الأحد، 23 أبريل 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2162 du 23.04.2006

 archives : www.tunisnews.net


تونس الخضراء: بيان في الذكرى الثالثة لتأسيس حزب « تونس الخضراء »

الحياة:: قلق أميركي من التقارب التونسي مع إيران وسورية   
الصباح: في اتحاد الطلبة:بعض الأطراف تعود مجددا إلى منطق العنف؟! الشروق: أحداث عنف في كلية 9 أفريل: اتحاد الطلبة يُندد… وتيّار سياسي في قفص الاتهام الصباح: تقديم كتاب جديد حول القضـــاء والسياسة زمن الاستعمار الفرنسي: الزعيم بورقيبة لم يتعرض للتعذيب خلال فترة الإبعاد الصباح: في أول نشاط لمنتدى تونس للسلام: الاستاذ الشاذلي القليبي يحاضر حول دور القيم الروحية في استتباب السلام نواة: محنة عائلة السجين الشاب محجوب الزياني
نصر الدين بن حديد: ردّا على برهان بسيّس وكاتب افتتاحيّة « حقائق » تزييف الجدليّة أم تأويل الحقائق ؟؟؟ محمد الهادي التواتي: مصلحة تونس في إتحاد ممثل مناضل ومسـؤول
حبيب الرباعي: الوطنية شهادة يثبتها الإختبار
موقع الحزب الديمقراطي التقدمي: انعقاد الجلسة العامة للمنتدى الاجتماعي التونسي موقع الحزب الديمقراطي التقدمي: المنتدى الاجتماعي التونسي فضاء رحب للحوار والنضال 
الحياة: عفو ملكي عن «الصحراويين» المعتقلين في المغرب رويترز: البنوك تمتنع عن تحويل الاموال الى حكومة حماس
توفيق المديني: قمة واشنطن بين المصالح الاقتصادية و المخاوف الاستراتيجية 
سُفْيَان الشُورَابِي: فِي وَجْهِ النَازِيّة الأَمْرِيكِيّة الجَدِيدَة؛ يَتَأَسَّّسُ التَحَالُف الشَعْبِي العَرَبِي المُقَاِوم
وحيد عبد المجيد: أزمة «حماس» وفقر الثقافة الديموقراطية في ربوعنا


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

بسم الله الرحمان الرحيم
يطيب لي أن أتقدم بخالص شكري إلى كل المنظمات و الجمعيات التي وقفت معي و بادرت بإعلام الرأي العام الداخلي والخارجي بالحصار الأمني الذي ضرب على منزلي طيلة عشرة أيام و كذلك إلى كل من ساندني سواء كانت مساندتهم بزيارتي مباشرة أو بمكالمتي، و لا أنسى كذلك تقديم الشكر الواجب للمناضلين و المناضلات الذين شغلتهم نضالاتهم للدفاع عن حقوق الإنسان عن استراق لحظات معدودة للتعبير عن شدهم أزري بوقوفهم ضد التجاوزات الأمنية وخرق القوانين ودوسها… وختاما أحيطكم علما كما أحيط هؤلاء و أولائك بأن الحصار قد رفع عن المنزل منذ ثمان و أربعين ساعة… و الســــــــــلام الأسعـــــــــد الجوهــــــــري الدنـــــــــــــدان- تـــــــــونس 21/04/2006


 

بيان في الذكرى الثالثة لتأسيس حزب « تونس الخضراء »

 

تمر اليوم سنتان على تسليم ملفنا القانوني إلى من يمثل وزارة الداخلية للحصول على تأشيرة العمل القانوني، كما يضمنها لنا دستور البلاد وكل الإعلانات والمواثيق الدولية والأممية التي تعترف لكل الموطنين بحقهم في التنظيم والتعبير عن آرائهم وأفكارهم وبرامجهم السياسية.

إن نضالنا يندرج ضمن كفاح الشعب التونسي منذ ما يزيد عن خمسين سنة من الاستقلال للمطالبة بتطبيق دستور البلاد دون مواربة في ظل الحكم الفردي وهيمنة الحزب الواحد على كل سياسة البلاد التنموية والاجتماعية والثقافية والبيئية.

إن الوعي البيئي ألجمعياتي والسياسي قد نما في بلادنا نتيجة أكثر من 50 سنة من التعتيم ودوسي حقوق الإنسان والمواطنة ووجد في إطار العديد من الجمعيات البيئية منذ 30 سنة اهتماما كبيرا.

إن إيماننا سيظل راسخا بان تأسيس حزب تونس الخضراء البيئي المستقل عن السلطة سوف يمكننا من المشاركة الفعلية بفضل سعة معرفة كوادره وتفاعله مع حركة الخضر في العالم وخاصة في أوروبا التي لنا معها علاقات جوار رسمية من المشاركة الفعلية والمعرفة في صنع القرار السياسي والدفاع عن برنامجنا البيئي ووضع الحلول المباشرة للمشاكل البيئية التي تعرفها البلاد ضمن سياسة التنمية المستدامة:

 تعرف بلادنا اليوم مشاكل بيئية خطيرة ونحن نعتقد بان الاستحواذ بالقرار السياسي في هذا المجال كما هو الحال في المجالات الأخرى  لا يخدم مثال التنمية المستدامة الذي أقرته الأمم المتحدة وان هذا التمشي يكرس سياسة تنموية في قطيعة تامة مع هذا المثال التنموي الاممي وان الحوار وحده والنقاش هو الذي يؤدي إلى الحلول .

تتعرض اليوم كل الأحياء الشعبية في العديد من المدن التونسية إلى مشاكل بيئية جمة منها ما هو مباشر كهجوم جحافل الناموس والتلوث في المدن والأمراض الخطيرة المنجزة عن هذا التلوث والفيضانات المتكررة وما ينجر عنها من غرق الأحياء الشعبية بالمياه والأوحال وعجز الحكومة على إفراغ المياه كما يجري الآن ومنذ 3 سنوات في حي سيدي حسين  الشيء الذي دفع المواطنين إلى المظاهرات الاحتجاجية كان من نتائجها المحاكمات الأخيرة والأحكام الظالمة التي سلطت على شباب السيجومي والتي فاتت 2 أعوام سجنا.

زيادة على هذه الأوضاع تتعرض بلادنا إلى مشاكل بنيوية من جراء استنزاف الموارد الطبيعية وتردي المنظومة الحيوية البيئية في الغابة والواحة والغازات المنبعثة من وسائل النقل والمعامل ومشاكل الزحف العمراني والتصحر وتلوث البحر وتدهور الشواطئ وتردي ثروتنا السمكية إلى جانب الكوارث المريعة التي تهدد الكون من جراء الانحباس الحراري بالفيضانات وشحه ماء الشراب وتردي المحاصيل الزراعية .

أمام كل هذه المشاكل كانت أجوبة الحكومة دائما الهروب إلى الأمام وطمس المشاكل وتغطيتها بايجا بات غير مدروسة متسرعة وغير ديمقراطية كما يجري الآن في قطاع الطاقة حيث طلعت علينا شركة الكهرباء والغاز بالحلول  » النووية  » متناسية قرارات الدولة في ما مضى بالعدول عن هذه الطاقة الخطرة والمكلفة وما حدث في تشرنوبيل سنة 1986 ,غير مقدرة بطاقة البلاد البديلة الأخرى وإمكانياتها وكذلك ثروتنا الطبيعية كالشمس وأخيرا خبراتنا التونسية من مئات المهندسين المختصين في الطاقة البديلة والذي منهم من هو عاطل عن العمل (أو من كان سجينا سياسيا).

أما الكارثة الكبرى والمتواصلة منذ أول تدخلنا في قرية ام ذويل بالميدة فهي قطع الأشجار والمس من ثروتنا الغيابية, لقد استؤنف قطع الأشجار في ام ذويل و في صفاقس و باجة نفزة و شرشارة و وطبرقة…

من المسؤول عن قطع هذه الأشجار ? أين دور البلديات والجماعات المحلية?  أين دور المواطن الذي بقي حائرا مذهولا أمام هذه الاعتداءات المتكررة على الطبيعة وعلى أجمل مظهر لتونس الخضراء .

 

أما عملية السطو السياسية في 03/03/2006 التي تعرض لها حزبنا وتعيين نائب برلماني لحزب آخر على رأس حزب وزارة الداخلية البيئي فهي زيادة على كونها تمثل اعتداء مفضوحا على حقنا كمواطنين في التنظيم ’ فهي تدل عن عدم فهم لا فقط التحولات السياسية في بلادنا وفي العالم بل أيضا عن احتقار للعمل البيئي واهانة لنخبة تونس ولجيل الاستقلال ولكل العاملين في المجتمع المدني والمدافعين عن البيئة

أن الاستياء والسخط الذي عم لدى مكونات المجتمع المدني وكذلك استنكار كل أحزاب الخضر في العالم : 25 حزبا أوربيا ـ حزب الخضر الفاعل في بوركينا فاسو ـ حزب الخضر في المغرب وعشرات الرسائل الالكترونية الواردة علينا كل يوم من كافة أرجاء المعمورة ـ السويد أمريكا …من مواطنين تونسيين وديمقراطيين بالخارج ومئات الإمضاءات المتواصلة على عريضتنا الوطنية من طرف النخبة والمواطنين  هي مساندة للشعب التونسي ودعم لحزب تونس الخضراء .

من اجل كل هذا فنحن كما أعلنا دائما لا يمكن لأي كان أن يصادر حقنا ( خاصة عديمي التجربة والخبرة السياسية وبالفرنسية Les apprentis sorciers ) في التنظيم والدفاع عن برنامجنا وأهدافنا السياسية وسوف نناضل مع كافة الجمعيات الأهلية المستقلة ومناضلي الجمعيات البيئية من اجل حزب تونس الخضراء دائما وبمساندة المعارضة الديمقراطية المستقلة . كما نعلن عن مساندتنا الكاملة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان امام كل محاولات السلطة للنيل من وجودها.

 

 

تونس في 19/04/2006

عبد القادر الزيتوني

المنسق العام حزب « تونس الخضراء »


رامسفيلد ومرجان درسا تطوير التعاون في مجالات عسكرية واستخبارية …

قلق أميركي من التقارب التونسي مع إيران وسورية

تونس – رشيد خشانة     

 

قالت مصادر أميركية إن واشنطن «تشعر بقلق متزايد من التقارب التونسي مع كل من إيران وسورية». وأفادت أن أميركا لم تعبر عن قلقها رسمياً إلا أنها لمَحت، في حوارات مع مسؤولين تونسيين، إلى «استغرابها» تطوير العلاقات مع طهران ودمشق اللتين يسعى الأميركيون الى عزلهما، فيما تونس «عضو نشط في التحالف الدولي ضد الإرهاب». وكان وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد أثنى في زيارة الى تونس في شباط (فبراير) الماضي على «الدور الذي يلعبه التونسيون في الحرب العالمية على الإرهاب».

 

وكان وزير الدفاع التونسي كمال مرجان انهى أمس زيارة الى واشنطن اجتمع خلالها مع رامسفيلد ودرسا آفاق تطوير التعاون الثنائي في المجالات العسكرية والاستخباراتية. وقاد مرجان وفد بلده إلى الاجتماعات السنوية للجنة العسكرية المشتركة في واشنطن. وأجرى على هامش الاجتماعات محادثات مع مسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع قالت وكالة الأنباء الرسمية التونسية إنها «تناولت آفاق تعزيز التعاون بين البلدين».

 

ورأى خبراء أن مستوى المسؤولين الإيرانيين والسوريين الذين زاروا تونس في الفترة الأخيرة ونوعية الاتفاقات التي تُمهد الى مزيد من تكثيف العلاقات «أشاعا مناخاً من القلق لدى الإدارة الأميركية» التي «لم تفهم الدوافع التي تحمل حليفاً لها على تطوير علاقات متينة مع عاصمتين مطلوب مقاطعتهما».

 

وكان نائب الرئيس الإيراني محمد الموسوي زار تونس في وقت سابق من السنة كما تردد وزراء ومسؤولون إيرانيون كُثر على تونس، وعقدت اللجنة المشتركة اجتماعاتها الدورية أخيراً برئاسة وزيري الخارجية وتم الاتفاق على توسعة التعاون في قطاعات عدة. وارتفع عدد الاتفاقات التي وقع عليها الطرفان، منذ تشكيل الحكومة الإيرانية الحالية، إلى أربعين اتفاقاً طبقاً لمصادر إيرانية.

 

وكان النائب الأول لرئيس مجلس النواب التونسي عفيف شيبوب زار طهران أخيراً على رأس وفد برلماني للمشاركة في مؤتمر دولي لنصرة القضية الفلسطينية وأجرى محادثات مع مسؤولين إيرانيين لتطوير التعاون البرلماني، ويزور وزير التجارة منذر الزنايدي طهران قريبا لتنشيط المبادلات بين البلدين ودرس ترتيبات فتح الخط الجوي المباشر.

 

وأعلن اسفنديار رحيم مشائي رئيس منظمة السياحة وحماية التراث الإيرانية مطلع الأسبوع الماضي في ختام زيارة رسمية لتونس استمرت أربعة أيام أن طهران ألغت التأشيرات بالنسبة للمسؤولين التونسيين وقررت منح تسهيلات كبيرة للحصول عليها بالنسبة الى المواطنين الراغبين بزيارتها، تمهيداً لإلغائها لاحقا. وتدرس الحكومتان حاليا مشروعاً لفتح خط جوي مباشر بين العاصمتين. وتعتزم تونس تنظيم أسبوعين ثقافيين تونسيين في كل من شيراز وأصفهان خلال النصف الأول من تموز (يوليو) المقبل، فيما يقيم الإيرانيون أسبوعين مماثلين في كل من تونس والحمامات خلال النصف الثاني من الشهر نفسه.

 

وأبدى الأميركيون ضيقهم من تسارع التقارب التونسي – السوري، وكانت زيارات متبادلة أخيراً بين مسؤولين في البلدين أسفرت عن التوصل الى اتفاقات مهمة ترمي لتنشيط التعاون الثنائي في المجالات الإقتصادية والقضائية والإعلامية. وتم أول من أمس توقيع 13اتفاقا جديداً في ختام اجتماعات الدورة السابعة للجنة العليا المشتركة برئاسة رئيس الوزراء السوري محمد ناجي العطري ونظيره التونسي محمد الغنوشي.

 

وفيما رأت مصادر تونسية أن «تطوير العلاقات مع بلدان شقيقة أمر طبيعي»، عزا خبراء التقارب مع كل من طهران ودمشق إلى الرغبة بالضغط على واشنطن التي يعتبر التونسيون أنها باتت تتدخل في شؤونهم الداخلية بتركيزها على انتقاد أوضاع الحريات في البلد.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 23 أفريل 2006)


دفعة ثانية من قضايا أحداث هرقلة نظرت فيها أمس محكمة الاستئناف:

الإفراج عن 14 متهما وتأجيل التصريــح بالحكـم إلى جلســة 26 أفريــل

نظرت امس الدائرة الجناحية 14 بمحكمة الاستئناف بالعاصمة في دفعة ثانية من قضايا المورطين في اعمال العنف والشغب التي جرت بمحطة الاستخلاص بهرقلة يوم الاحد 26 مارس الفارط.

