساجيل التى عرضتها الجزيرة تكشف حالة الإنتقام التى تلبس بها معدموه الذين تخلصوا من كابوس عودة نظام صدام حسين , هذه العودة التى ترددت كثيرا فى الأوساط العراقية بعد فشلهم الذريع فى حكم العراق وتشكيلهم فرق الموت وإصطفافهم الطائفى الذى وضع العراق على طريق المصير المجهول وكل عام وأنتم ومن تحبون بألف خير … والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته صابـــــر – سويســــرا
إعادة نشر
عن العنف الاجتماعي والسياسي الحالة التونسية كمثال
أحمد قعلول
يتناول هذا المقال موضوع العنف من أجل فهم أسبابه ونتائجه الممكنة وذلك من خلال الحالة التونسية. فتونس اعتبرت ولفترة طويلة مستعصية عن العنف أكان ذلك نظرا لطبيعة المجتمع وثقافته السياسية التي أنتجت دولته الحديثة أو بالنظر لنوعية الحركة الإسلامية التي أطرت الصحوة الإسلامية إلى حدود التسعينات من القرن الماضي أو بسبب الضبط الأمني الذي تمارسه السلطة في تونس على مجتمع صغير من حيث المساحة والعدد ما يجعل ممارسة العنف خارج أطر الدولة أمرا عسيرا على أن تونس تعرف منذ سنوات انتشارا لبعض مظاهر العنف داخل المجتمع إلى مستويات خطيرة لم تعرف لها البلاد مثيلا. يضاف إلى ذلك شيوع الحديث عن اتساع تيارات يتبنى بعضها ممارسة العنف كوسيلة للتغيير وللوصول إلى الهدف. في المقابل لم تعرف تونس إلى حد الآن على الأقل موجة من العنف السياسي سوى العنف الذي تمارسه الدولة على المجتمع وهذا ما يجعل الحالة التونسية مهمة للدراسة ذلك أن هذه الحالة وحسب ما يبدو في حالة تكون.
1) أريد في البداية أن أنبه إلى كون التفسير السببي للظواهر ليس دائما الوسيلة الأنسب لفهم واستيعاب الظواهر الاجتماعية، وذلك عائد إلى تعقد الظاهر الاجتماعية والإنسانية عموما وتعدد أسبابها واختلاف تأثيراتها بحسب السياق الذي تعمل فيه. إذ يمكن أن تكون أسباب ما مفسرة لنشوء ظاهرة ما إلا أن انتشار تلك الظاهرة واتساعها أو انحسارها وذبولها يمكن أن يعود لأسباب أخرى مختلفة. ولذلك يجب أن يتجنب الباحث التصور الشائع الذي يقول بأن زوال أسباب نشوء ظاهرة ما سيؤدي لا محالة لضمور واختفاء تلك الظاهرة. هذا بالإضافة إلى كون التفسير السببي يجعل وجود الظواهر مرتبطا بشروط خارجة عنها بينما يمكن أن توجد الظاهرة لشروط ذاتية بغض النظر عن اختلاف أو معاندة الشروط الخارجية او بمعنى آخر ان تكون الظاهرة تعبيرة طبيعية من تعبيرات الحياة والاجتماع الإنساني مرتبطة بتعقد الظاهرة الإنسانية وتنوع تعبيراتها. على انه وبرغم علات التفسير السببي فإنه يبقى أداة للفهم يصعب الاستغناء عنها ولكن وجب الإشارة إلى علات هذه الأداة قبل البداية.
2) من المهم أيضا التنبيه إلى أن (وبنوع من التعميم) كل ممارسة اجتماعية تحتاج إلى خطاب يشرع لممارستها مهما كانت تلك الممارسة وخاصة إذا ما كانت فعلا مرفوضة داخل السياق الاجتماعي الذي تتنزل فيه بحيث تزيد الأعمال الفردية أو الجماعية حاجة إلى الخطاب الذي يشرع لها أو لنقل إلى الأيديولوجيا بقدر معاندة الواقع لها. من هنا نرى مثلا أن الاحتلال الذي غزا العالم العربي والإسلامي في المنتصف الأول من القرن الماضي جاء تحت اسم الاستعمار كما تأتي الهجمة الجديدة على العالم العربي والإسلامي تحت اسم الإصلاح أو إحلال الديمقراطية كما تمارس الصهيونية جرائمها تحت اسم الحق المقدس لليهود في ارض الميعاد ومقولة شعب بلا ارض وارض بلا شعب وكذلك يقع الاستبداد في العالم العربي باسم الديمقراطية وتحصين الحداثة من الخطر الأصولي والإرهاب إلى غير ذلك وكذلك الحديث عن العنف الذي تمارسه الجماعات المسلحة باسم الإسلام وباستعمال سلاح التكفير ومحاربة الصليبية وفتاوى من نوع تترس الظلمة بالمدنيين وجواز قتل مدنيين في مثل هذه الحالات إلخ… وهكذا فان العقل البشري عادة ما يبدع ويختلق صورا ذهنية وفكرية لإعادة تأويل الواقع كي يتمكن من التواصل مع الآخر وضمان حلفاء يؤمنون بخطابه ويشاركونه مصلحته إذ أن كل فعل إذ يقع فهو فعل اجتماعي وهو مكره بهذه الصفة على إيجاد أدوات خطاب ونسق من التأويل يمكنه من تحقيق ما يريد خيرا كان أم شرا وخاصة إذا كان شرا. وفي هذا الإطار فان الخطاب الديني والأيديولوجي هو من أنجع الأدوات التي تمكن هذه الممارسات من خطاب وتأويل تشريعي وليس هذا لعلة في الخطاب الأيديولوجي أو الخطاب الديني ولكن لما تتوفر عليه هذه المنظومات من قدرة على إشاعة خطاب يمس وجدان الجمهور كما يمس تصوراتهم وهو ما لا تتوفر عليه المنظومات الفكرية الأخرى.
في تعريف العنف
يجمع أغلب الباحثين في تعريفهم للعنف على كونه أداة ووسيلة لتحقيق أهداف ما، فردية أو جماعية، بمعنى أنه ليس عقيدة أو فكرا وإن استعمل فكرا وعقيدة لتشريع ممارسته. وهذا بخلاف التفسيرات التي ترى في العنف عقيدة أصيلة تفسرها منظومات فكرية أو دينية أو أيديولوجية. ومن هنا يتصارع الإسلاميون مثلا مع خصومهم الشيوعيين في تبادل تهم تبني العنف كعقيدة وكذلك يفعل الليبراليون تجاه الشيوعيين. والمرء إذا ما وقف عند هذه المقولات لن ينجو أحد ولا تيار من أن يوصم بالعنف إما عقيدة أو ممارسة وهذا أمر يدعونا إلى التوقف، إذ إن المتابع لما يقع في العالم لا يغفل عن كون كل هذه المنظومات السياسية أو الفكرية تورطت بدرجة أو بأخرى في العنف السياسي بجميع أنواعه أكان عنف الدولة أو العنف المقابل للدولة والمواجه لها أو العنف تجاه تركيبات المجتمع أو تجاه مجتمعات أخرى. والقصد من هذه الملاحظة القول إن الممارسة السياسية عموما محكومة بقوانين أعلى من القيم الأخلاقية التي عادة ما تبشر بها المنظومات الأيديولوجية سواء أكانت ذات خلفية دينية أو علمانية بحيث يمكن اعتبار قوانين الحكم والسلطة من مستوى قوانين الطبيعة البيولوجية على النحو الذي ذكره ابن خلدون في مقدمته[1]. تكمن أهمية الملاحظات السابقة في كون العنف ليس مرتبطا بعقيدة أو أيديولوجية ولكنه يمكن أن يصاحب كل العقائد والأيديولوجيات ومن هنا فان التفكير الذي ينحو إلى اتهام جماعة أو منظومة فكرية بالعنف بسبب خلفياتها الفكرية هو تفكير لا يراعي معطيات الواقع كما انه يتغافل عن حقيقة الظاهرة التي يرصدها بحديثه أو تحليله.
إذا سمحنا لأنفسنا بقبول هذه المقدمة أي الصبغة غير العقائدية للعنف وان استند على تأويلات عقائدية فكيف إذا يمكن فهم أو تفسير العنف؟
العنف إذن هو أسلوب يستعمل لتحقيق غرض ما ويتسم هذا الأسلوب بمجموعة من الصفات أولها استعمال القوة والملاحظ انه ولكثرة ارتباط العنف بممارسة القوة اصبح يمكن استعمال التعبيرين بالتناوب في مقامات مشتركة على أن المرء يجب أن يميز بين استعمال القوة والعنف إذ ليس كل استعمال للقوة عنفا وليس في كل عنف استعمال للقوة، ومن السمات الأخرى للعنف الإكراه ذلك أن الذي يمارس العنف يسعى لإكراه موضوع فعله على ما لا يريده. أما السمة الثالثة والأساسية للعنف فهي كونه اعتداء على الآخر أو على الذات. والاعتداء هو عموما تدخل في المجال الخاص لفرد أو مجموعة دون إذن منها ورغما عنها، فالممارسة العنيفة هي في الأصل ممارسة غير مشروعة، على انه يجدر التنبيه هنا هو أن غياب الشرعية عن الممارسة العنيفة نسبي إذ الشرعية مرتبطة بموضوع ممارسة العنف أي الجهة التي يمارس عليها العنف لا الجهة الممارسة له. كما انه يجدر التنبيه أنه لا يمكن اعتبار كل ممارسة للعنف ممارسة غير مشروعة مطلقا أو أنه الأسلوب الأنسب في اغلب الحالات إذ يصعب في عالم الممارسة رفض أسلوب ما بشكل مطلق أو قبوله بشكل مطلق على أن الإشكال في التعامل مع هذا الأسلوب يتركز خاصة في استعماله تجاه الذات أكانت هذه الذات فردية أو جماعية.
يمكن تصنيف العنف الى مجموعة من الأصناف فهناك العنف الفردي كما هناك العنف الجماعي وهناك العنف العشوائي كما هناك العنف المنظم.
يتخذ العنف المنظم طابعا نسقيا وقصديا إذ أنه يمارس من أجل خدمة مصالح مضبوطة ومحددة أما العنف العشوائي فانه يمكن أن يعبر عن حالات كبت وانفجار كما انه يمارس بصورة تلقائية غير مبرمجة وهو يفسر عادة بالتفاعلات الداخلية للظروف الذاتية والخارجية[2] وبينما يكون العنف المنظم موضوعيا بحيث لا يرد إلى وضع الأفراد فان العنف العشوائي يعبر عن حالات من التعويض وردة فعل مباشر تجاه موضوع القلق والضجر. كما إن هذا العنف نوع من تحويل للعدوانية من الموضوع الرئيسي والأساسي الذي تصعب مهاجمته لقوته وسلطته مثلا إلى موضوع آخر أقل قوة وأقل مقاومة. يمكن الحديث عن نوع آخر من العنف وهو العنف المرضي والذي يعبر عن حالة عصاب نفسي وهو ليس موضوع اهتمامنا في هذا المقال.
يمكن تقسيم العنف المنظم إلى عنف إجرامي وعنف سياسي:
فالعنف الإجرامي غير موجه لاشخاص كما أنه ليس أداتيا، وهو غير موجه للدفاع او لخلخلة او اقامة نظام قيمي معين، برغم انه وبشكل غير مقصود يمكن ان يساهم في ذلك. أما العنف السياسي فهو موجه للحفاظ على نظام قيمي أو سياسي معين، أو لتغييره واستبداله بنظام قيمي أو سياسي آخر. على ان التمييز بين أنواع العنف هذه لا يجب ان يؤخذ بحدية مطلقة ذلك ان حدودها يمكن ان تتداخل وتختلط كما أنها يمكن ان تتحول من نوع إلى آخر كما يمكن ان يستعمل نوع منها كتعلة لممارسة نوع آخر، كأن تستعمل الجريمة الاجتماعية من اجل ترسيخ عنف البوليس مثلا ما يفسح المجال للماسكين بالسلطة كي يغيروا المعايير الاجتماعية. كما يمكن ان تتحول العصابات الإجرامية إلى عصابات سياسية مناضلة. أو أن تتحول مجموعات العنف السياسي إلى مجموعات عنف اجتماعي، وأن تختلط الممارسة السياسية بالاجتماعية والاجتماعية بالسياسية، او يتخفى العنف الاجتماعي تحت لافتة سياسية.
