TUNISNEWS
6 ème année, N° 2134 du 26.03.2006
ضحايا التعذيب ضدّ الإفلات من العقاب: بيان الجزيرة نت: تونس تحكم عائدا من غوانتانامو بـ68 سنة سجنا الموقف: قوات الامن تمنع تجمعا للمطالبة بالحريات الموقف: عمادة المحامين اخلالات في انتخابات المحامين الشبان الموقف: المنستير ” العميد يتحول إلى شرطي والشرطي إلى متفرج الحياة: شاشة المستعمر السابق تحتفل ببطولة المقاومين جلال ورغي: الوضع السياسي التونسي بين مناورات السلطة وارتباك خيارات النهضة
محمد الحمروني: ماذا وراء العفو عن بعض المساجين السياسيين في تونس؟الأستاذ عز الدين شمام: هل هي مبادرة سياسية أم مناورة أمنية؟ الصباح: الانتهاء من إعداد مشروع القانون المتعلق بتنظيم (!!!!) قطاع الصحافة الالكترونية الشروق: الوقاحة… والاستعمار الطاهر العبيدي: إلى شباب “الحــرقة”: أحلام تُدمـّر على جدران الرحيل مرسل الكسيبي: تونس: ماذا بعد خمسين سنة من عبادة الأرقام والزعامات؟ لطفي حجي: الفريضة الغائبة في الاستقلال التونسي برهان بسيس: مـن وحـي الاستقــلال وحولــه الأستاذ عبد الكريم الحيزاوي: 50 سنة استقلال .. شدّ وجذب بين التحرّر والانغــلاق الدكتور: المنجي الكعبي: تعديــل النظـر فــي قضايـا كثيــرة توفيق المديني: القمة العربية وتحديات المرحلة الصباح: في المواجهة المفتوحة بين القرضاوي وعمرو خالد الصباح: الوزيرة السابقة فتحية مزالي تدلي بشهادة تاريخية (1 من 2) إسلام أون لاين: حزب مصري: التزاوج طريق العرب للوحدة!
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
ضحايا التعذيب ضدّ الإفلات من العقاب
“لكلّ فرد الحقّ في الحياة والحرّيّة وسلامة شخصه”.
(المادّة 3 من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان)
نحن ضحايا التّعذيب تحت أجهزة البوليس السّرّي في ظلّ نظام حكم الرّئيس بن علي، نعلن ما يلي:
1- انطلاقا من حقيقة أنّ كرامة وأمن الجيل الحالي والأجيال القادمة مرتبطة ارتباطا عضويّا بمدى تمتّع المواطن وجميع مكوّنات الشّعب التّونسي بالأمن المطلق من التّعرّض لأيّ نوع أو صنف من فنون التّعذيب من قبل أجهزة البوليس المحميّة بالكامل من قيادة السّلطة العليا (لا يُعرّض أيّ إنسان للتّعذيب ولا العقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشيّة أو الحاطّة بالكرامة.-المادّة 5 من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان). إذ أنّه لم ولن ينعم أحد بالأمن أو الأمان أو بأيّ نوع من الحرّيات الأساسيّة أو السّياسيّة الحقيقيّة طالما أنّ شرعيّة سلطة الحكم في تونس لا تستمدّ من رضا مواطنيها و شعبها طبقا للمعايير المعمول بها دوليّا- لذا- فإنّه في ظلّ هيمنة هذا الظّلم الصّارخ- فلا أمل في مستقبل يتّسم بالأمن والأمان الغير مغشوش إلاّ بمحاكمة عادلة لكلّ المقترفين لجرائم التّعذيب الفظيعة والمتكرّرة سواء كانوا آمرين أو منفّذين أو محرّضين أو متستّرين عليه وسواء كانوا من التّونسيّين أو الأجانب مهما كانت مواقعهم السّياسيّة أو الحزبيّة ؛ أو كانوا من الأطبّاء الوالغين في التّعذيب وتوجيهه والّذين لم يتورّعوا سابقا ومازالوا لا يتورّعون عن الإدلاء بشهادات قانونيّة مزوّرة للتّستّر على مجرمي التّعذيب ومشاركتهم في محو آثار جريمتهم؛ بل أنّ كثيرا من وكلاء الإدّعاء العامّ وقضاة التّحقيق وكثير من القضاة لدى المحاكم الإبتدائيّة والإستئناف والتّعقيب والمحاكم العسكريّة من الّذين جعلتهم السّلطة الحاكمة يختصّون في القضايا السّياسيّة عبر تعيينهم المتكرّر بعد التّنسيق بين وزارتي العدل والدّاخليّة؛ وخصوصا بعدما ثبت لهم من سعي هؤلاء لتنفيذ إرادة أجهزة أمن الدّولة والإستخبارات ذات السّمعة الواسعة في النّشاط خارج إطار القانون واقتراف جرائم التّعذيب حتّى القتل بسبب حيازتهم كلّ الصّلاحيّات لاختلاق التّهم وتلبيسها لمن يشاؤون ولتجاوز سلطاتهم في كافّة الإتّجاهات نتيجة تمتّعهم بالحماية والتّسهيلات الكاملة من أجهزة الدّولة وخصوصا من قبل رئيس الدّولة ونظامه في دولة تعتمد على بنية التّعذيب وعدم التّردّد في القيام بالأعمال الغير شرعيّة باسم القانون تارة و بتجاوزه أطوارا أخرى حسب ما تقتضيه مصلحة “الأوليغاركيا” الحاكمة.
إنّ سلاح التّعذيب أصبح سلاحا معتمدا من أجل بثّ الرّعب في النّخب المقاومة للقهر والظّلم والإستبداد لإرهابهم وإرعابهم مع بقيّة الشّعب التّونسي، كبديل عن شرعيّة التّراضي بين الحاكم والمحكومين.
إنّ شرعيّة القهر والإخضاع لنظام التّعذيب في تونس يعتمد على إمكانيّات و أجهزة الدّولة في نشاطات و جرائم خارج القانون والدّستور من ناحية، والإستمرار في سنّ قوانين غير دستوريّة لهدف سحق إرادة الأحرار، ثمّ تعدّى ذلك إلى مكافأة مقترفي التّعذيب بالأوسمة من قبل رئيس الدّولة لتشجيعهم من ناحية وتسويقهم كخبراء في مقاومة الإرهاب في الوقت الّذي هم يمثّلون المحرّك الأساسي لإنتاج الإرهاب.
و أمام اتّساع أجهزة التّعذيب في الدّولة ومواصلة حلقات التّنكيل ضدّ ضحاياها- بالحرمان من حقوق المواطنة كاملة وحقوق العلاج والتّنقّل والشّغل والحصول على وثائق السّفر و بطاقة الهويّة الشّخصيّة و أحيانا التّعليم سواء كان لهم أو لذويهم، فضلا عن استمرار التّعذيب في السّجون بفرض العزلة على السّجناء لسنوات طويلة وبحرمانهم من العلاج حتّى نقطة حصول الخطر بالموت المباشر أو بعد حين، أو بالسّقوط الدّائم على مستوى الأعصاب و الشّلل الكامل أو الجزئى أو فقدان بعض الأعضاء أو فقدان البصر أو حتّى العقل لبعض الرّجال و النّساء، إضافة لترك ضحايا التّعذيب تستفحل فيهم الأمراض الخطيرة والمميتة كالسّرطان والجرب والسّلّ ومختلف أمراض القلب والسّكّري مع تعمّد ترك الضّحايا ينزفون في جروحهم النّاتجة عن التّعذيب حتّى يظلّوا فريسة لتعفّنها، وآخرون يتركون بكسورهم الخطيرة على مستوى العظام دون علاج مناسب في إبّانه حتّى يتمّ السّقوط والتعفن والعذاب أكثر وأكثر لسنوات طويلة.
أمّا الضّحايا الّذين فرّوا من جحيم التّعذيب نحو التّشرّد، فإنّ أزواجهم و أطفالهم وذويهم من ورائهم يخضعون للرّعب المستمرّ عبر ترهيبهم في مخافر الشّرطة وزيارة بيوتهم في آخر الليل بهدف تحطيم أعصابهم وتدمير كرامتهم مع حرمانهم من حقوقهم الطبيعيّة في الأمن والحياة الكريمة بدل الإمعان في تجويعهم وحرمانهم ليذوقوا الرّعب والويلات من لدن دولة التّعذيب.
لقد تفنّنت دولة التّعذيب في استغلال المؤسّسات الدّوليّة مثل الأنتربول وبعض مؤسّسات الأمم المتّحدة السّاهرة على محاربة الإرهاب الدّولي بعقد الصّفقات الأمنيّة الدّوليّة من أجل استعمالها كأدوات استمرار التّعذيب والإنتقام من ضحاياها المشرّدين بالزّجّ بأسماءهم واختلاق التّهم لهم ظلما وعدوانا وبعيدا عن أيّ مسؤوليّة قانونيّة أو أخلاقيّة من قبل سلطان دولة التّعذيب (-لا يجوز القبض على أيّ إنسان أو حجزه أو نفيه تعسّفا –المادّة 9 من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان).
ونتيجة لكلّ ما سبق ذكره فإنّه أصبح من الحتميّ، من أجل وضع نهاية للتّعذيب الّذي أصبح سلاح الدّمار الشّامل المفضّل لدى دولة التّعذيب و الإكراه ضدّ شعبها، بالعمل الدّؤوب على تفكيك بنية نظام التّعذيب وأجهزته ومحاكمة كلّ الوالغين في جرائم التّعذيب من رأس الدّولة إلى من دونه مهما كان موقعه وذلك من أجل مستقبل العباد والبلاد في تونس وفي العالم.
2- إنّ منظّمة “ضحايا التّعذيب ضدّ الإفلات من العقاب” تحمّل كلّ مواطن حرّ أبيّ من الشّعب التّونسي و كذلك كافّة المنظّمات الحقوقيّة في تونس والعالم وكذلك الشّخصيّات والمؤسّسات وحتّى اللّجان الحقوقيّة المختصّة في البرلمانات من الملتزمين بكرامة و حقوق الإنسان، أمانة السّعي الجادّ والدّؤوب لجلب أمام العدالة – كلّ مجرمي التّعذيب و المحرّضين و المتستّرين عليه والآمرين به والمبرّرين له من أبواق الدّعاية الرّخيصة ومن الّذين خانوا أمانة القضاء وباعوا ضمائرهم إلى الظّالم عوض القصاص منه – وذلك حتّى تمّحي أبدا ممارسة التّعذيب من تونس والعالم وكذلك كلّ المسوّغات والمبرّرات الّتي تدفع السّلطات لممارسة واستعمال التّعذيب.
3- إنّ ضحايا التّعذيب ضدّ الإفلات من العقاب المؤسّسين لهذه المنظّمة الجديدة يلتزمون لوضع كلّ جهودهم لصالح كلّ الضّحايا لتحقيق العدالة لهم ولذويهم، مع تقديم العون المناسب للحصول على الرّعاية الطّبّيّة الكاملة وإعادة تأهيلهم وكذلك لإعادة الإعتبار المعنوي والحصول على تعويضات على كلّ الأضرار المادّيّة الّتي لحقتهم وهذا سواء كانوا على قيد الحياة أو بعد الوفاة.
4- إنّنا نطلب من كلّ المنظّمات والمؤسّسات النّشطة في مجال محاربة التّعذيب و حقوق الإنسان من أجل مساعدتنا فنّيّا ومعنويّا وإعلاميّا وبأيّ شكل تستأنس إليه كل ّجهة معنيّة ويتناسب مع طبيعة نشاطها، من أجل إنهاء الإفلات من العقاب لمقترفي التّعذيب و الحيلولة دون حمايتهم أو التّستّر عليهم وذلك مهما كانت الجهة وراء ذلك سواء كانت دائرة السّلطة أو غيرها.
5- إنّنا نعتبر إعانة مقترفي التّعذيب و حمايتهم من أجل الإفلات من العقاب هو بمثابة تقديم خدمات ودعم الحكومة النّازيّة أثناء ممارستها تعذيب وتقتيل اليهود والغجر وغيرهم إبّان الحكم النّازي البائد؛ وبالتّالي فإنّ تتبّع و فضح وكذلك الضّغط على كلّ المنظّمات الرّخيصة في إيطاليا وفرنسا وفي مصر وكذا بعض الجامعات الغربيّة الّتي بسبب طمعها في أموال شعب تونس تساهم في التّعمية على الرّأي العام الدّولي بإسداء شهادات استحسان حول حقوق الإنسان زورا – تماما مثل تلك الجامعات الغربيّة الّتي تعرض إعطاء شهادات دكتوراه مقابل مبلغ من المال وبقطع النّظر عن التّحصيل العلمي من عدمه. ولا يفوتنا ذكر الدّور المهين الّذي يقوم به بعض السّاسة الأوروبّيين خصوصا أولئك الّذين عندهم علاقة تاريخيّة بتونس من أجل تقديم الدّعم الدّعائي والدّفاع اللاّمشروط لسلطة التّعذيب على حساب حقوق الإنسان عامّة وحقوق ضحايا التّعذيب خاصّة انطلاقا من الصّمت إلى التّحريض ثمّ إلى الإشادة أحيانا أخرى تحت لافتة محاربة المعارضين الرّاديكاليّين للنّظام التّونسي أو الإسلاميّين بقطع النّظر عن الطّبيعة السّلميّة لأفكار ضحايا التّعذيب وقناعاتهم ومعتقداتهم الرّافضة عادة لإكراه الآخرين بها.
وفي الختام فإنّنا نؤكّد على ما يلي:
أ- الجلب أمام العدالة لكلّ مقترفي جرائم التّعذيب سواء كانوا مشرفين أو منفّذين أو متستّرين عليها أو الدّاعين إليها بالتّخطيط أو بالإعلام أو بسوء استغلال السّلطة وأجهزة الدّولة. وكذلك الأطبّاء الّذين تنكّروا لشرف ونبل المهنة وانخرطوا في التّعذيب، وخصوصا بعض وكلاء الجمهوريّة والمدّعين العامّين وبعض قضاة المحاكم الإبتدائيّة والإستئناف والتّعقيب والمحاكم العسكريّة الفاقدة لأيّ سند دستوري. إضافة لأجهزة “سلامة أمن الدّولة والإستخبارات المبثوثة في كلّ البلاد وإضافة للسّجون ومدرائهم” من الّذين ثبت أو يثبت عليهم أيّ تهمة ذات صلة بالتّعذيب سواء ضدّ الّذين قضوا نحبهم أو الّذين مازالوا على قيد الحياة في السّجن أو المسرّحين الفاقدين لحقوقهم أو المشرّدين.
ب- نهدف لاسترداد كلّ حقوق ضحايا التّعذيب وتعويضهم عمّا لا يمكن استرداده لكن بالعدل والقسطاس حيثما توفّر ويرضي ضحايا التّعذيب سواء كان ذلك في داخل البلاد أو خارجها في محاكم دوليّة- ومن الآن وحتّى يتحقّق العدل ولو بعد عشرات السّنين- مع التّأكيد على رفض التّفريط في حقوق الضّحايا لأنّه حقّ شخصي أصيل وما ينبغي أن يخوّل لأيّ جهة أخرى التّنازل أو الإنزلاق في التّسويات السّياسيّة الّتي تطمس الحقوق الأساسيّة المقدّسة وتمسّ مباشرة بنية دولة المستقبل الّتي يجب أن تكون خالية من ممارسة التّعذيب للنّفس البشريّة الّتي كرّمها أللّه سبحانه وتعالى.
ج- نؤكّد على ضرورة تركيز مراكز استشفاء وإعادة تأهيل لضحايا التّعذيب والمتضرّرين من ذويهم وإعانتهم مادّيّا ومعنويّا مع السّعي لإيقاف كلّ أشكال التّعذيب المتواصلة في حقّهم سواء بالمطاردة الكيديّة الّتي يقوم بها النّظام الحالي أو بتعطيل دولة التّعذيب لجميع حقوق المواطنة الّتي ينصّ عليها الدّستور.
د- إنّنا سنقوم بحملة لدى وسائل الإعلام والبرلمانات الدّوليّة وكلّ مكوّنات المجتمع الدّولي والحركات الاجتماعية من أجل إعانتنا على تحقيق أهدافنا وأخذ حقوقنا من المعتدين. كما نعتبر أنّ إنهاء ممارسة التّعذيب في تونس والعالم العربي والعالم هو هدفنا المقدّس.
منظّمة “ضحايا التّعذيب ضدّ الإفلات من العقاب”
2- القائمة الأولى للأعضاء المؤسّسين نشطاء حقوق الإنسان:
سيّد فرجاني—السيّد أحمد السميعي— الأستاذ عبد الرؤوف العيّادي – الأستاذ نجيب حسني- السيّد عبد النّاصر نايت لمام— السيّد محمد علي البدوي— السيّد لسعد الجوهري.
3- ملاحظة أنّ الباب مفتوح لكلّ من يريد أن ينخرط من ضحايا التّعذيب أو ذويهم من الّذين يريدون الإنضمام إلى المنظّمة من أجل تحقيق أهداف المنظّمة، وذلك بعد التّسجيل الرّسمي القانوني وإقرار العضويّة من المؤسّسين أو المؤسّسات الّتي ستنبثق عنها ذات الإختصاص.
أوروبّا- الأحد 26 مارس 2006
تونس تحكم عائدا من غوانتانامو بـ68 سنة سجنا
الرابطــة تتضامن مع الجلالي
عبرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عن تضامنها مع الأستاذ المختار الجلالي المحامي و العضو السابق بمجلس النواب، الذي تلقى في المدة الأخيرة تحذيرا صريحا بأن اطرافا تعد له “ضربة موجعة”. و عبّر الأستاذ الجلالي وعائلته عن عدم الخشية من ذلك و أعلموا عدة أطراف بما يحضر لهم وإثر ذلك تحوّل الأمر إلى تهديد من طرف أشخاص مجهولين و أن هدفهم هو الحصول على المال و إلاّ فإنهم سينشرون صورا خليعة و أشرطة فيديو تصوّر الأستاذ الجلالي في مظاهر غير أخلاقية. و جاء هذا التهديد عن طريق الهاتف ثم عن طريق رسالة وصلت إلى مكتب الأستاذ الجلالي.
و تزامنت هذه التهديدات مع مراقبة مستمرة لمكتب الأستاذ الجلالي و منزله و ملاحقته في كل تحركاته. و إمعانا في تهديد الأستاذ الجلالي وعائلته أرسل إليه أخيرا شريط فيديو رفض الأستاذ الجلالي وعائلته مشاهدة ما تضمنه و قاموا بإتلافه، وقد أردف هذا الشريط برسالة أخرى تهدد الأستاذ الجلالي بأن أشرطة أخرى في الطريق إن لم يدفع “الفدية” المطلوبة مع الإمعان في محاولة إخفاء هوية القائمين بهذه الحملة.
وقد تقدم الأستاذ الجلالي بشكاية إلى وكالة الجمهورية و أعلم السلطات و عميد المحامين و مختلف الهيئات الحقوقية بهذا الإبتزاز الحقير الذي يتعرض له وعائلته.
(المصدر: صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 352 بتاريخ 24 مارس 2006)
قوات الامن تمنع تجمعا للمطالبة بالحريات
محمد فوراتي
قامت قوات الأمن بالزي المدني الجمعة الماضي بتفريق تجمّع عام بالقوة دعت له هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات. وبعد نجاح عشرات النشطاء والمواطنين في الوصول إلى ساحة الاستقلال واعتصامهم جلوسا رافعين شعار ” بالروح بالدم نفديك يا حرية” تدخل العشرات من الاعوان بالزي المدني و دفعوا بعض المعتصمين وركلوا البعض الآخر بالأرجل ووجهوا إليهم اللكمات مما تسبب في إصابة العديد منهم بأضرار بدنية. وكانت أنهج و شوارع العاصمة أغلقت بقوات كبيرة و سدت المنافذ المؤدية إلى وسط المدينة، لمنع التجمع التي دعت له الهيئة بمناسبة الذكرى الخمسين للإستقلال. ومنع عشرات المواطنين من المرور إلى شارع حبيب بورقيبة وتعرض بعضهم للعنف الشديد كما أجبر عدد من النشطاء القادمين من الجهات على العودة على أعقابهم. ومن بين المتضررين حمة الهمامي و سمير ديلو ولطفي حجي ومحمد الحمروني وراضية النصراوي وبشير الصيد وعياشي الهمامي وعبد الرؤوف العيادي.
من جهة اخرى حاصرت قوات الامن المداخل المؤدية إلى سجن 9 أفريل لمنع تجمع لعائلات المساجين السياسيين أمام السجن للمطالبة بتسريح أبنائهم. ورغم ذلك نجحت حوالي أربعين إمرأة في الوصول للمكان واعتصمن لبعض الدقائق قبل أن يتدخل عشرات الأعوان لتفريقهن.
