الدفاع عنهم واجب وطني وأخلاقي
حمادي الجبالي وإخوانه يواجهون خطر الموت
يعيش مئات من مساجين الرأي مضت عليهم أكثر من عشرية ونصف في سجون لا تليق حتى بالحشرات، ظروفا قاسية نتيجة حرمانهم من مجرد الحقوق البسيطة التي يضمنها القانون لأي سجين، كالحق في التداوي، والتغذية الصحية.
ورغم مضي كل هذه المدّة وتوالي نداءات المنظمات الإنسانية المحلية والدولية والشخصيات الفكرية والدينية فقد ترك هؤلاء يسيرون إلى موت محقق. بل منع بعضهم من زيارة ذويه، وأصيب المئات منهم بإعاقات مزمنة ما حملهم على الدخول في إضرابات دورية عن الطعام باعتباره السلاح الأخير للفت أنظار الرأي العام إلى مأساتهم.
وآخر هذه الإضرابات بدأه الاستاذ حمادي الجبالي الرئيس الاسبق للحركة منذ يوم 5 نوفمبر الجاري وكان الاستاذ الجبالي قد أوقف إضرابه السابق يوم 3 نوفمبر بعد شهر كامل وذلك بعد تلقي وعود من أعلى هرم السلطة بإطلاق سراحه إذا اوقف الاضراب ولكن أمام مماطلة السلطة من جديد اضطر وثلة من الاخوة القياديين منهم السادة عبد الكريم الهاروني ومحمد العكروت والعجمي الوريمي الى العودة الى الاضراب رغم تدهور حالتهم الصحية وقد أمعنت السلطة في التنكيل بهم خلال هذا الإضراب فقامت بتقليص مدة الزيارة والاعتداء عليهم أمام عائلاتهم..
والأستاذ حمادي الجبالي يقضي حكما ظالما بالسجن ستة عشر سنة قضى منها خمسة عشر سنة ورغم كل المطالبات التي عبرت عنها المعارضة والمنظمات الحقوقية وخاصة هيئات الصحفيين باعتباره مدير جريدة الفجر فان السلطة مازالت تصر على عدم الاستجابة لهذا المطلب المشروع.
ان حركة النهضة وهي تتابع بكل دقة تطورات إضراب الإخوة المساجين وفي مقدمتهم المهندس حمادي الجبالي فانها:
– تعبر عن تضامنها مع أبطالها المضربين عن الطعام داخل السجون التونسية وعلى رأسهم الاستاذ حمادي الجبالي وتعاهدهم على المضي قدما في الدفاع عن قضيتهم حتى استرجاع حقوقهم كاملة.
– تطالب بإطلاق سراح المساجين وتعويضهم في إطار عفو تشريعي عام غدا مطلبا وطنيا ملحا لا يمكن تجاهله.
– تحمل السلطة المسؤولية القانونية على هذه الأرواح التي تحتضر بين أيدي جلاديها من دون أن تحرك ساكنا بما يرتقي إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.
– تدعو الاخوة المضربين إلى تعليق إضرابهم عن الطعام حفظا لحياتهم واستجابة لنداءات الهيئات الحقوقية المساندة لهم.
– تتوجه بهذا النداء إلى كل صاحب ضمير إنساني وديني من مسؤولين سياسيين ودينيين وحقوقيين ومفكرين أن يبادروا إلى التدخل لدى رئيس الدولة التونسية لمناشدته كف أيدي جلاديه عن عشرات من المساجين المضربين قبل فوات الأوان إن لم يكن قد فات فعلا.
24 شوال 1426 الموافق 27 نوفمبر 2005
حركة النهضة بتونس
الشيخ راشد الغنوشي
(المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 27 نوفمبر 2005)
خبر حول الحالة الصحية للأستاذ أحمد نجيب الشابي
علمنا أن الحالة الصحية للأستاذ أحمد نجيب الشابي مقلقة، فهو لم يستطع أن يتغذى بشكل طبيعي منذ إنهائه إضراب الجوع يوم 18 نوفمبر الماضي وهو يشكو من تأثيرات الأدوية التي تلقاها خلال الإضراب على أعضاء حيوية في جسمه (الكبد والمعدة) . وهذا ما صرح به الأطباء المباشرون له خلال هذا الأسبوع.
ونظرا لهذه الحالة الصحية المتردية ولعلاقتها بإضراب الجوع نرى أنه من الواجب أن ننشر هذا الخبر. ونرجو الله تعالى أن يخفف وزره ويعطيه الشفاء العاجل.
المسئول على موقع الحزب الديمقراطي التقدمي
(المصدر: موقع pdpinfo.org يوم 27 نوفمبر 2005)
الوضعية الصحية للأستاذ أحمد نجيب الشابي
بلاغ ونداء
في اتصال هاتفي قامت به قائمة مراسلات حركة 18 أكتوبر بالأستاذ أحمد نجيب الشابي منذ يومين تبين أن هذا الأخير مازال يعاني من مضاعفات صحية شديدة نتيجة إضرابه عن الطعام مدة شهر كامل في إطار ما يعرف بتحرك أكتوبر
وفي سؤال توجهنا له به عما اذا كان التحق من جديد بوظيفة المحاماة أكد السيد الشابي الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي أن حالته الصحية لم تسمح له الى حد الان بذلك وهو مالاحظناه فعليا خلال المكالمة الهاتفية حيث بدا صوته خافتا ومرهقا بما لم نعهده عنه من قبل الا خلال فترة اضرابه عن الطعام مابين أواخر شهر أكتوبر وموفى الاعلان عن انهاء الاضراب عن الطعام
وحول ما اذا كانت الأجواء العامة بالبلاد توحي بمناخ حواري مع السلطة استبعد السيد الشابي وجود مثل هذا المناخ ولاسيما بعيد سماعه بالاعتداء الشنيع الذي تعرض له المهندس الهادي التريكي أحد أبرز الذين ساندوا حركة أكتوبر بمدينة صفاقس عاصمة الجنوب التونسي
وعلى ضوء هذه المعطيات فاننا بالقدر الذي نتمنى فيه الشفاء العاجل للأستاذ أحمد نجيب سائلين المولى سبحانه أن يسلمه من كل مكروه فاننا نحمل السلطة التونسية مسؤولية مايمكن أن يحدث من تدهور طارئ على صحة هذا القائد والرجل الوطني وندعو كافة القوى الوطنية داخل تونس وخارجها الى مزيد من التكاتف والوحدة الوطنيين قصد احباط كل محاولة اثمة للمساس بالمناضلين والوطنيين من أبناء تونس
هذا وندعو الجميع الى تطوير سقف العمل الوطني المشترك الى مستوى مجلس أو جبهة وطنية موحدة تعيد الاعتبار للكرامة والحريات في بلدنا العزيز تونس.
أخوكم المشرف العام على قائمة مراسلات حركة18 أكتوبر
مع أجمل التحية وأخلص التقدير
(المصدر: قائمة المراسلة الألكترونية “حركة 18 أكتوبر” بتاريخ 27 نوفمبر 2005)
أخبار عاجلة: 1) وقع إيقاف السيد الحبيب بو عجيلة عضو مكتب الحزب الديمبراطي التقدّمي بصفاقس يوم السبت 26 نوفمبر 2005 . نذكر بأنه تعرض الى إعتداء عنيف خلال الأسبوع الماضي في إطار حركة 18 أكتوبر 2005 .
عـاجــل!
يواصل النظام التونسي تشديد قبضته على معارضيه والزج بهم في السجون في حركة انتقامية بعد فضح انتهاكاته للحرية أثناء مؤتمر المعلوماتيّة حيث قام عناصر من البوليس السياسي أمس 26 . 11 .2005 باعتقال السيد الحبيب بو عجيلة، عضو مكتب الحزب الديمقراطي التقدّمي بصفاقس .
محمد طه الصابري
لجنة ألمانيا لمساندة حركة 18 أكتوبر
(المصدر: قائمة المراسلة الألكترونية “حركة 18 أكتوبر” بتاريخ 27 نوفمبر 2005)
نصّ الشكاية المودعة إلى وكالة الجمهوريّة بصفاقـس يـــــــوم الجمعـــة 25 نوفمبر 2005 على السّاعة العاشرة صباحا
MAITRE |
الأسـتـاذ |
MAATAR ABDELWAHEB |
عـبــد الـوهــاب مـعـطـر |
Avocat près la cour de cassation |
المحامي لدى التعقيب |
Rue Haffouz imm .Intilaka Esc. B4 Sfax |
نهج حفوز عمارة الانطلاقة مدرج ب 4 صفاقس |
Tél : 74 226 041 Fax 74 212 385 |
الهاتـف: 74 226 041 الفاكس 74 212 385 |
|
vvvvvvvvvvvvvvvvvvvvvvvv
صفاقس في 25 نوفمبر 2005
الـى السيـّد وكيـل الجمهوريــة لـــدى ابتدائيـــة صفاقس
الموضــوع: اعـلام بجريمة وطلب فتح تحقيق عاجل.
النيابة عن: الهادي التريكي المقيم حاليّا بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة قسم جراحة الأعصاب.
المعـــــروض علـــــى الجنـــاب مـــا يلـي:
حيث أنّ المنوّب السيّد الهادي التريكي السجين السياسي السابق وصاحب محلّ بيع لحوم الدجاج بطريق قرمدة كلم 6 صفاقس وبعد أن استرجع صباح هذا اليوم وعيه الذي فقده منذ تعرّضه للإعتداء المبيّن أدناه قد صرّح لنا بما يلي:
أنّه ولمّا كان ممتطيا درّاجته الناريّة القديمة سالكا بها قصّاص الطبلبي حوالي الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم الخميس 24 نوفمبر 2005 وكان يسير بسرعة بطيئة جدّا ليس فقط لقدم الدرّاجة الناريّة بل وأيضا لأنّه كان يرتدي لباسا خفيفا لا يقاوم شدّة البرد عند السير بسرعة.
وعندئذ لم يشعر الاّ بضربة قويّة على مؤخّرة رأسه سقط على إثرها من الدرّاجة الناريّة وفقد الوعي ليشعر بعد ذلك بضربات قويّة على صدره ووجهه وعلى جنبه الأيسر مكان الكلية وصوت يقول اثر ذلك: ” قول قول الّي هو ادخل في واحد” ليفقد بعد ذلك وعيه نهائيّا بعد أن لمح أكثر من أربعة أشخاص بزيّ مدني ملتفّين حوله.
وحيث أفادنا صهر السيّد الهادي التريكي المدعو نعمان أنّه لمّا كان في منزله اتًّصل به هاتفيّا أحد الأشخاص ممّن لا يعرفه ويجهل من أين تحصّل على رقم هاتفه وأعلمه بأنّ الهادي تعرّض إلى حادث وطلب منه التحوّل إلى عين المكان دون أيّ بيان آخر وبحلول السيّد نعمان المذكور على العين وجد الهادي التريكي ملقى على الأرض كما وجد بعض أعوان شرطة المرور وشخص آخر بزيّ مدني ذكر لأعوان الشرطة أنّ سبب الحادث هو صدم الهادي التريكي لشخص آخر مترجّل.
وحيث وقع نقل المتضرّر بواسطة سيّارة إسعاف إلى القسم الإستعجالي بصفاقس حيث تبيّن أنّه مصاب بجرح غائر في مؤخّرة رأسه ورضوض شديدة برقبته وصدره وعموده الفقري وبآلام حادّة في جنبه الأيسر وكدمات على وجهه وانتفاخ بعينه اليمنى دون الإصابات الأخرى التي ربّما من أجلها وقع نقله إلى قسم جراحة الأعصاب حيث وقع الإحتفاظ به.
وحيث أنّ توزّع هذه الإصابات على كامل البدن وخلوّ الطريق من المارّة والسرعة البطيئة التي كان يسير عليها السيّد الهادي التريكي وانعدام اصطدامه بأيّ مترجّل إضافة إلى ما سمعه هو شخصيّا قبل أن يفقد وعيه من وجود أربعة أشخاص على الأقلّ بالزيّ المدني ملتفّين حوله واعتداءهم عليه بالأرجل والكدمات ونطق أحدهم اتّجاه الآخر: ” قول قول الّي هو ادخل في واحد ” كلّها مؤشّرات تؤكّد وجود احتمال شديد أن يكون وراء الأمر جريمة يتعيّن الكشف عنها سيّما أنّ السيّد الهادي التريكي وبصفته سجين سياسي سابق قد لاحظ في المدّة الأخيرة ملاحقته ومراقبته بصفة دائمة من طرف أعوان أمن بالزيّ المدني الذين يحاولون مضايقته سيّما اثر الأحداث الأخيرة التي عرفتها جهة صفاقس في علاقة مع اضراب الجوع الواقع في تونس العاصمة.
ولـــــــــــــــــذا
أعلمناكم بهذه الأحداث ونطلب منكم عاجلا اتّخاذ جميع التدابير التحقيقيّة اللاّزمة للكشف عن مرتكبي هذه الأفعال حتّى يكون المواطن آمنا على حياته.
والســلام
الأستاذ عبد الوهاب معطر
المحامي لدى التعقيب
(المصدر: مراسلة من الأستاذ عبد الوهاب معطر بتاريخ 26 نوفمبر 2005)
باعتبار قرار المنع لا يستند إلى حجج قانونية
صحفيو تونس يدعون السلطات لرفع الحظر عن موقع “العربية.نت”
دبي-العربية.نت
دعت نقابة الصحفيين التونسيين في بيان لها، تلقت “العربية.نت” نسخة منه السبت 26-11-2005، السلطات التونسية إلى رفع الحظر المفروض على موقع “العربية.نت” فورا باعتبار قرار المنع “لا يستند إلى أية حجة قانونية أو دستورية”.
وقد جاء الحظر الذي فرض على موقع “العربية.نت” قبيل بدء أعمال القمة العالمية لمجتمع المعلومات الذي اختتمت أعماله في تونس 18-11-2005. ولم تقدم السلطات التونسية أي تفسير للقرار الذي وصفته منظمات الدفاع عن حرية الصحافة والنشر بأنه “قرار جائر وفيه تجاوز صريح للمواثيق الدولية”.
وطالب بيان النقابة السلطات “الكف عن سياسة المنع التي تسخر لها أموالا طائلة ووسائل فنية ضخمة و التي شملت العديد من المواقع و بالخصوص التي تعنى بحرية الإعلام و حقوق الإنسان”.
وقد عبرت النقابة عن “شجبها لهذا الإجراء التعسفي الذي يحرم التونسيين من حقهم في المعرفة و في الاطلاع على موقع إضافي”.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان قد عبر عن “قلقه البالغ” حول حظر موقع العربية.نت، ومواقع أخرى، مشيرا إلى أنه سيطرحه أثناء لقائه بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي.
ودعى بيان النقابة “أصحاب المواقع الممنوعة ، و الهيئات المهنية ، و المنظمات المدافعة عن حرية الرأي و التعبير إلى العمل سويا من اجل تحرير المواقع من قيود الرقابة المتنافية مع المواثيق الدولية و روح التطور الذي فرضته ثورة المعلومات و الوسائل الحديثة للاتصال”.
(المصدر: موقع العربية.نت بتاريخ 27 نوفمبر 2005)
هيئة دعم حركة 18 أكتوبر بهولندا
“رئيس كل التونسيين يجب أن يستمع الى كل التونسيين”
معين النوري
ثمّة عدة زوايا يمكن النظر من خلالها الى خلفيات المبادرة الرئاسية التي أعلن عنها قبل أيام و المتمثلة في تكليف السيد زكرياء بن مصطفى بتقبل اتصالات الأحزاب السياسية وكافة مكونات المجتمع المدني والتباحث معها بشأن شواغلها وتطلعاتها.
فيمكن أن تكون هذه المبادرة من آثار وتداعيات “اضراب الثمانية” خاصة أن هذا الإضراب لقي مساندة من عديد الجمعيات و المنظمات و الأحزاب السياسية و الشخصيات الوطنية.
ويمكن أن تكون نتيجة الضغط الذي مارسته بعض الحكومات الأجنبية و المنظمات الدولية ، بعد ما وقفت عليه من تجاوزات واخلالات بأبسط مبادئ حقوق الانسان وحرية الرأي والتعبير ، خلال انعقاد القمة العالمية للمعلومات.
ويمكن أن تكون أيضا مجرد إجراء شكلي يندرج في إطار ما أعلن عنه الرئيس زين العابدين بن علي يوم 25 جويلية الماضي ، في خطابه بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين لإعلان الجمهورية”..تنويع مجالات الحوار مع كل طرف يعمل من أجل مصلحة تونس وتقدمها واعتماد الحوار الدائم مع الأحزاب والمنظمات …” .