وكانت ادانت محكمة البداية جميع المتهمين الذين احيلوا على انظارها وقضت في شأنهم بالسجن من 3 سنوات الى 8 اعوام و6 أشهر و15 يوما وخطايا مالية متفاوتة من اجل الاضرار عمدا بملك الغير والمشاركة في معركة ورمي مواد صلبة وتعطيل حركة المرور وأضيفت للبعض منهم تهم الاعتداء على موظف بالعنف الشديد وهضم جانبه بالقول والاعتداء على الاخلاق الحميدة وتناول مشروبات كحولية داخل عربة واستهلاك مواد مخدرة مدرجة ضمن الجدول «ب» وبعد استئناف جميع المتهمين للاحكام الصادرة ضدهم نظرت الدائرة المذكورة يوم الاربعاء الفارط في دفعة اولى من القضايا وعددها 4 وكان مثل بموجبها 14 متهما افرجت المحكمة عن تسعة منهم وتم الترافع في قضيتين شملتا 7 متهمين وقد رأت المحكمة تأخير النظر في قضيتين بطلب من بعض المحامين لاحضار وسائل الدفاع وذلك ليوم 29 افريل.

وتم تأخير المفاوضة والتصريح بالحكم في القضيتين اللتين تم الترافع فيهما لنفس اليوم.

وفي جلسة يوم امس نظرت المحكمة في 9 قضايا شملت 21 متهما مثلوا بحالة ايقاف، وبطلب من الدفاع تم تأخير قضية ليوم 29 افريل بها ثلاثة متهمين وقضية اخرى افرد بها احد المتهمين من هؤلاء، بقضية منفصلة تتعلق باستهلاك مادة مخدرة مدرجة بالجدول «ب». واثر الجلسة صرحت المحكمة بتأخير المفاوضة والتصريح بالحكم الى يوم 26 افريل  وافرجت عن 11 موقوفا وافرجت كذلك عن ثلاثة متهمين جلستهم مبرمجة ليوم 26 من هذا الشهر وكان قد تقدم لسان الدفاع بمطالب الافراج المؤقت عنهم.

خليل

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 أفريل 2006)


في اتحاد الطلبة:

بعض الأطراف تعود مجددا إلى منطق العنف؟!

تونس-الصباح: شهدت انتخابات المكتب الفدرالي للاتحاد العام لطلبة تونس بكلية العلوم الانسانية والاجتماعية 9 أفريل بتونس التي جرت أول أمس الجمعة، أحداث عنف وفوضى أثناء تنظيم عملية الانتخابات الخاصة بهيكلة الجزء الجامعي واختيار نواب المؤتمر الخامس والعشرين للاتحاد. إذ عمد بعض الطلبة (ما يسمى بتيارالراديكاليين) إلى إحداث الفوضى وتبادل العنف عبر الاستعانة ببعض العناصر من غير الطلبة. وقد أسفر هذا العنف عن حدوث أضرار بمبنى الكلية، كما تضررت سيارات بعض الأساتذة.

وقد علمنا أن المكتب التنفيذي للاتحاد العام لطلبة تونس أصدر بيانا يندد فيه بالعنف وبرغبة «عدد من المتطرفين من أصحاب الحنين إلى العنف البدني والإرهاب الفكري بالرجوع بالجامعة إلى بوتقة العنف».

رفيق

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 أفريل 2006)


أحداث عنف في كلية 9 أفريل:

اتحاد الطلبة يُندد… وتيّار سياسي في قفص الاتهام

* تونس ـ الشروق

أعلن عزالدين زعتور الأمين العام للاتحاد العام لطلبة تونس تنديده بأحداث العنف التي شهدتها مساء أمس الاول كلية الاداب والعلوم الانسانية والاجتماعية 9 أفريل بالعاصمة.

وقال «زعتور» في تصريح لـ»الشروق» ان اتحاد الطلبة ينبذ العنف ويعتبره لغة الضعفاء وقدّم زعتور اعتذارات الاتحاد لكل المتضررين من أحداث العنف التي جدت مساء أمس الاول بكلية 9 أفريل.

وكانت كلية الآداب والعلوم الانسانية والاجتماعية 9 أفريل شهدت مساء امس الاول الجمعة على اثر انتخابات المكتب الفيدرالي للاتحاد أحداث عنف وفوضى من طرف مجموعة من الطلبة المحسوبة على تيار يساري ضد تيارات أخرى داخل اتحاد الطلبة في محاولة منها ـ حسب المصادر ـ عرقلة عملية الانتخابات.

وقالت المصادر ان أحداث العنف هذه شهدت استعانة البعض بعناصر من خارج الحرم الجامعي وهو ما أكده الامين العام للاتحاد العام لطلبة تونس في تصريحه لـ»الشروق» ونتجت عن هذه الاحداث أضرار ببناية الكلية وبسيارات الأساتذة.

وعلمت «الشروق» ان اتحاد الطلبة أصدر بيانا ندد فيه بأحداث العنف التي عرفتها كلية 9 أفريل مؤكدا ان مثل هذه الاحداث لا تليق بالطلبة الجامعيين وليست في مصلحة اي طرف.

وقال زعتور ان بعض الأطراف تعمل على الزج بالجامعة في أحداث العنف وهو ما سيتصدى له الاتحاد العام لطلبة تونس.

* سفيان الأسود

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 23 أفريل 2006)

 


في كلية الآداب بمنوبة:

تقديم كتاب جديد حول القضـــاء والسياسة زمن الاستعمار الفرنسي

خلافا لنظام البايات مارس الاستعمار الفرنسي الردع السياسي بواسطة القانون

الزعيم بورقيبة لم يتعرض للتعذيب خلال فترة الإبعاد

منوبة ـ الصباح: قدم الأستاذ الجامعي والمؤرخ خميس العرفاوي أمام عدد من المؤرخين والمهتمين بتاريخ تونس المعاصر كتابه الجديد وهو بعنوان القضاء والسياسة في تونس زمن الاستعمار الفرنسي من 1881 الى 1956 الوارد في 596 صفحة وخمسة أبواب..

وبين في هذا اللقاء العلمي المنتظم ببادرة من قسم التاريخ بكلية الآداب والانسانيات بمنوبة أنه لا يقصد القضاء والسياسة بل القضاء في محاكمة رجال السياسة المقاومين للاستعمار الفرنسي وقد وضعت الدراسة بين حدين زمنيين متباعدين يفصلان بين احتلال البلاد التونسية سنة 1881 وانسحاب الاستعمار الفرنسي سنة 1956.

وحاول الباحث ابراز التناقضات التي تأسس عليها النظام العقابي الاستعماري في ميدان ردع الأنشطة السياسية.. وقد سعى للابتعاد عن النزعة القومية في دراسة تاريخ الحركة الوطنية وتحديدا تاريخ النظام العقابي والى الالتزام بطريقة أقرب الى الموضوعية.. وتعامل مع المعهد الاستعماري كمرحلة تاريخية عرفتها البلاد التونسية أي باعتبارها مرحلة متطورة عن المرحلة السابقة.

ويعتبر ذلك العهد مرحلة انتقالية تتمثل أهم سماتها في ربط البلاد التونسية بالرأسمالية والحداثة وان كان ذلك من موقع تابع وهامشي.

وعالج المؤلف مسألة الردع السياسي في عهد الاستعمار الفرنسي من داخله أي انطلاقا من المنظومة الفكرية والقانونية التي أفرزته ووظف العلوم القانونية في الدراسة التي تضمنت العناصر الجديدة وتتمثل الاشكالية التي اهتدى اليها المؤلف في: التناقضات التي تأسس عليها الاستعمار العقابي الذي انتهجته فرنسا في تونس؟

وبين أن النظام العقابي مقيد بشرعية العقاب وميز هذا النظام المتهمين في القضايا السياسية على مجرمي الحق العام وهناك تلطيف لفائدتهم في مستوى سلم العقوبات والبحث والاستنطاق ومكان السجن حيث كان المتهم يوضع في السجن السياسي وتتوفر له ضمانات عدلية وهي حقوق الدفاع واجراءات الاستنطاق المنظمة قانونيا.

وأقر الباحث أن الاستعمار الفرنسي خلافا لنظام البايات في تونس مارس الردع السياسي بواسطة القانون ـ وان كان قانونا استعماريا ـ وبالتالي فان النظام العقابي مقيد بشرعية العقاب.

واستحدث الاستعمار الفرنسي في تونس مؤسسات قضائية لتقرير العقاب في القضايا السياسية وشملت هذه المؤسسات القضاء المدني والقضاء العسكري والقضاء الاداري وتكمن أهميتها في ما يوفره القضاء العدلي من ضمانات عدلية ومن تجاوز للنظام العقابي التقليدي.

بين التوتر والانفراج

وقف المؤرخ على ابراز خصوصيات فترات التوتر وفترات الانفراج وبين أن السلطة اعتمدت على الطرق العادية في فترات الانفراج واعتمدت أساسا على الطرق الاستثنائية في فترات التوتر.

وبعد تحليل المحاكمات السياسية اتضح له أن الأحكام في القضايا السياسية الخالصة كانت ألطف بكثير من أحكام جريمة الحق العام مع أن اجراءاتها كانت أكثر تعقيدا.

وبين في حديثه عن ظروف الابعاد والاعتقال السياسي أن العقوبة الأكثر ملاءمة للمناضلين السياسيين هي عقوبة الابعاد مبينا ظروف المبعدين والمبعدين الذين وضعوا قيد الاعتقال الاداري وتطرق لبعض مظاهر الضعف في صمود الوطنيين الذين سلطت عليهم عقوبة الابعاد.

وقال الباحث ان الزعيم الحبيب بورقيبة مثلا لم يتعرض للتعذيب أثناء فترة الابعاد بالتراب العسكري بالجنوب التونسي ولكن كان يحجر على المبعد الخروج من المناطق المحددة له ترابيا.

وبالنسبة للمساجين السياسيين فقد خاضوا نضالات هامة لتحسين أوضاعهم.

وقال المؤرخ: «لم تكن الحكومة الفرنسية طليقة اليد نظرا لوجود برلمان فرنسي فيه معارضة يسارية تطرح قضايا القمع السياسي في المستعمرات لكن العنف والردع في العهد الاستعماري الفرنسي كان شديدا مع الطبقات الشعبية والمقاومين والمتهمين في قضايا حق عام».

سعيدة بوهلال

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 أفريل 2006)


في أول نشاط لمنتدى تونس للسلام:

الاستاذ الشاذلي القليبي يحاضر حول دور القيم الروحية في استتباب السلام

تونس «الشروق»:

ألقى الاستاذ الشاذلي القليبي عضو مجلس المستشارين والامين العام الأسبق لجامعة الدول العربية مساء أمس الاول بمقر المركز الثقافي لمدينة تونس وأمام جمع غفير من الحاضرين محاضرة قيّمة بعنوان «دور القيم الروحية في استتباب السلام» وهي المحاضرة التي افتتح بها منتدى تونس للسلام اشغاله.

وتابع هذه المحاضرة عدد لا بأس به من الوجوه الوطنية المعروفة وعلى رأسها السيد فؤاد المبزع رئيس مجلس النواب والسيد عبد الله قلال رئيس مجلس المستشارين والسيدين الهادي البكوش ورشيد صفر عضوي مجلس المستشارين…

ومما جاء في محاضرة الاستاذ القليبي أن:

قضية السلام اليوم، في المرتبة الاولى من اهتمامات البشرية دولا ومجتمعات، اذ على استتباب السلام تتوقف سائر المصالح، وبه يرتهن مستقبل الحضارة.

وإذا نظرنا الى انواع العتاد الحربي الذي تمتلكها الدول، واذا فكّرنا في تلك التي في مقدور التكنولوجيات المستحدثة كل يوم ان تصنعها، في آماد من المستقبل غير بعيدة، فإن قضية السلام تفوق خطورة كل القضايا التي تقض مضاجع الناس، اليوم، مثل ندرة الماء وتقلّص الموارد الغذائية، وانتشار أنواع الأوبئة.

لكن، عوض ان يشتدّ الحرص على البحث عن حلول كفيلة بتوطيد السلام، فإن النظر الى هذه القضية ما انفكّ يزداد ابتعادا عن معالجة الأسباب الحقيقية التي تجعل السلام في حالة اهتزاز، في مناطق متعددة من العالم.

وبالنسبة الى المنطقة التي تهمّنا مباشرة ـ وان كا نت كلّ المناطق تهمّنا ـ فلأول مرّة، في تاريخ الفكر السياسي، بأمريكا، يتولى باحثان من فئة عالية من العلماء، إعداد دراسة تكشف الاسباب الاصلية التي تجعل الحكم الامريكي مرتهنا بخيارات معيّنة، ليست دوما مطابقة لما للأمة الأمريكية من مصالح في المشرق، وليست أبدا في صالح السلام.

والدراسة تمحص المشكلة التي عنها تتولّد سائر التوترات في المنطقة: وهي قضية الشعب الفلسطيني، وما لم يبلغ وعي هذه الحقيقة لدى الدول القائدة للعمل الدولي، الى درجة تتغيّر معها توجّهاتها الاساسية فإن السلام سيبقى في اهتزاز.

ولدقّة هذا الوضع، ولإيماني في قرارة ضميري، ان السلام كان مرات عديدة قاب قوسين او ادنى ثم لخطورة الاتهامات الموجهة الى الاسلام، دينا وحضارة ومجتمعات لا فقط الى ما يسمى بالايديولوجيا الاسلامية لهذه الاعتبارات متضافرة لم أجد بدّا بأن أتولى التفكير في مجمل قضية السلام نظرا الى ان قضية السلام هي اليوم في مقدّمة شواغل دولنا كافة ونظرا ايضا والحق يقال الى ان تونس شعبا وحزبا وحكومة ورئيسا في متابعة دائمة لتطوّرات هذه المعضلة.

فالرئيس بن علي مافتئ يولي هذه القضية قصارى جهده، ويسخّر لها طاقات ويبذل من اجلها جهودا مشهودا لها دوليّا بالإيجابية والنجاعة، وذلك ليقينه ان السلام مفتاح التنمية الاقتصادية، والازدهار الحضاري لكل الشعوب.

* فرص ضائعة

وتابع المحاضر قائلا: لقد كان السلام كما قلت في متناول اليد، في العديد من الفرص.

وأعني السلام المطابق للقانون الدولي، الذي وافقت عليه دولنا، منذ قمة فاس سنة 1982 وقبل به المجلس الوطني الفلسطيني في اجتماعه بالجزائر سنة 1986 ثم صيغ بصياغة اتفاقات اوسلو، ثم نادت به قمة بيروت في ثوب جديد لنفس المشروع الذي كان تقدّم به الامير الاريب فهد بن عبد العزيز الى قمة فاس الآنفة الذكر، ثم توجه به اخوه الملك الشهم عبد الله بن عبد العزيز الى قمة بيروت.

لكن اصرار الحكومات الاسرائيلية على ان يكون بيدها معا الارض والحكم هو الذي افشل كل المحاولات.

والذين يزعمون اليوم ان الشعب الفسلطيني يرفض السلام هم يدعونه الى الاستسلام للقرار الاسرائىلي، والتنازل عن اغلب حقوقه في اقامة دولة مستقلة، متماسكة الارض، متكاملة النفوذ، لها من القُدْس حظها المشروع الذي اقرّته الامم المتحدة.

وأشار القليبي قائلا: هذا هو جوهر قضية السلام اليوم في المشرق: مطالبة عربية بالحق الذي تعترف به الامم المتحدة: فاذا هي تعتبر تطرفا ومقاومة فلسطينية في سبيل الحق اذا هي تنعت بالارهاب نظرية اسرائيلية، تتبنّاها دول في الغرب.