(المصدر: صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 352 بتاريخ 24 مارس 2006)
استهتار بحقوق المواطنين
استنكرت هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات استهتار السلطات بحقوق المواطنين و خاصّة منها الحق في الشغل الذي أصبح امتيازا تمنحه السّلطة للموالين لها.
وذكّرت الهيئة في بيان لها بإقدام المواطن علي الورغي، 42 سنة، متزوّج و له أربعة أبناء، عاطل عن العمل، قاطن بماطر، على سكب كمّيّة من البنزين على جسمه يوم الخميس 9 مارس الجاري و إضرام النار فيه ممّا أدّى إلى وفاته بمستشفى “عزيزة عثمانة”، متأثرا بجراحه. و أقدم هذا المواطن على حرق نفسه بعد حوالي ساعة و نصف من مقابلته معتمد المنطقة الذي أبدى عدم اكتراث بوضعه الاجتماعي و بمطلبه الرّامي إلى الحصول على موطن شغل لإعالة زوجته و أبنائه و ردّ على تهديده بإحراق نفسه: “برّه أحرق روحك”!. وعبرت عن تضامنها مع عائلة السّيّد علي الورغي وطالبت بمحاسبة معتمد ماطر وجبر الأضرار لعائلة الضحيّة.
كما عبرت الهيئة عن مساندتها لمطلب السّيّدة عفاف بن ناصر في مباشرة عملها كمعلمة وفقا لقرار انتدابها من وزارة التربية و حملت السّلطات مسؤوليّة كل ما يمكن أن يلحق بها من أضرار جسديّة و نفسيّة جرّاء إضراب الجوع.
وكانت السيّدة عفاف بن ناصر دخلت في إضراب غير محدود عن الطعام بداية من يوم الجمعة 10 مارس الجاري احتجاجا على عدم تمكينها من مباشرة عملها كمعلمة بجهة القيروان بعد انتدابها من قبل وزارة التربية و ذلك بتعلة أنها معارضة. و قد تدهورت حالتها الصحّيّة مساء الاثنين 13 مارس الجاري ممّا استوجب نقلها إلى المستشفى و إبقاءها تحت المراقبة الطبيّة ليلة كاملة.
(المصدر: صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 352 بتاريخ 24 مارس 2006)
عمادة المحامين اخلالات في انتخابات المحامين الشبان
احتجت الهيئة الوطنية للمحامين على الظروف التي جرت فيها انتخابات المحامين الشبان وقالت في بيان لها ” أن مجلس الهيئة الوطنية للمحامين المجتمع بمقره بقصر العدالة بتونس يوم 17 مارس 2006، بعد استعراضه للظروف المأساوية التي دارت فيها “انتخابات ” الجمعية التونسية للمحامين الشبان والتي تم تنظيمها يوم 11 مارس 2006 بإرادة منفردة من الهيئة المديرة المتخلية للجمعية، خلافا للقرار التحكيمي الصادر عن العميد ومجلس الهيئة والمصادق عليه من قبل جميع المترشحين على إثر الخلافات التي برزت يوم 04 مارس 2006 وأعاقت تنظيم الانتخابات في موعدها أولا : يندد بما تخلل تلك “الانتخابات” من اخلالات وتجاوزات خطيرة وحضور مكثف لقوات الأمن بمختلف أصنافها. ثانيا: يستنكر ما شابها من اعتداءات لفظية ومادية على المحامين سواء تلك التي صدرت عن أعوان الأمن أو بعض الزملاء الذين لم يراعوا أخلاقيات المهنة وواجبات الزمالة.
ثالثا: يهيب بجميع الزملاء بأن يتمسكوا بوحدة المهنة واستقلاليتها والالتفاف حول هياكلها الشرعية المنتخبة ديمقراطيا بعيدا عن الحسابات السياسوية الضيقة والمصالح الشخصية”. و بمناسبة مرور سنة على الأحداث الأليمة التي شهدتها مهنة المحاماة يوم 16 مارس 2005 والتي تمثلت في اعتداءات صارخة على مهنة المحاماة وهياكلها وهضم لحقوق الدفاع بعد ايقاف المحامي محمد عبو وعبر مجلس الهيئة عن تمسكه باستقلالية مهنة المحاماة وتجنده للدفاع عنها والذود عن شرفها وكرامتها. وقرر تعيين يوم 16 مارس من كل سنة يوم المحامين يقع الاحتفال به على النطاق الوطني
(المصدر: صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 352 بتاريخ 24 مارس 2006)
المنستير ” العميد يتحول إلى شرطي والشرطي إلى متفرج
هذا ما حصل يوم السبت 4 مارس عندما أقام الاتحاد العام لطلبة تونس حفلا موسيقيا أحيته مجموعة ” أولاد المناجم ” . فقد لاحظ كل من مرّ أمام كلية العلوم بالمنستير وكل طلبة الكلية المهزلة التي حصلت ووقفوا على ما تعكسه من دلائل على ما آلت إليه الأوضاع في بلادنا ، إذ تم منع ضيفي الاتحاد السيد سالم الحداد رئيس فرع المنستير لرابطة حقوق الإنسان والأستاذ رشيد الشملي عضو بنفس الهيئة من حضور فعاليات الأمسية الثقافية. والعجيب والخطير في نفس الوقت أن المنع لم يكن من الشرطة أو الأمن الجامعي بل كان السيد العميد الذي لم يدخر صوتا ولا ذراعا لمنع ضيفي الاتحاد من الدخول تحت أنظار أعوان الأمن . ولم تزد محاولات الطلبة لاقناعه بأنهما ضيفان من رابطة حقوق الإنسان إلا تمسكا بموقفه إذ صاح بالحرف الواحد ” ليس لدي حقوق إنسان هنا” و” مارسوا هذه الحقوق بعيدا عن الكلية ” فوضع العميد سابقة خطيرة يمارس فيها رئيس المؤسسة الجامعية العنف اللفظي والجسدي على الطلبة والأساتذة.
الاتحاد العام لطلبة تونس
كلية العلوم – المنستير .
(المصدر: صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 352 بتاريخ 24 مارس 2006)
دور نشر وطنية وعربية في معرض صفاقس لكتاب الطفل
يشارك أكثر من أربعين عارضا لكتب الأطفال ومجلاتهم ولعبهم في فعاليات الدورة 13 لمعرض صفاقس لكتاب الطفل الذي يستضيف الاديب السوري سليمان العيسى وهو من أبرز الشعراء العرب الذين كتبوا شعرا ومسرحا واناشيدا وقصصا للأطفال. وتشرف على المعرض وزارة الثقافة والمحافظة على التراث. وقد اعدت هيئة المعرض برمجة ثرية واستثنائية تماشيا مع التتويج الوطني الذي حصدته ” جمعية معرض صفاقس لكتاب الطفل” وحصولها على جائزة رئيس الجمهورية لحقوق الطفل سنة 2006.
وبمناسبة سنة ابن خلدون ستقدم الجمعية عروضا فرجوية تحت عنوان ” أضواء خلدونية”. كما تحتضن هذه الدورة أشغال الملتقى الوطني للمطالعة والذي يتواصل على مدى ثلاثة أيام ( 31 مارس و 1 و 2 أفريل). وتدور فعالياته حول آليات وتقنيات ترغيب الطفل في المطالعة.
(المصدر: صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 352 بتاريخ 24 مارس 2006)
زرمدين : استغلال نفوذ
محمد نجيب الحداد
تعرض السيد عامر عياد، أصيل مدينة خنيس، ويعمل تاجرا وهو عضو بجامعة المنستير للحزب الديمقراطي التقدمي، إلى ممارسات غريبة الأطوار، مثبتا دعواه بنسخة من وصل مالي، في شأن خلاص حكم، مشفوع بختم لمحافظ الشرطة رئيس مركز الأمن الوطني بخنيس. فحسب شكوى السيد عامر عياد اتصلت شرطة المكان بهذا الأخير في متجره يوم 13 فيفري 2006 على الساعة منتصف النهار وجلبته إلى الأمن، حيث وجد رئيس المركز صحبة عدل منفذ (الأستاذة يسرى الغزي) التي هددته بالقيام بعقلة تنفيذية إن تأخر عن توفير مبلغ 500 دينار في ظرف ربع ساعة. وما كان من السيد عامر إلا أن قام بجلب المطلوب منه لدرء الاسوإ حسب رأيه، لكنه صدم بما هو اغرب إذ سلمته الأستاذة الجالسة بمكتب رئيس المركز وبحضوره، وصلا مقابل المبلغ المالي بخط يدها خال من اسمها وصفتها. وعند امتناعه عن استلام الوصل على تلك الحال ، راده السيد المحافظ غرابة حين وضع ختمه على إمضاء الأستاذة، قاذفا بمبدأ فصل السلط عرض الحائط. ورفع المعنيون بالأمر شكوى إلى السيد وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بالمنستير للاستجلاء الحقيقة و الحد من ظاهرة استغلال السلطة .
(المصدر: صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 352 بتاريخ 24 مارس 2006)
الفريَو: من يقف وراء هذه السرقات؟
سيدي بوزيد – وحيد إبراهمي
نتيجة للإقصاء والتهميش وقسوة الظروف الاجتماعية وآفة البطالة المزمنة التي تسيطر على الشباب تفجّرت الجريمة بمختلف أشكالها وصارت لغة رسمية متجسدة في حوارات السكاكين والاغتصاب والسرقة … في هذا الإطار شهدت عمادة “الفريو ” من ولاية سيدي بوزيد موجة كبيرة ومتواصلة من السرقات الليلية التي استهدفت ممتلكات المواطنين من دواب ومواشي وخلع لمحلات تجارية ونهب محتوياتها، وقد سجلت كلها ” ضد مجهول “، مما ساهم في إشاعة أجواء من الهلع والترقب لدى المواطنين في ظل عجز المؤسسة الأمنية عن وضع حد لهذه الظاهرة . وكان عديد المواطنين ضحايا لهؤلاء اللصوص والمنحرفين إذ سلبوهم أملاكهم وقطعان الأغنام والماعز، كما هجر النوم والطمأنينة جفون السكان حتى أن المصابيح الكهربائية صارت تشتغل إلى الصباح . يحدث هذا في ظل سيادة خطاب يتغنى بالأمن والأمان والنعيم الذي ترفل فيه البلاد. غير أن الواقع يدحض هذا الخطاب ويظهر أن المهمة الأولى هي مطاردة نشطاء حقوق الإنسان وأحزاب المعارضة الحقيقية والمنظمات والجمعيات المستقلة وعرقلة أنشطتها . لذا فان أهالي هذه العمادة ينادون بضرورة وضع حد لمرتكبي السرقات والكشف عنهم ومحاكمتهم والتعويض عن الممتلكات المنهوبة. كما يطالبون بتكثيف الدوريات الأمنية في هذه المنطقة حتى ينعموا بالراحة والأمن الحقيقي. كما يأملون في إيجاد حلول عاجلة وجذرية لشباب الجهة الذي تعصف به البطالة.
(المصدر: صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 352 بتاريخ 24 مارس 2006)
محتويات
العدد الثامن عشر من مجلة “أفكار أون لاين” التونسية
مارس 2006 – أفريل 2006
ملف العدد
تونس : خمسون سنة على الاستقلال
تونس في عيدها الذهبي : قراءة خاصّة جدّا
د. عبد السلام المسدّي –أستاذ اللسانيات – جامعة منوبة – تونس
ذ
اكرة / مخيلة التلقي لدى التونسيين بين الخطاب السياسي في دولة الاستقلال ودولة التغيير مرجعية الماضي ومرجعية المستقبل د.كمال عمران – أستاذ الحضارة العربية جامعة تونس منوبة
مسألة الهوية : محاولة في قراءة سوسيولوجية لتوطئة دستور 1959
د- حافظ عبد الرّحيم – كلّية الآداب والعلوم الإنسانيّة – صفاقس
الاندماج السياسي وتشكّل مفهوم الوطن في تونس
د.محمد نجيب بوطالب – جامعة تونس المنار
ا
لإصلاحات الدستورية منذ الاستقلال : من الدولة الحديثة… إلى الحكم الرشيد الدكتور عبد السلام دمّق– حقوقي، جامعـي
تونس : الاستقلال … وتحصين السيادة في عالم متغير رئيس تحرير مجلة “الوفاق العربي – عبد المجيد الجمني–
مفكرو الإصلاح و الدعوة إلى استقلال تونس : في النصف الأول من القرن العشرين
د-أحمد الطويلي–أستاذ الحضارة العربية جامعة تونس منوبة
دولة الاستقلال وقيم الحداثة التربوية: خصوصية المرجعيات وكونية التوجهات
أستاذ بجامعة تونس المنار د.عثمان بن طالب.-
المسألة الدينية بين دولة الاستقلال ودولة التغيير
د. عبد الرزاق الحمامي – أستاذ بجامعة منوبة –تونس
الأسرة التونسية الحديثة بعد نصف قرن من الاستقلال : أيّة علاقة للتشريع بالواقع؟
د. الحبيب الدرويش – أستاذ علم الاجتماع بجامعة صفاقس – نائب رئيس الجمعية ا لتونسية لعلم الاجتماع
(المصدر: موقع مجلة أفكار أون لاين بتاريخ 26 مارس 2006)
الوصلة:
http://www.afkaronline.org/arabic/sommaire.html
بعد «استقلال المغرب»، استقلال تونس على القناة الفرنسية الخامسة اليوم…
الحياة: شاشة المستعمر السابق تحتفل ببطولة المقاومين
الرباط – عادل الزبيري
بمناسبة مرور نصف قرن على استقلال المغرب، عرضت «القناة الفرنسية الخامسة» السبت الماضي، الجزء الأول من الشريط الوثائقي «ربيع 56»، الذي يخلد الجزء الأول منه مرور 50 عاماً على خروج فرنسا من المغرب، والتوقيع على الاستقلال. وسيتناول الجزء الثاني من هذا الشريط اليوم، الذكرى الذهبية لاستقلال تونس.
يسلط «ربيع المغرب» للمخرج فريديريك متيران الضوء على أهم المراحل التي قطعها المغرب على طريق التحرير. ويقدم شهادات لفرنسيين ولوزراء مغاربة ممن كانت شؤون المغرب بين أيديهم، إلى جانب شهادات قياديين من حزب الاستقلال، منهم امحمد بوستة ومحمد الدويري والد عادل الدويري وزير السياحة المغربي الحالي.
ويتطرق إلى الظروف السياسية الصعبة التي عاشتها البلاد، خلال السنوات الأخيرة للاستقلال، والعمليات التي نفذتها المقاومة المغربية للضغط على المستعمر الفرنسي. ويمرّ على المفاوضات المباشرة التي دارت بين السلطات الفرنسية وقادة المغرب، عقب عودة الملك الراحل محمد الخامس من منفاه في جزيرة مدغشقر، وفشل مؤامرة باشا مراكش الكلاوي، والمقيم العام الفرنسي، لتنصيب محمد بن عرفة ملكاً جديداً للمغرب.
ومن ميزات العمل تجميعه الصور التاريخية، والأشرطة المصورة التي تقرّب المشاهد صوتاً وصورة من تلك المرحلة.
إذاً، يلخص الفيلم مسيرة 44 عاماً من نضال أمة، كافحت في المنطقة السلطانية، حيث الاستعمار الفرنسي، وفي المنطقة الخليفية، حيث الوجود الاستعماري الإسباني. ويصور الصمود السياسي، الذي أظهره رجالات الحركة الوطنية، في مواجهة مؤامرات المقيمين العامين الفرنسيين، والكفاح المسلح في مختلف مناطق البلاد، ما شكل ضغطاً، دفع فرنسا إلى مفاوضات «إيكس ليبان».
واعتبر مخرج «ربيع 56»، أن الملك المغربي الراحل محمد الخامس، كان القائد الوحيد غير الفرنسي، الذي اعتبره الجنرال ديغول، رفيقاً للتحرير، مشيراً في السياق ذاته إلى أهمية إقدام قناة عمومية فرنسية، على إبراز الاهتمام الذي تكنه فرنسا للمغرب.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 25 مارس 2006)
تعليق تونس نيوز:
إن من يشاهد الجزء الثاني من الشريط الوثائقي المخصص لتونس ننتابه مشاعر الألم والغصة ويستذكر باشمئزاز شديد حديث جوقة النظام الحالي عن “الإستقواء بالخارج” وعن شعاراته الجوفاء من قبيل “لا ولاء إلا لتونس” التي أتحفنا بها مؤخرا على شاشة تونس 7 وبقية أجهزة البروباغندا السمجة.
لقد تمكن فريديريك ميتران (وهو الأجنبي) من التحاور بكل حرية مع كل من المواطنين التونسيين السادة: الحبيب بورقيبة الإبن وأحمد المستيري والبشير بن يحمد وجورج عدة وإدريس قيقة ومحمد الصياح والدكتور سعيد المستيري ونور الدين حشاد. في الوقت الذي ترفض فيه التلفزة “الوطنية” الممولة منذ أكثر من 40 عاما من أموال دافعي الضرائب التونسيين مجرد ذكر أسماء الأغلبية الساحقة من هاته الشخصيات التي لعبت أدوارا مهمة في إنجاز الإستقلال والتي تعتبر شهاداتها (مهما كان رأينا فيها) ملكا للتونسيين جميعا ولتونس برمتها.
السيد فريديريك ميتران (الأجنبي) الذي أنجز الشريط الوثائقي المثير قام بعمله كصحفي فرنسي متخصص في المسائل التاريخية على أحسن وجه وتمكن من الحصول على وثائق أرشيفية نادرة جدا تدخل في صميم التاريخ التونسي (والفرنسي) وقدم لمواطنيه من المشاهدين الفرنسيين على قناة عمومية تمول من ضرائبهم وثيقة مثيرة للإهتمام تطرقت إلى مسيرة العلاقة بين بلده المستعمر (بكسر الميم الثانية) وبين تونس المستعمرة (بفتح الميم الثانية) في النصف الأول من القرن العشرين.
وفي المقابل، ماذا فعلت التلفزة “الوطنية” العتيدة في الذكرى الخمسين لاستقلال الوطن؟ لقد اكتفت ببث شريط تافه بلا روح أرفقته بتعليق “شاعري” و “أدبي” على سلسلة من الصور الممجوجة والمنتقاة. شريط لم تفسح فيه المجال لأي شاهد من المناضلين والمقاومين والوطنيين الذين شاركوا وضحوا بالنفس والنفيس من أجل تحقيق الإستقلال .. وهؤلاء لا زالوا على قيد الحياة وكلهم لا زال مقيما في أرض الوطن!!! شريط لم تكلف فيه نفسها الخروج من برجها العاجي إلى المواقع التي شهدت ملاحم الجهاد الوطني المستميت من أجل إزالة كابوس الإستعمار عن بلادنا الموزعة على كل التراب الوطني من جالطة إلى رمادة.
لم يغفل فريديريك ميتران (الأجنبي) في شريطه المهم الدور الجوهري الذي لعبه المرحوم فرحات حشاد والحركة النقابية عموما في إنجاز حلم الإستقلال والحفاظ على مشعل المقاومة مرفوعا وصامدا كما تناول بقدر لا بأس به من الموضوعية مساهمة الباي المحبوب سيدي المنصف باي في تكتيل القوى الوطنية في أحرج الفترات ورفضه الشديد لأي مس برعاياه اليهود من طرف القوات النازية إبان احتلالها للإيالة التونسية.
إننا نعتقد أنه من المؤسف ومن المهين لكل وطني تونسي أن لا تتمكن شخصيات تونسية مرموقة ومهمة من أمثال السادة الحبيب بورقيبة الإبن وأحمد المستيري والبشير بن يحمد وجورج عدة وإدريس قيقة ومحمد الصياح ونور الدين حشاد من الإدلاء بشهاداتهم في الذكرى الخمسين لاستقلال البلاد التونسية عن المستعمر الفرنسي إلا في قناة عمومية فرنسية (!!!).
إنها لفضيحة يا من صدعتم رؤوسنا بشعاراتكم الممجوجة من قبيل “لا ولاء إلا لتونس” و “لا للإستقواء بالأجنبي” وما شابه ذلك من هذا الكلام السخيف. ونحن نتحداكم أن تعرضوا نفس الشريط (الأجنبي) بدون أي تغيير على شاشة “تونس 7” البنفسجية. وبالمناسبة، نحن متأكدون من أن الصديق العزيز فريديريك (الأجنبي) لن يرد لكم طلبا بسيطا كهذا..