ومهما كانت خلفية هذه المبادرة، فإنها يمكن أن تكون خطوة أولى نحو إرساء علاقة جديدة ، قوامها الحوار، بين الحكومة والأحزاب السياسية وكافة مكونات المجتمع المدني…لكن شرط أن لا يتم حصر هذه المبادرة في الأحزاب السياسية المعترف بها و الممثلة في مجلس النواب و التي “تعمل من أجل مصلحة تونس”…وفي المنظمات و الجمعيات الموالية لها.
إن حصر هذه المبادرة في بعض الأحزاب دون الأخرى وفي بعض المنظمات دون الأخرى سيجعل منها مبادرة خاوية، لا أفاق لها ، ومبادرة شكلية لا تقدم اي اضافة للحياة السياسية و الجمعياتية ، شأنها شأن عديد المبادرات السابقة التي لم يعد لها أي أثر إلاّ في بعض الكتيبات التي تصدرها الوكالة التونسية للإتصال الخارجي.
و السبب أن الحوار بين الحكومة وهذه الأحزاب والجمعيات لم ينقطع بالمرة ، فاللقاءات بين رئيس الدولة والأمناء العامين لهذه الأحزاب ورؤساء هذه المنظمات والجمعيات ، تكاد تكون دورية ..هذا الى جانب فضاءات الحوار الأخرى التي تجمع الحكومة بهذه الأطراف.
والأكثر من ذلك أن تصريحات هؤلاء المسؤولين ، بعد هذه اللقاءات تشير كلها الى انها تندرج في إطار “سنّة الحوار والتشاور التي أرساها سيادة الرئيس”. وإذا كان الأمر كذلك ، فلماذا إذن هذه المبادرة؟.
قالت لنا مصادر في المعارضة القانونية ( المسماة موالية) إن رئيس الدولة خلال لقاءاته الأخيرة مع الأمناء العامين للإتحاد الديمقراطي الوحدوي وحركة الديمقراطيين الإشتراكيين وحزب الوحدة الشعبية، قد عبّر لهم عن استيائه من أدائهم الضعيف وعدم قدرتهم على توسيع قاعدة أحزابهم وعجزهم عن إصدار صحفهم ( بالنسبة لحركة الديمقراطيين الإشتراكيين و الإتحاد الديمقراطي الوحدوي)، رغم التمويل العمومي الذي يتمتعون به… وقال لهم إن هذا الأداء الضعيف هو الذي جعل المساحات واسعة أمام الأطراف الأخرى لتتحرك وتنشط فيها…وقال لهم أيضا إنه سيعلن عن مبادرة جديدة لتعميق الحوار حول كل هذه المسائل.
إذا ، يبدو الرئيس زين العابدين بن علي على وعي تام بضعف المعارضة الموالية لنظامه، وعدم قدرتها على الإنتشار و الإستقطاب ..وهو على وعي أنها معارضة مشلولة وغير قادرة على التقدم، رغم الإمتيازات و المساندة التي تلقاها….و هو بذلك لم يجانب الحقيقة لأن ذلك هو الوضع الحقيقي لهذه المعارضة التي تنخرها الخلافات الداخلية/الذاتية…و يتسابق مسؤولوها و اطاراتها لكسب ودّ السلطة والجهات الأمنية، دون أن يهتموا بمهمّتهم الأولى والأساسية.
لكن ، الرئيس زين العابدين بن علي يخطئ ويجانب الحقيقة إذا اعتقد أن دفع الحياة السياسية في البلاد لا يكون الا من خلال هذه الأحزاب.
لقد أظهرت السنوات الأخيرة ، أن رهان السلطة على الأحزاب و المنظمات و الجمعيات الموالية لها لدفع الحياة السياسية والجمعياتية ولملء الفراغ السياسي( انظر كتاب “بن علي الطريق الى التعددية” للصادق شعبان) ، هو رهان فاشل ..بل ان هذه الأحزاب و الجمعيات فشلت حتى في الدفاع عن النظام و تلميع صورته كلما احتاج اليها.
وفي المقابل تبين بالملموس ان الأطراف المؤثرة في الحياة السياسية والجمعياتية هي تلك الأطراف التي تصفها الحكومة بأنها “مناوئة” …إذ تمكنت هذه الأطراف من اكتساح مساحات جديدة ومن عزل الأحزاب و الجمعيات الموالية ، والأكثر من ذلك أنها تمكنت في أكثر من مناسبة من الإنتصار على الديبلوماسية الرسمية(إضراب الثمانية وقمة المعلومات كنماذج حديثة).
وقد تمكنت هذه الأطراف من اكتساح الحياة السياسية و التأثير فيها وكسب المساندة لها ، لأنها ترفع مطالب مشروعة ، فمطالب مثل حرية التنظم وحرية الإعلام والصحافة واطلاق سراح المساجين السياسيين و العفو التشريعي العام، لا يمكن إلا أن تجد من يساندها ويقف الى جانبها ويدعمها.
و الأهم من ذلك أن هذه الأطراف اختارت السبل السلمية للمطالبة بمطالبها …لم ترفع السلاح و لم تدع الى تخريب الممتلكات العمومية، وأقصى ما قامت به هو تنظيم اضرابات جوع ، بعد أن جربت البيانات و الندوات والملتقيات التي كانت الحكومة تحاصرها دائما.
واذا كانت هذه الأطراف مؤثرة في الحياة السياسية والجمعياتية ، وتعتمد السبل و الوسائل السلمية للمطالبة بما تراه صالحا لدفع الحياة السياسية في البلاد، أليس جديرا الحوار معها و الإستماع الى شواغلها وتطلعاتها.
أعتقد أن الأمر يجب ان يكون كذلك، بل انه لا معنى للحوار مع أطراف مشلولة ومعزولة وغير مؤثرة ، وفي الوقت ذاته اقصاء من هو أولى بهذا الحوار و التفاوض .
قد يقول البعض إن الحكومة لا تحاور ،أبدا، غير المعترف بهم ولا يمكنها أن تتنازل عن هذا الأمر الذي يعدّ أحد ثوابت سياستها الداخلية.
في هذا الصدد سأستشهد بكلمة قالها الرئيس العراقي جلال الطhلباني (رغم الموقف منه)..قال جلال الطhلباني”..أنا رئيس كل العراقيين ..ومطالب بالتفاوض مع كل العراقيين حتى مع حملة السلاح..”.
و الرئيس زين العابدين بن علي هو دستوريا رئيس كل التونسيين… فلماذا لا يستمع الى كل التونسيين؟.
تونس في 26 نوفمبر 2005
رسالة مفتوحة إلى الأخ مرسل الكسيبي
أخي مرسل السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ,
كيف حالكم أخي العزيز أرجو أن تلقاكم رسالتي هذه بصحة جيدة وحماس اكبر و عزيمة أقوى ,
أخي الكريم أردت ان ألفت انتباهك الى موضوع المجرم الدولي محمد علي القنزوعي المورط في قضايا قتل وتعذيب
وهذه فرصة ذهبية لا تعوض لرفع قضية ضد هذا المارق على القانون الدولي والانساني,
أين حركة 18 أكتوبر من هذا الحدث وأين قلمك الذي عودنا على مواكبة الأحداث الساخنة و المهمة؟
و الله* يا خويا* مرسل كنت انتظر من حركة 18 اكتوبر بأن تواصل المسيرة بكل حماس وأظن انها فرصة للمعارضة عامة و لحركة النهضة خاصة لرفع قضية ضد هذا المجرم القنزوعي في محكمة لاهاي او المحكمة الدولية ضد التعذيب , و اشعار العالم بما قام به هذا الافاك القنزوعي , إن الذين قضوا على يد هذا الرجل اكثر من 70 شهيد وما خفي اعظم.
أخوك “أحلى وطن”
27 نوفمبر 2005
بسم الله الرحمن الرحيم
اعلام للاخوة المنخرطين
السلام عليكم ورحمة الله
نلفت عناية المنخرطين في قائمة مراسلات تونس اليوم-حركة18 أكتوبر أنه قد قمنا باختصار تسمية الموقع وقائمة مراسلاته الى حركة18 أكتوبر وذلك حرصا منا على تسهيل الوصول اليه عبر محركات البحث وكذلك لاختصار عنوان المراسلة ليكون على النحو الاتي Mouvement18Okt@yahoogroupes.fr
هذا كما نذكر الاخوة المنخرطين بأن امكانية الانخراط لتلقي المراسلات قد أصبحت واردة عبر ارسال بريد فارغ على العنوان الاتي Mouvement18Okt-subscribe@yahoogroupes.fr
يجدر التنويه كذلك الى أن مسؤولية مراسلة المنخرطين ومدهم بالمعلومات والمعطيات عن التطورات في الساحة الوطنية تعتبر مسؤولية جماعية ولذلك نهيب بالاخوة المقتدرين في عالم الكتابة أو المواكبين لما ينشر عن الساحة التونسية مدنا بكل جديد على عنوان المراسلة Mouvement18Okt@yahoogroupes.fr
نذكركم أخيرا بضرورة دعم القائمة عبرالتعريف بها والمساهمة في توسيع دائرة المنخرطين فيها ونعدكم من جهتنا ان شاء الله بمدكم بكل جديد يطرأ على الساحة الوطنية كما تعزيز وحدة الصف المعارض في اطار الحد الأدنى من المطالب التي رفعتها حركة18 أكتوبر
مع أجمل التحيات من ادارة الموقع
(المصدر: قائمة مراسلات “تونس اليوم-حركة18 أكتوبر” بتاريخ 26 نوفمبر 2005)
اعتداء على الشاعر المنصف الوهايبي
تعرض الشاعر التقدمي والأستاذ الجامعي المنصف الوهايبي إلى اعتداء من قبل عناصر مشبوهة أمام بيته في مدينة القيروان.
وأتى الإعتداء بعد نشر قصيدة رقيقة في العدد الأخير من “الموقف” ثمنت أهداف الإضراب عن الطعام وأيدت مطالب المضربين الذين زارهم الشاعر ضمن وفد من المثقفين والشخصيات الديمقراطية والنقابية.
وأسرة “الموقف” إذ تستنكر هذا الإعتداء الآثم وتعبر عن مؤازرتها الكاملة للشاعر الصديق تطالب السلط بمتابعة المعتدين ووضع حد لاستشراء ظاهرة الإعتداء على الشخصيات الثقافية والإعلامية بعد أن تحولت اللكمات لغة وحيدة للتحاور معهم.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 336 بتاريخ 25 نوفمبر 2005)
وزارة العدل تمنع أعضاء المكتب التنفيذي لجمعية القضاة من مغادرة البلاد
توجه المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين برسالة إلى رئيس الاتحاد العالمي للقضاة ، يخبره بمنع وزارة العدل أعضاء من المكتب التنفيذي من مغادرة تراب الجمهورية لحضور الجلسة 48 السنوية للاتحاد التي تلتئم في الفترة من 20الى 24 نوفمبر الجاري بمنتفيديو عاصمة الاوراغواي .
ويأتي هذا الرفض للمرة الثانية بعد دعوة مماثلة من اللجنة الدولية للحقوقيين على هامش الاجتماع التحضيري الثالث بجنيف لقمة مجتمع المعلومات . وقد ذكّرت الرسالة بكل الإجراءات التعسفية ضد الجمعية و نشطائها من نقل و إفتكاك مقر وانقلاب مدبر من الوزارة و تنصيب لجنة وقتية تابعة للإدارة و الدعوة إلى مؤتمر مزعوم في جو خانق للقضاة و لحرية اختيارهم .
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 336 بتاريخ 25 نوفمبر 2005)
اجتماع تنسيقي
امتدادا للحركية التوحيدية التي كرسها الإضراب عن الطعام اتفق عدد من الأحزاب الديمقراطية والجمعيات المستقلة على عقد اجتماع تشاوري يوم الجمعة 25 نوفمبر الجاري للنظر في الرد على مبادرة الحكومة بإجراء حوار مع المجتمع المدني عبر الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 336 بتاريخ 25 نوفمبر 2005)
الإعلام والديمقراطية
دعت قناة “الجزيرة” عددا من الشخصيات الإعلامية التونسية لحضور ندوتها السنوية التي تقيمها هذا العام في أواخر جانفي القادم حول موضوع “دور وسائل الإعلام في بناء الديمقراطية”.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 336 بتاريخ 25 نوفمبر 2005)
تحقيق معلق
عبر الصحافي كريستوف بولتنسكي مبعوث صحيفة “ليبيراسيون” الذي تعرض لاعتداء في شارع فلسطين قبيل قمة المعلومات عن استغرابه من جمود التحقيق الذي فتحته الشرطة عن الإعتداء. وقال في مكالمة هاتفية مع ّالموقف” إن أحدا لم يتصل به أو يخبره عن أدنى تطور في التحقيق باستثناء ما تناهى إلى سمعه من إيقاف مشبوهين على ذمة التحقيق.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 336 بتاريخ 25 نوفمبر 2005)
في قمة برشلونة
دُعيت وجوه إعلامية تونسية لحضور قمة برشلونة التي تنعقد يومي الأحد والإثنين وكذلك فعاليات المنتدى الإعلامي الذي يسبقها اليوم الجمعة وغدا السبت.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 336 بتاريخ 25 نوفمبر 2005)
مواقع مقطوعة
منذ أن نقلت عديد المواقع السويسرية خبر قطع بث خطاب الرئيس السويسري صمويل شميت في افتتاح قمة المعلومات أغلقت تلك المواقع انطلاقا من تونس سواء كانت وكالات مثل سويس أنفو أو أنفو سيد أو مواقع لصحف مختلفة. وأثارت هذه الظاهرة استغراب نائب الرئيس السويسري الذي تابع اليومين الأخيرين من القمة بعد سفر شميت.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 336 بتاريخ 25 نوفمبر 2005)
ندوة
نظمت جمعية الطالب الشابي ندوة فكريّة حول قواقع الجمعيات المستقلّة في تونس بين الاحتواء والاستقلاليّة يوم السبت 20 نوفمبر بمقرّ الجمعيّة بالشابة. وبرمجت الجمعيّة ثلاث مداخلات للأساتذة منصف وناس وصلاح الدين الجورشي ومحمد العجمي والحبيب بوعجيلة. ومنذ الساعات الأولى حاصرت قوات من الشرطة مقر الجمعيّة وطلب معتمد الجهة من اعضاء الهيئة المديرة إلغاء الندوة. إلا أن الهيئة أصرّت على عقدها وهو ما حصل.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 336 بتاريخ 25 نوفمبر 2005)
الله أكبر
لبى داعي ربه والد الصديق نبيل قشقاش المرشح على قائمة الحزب الديمقراطي التقدمي في الإنتخابات التشريعية الأخيرة في دائرة نابل. وبهذه المناسبة الأليمة تتقدم أسرة “الموقف” بتعازيها الحارة للأخ نبيل ولأفراد أسرته متمنية لها جميل الصبر والسلوان.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 336 بتاريخ 25 نوفمبر 2005)
تعاطف
سجلت الندوة التي نظمتها جمعية النساء الديمقراطيات بحضور السيدة شيرين عبادي و ضيوف من المجتمع المدني الدولي و عدد من وسائل الإعلام العالمية على هامش القمة العالمية لمجتمع المعلومات ، حضورا متميزا لعدد من السيدات القاضيات من أعضاء الهياكل الشرعية لجمعية القضاة التونسيين . وكان لتدخل إحداهن اثر بالغ في نفوس كل الحاضرين و كسب تعاطفهم خاصة عندما ذكّرت بمعاناة نشطاء الجمعية من نفي بعيدا عن عائلاتهم وحرمان أطفالهن وتشريدهم ضد كل الأعراف و الأصول في تناقض صارخ مع ما تروجه الدعاية الرسمية حول حقوق المرأة.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 336 بتاريخ 25 نوفمبر 2005)
مظاهرة في قابس ضدّ الوفد الاسرائيلي
عبدالوهاب عمري
تظاهر اليوم الخميس 17/11/2005 مناضلو الحزب الديمقراطي التقدمي بجهة قابس بمعية مناصريهم و أصدقائهم من الوطنيين و الديمقراطيين للتعبير عن رفضهم للزيارات التطبيعية التي نظمتها أجهزة السلطة و أذنابها لمجموعة من الصهاينة الذين سكنوا في قابس لفترة محددة.
فقد تجمع العديد من المناضلين قبالة منزل كان وفد صهيوني قد زاره خلال الشهر الماضي و كانت الترتيبات الأمنية الخفيفة حوله توحي بزيارة وشيكة له، و ذلك للتعبير عن رفضهم لهذه الزيارة. إلا أن تقاطر المواطنين و انضمامهم لحركة الاحتجاج استنفر الأجهزة الأمنية التي حلت بكثافة إلى موقع التجمع فأغلقت الشارع و أقفلت المقهى القريب ثم بدأت في عزل النشطاء فاطردت النساء و الأطفال ثم الشباب فكل “الوجوه الجديدة” و استفردت بالبقية التي تم دفعها وسحبها بالقوة خارج الشارع الذي أغلق بموانع حديدية رغم الاحتجاج و الممانعة التي أبداها الباقون.عندئذ انطلقت مسيرة عفوية رفعت شعارات منددة بالصهيونية و رافضة لكل أشكال التطبيع مع كيانه العنصري و مدعمة لنضال الشعب الفلسطيني. و قد انطلقت من شارع بورقيبة حتى شارع محمد علي قرب محكمة الاستئناف مرورا بشارع 9 أفريل.