ماذا عن الحالة التونسية؟
في ما يخص الحالة التونسية، ما هي المؤشرات التي تبرر القول بوجود مجموعات تتبنى العنف او باحتمال ان تشهد تونس حالة من العنف السياسي الداخلي.
إن أهم مؤشر على احتمال نشوء العنف في تونس ليس وجود ممارسات لهذا العنف وانما انتشار الافكار التي تشرع له في صفوف فئات من الشباب التونسي وكذلك وجود عدد معتبر من الشباب التونسي الذي عبر عمليا عن تبنيه لتلك الافكار من خلال هجرته الى مناطق ممارسته مثل افغانستان او العراق، وتنذر بعض التقارير أن خمسة بالمائة من الشباب الأجانب المقاتلين في العراق هم من أصول تونسية هذا إلى جانب تكرار عمليات اعتقال شبكات ومجموعات توصف بالارهابية في عدد من الدول الأوروبية بعض عناصرها من الشباب التونسي.
إضافة إلى هذه المعطيات فان انتشار العنف الاجتماعي مؤشر في ذاته على احتمال تحول ذلك العنف إلى الساحة السياسية هذا دون ان نغفل عن التفسير السياسي لهذا العنف الاجتماعي وهو ما سنعرض إليه لاحقا في هذه المقالة. إنه إذا ما أخذنا بالملاحظة القائلة بإمكانية تحول العنف الاجتماعي إلى عنف سياسي وإذا ما نظرنا إلى ما يرد في العديد من التقارير حول هذه الظاهرة، فإن الوضع فعلا ينذر بانتشار الجريمة المنظمة والعشوائية في تونس. إن هذه مؤشرات لانطلاق عنف ضد الدولة خاصة وان النظام يقوم وبشكل دوري باعتقال العديد من الشباب الذين يتبنى بعضهم أفكارا قد تؤدي إلى تحول بعض المنحرفين اجتماعيا إلى تبنيها وبالتالي تحولهم من دائرة العنف الاجتماعي إلى دائرة العنف السياسي.
الجانب الآخر الذي يرشح الساحة التونسية بنشوء ظاهرة العنف السياسي هو ما وقع في عدد من الدول الاخرى بعد عودة من يسمون بـ”المجاهدين” إلى أرض الوطن ذلك ان المحارب عندما يعود الى بلاده يصعب عليه الاندماج من جديد في ساحة الفعل المدني والسلمي وعادة ما تطبعه تجربته القتالية كما تطبع أساليب فعله وردة فعله خاصة اذا ما تعرض الى الظلم. وقد بينت التجربة الجزائرية بعد الانقلاب الذي أوقف العملية الديمقراطية في بداية تسعينات القرن الماضي ودفع بآلاف الشباب إلى السجون والمعتقلات، ان عددا من العائدين من مثل تلك الساحات هم الذين شكلوا فيما المجموعات المسلحة وخاصة في مستوياتها القيادية. أضف إلى ذلك وجود علاقة مباشرة بين المجموعات المسلحة في الجزائر وعدد من الشباب التونسي الذي رأى فيها رحما يمكنه من تحقيق رغبته في الجهاد والاستشهاد هذا بغض النظر عن مدى اقتناع هذا الشباب بافكار تلك المجموعات قبل الدخول في علاقة معها. كل هذه المؤشرات تجعل تونس مقدمة ان بقيت الحالة على ما هي عليه على تكرار التجربة الجزائرية وان في اطار سيناروهات مختلفة. والسؤال هو لماذا انتشرت هذه التيارات؟ وما هي المناخات التي مثلت أرضية مناسبة تجعل هؤلاء الشباب والفئات الاجتماعية يعتبرون ان العنف هو الاسلوب الامثل للتعامل مع الاخر ولحل المشاكل السياسية التي تعاني منها البلاد؟
في أسباب العنف السياسي والاجتماعي
يميل أكثر المحللين الاجتماعيين وعلماء النفس إلى تفسير العنف برده الى الوضع النفسي أو الاجتماعي للفرد أو للفئة التي تمارسه وفي هذا الإطار فان هناك العديد من البحوث التي تناولت موضوع العنف من خلال وجهة النظر هذه على اني وفي هذه الورقة ساحاول تقديم تفسير سياسي لبروز العنف وملخص الحجة التي ساقدمها يتمثل في اعتبار العنف تعبيرا عن فشل السياسة علىمستوى السلطة الحاكمة وعلى مستوى المكونات الحزبية والمدنية للمجتمع. هناك العديد من الفاعلين السياسيين في الساحة التونسية ولا شك ان السلطة والاحزاب والتيارات السياسية من اهم المؤثرين في هذه الساحة الا ان للخارج تاثيرا كبيرا في الوضع الداخلي وعلى المزاج العام للشعوب العربية التي من البين ان إحساسها القومي وانتماءها الحضاري لم تؤثر فيه كثيرا سياسات الدولة القطرية. وقد تجمعت على الاقل ثلاث قضايا كبرى تهم عموم المسلمين منها اثنتان تحتلان مركز اهتمام الشعوب العربية وهما القضية الفلسطينية والعراق أما الثالثة فنقصد بها أفغانستان.
وكي لا نطيل كثيرا في ما يخص الوضع الدولي فانه يمكن وبعجالة ان نقول ان العنف الذي يمارس على الأمة الإسلامية عموما وعلى العرب بالخصوص يستدعي وبشكل شبه آلي ردة فعل يكون العنف الاسلوب الوحيد المناسب لها خاصة اذا ما تحدثنا عن ذلك العنف الموجه تجاه القوات الغازية والذي يدخل في إطار المقاومة المشروعة. ومن المهم التنبيه في ما يخص المزاج الشعبي في تونس هو شدة حساسيته تجاه القضايا القومية، ولست هنا اسعى لتفسير هذه الحساسية ولكن يكفي ان ننبه الى ان الشارع التونسي لم يتحرك بنفس الحماس لقضاياه المحلية بينما انطلق بكل عنف للتعبير عن رفضه لما يقع من غصب للحقوق ومن اعتداءات على أشقائه في كل من فلسطين والعراق هذا بالإضافة إلى رفضه سياسات السلطة في التطبيع مع الكيان الصهيوني وفي هذا السياق يخبرنا المؤرخون ان الشعب التونسي انتفض منذ الثلاثينات ضد الكيان الصهيوني حتى قبل أن يتحول إلى دولة كما ان شبابه تطوع في موجات للجهاد في فلسطين بداية من حرب ثمان واربعين الى حد اليوم وان شعب تونس قدم ولا يزال يقدم شهداء في سبيل القضية الفلسطينية على ان قيود الدولة القطرية جاءت لتعطل هذا المد التلقائي ولذلك فان ما تعرفه تونس اليوم من اعتقال لعشرات الشباب الذين يريدون التطوع للمقاومة في العراق لا يفسر في رأيي بانتشار فكر ما يسمى بالسلفية الجهادية او غيرها من الايديولوجيات وانما يفسر بالمزاج العام للشعب التونسي وبحسه العروبي والإسلامي. على ان الدور الذي تقوم به بعض المجموعات المحسوبة على السلفية او ذات العلاقة بتنظيم القاعة له تاثير لاحق على تبني واقتناع ذلك الشباب بفكر القاعدة ذلك ان هذه التنظيمات هي الوحيدة التي تقدم التسهيلات اللوجستيكية لهؤلاء الشباب المتعطشين للدفاع عن كيانهم الجماعي الذي يعتدى عليه وهذا ما يجعل فكر هذه الجماعات اكثر قابلية للانتشار بسبب رفعها لشعار مطلوب على الساحة اي الدفاع عن الهوية القومية والإسلامية للشعوب العربية برغم كون تيار القاعدة لا يؤمن بالروح القومية للشعوب العربية بقدر ما يؤمن، مثله مثل بقية التيارات الإسلامية، بالأممية الإسلامية على أن التقاطع بين العروبة والاسلام يجعل التيار القاعدي من حيث لا يدري او يقصد أكثر جرأة في تعبيراته القومية العربية على الساحة ولهذا السبب فان هذا التيار وبسبب الخدمات التي يقدمها بشكل مباشر أو غير مباشر لهذه الشرائح من الشباب مؤهل ان يكون فكره موضوع اقبال وتبن. ويبدو ان المجتمع التونسي تتسع فيه بوتقة هذا الفكر الذي يؤطر المتعاطفين معه إلى حد الآن ضمن القضايا الاممية قبل القضايا القطرية. وفي هذا الاطار تكمن رمزية أحداث الحادي عشر من سبتمبر والتي مثلت، وبغض النظر عن موقفنا السياسي منها، تعبيرا عن انتقام من قوة ترى فيها فئات واسعة من الشعوب العربية والاسلامية سببا رئيسيا للبلاء والظلم الذي تعاني منه. وأحسب أن كثيرا من العرب والمسلمين لا يزالون يشاركون الإمام الخميني وصفه هذه القوة بـ”الشيطان الأكبر” الذي فشلت سياساته على الأرض، إلى حد الآن، في تقديم صورة مغايرة خاصة فيما يتعلق بالدعم اللامشروط للكيان الصهيوني أو في ما يحدث في العراق وفي أفغانستان.
المستوى الثاني من العامل الدولي هو صعود تيارات تنسب الى التيار السلفي تتبنى العنف كوسيلة للعمل وللتعامل مع الآخر وقد بينا ميزات وقدرات هذه التيارات عموما على نشر افكارها وعلى تعبئة الجماهير حولها، إضافة إلى مبادرة هذه التيارات والجماعات الى تقديم الخدمات اللوجستيكية للشباب المتطوعين لساحات القتال ما يمكنهعم من تعبئة هؤلاء ضمن رؤاهم وتأويلهم للواقع وضمن سلوكهم في التعاطي مع هذا الواقع الذي لا يجدي التعامل معه بغير العنف وسيلة لردع الظلم ومعاقبة من يتعاون مع الظالم وما يتولد عن كل ذلك من أحكام أخرى تطال قتل المدنيين من مسلمين وغيرهم تحت مقولات فقهية مثل التترس وغيرها. في هوية الدولة القطرية: من المهم التنبيه في البداية إلى ان الدولة القطرية أصبحت تمثل عاملا معطلا للمشاعر القومية ما يجعلها تقف في صف “الاعداء” بالنسبة للذين يريدون ان يعبروا عن عواطفهم تلك بشكل عملي اذ بينما تمكن الشباب العربي والإسلامي في مرحلة الاحتلال وغياب الدولة القطرية من التحرك الحر لنصرة القضية الفلسطينية فان الدولة القطرية الحديثة وقفت حجر عثرة أمام هذه المشاعر خاصة وان شرعيتها السياسية وذلك باستثناء بعض الدول ذات المرجعية القومية تقوم على تعميق الروح القطرية على حساب الروح القومية والانتماء الحضارية للأمة الإسلامية بشكل عام. ويعتبر هذا العامل أحد أسباب الاحتقان في الشارع العربي وفي علاقاته بحاكميه كما انه احد اسباب الثورة عليه بنفس المستوى الذي يدعو تلك الشعوب إلى رفض السياسات الأمريكية والثورة عليها.
فشل الدولة في القيام بمهمتها
يعتبر ابن خلدون ان العمران البشري ضروري للإنسان الذي لا يقدر على المعاش وعلى الحفاظ على النوع إلا في إطار جماعة متعاونة ومتضامنة، الا انه يضيف في مقدمته ان هذا الاجتماع البشري يحتاج الى وازع يمنع اعتداء افراد ذلك الاجتماع على بعضهم البعض مبينا ان الوازع الاخلاقي والديني غير كاف لتحقيق هذه الحاجة ومبينا ان الوازع السلطاني هو الوازع الذي من شانه ضمان التعايش السلمي بين افراد المجموعة البشرية الواحدة كما انه الكفيل بحماية تلك المجموعة ضد الاعتداءات الخارجية. ويلخص ابن خلدون بهذه المقدمة مهمة السلطة الحاكمة في حفظ الأمن وباستعمال مصطلح الماوردي في الحفاظ على البيضة كشرط لإمكان العمران البشري ولذلك فان الدولة اذا لم تقم بحفظ الأمن والدفاع عن البيضة فقدت شرعيتها كسلطة يحتكم اليها الناس وينتظمون ضمن تشريعاتها. ومن البين ان الدولة القطرية العربية منها بالخصوص قد فشلت في القيام بهذه المهمة، بل هي اصبحت تعبر في كثير من الحالات عن مدى تغلغل النفوذ الأجنبي في البلاد العربية بحيث أصبح ينظر إليها كممثلة لذلك الاحتلال لا مقاومة لسلطانه، هذا على مستوى الدولة القطرية في علاقتها بالمنظومة الدولية. اما على مستوى الواقع الذاتي للدولة القطرية فيبدو انها قد فشلت كذلك، وبمستويات متفاوتة، في حفظ الأمن لأفرادها وكياناتها الجماعية بل لقد أصبحت في أحيان كثيرة تعتدي على المجتمع أفرادا وجماعات. فالدولة العربية في أغلب الأحوال لا تمثل وازعا يمنع الاعتداء ويحقق العدل بين أبناء الوطن الواحد بقدر ما تحولت إلى خصم للمجتمع وإلى معتد ضمن سلسلة الذين يعدون على المجتمعات العربية. وقد بين ابن خلدون ان الظلم مؤذن بخراب العمران وهذا يعني ان الدولة عندما تتحول الى ممارسة الظلم عوض اقامة العدل فان الرسالة التي تبثها لمن تنزع به نزوعاته العدوانية الى الاعتداء على غيره هو أن الوازع الذي يمكن ان يمنعه من ارتكاب ظلمه وجرائمه مفقود.