أخيرا، نذكر السادة القراء بأن قناة فرنسا الخامسة (الأجنبية) لا زالت تتابع اهتمامها بالشأن التونسي وبخمسينية الإستقلال الوطني من خلال برامج وثائقية مخصصة للزعيم الحبيب بورقيبة (يوم 3 أفريل القادم) وللمرأة التونسية (يوم 28 مارس الجاري):
الوضع السياسي التونسي بين مناورات السلطة وارتباك خيارات النهضة
جلال ورغي
ابتهج الكثير من المتابعين للشأن السياسي التونسي استعادة السيد حمادي الجبالي، القيادي البارز في حركة النهضة ومجموعة من رفاقه حريتهم بعد أكثر من 15 عاما من السجن، قضى بعضهم غالبيتها في زنزانات انفرادية، أو في ظروف غير إنسانية ماسة بالكرامة الإنسانية. ومهما قيل على أن هؤلاء المساجين أوشكوا على استكمال عقوباتهم المسلطة عليهم ظلما، فإن استعادة السجين لحريته حتى ولو يوما واحدا قبيل انقضاء عقوبته، تعني الكثير له، ولأهله، وأحبابه، لأن النفس مجبولة على الحرية، تواقة إلى الانعتاق من كل المكبلات. لذلك فإن مغادرة هؤلاء المساجين السجن حدث كبير لهم ولأهلهم ولكل البلاد.
غير أن الحديث عن هؤلاء المساجين في سياق علاقتهم بالسلطة وإجراءاتها بالإفراج عنهم يثير الكثير من التساؤلات والجدل. فعندما ننتقل من الحديث عن المساجين، واستعادتهم لحريتهم، إلى الحديث عما يمكن أن نطلق عليه “مبادرة من السلطة”، يبرز خلاف كبير، وتباين في تقدير قرار الإفراج عن هؤلاء المساجين، الذين تركوا عشرات من رفاقهم خلف القضبان، بعضهم على فراش الموت، وآخرين دخلوا شبابا ولا زالوا لم يطلقوا حتى كهولا، أمثال العجمي الوريمي، وعبد الكريم الهاروني، وعبد الحميد الجلاصي، وعشرات آخرين.
والذي زاد من الخلاف في تقييم قرار إطلاق سراح مجموعة المساجين، هو فجئيته، بل ومجيئه ضد السياق والثوابت التي يسير النظام عليها، لمن يريد طبعا أن يعقلن ممارسات السلطة.
حيثيات خروج الجبالي ورفاقه:
- أعلنت وسائل الاعلام الرسمية في تونس يوم 25 فبراير قرار الرئيس التونسي بالعفو عن حوالي 1600 سجين، بعضهم بسراح شرطي، وآخرين بعد توفر شروط الحط من بقية العقوبة في حقهم. وتبين بعد مضي ساعات على الخبر، أن من بين العدد الكبير الذي غادر السجن، هناك 78 سجين سياسي، ينتمي غالبيتهم إلى حركة النهضة، كان على رأسهم القيادي البارز حمادي الجبالي، والطبيب لمين الزيدي، والمربي إبراهيم الزغلامي. وكانت أشيعت أنباء عقب إعلان الخبر في وسائل الإعلام الرسمية مباشرة، أن القرار قد يكون شمل جميع المساجين السياسيين، الذين تقدرهم المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية بأكثر من 300. غير أن انجلاء الحقيقة أرجع الخبر إلى سياقه الطبيعي، الذي اعتمدته السلطة منذ أعوام، وهو إطلاق مئات وأحيان آلاف من المجرمين، واللصوص، ومصدري الشيكات بدون رصيد، لينال معهم بعض المساجين السياسيين حريتهم، ولكن بشروط عليهم أن يلتزموها. وهي إجراءات لها من المعاني الكثيرة، لمن يريد أن يفهم سلوك السلطة، وطبيعة القرار الذي تتخذه بإطلاق سراح بعض المساجين السياسيين.
- تصر السلطة في تونس على أن ليس لديها مساجين سياسيين، وإنما مجرمين ارتكبوا جرائم مختلفة، ونالوا عقوباتهم وفق مقتضيات القانون. وتتمسك السلطة بهذا الخطاب منذ أن وصل الرئيس الحالي إلى سدة الحكم في العام 1987 وإلى اليوم. وتؤكد السلطة على موقفها هذا في كل مرة تثار فيها قضية هؤلاء المساجين، أومن خلال قراراتها التي تتخذها، فتطلق مئات مجرمي الحق العام، وتحشر أو تسرب معهم القليل من المساجين السياسيين، حتى يحسبوا على الغالبية من المجرمين المسرحين.
- تأكيدا لموقفها التقليدي من ملف المساجين السياسيين، بإنكار أنهم كذلك، بادرت السلطة إلى الإفراج عن المجموعة الأخيرة التي ضمت رمزا سياسيا معروفا، وهو السيد حمادي الجبالي، دون أن تمهد لذلك بأي إجراء من قبيل الحوار، أو التفاوض معهم. بل تحركت من موقع المتحكم، الذي يتخذ القرارات وحده، ويحدد طبيعتها أيضا: “الإفراج المشروط”.
- لم يكن قرار الإفراج عن عدد محدد من المساجين السياسيين الأول من نوعه خلال العشرية الماضية، فقد فعلت السلطة ذلك، مرارا، كلما اقتضت آليات التحكم والسيطرة، واحتواء بعض الضغوطات (الخارجية أساسا)، القيام بذلك، لا لإحداث الانفراج، وإنما لإعادة إنتاج السيطرة والتحكم، بعد تفريغ الضغوطات من مضامينها.
- تفرض السلطة على المغادرين السجن من المساجين السياسيين، أنماطا من الرقابة وأشكالا من الإخضاع، يجعل وجودهم خارج السجن لا معنى له سياسيا، بقدر ما يراد لهؤلاء المساجين أن يتحولوا إلى أشخاص يعيشون في مأمن وسلامة ما لم يعودوا سيرتهم الأولى في ممارسة حقوقهم السياسية، ويستعيدوا نشاطاتهم السياسية، التي هي السبب الوحيد دخولهم السجون منذ أكثر من عقد من الزمن. وهذا النمط من الإجراءات يوضح هو الآخر طبيعة الخطوة التي اتخذتها السلطة بالإفراج عنهم.
تلك إذن الحيثيات التي صاحبت “مبادرة” السلطة بإطلاق سراح بضعة عشرة من المساجين السياسيين المحسوبين في عمومهم على التيار الإسلامي عموما، والنهضة خصوصا. وقد يكون مفيدا أن نضع هذه الخطوة في سياق مسارات والوضع السياسي العام في البلاد، حتى نستطيع أن نستجلي بأكثر دقة، طبيعة هذه الخطوة. هل هي في الاتجاه الصحيح؟ وهل لها ما بعدها؟ وما هو هذا الذي ما بعدها؟ وهل هذه الخطوة فعلا في الاتجاه الصحيح؟ وما هو الموقف المنتظر من المعارضة عموما، والنهضة خصوصا؟
المسار السياسي للسلطة قبل وبعد الإفراج عن 78 سجين سياسي
إذا ما اختزلنا المسار السياسي للنظام التونسي بايجاز، عودا إلى الأشهر الأخيرة من العام الماضي 2005، لا سيما وأن الذي يسبقه لا يختلف عنه، فإننا سنجده يتلخص أساسا في:
1- هجوم على جميع مؤسسات المجتمع المدني، والسيطرة عليها أو تدجينها، وشل حركتها، بحيث تصبح عاجزة على القيام بأي دور، إلا إذا ارتضت أن يكون موالاة.
أ-
وفي خطوة لم تقم بها حتى من قبل، انقلبت السلطة خلال الصائفة الماضية على جمعية القضاة التونسيين، وطردت قيادتها الشرعية بتدخل من وزير العدل نفسه، ونصبت قيادة بديلة، وسلمتها مقر الجمعية، في اعتداء سافر على أهم قطاعات المجتمع سيادية، ودون أي احترام للسلطة القضائية.
ب- تجميد أرصدة المعهد العربي لحقوق الإنسان، وفرض قرارها بطرد عضو هيئته المديرة المغضوب عليه، السيد خميس كسيلة، الذي أصرت السلطة أن يكون خارج الهيئة، وهو ما كان لها فعلا.
ت- منعت السلطة كل الاجتماعات والتحركات السياسية والحقوقية، التي أرادت المعارضة تنظيمها من أجل المطالبة بالعفو التشريعي العام، وإجراء إصلاحات سياسية معقولة.
ث- سيطرت السلطة بالكامل على المسار الانتخابي، بمناسبة الانتخابات التشريعية والرئاسية التي جرت في البلاد، ولم يفز مرشح واحد من غير الحزب الحاكم في تلك لانتخابات، بل على العكس من ذلك اضطر البعض للانسحاب، في حين طعن من استمر في المشاركة في شرعية نتائج الانتخابات بشقيها الرئاسي والتشريعي. وأصدرت 4 أحزاب سياسية مجتمعة بيانا رفضت فيه نتائج الانتخابات.
ج- منعت السلطة أو صادرت غالبية الصحف أو المواقع الاليكترونية المحسوبة على المعارضة، واعتدت رجال الأمن على العديد من الصحفيين، وطُرد آخرون من وظائفهم، على خلفية كتابات لم ترق للسلطة. وتمثل أبرز اعتداء على حرية الصحافة، في منع نقابة الصحفيين (تضم أكثر من 150 عضو) من عقد مؤتمرها الأول، وهرسلة ممثليها، بل وحرمانهم حتى من البطاقات الصحفية.
ح- بعد فرض تعديل الدستور ليمنح الرئيس الحق في الترشح لدورات غير محددة، مررت السلطة قرارا يمنح الرئيس الحالي في حال خروجه من السلطة،امتيازات غريبة، له ولزوجته ولأبنائه، تكاد تبقيه رئيسا طول العمر. إذ تمنحه تلك الامتيازات فضلا عن الحصانة، امتيازات مالية، وإجراءات حماية هي نفسها أو تكاد التي يتمتع بها رئيس الدولة المباشر.
خ- تجاهلت السلطة إضراب عن الطعام خاضته أهم مكونات المعارضة التونسية، ودام أكثر من شهر، للمطالبة بإصلاحات سياسية معقولة وممكنة، كحرية الإعلام، والعفو التشريعي العام، وفتح مجال التعددية السياسية. بل ومن التجاهل هاجمت السلطة من خاضوا إضراب الجوع بقوة، بحملة من التشويه والتخوين. بل ولم تستجب لأي من مطالبهم. وتعرض رموز تلك الحركة الاحتجاجية إلى التعنيف حينا، والمنع من السفر أحيانا. واليوم لا تستطيع هذه المجموعة الالتقاء في أي مكان، إذ يمنع البوليس السياسي أي محاولة لعقد هذه الحركة لاجتماع، مهما كانت طبيعته.
د- على الرغم من النداءات المتكررة بالإصلاحات السياسية التي أطلقتها ما تعرف بـ “حركة 18 أكتوبر”، التي تضم مختلف الحساسيات السياسية في البلاد، إلا أن السلطة ردت على ذلك بمزيد الانغلاق والتعسف، ولم تشفع لتلك الحركة، سلميتها ومطالبها المعقولة، ورفضها الانزلاق نحو العنف.
ذ- فرضت السلطة قرارها، وداست على كل النداءات الوطنية، واستضافت خلال القمة العالمية للمعلومات، وفدا إسرائيليا كاملا، حل لا فقط على المؤتمر، بل أيضا ضيفا مرحبا به بصفة خاصة، وتم في مدينة قابس، ترميم بقرارات وإجراءات خاصة، بيت زعيم الوفد الإسرائيلي، سيلفان شالوم، المعروف بولوغه في دم الشعب الفلسطيني.
ر- أنكر الرئيس التونسي نفسه في خطابه في عيد الجمهورية من العام الماضي 2005، على المرأة حقها في اختيار لباسها، وتحدث عن الحجاب باعتباره لباسا طائفيا، وعن النهضة باعتبارها حزبا دينيا لا يمكن الحوار معه. علما أنه لا يقبل الحوار مع غيرها أيضا، أكان الحزب يساريا أم ليبراليا.
ز- تجرأت جهات رسمية على رأسها وزير الشؤون الدينية، على وصف الحجاب، باعتباره لباسا غير لائق، وهو كما قال لباسا طائفيا، وغريب عن المجتمع التونسي. بل وتفاخر بوبكر الأخزوري بأن تونس تمكنت بفضل سياسات “سيادة الرئيس” من “اجتثاث” التيار الديني، والدخول للحداثة من بابها الكبير؟
لإطلاق سراح المساجين ما قبله؟ فماذا بعده؟
راهن الكثير على اعتبار أن إطلاق سراح مجموعة من المساجين، هو انطلاق قاطرة الإصلاح السياسي في البلاد. وعلى الرغم من أن القرار بالإفراج عن بعض المساجين، من حين لآخر، تقليد اعتمدته السلطة لتفكيك ملف هؤلاء المساجين، في إطار وسياق أمنيين لا صلة لهما بالإصلاحات السياسية، إلا أن الكثير تنادى لتثمين الخطوة، بعد أن نزعها من سياقها، فجاءت بالنسبة له وكأنها، نتيجة طبيعية لمسار بهذا الاتجاه. بل مضى من اعتقد واهما، بايجابية هذه الخطوة في المستوى السياسي، أنه سيكون لها ما بعدها، دعما لها وتأكيدا لمسار السلطة الايجابي، فعلق البعض على 20 مارس، عيد الاستقلال، أملا في القيام السلطة بإجراءات جديدة انفراجية. فماذا كان بعد هذه الخطوة؟
1- في نفس الأسبوع الذي أفرجت فيه السلطة عن بعض المساجين السياسيين، والذين قضى غالبيتهم عقوبته أو يكاد، بادرت السلطة بالاعتراف بحزب جديد. فمنحت حزب تونس الخضراء، وهو حزب لا يوجد إلا على الورق، تأشيرة قانونية، لتصدم كل من علق عليها آمالا، أو أحسن بها الظن. فكانت تطلعاتهم أقرب إلى أحلام. وأكدت السلطة مرة أخرى مسارها التقليدي، وطبيعتها المعهودة. فانجلت إلى حد كبير خلفية قرارها بإطلاق سراح بعض المساجين، فاستبان بعده الحقيقي. فاستحال قرار الإفراج عنهم، منه “خطوة في الاتجاه الصحيح”، إليه مناورة جديدة قديمة، باتجاه تزييف الحياة السياسية، وإشاعة نوع من الوهم بوجود حياة سياسية ديمقراطية وتعددية، هي في حقيقتها قائمة على ديكور من مجموع “أحزاب سياسية”، تدور في فلك السلطة، وتزكي سياساتها بدون الحصول حتى على مقابل.
2- تصر السلطة منذ أشهر على تجميد عمل الرابطة ونشاطها، وتحرك عناصر موالية لها لشل نشاط المنظمة، بالدعاوى القضائية حينا، وبحملات التشويه والعمل الموازي المدعوم إعلاميا من السلطة حينا. وهي ممارسات تهدد بالمس من سمعة أعرق منظمة حقوقية في العالم العربي.
3- تأكيدا لمسارها في تأميم منظمات المجتمع المدني، وشل حركته بالاستيلاء عليه، بادرت السلطة إلى تنظيم مسرحية انتخابية في جمعية المحامين الشبان، فاجأت بها الجميع، وفرضت قيادة موالية، في خرق فاضح لقوانين الجمعية واستقلاليتها.
4- شنت السلطة حملة على مجموعة من الشخصيات السياسية، وروجت ضدها العديد من الافتراءات، وصلت حد الطعن في الشرف، واتهام بالخيانة والعمالة. وهو أسلوب اعتمدته السلطة في بداية التسعينات في حربها على التيار الإسلامي.
5- وعلى عكس ما توقع البعض، خيبت السلطة آمال كل من جعل من عيد الاستقلال موعدا للقيام بـ “خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح”، وشنت حملة إعلامية كبيرة على المعارضة، خصوصا ما يعرف بـ “حركة 18 أكتوبر”، فاتهمت بالخيانة، والعمالة للخارج. وبعثت بإشارات قوية بأنها لا تتحاور ولا تتفاوض مع هؤلاء. وجندت بدلا من ذلك مجموعة أحزاب الموالاة، لتزكية مسارها السياسي، القائم على الانغلاق، واحتكار السلطة في كل تجلياتها. ومضت تطلق رجال أمنها يطاردون كل من تسول له نفسه التعبير عن رأيه أو الاحتجاج بهذه المناسبة، فكان عيد الاستقلال مناسبة، لاحتفاء النظام بتسلطه وعقليته الأمنية.
6- نقل السجين السياسي الهاشمي المكي، على الرغم من خطورة وضعه الصحي، بعد إهمال وتجاهل لوضعه الصحي الخطير، من السجن إلى المستشفى، عقب حملة نداءات حقوقية لإنقاذ حياته، حيث شدت يد السيد المكي إلى سرير المستشفى، وهو الذي يعاني من مرض عضال. وفي لحظة اقتناع السلطة بحقيقة وضعه الصحي، تنزلت عليه رحمة الرئيس ابن علي، فأفرج عنه بقرار رئاسي مشروط!!!!
إن الفهم المركب والمتكامل لنماذج من سلسلة الأحداث التي سبقت وتلت إطلاق سراح مجموعة من المساجين، يجعل المراقب لا يجد كثير عناء في وضع هذه القرار في إطاره الصحيح. إطاره الذي عودتنا السلطة التونسية أن لا تشذ عليه، ولا تحيد عنه. فنتيجة لمجموعة من الضغوطات الداخلية والخارجية، كان آخرها زيارة وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد إلى تونس، في إطار جولة مغاربية، بادر النظام التونسي إلى امتصاص حملة الضغوطات واحتوائها، من خلال قرار هو أقرب للمناورة، منه إلى “الخطوة في الاتجاه الصحيح”. غير أنه وعلى الرغم من ذلك التقطت أكثر من جهة الطعم، وأظهرته في شكل حدث سياسي، تلقت من أجله النهضة التهاني من زعماء سياسيين، وقادة حركات إسلامية، تزين بها موقع “النهضة. نت”، لأكثر من أسبوعين.
النهضة في مفترق طرق
لم يكن مفاجئا، عندما كتبت صحيفة “لبيراسون” الفرنسية، أن أقطاب المعارضة التونسية، رموز حركة 18 أكتوبر، حبسوا أنفاسهم، عندما أطلق سراح أولئك المساجين السياسيين، في انتظار موقف النهضة، وما ستنكشف عنه الأيام من إمكانية وجود صفقة بين الخصمين التقليديين (السلطة والنهضة). ولئن جاء بيان النهضة حول إطلاق سراح الجبالي ورفاقه، مطمئنا نسبيا للمعارضة، إلا أن التعاطي العام الذي أبدته النهضة مع القرار، لا سيما صمتها، وعدم قيامها بأي تحركات، انتظارا لما قد تتفتق عليه قريحة السلطة بمناسبة الاحتفال بنصف قرن على استقلال البلاد، قد يثير مخاوف لم تتبدد بالكامل بعد، لما يظهر أحيانا في خطاب النهضة من تردد، ومن عدم حسم في خياراتها. ولئن كان مفوهما أن من مقتضيات السياسة الاحتفاظ بجميع الأوراق، للعب كل منها في الوقت المناسب، إلا أن تحديد النهضة لوجهتها، يجب أن تصوغه قراءتها العلمية والمركبة للتوجهات العامة والرئيسية للسلطة، ولا تهزه مناورة، من السلطة ببعض التدابير من حين لآخر، قد تعبر عن نفسها أحيانا بتسريح بعض المساجين (عادة ما توشك عقوباتهم على الانتهاء).
إن الفهم السليم والبناء لمثل هكذا إجراءات من السلطة، يفترض استيعابها ضمن مسار فعل وحركة المعارض، باعتبارها نتيجة ومكسب للنضال المشترك، بين أجنحة القوى المعارضة، لا سيما بعد أن زادت فعاليته، وكسب احتراما أكبر، بعد حصول الحد الأدنى من التفاهم، من أجل العمل المشترك. فتأخذ الخطوة التي بادر الكثير لوصفها بـ “الخطوة الصحيحة”، حجمها الحقيقي ضمن مسار نضال القوى المعارضة، وليس تنزيل هكذا مكسب ضمن مبادرات السلطة، ووهم انفتاحها، الذي لا وجود لأي مؤشرات جدية حوله.
إن السلطة اليوم، كما بالأمس، تتصرف من منظور هيمني تسلطي، فتأتي قراراتها فوقية، ايجابا وسلبا، لتؤكد أنها هي الفاعلة الوحيدة، وأنها لا تتخذ قراراتها بالتفاوض، وإنما بالأوامر، وأن يدها هي العليا، وأنها التي تعطي وتمنع، تعاقب وتصفح. وأنها إن فعلت ذلك ليس من باب الضعف، إنما من باب القوة. هكذا منطق الدولة التسلطية، وهكذا إرادتها في التحكم.
