الأحد، 3 أبريل 2011

فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS 10ème année, N°3967 du 03.04.2011  

archives : www.tunisnews.net


حــرية و إنـصاف:بيان1

 رويترز:شهود: الجيش يطلق النار ويصيب متظاهرا في بلدة جنوب تونس

حــرية و إنـصاف:بيان2

بيان المؤتمر من أجل الجمهورية حول أحداث القصبة

لجنة 14 جانفي لحماية الثورة بالتضامن :بيان توضيحي

عبد النور المدّاحي أمين عام مساعد سابقا:بيان

دعوة لندوة صحفية بمناسبة زيارة رئيس الحكومة الإيطالي سلفيو برلسكوني

كلمة:رئيس الوزراء الفرنسي يؤدي زيارة تضامنية لإيطاليا حول الهجرة السرية

الصباح:إحداث لجنة لاسترجاع الأموال الموجودة بالخارج المكتسبة بصورة غير مشروعة

خاص/ الوزير الأول الباجي قائد السبسي في حديث لـ«الصباح»:لسنا ضد التظاهر أو نقد الحكومة.. إنما نرفض العنف والتخريب..

أنيس منصوري:قائد السبسي فشل في الامتحان و عليه أن يستقيل

الصباح:الثورة في العالم العربي.. الأبعاد الفكرية والحضارية:أحمد المستيري يدعو الشباب للاحتكام لصوت العقل والفيلالي يحذر من الإنزلاقات

ب ب سي:رئيس الوزراء المصري يعتذر لتونس عن مباراة كرة قدم

القدس العربي: الجيش المصري يشكل لجنة تقصي حقائق في أحداث مباراة الزمالك والأفريقي

 الحسين بوشيبة:تفعيل  قانون العفو العام   …مسؤولية من  ؟

 د.أحمد القديدي:الجنسية المزدوجة و رغبة الإقصاء 

د.خالد الطراولي:عريضة موجهة لشعوب العالم لترشيح الشعب التونسي لنيل جائزة نوبل للسلام

رضوان المصمودي:تونس في حاجة إلى مراقبة دوليّة للانتخابات القادمة في شهر جويلية 

لطــــفي الفــــقي:الجالية التونسية بقطر بين بقايا العهد البائد و رفض الوضع السائد 

إيهاب الشاوش:انفلات إعلامي

 يسري الساحلي:أكبر حزب في تونس

رياض الشعيبي:القانون الانتخابي وإشكاليات التأسيس

نورالدين الخميري:عندما يكذب المثقفون

تيسيـر العبيدي:من كرامات الانتفاضة التونسية

علي الشرطاني:ماذا عن العلاقات السورية الإيرانية؟

فيينا: دعوة إلى ندوة مع السيدة حنين الزعبي

منير شفيق:عندما تندلع الثورة الشعبية يجب أن تنتصر

د. حسن نافعة:هل الثورة فى حاجة إلى إنقاذ؟

رويترز:شاهد- رواية شاهد من رويترز اعتقلته قوات القذافي

سويس انفو:مسؤول ليبي كبير يصل الى اثينا حاملا رسالة من القذافي

الجزيرة نت:رفض ألماني لتسليح ثوار ليبيا

الجزيرة نت:محكمة هزلية سبقت حرق المصحف


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


تابعوا جديد أخبار تونس نيوز على الفايس بوك
الرابط

http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141


رحــية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 29 04  1432 الموافق ل 03 أفريل2011 بيان 1 


سجلت حرية و انصاف في الايام القليلة الماضية باستغراب بعض التجوزات و الاعتداءات على الحريات العامة و من بينها حرية التظاهر , فقد عمد اعوان البوليس يوم الجمعة غرة افريل 2011 الى مواجهة مسيرة سلمية عندما كانت تواصل اتجاهها نحو ساحة القصبة بتونس العاصمة بكل عنف و قد نتجت عن ذلك أضرار بدنية لعدد من المتظاهرين و اصيب واحد منهم برصاصة مطاطية كما تمت ملاحقة المتظاهرين في الشوارع و الأنهج القريبة من الساحة ابلمذكورة و وقع اخراجهم من المقاهي و اعتقال العشرات منهم.
و قد سبقت هذه الحادثة عملية فض اعتصام بالقوة حصل أمام الولاية بمدينة المهدية.
 
و تاكد هذا التعامل العنيف يوم أمس السبت مع المتظاهرين في مدينة توزر حيث أصيب أحد المتظاهرين برصاصة , و حرية و انصاف تدين هذه التجاوزات التي تعتبر نكسة في التعامل الهادئ مع التظاهر السلمي و تدعو الى فتح بحث في الموضوع و مقاضاة المسؤولين عن تلك الاعتداءات.
عن منظمة حرية و انصاف الرئيس الأستاذ محمد النوري



تونس (رويترز) – قال شهود عيان في مدينة توزر الواقعة في جنوب تونس يوم السبت ان الجيش أطلق النار واصاب شابا على الاقل حالته خطيرة عندما حاول تفريق متظاهرين يطالبون بتحسين اوضاعهم الاجتماعية ومقابلة مسؤولين محليين. وقال النقابي عماد البدوي لرويترز « اطلقت قوات الجيش النار لتفريق نحو 50 متظاهرا من الشبان فاصابت بعض الاشخاص من بينهم شاب في حالة خطيرة » واضاف « اصيب شاب اسمه صالح عوينات وعمره 25 عاما باصابة خطيرة برصاصة استقرت في صدره وانا حملته بنفسي الى مستتشفى توزر » وذكر ان المحتجين اعتدوا على والي (محافظ) توزر الذي رفض استقبالهم. ولم يتسن على الفور الحصول على تعليق من مسؤولين بالحكومة. وقال البدوي ان المحتجين كانوا من الرجال والنساء صغار السن. يأتي هذا الحادث بينما تسعى الحكومة المؤقتة الى السيطرة على الوضع الامني الهش واعادة هيبة الدولة. وقالت وكالة الانباء التونسية نقلا عن وزارة الداخلية ان قوات الامن تصدت يوم الجمعة لمجموعة من المتظاهرين الذين القوا عليهم حجارة واطارات محترقة. وكان المتظاهرون يطالبون باصلاحات حقيقية وقطع العلاقة نهائيا مع حقبة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وقالت الوكالة انه لم يسقط جرحى او قتلى خلال الاشتباكات. وعين الرئيس المؤقت الاسبوع الماضي الحبيب الصيد وزيرا جديدا للداخلية بدلا من فرحات الراجحي وهو قرار اثار انتقادات واسعة في الشارع التونسي بحجة ان الصيد محسوب على نظام بن علي. وتكافح السلطات لبسط الامن واشاعة جو من الاطمئنان قبل اجراء انتخابات مجلس تأسيسي في 24 يوليو تموز المقبل ستكون مهمته اعادة صياغة دستور جديد للبلاد.  
سويس انفو نقلا عن رويترز


حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 29 04  1432 الموافق ل 03 أفريل2011 بيان 2   


اعتقلت قوات الامن مساء يوم الجمعة 1 أفريل اثر صلاة العصر السجين السياسي السابق عبد اللطيف الرقيق عند خروجه من المسجد و قامت بنقله الى وجهة مجهولة دون تمكينه من اشعار عائلته بمكان وجوده و تجدر الاشارة الى أن السيد عبد اللطيف الرقيق قضى فترة في الاعتقال في سجون الطاغية و قد عمدت السلطات الاطالية الى ترحيله للجمهورية التونسية حيث اعيدت محاكمته من اجل افعال لم يرتكبها طبق قانون مكافحة الارهاب و قد خرج من السجن بموجب السراح الشرطي .
عن منظمة حرية و انصاف الرئيس الاستاذ محمد النوري
 

 



في الوقت الذي كانت تسعى فيه مختلف الأطراف في البلاد بما في ذلك المعارضة و منها المؤتمر من أجل الجمهورية، للمساهمة في تهدئة الأوضاع في البلاد و الدعوة لاستئناف العمل و الكد فيه للنهوض باقتصادنا و تحسين أوضاع التونسيين مع الدعوة لليقظة للمحافظة على مكاسب الثورة و التحرك السلمي لتحقيق المطالب المشروعة. خرجت علينا الحكومة بقرار استفزازي يقضي بإنهاء مهام السيد فرحات الراجحي كوزير للداخلية و تعويضه بالسيد الحبيب الصيد الذي تقلد مناصبا في الوزارة في فترة من فترات القمع و الممارسة المنهجية للتعذيب و الذي استهل منصبه بالإعتقال السياسي و نشر قوى البوليس السياسي في الأماكن التي كانت تلازمها في عهد الرئيس المخلوع و لمراقبة بعض النشطاء. و قد أصرت الحكومة في شخص السيد الباجي قايد السبسي الوزير الأول على نهج استفزاز مشاعر الذين قامو بالثورة إذ عمد الوزير الأول، بدل شرح موقفه، إلى التشبث بسياسة بن علي المتمثلة في التعتيم و الإستهانة بالشعب و التعالي عليه كما أنه أساء فهم هيبة الدولة و هو ما تجسد على أرض الواقع في التعامل بنفس الأساليب البوليسية القديمة و أكثر أحيانا مثلما تم بالأمس من قمع وحشي لمتظاهرين انطلقت مظاهرتهم سلمية. إن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية يعلن ما يلي:  – يدعو رئيس الدولة و الوزير الأول المؤقتين إلى التحلي بالمسؤولية و اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتهدئة الأوضاع و إيجاد الحلول السياسية اللازمة لتحقيق التوافق الذي هو شرط نجاح المرحلة الانتقالية و تفادي كل ما من شأنه تعطيل المسيرة الديمقراطية. – يلفت انتباه الحكومة إلى أن مرحلة ما بعد 14 جانفي يجب أن تكون بالفعل مرحلة إرجاع الهيبة للدولة التي تقتضي أن تلتزم بالإتفاقيات الدولية و القوانين و تعرض عن اللجوء للوسائل الخارجة عن القانون لتحقيق أهدافها مثلما تقتضي أن يخضع مواطنها لقوانينها و سلطتها.  – يلفت انتباه الحكومة إلى أن هذا الشعب  الذي أسقط طاغية من أكبر طغاة العصر وكبر لديه حلم تحويل بلاده إلى ديمقراطية حقيقية واكتسب ثقة في النفس قلما وجد لها نظير، لن يسمح لأي كان بإذلاله وامتهان كرامته وأن الطريقة الأنجع للتعامل معه هي تحقيق طلباته كلما كانت مشروعة. – يدعو شباب الثورة  للمحافظة على يقظته و للعمل على تحقيق أهداف الثورة بالطرق القانونية والسلمية ودون تعطيل لسير المؤسسات .  – يدعو رئيس الدولة والحكومة المؤقتين للرجوع في قرار تسمية السيد الحبيب الصيد  ومحاسبة مرتكبي الجرائم في حق الشعب و المنع النهائي لأجهزة الأمن من التدخل في السياسة وإصلاح هذه الأجهزة حتى تنجح في التوفيق بين تحقيق الأمن واحترام حقوق الإنسان وتطهير جهاز القضاء من الفاسدين والمورطين في التنكيل بالتونسيين وتوفير الضمانات اللازمة للقضاة. – يدعو جميع القوى الديمقراطية في البلاد إلى توحيد الجهود من أجل فرض خارطة طريق تكفل تحقيق انتقال ديمقراطي توافقي يتم فيه التشاور مع كل الأطراف السياسية. عن المؤتمر من أجل الجمهورية رئيس الحزب الدكتور المنصف المرزوقي

 



إن لجنة 14 جانفي لحماية الثورة بالتضامن التي تأسست يوم 17 جانفي 2011 والمتكونة من الهيئات السياسية ومنظمات المجتمع المدني الآتي ذكرهم: حركة النهضة، حزب العمال الشيوعي التونسي، إتحاد أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل، فوج التضامن للكشافة التونسية، المكتب المحلي للمنظمة الوطنية للطفولة، جمعية مسرح المدينة، الهياكل الأساسية والجهوية التابعة للإتحاد الجهوي بأريانة والمستقلون. نتوجه للرأي العام و لمتساكني حي التضامن بالتوضيح التالي : رغبة من مكونات اللجنة في توسيعها عدديا وإعطائها عمقها الجماهيري، دعونا إلى إجراء اختيار ممثلي الأحياء الشعبية بحي التضامن لإلحاقهم باللجنة وحدّد يوم 3 أفريل 2011 بمقر دار الشباب بحي التضامن موعدا لذلك. ففوجئنا أن ما تمّ بهذا الموعد هو عملية انقلابية على لجنة 14 جانفي لحماية الثورة وعلى الاتفاقيات المبرمة بين مكوناتها، حيث عمدت حركة النهضة في شكل مسرحية انتخابية القصد منها إيهام الرأي العام بممارسة الديمقراطية حيث أن لا علاقة له بالعملية الانتخابية لا من قريب ولا من بعيد من حيث الإعداد والتنظيم. 1. غياب ضبط قائمة الناخبين والمترشحين. 2. غياب الإعلام والدعاية وتمكين المترشحين من التعريف بأنفسهم وبرامجهم. 3. إقصاء اللجنة إقصاء كليا وعدم السماح لها بتقديم ما أنجزته والتعريف بأرضية العمل التي تأسست عليها. 4. إن ممثلي العمادات التي حضرت هم من ممثلي حركة النهضة وأنصارها فقط. والذي لا يتجاوز عدد 200 متساكن مع الرفض المطلق للتشاور والتفاهم. 5. إن الإخلالات الإجرائية كثيرة حيث صرّح المنظم للمسرحية الانتخابية وجود 500 ورقة داخل أحد الصناديق وهو ضعف عدد الحاضرين. 6. وكما تندد اللجنة بشدة عملية الإستيلاء على مقرّها الذي كان مقرّا محليا لحزب النظام البائد من قبل مجهولين وتحويله إلى مدرسة لتحفيظ القرآن حيث أن هذا إنما ينبأ عن جهل بالغ بأولويات المرحلة ويحيل على ممارسات بن علي في ممارسة الإستيلاء. وقد تقدم ممثلون عن اللجنة و اتحاد الشغل بطعون ورفض لهذه الممارسة. إذ تعبر اللجنة عن رفضها لمثل الممارسات اللاديمقراطية والتي تذكرنا بانتخابات الشعب التجمعية. ونؤكد على تمسكنا بالعمل التوافقي حتى نضمن وحدة الشعب في مواجهة محاولات الإلتفاف على الثورة وعلى دماء الشهداء ورغبة في القطع مع الماضي مواقفا وسلوكا والعمل على تحقيق أهداف الثورة. كما تؤكد اللجنة على تمسكها بمواصلة نضالها وفق الأرضية التأسيسية التي إستمدتها من أرضية المجلس الوطني لحماية الثورة تركيبة وأهدافا. لتستمر المسيرة حتى تحقق الثورة أهدافها
لجنة 14 جانفي لحماية الثورة بالتضامن وحدة العمل الإعلامي حي التضامن في 3 أفريل 2011

<  


بيان


 الإخوة النقابيين, لقد تجلّى بوضوح اتساع الهوة بين القيادة النقابية والقواعد حيث باتت الأخيرة في منآي عن حسابات القمة التي أصبحت تعمل في معزل تام عن الجميع ورمت بكل ما يمت بصلة في سبب وجودها ومكوناتها ومحيطها الطبيعي خارج مشاغلها لتتفرّغ لغايات سياسية بحتة شأنها شأن بقية الأحزاب بالبلاد.
ولما لا وقد بات أملها مفقود في التواصل في القيادة بعدما حرمتهم القواعد من ذلك بفرض تطبيق الفصل العاشر المشهود.
إذن لما لا يهرع أفراد هذه القيادة مجموعات وفرادي إلى البحث عن التموقع  وضمان مكانة ضمن خاطبي ودّ هذه الثورة السياسية والركوب عليها علهم يغنمون بتحقيق طموحاتهم.
فقد نسيت على ما يبدو ما تمرّ به الطبقة الشغيلة بالبلاد من صعوبات وغلق مؤسسات وطرد جماعي وسوق سوداء ولهيب أسعار وتغاض عن تطبيق قوانين الشغل وتعسف وأزمات وانسداد الأفق أمام الشباب والعاطلين وفاقدي الشغل زيادة على تشتت الصف وفقدان الوحدة النقابية وبروز ظاهرة الإستقالات من المنظمة ودعم النقابات الموازية إلخ… كما عمدت على شلّ هياكل المنظمة بدأ بالمجلس الوطني الذي تم تغييبه عمدا تهربا من انتقاداته وخوفا من قراراته ولربما خطر قرار حلها تبعا لما نعرفه من تجاوزات خطيرة وشلت هيئتها الإدارية محطّ إهتمام وآمال النقابيين في المراقبة والإصلاح حيث أصبح إنعقادها إلا لغاية في نفس يعقوب لتهلل وتكبر وتثمّن وتبرر تصرفات هذه القيادة بالأغلبية البسيطة المعهودة والمتكوّنة من  موالين وحرفاء ورموز التجمع البعض منهم على رأس الجهات والفارين منها بالعاصمة تحت حماية هذه الأخيرة للوقوف بشدة ضد بقية الأعضاء الأشدّاء والصامدين والمناضلين البواسل والمتمسكين بمبادئ وقيم المنظمة حتى تضمن لنفسها دوام خضوع الهيئة الإدارية لإرادتها وتبريرا لمواقفها الخاطئة والمضللة.
أما ما يهم الشغالين مباشرة من تحسين أوضاعهم ودعم قدرتهم الشرائية فحدث ولا حرج فمن المفروض أن تمثل هذه الفترة بداية مفاوضات إجتماعية هامة تمّ الإعداد لها منذ أكثر من مدة لكن الأمر يوحي بعكس ذلك فلا إستعدادات ولا برامج ولا استراتيجية مفاوضات فهذه القضية لا تدخل على ما يبدو في حسابات هذه المقيادات.
فما بقي إذن لهذه المجموعة من نشاط وعمل يخوّل لها البقاء في موقع القيادة وحق تمثيلها والنطق باسمها والهرولة يمنة ويسرة للتواجد في جميع الجحافل والمحافل والهيئات واللقاءات تجسيما وتعبيرا لذلك دون إرادة أو توكيل من أحد افلا يمثل هذا التصرف تحد للشغالين وعبئا على التونسيين جميعا ؟
إن مثل ما نراه من هكذا السلوك لا يزيد إلا استهزاء بالمنظمة ومنخرطيها بل طال جميع النقابيين فأينما توجهت لا تلاقي كنقابي إلا السخرية على هذا الأداء المبتذل : »فإذا لم تستحي فافعل ما شئت ».
لقد آن الآوان أيتها القيادة أن ترجعي إلى الصف النقابي وأن تقبلي بنقدك وتخضعي إلى قدرك في الإستقالة الحتمية والباتة من قيادة هذه المنظمة الشريفة والتنحي عنها ورفع يدك عن هياكلها.
فأنت قيادة تنتمين إلى العهد البائد لقد خضعت إلى موالاته ومجاراته في كل الأمور وتفانيت في خدمته وطاعته بل تواجدت بإرادته لدعمه وتبرير مواقفه وكنت سببا في ضرب وسجن من أراد من النقابيين وحتى المعارضين من توجهات أخرى وطرد وحرمان العديد من العمال من موارد رزقهم ولن يرى فيكم لا النقابيين فحسب بل كل التونسيين إلا رموزا للعهد البائد وقالو فيكم جميعهم كلمتهم فلا تلكأ بعد هذا فقد صرتم خارجين عن القانون ومغردين خارج السرب ولا يجديكم شيئا ممّا ترفعونه من مبررات الهياكل النقابية التي طمستمونها وتم تجاهلها وتركها جانبا أو شلها وحتى المؤتمر عليه من المآخذ العديدة والخطيرة ما يجعله مسبقا محل الطعن.
والجميع على بينة تامة بمخططات البعض منكم للاستنساخ قيادة جديدة موالية وصورة مطابقة للأصل عناصرها معروفين مسبقا ومختارين من المؤجرين المرحبين والقابلين للإستنساخ. فإنقاضكم لن يكون إلاّ عن طريق الخضوع لإرادة وحكم النقابيين وتخليكم عن مسؤولياتكم لتحل محلكم لجنة نقابية وطنية للإصلاح وترتيب البيت.
عاشت المنظمة الشغيلة مستقلة
ومسؤولة رافعة راية الشغالين على الدوام عبد النور المدّاحي أمين عام مساعد سابقا  


دعوة لندوة صحفية بمناسبة زيارة رئيس الحكومة الإيطالي سلفيو برلسكوني  


يوم الإثنين 4 أفريل 2001 على الساعة 11.00 بنزل جلدن توليب « المشتل » من أجل سياسة هجرة مبنية على العدل واحترام حقوق الناس من أجل علاقات متوازنة بين تونس الثورة الديمقراطية وشركاءها الأوربيين تنظيم :
المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فيدرالية التونسيين من أجل مواطنة الضفتين الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان مجموعة « رُسُومْ »

 



صرح رئيس الوزراء الفرنسي « فرنسوا فيون » خلال زيارته يوم أمس إلى روما، أن فرنسا تقترح على تونس شراكة مع الإتحاد الأوروبي مقابل تعهدات تلتزم تونس بتحقيقها، من بينها استعادة المهاجرين غير الشرعيين.
وعبر رئيس الوزراء الفرنسي عن تضامن بلاده مع إيطاليا التي تشهد موجة هجرة غير مسبوقة خاصة بعد الثورات التي حدثت جنوب المتوسط حيث وصل إيطاليا حوالي 22 ألف مهاجر سري منذ بداية سنة 2011.
وسيبحث « سيلفيو برلسكوني » يوم الاثنين بتونس خلال لقائه بأعضاء من الحكومة المؤقتة موضوع الهجرة السرية وإمكانية إعادة المهاجرين.  
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 02 أفريل 2011)



اعداد: رفيق بن عبد الله ـ
تم مؤخرا اصدار مرسوم بإحداث لجنة وطنية لاسترجاع الأموال الموجودة بالخارج والمكتسبة بصورة غير مشروعة لدى البنك المركزي التونسي.
ومن مهام اللجنة كما ضبطها المرسوم « التنسيق وعند الاقتضاء تولي القيام بإجراءات استرجــاع الأموال بالخــارج التي تم بصورة غير مشروعــة تحويلهــا أو اكتسابهــا أو مسكهــا أو التحكم فيهــا بصفــة مباشرة أو غير مباشــرة أو أضرت أو من شأنهــا أن تضر بذمــة أو بالمصالح المالية للدولــة أو الجماعات المحليـــة أو المؤسسات والمنشآت العمومية وذلك من قبل زين العابدين بن الحاج حمدة بن الحاج حسن بن علي رئيس الجمهورية التونسية السابق وزوجته وأبنائه وكل شخص له روابط عائلية أومصاهرة معهم وكل شخص قدم لهم المساعدة أواستفاد بغير وجه حق من أفعالهم. » ويمكن للجنة القيام خاصة بكل إجراء لتحديد تلك الأموال التي تشمل الأموال المنقولة مادية كانت أوغير مادية والعقارات مهما كانت طريقة اكتسابها والمداخيل والمرابيح المتأتية منها وكذلك الوثائق أوالسندات مادية كانت أوإلكترونية والتي تم تحويلها أواكتسابها أومسكها أوالتحكم فيها بصفة مباشرة أوغير مباشرة من قبل الأشخاص المطلوبين..
يمثل المكلف العام بنزاعات الدولة اللجنة للقيام باسم الدولة التونسية أمام المحاكم والهيئات الأجنبية المختصة بكل التدابير التحفظية وبكل إجراء من شأنه أن يمكن من مصادرة واسترجاع الأموال لفائدة الدولة وضمان مصالحها المالية والمطالبة بها.  تتركب اللجنة من محافظ البنك المركزي التونسي، وزير المالية أو من ينوبه، ممثل عن وزير العدل، ممثل عن وزير الشؤون الخارجية، والمكلف العام بنزاعات الدولة.
ويرأس اللجنة محافظ البنك المركزي التونسي وتكون مداولاتها سرية. ويمكن لرئيس اللجنة أن يشرّك في أعمالها كل شخص له كفاءة ويتمتع بخبرة مجدية لمهمتها، والاستعانة بكل مهني له خبرة قانونية أو فنية. ويمكن لرئيس اللجنة أن يستعين بالخبرات المتوفرة بالإدارة التونسية واللازمة لقيام اللجنة بمهمتها.  
 ويلزم المرسوم على « كل عضو باللجنة وكل مشارك في أعمالها المحافظة على السر المهني في كل ما بلغ إلى علمه من وثائق أو بيانات أومعلومات حول المسائل الراجعة بالنظر للجنة ».   صلاحيات   ومن صلاحيات اللجنة أن تطلب من السلط الإدارية والمؤسسات والمنشآت العمومية والهياكل العمومية والخاصة المعلومات والوثائق اللازمة لتنفيذ مهمتها، علما أن تلك السلط والمؤسسات والمنشآت والهياكل ملزمة بمدها بالوثائق والمعلومات المطلوبة ولا يحق لها معارضتها بالسر المهني. وفي هذه الحالة لا يمكن مؤاخذة المؤتمنين على تلك الأسرار من أجل إفشائهم لها.
وتطلع اللجنة رئيس الجمهورية على نشاطها بانتظام وترفع له تقريرا سنويا يلخص أعمالها ونتائجها. ويتم نشر التقرير السنوي للجنة، التي تخصص للقيام بمهامها اعتمادات تحمل على ميزانية الدولة.
أحدثت اللجنة لمدة محددة بأربع سنوات وبانقضاء هذه المدة يتولى المكلف العام بنزاعات الدولة، وفقا للقانون، مواصلة تعهدات اللجنة والقضايا الجارية. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 03 أفريل 2011)


خاص/ الوزير الأول الباجي قائد السبسي في حديث لـ«الصباح» لسنا ضد التظاهر أو نقد الحكومة.. إنما نرفض العنف والتخريب..