* تصرفات هوجاء

والحق يقال فإن تصرفات هوجاء من قبل بعض الفصائل من شأنها ان تعطي ذريعة سهلة لمن يريد صرف النظر عن العسف الاسرائيلي فالذي يمارس العنف، بكل اشكاله ضد الشعب الفلسطيني لقّب برجل السلام. اما الرجل الذي اقنع شعبه بقبول القانون الدولي فاعتبر رأس الارهاب وعومل في خلوته العرين بما جعله حرضا من الهالكين.

والذين في الغرب هم قادرون على ان يغيّروا هذا الوضع المهدد للسلام عن كل ذلك منشغلون بأنواع من العاديات الداخلية والخارجية.

وأكد انه لابدّ لأنصار الحق في كل المجتمعات الحيّة من الاتفاق على خطاب ينفذ الى الضمير الانساني خطاب يقوم على نقط جوهرية قد يكون منها ما يلي: السلام مسؤولية مشتركة ومنافعه مشتركة، ومضار انخرامه على الجميع كافة.

واقامة السلام الحقيقي والدائم لا تكون بالعنف، سواء العنف الادبي او العنف المادي.

وارهاب الدولة هو الذي يثير ردودا مماثلة من جهات غير منضبطة. والعنف مهما كان نوعه او مصدره يوغر الصدور ويدفع الى العنف المضاد فيجعل السلام سرابا.

والسلام لا يستتبّ الا برضى القلوب واذعان العقل.

وما انعقد عليه اجماع الامم المتحدة على ما فيه من حيف يبقى كلمة سواء لإحلال السلام المنشود.

هذه النقط، وما يماثلها تمثل المبادئ العامة التي ينبغي ان يُهتدى بها في اي مسعى للسلام لاستنباط الصيغ السياسية المستجيبة لها وإنما بتنفيذ الشرعية الدولية في كل الاحوال تتمكن «الدول القائدة» من انقاذ السلام العالمي، واقناع سائر الدول، الاعضاء في الامم المتحدة بضرورة المشاركة في الاعمال الهادفة الى الصالح العام لكل الشعوب، ولجميع الدول دون ميز ولا انحياز اعتبارا فقط لخير البشرية جمعاء.

* تغطية: محمد اليزيدي

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 23 أفريل 2006)


أرقــام

أحصت الجامعة العامة للمهن المختلفة، التابعة لاتحاد الشغل، نحو 25 ألف امرأة في جميع أنحاء البلاد، يعملن في ظروف غير صحيّة معقدة .. وجاء هذا الإحصاء في أعقاب استبيان أنجزته الجامعة المهنية حول ظروف العمل في شركات المناولة، كشف أن هذا العدد من النساء، لا يعتمدن وسائل الوقاية والسلامة المهنية، وليست لهنّ ضمانات ولا تغطية اجتماعية، إضافة إلى قضاء يوم كامل في العمل بأجر زهيد .

واقع التشغيل

تفيد الارقام الخاصة بواقع الشغل والتشغيل في تونس بالاستناد الى احصائيات المعهد الوطني للاحصاء لسنة 2004 ان عدد السكان الناشطين بلغ 3.416.600 عامل اي بنسبة 46,3% من مجموع السكان علما بان العاملين من الذكور يمثلون نسبة 68,7% في حين بلغت نسبة العاملات 24,3% وقد قدرت نسبة الطبقة الشغيلة في قطاع الفلاحة والصيد البحري بـ18,7% في حين كانت النسبة 32,3% في قطاعات الصناعة، المناجم، الطاقة والمقاولات والاشغال العامة.. اما في قطاع الاقتصاد والخدمات فحددت النسبة بـ49% وفيما يتعلق بواقع البطالة فقد قدرت نسبة العاطلين عن العمل سنة 2005 بـ14,2% وهي نفس النسبة المرصودة سنة 2004 مع انخفاض طفيف مقارنة بسنة 2003 حيث كانت نسبة البطالة في حدود 14,5%.

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 أفريل 2006)


صلاح مصباح أمام التحقيق الثاني

علمت «الصباح» ان الفنان صلاح مصباح احيل اول امس الجمعة 21 افريل 2006 امام التحقيق الثاني بالمحكمة العسكرية وتم سماع اقواله في التهمة التي وجهت اليه وهي الاعتداء على الحرية الذاتية وهضم جانب موظف والتي بمقتضاها تم ايداعه السجن المدني بالعاصمة منذ يوم 18 افريل.

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 أفريل 2006)


 

محنة عائلة السجين

الشاب محجوب الزياني

 

بمناسبة مرور سنة على اعتقال الشاب محجوب الزياني، أصيل مدينة منزل بورقيبة، الموقوف على ذمة التحقيق بسجن 9 أفريل منذ يوم 23 أفريل 2005، ننشر نداء استغاثة شقيقه صابر الزياني الذي يروي فيه الظروف التي تم فيها اعتقال و استجواب الأخوين.

محجوب الزياني تم اعتقاله في نطاق الحملة التي شنتها السلطات التونسية على عدد من الشباب من رواد المساجد في منطقة بنزرت في بداية السنة الفارطة 2005 بمقتضى ما يسمى بقانون مكافحة الإرهاب المصادق عليه في سنة 2003.

نذكر بأن محجوب الزياني كان قد دخل في إضراب عن الطعام يوم 19 مارس 2006 للمطالبة بتحسين ظروف حبسه لاسيما وأنه يعاني من مرض الحساسية. وقد تسببت ظروف إقامته بالسجن خلال السنة الماضية في تعكر حالته الصحية. الشيء الذي دفع والديه، مبروك الزياني و فاطمة الزغيبي، المجاوزين للعقد السادس، في الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام يوم 20 مارس 2006 تضامناً مع إبنهما. و كانا قد أوقفا إضرابهما هذا على إثر الزيارة التي قام بها للعائلة أعضاء من الجمعية الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين وعضو من فرع بنزرت لرابطة الدفاع عن حقوق الإنسان يوم 23 مارس 2006 لثنيهما عن متابعة الإضراب خاصة بالنسبة لوالدة محجوب التي تشكو من بعض الأمراض المزمنة ومن بينها مشاكل بالقلب.

و إننا إذ نغتنم هذا الفرصة لنشر نداء استغاثة شقيق السجين محجوب الزياني، صابر، فإننا ندعو المنظمات الحقوقية والإنسانية للتدخل من أجل رفع معاناة هذه العائلة و غيرها من الأ ُسر المعزولة و المسحوقة التي دفعت فلذة أكبادها ثمنا لدعم نظام بن علي » للمساعي الدولية في مكافحة الإرهاب »

نواة

لمزيد من المعلومات الرجاء مراجعة :

 

باسم الله الرحمان الرحيم منزل بورقيبة- بنزرت في:

نداء استغاثة ودعوة للمساندة [*]

أنا صابر بن مبروك الزياني مولود في 15 فيفري 1983، قاطن بمدينة منزل بورقيبة بولاية بنزرت، أتابع دراستي العليا بماطر بالسنة الثانية إعلامية. اسم والدي مبروك بن حمادي الزياني رقم هويتي الوطنية:08126473 الصادرة في تونس بتاريخ……. منذ السنة الثامنة من عمري دأبت على أداء الصلاة، وهي السن التي يتوجب شرعاً تدريب الأطفال على أدائها وفي يوم 21 أفريل الموافق ليوم المولد النبوي من هذا العام 2005 زار بيتنا أربعة أعوان أمن، وطلبوا مني مرافقتهم، سألتهم عن صفتهم فلم يجبني منهم أحد.وبعد الإلحاح في السؤال قالوا إنهم أعوان أمن. طلبت منهم استدعاءًا رسمياً لمرافقتهم، فقالوا أن الأمر لا يستدعي ذلك وأنه لا يتعدى البحث السريع ثم نتركك في حال سبيلك، ركبت السيارة(شَمَاد)، وحين مرت أمام المسجد وكان قد نُودي إلى صلاة الظهر، طلبت منهم أن يوقفوا السيارة لأأدي صلاتي ثمّ أرافقهم إلى مركز الشرطة، في البدء أجابوني بلطف وأن الإجراءات لا تسمح لهم بذلك وأنهم هم أيضاً كانوا من قبل يؤدون الصلاة، وأنه يمكنني أن أأديها لاحقاً. وحين تمسكت بطلبي لأداء الصلاة في جماعة، سبّ أحدهم الجلالة ثمّ سبّني وسبّ والدي، وفتحوا نافذة السيارة ليلقوا بي منها، وحين وصلت السيارة إلى مركز المرور وهو مركزهم بمنزل بورقيبة، أُدْخلت غرفة وبقيت بها واقفاً لمدة طويلة دون أن يقدم لي أحد كُرسيّ للجلوس، وبعدها أخذوني إلى غرفة أخرى للتحقيق، سألت عن سبب استدعائي وأنّه يحق لي معرفة سبب وجودي في هذا المكان، فقيل لي أن ذلك لا يعنيك وأن المطلوب منك فقط الإجابة عن الأسئلة ثمّ تصمت.

سألوني عن أحد الجيران وهو طارق الهمامي الذي هو جارٌ لنا و يكبُرُني سناً وليس لي به علاقة غير الجيرة، قالوا أين هو؟ قلتُ، يشتغل كما أعلم بمعمل الجليز ولم أره منذ مدة. بقيت لساعات على تلك الحالة من التحقيق وكان وقتها أسبوع المراجعة قبل الامتحانات فأصررت على المغادرة إلى منزلنا للإعداد للامتحانات وكنت في الفصل الأول من السنة من المتفوقين وأعمل على أن أكون في الفصل الثاني من الأوائل لأنّه في حالة التفوّق فقد أمكّن من متابعة الهندسة الإعلامية.و مع أن التحقيق لم يستغرق الساعة فقد تُركتُ وحيداً في الانتظار إلى ما بعد المغرب حين طُلب مني مغادرة المركز.

وفي يوم السبت من نفس الأسبوع هَتفتْ إلينا الشرطة ودُعيت للحضور لديهم جبراً، و هو في واقع الأمر ثاني تجاوز في حقي إذ لم يتمَ هذه المرة أيضا استدعائي بصورة رسميّة. علماً أن أخي محجوب الزياني جرى إيقافه يوم السبت 23 أفريل أي في نفس هذا اليوم.و حين حضرت إلى المركز وجدت به عددا من الأعوان يزيد عن تلك المرة ، وفور دخولي تلقفني أحد الأعوان وأمسك بي بصورة غير لائقة وسحبني إلى الغرفة وشرع في إلقاء الأسئلة، وهذه المرة يسأل عن أنيس الكريتي وهو جار لنا أيضا ويشتغل سائق حافلة بتونس وتمضي الشهور دون أن أراه ،أجبت أننا جيران ولم أره منذ وقت، سألوني أين هو؟ قلت ما أعلمه هو أنّه يشتغل بتونس سائق حافلة، لكن أياً كانت إجابتي فإنهم كانوا يرمونني بالكـذب ويطالبونني بالحقيقة بزعمهم، فأقول أن هذا ما لدي وأنتم بصفتكم شرطة من حقكم أن تسألوا وأن علي، بصفتي مواطن، أن أجيب لكن بما أعلم. كان التحقيق يجري دون أن يتوقف السبّ والشتم وبقيتُ هذه المرة أيضا مدة طويلة من الساعة الرابعة من بعد الظهر إلى الساعة التاسعة ليلاً، خلال ذلك الوقت كانوا قد أخرجوني من غرفة التحقيق وبقيتُ في الرواق استمعُ إلى صوت أخي محجوب آت من غرفة أخرى وهم يصرخون لإجباره على نزع ثيابه، ومحجوب طالب في السنة الرابعة إعلامية هندسة لم يتعدى القانون في شيء سوى أنّه متدين وملتزم بدينه وهو يكبرني بسنتين وهو يتابع دراسته باجتهاد وعناية، يغادر المنزل كل يوم في الساعة السادسة صباحاً من منزل بورقيبة إلى تونس العاصمة(60 كيلومتر) ليعود مع آخر حافلة تعود إلى منزل بورقيبة، ودراسته في الهندسة الإعلامية تستوجب المواضبة على الحضور، وقد ظلّ بين أيدي أعوان الأمن من الساعة الحادي عشرة صباحاً والى غاية الساعة العاشرة ليلاً لم يذق طعم الأكل وهم يحاولون إهانته وإجباره على نزع ثيابه ويسألونه هو أيضاً عن أنيس فكان يجيب أنه جار وليس أكثر.

عند الساعة العاشرة ليلاً اُخلي سبيلي وعدت الى المنزل حيث بقيت أنا وعائلتي في انتظار عودة محجوب، وحين ذهب والدي يستفسر عنه قيل له أنّهم سيطلقون سراحه بعد قليل لكن الى منتصف الليل لم يعد محجوب، وحين عاد إليهم والدي مرة ثانية كان المركز قد أغلق أبوابه.وفي الغد شرع أبي يتنقل من مركز الى أخر يسأل عن محجوب ويطلب حقّه لمعرفة مصير ابنه وأنّه إن كان متهماً بشيء ليوكّل محام للدفاع عنه، وليأتيه بثيابه ليغيّرها، لكن أسئلته لم تجد أي صاغ فيجيبه، سوى انه : لاعلم لنا بالأمر وأن ابنك ليس محجوز لدينا. فلم تُقدَم له أية معلومة تفيده، في الوقت الذي كان أخي محجوب، كما علمنا لاحقاً، في مركز شرطة بوقطفة ببنزرت. وظل أبي يتنقل من مكان الى مكان، حتى السجون زارها للسؤال عن ابنه، ومع أن القانون يوجب إعلام ذوي الموقوف خلال أربع وعشرين ساعة، فقد بقينا ثمانية عشر يوماً لا نعلم عن مصير محجوب شيئا، الى أن جاءت السلط وأعلمتنا بإيقافه، فكلّفنا الأستاذ أنور القوصري الذي أشار علينا بمراجعة سجن تسعة أفريل وفعلا وجده أبي هناك في سجن 9 افريل، و روى لنا، خلال مقابلتنا له الأسبوعية، أنّه كان في وزارة الداخلية.قد منعوا عنهم النوم بتعمّد إزعاجهم بدق الجرس أو الضرب بالأبلاج على الأبوابل لإفزاعهم. كما أنّه تعرّض للتعذيب أقلّها الضرب على الرجلين و اليدين وبالكف على الوجه.وفي الداخلية أربعة أقبية بعضها فوق بعض كلّما نزل المرء قبوًا زاد التعذيب قساوة.وكان محجوب قد تنقل إلى تلك الأقبية،وبلغ أخر مراحلها عند » الكهف « فعُلّق هناك من يديه لساعات طوال يسألونه وهويجيب:هل أنت سلفيّ ؟ وما علاقتك بالسلفية؟ وهل ترغب في الجهاد؟ وأين ترغب في الجهاد؟حتى أنّهم سألوه من يعرف في حركة المقاومة الإسلامية «حماس وهي أسئلة لا يقبل بها عاقل.