روت شخصية تونسية نزيهة، أنها تلمست منذ أعوام خلت، فكرة التوسط بين الإسلاميين والسلطة، فحاولت في البدء جس نبض رأس السلطة، من خلال شخصية أخرى معروفة، مقربة، ولما علم هذا الأخير بمحتوى الوساطة، رد على صاحب الوساطة منبها له إياك أن تقترب من هذا الموضوع، إن نظام ابن علي عنده مشكلة مع الإسلام نفسه، فهل تطمع أن تصالحه مع الإسلاميين، أنت حالم. إن منطق المصالحة والتفاوض السياسي الجاد المراعي للمصالح الوطنية، لا يأتي في عالم السياسة، عبر الكلمات الجميلة، والمخالب المقلمة، ونزعات التكيف، تواطئا مع واقع فاسد، مريض، ومنحرف، وإنما عبر تعديل موازين القوة، والانحياز للقوى الوطنية الصادقة، حفاظا على الهوية الأساسية، قوة للتغيير، ثم البناء في إطار وطني لا يقصي أحد، ويقلم مخالب الدولة، التي لا تتوقف عن النزوع باتجاه التسلط والهيمنة.
إن النهضة، وهي تحتفل بعد أشهر قليلة بربع قرن على انطلاقتها، قوة للتغيير، وفاعل أساسي في الحركة السياسية التونسية، لا يليق بها ولا يجب عليها أن تسقط في فخ الابتزاز الذي تمارسه عليها السلطة، من خلال استمرار احتجاز عشرات المساجين لديها. فالمساجين، مع تقديرهم وتبجيلهم والاعتزاز بثباتهم هم رصيد حيوي للنهضة، وحلفائها، في المعركة ضد الاستبداد والديكتاتورية. ولا يمكن أن يتحول هؤلاء المساجين إلى عبء، تبتز به النهضة، فتُشل حركتها، ويدب فيها الوهن، وتتحول إلى طاقة سلبية، تختزل نضالها ضمن استراتيجية الانتظار والترقب، والتطلع إلى ما قد تتفتق عليه قرارات السلطة اليوم وغدا.
من الأجدى اليوم، أن تدرك جميع قوى المعارضة اليوم – وقد أدرك الكثير منها- أن سياسات السلطة قائمة أساسا على التسلط ورفض كل معارضة جدية مهما كانت خلفيتها، ليبرالية، يسارية، إسلامية. ولا تتوقف سياساتها الإقصائية عند عدم الاعتراف، وإنما المضي بالهرسلة والتعسف والقمع إلى الحدود القصوى، لتتخذ شكل الانتقام والتنكيل وتحطيم الكيان. وأحسنت “منظمة هيومن رايتس واتش“بسلبية عندما اختارت في عنوان تقريرها حول تونس، صدر في نيسان (أبريل) من العام 2005، ” تونس: سحق الإنسان لقمع حركة بأكملها“. أما تصوير مناورات السلطة وتكتيكها لاحتواء وامتصاص الضغوطات باعتبارها انفتاحا يستوجب الإشادة والثناء، فهو سقوط في الفخ، ونحسب أن الجميع أدركوا ذلك، لأن ما حصل في 25 فبراير من استعادة مجموعة من المساجين لحرياتهم، لا يعدو أن يكون “بدون اتجاه” إن جاز التعبير، لأنها تعبر عن عبثية، وعقلية أمنية، ولم يسبق هذا الإجراء ولم يتلوه غير ممارسات قمعية، طالت جميع قوى المجتمع المدني منظمات وشخصيات.
ماذا وراء العفو عن بعض المساجين السياسيين في تونس؟
هل هي مبادرة سياسية أم مناورة أمنية؟
الأستاذ عز الدين شمام – باريس
تحدثت أوساط مطلعة عن اتصالات قام بها وفد عن السلطة التونسية مع بعض المعارضين بالخارج وقد قدم البعض نفسه على انه مبعوث الرئاسة رأسا بما يعطيه مساحة أوسع للتعاطي المرن.
غير انه من خلال ما رشح من معطيات أولية، لم يتضح إن كان الوفد جاء لفتح حوار مع الطيف المعارض أم لجس نبضه في قضايا بعينها أو لإحداث اختراق في جبهة المعارضة المهجرية مع ما يمكن أن يكون لدلك من تأثيرات داخلية في ظل اتجاه حركة 18 أكتوبر نحو مزيد من الممانعة
والتصلب واتجاه السلطة نحو محاصرتها وقمعها .
و لئن دأبت قطاعات من المعارضة التونسية في الداخل والخارج طيلة الخمسة عشر المنصرمة على النظر إلى كل ما يأتي من السلطة بتوجس وعدم ثقة بسبب اتهامها بالمماطلة في إنجاز الإصلاح وسياسة إقصاء ممنهجة ضد خصومها وأساسا الطرف الإسلامي
.
فالبداية الطبيعية لمسار سياسي تتم من خلال خطوات متبادلة لبناء ثقة غير متوفرة تهيئ السلطة فيها نفسها لتجربة من نوع جديد بعيدا عن أسلوب المناورة وتصنيف المخالفين والتعاطي معهم بوتائر مختلفة بهدف دفعهم إلى ردود فعل متعارضة وصولا إلى مزيد عزل أطراف و استمالة أطراف أخرى بعقلية الحليف أو الصديق من جهة و عقلية العدو من جهة ثانية
.
وعملية التهيئة لأجهزة السلطة وأدواتها ونخبتها وأصحاب المصالح المتحالفين معها ليست عملية تغيير ديكور أو انقلاب مفاجئ في الخطاب والممارسة وإنما في واقع التجربة التونسية وحالة المراوحة التي تعيشها يتأمل ان يأتي الانفراج من بوابة حوارات الكواليس وروحية براغماتية متبادلة تتجاوز الماضي وانسداداته
.
في المقابل فان استمرار قطاع من المعارضة في التوجس والمصادرة على المطلوب وتعليق كل سلوك السلطة على شماعة المناورة الأمنية التي تطبخ في الأجهزة الأمنية وتسوقها جهات مشبوهة هده التبريرات على واقعيتها لم تعد تمثل عائقا أمام التعاطي المدروس والجماعي لإحداث اختراق على الجبهة المقابلة
.
إن الخطوة الأساسية على مسار بناء الثقة بين التونسيين يجب أن لا تغفل عن ميزان القوى الحالي وطبيعة الاختلال البائس بين المعادلة السياسية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على تناقض بين المقاربة الرسمية وقراءة المعارضة للمشهد وفي ظل مسك السلطة بورقات قوة يحسن أن يكون ملف المساجين وتصفية ما تبقى منه خطوة أولى تعقبها تجربة حوار مع وجوه المعارضة الداخلية ممثلة لكل ألوان الطيف التونسي وأساسا أولائك الدين كانوا فاعلين في تجربة التسعينات المريرة وشهودا عليها
.
في المقابل تأخذ المعارضة المهجرية على نفسها إيقاف كل عمل إعلامي أو سياسي لا يخدم هذا التوجه الحواري لإنهاء الأزمة
. فهل ننجح كتونسيين في تجربة السلم الأهلي؟
باريس – 26 مارس 2006
بمناسبة تدشين المقر الجديد للمجلس الأعلى للاتصال:
الانتهاء من إعداد مشروع القانون المتعلق بتنظيم (!!!!) قطاع الصحافة الالكترونية
جلسة عامة لتدارس جوانب هذا القانون في أفريل القادم
تونس – الصباح:
أعلن السيد رافع دخيل وزير الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين مساء اول امس عن اتمام اعداد الملف المتعلق بتنظيم قطاع الصحافة الالكترونية مؤكدا على أن مشروع القانون المقارن للصحافة الالكترونية جاهز الآن وستعقد جلسة موسعة خلال شهر افريل القادم تضم كل الأطراف المتدخلة في القطاع والمعنية به لتدارس مختلف جوانب هذا المشروع الجديد الذي أصبح ضرورة تفرضه التحولات الكبيرة التي يشهدها المشهد الإعلامي على مستوى عالمي.
وأضاف لدى اشرافه على تدشين المقر الجديد للمجلس الأعلى للاتصال انه سيتم قريبا تنظيم ندوة تحتضنها ولاية تطاوين قصد تفعيل برامج الاذاعات الجهوية وذلك بهدف دفع المشهد الاعلامي الوطني وخاصة الجهوي على اعتبار اهمية التشبث بالمحلية في خضم عولمة القطاع الاعلامي.
وفي اطار سعي الوزارة الى تدارس كل الملاحظات والاقتراحات التي قدمها اعضاء مجلس النواب ومجلس المستشارين ابرز وزير الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين انه سيتم قريبا تنظيم ندوة ستتعرض الى الانتاج الدرامي والانتاج التلفزي.
دور مكاتب الاعلام والملحقين الصحفيين
تعرض السيد رافع دخيل في هذه المناسبة الى دور مكاتب الاعلام في الهياكل الرسمية ومساهمة الملحقين الصحفيين في تيسير مهمة رجل الاعلام وقد اشار في هذا الصدد الى ان وزارة الاشراف منكبة حاليا على وضع التصورات والاليات الكفيلة بتفعيل دور هذه المكاتب لتساهم بفعالية في ثراء المشهد الاعلامي الوطني مشيرا في الان ذاته الى ان الوزارة مهتمة بالنظر في وضعيات رجال الاعلام وتسعى الى النظر في امكانيات حلول حتى للوضعيات الفردية منها.
ملف «انفلونزا الطيور»
في معرض حديثه عن اهمية دور وسائل الاعلام في معالجة القضايا الشائكة نوه السيد رافع دخيل بالتفاعل الحرفي الكبير الذي صبغ تعامل مختلف وسائل الاعلام الوطنية مع ملف «انفلونزا الطيور» مشيرا الى ان لجنة الاعلام التي انبثقت عن اللجنة الوطنية لمجابهة انفلونزا الطيور ساهمت بقسط وافر في تحديد ملامح التعامل مع هذا الملف
الاعلام المرئي والمسموع
«لابد ان ترتبط النقلة في المكان والتجهيزات التي ستشهدها مؤسسة التلفزة التونسية بنقلة في البرمجة ونوعية المشهد الاعلامي الذي تقدمه» هكذا تطرق وزير الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين الى موضوع المقر الجديد للتلفزة التونسية مشيرا الى أنه ومنذ تاريخ انبعاث الوزارة انكبت مختلف مصالحها على اعادة هيكلة مؤسسة الاذاعة والتلفزة التونسية قصد تعصيرها وتطويرها بما يتلاءم والمحيط العالمي مضيفا انه سيتم التعامل مع قناة تلفزيونية اوروبية في تكوين الموارد البشرية للمؤسسة على التعامل مع الأجهزة الرقمية الحديثة كما سيكون هناك تعامل مع الاتحاد الأوروبي في تكوين هذه الموارد خاصة وان برامج التكوين وإعادة التكوين في الحقل الاتصالي اضحت اليوم في حاجة ماسة الى المراجعة وذلك استنادا الى ما أكده السيد عبد الحفيظ الهرقام المدير العام لاتحاد الاذاعات العربية في المحاضرة التي القاها بمناسبة تدشين المقر الجديد للمجلس الاعلى للاتصال الذي أحدث سنة 1989 تم توسيع تركيبته في شهر ديسمبر الفارط ليضم ممثلين عن الاحزاب السياسية ومختلف مكونات المجتمع المدني وذلك علاوة على الكفاءات المعترف بها في ميدان الاتصال والثقافة وتتلخص مهام المجلس في صياغة المقترحات والارتقاء بالاعلام السمعي البصري والمكتوب في بلادنا.
سامية الجبالي
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 26 مارس 2006)
الوقاحة… والاستعمار
أفزعني ما قرأته مؤخرا على شبكة الانترنات … الفزع مرده أولا أن المقال (*) الذي قرأته يقول كاتبه أنه تونسي وثانيا أنه مقال يمتدح بوقاحة كبيرة حقبة الاستعمار الفرنسي لبلادنا.
الوقاحة تمثلت في أن كاتب المقال يُعدد أفضال الاستعمار في تحقيق الرخاء والنعمة للشعب التونسي حينها وتوفير كل ما احتاجه الشعب من بنية أساسية ومرافق ـ هكذا ـ.
والأدهى من ذلك أن المقال يتحدث عن تونسي في زمن الاحتلال اعترضت سبيله في الطريق العام حفرة فاضطرّ الى رفع الأمر الى الجهاز القضائي الاستعماري ضد السلطة الاستعمارية فحكم القاضي لهذا المواطن بتعويض مالي عن الضرر الذي تعرّض له من جراء تلك الحفرة في الطريق العام!! ـ هكذا ـ.
هكذا صوّر هذا المقال الذي يقول كاتبه أنه تونسي حقبة الاستعمار متأسفا على خروج المحتل من بلادنا.
ونسي من يدّعي أنه تونسي ما فعله الاحتلال بشعبه من تنكيل وتقتيل ومن سلب ونهب لثروات الشعب الذي كان يعاني ويلات الفقر والجوع والجهل والمرض…
ونسي أيضا ان القضاء الاستعماري هو الذي أنزل عقوبات الاعدام ضد المقاومين الشرفاء ونفى المجاهدين والرموز والزعماء… وأن المعمرين الذين يتحسر هذا الذي يقول أنه تونسي على خروجهم كانوا يغتصبون الاراضي ويُنكلون بالعمال والفلاحين وعائلاتهم وأطفالهم…
أية «وقاحة» هذه التي تجعلنا أمام صور مثل هذه ا لتي نرى ونقرأ ونسمع حيث يصل الامر بالبعض الى رثاء المحتل والغاصب والبكاء على خروجه مستهترين بدماء الشهداء وتضحيات الشعب… رحم الله الشهداء…
* سفيان الاسود
(المصدر: صحيفة “الشروق” التونسية الصادرة يوم 26 مارس 2006)
(*) ملاحظة من “تونس نيوز”
يبدو أن السيد سفيان الأسود مشترك في نشريتنا اليومية ومواظب على قراءة محتوياتها بانتباه شديد لأن المقال المقصود في بطاقته “نقطة نظام” نُشر في عددنا ليوم 24 مارس 2006 تحت عنوان “حيرة” وقد كتبه السيد محمد زريق المقيم في كندا ونحن نعيد نشره مجددا ليتمكن السادة القراء من إجراء المقارنة الموضوعية لأن السيد الأسود لم يكن – مع الأسف – أمينا في النقل وبنى هجومه على جملة يتيمة انتقاها بعناية (وبكثير من سوء النية) من مقال طويل ومن خارج السياق أصلا.
————————————————–
حـيـرة
محمد زريق – كندا
في مقاله على صفحات “تونس نيوز” بتاريخ 20 مارس 2006 دعا السيد كمال العبيدي “الباحثين الغيورين بحق على سمعة تونس كي يقارنوا ما يجري الآن في ” العهد الجديد ” بما كان في ” عهد الحماية الفرنسية ” ليقولوا لنا أيّ العهدين أكثر استبدادا وتضييقاً على حرية التعبير وما هي الدروس التي ينبغي استخلاصها”.
ذكرتني هذه الدعوة بقصة رواها لي أحد أصدقائي، وهو تونسي عادي “لا يصطاد في الماء العكر” فأذكرها لكم تفاعلا مع المقال المذكور.
كان صديقي يقود سيارته في أحد شوارع مونتريال، وكان أبوه الذي جاء لزيارته يجلس بجانبه، وفي أحد المنعرجات اصطدم إطار السيارة بحفرة، وشوارع مونتريال مليئة بالحفر، ويسميها أهل المدينة “أعشاش الدجاج”، بدأ صديقي يشرح لأبيه أسباب انتشار هذه الحفر من عوامل الطقس إلى جودة العمل، وإذا به يفاجأ بمقاطعة أبيه له ليقص عليه قصة فلان الفلاني الذي اصطدم إطار سيارته بحفرة في أحد شوارع المدينة الفلانية بتونس، فقاضى البلدية وربح القضية وتحصل على تعويض هام.
سأل الإبن أباه متعجبا هل حصل هذا في تونس فأجاب الأب في وثوق نعم.
غاص الإبن في حيرته وتلاطمت عليه أمواج الأسئلة، إذا كان الأمر كذلك، فما حقيقة ما ينقل عن الفساد الإداري، وغياب استقلال القضاء، وتسلط السلطة وإداراتها على رقاب الناس، وهضم حقوق المواطن وحرياته، والخوف المستشري في صفوف المواطنين جراء تعسف السلطة في استعمال القوة؟ فهل يجرأ مواطن على متابعة الإدارة في تونس اليوم؟ وهل ينصف القضاء المواطن أمام مؤسسات الدولة في تونس اليوم؟
واسترسل الإبن في طرح الأسئلة دون العناء في البحث عن الإجابات، إلى أن أفاق، ليسأل أباه:
كم كانت قيمة هذا التعويض؟
فقال الأب: لا أتذكر، فالحادثة قديمة جدا.
من خلال استغراق الإبن في التفكير ومن خلال سؤاله الأخير، فهم الأب أن إبنه ذهب به الظن إلى غير الوجهة الصحيحة، وحط به في غير الزمن الصحيح، فالتفت إليه مستدركا:
يا بني هذه الحادثة وقعت في عهد الإستعمار وليس الآن.
ثم استرسل الأب في ذكر ما تفوق به الإستعمار من مناقب على سلطة الإستقلال بدءا بالحقوق والحريات ومرورا باحترام دين البلاد وثقافتها وانتهاء بالإنجازات على مستوى البنية التحتية والفلاحة وخاصة في الجنوب والمدن غير الساحلية، كان الأب يتكلم بحسرة وبنبرة حزينة وكان الإبن واجما يستمع ولا يجرأ على التفاعل مع حديث ابيه.
كان الأب بشفقته على ابنه، أراد بهذا الإستدراك، أن يخرجه من حيرته، ولكنه ومن حيث لا يدري زاد في عمق حيرته وفي قوة أمواج أسئلته، إذ راح الإبن في جولة ثانية من التساؤلات الحائرة:
أيعقل أن يكون حال التونسيين تحت الإستعمار أفضل من حالهم تحت سلطة أبناء جلدتهم؟ أيعقل أن يكون الإستعمار أحرص على البلاد والعباد من أبنائها؟ أيعقل أن يترحم الناس في هذا العهد الجديد على العهد البورقيبي في ما كانوا يترحمون خلال العهد البورقيبي على الإستعمار؟ أيعقل كل هذا التقهقر والتراجع؟ ما الذي أصابنا؟ وما الذي يوقف هذا التراجع ويعيد المسار نحو الوجهة الصحيحة، وجهة الحرية و العدالة والكرامة؟ …..