بالنسبة إلى الحالة التونسية، لقد بلغ الوضع حدا من الانحلال والخراب اصبحت الجهة الممثلة للدولة تحتكر فيه كل شيء تقدريبا بما في ذلك الإجرام. فأفراد العائلة الحاكمة في تونس والمرتبطون بهم بشكل أو بآخر هم أكثر الناس فسادا وأول من أشاع أساليب المحسوبية والنهب والرشوة واغتصاب حقوق الناس مباشرة ومداورة، وأصبحوا يعملون في المجتمع وفي ثرواته بأساليب عصابات المافيا وبحماية من مؤسسات الدولة. ولذلك فان الباحث السياسي أو المحلل النفسي أو الاجتماعي لا يحتاج الى الذهاب بعيدا كي يجد تفسيرا لانتشار الجريمة الاجتماعية المنظمة والعشوائية في المجتمع في ظل ثقافة تشيعها السلطة الحاكمة في تونس تعتبر السرقة والإجرام طرقا مناسبة للإثراء السريع وغير المشروع متخلية عن الخطاب والثقافة التي حكمت المرحلة البورقيبية التي رغم كل ما يمكن ان نقول فيها على المستوى السياسي الا انه لا يمكن ان نقارنها بما وصلت إليه تونس في المرحلة الراحلة من تفشي للفساد ومن انتشار للجريمة وخاصة منها الجريمة العنيفة.
إن العنف سواء أكان اجتماعيا أو سياسي إنما بعبر عن فشل الدولة في القيام بمهمتها وفي التعبير عن شرعيتها بما هي وازع يحقق الأمن ويمنع العدوان. وإن المرء إذ يرى في مشاعر وأعمال الدفاع عن الروح القومية تعبيرا ايجابيا في هذه الأمة فان العنف الموجه للذات لا شك تعبير سلبي يعبر عن فشل هذه الأمة إلى حد الآن في تصعيد نخب تحكمها وتحقق لها أمنها الاجتماعي والسياسي. صحيح أن هذا الفشل يعود في جانب منه إلى عوامل دولية تفرض على أنظمة الحكم نهجا سياسيا يراعي مصالح القوى الكبرى اكثر مما يراعي مصالح شعوبها في مستوياتها القطرية والقومية، إلا أن ذلك لا يعفي نخب هذه الأمة من مسؤوليتها في الاتحاد ضد الظلم والأخذ على يد الظالم بالأساليب المناسبة. وهذا الفشل يفتح الباب للعنف كي يكون الإجابة العملية على القهر الذي تعاني منه الأمة. وإذا ما اعتبرنا، كما تقدم، أن العامل السياسي مؤثر في نشاة العنف الاجتماعي والسياسي فإن الفكرة تحتاج الى ان تمتد للبرهنة على دور بقية اللاعبين السياسيين في الساحة المحلية، أي مكونات المجتمع المدني، والسؤال هو كيف تكون هذه المكونات عاملا من عوامل انتشار العنف في المجتمع؟
الاجابة السريعة على هذا السؤال تتمثل في أن تخلي هذه الجماعات عن القيام بدورها بصفتها جهات ضغط ومعارضة للدولة بنفس الشكل الذي تتخلى فيه الدولة القطرية عن حماية البيضة أو الوطن أو المصالح الوطنية والقطرية فتكون بذلك سببا في بروز العنف، فان المعارضة عندما تفشل في إكراه السلطة الحاكمة على القيام بدورها أو على تغييرها تكون مشاركة في نشأة العنف واستشرائه بما أنها تسمح للسلطة بممارسة اعتدائها على المجتمع. وللمعترض أن يقول إن المعارضة المدنية والسياسية هي في الحقيقة ضحية لقمع الدولة فكيف تكون شريكا لها في هذا الأمر. وهذا صحيح خاصة في وضع تجد فيه السلطة المستبدة دعما كبيرا من القوى الخارجية كما هو واضح في الحالة التونسية، إذ تلقى السلطة في تونس دعما ماديا وسياسيا لا يتجاوزه في المنطقة إلا الدعم الذي يلقاه الكيان الصهيوني. وهذا يجعل من فعل المعارضة، وإن اتحدت جهودها، عاجزة عن موازنة قوة الضغط الذي تمارسه السلطة على المجتمع وعلى كافة مكوناته. ولكن تجدر الاشارة الى انه وفي عدد من الدول العربية تشكو المعارضة من تشرذم بين مكوناتها وخوف من بعضها البعض. فالعلمانيون بمختلف أطيافهم يخشون الإسلاميين، والإسلاميون يخشون تحالفات العلمانيين مع السلطة، وهو ما أنتج انفجارا للعنف في الجزائر وانفكاك كل القيود لسلطة القمع في تونس. وبينما تشهد الساحة المصرية حركية متصاعدة نرجو أن تفضي إلى تحولات حقيقية في اتجاه الديمقراطية، فان الحالة التونسية لا تزال معطلة برغم عدد من المظاهر الايجابية التي بدأت تعرفها التعبيرات المدنية في تونس خلال الفترة الماضية والتي تحتاج إلى مراكمة حتى تؤسس لثقافة العمل السياسي المدني المشترك، وتضيق من مجال الجاذبية التي بدأ يحظى بها الفكر الذي يدعو الى العنف، وتعيد الأمل لفئات الشباب وللمحرومين من الفئات الاجتماعية في إمكانية أن يزول هذا الظلم وفي امكانية تحقيق مصالحهم المعنوية والمادية بالطرق السلمية المشروعة.
خاتمة: العنف والديمقراطية
يمكن أن نلخص مقالنا هذا في أن الظلم من أهم أسباب انتشار العنف المشروع منه وغير المشروع، السياسي والاجتماعي، ما يعني أن غياب الظلم وتحقق العدل هو الوسيلة المثلى للتخلص من العنف والقضاء على أسبابه، وأنه لا يجدي السلطة الظالمة والمستبدة أن تكثر من قوات الأمن ومن القوانين الزاجرة من أجل الردع ما دامت هي نفسها خارقة لتلك القوانين، ذلك أن خرقها للقانون يجعل من الدولة حامية للمجرمين لا مانعة وزاجرة لهم. والعدل لا يتحقق بحسن النوايا أو بالتعويل على “المستبد العادل”. فالحكم والسلطان كما يقول ابن خلدون يميل الى الاستبداد بطبعه وإن توفر المستبد العادل في جيل فانه سيورث حكمه لمستبد مفسد وظالم. وفي ما يخص الحالة التونسية، فإنه إذا أمكن الحديث عن بورقيبة كمستبد توفر في فترة حكمه حد من العدل الاجتماعي أعلى في كل الحالات مما آل إليه الوضع في عهد سلفه، فانه من البين انه قد ورث حكمه لمستبد فاسد. فالاستبداد سوء في كل الحالات أكان الاستبداد باسم العدل أو الظلم. فليس من حل إلا أن يحكم الناس باختيار من يحكمهم ومن يرون فيه معبرا عن مصالحهم فينقادون في أغلبهم لحكمه طوعا، وهذا ما يجد تجسيده في بالديمقراطية. مع ان الديمقراطية لا تتحقق الا إذا توفرت في المجتمع قوى مستعدة للدفاع عنها والوقوف في الاستبداد. وليس في الديمقراطية إذا أخذت كآلية مجردة للتداول على الحكم ما يمنع من إنتاج حكام مستبدين. فهتلر وموسوليني إنتاج أنظمة ديمقراطية، كما أن الديمقراطية لا تمنع البتة الاعتداء على حقوق الناس، خذ مثلا ما يقع في الولايات المتحدة في ظل حكم جماعة المحافظين الجدد. إن الديمقراطية كي تكون محصنة تحتاج إلى توازنات داخلية توزع السلطة بحيث تمنع مكونات المجتمع ان تستبد الجهة الماسكة بالحكم وان باسم الديمقراطية.
[1] عبد الرحمن بن خلدون، المقدمة، دار ومكتبة الهلال، بيروت، 1983، ص38 [2] Hartogs & Artzt (1970): Violence, causes and solutions, New York 1970 Human Paleopsychology: Applications to Aggression and Pathological Processes
(المصدر: مجلة “أقلام أون لاين”، العدد 16 ، السنة الرابعة، نوفمبر – ديسمبر 2005)
لمصلحة من؟
يقوم البعض بجلد المعارضات العربية…
الحبيب أبو وليد المكني
benalim17@yahoo.fr
مع إطلالة كل عام جديد تنفتح شهية الكتاب إلى القيام بالموازنات السنوية التي يراد بها الكشف عما شهدته السنة المنتهية من أحداث و ما يمكن أن يستشرف على أساسها من مستجدات قد تتوافق مع آمالهم أو تتعارض ، وهي لعمري عادة محمودة لا تتأخر عن القيام بها مختلف الدوائر الإعلامية في العالم ، صغر شأنها أم كبر ، لكن ما لفت انتباهي هذه السنة هو إفراد المعارضات العربية بنصيب وافر من المقالات التي يحاول فيها أصحابها نشر الغسيل قبل أوانه وكأنهم بذلك يعلنون نهاية مرحلة وبداية أخرى ، وبالتالي وصل الأمر إلى نوع من جلد الذات أخشى أن لا يكون في خدمة المشروع الديمقراطي الذي قدم أحرار العرب ولا زالوا يقدمون التضحيات الجسام من أجل أن ينتقل من حيز الـتصور و الأمل إلى مجال الواقع و الحقيقة .من هذه المقالات التي بلغت مبلغا قاسيا في الجلد ما نشره الدكتور فيصل قاسم تحت عنوان “احتضار المعارضات العربية ” و ما أفتى به الدكتور خالد شوكات من تحريم تشكيل الحركات الإسلامية وما أعلنه محمد حداد من مسؤولية الحركات الإسلامية عن ظاهرة الطائفية والإرهاب و الفتنة و ما يبشر به البعض من قرب تلاشي حركة الإخوان المسلمين في مصر بعد أن تدخل التعديلات الدستورية التي أعلن عنها الرئيس المصري حيز التنفيذ.
1 ــ ليس العيب في توجيه النقد للمعارضة …
لا شك أن المعارضات العربية قد وقعت في أخطاء جسام و أنها تحمل جنات استبدادية لم تستوردها من الخارج ولكنها ثقافة أصيلة تربت عليها، و أملتها الظروف التي ولدت فيها و السياسات التي تُنتهج إزاءها .
وإن كانت ثقافة الاستبداد قد صنعت لدى الطبقات الحاكمة الرئاسة مدى الحياة و انتهاج سياسات الإخصاء الاجتماعي و السياسي و الثبات على ممارسة العنف بأشكاله المتعددة وتهميش القوى الفاعلة في الأمة و رهن قرارها للدول الكبرى حتى عجزت اليوم عن التعبير عن مواقفها في العلن وانتظار الأوامر العليا من واشنطن أو لندن… فإنها قد أنتجت لدى الأحزاب المعارضة ظاهرة التشرذم و التمزق و التشتت التي أفقدتها القدرة على القيام بدورها في تعديل موازين القوى لصالحها ، و أشياء أخرى لا يتسع هذا المقال للتعرض لها .