قناصة القصرين وتالة وغيرهما قبض عليهم وأودعوا السجن.. أفضّل صحافة حرة على إعلام صامت وأبكم.. ـ على الرغم من التزاماته المكثفة ومواعيده المزدحمة، تفضل الوزير الأول السيد الباجي قائد السبسي، باقتطاع نصيب من وقته للإجابة على تساؤلات «الصباح» في هذا الحوار الذي اهتم بالملفين السياسي والأمني تحديدا.. وبأسلوب يجمع بين العفوية و«الانتقاء المدروس» لكلماته، تحدث الوزير الأول عن المظاهرات والاعتصامات، وعن تطلعات الشباب التونسي التي قال «إننا نتفهمها مادامت خارج دائرة العنف».. وتطرق الى أموال الرئيس المخلوع وعائلته، قائلا: ان الحكومة استرجعتها، كما جمدت أرصدتهم خارج البلاد.. ونفى وجود قناصة في البلاد، مؤكدا أن «قناصة القصرين وتالة أودعوا السجن منذ فترة».. ورفض معالجة الظلم بظلم مماثل، لكنه شدد على أن القانون فوق الجميع.. وأعرب عن عدم خشيته من التجمعيين، لكنه رفض بشدة منع أي مواطن من العمل السياسي اذا ما كان مستجيبا للشروط القانونية.. وبصيغة قطعية لا تحتمل الأخذ والرد، نفى السيد الباجي قائد السبسي أن يكون الاتحاد الأوروبي ضغط على الحكومة بشأن ملف الاسلاميين، وقال في هذا السياق «لن أقبل أخلاقيا وسياسيا بأي تدخل في شأننا الداخلي»، لكنه نفى ـ بالتوازي مع ذلك ـ أن تكون تونس خضعت لضغوط بسبب الملف الليبي.. وشدد الوزير الأول، على حرصه على ترسيخ الحكم الديمقراطي الحقيقي، ومنع أي التفاف على الثورة، قائلا «نحن أمام فرصة تاريخية لتقديم نموذج ديمقراطي في المنطقة». أجرى الحوار: صالح عطية   سيدي الوزير الأول، لو نبدأ بما سمي اعتصام «القصبة3» الذي جرى أمس الأول، البعض اعتبر أن التعاطي الأمني مع المجموعات التي جاءت للاعتصام، كان عنيفا.. لماذا هذا العنف؟   شخصيا لم أر «القصبة3»، أنا الآن في قصر الحكومة، ودخلت من باب الوزارة الأولى، ولم يعترض سبيلي أي معتصم.. اذا كان هناك اعتصام في مكان آخر، فأنا لست ضد التظاهر أو التعبير عن الرأي، إنما نحن ضد العنف وعندما يواجه رجال الأمن بالعنف، كيف تريدهم أن يواجهوا ذلك؟ فالعنف يولد العنف، ورغم ذلك فقد أعطينا التعليمات الصارمة بأن لا يكون استخدام العنف إلا في حالات قليلة ومحدودة، لكن في مواطن عديدة يجد الأمن نفسه في حالة دفاع شرعي.. فعندما نلاحظ عنفا وتخريبا وتعديا على مؤسسات الدولة، ماذا نفعل؟ وهل هناك حكومة مسؤولة تقبل بذلك؟ هذا غير موجود الا عند المسيحيين، عندما تضربه على خده الأيمن يدير لك خده الأيسر، ورغم كل ذلك فنحن ضد العنف ولا نرغب في اللجوء اليه اطلاقا.. المجموعات التي تمارس العنف، وتخرب وتدوس على القانون، لن نقف ازاءها مكتوفي الأيدي، ومن يخرج عن القانون أو يحرض على تجاوزه، هو بالنسبة لي مجرم، لأننا لا نريد لبلادنا أن تكون ساحة للغوغائيين والقافزين على القانون.. نحن نتفهم شبابنا، ونسمع جيدا تطلعاته وانتقاداته مادام ذلك خارج دائرة العنف..   لكن المعتصمين، سواء في القصبة أو الكاف أو في جهات اخرى مختلفة، ينتقدون بطء الحكومة في اتخاذ قراراتها، خصوصا فيما يتعلق باسترجاع أموال الشعب التونسي من بن علي وعائلته.. ما هو تصرف الحكومة في هذا الملف؟   الحكومة أصدرت قانونا لمصادرة أملاك وأموال هؤلاء وجميع املاكهم رجعت للدولة، ولدينا لجنة تشتغل على هذا المستوى..   هذا في تونس.. لكن في الخارج لا يبدو الأمر كذلك..   في الخارج الأمر ليس بنفس السهولة، لكننا نتابع الموضوع بحرص شديد.. وأحيطك علما في هذا السياق بأن الحكومة الكندية أصدرت قانونا لتجميد أموال بلحسن الطرابلسي بضغط من «اللوبي التونسي» هناك، وبات يعيش بموجب المساعدات الاجتماعية.. لقد اتخذنا جميع الاجراءات القانونية لاسترجاع أموال الشعب من البنوك الأجنبية، والكثير من الأموال المنسوبة لهم، تم تجميدها، لكن لا يعني ذلك أن كل هذه الاموال عادت الى تونس، فهذا يخرج عن نطاق الحكومة لأنه يرتبط بالدول التي لديها أرصده لهؤلاء.. بعثنا إنابات عدلية في جميع الدول، واللجنة التي تم تشكيلها كلفت مختصين بالتفتيش على الأملاك في الخارج، وهذا موضوع ليس بالسهولة التي يتصورها الناس..   من بين تحفظات المتظاهرين أيضا، إقالة وزير الداخلية فرحات الراجحي وتعيين الحبيب الصيد بديلا عنه، ويعتبرون أن طريقة الاقالة وأسبابها غامضان، ويستغربون تعيين وزير يقولون انه من رموز النظام السابق…   هذه تحفظات ننصت اليها جيدا مادامت في كنف القانون، وفي إطار الرأي والرأي المخالف، بل نحن نعتبر النقد علامة صحة في المجتمع.. غير أن الحكم على فلان كونه من النظام السابق أو غير ذلك، فهذا غير مقبول.. لأننا لو بحثنا عن الرموز الحقيقية للنظام السابق، لأحصينا نصف البلاد.. وأؤكد لك أن الحبيب الصيد ليس من رموز النظام المخلوع، وأنا أدرك جيدا ما أقول، ولدي معطيات لا يملكها الذين يوجهون الاتهامات جزافا.. وعلى أية حال لست مستعدا لقبول أي تدخل في صلاحياتي، ثم هل عندما أفكر في تعيين وزير أقوم باستفتاء شعبي؟ هذا ليس استئثارا بالرأي، إنما للحكم آليات، وللفريق الحاكم صلاحياته وهوامش لقراراته وتحركاته… وهل ثمة وزير صالح لكل زمان ومكان، أو وزير الى ما لا نهاية؟ لا أعتقد ذلك.. المهم أن لدينا اجراءات تخص تنظيم السلط بصفة وقتية، حرصنا على اتباعها بالتنسيق مع رئيس الجمهورية المؤقت، وبالتشاور مع المعنيين وصدر مرسوم في هذا الغرض.. لكن دعني أقول، بأنه عندما تصبح القضية مرتبطة بتعيين وزير أو إقالة آخر، فهذه كلمة حق يراد بها باطل، ونحن ندرك جيدا خفايا الموضوع، ونفهم المغزى من هذه التحركات…   ما هو هذا المغزى، وما هي هذه الخفايا؟   لكل حادث حديث..   هناك موضوع القناصة الذي يؤرق قسما كبيرا من الشعب التونسي، خصوصا أنه يتعلق بشهداء سقطوا برصاص هذه المجموعات…   (مقاطعا)… من قال لك ذلك؟   هذه معلومات نشرتها الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني، وأعلن عنها رسميا…   عندما حصلت تلك الاحداث، تم القبض على عديد الأشخاص وأودعوا السجن، والبلاد خالية اليوم من القناصة..   أنا أتحدث عن ملف القناصة خلال الاحداث التي تلت الثورة…   حكومتي ليس لها مفعول رجعي، ومسؤوليتي تبدأ من لحظة دخول للوزارة الأولى، فإذا كان ثمة قناصة لم يقع القبض عليهم فأرجو أن تعلمي بذلك.. واذا كان هناك قناصة موجودين في البلاد حاليا فدلني عليهم.. لقد سألت كل الاطراف الداخلية والدفاع وغيرهما حول هذا الموضوع، لكن الملف أغلق تماما، ومن تم العثور أو القبض عليه موجود حاليا في السجن، وأعني هنا من قتلوا في تالة والقصرين وغيرها…   صرحتم بأن عديد الاحزاب الجديدة قد لا تجمعها حافلة واحدة، هل معنى أنك غير راض عما يوصف بـ«الانفجار الحزبي» في تونس؟   لم أكن أعني كل الاحزاب طبعا، انما الاحزاب الجديدة التي نشأت للتو، لأنها حديثة في العمل السياسي، ولا شك أن لديها عددا محدودا من المنخرطين.. نحن بلغنا حاليا أكثر من 50 حزبا، وكل من طلب رخصة تأسيس حزب وتوفرت فيه الشروط القانونية اللازمة منحناه الرخصة.. لكن ليس معنى ذلك أنها احزاب مشعة.. هناك أحزاب مثل «النهضة» والحزب الديمقراطي التقدمي وحركة التجديد والتكتل الديمقراطي معروفة وناضلت طويلا، فهل يمكن مساواتها ببقية الاحزاب الناشئة حديثا؟.. يمكن أن تكون لديها الأفكار والبرامج التي تستقطب من خلالها الانصار، لكنها الآن أحزاب محدودة الاشعاع..   هناك مخاوف من عودة التجمعيين الى الفعل السياسي في البلاد عبر احزاب عديدة.. ما هو رأيك في هذا الصدد؟   هل يعني ذلك أنه عندما يأتيني حزب تتوفر فيه الشروط القانونية، أقول له عفوا؟   الكلام يجري عن تجمعيين متهمين بالفساد المالي والسياسي..   كل شخص يبدو للبعض أنه فاسد، فليقوموا بقضية ضده.. أنا لا أحمي أحدا، وليس لدي التزام مع أي كان، إلا مع تونس التي أعمل على أن أخدمها بإخلاص، وأتمنى أن أتركها في حال أحسن مما وجدتها عليه.. لدينا رغبة في اصلاح بلادنا.. ومن كانت لديه ملفات فساد فليقدمها للقضاء أو ليأت بها الينا وسنقوم بها نحن.. فلن نأكل لحم الناس بمجرد كلام..   أليست لديك مخاوف من عودة هؤلاء للبلاد التي أفسدوا فيها؟   ليست لدي مخاوف من هؤلاء ولا من الاسلاميين ولا من غيرهم.. فالشعب التونسي هو الحكم، وهو حر في من يفرز ويختار.. المشكل أن بعض الأطراف تخشى الانتخابات، وهذا موضوع آخر..   بعض النخب تقترح حرمان قيادات الحزب المنحل من العمل السياسي لمدة خمس سنوات من أجل تنقية البلاد من التلوث الذي سببوه للمشهد السياسي..   هذا الحزب وقع حله، واذا كانت المحكمة التي قررت حله قد اتخذت اجراءات أخرى ضده، دلني عليها، أنا شخصيا أحبذ عدم استئناف هؤلاء للعمل السياسي، لكن الأمر يتعلق بقانون ومنطق دولة، لذلك ليس بوسعي منع أي مواطن من ممارسة النشاط السياسي… ولو كان الأمر مرتبطا بموقفي الشخصي، لمنعت هؤلاء وغيرهم من نفس الطينة…   هنالك مخاوف يطلقها بعض النخب والفاعلين السياسيين حول امكانية وصول الاسلاميين للحكم في تونس.. هل تقاسم النخب هذه المخاوف؟   أنا لا أخشى أحدا.. وأعتقد أن شعبنا مسؤول، وطالما أنك تنظم انتخابات نزيهة وتضمن لجميع الاطراف حرية التعبير عن الرأي، فللشعب حينئذ حرية الاختيار، ومن يختاره الشعب فمرحبا به..   لكن تتردد معلومات حول ضغوط مارسها الاتحاد الأوروبي للحيلولة دون وصول الاسلاميين للحكم في المرحلة المقبلة.. إلى أي مدى يبدو هذا الكلام صحيحا؟   هذا غير صحيح، ونحن لن يضغط علينا أحد، لا الاتحاد الاوروبي ولا الشارع أيضا.. نحن لدينا مبادئ نحترمها ولنا خيارات نتحرك في اتجاهها.. وأقول في هذا السياق أننا مع عدم اقصاء أي كان، ومع السماح بحرية التعبير مع من يريد التعبير، فقط نشترط احترام القانون واحترام الرأي المخالف، فهناك الرأي والرأي الآخر، ونحن نحترم هذا وذاك، ولكن اذا كان هناك من لا يحترم الرأي الآخر، فلا سلطان لنا عليه..   بعض المراقبين يتحدثون عن تغير في خطاب الحكومة وأدائها بعد زيارة كلينتون الى تونس، وسط أنباء عن ممارسة الولايات المتحدة ضغوطا على استحقاقات الثورة التونسية.. الى أي مدى يمكن الذهاب في هذا الاتجاه؟   أؤكد لك بوضوح، أنه ليست لدي ضغوط من أي كان، ثم أنني لا أقبلها اطلاقا، لأنها تمس من الكرامة الشخصية.. وفي الحقيقة لم يحصل أن تدخل أمريكان أو أوروبيين أو يابانيين في قرارنا الوطني.. بقي أن موقفنا يتماشى مع مصالح تونس، ومصالح الشعب الليبي الشقيق.. ونعتقد أن الليبيين مبتهجون بالموقف التونسي، وتونس تساعده حاليا في محنته، ليس من حيث المساعدات الغذائية فحسب، وإنما عبر آليات اخرى عديدة.. نحن ننطلق من موقف دولة، وليس من موقف شخصي، وراعينا مصالح تونس ومصالح اخوتنا في ليبيا، وادارة دولة، ليست ادارة علاقات شخصية…   التدخل الخارجي الامريكي والغربي في ليبيا، ألا ينعكس سلبا على الثورة التونسية؟   لا وجود لأي انعكاس لهذا التدخل على بلادنا..   كسياسي ومحام، ما هي هوية النظام السياسي التونسي القادم، هل تختار النظام الرئاسي أم البرلماني؟   لو كنت أمارس المحاماة حاليا، سيكون لدي رأي بالطبع، لكنني الآن أتحمل مسؤولية في الحكم، ومسؤوليتي تقتضي أن احترم اللجنة التي شكلناها والتي تعمل في استقلالية تامة، وهي لجنة تتضمن كفاءات وإطارات رفيعة المستوى وقادرة على أن تعد النموذج المناسب لمستقبل تونس.. فإذا أبدينا رأينا الآن فنكون قد خرقنا مبدأ استقلالية اللجنة، لذلك علينا أن نتركها تشتغل.. وعندما تقدم لنا حصيلة عملها يمكن أن نبدي رأينا، لكن موقفها سيؤخذ بعين الاعتبار…   هناك مخاوف من الرأي العام التونسي من امكانية الالتفاف على الديمقراطية… ماذا تقول إلى هؤلاء؟   شخصيا، من واجبي الحفاظ على الثورة وعلى الديمقراطية.. أنا لم أتحمل هذه المسؤولية من أجل تلميع صورتي، إنما بغاية خدمة بلادي، وليس لديّ الوقت لكي أصرفه فيما لا يعني، فقد تحملت الأمانة، والأمانة عبؤها ثقيل، وقد عرضها المولى سبحانه وتعالى «على السماوات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها، وحملها الإنسان، إنه كان ظلوما جهولا».. وأنا حملت الأمانة بطيب خاطر من دون أي حسابات، ولو بحثت عن مصلحتي لمكثت في بيتي.. إنه نداء الواجب، وأعتقد أن أغلبية الشعب التونسي تفكر بهذا الأسلوب، والأقلية التي قد لا تشاطرنا الموقف، من حقها التعبير عن رأيها بكامل الحرية، لكن بشكل حضاري.. ثمة انتقادات توجه إلى الحكومة وإلى الوزير الأول في عديد المقالات الصحفية، أقرأها، لكنني لن ألوم صحفيا على ما يكتب.. وأنا أفضل صحافة حرة حتى وإن كان موقفها ظالما لي، على صحافة صامتة بكماء.. ولا أذيع سرا إذا قلت لك بأنني كلما أنظر في المرآة كل صباح، لا أفكر في الرئاسة «s>est fini pour moi»، بل أفكر في تونس، وفي القيام بواجبي قدر المستطاع، بقي أنني بشر، لست معصوما من الخطأ.. «ولا تمشي في الأرض مرحا، إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا» (الآية)..   بعد يومين تحل الذكرى السادسة لوفاة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، ماذا تقول بهذا الشأن؟   سأكون هناك لتلاوة الفاتحة على زعيم تونس، فبورقيبة لن ننساه، ومثلما قال الشاعر أحمد خيرالدين: «يا مخلص البلاد.. محال ننسى فضلك من بالي».. بورقيبة بشر، ولديه نواح سلبية في حكمه، لكنه قدم خدمات هامة للشعب التونسي.. فقد علّم الشعب وحرر المرأة، وهذا مهم.. لكن لا يعني ذلك أن بورقيبة فريد زمانه، إنما لديه محاسن لابد أن نثني عليها…   بعد ثلاثة أشهر ونيّف من الآن، ستغادرون الحكومة، كيف تريدون أن تتركوا تونس؟   في أحسن حالها…   بأي معنى؟   بجميع المعاني.. أو لا نريد للثورة أن تتأكد من مكاسبها، وأن لا يقع الالتفاف عليها، وأن لا نتركها لمن يصطادون في الماء العكر، وأن يتقدم الحكم الديمقراطي، وأن نضمن لشعبنا ونخبنا حرية التعبير في نطاق حضاري بعيدا عن الثلب والشتم والعنف والتخريب.. شعبنا أهل لأن يسيّر شأنه بنفسه، وأعتقد أن الديمقراطية إذا ما فشلت في تونس، فلن تنجح في بلاد أخرى، لأن شعبنا لديه جميع المؤهلات والإمكانيات لإنبات نموذج ديمقراطي، من التعليم إلى الثقافة، مرورا بخاصية الاعتدال والوسطية، وصولا عند تسامح شعبنا، وهذه مؤشرات تخول لبلادنا أن تكون نموذجا في المنطقة.. وهذا قدرنا.. بل مسؤوليتنا في إنجاح الثورة، ونتوصل إلى بناء حكم ديمقراطي حقيقي.. نحن سنبدأ هذه المهمة.. وقد بدأنا فيها بالفعل، أما توقيت الانتهاء من هذا الموضوع، فهو موكول للشعب التونسي، وعلى أية حال سنبذل جهدا كبيرا في هذا السياق، حتى إذا ما غادرنا هذه المسؤولية ـ وأتمنى أن يكون ذلك قريبا ـ تكون تونس أفضل، والشعب التونسي أقرب للنظام الديمقراطي منه للنظام السابق… نريد أن نقطع مع النظام المخلوع، لكن ليس بصورة عشوائية وغوغائية، إنما بشكل منظم ومدروس.. لا نريد أن نظلم أحدا، ولن نواجه الظلم بالظلم، وكل إنسان بما اقترفت يداه.. نحن نريد أن نؤسس للعدل، والعدل لا يستقيم إلا بمنهج ورؤية والتزام.. ومسالك معروفة في الحكم عالميا.. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 03 أفريل 2011)



أنيس منصوري
استطاعت التحركات الشعبية فرض رحيل الغنوشي و كان الباجي قائد السبسي بديلا له توسم فيه العديد خيرا. تزامن تعيين السبسي مع إعلان الرئيس المؤقت وقف العمل بالدستور و تحديد موعد لانتخاب مجلس تأسيسي و أمكن للسبسي التشدق باسم الثورة إيهاما منه بتبنيه و بقبوله مطالبها.
إلا أن الأحداث تبين أن الباجي قائد السبسي الذي جيء به لنجاح اعتصام القصبة الثاني قد يمكن له أن يرحل بعد إفشاله اعتصام القصبة الثالث. هل ينجح السبسي حيثما فشل الغنوشي؟
تمثلت مهمة الغنوشي في ترميم نظام بع علي و المحافظة على ما يمكن منه. لم تكن له أية مشروعية و لم يمكن تسويقه إلا بادعاء نظافة يده من السرقة و استقلاله عن المافيات و استقالته من التجمع و كذلك طبعا عبر التخويف من الفراغ السياسي و الابتزاز الأمني و الاقتصادي للثورة. و لم تصمد هذه الحجج أمام المد الثوري، و بقطع النظر عن مدى ضعفها، فإن الجماهير الشعبية ما انفكت تزداد وعيا بأن الغنوشي، و إن لم تكن له مصلحة ذاتية في بقائه في الحكومة، فإنه يمثل مصالح أطراف أخرى هي ضرورة معادية للثورة.
لم يصمد جهاز الدولة بكل مؤسساته أمام إصرار الجماهير على مواصلة النسق الثوري فأجبرت الغنوشي على الرحيل و فرضت على المبزع الانصياع للمطالب الثورية. كان ذلك أهم انتصار تحققه الجماهير بعد 14 جانفي و هذا الانتصار هو الذي مكن الباجي قائد السبسي من العودة إلى الساحة السياسية بعد عشرين عام من العزلة.
السبسي من الوجوه البورقيبية المعروفة، اعتزل العمل السياسي منذ بداية التسعينات و لم يُسمع له نقدا أو حتى مجرد موقف لنظام بن علي لا قبل تقاعده السياسي ولا بعده و لم تكن له هذه الجرأة إلا و بن علي على مشارف جدة.
خلافا للغنوشي الذي لم يكن يخفي « احترامه » لبن علي و اتصاله به أحيانا فإن السبسي لم يفوت فرصة للتهكم فيها عليه. أهمية ذلك تتمثل في قدرته على التواصل مع الجماهير بإظهار شخصية كاريزماتية افتقدتها الساحة السياسية التونسية منذ عقود طويلة تكون لها القدرة على الإيهام بالقطع مع الماضي و على تبني مطالب الثورة و الإقناع بذلك.
مكنت المؤهلات السياسية و ظرفيات المرحلة التي عُيّن فيها السبسي من الإيهام بأنه « رجل المرحلة » و للتذكير فإن أهم سمات هذه المرحلة أنها مرحلة صراع بين قوتين : قوة جماهيرية غير منظمة تريد تحقيق جملة من المطالب التي لا يمكن للثورة أن تكون من دونها و قوة سياسية و إعلامية و مالية قد خسرت الجولة الأولى برحيل بن علي و تحاول الحفاظ على مواقعها و مكتسباتها بتجنب الصدام مع الجماهير. مهمة السبسي إذن لا تعدو أن تكون محاولة تغليب كفة القوة الثانية أي القوة المعادية للثورة على القوة الأولى أي الثورة.
إن عدم تورطه في تحمل مسؤوليات بارزة في النظام السابق و خبرته بالمجال السياسي إضافة إلى نقده الصريح ـ و الحديث ـ لبن علي جعل مشروعية تقلده للوزارة الأولى أسهل تسويقا من غيره خاصة و أن تعيينه كان في شكل انتصار حققته الجماهير ضد الغنوشي.
فالجماهير الشعبية المهمشة و المفقرة التي هبت للدفاع عن وجودها منذ أشهر أدركت أنه لا مجال لفرض مطالبها إلا بتغيير سياسي جذري يمكّن من فتح سبل التغيير الاجتماعي و تمثلت هذه المطالب السياسية في استقالة الحكومة و حل التجمع و حل جهاز أمن الدولة و تعليق الدستور و انتخاب مجلس تأسيسي. هذه المطالب من المفروض أن تمكن من القطع مع النظام البائد و من تكريس نظام سياسي و اجتماعي و اقتصادي يلبي جملة مطالب الثورة.
خلافا للثورات الكلاسيكية المعهودة فإن الانتفاضة في تونس و لئن أطاحت بأعلى هرم السلطة فإنها لم تقتحم و لم تسيطر على مقرات السيادة و لم تفرز قيادة تحل محل السلطة البائدة. لذلك لم يكن للجماهير تمثيلية و لم يكن لها من حل إلا مواصلة النسق الثوري و الضغط الشعبي على الفئة السياسية الحاكمة لإجبارها على تحقيق مطالبها لذلك كثيرا ما ترددت مصطلحات من نوع تكنوكرات و مستقل و نظيف و غير تجمعي لتصنيف مسؤولي الدولة.
هذه المفارقات مكنت السبسي من الاعتقاد أنه الوحيد القادر على « إنقاذ الموقف » و ألا بديل له خاصة و أن الساحة السياسية في المعارضة لازالت تشكو من الفراغ و الانقطاع الذين فرضهما قمع بن علي، لذلك و من وجهة نظر سياسية نفعية غير مرتبطة إطلاقا بالميكانيزمات الاقتصادية و الاجتماعية التي أنتجت الثورة، يحق للباجي قائد السبسي أن يعتقد أنه سينجح حيثما فشل الغنوشي.
السبسي و الجبة الثورية ليس السبسي إفرازا للثورة بل هو غريب عنها كل الغربة و لا تعدو أن تكون علاقته بها تنصيبية.
 
 إن فشل أجهزة الدولة و الحكومة و جملة الأطراف التي تمثلها في إيقاف مسار الثورة دفع بهم إلى لعب هذه الورقة المتحجرة التي تجيد الاتصال و التواصل. فقدومه المترافق باعتصام القصبة الثاني مثلما يقدم القائد المنفي قد ألبسه جبة ثورية تعطيه في نظر البعض شيئا من المشروعية إذ لو لم تكن جملة التحركات الجماهيرية و خاصة منها اعتصام القصبة و مسيرة شارع الحبيب بورقيبة لظل السبسي متمتعا بتقاعده بعيدا عن صخب السياسة.
إلا أن ما تؤاخذه عليه الجماهير هو أساسا الازدواجية السكيزفرينية التي تعاني منها سياسته و حكومته. فحكومة السبسي كانت الوحيدة التي مرت تقريبا بسلام و رغم أن عناصرها لا يمثلون بأية طريقة كانت من قاموا بالثورة، فالجماهير الشعبية قد قبلت بها فقط لعدم وجود ما يثبت أنها من رموز العهد البائد و هو أضعف الإيمان في حكومة وقتية من المفروض أن تكون انتقالية و لا تعنى إلا بتصريف الأعمال. إلا أن سياسات هذه الحكومة ما انفكت تثبت أنها وثيقة الاتصال بشق أعداء الثورة شديدة العداء لها. و طبعا لم يتبين هذا التوجه للعموم إلا بعدد من القرارات التي تم اتخاذها و بجملة أخرى من القرارات التي وقع تغيابها و هو ما يقيم الدليل على سكيزفرينية سياسة السبسي.
فالثورة و المطالب الثورية التي جاءت بالسبسي كان من المفروض أن يجدا صداهما في سياسته إلا أن هذا الرجل و إن كان يبدي أنه يريد القطع مع الماضي فإنه يتخذ من الجبة الثورية شرعية له لتدجين التحركات في سبيل فرض توجه فشل فيه الغنوشي و بن علي من قبله و هو ما أدى إلى التضارب الصارخ بين الجانب الوظيفي و الجانب الإجرائي في سياسة السبسي. فللسبسي وظيفتين، الأولى احتواء الجماهير و تطويق غضبها و الثانية المواصلة في نفس نهج الغنوشي و بن علي. و طالما أن أجهزة الدولة جميعها من حكومة و أمن و إعلام و جيش باتت عاجزة عن ضمان عدول الجماهير عن النسق الثوري فإنها عمدت إلى المراوغة عن طريق التخلي عن الغنوشي وتنصيب السبسي لقدرته على الإيهام بتحقيق مطالب الجماهير و تكريس سياسة متناقضة مع ذلك.
 