و الفترة التي كان محجوب يقضي أيامه تلك في الداخلية، جاءني إلي المنزل أعوانٌُ: « رشيد » وهو المسئول الأكبر في منزل بورقيبة ومعه المسمى »بليغ »وهو أقل منه رتبة، وكلاهما من البوليس السياسي.جاءا بسيارة اُجرى…..دقا الجرس فخرجت اليهما،قال لي اعطني جواز سفرك.فأجبته بأدب قائلا أن الجواز وثيقة رسمية و لا يمكنني أن أسلّمكم إيّاه إلا بطلب رسميّ من وكيل الجمهورية وهي الجهة الرسمية الوحيدة التي يتوجب عليّ قانونياً إجابة أمرها، فنزل « رشيد » من السيارة وأمسك برقبتي و ثيابي وسحبني أمام المارة وهويسُبُني فخرج أفراد عائلتي من المنزل وكان ذلك يجري على مرءاً منهم ومسمع، وقد كنت طلبت منهم أن لا يتدخلوا حتى لا يتعرضوا لإهانات أولائك الأعوان. وفي السيارة وعلى طول الطريق من المنزل إلى المركز كان « رشيد » يسب أمي بألفاظ نابية لا يليق ذكرها وسب الجلالة وكان يهددني بما سألقاه فور وصولي للمركزجراء مطالبتي إياه بالاستدعاء.حين وصلنا المركز وهممت بالنزول أمسك بي مجدداً من رقبتي ،منادياً « بليغ » أن يحذر محاولتي الهرب، قلت له أن لانيّة لي في الهرب.وعند أول دخولي باب المركز ضربني « رشيد » بقبضة يده على قفى رقبتي فانتابني فوراً شعور بالإغماء وكان « رشيد » هذا ضخم الجثة، وبدا لي فعلا أن اعتراضي على تسليمهم جواز سفري دون طلب رسمي من وكيل الجمهورية قد أغضبهم، ثمّ دُفعت إلى غرفة والتف حولي »رشيد » و »بليغ »و »سامي »وهذا الأخير هو أيضا ًعون بأمن الدولة وأخر لا أعرف اسمه، وفوراً شرع « رشيد » بضربي بالكف بصورة مسترسلة ودون أنقطاع، وكنت لاأزال أعاني بعض الإغماء بسبب تلك الضربة التي تعرضت لها عند أول دخولي إلى المركز، ثم امسك بي أربعتهم وأسندوني إلي الحائط فيما كان « رشيد » مستمر في ضربي بالكف بإسترسال وحين توقفوا جاءوني بكوب من الماء لأشرب،وشرع يسألني لماذا أجبتهم بهذه الطريقة ،أعدت عليه إجابتي أن تلك وثيقة رسمية ولايحق لي تسليمها لأحد غير وكيل الجمهورية وبطلب منه،ومرة أخرى بعد تلك الإجابة هجم علي أحدهم لا أذكر اسمه ووضع إصبعيه في عيني ضاغطا ً بهما، ثم تقدم »سامي » فصفعني بكفيه الإثنتين معاً واستمر « رشيد » بدوره في ضربي، وصارت عيناي تدمعان،لم تكن دموع البكاء والحمد لله فإيماني بالله قوي ومهما بلغ طغيانهم فسيأتي اليوم الذي أحاسبهم فيه أمام الله هذا إن عجزت عن ذلك في الدنيا. واصلوا ضربي من جديد لمدة طويلة، وبعدها جاءوني بكرسيّ للجلوس وحين هدأتُ واسترحتُ قليلاً قالوا لي سنعيد معك التحقيق فما علاقتك بأنيس الكريتي قلت انه لاتزيد علاقتي به عن علاقة أي جار بجاره، وعادوا للضرب مرة أخرى واستمروا على ذلك بدون انقطاع من الساعة الخامسة بعد الظهر الى الساعة العاشرة ليلاً مع سب وشتم جميع عائلتي مدّعين أن عائلتي « إرهابية » بحسب تعبيرهم وأننا « نحن نعمل على تفجير البلاد قائلا في تحقير وإهانة من أنت حتى ترفض الانصياع الى أوامرنا حين طلبنا الجواز؟ وكلما أجبت بأن هذا حق لي يكفله القانون كانوا يعودون الى الضرب والشتم وفي الساعة العاشرة ليلاً أخلوا سبيلي داعينني الى المثول في الغد أمام مركز شرطة بوقطفة ببنزرت ورغم أني أعلمتهم أن لي دروس بالمعهد فقد شددوا عليّ الذهاب إلى مركز بنزرت وترك الدروس.

حين وصلتُ في الغد إلى مركز بوقطفة بنزرت طلبوا مني بطاقة تعريف، ولم يبطأ المحقق للحضور وأخذني معه إلى مكتبه وقدّم لي كرسي للجلوس وورقة لأكتب عليها منذ متى أأدي الصلاة ومن يتردد علي المسجد وعن علاقتي بأنيس الكريتي وطارق الهمامي أعدت عليهم ما كنت قد قلته لرفاقه في منزل بورقيبة أما من يصلي بالمسجد فقد اكتفيت بذكر كبار السن من المصلين، فلم تعجبه إجاباتي ومزّق الورقة وقال يبدو أنك لن تستحي وقد تعاملنا معك بصفتك طالب وأعاد علي السؤال عن أنيس الكريتي وكررت عليه ما سبق أن قلته وأن علاقتي به لاتزيد عن كوننا جيران فلم تعجبه أيضاً إجابتي فطلب مني أن أنزع ثيابي فأعتذرت لسبب صحي وأني مصاب بحساسية وأعاني من ألام في الرأس فتجاهل ذلك وأصر أن أنزع ثيابي فنزعت من فوق وهددني أن أنزع ثيابي من تحت فتمسكتُ بعدم النزع مهما حصل فأكتفى بذلك وأمرني أن أتيه بعصا غليضة هي عبارة عن ساق لطاولة قديمة وأمرني ببسط يدي للضرب فقلت له أن القانون يمنع عليك ضربي وأن من حقك بحثي وليس ضربي فسبني وأمطرني كلاماً بذيئاً وأجبرني على بسط يدي وانهال على يدي ضرباً بالعصا ويتقصّد الضرب بالعظم وصارت كفايَ زُرْقٌٌ لشدة الضرب ويقول لي أعد الكتابة، فكنت أقول له: أملي عليّ أي شيء لأكتبُ ما يرضيك فينادي زملاءه ضخَام الجثث، فيأتي أحدهم ويضربني برأسه رغم أني أعلمتهم أني أعاني من ألام مزمنة بالرأس و لكنهم يتجاهلون ذلك، ويهددونني بإرسالي إلى الداخلية، فأقول لهم افعلوا ما شئتم، كما هددوني بوضعي في الحجز، وأنا في ذاك المكتب كنت أسمع صراخاً يبدو أنّه صراخ فتاة منبعث من نافذة تُركتْ مفتوحة عمداً وكان أحدهم يقول لي إستمع.. إستمع..إن لم تتكلم سننزلك الى الأسفل، وسترى ماذا سينالك، قلت له افعل ماتريد، والحمد لله فقد أنزل الله علي سكينة، بحيث مع نحافة جسمي وغلاضة العصا فقد كنت أشعر بأن جسمي قد أصابه تخدير أفقد إحساسي بالألم، ثم سحبني من سروالي ودفعني نحو الخزانة ليصفعني الصفعة تلو الأخرى.والمحقق والأعوان الذين معه وإن كنتُ لا أعرف أسماءهم فلا يمكن أن أنسى وجوههم إن رأيتهم، بدأت تحت شدّة الضرب أشعر بوجع شديد بالرأس وبقليل من الإغماء ولاسيما وأني في اليوم السابق تعرضتُ الى ضربة شديدة على قفا الرقبة ، خلال ذلك كان »عرفهم »،المسئول الكبير لأمن الدولة في مركز بوقطفة يتردد عليهم ليسأل : هل تكلّم هذا أم لا؟ فيقولون له: ليس بعد. فيقول إذن، تابعوا الحديث معه..فتأتي جماعة أخرى ليبدءوا بتهديدي ودفعي وضربي بالرأس،والى حدود الساعة الثانية عشرمن منتصف النهار وأنا على تلك الحال منذ الساعة الثامنة صباحاً الى أن وقعت أرضًا مَغمياً عليّ ، وكنت قد أعلمتهم أن لدي امتحان وطلبت عند الساعة الحادي عشر المغادرة ،فأقسم أن لن يتركني لأذهب للامتحان،ولما أغمي علي تركت في المكتب ووضعت رأسي على الطاولة ولم أكن أشعر حينها بشئ ولم أستطع الوصول حتىالى هاتفي الجوال الذي كان وضع على مقربة مني ،حينها بدا عليهم شيئاً من الارتباك، فأتوا إلي بلمجة وكان قد غادر الفريق الأول ليأتي فريق أخر شرع بدوره بتهديدي بالعصا ويسالوا :هل تصلي ؟هل تلبس قميص ؟هل تلتحي؟ فكنتُ أجيبُهم بالإماء إذ لم أعد أقوى على الكلام.وكان أحدهم يهدد ملوحاً بالعصا، كانت النافذة مفتوحة، فطلبت أن يغلقوها ويسمحوا لي بإرتداء ملابسي لكوني مصاب بحساسية ولدي متابعة صحية في هذا الخصوص من قبل الأطباء فلم يكترثوا لطلبي واستمروا في تعنيفي إلى أن انتهى وقت عملهم، وحين غادروا سمح لي أحدهم، وكان حسن المعاملة معي ولم يشاركهم في ضربي، بارتداء ثيابي، وجاءوا إلي بلمجة، ورغم إلحاحهم لم أستطع الأكل، إذ لم يَعُد لدي جُهْد لرفع يديَ.وجاء المحقق الساعة الثالثة بعد الظهر وسألني إن كنت أنوي الاعتراف بالحقيقة أم لا، قلت ليس لدي غير الذي قلته فأمرني بالوقوف وهو يتهيأ لضربي، وحين وقفت لم أتمالك نفسي وسقطتُ مغشياً عليّ، بالكاد كنت أشعر بحملهم لي ووضعي على سرير أمام كبيرهم، وجاؤا إلي بالعطر وغسلوا وجهي بالماء لكن كنت أفيق قليلاً ثم يغم عليَ مجدداً، قال لي كبيرهم اختر إما أن تنهض وتغادر إلى منزلكم و إلا ستبيت هنا.

حقيقة لم أكن قادراً على النهوض، فقد اشتد برأسي الوجع وانتفخت عينييَ وأصابني تشنج عصبي هستيري صرت بسببه أشد شعري وهم يحاولون منعي والإمساك بيَديَ وذلك لشعوري بالإهانة التي تعرضت لها، بعد ذلك طلبت منهم أن أذهب للمستشفى، أعانوني على الوقوف لكنني عند الدرج سقطت فحملوني وكنت أسمع حديثهم يقولون لي: أفق ستقضي علينا(بش تباصينا)، بعد أن تأكدوا أن الحالة التي وصلت إليها بسبب الانهيار العصبي، قد تتطور وسيقعوا بذلك تحت طائل المسؤولية، حُملت على الأيدي ونُقلت بالسيارة إلى قسم الإستعجالي بالمستشفى، وهنا أعطوني الأكسجين وحبة دواء لأفيق ولكن عيناي منتفختان ولازلت لا أقوى على المَشي على رجلي فحملوني وعادوا بي.

لكن المؤسف أن الممرضات في المستشفى كن يطَمئن الأعوان ويقلن لهم:أنه يتظاهر بالإغماء، ويتصنع ذلك. عدت إلى مركز أبو قطفة حيث جاءني المسؤول وسألني إن كنت قد تماسكت قليلاً، لم أكن أستطيع الوقوف على رجلي، حين طلبت منهم أن يوصلوني إلى دارنا بمنزل بورقيبة، قالوا إنّ ذلك مستحيل، كانوا يخافون من أي ردود أفعال أو ربما يفتضح أمرهم أمام المراقبين لحقوق الإنسان بالمدينة، فقال لهم (عرفهم) المسؤول الكبير: ألقوا به في حديقة أبو قطفة، وهي قُبَالة المركز فأخذوني فوراً إلى هناك وأسندوني الي الحائط وتركوني، لكنني لم أتمالك فسقطتُ، لكن لما رأوني طريحاً ولا أبدي أي حراك و كل ذلك كان يجري أمام المارة أوقفوا سيارة نقل ريفي وحملوني إليها فقام صاحب السيارة وأركبني سيارة أجرة بنزرت – منزل بورقيبة. وكنت لازلت أعاني من بعض الإغماء وأنا بالسيارة، حيث طلبت منه أن يأخذني الي قسم الإسـتعجالي بمستشفى منزل بورقيبة،ففعل ما طلبت وفي المستشفى عاينوا الانتفاخ بعيني واعوجاج يدي بتأثير التشنج العصبي وفورا أدخلتني الطبيبة إلى غرفة ودقت لي حقنة وأعطتني بعض الحبوب، ومع أني حدثتها من أي شيء أصابتني هذه الحالة فقد تابعتْ معالجتي دون أن تكتب لي تقريراً في حالتي؛ بل إنهم رفضوا عند الباب أن يأخذوا مني مبلغ التسجيل والمعاينة حتى لا يقدموا لي وصل المعاينة لمّا عرفوا أني قادم إليهم من مركز شرطة بنزرت، فقد قمت بالمعاينة مجانا.هتفتُ الى أهلي فجاءوني وأقالوني الي المنزل، و في الغد لم أستطع الذهاب للدراسة، فعيناي لازالتا منتفختين، ورقبتي تألمني، ومن يومها لم يعد أحد من الأمن لزيارتي، غير أن خطأ أبي أنه حمل إليهم جواز سفري حين كانوا يحققون معي في مركز منزل بورقيبة……..وللذكر من بين من شملتهم الحملة من شباب حيينا بالإضافة الى أخي محجوب،الشاب خالد العرفاوي وقد ناله من التعذيب بحسب رواية أمّه ما يفوق بقية الشباب، من تعليق من رجليه الى الضرب بالحبال المطاطية والصعق بالكهرباء، وهو أكثر من تعرض للتعذيب، رغم أنه أصغرهم سنًا إذ لم يبلغ بعد سن العشرين ويدرس بالسنة الثالثة تقنية وقد كان تحت مراقبتهم الدائمة ومضايقتهم له بالتحقيق المستمر، حتى ضجر وتسببوا له في الرسوب رغم أنّه كان من النجباء و من شباب الحي أيضاً الشاب بلال الحجري جيء به من سوريا، وأنيس الكريتي جيىء به من الجزائر، وأنه بحسب ما روى لي أخوه، زميل لي في الدراسة، تعرض للتعذيب خاصة بالجزائر، هناك كثيرين من منزل بورقيبة لا أستحضر أسماءهم، وآخرون زملاءاً لي تعرضوا خلال الإيقافات للتعذيب سواءاً في الداخلية أو في المراكز من بينهم ابن عمي حامد الزياني و مروان بن نصر أيضاً زميل لي جرى الاعتداء عليه وأخرون من الشباب، بل انه خلال التحقيق استدعوا كل الأسماء التي وجدوها بالهاتف الجوال لأنيس حتى الشيوخ، أما محجوب فهو في اضراب عن الطعام هذه الأيام، هو و نادر الفرشيشي (يعود تاريخ هذه الشهادة إلى شهر سبتمبر 2005) وهي ثالث مرة يدخل فيها محجوب الإضراب منذ اعتقاله وهما يشكوان من اكتضاض غرفة السجن التى يقيمان بها مع 133 سجين، ويسب فيها الجلالة ويكثر فيها المدخنون ومحجوب يعاني مثلي بمرض الحساسية، وقد اشتكى محجوب ورفاقاً له عبد البارئ العايب ونادر الفرشيشي وكلاهما من بنزرت من اعتداء أحد سجناء الحق العام عليه ليتدخل الحراس ويضعوا حداً لهذا السجين إلا أن الحراس كانوا في صف السجين وعوقب نادر الفرشيشي بوضعه في العزلة لثلاثة أيام لضربه سجين الحق العام الذي سب أمّه وقذفها وهكذا دخل محجوب وعبد البارئ الإضراب احتجاجاً على ما حدث الى أن جرى تدخل الحقوقيون و الصليب الأحمر، حيث تم نقل عبد البارئ من غرفته بالسجن إلى أخرى كما نقلوا سجين الحق العام و مما يذكر أنّ نادر وعبد البارئ بقيا لمدة طويلة يبيتون على الأرض ولم يحصلوا على سرير(سرير لكل ثلاثة أنفار) إلا بعد الإضراب المذكور.