هذا و قد أخلت قوات الأمن بعد ذلك شارعين متوازيين من المارة و أغلقتهما بالحواجز الحديدية على طول مناطق زيارة الوفد الصهيوني الذي لا بد أن يكون قد لاحظ خلو هذه الشوارع إلا من قوات الأمن و بذلك تكون القوى الوطنية التي شاركت في التحرك اليوم قد نجحت و إن بطريقة غير مباشرة في إيصال رسالتها للصهاينة و التي مفادها أنهم ضيوف النظام في تونس لا الشعب التونسي.
قابس في 17/11/2005
عبدالوهاب عمري
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 336 بتاريخ 25 نوفمبر 2005)
حـجـز مُـقـنـّـع
لم يجف حبر توصيات قمة تونس لمجتمع المعلومات التي أكدت على ضرورة تكريس حرية الاعلام وانسياب المعلومات حتى باشرت السلطة تنفيذ تلك التوصيات بأن عمدت إلى تكليف أعوان أمن بالزي المدني، وبمساعدة المدعو مسعود الدعداع متعهد التوزيع في جريدة ” لابراس” بجمع كل نسخ العدد الأخير من “الموقف” والذي تضمن تغطية لظروف فك الإضراب عن الطعام الذي لجا إليه ثمانية من رموز المجتمع السياسي والمدني، بالإضافة لملف عن القمة العالمية لمجتمع المعلومات عيبه الوحيد أنه جاء مختلفا عن تناول الصحافة السائدة للقمّة.
وحمل هذا الإجراء أسرة التحرير على إصدار بلاغ في الابان أبدت فيه استنكارها الشديد لتلك المصادرة المقنعة واعتبرت أن الحكومة اتخذت قرارا بحجز العدد المذكور من دون أن تعلن ذلك رسميا. ونحن نذكّر بأن السلطة سبق أن لجأت لهذا الأسلوب مرارا مما حمل إدارة الصحيفة على توجيه شكوى في الموضوع إلى وزير الداخلية، ولما لم يحرّك ساكنا اضطررنا لنشرها على أعمدة الصحيفة.
وتبرهن العودة إلى جمع نسخ الصحيفة من الباعة طيلة أسبوعين متتاليين، وبشكل منهجي خلال الأسبوع الأخير شمل جميع الأكشاك في تونس الكبرى، على إرادة مبيتة لتعجيزها ودفعها للتوقف عن الصدور، باعتبارها لا تعتمد إلا على قرائها.
وهو أيضا دليل على زيف كل الادعاءات الحكومية بشأن صون حريّة الصحافة واحترام التعددية التي تعمل على نسفها كل يوم لفرض الرأي الواحد. لكننا لن نخضع للضغوط ولن نتراجع امام العسف وسنحرص على أن تكون الجريدة بين أيدي قرائها في الموعد كل أسبوع كلفنا ذلك ما كلفنا.
الموقف
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 336 بتاريخ 25 نوفمبر 2005)
إضاءة وطنية
بقلم: الحبيب الحمدوني …
لقد أسعفتني الدولة مشكورة بمدد مالي هام وأنا في بداية الطريق، واعدت فتح الشركة لكن باسم آخر في مقر آخر . ولم تستطع البنوك استعادة ولو مليم واحد لان الشركة تبخرت تبخر ماء البحار في السماوات . ومن جديد ، درت ولففت وتدبرت قروضا من بنوك أخرى .تريد أن تسأل عن شيء سبق أن أعلمتك به ،لا باس . ماذا تريدني أن افعل مع من لا ذكاء لهم .التعب مخلوف ، يا سيدي خبأت رأسمال الشركة القديمة في بنك أجنبي . وبهذا كان لي رصيد بالعملة الصعبة. والمال مالي وأنا حرّ فيه. لا تقل أني أتكئ على الدولة وعلى البنوك يا جامد العقل ، ارهف سمعك فتق طاقة فهمك. لا تقل أنى لصّ ولا تقل أنّى لا أمتلك مواصفات الرأسمالي الحقيقي. الرأسمالي الحقيقي هو الذي يتقلب ويتشقلب ويعلو ويهبط من اجل إقامة المشاريع والارتقاء بنفسه والرقي بوضعه الخاص والنهوض باقتصاد بلاده . لا يهم من أين تأتى التمويلات وكيف تأتى شخصيا ، لقد نبشت عن المال واهتبشته من كل الينابيع و المناحي . المهم في مثل حالي ، أنني انتج سلعا أروجها في الداخل والخارج وأزاحم المنتجين الكبار واعرّف بمنتوجاتنا الوطنية واصعد سريعا سلم عوامل تكديس المال وتشييد الثروة. أرأيت كم أنا وطني غيور ؟
الوطنية باتت تجري في عروقي منذ أن صرت رأسماليا ووضعت عن ظهري وزر الفقر وتذوقت حلاوة المال و تنعمت برغد العيش. سأنزل من عليائي إلى حضيضك ما دمت قد أجبرتني على اتباع مقاييسك في الإدراك و التقويم . خذ عندك ، هل الوطنية اكبر من أن اشغّل بفضل مالي الذي هو ملكي وإن كان في الأصل ، هو للدولة وللبنوك ثم صار لي قانونا وفعلا عددا كبيرا من أبناء وطني ؟ وهذا يعني أنني أوفّر قوت عائلات لا تحصى . اكبر الصالحين والخيرين لم يفعلوا الخير الذي فعلت . الملائكة ، غدا ، ستستقبلني بالأحضان وسترفعني على الأكتاف و ستدخلني مكرّما معظما إلى جنات الفراديس ، وبكل تأكيد ، ستكون لي حظوة خاصة تمكنني من أن اشفع لأقربائي وأحبائي . وأنت أيضا لن أنساك يا من ليس له ساعة الحساب من حميم أو شفيع يطاع . سأتدخل في شأنك لدى رضوان حارس الجنان، لأن رضوان هذا يرفض قطعيا أن تأوي جنانه الحمقى و المغفلين، كن متيقنا أنه سيأخذ برأيي وسيشطب من قائمة سيّئاتك ذنوب بلاهتك وستفوز حينئذ بالنعيم ..هاه كما ترى .
وطنيتي أُثاب عليها في الدنيا والآخرة في الدنيا مال وفير وعيش رغيد وفي الآخرة نعيم مديد وجاه كبير.
من قصة تحت الطبع بعنوان ” رأسمالي ناجح “
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 336 بتاريخ 25 نوفمبر 2005)
ظواهر مخيفة تزحف على الادارة التونسية
عبد الرحمان الخلادي
بنهاية عام 2000 كنت قد شارفت على إتمام ست سنوات عمل بالقطاع الخاص كمهندس دراسات أحسست خلالها بالإرهاق والملل. قررت على إثرها خوض تجربة ظننتها ستعيد لي حريتي وسعادتي اللتان فقدتهما منذ مغادرتي مقاعد الدراسة. قررت أن أفتح بتيندة واعمل لحسابي الخاص ” فالماء إلي ماشي للسدرة الزيتونة أولى بيه وإلى يخدم على روحو ربي معاه والدولة تعاون “.
شرعت في إنجاز الأوراق اللازمة لمزاولة المهنة فزرت الوزارات، البلديات و القباضة و أقسام الشرطة ومكتب مراقبة الأداءات و المحكمة وعمادة المهندسين والضمان الاجتماعي… وقمت بتحضير العشرات، بل المئات من الاوراق التي ما انفكت تطلبها منّي مختلف الإدارات. بعد عام ونيف أتممت أوراقي وأصبح عندي agremen وصرت قادرا على الاندماج في الدورة الاقتصادية، وبت قادرا على الإنتاج و أكثرت التردد على الإدارة بغية الحصول على صفقة عمومية كما أكثرت كتابة عروض الخدمات، تارة باسم السيد الوزير وتورا آخر باسم السيد المدير. كتبت أكثر من 150 عرض خدمات لم أتلقى عليها أي رد لا سلبا أو إيجابا إلا من طرف وزارة الدفاع وقد سرني ذلك مع أن الرد لم يكن سلبا ولا إيجابا. وكنت كلّما أودعت عرض خدمات في مكتب ضبط ما في إدارة ما طلبت مقابلة مسؤول ما كنت لا أرى في أعينهم إلا نظرات الشفقة و لا أسمع إلا أصواتا تلومني أو تواسيني.. “ما تعرفشي إلي الدنيا صعيبة “.. ” مش كان قعدت بالشهرية خير “.. ” ما تحمدشي ربي “..
بحلول عام 2004 قرأت بالجريدة عنوان مناقصة يهمني. هرولت مسرعا واقتنيت كراس الشروط. بدأت مجددا رحلة تحضير الأوراق اللازمة للمشاركة بالمناقصة إلا أني اكتشفت في نفسي هذه المرة كفاءة عالية في استخراج الأوراق تفوق كفاءتي في مجال المهندسة. ففي غضون أيام لم يبقى لي إلا ورقة واحدة تدعى شهادة في الوضعية الجبائية للمشاركة في الصفقات العمومية تستخرج من مكتب مراقبة الادعاءات. وكنت انتظر على مدى ثلاثة أيام الساعات الطوال لمقابلة المدير إلا انه كان مشغولا بأمور الرعية. وفي اليوم الرابع تمكنت من مقابلته. كان قصير القامة، يلبس نظارات، أبيض الوجه، مكور البطن، وكان مزاجيا يكثر من شرب السجائر. وقفت بين يديه وبدأت أشرح له حاجتي إلا أنه قاطعني قائلا لقد حان وقت شرب القهوة وسأعود بعد قليل… أنصحك أنت أيضا بأن تذهب لتناول كوب من القهوة.
كانت الساعة تشير إلى الحادية عشر حين فارق سيدي بلاطه، جلست أترقب عودته في قاعة الانتظار حتى الساعة الثانية عشر، عندها طلب مني الحاجب أن أغادر كي يقفل الإدارة وطلب منّي أن أعود عند الساعة الثالثة بعد الزوال. رجعت عند الساعة الثالثة والنصف بعد الزوال وألتحق المدير ببلاطه عند الرابعة ولم أتمكن من الوقوف بين يديه إلا عند الساعة الخامسة بعد الزوال. كان شديد الشغف بالتاريخ وعلم الاجتماع رغم تواضع مستواه التعليمي، فهو لم يتم دراسته الثانوية إلا أنه كان واسع الثقافة بما أنه ينتمي إلى الجيل الذي زاول تعليمه خلال الستينات والسبعينات من القرن الماضي. قبل أن يغادر مرة ثانية أعطاني مطبوعة أعمرها ثم أودعها في القباضة على أن أعود بها صحبة مطلب في شهادة في الوضعية الجبائية. شكرت فضل صاحب الجلالة وانصرفت. عدت بعد يومين. أمضيت الحصة الصباحية في قاعة الانتظار ولم أتمكن من مقابلة مولاي إلا عند الحصة المسائية. أعطيته المطبوعة رفقة المطلب، فطلب مني رقم بطاقة التعريف. أدخل الرقم في الحاسوب فوجد اني لم أسدد معلوم الطابع الجبائي لشهر جويلية 2003. أمرني مولاي أن أصحح وضعيتي في القباضة ثم أراجعه. شكرت فضل صاحبي وانصرفت. عدت بعد يومين وجدته متجهما وكأن الطير على رأسه فامرني أن أوافيه في الغد. فعلت ما أمرني به مولاي وعدت في الغد. طلب مني مجددا رقم بطاقة التعريف. أدخل الرقم في الحاسوب ثم استدار وعقد حاجبيه، فأدركت أنها مصيبة جديدة.
سألني:
مولاي هل لديك محاسب
قلت نعم
كم يبلغ عمر هذا المحاسب
قلت أنها فتاة وتبلغ من العمر 28 سنة
قال إن لم تكن سببا في فقرك فستكون سببا في دخولك السجن.
قلت ما الأمر يا مولاي
قال لقد نسيت أن تصرّح بالأداء على القيمة المضافة.
قلت هي لم تنس إنما هي حوافز تقدمها الدولة. واستظهرت بوثيقة تدل على صحّة قولي.
أزعجته الوثيقة ولم يصدق ما ذكر فيها ثم أقترح أن يكون هو محاسبي الخاص. قلت له بان ذلك شرف ما بعده شرف لكن محاسبي الحالي يتقاضى أجرا زهيدا. أطرق برهة ثم قال لي بانه لو أحال الملف إلى السلطات المختصة فسوف تصدر بحقي خطية تناهز الألف دينار. ضربت كفّا بكفّ وقلت له متوسلا: العفو عند المقدرة يا مولاي فانا ” زوالي “. طلب مني دفع الجزية ثمنا لسكوته. رجوته أن يمكنني من الشهادة على أن أوافيه الجزية حال تحسّن ظروفي المادية.
أطرق برهة ثم قال: نحبّك تكون راجل كيف ما كنت أنا راجل معاك”. غادرت المكان على أن كمدي وحسرتي على الإدارة لم تنجليا إلا عند كتابة هذه الأسطر.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 336 بتاريخ 25 نوفمبر 2005)
المضربون يعلنون تكوين هيئة متابعة
محمد فوراتي
أعلن المضربون عن الطعام في ندوة صحفية عقدت الجمعة الماضي إنهاء تحركهم الذي كان محط أنظار وسائل الإعلام و القوى السياسية والحقوقية . وقالوا أنهم قرروا إيقاف الإضراب بعد دعوات صادرة عن شخصيات حقوقية بمنظمات وطنية ودولية وعلى رأسهم المحامية الإيرانية شيرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل للسلام والسيد سيديكي كابا رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان الذين ناشدوا المضربين إيقاف إضرابهم باعتباره حقق أهدافه ولفت الأنظار إلى مأزق الحريات في تونس.
وتعهد المضربون بمواصلة نضالهم من أجل المطالب التي رفعوها. و أعلنوا تأسيس هيئة وطنية سيعهد إليها متابعة هذه المطالب. كما توجهوا بتحية إلى الشخصيات والمنظمات التي ساندتهم داخل تونس وخارجها، مؤكدين أنهم لقوا مساندة واسعة لم يكونوا ينتظرونها تؤكد أن صوتهم وصل إلى الجميع وان قضيتهم هي قضية شعب بأكمله. وانتقد المضربون في الندوة الصحفية الحكومة التي تجاهلت مطالب المجتمع و التي تجسدت في المطالب الثلاثة التي رفعها المضربون واجتمعت حولها كل القوى السياسية المعارضة والمستقلة، وهي حرية التنظم وحرية الصحافة وإطلاق السجناء السياسيين. ووعد المضربون بمواصلة النضال والحوار من أجل الوصول إلى تحقيق الأهداف التي رسموها لانفسهم وهي الحرية لتونس وتحقيق الديمقراطية التي ينشدها المجتمع. وقال المحامي العياشي الهمامي الذي نُظم الإضراب في مكتبه أن النقاشات التي دارت قبل إيقاف الإضراب انتهت إلى تكوين هيئة وطنية للمتابعة تتكون من المضربين الثمانية وشخصيات سياسية وحقوقية أخرى سيعهد إليها بالحفاظ على وحدة العمل لتحقيق المطالب الثلاثة التي رفعها المضربون، وإلى فتح حوار وطني يشمل كل القوى المعارضة حول القضايا الأساسية التي تقتضيها بلورة مشروع ديمقراطي يكفل لجميع التونسيين التعايش فيما بينهم آمنين على حقوقهم وحرياتهم الأساسية. وقال المحامي سمير ديلو أحد المضربين أن الحوار سيمشل الجميع دون إقصاء على الأرضية المطلبية التي قامت عليها حركتهم والتي لقيت مساندة من بقية أطياف المجتمع.
وانتقد المضربون في الندوة الصحفية التي حضرها عدد كبير من الصحفيين الأجانب السلطات التي قالوا أنها أمعنت في التضييق على الحريات وتكميم الأفواه. وقال الزميل لطفي حجي رئيس نقابة الصحفيين التونسيين وأحد الشخصيات المضربة عن الطعام أن حرية الصحافة كانت المتضرر الأكبر من سياسة الحكومة المتصلبة.. وطالب الحكومة برفع كل القيود على وسائل الإعلام والكف عن تسليط الضغوط على الصحفيين. وأضاف حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي ” أحصينا 14 مطلبا لصحيفة ومجلة تقدم أصحابها بطلب إصدارها ورفضت من قبل الحكومة كما ظلت ثلاث جرائد ممنوعة من الصدور منذ بداية التسعينات و5 مطالب لإذاعات خاصة قدمها تونسيون و خضعت للرفض “.