إلى شباب “الحـــرقة”
أحلام تُدمـّر على جدران الرحيل
الطاهر العبيدي
يا أيّها الناس يا أيّها المتناثرون هنا وهناك يا أيها الموزّعون في أوطان غير أوطانكم، بين ثنايا الهجر والتهجير والرحيل…
يا هؤلاء المتفرّجون أمام الشاشات، المسافرون في عناوين الصحف والمجلاّت، والمتجوّلون بين أمواج الإذاعات…
يا أيها الناس قد تتساءلون من نكون نحن؟ ومن أيّ الأماكن نخاطبكم؟
فقبل أن نسكب على هذه المساحات الصغيرة بعض أحلامنا المهشّمة على ضفاف المسافات الطويلة، وقبل ترجمة رحلات أعمارنا الثقيلة، نستسمحكم في تسجيل وصايا النهايات الأليمة، وكل خلاصات أيامنا الثقيلة…فاعذرونا أيها السادة إن كنّا اقتحما مجالسكم بهمساتنا المكلومة وتسجيل شهادات أعمارنا المستقيلة…اعذرونا أيها السادة إن كانت كلماتنا مالحة، وتعابيرنا مالحة، وجلودنا مالحة، وأجسادنا مالحة وأحلامنا مالحة، كملوحة رغيفنا الهزيل في ليلنا الطويل…
اعذرونا أيها السادة إن كانت ذبذبات أصواتنا تأتيكم ثمّ تغيب، ذلك لأننا نخاطبكم من المحيطات المنقضّة على أحلام الفقراء، نكلّمكم من زوارق الموت والعذاب، نحادثكم من المراكب التائهة والمتناثرة هنا وهناك بين أمواج الغريق، في بحار مضيق جبل طارق، في جزيرة صقلية في مياه إيطاليا… في حدود “كالي” وكل المياه الإقليمية، المحاذية للجنوب الحالم منذ نصف قرن بفتات رغيف ولحظات كرامة… نخاطبكم من الجسور الخطيرة التي تمرّ فوقها آلاف الحيارى المتعبين، الحالمين بقليل من الزيت والزيتون، وقليل من العدالة وحرية التعبير، نخاطبكم من الغابات المخيفة التي تبتلع أنفاسنا عند التسلل والمرور …نخاطبكم من كل الموانع والممرّات المستحيلة…
أيها الناس مرة أخرى تتساءلون من نكون؟
نحن أولئك الذين تأتيكم أخبارنا كل مرة وكل حين، نحن الغرقى الذين تصفعكم صورنا كما تلطم الملايين… نحن جيل “الحرقة” جيل الفارّين من الأوطان، نحن الهاربون الفارّون من سعير الهتاف والخطب والكلام… كانت لنا يوما بيوت وأحلام… كانت لنا أرض وكروم وزيتون وريحان… كانت لنا حدود وبلدان… كانت لنا أمهات وتلاحين وأوطان… كانت لنا أناشيد ووعود تشبه الخيال… كانت لنا عناوين كثيرة ودول تهذي بجنّة الاستقلال… كانت… وكنا نحلم كما تحلمون أنتم في الغربة بوطن فسيح يدثركم بالحنان… كنا نحلم كما يحلم شباب العالم بالكرامة والمستقبل الجميل…بيد أنهم أحالونا على مستنقعات الانتظار فظللنا نعانق الوعود ونجني السراب، حتى لم يبق لنا من حلول سوى الهروب والفرار… فكانت بدايات رحلات الضباب…
وكانت نبرات أصواتنا مهشّمة وهمساتنا إليكم مبتورة كعبور لم يكتمل وكأحلام من سراب، ذلك لأننا الآن نخاطبكم من بطون الحيتان، لسنا يونس عليه السلام، فيونس عاد من سفر المحنة والعذاب، ونحن عدنا إلى الله ليسألنا من المتسبب في تشريدنا… من المتسبب في تدميرنا… من المتسبب في تهجيرنا… من المتسبب في انتزاع رغيفنا… من المتسبب في قصف أعمارنا… من المتسبب في ضياع زماننا… من المتسبب في نهب أراضينا… فيونس رجع إلى الأرض ونحن رجعنا إلى السماء، لنشكوا إليها ظلم أولي الألباب وقسوة العباد… فيونس عاد من بطن الحوت ليرجع إلى الحياة ونحن خرجنا من الأرض لكي لا نعود للفقر والحرمان فانتهينا إلى أمعاء الحيتان… أيها الناس نحن المسافرون في الخطر وفي حديث المسافات الأليمة، نحن المهرّبون في الشاحنات الكبيرة والمثنيين كما تثنى قطط الشتاء، نحن المطويّون خلسة مع البضائع في الباخرات التي تحمل أطنان السلع والكراتين والأشياء القديمة… ونحن المتسللون من الجبال وكل المسارب المطلة على ذاك الشمال الذي لا يشبه أراضينا، ذاك الشمال الذي يمكن أن يكون جسر عبور يترجم بعض أمانينا، ذاك الشمال البارد الذي يمكن أن يلتقي مع شمس جنوبنا، فتنتعش الأراضي وتشرق العقول، ليندثر صقيعه وتختفي بعض مآسينا.
أيها الناس نحن هؤلاء أولئك التائهون في المعابر الخطيرة، المتعبون من التنقل والاختفاء وقطع الثنايا الملتوية الطويلة، نحن المتصارعين مع أمواج البحار المتلاطمة الثقيلة، الخائفين من حرّاس الحدود والجمارك والدوريات الكثيرة…
أيها الناس لقد قالت لنا يوما الحيتان، يا أيها العابرون الفقراء ما الذي دفع بكم للارتماء في بطوننا وأنتم في أعمار الزهور… ما الذي جعلكم تفارقون الأرض والنخيل… ما الذي دفعكم إلى مغادرة الأوطان والتعلق بالرحيل… فأين تلك الأناشيد الجميلة ومواعيد الانتخابات الكثيرة… لقد تهاوت زوارق أحلامكم بين فوضى الكلام والتنظير، وارتطمت مراكبكم على ضفاف أرقام الانتخابات المكررّة والخطب والوعود المزوّرة وكل الأوراق والنسخ المعدّلة التي تجترّ نفس الأرقام ونفس الأسماء ونفس المشاريع ونفس المهزلة…
لقد قالت لنا الحيتان يا هؤلاء “السوّاح” السابحين في عمق الترحال والغريق… يا شهداء أوطان تختزن ثروات السماء وتمنعكم من ربع رغيف… يا هؤلاء الفارّين إلى المجهول، لقد ساقتكم أقداركم ودفعتكم بلدانكم إلى الهجر والترحال والرحيل… حدود وعسكر وطبول… مكاتب موظفون أوراق نائمة وتقارير…أعلام وشواطئ وحقول… أراض شاسعة وقمر وشمس وأصيل… حضارة وتاريخ ومفردات تزرع النسيم… نفط وصحاري وكروم… مباني وتواريخ وأعياد وطنية وقصور… والنتيجة بئس المصير… فأي بشر أنتم تشبهون، وأي كلام بعد اليوم تتكلمون، وأيّ نشيد وطني بعد اليوم تعزفون…
اعذرونا أيها السادة إن كان كلامنا هذا يقترب من مناطق الجنون، فلم نجد خيارا إلا ركوب زوارق الموت والارتماء في مربع الموت والمجهول، فقد احترقت من وراءنا كل مراكب العودة إلى تلك الأوطان التي ما عاد يهمها أن ننتهي إلى هذا المصير، كما لا يهمها أولئك الشباب المحتجزون هنا وهناك وفي كل مناطق العبور، ولا أولئك الرعايا المضربون عن الطعام، واستعدادهم للموت من أجل بطاقات إقامة بلدان أخرى تضمن لهم معنى العيش الكريم، وهم مرميون في الكنائس في الساحات وعلى الرصيف، وبلدانهم تتفرج على هذه المشاهد وهذه الفصول التي يبيض منها الحبر ويحمرّ منها الجبين…
أيها الناس إلى هنا ما عاد ينفع الكلام فقد خرجنا من دنيا الأحلام المنقوشة، والأعراض المفروشة، والمشاريع المبثوثة، خرجنا من دنيا الجنان، التي يجري من تحتها هذيان الحرية والعدل ونعيم الاستقلال، لنكتب على مقابرنا المخفية ترانيم هذه المأساة الإنسانية.
يا ساقي الحزن في أوطاننا
تمهّل ولا تتعجّل ففي أوطاننا
نهر من الحزن يجري في مآقينا
لا الكلام ينفعنا ولا الخطب تسعفنا
ولا الأناشيد تنقذنا ولا الهتاف يجدينا
يا سامر الليل تمهّل
فقد انطفأت الشموع وخابت أمانينا
كم من زمان كئيب الوجه فرقنا
واليوم متنا ولا زالت نفس الجراح تُـدمينا
(المصدر: مجلة “البلاد” الالكترونية التونسية، العدد 1 بتاريخ 20 مارس 2006)
الفريضة الغائبة في الاستقلال التونسي
لطفي حجي
تفتح الذكرى الخمسين للاستقلال التي يحييها الشعب التونسي في العشرين من شهر مارس الجاري الشهية على التقييمات المتعددة لحصاد خمسين سنة من ممارسات الدولة الوطنية التي خلفت المستعمر بعد صراع مرير وطويل قادته فصائل الشعب التونسي المؤمنة بالحرية والانعتاق.
من الطبيعي في ظل السياسة المتبعة في تونس اليوم أن تكثر الأبواق الناعقة التي تصور تونس بعد خمسين سنة من الاستقلال بلد الانجازات غير المسبوقة في تاريخ البشرية، لكن تلك التقييمات لا تنفع الناس وهي بمثابة الزبد الذي يذهب جفاء. علاوة على أنها تقييمات لا تصلح في مثل هذه المناسبات الكبرى التي يحرص الناس الواعون على أن تكون محطة لاستخلاص العبر الضرورية ولرسم انطلاقة جدية تستفيد من الأخطاء السابقة.
كان انطلاق الدولة الوطنية يسيرا من الناحية الاجتماعية نظرا لوضوح الرؤية التي تسلح بها بورقيبة في هذا المجال فمنذ الأشهر الأولى بدأ في سن القوانين الجديدة في مجال الأحوال الشخصية، والتعليم والقضاء، التي ساهمت في إعادة هيكلة المجتمع التونسي وفي رسم ملامحه المستقبلية مهما كانت الرؤى المتضاربة حولها. وقد نجح بورقيبة مرة بالإقناع وأخرى بتوظيف جهاز الدولة في تحييد خصومه الرافضين لإصلاحاته، ساعده في ذلك فهمه للتيار العالمي وللمتغيرات الاجتماعية الجديدة في العالم التي لم يفهمها خصومها الذين حصروا أنفسهم في بوتقة ضيقة من الآراء والمواقف التي لم تع جيدا ما يحدث في العالم.
وقد كان بورقيبة واعيا بما أحدثه من تغيير في هذا المجال حتى وهوفي سن متقدمة، فقد جاءه يوما في المرحلة الأخيرة من حكمه احد المقربين منه وبدأ يمجده ويثني على انجازاته العديدة فأوقفه وقال له دعك من هذا الكلام، إن التاريخ سيحفظ ما قمت به بخصوص المرأة والتعليم، لأن ذلك هوالأساس.
لكن الولادة الاجتماعية اليسيرة لم تكن كذلك في السياسة، فقد كانت الولادة السياسية عسيرة جدا بقي المجتمع يعاني منها إلى اليوم. فقد كانت البداية السياسية بإقصاء اليوسفيين الخصم السياسي الجدي لبورقيبة بطريقة قمعية قوامها التنكيل والتشفي، وأحدثت منذ ذلك التاريخ مراكز خاصة للتعذيب فيما عرف بصباط الظلام وتورط في تلك الممارسات القمعية عدد من الموالين لبورقيبة بوأهم بعد ذلك مناصب هامة في جهاز الدولة.
ومنذ ذلك التاريخ حافظت الدولة التونسية على نفس الأسلوب في التعامل مع المختلفين معها سياسيا فبدأت في الستينات بقمع حركة آفاق اليسارية والبعثيين وامتد القمع في السبعينات إلى جميع فصائل اليسار واغلبهم كان من الطلبة في ريعان الشباب، ولم يمنع ذلك من التعامل معهم بنفس الأسلوب الذي تحبذه الدولة وجربته مع اليوسفيين وهو التعذيب والتنكيل والأحكام القاسية التي لا تتماشى مع الأفعال المرتكبة، وتواصل القمع في الثمانيات مع قمع الإسلاميين في سنوات متعددة وبأعداد كبيرة.
ولم تتغير آليات السلطة الوريثة للدولة البورقيبية في التعامل مع خصومها بل حافظت على الأسلوب القمعي وابتكرت أساليب جديدة في فن محاصرة معارضيها أوالمستقلين عنها وتجلى ذلك جليا في عقد التسعينات الذي شهد اكبر موجة قمع ضد الإسلاميين أدت إلى اعتقال الآلاف منهم وتشريد المئات وموت العشرات في السجون جراء التعذيب والمعاملة القاسية، ولا تزال مأساتهم متواصلة إلى اليوم.
كما شهد عقد التسعينات قمع العديد من الفصائل القومية واليسارية على رأسهم حزب العمال الشيوعي التونسي الذي تعرض قياديوه إلى السجن والتعذيب والملاحقة المستمرة.
إن المرور على تلك الأحداث ضرورة لإبراز أن قمع الدولة المنظم على امتداد خمسين سنة كان وصمة العار الكبرى في تاريخ دولة الاستقلال والذي حرم أجيالا عديدة من خيرة الشعب التونسي من التلذذ بنعمة الاستقلال لأنهم جوبهوا بالقمع والتعذيب لمجرد أنهم أرادوا طرح رؤية مغايرة لتسيير الدولة أو لكونهم أرادوا المطالبة بحقهم القانوني والدستوري في المشاركة في تسيير الدولة حتى لا تبقى حكرا على شخص أو حزب واحد.
مهما يمكن للمؤرخين والمراقبين السياسيين من قدرة على إبراز الانجازات التي حققتها الدولة التونسية على امتداد خمسين سنة فلا احد منهم يستطيع أن ينكر أن الفريضة الغائبة في كل ذلك كانت الحرية التي تجعل جميع الانجازات- إن صدقت- ناقصة لأنها لم تكن ثمرة اختيار جماعي ومشاركة جماعية، مما همش الكثير من الطاقات، وأهدر العديد من الثروات، وهجر المزيد من الكفاءات، وجعل توزيع ثمرة الاستقلال غير عادل بين أفراد الشعب الواحد.
وعليه فان شعار بداية الخمسينية الثانية للاستقلال لابد أن يكون الحرية أولا وأخيرا، لأنه تبين من خلال ردود فعل الأحزاب والجمعيات المستقلة أن الشعب التونسي لم يعد قادرا على الحياة دون حرية حتى وإن لم يستطع الكثيرون منه التعبير عن رغبتهم تلك جراء البطش والتنكيل الذي قد يطالهم.
والحرية ليست ترفا كما يعتقد دعاة القمع وأصحاب شعار الخبز أولا بل هي ضرورة حياتية للفرد والمجتمع، بها يحقق الفرد كرامته، وبها يضمن المجتمع العدل في توزيع ثرواته وأمنه واستقراره الحقيقيين والدائمين.
(المصدر: مجلة “البلاد” الالكترونية التونسية، العدد 1 بتاريخ 20 مارس 2006)
تونس: ماذا بعد خمسين سنة من عبادة الأرقام والزعامات؟
مرسل الكسيبي (*)
كم أكون سعيدا برؤية الوطن متحررا من عبادة الأوثان الجديدة !,فعندما يتحول الرؤساء في نظرنا الى خدام لقداسة الوطن وسماحة المواطن ,عندها يجوز لنا أن ننعم براحة البال والسريرة ونحسب أننا في جمهورية الاستقلال التي طالما حلمنا بها..
كم أكون مسرورا بتحول منصب رئيس الدولة الى جزء من الام هذا الشعب ,عندما يقترب بذهنه وقلبه الى معاناة ذلكم المواطن البسيط في قرانا النائية وفي سجوننا البائسة وفي منافينا القاسية وفي مستشفياتنا التي تبعث أحيانا على الحزن والألم والغثاء وفي أسواقنا التي تبعث فيها الأسعار وشططها على الدوار والقيء وفقدان الوعي والبصيرة ..
كم أكون أسعد لو تخلى المواطن في بلدنا عن عبادة الأرقام وصناعة الفأل والشؤم من تاريخها ,فتستوي الأيام كلها عندنا على أنها هبة ومنحة من عند الله ,الا ما على فضله بمولد رسول أو خصه نص مقدس برفعة عن سائر الأيام
لن ألقي في مبحثي هذا باللوم على قداسة الحاكم في بلادنا ,اذ أننا نحن الذين عظمنا ظله وممشاه ,حتى غدونا غير قادرين على التخاطب معه الا من خلف القضبان أو من وراء البحار …لن ألقي في مبحثي هذا باللوم الا على سحرة الاعلام وعلى الذهن الجمعي الذي مازال يفكر على أيام الملوك والقديسين والأباطرة والقياصرة ,اذ أننا مازلنا في تفكيرنا لم نرتق الى التعاطي مع ظواهر التمثيل السياسي على أنها تفويض شعبي لواحد من أبناء جلدتنا ,يتمتع بجملة من المهارات الخاصة في عوالم الادارة والقيادة وتسيير الشأن العام
لقد حولنا نحن أولا ونحن أخيرا الحاكم في أذهاننا الى موضوع محاط بالطلاسم والتعويذات والأحاجي ,حتى اسـتأسد علينا جنده وحاشيته وكل من قدم له خدمة من حزبه وكل من صفق له يوما عند ممشاه وعند تحدثه وعند صمته وعند رؤية صورته وعند ذكره على مشهد من العامة وعند رؤية مواكب السير المهدجة بهيلمان صناعة القديسين
لقد دق الحاكم في بلدنا باب السلطة منذ سنة 1956 على أنه جزء منا يريد خدمة وطننا والوقوف الى جانب مواطننا الذي عانى الويلات على أيام الاستعمار البغيض ,ولكننا بتصفيقنا وتكبيرنا وتهليلنا وتعظيمنا ووشايتنا ومسحنا للأحذية وتضخيمنا للصور وبالخطاب الذي قدمناه له على شاشة التلفاز وبالعبارات التي كتبناها له في أروقة الصحف وبالبرامج التفصيلية التي تحدثنا فيها بالنيابة عنه ,جعلنا منه صنما مقدسا في أذهان الناس حتى غدى النقد أو التصحيح أو المراجعة أو النصح أو الاضافة أو التعقيب من قبيل الخيانة للأوطان والمتاجرة بالسيادة والاستخفاف بهيبة ورهبة الزعيم
كان من الممكن جدا بعد أن تحول الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة الى جزء من ذاكرة هذه البلاد ,وبعد أن دخلت البلاد مربعها السياسي والتاريخي الجديد ,أن نكون أوفياء الى شعارات الاصلاح التي جاءت في خطاب السابع من نوفمبر,وأن نعين المسؤول الأول في الدولة على التخلص من اصر هيلمان الزعامة وقداستها التى وضعه في سجنها مجموعة كبيرة من المتنفعين حتى غدت الدولة هي الزعيم والزعيم هو الدولة
ولكن يبدو أن لهؤلاء جذورهم العميقة في السلطة وأنهم أحسنوا التلون يوم أن تغير رأس الدولة ,فبعد أن كانوا يتفانون في تلميع صورة الزعيم الراحل ومدحه والاحتفال بعيد ميلاده والتطبيل الى كل أخطائه وتحويلها الى أعظم النجاحات ,هاهم اليوم يتسلقون حصن السلطة من جديد ليشكلوا حجابة دون اسداء النصح والمشورة واحاطة مسؤولها الأول في الدولة بالدقيق من المعطيات والاحصاءات …وهو مايجعلني أقدر بأن أزمة تونس تكمن أيضا في نخبتها التي تولت مناصب عليا على علاقة بالشأن العام ,وهي أيضا أزمة اعلامها الذي يحجب الحقائق ويغطيها ويكذب ويصور الأمور في يوم البهرج ويوم العرس الأكبر على أنها على أحسن ما يرام
أزمة تونس لايمكن أن نرمي بثقل المسؤولية فيها فقط على من تصدر أعلى مسؤولية فيها ,وانما يتقاسم فيها المسؤولية مجموعة من القيادات والهيئات والأشخاص الذين تولوا ادارة الشأن العام ,أو كانوا على علاقة مباشرة بها ,وأزمة تونس تكمن أيضا في ذهنية شعبها العامة التي أتاحت الفرصة لهؤلاء كي يلتفوا من جديد على مشروع التغيير ليجهضوا روحه وجوهره ومعالمه التي وعد الشعب بها
ان حالة الاستقالة التي تعيشها النخبة ,وحالة التردي والهبوط الذي يشهده الاعلام ,وحالة الخوف التي أشاعها بعض النافذين من خلال مسكهم بالأزرار الأمنية في الدولة ,كل ذلك ساهم في حالة الانغلاق العام الذي تعيشه البلاد منذ مايزيد عن العقد ,وان مشروعا وطنيا للاصلاح لن ينجح في حل طلاسم ماوصلنا اليه عبر تشخيص الأزمة وتحويلها الى مسؤولية تقصيرية فردية ,وانما عبر النظر بانصاف الى الاليات التي حولت القرار الى حالة من العبادة والتقديس الذين لم يقصدا في اصل التشريع ,وانما كان من الممكن مراجعة كثير من الأوضاع على ضوء رغبة عامة في التعادلية والتوازن يكون أطرافها متعددون ابتداء من المستشارين وصولا الى الوزراء ومرورا بالحزب الحاكم وامتدادا الى المعنيين بالشأن العام في المجتمع المدني والمعارضة وكل النخب الجادة في ارادة التغيير والارتقاء
لايهم اليوم أن تمر خمسون سنة أو أقل من ذلك أو اكثر على تاريخ اعلان الاستقلال وانما المهم والأهم أن نعرف المشاعر الحقيقية للرأي العام تجاه مايحصل من تطورات عظيمة سلبا أو ايجابا في بلادنا ,ولن يتاح لنا ذلك قطعا الا اذا وفرنا للناس مناخا حقيقيا للحرية والتعبير بعيدا عن اشاعة الخوف والتلويح بالتهديد والوعيد والاتهام بالعمالة والخيانة,لأننا عندها سنصنع بلا شك رأيا عاما قشريا مخادعا لن نعول عليه في أوقات الأزمات الاجتماعية والسياسية الخطيرة التي من الممكن أن يمر بها بلدنا اذا ماعلمنا حجم الكذب والخداع الذي مارسته وسائل اعلامنا طيلة الخمسين سنة من عمر بناء الدولة الناشئة والتحديث
فهل نشرع في تونس في طرق أول خطوات الاصلاح من خلال فتح الباب واسعا أمام حرية الاعلام والتعبير؟ فيتضح للحاكم بأمانة حجم ماحققه من نجاحات واخفاقات ,ونقف بعدها على أول شروط النهوض عبر توزيع أسباب الفشل والنجاح ليس على الأرقام والزعامات وانما على الحقائق ووفق القانون وما تقتضيه دولة الحق والمؤسسات.