وقد أخذوا وحدة جهاز الكمبيوتر الخاص بي منذ 23 أفريل الماضي ولم يعيدوها إلي(تم استرجاعها منذ شهر واحد بعد التدخل لدى السيد زكريا بن مصطفى)، أخذوها مع أقراص مضغوطة لها علاقة بدراستي(الهندسة الإعلامية)وقد ادعوا في المحضر الذي حرروه ضد محجوب، أنهم يوم 1 ماي جاؤوا بمحجوب من الداخلية الى منزل بورقيبة ومعه رئيس أمن إقليم بنزرت وسلّمَهم هو بنفسه الأقراص التي تحتوي على التدريب على الجهاد!! ولم يذكروا شيئاً عن وحدة جهاز الكمبيوتر الذي أخذوه معهم. والحقيقة أن محجوب لم يعد من يوم إيقافه و أن الأعوان » رشيد »و « بليغ » وأخر يسمونه « ولد الشيّيات » وسامي جاؤوا الى المنزل عند المغرب ولم يكن بالمنزل غير الوالدة التي رغم أنها طلبت منهم عدم الدخول لكونها وحيدة في المنزل، الاأنها لم تستطع منعهم رهبة منهم، وعندها أخذوا وحدة جهاز الكمبيوتر والأقراص المضغوطة وعددها حولي الثلاثين وجميعها تتعلق بدراستنا، وحين ذهب اليهم أبي وطلب منهم إرجاع المحجوزات، أنكروا مجيأهم وأخذهم تلك المحجوزات. صابر بن مبروك الزياني شقيق السجين محجوب الزياني

[*] أخذت هذه الشهادة من صابر الزياني في شهر سبتمبر من سنة2005أي بعد اعتقال شقيقه محجوب بنحو أربعة أشهر.

(المصدر: موقع نــواة بتاريخ 22 أفريل 2006)

وصلة الموضوع: http://www.nawaat.org/portail/sommaire.php3


ردّا على برهان بسيّس وكاتب افتتاحيّة « حقائق »

 

تزييف الجدليّة أم تأويل الحقائق ؟؟؟

دم البراغيث في هوى « العبابيث »

بقلم: نصر الدين بن حديد

 

 

ملاحظة قبل البدء: « العبابيث »، لفظ من اللسان الدارج التونسي، مفردها « عبيثة » [صيغة مؤنّثة]، وهي عبارة عن كائن خرافي غير مرئي في غالب الأحيان، يعيش في الخرائب والأماكن الموحشة، يكون دائمًا مصدر خوف، وقد يكون الاشتقاق اللغوي من العبثيّة أو العبث، والله أعلم؟؟؟

 

لم يحدث أن خلّفت عمليّة استشهاديّة في العمق الفلسطيني من التشكيك والتساؤل المشيب بالتخوين مثل ما جدّ إثر العمليّة الفارطة التي نفذها الاستشهادي  » سامي حمد » من حركة « الجهاد الإسلامي »، فقد جاءت المواقف المخالفة متراوحة ـ ضمن المجال العربي ـ بين تنديد مباشر وصريح، كما كان حال رئيس ما يسمّى السلطة الفلسطينيّة حين نعتها بـ »الحقيرة »، وبين من لم يملك القدرة أو الشجاعة على إنكار هذا الحقّ جهرًا بل أصرّ في إلحاح غريب على أنّ مثل هذه العمليّة «لا تخدم الصالح الفلسطيني» ويواصلون الطرح في إسهاب لضرورة أن «تنخرط هذه العمليّات ضمن رؤية أوسع وألاّ تتحوّل إلى غاية في حدّ ذاتها…»

 

وجب التأكيد قبل البدء أنّ كاتب هذه الأسطر لا يملك الرغبة أو القدرة على لجم الأصوات وكبح الآراء، بقدر ما يرى أنّ ما صار من المقالات مشاعًا يصبح ضرورة ضمن ما يستلزم القراءة وما يحتاج للنقد…

ثانيًا، تأتي الأصوات جميعها متلبّسة الهمّ الفلسطيني، متصدّرة للدفاع عنه ضمن استبطان لوحدة الهويّة والانتماء وبالتالي المصير، على اعتبار أنّ هؤلاء الرافضين يملكون « موضوعيّا وعضويّا » حقّ وواجب المشاركة في صناعة الوعي الشامل والقرار الجامع…

 

لا يمكن لكاتب هذه الأسطر أن يدرج موضوعيّا قائمة تفصيليّة بهؤلاء « الرافضة »، ويكون من باب الجدوى أن نحصر الاهتمام ـ ضمن هذا المقال ـ بكاتبين أثنين يملكان قطعًا وزنًا ومكانة فوق الساحة السياسيّة، فالسيّد برهان بسيّس [مقاله الفارط ضمن ركنه الأسبوعي على يوميّة الصباح] يُعتبر أحد أهمّ المنظرين، بل وجهًا يجمع بين الصحافة والسياسة والتلفزيون، ممّا يعطي لقوله وزنًا ولكلامه قيمة، أمّا كاتب افتتاحيّة أسبوعيّة « حقائق »، وإن كنّا لا نعلم شخصه فنحن ننطلق من ميراث هذه المطبوعة التي شكّلت ماضيا إحدى أهمّ منابر تشكّل الوعي وأحد أفضل المخابر الفكريّة في تونس…

 

تستلزم وحدة الهويّة والانتماء والمصير توافقًا بخصوص الضوابط المعرّفة لهذه العناصر أوّلا وكذلك وعيا مشتركًا بذلك من قبل جميع، وإلاّ صار الأمر تعسّفًا وتسلّطا إن لم نقل استصغارا واستغباء، مع استبعاد التخوين والطعن النوايا!!!

 

ضمن واقعة الحال يجوز السؤال ـ منهجيّا أو إجرائيّا ـ عن الروابط التي يمكن أن تشدّ كلاّ من السيّدين برهان بسيّس وكاتب افتتاحيّة « حقائق » من جهة إلى تنظيم « الجهاد الإسلامي » وهل يقبل كلّ طرف بالآخر ضمن وحدة الهويّة والانتماء والمصير. لا نرى بدّا من القول بأنّ الأمر يحتاج من هذا الطرف أو ذاك إلى بعض التأكيد والكثير من الإيضاح…

مفهوم «لا تخدم الصالح الفلسطيني» يعني جدلا أنّ هذه العمليّة قد أخرت أو ألغت خيرًا عميمًا ينتظره الفلسطينيون أو أنّها قد تجلب بلاء لا قبل لهؤلاء الفلسطينيين به، ويكون من باب العقل والحصافة الحديث بلغة الربح والخسارة عن موازين هذه العمليّة…

 

الواقع الفلسطيني المرير الماثل أمامنا ـ ضمن ما هو بيّن لا يحتاج إلى توصيف ـ يبيّن أنه استشهد من الفلسطينيين منذ بدء شهر أفريل إلى حدود يوم التنفيذ 28 فلسطينيّا، ممّا يعني أنّ الطرف الصهيوني لا يلتزم ولا يبغي الدخول في أيّ صورة من أيّ شكل من أشكال الهدنة أو التهدئة، بل نرى إصرارًا على أن يستبطن العربي [والفلسطيني أساسًا] شعور الذنب ويبيّن حسن نواياه وأن يظهر استعداده المتواصل والدائم للقبول وعدم الرفض لأيّ مبادرة أمريكيّة أو صهيونيّة، ضمن تراوح مقبول بل محمود ضمن الضوابط التي أقرّها الحلف الأمريكي الصهيوني…

 

إنّ العلاقة التي أقامها اتّفاق « أسلو » منذ البدء تعني ضرورة أن يلتزم الطرف الفلسطيني أوّلا وبالكامل وفي أتمّ الصور، وقد عبّر عن ذلك الرئيس الفلسطيني أمام المجلس التشريعي حين أصرّ على ضرورة أن «يلتزم الطرف الفلسطيني بكلّ تعهداته ليثبت للعالم [..]»… قد يرى البعض أنّ هذا الخطاب لا يعدو أن يكون مناورة سياسيّة، حين يقول السياسي ما لا يفعل، لكنّ المراقبة الدقيقة للواقع الفلسطيني يثبت أنّ هذه « الفلسفة » تمثّل الأرضيّة التي تتحرّك فوقها « مدرسة أوسلو بكاملها »…

 

يلاحظ المرء دون عناء إصرارا فلسطينيّا ضمن الحكومة السابقة على إظهار حسن النيّة وقوّة الالتزام ضمن قراءة طوبائيّة خطيرة للممارسة السياسيّة، ومن ثمّة جاءت المطالبة أكثر من مرّة بعدم «عسكرة الانتفاضة»!!! ممّا يعني أن تتحوّل هذه الانتفاضة إلى مجرّد فلكلور!!! وقد تأتي المطالبة لاحقًا بأن يرتدي الشباب الأزياء الفلكلوريّة…

 

إنّ هؤلاء الكتاب يفضّلون أن يكون الفلسطيني ضحيّة [يتاجر البعض بدمه] على أن يكون استشهاديّا ينزعجون من فعله، فقد أزعجتنا هجمات 11 سبتمبر أكثر من مجزرتي قانا والعامريّة وآلمتنا هجمات لندن أكثر من أعداد الشهداء في الفلوجة وتلعفر، وتعاطفنا مع ضحايا تفجيرات مدريد أكثر ممّا أولينا شهداء مذبحة جنين؟؟؟

 

إنّ الانفجار الذي هزّ العمق الصهيوني لم يقتل صهاينة، اغتصبوا الأرض وأحلّوا العرض وهتكوا الشرف فقط، بل فجر ـ وهنا مربط الفرس ـ التناقضات الخطيرة وحالة الانفصام العميقة التي يريد هؤلاء الكتّاب أن يخفوها ويبغون مداراتها… من المؤسف أنّ هذه الأصوات المنددة لم تضع المعادلة في نسقها القائم، حين شهد المشروع الصهيوني أقصاه ومداه وقد بدأ في الانحسار والضمور، وهذا الكلام لا نسوقه من باب ما يراه البعض خطابًا « قومجيّا » أو شعارات جوفاء، بل ممّا هو ماثل أمامنا من حقائق بيّنة، فقد جاءت الاعترافات من الصهاينة أنفسهم أنّ « مشروع إسرائيل الكبرى » لم يعد قابلاً للتنفيذ والتحقيق، ومن ثمّة انحسر مفهوم « الصباريم » أيّ اليهودي العائد أو العائش فوق أرض فلسطين، البطل والقوّي والعامل دومًا ومواصلة على تحقيق المشروع الصهيوني، ليحلّ محلّه أو يعود « يهودي الغيتو » الذي يعشق الانكفاء والتقوقع ورفض التواصل الاجتماعي مع « الأغيار »… من ثمّة جاء الانسحاب من غزّة وتشييد الجدار ومحاولة البحث أو الإصرار على تحييد الجبهة الشماليّة، ضمن الرغبة لجعل فلسطين الـ »غيتو » الأكبر في العالم، ويأتي ضمن هذه الرؤية مشروع الكونغرس الأمريكي الذي يريد إضافة الاعتراف بيهوديّة الكيان الصهيوني إلى الاعتراف بوجوده وشرعيته، ممّا يعني تسليما عربيّا ضمنيّا بالمساهمة في « إيجاد حلّ ما » لوجود قرابة المليون ونصف المليون من الفلسطينيين يعيشون ضمن حدود فلسطين المحتلة عام 1948.

 

عودًا إلى هؤلاء الكتّاب، فهم يعيشون مشكلة ذات أبعاد نفسانيّة خطيرة، فلا هم ملكوا القدرة فعلا على أن يكونوا قادة شعوبهم أو جزءا من صناعة القرار الفاعل والحقيقي في أوطانهم، حيث يتولون دور التنفيذ في أقصى الحالات، ولا هم صاروا طرفًا ضمن صناعة القرار في الغرب، حيث لا ينظر إليهم البتّة في صورة الشريك، وكذلك لم تعقد قيادات « حماس » أو « الجهاد الإسلامي » أو « ألوية الناصر صلاح الدين » اجتماعات عاجلة وأكيدة تستنير بهذه الكتابات وتستأنس بها…

 

ممّا يعني وجوب السؤال عن دور هؤلاء الكتّاب وقدرتهم خارج الحبر الحامل لمقالاتهم، فالتجربة علّمتنا بما لا يدع للشكّ، أنّ وجودهم و »شرعيتهم » أشبه ما يكون بتلك البطاريات الغير القابلة للشحن، ضمن منطق أنّ المطروح منهم في « السوق » يكفي لقرون قادمة… لا تعدو كتاباتهم أن تكون أشبه بحالات الاستمناء حين يكون الفاعل مفعولا به، وهو في الآن ذاته باثّ ومتلقّ ودافع ومتقبّل!!!

 

ما يزعج هؤلاء، بل يرعبهم ويقضّ مضاجعهم هو أنّهم يمثّلون في أفضل المقامات حالات وعي باطن وليست ظاهرة وحالات وعي فرديّة دون قدرة على التجميع أو التأسيس لفعل مشترك، في حين استطاعت الحركات الجهاديّة في فلسطين التأسيس لقيم وعي جليّة وجماعيّة في الآن ذاته، ممّا يجعل استشهاد فرد لا يعطّل الفعل الجماعي!!!

نرى الدولة العربيّة الكبرى مصر، تعاني من أسئلة محيّرة بخصوص صحّة مبارك ومن سيأتي إثره، رغم أنّ الدستور المصري صريح وواضح، لكنّ هذا الدستور يمثّل حالة مفتعلة وبالتالي منفرط بغياب صاحبه!!!

 

أدعو السيّد برهان بسيّس إلى فعل جاد وتحرّك فاعل، فإخوتنا في فلسطين يتضرّعون جوعًا، ومن العار أن نكون كمن يبحث عن فتوى « دم البراغيث » حين تأتي القضيّة الفلسطينيّة عند مفترق طرق هامّ وأكيد، وأدعوه وأدعو جميع الأحرار والشرفاء في هذا البلد إلى إرسال معونات عينيّة إلى إخوتنا في فلسطين، من طحين وسكّر وزيت وأدوية، مع استبعاد أجهزة الطرد المركزي وما يدخل في صناعة المفاعلات النوويّة طبعًا!!!

 

مصلحة تونس في إتحاد ممثل مناضل ومسـؤول

محمد الهادي التواتي، أمين عام  مساعد الإتحاد سابقا

 

إن معرفة تاريخ الحركة النقابيّة التونسيـّة،  إبتداء من جامعتي عموم العملة التونسيّة الأولى والثانية وصولا إلى الإتحاد العام التونسي للشغل قبل الاستقلال وبعده، أمر أساسي بالنسبة لكلّ النقابيين التونسيين خاصة إذا سلّمنا بأهميّة معرفة الماضي لبناء الحاضر وتهيئة المستقبل وبوجوب التواصل بين مختلف الحقبات التي مرّت بها هذه الحركة وبضرورة تراكم نتائج نضالات مختلف الأجيال حتى يكون للعمل النقابي الحالي الجدوى المطلوبة وينسجم مع المبادئ والقيم التي ضحـّى من أجلها روّاد الحركة النقابية.