فالانفتاح على المطالب الشعبية للثورة اقتضى تعيين وجه جديد يكون رمز سياسة جديدة و له القدرة على أن يضفي مصداقية على هذا الانفتاح. إذ لو تواصل وجود الغنوشي في الحكومة لما كان لورقة الطريق التي أعلن عنها المبزع يوم 3 مارس أي معنى.
 
فالقوى الثورية استطاعت فرض مكاسب تمثلت أساسا في حل التجمع و تعليق العمل بالدستور و حل جهاز البوليس السياسي و القبول بفكرة المجلس التأسيسي و تحديد تاريخ لانتخابه أما قوى الثورة المضادة فإنها تعمل، بالتوازي، على حد سقف المطالب الثورية في هذا المستوى و الالتفاف على هذه المكاسب بما يضمن وجودها و يخدم مصالحها و هي المهمة الرئيسية التي عُين من أجلها الباجي قائد السبسي و لا غرابة أن يستهل خطته السياسة بالتأكيد على هيبة الدولة و محاولة فرضها. فبالنسبة إليه الثورة حققت أهدافها و ما تبقى للإنجاز لا يتم إلا من داخل الهيئة العليا لتحقيق مطالب الثورة التي قام ببعثها و هرول إليها كل من تمت دعوته و قد آن الأوان أن تضطلع الدولة بدورها الردعي و غلق قوسي الثورة نهائيا.
فالسبسي إذن هو رجل مرحلة لم يكن لينجح فيها الغنوشي أو أيا كان ممن تورطوا مع بن علي فهو من يمكن له أن يرتدي الجبة الثورية و أن يحافظ داخلها على دولة بن علي، و ما جملة المطالب التي حشدت الجماهير إلى الاعتصام للمرة الثالثة بالقصبة و طريقة تعامله معها إلا دليل على فشله في سياسة تربى عليها و هي سياسة المغالطة.
السبسي و سياسة المغالطة يشهد له الجميع بقدرته على المراوغة، و المراوغة أسلوب الدولة المؤقت في التعامل مع الجماهير. فالشعب قد أطاح بصرح بن علي القائم على القمع. و لما كانت هذه الجماهير متوهجة غضبا مصممة على تحقيق ثورتها و لما كان الصدام معها قد يُجهز على ما تبقى من صرح بن علي المتهاوي من قبل أن يضمد جراحه و يعاود النهوض و إرساء بنيانه، توجهت سياسة الدولة إلى المغالطة إلى حين تمكنها من إعادة بسط نفوذها و تقويض ما حققته الثورة بالقمع و بالمغالطة.
 
تجسدت سياسة المغالطة في، مثلما سبق الذكر، في قرارات اتخذتها هياكل الدولة و أخرى تعمدت تفاديها و لعل أهمها مما يثير حفيظة الشعب هو:
ـ قرار حل التجمع: حيث سارعت وزارة الداخلية بالمعالجة القضائية لهذا الملف لا لشيء إلا لسحبه من جدول اهتمامات الشارع التونسي. فالتجمع كعنوان سياسي قد انتحر سياسيا و انحلاله أمر يفرضه الأمر الواقع و التعامل العدلي مع هذا الجهاز على خلفية التهم المنسوبة إليه يضمن، باعتبارعدم وجوده القانوني، عدم تتبعه على خلفية تهم أخرى قد تكون أكثر خطورة. و هو ما يعني شطب لوحة جرائمه كلها من دون أدنى أشكال المحاسبة. و إضافة إلى هذا فإن طريقة الحل و الاتهامات الموجهة إلى الجهاز ككل، أي إلى الشخص المعنوي للحزب، قد مكنت كوادر الحزب ليس فقط من الإفلات من المحاسبة بل كذلك من الترسكل في أجهزة حزبية أخرى بعضها موجود و بعضها بُعث للغرض.
ـ عدم محاسبة كوادر التجمع: إن حل التجمع دون محاسبة على الأقل الكوادر من التجمعيين ليس إلا خداعا يتم بموجبه الحفاظ على موارده البشرية خاصة و أن التجمع كان من تلقاء نفسه يدرس فرضية تغيير الحزب اسما. فحل الجهاز ليس ذي قيمة كبرى طالما أن إطاراته طليقة اليد و صاحبة نفوذ في الساحة السياسية و في الإدارات و في الإعلام و في عديد المجالات الأخرى الحساسة. و رغم أن إجراء الحل سابق لعودة السبسي للحياة السياسية فإنه يتبنى جانب المغالطة فيه فالإرادة السياسية الحقيقية في التخلص نهائيا من عبء التجمع و أخطاره لا تكون إلا بمنع أعضاء أمانته العامة و ديوانه السياسي و أعضاء لجنته المركزية و أعضاء لجان تنسيقه و رؤساء شعبه من العمل السياسي مدة خمس سنوات على الأقل و بفتح الملفات الساخنة التي تدينهم، تلك الملفات التي تعلمها الحكومة و ليست لها أية نية في طرحها.
إن إشكالية التجمع و التجمعيين ليست إشكالية حزب تقضي المحكمة بحله بل هي إشكالية نظام أخطبوطي تغلغل في جسد الدولة و المؤسسات الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و الإعلامية و هذا الأخطبوط لازال فاعلا و فعالا قادرا على التحرك و إعادة التمركز و الهيمنة على البلاد سواء كان اسمه التجمع أو أي اسم آخر و المغالطة تتمثل في الإيهام بحله و نهايته في حين أن هم الحكومة في المرحلة الراهنة هو حمايته في انتظار تمام عودته.
ـ مسألة الحريات: من أهم ميزات سياسة بن علي السيطرة على الإعلام و خنق الحريات و هو ما يحدث الآن فبالإضافة إلى الطريقة الوحشية في تفريق معتصمي القصبة و التهديدات الصريحة لناشطي الأنترنات فإن رائحة التعذيب في السجون و المعتقلات العسكرية و البوليسية قد بدأت تفوح و هو ما يفند أكذوبة حل جهاز أمن الدولة و البوليس السياسي بالإضافة إلى عدم وجود ضمانات جدية تكفل استقلالية القضاء و الإعلام و الإدارة.
ـ التستر على بن علي: إن ما فعلته الحكومة لا يقل خطورة عما لم تفعله فهي إلى الآن و رغم المطالب الشعبية الصريحة تتستر على بن علي و بطانته المافيوزية فالشكوى الوحيدة التي تقدمت بها ضده يمكنه الإفلات منها دون قضاء يوم واحد في السجن في حين أن الجميع يتذكر أن السبسي كان قد صرح لإحدى القنوات التلفزية أن بن علي يجب أن يحاكم بتهمة الخيانة العظمى، كان ذلك قبل تعيينه وزيرا أولا أما الآن و قد صار ممثلا للحكومة فمن الأكيد أنه يرى الأمر بطريقة مختلفة.
ـ ملفات السرقة و الفساد: و لعل نفس هذه الرؤية هي التي مكنت صهرا للمخلوع من طيب الإقامة في كندا و مكنت آخرا من اجتياز الحدود خلسة و آخرا من الإفلات من العدالة مكلفا حياة ما يزيد عن خمسة مواطنين في محاولة هروبه و نفس هذه الرؤية هي التي أعطت الناهبين لأموال الشعب كامل الوقت للفرار بها من البلاد و تهريبها لأرصدتها من البنوك الأجنبية و.. و.. و.. وما تلك اللجان الوهمية إلا دليل آخر على المغالطة و الإيهام بالمحاسبة و التقصي و هي رؤية مشتركة بين السبسي و الغنوشي تثبت ما بينها من تواصل في ذات النهج السياسي.
ـ المديونية: في الوقت الذي ترفض فيه الحكومة استرجاع الأموال المسروقة و في الوقت الذي تتشدق فيه أبواق دعايتها بخطر الثورة على الاقتصاد يمعن السبسي في سياسة التداين التي يعلم الجميع أخطارها و في المقابل يرفض إلغاء خلاص الديون أو حتى مجرد تجميدها الذي يمكن أن يكون بديلا لتكريسه لسياسة التبعية.
ـ التستر على قتلة أبناء الشعب: ما حدث في عديد المدن التونسية مثل القصرين و تالة و الرقاب و تونس كان قتلا ممنهجا لا يمكن تصنيفه إلا كجريمة ضد الإنسانية و قد توافق كل من الغنوشي و السبسي على عدم التطرق لهذا الموضوع و التستر على القتلة الذين ينعمون بجرايات تصرف لهم من أموال الشعب و الجميع يعلم، خاصة أهل القانون من أمثال السبسي، أن التستر على جريمة قتل لا يختلف جزاؤه عن جزاء القتل باعتبار أنه اشتراك في الجريمة.
هذا البعض القليل من المعطيات التي تأجج الشارع التونسي من الجديد و التي تبين مدى تورط السبسي في النسق السابق له و مدى دفاعه عن المنظومة التي خلفها بن علي و التي لم يعد من الممكن أن تتستر عليها الجبة الثورية التي يحاول ارتداءها. بل إن التمعن في معطيات أخرى يتبين مدى توافق السبسي و بن على في جذور هي المسؤولة عن إفراز بن علي.السبسي و العود إلى الجذور من الخطأ الاعتقاد أن تعيين السبسي و اعتماد ورقة الطريق التي ضبطها المبزع يمثلان استجابة لمطالب الثورة. ليس ذلك إلا انتقال من المنهج البوليسي البحت الذي اعتمده بن علي طيلة عقدين على الأقل إلى المنهج البورقيبي الذي يراوح بين المراوغة السياسية و القمع البوليسي.
فالمراوغة هي المغالطة بإيهام تلبية مطالب الثورة فما يحدث هو ذر رماد في العيون. إذ تبين للجميع أن جهاز البوليس السياسي لم يحل بل هو أكثر نشاط من ذي قبل و أن تعليق العمل بالدستور أمر يفرضه الأمر الواقع ليس فقط لكثرة ما ديس و أخترق بل كذلك بانتهاء صلاحيات الحكومة المؤقتة بحلول تاريخ 17 مارس و أن حل المجلسين هو تركيز لكل السلط في يد الرئيس المؤقت و أن انتخاب المجلس التأسيسي قد يكون أفضل طريق لعودة زبانية العهد البائد في لعبة انتخابية تحكم قوانينها الحكومة المؤقتة و من يقف خلفها إذا ما واصلت الحكومة التفافها على الثورة. أما القمع البوليسي فقد انتقل بقدوم السبسي و ترحيله للراجحي من الطور المقنع إلى الطور العلني. فتعيين الصيد على رأس وزارة داخلية هو إمعان في النهج الإرهابي الذي تعودت عليه هذه الوزارة.لدى كل التونسيين اليوم وعي بأن الثورة في خطر و أنها لم تقم لتصحيح المسار البورقيبي. إن ما يحدث اليوم هو التسليم بضرورة شطب بن علي من سجل الدولة و لكن مع المحافظة على نفس الجهاز و نفس النظام الذي كان يرأسه. لقد كانت الجماهير الشعبية صارمة في موقفها منذ مساء 14 جانفي حين لم تكتف بتهريب بن علي و أرادت أن تكون الثورة ثورة حقيقية تمس كل الجوانب و كل المستويات. إن هذا النهج ليس إلا تطبيق لسياسة خطوة إلى الوراء من أجل خطوتين إلى الأمام بمعنى نعم سنتنازل على بن علي و لكن عفى الله عما سلف، سنواصل في نفس النهج. و ما التجمع الدستوري الديمقراطي إلا تواصل للحزب الاشتراكي الدستوري الذي بدوره تواصل للحزب الحر الدستوري. فالاختلاف في الأسماء و الظواهر لا يعني البتة اختلاف في التوجه السياسي العام الذي هيمن على الحياة السياسية في تونس منذ ما قبل الاستقلال و الذي يعتبر المسؤول الأول و الوحيد عن الفشل السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي الذي بلغ ذروته مع بن علي. و وفق هذا التصور ليس لبن علي من ذنب سوى إخفاقه في تدجين الجماهير مما تسبب في وضع نظام جاري به العمل، منذ الاستقلال على الأقل، أمام رفض شعبي عارم. لذلك يسعى السبسي إلى تعويض أفق الثورة بالماضي البورقيبي فالحل بالنسبة إليه ليس في الاستجابة لمطالب الجماهير بل في العودة إلى وضعية ما قبل الثورة و هو ما يعني توظيف جميع مكتسبات الثورة بما في ذلك المجلس التأسيسي من أجل إعادة إنتاج النظام الدستوري السابق. فما لم يفهمه السبسي هو أن الثورة ليست فقط ثورة ضد الـ23 سنة من حكم بن علي، بل هي ثورة ضد نظام كامل قائم على اللاعدالة الاجتماعية و التفاوت الطبقي و الجهوي و ما ينجر عن ذلك من قمع للحريات و للديمقراطية للمحافظة على وضع سائد يخدم مصالح قوى أجنبية و يمثل خطرا على السيادة الوطنية.
 
خلاصة القول أن تشبث السبسي و من وراءه بالتنكر للثورة و لمطالب الجماهير ليس فقط من أجل إعادة التجمعيين أو الدستوريين إلى الحكم، إنه تشبث بنظام تكرسه هذه المجموعات منذ الاستقلال.هو نظام لا يخدم مصلحة الأغلبية من أبناء هذا الشعب، نظام يمعن في استغلالهم و تفقيرهم و تهميشهم و لا يمكن له أن يتواصل في الوجود إلا بقبضة حديدية يضرب بها الحرية و الديمقراطية. فدكتاتورية بن علي لم تكن غاية في ذاتها بل هي النهج الذي اتبعه لفرض توجهه السياسي و الاقتصادي بمباركة الولايات المتحدة الأمريكية و الإتحاد الأوروبي الذين لم يتخليا عنه إلا ساعة تيقنا أنه لم يعد يخدم مصالحهما بل صار يهددها. و السبسي من أجل الحفاظ على نفس هذا النظام تنكر في جبة ثورية و حاول مغالطة الجماهير، إذ لا مانع لديه من تقليم أظافر دكتاتورية بن علي و بورقيبة و الإيهام ببعض الانفتاح على مطالب الجماهير إذا ما كان هذا هو الثمن الذي يجب دفعه من أجل إبقاء نفس النظام قيد الحياة. ذلك النظام الذي لا يخدم إلا مصالح كبرى الشركات و الأنظمة التي تهيمن على العالم بفرض اقتصاد لا وطني تمليه مؤسسات عالمية مثل صندوق النقد الدولي و البنك المركزي و الإتحاد الأوروبي عن طريق أنظمة الشراكة و برامج الإصلاح الاقتصادي و المديونية الأبدية. فمثل هذه الخيارات لا يمكن أن تكون أبدا في خدمة السيادة الوطنية و وظيفة المتشبثين بالحكم و المعادين للثورة هي المواصلة في تكريس هذا النهج و عدم القطع معه.
إن أسابيع قليلة في الوزارة الأولى بينت الوجه الحقيقي للباجي قائد السبسي و أثبتت أنه لا يمكن أن يكون منقذا للثورة بل الخطر الأكبر عليها. إن نفس الوعي الجماهيري الذي قاد الشعب للثورة ضد بن علي يقودها من جديد لرفض السبسي و الثورة عليه. لقد ساهمت المقايضة الاقتصادية و الابتزاز الأمني في دفع المواطنين لإعطائه فرصة، و لكن بانتهاجه سياسة تسعى إلى إعادة تكريس الماضي لا يمكن لهذه الجماهير إلا أن تقول له لقد فشلت في الامتحان يا سبسي، عليك أن تستقيل، ارحل.

باريس في 03 أفريل 2011 نشر في المشهد التونسي http://www.machhad.com/?p=541

<  


الثورة في العالم العربي.. الأبعاد الفكرية والحضارية أحمد المستيري يدعو الشباب للاحتكام لصوت العقل والفيلالي يحذر من الإنزلاقات


تغطية: آسيا العتروس ـ «الثورة في العالم العربي الابعاد الفكرية والحضارية» كان ذلك عنوان الندوة التي احتضنتها بالامس جوهرة الساحل بدعوة من الفرع الجهوي للمحامين والتي شهدت مشاركة أجيال مختلفة جمعت بين استاذة الامس وتلاميذهم اساتذة اليوم ممن اجتمعوا حول منبر واحد للحديث عن الاسباب التي هيأت لهذه الثورات في العالم العربي… ولكن أيضا للحديث عن المخاطر وللبحث عن المستقبل الذي يتطلع اليه الجميع وقد منح حضور كل من السيد مصطفى الفيلالي وتلميذه الاستاذ الصادق بلعيد والسيد أحمد المستيري وأبو يعرب المرزوقي الى جانب الاعلامي غسان بن جدو والمحامية اللبنانية بشرى الخليل وغيرهم أيضا اللقاء طعما خاصا لم يخل من تجاذبات في الاراء والمواقف لم يكن فيها للمجاملات او للمشاعر موقع…   رسالة احمد المستيري الى الشباب   واذا كانت العدة تقتضي ان يكون الاصل في تغطية الندوات من البداية فان لقاء سوسة بالامس قد يسمح بالاستثناء والاعتماد على اخر رسالة لهذه الندوة وهي الرسالة التي توجه بها السيد احمد المستيري الى الشباب ليخاطبهم بقوله « لديكم القدرة الكاملة للحكم على كل ما يجري لا ترتبطوا في تفكيركم بروابط العقيدة والايديولوجيا استعملوا العقل في تحديد مواقفكم واذا فرض عليكم العقل اعادة التفكير واعادة مراجعة حساباتك فلا تصطدموا بالحائط « احمد المستيري خاطب الحضور بلغة االسياسي المحنك ولكن ايضا بلغة الاب والحريص على المصلحة الوطنية العليا وفي مجمل مداخلته التي استعرض فيها تجارب الانظمة الشمولية في الاتحاد السوفياتي سابقا وما يجري اليوم من ثورات عربية قال انه لا بد من انجاح الثورة وشدد على اهمية التوافق الوطني لتحقيق هذا الهدف الذي يستوجب جمع كل الطاقات والادمغة بتحقيق الاولوية والانتقال الى الحكم الجديد الديموقراطي واعتبر ان المرحلة ليست مرحلة تصفية حسابات واشار المستيري الى انه لا يحاول استقطاب الشمام ولا يسعى الى الفوز باصوات انتخابية او منصب ما وانه ليس له أي اطماع في هذا الاتجاه. وبطريقة ذكية لا تحلو من الديبلوماسية رد المستيري على محاضرة الضيفة اللبنانية بشرى الخليل التي استبسلت في الدفاع عن الرئيس السوري بشار الاسد وزوجته ورد باسلوب حضاري على مداخلتها دون ان يتجاوز حدود آداب الضيافة…   الفيلالي: لا لاستنساخ تجارب الاخرين   وقد اعتبر الاستاذ مصطفى الفيلالي في مداخلته ان الاطاحة بالانظمة الظالمة ايسر من بناء الانظمة البديلة وان الاتفاق على السلبيات التي يعيشها الشعب ايسرمن الاتفاق على البدائل التي ينبغي طرحها بما يلبي تطلعات الشباب الذي رفع عقدة الخوف ودعا الفيلالي الى التعويل على الذات في تحقيق النجاح المطلوب وعدم التعويل على مدد خارجي وقال ان التغيير الذاتي امر ممكن بعد ان ارتقى الشباب في المفاهيم الكونية للكرامة والمساواة والديموقراطية والبناء الديموقراطي وشدد على ان تكون المسؤولية تشريفا لا ظلما وان تقوم على الكفاءة وليس على الولاء والطاعة وتطبيق التعليمات من اجل الوصول الى الحكم الراشد الذي سبق لخيرالدين ان حدده في كتابه «اقوم المسالك» ليضع اسس النهضة والارتقاء.وحذر الفيلالي من المخاطر التي تحيط بالثورة لا سيما خطر توريد او استنساخ النمط باعتبار ان هذا النمط او النموذج نجح في بلاد ما واعتبر الفيلالي ان لكل ثورة تاريخها المتمثل في العوامل الاجتماعية والاقتصادية والفكرية المحيطة بها واعتبر ان تاريخية الثورة شرط اساسي لنجاحها كما حذر من خطر استعجال ثمار الثورة وقال ان الثورة مهددة باستعجال الثمار واستعرض الفيلالي التفاوت الخطير بين الجهات وما يمكن ان يخلقه من اختلال وشدد على ضرورة التدارك في الخلل القائم بين الجهات واعتبر الفيلالي ان كل ثورة ابداع حضاري، واذا كانت الثورة الفرنسية مهدت لحقوق الانسان والحداثة فان الثورة الامريكية مهدت للديموقراطية، وخلص الفيلالي الى ان تونس كانت سباقة في اقامة الازهرعندما خرج الفاطميون لبناء القاهرة وان فاطمة الفهرية واختها زينب انفقتا على بناء مسجدين في فاس وان مدرسة الطب المغاربية تأسست في القيروان على يد ابن الجزار وكذلك ابن خلدون في عالم السياسة واسد ابن الفرات قاضي قضاة في القيروان وفاتح صقلية التي ظلت تحت الحكم في تونس مدار قرنين واشار الفيلالي الى ان تونس مدعوة للمبادرة مع مصر وسوريا حتى لا تكون الثورة استنساخا لنماذج ليست منا وقال «حان الوقت لتوظيف المادة الشخمة جواب للازمة المستفحلة « واعتبر الفيلالي ان تونس قد استحقت براءة الاختراع في مبادرة الثورة على حد تعبير خير الدين حسيب مدبر مركز الدراسات في بيروت.   مخاطر بالجملة   الاستاذ الصادق بلعيد شدد في مداخلته على تكذيب الادعاءات والمحاولات التي يسوق لها البعض في الغرب ومحاولات الربط بين مشروع الرئيس الامريكي الاسبق جورج بوش الذي سقط من ذاكرة التاريخ للشرق الاوسط الجديد وفرض الديموقراطية بالحديد والنار وقال بلعيد «لا ديموقراطية بالقوة « وحاول الاستاذ الصادق بلعيد ان يقدم مقاربة بين ثورة تونس ومصر معتبرا ان نقاط الالتقاط قائمة منذ البداية حيث كانت التلقائية حاضرة في المشهدين ولم تكن نتيجة عمل سياسي بل نابعة من القاعدة الشعبية كما ان عنصر المفاجاة كان حاضرا بدوره وتكررت نقاط الالتقاء مع تكرر الشعارات ذاتها من سيدي بوزيد الى شوارع القاهرة واعتبر ان حضورالاستبداد داخل مجتمعات تتصف بالانغلاق والبؤس يبقى العنصر المشترك الاكبر بين كل الشعوب العربية واستعرض ما ورد في كتاب باحث لبناني تحت عنوان what went wrong in the arab states الى جانب كتاب لباحث فلسطيني يشرح الاسباب التي تمنع قيام دولة فلسطينية والتي تتلخص في انه لا الفلسطينيون ولا بقية العرب مؤهلون لتحرير فلسطين وتأسيس دولة حرة وذلك بناء على مشهد الركود والبؤس المستشري في العالم العربي…  كما توقف الاستاذ الصادق بلعيد عند حدود التشابه في الاهداف التي يتطلع اليها التونسيون والمصريون عموما واكد على الطابع السلمي للثورة في مصر وتونس وان العنف حدث عندما تدخلت السلطات المعنية لحماية نطامها ومصالحها. وخلص الاستاذ بلعيد الى ان هذه الثورات لم تتوقف الا وقد امتدت الى بقية الدول العربية حيث لا احد كان يتصور ان ينتفض الشعب الليبي او الشعب السوري واعتبر ان الثورات التي واجهت «الجمهوريات» تواجه كذلك الممالك معتبرا «ان ما كان ميؤوسا منه بالامس بات املا حقيقيا».   القضاء… القضاء   وفي كلمته في افتتاح الندوة شدد السيد رشاد برقاش رئيس الفرع الجهوي للمحامين بسوسة على ان ثورة تونس ومصر كشفت قدرة الشعوب على التنظيم واثبتت رغبة في تجاوز عقلية المؤامرة التي كانت تكبل جزءا هاما من العقليات واكد ان ما حصل يعكس اصرارا على العودة الى الماضي توقع استمرار هذه الثورات التي قد تنتهي بتحولات جذرية قد تضع حدا لانظمة شمولية كثيرة. عميد المحامين السيد عبد الرزاق الكيلاني كان صريحا في التاكيد على ان الثورة لم تحقق حتى الان اهدافها وقال الكيلاني «صحيح اننا تخلصنا من الطاغية ولكن في نفس الوقت نقول بكل مرارة اننا لم نتخلص من الدكتاتورية التي مازالت باقية من خلال عدة مظاهر «وقال الكيلاني ان استقلالية القضاء الضمانة الاولى للحرية والديموقراطية ولنجاح الثورة واستطرد الكيلاني بان الذين يحكمون بالتعليمات لاستعمال القضاء لتصفية حسابات سياسية مع الخصوم مازالوا في مناصبهم يحكمون ويصدرون الاحكام وقال الكيلاني ان الثورة ليست الفوضى وحذر من ازلاق الثورة مشيرا الى ان الكثيرين يحاولون الالتفاف على الثورة وهم اولئك الذين نسمعهم ونراهم كل يوم على القنوات التلفزية…  
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 03 أفريل 2011)



قال رئيس الوزراء المصري عصام شرف انه يعتذر لشعب وحكومة تونس بعد أحداث شهدتها مباراة نادي الزمالك المصري ضد الافريقي التونسي في دوري أبطال افريقيا لكرة القدم يوم السبت. .لاستخدام هذا الملف لابد من تشغيل برنامج النصوص « جافا »، وأحدث الإصدارات من برنامج « فلاش بلاير » أحدث إصدارات برنامج « فلاش بلاير » متاحة هنا اعرض الملف في مشغل آخر قال رئيس الوزراء المصري عصام شرف انه يعتذر لشعب وحكومة تونس بعد أحداث شهدتها مباراة نادي الزمالك المصري ضد الافريقي التونسي في دوري أبطال افريقيا لكرة القدم يوم السبت. وتأتي تصريحات دكتور شرف بعد اجتياح جماهير فريق الزمالك المصري أرض الملعب خلال الدقائق الأخيرة من مباراته مع نادي الإفريقي التونسي ، ما أثار حالة فوضى غير عادية. وتعرض عدد من لاعبي الإفريقي وطاقم تحكيم المباراة لهجوم من جماهير الزمالك التي كانت مسلحة بأسلحة بيضاء، أحدثت بها تلفيات كبيرة في استاد القاهرة. ب ب سي عربي

 



2011-04
 
القاهرة- أدان المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصري كافة الممارسات السلبية وأعمال البلطجة التي شهدها استاد القاهرة السبت خلال المباراة التي جمعت الزمالك المصري بالأفريقي التونسي في دوري أبطال أفريقيا. وانتهت المباراة بأزمة حقيقية ومهزلة غير رياضية بعدما اجتاحت الجماهير ملعب استاد القاهرة الدولي احتجاجا منها على طاقم التحكيم الجزائري بعد إلغاء هدف للزمالك في الدقائق الأخيرة من المباراة بدعوى التسلل عندما كان الزمالك متقدما 2/1 فقط وهي النتيجة التي تطيح به خارج البطولة بعدما خسر 2/4 في مباراة الذهاب على ملعب الأفريقي. واندفع مشجعو الزمالك إلى أرض الملعب في الدقيقة الرابعة من الوقت بدل الضائع للمباراة وحدثت عدة اعتداءات على طاقم التحكيم ولاعبي الأفريقي قبل خروجهم من الملعب تحت حراسة مشددة. وأوضح المجلس الأعلى للقوات المسلحة عبر صفحته على شبكة التواصل الاجتماعي (فيسبوك) الأحد أنه أمر بتشكيل لجنة برئاسة وزارة العدل والجهات المعنية للوقوف على الحقيقة الكاملة لأحداث الشغب التي « تسيء لسمعة مصر وشعبها العظيم »، فضلا عن أعمال التخريب للمتلكات العامة وترويع المواطنين. وأهاب المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالمواطنين الشرفاء العمل على مواجهة هذه الممارسات التي تؤثر بشدة على مكانة مصر وشعبها. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 03 أفريل 2011)



ان قانون العفو العام الذي ناضلت من أجله أجيالا من القوى السياسية والحقوقية والمدنية و على رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل يعتبر اليوم بعد صدوره مكسبا من مكاسب ثورة شباب تونس ثورة الكرامة والحرية وسيكتب بأحرف من ذهب في تاريخ تونس الحديث.