ونبّه المحامي محمد النوري إلى مأساة السجناء السياسيين الذين يتعرضون للموت البطيء ، مؤكدا ان هذا التحرك أكسب قضية السجناء السياسيين نجاحا منقطع النظير. فقضية السجناء السياسيين اكتسبت شرعية شعبية ودولية. وأضاف النوري ” يكفي ما لحق بمئات التونسيين من سجن وتعذيب وموت في سجون تفتقر إلى أبسط الضروريات “. وطلب من الحكومة أن تستمع إلى صوت العقل وإلى نداءات المجتمع التونسي والدولي وان تفرغ السجون من نزلائها السياسيين.
وقال بيان صدر عن الشخصيات الثمانية عقب الندوة الصحفية أن تحركهم حقق مكاسب عديدة من بينها توحيد المعارضة الديمقراطية. كما اثار حولها تعبئة سياسية وميدانية عزلت نظام الحكم على الصعيدين الداخلي والخارجي. و أضاف البيان أن التحرك الذي قادته الشخصيات المعارضة كشف أكثر من أي وقت مضى طابع الحكم الاستبدادي، وأتضح بشكل غير مسبوق حاجة تونس إلى تغيير ديمقراطي يلحقها بركب الدول المتمدّنة التي تكفل فيها الحريات الفردية والعامّة، وتحترم فيها حقوق الإنسان وتضمن استقلالية القضاء وممارسة الشعب لسيادته حسب تعبير البيان.
وانشد المضربون النشيد الوطني وهم يتناولون كمية من التمور (الدقلة ) أهدتها لهم المحامية شيرين عبادي. وأعادوا تكرار بيت الشاعر أبو القاسم الشابي ” إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابدّ أن يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي ولا بدّ للقيد أن ينكسر “. كما تجمّع عدد كبير من المساندين تحت عدسات المصورين وأعين رجال الأمن أمام مقر الإضراب مطالبين بالحريات والديمقراطية وسيادة الشعب.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 336 بتاريخ 25 نوفمبر 2005)
وللعلعة الحق الغصوب صدى
ماهر حنين
فك يوم الجمعة 18 نوفمبر قادة الأحزاب السّياسيّة ورموز المجتمع المدني اضرابهم عن الطعام بعد اثنين وثلاثين يوما قضّوها معا في مكتب الأستاذ العيّاشي الهمامي و تضمّن آخر بياناتهم الذي أعلن فكّ الإضراب أمام ممثلي وسائل الإعلام استمرار حركة 18 أكتوبر في توحيد أوسع ما يمكن من أطياف المعارضة الوطنيّة لمقاومة الاستبداد وحمل السلطة على احترام حريّة العمل الحزبي والجمعيّاتي وحرية الصّحافة والإعلام وإنهاء معاناة المساجين السياسيين .
لقد تمكّنت هذه الحركة النّضاليّة منذ أيامها الأولى أن تسقط ذرائع منتقديها بأن بيّنت أولا أنّ وحدة الممارسة للمطالبة بالحقوق لكلّ التونسيّين هي الخيار الصّائب وثانيا بما هي حققته من دفع للهمم الوطنيّة في تونس والمهجر ومثّلت حدثا فارقا بما شدّت إليه من انتباه عربي ودولي تضاعفت أهميته وعظم وقعه الإعلامي في الأيام الأخيرة تزامنا مع قمّة مجتمع المعلومات .
ولئن غدت دوافع اللجوء إلى هذا الإضراب معلومة لدى العديد من المتابعين للحياة السياسية بعد أن انعدمت كل إمكانات العمل السياسي والمدني المستقلّ فإن الاستخلاص المركزي لحركة 18 أكتوبر هو نجاحها في تمكين الحركتين السياسية والمدنية من قلب السّحر على السّاحر في علاقتها بالسلطة والاهتداء إلى الشكل النضالي الملائم في الوقت المناسب فكانت رمية موفّقة ولم تكن ضربة سيف في الماء. والآن ونحن نستعدّ إلى الدخول بحركة المعارضة مرحلة جديدة يبقى من المهم الوقوف عند علامات القوة التي أفرزتها الأيام الأخيرة.
وضوح المطالب :
تستلزم فاعلية كل مبادرة سياسية اهتداء إلى وضع أهداف مرحلية واضحة تتوافق مع المستطاع وتستجيب للانتصارات. وفي هذا المستوى كثفت مطالب المضربين الحاجات الملحة لوقف الموت البطيء للحياة السياسية والمدنية فدون إطلاق المساجين السياسيين وسنّ قانون العفو العام لن تتحرّر الممارسة السيّاسيّة من شبح الخوف الذي يجعل من المشاركة في الحياة العامّة خيارا محفوفا بالمخاطر . وفي غياب حريّة الإعلام والتّعبير لا يمكن للمعارضة وللحركة الحقوقيّة وحتى للمثقفين . الانفتاح على الرأي العام الواسع والتأثير فيه بغية توجيهه نحو رؤى وتصورات بديلة . وفي غياب حق التنظيم وحرية العمل الحزبي والجمعيّاتي المستقلّ لن تتمكن القوى السياسية المتقابلة والمختلفة من توسيع قاعدة أنصارها مما يؤدّي بالضّرورة إلى تراجع التوجّهات التحرّريّة والإصلاحية والتقدمية واستسلام المجتمع إمّا لليأس والقنوط أو للأفكار الشعبويّة وما تنطوى عليه من مخاطر ومزالق.
وحدة سياسيّة وتعبويّة
سجلت حركة 18 أكتوبر قفزة نوعيّة في علاقة مكوّنات المعارضة من جهة وعلاقة الحركتين السياسية والمدنيّة معزّزتين بتيّار نقابي ديمقراطي بالسلطة من جهة أخرى. وتتعدّى أهميّة هذا الالتقاء السّياسي حدود المهمّة المنجزة لما يحمله من رسائل إلى عناوين مختلفة. إذ من المهمّ بالنسبة للرأي العام والوطني أن تتقدّم المعارضة التونسيّة مؤتلفة من أجل مطلب الحريّة والحقوق لكل التونسيّين ومتّـفقة على أهميّة وضع ميثاق للتعايش الديمقراطي بحيث لا يفترض أن تهدّد حقوق الناس وحرياتهم تحت أي سلطة كانت. أما باتجاه الحكومة فإن وحدة المعارضة عمقت عزلتها ووضعت حدّا لمرحلة طويلة امتدّت سنوات استفاد منها الفريق الحاكم من تشتت المعارضة واختلاف أولوياتها وحدة الصّراعات الهامشيّة التي أضعفتها . ففي الوقت الذي قدمت فيه حركة 18 أكتوبر المجتمع السياسي والمدني في صورة الرجل الواحد المقاوم العنيد والمسالم للاستبداد بدت الدّولة غير قادرة على ممارسة سيادتها وبسط نفوذها على المواطنين والشّارع إلا بالقوّة الأمنيّة وحدها وحتى المحاولات الأخيرة لبعض الأقلام والوجوه الإعلامية لإنقاذ صورتها فإن وقعها على الناس هزيل. والأهمّ من ذلك هو أن هذا الالتقاء لم يبق في مستوى فوقي بين الرموز والقيادات بل اخترق بخطوط أفقية متعدّدة أهم القطاعات الاجتماعية من أجراء ومحامين ومثقّفين وشباب وضخّ دماء الحياة في شرايين شبكة من اللجان الجهوية امتد فعلها من تطاوين إلى بنزرت فضلا عن حركية أبناء تونس المغتربين في المهجر كل ذلك يؤكد العمق الوطني لحركة الإصلاح التي تتأهّب للنهوض .
اهتمام دولي
شكل اقتران إضراب أكتوبر مع الفعاليّات التحضيرية لقمّة المعلومات ثمّ أيام القمّة نفسها عاملا مساعدا قويّا لشدّ اهتمام المجتمع الدولي بمستوياته المختلفة .
فعلى المستوى الإعلامي كانت قضيّة الديمقراطيّة وحقوق الإنسان في تونس موضوع اهتمام مكثف وبدرجة غير مسبوقة منذ ثورة الفضائيات وتكنولوجيا الاتصال المعاصرة. أما على المستوى الرسمي فأفرزت حركة 18 أكتوبر حالة ضغط على الحكومات الغربيّة ووضعت التزاماتها المعلنة باحترام كونيّة حقوق الإنسان والديمقراطيّة على محكّ الاختبار خاصة وأن عدّة حكومات غربيّة تحدد موقعها من تونس حكومة ومعارضة من زاوية مصالحها القوميّة في الاستثمار ومواجهة الإرهاب والهجرة السريّة . وتبقى قمّة التأييد الدّولي لحركة 18 أكتوبر في التبني الصّريح لمطالب المضربين من المناضلة الحقوقيّة شيرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل للسلام وذلك بالنظر إلى ما تمثله هذه المرأة الإيرانية الشجاعة من ثقل دولي مؤثر وفاعل في الحركة الحقوقيّة العماليّة ولقدرتها على تعبئة أوساط دوليّة وازنة لفائدة قضيّة الحقوق والحريات في تونس.
إن حركة 18 أكتوبر اليوم مولود جديد يحتاج إلى أن ينمو ويشتدّ عوده حتى يصير قادرا على قيادة مسيرة الإصلاح الهادئة والسلميّة. والمسؤوليّة في ذلك ملقاة على عاتق كل تونسي غيور على بلده وشعبه مسلّحا بالوطنيّة والإصرار حتى تتقدم المسيرة دون انحراف ودون أن تتوقف قبل أن تتحقق أهدافها.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 336 بتاريخ 25 نوفمبر 2005)
اخفاق ذريع لسياسة العصا الغليظة
جيلاني الهمامي
انفضت قمة المعلومات، ومع انفضاضها بدأ نسق الحياة العامة يعود لوتيرته ” العادية” لترفع تدريجيا حالة الطوارئ التي عاشتها البلاد طوال أيام القمة وحتى الأسبوع الذي سبقها وبدا وكان جموع فرق الشرطة بأنواعها ستعود إلى ثكناتها ومكاتبها وان سياراتها، والسيارات و الحافلات التي سخرتها، ستتوارى وراء جدران مقراتها، وأتت ساعة حصاد نتائج هذا الحدث وقراءة ما يفرضه من استخلاصات ودروس وما يمليه من مراجعات. وبات السؤال المحرج الذي يطرح نفسه بإلحاح لدى المهتمين بالشأن السياسي العام وحتى لدى عموم الشعب، هو ماذا جنت البلاد من هذه القمة من وجهة نظر السلطة، التي سيصرح بها والتي ستبقى في الكواليس، ومن وجهة نظر فعاليات وتعبيرات المجتمع ؟
وإذا كان من السابق لأوانه الجزم بطبيعة الدرس الذي استخلصته السلطة من هذا الحدث، لانّه من غير المعلوم وبعد ما إذا ستواصل نهج التشدد والانتقام من حركة 18 أكتوبر وكل حركة المساندة التي لقيتها، فغن ما يجب قوله، حسب رأيي، هو أنه آن الأوان لأنّ تراجع السلطة، مراجعة تامّة، منهجها في التعامل مع طموحات وإرادة الشعب والمجتمع ككلّ.
أوّلا لا بد أن تعترف أي السلطة، أنها فشلت في استغلال هذه القمة لإعادة البريق على ما تسميه، وتتباهى به، النموذج التونسي لان إضراب الجوع الذي دام شهرا كاملا قد عرّى على واقع الحريات المزري في تونس ومن وراء ذلك على حجم الهوّة السحيقة التي تفصل بين الدولة من جهة وكلّ تعبيرات المجتمع من جهة ثانية وبذلك خطف الإضراب الأضواء من القمّة ليكشف للجميع في الداخل وللمشاركين الأجانب من رسميين بما في ذلك شركاء النظام التقليديين ومن فعاليات غير حكومية أن النموذج التونسي متخلّف وخارج عن سياق مجتمع المعلومات الحديث الذي تبشر به القمّة.
وثانيا لا بدّّ أن تعترف السلطة أن سياسة القمع المنهجي والتعامل الأمني مع كل مظاهر الحياة العامة غير كفيل بتدمير إرادة هذا الشعب ولا هي قادرة على منعه من التشبث بالحريّة والديمقراطية والشفافية وان إصرارها أي السلطة على اعتبار من يخالفونها الرأي لا يعدو أن يكونوا غير ” قلّة مناوئة” و ” خونة ” وما إلى ذلك من مقولات الخطاب الخشبي الفاشل غير كفيل بإخضاع هؤلاء وغيرهم كثيرين لإرادتها بصورة مطلقة ودائمة، لأن إضراب الجوع الذي شنّه ثلة من رموز المجتمع السياسي والمدني استطاع أن يحرّك البركة الآسنة ويخلق حراكا أقضّ مضجع السلطة بدليل فشل الحصار البوليسي الذي خص به وخصت به حركة المساندة الواسعة التي حضي بها إلى درجة أنه أثر في مجريات القمة ذاتها.
ثالثا لا بد أن تعترف أن هذا التحرك الذي جمع حوله كل التعبيرات السياسية المستقلة طرح وبإلحاح كبير مسألة على غاية من الأهمية هي مسألة المشروع الديمقراطي الذي تحتاجه البلاد لاقتحام المرحلة القادمة من تاريخها. وطرح هذه المسألة بهذا الإلحاح هو في حدّ ذاته إعلان واسع وصريح وعلني بفشل مقاربة السلطة في تامين التسيير الديمقراطي والشفاف لشؤون المجتمع والبلاد. وهو من زاوية أخرى علامة على إن حركة المعارضة الديمقراطية والمشهد السياسي ككل مقدم على مرحلة جديدة أكثر حركيّة وفاعلية وما عاد بإمكان السلطة التغاضي عن ذلك أو التعاطي معه بالأسلوب الذي اتبعته حتى الآن. وحتى إن كان الكثير من الناس، ومن النشطاء السياسيين والديمقراطيين خصوصا، ليسوا بعد على ثقة تامة بنجاح المعارضة الديمقراطية في استغلال اللحظة التاريخيّة البليغة التي صنعها إضراب الجوع، لتخوفهم من أن تسقط المعارضة مجددا ضحية نقاط ضعفها الداخلية المعروفة، فغن السلطة مدعوة لمراجعة حساباتها وللإقرار بأن سياسة العصا الغليظة والعناد في تجاهل طموحات الشعب وفعالياته المستقلة، لن يجديها نفعا ولن يضمن لها إخماد جذوة النضال من اجل الحريّة والديمقراطية.
وبات من اللازم اليوم، على الأقلّ، إطلاق الحريات العامة والفردية وخاصة حرية الصحافة والتعبير وحرية النشاط الحزبي و الجمعياتي وسنّ قانون العفو التشريعي العام وإخلاء السجون وهي استحقاقات سياسية ملحّة غير قابلة للتأجيل ولا يمكن التغاضي عنها باعتماد القمع والانغلاق السياسي.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 336 بتاريخ 25 نوفمبر 2005)
أغلب من حوكم من الاحزاب والمنظمات تقدم بطالبات للترخيص
منذر الشارني
حسب ما هو متعارف فإن القانون هو جملة قواعد عامة ومجردة هدفها التنظيم الاجتماعي في مختلف أوجهه، وحتى النصوص التي تتضمن عقوبات فإن غايتها ليست القصاص أو الانتقام بقدر ما هي حماية الهيئة الاجتماعية والمصلحة العامة. وفي ظل دولة ديمقراطية فإن القانون يلعب هذه الأدوار دون خشية الانحراف بأحكامه لفائدة الأجهزة الحكومية نظرا لوجود مبدأ فصل السلطات وكذلك بفضل وجود قضاء مستقلّ يحفظ حرمة القانون وهيبته.
إلا أن نصوص القانون يمكن أن تصبح عبئا على الحقوق والحريات الفردية والعامة إذا تجاوزت دور تنظيمها إلى الحدّ منها أو قمعها بواسطة أحكام زجريّة. كما أن القانون يمكن أن يشكّل عائقا أمام الحريات إذا أصبح سلاحا بيد السلطة بواسطة القضاء، فتنظم المحاكمات للمخالفين في الرأي وتسلط أحكام جائرة وقاسية عليهم. ولدينا في تونس ترسانة من التشريعات الزجرية في ميدان قوانين الحريات وهي تنصّ على تجريم العديد من الأفعال وتسليط عقوبات قاسية بشأنها. وهناك حاليّا توجّه دولي تقوده عديد المنظمات الحقوقية ومنها منظمة العفو الدولية يشير إلى هذه المعظلة ويدعو الدول إلى التخفيف من الطابع الزجري لقوانين الحريات ووضع حدّ للأحكام القضائيّة القاسية.