(*) كاتب واعلامي تونسي
(المصدر: مجلة “البلاد” الالكترونية التونسية، العدد 1 بتاريخ 20 مارس 2006)
مــن وحــــي الاستقــــــلال وحولــه
بقلم: برهان بسيس
مضت الذكرى الخمسون للاستقلال في مناخ احتفالي جسد الحرص المدعوم من رئيس الجمهورية على أن تكون هذه الذكرى مناسبة لإحياء معاني النضال الوطني من أجل سيادة تونس وما قدمه جيل الاستقلال من تضحيات في سبيل حرية البلاد وكرامتها وما واصله تغيير السابع من نوفمبر من استمرارية لخدمة هذه الأهداف ودعم لمسيرة النماء والتقدم.
لم يكن الربط بين الاستقلال والتغيير مجرد ترف تاريخي تمليه ظروف الدعاية والتعبئة الاحتفالية بقدر ما ترجم جدلية موضوعية لمعني الاستمرارية الايجابية التي يحرص الرئيس بن علي على تمييز عهده بها وهو ما يزداد أهمية بمعاينة اشكالات الحاضر الوطني والاقليمي والدولي المتحركة ضمن فضاء من التحولات المتقاطعة التي تضع من جديد داخل دائرة المساءلة والمراجعة مفاهيم عديدة مثل الاستقلال والسيادة والقرار الوطني والوصاية الأجنبية وتمنح التبرير لمجمل الانحرافات الفكرية والسياسية الطارئة في موجة العولمة والفوضى المنشودة باسم الطموح الى الاصلاح الديموقراطي وتحت مسميات استقلالية المجتمع المدني واحترام حقوق الانسان.
إعادة الاعتبار للاستقلال كتجربة ومعنى واحياء قيمه ورموزه واستذكار معاركه وامتداداته لم يتصل في الاحتفال التونسي بمجرد إلزام كرونولوجي اقتضاه مرور نصف قرن على إمضاء اتفاقية الاستقلال بقدر ما ينبع الآن وهنا من احساس عميق بضرورة تأصيل قاعدة الشرعية في الإنجاز السياسي التي لا يمكن مهما تطلعت الى أهداف التقدم والتنمية والديموقراطية أن تغفل عن القاعدة الحاضنة للإنجاز وهي السيادة الوطنية كرافعة لمجمل ما يحرك طموحاتنا وأهدافنا.
ليس صدفة أن يتقاطع الاحتفال بالاستقلال مع النقاش المهيمن على الساحة السياسية التونسية حول آليات النضال الديموقراطي وحدود تقاطعه مع التدخل الأجنبي ورهانات تطوير العملية السياسية المتراوحة بين طموح ايجابي حريص على التدرج والثبات واليقظة تجاه خطورة المنزلقات والانحرافات ونزوع آخر متخبط قصوي فقد في بعض الأحيان الضوابط الضرورية الممكنة لجعل مطالبه قابلة للنقاش أو التفاعل الايجابي.
لا يدور الأمر هنا حول مزايدة تتخفى وراء منطق السيادة الوطنية لرمي خصومها «الأبرياء» وتهميش مطلبهم الديموقراطي بقدر ما هي تمهيد لمساءلة أعمق على أصداء ذكرى الاستقلال حول موقف الديموقراطيين الجدد «المتناثرين بين يمين سلفي متفائل ببركات «الفوضى البناءة» ويسار ستاليني غيّر بوصلة الحركة والمرجعية من عواصم النضال الثوري الأممي الى عواصم «الامبريالية» و«الاستعمار الجديد» وبينهما فريق من المغامرين المستعدين للقفز الى السفينة الناجية مهما كان لون العلم المرفرف فوقها!!! أي مساءلة هؤلاء حول موقفهم النظري من مكسب الدولة الوطنية الذي لا يمكن فهم إفضاءات سلوكهم السياسي الحالي دون الرجوع اليه باعتباره الأصل والمنبع والمرجع لجملة المواقف الحالية والتفسير الموضوعي لجوهر اختلافنا وتناقضنا مع تلك المواقف.
علينا أن نشير بدءا أن التناقض والاختلاف مع النظام كجهاز تنفيذي جزء مشروع من المعارضة ودور طبيعي من أدوارها بل وواجب ضروري من واجباتها لكننا ننبه في هذا المجال الى ضرورة الانتباه الى الفرق الخطير اللافت بين التناقض مع النظام والتناقض مع الدولة الوطنية بين رفض سياسات النظام ورفض الدولة الوطنية بين نقد اختيارات الحكوموة وعدم الاعتراف بالدولة الوطنية، وهنا مكمن الاختلاف الجوهري مع بعض الأطراف السياسية في ما وراء مواقف ومحطات عابرة سواء تعلقت باحتكاك أيام قمة المعلومات او بمجمل التجاذبات الحالية حول قضايا جزئية متعلقة ببعض منظمات المجتمع المدني مثل رابطة حقوق الانسان وغيرها أو ببعض الرؤى تجاه قضايا التعددية والاصلاح الديموقراطي. قد يصدم المتابع الدقيق لأدبيات هذه الأطراف السياسية أن تاريخ 20 مارس 1956 لا يعني لها شيئا يذكر بل بالعكس ينظر له نظرة عدمية سلبية بخلفية النظر الايديولوجي الذي يحرك هذه المجموعات لنكتشف أن سلوك 2006 وانحرافات نوفمبر 2005 ليست سوى الامتداد الطبيعي من الموقف من 20 مارس 1956.
اليمين السلفي الممثل للعمود الفقري لتحالف «الديموقراطيين الجدد» لا يرى في تاريخ الاستقلال الوطني سوى اللحظة الحزينة التي استولى فيها بعض العلمانيين والتغريبيين على السلطة في تونس بقيادة الزعيم بورقيبة الذي رفض شيخهم يوم وفاته مجرد الترحم عليه بكل ما في الأمر من استبطان لطاقة حقد مخيفة تجاه بورقيبة والدولة التي بناها مع رفاقه .
ينظر اليمين السلفي الى دولة الاستقلال كانقلاب على هوية المجتمع التي يجدونها في ما حافظ عليه الاستعمار الفرنسي من مؤسسات تقليدية بالية ونخب تقليدية مهادنة لنظام البايات وبنى اجتماعية هاضمة لحقوق المرأة وحرّيتها ومكرّسة للانتماءات القبلية والعروشية والحاضنة لثقافة الاستبداد الذكوري المتسرّبة باسم تقديس واحترام سلطة العادات والتقاليد.
لا يرى اليمين السلفي في تجربة الاستقلال سوى تغريب واقتلاع للمجتمع وهويته من اصوله وتكريس لحكم العلمانية المستبدة دون ان يكون له الجرأة في نقد ارث الاستعمار البغيض باعتبار ان مفاهيمه النظرية المقلوبة تجعله حافظا لجميل الاستعمار الذي رعى سلطة المشائخ وحافظ على التعليم الزيتوني ولم يصطدم بالحالة المتخلفة للنساء والمجتمع عموما.
لقد سحب هذا التيار حقده على مؤسس الدولة الوطنية ليشمل الدولة نفسها في التقاء كامل بين نظرته الخاصة لتاريخ الاستقلال الوطني التونسي ونظرته العامة لمفهوم الدولة ذاته الذي اما تكون اسلامية كما يراه شيوخ هذا التيار من تأويل لما أنزله اللّه او فهي اذا كافرة مارقة لا تستحق واصحابها سوى الجهاد وضرب الأعناق.
لقاء هذا التيار في سياق تحالف الحاضر الباحث لنفسه عن موقع ضمن خريطة الفوضى البناءة لا يمثل في نهاية المطاف سوى تطابق موضوعي مع هذه الخلفية الفكرية المتناقضة اصلا مع الدولة الوطنية فكرة وتجربة قبل أن تكون متناقضة مع النظام وسياساته.
ولمن يستغرب من هذا التحالف ننبه إلى ان خيطا دقيقا تصل منطلقاته الى عمق العقيدة الفكرية لهذه المجموعات هو ما يفسر الالتقاء الموضوعي الحالي المترنح بين وجاهة المطلب وسلطة البيانات والتحريض الاعلامي وعدم التردد في الاستنجاد بالسفارات والعواصم الاجنبية.
لا يوجد في أدبيات اليسار الستاليني ما يشير لاي احترام او حتى تعاطف مع تاريخ الدولة الوطنية تأسيسا وتجربة ولا مع ميراث الحركة الوطنية مسيرة ونضالا باعتباره تاريخا مستعصيا على أدوات التحليل النظرية التي يقدسها هذا اليسار تلك التي توقفت في حدود الجدلية الميكانيكية المحنطة التي لا تقرأ التاريخ سوى بحاسة البحث عن آثار الصراع الطبقي حقيقة أو اصطناعا.
20 مارس 56 في أدبيات هذا اليسار ليس سوى تاريخ حزين أيضا لاستيلاء «البرجوازية التابعة» العميلة على مقدرات السلطة السياسية كما أن تاريخ الدولة التي أنشأها هذا التوقيت ليس سوى تاريخ قمع جهاز الدولة البرجوازي التابع لباقي الطبقات المضطهدة وعلى رأسها الطبقة العاملة وهي رؤية اختزالية تحنيطية يستهويها أدب سياسي يصر على لَيِّ عنق الواقع واغتصابه بقوالب تحليلية جاهزة لا تقف سلبياته في حدود المهاترات النظرية ولكنها تتحول إلى انحرافات خطيرة حين تمثل الأرضية الراهنة التي تقف عليها مجمل الممارسات السياسية العرجاء لهذا اليسار الذي لم يعد يستحي من مجالسة القناصل والسفراء ووزراء الحكومات الإمبريالية للتحريض وطلب الدعم والمساندة لقضية الديموقراطية في تونس.
ان تيارا ستالينيا مازال يدافع الى اليوم عن محاكمات موسكو التي أكلت أكثر من نصف اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي وقتلت أكثر من اربعمائة ألف من منخرطي الحزب وعاقبت أكثر من أربعة ملايين شخص بالنفي الى معتقلات سيبريا بين 1936 و1939 ويصر على اعتبار ستالين القدوة والمرجع ويرمي نقده بشبهة الردة والرجعية يمثل في النهاية الوجه الطريف المضحك لمفارقة الوقوف اعتزازا بهذا الارث «الديموقراطي العظيم» مقابل التباكي على أزمة الديموقراطية في تونس!!!
هذه الصورة هي نموذج مصغر لحالة النفاق السياسي المبرر لمجمل الانحرافات التي عادة ما تجد مرجعها في العقائد النظرية وقد حملها يسار تقوم هويته السياسية علي نظرية وأهداف معلنة لا تخفي أنها اذ ترفع شعار الحريات السياسية فذلك فقط كتكتيك لمجاراة اتجاه الصراع وركوب المرحلة ليبقى هدف اقامة دولة دكتاتورية البروليتاريا الهدف الأسمى او لنقل أفيون الاستقطاب المغري للشباب اليافعين المندفعين أما القادة فالأمر يختلف تماما بعد أن تأكدوا أن موضة الشعارات الحمراء قد ولت وانتهت وأن صندوقا لتعويض يتاماها وثكالاها قد فتح بعد بعنوان منظمات المجتمع المدني والدفاع عن حقوق الانسان.
بعض الآتين من جبة هذا اليسار من جيوبه الأقل تطرفا ستالينيا ولكن الأكثر ارتباطا فرانكفونيا ظنوا أن الرجل الذي صنع تغيير السابع من نوفمبر مستعد لكل سيناريوهات التجربة والمغامرة بحثا عن شرعية عهده فتسربوا الى محيطه بوهم توظيف مشروع التغيير لخدمة أفكار الحداثة كما يفهمها عقلهم المشدود إلى ما وراء المتوسط شمالا وفهموا خطأ أن ملكة الإنصات التي تسكن الرئيس بن علي ثغرة لتمرير ما شاءوا من وراء ظهر من أنصت إليهم وشركهم مستغلين حالة التعبئة التي عرفتها الساحة السياسية التونسية بداية تسعينات القرن الماضي لمواجهة التهديد الأصولي لكن غاب عن هؤلاء أن صاحب ملكة الإنصات الذي يقدس العمل الهادئ والجهد الرصين بعيدا عن الصخب والاستعراض قد تربى في مدرسة الولاء لتونس وعركته تجارب المعارك من اجل علمها واستقلالها وسيادتها منذ كان ضابطا شابا مقاتلا في معركة بنزرت مستعد للاستماع لكل المقاربات والاطروحات عدى تلك المتلاعبة بسيادة الوطن واستقلاله.
أفاق الكثير أن ما حصل في السابع من نوفمبر ليس مجرد فسحة لتغيير رئيس بآخر بل محطة جديدة لدعم استقلال الوطن.
لعل فرصا نتمنى أن تظل قائمة أمام آخرين ليستفيقوا أيضا!!!
(المصدر: ركن “البعد الآخر” بجريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 26 مارس 2006)
50 سنة استقلال .. شدّ وجذب بين التحرّر والانغـــلاق
الأستاذ عبد الكريم الحيزاوي
تونس- البلاد
“منذ بداية الإستقلال كان لوسائل الإعلام التونسية دور ريادي في مواكبة التطورات والدفاع عن المكاسب الجديدة وتعزيزها. كما كانت حرية التعبير والصحافة محورا أساسيا في كل مراحل الصراع والجدل بين القوى السياسية المختلفة على مدى نصف قرن من الزمن.
لتتبع أهمّ المراحل التي شهدها الإعلام التونسي ومكامن القوة والضعف التي إكتسبها منذ الاستقلال يسلط أستاذ معهد الصحافة وعلوم الأخبار عبد الكريم الحيزاوي في هذه المقابلة الأضواء على التطور التاريخي لوسائل الإعلام التونسية وعلاقتها بكبرى الأحداث والتقلبات التي عاشتها البلاد.”
نـــصّ
بمناسبة الاحتفال بخمسينية الاستقلال من المفيد الرجوع للبدايات والتأسيس فنرى أن هناك تلازما بين المسارين السياسي والإعلامي. ففترات الانفتاح السياسي تقابلها فترات تفتح إعلامي وتعددية إعلامية وعلى عكس ذلك فترات الانغلاق يكون الإعلام المستقلّ من أول ضحاياها في الأغلب. فمع السنوات الأولى للاستقلال بدأ المشهد بإصدار مجلة الصحافة التي بعثت للوجود يوم 9 فيفري 1956 وكانت أول ثمرة من ثمرات الاستقلال وسبق صدورها الإعلان عن الاستقلال”. هذا النص الأول المنظم للإعلام التونسي كان ثوريا بأتم معنى الكلمة حيث يضمن حرية إصدار الصحف بدون ترخيص مسبق وبدون ضمان مالي. لقد وقع التراجع بعد ذلك عن هذا المكسب الوطني الذي ضحت من أجله الأجيال التي ناضلت من اجل الاستقلال في فترات التصلب والانغلاق وتم بعث مجلة جديدة للصحافة وهي المجلة الحالية وذلك سنة 1975 والتي طالب الجميع الآن بإلغائها. ويجدر القول هنا أن مجلة الصحافة الصادرة في 9 فيفري 1959 لا تقل أهمية عن قانون 13 أوت الذي حرّر المرأة فنص 9 فيفري نص مرجعي ومكسب وطني وهو حسب رأيي من مكاسب الاستقلال المقدّسة.
ولقد عرف المشهد التونسي في بدايات الاستقلال وحتى ديسمبر 1962 ( تاريخ الإعلان عن المحاولة الانقلابية واغتيال الحبيب بورقيبة) مرحلة تعددية إعلامية وسياسية. بعد هذا التاريخ وقع حل الحزب الشيوعي التونسي وإيقاف الصحف المستقلة ومنها الطليعة ومنبر التقدم التي أسسها سليمان بن سليمان. كما كان الحزب الدستوري القديم يصدر صحيفة الاستقلال.
هذه المحاولة الانقلابية جعلت السلطة تتراجع عن التعددية السياسية والإعلامية وتمّ فرض السيطرة الكاملة للحزب الحاكم في مؤتمر بنزرت 1964 الذي أصبح يسمى الحزب الاشتراكي الدستوري على كل المنظمات الوطنية ومنها اتحاد الشغل وعلى كل مرافق جهاز الدولة.
انغـــلاق
في سنة 1977 بدأت فترة الانغلاق تتحلحل حتى 26 جانفي 1978. هذه الفترة القصيرة كانت ثريّة حيث شهد المشهد الإعلامي انتعاشة بفضل المبادرات المتنوعة وأولها استعادة استقلالية القرار من طرف الاتحاد العام التونسي للشغل. كما أطلقت الحرية لجريدة الشعب لتصبح ناطقة باسم كافة مكونات المجتمع المدني و لتقوم بدور السلطة المضادّة وتسهم في بلورة بدائل اجتماعية وسياسية.
في مايو 1977 انسجم الصحافيون مع هذه الموجة التحررية وانتخبوا أوّل مكتب مستقلّ عن السلطة في جمعية الصحافيين التونسيين (كان رئيس المكتب كمال العريف مع يوسف الصديق وحسن المانسي وآخرون..). هذا المكتب المستقل فاز في انتخابات مصيرية أمام قائمة مدعومة من الحزب الحاكم. في هذه الأثناء استرجعت جريدة الصباح ومعها “لوتون” هامش الحرية المتاح.
وعلى المستوى السياسي تميزت سنة 1977 بالإعلان عن إنشاء أول منظمة لحقوق الإنسان في إفريقيا (هي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان) كما تم الإعلان عن حركة الديمقراطيين الإشتراكيين. وفي أكتوبر 1977 صدرت صحيفة الرأي الناطقة بإسم هذا التيار وهي أول صحيفة مستقلة منذ سنة 1962.
انفتـــــاح
هذه المرحلة انتهت عمليا بأحداث 26 جانفي 1978 بموجة القمع التي ذهب ضحيتها عشرات النقابيين والسياسيين. وبعد مرحلة أخرى من الانغلاق ومع تولي محمد مزالي الوزارة الأولى سنة 1980 شهدت البلاد انفتاحا إعلاميا وصدرت صحف جديدة مستقلة وسياسية مثل جريدة “لوفار” و”المنار” و”المغرب العربي” و”المستقبل” و”الديمقراطية” و”الوحدة” و”الطريق الجديد” وبقيت هذه الحرية تتقطع حتى وقع تغيير 7 نوفمبر 1987 الذي عادت معه الآمال من جديد بإنفتاح إعلامي وظهور صحف جديدة، غير أن الصفحة أغلقت بعد انتخابات أفريل 1989. هذه الانتخابات كشفت تجاوزات وتزوير وانتهت إلى أزمة ثقة بين السلطة والمعارضة وانتهى شهر العسل بينهما.
وبقيت آثار هذه الفترة السلبية إلى حدّ هذه اللحظة حيث لم نشهد أيّ تطوّر يذكر في إتّجاه هامش جديد من الحريّة.
ومن نافلة القول أن الصحافة مع بدايات الاستقلال كانت صحافة إلتزام ورأي ومقاومة وتحرر أما بعد خمسين سنة فقد أصبحت صحافة خاضعة للطلب وللسوق. ذلك أنّ الصحافة الطاغية اليوم يغلب عليها الهاجس التجاري وهي تلهث وراء الإشهار ولم تعد تحمل في أغلب الأحيان رسالة. والعناوين الملتزمة سواء كانت مستقلّة أو حزبيّة مكبلة بشتى العراقيل حتى أننا نجد أحزاب سياسية ومنظمات وطنية ليست لها وسيلة إعلان ناطقة بإسمها أو تعبّر عن همومها. وسائل الإعلام الآن متطورة على مستوى الاخراج والرقمنة والسرعة واغلب الصحف التونسية اليوم لها مواقع على الانترنت وكذلك الإذاعات والتلفزات. وهذا التطور التكنولوجي لا ترافقه مضامين جيّدة. فهناك نشاز بين الشكل المتطور والمضمون الضعيف والهشّ.
رصيـــــد
لقد تكونت في تونس أجيال من الإعلاميين لهم طموحات تتجاوز الحدود الجغرافية لتونس. فقد انطلقت تجربة جون أفريك من تونس وتم تأسيس وكالة تونس إفريقيا للأنباء في بداية الستينات كمشروع إفريقي إقليمي. وهذه الريادة الإعلامية حتى وإن تراجعت بعد ذلك يمكن إعادة إحيائها واستثمارها من جديد لتأسيس مشاريع إعلامية إقليمية ودولية انطلاقا من تونس خاصة وأن عولمة الاتصال والبث المباشر عبر الأقمار الصناعية وعبر الانترنت تفتح مرحلة جديدة للإعلاميين التونسيين لكي يقوموا باستغلالها أحسن استغلال”.