 ومن مسؤولية الحكومة أولا ان تعبر عن ارادة واضحة في طي صفحة الماضي الأليمة برد الأعتبار لكل من طالتهم الة القمع و الأرهاب و ذلك  بتفعيل قانون العفو العام نصا وروحا  والسير حثيثا نحو أهداف الثورة يقطع الطريق على المتربصين وهم كثر لا ينقصهم الا الوقت ومازالوا يحلمون بعودة حزب الدكتاتورالفاسد بن علي.
ومن مسؤولية كل القوى السياسية و المدنية ومؤسسات المجتمع المدني  ولجان حماية الثورة النضال من أجل التسريع بتفعيل هذا القانون و عدم افراغه من مضمونه.
 اما واقع الحال اليم فتعامل اغلب الوزارات مع هذا الملف اتسم بالمماطلة وعدم الوضوح والشفافية  والارباك فوزارة التربية بقيت تراوح مكانها فعقدت الاجراءات  لتكوين الملف وكونت لجنة من وراء النقابات العامة للتعليم ثم اصدرت بلاغا تعلن فيه ادماج  157 مفصولا لم تعلن اسمائهم حتى اليوم ويبدو انها تراجعت فى ذلك وفي بلاغ ثان اشترطت بطاقة عدد3  و اني اعتبرفرض ذلك مسبقا اهانة لجميع الممدرسين فهل الموا طن متهم حتى تثبت براءته.

 و أليس هذه عقلية بقايا الدكتاتورية ورموز الفساد التي مازالت تشرف على التفاوض مع نقاباة التعليم . فأين السيد الوزير من كل هذا؟
 أما فى وزارة الدفاع  فالأمر أسوأ وصل الى حد اطلاق الرصاص عل المحتجين امام الوزارة والمطالبين بمقابلة السيد الوزير بتاريخ  7/ 02/  2011 و رغم نضالات جمعية العسكريين المفصولين واتصال السيد عميد المحامين بالسيد وزير الدفاع  لم تحرك ساكنا وبقيت الوزارة تصم أذانها عن المطالب المشروعة للمطرودين وهم بالمئات ويعيشون ضروفا جد صعبة واغلب الوزارات (الصحة..الشباب والطفولة وفى موؤسسات اعلامية ….) الاخرى فاالأمرلايختلف كثيرا.
أما بعض الذين وقع ارجاعهم فى قطاع البريد والفلاحة… فأوضاعهم غير واضحة من حيث التنظير و التقاعد والتعويض و غير ذلك….
فمتى تعي  هذه الحكومة ان أخذ القرار المناسب في الوقت المناسب من صفات الحكم الرشيد وان هيبة الدولة فى عدلها وانصافها أولا ؟ و اقول كا قال الشاعر منور صمادح الذى توفى سنة 1988 رحمه الله غريبا فى وطنه و روحه تامل أن تنالها شيء من روح هذا القانون كما غيره من الشهداء شيئان في بلدي خيب أملي     الصدق في القول والاخلاص في العمل
 

 الحسين بوشيبة استاذ تعليم ثانوى



 د.أحمد القديدي
أولا أريد أن أوضح أمرا بسيطا وهو أنني شخصيا لا أحمل سوى جنسيتي التونسية لأسباب خاصة  و إني بإثارة هذا الموضوع لا أدافع عن نفسي بل أدافع عن قضية. و ثانيا يذكرني قانون منع حاملي جنسية أخرى من الترشح و التمتع بالحقوق المدنية ببيت شعر عربي للشاعر الحسين بن منصور حيث قال : ألقاه في اليم مكتوفا و قال له …إياك إياك أن تبتل بالماء. هذه هي المعضلة ! فالألاف من المناضلين ضد الطاغوت ألقت بهم عصابات السراق و السماسرة في شتى بقاع الأرض فضربوا فيها منفيين و أنا منهم بل أسعدهم حظا ربما و الله أعلم فظلوا يعانون من التشرد و القمع و الملاحقات من طرف أنتربول و أنا منهم أيضا و عاشوا مع أطفالهم بلا وطن و بلا هوية و بلا جنسية لأن الجنسية يضمنها جواز سفر و إنطبقت عليهم و علي عبارة  » المنبوذ » بلا وطن أي عبارة اللغة الفرنسية « أباتريد » و كتبت على وثائق سفرنا الزرقاء بفضل رحمة الفرنسيين و الأوروبيين و الأمريكان و الكنديين و دول أخرى عديدة و تحملها إخوة لنا إلى أن رحمتهم قوانين و دساتير تلك الأمم فمنحتهم جنسيتها بارك الله فيها و في دول العدل و القانون و الحق أينما كانت . و اليوم في مصر و في تونس تثار هذه المشكلة المزيفة لتقطع طريق الحق عن مواطنين سكنت تونس في قلوبهم و استقرت في عيونهم و حملوها قضية قبل أن يحملوها وطنا. و السبب هو تمتعهم بجنسيتين جنسية إستلفوها لحماية حقوقهم و صون عائلاتهم و جنسية تونسية حرموا منها و استعادوها وهم من أبطال تونس حيث كافحوا و صبروا و صابروا و اليوم لا يحق لأحد أن يشكك في إخلاصهم لوطنهم  و كان أحرى بالقاعدين أن لا يثيروا هذه الإشكالية المزيفة فالوطن الأول و الأخير سيبقى تونس  و ليعتبر التونسيون بكفاح هؤلاء و تضحياتهم بل و ليعلمها المربون في المدارس عوض الإشتراطات التي عفى عليها الزمن و ربما تستعمل مثل كلمة الحق المدلس التي يراد بها باطل ساطع و الله ولي التوفيق. 
 


عريضة موجهة لشعوب العالم لترشيح الشعب التونسي لنيل جائزة نوبل للسلام  


يمثل الاستبداد السبب الرئيسي للتخلف السياسي والاقتصادي للمجتمعات، ولقد ظلت شعوب العالم الثالث، والعربية منها بالخصوص، تعاني من وطأة هذه اليد الكابتة للحريات والدافعة للتخلف والفقر والسقوط، حتى خرجت مجتمعات كلها من التاريخ على وقع استبداد سياسي جائر وظالم.
ولقد مثلت الثورة التونسية هذه الفتحة المباركة نحو الانعتاق والتحرر والخروج من ربقة الاستبداد، ودفعت الثمن باهظا عبر شهدائها البررة من أجل تثبيت قواعد جديدة داخل مجتمعها على أساس الحرية وحقوق الإنسان، حماية للمواطن حتى يعيش مواطنته كاملة دون إقصاء أو تهميش.
ولقد كانت الثورة التونسية بوابة مفتوحة لحركات الشارع العربي وانطلاقة لثوراته من الخليج إلى المحيط، وكان الربيع العربي ولا يزال يخطو خطواته نحو منازل السلام. لقد كان الشعب التونسي المحرك الأساسي لهذا الدفع عبر هذه الثورة الشبابية السلمية التي عكست حبه للسلام والعيش الكريم عبر منهجية انعتاق وتحرر التزمت الشارع ونبضه والدفاع عنه بأيد بريئة ودون وصاية، أمام قبضة الجلاد وتعسفه واستبداده، ثورة التحقت بها جموع الشعب من صغار وكبار ونساء ورجال.
إن حركة اللقاء الإصلاحي الديمقراطي بتونس تدعو كل مواطن عالمي ومواطنة وكل المنظمات والأحزاب والجمعيات والشعوب إلى تدعيم طلب ترشيح الشعب التونسي لنيل جائزة نوبل للسلام لهذا العام.
نحن الممضون أسفله أفرادا ومجموعات وجمعيات وأحزاب ندعو الجميع إلى مساندة الشعب التونسي للترشح لنيل جائزة نوبل للسلام لهذا العام 2011، تعبيرا من المجموعة الدولية واعترافا منها للدور المميز الذي لعبه الشعب التونسي في الثورة على الاستبداد، وتشجيعا رمزيا للشعوب جميعا من أجل التحرر السلمي والانعتاق، حيث شكلت هذه الثورة منعرجا حاسما في التاريخ الإنساني، ولحظة حضارية فاصلة من أجل مجتمع كوني سليم ومتضامن على أسس الحرية والديمقراطية وكرامة الإنسان والسلام العالمي.
للإمضاء على العريضة رجاء الاتصال بالعنوان البريدي tunisianobel@yahoo.fr د.خالد الطراولي حركة اللقاء الإصلاحي الديمقراطي بتونس www.liqaa.net



تعريف في غير محله لمفهوم سيادة الدّولة يمكن أن يقلب موازين الدّيمقراطيّة في تونس  رضوان المصمودي رئيس مركز دراسات الإسلام والدّيمقراطيّة  أعلن الدّكتور عياض بن عاشور رئيس الهيئة العليا للإصلاح السّياسي الأسبوع الماضي أنّ تونس ليست في حاجة إلى مراقبين دوليين للانتخابات. أظنّ أنّ هذا المفهوم لسيادة الدولة هو في غير محله وهو مخالف لما صرح به الرّئيس المؤقت والوزير الأوّل الأسبق بعد الثورة. لم تنظم تونس إنتخابات حرّة وعادلة في السّابق وأغلبيّة التّونسيين يشكّكون في نتائج الإنتخابات التّي تكون بدون رقابة دوليّة إنّ الحساسيّة المفرطة من التدخّل الأجنبي في هذا المجال ليست في محلها بدعوى أنّ هذا التدخّل كان في السّابق لتبرير تزوير الإنتخابات وإضفاء شرعيّة على أنظمة مستبدّة كنظام بن علي ومبارك وصالح والدكتاتوريّون العرب الآخرون. إنّ السّيادة الحقيقيّة هي للشّعب، وأهمّ طريقة لحماية السّيادة هي التشبّث بإجراء إنتخابات حرّة وعادلة. في الوقت الحاضر، الكثيرون في تونس لا يظنّون بأنّ الحكومة الانتقالية باستطاعتها تنظيم انتخابات حرّة وعادلة ويتخوّفون من النّتائج التّي لا تعكس رغبة الشّعب كالانتخابات السّابقة. إنّ أحسن طريقة لحماية الانتخابات من التزوير تتمثل في مطالبة التّونسيين المعتزّين بإنتمائهم « بمراقبة دوليّة » للانتخابات بالاستعانة بــ « منظمة الأمم المتّحدة »،الولايات المتحدة الامريكية، « الإتّحاد الأوروبي »، فرنسا، ألمانيا، الجامعة العربيّة والمنظمات الغير حكوميّة التّي لها تجربة كبيرة وخبرة في ميدان مراقبة وملاحظة والإشراف على الإنتخابات. إنّ اشراك المراقبين الدّوليين هي أنسب طريقة والوحيدة لضمان إنتخابات حرّة وعادلة وذات نتائج مقبولة من الجميع. هناك ثلاثة أنواع من المشاركة الدّوليّة في الإنتخابات المستوى الأوّل : الملاحظة : هذا الإجراء يمكّن المجتمع الدّولي من إرسال أشخاص كملاحظين في الإنتخابات والحكومة هي التّي تقوم بمراقبة كلّ المسار وتحدّ من مهمّة الملاحظين. هذا يمثل المستوى الأدنى من المشاركة و لا شيء يمنع الحكومة من تزوير الإنتخابات المستوى الثاني : المراقبة : هذا الإجراء يمكّن المجتمع الدّولي من إرسال أشخاص لمراقبة الإنتخابات، وتمكينهم من المشاركة في التصميم والمتابعة في كلّ مراحل المسار الإنتخابي.  المراقبون الدّوليّون من مشمولاتهم بصفة عامّة المراقبة والإستشارة في كلّ مرحلة من المسار لكن القرار الأخير يعود إلى الحكومة.  هذا يمثل المستوى الأوسط من المشاركة، وفيه من الصّعب على الحكومة تزوير الإنتخابات ولكن ليست مستحيلا المستوى الثالث : الإشراف : هذا الإجراء يمكّن المجتمع الدّولي من الإشراف على كلّ المسار، ويشارك في تصميم ووضع ومتابعة كلّ مراحل المسار الإنتخابي.  يمثل هذا المستوى أعلى درجة من المشاركة ويضمن بأنّ الإنتخابات ستكون حرّة وعادلة بما أنّ المجتمع الدّولي ومختلف المنظمات الغير حكوميّة في حاجة إلى أن يكونوا حياديين في كامل المسار. بما أنّ تونس لم تنظم في السّابق أيّة إنتخابات حرّة ونزيهة، وبما أنّ مؤسّسات الدّولة والحكومة (وبالخصوص وزارة الدّاخليّة) التّي مازالت تظمّ العديد من رموز النّظام السّابق من موظفي التجمّع « RCD » لا تحضى بثقة كبيرة لدى الشّعب التّونسي. وبما أنّ هذه الإنتخابات تعتبر بمثابة حجر الأساس في التوجّه نحو المسار الدّيمقراطي فإنّه لا بدّ من تنظيمها تحت مراقبة دوليّة (المستوى الثالث) بعض التّونسيّون سيعارضون هذا التمشي ويعتبرونه بمثابة « التدخّل » في المسار السّياسي وتقليلا من سيادة الدّولة. على العكس من ذلك، فإنّ المجتمع الدّولي وخصوصا منظمة الأمم المتّحدة والعشرات من المنظمات غير الحكوميّة التي لها خبرة كبيرة في مجال تصميم ووضع ومتابعة عمليّات إنتخابات حرّة وعادلة في العديد من دول العالم نراها تلتزم بالحياد دون مفاضلة طرف على أخر. نحن بحاجة إلى 000 10 مراقب دولي على الأقلّ لضمان إنتخابات حرّة وعادلة دون ذلك، أخشى من تفاقم الأزمة وعدم الإيمان بمصداقية هذه الإنتخابات. إنّ الشّعب التّونسي متعطش لنجاح هذه الثّورة في كنف السّلام والدّيمقراطيّة وهو الآن بصدد مقاومة محاولات الردّة والإلتفاف عليها من طرف من يحاولون جني ثمارها في إطار حساباتهم الضيّقة. من المهمّ أن تكون الانتخابات القادمة للمجلس التأسيسي متّسمة بالحريّة والعدالة والنّزاهة في نظر المواطنين. لا يجب بتاتا أن يتسرب أيّ شكّ في نتائج هذه الانتخابات حتّى يحسّ كلّ التّونسيين بالتقدّم نحو الدّيمقراطيّة وينخرطون في هذا المسار السّياسي في كنف الوئام ونبذ العنف وفي نظرنا يعتبر هذا مهمّا لإنجاح الثّورة والتحوّل إلى الدّيمقراطيّة في بلادنا. وفي ضوء كلّ هذا، يجب على الحكومة وعلى كلّ التّونسيين طلب الدّعم اللازم من طرف المجتمع الدّولي لتصميم ووضع ومتابعة الانتخابات المقبلة. ومستقبلا، عندما يقع ترسيخ الدّيمقراطيّة وعندما تضطلع جميع المؤسّسات الدّستوريّة بدورها، حينها فقط يمكن الاعتماد على إمكانياتنا في إنجاز أيّ انتخابات حرّة وعادلة دون طلب المساعدة من أيّ طرف آخر   إنّ إنتخابات ناجحة ونزيهة لا يمكنها إلا أن تفتح آفاقا نحو الدّيمقراطيّة ولا يمكن البتة الإنتقاص من قيمتها نتيجة تعريف في غير محله لمفهوم سيادة الدّولة


الجالية التونسية بقطر بين بقايا العهد البائد و رفض الوضع السائد  القائم بأعمال السفارة التونسية بالدوحة يجهض إنتخاب مجلس إدارة المدرسة بدعوى الحياد !!!!


عاشت الجالية التونسية بدولة قطر يوم السبت 2 أفريل يوما تاريخيا لم تشهد له مثيلا في تاريخها،، يوم لن يمحى من الذاكرة الجماعية للجالية التي كانت على الدوام تحظى بالإحترام والتقدير في بلد الإقامة قطر، ومن التجاهل والتهميش   من السلط الرسمية في تونس خلال العهد البائد. لكن ما حدث في يوم السبت فاق كل التصورات و أسقط كل الأقنعة الزائفة وأقام الدليل على طبيعة تعامل الإدارة التونسية مع المواطنين وكيفية تفاعلها مع الأحداث و القضايا المعنية بها أولا و أقام الدليل على درجة الوعي و التحضر التي يتحلى بها التونسي أينما كان والتي تجلت خلال الثورة المباركة و تأكدت يوم السيت 2 أفريل أمام المدرسة التونسية بالدوحة أين أرادت إدارة المدرسة بالتنسيق مع القائم بأعمال السفارة بالنيابة، توريط أبناء الجالية في صدام مع السلط الأمنية القطرية يعلم الله وحده تبعات ذلك لولا الطريقة المتحضرة التي تعامل بها الطرفان وأقصد بهما أبناء الجالية في قطر وقوات الأمن القطرية التي هرعت إلى المدرسة على إثر بلاغ كاذب من إدارة المدرسة يدعي نية أبناء الجالية التونسية بدولة قطر تنظيم مسيرة غير مرخصة من أمام المدرسة في وقت كان أولياء أمور تلاميذ المدرسة يتقاطرون على المدرسة للإدلاء بأصواتهم لإنتخاب مجلس إدارة المدرسة في التوقيت و التاريخ المتفق عليهما سلفا بين الجالية وسعادة السفير التونسي بقطر الدكتور أحمد القديدي المحترم والذي بالمناسبة نتوجه إليه بجزيل الشكر والتقدير والإحترام على تفاعله الإيجابي مع مشاغل الجالية بالرغم من الوقت القصير الذي ترأس فيه البعثة الدبلوماسية في دولة قطر على عكس القائم بالأعمال الذي يبدو أنه لم يستوعب المتغيرات التي تعيشها تونس و لم يتمكن من القطع مع العهد البائد حيث تدار الأمور بمنطق  » إخدمني ونخدمك » و هو لب القضية  والسبب الذي دفع هذا المسؤول أن يأتي ما فعل ويضحي بأولياء أمور التلاميذ  و بسمعة الجالية التونسية بدولة قطر ككل، خدمة للمنسق العام للمدرسة الرافض بشدة لإنتخاب مجلس إدارة المدرسة ولإجراء تدقيق مالي وإداري محايد للمدرسة من تاريخ تولي منظمة التربية والأسرة سيئة الذكر مقاليد تسيير المدرسة التونسية بالدوحة لأسباب معلومة لدى كافة أبناء الجالية.
كنا نشعر بإنحياز القائم بالأعمال لموقف المنسق العام،، وكنا جميعا نعلم الأسباب جيدا،، كما كنا نراقب العراقيل التي كان يضعها هذا المسؤول في طريق إنتخاب مجلسي أولياء أمور التلاميذ و إدارة المدرسة، والتي كان يذللها سعادة السفير السابق الدكتور أحمد القديدي الذي يتهمه القائم بالأعمال بقلة الخبرة !!! وهو الذي تحسب له عديد الحسنات ويكفيه فخرا أن يكون أول سفير تونسي تجمع عليه الجالية و تطالب ببقائه في منصبه من خلال المراسلات والإتصال بالمسؤولين في تونس وبإمضاء العرائض،،، ذات العرائض التي تمضيها ذات الجالية حاليا للمطالبة برحيل القائم بالأعمال  في القريب العاجل و محاسبته على الإهانة التي وجهها لنفسه أولا قبل أن يوجهها إلى الجالية التي أجهض رغبتها في إنتخاب مجلس إدارة لمدرستها بل و محاولة توريطها في قضية أمنية كبيرة بعد أن ألغى الترخيص الأمني و رفع الحماية عنها دون علمها ثم إرسال نسخة من ذلك إلى إدارة المدرسة بالفاكس صبيحة الإنتخابات وقبل بداية توقيت الدوام الرسمي للسفارة للإستظهار بها لدى قوات الأمن القطرية في وقت كان يقسم فيه بالله ثلاثا أنه ملازم للحياد عملا بما طلبته منه الخارجية التونسية التي فشل في إيهامها أن هناك إنشقاقات داخل الجالية بغية الحصول على أذن منها بإيقاف هذه الإنتخابات !!!!     
لقد عايشت الجالية التونسية بقطر عديد المسؤولين الذين مروا على السفارة التونسية بالدوحة خلال العهد البائد وخبرت فيهم الغث والسمين، الطيب والخبيث، ولكن ومن صميم عملهم كانوا كثيرا ما يتدخلون لدى السلط القطرية لمساعدة بعض التونسيين المقيمين بدولة قطر لقضاء حوائجهم وفض مشاكلهم ، غير أننا لم نشهد ولم نكن نتوقع أن يصل الأمر بمسؤول تونسي أن يحاول توريط رعايا بلده في قضية أمنية كبيرة، وهو يعلم الحساسية الأمنية في كل البلدان العربية الآن تجاه التجمهر وفي هذا الوقت بالذات …
ما تعيشه المدرسة التونسية اليوم من أحداث أسقطت كل الأقنعة الكاذبة وأظهرت أن الجالية التونسية بدولة قطر جالية مثقفة و متحضرة و متكاتفة و متضامنة مهما حاول البعض بث البلبلة و الفرقة بين أبنائها ،، وأن الذي حصل لن يزيدها إلا إصرارا على تطهير المدرسة من الفساد و المتطفلين على التربية و محاسبة كل المتورطين في الفساد والمتسترين عليه لأن عمر الكذب والزيف قصير وإن طال،، كما أكدت هذه الأحداث كذلك أن هناك أناس لم ولن يستوعبوا أن تونس اليوم ليست تونس الأمس بعد أن إستعصى على فهمهم تقبل حقيقة أن زمن الإنتهازية و المكر والدسائس ولى إلى غير رجعة وأن زمن الحساب حل وهو ما يفسر حالة الخوف و الإرتباك التي يعيشها أولائك الذين تربوا في مستنقعات الدسائس والمؤامرات ممن لم يتعودوا على إستنشاق الهواء النقي .
الدوحة / قطر لطــــفي الفــــقي



إيهاب الشاوش  بحجة الانفلات الإعلامي، سارعت لجنة من خبراء القانون ضمن هيئة حماية أهداف الثورة التي أنشأتها الحكومة الانتقالية إلى صياغة مشروع قانون جديد للصحافة نصف فصوله زجرية تشرع لسجن الصحفي. غياب نقابة الصحفيين التونسية و عدم استشارة الصحفيين قبل البدء في عمل هذه اللجنة يوحي بأن الحكومة الحالية لا تنوي طي صفحة الإعلام السوداء او سنوات « الرصاص » و القمع و تكميم الأفواه التي عاش تحت نيرها الصحفيون التونسيون أكثر من ثلاثة عقود. وعلى حد علمنا، فإن « الانفلات » لم يطال الصحفيين وحدهم. حدث انفلات اجتماعي و احتجاجي و قابلته الحكومة بالرفع في الأجور و انفلات حزبي قوبل بالترخيص لحد الآن لخميس حزبا، وانفلات في جهاز الأمن قوبل بتأسيس نقابة خاصة بأعوان الأمن و رفع أجورهم أيضا و تحقيق المطالب المشروعة و الغير المشروعة لكل من هدد بالاحتجاج او قام به فعلا. فلما إذن التشدّد مع الصحفيين و التساهل مع بقية القطاعات الأخرى؟ سؤال ربما تجيب عنه الدوائر الحكومية الخفية التي تحاول إدخال مساحيق « تجميلية » على الإعلام،دون الذهاب مباشرة الى اصل المشكل. المهم الآن ننتظر لنرى، لكن في الأثناء لا بد من التحلي باليقظة و فضح كل تلك المحاولات التي لم تعد خافية على أحد. منذ الأيام الأولى للثورة التونسية، كتب مقالا هنا على أعمدة إيلاف قلت فيه ان الإعلام التونسي في خطر. جاء ذلك المقال على خلفية تعيين بعض مدراء المؤسسات الإعلامية، الذين اشتهروا ليس فقط بعدائهم للإعلام بل تخصصوا أيضا في ثلب و شتم المعارضين و نشطاء المجتمع المدني، بعد ذلك و بضغط من الصحفيين و المجتمع المدني قامت الحكومة باستبدالهم. كان السؤال المطروح آنذاك هل يمكن ان تخطأ الحكومة في تعيين أشخاص يعرف فسادتهم القاصي و الداني؟ لكن مع مرور الوقت سواء مع حكومتي محمد الغنوشي الأولى و الثاني او الحالية مع الباجي قائد السبسي، أدرك الجميع بأن الحكومة واعية كل الوعي بما تقوم به، و هي في الحقيقة خطة ترتكز على جس نبض الشارع عبر ارسال « بالونات الإختبار » سياسية بغاية تمرير بعض الوجوه المحسوبة على العهد البائد. محمد الغنونشي الوزير الأول المستقيل، اعترف ان نقطة ضعف حكومته كانت الإعلام. حتى انه لما خرج بعد المؤتمر الصحفي الذي قدم خلاله استقالته، رد على الصحفية التي سألته عن سبب استقالته، بالقول « انتم السبب ». ربما اتفق مع محمد الغنوشي في ان الدعوة الى قتله في التلفزة الوطنية التونسية خطأ مهني قاتل، لكنني لا افهم كيف يمكن ان يكون الإعلام سبب في استقالة الغنوشي و الحال ان حكومته لم توفّر الحد الأدنى من الاستقرار السياسي و الاقتصادي و الأمني. ثم أليس الإعلام سلطة مضادة دوره مثل كل السلط الأخرى مراقبة الحكومة و مساءلتها و إسقاطها ان لزم الأمر؟ الباجي قائد السبسي رئيس الحكومة الجديد، يبدو انه استعاض من أخطاء سلفه، فحصن وزارته بمجموعة من خبراء الاتصال، وقال صراحة بان الإعلام يجب ان يعاضد عمل الحكومة قبل ان يتراجع و يؤكد وقوفه اللامشروط مع حرية الإعلام، لكن…بمسؤولية!!! جيد جدا لكن كيف؟ هل بتجميل صورة الحكومة، و السكوت عن التجاوزات و النواقص؟ أم بالنقد، و كشف الحقائق و المساءلة؟ بقي الصحفي التونسي حتى بعد الثورة الحلقة الأضعف في معادلة الحكومة و المجتمع بل ان كل طرف علق عليه شماعة فشله فتعرض للملاحقة و الضرب و الإهانة و كأن الصحفي التونسي قبل الثورة كان مالكا لحقوقه ممارسا لمهنته حتى يمكن محاسبته، لكن و الحال كما كانت عليه تحت نير الدكتاتورية كيف يمكن ان نطالب الصحفي بما لا يملك؟ أختم بوصف رضا جنيح رئيس اللجنة المكلفة بصياغة قانون الصحافة « الجديد »، لحرية التعبير بكونها « سلاح ذو حدين »، بل انه أضاف، هذا الذي كلّف بتخطيط مستقبل الصحافة في تونس، بأن الحرية يمكن ان تصبح « خطيرة »، و هذا يدفعنا إلى توقّع الأسوأ و ربما إعادة صياغة ما بعد7 نوفمبر جديد، لأنه سيكون كمسرح « الميم » الذي يكتفي فيه الممثل بتغيير أقنعته. تونس Iheb_ch@yahoo.fr يهاب الشاوش   http://www.elaph.com/Web/opinion/2011/4/643864.html?entry=homepagearaa