تتخذ مظاهر هذا الطابع الزجري شكلين: إداري وجنائي، ولا تقل سلطات الإدارة في قمع الحريات عن النصوص الجزائية، وإذا عدنا إلى عديد التشريعات المنظمة للجمعيات أو للأحزاب أو للصحافة أو للاجتماعات العامة يلفت نظرنا ما يتمتع به وزير الداخلية من صلاحيات من ذلك أن بإمكانه الاعتراض على تكوين جمعية أو رفض الترخيص لحزب سياسي علاوة على صلاحياته في منع أنشطتها أو إغلاق مقراتها مؤقتا. كما له تحجير جولان المؤلفات الاجنبية بتونس علاوة على حقّه في حجز المنشورات المحلية والاجنبية غير المودعة. وطبق قانون الاجتماعات العامة فإن من حق السلط منع كل اجتماع ” يتوقع ” منه إخلال بالأمن أو بالنظام العام.
والحقيقة أن هذه السلطات الإدارية الواسعة لوزارة الداخلية في مجال ممارسة الحقوق والحريات العامة استعملت ضد المنظمات المستقلة وأحزاب المعارضة وصحفها واجتماعاتها العمومية ولم تستعمل أبدا ضدّ الحزب الحاكم أو منظماته او صحفه مما يؤكّد طابعها الانتقائي والمنحاز. كما أن كثرة اللجوء إلى هذه الإجراءات ساهم في عرقلة التطور الديمقراطي للبلاد وضمور الأحزاب والمنظمات وعدم إقبال الناس على الانخراط فيها.
يضاف إلى هذه الصلاحيات الإدارية إدراج أحكام قاسية بالسجن والخطايا المالية ضدّ من يخالف تشريع الأحزاب والجمعيات أو الصحافة من ذلك أن المادة 30 من قانون الجمعيات تعاقب كل من شارك في الاحتفاظ أو إعادة تكوين جمعية لم يعترف بوجودها او وقع حلّها بالسجن من عام إلى خمسة أعوام وبالخطيّة، مع الملاحظ أنّ الأمر يتعلّق بالجمعيات التطوعية ولغاية غير ربحية موضوعها نسائي أو رياضي أو ثقافي أو خيري… وهنا تبرز المفارقة بين الواقع وبين تشدد القانون، وينص قانون الأحزاب على نفس الأحكام الزجرية وإن كانت مدة السجن أقلّ. و ” تزخر ” مجلة الصحافة بصنوف الجرائم والعقوبات البدنية والمالية. وهي بمثابة السيف المسلّط على رقاب الصحافيين. ويتضمّن قانون الاجتماعات العامة عدّة مواد تنصّ على عقوبات عند مخالفة أحكامه وهي تتراوح بين السجن والخطايا المالية. من ذلك أن عقد اجتماع محجر تترتب عنه عقوبة تصل عامين سجنا مع الخطية.
ولا توجد أي مؤشرات دالة على نيّة التخفيف من الطابع الزجري لهذه التشريعات رغم مطالب الأحزاب والمجتمع المدني بذلك منذ سنوات ورغم أن أغلب هذه النصوص قديمة وترجع إلى الخمسينات والستينات، باستثناء قانون الأحزاب. ولاشكّ أن الإبقاء على تلك النصوص يخدم السلطة ويمكنها من سلاح خطير ضدّ خصومها تستخدمه متى شاءت وتهدد به في حالات أخرى.
المحاكمات السياسية ومحاكمات الرأي بموجب القانون. شهد المجتمع التونسي طيلة نصف قرن من الاستقلال سلسلة طويلة من المحاكمات السياسية ومحاكمات الرأي طالت جميع العائلات السياسية والنقابية والطلابية.. ولا تزال آثار هذه المحاكمات تلاحق أصحابها إلى اليوم بحرمانهم من وظائفهم وحقوقهم السياسية والمدنية، علاوة على وجود مئات من السجناء السياسيين في السجون إلى اليوم. وهؤلاء المواطنون حوكموا بقوانين من المفروض أن تحمي الحريات العامة وممارسة الحقوق.
إن أغلب من حوكم من الأحزاب والمنظمات تقدمت بطلبات للترخيص لها في النشاط القانوني لكن السلطة قابلت هذه المطالب بالرفض ودفعتهم إلى العمل غير العلني ( بلاغات، اجتماعات، منشورات…) ثم سلطت عليهم الأحكام القاسية في المحاكم. وعندما يقال أن القانون أصبح سلاحا لقمع المعارضين فهذا أمر بيّن وواضح. وهذا الوضع هو في الحقيقة تحريف لدور القانون بل و أصبحت عبارة ” سنطبّق القانون ” مرادفا للتهديد بالمحاكمة والعقاب، وليس بإقامة العدل و إعطاء الحقوق.
وفي مثل هذه الأجواء تصبح ممارسة الحقوق السياسية والمدنية جريمة وتصوّر على أنّها اعتداء على الدولة وعلى السلطة. وعموما يمكن القول بان الطابع الزجري للقوانين المتعلقة بالحريات وتسليط العقوبات الجائرة بحق المعارضين هو أهم سمات الدكتاتورية.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 336 بتاريخ 25 نوفمبر 2005)
تثمين لمبادرة الرئيس للحوار… انشغال بأوضاع الرابطة… ودعوة لمزيد النهوض بالإعلام
* باردو ـ (الشروق):
في مقابل إشادتهم بالنجاح الذي تحقق بمناسبة احتضان القمة العالمية حول مجتمع المعلومات وتثمينهم مجهود الدولة في تطوير الحياة العامة في البلاد طرح النواب أمس لدى مناقشتهم لمضامين البيان الحكومي الذي تلاه السيد الوزير الاول والتقريرين العامين حول الميزان الاقتصادي وميزانية الدولة لسنة 2006 عددا من القضايا الجوهرية التي أكدوا على أهمية معالجتها في إطار الشفافية والوضوح وفي منتهى روح المسؤولية الوطنية بعيدا عن كل الوصاية الخارجية وتشكيك المناوئين للخيارات التنموية والسياسية التي تسير على نهجها البلاد.
* تغطية: خالد الحداد
طالب النائب اسماعيل بولحية الامين العام لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين باستغلال الظرف الاقتصادي العالمي والعمل على تشجيع القطاع الخاص وألح على ضرورة توفر مناخ استثمار سليم وشفاف.
ولمجابهة الضغوطات الناجمة عن ارتفاع أسعار المحروقات في الاسواق العالمية اقترح النائب بولحية العمل على تشغيل الطاقة النووية بالنظر الى محدودية الطاقة الحالية وقال إن كلفة محطة نووية من طراز رفيع بطاقة انتاج بين 1500 و1600 ميغاوات في الساعة وهو معدل الاستهلاك المحلي الحالي لا يتجاوز سعرها 4 و5 مليارات بعمر افتراضي يفوق الـ 60 سنة.
وفي إطار التفاعل مع قمة مجتمع المعلومات طالب بولحية بإجراء تقييم واسع لاستخلاص ما يجب استخلاصه واقترح العمل على إرساء صناعة متطورة للحواسيب وما يتبعها من إلكترونيات خاصة مع تزايد الطلب على هذا النوع من التجهيزات وهي فرصة لضمان مواطن الشغل وتقوية الاقتصاد الوطني.
* مركز للتقييم
وقال بولحية لابد من التخلص نهائيا من مركب ضحايا الاستعمار خاصة وان البلاد تستعد للاحتفال بمرور 50 سنة على الاستقلال في مارس القادم وطالب بولحية بالابتعاد عن اللغة الخشبية وبإحداث مركز للتقييم يعاضد العمل الذي يقوم به معهد الدراسات الاستراتيجية في تقييم أداء الادارة والمؤسسات المنتخبة وتدني القيم والمسائل التربوية.
وأشار بولحية الى أهمية المبادرة الرئاسية الاخيرة في طريق الاستماع الى كل مكونات المجتمع وقال وإن كانت الخطوة إيجابية فهي تتطلب المزيد.
وتعرض النائب المنصف البلطي (التجمع) الى واقع القطاع الفلاحي وطالب باعتبار المستغلة الفلاحية كمؤسسة إذ لم يعد القطاع مجرد مزود للسوق وقال البلطي ان مسالك التوزيع ماتزال صعبة على المنتجين ولم يجن الفلاحون ثمار عملهم على الوجه المطلوب وتعرض النائب الى أن تدخلات الدولة قد ساهمت في تحسين وضعية القطاع الفلاحي الذي لا يخلو من صعوبات وساهمت نتائجه المضطربة في عدم تشجيع المستثمرين على الصناعات الغذائية.
كما لاحظ النائب صالح التومي (التجمع) تواضع الانتاج الفلاحي بطء عمليات التشغيل من ذلك أنه لم يتم تحقيق سوى 12 ألف موطن شغل جديد سنة 2005 من جملة 35 ألف مبرمجة وطالب بإعادة النظر في الموضوع مستغربا من بقاء الحصول على ترخيص مسبق لانتداب عامل في بلدية ما معلقا لاكثر من 6 أشهر كاملة.
ونبه التومي الى مخاطر سماسرة الاستثمار الخارجي وصيادي المنح الذين بعد حصولهم على المنح والحوافز «يتبخرون» ويتركون وراءهم عدة مشاكل وتداعيات خطيرة، وفي باب الجباية طالب التومي برفع سيف الجباية المسلط على صغار التجار والذين تسلط عليهم مقادير مالية خيالية لجهلهم بعدة حيثيات في حين يلجأ الآخرون الى عمليات تزيين وتجميل المحلات الفاخرة أصلا ويقومون بطرح كل ذلك من الارباح بما يجنبهم دفع جباية كبيرة.
* دعم للحوار
وقالت النائبة شاذلية بوخشينة (التجمع) ان مبادرة الرئيس الاخيرة تؤكد حرصه على الاستماع الى كل الاطراف ودعم الحوار مع كل الحساسيات السياسية مفندا بذلك آراء كل المشككين والمناوئين. وقالت ان الوقت ملائم لاستنفار كل القوى الكامنة لدى أفراد الشعب لضمان تنفيذ مختلف البرامج التنموية وكسب رهانات وتحديات المستقبل.
* خوصصة واستفسارات
وتساءل النائب عبد الحميد بن مصباح (الوحدة الشعبية) عن السبب الذي يدفع الى خوصصة بعض المؤسسات الرابحة والتي لا تمثل عبءا على المجموعة الوطنية مثل شركة عجيل واتصالات تونس وبعض البنوك وتعرض نفس النائب الى ارتفاع نسق تشتت الاراضي الفلاحية مطالبا بتعزيز الرقابة والمتابعة للحوافز والتشجيعات التي تدفعها الدولة لبعض المؤسسات أو لتعزيز القدرة التنافسية.
وعبر بن مصباح عن انشغال حزبه بالاوضاع التي آلت اليها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ودعا الى تغليب المصلحة الوطنية والحفاظ على الرابطة كمكسب وطني.
وقال بن مصباح ان تونس في حاجة الى المزيد من الخطوات لتكريس الخيار التعددي ودعم المسار الديمقراطي وأشار الى أن المبادرة الرئاسية هي قناة إضافية للحوار من أجل مزيد دعم المعارضة وتعزيز حضورها ومساهمتها في إثراء الحياة العامة.
وحول الاعلام الذي قال عنه انه محرار لتبيان كل التحولات المشار اليها قال بن مصباح ان الاعلام لم يواكب نسق التحولات الجارية وأشار الى أن الشعب في حاجة الى إعلام أفضل في شكله وأرقى في مضامينه يرفض الاحادية ويدعم الحوار والتعدد ولا يسمح في المقابل بنشر الخرافة والاكاذيب أو هتك الاعراض.
* بيروقراطية ادارية
وقال النائب عامر بن عبد الله (التجمع الدستوري الديمقراطي) ان على تونس ان تكون أول المبادرين لتنفيذ قرارات قمة مجتمع المعلومات وقال ان الميزانية يجب أن تعكس المقررات المشار اليها حتى تضمن الاستفادة القصوى للمواطنين من حيث ايجاد فرص شغل جديدة والارتقاء بنوع الخدمات الاتصالية المقدمة وطالب النائب بن عبد الله بتحسين مستوى أداء مختلف الهياكل والمصالح المرتبطة بالتكنولوجيات الاتصالية من أجل بلوغ ما تم برمجته وتساءل النائب عما ستقره الحكومة من إجراءات ملموسة للاستفادة من احتضان القمة العالمية حول مجتمع المعلومات على المستوى الوطني وعلى المستوى الاقليمي والدولي وذلك من خلال التأكيد على دور تونس كحلقة ربط بين دول الجنوب ودول الشمال وطالب بضرورة العمل على الحد من استفحال ظاهرة البطالة في أوساط حاملي شهادات التعليم العالي.
وتأسّف نفس النائب عما قال انه واقع غريب للادارة التونسية التي ماتزال محكومة بالعديد من العراقيل ودعا الحكومة الى تفعيل ما دعا اليه رئيس الدولة من ضرورة وجود ادارة متفهمة وسريعة في إسداء خدماتها وقال بن عبد الله: «لقد آن الأوان لتطليق عقلية البيروقراطية الادارية التي عششت طويلا في عقول المئات من المسؤولين والاداريين».
* هوية وموروث حضاري
ودعا أحمد الاينوبلي الامين العام للاتحاد الديمقراطي الوحدوي الى إجراء حوار وطني يجمع كل مكونات المجتمع وقال ان الاعلام لم يتطور رغم كل المحاولات الصادرة عن رئيس الدولة وأشار الى أهمية وجود إعلام متطور يحافظ على الابعاد الثقافية وعلى الهوية الوطنية للبلاد وركز الاينوبلي على أهمية التربية والتعليم في ترسيخ الموروث الحضاري. وقال المتحدث إن الدعوة الجارية الى تغيير مناهج التربية والتعليم في العالم العربي الغرض منها خلق مجتمع موال وهجين.
وأشار الاينوبلي الى عدم ديمومة مواطن الشغل المحدثة وعبر عن تخوّفه من ذلك وقال على الدولة ان تواصل تدخلاتها في القطاعات المنتجة. واضاف ان على الخارجية التونسية ان تلعب أدوارا مهمة في دعم وحدة العراق والموقف السوري وإطلاق مبادرات مغاربية وعربية ورفض كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.
وتحدث النائب ثامر ادريس (التجديد) عن سبل تطوير المشهد الاعلامي وتعزيز الديمقراطية والتعددية في البلاد.
(المصدر: صحيفة الشروق التونسية بتاريخ 27 نوفمبر 2005)
دعوة إلى دعم نسق التشغيل وجلب الاستثمار وتطويـــر المشهــــد الاعلامـــي والحيـــــاة السياسيــــــة
باردو- الصباح: تناولت تدخلات النواب خلال النقاش العام أغلب القطاعات والملفات المطروحة فقد تركزت معظمها على مسائل حيوية على غرار التشغيل والنمو الاقتصادي الوطني في ظل الوضع الاقتصادي العالمي الراهن ومزيد دفع الاستثمار وتعصير الادارة وتطوير اللامركزية الادارية. وقد حظي ملف الاعلام باهتمام مستفيض من قبل النواب خصوصا من جانب نواب المعارضة الذين أكدوا على ضرورة مزيد تطوير المشهد الاعلامي وترقية أدائه.
اسماعيل بولحية (ح.د.ش)
كان السيد اسماعيل بولحية (ح.د.ش) أول من أخذ الكلمة خلال النقاش العام، وقد قدم عدة ملاحظات هامة كانت أبرزها اشارته الى ضرورة احكام توزيع الأدوار وتمكين النواب من متسع من الوقت للاطلاع على الوثائق المرجعية في ظل وجود نظام الغرفتين ولدى تطرقه إلى الوضع الاقتصادي الوطني تسائل بولحية عن امكانية تغير لارتفاع مؤشر أسعار زيت الزيتون الذي فاق 4% وعن الاجراءات المتخذة لفائدة التشجيع على التصدير واستثمار السيولة المالية في البنوك التونسية داعيا في نفس الآن الى توفير مناخ استثمار سليم وشفاف وتشخيص المشاريع المربحة وحسن استغلال الظرف الاقتصادي العالمي لتحسين اداء الاقتصاد الوطني ودفع نسق التشغيل. مثمنا بالمناسبة القرار الرئاسي باحداث لجنة للصفقات الكبرى لكنه لاحظ ان عديد القرارات الرئاسية المتخذة في هذا المجال لا تحظى بسرعة التنفيذ وذلك على غرار القرار الرئاسي المتعلق بمنح المرأة العاملة حق العمل بنصف الوقت. وأعرب بولحية عن اعتقاده بأن سياسة الحكومة في مجال التنقيب عن النفط غير مجدية مع وجود نسبة ضعيفة من العقود المبرمة مع شركات التنقيب العالمية واقترح في ذات الاتجاه دراسة استعمال الطاقة النووية في تونس نظرا لمحدودية استعمال الطاقة الشمسية وتكلفتها العالية.