بيد أن هناك فرق بين النقد الذي يراد به التنبيه لمواطن الزلل و الخطاب الإعلامي الذي يعبر به أصحابه عن أمل يمنون أنفسهم بتحقيقه حتى يرضوا ضمائرهم و يطفئوا أحقادهم أو يبرروا تخاذلهم و يقنعوا بوجاهة خيارهم في التعاون مع الديكتاتورية و الاستبداد و العمل على تسويق سياساتها على أنها قدر مقدورا، لا فائدة من الوقوف في وجهه و لا مناص من الإذعان له و الاستسلام لمشيئته ، و يحبرون مقالات يعرضون فيها خدماتهم و يعمدون فيها إلى التشكيك المفرط في مناهج المعارضات و التعجل في إلصاق صفة العمالة بها و الإعلان عن فقدانها مبرر وجودها ، متناسين أن البديل عنها هو الفراغ السياسي التام و أنهم في الحقيقة لا ينبهون إلى أخطاء المعارضة فقط ، و لكنهم يوجهون دعوة صريحة لهجرة العمل المعارض و اليأس من التغيير وبث روح الإحباط بين الجماهير ومن تم إضعاف المشاعر الوطنية و إذكاء روح الأنانية وحب الذات و الانتهازية ونشر ثقافة الهزيمة وكلها أهداف معلنة يرجى تحقيقها في إطار العولمة المتوحشة و فرض إرادة الغزو و العدوان و وضع اليد على الأموال و المقدرات و الطاقات فتزداد الأمة ضعفا و يتحقق لأعدائها ما يصبون إليه من إذلال و نفوذ وتمكين .
2 ــ الظروف الموضوعية لم تكن مواتية
و مهما ركزنا على العوامل الذاتية و أبرزنا دورها الجوهري في إضعاف المعارضات العربية فإنها تبقى قاصرة عن شرح الحقائق لتبقى الظروف الموضوعية عوامل رئيسية ومحددة لنتائج العمل السياسي العربي المعارض, إذ لا نظن أن أحزاب المعارضة في أمريكا اللاتينية أو آسيا التي تحقق هذه السنين إنجازات لا بأس بها على طريق إرساء الديمقراطية و تحقيق مبدأ التداول السلمي على السلطة و تعمل في كنف الوحدة والانسجام …لا نطن أنها قد نجحت في القضاء على جرثومة التشرذم و التناحر ولكن نعتقد أن الظروف الموضوعية التي أحاطت بها قد خففت من حدة التنافس المرضي و دفعت الفرقاء إلى ترتيب أولوياتها بطريقة سمحت بالتعاون في القضايا الأهم و تحقيق التقدم الملحوظ على طريق إرساء الدولة المدنية التي ستضمن تواصل الصراع السياسي بينها دون الوقوع في فخ الاحتراب المذموم . أما في البلاد العربية فإن هذه الظروف الموضوعية ما فتئت تتأزم نتيجة لوجود الكيان الإسرائيلي المحتل الذي يتمتع بحماية دولية قوية تعمل جاهدة على تأبيد تفوقه العسكري و تخطط على الدوام من أجل الإبقاء على واقع التجزئة العربية بل العمل على مزيد تفتيت المفتت و تجزئة المجزأ . و في الوقت الذي تخف وطأة القواعد الأجنبية في جنوب شرق آسيا و أمريكا اللاتينية نلاحظ عودة للاستعمار المباشر في منطقتنا و برامج لتوسيع القواعد العسكرية القديمة و إنشاء المزيد منها كل ذلك بسبب حيوية مصادر الطاقة بالنسبة للاقتصاد الدولي و لأغراض أخرى معلومة ومجهولة لعل ما يتصل منها بإرهاب القاعدة ليس إلا قمة جبل الجليد التي تطفو على سطح المحيط وقد رأينا كيف تحظى المعارضة في أوكرانيا و قرغيزستان و جورجيا …بدعم إعلامي وسياسي رجح كفتها في تعديل موازين القوى لصالحها و لكن هذا الدعم يقف مترددا أو متواطئا ضد القوى الشعبية الحقيقية في مصر و تونس و الجزائر و لبنان و الصومال . و في الوقت الذي يبنى فيه استقرار الدول في أمريكا اللاتينية و آسيا وبعض بلدان إفريقيا على مبدأ احترام المواطنة يتم تأجيج المشاعر الطائفية في البلاد العربية بالقدر الذي لم تعرفه القرون الخمسة الماضية للإيحاء بأن المنطقة العربية و الإسلامية لا زالت خارج العصر و أنها في حاجة ماسة لحملة أجنبية تنشر بها قيم التمدن و الحداثة على غرار ما فعلته حملة بريطانيا على الهند أو حملة فرنسا على السنغال ، وفي الوقت الذي ترفع فيه الحصانة الدولية على كل الديكتاتوريات في العالم ترتفع الأصوات بضرورة حماية الديكتاتورية في المنطقة العربية بتعلة أن البديل عنها هو المجهول و الفوضى …
هذه العوامل وعيرها لا يجب على المحلل المنصف أن يغفل عنها وهو يتحدث عن حصاد المعارضات العربية في مثل هذه المناسبات…
3 ــ فيما يخص الحركات الإسلامية
و فيما يتطرف البعض في جلد المعارضات العربية إلى حد الإعلان عن اضمحلالها و تلاشيها ولعله بذلك يزف البشرى للحكام العرب، حتى يتنفسوا الصعداء و يفرحوا بآرائهم الملهمة و سياساتهم الحكيمة و”هديهم المبارك ” تنفلت مشاعر الحقد و الضغينة و الكراهية من عقالها لدى بعض الأوساط لتعلن بشكل مبكر عن هزيمة المشروع الذي تمثله حركات الإحياء الإسلامي و لتحاول أن تلصق به كل العوارض السيئة التي تشهدها المنطقة العربية في هذه المرحلة المفصلية التي تجلت فيها كل ملامح معركة التحرر الوطني ، مع تجدد الاستعمار المباشر، و ممارسة الضغوط الجبارة على الشعب الفلسطيني حتى تنهار عناصر المقاومة فيه ، و يقبل بالاستسلام المذل و من ورائه تفرض الهزيمة على العرب و المسلمين فيعلنون صاغرين رضاهم بجعل بلادهم حديقة خلفية لحضارة الغرب تتنفس من خلالها وترفه بها عن مواطنيها عند الحاجة إلى مواد الطاقة الرخيصة و الشواطئ الجميلة و الأسواق الواسعة …
ــ يالها من دعوة مشؤومة …
أعلن أحدهم على موقع إيلاف (أنظر المقال المذكور بقلم عبد الله كمال رئيس تحرير جريدة روزليوسف المصرية/ نشر يوم 28.12.06 ) عن قرب تلاشي حركة الإخوان المسلمين بعد سماعه لخطاب الرئيس المصري حسني مبارك الذي أعلن فيه عن عزمه تحوير الدستور المصري بما سيمنع قيام أحزاب على أساس الدين “حماية للأقباط و العرب مجتمعين” و” تفعيلا لقيم المواطنة والمساواة” وهو بذلك يصطف قبل أن يعطي نفسه فرصة للتروي و التحليل العميق إلى جانب السلطة المستبدة التي يُجمع معظم المصريين على مسئوليتها في تقزيم وزن أرض الكنانة على المستوى الدولي و بالتبعية إضعاف حجم الدور العربي في صنع القرارين الإقليمي و الدولي كما يجمع هؤلاء على أن هذه السلطة لا يمكن أبدا أن تقود مسار الإصلاح السياسي بما يحقق مبدأ التداول السلمي على السلطة و فك قيود المواطن المصري حتى يساهم بفعالية في النهوض ببلده و أمته لسبب بسيط، وهو أنها سلطة تنفرد بالقرار لحماية الفساد وبالتالي فقد فقدت منذ زمان القدرة على الإصلاح و التغيير ،ولم يبق لها إلا التشبث بدور حفظ الأمن و الاستقرار و الاستسلام مع الثمن الباهض ـ لللأسف ـ الذي سيدفعه شرفاء مصر . وكم يسعدنا كعرب و مسلمين أن يكون هذا الرأي خال من كل مصداقية .
ولو فرضنا جدلا أن نهاية الإخوان قد قربت كما يبشر صاحب المقال فأي مستقبل لمصر بدونهم ؟… فهل يا ترى سينفتح باب المواطنة والديمقراطية على مصراعيه ؟؟؟ أما أننا بصدد إعادة التجربة التونسية التي وعدت باستئصال الحركة الإسلامية والتعجيل بالتنمية والديمقراطية و إذا بالتنمية تتعطل … وإذا بالديمقراطية تختنق … وإذا بالفساد يستشري …و إذا بالأمن و الاستقرار مهدد اليوم بالضياع …وقد فعلها عبد الناصر في الستينات بدعوى استكمال شروط التحرير فمنيت الأمة على يديه بهزيمة نكراء تمثل العودة لحدود ما قبلها حلما عربيا رسميا يصعب تحقيقه بعد أربعين سنة وفعلها السوريون في بداية الثمانينات ولم يفلحوا بعدها إلا في حماية حدود إسرائيل التي تحتل الجولان… وفعلها صدام حسبن فكانت من الأسباب المباشرة لما يشهده عراق اليوم من فتنة طائفية واحتلال مقيت …
وفي الختام لا يسعني إلا أن أعبر عن أملي في أن يكون هؤلاء الكتاب يهدفون بحق إلى لفت الانتباه لمواطن الزلل لدى المعارضات العربية ، و في هذه الحالة بكون مقالي هذا تعبيرا عن خشية من أن بكون هؤلاء بمقالاتهم قد قدموا المبررات الجديدة حتى يزداد المواطن العربي توجسا من المعارضة و بعدا عن الانخراط في نشاطها فيكونون بذلك قد ساهموا دون أن يشعروا في إطالة عمر الديكتاتورية و الاستبداد لأن العقل و المنطق لن يجيزا أبدا الاعتقاد بأن اليوم وغدا ، هناك بديل عن المعارضة الديمقراطية والإسلامية لإنجاز مهمة التغيير و أي كلام آخر هو رشوة تقدم للحكام لتحقيق هدف لن يكون شريفا بكل المقاييس …
تونس تعرب عن أسفها الشديد لتنفيذ حكم إعدام صدام حسين يوم عيد الاضحى
أصدرت وزارة الشؤون الخارجية يوم السبت بيانا جاء فيه انه:”على اثر تنفيذ حكم الاعدام في الرئيس العراقي السابق صدام حسين تعرب تونس عن اسفها الشديد لهذا التنفيذ الذى تم يوم عيد الاضحى المبارك وتعتبر تونس تنفيذ الحكم في هذا اليوم مساسا صارخا بمشاعر الشعوب الاسلامية في هذه المناسبة الدينية المقدسة . وان تونس اذ تؤكد مجددا على ضرورة الحفاظ على وحدة العراق واستقراره تامل الا يتسبب هذا الاعدام في ازدياد توتر الوضع وتصعيد العنف وان يتوصل الشعب العراقي الشقيق الى تحقيق المصالحة الوطنية في كنف الوفاق والوئام “. (المصدر: موقع “أخبار تونس” الرسمي بتاريخ 30 ديسمبر 2006)
العراق ما بعد صدّام