 



تعيش بلادنا هذه الأيام تخمة كبيرة من الأحزاب التي تتوالد بسرعة رهيبة جدا نخشى معها أن نحطم الرقم القياسي مرة ثانية في مجال السياسة (لكن من الناحية السلبية)..لا يخفى على أحد أن المرة الأولى كانت في « العصر الدستوري » حينما كان لدينا حزب واحد لكل المواطنين (لمدة فاقت الخمسين سنة) أما المرة الثانية ففي « العصر الثوري » حيث نقترب من حزب لكل مواطن (أكثر من خمسين حزب لحد الساعة).
طبعا كثرة الأحزاب لا تعني كثرة المنخرطين فالشعب التونسي مازال يشكو من حساسية مزمنة تجاه الأحزاب و التحزّب بصفة عامة و اهتمام المواطن بالشأن العام مازال دون المستوى المأمول و لا يرقى إلى مستوى المشاركة الحقيقية و الفعلية و يبقى فقط رهين « قالوا » فسمعنا فزدنا ثم قلنا و هكذا…
« ليت العالم يصير فسيفساء إذا ما تأملتها من بعيد رأيتها رائعة الإبداع و إذا دققت فيها رأيت أنها أجزاء مختلفة متلاصقة فأعجبك حسن التناسق و الإتساق ». هكذا تمنت الدكتورة يسرى بن ساسي للعالم أن يكون و هكذا أتمنى أنا أيضا للمشهد الحزبي أن يكون إختلاف و تنوع و لكن أيضا تناسق و إتساق.
بإلقاء نظرة في المشهد الحزبي الجديد في تونس فإن أول سؤال يقفز للذهن هو أي الأحزاب أقدر على إستقطاب الناس و الصمود أمام رياح النقد و الإنتقاد و النجاح في الاستحقاقات الانتخابية القادمة؟
الحزب الحاكم سابقا هو أكبر الأحزاب في تونس من حيث المنتسبين (على الورق) .التجمع الدستوري الديمقراطي الذي وافته المنية عشية 14 جانفي بعدما هرب رئيسه نجاة بنفسه و عائلته إلى الصحراء السعودية و تمّت مواراته الثرى غير مأسوف عليه يوم 28 مارس 2011 بصدور قرار محكمة الإستئناف بتثبيت الحكم الإبتدائي و حل التجمع الدستوري.
انتهى التجمع (على الأقل على مستوى الإسم) و بقيت ذكراه ترفرف في مخيلة بعض كوادره الذين مازال الحنين يجذبهم إليه فراحوا يؤسّسون نسخا مشوهة منه مثل « حزب الوطن » الذي يحق أن نسميه بإمتياز « نادي قدماء وزارة الداخلية » لضمه وزيري داخلية سابقين و حزب المبادرة (الذي نرجو منه بكل إلحاح المغادرة) و لا أظن هذه الأحزاب (إلا في صورة تحالفها مع رجال الأعمال) قادرة على تعبئة الرأي العام أو جذب أنصار لها فماضي قادتها و ما بالعهد من قدم كان في خدمة النظام الأمنوقراطي الذي أبدعه بن علي و حكم من خلاله بلسان من حرير و بيد من حديد.
إذا كانت أحزاب المعارضة قد غنمت شيئا من ثورة 14 جانفي فإن حزبين وحيدين يبدو أنهما خسرا و تراجعا إلى الخلف و أقصد هنا حركة التجديد و الحزب الديمقراطي التقدمي الذين لا ينكر أحد أنهما كانا مربّع الحريّة الوحيد (مع إتحاد الشغل) زمن بن علي.هذين الحزبين إختارا لعب كل أوراقهما و النزول بثقلهما خلف حكومة محمد الغنوشي التي لم تصمد إلا شهرا واحدا أمام المطالب الشعبية الشرعية فكان أن فقد الحزبان مصداقيتهما في أعين الجماهير التي وضعت سقف مطالب أعلى بكثير من مطالب هذين الحزبين الذين لم يعد بمقدور أي منهما تنظيم ملتقى جماهيري دون أن تتخلله مقاطعات و إحتجاج شعبي و خاصة شبابي كما لا يفوتني هنا أن أذكّر بموجة الإستقالات التي عمّت هذين الحزبين من عديد المنخرطين (خاصة الشباب) الذين لم يوافقوا على النهج الذي سارت فيه حركة التجديد و الديمقراطي التقدمي وهو ما يطرح تساؤلا مشروعا حول ما إذا قد أفل نجميهما في زمن الحرية بعد أن صعد في زمن الإستبداد..
حركة النهضة التي تعتبر حسب الملاحظين أكثر الأحزاب شعبية تواجه هي الأخرى صعوبات عديدة..أولا حركة النهضة لم تنجح في التسعينات إلا في « النهوض » بعدد المساجين السياسيين فقد كانت حركة غير معترف بها تعمل في السر أكثر منها في العلن و ظلّت عناصرها بين المطاردة و السجون و المنافي و لم تدخل بالتالي الميدان السياسي الفعلي (بإستثناء إنتخابات 89 و كانت تحت يافطة المستقلين و ليس النهضة)..حركة النهضة مطالبة بالنزول من عليائها و من عالم المثل و النظريات الذي كانت تحلّق فيه و عليها الآن العمل و التطبيق لنستطيع الحكم بموضوعية على حجم هذه الحركة و جماهيريتها و قدرتها على تقديم البدائل..الملاحظة الثانية هي أن الواقع اليوم غيره عام 1989 فحركة النهضة لم تعد الحركة الإسلامية الوحيدة على الساحة فهناك أحزاب العدالة و التنمية التي تفوقها ليبرالية وإنفتاحا و هناك حزب التحرير الذي يفوقها تشدّدا وإنغلاقا..في كل الحالات النهضة ستواجه مرحلة دقيقة لترتيب « البيت الإسلامي » قبل أن تنطلق فعلا في العمل الحقيقي.
حزب العمال الشيوعي التونسي الذي من المفروض أن يمثل العمال و تطلعاتهم مازال بعيدا عن واقع العمال ناهيك عن تقديم البدائل و لا شك أن ما قاساه هذا الحزب و خاصة زعيمه حمة الهمامي من النظام السابق  يجعل من الصعب نوعا ما تقديم حكم على « البوكت » (و هذا الأمر ينطبق على حركة النهضة) .تماما كما في الحركة الإسلامية فإنّ « البيت اليساري » يسير إلى الإنقسام أكثر منه إلى التوحّد.
بالنسبة لأحزاب المليم الرمزي التي أوجدها بن علي فلا فائدة من ذكرها و أولى لها أن تحلّ نفسها بنفسها. ماذا بقي إذن؟
بقي الحزب الأكبر و الأهم  في الوقت الحالي الذي يمتد من طول البلاد إلى عرضها وهو « حزب الفوضى ». نشأ هذا الحزب كنتيجة حتمية للتصحّر السياسي الذي ضرب البلاد طيلة 23 سنة بتمامها و كمالها وقع خلالها تجريم العمل السياسي و جعله حكرا على منتسبي التجمع الدستوري الديمقراطي كما أن خطة تجفيف الينابيع التي كانت تستهدف حركة النهضة يبدو أنها راقت آنذاك لبن علي فطبقها على كل شيء و على أي شيء…جفّفت ينابيع المعرفة السياسية التي هي المدخل الأساسي للمواطنة الحقيقية فنشأ مواطن لا يبحث إلا عن ذاته و مصالحه أما الشأن العام فيبدو أنه لم يكن على جدول إهتماماته. يضم حزب الفوضى عديد الأطياف مثل:
– قادة الأجهزة الأمنية المتورطين في الفساد و أعوانهم و هؤلاء يخشون مرحلة ما بعد الثورة و خاصة كلمة « محاسبة » (التي أتمنى أن تعوض كلمة « ديقاج » خلال أي إعتصام مقبل ضد أحد رموز الفساد فلا يكفي أن نطرد مديرا فاسدا و لكن الأولى أن نحاسبه).
– الانتهازيين الذين يستغلون الفرص لتحقيق مكاسب مهما كانت هذه المكاسب.
– ذيول التجمع الدستوري الديمقراطي المنحلّ الذين لم يستوعبوا بعد ما حصل بتونس و يسعون إلى الإلتفاف على الثورة و تمييع مطالبها و تشويه صورتها ببثّ سمومهم و القيام بكل ما من شأنه الإخلال بسير تونس نحو الديمقراطية.
– رجال الأعمال الفاسدين الذين غرفوا من معين الرشوة و المحسوبية و أقاموا إمبراطورياتهم على عرق الكادحين و شيّدوا قصورهم على حقوق العمال المغتصبة. هؤلاء سينفقون أموالهم و سيبذلون قصارى جهدهم من أجل تكريس حالة عدم إستقرار الأوضاع حتى لا تطالهم المحاسبة و حتى يحافظوا على مراكزهم الإجتماعية و الإقتصادية.
– المواطنين العاديين الذين يتناقلون الإشاعات دون أن يستبينوا مدى صحتها و يتعاملون مع السياسة كما لو أنها مباراة في كرة القدم. حسن نيّة البعض منهم لا تنفي خبث سريرة البعض الآخر الذي ينفث سمومه لغاية في نفس بن علي.
– التلاميذ و صغار السن الذين يجلسون خلف شاشات حواسبيهم و يتواصلون عبر « الفايسبوك » ليدلوا بدلوهم هم أيضا في الشأن العام (وهو أمر لا يمكن إلا أن نباركه و لكنه يستلزم أيضا قدر من الوعي بدونه يستحيل الأمر عبثا).
– الفارّين من السجون جزء من هذا الحزب و لكم أن تتخيلوا مجرما طليقا و بلادا بلا شرطة و لا أعوان أمن. ( الحقيقة الشرطة موجودة و هي تعمل و لكن على إملاء شروطها و فرض رؤيتها ).
كل هؤلاء و غيرهم (بوعي منهم أو دون وعي) أعضاء في هذا الحزب الكبير حزب الفوضى التي ستكون هذه المرة غير خلاّقة بالمرّة و ستعيد إنتاج الديكتاتورية من جديد و نصبح حينها على ما فعلنا نادمين. يسري الساحلي



رياض الشعيبي في التمييز بين التشريعي والتأسيسي في شروط إمكان القانون الانتخابي بين السّيادة الشعبية والسيادة الوطنيّة

منذ أيام عرضت الحكومة التونسية المؤقتة مشروع القانون الانتخابي للمجلس التأسيسي أمام الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي.
وكانت الحوارات قد انطلقت في هذا الموضوع في الصحف الوطنية والمنتديات السياسية والفكرية، حيث حاول الكثير منها التداول في إجرائيات العملية الانتخابية من دون الوقوف بشكل مباشر على مؤسِّسات هذه الإجرائيات.
ففي حين بدا ضروريا طرح هذه الإشكاليات في جانبها القانوني من حيث آليات الانتخاب وأشكاله، إلاّ أنّ ذلك ما كان له ليغيّب عن الدارسين التوقف الواعي عند القيم المؤسِّسة لمسار الاقتراع، بالنظر أوّلا إلى أنّ مطلب الثورة الأساسي المتمثل في عمق عملية التغيير السياسي قد لا تستوفيه الاحتياطات القانونية التي تشغل جزءا هاما من الرأي العام، وثانيّا باعتبار كلّ حوار إجرائي يتلوّن بالخلفيّة الفكرية والسياسية لكلّ طرح.
يحتمل التأسيس إذن معاني متعددة بحسب الأرضية الفكرية التي ينطلق منها كلّ شخص. فبعض السياسيين يعتبرون التأسيس فرصة لوضع بنية اجتماعية وثقافية وسياسية جديدة، تمكن بعض المجموعات من تعزيز فرصها في تحقيق مصالحها في المستقبل.
في حين يرى آخرون أن التأسيس ليس ابتكارا ولا تخليقا لواقع جديد، وإنما يرون -من خلفية ثقافية اجتماعية- في عملية التأسيس تقنينا لواقع هو موجود بالفعل.
وفي كل الأحوال، فإن مسألة تأسيس الجمهورية التونسية الثانية موضوع حوار سياسي بين أحزاب مختلفة في مرجعياتها، وبين مدارس فكرية لا تتوخى نفس المقاربات، ولكن كذلك بين مناهج أكاديمية وعلمية متباينة.
هذا ما يبرز الطابع المركّب لهذه الحوارات وما يساهم في بلورة تحالفات متعددة الأوجه في المشهد السياسي التونسي الأخير، كما توضحها العناوين الرئيسية التالية:  
في التمييز بين التشريعي والتأسيسي
حتى يتسنى لنا تحديد المطلوب من القانون الانتخابي للمجلس التأسيسي نحتاج التمييز بين الطابع التشريعي والطابع التأسيسي لهذا القانون المؤقّّت. – أولا، المجلس التأسيسي هدفه إعادة بناء الفضاء السياسي والقانوني للجماعة البشرية التي تتقاسم نفس الأرض ونفس التاريخ ونفس المصير. في حين أن المجلس التشريعي لا يتوجه ابتداء إلى هذه المهمة وإنما يتعامل مع معطى سياسي سابق، كما لا يمكنه تحوير الدستور من خلال إجراءات تشريعية عادية. – ثانيا، حتى يتمكن المجلس التأسيسي من أداء وظيفته المتمثلة في صياغة دستور جديد فإنه مدعوّ لتحيين شروط العيش المشترك، أي ما يعبر عن الوحدة السياسية للمجموعة البشرية التي يمثلها. في حين تحاول مختلف الحساسيات داخل المجلس التشريعي التميّز ببرامجها التي ترى فيها الأكثر نفعا للشعب الذي انتخبها. أي أن عمل المجلس التأسيسي يقوم أساسا على وحدة الأرضية السياسية التي تجعل من التنوع داخل المجلس التشريعي أمرا ممكنا. استتباعا لهذين التمييزين يجب أن يصاغ قانون انتخاب المجلس التأسيسي على خلفية مختلفة عن قانون انتخاب المجلس التشريعي، فإذا كان قانون انتخاب المجلس التشريعي يقوم على توفير شروط التنافسية الانتخابية بما يدفع إلى تأجيجها ضمنا، فإن قانون انتخاب المجلس التأسيسي يجب أن يصاغ بما يساعد على تمثيل كل المجموعات السياسية والثقافية والاجتماعية داخل المجلس تفاديا للإقصاء والاستثناء. إذن المطلوب من كل الأطراف المترشحة لهذا المجلس التعبير عما يربطها بمحيطها من ثوابت مجتمعية وما تعبر عنه من قيم إنسانية، ستحاول تضمينها في حيثيات الدستور الجديد، وتأجيل مشاريعها التنافسية إلى حين الانتخابات التشريعية والرئاسية والبلدية.  
في شروط إمكان القانون الانتخابي
الآن وقد بان الفارق بين السياق التأسيسي والسياق التشريعي للقانون الانتخابي، يمكن الحديث عن شروط إمكان هذا القانون. يوجد شرطان ضروريان يسقط عند غياب أحدهما أي إمكان لنجاح هذه العملية الانتخابية: الشفافية والالتزام: – شرط الشفافية: أي أن يكون القانون الانتخابي محايدا تجاه كل الأطراف السياسية والاجتماعية. فالمفترض أن هذا القانون سيفضي إلى تشكيل مجلس يمثّل القوى المجتمعية تمثيلا وفيّا لما هو موجود في الواقع من جهة ما يعتقده الأشخاص ومن جهة بيئتهم التي ينتمون إليها. فالمطلوب من هذا القانون الانتخابي أن يعكس الخارطة السياسية والفكرية والديمغرافية في البلاد: في طابعها الفكري: حيث تبرز الخصوصية التونسية التي تظهر تجاذبا قويّا بين تيارات فكرية متنوعة المشارب، جديرا بأن يراعى، مهما قيل عن تشدد بعضها وانمحاء البعض الآخر. في طابعها السياسي: إذ إن حالة الانغلاق التام التي فرضها النظام السابق في البلاد لم تساعد النخب السياسية التونسية على إدارة حوار رصين بينها إلا نادرا، ولا فسح لمختلف الأطراف عرض أفكارها على الشعب، لذلك يجب أن تضمن كل الأطراف السياسية فرصة الحد الأدنى داخل المجلس التأسيسي. من جهة التوزيع الديمغرافي والعمري: ديمغرافياً وجهويا، يتوزع الشعب التونسي بين مدن تضم ثلاثة أخماس السكان أغلبها ممتد على الساحل، حيث معدل الدخل الفردي فيها يساوي ضعف المعدل الوطني، وأرياف يقطنها الخمسان المتبقيان تغوص في الأعماق الغربية للبلاد، ولا يتعدى هذا المستوى نصف المعدل الوطني، مما يستوجب ضربا من التمثيل التناسبي الذي يراعي التمييز الإيجابي حتى استعادة التوازنات الديمغرافية والتنموية في البلاد. وعمريا حيث يمثل الشباب الفئة الغالبة بين السكان والقوة الاجتماعية الأكثر فاعلية في أحداث الثورة التونسية منذ 14يناير/كانون الثاني الماضي. فإذا عرفنا أن مرحلة الشباب تنتهي بيولوجياً في الثامنة والعشرين، فمن المفترض أن يستهدف القانون الانتخابي تحقيق التمثيلية الواسعة لهذه الفئة بما يحقق تجديد الطبقة السياسية في البلاد و »تشبيبها ». من جهة تمثيل النوع الاجتماعي، والمقصود به المرأة هنا، فتمثيل المرأة التونسية كان جائرا على امتداد خمسين سنة من الاستقلال، ليس فقط من جهة نقصه العددي، ولكن أيضا من جهة قدرته على عكس كلّ القطاعات النسويّة. – شرط الالتزام: التزام تجاه مطالب الثورة وأهدافها. هنا نقف على المغالطات السياسية واللفظية التي يحاول البعض تسويقها. فمنطق الثورة لا يتحمل الحديث عن انتقال ديمقراطي أو إصلاح سياسي، إذ مقولة الانتقال الديمقراطي مقولة إصلاحية، تتساوق مع المفاهيم الليبرالية الحديثة عن التطور الأفقي للتاريخ وعن التداول التراكمي للسلطة. لكن ما يحدث في تونس ثورة قامت على القطيعة مع نظام سياسي وخيارات سلطوية فاشلة، لذلك فقد كان المطلب الأساسي للثورة إسقاط النظام سلطة وحزبا ونخبا. ولا أعتقد أنّ قوى الثورة التي تمتلك الآن سيادتها الكاملة تقبل بأن تجد في العملية التأسيسية ممثلين للنظام البائد. لذلك فإن مقتضى الالتزام بروح الثورة ومطالبها منع رموز الحزب والسلطة والبوليس من الترشح للانتخابات القادمة، ومنعهم من تشكيل أحزاب سياسية في البلاد (وذلك بعكس ما جاء في مقترح القانون الانتخابي). ولنا في التجربة التاريخية مثال من خلال محكمة القضاء الأعلى التي شكلتها حكومة الاستقلال في تونس سنة 1956، حيث أصدرت أحكامها بمنع المتعاونين مع سلطة الاستعمار الفرنسي من ممارسة حقوقهم السياسية ترشحا وانتخابا في المؤسسات الدستورية الناشئة. الانتهازية السياسية ليست مجرد مرض اجتماعي يمكن استئصاله جراحيا، فالثورات التي لم تنتبه لهذا الخطر أجهضت من حيث لم تتوقع. لذلك نحتاج إلى ديمقراطية انتقالية تعكس الاهتمام بإنجاح هذه الثورة، من مظاهرها: – البعد التّوافقي، ففيه خير معالجة لحالة الفراغ التي فرضها الاستبداد طوال سنوات حكمه الطويلة. إذ الحساسيات السياسية والفكرية في البلاد لم تعش ظروفا طبيعية تستطيع من خلالها إدارة حوار حول النمط المجتمعي الذي تؤمن به ولا القيم الناظمة للحياة العامة. تبرز سلبيات ذلك في حالة التوجس والريبة التي تسكن الأنفس اليوم: حالة خوف الكل من الكل، وهي حالة إن لم تعالج بحكمة فقد تدفع لوضع من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، لا يمكن أن يستفيد منه إلا مشروع مستبد جديد. لذلك نحتاج في هذه المرحلة إلى عقلية توافقية تؤسس لفسح المجال لحوار إستراتيجي بين التونسيين، إذا ما أنجز بنجاح فإنه خير كفيل لضمان العملية الديمقراطية الناشئة في البلاد. – العدالة الانتقالية التي تحاصر الفساد المالي والسياسي، وتقطع طريق العودة على الانتهازية ورموز النظام السابق. وهنا يمكن الاستفادة من القانون الدولي وتجارب الشعوب الأخرى التي عاشت ثورات مشابهة لتجاوز الفراغ القانوني الذي يمكن أن يعطل مسار المحاسبة. فمقتضى العدالة الانتقالية في الحالة الثورية سياسي بالضرورة، ويستهدف توفير الضمانات لإنجاح هذه الثورة.  
بين السّيادة الشعبية والسيادة الوطنيّة

مسار الثورة التونسية منه ما انقضى وتمثل في استعادة الشعب سيادته كاملة، ومنه ما هو متوقع من العودة من العفوي إلى التنظيم الدستوري للسلطة: – من سيادة الدّولة المستبدّة إلى السيادة الشعبية: عوّدتنا دولة الاستبداد على خطاب السيادة الوطنية حتى أضحى المعارض للنظام متهما في وطنيته. الآن وبعد الثورة انتزع الشعب سيادته. هذا التحوّل له تأثيران على المسار الانتخابي في البلاد: أوّلا: لم يعد الاقتراع وظيفة كما تصوّرها الدّولة من خلال مفهومها للسيادة الوطنية، وإنما هو حقّ يمارسه الشعب بكامل المسؤولية. هذا الفرق بين سياقين انتخابيين مهم جدا في تكريس الممارسة الديمقراطيّة. فواجب التصويت كان دائما يفضي إلى تزوير العملية الانتخابية، إمّا بملء الصناديق بالوكالة، أو إكراه الناس على انتخاب جهة معينة، وكلّ ذلك تحت غطاء الواجب الوطني. ثانيّا: لم يعد مفهوم التمثيل النيابي، أو في رئاسة الدولة، تعبيرا عن الإرادة العامة كما زورتها أجهزة السلطة، بل إن خروج الشعب إلى الشارع واستعادة السلطة فضح هذا التزوير لإرادة الشعب بعد سنة من الموعد الانتخابي الذي أجرته السلطة. الآن يشعر الشعب بعد ثورته بأنه يمتلك إرادته، وبالتالي يمارس وفق هذه الإرادة سيادته المباشرة على الواقع. يخرج ويجتمع ويتظاهر ويعتصم ويطالب ويستجاب لمطالبه. تبدو هذه الصورة نموذجا في الحديث عن سيادة الشعب. – سيادة الشعب وسلطة الدولة: هذا ما يجب أن تفضي إليه خريطة الذهاب إلى المجلس التأسيسي. لا سبيل للعودة لغطاء سيادة الدولة للالتفاف على مطالب الثورة وسيادة الشعب، ودوره المرجعي والمباشر في تحديد أي خيار سياسي أو ثقافي ذي طابع إستراتيجي. فحدّة التوتّر في التعامل مع هذا القانون الانتخابي تتناقص حتما كلّما استذكر الجميع أنّ السيادة بيد الشّعب وأنه سيفوّض ممثليه تولّي السلطة، لكنه سيحتفظ بسيادته وبالتالي بحقه الحصري في تحديد خياراته الكبرى. فلا مفرّ إذن من عرض نتائج عمل المجلس التأسيسي على الشعب في استفتاء يتوفر على كل شروط النجاح. وإنه دون العودة إلى الشّعب ستبقى كل محاولات بناء الجمهورية الثانية يهددها الفشل ويضع أمامها شبح عودة الاستبداد والدكتاتورية. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 03 أفريل 2011)