كما اقترح احداث مركز للتقييم إلى جانب معهد للدراسات الاستراتيجية يعتمدها رئيس الدولة لمتابعة كافة الملفات والقطاعات ونسق سيرها ونموها على جميع الأصعدة.. مباركا نجاح تونس في تنظيم قمة مجتمع المعلومات وذلك رغم سعي البعض بشتى الوسائل التدخل في شؤون البلاد ليفرض نوعا من الوصاية عليها.
محمد شرف الدين قلوز(التجمع)
أبرز المتدخل في كلمته ما يعكسه بيان الحكومة حول ميزانية الدولة من تكريس للخيارات الجوهرية للسياسة التنموية رغم دقة الظرف العالمي مؤكدا الحرص على الارتقاء بنوعية حياة افضل للتونسي مع توخي الحذر والثبات.
كما شدد على البعد الاجتماعي مفيدا بان ارتفاع اسعار المحروقات لم يكن على حساب الفئات الضعيفة الدخل مثمنا في ذات السياق الاجراءات الخاصة بالتحكم في الطاقة وجهود التنقيب على البترول.
محمد الهادي الوسلاتي (التجمع)
أعرب عن ارتياحه لتوقف تونس في مواجهة التحديات والضغوطات العالمية من خلال حسن ادارتها للقضايا المطروحة ولما اتى عليه بيان الحكومة من اجراءات واصلاحات ومشاريع تنموية.
واستفسر عن الإجراءات التي يعتزم اتخاذها لتشغيل الوافدين على سوق الشغل مستقبلا من خريجي الجامعة مقترحا توجيه الاهتمام نحو الدول الغربية التي تتميز باستعدادها لاستيعاب المهاجرين مثل كندا واستراليا.
عبد السلام العفاس (التجمع)
أثار مسألة الديون المعلقة والمتخلدة بذمة المؤسسات الاقتصادية ودعا الى اثارتها في ظل حوار وطني معمق لايجاد الحلول المناسبة لها باعتبار ان الديون المعلقة بلغت اخر شهر سبتمبر الماضي ما قيمته 4.5 مليون دينار ولا تصل نسبة تغطيتها لدى البنك المركزي من قبل المؤسسات المالية الا في حدود 40% اي ما يناهز 1.6 مليون دينار وذلك على حساب سيولة الأموال في البلاد.
واعتبر نفس النائب ان عدم اثارة هذه المسالة بتوضيح معمق قد يتسبب غالبا في اتهام البعض مشيرا الى المسؤولية المشتركة في معالجتها وفي مقدمتها المؤسسات التابعة للدولة
صالح التومي (التجمع)
اقترح تطوير الأنظمة الهيكلية للوزارات واعادة النظر في ظاهرة الابقاء بحالة مباشرة لتحفيز نسق احداث مواطن الشغل اضافة الى تفعيل دعم الجهات في مجال اللامركزية عند الانتداب. كما حذر من خطورة ما أسماه بظاهرة «صيادي المنح» وهم من المستثمرين الخواص الذين وبعد حصولهم على المنافع والامتيازات التي تخول لهم الانتصاب بالجهات الداخلية يتبخرون فجاة تاركين وراءهم ديون وبطالة
مصطفى البلطي (التجمع)
لاحظ في تدخله وجود صعوبة لدى المنتجين الفلاحيين في تنظيم مسالك التوزيع داعيا الى وضع برنامج تأهيل لتشجيع تطوير المستغلات الفلاحية.
بيروقراطية الادارة!! عامر بن عبد الله (التجمع)
تطرق الى نجاح قمة تونس لمجتمع المعلومات مؤكدا على ضرورة أن تكون تونس أول المبادرين للالتزام بما توصلت اليه من قرارات واجراءات وذلك بمواصلة تعزيز البنية الأساسية للاتصالات واتاحة الفرصة لكل التونسيين للاستفادة من التكنولوجيات الاتصالية الحديثة. متسائلا عن الاجراءات العملية التي ستقرها الحكومية للاستفادة العملية من قمة المعلومات لتشغيل خريجي التعليم العالي.
وعبر نفس النائب عن أسفه مما وصفه بالواقع الغريب الذي ما تزال عليه مصالح عديدة بالإدارة التونسية من تعطيل وتراكم للملفات وهيمنة لـــ«عقلية البيروقراطية» مؤكدا على ضرورة ان تكون الادارة سريعة في تعاملاتها وفي خدمة المواطنين والمستثمرين قائلا «علينا ان نقر بان اداراتنا ماتزال متخلفة اشواطا كثيرة عما يجب ان تكون عليه» وذلك رغم توفر اطر قانونية وامكانيات شهدت بها المحافل والمنظمات الدولية.
عبد الحميد بن مصباح (الوحدة الشعبية)
قدم احتراز حزبه عن اتساع نطاق الخوصصة خاصة بالنسبة لبعض المؤسسات التي لا تشكل عبئا على المجموعة الوطنية مثل «اتصالات تونس» او «عجيل» اضافة الى تواصل نسق تشتت ملكية الأراضي الفلاحية وهو ما يؤثر سلبا على المردودوية الفلاحية داعيا الى العمل على دعم مواطن الشغل بالجهات.
ودعى نفس النائب الى تغليب المصلحة الوطنية والتحلي بثقافة الحوار والممارسة المسؤولة في ما يخص وضع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. كما دعا الى مزيد سن تشريعات اضافية خاصة بما يتعلق بقانون الأحزاب ومجلة الصحافة والمجلة الانتخابية في اتجاه مزيد من الحريات معتبرا قطاع الاعلام في حاجة الى التطوير ومزيد من الانفتاح لنشر ثقافة الاختلاف.
أحمد الاينوبلي (الاتحاد الديموقراطي الوحدوي)
دعا الى تنظيم حوار وطني مسؤول بين مكونات المجتمع المدني لتطوير الحياة السياسية وتعميق الحريات العامة. كما اشار الى اهمية دور الاعلام في تطوير الحياة السياسية والثقافية والمحافظة على الهوية الوطنية.
وحذر النائب من خطورة ظاهرة عدم ديمومة مواطن الشغل وتراجع دور القطاع الخاص في هذا المجال مقترحا تدخل الدولة في القطاعات المنتجة لخلق مواطن شغل دائمة.
محمد ثامر ادريس(حركة التجديد)
اقترح تحسين اليات الضريبة على الدخل بما يسمح بمزيد من العدالة الجبائية بين الأجراء والمشتغلين في القطاع الخاص وتحيين معايير الاداء على الدخل ولاحظ ان نسبة التأطير بالمؤسسات الاقتصادية مازالت دون المامول رغم التشجيعات المتواصلة التي اقرها رئيس الدولة.
وفي ما يتعلق بالجانب السياسي اشار النائب الى الحاجة الى ارساء منهج سياسي جديد كفيل بتجاوز عقلية الحزب الواحد وثقافة اللاتسامح مع الراي المخالف متسائلا عن مآل مشروع القانون الذي تقدم به نواب حركة التجديد الى مجلس النواب المتعلق باصدار عفو عام والذي يستثني مرتكبي جرائم القتل والاستيلاء على اموال عمومية. كما دعا الى فتح باب الاعتراف باحزاب سياسية جديدة والكف عن حل المشاكل والخلافات داخل بعض الجمعيات والمنظمات الوطنية باللجوء الى الحلول القضائية.
وقد تواصل النقاش الى وقت متأخر من مساء امس على ان تستأنف اليوم بردود الوزير الأول.
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 27 نوفمبر 2005)
قبل انعقاد مؤتمراتها: أي استعدادات ومستجدات لأحزاب المعارضة؟
تونس ـ الصباح
يستعد عدد من احزاب المعارضة لتأثيث المشهد السياسي التعددي المقبل وذلك انطلاقا مما ستفرزه مؤتمراتها الوطنية التي يعتزم بعضها انجازها تباعا خلال الاشهر الاولى من سنة 2006 وتأتي استعدادات مختلف هذه الاحزاب لمؤتمراتها المقبلة لتضرب من خلالها مواعيد جديدة قد تحمل لها تغييرات في المستقبل.
وحسب المستجدات والاستعدادات المتعلقة بكل حزب منها تشكّل ملامح مختلفة لدى كل من احزاب المعارضة التي تستعد خمسة منها الى انجاز مؤتمراتها.
هدوء في «الوحدة»
يبدُو ان حزب الوحدة الشعبية هو الحزب الوحيد الذي يتسم وضعه الداخلي بكثير من «الاستقرار» او حالة الهدوء التي يعيشها على وقْع استعداداته لعقد مؤتمره القادم وذلك بالمقارنة مع بقية احزاب المعارضة الاخرى، وهذا ما يفسر تحضيراته المبكرة لموعد فيفري القادم وتميزها بقلة المسائل الخلافية وخصوصا انه لا يلوح صعود اي منافس للسيد محمد بوشيحة حول الامانة العامة للحزب في المرحلة القادمة التي اعلنت «الوحدة» عن مبادرات بشأنها وتتعلق اساسا بتطلعات لتطوير المشهد السياسي والمنظومة القانونية في تونس..
«تعثرات» في «ح د ش»
ظلت حركة الديموقراطيين الاشتراكيين دون وضع هادئ او واضح المعالم وذلك لعدة اسباب تتمثل اساسا في مسائل خلافية ومواقف متباينة بين مختلف الاطراف المؤثرة في مسيرة الحركة الى حد أن اهم الآليات التحضيرية لمؤتمرها المقبل لم تتجسم لحد هذه الفترة الوجيزة التي تسبق الموعد المقرر لانجاز مؤتمر ديموقراطي بالانتخاب وبعيد عن الوفاق.. فاذا كان المجلس الوطني أجمع على ضرورة انجاز المؤتمر في اخر شهر ديسمبر فان هذا الحزب لن يتمكن من ذلك بالنظر الى نسق تحضيراته التي تتسم بالتعثر حيث لم يتم الى حد الان حسم أهم المسائل المتعلقة خصوصا بلجنة الاعداد المادي للمؤتمر وكذلك بتجديد هياكل الحركة وتحديد النيابات اللازمة للمؤتمر الذي يبدو انه سيُرْجأُ الى السنة القادمة في انتظار ما يمكن ان يفرزه الوضع الداخلي من تطورات..
… وخلافات في «الوحدوي»
اذا كان التوافق قد حصل في الاتحاد الديموقراطي الوحدوي حول موعد عقد المؤتمر انطلاقا من يوم 24 مارس 2006 فان عدة مسائل خلافية تصاعدت وتيرتها خلال هذه الفترة بين اطراف مؤثرة في تحديد اتجاهات المشهد الذي يتسم به هذا الحزب الذي اضحت مجموعتان من داخله تتنازعان وتتبادلان الرغبة في كسب خيوط النجاح للمرحلة القادمة ويتزعّم أولاها الأمين العام الاستاذ أحمد الاينوبلي فيما تلوح قيادة المجموعة الاخرى متمثلةفي انصار الاستاذ مختار الجلالي عضو المكتب السياسي الحالي في انتظار ما يمكن ان تسفر عنه المسائل الخلافية بشأن النيابات المتعلقة بالمؤتمر وذلك في خضم ما ستنتهي عليه التشكيلات المختلفة للجامعات التي لم ينجز بعضها مؤتمراته الى حد الان، وخصوصا ما ستنتهي اليه تداعيات وانعكاسات توقّف اشغال المجلس الوطني منذ أسبوع.
.. وتطلعات «التجديد» لقطب قوي..
عقد المجلس الوطني لحركة التجديد اجتماعا موسعا منذ اسبوع من الآن، برئاسة السيد محمد علي الحلواني، وقد تقرّرت الدعوة للمؤتمر الثاني للحركة للانعقاد بالعاصمة خلال ايام 29 و30 افريل و1 ماي 2006.
وسعيا الى تجسيم التطلعات الرامية الى مزيد تفعيل دور هذا الحزب وتوسيع دائرة استقطابه اكد المجلس الوطني الموسّع على الطابع الديموقراطي لهذا المؤتمر «المفتوح في كامل مراحله وعلى اهمية مساهمته في معالجة القضايا المطروحة على الساحة السياسية وعلى الحركة الديموقراطية التي تحتاج الى تجاوز وضع التشتت وايجاد الآليات الفكرية والسياسية والتنظيمية لبناء قطب قوي قادر على تحقيق اهدافها الوطنية والديموقراطية وهو ما يستلزم بناء حزب ديموقراطي تقدمي وعصري في مجهود مشترك على قدم المساواة مع المناضلين الديموقراطيين الذين يهمهم انجاز هذا المشروع». وذلك مثلما جاء في بلاغ المجلس الوطني لحركة التجديد ـ.
.. وكذلك «التقدمي»
رغم الفوارق المتعددة بين هذا الحزب وذاك، فان الحزب الديموقـــــــــراطي التقدمي لا تبتعد تطلعاته عن وضــع مستقبلي اكثر تماسكا وفاعلية مما هو عليه بعض احزاب المعارضة حاليا.
وفي خضم تواصل انشغال هذا الحزب بمسائل موقفية سياسية على وجه الخصوص فان وضعه لا يخلو من مواقف داعية الى حفزه على تكريس المسار الديموقراطي التقدمي وذلك بأساليب مغايرة.. وهذا ما قد يبقي التساؤل قائما حول مدى استعداد الامين العام الحالي للحزب لخوض رهانات المرحلة القادمة وذلك انطلاقا من مؤتمره المقرر انعقاده خلال شهر مارس من السنة المقبلة.
لطفي بن صالح
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 27 نوفمبر 2005)
على هامش القمّة… والحملة
بقلم: برهان بسيّس
لما تدور آلة التحريض الاعلامي مستنفرة كل طاقات التضخيم والمبالغة ينجلي درس الموضوعية والمهنية والمصداقية ليبدو سرابا واهيا لا ينطلي سوى على الأرواح الطيبة التي لا زالت تؤمن بأن الاعلام يمكن أن يكون رافعة للحقيقة وغير ذلك من الشعارات المثالية التي لا تريد أن تحدق في الواقع كما هو عاريا دون مساحيق، واقع أن الاعلام امتداد للسياسة وأن السياسة حساب مصالح مغلف بطبقة من القيم والشعارات والمبادئ.
لم تمر القمة العالمية لمجتمع المعلومات دون أن تحمل معها وتترك وراءها آثارا لهذه المعاني مجسدة في سيل جارف من الكتابات الصحفية والتحقيقات التلفزية التي اختارت من عالم القمة ورهاناتها المتعددة وجوانبها المختلفة وموضوعاتها الثرية تفصيلا صغيرا ركزت عليه دون غيره وهو «التفتيش» في ملف البلد المضيف (أي تونس) المتعلق بواقع الحريات واحترام حقوق الانسان.
لم تكن الصدفة أن «فريق التركيز والتفتيش» على الحالة التونسية اعتمد ثلاثة مراجع فاعلة دون غيرها: بعض وسائل الاعلام الفرنسية وأخرى سويسرية وثالثة عربية.
والحقيقة فإن لهذه المراجع حماسا تقليديا للتعاطي مع الشأن التونسي يفتر ويتصاعد حسب المناسبات لكنه يحافظ دوما على طابع الاندفاع المتجول على حدي الإنارة والإثارة بنزوع واضح نحو أسلوب التضخيم والمبالغة التي لم يبق لها حسب ما قرأنا وسمعنا في وصف الوضع التونسي سوى «تحميل النظام التونسي مسؤولية مقتل الحريري أو مجازر دارفور أو حتى إطلاق فيروس أنفلوانزا الطيور!!!».
كل عناصر التشويق المطلوب ينبغي أن تتوفر في العمل الاعلامي حتي يبدو وكأنه مغامرة خطيرة في بلد يطارد القلم وآلات التصوير.
الصحفي السويسري الذي استقبلناه لينتج لمحطته التلفزيونية تحقيقا عن تونس قبل انعقاد القمة (ثم بث التحقيق أيضا على القناة الفرنسية الخامسة) تجول في البلد كما شاء وقابل من أراد واختار مرافقيه دون تدخل من أحد ووجد من بعض المتطوعين التونسيين ما أراد من الحماس لإرشاده وتوجيهه لكن لعبة الإثارة لا بد لها من تقنيات حتى لو كانت تقليدية بالية، كان لا بد إذا من كاميرا خفية لتخدم رسالة مزدوجة المعاني: ذكاء الصحفي الحر وارتباك الرقيب، لكن الخلاصة في نهاية الأمر كانت كاميرا خفية صورت أسلوب الاستقبال الحضاري الذي وجده فريق التصوير ومرافقته التونسية المتطوعة.