علي التليلي هل هي نهاية مرحلة أم بداية مرحلة جديدة؟ لقد نفّذ حُكم الإعدام في الرئيس العراقي السّابق صدّام حسين فجر يوم عيد الاضحى وقبل يومين من العام الجديد. وهذا الأمر يعتبر حدثا فاصلا في تاريخ العراق الحديث بعد عملية الغزو لهذا البلد في مارس 2003 وما تلا ذلك من سقوط نظام وسجن أغلب رموزه واستشراء العنف في أشدّ أشكاله دمويّة. وانتصبت محكمة لمقاضاة عدد من هذه الرموز بأياد عراقية وتحت مظلة أمريكية لتعلن منذ حوالي شهرين عن حكمها بالإعدام شنقا ضدّ صدّام واثنين من معاونيه وتراوحت الأحكام الأخرى بين إطلاق السراح والمؤبّد للبقيّة. لقد تعالت الأصوات دوليا عالية لتطعن في شرعية هذه المحكمة ومدى قانونيتها خصوصا أنّها انتصبت في العراق وفي ظلّ احتلال أجنبي… ورغم النداءات المتواصلة بإنشاء محكمة دولية لمقاضاة رموز النّظام العراقي السابق لتأمين الأدنى الضروري من حقوق الدفاع والنزاهة والشفافيّة… فإنّ إصرار قوات الاحتلال مدعومة بحكومة الجعفري ثمّ بحكومة المالكي على محاكمتهم في بغداد وبأساليب تتناقض جوهريّا مع أبسط القواعد والضوابط القضائيّة كان هو القرار النّهائي… ثمّ من سيجني نتائج إعدام صدّام حسين؟ هل هو الشعب العراقي الذي يعيش يوميا أعتى أشكال التدمير والقتل والتّخريب أم النّظام الإيراني الذي كان العدوّ اللّدود لنظام صدام حسين… بعد حرب دامية بينهما لأكثر من ثماني سنوات أم الولايات المتحدة والغرب عموما.. أم العرب والمسلمون؟ إنّ العنف الطاحن والمستشري في أغلب المدن العراقية وراءه عديد الأيادي الأجنبية سواء كانت إيرانيّة أم أمريكية أو إسرائيلية… وهذه الفتنة المتواصلة منذ يوم 20 مارس 2003 تغذّيها مصالح إقليميّة وأطماع خارجيّة معقّدة ولكن الشعب العراقي بكلّ أطيافه هو من يدفع الثّمن يوميا وهو من يتكبّد الخسائر البشريّة ويعاني من ويلات الحرب، بشكل يوحي بالإبادة الجماعية. لقد قرّرت الولايات المتحدة الأمريكية غزو العراق مدفوعة بأوهام امتلاك نظامه لأسلحة الدمار الشامل… وبعد انكشاف الحقائق أصبحت مبرّرات الغزو تسويق الديموقراطية والعدل وحقوق الإنسان لهذه المنطقة… ولكن بأيّ ثمن؟ كما رأت إسرائيل في هذه الحرب فرصة تاريخية لتصفية حساب قديم مع النظام العراقي السّابق حيث سعت منذ الأيام الأولى للغزو إلى القيام بعمليات اغتيال مدروسة ضدّ كلّ عالم وباحث ومفكّر عراقي بعد أن ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في محاولة طمس شواهد الحضارة العراقية الموغلة في التاريخ سواء بالنّهب أو بالتّدمير. وبالنسبة للنّظام الإيراني فإنه لم يتوان عن مدّ يد «المعونة» إلى أبناء العراق من الشيعة الذين لاذوا بإيران فترة حكم صدّام حسين وساعدهم بالمال والسلاح على القضاء على كلّ رمز لهذا النّظام وهو ينظر بعين الرضى لما يجري علّ العراق أو جزءا يقتطع منه لاحقا قد يصبح يوما تحت النّفوذ الإيراني المباشر تلبية لمطامح إقليمية ذات أبعاد إيديولوجية واقتصادية. أما بالنسبة للعرب والمسلمين فإنّ تنفيذ هذا الحكم يوم عيد الاضحى وعشية سنة جديدة يحمل في طياته أكثر من رسالة تفوح منها رائحة الإهانة والإذلال. لقد رحل صدّام حسين ولكن أيّة حقبة تنتظر أبناء العراق اليوم وغدا؟ هل انتهت مرحلة صدّام حسين فعلا.. أم هي بداية لمرحلة جديدة قد يدفع خلالها الشعب العراقي ثمنا باهظا جدا يتجاوز بكلّ المقاييس ما يجري اليوم من قتل وتدمير؟ (المصدر: افتتاحية جريدة “الصباح” التونسية الصادرة يوم 31 ديسمبر 2006)
تحليـل إخبــاري
إعدام صدام يؤسّس لـ«وفـاق» أمريكي إيراني في العراق.. وشبح الفتنة المذهبية يخيّم على المنطقة
بقلــــم: نورالدين عاشور تعددت ردود الفعل بشأن تنفيذ حكم الإعدام شنقا في الرئيس العراقي السابق صدام حسين غير أن النتيجة ستكون واحدة وهي أن العراق طوى جزءا من تاريخه بصفحاته الكثيرة والدامية بما تضمنته من سنوات الحكم الفردي والحروب والكبت والتقدم العلمي والاستقرار النسبي أوالشكلي ليفتح جزءا آخر بصفحات فيها من الغموض الكثير والخوف على مستقبل شعب لا يمكن لفرحة بعض العراقيين تعبيرا عن تنفيذ حكم الإعدام أن تحجب غابة من التساؤلات حوله أو بخصوص ما تخبئه الأيام. ويمكن القول أن مصير صدام تقرر برغبات ثلاثة أطراف حددته بمجرد القبض عليه، فالأمريكيون أرادوا إبهار العالم بإنجاز على طريقة الكاوبوي الذي يطارد فريسته فالقوا القبض عليه وانتهزوا الفرصة ليهينوا العراقيين والعرب والمسلمين بإظهاره وهم يتفحصونه وهو في وضع لا يليق برئيس عربي حتى وإن كان مطاحا به. أما محاكمته فقد تمّت بطريقة غريبة ومثيرة للتساؤلات حول مصداقية المحاكمة ومدى توفر الظروف الموضوعية والطيبة لها ومدى قانونيتها على أساس أن الأمريكيين هم الذين قاموا بالجانب التحضيري للمحاكمة غير أن عراقيين من قضاة وإدعاء حاكموا صدام فيما يبدو أنّ الحكم بإعدامه رغبة إيرانية بحتة حتى وإن كان يشاطرها حماس أمريكي خفي من الرئيس بوش. ولعل محاولة الإجابة عما إذا كان الرئيس العراقي السابق يستحق الإعدام تبقى من دور المؤرخين غير أن تنفيذ حكم الإعدام فيه فجر عيد الاضحى يمثل إهانة أخرى تلحقها أمريكا ممثلة في إدارتها الجمهورية بالمسلمين ذلك أنّ الاحتفال بهذا العيد يجسّم الكثير من المعاني والمغازي وكأنها أرادت بذلك أن ترد الصاع صاعين للذين لم يلقوا السلاح في العراق ومازالوا يقتلون العسكريين الأمريكيين يوميا وذلك باستهداف حياة رمزهم ومحو وجوده عل ذلك يحبط عزائم من مازالت له شجاعة لتصويب فوهة بندقيته أو رشاشه أو آلة التفجير نحو عسكريين أمريكيين مدججين بأحدث الأسلحة ونحو دباباتهم ومصفحاتهم أو حتى طائراتهم الحربية.
لفائدة من؟
ولكن هل هي فقط رغبة أمريكية في إعدام صدام حسين كورقة أخيرة ضد المقاومة العراقية أم هناك من كان يتمنى مثل ذلك المشهد الذي بدا فيه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وهو يوقع على قرار المحكمة بما يعني رفضا لتأجيل الإعدام أو التخفيف من «العقوبة» ثم مشهد اللحظات الأخيرة في حياة الرئيس العراقي السابق؟ لا يخفى أن الحكومة العراقية الحالية وبما تخضع له من تأثيرات شيعية داخلية وخارجية قدمت خدمة لإيران البلد المجاور ذي الأغلبية الشيعية والذي يمسك جانبا كبيرا من خيوط الأزمة في العراق.. فإيران مازالت تذكر أن صدام حاربها باسم العرب والأمريكيين طيلة حوالي ثماني سنوات واستخدم ضدها مختلف الأسلحة التي كانت تزود بها أمريكا الجيش العراقي لوقف تنامي الثورة الإسلامية في منطقة الخليج يوم شعرت أنظمة المنطقة أن رياح الثورة أصبحت على أبوابها بما يهدد وجود هذه الأنظمة ويفتح الباب بتغييرات جيواستراتيجية كانت انعكاساتها ستفوق تأثيرات تفكك الاتحاد السوفياتي السابق على منطقة تراها واشنطن فضاء حيويا رغم بعده آلاف الكيلومترات عن الأراضي الأمريكية. لقد مات الخميني بلا راحة بال مادام صدام قد ربح الحرب وأنهك إيران وقطع أجنحة الثورة الإسلامية التي لم تتمكن بعد حرب الخليج الأولى من اكتساح المنطقة كما كان يروم زعماؤها الذين كانوا يرغبون في تصديرها كبديل للشيوعية الـ«كافرة» وللرأسمالية التي تدين بالولاء «للشيطان الأكبر» (الولايات المتحدة) فكانت أكثر من منطقة في العالم الإسلامي مخططا لها استيراد منهج الثورة الإيرانية ولكن قدر لهذه الثورة أن تبقى ذات صبغة محلية ولم يكتب للخميني أن يرى ثورته تكتسح العالم. ولذلك فإن إعدام صدام يعتبر انتقاما إيرانيا من رجل نجح في صد رياحها على العراق وعلى المنطقة العربية لذلك فإن الفرحة التي أبداها عراقيون تعبر عن كره شيعي للرئيس العراقي السابق وكره الدولة الإيرانية الشيعية له وبالتالي فإن تنفيذ حكم الإعدام جاء تقاسما إيرانيا أمريكيا لكراهية صدام وهي كراهية ورثها بوش الابن عن والده الذي فشل في الإطاحة به وعن سلوكيات “صدامية” مهينة لأمريكا ليس أقلها صورة بوش الأب وهي تداس “دوما” أمام مداخل أحد قصور صدام حسين. هذه الفرحة أيضا قد تجد صدى لها حتى وإن كان خفيا لدى الإسرائيليين حيث مازالوا لم ينسوا إرعاب صدام لهم أثناء حرب الخليج الثانية، فهو الذي صوب صواريخه نحو إسرائيل وزرع الخوف في صفوفهم واضطروا إلى ارتداء الأقنعة الواقية للغازات ورأوا في ذلك إهانة لهم لا تغتفر.. وهكذا يلتحق الرئيس العراقي السابق بكل الذين هدّدوا إسرائيل أو قتلوا إسرائيليين حتى وإن اختلفت ظروف وفياتهم.
«الوفاق» الأمريكي الإيراني
ومن المفارقات أن تتقاسم إيران وأمريكا لعبة لي الذراع بينهما فهما متفقتان حول العراق ومختلفتان حول لبنان ومتصارعتان حول البرنامج النووي الإيراني ولكن هذا يعني أنّ هناك قاسما مشتركا بين البلدين فكلاهما يريد السيطرة على المنطقة وكلاهما يريد شرا بالطرف الآخر ولكن لماذا هذا التوافق حتى وإن كان جزئيا حول العراق؟ إن تصفية صدام حسين تفتح صفحة جديدة سيكون محورها إيران والإدارة الأمريكية، فالرئيس السابق يحسب على السنة وإعدامه يعني القضاء على زعيم لهم في الوقت الذي تتعدد فيه الزعامات الشيعية بل وأيضا تتوحد صفوفها مثل ما جرى مؤخرا بعودة التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر إلى الائتلاف الحكومي العراقي رغم معارضته الشديدة للاحتلال الأمريكي ومحاولة تفكيك ميليشياته (جيش المهدي) في السابق واتهام الصدر شخصيا باغتيال زعماء من الشيعة العراقيين. هذا التوحيد في صفوف الشيعة جاء بعد بضعة أسابيع من تصريحات للزعيم الشيعي الحكيم حول تقسيم العراق إلى مناطق وفق الانتماء الطائفي وهو ما يعني السير ولو بخطى بطيئة نحو التقسيم الفعلي للعراق بين أكراد وشيعة وفرض الأمر الواقع على السنة علما بأن هذا التقسيم في حالة تنفيذه يمكّن الأكراد من نفط الشمال (كركوك) والشيعة من نفط المناطق الجنوبية فيما يبقى ما اصطلح على تسميته بالمثلث السني مجردا من مصدر للثروة.