الاستقلال منحنا أيضا حرية الصحافة
إن إحياءنا للذكرى الخمسين لاستقلال البلاد فرصة لتقييم ما آلت إليه مكاسب التحرر الوطني بعد نصف قرن من استرجاع التونسيين لسيادتهم على أرضهم.
والمتأمل في وضعية الإعلام لا يملك إلا أن يندهش عندما يقف على التقهقر المرعب الذي عرفته حرية الصحافة منذ 1956 إلى الآن. إذ كيف يمكن أن يتحول الاستقلال من نقطة انطلاق نحو الأفضل إلى نقطة انحدار وتراجع؟
ولا ننطلق في تقييمنا للأداء الإعلامي التونسي من تمثلات ذاتية أو انطباعات وجدانية، وإنما من التحليل المقارن لنصين قانونيين مثّلا الإطار التشريعي المحدد للحريات الصحفية منذ خمسين سنة : مجلة الصحافة الصادرة بتاريخ 9 فيفري 1956 ومجلة الصحافة الصادرة في 28 أفريل 1975 والمعمول بها إلى الآن.
عند استعراضنا للنصوص القانونية التي أصدرتها السلطة الوطنية التونسية غداة استرجاعها التدريجي للسيادة بداية من الحصول على الاستقلال الداخلي بمقتضى اتفاقية 3 جوان 1955 نكتشف أن مجلة الصحافة كانت من أول هذه النصوص، وهو ما يؤكد أن إطلاق حرية الصحافة كان في مطلع أولويات المشروع السياسي للحركة الوطنية التي قادت معركة الاستقلال.
وللتدليل على أن مجلة الصحافة التونسية الأولى كانت بحق مجلة حرية، نكتفي بذكر ما ورد في فصلها الخامس:”كل جريدة أو مطبوع دوري يمكن نشره بدون سابق رخصة وبدون إيداع ضمان مالي بعد الإعلام المشار إليه في الفصل السابع”.
وتبعا لذلك فإننا لا نبالغ إذا اعتبرنا أن مجلة 9 فيفري 1956 جاءت محررة للصحافة كما جاءت مجلة 13 أوت 1956 محررة للمرأة.
ونتساءل: لماذا احتفظنا بمجلة الأحوال الشخصية واعتبرناها عن جدارة من مكاسبنا الوطنية التي لا تراجع عنها ولا تفريط فيها، وجعلنا من تاريخ صدورها عيدا وطنيا، وفي المقابل ألغت السلطة الحاكمة مجلة الصحافة واستبدلتها عام 1975 بمجلة جديدة كرّست الرقابة الحكومية على وسائل الإعلام وأنهت العمل بمبدإ حرية نشر الصحف والمجلات؟
ورغم تنقيحها في أربع مناسبات منذ 1988، فإن مجلة 1975 تبقى موصومة بالبيئة الكريهة التي نشأت فيها في أحلك فترات الحزب الحاكم المنغلق على نفسه بعد طرد رموز جناحه الليبرالي والرمي بمئات المناضلين اليساريين في السجون والإعداد لتقننين الرئاسة مدى الحياة.
واعتبارا أن مجلة 9 فيفري هي أولى ثمرات الاستقلال السياسي الذي ضحى في سبيله الشهداء بأرواحهم الطاهرة وتعرض من أجله المقاومون من مناضلي الحركة الوطنية للسجون والمنافي، نعتبر أن العودة إلى العمل بروح هذا النص هو وفاء للمبادئ التحررية التي تأسست عليها الدولة المستقلة.
وللتعبير عن تمسكنا بالحريات الإعلامية باعتبارها مكسبا مقدسا من مكاسب الاستقلال، أقترح أن يكون يوم 9 فيفري يوما وطنيا للصحافة، على غرار اليوم الوطني للمرأة الذي نحتفل به يوم 13 أوت تاريخ صدور مجلة الأحوال الشخصية.
ويمكن أن يتبنى الإعلاميون والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وكافة نشطاء حقوق الإنسان هذا الاقتراح خلال ندوة وطنية تنظم بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة يوم 3 ماي المقبل.
(المصدر: مجلة “البلاد” الالكترونية التونسية، العدد 1 بتاريخ 20 مارس 2006)
احتدام المنافسة بين «فيفندي» و«تيكوم» للفوز بتخصيص جزء من «اتصالات تونس»
تونس – سميرة الصدفي
اقتصرت المنافسة على شراء 35 في المئة من رأس مال «اتصالات تونس» على «فيفندي يونيفرسال» الفرنسية و«تيكوم» الإماراتية.
وفيما قدرت الحكومة التونسية أنها ستجني من العملية 1.7 بليون دولار، تجاوزت ثلاثة عروض هذا السقف، ما جعلها تتقدم على ثلاث مجموعات أخرى كانت تنافسها على الصفقة في مرحلة أولى، لكنها اضطرت للانسحاب من المنافسة أخيراً.
وأفاد مصدر في «اتصالات تونس» أن مجموعتي «اتصالات إيطاليا» و«أوجيه» السعودية تقدمتا بعرض مشترك قيمته 1.5 بليون دولار، قبل أن تنسحبا، فيما لم يتجاوز عرض «إم تي إن» 1.4 بليون دولار والتي انسحبت في دورها من المنافسة.
أما «فيفندي يونيفرسال» فعرضت 1.8 بليون دولار وعرضت «تيكوم» 1.76 بليون دولار، وأتت «فرانس تيليكوم» في المقدمة إذ عرضت 1.885 بليون دولار، ما جعل العروض تفوق التقديرات التي وضعها التونسيون. لكن «فرانس تيليكوم» قررت الانسحاب من المنافسة في اللحظة الاخيرة من دون تبيان الأسباب.
ترجيحات المراقبين
ورجح مراقبون فوز مجموعة «فيفندي»، خصوصاً أنها تملكت أخيراً 51 في المئة من رأس مال «اتصالات المغرب».
وتعتزم الشركة تعزيز حضورها في شمال أفريقيا، من خلال السعي للحصول على حصة مهمة في «اتصالات تونس».
وكانت 12 مجموعة عربية وأوروبية وجنوب أفريقية متخصصة بالاتصالات، تقدمت بعروض في المرحلة الأولى، إلا أن نصفها انسحب من المنافسة.
وتسيطر «اتصالات تونس» على كامل شبكة الهواتف الأرضية في البلد و60 في المئة من شبكة الخليوي التي تنافسها عليها مجموعة «تونيزيانا» الكويتية، إضافة إلى 51 في المئة من رأس مال مشغل الشبكة الخليوية في موريتانيا «ماتال».
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 26 مارس 2006)
تعديــــل النظــــر فــي قضايـــــا كثيـــــــرة
بقلم الدكتور: المنجي الكعبي
في حديث خاص لـ«الصباح»، على مسافة أيام قليلة من القمة العربية المنتظر عقدها في الخرطوم في أواخر هذا الشهر، تناول السيد الشاذلي القليبي، الامين العام السابق لجامعة الدول العربية لأكثر من عقد كامل، عدة قضايا رآها من زاوية نظره تستحق الحديث دون غيرها،.. وسكت عن مسائل وإن كان حديثه يُفشي بها التلميح اليها في القضايا الاخرى، كالترشيح المعلن لأمينها العام الحالي لولاية جديدة على رأس المنظمة، والغياب المتوقع لبعض الأعضاء في المستوى الاعلى، والمتابعة لقرارات القمم السابقة.
وحديثه يستوقف لأكثر من سبب. أولا لانه صادر عن أمين عام سابق تذوق الحلو والمرّ في المسؤولية على رأس المؤسسة التي يتحدث عنها، وثانيا، ورغم عدم الافصاح عن مهامه الحالية كمسؤول رفيع المستوى في بلاده حزبيا وثقافيا ونيابيا، فإن حديثه، وإن كان يعكس مواقف لا تعبر بالضرورة – كما يقال – الا عن رأي صاحبها في قضايا حساسة عربية واقليمية ودولية، لا يخلو من طابع أوسع وأشمل، يلقي بظلاله على رأي عام وطني داخلي وخارجي، أو قطاع منه على الاقل قد يكون غير متفق أو متطابق تماما معه. ثالثا، ما يمثله هذا الحديث في عدد من محطاته من ازدواجية في التقدير والحكم وغرابة في التحليل، الى جانب ما يتّسم به من مفردات تمت الى الماضي دون الحاضر وتستوحي من خطاب التحقير أكثر مما تستوحي من خطاب التغيير..
ولو سمح أن نناقشه هنا في بعض المسائل لاخترنا من حديثه هذه العناوين من صميم كلامه على سبيل المثال:
1- لا للشارع العربي، نعم للرأي العام العربي والدولي!!
فإحالته اللامبالاة على الرأي العام دون الشارع، قد يوحي بمجرد المخالفة أو الاهمية بين الامرين، ولكنه في الواقع يعكس موقفه من مفهومين متباينين، أحدهما يحظى بالتقدير في نظره دون الآخر. وهذا بدوره يعكس موقف الرجل السياسي التقليدي الذي لا يأخذ في اعتباره المفهوم الجديد لحركية الشارع، أو حراك الشارع وما يمثله من أهمية لدى الرأي العام السياسي الداخلي والخارجي حول اتجاه الجماهير أو مؤشراته.. بل يمكن القول إن حراك الشارع أصدق إنباء من الكتب على رأي أبي تمام، أي أقوى من أية مؤشرات إحصائية لعينات من الناس.
وفي مثل مجتمعاتنا السياسية، لا أدري الى أية مؤسسات سبر للآراء أو لاتجاهات الرأي العام يشير بالثقة والمصداقية، ليحكم لنا في الآخر بأن الرأي العام العربي أصبح مقتنعا بأن الدول الأعضاء في الجامعة العربية بينها خلافات! ثم ليقول لنا بالتالي بأن القرارات العربية تبدو للرأي العام العربي والدولي مجرد عملية خطابية، الجميع موقن بأنها لن تجد سبيلها للتنفيذ!
فهل لو كان في المسؤولية اليوم بالجامعة وسلفه يحدثنا بمثل هذا الحديث عن صورة مؤسسته في مرآة الجماهير أو الرأي العام يقبل بذلك ويستسيغه ؟!. أم هذا ما هو مخوّل عادة للرجل السياسي عندما يغادر السلطة وينتقد خلفه ؟! ويكون ذلك، عند علم النفس، من باب نزعة المبغض لخصمه، أو كيف يتمنى المرء زوال النعمة لغيره.
وأية مؤسسة عربية اقليمية أو وطنية لا تكون في الواقع مرآة لعقلية أصحابها وصورة مصغرة أو مكبّرة أحيانا لمستوى الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية للمنتسبين اليها. لأن الحكم عليها أو لها من ناحية من يتولاها أو عموم من يتحركون داخلها قد يكون حكما مجردا من عناصر التقدير الصحيحة الاخرى.
أما أن تكون الخلافات هي الصفة المميزة بين أعضاء الجامعة العربية فهذا لم يحصل به الاقتناع اليوم أو بالامس، بل الجامعة نفسها لم توجد الا من أجل ذلك، وما علة تواصل وجودها الا من أجل ذلك، دون ان تكون المعجزة المنتظرة هي توقع العكس، خصوصا إزاء كيانات سياسية مستقلة ذات سيادة كل منها تبحث عن أدنى قدر من الاتفاق العام حول قضايا سياسية ولدها الوضع العام، بعضها ناتج عن مخلفات الاستعمار وبعضها ولّدتها التحديات الخارجية التي تواجهها دولهم ومجتمعاتهم، فرادى وجماعات.
وأظن أن تجاوز الاحراج و ضرب الرمل كان ينبغي أن يجعل المسؤول في السلطة أو خارجها ينظر بأكثر موضوعية وبأوسع مدى للاستشراف، ليقدّر ما يجري في الشارع العربي وفي مختلف مؤسسات القرار العربي وما تحتدم به ساحات النضال وميادين المقاومة من عطاء وبذل واستشهاد ليحكم بأن الامور، رغم ما تصوّره دوائر الاعلام الغربية ذات النفوذ الاقوى في منطقتنا من سلبية واستحقار، تسير الى الامام وتنبئ بتعافي الأمة من عللها.
إن العملية الخطابية التي يصف بها القرارات العربية إن تكن موجودة هل هي خاصة بالجامعة العربية وحدها، وقوله بكون الجميع موقن بأن تلك القرارات لن تجد سبيلها الى التنفيذ، قد يكون مجرد تعبير يورّي للوضع العام بالوضع الخاص..
وأعتقد أن أهم ما يميّز سياسة تونس العهد الجديد منذ عقدين تقريبا من العمل العربي هو عدم اثارة ما يؤلب على ما يؤلف، وعدم النظر شزرا للشارع العربي أو التقليل من أهمية ما يعتمل بداخله من تطلعات وآمال!
2 – الانفصال عن الجامعة أوالاسرة العربية والتشبه بالاتحاد الاوروبي
أما اعتقاده بأن ميثاق جامعة الدول العربية الذي تقوم عليه اركانها يشبه ميثاق منظمة الامم المتحدة ومن الافضل أن يشبه مستقبلا ميثاق الاتحاد الاوروبي. فهذا يعني الدعاء بالسقوط للجامعة. وقد تكون مجرد دعوة مؤدبة من جانبه كمسؤول سابق عارف بأدوائها. ولكن لم يبرر ذلك بأمور وجيهة. فغياب التنصيص في ميثاق جامعة الدول العربية على صيغ التعاون والتضامن بين الاعضاء الذي قدّمه مبررا للطعن فيه يصطدم بالهدف الذي قامت من أجله الجامعة وهو تحقيق الوحدة السياسية بين دولها الاعضاء الذي لم يتحدث عنه.
فاتجاه نظره إذن الى التشبه بالاتحاد الاوروبي لأن ميثاقه محرر بهذه الغاية الاقتصادية والاجتماعية كان ينبغي أن يكون صيغة لمنظمة أخرى لمساندة الجامعة لا لإلغائها، الا أن يكون تفكيره السياسي قطعا غير وحدوي أو عروبي بالقدر الذي كان يؤمن به اسلافه من أمناء الجامعة. أو يكون هو شخصيا لا دولته على خلاف أساسي مع هذا التوجه أصلا، أو يكون قد أصبح لا يرى موجبا لميثاقٍ، لدول ذات سيادة في منطقة مختلطة المشارب العرقية والدينية..
ويستغرب المرء كيف قضى السيد الامين العام السابق أزيد من ولايتين على رأس المنظمة وهو لم يشعر مطلقا بنفاذ صبره من تعديل الميثاق بما يرغب فيه على يديه.. أو لم يقم بالتخلي عن منصبه في شكل احتجاج على فشله في تحقيق هذا التحوّل للميثاق.
وهنا نفهم لماذا يصبو لميثاق فلسفة حضارية وثقافية للجامعة العربية، لا ميثاق وحدة سياسية كما وضعه الاوائل لأمة مقطعة الاوصال في شتيت من الدول لأسباب استعمارية.. ولذلك يخيرنا الآن بين امرين لا خيار وسط بينهما أحدهما الانفصال عن الجامعة العربية وإن أدى ذلك الى الانفصام عن الاسرة العربية والآخر انتهاج المسار الاوروبي وتبني ميثاق اقتصادي واجتماعي مثل الاوروبيين.
وهو يعتقد أنه بانتهاج ما يشبه المسار الاوروبي يتحقق لدينا ما ألمح اليه في حديثه من التحديث الحضاري والتطوير الاجتماعي والتنمية الاقتصادية الشاملة للجميع.
ولا يخبرنا إن كان سيجد لمؤسسته الجديدة ما يشبه الخبرات والكفاءات والهياكل أو ما يسمى بالبنى الفوقية بالمستوى الاوروبي لتأثيثها وحسن إدارتها! أم سيؤول الامر، طالما الاوضاع تختلف والفلسفات تتفارق، الى بقاء المعضلة في الاذهان والسلوكيات وليس في المواثيق المكتوبة والمكاتب الفخمة والبناءات العملاقة ؟!
3- أزمة الرسوم الكاريكاتورية
هذه الرسوم تحدث عنها السيد الشاذلي القليبي دون أدنى لفظ إدانة أو استنكار ولو على سبيل الموالاة لموقف بلاده، ورأى الاهمية فقط في الربط بينها وبين ما يكنه البعض في البلاد الغربية من استنقاص واستغراب واستهزاء بالمسلمين لأمرين اثنين، الاول، ما عندنا من تيارات تدّعي الذود عن الاسلام وهي ترتكب الموبقات من قتل وإشعال فتن في مجتمعاتها الاسلامية.. والثاني، هم النازحون الى اوروبا دون ثقافة وتكوين مؤهل فيتولون ارذل الوظائف ويربطون بين عباداتهم وتقاليدهم دون التأقلم مع عادات المجتمع الذي يعيشون فيه ودون أن يدركوا ما ادركه اليهود النازحون الى اوروبا بضرورة اتخاذ سلوكيات ملائمة. ولا يتردد في تحميل مسؤوليات ما يسميه إزعاجات النازحين لأجوارهم الاوروبيين لحكومات بلدانهم الاصلية. ويقترح لذلك ثلاث علاجات للوضع، الاول حضاري عام والثانيين إجرائيين، الاول، التشبه باليهود النازحين قديما في اتخاذ سلوكيات ملائمة للمناخ الاجتماعي واجتناب ما من شأنه أن يجعلهم في منزلة استغراب أو استهزاء من طرف بقية المجتمع.. العلاج الثاني: تثقيف وتعليم وتهذيب النازحين في بلدانهم إن كان لا بد من آفة النزوح التي عمت بها البلوى لقلة التضامن بين الدول الشقيقة، الثالث: امتصاص ذلك النزوح في بعض الاقطار الاسلامية كيد عاملة على ما يقتضي التضامن بين المسلمين عوض توريد عمال أجانب. وينعى من جانب آخر على الشارع العربي بين قوسين ما أظهره سلوك جماهيره من افتقار الى قيادة حكيمة وما أظهره من كان عليهم النصح والنهي له من سكوت عن غير حكمة.
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 26 مارس 2006)
القمة العربية وتحديات المرحلة
توفيق المديني
تستأثر القمة العربية المرتقبة التي ستعقد بعد بضعة أيام قلائل باهتمام الوسطين السياسي والإعلامي في العالم العربي، في حين لم تكن القمم من قبل تلاقي أي اهتمام يذكر باستثناء بعض المؤتمرات التي انعقدت في ظروف استثنائية مثل مؤتمر الخرطوم بعد هزيمة 1967، وقمة بغداد 1978 التي قررت إقصاء مصر، وقمة القاهرة عام 1990 التي التأمت إثر الغزو العراقي للكويت.
القمة العربية التي ستعقد في الخرطوم بعد بضعة أيام قلائل مختلفة كليا عن قمة الخرطوم التي عقدت بعد هزيمة حرب يونيو 1967، و التي كان شعارها:”لا مفاوضات. لاصلح.لا اعتراف”.ففي تلك القمة السابقة، كانت الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي زعيم المعسكر الشرقي ، و الولايات المتحدة الأمريكية زعيمة المعسكر الغربي، على أشدها،و كان العالم يعيش في ظل نظام دولي ثنائي القطبية. أما اليوم ، فالعرب سيذهبون إلى قمة الخرطوم ، والعالم يعيش في ظل نظام دولي أحادي القطبية تسيره و تقوده امريكا بمفردها على الأقل مؤقتا، و”سرائيل “أصبحت حقيقة لا نقاش فيها، إذ بات العرب جميعهم مع المفاوضات و الصلح ولاعتراف ، و هذا ما أقرته قمة بيروت في عام 2003 عندما أقرت مبادرة السلام العربية.
القمة العربية تعقد في السودان ، و هو البلد الذي يواجه تحديا كبيرا في أن يبقى موحدا.فهناك الأزمة المستفحلة في الإقليم الغربي للبلد المضيف حيث تواجه الحكومة السودانية فرصتها الأخيرة في التوصل إلى إتفاق سلام في دارفور أو مواجهة نزول قوات دولية تفرض بنفسها سلاماً من المؤكد انه سيكون بعيداً عن توقعات الخرطوم وتمنياتها. و هناك المصير المعلوم –المجهول لوحدة السودان بعد خمس سنوات حين يتم الإستفتاء على مستقبل الجنوب، وخطر انفصال جنوب السودان عن شماله.