 

لقد إستلهم حشاد ورفاقه من تجربة محمد علي الحامي وبلقاسم القناوي دروسا مكّنتهم من بعث منظمة وطنيّة –الاتحاد العام التونسي للشـّغل- تجاوزت كل العراقيل الّتي وضعت في طريقها وصمدت رغم الأزمات المفتعلة التي عاشتها.

 

واليوم تجد هذه المنظمة التي ساهمت بقسط كبير في تحرير تونس وبناء الدولة الوطنيّة الحديثة نفسها مهمّشة وغير قادرة على الفعل في الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي نتيجة تلك الأزمات والحلول الترقيعيّة التي تلتها وأخطاء القيادات المنبثقة عن المؤتمرات الاستثنائيّة التي وقع تنظيمها لإضفاء الشرعيّة على من وقع إختيارهم لمواصلة تسييرها.

 

إن التصحيح الّذي نادت به القيادة البيرقراطيّة المنبثقة عن مؤتمر جربة الاستثنائي –كلّ النقابيين يعرفون أسباب هذا الاستثناء- أصبح أمره مفضوحا حيث برهنت الأحداث للجميع أن المقصود بهذا الشعار هو إعادة الدرّ إلى حضيرة من يعتبرون الاتحاد ملكيتهم الخاصة. :

 

إن مواصلة هذه القيادة في اعتماد الطرق الخاطئة التي سلكتها في الماضي القريب أدّى بالمنظمة إلى طريق مسدود وجعلها تتخبـّط في المشاكل الداخليّة وتتآكل من الداخل بفعل الانقلابات التي يأتيها أبنـاؤهـا.

 

لقد أصبح الاتحاد منظمة الشعارات الجوفاء والتباهي بنضالات الروّاد، اتحاد الولاءات والتأييد لا اتحاد النضال والتضحية من أجل مصالح العمال والبلاد، اتحاد الاستقلاليّة الوهميّة، اتحاد « الديمقراطية » التي تفرّخ الموالين، اتحاد في خدمة البيروقراطيّة المهيمنة على دواليب تسييره، اتحاد أصحاب الحصّة الكبيرة في الورثة التي خلـّفها من سبقهـم من الأسلاف.

 

إن البلاد في حاجة إلى منظمة نقابيّة وطنيّة بأتمّ معنى الكلمة، منظمة مستقلّة وموحدة، منظمة مناضلة من أجل مصالح الشغالين بالفكر والساعد، منظمة مسؤولة لا تحرّكها العاطفة والحسابات الضيّقة بل تتحرّك حسب مخططات مدروسة تأخذ بعين الاعتبار التحوّلات السريعة التي تعيشها البلاد في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

 

إن نقابيي اليوم – زيادة على الالتزام بالمبادئ والقيم وتطبيقها على أرض الواقع مطالبون بتقديم التضحيات اللاّزمة لتصحيح المسار وتطوير أداء المنظمة الشغيلة حتى تتمكّن من القيام بوظيفتها الوطنيّة وتحقيق النتائج التي يترقـّبها الشغـّالون رغم صعوبة الظرف الاقتصادي المشحون بالتطوّرات المكبّلة للعمل النقابي والمهمّشة لدوره بإقحامه في دوّامة غلق المؤسّسات وتسريح العمّال والسمسرة باليد العاملة وفتح الحدود والأسواق أمام البضائع دون السماح لطالبي الشغل بتجاوز هـذه الحـدود.

 

كلّ هذه المعوقات الجديدة مضافة إلى أخطاء القيادة البيرقراطيّة الجاثمة على صدر المنظمة منذ 15 سنة جعلت الجبهة النقابيّة الداخليّة تنهار ودفعت الشغـّالين إلى اليأس من إصلاح ما هدّمته الأزمات المتتالية التي عاشتها الحركة النقابيـّـة.

 

إن إنهيار هذه الجبهة النقابية الداخلية يفرض علينا التحرّك بحذر للدفاع على وجود المنظمة النقابية وبقائها.

 

إن وعي النقابيّين، المخلصين لمنظمتهم وللبلاد، بهشاشة الوضع الدّاخلي للإتحاد وبحقيقة موازين القوى وطبيعة الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي يفرض عليهم الحذر وتجنـّب السقوط في الأخطاء التقديريّة كما يفرض عليهم السعي بمثابرة وتأن وصبر إلى إعادة بناء الوحدة النقابيّة وتكريس مفهوم العمل النقابي الدّيمقراطي الشغـّالين والبـلاد.

 

إن سياسة المزايدة وتوظيف قدرات المنظمة في ما لا ينفع الشغالين جرّبت في الماضي القريب وفشلت فشلا ذريعا والأزمات السابقة خير دليل على ما نقول.

 

إن إعادة إستعمال هذه السياسة وآستعراض العضلات بافتعال البيانات المشحونة أمر يستغربه كل عاقل شديد الاقتناع بأهميّة القضايا الوطنيّة والقوميّة وبدور المنظمة الشغلية في الدفاع عنهـا. إن من شأن هذه المزايدات السياسويّة تعميق التفرقة بين النقابيين خاصة في هذا الظرف الّذي يستدعي تقوية الجبهة النقابيّة ورصّ الصفوف لإعادة بناء تلك الجبهة التي بدونها لا يمكن للحركة النقابيّة أن تأمل في تحقيق أهدافها وأن يكون لها وزن في الحقل الاجتماعي وتمر إعادة هذه الجبهة النقابيّة إلى سالف قوتها وإشعاعها عبر:

 

              مقاومة إنحرافات المركزيّة البيرقراطيّة والتصدّي لتجاوزاتها وفضح تصرّفاتها لدى الشغـّاليـن،

              مقاومة الإنتهازية والوصوليّة المتفشـّية في صفوف بعض القيادات وعدد من النقابييـن،

              التخلّي على سياسة المكيالين في التعاطي مع الملفـّات والقطاعات والنقابيين (تحميل المكتب التنفيذي المسؤولية الكاملة في أزمة التعليم العالي وفي عدم النظر في الطعون المقدّمة من طرف النقابيين، …)  

              إعادة النظر في الإمتيازات (المنح، التفرّغ، الإعانات، القروض، السفـرات، …) التي تتمتـّع بها القيادات النقابيّة وفي الطرق المعتمدة حاليا لمنحهـا وذلك في اتجاه ترشيدها،

              إعادة النظر في طريقة التصرّف في أموال الشغالين بما يضمن الشفافيّة والمراقبة الدّقيقة كلما استوجب الحال ذلـك،

              العمل على إعادة روح التضامن المادي والمعنوي بين كل النقابيين وإحياء الروح النضاليّة المبنيّة على المبادئ والقيم والتضحية من أجل الدفاع على مصالح الشغالين والبلاد،

              تنقيح القوانين (قانون أساسي، نظام داخلي) بما يضمن التعامل الديمقراطي بين مختلف هياكل المنظمة وبين الهياكل والقواعـد،

              تثبيت الحق النقابي على أرض الواقع (حماية المسؤول النقابي، بعث نقابة في كل مؤسسة اقتصادية،)

              إعادة الاعتبار إلى الطرق النضاليّة التي يعتمدها النقابيون للدفاع عن مطالبهم وتكريس أحقيـّة القواعد في إقـرارهـا،

              إعادة النظر في الهيكلة بما يتماشى ومصلحة القطاعات والمنظمة وملاءمتها مع التطوّرات الاقتصادية والاجتمـاعيـّـة،

              العمل الجادّ والفعلي في إتجاه تكثيف الانتماء إلى المنظمة حتى تتمكن من استرجاع إشعاعها في صفوف الشغالين ودورها الريادي على المستوى الوطني،

              العمل على تكثيف انتماء الجامعيين والاطارات إلى المنظمة بتشريكهم في كل ما يهمّ قضايا الشغـّاليـن،

              تدعيم تواجد الشباب العامل والمرأة العاملة وتمكينهم من التواجد الفعلي في الهياكل المسيّـرة،

              إعادة الاعتبار للاجتماعات العامة القطاعيّة وآعتبار القرارات الصادرة عنها إلزاميـّة،

              إعداد برامج عمل واضحة المعالم تأخذ بعين الاعتبار تأثيرات العولمة وتحرير الاقتصاد وتهدف إلى المحافظة على مكاسب الشغالين وتطويرها،

              سن عقد إجتماعي جديد بين الأطراف الاجتماعية يأخذ بعين الاعتبار التطوّرات السياسّة والاقتصاديّة والاجتماعيـّة،

              إعادة الاعتبار إلى دور المنظمة في الدفاع عن الحريات العامة والفردية وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها تماشيا مع تاريخها الحافل بالمواقف الرّائدة في هذا المجـال،

              توضيح وتحديد العلاقات مع مختلف مكوّنات المجتمع المدني حتى لا تبقى مسألة استقلاليّة المنظمة محلّ مساومة واستغلال وتوظيف.

 

إن الواجب يدعونا ونحن على أبواب انعقاد المجلس الوطني بطبرقة أيّام 10 و11 و12 أفريل 2006 إلى التحلي بالموضوعيّة والإصداع بالرأي وفضح المستور. وفي هذا الإطار وجب طرح الأسئلة التالية:

 

              ماهي الأسباب القاهرة التي حالت دون انعقاد هذا المجلس في الوقت المحدّد بالقانون الأساسي والنظام الداخلي؟

(ينعقد عاديا مرّتين بين كل سنتين القانون الأساسي).(يلتئم عاديا مرتين بين مؤتمريـن النظـام الداخلي).

              هل من المعقول أن ينعقد المجلس الوطني والمؤتمر القادم على الأبواب حيث لا تفصلنا على تاريخ انعقاده إلاّ بضعة أشهـر ؟

              ماذا تبقى للمؤتمر من مهام إذا اعتبرنا البرنامج المحدد من طرف الهيئة الإداريّة الأخيرة لهذا المجلس (آنظر وثائق الهيئة الاداريّة) غير الاستماع لكلمات الضيوف والمصادقة دون نقاش على التقارير واللوائح والقيام بالعمليّة الإنتخابيّة ؟

              هل يمكن لهذا المجلس أن يضطلع بدوره الطبيعي المتمثـّـل في تقييم نشاط قيادة التصحيح وإبداء الرأي في كيفيّة مواصلة إنجاز برامجها في غياب لوائح المؤتمر السابق وقصر المدة المتبقية لانعقاد اللاحق ؟

              هل يمكننا اعتبار صرف أموال باهظة لعقد سلطتي قرار في أقل من سنة حسن تصرّف أم تبذير لأموال الشغاليـن ؟

              هل يمكننا اعتبار تفريغ المؤتمر من المهام الموكولة له قانونيّا وجعله مؤتمرا انتخابويّا حسن تدبير وتنظيم وتصحيح للمسـار؟

              هل يحق لنا بعد كلّ ما سبق ذكره أن ننزه قيادة التصحيح وأن لا نرى في تصرفاتها محاولة جديدة للالتفاف مرّة أخرى على دواليب تسيير المنظمة بطريقة ماكيافيليّة ؟

              أين الحقيقة المعاشة من الشعار الذي اختارته الهيئة الاداريّة الأخيرة للمجلس الوطني. (استقلاليّة – ديمقراطيّة نضـال) ؟

              أليس من حقنا والأمور على ما هي أن نعتبر هذا المجلس « بـروفـة » مصغرة للمؤتمر القادم ستمكّن قيادة التصحيح من الاطمئنان على دوامها ؟

              كيف نفسّر دأب قيادة التصحيح على الهروب بكل التظاهرات النقابيّة الكبرى وفي كل المناسبات إلى المدن الصغرى بعيدا عن القواعد النقابيّة ؟ 

 

إن التصحيح الفعلي يقتضي العمل الجاد والتشاور وتطبيق القرارات القاعدية والابتعاد عن الشعارات الفضفاضة كما يتطلّب فضح الأخطاء والممارسات البيرقراطية لأن السكوت عليها هو تواطؤ وخيانة للعمال وللمنظمة والبلاد.

 

خلاصة القول أن الاتحاد وبشهادة النقابيين يمرّ بفترة صعبة. إنه في حاجة اليوم وأكثر من أي وقت مضى إلى إعادة النظر في قوانينه وهيكلته وطرق عمله وبرامجه والأشخاص الساهرين على تسييره. أما أن نواصل في نفس النهج وبالوجوه القديمة التي ساهمت مساهمة كليّة وفعليّة في ما أصابه من وهن دون أن نحاسبها، فإننا سنجد أنفسنا في طريق مسدود ولنا في تاريخ الحركة النقابيّة دروس تفيد بأن الحلول الترقيعيّة التي عولجت بها الأزمات التي عاشتها المنظمة لم تأت بالانفراج بل زادت في تعكير الأوضاع ولم تق المنظمة من داء الشيخوخة الذي استفحل بعد مؤتمر جزيرة الأحلام والأوهام.

 

إن المنظمة في حاجة إلى ثورة تعصف بالقديم البالي وتعمل على إعادة البناء والتشبيب وإلاّ فسوف تكون يقظة العمّال بمثابة الصدمة ويومها لن ينفع النـّـدم.إن الواجب يدعونا اليوم وأكثر من أيّ وقت مضى لتحمّل مسؤولياتنا المتمثـّلة فـي الدفاع عن منظمتنا والتصدّي لمن تنكروا للمبادئ والقيم وآنساقوا وراء مصالحهم، كما يفرض على كل النقابيين المخلصين العمل من أجل إرجاع هذه المنظمة العتيدة إلى سالف إشعاعها على المستويين الوطني والدولي وذلك بتكثيف الحوار حول هذه المقترحات وغيرها والمبادرة في اتجاه دفع المسار نحو إفراز قيادة جديدة صادقة، مسؤولة ومناضلة من أجل مصالح الشغالين والبـلاد.

 

إن العمل النقابي صدق في القول وإخلاص في  العمل ونضال وتضحية.

 

عـاش الإتـّحـاد.

 

(ملاحظة من التحرير: وصلنا هذا النص عبر البريد الأللكتروني يوم 23 أفريل 2006)

       


الوطنية شهادة يثبتها الإختبار

حبيب الرباعي

 

تحية للقائمين على ملف الدكتور المنصف.

 

المناحي التي تغطيها وسائل الإعلام وبخاصة الألتكرونية منها عن الدكتور المنصف بن سالم أخذت منحيين بارزين، وهما المستوى العلمي للرجل وحالته الصحية إثر دخوله إضراب الجوع.

 

فجزى الله القائمين على هذا الملف خير الجزاء وأسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعا ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: « المُتَحَابّونَ في جَلاَلِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ النّبِيّونَ وَالشّهَدَاءُ ». وقوله عليه السلام: « مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَىَ مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَىَ لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّىَ ».

 

ولا أحسب أن هذه الوقفة الجادة مع قضية أخينا المنصف وغيره من أحبابنا، إلا تطبيقا عمليا لهذين الحديثين اللذين أشبعا دراسة في المساجد في بداية ظهور الصحوة الإسلامية في البلاد.

 

عندما لا تصدق أنك أمام شاب.