فمن ستتواجد في باطن أرضه الثروة النفطية سيكون حليف أمريكا وهو ما يجعل العلاقات بين الأكراد – وخصوصا من خلال التواجد الإسرائيلي – وبين الأمريكيين وثيقة أما فيما يخص الشيعة فإن الأمر يتعلق بإقامة أسس تستند عليها العلاقات المستقبلية مع أمريكا وهذه الأخيرة معنية برد الجميل للشيعة الذين لم يحركوا ساكنا أثناء الغزو الأمريكي للعراق بل أن المرجع الشيعي السيستاني لم يمانع في غزو العراق والتعامل مع المحتلين وتحديد مستقبل البلاد ومصير العراقيين بالتعاون معهم. والمؤكد أن إعدام صدام حسين ليس نتيجة لـ«وفاق» إيراني أمريكي بقدر ما يمثل أولى الخطوات في عملية مازالت تحت المخاض تتعلق بمستقبل العراق وبؤر توتر أخرى في لبنان وفلسطين ولكن قراءة أولية لما يحدث في العراق من حرب أهلية وتزايد عدد القتلى بين الجنود الأمريكيين تنبئ برغبة أمريكية في تطبيع الوضع حتى وإن كان الثمن سيدفع لإيران في شكل اعتراف لها بدور رئيسي في عملية التطبيع وحتى إن كان على حساب بعض الثوابت الأمريكية خصوصا أن إيران مصنفة أمريكيا في «محور الشر»، ولكن هل قرأت أمريكا جيدا تبعات هذا التقارب مع إيران فيما يخص العراق؟ فقد لا يعني ذلك هبوب رياح الفتنة المذهبية على العراق فحسب بل أيضا على منطقة الخليج حيث التركيبة المذهبية غير موحدة في عديد من دول المنطقة..وقد يعني ذلك أيضا مفرقا في تاريخ العالم العربي الإسلامي المعاصر بانقسام فعلي للإسلام ليصبح إسلاما شيعيا وآخر سني. (المصدر: جريدة “الصباح” التونسية الصادرة يوم 31 ديسمبر 2006)
الإعــــدام
بقلم: برهان بسيّس هكذا إذا صعدت روح دكتاتور الشّيلي بيونيشيه في كامل راحتها مُكرَّمًا بين عائلته وأنصاره دون أن يمنعه ميراث ثريّ من الجرائم الدمويّة أن يواجه مصير عدالة أو مساءلة أو مطالبة دوليّة ولو خجولة من القوى العظمى المحبّة للعدل والقصاص، ذات القوى التي دعّمته وساندته وهو يقتل ويعذّب ويشرّد ويرتكب الجرائم في حقّ الإنسانيّة. القصّة تختلف مع الرئيس العراقي صدّام حسين الذي أصَرَّ الخيال الديمقراطي العراقـي-الأمريكي على حسن اختيار لحظــــــة تنفيذ حكم الإعدام تزامنا مع عيد الاضحى الإسلامي وأعياد الميـــــلاد المسيحي. كم هي حمقاء ديمقراطية الرئيس بوش حين تظنّ وهي المحاصرة في كمَّاشة الفخّ العراقي أن الحبل الذي التفَّ حول عنق صدّام حسين يستطيع إنقاذ الأمريكان من ورطتهم تكتيكيّا أو تقديم صورة إيجابيّة لمشروعهم الديمقراطي الموعود استراتيجيّا. صورة الإعدام بذاك الشّكل وضمن هذا السّياق المُستفزّ في ظلّ ردود أفعال المساندة والدّعم المُنافق مِن دول أوروبيّة طَالَمَا تبجّحت في نصوصها الدستوريّة وفلسفة مؤسّساتها السياسيّة برفضها حكم الإعدام كآليّة لا إنسانيّة ولا أخلاقيّة، هذه الصورة ستزيد مشاعر الحقد والكراهيّة تأجّجا تجاه الغرب دون أن تترك فرصة استدراك عقلاني أو نقدي تجاه نظريّة المؤامرة التي يستهجنها الليبراليّون والعقلانيّون بيننا. يبدو أنّ الأمر يتعلّق بكره حقيقي تجاه هذه الأمّة واستعلاء مقصود لغرس مشاعر الذلّ والهـــــوان في نفوس أبنائها وإرادة مُبيّتـــــــــة لتحويلها لمصنع مختصّ فقط في إنتاج الكراهيّــة والحقد والإرهاب والتطرّف. هو يوم حزين حَقّا، يَنْضاف إلى العُنف الموغل في قصّة العراق تماثلت فيه معاني القصاص والقانون والعدل والديمقراطيّة مع حقيقة الساديّة والمَرَض النّفسي الفظيع السّاكن في الأرواح والعقول ذاك الذي يدفع ببعض البشر إلى التّهليل والفرحة لرؤية شخص يُعْدَم وكأنّ البشريّة لَمْ تبدع آليات أخرى لعقاب الجريمة غير آلية واحدة هي الجريمة. أو كأنّ قتل الجاني سيعيد للضحيّة أحبّته الذين فقدهم. لا أملك حقّا الإمساك بحقيقة مشاعري هذا اليوم: دماء، ذبح، بخور، إعدام، أغاني العيد، أرشيف الدم في العراق، أوساخ، أكل بدائي، فراغ، صَمت، موت وروائح كريهة. أنا أشعر بالقرف تجاه عروبتي بدءا، تجاه إنسانيتي أخيرا!!! (المصدر: جريدة “الصباح” التونسية الصادرة يوم 31 ديسمبر 2006)
ضحيتــان بعد أن ذبحوا كبش العيد… وبعد أن أكلوا المشوي والمطبوخ وقدّموا القدّيد. قالت الزّوجة لبعلها: هل ستشتري لنا ديكا روميّا؟… فأجابها: لا!… أنا الآن عاجز عن ذلك ماليّا. فصاحت فيه: «يا شومي»!… بعد أن ضحّينا بالعلّوش «العربي» هل ستحرمنا من الدّيك «الرّومي»؟ محمد قلبي (المصدر: جريدة “الصباح” التونسية الصادرة يوم 31 ديسمبر 2006)
إعدام صدام.. بطعم الانتقام وروح الطائفية
أحمد عطا/ بغداد- وكالات- إسلام أون لاين.نت غرفة داكنة… درج حديدي يؤدي إلى منصة يتدلى فوقها حبل غليظ… هذه كانت آخر الخطوات التي مشاها صدام حسين على الأرض موثق اليدين محاطا بأربعة رجال ملثمين يرتدون الملابس المدنية. لم يكن أي من الحاضرين الذين ظهروا في نسخة فيلم الإعدام التي بثتها وسائل الإعلام طيلة يوم أمس السبت 30-12-2006 أول أيام عيد الأضحى، يرتدي زيا رسميا مميزا، لكن عبارات “التشفي والانتقام” التي ترددت داخل قاعة الإعدام، دلت على أنهم شيعة ممثلون لخصوم الرئيس العراقي المخلوع. أحد أولئك الرجال يضع قطعة قماش سوداء حول رقبة صدام، ثم يبدأ في لف حبل المشنقة حولها، ويساعده رجل آخر في شدها وإحكامها. في هذه الأثناء يهبط رجل خامس كان في المنصة نازلا الدرج الحديدي، حيث كان يقف رجل سادس غير ملثم في أسفله، لكن ملامحه لم تكن واضحة، بينما بدا أنه يرتدي الكوفية الحمراء فوق رأسه. في هذه اللحظة بدا أن هناك آخرين لم يظهروا في الشريط المسجل، بينما بدا أن بعض الأنوار كانت تضيء للحظات ثم تختفي، دلالة على وجود مصورين فوتوغرافيين، فضلا عن كاميرات الفيديو. تشف وانتقام وبينما كان وثاق الحبل يشد على عنق صدام قبل إعدامه، يقول الرئيس المخلوع: “يا ألله”، ثم يردد أحد الحضور: “اللهم صل على محمد وعلى آل محمد”، ثم يردد بعضهم بعده نفس العبارة، ويتبعونها بالقول: “وعجل فـَرَجَهُم والـْعَن عدوهم”. وتسمى هذه الجملة لدى أنصار التيار الصدري بـ”الصلاة التعجيلية” من خلال الدعوة بقرب ظهور “المهدي”، وإنزال اللعنة على أعدائهم الذين يقولون إنهم “الصداميون والتكفيريون”. وفي الحال يردد شخص آخر اسم “مقتدى” ثلاث مرات، في إشارة على ما يبدو إلى الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر، قائد مليشيا جيش المهدي المتهمة بشن هجمات دامية على العرب السنة. وهنا يقول صدام الذي كان يقف بهدوء ورباطة جأش أثارت تعاطف الكثيرين: “هيه هاي المشنقة… مشنقة العار”، بينما كان يقاطعه أحد الحضور بقوله: “إلى جهنم”. وبعدها يصيح أحدهم: “يعيش محمد باقر الصدر” (من عائلة مقتدى الصدر) الذي أعدمه صدام في مطلع الثمانينيات بعيد بدء الحرب بين العراق وإيران (1980: 1988)، ثم يكرر آخر: “إلى جهنم”، وهنا يعلو صوت أحدهم قائلا: “رجاء لا.. بترجاكم لا.. الرجل في إعدام”. وبعدها يبدأ صدام في تلاوة الشهادتين (أشهد أن لا إله وأشهد أن محمد رسول الله)، اللتين يتلوهما المسلم عادة عندما يعرف أن منيته قد أزفت. ثم يسمع صوت جلبة، ويكرر صدام تلاوة الشهادتين، وقبل أن يكمل الشطر الثاني منها، يسمع صوت مدو يهوي معه جسد الرئيس المخلوع، ويختفي في فتحة تحت قدميه. وهنا تتعالى أصوات الحاضرين: “اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد”. ويسارع أحد الحاضرين إلى الهتاف بكلمتين: “سقط الطاغية”. وهنا تسود أصوات هرج ومرج، وبدا أن الحاضرين يسرعون إلى أسفل منصة الشنق لتفقد جثمان صدام الذي بدا رأسه متدليا تحت سطوع نور الكاميرات ناظرا لأعلى وقد التف حبل المشنقة حول رأسه. وبينما كان بصيص بريق الحياة يخبو من عينيه سريعا وأثار دماء تغطي وجهه صاح أحد الحاضرين (على ما يبدو أنه طبيب) بالبقية ليتركوه خمس أو ست دقائق للتأكد من وفاته. وهنا يتواصل صياح الحاضرين وتلمع في المكان أضواء الكاميرات تلتقط صورا لجثمان صدام والروح تفارقه، وتتعالى أصوات بعضهم تحث آخرين على عدم الاقتراب. وبعدها بدت جثة صدام ممددة على الأرض ملفوفة بكفن أبيض، بينما ظهر أنه وضع على جانبه الأيسر، وقد فارق الحياة. “العراق بدوني لا شيء” “على المسعدي” مصور عملية الإعدام كان يقف على بعد “3 أقدام من صدام حسين لحظة موته”، وفق مجلة “نيوزويك” الأمريكية. ويبين موقع المجلة على الإنترنت أن المسعدي (38 عاما) هو المصور الرسمي لرئيس الوزراء، والذي قام بتصوير اللحظات الأخيرة من حياة صدام فجر السبت 30-12-2006. ويقول المسعدي: “رأيت الخوف أمامي.. لقد كان خائفا”. وكان المسعدي يرتدي بزة خضراء ويحمل كاميرا فيديو من نوع سوني “HDTV”. وعن آخر كلمات صدام قبل موته، يقول: كان يردد كلمات عن الظلم والمقاومة والإرهابيين.. وعلى حبل المشنقة قال صدام: “العراق بدوني لا شيء”. وأضاف أنه صور عملية تدلي جسم صدام في أثناء الإعدام في الهواء، بعد فتح أرض منصة الإعدام تحت قدميه، مشيرا إلى أنه كان على مسافة متر واحد من جسد صدام الذي وصفه بأنه توفي فورا. ولفت المسعدي إلى أن “مدة شريط الفيديو 15 دقيقة، وسلمه لمدير مكتب المالكي، وهو سري للغاية”. ولم يعط المصور أسماء الذين حضروا الإعدام، لكنه قدر عددهم “بـ20 شخصا، ومنهم موفق الربيعي مستشار الأمن القومي العراقي”. الوجبة الأخيرة تفاصيل آخر ساعة في حياة صدام نشرها الصحفي “جوردن توماس”، المتخصص في قضايا الاستخبارات الدولية، على الموقع الأمريكي “وورلد نيت ديلي”. ويقول توماس في الساعة الثانية صباحا بتوقيت جرينتش من يوم السبت، فتح باب زنزانة صدام، ووقف قائد المجموعة التي ستشرف على إعدامه وأمر الحارسين الأمريكيين بالانصراف، ثم أخبر صدام أنه سيعدم خلال ساعة. ويضيف: تناول صدام وجبة من الأرز مع لحم دجاج مسلوق كان قد طلبها منتصف الليل، وشرب عدة كؤوس من الماء الساخن مع العسل، وهو الشراب الذي اعتاد عليه منذ طفولته. وبعد تناوله وجبة الطعام دعي لاستخدام الحمام، حتى لا يتبول في أثناء عملية الإعدام، ويشكل المشهد حرجا، فرفض ذلك. وبحسب توماس، ففي الساعة الثانية والنصف توضأ صدام وغسل يديه ووجه وقدميه وجلس على طرف سريره المعدني يقرأ القرآن الذي كان هدية من زوجته، وخلال ذلك الوقت كانت فريق الإعدام يجرّب حبال الإعدام وأرضية المنصة. ويتابع أنه في الساعة الثانية و45 دقيقة وصل اثنان من المشرحة مع تابوت خشبي منبسط وضع إلى جانب منصة الإعدام. وفي الساعة الثانية و50 دقيقة أدخل صدام إلى قاعة الإعدام ووقف الشهود قبالة جدار غرفة الإعدام وكانوا قضاة ورجال دين وممثلين عن الحكومة وطبيبا. وفي الساعة الثالثة ودقيقة بدأت عملية تنفيذ الحكم، والتي شاهدها العالم عبر كاميرا فيديو من زاوية الغرفة. ويضيف توماس بعد ذلك قرأ مسئول رسمي حكم الإعدام عليه، وأبلغني أحد الحاضرين أن صدام كان ينظر إلى المنصة التي يقف عليها كما لو أنه يريد أن يتجنبها. ووسط الصمت سمع صوت رافعة الحبل وفتحت المنصة وتدلى منها صدام حيث انكسر عنقه، واستمر في الحبل لدقائق حتى نزل الطبيب الذي استخدم سماعته، وإذ بقلب صدام قد توقف. وينهي توماس روايته بأنه بعد ذلك تم قطع الحبل عن رقبته بسكين كبيرة تشبه سكين الجزارين، وفي الساعة الثالثة و14 دقيقة وضع جسده في نعش. “انتقام وطائفية” لحظات إعدام صدام والحوار الذي دار خلالها يعلق عليها الدكتور أحمد عبد الله، الخبير النفسي لشبكة “إسلام أون لاين.