ظن هؤلاء أننا في تونس قد نخجل من أنفسنا حين نخجل من منطقة مثل حي التضامن أو غيرها من مناطق البلاد كما لو كانت تونس وحدها من بين بلدان العالم من تختص في وجود أحياء شعبية. لا يعلم هؤلاء أننا هنا في هذا البلد لا نحمل عقدة التجميل التي تضطرنا لانكار أبنائنا وأنفسنا فتونس هي حي التضامن ودوار هيشر والكبارية تماما بمثل ما هي البحيرة والمنازه والكرم هي ذاتها تونس من بنزرت إلى بنقردان يحملها طموح واحد نحو الرفع من مستوى عيش مواطنيها في كدح يومي لجعل فرص الرفاه والتنمية أكثر مساواة وعدالة بعيدا عن مظاهر الاقصاء والتهميش بتعبئة وطنية شاملة لمواجهة مشاكل لا نخجل في الاقرار بها تتجول بين مشكل البطالة على رأس الأولويات الى مشاكل الادماج الاجتماعي والتنمية الجهوية ومقاومة الفقر، وهل قلنا إننا جنة فوق الأرض حتى يظن البعض أنهم إذا صوروا منطقة حي التضامن قد حققوا فتحا اعلاميا مبينا، إنها تونس بطموحها وبكوابح هذا الطموح تصنع من هذا الجدل والتصادم معاني تطلعها الى مستقبل أفضل نظلله بارادة البناء الوطني التي تجعل من مساحة الخارطة الوطنية وحدها وعاء النقاش والتجاذب والخلاف والاختلاف حول هموم الوطن ومشاكله في احترام مشتق من وعينا بخصوصية الفضاء المعولم لنصائح الأصدقاء وملاحظات الصادقين النابعة من الاحترام والتقدير مضمونا وأسلوبا ولكن برفض كامل ومطلق وشديد لعملية الاستعلاء المهين التي يقف فيها البعض من غلاة الحنين الى الماضي الاستعماري لالقاء الدروس بلغة عنصرية بذيئة تجعل صحيفة مثل «لوموند» الفرنسية تكتب بالحرف الواحد في افتتاحيتها بتاريخ 15 نوفمبر 2005: «على فرنسا أن تضغط على محميتها القديمة تونس عبر الاتحاد الأوروبي الذي تربطه علاقة شراكة بهذا البلد».
إن عقلية «المحمية السابقة» هو تماما ما نشمئز منه ونرفضه ولا يستحق منا أن نعامله سوى بالاحتقار ولو كره ذلك «بعض الديموقراطيين» لأننا على وعي تام بأن فريقا من المغرضين تجاه تونس من القادمين من مناخ يسار فرنسي هامشي لم يستطع التخلص من عقد مواقفه الرجعية تجاه قضايا المستعمرات في الجزائر وغيرها هو بالصدفة أو بالتخطيط الفريق الوحيد دائم الحضور كلما تعلق الأمر بتونس وشأنها السياسي!!.
والغريب أن الهستيريا إذ يطلقها مارد الحق المتدثر بغطاء الغيرة على حقوق الانسان دون أن يكون له ولو ربع الشجاعة والنجاعة في اسقاط ولو نصف كلمة من نص قانوني عنصري يستهدف المهاجرين أو قرارات الترحيل القياسي «لأوباش الضواحي» (!) فإن البعض من «ديموقراطيي الوطن» تذهب بهم عناصر الإثارة والاعجاب بمناخ الصخب وقد زادته بخور العناوين الصحفية الأجنبية وكاميراهات الشعر الأصفر غواية وسحرا فيندفع حماسا يبلغ حدود التهور حين يذهب التونسي القومي العروبي الرافض للاستعمار والامبريالية المطالب بالاصلاح الديموقراطي وهو الموجود على رأس حزبه القانوني منذ التأسيس زعيما خالدا حين يذهب إلى التصريح لصحيفة لوفيغارو الفرنسية في حوار مع Arielle Ihedrel بتاريخ 15 نوفمبر 2005 ردا على سؤال «ماذا تنتظرون من المجموعة الدولية» بالقول: «ننتظر منها أن تؤكد تجاه تونس نفس الموقف الواضح المتخذ تجاه سوريا وإيران» ثم يقول متحدثا عن «حركة المساندة التي لقيها اضرابه عنا لطعام: «لقد ساندتنا عديد المنظمات الغير حكومية وكذلك ممثلو السفارات الأوروبية باستثناء للأسف سفارة فرنسا»!».
لا نريد الاسترسال في التعليق على حديث بهذه المعاني ولا المغامرة في استخلاص أبعاده ودلائله وهو الصادر عن شخصية قومية تطالب يا للمفارقة أن يتصرف المجتمع الدولي – وطبعا على رأسه الولايات المتحدة – تجاه بلده بنفس الطريقة التي يتصرف بها حاليا ضد سوريا وإيران.
أنا أتمنى أن تكون صحيفة «لوفيغارو» قد أساءت نقل تصريحات الأستاذ الأمين العام أو أن الصحفية تصرفت من محض خيالها أو أن حالة الانقطاع عن الطعام قد أثرت بشكل استثنائي على اتجاه القول ومضامينه عدى ذلك لا حول ولا قوة إلا باللّه.!!!.
إن بلدنا تونس يملك من رصيد البناء ما يجعله يفتخر بين مجموعة الدول التي تشاطره فضاءه الاقليمي، يملك أيضا رصيدا من المشاكل التي تكدح إرادات الخير في سبيل حلها من بطالة جزء من أبنائه إلى ضرورات تطوير مساره الديموقراطي واطلاق جرعات أكبر لانفتاح اعلامه وتشريك نخبه وإثراء تعدديته السياسية في ظل دولة قوية تكون قوتها ضمان استقرار المسار وتجنب الهزات في الحاضر والمستقبل، نؤمن أن الرئيس زين العابدين بن علي يمثل بامتياز رجل هذه المرحلة بتحدياتها الصعبة كقناعة موضوعية بعيدة عن النفاق الممجوج تجاه رجل بدأ عهده بكلمة معبرة تجاه من جاءوا لتحيته بشعار: «يحيا بن علي فقال لهم قولوا تحيا تونس»، نؤمن أنه مع هذا الرجل أمامنا الكثير مما نستطيع فعله من كسب رهانات الاقتصاد والمجتمع إلى الرقي بواقع الحياة السياسية المطالبة بأكثر حيوية وانفتاح وتجاوز مآسي الماضي وتجديد الحياة الحزبية ومزيد الانفتاح على النخب.
نؤمن أن بلدنا خزان لطاقات ثمينة قوامها الانسان الذي لا يمكن أن يفقد البوصلة والتوجيه مهما علا شأن الاشكال والمأزق في نظره، نؤمن أنه بالارادة الوطنية الداخلية المحضة الصادقة، فقط بهذه الارادة نواجه مشاكلنا دون حاجة لأي شكل من أشكال تدخل أو استدراج الأجنبي حتى نكون فعلا كما قال شاعر تونس أولاد أحمد من أحباء البلد «صباحا مساءا وبعد الصباح ويوم الأحد..» لكن لا بأس… من حقنا أن ننظر بتفاؤل للمستقبل.
(المصدر: جريدة الصباح التونسية بتاريخ 27 نوفمبر 2005)
أنباء عن تحفظات مصرية على البيان الختامي
غياب عربي ملحوظ عن قمة برشلونة
برشلونة: مينا العريبي
حتى الدقائق الأخيرة، لم تؤكد الدول العربية مستوى التمثيل لوفودها المشاركة في «القمة الاوروبية المتوسطة» اليوم وغداً.
وبينما تستقبل برشلونة منذ أمس وفودا من 24 دولة اوروبية و10 دول على البحر المتوسط للمشاركة في قمة رؤساء الدول المنعقدة لتجديد تعهدات لقاء برشلونة الاول قبل 10 أعوام الذي بدأ «عملية برشلونة»، تواردت انباء عن تحفظ بعض الدول، وعلى رأسها مصر، حول البيان الختامي للقمة.
وبينما وصل الملك الاسباني خوان كارلوس الى برشلونة للترحيب برؤساء الدول من اوروبا ودول البحر المتوسط، لم يأت غالبية رؤساء الدول الجنوبية. ويحاول الاتحاد الاوروبي خلال اليومين المقبلين التأكيد على علاقاته السياسية والامنية والاقتصادية مع الدول الواقعة على البحر المتوسط.
وستركز هذه القمة على الاصلاحات السياسية فى منطقة الشرق الاوسط، والتعاون الاستراتيجي في مكافحة الارهاب والتصدي للهجرة غير الشرعية، بالاضافة الى السعي الى تطبيق مساعي «عملية برشلونة»، وعلى رأسها تحقيق منطقة اقتصادية حرة تسمح للتجارة الحرة بين الدول المشاركة. الا ان هذه المنطقة الاخيرة تبدو صعبة المنال في الوقت الراهن.
وعلى رغم توقعات سابقة بمشاركة الرئيس المصري حسني مبارك في القمة، الا انه في اللحظات الاخيرة من ليل امس، اكدت القاهرة ان الرئيس المصري اعتذر عن عدم المشاركة، تاركاً وزير خارجيته احمد ابو الغيط لرئاسة الوفد المصري.
(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 27 نوفمبر 2005)
للمرة الثانية: حوار الدين والدولة بين أميركا والعرب
السيد ولد اباه
في الدار البيضاء حيث كنت الأسبوع المنصرم، حضرت الندوة الثانية من ندوات الحوار العربي الأمريكي بصحبة أصدقاء أعزاء من ألمع المفكرين العرب، وجمع متميز من الساسة والمفكرين الأمريكيين، من التيار المحافظ (وليس المحافظ الجديد) في الغالب.
وكنت شاركت في الندوة الأولى، التي عقدت بمالطة في شهر مايو السنة الماضية، وكان الحوار آنذاك عاما من دون تدقيق، وحواجز التفاهم وعوائقه جمة، فكانت نتيجة اللقاء محدودة، ضيقة.
أما الندوة الثانية، فقد جرت في ظروف مغايرة، وإن شاركت فيها الوجوه نفسها تقريبا (غابت الشخصيات السورية التي شاركت في لقاء مالطة، وحضرت وجوه بارزة من المملكة العربية السعودية والمغرب)، كما اختار لها معهد القيم الأمريكية، الذي أشرف على اللقاء بالتنسيق مع مؤسسة الملك عبد العزيز للدراسات في الدار البيضاء، موضوعا مهما وملحا راهنا، هو إشكالية الدين والسياسة في السياقين الأمريكي والعربي.
وليس من همنا عرض وثائق الندوة ومحاضراتها المهمة، ولا تلخيص حواراتها الثرية التي جرت بعيدا عن أعين وسائل الإعلام وجلبة السياسة، وإنما حسبنا الإشارة إلى ابرز الإشكالات التي استأثرت باهتمام الحاضرين، وهي إشكاليات ثلاث، نقف عندها باقتضاب.
أولاها: طبيعة الشرعية السياسية ومصدرها في السياقين الأمريكي والعربي الإسلامي، ولهذا الموضوع صلة مباشرة بالديمقراطية مفهوما وممارسة.
فالسؤال الكبير الذي طرحه محاورونا الأمريكيون هو هل استطاع النسق السياسي العربي المستند إلى المشروعية الإسلامية، استيعاب القيم الليبرالية الحديثة التي هي أرضية ونقطة ارتكاز النظام الديمقراطي الحديث؟ وهل تخلص هذا النسق من خطري الانغلاق في استبدادية الحكم الشمولي المطلق والتيوقراطية الكليانية المستندة إلى الشرعية الدينية؟
وقد تمحور الحوار في هذا السياق حول مقولات ومفاهيم الفكر السياسي الإسلامي، بالتمييز بين التقليد الوسيط الذي ترجمته فكريا وتشريعيا الأحكام السلطانية وتجربة ما أصبح يدعى بـ«الإسلام السياسي» الحديث، الذي قام على مفهوم «الحاكمية الإلهية» بما يقتضي هذا المفهوم من استتباعات على مستوى يفي مبدأ «سيادة الأمة» وإطلاق حرية الإرادة الفردية في العقد الاجتماعي.
وقد كان من الجلي أن الطرف الأمريكي، عاجز عن التفكير في مسألة الشرعية السياسية في السياق الإسلامي خارج مقاييس التجربة المسيحية الغربية الوسيطة، وهو الأمر الذي اجتهد المفكرون العرب الحاضرون في إبراز زيفه، مبينين الطابع التاريخي غير الملزم لنموذجي الفقه السلطاني والإسلام السياسي، مؤكدين أن مسائل الإمامة والحكم، هي في الغالب من الأحكام الظنية الاجتهادية، التي ليس فيها من الثوابت سوى مبادئ العدل والشورى، بصفتها حدودا قصوى منظمة لمجال الحكم.
أما الإشكالية الثانية، فتتصل بخصوصية المسألة الدينية في المجتمع الأمريكي داخل السياق الغربي، الذي تطبعه السمة العلمانية.
فمع أن هذا المجتمع لائكي لا تحكم للدين فيه في السلطة السياسية، ولا في النظم المؤسسية والتشريعية، إلا انه يختلف بجلاء عن غيره من المجتمعات الغربية الحديثة، من حيث طغيان الرمزية الدينية على مختلف أوجه النسق الاجتماعي وقوة تأثير المؤسسة الدينية بصفتها ركيزة المجتمع الأهلي وعمق تدين الفرد الأمريكي العادي.
وقد نبه إلى هذه الخصوصية، المفكر الفرنسي ألكسين دتكوفيل منذ القرن الثامن عشر في كتابه «الديمقراطية الأمريكية»، رابطا بين التدين الأمريكي ونمط الليبرالية القائمة في مجتمع قائم منذ بدايته على التنوع الديني.
ومن المفارقات المثيرة، ان المشاركين الأمريكين في لقاء الدار البيضاء، ومن بينهم بعض أكبر أساتذة القانون والعلوم السياسية، قد دافعوا بقوة عن أطروحة «الديمقراطية الدينية» في مقابل التقليد العلماني الأوروبي (الفرنسي على الأخص)، في حين ذهب بعض المشاركين العرب إلى الدفاع عن «لائكية اسلامية» خالصة، معتبرين انها التعبير الأسلم عن نظرة الاسلام للشأن السياسي، بصفته شأنا تدبيريا يحفظ للأمة حقوقها ومصالحها.
بيد أن زملاءنا الأمريكان (ومن بينهم بعض الرموز الفكرية القريبة من دائرة القرار)، لم يستطيعوا الرد بدقة وموضوعية على تخوفات محاوريهم العرب، من تحكم الأصولية المسيحية في القرار السياسي الأمريكي، في عهد الرئيس بوش الابن الذي لا يخفي انتماءه الديني، ولا أثر هذا الانتماء في مواقفه السياسية.
أما ثالثة الإشكاليات، فتتعلق بالنموذج العراقي، الذي أرادته الولايات المتحدة الأمريكية مختبرا إقليميا للإصلاح السياسي في المنطقة، وقد كانت محاكمة المشاركين العرب صريحة وقوية لأخطاء قوات وإدارة الاحتلال في تسييرها للشأن العراقي، الذي لم يعد أحد ـ سوى الأمريكيين المتعصبين ـ يقدمه مثالا للاحتذاء، بعد أن أصبح من الجلي أن هذا النموذج يتأرجح بين ثلاث خيارات مأساوية هي: الاستبداد الأثوقراطي والفتنة الطائفية والعرقية والتقسيم الفعلي.
وقد ذهب بعض المشاركين إلى القول إن الولايات المتحدة، تقوم التجربة العراقية ايجابيا، على الرغم من الخسائر التي تكبدتها، ومن منظور كونها قد سمحت بضرب الأصولية السنية (القاعدة وعصابات الزرقاوي) بالأصولية الشيعية، وخلفت واقعا طائفيا مشتعلا سيحول موضوعيا من دون اندماج إيران في الفضاء الإسلامي الشرق أوسطي، الذي يهيمن عليه السنة.
وحاصل القول أن لقاء الدار البيضاء، الذي اتسم بالصراحة والجدية، لئن مكن من طرح الإشكالات والأسئلة الجوهرية التي تشغل بال النخبة الأمريكية والعربية، إلا انه بين حجم المسافة والقطيعة المتزايدة بين الطرفين، في مرحلة أصبحت فيها الولايات المتحدة منذ احتلال العراق، لاعبا إقليميا فاعلا من داخل النظام العربي ذاته.