 

تعرفت على الدكتور المنصف في أواخر السبعينات في منزله، وكان الموضوع ساعتها يدور حول تفاقم الأزمة الإجتماعية بعد أحداث 26 جانفي 78 .  ومن الأمور التي علقت في ذهني من ذلك اللقاء الطيب، هو عمق التحليل الذي يعرضه الدكتور بسمت يوحي بأن المتكلم كهل، من حيث الخبرة وسعة الإطلاع وسكينة الجوارح أثناء التكلم ، بالإضافة إلى التلقائية في الإستقبال وإكرام الضيوف.وهو لم يتجاوز 26 من عمره.

 

عندما يقف الحاكم على رأسه كيف يرى الماشي سويا على قدميه؟؟؟

 

في الوقت الذي شاعت فيه أخبار المهربين للعملة الصعبة، والسارقين للعملة السهلة من خزانة الشعب التونسي المسكين، كانت تظهر صور تلك العصابة على شاشة التلفزة على أنهم وطنيون، بل قادة للوطنية التونسية!!

 

وقد بلغ احتياطي البلاد من العملة الصعبة إلى أدنى مستوياته في تاريخ الجمهورية ما بين سنتي 84-86. في ذلك الوقت  (86)كان د. منصف في أمريكا لمدة وجيزة استجابة لدعوة وجهتها له إحدى الجامعات الأمريكية .

 

وحدثنا بعد رجوعه قال: عندما دخلت على كاتبة مدير الجامعة في الوقت المحدد في الدعوة. وسألتها عن إمكانية مقابلة المدير قالت : هو مشغول الآن، لديه موعد مهم، ولا يستطيع أن يقابل أحدا، ولكن أعطني اسمك ورقم هاتفك وسأعلمك بالموعد الخاص بك. ..قال، قالت:  اكتبي منصف بن سالم. فنهضت مسرعة وحيته باحترام وقالت له هو بانتظارك تفضل.

 

تعليق: قد يكون تصرف الكاتبة معقولا بالمنطق السائد في مجتمعها، فهي تنتظر في تلك الساعة على وجه الدقة ـ بحسب جدول أعمال مدير الجامعة ـ أن يدخل عليها رجل يلبس أحدث أنواع البدلات التي لا يلبسها إلا كبار القوم، مع ربطة عنق، وشعر أبيض يخالطه سواد.

 

أما الذي وقف أمامها ويسألها عن مدير الجامعة فلباسه وإن كان محترما، إلا أنه في متناول متوسطي الحال في المجتمع وليس في شعره بياض. إذا فلا تنطبق ـ بحسب رأييها ـ  مظاهر التواضع التي يتصف بها الدكتور المنصف، مع توكيدات المدير بأنه في انتظار شخصية مهمة وغير مستعد لاستقبال أحد في ذلك الوقت.

 

يتابع حديثه قائلا: كان جانب الإغراء لإبقائي هناك كبيرا. فقد حجزوا لي جناحا بثلاث غرف في أرقى نزل في المدينة ، يطل على مناظر رائعة. قال: كنت يوما أستعد للخروج من إقامتي بالنزل وإذا بمدير الجامعة يزورني وأنا أهم بالخروج، فسألني بلطف هل أن خروجي لأمر مهم…. إن كان كذلك فسيعود مرة أخرى، فقلت بل أريد أن أشتري كتابا وجدته في مكتبة غير بعيدة عن النزل.

 

قال المدير: إن كان الأمر كذلك فسأقوم به فورا فلا تشغل نفسك، ثم اتصل بالهاتف لترتيب الأمر, وما هي إلا دقائق لم تتجاوز النصف ساعة، وإذا بالكتاب بين يدي. (تعبير سلوكي مفاده: نحن في خدمتك في الشؤون البسيطة، لتجد راحة تساعدك على الإهتمام بالمسائل الكبرى والمعقدة، التي لا يقدر عليها إلا قلة من الناس)

 

وقد عرض عليه مدير الجامعة خمسة أضعاف راتبه الذي يتقاضاه في الجامعة التونسية، فوق مصاريفه الشخصية وأسرته من سكنى ونقل وتأمين…إن هو قبل الإلتحاق بالجامعة كأستاذ محاضر، ولكنه رفض ذلك . لا لشيء سوى إيمانه بأن أبناء بلده وشبابهم أولى الناس بالإنتفاع بما أنعم الله به عليه من نعمة العلم والمعرفة.

 

إن المواجهة التي يكون سلاحها الإغراء المادي، مع رخاء أمني، وحرية واسعة، ومجالات رحبة في البحث العلمي  لمتخصص حاذق، لا ينتصر فيها إلا أصحاب النفوس الكبير، مثل التي يتمتع بها صاحبنا، الذي لم يبد لنا ما يشير إلى أنه فكر في العرض الذي قدم له ولو مجرد تفكير، ولم يستنصحنا في الأمر.

 

لقد حفظت التفاصيل التي ذكرتها من كثرة ما كنت أرددها على مسامع من يصف لي بعض الخونة المتنفذين في البلاد بالوطنيين والوطينة منهم براء، لأعطيهم نموذجا عن رجل وطيني تحتاج البلاد أمثاله.

وأمام هذه الصورة الناصعة لوطني حر، تبرز لنا التلفزة صور من نصّبوا أنفسهم ليحكمونا، على نحو قريب من الصورة التشبيهية التي قدمها لنا القرآن في سورة « المنافقون » حيث يقول المولى عز وجل. وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُون؟

 

فالعرب قديما كانوا إذا وجدوا في الحطب الذي يجمعونه خشبة لا تصلح لحمل سقف، ولا تصلح عمودا في خيمة، أو حتى وقودا للنار،  أسندوها على الحائط الخلفي من البيت عسى أن يجدوا لها صرفة يوما ما.

فإذا كان الذين يتكلمون فيعجب النبي صلى الله عليه وسلم ـ وما أدراك ـ بكلامهم وفصاحتهم ، ويستبشر خيرا بمحياهم إذا رآهم. يشبههم القرآن الكريم بالخُشب المسندة التي لا تصلح حتى للحرق، لقلة يقينهم في الله تعالى. فكيف بمن لا مستوى لهم ولا محتوى؟ وهل تتحمل الخشبة المسنّدة أمثالهم ليتشبهوا بها !!!؟؟؟

وهل لأمثالهم فهم لمعنى الوطنية، وهم الذين قهروا العباد، وضيقوا على الأرزاق، وسرقوا الخيرات ، واستباحوا المحرمات وفتحوا الأسواق لكل من له دريهمات من خارج البلاد ليشتريها بلا ثمن معتبر.

 

فهل يصح التشبيه والقياس على مستوى الوطنية، بين هؤلاء القوم الواقفين على رؤوسهم. ومن ترك مغريات الدنيا وهي تزحف إليه من كل حدب وصوب، بل يركلها برجله زهدا فيها، حتى لا تشغله عن أحبابه وأبناء وطنه، الذين هم في أمس الحاجة لأستاذ محاضر درجة أولى، يشرح لهم بصبر وابتسامة لطيفة وتواضع جم ما دق من المسائل الرياضية المعقدة، ليصبحوا بدورهم علماء يستفيد منهم بلدهم الطيب.

 

إنه لمن العجب أن نأنس بقراءة تاريخ رجال ـ أموات ـ أثبت التاريخ وطنيتهم، من أمثال العلامة محمد علي النوري، والمجاهد بطل تونس الفذ، الكولونيل علي بن خليفة، والشيخ الثعالبي، والشيخ محمد صالح النيفر، وفرحات حشاد…. ثم نمر مر الكرام على تاريخ رسمه ويرسمه رجال، أكدت التجارب والإبتلاءات والمحن صمودهم وثباتهم على الحق، بعزة، ورجولة، ووطنية، لم يساومون يوما على مصالح بلادهم، وهم أحياء بين ظهرانينا.

 

لقد حاول البعض منا أن يقلد الدكتور المنصف وأمثاله ـ ممن ابتلاهم الله فبسط لهم الرزق وقدر ـ في صمودهم وثباتهم فلم نفلح و« ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء« 

 

فجزى الله الدكتور منصف، وإخواننا الصامدين، وكل الوطنيين الصادقين خير الجزاء.

 

تحية طيبة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 
 

 

انعقاد الجلسة العامة للمنتدى الاجتماعي التونسي

 

تنعقد بتونس يومي 22 و 23 أبريل الجلسة العامة التأسيسية للمنتدى الاجتماعي التونسي بمشاركة عديد الضيوف الأجانب إضافة إلى مشاركة تونسية هامة. و لتسليط الضوء على هذا الحدث أجرى الموقع الإلكتروني للحزب الديمقراطي التقدمي هذا الحوارمع الأخ عبد المجيد المسلمي الكاتب العام المساعد للنقابة العامة للأطباء و الصيادلة الجامعيين و نائب رئيس فرع سوسة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و الناشط ضمن ديناميكية المنتدى الاجتماعي التونسي.

 

موقع الحزب الديمقراطي التقدمي: لو تقدمون لنا لمحة عن هذا الحدث الذي ستحتضنه العاصمة التونسية

 

عبد المجيد المسلمي: فعلا إنه حدث مهم أراد الذين سهروا على تنظيمه أن يقترن باليوم العالمي لمناهضة الإمبريالية الذي يقع الإحتفال به يوم 24 أفريل من كل سنة. إنها الجلسة العامة التأسيسية للمنتدى الاجتماعي التونسي التي تتوج نضالا عسيرا دام ما يقارب سنتين و نصف و انطلق بندوة بمدينة المنستير حول الكلفة الاجتماعية للعولمة بتاريخ 11 و 12 أكتوبر2003 نظمتها فروع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسوسة و المنستير و المهدية و القيروان و شارك فيها العديد من الإطارات النقابية القطاعية و الجهوية و من مناضلات الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات. و قد صدر عن تلك الندوة ما صار يعرف بنداء المنستير و الذي دعا إلى بعث منتدى اجتماعي تونسي. و منذ ذلك الحين انعقدت جملة من النشاطات سواء تلك التي احتضنتها الرابطة أو مقرات اتحاد الشغل إضافة إلى مشاركة العديد من المناضلات و المناضلين التونسيين في عديد المنتديات الاجتماعية: العالمية و الأوروبية والمتوسطية و الإفريقية و المغربية …مما جعلهم يحتكون أكثر فأكثر بهذه الديناميكية و يطلعون عن كثب عن التجارب العالمية في هذا المجال. و الجلسة العامة التأسيسية هي الحلقة الأخيرة على طريق انعقاد الدورة الأولى للمنتدى الإجتماعي التونسي. إذ من المنتظر أن تتخذ الجلسة العامة قرار تأسيس المنتدى الاجتماعي التونسي و تقرر موعد و مكان انعقاد دورته الأولى و تنتخب هيئة تنظيمية تتكفل بالإعداد الفني لهذه التظاهرة الهامة. و من المنتظر أن يحضر الجلسة الافتتاحية التي ستنعقد بنزل أميلكار بالضاحية الشمالية للعاصمة يوم 22 أفريل على الساعة الخامسة بعد الزوال مئات المشاركين يتقدمهم عديد الضيوف من الخارج الذين يمثلون المنتدى الاجتماعي العالمي و الأوروبي و الإفريقي و المتوسطي و المغربي و العربي…إضافة إلى المناضلين و المناضلات النقابيين و الحقوقيين و السياسيين و الشخصيات الوطنية. و بعد الجلسة الافتتاحية سيسهر الحاضرون على إيقاع حفل موسيقي تشارك فيه 4 فرق موسيقية إضافة إلى إلقاءات شعرية. و من الغد تتواصل الأشغال في شكل 5 ورشات يشارك فيها ما يقارب 300 مناضلا و مناضلة و تنعقد بمقر جمعية النساء الديمقراطيات و المقر المركزي للرابطة و مقرات الاتحاد العام التونسي للشغل. و تتناول الورشات المحاور التالية: الانعكاسات الاقتصادية و الاجتماعية للعولمة، الشباب و حق الشغل، مسيرة النساء نحو المساواة، الديمقراطية و حقوق الإنسان و التضامن مع الشعوب و حركات التحرر العربي و الدولي من أجل العدل و السلم. و يعود المشاركون بعد الظهر إلى جلسة عامة تتم فيها تلاوة البيان الختامي و المصادقة على القرارات النهائية.

 

موقع الحزب الديمقراطي التقدمي: ما هو دور الاتحاد العام التونسي للشغل في ديناميكية عقد المنتدى الإجتماعي التونسي

 

عبد المجيد المسلمي: الحقيقة أن الاتحاد العام التونسي للشغل يمثل حاضنا أساسيا لهذه الديناميكية انطلاقا من أن النضال ضد الليبرالية المتوحشة هي في جوهر النضالي النقابي مثل النضال ضد هشاشة التشغيل و ضد تسريح العمال لأسباب اقتصادية و ضد البطالة و الفقر و ضد نزيف القدرة الشرائية…..و قد لعب مناضلو اتحاد الشغل و خاصة اتحاداته الجهوية و نخص بالذكر منها اتحادات جندوبة و القيروان و المهدية و بن عروس دورا هاما في احتضان عديد النشاطات و دفع ديناميكية المنتدى الإجتماعي. من جهتها كان للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان دور كبير في دفع تلك الديناميكية و الحال أنها وضعت ضمن برامج نشاطها الدفاع عن الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية كرافد أساسي لرؤيا شاملة لحقوق الإنسان دون أن ننسى أن ندوة المنستير في شهر أكنوبر2003 دعت إليها الرابطة التي احتضنت مقراتها عديد النشاطات. و قد كان لجمعية النساء الديمقراطيات دور مؤثر و إيجابي في هذه الدينامكية و الحال أن النساء من أكثر الفئات تعرضا لهجوم غلاة الليبرالية. و إضافة إلى الدور المركزي الذي قامت به هذه الجمعيات الثلاثة من الضروري التنويه بدور العديد من الجمعيات المستقلة و الغير معترف بها مثل جمعية راد-أتاك تونس – تجمع من أجل بديل عالمي للتنمية – و الكتاب الأحرار… و مناضلي الأحزاب السياسية و المستقلين و النشطاء و النشيطات….