أهدي هذه الشهادة الحيّة لإخواني الأعزّاء في الدين والوطن ، وأعتذر لهم عن ذكر بعض الأسماء  التي غالطتنا على مدى سنين ، لأنّه قد منعني حيائي الدخول في مجادلات سياسيّة نحن في غنى عنها .   لم يكن لي مسموحا على مدى عقدين من الزّمن أن أعبر الحدود التونسيّة لمعانقة الأهل والأحباب ، غير أنّ الوجع الذي كان يلازمني نتيجة ذلك ، كان يتلاشى في أحيان كثيرة مع ما يكتبه بعض المثقّفين عن تونس وعن القدرة الهائلة للحكومة التّونسيّة في تخطّي حالة الفقر والتخلّف وتحقيق قدر هام من النموّ الإقتصادي في ظرف لم يشهد له مثيل في كامل الأقطار العربيّة ، حتّى خيّل إليّ أنّ ما تحقّق من إنجازات في تونس قد تجاوز ما أنجزته الحضارة الغربيّة برمّتها . ومع بداية مطلع الشّهر الماضي استأذنت إدارة العمل للسّماح لي بزيارة قصيرة لربوع البلاد بعد أن أتاحت لي الثّورة المباركة زيارتها والإطلاع على معالم النهضة التي أنشدها صانع التغيير . خامرتني في البداية شكوك عديدة عمّا كتبه أولئك المثقّفون ، غير أنّي لم أعهد في أغلبهم الكذب وهو ما جعلني أسلّم بأحقيّة تلك الأخبار التي أكّدها بعضهم بعد زيارات معاينة قصيرة للبلاد أتاحتها لهم سلطة الرئيس المخلوع . أخذت أمتعتي على عجل دون أن أنسى قلمي وكرّاسي لأدوّن  تلك الإنجازات الباهرة التي عرفتها البلاد وأنا بعيدا عنها بعد حملة تشريد وتعذيب قد تسجّل في الذاكرة الإنسانيّة لمدّة عقود ، ثمّ اتجهت إلى المطار لآخذ أوّل طائرة باتجاه تونس على أمل أن أجد بلدي في أحسن الأحوال ، بيد أنّي فوجئت منذ وصولي إلى مطار تونس قرطاج بمعاملة خاصّة من أحد الأعوان ممّا نغّص عنّي متعة الزيارة ، غير أنّه قيل لي بعدها بأنّها إجراءات روتينيّة نظرا لوضعيتي الإستثنائيّة . عانقت من كان بانتظاري ، ثمّ أخذت طريقي باتّجاه مدينتي الجميلة ، حيث جبت شوارعها علّي أجد ما يسكن أوجاعي ويمحي آلام الغربة ، ثمّ انتقلت إلى بعض الولايات المجاورة ، فلم أجد غير بنايات فوضاويّة وطرق تكاد تكون في أغلبها غير معبّدة وحالات بؤس بادية على وجوه النّاس . سألت من حولي فلم أجد غير أصوات اللّعنة تلاحق عصابات المافيا التي حكمت البلاد والعباد على مدى أكثر من عشرين سنة . انتقلت إلى العاصمة وتنقلت بين شوارعها وأزقتها ، فبدت لي أكوام الزبالة هنا وهناك ، وبقايا أوراق متناثرة على أرصفة الشوارع وحالات اكتضاظ وفوضى عارمة في شوارع المدينة ، فقرّرت  العودة إلى مدينتي خوفا من هول الفاجعة لآخذ رحلتي هذه المرّة باتجاه معتمديّة فرنانة وعين دراهم وطبرقة . كان الجوّ ربيعيّا ومن بين تلك الجبال الشّامخة شموخ أبطال الثّورة كانت تنبعث روائح الزّعتر والعرعار بما يشفي القلوب العليلة ، غير أنّ الأوضاع الإجتماعيّة للنّاس كانت على أسوء حال . فلا ماء صالح للشراب ولا كهرباء ولا حتّى مدارس في بعض الأرياف ، وإن وجدت فهي تبتعد بعض الكيلومترات عن بعض التجمّعات السّكنيّة ، أمّا عدد عربات نقل المرضى والمعاقين وأماكن العلاج فلم أجدها سوى في ذاكرة تجّار السيّاسة وموزّعي الأوهام . تحدّثت مع السّاسة ورجال التعليم ومع بعض الشّباب العاطل عن العمل فلم أجد سوى نفس الشّعور بفساد الدّولة وتسلّط الأجهزة الأمنيّة . أدركت أنّ تونس إذا لم تكن في نظر هؤلاء المثقّفين سوى صورة مصغّرة لتلك المدن السيّاحيّة التي كان يروّج لها حكم الرئيس المخلوع وحاشيته ، والحال أنّها تونس بكلّ مدنها وأريافها وقراها ، من شمالها لجنوبها ، وهي تونس الجميع بعمالها وعاطليها ويسارها ويمينها ، وهي الحاضر والمستقبل  وهي كذلك الحضن الدافئ لتلك الفتاة التي تركت الدراسة في سنّ مبكّر أو ربّما لم تدخل مقاعد الدّراسة أصلا لتمارس مهنة المتاعب في بيوت الأسياد بدافع الخصاصة والحرمان من أجل لقمة عيش لأهلها وإخواتها .   نورالدين الخميري ـ صحفي تونسي



من كرامات انتفاضة 14 جانفي المباركة، أنّـه مضى الزمن الذي كان يـخاف فيه أهل الفكر والقلم من ابدأ ونشر آرائـهم السياسية والفكرية خوفاً من الاضطهاد، ودليلنا على ذلك، ما ارتسـم على الـجبهة الفكرية في المدّة الأخيـرة من مقالات دينية وعلمانية بين شرائـح المفكرين والمـثقفين والسياسيين، وفتـح باب الـحوار الموضوعي بينهم على مصراعيه، خاصة بين أهل الفكر في الأحزاب الأكـثر فعالية في ساحة العمل الوطني التونسي، والذي نرجو له أن يتشعب، ويطول إلى ما شاء الله، لأنّـه سيساهم بترسيخ  قناعات جديدة تساعد في الوصول إلى توازن المـجتمع التونسي واستـقراره، وبالتالي إلى تضامن وطني حقيقي في إطار مصلحة تونس فوق كل المصالـح. يظهر من قراءة المقالات العلمانية أنـها تستهدف بالدرجة الأولى إرجاع السياسة إلى أهلها، وبالدرجة الثانية، إرجاع الثقة إلى عقل المواطن التونسي المتـعلّم، وما أكتسبه من علوم عصرية، من دون أن تنال من إيـمانه بالله، مؤكدة أن الإسلام نفسه لا يتـعارض مع العلمانية الغيـر ملحدة. كما أشارت هذه المقالات إلى أن مـجموعات لا بأس بأعدادها  من الشعب التونسي ترى أن  هناك علوم ومعارف حديثة تشكلت خارج منظومة الفكر الديني الذي يـجب أن يبقى قوة روحية لا علاقة لـها بالسياسة والاقتصاد وما شابه، وأنـها لا تريد أن تتكل في شؤون دنياها على الرؤية الإسلامية، التي لم تـجد فيها أجوبةً على المسائل التي تطرحها تعقيدات الـحياة المعاصرة، وأن الواجب عليها أن تـهبّ للعمل متكلة على تضامنها ومقدرتـها المادية العلميّة مدعومة بقوتـها الروحية. أمّا المقالات الدينية فقد اعتبـرت أن اسلمة القوانين في تونس أمرٌ يرضي الشعب كون أغلبيته من المسلمين، والمادة الأولى من الدستور تنص على أن الإسلام دين الدولة، وطبقاً للأنظمة الديـمقراطية، من حق الأغلبية أن تأخذ بالنظام الذي تراه. وقد تبين أن معظم تلك المقالات نابعة من التيارات الدينية التي تعتمد الشافعية، المالكية، الـحنبلية و الـحنفية  كمرجع أعلى لـها، إنـما ما يُـحزن فيها، رميها  بعض المسلمين المنفتحين على المدنيّة  بالمروق والبدع، كما وأنـها لم تـخل من بث الكره والـحقد ضدّ العلمانيين التونسيين، حتى أنـها دعت إلى تـجريدهم من حقوقهم المدنية والسياسية على اعتبار أنـهم ملحدين؟!… لا نعلم إذا كانت هذه الدعوة الكريـهة نابعة من خبـرة الإسلاميين التونسيين بأبناء وطنهم من العلمانيين الذين شاركوا في السلطة في العهود التي سبقت الانتفاضة، والذين عميت بصائرهم، وذهبت فضائلهم من الكرامة والوفاء والعز الوطني، وحلّت مـحلها الرذائل، فاستولوا على حقوق الشعب التونسي، وحولوا العلمانية إلى مذهب وثني فقدوا فيه دورهم التحرري والتنموي؟!… إنـما  نرى من الضروري أن نقول كلمتنا  بأن العلمانية كباقي القيّم الإنسانية، العدالة، المساواة، الديـمقراطية، المواطنة، التضامن والـحرية، تـحتاج إلى أن يلتقي مؤيدوها ومـحاربوها لـحوار علمي هادئ، وأن يدركوا بأنـهم ليسوا بإزاء ندوة فكرية أو سياسية تنتهي بـمجرد إصدار بيان أو صياغة توصيات، إنـما ليؤسسوا منبـراً أو إطاراً لعمل مشترك دائـم يصل إلى نتائـج إيـجابية تتوافق عليها الأغلبية التونسية. من المعلوم أن مفهوم العلمانية أوسع بكثيـر من المفهوم الذي تناولته تلك المقالات، والذي يقف على حد فصل السياسي عن الديني، فهو يتجاوز ذلك إلى فصل نشاطات الإنسان الزمنية عن الدين، أسياسية كانت أم اجـتماعية، ولكي يستقيم قولنا، لا بدّ لنا من سرد سريع لتاريـخ العلمانية.     ولدت العلمانية في مفهومها المعاصر في الدول الأوروبية الغربية بعد تاريخ طويل لم يـخل من الحروب الدامية، والإنقسامات بين الشعوب ودولـها ورجال الدين، إلا أنـها كانت تـخرج دائـماً بعد كل معركة من تلك المعارك الطاحنة، بـحلة جديدة تـحوّل رايات الـحرب إلى قيّم اجتماعية تـحظى بقبول واسع النطاق من كافة مكونات المـجتمع التي كانت تلتقي حول ميثاقها الذي يؤكد على استقلالية المعتقد على الصعيدين الروحاني والديني.   وتاريخ العلمانية هذا لم يكن قصة سيـر حتمي نـحو التقدم، بل كان يتسم بالغموض والإيـهام في بعض البلدان مـما أثار تـجديد العديد من النزاعات والتصادمات العنيفة، لكن العلمانيون استطاعوا النجاح في إدراج عوامل التهدئة الدائـمة ضمن المبادئ الدستورية لتلك الدول، على اعتبار أن الدولة هي الضامنة الوحيدة  لحرية المعتقد والعبادة والتعبيـر، وبصفتها تـحمي الفرد، وتسمح بـحرية الـخيار للجميع. ثم بذل العلمانيون جهوداَ مضنية لشرح وتفسيـر كيفية التوفيق بين العقائد الدينية والقوانين العامة التي تـحكم المـجتمع، وذلك سعياً لجعل العيش المشترك مـمكناً، ولطمأنة الخواطر بين رجال الدين  ومـجموع العائلات الروحية ، وذلك مع مراعاة مقتضيات النظام العام. نـحن اليوم في فرنسا، وهي دولة تعتمد النظام العلماني منذ زمن طويل، نشهد وجود جاليات كبيـرة لشعوب مهاجرة  تعتنق ديانات لم يكن لها من قبل أي تـمثيل في فرنسا الغنية بتقاليدها المسيحية المتنوعة، والتي كانت تسمى : « البنت الكبرى للكنيسة » باتت اليوم تضم عدداً كبيـراً من : الأرثوذكسية إلى جانب الكاثوليكية، البوذية، اليهودية، الإسلام إلى جانب أتباع الفلسفة اللأغنوصية والمفكرين الأحرار، وعدداً هاماً من الملحدين، كل هؤلاء متساوون أمام القانون بـحقوقهم وواجباتـهم عملاً بالمادة العاشرة من إعلان حقوق الإنسان والمواطن لعام 1789 ، زمن الثورة الفرنسية، والذي ينص على: « يـمنع التـعرض لأي شخص بسبب آراءه وأفكاره، بـما في ذلك الدينية منها، شريطة ألا يـخل التـعبيـر عنها بالنظام العام الذي أرساه القانون ». هذا مـختصر مفيد عن العلمانية في دول أوروبا بشكل عام، وفرنسا بشكل خاص، أمّا في عالمنا العربي، فلم تنجح العلمانية في إقامة دولتها، المدنيّة، العصرية التي تـحمي الفرد من الاضطهاد  حتى ولو أراد فقط  التـعبيـر عن آراءه الروحانية أو الفكرية، وبالرغم من إدعاء بعض الدول العربية بأنـها علمانية الاتـجاه، فقد بقيت شعوبـها تعاني من الأمية، الفقر, التـخلف، البطالة، عصبيات قبلية وقادة استـغلوا الثروات الوطنية لـحسابـهم الـخاص ولأفراد أسرهم والمقربين منهم. أمّا في تونس المرتبطة بشكل كبيـر بعالمها العربي، لا أعلن سراً لو قلت أنـها تعاني  كمعظم دول العالم العربي من نفس ألأمراض، ومعظم السياسيين، ورجال الدين  فيها انتفعوا من النظام ذو الصبغة العلمانية الذي كان قائماً، فتحالفوا وتمسكوا بذاك النظام  البائس الذي جلب الويلات على الشعب، وأنـهم حاربوا كل تـحرك فكري، سياسي وعسكري، ديني وعلماني،  حاول نقل تونس إلى حالة أفضل اجتماعياً، اقتصادياً ووطنياً. وهنا لا نريد أن نبخس، أو  نقلل من النجاحات التي حققتها الـحركات الإسلامية، وبالتحديد  » حركة النهضة الإسلامية »، من خلال مسيـرتـها حيث تغلغلت في الـحياة التونسية الفكرية، التربوية، السياسية والتنظيمية، كما لا أنكر سـمتها الشـمولية كنظام، وهي تـحمل قيّم، ومثل عليا لـها قدسيّتها الإنسانية عند المنتسبين إليها. ونود أن نشيـر إلى أن  الشيخ الفاضل راشد الغنوشي  منذ عودتـه من منفاه البـريطاني، وعلى صدى أهازيج المستـقبلين: » الله كبـر، الله أكبـر، لا إله إلا الله »، أعلن : « إن الإسلام ليس حكراً على حركة النـهضة ». و   » حزب النـهضة يؤمن بالـحريات الفردية، وحقوق المرأة ومساواتـها مع الرجل ».   ويضيف في مناسبة أخرى أن حزبه:   » مع حرية المرأة في أن تقرر ما تلبسه وتـختار شريكها في الزواج ولا تـجبـر على أي شيء »  كما دعا إلى:  » حكومة تحالف وطني تضم أحزاب المعارضة ومنظمات المـجتمع المدني ». .. والمعروف عن الشيخ الغنوشي أنّـه من العلماء الذين يقولون:  » إن الإسلام يتفق مع الـحداثة والديـمقراطية التـعددية ». في هذه التصريـحات يثبت الشيخ الفاضل   أنّـه لا يضيق ذرعاً بالقوانين التي ترعى مصالـح التونسيين، وإن لم يساهم في تشريعها كأحد علماء المسلمين، فهو لا يريد أن  يفرض على العباد أن يلتزموا في أمور دنياهم نـهجاً معيناً سوى ذلك الذي تـمليه عليهم مصلحتهم العامة، وتلهمه إرادة التطور والارتقاء، وما كانت اهتماماته التشريعية إلا ليساعد العباد على ضمان مصالحهم.  هذه التصريـحات تتفق مع ما يسـمى  بالعلمانية الـحيادية، الإيـجابية تـجاه الأديان والإيـمان، وهي ليست إلـحاداً، بل هي شروط استـقامة الإيـمان وتـحرره من التأثيـرات المـجتمعية والسياسية، أي أن الإنسان حرّ بـمبادئه الإيـمانية  » فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر » (الكهف 29) لكل شـخص الـحق في العمل من أجل تونس، مؤمناً بالله، أو غيـر ذلك، شرط أن يقبل مبادئ الآخر والتـعددية. شـخصياً، أنا مؤمن بالله، ومؤمن بالعلمانية الشاملة دعماً لإيـماني بالله، واستمد إيـماني هذا من القرآن الكريم، ومن بعض نصوص أهل البرهان من علماء الإسلام الذين ينكرون أن يكون الرسول أسس دولة إسلامية أو شرع في تأسيسها، عملاً بالآية الكريـمة: » (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)( المائدة:3)،  والذين  يعتبـرون أنّـه ليس في الإسلام سلطة دينية سوى سلطة الموعظة الحسنة والدعوة إلى الخير والتنفير عن الشر، وهي سلطة خولـها الله لأي مسلم،  وترك الناس أحراراً في تدبيرها على ما تهديهم إليه عقولهم وعلومهم ومصالحهم وأهوائهم ونزعاتهم، وعلى هذا جاءت سنة الرسول تقول: (أنتم أعلم بشؤون دنياكم). ويقول الإمام محمد عبده: (إن صاحب السلطة في الإسلام حاكم مدني من جميع الوجوه، والأمة هي صاحبة الحق وهي التي تخلع صاحب السلطة متى رأت ذلك في مصلحتها). حكم ديمقراطي مدني كامل. فماذا يضر التونسيون إذا اعتمدوا هذه الأسس الراقية في تعديل، تـحوير وتطوير الأحكام المنتظرة المنظمة لشؤون حياتـهم؟!… فكرة إقامة الدولة العلمانية الإيـجابية  في تونس تقع  على عاتق الإسلاميين الذين يـحترمون العقل الإنساني  في الاجتهاد والفقه، والعلمانيين من « جبهة 14 كانون الثاني » التي تضم التنظيمات اليسارية والقومية، وبعض المثقفين، لأنه كما نعلم، يـجب أن تلعب هذه القوى  دوراً فاعلاً في تـحريك دفة الثقافة  الوطنية ، وأن تصارع من أجلها بكل ما أوتيت به إعلامياً وفكرياً،  من خلال النضال عبـر الأجيال، في المدارس والجامعات ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة. فقد آن الأوان لهذه القوى أن تتبنى  هذه المواضيع واعتماده العامود الفقري، والأساسي في نضالهم اليومي لإنشاء الـمجتمع المدني المتطور ، مـجتمع يتساوى به المواطنون، ويربأ لإدارة مؤسسات الدولة كل من تـخوله القدرات على الإنتاج والإبداع بعيداً عن الإنتماء الديني أو الوراثي،  فالنظام العلماني الـحيادي والإيـجابي،  وحده يـحمي المواطن والوطن في تونس.   تيسيـر العبيدي ـ باريس 
 


ماذا عن العلاقات السورية الإيرانية؟


 علي شرطاني  
هؤلاء هم من قبل النظام القومي العربي السوري الوحدوي بالمفهوم الأمريكي لهم. وقد جاء تأكيد ذلك بفتوى من المرجع الشيعي الإيراني الأصل بالنجف الأشرف بالعراق علي السيستاني مفتي القائم بالأعمال الأمريكي بالعراق بريمر، عندما أفتى بتحريم اجتياز الأجانب الذين هم عرب ومسلمون ملتحقون بالمقاومة الحدود، هذه المقاومة التي قبلت كل هذه الجهات والأطراف وقف المفهوم الأمريكي الصهيوني أيضا على أنها إرهاب، إلى جانب تحذيرات علماء السعودية ودول الخليج ودعاتهم من خطورة التوجه إلى العراق، وعدم جواز الإلتحاق بالمقاومة، على اعتبار وعلى خلفية أن تلك ليست مقاومة ولكنها إرهاب وفق المفهوم الغربي الصهيوني الصليبي الأمريكي الذي تبناه النظام العربي العلماني العبثي الرجعي التكفيري العربي والنظام التقليدي العدمى الرجعي المنافق. فالسؤال المطروح هو : إلى أي حد كان النظام السوري يلعب دورا في دعم المقاومة بالعراق، وهو الذي يبدو أنه تنفس السعداء بتخلصه وتخليصه من نظام البعث ومن حكم الرفيق صدام حسين؟ وإذا كان لابد له من دعم فليس أكثر من : – أن يكون على خلفية الزج بالعنصر العربي الإسلامي المقاوم في معركة مع أمريكا للتخلص منه أولا.     – ولدرء ما يمكن أن يصبح عليه الوضع بالداخل السوري من احتقان بفعل المحاصرة والمنع من توتر قد يتوجه فيه الجهد المقاوم إلى التفجر بالداخل السوري نفسه ثانيا. – ثم لإحداث توازن للقوة بين المقاومة وقوات الإحتلال، لألا يكون الحسم لصالح أمريكا على حساب المقاومة ولا للمقاومة على حساب أمريكا، وليظل الصراع سجالا إلى ما لا نهاية له أو إلى أطول وقت ممكن لإجبار أمريكا على التعاون والتعاطي بإيجابية مع النظام السوري المغضوب عليه في الأصل من قبلها بالرغم من التعاون معها بأكثر ما يمكن من الإيجابية في جل الملفات، وخاصة ملف ما يسمى الإرهاب ثالثا.                                                 فلا يمكن أن يكون هناك من دور للنظام السوري إلا توظيف المقاومة بالطرق والأساليب التي يراها مناسبة لمزيد إغراق أمريكا في المستنقع العراقي. وهي الحالة التي يمكن أن يكون له دور فيها للضغط عليها، وذلك بفسح المجال عندما يرى ذلك ممكنا وصالحا ومناسبا، لمن يسلك الطريق إلى العراق مرورا بسوريا، ولما لا توفير حتى بعض ما يمكن أن يوفره لها من سلاح، على خلفية أن المقاومة ليست إلا أداة ضغط منه على أمريكا وقوات الإحتلال بالعراق، في محاولة لاستبعاد أكثر ما يمكن احتمال ردة فعلها أو انتظامها بالداخل وتوجيه جهدها المقاوم إليه، أو في أحسن الحالات احتضان بعض اليتامى من البعثيين الذين أصبحوا فاقدي السند بعد سقوط نظامهم وسقوط زعيمهم الرفيق صدام حسين، وبعد ما أصبحوا يعانون من حالة اليتم التي أصبح يعاني منها كل أنصار وعملاء ووكلاء وأصدقاء المعسكر الشرقي وامتداداته وملحقاته بعد انهيار الإتحاد السوفياتي سابقا، وهم من كانوا من أشد مناصبيه العداء قبل ذلك وفي تلك الظروف، وفي غير هذه الظروف، ومحاولة بعث الروح فيهم عسى أن يحقق بهم وجودا وامتدادا في ما يمكن أن يكون من عراق أصبح لا أحد يعلم تحديدا ماذا سيكون وماذا سيكون أو يمكن أن يكون عليه الوضع النهاية فيه، في إطار هذا التنابذ الطائفي والمذهبي والعرقي الشديد، والدولي والإقليمي والمحلي المتصاعد المحموم، وربما لما يمكن أن يكون له بهم من وجود ومن نفوذ أو تأثير من خلالهم، ولما يمكن أن يكون لهم من دور في اختراق حركة الجهاد ذات الطبيعة الإسلامية القرآنية السنية، والحيلولة دون أن يكون لها ثقل كبير ودور كبير في مستقبل العراق المستقبلي المجهول، وهم المرفوضون شعبيا، وغير المرغوب فيهم إيرانيا، وإن كانت أمريكا تميل إلى أن تعيد لهم بعض الإعتبار وبعض الوجود، ولما لا بعض النفوذ، لما عسى أن يصلح لها ذلك في الوقت المناسب. فهو النظام الذي يعتبر اليتامى من البعثيين أنه قد بقي في العراء وبدون غطاء بعد أن انفض من حوله العرب حليفهم بالأمس في القوات العربية التي انضمت إلى القوات الأمريكية والغربية لتحرير الكويت وإخراج القوات العراقية المحتلة له منه، مما اضطره للإرتماء حسب زعمهم وبحسب ما يحشدون له من أعذار في الحضن الإيراني. وهو الذي كانت ذريعته، ذات الحقيقة والطبيعة الطائفية في ذلك، أن العرب لم يساندوه في ما لحقه من ضغط شديد من طرف بعض القوى اللبنانية المدعومة غربيا أمريكيا وفرنسيا لسحب قواته العسكرية، وللخروج من لبنان ومغادرته، والتي كانت قد حضيت بموافقة ودعم عربي مصري أردني سعودي خاصة، لما كان يمثله ذلك الحضور العسكري السوري من دعم للوجود والنفوذ الإيراني في ما انتهى إليه اعتقاد النظام الرسمي العربي في الحلف الأمريكي الغربي الصهيوني من خلال ما أصبح يمثله حزب الله تحديدا من قوة ونفوذ ذات طبيعة طائفية وعسكرية شديدة الإرتباط مرجعيا وطائفيا وثقافيا وعقائديا بالنظام الطائفي الإيراني، في ظل الإحتقان، بل الصراع والإقتتال الطائفي الشيعي السني تحديدا، والذي بدأه الشيعة العراقيون بقيادة المرجع الإيراني الأصل آية الله علي السيستاني الذي قادهم، بأكثر وضوح بعد سقوط نظام الرفيق صدام حسين، إلى الإصطفاف  وراء الغزاة الأمريكيين والغربيين وإلى التحالف معهم، والذين كانوا من بين من جاءوا ورحبوا بهم واعتبروهم محررين. وهو التطاحن والإقتتال الذي فجرته إيران وترعاه بوضوح في العراق، والذي أثار حفيظة بعض الأنظمة العربية العلمانية المحسوبة على السنة في المنطقة العربية، والأنظمة التقليدية، وخاصة النظام السعودي الذي يعتبر نفسه معني أكثر من غيره بذلك الإنقسام والإصطفاف الطائفي الحاد، الذي كان احتلال القوات الغربية الغازية للعراق من الأسباب المباشرة له، والذي تغذيه إيران وتزيد في اشتعال أواره، لما لها من غايات ومصالح وأهداف كثيرة في ذلك. ولا يمكن أن يكون لسوريا من وجود ومن دور في العراق إلا في هذا المستوى. وليس لها من كثير كسب ولا من كبير مصلحة إلا أن تعمل، ربما لتكون بعض أطراف المقاومة رهينة لها، ولما يمكن أن يكون لها من اختراق استخباراتي لها قد تجد نفسها في حاجة إليه في وقت من الأوقات. ويتجه جهد النظام السوري أيضا وبالمناسبة لتقديم شهادة حسن سلوك في كل مرة لأمريكا، لأن جرأتها عليه في المنطقة أكثر من جرأتها على إيران، وهي التي أوعزت للكيان الصهيوني بقصف ما اعتبر مفعلا نوويا لها في بداية الإنشاء، والذي ألحقته قواتها هي نفسها بعد ذلك بقصف على مناطق بالداخل السوري كانت نتيجته سقوط العديد من الضحايا السوريين الأبرياء، بذريعة ملاحقة عناصر من القاعدة موجودة فيها، عساها تغير من موقفها منه، وعساها تخفف من توترها ضده، لما يمكن أن يتحقق له من خلال ذلك من بعض المصالح ومن بعض التنازلات في ما يخص الموقف من قضية هضبة الجولان المحتلة خاصة… ويعمل النظام السوري من خلال ذلك، للإبقاء على أمريكا أطول وقت ممكن في العراق حتى لا تتخلص له. وهي التي مازالت غير مقتنعة به وباستمرار وجوده بالمنطقة. وهي التي ليس أمامها إلا خيار احتوائه أو إسقاطه، لأنه غير جدير بالقبول لديها وبالإحترام عندها. ولأنه ليس من الأنظمة الإستبدادية التي تريدها، لأنها تنظر إليه دائما على أنه ليس من صنيعتها تاريخيا، ومن صنيعة المعسكر الشرقي ومن بقاياه التي لا ترغب فيها. وهو الذي يجب أن يقبل لها بالإحتواء كما قبل النظام القبلي بليبيا، أو بالسقوط كما أسقطت سلودوفان ميلوسوفيتش ونظامه، وكما أسقطت الرفيق صدام حسين ونظامه. وهو الذي يقوم على أوضاع قادرة على أن تجد فيها بديلا ربما أنسب منه يديرها…وهو الذي يهيء وضعا بالداخل ومنذ عقود من الزمن تتيح لأي تدخل خارجي فعل ذلك. ذلك أن مراهنة أمريكا على إسقاط الأنظمة والإطاحة بها، ليس على قوتها العسكرية، ولكن على الأوضاع الداخلية المناسبة لتلك الأنظمة والمساعدة على ذلك. ولعل هذا النظام الذي يؤمن نفسه بالإنضمام إلى النظام الإيراني والإحتماء به، وبالهروب من التهديد الأمريكي له لتلك الإعتبارات السالفة الذكر، هو نفسه الذي يعطي الفرصة من حيث يعلم أو لا يعلم، ومن حيث يشعر أو لا يشعر، ومن حيث يقصد أو لا يقصد لإيران، لتهيئة وضع وظروف مناسبة أو أنسب كتلك التي وجدتها وأوجدتها بالعراق، ليكون لها نفس الدور في سوريا، سواء في حال سقوط النظام السوري أو إسقاطه من طرف أمريكا أو من طرف غيرها أو في بقائه، وهو الذي ليس له من بقاء إلا على حال من الضعف والفساد الذي يجعله دائما مهددا بالسقوط في كل مرة، أو في حال حدوث أي تغيير سياسي بالبلاد ينتهي فيه هذا النظام وطائفته ومكوناته الفاسدة من أن يكون له أي مستقبل وأي دور بها.  فليست مكاسب النظام السوري من الوضع بالعراق وبالعلاقة به أكثر من ذلك. أما علاقته بالنظام الإيراني بالعراق، فإن مكاسبه من خلالها ضعيفة وضئيلة ولا تتجاوز في أحسن الحالات ذلك المستوى الذي تمت الإشارة إليه، والذي ليس ثمة لإيران كبير دخل في القضايا المرتبطة به والمطروحة فيه، لأن الخطة الإيرانية أكثر وأكبر من ذلك بكثير. ولا أحسب أن النظام السوري في حالة صراع مع إيران ومع المشروع الإيراني في العراق، ولا يمكن له ذلك، وليس هو بمستطيع ذلك من خلال طبيعته الطائفية التي أصبح لا يمكن أن يكون من خلالها إلا تابعا، ولا تقبل منه إيران إلا ذلك وإلا أن يكون كذلك. وهو الذي بقدر ما كانت إيران في حاجة إليه، فهو في حاجة إليها أكثر، لأنه إذا كان هناك من تهيب لأمريكا من النظام الإيراني، فهي التي لا هيبة للنظام السوري عندها ولا تهيب لها منه. ولذلك فإن أي دور للنظام السوري في العراق على المستوى الإستراتيجي لا يمكن إلا أن يكون لصالح إيران، وفي خدمة المشروع القومي الطائفي المذهبي الإيراني. إن الذي انتهى بالعراق إلى هذه الحالة الكارثية على كل المستويات هي خمس جهات وأطراف : 1- النظام العراقي السابق نظام حزب البعث القومي العربي الإشتراكي الذي هو في النهاية نظام الرفيق صدام حسين وعائلته وعشيرته. 2- النظام العربي الرسمي بدون استثناء. 3- إيران الجمهورية  » الإسلامية  » وامتداداتها وملحقاتها الطائفية والمذهبية به وفي المنطقة. 4- المشروع الثقافي العلماني الهجين المزور للنخبة العلمانية التغريبية التكفيرية والتقليدي المزيف للنخبة التقليدية المتحجرة المنافقة. 5- الغرب الصليبي الصهيوني الإستعماري بقيادة الأمبراطورية الأمريكية. ومازال ساحة صراع وتطاحن واقتتال بين كل هذه القوى وبدرجات مختلفة ومتفاوتة، وهي التي لابد أن تحل بها ذات يوم لعنة الدم العراقي، دم الأبرياء فعلا من الأطفال والنساء والشيوخ وشهداء المقاومة في حركة التحرير والتحرر العربية الإسلامية الذين سقطوا لتكون كلمة الله بالعراق هي العليا. ومن خلال الظاهر من الأحداث، ومن خلال ما يحدث بالعراق، فإن الجهة التي تعيش اليوم اليتم فعلا، وليس لها حاضن بعد الله، هي قوى المقاومة الجادة والصادقة التي لا تستهدف إلا قوات وقوى الإحتلال، ولا تهدف إلا لتحرير العراق عربيا إسلاميا موحدا. وإذا كان حزب البعث قد انتهى وانتهى دوره كقوة سياسية ضاربة بسقوط بغداد أو بإعدام الرفيق صدام حسين، فإن القوى المعتدية الغازية مازالت تعمل على فرض مشروعها الثقافي والحضاري العلماني التوراتي الإنجيلي بالقوة على حساب عروبة وإسلام ووحدة العراق. وأن الأنظمة العربية ليس لها من دخل على حد ما نشاهد وما نعلم مما يتداوله الإعلام المختلف إلا لصالح العدو الأمريكي في ما يسمى بالعملية السياسية التي يطمح العرب وغيرهم من القوى العميلة له داخل العراق، على أنه لا تحرير ولا حرية له إلا بها. وهي النظرية القائمة في الحقيقة على أن القوات الغربية الأمريكية ليست إلا قوات إعمار وتحرير وليست قوات احتلال وتدمير. – وأما الظرف الرئيسي الثالث، فإن من مكوناته النظام السوري، الذي تم اختطافه من قبل النظام الإيراني، والذي يقبل بوجود وتواجد المقاومة الفلسطينية وخاصة ذات الطبيعة والصفة الإسلامية منها كحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحركة الجهاد الإسلامي وببقائها على الأراضي السورية، وهو الذي يحتمي في الحقيقة بها ولا يحميها وهو الذي يبدو في الوقت الراهن على الأقل أنه المستفيد منها أكثر مما هي مستفيدة منه، والذي يبدو بعيدا عن النظام العربي في موقفه مما يحدث بالعراق، والذي ابتعد في ذلك بل اختطف وابتعد به عن ذلك الموقف، لا ليكون إلى جانب المقاومة هناك وداعم لها، ولا ليكون بوضوح إلى جانب أمريكا، وإن كان قد قدم لها الكثير من الخدمات في هذا الإتجاه، وهي التي لا ترضى دائما عن النظام العربي، أي نظام عربي مهما كان ومهما قدم لها من تنازلات ومن خدمات، وهو الذي ليس له ما يتنازل لها عنه، وهو الخادم لها والمدين لها بالخدمة دائما، ولا ليكون ممثلا لبرنامج قومي عربي يستند إلى قومية النظام وعروبته المزعومة التي يدعيها، ولا صاحب خطة مستقلة خاصة به معبرة عن الهوية العربية للأمة العربية ومدافعة عنها ليكون تعبيرة صادقة واضحة عن ضمير الأمة العربية، ومدافع من خلالها عن الشرف العربي كما كان العرب قد قدموا ومازال البعض ولعل الكثير منهم يقدم خطأ الرفيق صدام حسين ونظامه في حرب الخليج الأولى، أي في الحرب العراقية الإيرانية على أنه كان المدافع عن الشرف العربي في مواجهة العدوان الفارسي، وقد اصطف وراءه في ذلك الوقت كل العرب باستثناء عدد قليل منهم الذي بدا ملازما الحياد، أكثر منه طرفا مع هذا أو ذاك. وقد كان من بين تلك الأنظمة نظام الرفيق حافظ الأسد الزعيم والرئيس السوري في ذلك الوقت، وقبل أن يوصي بتوريث نجله بشار الأسد ليتولى التسلط على الشعب السوري، وليظل ذلك التسلط عليه من قبل الطائفة العلوية الحاكمة متواصلا من خلال استلام رئاسته للدولة بعد شغور المنصب بهلاك والده. وهو الذي كان منذ البداية، وبعيدا عن التعلات والذرائع الراهنة التي يبرر بها أنصاره ومحبوه والمؤيدون له، منذ سقوط نظام الشاه، ارتماءه في أحضان إيران، قريبا من نظام الملالي هناك وحليفا له بوضوح بعد ذلك.                                                                                       علي شرطاني