لاشك أن هناك أزمات وقضايا معقدة ومتشعبة تراوح بين الوطني والقومي والاقليمي والدولي تواجه العرب أيضا ، منها تحدي الملف النووي الإيراني الملتهب والذي يهدد إندلاعه ببركان مدوٍ قد يدفع بالمنطقة برمتها إلى تداعيات لا تستطيع احتمالها، إضافة الى مستجدات القضية الفلسطينية بكل مفاعيلها. لكن هناك ثلاثة ملفات رئيسة ستفرض حضورها بقوة في قمة الخرطوم العتيدة
الملف الأول : هو الملف الفلسطيني بعد فوز حركة حماس و استمرار الولايات المتحدة و بلدان الاتحاد الأوروبي بممارسة ضغوط على الفصائل الفلسطينية الأخرى لمنعها من المشاركة في الحكومةالفلسطينية التي شكلتها حماس، بينما تستمر “إسرائيل”في تحريض الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) على مواجهة الحركة وتنفيذ الصلاحيات الممنوحة له بإقالة رئيس الوزراء. القمة العربية في الخرطوم مطالبة باتخاذ موقف موحد لجهة الاعتراف بحماس واقرار التعامل مع سلطة فلسطينية تمثلها ، ثم الانتقال لاحقا الى تقديم الدعم اللازم لها على الصعد كافة وعدم الرضوخ للضغوط الرامية الى حصارها وقطع الامدادات والمساعدات عنها واحباط الخطة “الاسرائيلية” لاسقاطها. و سوف تمارس القمة العربية ضغوطات كبيرة على حماس لجهة إقناعها كسلطة على التعامل بإيجابية و بروح واقعية مع الحقائق الدولية ، والاتفاقيات المبرمة بين السلطة الفلسطينية و “إسرائيل” ، و الامتناع عن إعطاء ذرائع وحجج يستغلها العدو الصهيوني للتملص النهائي من عملية السلام ، على الرغم من أن شارون دفنها منذ سنوات .ويمكن أن تشكل مبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت مخرجا لحماس في هذا الصدد.
الملف الثاني ، هو المشهد السياسي العراقي المزري الذي يعيش أوضاعا صعبة ومعقدة بسبب تفاقم التوتّر بين مختلف مكوّنات المجتمع الناجم من الاغتيالات للمرجعيات الدينية والهجوم على عدد كبير من المساجد في مناطق مختلفة من العراق، و المتجه نحو الحرب الأهلية و التقسيم.و سوف تعمل القمة العربية على تبني فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية يحكم العراقيون عبرها أنفسهم لنزع ذرائع استمرار الاحتلال الاميركي ،وكمخرج لوأد الفتنة الطائفية، و بالتالي منع اندلاع حرب أهلية في العراق ، سوف لا تقتصر شظايا انفجاراتها على العراق بل لا بد ان تطال الدول المجاورة والمنطقة بأسرها في حال عدم حصر مخاطرها والبحث عن حلول نهائية وفورية لها. فالفتنة الطائفية والمذهبية والعرقية تطل برؤوسها الجهنمية علينا جميعاً وتهدد بتفتيت العراق وتهديد المصير العربي.
الملف الثالث، هو أزمة العلاقات السورية – اللبنانية. ففي ظل النجاح الجزئي لمؤتمر الحوار الوطني ، و عدم اتفاق مختلف الأطراف اللبنانية سلطة و معارضة ، أكثرية و أقلية ، على مشروع وطني موحد ، سوف تعمل قمة الخرطوم على تفعيل المبادرة السعودية – المصرية لنزع فتيل التوتر بين سورية ولبنان أولاً والبحث عن حلول للأوضاع الداخلية اللبنانية لضمان عدم حدوث تدهور أمني مع تحقيق توازن عقلاني في قضية تنفيذ القرار رقم 1559 ونتائج التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ،ثانيا.
و تشكل هذه الملفات الثلاثة تحديات كبيرة للقمة العربية . و لا يوجد عربي واحد يملك آمالاً عِراضاً (ولو على سبيل التوهم) لجهة قدرة قمة الخرطوم على إيجاد حلول واقعية لها.ولهذا السبب بالذات، لا نستطيع أن نتفائل كثيرا من قرارات القمة ، رغم أن هناك عدة أمور لا تنتظر التأجيل ولا التأويل. وأولها وأهمها قضيتا فلسطين والعراق. فالوضع بالعراق مخيف، وسواء أحدثت الفتنة الداخلية أم لم تحدث، فلا شك أن الإرادة المشتركة غير موجودة.
(*) كاتب تونسي
(المصدر: صحيفة الخليج الإماراتية الصادرة يوم 26 مارس 2006)
الدعاية في قبضة الفضائيات… قــــــــراءة
في المواجهة المفتوحة بين القرضاوي وعمرو خالد
بقلم: علي بن نصيب
من الأخبار التي لم يُلتفت إليها كثيرا هذه الأيام، «اندلاع» صراع حاد على هامش التجربة الدانماركية بين «الشيخ الدكتور» يوسف القرضاوي، و«الأستاذ» الداعية عمرو خالد حول الخطوات الواجب إتباعها «لتركيع» المتعنتين في بلاد الدانمارك الرافضين تقديم اعتذار رسمي عن الإساءة للرّسول الكريم.
لم يلتفت ربما أحد لهذا الصراع في زحمة الصراعات المشتعلة في المنطقة وعلى مسافة قريبة جدّا من قمّة عربية يراها البعض قمّة «تاريخية»، «مصيرية»، «حاسمة» ستشفي غليل المواطن العربي البسيط المنتظر فرش القرارات الشجاعة، على سجادات الاستقبال اللمّاعة!،
ومع ذلك فلهذا الصراع في تقديري المتواضع أهمية بالغة في كشف المستور والمقموع والمهمش أي ما وراء موجة الخطاب الدعوي الإسلاموي الزاحف في كل الأوساط، القادر على دغدغة أبرد المشاعر وتوعيتها بأن «تسونامي برامج الوعظ الديني» صحوة مباركة تؤدي إلى عودة الإسلام إلى «ماضيه» المشرق فلا خلاف في أن «الدعاة الجدد» على وزن المحافظين الجدد يمثلون مثلهم تماما ظاهرة تحير العقول وتشتت الانتباه وتعسير الربط بين الظاهر والباطن، بين القول والفعل، بين النية «الطيبة» وارتباطها بمصالح ضيقة متآكلة مُتهافتة في منطقها الداخلي.
فقد هيّأ الظهور القوى في الفضائيات لهذا الخطاب الوعظي الجديد عوامل انفتاح أفق جديد للتواصل مع كل الشرائح الاجتماعية ولا سيما الشباب المحتاج إلى «نماذج إعلامية إيجابية» يؤدي تعلقه بها إلى تعميق وعيه بحضور الإسلام كهوية قبل شيء في التاريخ وتوعيته بالخصوص بأن «الإسلام السياسي» و«الإسلام الجهادي» و«الإسلام التكفيري» مجرد قراءات «ممكنة» لما يحصل من تفاعل بين المقدس وسياقه التاريخاني.
وفي هذا السياق لا ينكر أحد دور هذا الخطاب الجديد في سحب البساط من تحت أقدام التكفيريين، وممتهني الخلط بين الدين والسياسة فقد التزم «الدعاة الجدد» في الغالب خطابا «أخلاقويا» لم يتورّط في المسائل الخلافية، وهو أمر إيجابي استفادت منه مجتمعات عديدة قتلت فيها النزعات المادية روح التوازن، لو لم يكن وراء الأكمة ما جاءت التجربة الدانماركية لتزيح عنه قناع «خدمة الإسلام» والرغبة في «هداية الشباب» والسعي لنصرة الرسول الكريم… وغيرها من الشعارات التي جعلت الدعاة «أنبياء» رسالة التنوير الجديدة والمؤتمنين على «صحوة» قذفت ملايين الشباب العربي بعيدا جدّا عن واقع الأسئلة التي تواجه كل مسلم في هذا العصر، حين اختزلت الاسلام في مجموعة صور «منتقاة» مُبروزة أفهمت الشباب أنها صور «لا تاريخية» مثبتة مختزلة في شعارات وطقوس وابتهالات وشعائر وو… أنهت التاريخ قبل أن يبدأ…
هذه هي في تقديري الحقيقة التي لم ينتبه إليها كثيرا وقد «حنطت» عشرات البرامج الدعوية صورة الإسلام في وجدان ملايين المشاهدين، وحولت عشرات «الدعاة» إلى «نماذج عليا» ومرجعيات يستلهم منها الناهلون من معين «الدش/البارابول» قيمهم الجديدة، فإذا بهذه البرامج مجرد «وجه» لعملة الثقافة الفضائية الرائجة، «وجه آخر» لثقافة «الكليبات» ونجماتها.
وإن لم يوجد رابط واضح، فقد أوجدت التجربة الدانماركية هذا الرابط الخفي وهو صراع تجاري بحت لغزو سوق الثقافة العربية باستراتيجية تسويقية جعلت «الدعاة» رأس حربة في هجوم كاسح على عقل عربي انبهر حد الاستيلاب بما يقذف به كل يوم من صور وخطابات وموسيقات وأصوات على طرفي النقيض.
فلم يعد ثمة مجال للشك في أن هجوم عمرو خالد وجماعته على الجبهة الدانماركية بتنظيم «مؤتمر مصالحة» في الدانمارك بالذات رد عليه يوسف القرضاوي بمؤتمر في المنامة «لوضع استراتيجية لنصرة الرسول، دليل على أن الصراع بين رؤوس الأموال الفضائية بلغ ذروته، واختلطت فيه أوراق المال بالسياسة وتصفية الحسابات باللعب بمشاعر ملايين المسلمين الذين فوجئوا بتفجير «القضية» مفاجأتهم بتحولها من صراع حضاري بين المسلمين والمسيحيين إلى صراغ فضائي بين نجمين من نجوم الإقمار المصطنعة.
من هذا المنطلق أعتقد أنّ ما يحصل بين داعيتين «يدعيان» التّسامح، و«نشر الفضيلة» وو… من ضرب تحت الحزام، ولعب تحت الطاولة، يؤكد أن الإسلام الفضائي أو الإسلام الذي تقدمه الفضائيات مشكلة معرفية تعقد فهمنا لذاتنا وتضع بيننا وبين إنبلاج عصر الأسئلة «المؤسسة» المزيد من الحواجز والعقبات.
ومن هذا المنطلق أعتقد أنه لم يعد بإمكان الداعيتين ومن وراءهما تعمية هذه الحقيقة التي تؤكد أن تنامي خطاب «الانفعال» و«التشنج» و«الانتقاء» و«الانتهازية» هو في جوهره وفي أبعاده دليل على أن المسلمين مازالوا على مسافة من الإسلام الذي يوجد في التاريخ لا في قبضة الدعويين، أو التكفيريين أو الجهاديين، أو كل ما يمكن أن نجمعهم تحت عنوان أكبر هو «البروفيتاريين»!؟
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 26 مارس 2006)
في مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات
الوزيرة السابقة فتحية مزالي تدلي بشهادة تاريخية (1 من 2)
قدمتُ محاضرة حول تنظيم الإنجاب.. وكانت تمهيدا لتجربة تحديد النسل في تونس
معارضة برلمانية كبيرة لقانون تحديد النسل واستعمال وسائل منع الحمل والإجهاض
تونس ـ الصباح:
مع الوزيرة السابقة السيدة فتحية مزالي كان أمس لقاء الذاكرة الوطنية.. وعلى منبر مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات التي يديرها الدكتور المؤرخ عبد الجليل التميمي أدلت بشهادة تاريخية أمام عدد من الجامعيين وتحدثت عن بدايات تجربة تحديد النسل في تونس كما تحدثت عن جوانب خفية في تاريخ الاتحاد النسائي ومؤتمراته..
وكانت السيدة مزالي قد تحصّلت على شهادة البكالوريا سنة 1947والتحقت بجامعة السربون وتحصلت على الاجازة في الفلسفة سنة 1952 والتحقت بعدها بقطاع التعليم. وقبلها وبطلب من السيدة بشيرة بن مراد مثلت الاتحاد النسائي الاسلامي في مؤتمر السلم وساهمت في نادي جمعية طلبة شمال افريقيا بباريس وفي اجتماعات حزبية باشراف جلولي فارس والزعيم الحبيب بورقيبة. وعيّنت سنة 1957 مديرة مدرسة ترشيح المعلمات وكانت وراء انشاء أول روضة أطفال وتولّت عدّة مسؤوليات بالاتحاد القومي النسائي التونسي وأشرفت على تنظيم مدرسة اطارات الاتحاد النسائي بمدرسة ترشيح المعلمات وكان لها اطلاع كبير على تجربة تحديد النسل في تونس.
وحول هذه المسألة أفادت السيدة فتحية مزالي في شهادتها أنها ألقت سنة 1959 محاضرة حول تحديد النسل بطلب من رئيسة نادي عزيزة عثمانة وهي السيدة حبيبة الزاوش.. وقالت انه تمّ تنظيم ندوة حول نفس الموضوع بمشاركة الدكتورة توحيدة بن الشيخ والدكتور صغير العياري.
وبينت أنها شاركت في تأسيس الجمعية التونسية لتنظيم الأسرة وتولت رئاسة منظمة الشرق الأوسط وشمال افريقيا لتنظيم الأسرة.. وشاركت في ندوة نظمتها المنظمة العالمية لتنظيم الأسرة تحت شعار: «الاسلام وتنظيم النسل» وأشرفت على تأسيس فرع لهذه المنظمة بأفغانستان.
محاضرة
حول المحاضرة المتعلقة بتنظيم النسل، ذكرت السيدة مزالي أن حبيبة الزاوش طلبت منها أن تقدم محاضرة حول أي موضوع تختاره في النادي الثقافي النسائي.. فاخبرتها بعد التفكير أنها ترغب في الحديث عن «مراقبة الولادات» لكن السيدة الزاوش تخوفت من هذا المحتوى وقالت انها لا تستطيع أن تطلب من بورقيبة الحديث في هذه المسالة التي تعد من المحضورات فاقترحت عليها فتحية مزالي أن تذهب هي بنفسها لبورقيبة وتقدم له مقترحها فقبلت.. وقبل زيارة بورقيبة ذهبت فتحية الى وزارة الداخلية واطلعت على النصوص القانونية المنظمة لمنع الحمل.. ووجدت أن القانون المعمول به فرنسي وكان هدف فرنسا من وراء سنه هو العمل على تجديد النسل وليس تحديده.. كما استفسرت ان كانت هناك عقوبات أسندت لأطباء ساعدوا نساء على الاجهاض.. وبعد البحث في الموضوع اطمأنت الى عدم وجود عوائق كبيرة قد تحول دون تجربة مراقبة الولادات.. ولما ذهبت الى بورقيبة وافقها على المحاضرة بل أكد لها أنه يرغب كثيرا في طرح هذا الموضوع.
وصادف أن تمّ نقل السيدة فتحية مزالي من التدريس الى المكتبة الوطنية ومثل ذلك فرصة لها للاطلاع على كم كبير من الكتب وساعدها على تأليف محاضرتها.
وتقول في هذا الصدد: «بعد أن انتهيت من اعداد المحاضرة قدمتها أمام حشد كبير من زوار النادي الثقافي النسائي الذي كانت ترأسه السيدة الزاوش.. وكانت المحاضرة باللّغة الفرنسية.. وأذكر أنه كان من بين الحضور الكثير من السفراء والأجانب كما أذكر أنني قبل كتابتها قرأت كتاب مالتيس الذي طالب بتقليص الانجاب.. وقرأت كتب سيمون دي بوفوار التي لا أوافقها كثيرا في آرائها وقارنت في محاضرتي بين الوضع الذي كانت تعيشه المرأة في فرنسا ووضع المرأة في تونس.. وقلت لماذا تطالب المرأة التونسية بمجرد مرور أشهر قليلة من الزواج بالحمل والانجاب؟؟ لكن في فرنسا لا تمنع النساء من استعمال الوسائل الواقية من الحمل ولا يقع تتبعهن»..
ولاحظت أن هناك «ثقلا ديموغرافيا في تونس ابان الاستقلال يجب التخفيف من وطأته.. حتى أننا في الاتحاد النسائي كنا نستقبل نسوة ترغبن في ترك أبنائهن في الاتحاد بسبب الفاقة». وتضيف فتحية مزالي «كنت لا أعرف السيدة حبيبة الزاوش عن كثب.. ولكنني عرفت السيدة بشيرة بن مراد فقد أرسلت لي حينما كنت طالبة بباريس طردا وقالت لي في رسالة «انك ابنتي لذلك سأساعدك على اتمام تعليمك»..
علاقة ببشيرة بن مراد
تؤكد السيدة فتحية مزالي أنها كانت تدرك مدى أهمية شخصية السيدة بشيرة بن مراد وما قدمه الاتحاد النسائي الاسلامي الذي كانت ترأسه للوطن.. لكن عند تنظيم اجتماع نسائي لتنشيط المنظمة النسائية هناك من قالت ان الاتحاد النسائي الاسلامي لم يقم بدوره في مقاومة..
وتقول «لما كنا بصدد اعداد اجتماع لتفعيل الاتحاد النسائي أرسلنا للسيدة بشيرة بن مراد لكنها رفضت القدوم وقالت انها لا تريد أن تواصل النشاط النسائي.. ولكن فوجئت يوم الاجتماع بحضورها وكانت جالسة قرب السيدة حبيبة الزاوش وطالبت يومها بالحقوق السياسية للمرأة.. وأدرجنا هذا المقترح في اللائحة التي قرأتها أنا بالدارجة وقلت ان النساء تطالبن بالحقوق السياسية.. لكن سعيدة ساسي عارضت وقالت ان الوقت لم يحن للمطالبة بالحقوق السياسية ومن الأحسن أن يقتصر نشاط المرأة على المجال الاجتماعي.. فعقّبت على كلامها وقلت انه لا يمكن الفصل بين الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية للمرأة».
«وبعد تقديم المحاضرة في مناسبة أولى فكرنا في القيام بندوة ثانية حضرتها السيدة توحيدة بن الشيخ.. وكان يشاع وقتها أنها ستصبح وزيرة لأن خالها الطاهر بن عمار هو من وقع اتفاقية الاستقلال.. وبعد المحاضرة والندوة نظمنا اجتماعات في أماكن أخرى ولاحظنا اختلافا في اتجاهات النسوة فهناك من قلن انهن لا تستطعن البقاء دون طفل رضيع بين أحضانهن. وهناك نسوة وافقن على ايقاف الانجاب.. وهناك من قالت ان الاسلام يحرم استعمال الوسائل المانعة للحمل وهو ضد الاجهاض»..
وفي بداية الستينات طلب الرئيس الحبيب بورقيبة من وزير الصحة اعداد مشروع قانون يبيح بيع المواد المانعة للحمل وأصبح بورقيبة نفسه يلقي خطابات يقول فيها للشعب ساعدوني لكي لا تغرق السفينة.. ويطلب منهم أن يحدوا من الانجاب..
وتقول فتحية مزالي باسمة وقد تذكرت طرفة «زرنا ذات مرة مؤسسة لتصفية ماء الشراب.. فنظر بورقيبة الى الماء الصافي المنساب من المحطة بعد أن خضع لعمليات التصفية وقال «امالة ما عادش باش يموت حدّ» وفي زيارة أخرى لاحدى المدارس نظر للتلاميذ وكان عددهم كبيرا وقال «آش يحبلي باش انوكلهم وانداويهم وانكبرهم وانقريهم» وكان يقول ذلك مهموما..ثم لا ننسى أنه في معركته لمقاومة التخلف أمر الناس بافطار رمضان».
وحول مشروع قانون تحديد الانجاب قالت السيدة مزالي: «أذكر أن مشروع القانون أثار ضجة كبرى.. وقد دافعت عنه راضية حدّاد في المجلس كثيرا وتمت المصادقة عليه.. وقامت وزارة الصحة بعدها ببعث مراكز لتنظيم النسل. ولكن كان عدد الاطارات فيها غير كاف خاصة وأن الأطباء كانوا لا يريدون الشغل في الأرياف.. فكونت الوزارة منشطات لكنهن لم تتمكن من اقناع الناس بالتنظيم العائلي.. ثم تم بعد ذلك بعث الديوان القومي لتنظيم الأسرة وقررنا مع الدكتور عثمان صفر بعث جمعية لتنظيم الأسرة.. وتبنت الجمعية العالمية لتنظيم الأسرة الجمعية التونسية.. وفتحنا مصحة في منفلوري وبعثنا فروعا للجمعية في الجهات.. وأدرك المواطنون تدريجيا أنه عليهم التقليص من الانجاب»..
وروت السيدة مزالي حادثة مؤثرة وقالت في شتاء 1956 تم العثور على طفلين ميتين في الشارع بسبب البرد.. وعندما تم اعلام بورقيبة أمر بجمع الأطفال الذين يعيشون الشوارع وقال انهم أولادي وتم وضعهم في قرى أطفال بورقيبة وهناك عائلات كثيرة وضعت أبناءها في تلك القرى أي أن وضع الطفولة كان صعبا.
تغطية سعيدة بوهلال
يتبع
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 26 مارس 2006)
حزب مصري: التزاوج طريق العرب للوحدة!