نت”، بقوله: “العبارات التي ترددت داخل قاعة الإعدام غلب عليها الانتقام والروح الطائفية”. لكنه لفت إلى أن “مشاعر التشفي والانتقام غير مستغربة من خصوم الأمس الذين قمعهم صدام إبان فترة حكمه”. ويرجح مراقبون تصاعد التوترات الأمنية في العراق خلال العام المقبل (2007)، بعد أن أسدل 2006 أستاره بـ”المشهد الانتقامي والطائفي لإعداد صدام (سني)”. ويهيمن الشيعة حاليا على الحكومة العراقية التي يترأسها نوري المالكي. انتظار الموت العبارات “الطائفية” التي أحاطت بإعدام صدام، أثارت استهجان الكثير من المشاركين في ساحة الحوار التي فتحتها “إسلام أون لاين.نت” حول تنفيذ حكم الإعدام في الرئيس العراقي المخلوع. ويقول “عرفان”، وهو عراقي: “ألف عام بحاكم ظالم خير من يوم واحد بلا حاكم”. وتابع: “حينما تسمع فحيح الموت يقترب منك وأنت في بيتك وبين أهلك.. تسمع دوي الرصاص يقترب من بيتك لأكثر من ثلاث ساعات، ويستمر القتال بين أبناء حيك الذين يدافعون باستماتة عن كل من بالحي ضد فرق الموت الشيعية.. ثلاث ساعات دون تدخل من شرطة أو جيش عراقي أو أمريكي حتى تنهي فرق الموت مهمتها وأنت تنتظر الموت، حينما لا يخلو حديث الناس عن الموت وترقب الاجتياح القادم من هذه الفرق، يومها ستكره أمريكا وستكره الديمقراطية”. ويعلق الدكتور أحمد عبد الله على حديث “عرفان” بقوله: “للأسف لم يعد أمام المواطن العراقي سوى خيارين لا ثالث لهما، إما الموت تحت جبروت حاكم ظالم أو الموت على أيدي الميليشيات الشيعية”. وشدد على أن “وضع المواطن العراقي المتردي تحت الاحتلال يمثل إهانة للأمة العربية كلها، مثله مثل إعدام صدام”. “هبة الله”، إحدى المشاركات في ساحة الحوار، تقول أيضا: “اختاروا عيد الأضحى لإعدامه ليذلونا. لم يكف ما فعلوه بنا وبالعراق”. ومن الأردن يذهب “نبراس” إلى “أن إعدام صدام صبيحة عيد الأضحى المبارك هو استفزاز لمشاعر الأمة الإسلامية، وجزء من المخطط الإجرامي على المسلمين في إطار الحروب الصليبية- الصهيونية. (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 31 ديسمبر 2006)
محاولات لاستفزاز صدام في آخر لحظات إعدامه
أظهر شريط فيديو بثته الجزيرة لعملية إعدام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين أنه كان رابط الجأش وهادئا رغم محاولات استفزازه من قبل بعض الحاضرين. ووفقا للشريط الذي يرجح أن يكن أخذ عبر هاتف محمول فإن صدام حسين تقدم باتجاه المشنقة بهدوء برفقة مجموعة من الحراس، وبنفس الهدوء صعد على منصة الإعدام برفقة الحراس. حيث قال صدام الذي رفض ارتداء الكيس لتغطية عيونه “يا الله”. فهتف أحد الحضور “صلي على محمد وعلى آل محمد” وردد جموع من الحاصرين “اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد، وعجل فرجه وأنصر على عدوه”. ثم صرخ أحدهم “مقتدى مقتدى مقتدى”. فرد صدام وقال “هي هي المرجلة”. فقال أحدهم “إلى جهنم”. وهتف آخر “عاش محمد باقر الصدر” وهو من عائلة الصدر الذي أعدم في مطلع الثمانينيات بعد بدء الحرب بين العراق وإيران. من جانبه ردد صدام “أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله”. فقال آخر “يا إخوان أرجوكم الرجل في إعدام، أرجوكم”. وأعاد صدام تكرار الشهادتين دون أن يبالي بالصيحات المتعالية حوله. بعد ذلك سمع صوت فتح بوابة حديدية ليسقط صدام حسين مباشرة في الحفرة مع تعالي صرخة أحد الحضور “اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد”. وصرخ آخر “سقط الطاغية لعنة الله عليه”. وفي المشهد الآخر ظهر صدام وهو معلق بحبل حول عنقه فيما كان وجهه متجها إلى الأعلى، وهو المشهد الذي اعتذرت الجزيرة عن بثه مراعاة لمشاعر المشاهدين. وطلب أحد الحاضرين أن يترك جثمان صدام ثماني دقائق قبل إنزاله من الحبل، فيما طلب آخر أن يتراجع الجميع إلى الخلف. ومن جهته قال القاضي منير حداد الذي حضر تنفيذ الإعدام “لقد تحلى برباطة جأشه حتى النهاية. لم يبد أي شحوب على وجهه إلا في اللحظة الأخيرة”. دعوة إلى الوحدة وأضاف حداد أن صدام كان متحديا حتى اللحظة الأخيرة، “سأله أحد الحضور: هل أنت خائف؟ فأجاب: أنا لا أخشى أحدا. أنا طول عمري مجاهد ومناضل وأتوقع الموت في أي لحظة”. وزاد “يسقط الأميركان ويسقط الفرس”. ومضى القاضي قائلا إنه سمع طقطقة عنق الرئيس العراقي وإن “المنظر كان بشعا ومات على الفور”. (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 31 ديسمبر 2006)
تأكيدا لما نقلته “قدس برس” ..
شاهد عيان: جثمان الرئيس صدام تعرض للضرب والاعتداء عقب الإعدام
تكريت (العراق) – خدمة قدس برس قال شاهد عيان من أقارب الرئيس العراقي الراحل حضر عملية الدفن التي تمت اليوم، إن جثمان الرئيس الراحل صدام حسين تعرض للضرب على أيدي حراسه. وأوضح الشاهد، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ”قدس برس” أن جثة الرئيس السابق كانت بادية عليها آثار اعتداء، وخاصة في منطقة الوجه، كما شوهدت عدة كدمات وقطرات من الدم على الوجه أيضا. واعتبر الشاهد أن الجثمان كان بين يدي أناس طائفيين، وهو ما شاهده الجميع عبر شاشات التلفاز، وهم يرددون عبارات تشير إلى رجل الدين المتشدد مقتدى الصدر ووالده محمد باقر الصدر. وأضاف “كان لدينا خوف من قبل استلام الجثة ومشاهدة الشريط من تعرض الرئيس صدام بعد إعدامه إلى الاعتداء والتنكيل، وهو ما تأكد لنا عقب استلام الجثمان”. وكانت وكالة “قدس برس” نشرت نقلا عن حاضرين لعملية تنفيذ الحكم بالإعدام بحق الرئيس السابق قولهم إن الحراس، والذين ينتمي بعضهم إلى ميليشيا “جيش المهدي” قاموا بضرب جثمان الرئيس السابق عقب إعدامه. وظهرت في شريط بث على مواقع الانترنت عقب إعدام صدام، أصوات تظهر القائمين على عملية الإعدام وهم يرددون عبارات من قبيل “مقتدى .. مقتدى .. مقتدى” في إشارة إلى رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، كما سمعت أصوات من قبل القائمين بالعملية تشير إلى والده محمد باقر الصدر، بينما كانت الشماتة بادية على أصوات القائمين بالعملية وهم يرددون الهتافات قبيل تنفيذ حكم الإعدام، فيما كان صدام يردد الشهادتين. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 30 ديسمبر 2006)
صدام في اللحظات الأخيرة: كان متحدياً وقرأ آيات من القرآن الكريم
بغداد – خدمة قدس برس نفذت السلطات العراقية متمثلة بحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي أحد أقطاب الائتلاف الشيعي الحاكم في العراق، حكم الإعدام شنقا حتى الموت بحق الرئيس السابق صدام حسين فجر هذا اليوم، أول أيام عيد الأضحى المبارك. وقال موفق الربيعي مستشار الأمن القومي العراقي إن الرئيس السابق نقل برفقة جنود عراقيين إلى مبنى الشعبة الخامسة التابعة للاستخبارات العسكرية إبان النظام السابق. وأوضح الربيعي، الذي أعلن أنه وعدد من المسؤولين الحكوميين ونواب برلمانيين ورجل دين بالإضافة إلى كافة أعضاء فريق الإدعاء في قضية الدجيل، حضروا عملية تنفيذ حكم الإعدام بحق الرئيس السابق، مشيرا إلى أن الرئيس السابق خضع لإجراءات تدقيق قبيل صعوده إلى منصة إعدام التي نصبت له في ساحة الشعبة الخامسة في الكاظمية شمال العاصمة بغداد. وتابع الربيعي في تصريحات للتلفزيون العراقي، إن الرئيس السابق قام بتسليم المصحف الذي كان يحمله بيده أثناء جلسات المحكمة وقال “أمانة أن توصلوا المصحف إلى بندر”، مبينا أن بندر هو على ما يبدو أحد المعتقلين معه في السجن. وأوضح الربيعي أن الرئيس السابق صعد إلى منصة الشنق وتمتم بدعاء قصير قبل أن يجري تنفيذ الإعدام شنقا، ووصف صعوده إلى منصة الحكم بأنه كان باديا على وجهه التحدي. ونفى الربيعي أن يكون حكم الإعدام قد نفذ بحق كل من برزان التكريتي الأخ غير الشقيق لصدام أو عواد البندر رئيس محكمة الثورة، مشيرا إلى أن السلطات العراقية أرادت أن تضفي خصوصية لهذا اليوم. وقال الربيعي إن جثة الرئيس السابق ستبقى لدى السلطات العراقية إلى حين تسليمها إلى عائلته، دون أن يحدد موعدا لهذا التسليم. إلى ذلك كشف أحد شهود العيان من الذين حضروا إعدام الرئيس السابق أن صدام دخل في مشادة كلامية قصيرة مع شهود الادعاء الذين حضروا إلى ساحة تنفيذ الحكم، وبين الشاهد في اتصال هاتفي مع وكالة “قدس برس” رافضا الإفصاح عن هويته، أن الرئيس السابق كان يحمل المصحف بيده وطلب أن يقرأ آيات قصيرة من القرآن الكريم، قبل الصعود إلى منصة الإعدام، وفعلا تم له ذلك، ثم قابله أحد رجال الدين السنة، وتحدث معه لدقيقتين قبل أن يصعد إلى منصة تنفيذ الحكم شنقا. وعلم مراسل لوكالة “قدس برس” أن الرئيس العراقي والمكلفين بحضور الإعدام وصلوا إلى ساحة الإعدام في منطقة الكاظمية، وبحسب مصادر حكومية فإن عملية تنفيذ الحكم بالإعدام صورت بكافة مراحلها، ابتداء من خروجه من المعتقل فجر اليوم داخل المنطقة الخضراء وحتى تنفيذ الحكم بحقه في الكاظمية، كما أن الحكومة العراقية والقوات الأمريكية تدرس بث تلك الصور في وقت لاحق رفضت تحديده. وكانت محكمة التمييز العراقية صادقت قبل عدة أيام على تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق الرئيس السابق صدام حسين، وسارعت الحكومة العراقية إلى تنفيذ الحكم بعد نحو خمسة أيام من صدور قرار محكمة التمييز، والقاضي بتنفيذ الحكم خلال مدة أقصاها ثلاثون يوما. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 30 ديسمبر 2006)