(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 26 نوفمبر 2005)
الأخوان المسلمون بمصر يشكلون قوة برلمانية رغم القيود
القاهرة (رويترز) – أظهرت النتائج التي أعلنت رسميا يوم الاحد لجولة الاعادة من المرحلة الثانية من الانتخابات التشريعية المصرية حصول جماعة الاخوان المسلمين على 29 مقعدا في مجلس الشعب معززة مكاسبها الانتخابية رغم قيود فرضت على تصويت المؤيدين لها واعتقال أعداد منهم.
وللجماعة بعد هذه المرحلة 76 مقعدا في البرلمان أي أكثر من خمسة أمثال عدد المقاعد التي شغلتها في البرلمان المنتهية ولايته.
ومازال نحو ثلث عدد مقاعد البرلمان المكون من 454 مقعدا يشغل عشرة منها بالتعيين محل منافسة للمرحلة الثالثة والاخيرة التي ستبدأ في الاول من ديسمبر كانون الاول القادم.
ودخلت الجماعة المحظورة رسميا المنافسة على ثلث مقاعد مجلس الشعب فقط وبالتالي لا تمثل خطرا على الاغلبية التي يتمتع بها الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في مجلس الشعب.
وحصل الحزب الوطني في انتخابات الاعادة التي أجريت يوم السبت على 75 مقعدا ليرتفع عدد المقاعد التي فاز بها الى 195 مقعدا.
لكن المكاسب التي حققتها جماعة الاخوان المسلمين تجعل الاسلام السياسي أقوى قوة معارضة في مصر وهو ما فاجأ الحكومة والحزب الحاكم.
وقيدت السلطات جو الحرية الذي منحته للاخوان المسلمين في المراحل المبكرة من الاقتراع ومنعت وصول ناخبين مؤيدين لها الى مراكز الاقتراع واعتقلت 860 من أعضاء الاخوان يوم السبت الذي كان رابع يوم في الانتخابات التشريعية التي بدأت في التاسع من نوفمبر تشرين الثاني والتي تجرى على مدى ستة أيام اخرها في السابع من ديسمبر كانون الاول.
وحاصرت قوات مكافحة الشغب لجان الاقتراع في معاقل الاخوان المسلمين ومنعت ناخبين من الدخول أو سمحت بدخول عدد قليل منهم للتصويت.
وقال محمد حبيب نائب المرشد العام للجماعة لرويترز “كان هدف الممارسات منع الناخبين من الوصول الى صناديق الانتخابات والتأثير على نتيجتها.”
وأضاف “لكن مع الاصرار والمثابرة استطاع الشعب واستطاع الاخوان تجاوز كل العقبات.”
وتغلب مرشح الجماعة على نائب رئيس الحزب الوطني الديمقراطي للشؤون الداخلية يوسف والي في محافظة الفيوم. وكان والي حتى ما قبل أكثر من عام منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الاراضي. وشغل في السابق منصب الامين العام للحزب الوطني.
وتغلب مرشح اخواني اخر على خالد محيي الدين عضو مجلس قيادة الثورة السابق وزعيم حزب التجمع الوطني التقدمي في معقله الانتخابي كفر شكر بمحافظة القليوبية.
وحتى الان فازت الاحزاب العلمانية بحفنة من المقاعد فقط. وفاز حزب الوفد وهو حزب ليبرالي بمقعدين في اقتراع يوم السبت.
وتقول جماعات مراقبة ان مشاحنات وقعت بين مؤيدين للحزب الوطني ومؤيدين لجماعة الاخوان. وقال شهود عيان ومصابون ان بلطجية مسلحين بالمدى هاجموا مؤيدين للاخوان المسلمين في مدينة واحدة على الاقل.
وحاولت الشرطة أيضا تقييد التغطية الصحفية. وقال صحفيون من وكالة فرانس برس ووكالة رويترز وهيئة الاذاعة البريطانية ووكالة أسوشيتدبرس للانباء انهم تعرضوا لمضايقات وان معدات أو أوراقا أخذت منهم.
ولجماعة الاخوان المسلمين التي تطالب بمزيد من الحريات السياسية وتريد سن القوانين على أساس الشريعة الاسلامية 49 مرشحا في المرحلة الثالثة والاخيرة من الانتخابات.
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 27 نوفمبر 2005 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
السخط على الحزب الحاكم في مصر زاد الأصوات التي حصل عليها الإسلاميون
بلقينا (مصر) (رويترز) – تذكر برك الماء الصغيرة والحفر القذرة في الشوارع المؤدية الى مركز الاقتراع في قرية بلقينا بعض الناخبين بأن عليهم ان يصوتوا ضد الحزب الحاكم بمصر حينما يصلون لمركز الاقتراع.
وقال مصطفى بسيوني ان الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم لم يُنشيء نظام صرف صحيا جيدا ولم يُعَبد الطرق ولم يوصل الكهرباء الى القرية الواقعة في دلتا النيل. وتتراكم أكوام القمامة في الطرق الرملية.
ولذلك فقد أدلى بصوته لصالح الاخوان المسلمين الذي تفاجأ الجميع بادائها الجيد في الانتخابات بما في ذلك قادة الجماعة المحظورة رسميا. وقال “الحزب الوطني الديمقراطي يجلس على مقاعده وينام.. انه يعمل من أجل مصلحته الخاصة.”
ويقول كثير من المصريين انهم سيعطون أصواتهم للاخوان للاحتجاج على تدني الأجور وسوء الخدمات وعدم المساواة والفساد الذي يرونه في حكومتهم. وهذا عزز أداء الاسلاميين في الانتخابات.
وحصل الاخوان المسلمون على 76 مقعدا حتى الآن أي بزيادة تبلغ خمسة أمثال المقاعد التي شغلتها الجماعة في البرلمان المنتهية ولايته. وما زال من المتعين إجراء انتخابات على ثلث المقاعد البالغ عددها 444 مقعدا.
وقال عصام العريان وهو من قادة الحركة ان الأصوات المحتجة على الحزب الحاكم تتراوح بين خمس وربع مجموع الأصوات التي حصل عليها الاخوان.
وقال طارق الجمل (27 عاما) وهو مدرس أدلى بصوته للاخوان “التغيير هو أهم شيء.. فبرنامج الاخوان غير واضح لمعظم الناس.”
وتأسست الجماعة التي تحمل شعار “الاسلام هو الحل” في عام 1928. وتقول انها ستعمل من أجل مزيد من الحريات السياسية وتقرب التشريعات من الشريعة الاسلامية.
والاخوان أقوى بكثير من أي حزب سياسي علماني على الرغم من انها تنظيم محظور رسميا.
وقال محمد حسن وهو مدرس أعطى صوته للاخوان في قرية الهياتم “سأعطي صوتي لأي جهة غير الحزب الوطني الديمقراطي.” وأشار الى ان أجره الشهري الذي يبلغ 188 جنيها مصريا (33 دولارا) لا يكفي لإطعام أطفاله.
وقال “انهم يأكلون اللحم مرة كل خمسة شهور.. الفقراء فقراء جدا والأغنياء أغنياء جدا.”
وفاز الحزب الوطني الديمقراطي الذي يحكم زعيمه الرئيس حسني مبارك مصر منذ عام 1981 بنحو 195 مقعدا في الانتخابات.
ويقول مراقبون مستقلون ان الحزب الوطني الديمقراطي الذي يتمتع بدعم رجال الاعمال لجأ الى الرشى والإجبار على نطاق واسع للخروج بهذه النتيجة. وينفي الحزب الوطني الديمقراطي ذلك.
من توماس بيري
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 27 نوفمبر 2005 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
حكم الإخوان غير وارد.. ولكن هكذا نتصور الحكم
محمد السيد حبيب (*)
أحب أن أؤكد في البداية أن وصول الإخوان إلى الحكم غير وارد، على الأقل في المستقبل المنظور، لكن لنفترض جدلاً أنه حدث، فما هو تصورنا عن هذه الحكومة، واهتمامها وآليات عملها؟
أتصور أن الحكومة التي نريدها يجب ألا تأتي إلا من خلال رأي عام شعبي قوي، يختارها بإرادته الحرة عبر صناديق الانتخاب، فالشعب في نظرنا هو صاحب الحق الأصيل في اختيار حكامه وممثليه والبرنامج الذي يعبر عن طموحاته، ويجب أن يمكن أيضاً من ممارسة حقه في محاسبة أو حتى إقالة هذه الحكومة، حال تقصيرها أو انحرافها عن البرنامج الذي تعهدت أمامه بتنفيذه، من خلال تداول سلمي للسلطة وعبر آليات الديمقراطية المعروفة.
إن أول ما يجب تطبيقه في ظل هذه الحكومة، هو إطلاق الحريات العامة، من حيث حرية إنشاء الأحزاب (على مختلف انتماءاتها) وحرية الصحافة والفكر والإبداع (في نطاق المقومات الأساسية للمجتمع وحدود النظام والآداب العامة)، فضلا عن إلغاء كافة المحاكم والقوانين الاستثنائية (وفي مقدمتها قانون الطوارئ)، وإصدار قانون استقلال السلطة القضائية، والإفراج عن كافة سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين.
ثانياً: الالتزام بإقامة فصل حقيقي بين السلطات الثلاث (التشريعية والقضائية والتنفيذية)، وعلى السلطة التشريعية أن تختار مجموعة من أصحاب الكفاءات الفقهية والقانونية والسياسية، لتقوم بوضع دستور جديد يحدد نظام الحكم (جمهورية برلمانية ديمقراطية)، والعلاقة بين الحاكم والشعب (مع تحديد مدة وسلطة رئيس الدولة وحق مساءلته)، كما يحدد الحقوق والواجبات للمواطنين في الدولة، ويفصّل اختصاصات السلطات مستهدياً بقواعد الشريعة الإسلامية ومستفيداً من تجارب التاريخ والواقع، وتكون المحكمة الدستورية العليا هي المرجعية على مدى اتفاق أو اختلاف القوانين الصادرة عن المجلس التشريعي للقواعد الأساسية للدستور.
ثالثاً: أن يكون تولي الوظائف واختيار العاملين في كل المجالات والميادين وعلى كافة الأصعدة والمستويات، على أساس من القدرة على العطاء والكفاءة في الأداء وليس على أساس الثقة.
رابعاً: تتلخص نظرتنا إلى إخواننا الأقباط على أنهم مواطنون لهم كافة حقوق المواطنة، وهم جزء من نسيج هذا المجتمع، ويعتبرون شركاء الوطن والقرار والمصير، ويترتب على ذلك حقهم الكامل في تولي الوظائف العامة (في ما عدا رئيس الدولة).
خامساً: تنطلق الحكومة في سياستها الاقتصادية، من مبدأ الجمع بين اقتصاديات السوق الحرة ـ من دون الاحتكار ـ وملكية الدولة، خاصة في ما يتعلق بالهيئات الاستراتيجية الكبرى، وفي هذا الصدد يجب أن تقوم الدولة بمحاربة الفقر والجوع والعمل على التكافل وتوزيع الثروة وخيرات الدولة بالعدل بين المواطنين.
سادساً: يجب أن تولي الحكومة التعليم والبحث العلمي وتوطين التكنولوجيا اهتماماً خاصاً، على اعتبار أنه بداية النهضة والتقدم، ولا بأس، بل من الواجب، أن نقتبس كل ما يمكننا من العلوم وأسس التقنيات الحديثة من غيرنا لنكون في المركز الأقوى.
سابعاً: يقع على الحكومة عبء تشجيع الآداب والفنون بمختلف أدواتها ووسائلها، شريطة أن يكون أدباً وفناً جادين وملتزمين بقيم المجتمع وثوابت الأمة، بعيداً عن الإسفاف والابتذال والاستخفاف بالعقول وتسطيح الأفكار.
ثامناً: يجب على الحكومة أن تنفتح على الحكومات العربية والإسلامية وأن يكون هناك تعاون وتكافل في شتى المجالات الاقتصادية والثقافية والإعلامية والدفاعية، وسوف نعمل على التعاون وإقامة السلام بين الدول والشعوب، على أساس من العدل والمساواة واحترام الحقوق، ورفع الظلم والمعاناة عمن وقع عليه.
(*) النائب الأول للمرشد العام للإخوان المسلمين
(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 27 نوفمبر 2005)
الإخوان المسلمون وحكم مصر: لا مبرر للقلق
سؤال افتراضي يتردد اليوم بقوة: ماذا لو حكم الإخوان المسلمون مصر؟!
ولعلمائنا القدامى مذهبان في تناول الأسئلة الافتراضية، رفض البعض الخوض فيها وانتقد طرحها وسماهم «الأرأيتيين» من التساؤل أرأيت؟ وهم أهل الأثر بينما تطرق الآخرون للبحث حول الافتراضات ملتمسا تغيرات المستقبل، ونحن نقتفي أثرهم.
سبب السؤال ما شهدته مصر من حراك سياسي وخريف ساخن ثم انتخابات مختلفة بها قدر معقول من الحيادية ـ رغم كل السلبيات ـ أسفرت عن فوز عشرات الإخوان بعضوية البرلمان القادم فأصبحوا مع جبهة المعارضة قوة المعارضة الرئيسية في ظل ظروف إقليمية ودولية ضاغطة. تتوقف الإجابة على عدة عوامل أساسية:
أولا: مدى جدية طرح السؤال وقبول الإخوان له، حيث أن القضية غير مطروحة في مصر لأننا ما زلنا في بداية الطريق للتحول الديمقراطي وقد ندخل إلى فترة انتقالية معقولة قبل ان يتم تداول السلطة بضمانات تكفل دورانها باستمرار بين القوى السياسية بحيث لا تنفرد قوة ما بالسلطة وتستبد بها، فنحن ما زلنا في مربع المعارضة وليس مربع الحكم.
ثانيا: الطريقة التي يصل بها الإخوان إلى الحكم ـ إن حدث ذلك، لأن النضج السياسي والتطور الديمقراطي سيفرضان على الإخوان أو غيرهم التصرف بمسؤولية كبيرة تجاه الملفات الشائكة والحساسة، وهنا لا يفيد بحال من الأحوال الاستشهاد بتجارب أخرى للحركات الإسلامية التي وصلت إلى الحكم بطرق ثورية أو انقلابية أو بعد حروب أهلية مثل إيران والسودان وأفغانستان، لأن النموذج المصري سيكون مختلفا تماما، خاصة إذا أضفنا رصيد الخبرة المصرية وخبرة الشعب السياسية الطويلة، وخبرة الإخوان المسلمين ذات الثلاثة أرباع القرن عمرا، وذات الامتداد الشعبي الواسع، والمحضن الكبير للعقول المتميزة من المهنيين وأساتذة الجامعات والمثقفين والطبقة الوسطى.
ثالثا: الحال الذي ستكون عليه مصر اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا، عندما يتحقق دوران السلطة ويصبح السؤال واقعيا وليس افتراضيا لأن ظروف مصر تتغير باستمرار، مصر اليوم ليست كما كانت منذ ربع قرن من الزمان مثلا، فلا داعي للقلق ولا مبرر للخوف.
سيواجه الإخوان ملفات صعبة، وسيكون الأفضل اشتراك الجميع في عبء الحكم ومسؤولية الإصلاح حتى يتحمل الجميع ـ المعارضة والحكم والشعب ـ حجم التضحيات المطلوبة للخروج بمصر من أزماتها ومشاكلها الصعبة التي تسبب فيها ثالوث الاستبداد والفساد والتخلف.. ستكون أهم الملفات:
أولا: تعزيز الحريات العامة بمختلف أشكالها حيث يؤمن الإخوان بأن الحرية هي أهم وسيلة لتحقيق الأمن والاستقرار الضروريين لتحقيق التنمية الاقتصادية والرخاء فالإسلام دين الحرية.
ثانيا: تحقيق أكبر قدر من التماسك والتضامن الاجتماعي ورفع الظلم الواقع على الطبقات الدنيا والوسطى اقتصاديا، مع الحرص على تقوية الوحدة الوطنية ونزع فتيل التوترات الطبقية والحفاظ على المساواة الكاملة وتكافؤ الفرص بين الجميع على قاعدة المواطنة والوقوف بكل قوة ضد الليبرالية المتوحشة التي لا يهمها إلا الكسب وفقط على حساب أي معنى اجتماعي.
ثالثا: حماية الضعفاء اجتماعيا، خاصة المرأة والأقباط والأطفال وغيرهم، على قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات أمام الدستور والقانون.
رابعا: تعزيز الروح الإيمانية: إسلامية أو مسيحية فالإيمان هو الذي يزرع الأمل، والأمل يدفع إلى العمل والإنتاج، وهذا يقود إلى التنمية والرخاء وإرساء قيم الشريعة الإسلامية في العدل والمساواة والتنمية والشورى، وهذا هو معنى أن «الإسلام هو الحل»، وللحديث تفصيل يحتاج إلى مقالات.
(*) قيادي بارز في جماعة الإخوان المسلمين بمصر
(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 27 نوفمبر 2005)