الجمعة 8 نيسان (أبريل)، السابعة مساء في المركز الثقافي العربي النمساوي، فيينا، Gußhausstrasse 14/3, 1040 Wien يستضيف المركز الثقافي العربي النمساوي ومبادرة « دعوا غزة تعيش » السيدة حنين الزعبي، الناشطة السياسية من الداخل الفلسطيني وعضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب « بلد » والتي اكتسبت حضورا إعلاميا بارزا بعد مشاركتها في أسطول الحرية نحو غزة واعتقالها على هامش المجزرة التي ارتكبها جيش العدو بحق المشاركين، وقد تعرضت حنين زعبي إلى حملة عنصرية داخل الكنيست لسحب حصانتها البرلمانية ومحاكمتها. تتناول حنين زعبي في الندوة وضع الفلسطينيين في الداخل المحتل عام 1948 وممارسات الدولة الصهيونية العنصرية بحق فلسطينيي الداخل الذين يعيشون في هذه الدولة كمواطنين من الدرجة الثانية، ومعنى أن تكون عضوا عربيا في الكنيست الإسرائيلي، وآفاق أو جدوى النضال المطلبي ومطلب « دولة المواطنين » تجاه الدولة الصهيونية العنصرية . في القسم الثاني من الندوة تتناول حنين زعبي مشاركتها في أسطول الحرية، كما ويقدم المنظمون من مبادرة « دعوا غزة تعيش » إمكانية مشاركة نمساوية في سفينة التضامن القادمة المتجهة نحو غزّة www.okaz.at



منير شفيق عندما ينتفض الشعب بأغلبيته ضدّ كل من معمر القذافي وعلي صالح ونظاميْهما في كلٍ من ليبيا واليمن على التتالي، ويأتي جواب الرئيسين عناداً طفولياً دموياً من خلال التهديد بالحرب الأهلية، وممارستها من قِبَل معمر القذافي والتهيؤ لها من قِبَل علي صالح، نكون أمام حالة شاذة لا تفسير لها غير محاولة استدراج التدخل الأمريكي بهدف الدخول في مساومة تنقذ ما يمكن إنقاذه من مستقبليهما ومن نظاميهما حتى بعد الرحيل. هذا ما حدث في ليبيا عندما اندفعت عصابات القذافي تستخدم الطائرات ومدافع الدبابات والبوارج الحربية لتبطش بالمدنيين في المدن التي تمردّت، ما راح يلوّح بحمامات الدم، وقد حدث فعلاً في أكثر من موقع ومدينة. وكان من الواضح أن الوصول في الصراع إلى هذا المستوى يستهدف فتح الطريق لتدخل أمريكا من خلال مجلس الأمن. وهانحن أولاً نشهد تدخلاً عسكرياً سافراً من قِبَل الطائرات والبوارج الحربية الأمريكية والفرنسية والبريطانية. وذلك تحت شعار « وقف إطلاق النار وحماية المدنيين ». وبهذا ضمنت أمريكا وبريطانيا وفرنسا لعب دور فعال في صوْغ مستقبل الصراع، وربما مستقبل الوضع الليبي كله سواء أكان انتهاء الصراع برحيل القذافي أم القضاء عليه، إن لم يكن تجميد الجبهات بتأجيل الحسم. من كان يتوقع أن يصل الصراع إلى تدخل أمريكا من خلال مجلس الأمن بعيداً عن محاولة حرف الثورة عن أهدافها التي قامت من أجلها إنما هو غبي أو متغابٍ. فالتجربة في كل الأمثلة التي تدخلت فيها أمريكا كان السم الهاري هو الحل الذي تحمله ضدّ العدالة والحق ومصلحة الشعب واستقلال البلد. وأضف في هذه المرحلة امتزاج حلّها بالصهينة. أن يكون استدعاء أمريكا هدفاً للقذافي، وقد حسمت الثورة الشبابية أمره وجعلت بقاءه في السلطة محالاً، حتى لو تمكن من السيطرة العسكرية، فهذا أمر مفهوم وقابل للتفسير. أما أن يأتي هذا الاستدعاء من قِبَل الجامعة العربية فهذا أمر لا تفسير له غير استمرار هيمنة عقلية حسني مبارك عليها، بدلاً من اللجوء إلى التدخل العربي ولو من خلال دعم الثوار بالسلاح ومختلف أشكال النصرة، من دون التدخل بالطائرات أو الجيوش. ولهذا فإن الموقف السليم يجب أن يستمر بالوقوف الحازم إلى جانب الثورة الشبابية الشعبية وحمايتها من الإنحراف بسبب التدخل الأمريكي الذي يجب أن يُدان بأقوى عبارات الإدانة، مع بقاء بوصلة تأييد الثورة باتجاه إسقاط القذافي ونظامه. فالمطلوب الآن حماية أهداف الثورة وعدم السماح للتدخل الخارجي بأن ينحرف بها تحت وطأة قرار مجلس الأمن والتدخل العسكري. بالمناسبة، يجب التذكر أن قرار مجلس الأمن بفرض عقوبات على القذافي وأولاده وعدم السماح لهم بالسفر، ثم تحريك لويس أوكامبو لقضايا ضدهم في المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم الإبادة، فأمريكا وراء القراريْن. وذلك لسدّ كل الأبواب أمام رحيل القذافي ووضعه وأولاده في زاوية القتال حتى الموت. وذلك ما دام الهروب أصبح محظوراً، وما دامت قضايا إرسالهم إلى المحكمة الجنائية الدولية ستلاحقهم أينما حلوا. وبهذا استهدفت أمريكا الوصول إلى تأزيم الوضع العسكري ومن ثم إلى قرار مجلس الأمن للتدخل الدولي العسكري. من هنا يكون إصرار علي عبد الله صالح على مواجهة شبه الإجماع الشعبي اليمني، وقد شمل أعضاء مهمين من حزبه ومن كبار العسكريين وموظفي الدولة، تحديّاً صارخاً لهذه الإرادة، وتهديداً باستخدام القوّة العسكرية تكراراً لما فعله القذافي. ومن ثم لا تفسير لهذا الموقف سوى استدعاء التدخل العسكري الأمريكي كما حدث في ليبيا. عندما يعلن القذافي أن أمريكا خانته حين لم تستطع أن تقف إلى جانبه كما فعلت في الأسبوع الأول من اندلاع الثورة، وعندما يُحذر من أن رحيله وسقوط نظامه سيعرّض الكيان الصهيوني للخطر يعنيان أن علاقاته بأمريكا كانت قد وصلت حداً أبعد مدى من علاقات عادية، أو تحالفية، وإنما وصلت مستوى يسمّى معه بالخيانة وقوف أمريكا على الحياد أو اللعب على الحبلين أو التدخل العسكري. كما يعني أن أن سياساته كانت تصبّ في خدمة الكيان الصهيوني وعدم تعريضه للخطر. ثم إذا أُخذ بعين الاعتبار سياساته الأخيرة في أفريقيا لا سيما في السودان. وقد دفع باتجاه انفصال الجنوب عن الشمال وراح يدفع من خلال دعم التمرّد في دارفور باتجاه انفصال جديد، كما إذا أُخذ بعين الإعتبار اعتراف أمريكا بوجود ثلاثين مليار دولار أمريكي لحساب القذافي في بنوكها وشركاتها، والإعلان عن وجود عشرين ملياراً في بريطانيا، فهذا يعني أننا أمام رئيس ونظام يتسمّان بالتبعية لأمريكا والغرب وليس بالاستبداد والفساد فقط، تماماً كما كان الحال مع زين العابدين بن علي وحسني مبارك. إن علي عبد الله صالح الذي سمح للطائرات الأمريكية أن تضرب « القاعدة » في الأراضي اليمنية، ووقف مع حسني مبارك في الامتناع عن نُصرة قطاع غزة في أثناء العدوان الصهيوني عليه في 2008 /2009 يعنيان أننا أمام رئيس ونظام يتسمّان بالتبعية لأمريكا، وليس بالاستبداد والفساد فقط. بل إن رحيل علي عبد الله صالح أصبح شرطاً لحماية وحدة اليمن والحيلولة دون انفصال الجنوب. وبكلمة، إن الإطاحة بكلٍّ من معمر القذافي وعلي عبد الله صالح ونظاميهما تشكل جزءاً لا يتجزأ من ثورتيْ تونس ومصر اللتين أطاحتا بزين العابدين بن علي وحسني مبارك ونظاميْهما. فالثورة في ليبيا يجب أن تنتصر في إزاحة القذافي ونظامه. وعدم السماح للتدخل الخارجي بحرفها. والثورة في اليمن يجب أن تنتصر قبل أن يتمكن علي صالح بإغراقها في الدم واستدعاء التدخل الخارجي. من هنا يجب أن تنتصر الثورتان في ليبيا واليمن لاستكمال مسيرة الثورة العربية من المحيط إلى الخليج، فحيثما لم تكن ثمة ضرورة لاقتلاع رئيس الدولة ونظامه فلا بدّ من أن ينجز إصلاح دستوري وسياسي واقتصادي يتماشى وروح الثورة العربية الراهنة. وهو ما يجب أن يُنجز سريعاً في البحرين والأردن والمغرب. إن تجربة الثورة حين تكون شبابية شعبية لن يقهرها نزول الجيش إلى الشارع بعد هزيمة قوات الأمن، وقد تتحوّل إلى ثورة شعبية مسلحة إن سدّت في وجهها طريق التغيير السلمي. وفرض عليها تحت وطأة المذابح اللجوء إلى السلاح، كما حدث في ليبيا. ونصيحة، إن أقصر الطرق في مواجهة مئات الألوف والملايين حين تملأ الميادين والشوارع هو تلبية مطالبها قبل أن يرتفع سقفها أهدافاً وأسلوباً.  
(المصدر: صحيفة « السبيل » (يومية –  الأردن) الصادرة يوم 3 أفريل 2011)



د. حسن نافعة
بوسع أى مراقب متابع لتطورات المشهد السياسى أن يلمح مظاهر قلق وتوتر بدأت تطفو من جديد على سطح الحياة السياسية المصرية، وأن يدرك أن هُوَّة كبيرة بدأت تفصل بين ما يطمح إليه الشعب، بصفته صاحب ثورة ٢٥ يناير وراعيها، وما يقوم به المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بصفته المسؤول السياسى عن إدارة شؤون الدولة والمجتمع فى المرحلة الانتقالية الراهنة. ولأن هذه الهُوَّة تبدو مرشحة للاتساع يوماً بعد يوم على نحو قد يهدد باندلاع أزمة ثقة خطيرة فقد أصبح واجباً على كل الشرفاء فى هذا الوطن، أياً كانت مواقعهم، أن يتحركوا على الفور لتخفيف حدة الاحتقان القائم، وأن يبذلوا كل ما فى وسعهم لإجهاض هذه الأزمة، التى بدأت نُذُرها تلوح بالفعل فى أفق الحياة السياسية فى مصر.
وقد أتيح لى أن أكون شاهداً مباشراً، فى يوم واحد وفى مناسبتين مختلفتين، على وقائع محددة سمحت لى أن أدرك بشكل أفضل حقيقة ما يجرى على الساحة وأن أستشعر خطورة ما بدأ يلمع فى الأفق البعيد. المناسبة الأولى أتاحها حوار وطنى دعا إليه الدكتور يحيى الجمل وعُقدت جلسته الأولى فى مقر مجلس الوزراء فى الساعة السادسة من مساء الأربعاء الماضى، وأما المناسبة الثانية فقد أتاحها حوار تليفزيونى بُثَّ فى ساعة متأخرة من مساء اليوم نفسه وأداره الإعلامى المتميز يسرى فودة عبر برنامجه الشهير «آخر كلام».
لفت نظرى فى جلسة «الحوار الوطنى» التى دُعيت إليها أمور عدة:
أولها: يتعلق بطبيعة المشاركين فى هذا الحوار، فالدعوة فى هذه الجلسة الأولى من الحوار وُجهت لعشرين شخصية لكن بصفتهم الشخصية وليس التمثيلية. صحيح أنه رُوعى أن يعكس تشكيلهم، قدر الإمكان، مجمل ألوان الطيف السياسى والفكرى فى مصر، إلا أنه كان لافتاً للنظر حضور شخصيات تنتمى للنظام القديم، وسبق لها أن شغلت مواقع قيادية فى الحزب الوطنى، والواقع أننى لم أدرك ما قد تنطوى عليه هذه المشاركة من دلالة إلا حين طالعت فى جدول الأعمال المقترح، الذى وُزع فى بداية الجلسة، أنه يتضمن محوراً صيغت كلماته على النحو التالى: «قواعد التعامل مع أعضاء ورموز النظام القديم ومشاركتهم فى المجتمع الجديد وشروط المصالحة». ولأن هذه المشاركة شكلت بالنسبة لى مفاجأة غير سارة، خصوصاً فى ظل إدراج بند «المصالحة» على جدول أعمال الحوار، فقد وجدت نفسى مضطراً للقول منبهاً إلى أن ما يجرى فى مصر ليس حرباً أهلية يسعى الحوار لوقفها لكنه ثورة على نظام سياسى سقط، والمطلوب الآن إزاحة ما تبقّى من ركامه حتى يصبح شعب مصر فى وضع يُمكّنه من بناء نظام بديل غير قابل لإعادة إنتاج تحالف الفساد والاستبداد الذى أوصل البلاد إلى ما هى فيه الآن من تدهور وانحطاط.
وثانيها: يتعلق بأهداف الحوار. فقد تبين أن الهدف الرئيسى من الحوار لم يكن، كما تصورت، هو التوصل إلى وفاق عام حول مهام المرحلة الانتقالية وكيفية إدارتها بما يحقق أهداف وطموحات الثورة، وإنما «بناء توافق وطنى حول رؤية مستقبلية لعقد اجتماعى جديد يحدد العلاقة بين الحاكم والمحكومين، وفيما بين مواطنى الشعب المصرى أنفسهم»، حسب نص ما جاء فى ورقة الحوار. ولأن الدستور هو الوثيقة التى يفترض أن تترجم هذا الوفاق فلم يكن من الصعب اكتشاف أن حصيلة الحوار ستوضع أمام نظر الهيئة التأسيسية التى ستتولى وضع دستور جديد، وهى هيئة تتكون من مائة عضو يختارهم الأعضاء المنتخبون من مجلسى الشعب والشورى، الذين يفترض أن تفرزهم انتخابات برلمانية لن تجرى قبل أغسطس أو سبتمبر القادمين. ولأن حواراً يجرى فى سياق كهذا بدا لى وكأنه آلية لاستهلاك الوقت، فقد وجدت نفسى مضطراً للمطالبة بـ«ضمانات» على جدية الحوار تقدمها الحكومة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، حتى يطمئن المشاركون إلى أنهم لا يضيّعون وقتهم فيما لا طائل من ورائه، مثلما حدث مراراً من قبل.
وثالثها: يتعلق بجدول الأعمال المقترح، فقد بدا هذا الجدول مزدحماً بقضايا شديدة التنوع. ولأن تصورى للهدف من الحوار كان مختلفاً تماماً عن تصور الداعين إليه، فقد اقترحت للحوار عنواناً وحيداً وهو «كيفية إدارة المرحلة الانتقالية»، على أن يتضمن قضايا فرعية محددة من قبيل: إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، استقلال القضاء، استقلال الجامعات والحريات الأكاديمية، الضمانات الخاصة بحرية ونزاهة وشفافية الانتخابات وبعدالة المنافسة الانتخابية، أسس صياغة سياسة خارجية مصرية بديلة.. إلخ.
رغم ترحيبى الدائم بكل حوار وطنى إلا أننى أعترف بأن مشاعر مختلطة، غلب عليها التشاؤم، كانت تتنازعنى حين خرجت من مقر مجلس الوزراء متوجهاً إلى مدينة الإنتاج الإعلامى للمشاركة فى الحوار التليفزيونى، ولم يخطر ببالى قط أن مفاجأة من العيار الثقيل تنتظرنى وأنها ستزودنى بدليل آخر على أن البلاد تتجه نحو احتقان سياسى من طراز جديد.
كان ضيوف يسرى فودة فى الاستوديو ثلاثة: الدكتور حسام عيسى، والدكتور جمال زهران، وكاتب هذه السطور، وخُصصت الفقرة التى شاركنا فيها لمناقشة الإعلان الدستورى الذى صدر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد طول انتظار، وهو الوثيقة التى تنظم المبادئ والقواعد الدستورية العامة لإدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية. ولأنه كان واضحاً منذ البداية أن لضيوف الاستديو ملاحظات نقدية عديدة عليها، فقد كان من الطبيعى إفساح المجال لوجهتى النظر المؤيدة والمعارضة بالتعبير عن نفسها فى الحوار وطرح الرأى والرأى الآخر، غير أن دخول اللواء ممدوح شاهين بنفسه على الخط، بصفته مساعداً لوزير الدفاع وعضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أضفى على الحوار نكهة خاصة، وجعله يبدو وكأنه حوار بين ممثلى السلطة وممثلى المعارضة حول هذه القضية المهمة فى لحظة تبدو بالغة الحساسية.
ولا أعرف لماذا غلب الانفعال على حديث اللواء شاهين، الذى كان لبعض ما قاله وقع الصدمة ليس فقط على المشاركين فى الحوار لكن أيضاً على آلاف وربما ملايين المشاهدين، خصوصاً حين قارن بين موقف الجيش من الثورة المصرية وبين ما يجرى فى ليبيا! فقد بدا حديثه حول هذه النقطة وكأنه يحمل تهديداً مبطناً إن لم يكن صريحاً. ولحسن الحظ فقد تداركت شخصية أخرى من القوات المسلحة على الفور خطورة ما جرى وتمكنت، بتدخلها على الخط، من تلطيف حدة الأجواء، لكن الضرر كان قد وقع.
لن أتوقف كثيراً عند حديث اللواء ممدوح شاهين، الذى أكن لشخصه كل التقدير، لكنى أود بهذه المناسبة أن أنبه إلى خطورة الخلط بين صفتين تلتصقان عضوياً بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة فى المرحلة الحالية، فالمجلس يمثل – من ناحية – قمة هرم القيادة فى المؤسسة العسكرية المصرية، وهذه هى صفته الطبيعية والدائمة، لكنه يمثل الآن – من ناحية أخرى – الإطار المؤسسى المنوط به مسؤولية الإدارة السياسية لشؤون الدولة والمجتمع فى مرحلة انتقالية، وتلك مهمة مؤقتة واستثنائية.
وإذا كان من المسلَّم به، وفقاً للضمير الجمعى المصرى، عدم القبول بأى انتقادات توجَّه للمؤسسة العسكرية المصرية باعتبارها التجسيد الحى للوطنية المصرية، فمن الطبيعى أن تكون القيادة السياسية هدفاً محتملاً للنقد حتى حين تؤول تلك القيادة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة. وكل الملاحظات النقدية التى أبديت على الإعلان الدستورى، سواء فى هذا الحوار أو فى غيره.
لم تكن موجهة للمؤسسة العسكرية المصرية من قريب أو بعيد، لكنها كانت موجهة فى المقام الأول للإدارة السياسية للمرحلة الانتقالية أياً كانت صفة من يتولى مسؤولية هذه الإدارة، وهى مسؤولية مشتركة بين الحكومة، ممثلة فى مجلس الوزراء الحالى، والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى يمارس نفس صلاحيات رئيس الجمهورية فى نظام ما قبل ثورة يناير.
تجدر الإشارة هنا إلى أن المشكلة الحقيقية لا تتعلق بالنصوص، فقد احتوى دستور ٧١ نصوصاً رائعة تتعلق بحقوق الإنسان والحريات العامة والمواطنة، لكنها لم تُحترم قط، وإنما تتعلق بالنوايا، من ناحية، وبالممارسات، من ناحية أخرى. فنوايا المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بصفته صانع القرار والممسك بجميع خيوط السلطة السياسية فى تلك المرحلة، تجاه ثورة يوليو لايزال يكتنفها الغموض، وتحتاج من ثم إلى توضيح.
صحيح أن المجلس لعب دوراً رئيسياً فى حماية الثورة، برفضه إطلاق النار على المتظاهرين وفض الاعتصامات بالقوة، لكنه حمى النظام أيضاً حين حرص على المحافظة على ما تبقَّى منه. ولأن ثورة يناير قامت ضد النظام برمته، برموزه وسياساته ودستوره ومؤسساته، فمن الصعب عليها قبول منطق الاكتفاء بتنحية رأسه، خصوصاً أن الرئيس ظل حتى الآن حراً طليقاً دون محاكمة، وبإدخال إصلاحات شكلية على مؤسساته، لن تضمن لمصر بالضرورة ما تتطلع إليه من انطلاقة كبرى نحو بناء دولة حديثة ومستقلة تتبوأ المكانة التى تليق بها فى العالم.
لذا يبدو الشعب فى حاجة ماسة إلى أن يفصح المجلس الأعلى عن نواياه الحقيقية، وأن يجدد التزامه بإدارة المرحلة الانتقالية على نحو يساعد الثورة على تحقيق أهدافها. أما فيما يتعلق بالممارسات فمن الواضح أن الشعب لم يفهم دلالة الإصرار على عدم تقديم الرئيس مبارك وعائلته لمحاكمة عادلة حتى الآن وكأنهم ليسوا مسؤولين عن الدم الذى سال إبان الثورة ولا عن النهب الذى تعرضت له البلاد، ولماذا لم يُتخذ قرار بحل الحزب الوطنى ومصادرة مقاره التى هى ملك للدولة والشعب، أو حل المجالس المحلية وتنظيم انتخابات جديدة لمحاصرة الفساد الذى استشرى.. إلخ.  
من الطبيعى، فى ظل غموض يكتنف النوايا ويثير الشكوك، أن يشعر الشباب بالقلق تجاه المستقبل وأن ينتابهم خوف على مصير الثورة التى ضحوا من أجلها بدماء غزيرة. لذا لم يكن غريباً أن يوجهوا الدعوة إلى مظاهرة مليونية فى «جمعة إنقاذ الثورة». ورغم أن القرار بالدعوة للخروج فى هذه المظاهرة اتخذ على عجل ولم تشارك فيه جماعة الإخوان المسلمين إلا أن عشرات الآلاف من المواطنين قاموا بتلبيتها واحتشدوا بالفعل فى ميدان التحرير. وقد لمست هناك فى عيون الشباب إصراراً وتصميماً لا يتزعزع على حماية الثورة إلى أن تتمكن من تحقيق كل أهدافها.
لقد استطاع الحشد الضخم الذى امتلأ به ميدان التحرير يوم الجمعة الماضى أن يرسل برسالتين مهمتين إلى كل من جماعة الإخوان المسلمين وإلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة. أما الرسالة الموجهة لجماعة الإخوان فكان مفادها أن بوسع القوى السياسية المؤيدة لاستمرار الثورة مواصلة العمل بمفردها، إن لزم الأمر، إلى أن تتحقق جميع أهداف الثورة. وأما الرسالة الموجهة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة فكان مفادها أن الشعب الذى يقدر الدور الوطنى الذى قام به المجلس لحماية الثورة لن يسمح لأحد بالتفاف على مطالبها أو إجهاضها.
مصر تمر الآن بلحظة فارقة فى تاريخها تستدعى من جميع القوى السياسية، بما فيها جماعة الإخوان، توحيد صفوفها ومواقفها حول خارطة طريق واضحة يلتزم بها الجميع طوال المرحلة الانتقالية، وتستدعى من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بذل كل ما فى وسعه لتحييد العناصر الساعية لخلق فجوة بينه وبين الشعب، ولكى يظل الجيش والشعب «إيد واحدة».
(المصدر:البشيرللأخبارعن المصري اليوم بتاريخ 3 أفريل 2011)