شاهد على إعدام صدام:
لم يطلب الرحمة أو يتوسل ورفض وضع غطاء على رأسه
بغداد – خدمة قدس برس قال جواد الزبيدي أحد شهود العيان على عملية تنفيذ حكم الإعدام بحق الرئيس العراقي السابق صدام حسين، إنه رفض أن يطلب الرحمة أو يتوسل. وأوضح الزبيدي، الذي كان حاضرا بصفته أحد شهود العيان في قضية الدجيل، لـ”قدس برس” أن المسؤولين في المحكمة دعوا الرئيس السابق لأن يطلب الرحمة أو يوجه كلمة عطف واسترحام إلى المسؤولين الموجودين في ساحة تنفيذ الحكم، غير أنه رفض وتجهم وجهه من تلك العبارات، ثم صعد إلى المنصة دون أن يتكلم، وشوهد وهو يردد بعض العبارات، التي يعتقد أنها كانت نطق الشهادتين والدعاء لله عز وجلّ، وعندما حاول المسؤول عن تنفيذ حكم الإعدام وضع الكيس الخاص الذي يوضع على رأس المحكوم بالإعدام، رفض صدام حسين ذلك، وكان يقف بمنتهى القوة على المنصة، ثم وضع في الحبل، وبعد ذلك تم التنفيذ، حيث بقيت جثته معلقة على عود المشنقة، لفترة “خرجنا من ساحة الإعدام وبقيت هي معلقة”. وكانت السلطات العراقية نفذت فجر اليوم وتحديدا في الساعة السادسة وخمس دقائق بتوقيت بغداد، حكم الإعدام بحق الرئيس السابق صدام حسين، بتهمة إعدام 148 عراقيا في بلدة الدجيل عام 1982، إثر تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل عناصر تنتمي إلى حزب الدعوة المحظور قانونا في ذلك الوقت. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 30 ديسمبر 2006)
منفذو الإعدام في صدام حاولوا استثارته بترديد اسم رجل دين شيعي
واشنطن (رويترز) – تبادل منفذو حكم الإعدام في الرئيس العراقي السابق صدام العبارات الاستفزازية مع الرئيس فيما استعدوا لإعدامه حيث أخذوا يرددون اسم رجل دين شيعي مناهض للولايات المتحدة قتل والده على أيدي عملاء صدام. وانتشرت لقطات مروعة لمشهد الإعدام صوره فيما يبدو شاهد باستخدام هاتف محمول او كاميرا أخرى منخفضة الجودة على شبكة الإنترنت يوم الاحد بعد يوم واحد من إعدامه بعد إدانته بارتكاب جرائم ضد الانسانية. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن شهود قولهم إن أحد حراس صدام الملثمين صاح غاضبا قبل الإعدام مباشرة قائلا “لقد دمرتنا وقتلتنا. جعلتنا نعيش في فقر مدقع.” ورد صدام قائلا “لقد أنقذتكم من الفقر المدقع والبؤس ودمرت أعداءكم الفرس والأمريكيين.” وذكرت الصحيفة أن الحارس رد عليه قائلا “لعنك الله” فرد صدام قائلا “لعنك الله”. وأظهر تسجيل فيديو على شبكة الانترنت مدته نحو دقيقتين ونصف سقوط صدام عبر باب في أرضية المشنقة فيما كان يردد الشهادتين. وانتهت عملية الإعدام حين كان يقول “أشهد أن محمدا…”. وظهر صدام وهو يعدم مفتوح العينين. ويظهر في التسجيل وميض آلات تصوير فيما يبدو أن شهودا كانوا يلتقطون صورا. وحمل تسجيل الفيديو الجديد تعليقات لشهود يوم السبت بأن الرئيس السابق (69 عاما) والذي بدا هادئا رابط الجأش مع وقوفه على المشنقة في تسجيل فيديو جرى بثه يوم السبت صاح مرددا شعارات سياسية غاضبة فيما كان الحراس الملثمون يدخلونه الى غرفة الإعدام التي كانت أجهزة مخابراته مرهوبة الجانب تستخدمها ذات يوم. وفي احدى المراحل أمكن سماع صوت يهتف “مقتدى… مقتدى… مقتدى” في إشارة الى الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر الذي قتل والده آية الله محمد صادق الصدر عام 1999 على أيدي عملاء صدام على الأرجح. وذكرت الصحيفة أن أحد الحراس هو الذي ردد اسم الصدر. ويتزعم الصدر الابن حاليا حركة سياسية قوية وميليشيا جيش المهدي التي تنحي عليها واشنطن والعرب السنة باللائمة في إدارة فرق للموت تستهدف الأقلية العربية السنية التي كان ينتمي اليها صدام. وقد يذكي وجود أنصار للصدر بين منفذي حكم الإعدام في صدام الاتهامات التي يوجهها محامو الرئيس السابق وأنصاره بين الأقلية العربية السنية بأن العملية برمتها توصف بأنها “عدالة المنتصر”. وحثت واشنطن رئيس الوزراء نوري المالكي على اتخاذ إجراءات صارمة ضد الميليشيات لكنه ممزق بين المطالب المتضاربة لحلفائه المتعددين لهذا فإنه لم يحقق نجاحا يذكر في هذا الصدد حتى الآن. (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 31 ديسمبر 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
وجه تحذيراً للبعثيين الذين يتحدثون باسم المقاومة مع دول عربية وغربية …
الجيش الإسلامي: معركة بغداد مصيرية وعلى المسلمين أن لا يضيِّعوها كالقدس
بغداد – الحياة طالب أمير الجيش الاسلامي في العراق «الامة الاسلامية» بتجنب اضاعة بغداد كما ضاعت القدس وقبلها الاندلس مؤكداً ان في بغداد «ستجري معركة العراق المصيرية ضد الاميركيين وانصار ايران». وحذر في رسالة نشرها امس، موقع الجيش الاسلامي على شبكة الانترنت، من سماهم «النفعيين من البعثيين الذين يدّعون انهم يمثلون المقاومة ويتحدثون مع دول عربية وغربية». وقال «ان العراق يتعرض لاحتلال مزدوج اميركي – ايراني» مشيرا الى ان «اقبحهما هو الاحتلال الصفوي البويهي الاستئصالي الايراني». واضاف ان «المعركة المصيرية في العراق هي معركة بغداد وعلى المجاهدين كافة الثبات امام الاحتلال الايراني كما ثبتوا امام الاحتلال الاميركي». وزاد: «اميركا تترنح في العراق وهذا امر بديهي لا يخفى على متتبع للاحداث وهي متعاونة مع العصابات الايرانية التي اشعلت الحرب الطائفية في العراق (…) ثم ادركت ان الايرانيين هم الذين وسوسوا اليها للسقوط في الفخ ومن ثم تسلموا العراق وكل ثرواته غنيمة باردة من دون خسائر». وقال امير مجموعة الجيش الاسلامي، التي تعد من بين اكبر المجموعات المسلحة في العراق، في رسالته الموقعة بتاريخ 29 كانون الاول (ديسمبر) الجاري، «حتى هذه الساعة لا نرى ان اميركا تتدارك اخطاءها ولا حتى بعضاً من تلك الاخطاء» واردف مخاطبا الشيعة في العراق ان «ايران لا تعبأ بأي شيعي الا اذا كان فارسيا وكل الحوادث شاهدة على ذلك». وحذرت الرسالة «النفعيين ومن يسعون الى اضاعة المكاسب على اهل التضحيات» من تحركات توحي للدول العربية والاسلامية والغربية بأنهم يمثلون المقاومة في العراق ومنهم «البعثيون الذين يتصيدون في الماء العكر ليقنعوا الغافلين بأنهم قادة الجهاد في العراق وذكروا ان الجيش الاسلامي تابع لهم وهذا كذب محض» و «نحن نعرف اسماء هؤلاء وسوف نسميهم بأسمائهم اذا لم ينتهوا عن كذبهم». وجاء في الرسالة ان «اميركا تلهث وراء السراب وهي تستمع لهؤلاء وتضيع المزيد من فرصها للخلاص من مستنقع العراق». وطالبت الرسالة العرب والمسلمين بنصرة اهل العراق بالكلمة الطيبة و «المال» و «الاعلام الهادف» وختمت بالتأكيد ان «المجاهدين» في العراق ثابتون على مواقفهم لا يتراجعون عنها. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 31 ديسمبر 2006)
الجثة والثأر والتوقيت
غسان شربل ما أصعب صدام حسين. مخيف إذا كان حاكماً. مربك إذا كان سجيناً. متعب في القصر. ومتعب في القبر. هذا رجل مكلف لمحبيه وباهظ لكارهيه. ابتهجت حكومة نوري المالكي بإعدام صدام. ثم وجدت نفسها أمام مشكلة اسمها جثة صدام. مواراة الجثة في عنوان معروف تثير المخاوف. أغلب الظن ان أنصاره سيجعلون القبر مزاراً وسيكون من الصعب منعهم من زيارته. ان التقاطر الى قبر من هذا النوع ينذر باضطلاع صدام بدور معارض من القبر. وهناك الخطر الآخر وهو وارد في ضوء تاريخ العراق. خطر ان تتعرض الجثة لعملية خطف رغبة في التمثيل بها أو سحلها في شوارع بغداد لتأكيد الانتصار. إرسال الجثة لمواراتها في المنفى سيضاعف مشاعر الظلم لدى فريق من العراقيين. ستعيش الحكومات المتعاقبة هاجس عودة الجثة ذات يوم والاستقبال الذي يمكن ان تلقاه. أما دفن الجثة في مكان سري فسيضاعف هو الآخر هالة الاسرار المحيطة بصدام. يمكن القول ان حكومة المالكي ارتكبت أكثر من خطأ باستعجالها إعدام صدام. كان في استطاعتها استكمال محاكمة الرجل في قضية الانفال وملفات أخرى، وربما كان ذلك ساهم في تسليط الضوء على محطات وفي كشف حقائق. كان من الأفضل ترك الرجل يجيب على أسئلة كثيرة تتعلق بأحداث عراقية واقليمية، وكان من شأن ذلك المساهمة في كتابة قصة العقود الأخيرة التي كان صدام فيها اللاعب الأول عراقياً ولاعباً بارزاً على المسرح الاقليمي. كان يفترض بحكومة المالكي ان ترجئ تنفيذ الحكم الى مرحلة لاحقة متذرعة بالمصلحة الوطنية العليا. وكان من واجبها قبل تنفيذ الحكم استكمال جهود المصالحة الوطنية لتبديد شعور لدى فريق من العراقيين مفاده ان سقوط صدام كان ايضاً سقوطاً لطائفة ومنطقة. وكان من واجبها ايضاً تسريع إعادة النظر في قانون اجتثاث البعث فضلاً عن ذيول قرار حل الجيش. كان في استطاعة حكومة المالكي التعايش مع صدام سجيناً بانتظار ان يشعر العراقي العادي بأن الوضع الحالي أفضل مما كان عليه أيام الرئيس السابق. كان عليها ان توطد الأمن وتستكمل المصالحة بدل الوقوع في خطأ الاعتقاد بأن إعدام صدام يثبط عزيمة خصومها ولا يبقي لأنصاره غير اللحاق بقطار المصالحة. كان من واجب حكومة المالكي الالتفات الى عامل آخر. أوليس من الأفضل إرجاء تنفيذ الحكم برئيس عراقي، كائناً ما كانت ارتكاباته، الى وقت يعلن فيه عن بدء انسحاب القوات الأجنبية من العراق أو عن جدول زمني لهذا الانسحاب. وهل غاب عن بالها ان اعدام صدام في ظل التقاتل المذهبي والتدهور الأمني والوجود الأجنبي سيزيد النار اشتعالاً وسيعمق مشاعر الطلاق؟ كان باستطاعة حكومة المالكي التنبه ايضاً الى التوقيت إذ لم يكن من الحكمة ابداً إعدام صدام في أول أيام عيد الأضحى المبارك. جاء صدام وذهب صدام. الفرد عابر مهما كابر وأقام. يبقى ان لا تفتح جثة صدام الباب لأيام مليئة بالجثث. يستطيع العراق احتمال جثة صدام. لا تستطيع المنطقة احتمال جثة العراق. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 31 ديسمبر 2006)