قضى مايكل جورجي مراسل رويترز الشهر الماضي بين مجموعة من الصحفيين الاجانب ممن وجهت اليهم الحكومة الليبية الدعوة قائلة ان من حقهم التجول بحرية لتسجيل الاحداث التي يشاهدونها من جانب قوات القذافي التي تحارب انتفاضة ضد الزعيم الليبي. ويصف جورجي في هذه الرواية كيف اعتقلته أجهزة الامن الليبية هو ومصور رويترز كريس هيلجرين لتتاح له الفرصة كي يعايش طريقة معاملتهم للمحتجزين. وبعد هذه الاحداث بثلاثة اسابيع اي يوم الاربعاء الماضي طرد جورجي من ليبيا. وجورج امريكي الجنسية وولد في مصر وهو يتحدث العربية بطلاقة وكان قد انضم الى رويترزعام 1995 .وخلال مهام عمله تنقل جورجي بين دبي وبيروت ولندن وبغداد وجوهانسبرج ويعمل الان كبيرا للمراسلين في باكستان ويتخذ من اسلام اباد مقرا له. تونس (رويترز) – التقيت كثيرين من ضحايا الانظمة الشمولية في العالم العربي على مر الاعوام وعادة ما كان يحدث ذلك في السر أو في مطعم غير معروف أو من خلال محادثة هاتفية. لم اعتقد قط انني ربما اشهد معاناتهم على ارض الواقع ولكن في ليبيا معمر القذافي كل شيء ممكن. في أحد ايام الشهر الماضي انضممت لهؤلاء الضحايا. وفي لحظة ما انزلت من سيارة في فناء مزرعة مهجورة وسمعت صوت صمام امان بندقية واعتقدت اني على وشك الموت. جئت انا ومصور رويترز كريس هيلجرين الى ليبيا بناء عن دعوة من الحكومة التي كانت تحرص في السابق على ابعاد الصحفيين ولكنها غيرت رأيها وهي تتصدى لانتفاضة شعبية. وابلغنا المسؤولون ان يمكنا السفر حيث نشاء لنرى جانبهم من الرواية. ولكن الحقيقة كانت مختلفة. صدقت انا وكريس ما قيل لنا وفي الخامس من مارس اذار اقلتنا سيارة اجرة الى مدينة مصراتة على بعد 200 كيلومترا شرقا والتي أعلنت المعارضة سيطرتها عليها. وحين اقتربنا من مشارفها بدأت مشاكلنا حيث اوقفتنا مجموعة من المسلحين والجنود عند نقطة تفتيش. املا في تهدئتهم قلت انني مصري اي عربي مثلهم وكانت تلك خطوة غبية لان انصار القذافي يبغضون المصريين منذ ان الهمت الثورة في القاهرة المعارضة الليبية. ثم قلت انني احمل جواز سفر امريكيا على أمل التاثير فيهم ولكن لم يحدث. كما لم تنفعنا وثيقة حكومية رسمية تفيد اننا صحفيان. ارغمنا على العودة بالسيارة الى طرابلس ترافقنا سلسلة من الحراسات حتى وصلنا لمركز شرطة على مشارف المدينة. وهناك استقبلنا ضابط في الجيش يرتدي زيا مهندما ويستقل سيارة دفع رباعي جديدة بدون لوحات معدنية وطلب منا ان نتبعه. وقال « مايكل ليس هناك ما يقلق على الاطلاق لا تخشى شيئا » ولكن حديثه لم يكن يبعث على الطمأنينة. وذكر ان هناك مشكلة في وثيقتينا ويجب مراجعتهما للتأكد من اننا صحفيان. وقال « هل يمكن ان تستقلوا هذه السيارة ارجوكم.. » ركبت انا وكريس وسائق السيارة المضطرب سيارة الشرطة التي انطلقت مسرعة وبعد دقائق قليلة لاحظت اننا نسير بالقرب من قاعدة عسكرية أو سجن على ما يبدو. وتوقفت السيارة قرب فناء مزرعة مهجورة ثم سمعنا صوت بنادق تعد لاطلاق النار مما اصابني بالرعب ونظرت الى كريس لعله يهديء من روعي. فتح باب السيارة وقال لي الضابط « انزل. انت فقط ». ترجلت من السيارة وشاهدت مسدسا وبندقية ايه كية 47 مصوبان نحوي. ودفعني جندي بدا عدوانيا داخل مقصورة في شاحنة يبدو انها تستخدم لنقل السجناء. وبدت الشاحنة وكأنها لم تتحرك من مكانها منذ سنوات. ثم لقي كريس نفس المعاملة. ثم انزل السائق ايضا في نهاية المطاف ولكن على عكسنا نحن الاجنبيان قيدت يداه ثم اغلق الجندي مقصورة الشاحنة بالمزلاج. جلسنا في صمت ونظرت لكريس وهو كندي مقيم في لندن عملت معه في العراق. قلت انني اعتقد انهم سيقتلوننا. ازاح جندي المزلاج وفتح الباب الخلفي مرة اخرى نظرنا لمؤخرة سيارة فتح بابها لتظهر مجموعة من البطاطين واعتقدت انهم ربما سياخذونا من هنا. ربما سيطلقون سراحنا.. وعندما دققت النظر رايت اقداما أسفل البطاطين. ثم رفع الجنود الاغطية وادخلوا ثلاثة شبان مقيدي الايدي الى جوارنا. وحين اغلق الباب من جديد ابلغنا الوافدون الجدد انهم طلبة جامعيون ليبيون. وفي وقت لاحق جاء عدد من الجنود وسالني احدهم من انتم. اجبت اننا صحفيان من رويترز والثالث سائقنا وان لدينا تصريحا وان الحكومة دعتنا الى ليبيا. هز الجندي راسه قائلا « وقت سيء للعمل كصحفي في ليبيا » مضيفا ان الصحفيين شاركوا في مؤامرة اجنبية ضد ليبيا. ولكنه اوضح انه اذا ما اتضح اننا جاسوسان ولسنا صحفيين فان الامر سيكون أسوأ. وتابع « أذا قلتما الحقيقة سيكون كل شيء على ما يرام ان شاء الله. ولكن اذا اكتشفنا انكما كاذبان فلن نرحمكما. » ثم ابتعد ولم يكن وقتا مريحا للتفكير نظرت للطلبه الذين نعتهم الجنود « بالكلاب » وسألتهم « ما سبب القاء القبض عليكم حسب اعتقادكم.. » فهمس احدهم « كنا نتجول بالسيارة فحسب فالقوا القبض علينا » وقال الاخر « هل ترى ماذا يفعل القذافي بشعبه.. » وبعد دقائق قليلة ادخلت مجموعة جديدة من المعتقلين وسأل احد المسلحين « من الكلاب.. سترون ماذا سنفعل بكم. احضروا عصابات الاعين. » حان الوقت للتفكير في حالة الرعب التي كابدها الليبيون يوما بعد يوم في ظل حكم القذافي على مدار 41 عاما. هذه نوع المعاملة التي كان يلقاها اي معارض للقذافي وهو نوع المعاملة الشائع في كثير من الدول العربية. في لحظة يمكن ان يختفي الناس في الهاوية. في هذه اللحظة اتذكر انني كنت افكر انه امر مذهل أكثر ما يعتقد الاجانب ان تواتي شعبا مصر وتونس الشجاعة ليثورا ويطيحا بانظمة الخوف التي حكمت بلديهما. فتح الباب وقال احد الجنود الغاضبين الذين التقيتهم من قبل « ايها المصري تعالى ». اعتقدت انه قد هدأ لانه كان يوزع عصير برتفال ومياها معلبة. وحين جاء دوري وضع فوهة بندقية من طراز ايه كيه 47 في ظهري وامرني « توجه لهذا المكتب الصغير » خرجت ومشيت ولاحظت وجود جلود لخراف تم ذبحها. سرت الى المكتب ووجدت الضابط هناك وطلب مني في أدب ان اجلس وسألني « هل انت واثق انك صحفي ولست جاسوسا. » في هذه اللحظة دق هاتفي المحمول كانوا قد اخذوا نظارتي الطبية (فضلا عن مبلغ كبير من المال كنت احمله) ولكني استطعت ان اتبين الرقم الذي يتصل بي. قلت « حسنا. هذا اثبات.. انه مدير مكتب رويترز في شمال افريقيا كريستيان لو. » وقال المحقق بهدوء « هذه ارقام خاصة بالجزائر. مايكل هل تعرف من يتواجد في الجزائر.. » . ادركت ما يرمي اليه فقد اعلن القذافي ان اعداءه يتعاونون مع متشددين اسلامين فاجبت ان القاعدة متواجدة في الجزائر. ربما كان هذا الجواب الصحيح فقد اعادني الى الشاحنة. ومرت نحو الساعة ومن الشاحنة رايت وجها مألوفا لاحد رجال الامن المكلفين بمراقبة الصحفيين في الفندق الذي أقيم به. استدعيت لمقابلته فهدأت اعصابي واستبعدت ان يكون موجودا في حال ارادوا التخلص مني. وحين بدأت اعصابي تهدأ قال احد افراد الامن « اذا انت مصري ». لم تعجبني لهجته فاجبت « انا امريكي » ولكن الاجابة لم تكن مناسبة ايضا. فقال « نحرق الكلاب الامريكيين بالاسلحة الكيماوية. » ومع ذلك كانت معاناتي تقترب من نهايتها وخلال وقت قصير عدت انا وكريس الى عالم غير حقيقي في فندقنا الفخم في طرابلس سالمين ولكن بعد ان فقدنا 700 دولار. امضيت ثلاثة اسابيع اخرى تحت رقابة الحكومة وابلغت بامور لن يصدقها احد عن ليبيا. وبعد ان طردت الاسبوع الماضي – ولم اعرف السبب بالضبط حتى الان – شعرت بحرية في الكتابة عن رحلتنا القصيرة في ذلك اليوم في عالم مخيف هو واقع يعيشه كثير من الليبيين. من مايكل جورجي عن سويس انفو نقلا عن رويترز

<  



أثينا (رويترز) – قال مسؤول كبير في الحكومة اليونانية لرويترز ان نائب وزير الخارجية الليبي عبد العاطي العبيدي وصل الى اثينا يوم الاحد كي يسلم رسالة من الزعيم الليبي معمر القذافي لرئيس الوزراء اليوناني. تأتي الزيارة بعد أن أجرى رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء الليبي البغدادي المحمودي يوم السبت حول تطورات الاوضاع في ليبيا. وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه « طلبت (الحكومة الليبية) ارسال مبعوث يحمل رسالة الى رئيس الوزراء جورج باباندريو ولهذا حضر ( المبعوث) الى اثينا. » وقال المسؤول انه لم يتضح ما تضمنته الرسالة. وقال مكتب رئيس الوزراء اليوناني ان من المتوقع ان يجتمع العبيدي مع باباندريو في وقت لاحق يوم الاحد. وبالاضافة الى القذافي تحدث باباندريو هاتفيا ايضا مع رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر ال ثاني يوم السبت ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يوم الاحد ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يوم الجمعة. وفي وقت سابق يوم الاحد قال مصدر امني في مطار جربة التونسي لرويترز ان العبيدي عبر الحدود الى تونس في طريقه الى المطار القريب من الحدود مضيفا انه ليس في زيارة رسمية لتونس ولم يجر أي اتصال مع المسؤولين التونسيين. وخلال الاسبوع الماضي عبر وزير الخارجية الليبي موسى كوسة الى تونس ثم توجه جوا من مطار جربة الى بريطانيا. وقالت الحكومة البريطانية بعد ذلك انه انشق على القذافي. وفي طرابلس لم يتسن على الفور الاتصال بمسؤولين ليبيين للتعليق على تحركات العبيدي. وعمل العبيدي كرئيس للوزراء تحت حكم القذافي في اواخر السبعينات وتولى بعد ذلك رئاسة مؤتمر الشعب العام أو البرلمان. ويتولى حاليا منصب وزير الدولة للشؤون الاوروبية. وتقول اليونان انها لن ترسل اي طائرات حربية أو تشارك في ضربات جوية ضد اهداف ليبية لكن الدولة العضو في حلف شمال الاطلسي اتاحت للقوات الامريكية والاوروبية استخدام قاعدة سودا العسكرية الواقعة في جزيرة كريت وثلاث قواعد جوية اخرى.  
(المصدر: موقع « سويس انفو » (سويسرا) بتاريخ 03 أفريل 2011)



خالد شمت-برلين

اعتبر باحث أكاديمي بارز أن الخشية من تحول الأوضاع الراهنة في ليبيا إلى نزاع مسلح طويل، والخوف من أن يجد « تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي » مواطئ أقدام له في هذا البلد العربي الغني بالنفط، لعبا دورا مؤثرا في رفض ألمانيا تسليح الثوار الساعين لإسقاط العقيد الليبي معمر القذافي. وقال مدير مركز أفريقيا وآسيا بجامعة ماربورغ الألمانية البروفيسور أودو شتاينباخ -في تصريح للجزيرة نت- إن رفض برلين إمداد الثوار بالأسلحة يمثل التزاما منها بقرار مجلس الأمن الداعي لحظر وصول السلاح إلى ليبيا بشكل عام، وأشار إلى أن هذا الحظر يشمل من وجهة النظر الألمانية نظام القذافي ومعارضيه.  
قناعة ومخاوف ولفت شتاينباخ  إلى أن رفض ألمانيا تسليح الثوار الليبيين استند إلى عامل آخر، هو قناعة معظم الأوساط السياسية الألمانية -من الحكومة والمعارضة- بأن الأوضاع في ليبيا تتجه حاليا إلى حرب أهلية ونزاع مسلح طويلين. وأشار الباحث السياسي الألماني إلى « وجود تخوف ألماني من انتقال أي أسلحة ترسل للثوار المعارضين للقذافي إلى أيادي تنظيمات إسلامية معادية للغرب، خاصة تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، الذي قد يسعى لاستغلال الأحداث الراهنة في ليبيا لإيجاد موطئ قدم له في هذا البلد العربي المضطرب ». وذكر شتاينباخ أن السياسة الخارجية الألمانية اتفقت مع الموقف التركي تجاه ما يجري في ليبيا في جوانب عديدة من بينها أن إمداد الثوار المعارضين للقذافي سيسهم في تزايد الإرهاب. وأشار إلى أن ثوار ليبيا يعانون من مشكلات كثيرة ويحتاجون من الغرب إلى ما هو أكثر من السلاح خاصة الدعم السياسي واعترافا يمنحهم المشروعية، وأضاف أن التراجع غير المنظم لمعارضي القذافي أمام قوات الأخير الأيام الأخيرة أظهر افتقاد الثوار للتدريبات والتكتيكات والقيادة العسكرية.  
حل سياسي واتفق موقف ألمانيا الرافض لتسليح الثوار الليبيين مع موقف شركائها الرئيسيين في حلف شمال الأطلنطي (ناتو) الذين خالفتهم بامتناعها في مجلس الأمن الدولي عن التصويت، على قرار يبيح استخدام القوة لتنفيذ حظر جوي على ليبيا لحماية المدنيين هناك. وأعلن وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله أن بلاده « تؤيد حظر إمداد القذافي ومعارضيه على حد سواء بالأسلحة، وتدعو لإيجاد حل سياسي للنزاع المسلح في ليبيا ». وكان من اللافت أن إعلان فيسترفيله عن هذا الموقف صدر أثناء زيارته الجمعة الماضية للصين وهي من عارض مع روسيا والهند والبرازيل قرار مجلس الأمن فرض الحظر الجوي على ليبيا، والذي عارضته ألمانيا أيضا. وقال فيسترفيله -في تصريحاته التي نقلتها وسائل الإعلام الألمانية من بكين بعد لقائه نظيره الصيني يانغ جياشي- إن ألمانيا لا ترى في الخيار العسكري حلا للأزمة الليبية الحالية. وأشار في معرض كلامه إلى اتفاق برلين وبكين على أن المطلوب هو حل سياسي يبدأ بإيقاف القائد القذافي لإطلاق النار تمهيدا لإطلاق العملية السياسية. وتزامنت تصريحات فيسترفيله في برلين مع تراجع حكومة المستشارة أنجيلا ميركل عن سحبها لسفن بحريتها، من العمل في البحر المتوسط تحت قيادة الناتو في عمليات مراقبة حظر الأسلحة لليبيا. تأييد ومعارضة كما وجدت تصريحات فيسترفيله عن رفض تسليح الثوار الليبيين تأييدا من مسؤول بارز بالحزب المسيحي الديمقراطي المشارك لحزب فيسترفيله الديمقراطي الحر بالحكومة الحالية. واعتبر رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان (بوندستاغ) روبريشت بولنتس أن رفض ألمانيا تسليح ثوار ليبيا يتسق مع سياستها التقليدية الرافضة لإرسال أسلحة إلى مناطق الأزمات بالعالم. ومن جهته وصف ماتياس تيباوت المحلل السياسي بصحيفة دير تاجس شبيغل رفض تسليح الثوار في ليبيا بغير العادل، وأوضح أن حرب البوسنة أظهرت أن حظر تصدير الأسلحة لمناطق الأزمات يحمل سلبيات كثيرة للمظلومين الذين لا يجدون وسيلة مناسبة للدفاع عن أنفسهم. وأشار المحلل السياسي إلى أن القذافي يشبه الصرب في امتلاكه أسلحة هائلة في مواجهة ضحايا ليس بحوزتهم سوى أسلحة متواضعة.            (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 03 أفريل 2011)



ذكرت ديلي تلغراف أن سبعة من العاملين بالأمم المتحدة قُتلوا بمدينة مزار شريف بأفغانستان إثر قيام مجموعة من الأفراد الغاضبين باقتحام مجمع المنظمة بعد قيام القس الأميركي تيري جونز بحرق نسخة من القرآن بأميركا قبل عدة أيام، وهو ما يعتبر أسوأ هجوم على المنظمة الموجودة في البلد منذ غزوها عام 2001. وصورت الصحيفة المشهد المسرحي للقس وهو يرتدي عباءة سوداء معتبرا نفسه قاضيا في محكمة صورية عقدها بكنيسته المغمورة بولاية فلوريدا وهو يحاكم القرآن. ومثل دور الادعاء مسلم مصري سابق ارتد إلى المسيحية بينما اتخذ موقف الدفاع إمام سوداني مقيم بولاية تكساس. وكان هناك هيئة محلفين من تسعة رجال وامرأة، وكلهم أعضاء أو مؤيدون لكنيسة جونز، استمعوا طوال ساعات لمرافعات غالبا ما كانت تدار بلغة إنجليزية ثقيلة أو تترجم من العربية. ثم انتهى الأمر بالمحكمة الهزلية إلى حكم بالإجماع بأن القرآن مذنب في عدة جرائم ضد البشرية، بما في ذلك دعمه للإرهاب وقتل واغتصاب وتعذيب الناس بأنحاء العالم والذين كانت جريمتهم الوحيدة أنهم كانوا غير مسلمين. وأشارت ديلي تلغراف إلى أن القس جونز كان قد أجرى بالفعل استطلاعا على الإنترنت لتحديد العقوبة إذا كان القرآن مذنبا، وهو ما كان بالكاد مفاجئا في ظل الظروف.  
أربعة خيارات وكانت الخيارات المطروحة بالاستطلاع هي الحرق أو التمزيق أو الإغراق أو الإعدام رميا بالرصاص، وقال القس إن المصوتين اختاروا حرق المصحف. وفي إعلانه العقوبة قال جونز « دعوني أؤكد مرة أخرى أننا لا نحرق القرآن بدافع الانتقام ولا حتى نحرقه بدافع التشفي أو الاستمتاع. بل إننا نحرقه لأننا نشعر بالتزام عميق للتقيد بنظام القضاء في أميركا. ونظام القضاء الأميركي لا يسمح للجناة المدانين بالفرار من العقوبة. وقد اختار الشعب العقوبة ». ولاكتمال المشهد المسرحي قالت الصحيفة إن القس وين ساب زميل جونز نفذ العقوبة بصب الكيروسين على نسخة من القرآن وإشعاله بولاعة سجائر. وقالت الصحيفة إن جونز رد على مقتل أفراد أمميين بأفغانستان بنبرة تحد وأصر على أنه رغم تأثره بحالات القتل فإنه شعر أن كنيسته لا تحمل أي مسؤولية، وزاد في هجومه عندما طالب الولايات المتحدة والأمم المتحدة باتخاذ « إجراء فوري » ضد الأمم الإسلامية انتقاما لهذه الوفيات وأن « الوقت قد حان لمحاسبة الإسلام ». يُذكر أن جونز كان قد هدد من قبل بحرق مجموعة من المصاحف بالذكرى التاسعة لهجمات 11 سبتمبر/ أيلول، العام الماضي، رابطا خطته تلك بإنشاء مركز إسلامي ومسجد قرب موقع الهجمات حيث تم تدمير مركز التجارة العالمي. لكنه تراجع عندما تعرض لضغط كبير، بما في ذلك تدخلات من الرئيس باراك أوباما وقائد قوات حلف شمال الأطلسي آنذاك الجنرال ديفد بترايوس اللذين حذرا بأن مثل هذ العمل الأخرق سيعرض حياة الأميركيين للخطر.             المصدر:ديلي تلغراف (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 03 أفريل 2011)

 

Lire aussi ces articles

2 février 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 6 ème année, N° 2082 du 02.02.2006  archives : www.tunisnews.net   ACAT-France: Cas de Omar

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.