 

موقع الحزب الديمقراطي التقدمي: ما هو موقف الحزب الديمقراطي التقدمي من ديناميكية المنتدى الإجتماعي

 

عبد المجيد المسلمي: من المعلوم أن المنتديات الاجتماعية تستثني حسب ميثاق بورتو أليغري من نشاطاتها الأحزاب السياسية و ذلك حرصا منها على استقلالها و لا يشارك في نشاطاتها سوى ممثلو الجمعيات المستقلة و النقابات و الأشخاص مهما كانت انتماءاتهم السياسية أو الإيديولوجية أو الدينية أو غيرها..و لا يوحدهم سوى ميثاق بورتو أليغري المنادي بعولمة جديدة في صالح الإنسان تتناقض مع العولمة النيو ليبرالية. و هذا لا يمنع طبعا مناضلي الأحزاب بالمشاركة في ديناميكية المنتدى الإجتماعي كمناضلين للحركة الاجتماعية و ليس كممثلين لأحزابهم. و انطلاقا من مبادئه في النضال ضد الانعكاسات الاجتماعية السلبية للعولمة و مناهضة غلاة الليبرالية و النضال من أجل العدالة الاجتماعية فقد حيا الحزب الديمقراطي التقدمي في بياناته مثل بيان 1 ماي 2004 و بيان المجلس الوطني في فيفري 2005 هذه الديناميكية و شجعها أملا أن تكون رافعة إضافية للنضال الاجتماعي إلى جانب اتحاد الشغل و المنظمات المهنية و الأهلية. إضافة إلى ذلك فإن العديد من مناضلي الحزب منخرطون في هذه الدينامكية منذ البداية و يسعون إلى تطويرها مع احترام ديناميكيتها الداخلية رافضين كل توضيف حزبي أو خطي لهذه النشاطات التي من الضروري أن تبقى نشاطات واسعة توحد أوسع ما أمكن من الطاقات ضد الرأسمالية

 

موقع الحزب الديمقراطي التقدمي: ما هي الأفاق المنتظرة بعد هذه الجلسة العامة التأسيسية؟

 

عبد المجيد المسلمي: كل المؤشرات تفيد قبل ما يقارب 24 ساعة على نجاح كبير للجلسة العامة التي من المنتظر أن تمثل حدثا سياسيا و اجتماعيا متميزا باعتبارها تظاهرة ضخمة مستقلة عن السلطة و تجند أوسع طيف مواطني citoyen و نسيج جمعياتي مناهض للنتائج الكارثية للعولمة و التي يكتوي بنارها التونسيون و التونسيات الذين يعانون من التفاوت الاجتماعي و نتائج الخصخصة و تسريح العمال و نزيف القدرة الشرائية و التفريط في القطاع العام و تدهور الخدمات الإجتماعية…. و بالتالي فإنها رافد إضافي من روافد النضال السياسي و الاجتماعي التي من الضروري أن تتظافر و تتعدد و تتكاتف من أجل حلحلة الأوضاع في اتجاه الديمقراطية و العدالة الاجتماعية.

 

و من المنتظر أن تحدد الجلسة العامة المنعقدة يوم 22 و 23 أفريل موعد و مكان انعقاد الدورة الأولى للمنتدى الإجتماعي التونسي الذي قد يكون في غضون هذه السنة و الذي سيشكل حدثا هاما بامتياز سواء من حيث كثافة الحضور أو من حيث القضايا التي سيطرحها. كما ستحدد الجلسة العامة هيئة فنية comité de pilotage تسهر على الإعداد الفني لهذه التظاهرة.

 

(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 22 أفريل 2006)  

 


 

 

المنتدى الاجتماعي التونسي فضاء رحب للحوار والنضال

عبد المجيد المسلمي – عبد الرحمان الهذيلي

 

تقديم: هذا النص تمت صياغته في شهر فيفري 2005 على إثر الندوة التي نظمها الاتحاد الجهوي للشغل بالمهدية حول المنتدى الاجتماعي التونسي: كيف و لماذا. و نظرا لراهنية هذا الموضوع عشية انعقاد الجلسة العامة التأسيسية للمنتدى الاجتماعي التونسي نعيد نشر هذا المقال.

 

بدعوة من الاتحاد الجهوي للشغل بالمهدية، التقى يوم الأحد 20 فيفري 2005 ما يقارب المائة من المناضلات و المناضلين ليتحاوروا في إطار ندوة عنوانها: المنتدى الاجتماعي التونسي: لماذا و كيف. و علاوة على الضيوف الذين قدموا من فرنسا و المغرب، حضر أشغال الندوة قياديون بارزون من المكتب التنفيذي للاتحاد العم التونسي للشغل و من هياكله الجهوية و القطاعية و أعضاء من الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و عضوات من الهيئة المديرة لجمعية النساء الديمقراطيات و مناضلات و مناضلون من مختلف المشارب (نقابيون، حقوقيون، نشطاء جمعيات و أحزاب، مستقلون…) جمعتهم العزيمة على المضي قدما من اجل تأسيس المنتدى الاجتماعي التونسي، و الانخراط في هذه الديناميكية التي عمت العديد من أرجاء العالم

 

الانطلاقة كانت من بورتو اليغري

 

في شهر فيفري سنة 2000، زار وفد برازيلي من منظمات غير حكومية مدينة باريس و التقوا برنار كاسان رئيس جمعية أتاك Attac المناهضة للعولمة و عرضوا عليه فكرة تنظيم منتدى عالمي مناهض لمنتدى دافوس الذي يجتمع فيه خلال شهر جانفي من كل سنة كبار الرأسماليين في العالم. و قد تم الاتفاق على تنظيمه في مدينة بورتو اليغري البرازيلية باعتبار أن هذا البلد يمثل التجسيد الأمثل للنتائج الوخيمة لإملاءات صندوق النقد الدولي و باعتبار خصوصية تجربة التسيير الذاتي التي تعيشها المجالس البلدية في تلك المدينة. و هكذا انتظم المنتدى الاجتماعي العالمي الأول في شهر جانفي 2001 في بورتو أليغري كنقيض و تحدي لمنتدى كبار الرأسماليين الذي كان ينعقد في دافوس في نفس تلك الفترة، و شهد في دورته الأولى التأسيسية نجاحا كبيرا و شارك فيه ما يقارب 10 ألاف شخص. لقد كان تنظيم هذا المنتدى الأول حلقة جديدة لنضالات عارمة خاضتها جماهير شعبية في مختلف أنحاء العالم ضد نتائج العولمة الرأسمالية منذ بداية التسعينات و بصورة خاصة: ملتقى الحركات المعادية للنيوليبرالية الذي انتظم بالشياباس بالمكسيك سنة 1994 لمساندة الثورة الزاباتية ، اللقاءات الدولية التي نظمتها جمعية أتاك بباريس سنة 1999 ، المظاهرات العارمة في سياتل سنة 1999 ضد اجتماع المنظمة العالمية للتجارة…..وصولا إلى المنتدى الاجتماعي العالمي الأول الذي يمكن اعتباره تتويجا و نقطة التقاء و موعدا جمع كل الحركات المناهضة للعولمة الليبرالية في العالم. و منذ ذلك الحين عرف العالم نمطا جديدا من أشكال النضال أصبح يعرف بالمنتدى الاجتماعي. فتوالى انعقاد المنتدى الاجتماعي العالمي كل سنة و في شهر جانفي في مدينة بورتو اليغري بالبرازيل في نفس الفترة التي يعقد فيها منتدى دافوس(باستثناء سنة 2004 حيث تم عقده في مدينة بومباي بالهند) كما تم تنظيم المنتدى الأوروبي الأول في فلورنس بإيطاليا سنة 2002 ثم في باريس سنة 2003 و في لندن سنة 2004 ، و المنتدى الإجتماعي المتوسطي في برشلونة سنة 2004 و منتدى هيدار أباد بالهند و المنتدى الإقريقي الأول بباماكو و الثاني بأديس أبيا و أخيرا في لوزاكا بزمبيا كما تم تنظيم المنتدى الإجتماعي المغربي بمدينة بوزنيقة في ديسمبر 2002.

 

ومن المهم التذكير بأن الحركة المناهضة للعولمة قد نمت و تطورت خارج الأطر الرسمية للنقابات و للأحزاب اليسارية بمختلف تلويناتها( شيوعية، اشتراكية ديموقراطية، أقصى اليسار). فمن جهة، أضعفت الهجمة الليبرالية التي وصلت ذروة انتصارها على إثر سقوط حائط برلين تلك الأحزاب و النقابات التي استسلمت قطاعات منها للقدر الليبرالي و كأنه قضاء لا مرد له. من جهة أخرى لم يكن بإمكان تلك الأحزاب و النقابات المهيكلة بطريقة عمودية أن تستوعب ذلك الكم الهائل و الغير متجانس من الجمعيات و المنظمات و الأشخاص الذين يشتركون في النضال ضد العولمة الليبرالية و الذين يرفضون التنظم في الأطر الكلاسيكية. لقد اكتفت الحركة المناهضة للعولمة في البداية بالتشهير و الاحتجاج ضد السياسات الرأسمالية. و لكن تبين بعد ذلك ضرورة أن تقدم هذه الحركة بديلا عن العولمة اليبرالية، لذلك تبنى المنتدى الإجتماعي العالمي في بورتو اليغري في جانفي 2001 شعار العولمة البديلةaltermondialisation كأفق جديد للحركة و طرح شعار من أجل عالم أفضل كنقيض لشعار الرأسمالية: ليس هنالك خيار أخر.

 

شكل تنظيمي جديد: منبر المنابر

 

إن الطرق التنظيمية للمنتدى الاجتماعي تختلف بصورة جذرية عن الطرق السائدة في المنظمات الكلاسيكية. فلا هو حزب أو جمعية جديدة و لا هو جبهة أو تجمع لجمعيات و أحزاب و نقابات و لا هو هيكل تنسيق بينها. ليس للمنتدى الاجتماعي هيكل قيادي قار و دائم و لا يصدر لوائح أو توصيات ملزمة و ليس له ناطق رسمي باسمه و لا مقر و لا من يمثله في أي مكان ما. و تتم الدعوة للمنتدى الاجتماعي مهما كان نطاقه الجغرافي إقليميا أو قطريا أو قاريا عبر أحد المبادرين الذي يمكن أن يكون شخصا أو مجموعة أو جمعية. و تنشر الدعوة عادة على الانترنيت و يتفاعل معها الأشخاص أو الجمعيات أو النقابات ليشكلوا قائمة مشاركين في المنتدى الاجتماعي مفتوحة دائما و غير نهائية. ليس هنالك أي أولوية للمبادرين و يعتبر جميع المنخرطين بالقائمة سواسية. و يتنادى المشاركون إلى جلسة عامة مفتوحة تمثل سلطة القرار الوحيدة للمنتدى الاجتماعي. تشارك في الجلسة العامة كل المنظمات و الجمعيات و الأفراد المناهضون للعولمة الليبرالية دون إقصاء أو تمييز على قاعدة الالتزام بميثاق بورتو اليغري الصادر سنة 2001 و الذي يمثل الأرضية المشتركة للجميع. و تستثنى من المشاركة في المنتدى الاجتماعي الأحزاب السياسية بصفتها تلك و المنظمات المسلحة و العنيفة و المنظمات اليمينية المتطرفة. كل الجمعيات و المنظمات و الأفراد سواسية في الجلسة العامة مهما كان حجمها و عدد منخرطيها و كل حاضر في الجلسة العامة يساوي صوتا واحدا مهما كانت الجمعية التي يمثلها. تشتغل الجلسة العامة بالنظام التوافقي و لا تخضع لنظام الأقلية و الأغلبية و تشكل إذا اقتضى الأمر لجانا ذات طابع تقني مفتوحة للعموم و علنية و لا تنشر أسماء المشاركين فيها و لا تصدر بيانات أو لوائح و تهتم بالإعداد المادي للمنتدى الإجتماعي: الضيوف، الإقامة، الفضاءات، الإعلام، المالية….تقرر الجلسة العامة موعد انعقاد المنتدى الإجتماعي و مكانه و توجه دعوة مفتوحة و علنية للجميع قوميا و عالميا دون استثناء أو إقصاء عبر وسائل الإعلام و بصورة خاصة الانترنيت.

 

و يمثل المنتدى الاجتماعي عند التئامه في مكان معين و خلال فترة زمنية معينة منبرا ضخما يلتقي فيه مئات أو آلاف المناهضين للعولمة الليبرالية و يكون فرصة للنقاش و التداول الحر و تبادل الخبرات و التعريف بالتجارب الخصوصية للبلدان و القطاعات و الفئات الاجتماعية المتنوعة. و ينتظم المنتدى الاجتماعي في شكل جلسات عامة و ندوات و ورشات و يشارك في النقاش الجمهور الحاضر و تتناول مجمل القضايا التي تهم المواطنين في ذلك البلد أو الإقليم و بصورة خاصة الحقوق الأساسية مثل حق الشغل و الحق في التعليم و الحق في الصحة و التغطية الاجتماعية و القضايا السياسية مثل الحريات و الإعلام و الهجرة و حقوق النساء و حقوق الأطفال و حقوق الفئات ذات الحاجيات الخصوصية مثل المتقاعدين و المكفوفين و القاصرين عن الحركة العضوية و المهمشين و قضايا البيئة و العنصرية و الحرب و الاستعمار…..إن هذا المنبر الضخم يؤدي دورا أساسيا في تعميق الحوار و التداول الحر و النقاش حول أهم المواضيع التي تهم المواطنات و المواطنين بين جمعيات و منظمات و أفراد من مشارب و تيارات متعددة و ربما متناقضة دون إقصاء. كما انه يساهم في التفكير المشترك من أجل استنباط أجوبة بديلة على القضايا التي تطرحها العولمة الرأسمالية واستخلاص شعارات حركية و محاور نضالية للحركات النقابية والحركة الإجتماعية بصورة عامة. من جهة أخرى يؤدي المنتدى الاجتماعي دورا تعبويا هاما. فهو يمثل فرصة لتجميع اكثر عدد ممكن من المواطنات و المواطنين في فضاء واحد و في فترة زمنية محددة ليعبروا عن رفضهم لخيارات الليبرالية و ليضغطوا على صناع القرار.

 

إن للمنتدى الإجتماعي ميزتين جعلت منه فضاء يلتقي فيه عشرات الألاف من الناس: إنه فضاء مفتوح للجميع مهما كانت مهنتهم أو أفكارهم أو دينهم أو جنسيتهم يتناقض مع الفضاءات المغلقة التي تمثلها المنظمات الكلاسيكية. و الميزة الثانية انه فضاء أفقي لا تتحكم فيه هيئة أركان أو قيادة. لذلك يمكن اعتباره حركة الحركات و منبر المنابر أو حتى منبر من لا منبر له.

 

إن المنتدى الإجتماعي لا يعوض الأحزاب السياسية و لا المنظمات النقابية و لا الجمعيات المدنية و لا يعارضها بل يدعمها و يغذيها عبر الحركية النضالية و صراع الأفكار و التداول الحر حول أمهات القضايا التي تشغل بال الإنسانية. لذلك اعتبره البعض مخبرا للأفكار و التصورات البديلة.

 

من نداء المنستير إلى نداء المهدية

 

لقد شكلت ندوة المنستير في 11 و 12 أكتوبر 2003 حول الكلفة الاجتماعية للعولمة و التي دعت لها فروع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسوسة و المنستير و المهدية و القيروان محطة هامة. فلقد أصدرت تلك الندوة التي شارك فيها جمع كبير من الإطارات النقابية و المناضلين الحقوقيين و مناضلي الأحزاب و الجمعيات نداء من أجل منتدى اجتماعي تونسي. و الحقيقة أن ذلك النداء لم يأت من فراغ. فلقد مثلت النضالات التي خاضها العمال ضد ظاهرة غلق المؤسسات و انخراط العديد من المناضلين الحقوقيين و نشطاء الجمعيات و الأحزاب جنا إلى جنب مع العمال و الهياكل النقابية في عديد المحطات ( إيكاب، صوطابكس، هوتريفا…) الأرضية الخصبة التي نمت فيه فكرة المنتدى الإجتماعي في بلادنا. وقد جاءت ندوة المهدية التي دعا إليها الإتحاد الجهوي للشغل بالمهدية و التي حضرها مناضلو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و العديد من النشطاء كحلقة جديدة في هذه المسيرة. فلقد دعا المشاركون إلى ضرورة عقد الدورة الأولى للمنتدى الاجتماعي في غضون سنة 2005 و قدموا توصيات عملية على طريق إنجازه( لجنة متابعة مفتوحة، جلسة عامة في شهر أفريل) و اقترحوا جملة من المواضيع التي قد تشكل محاور المنتدى الاجتماعي التونسي ( البطالة، الصحة، التعليم، البيئة، الحريات، الأوضاع في فلسطين و العراق….). و بين ندوة المنستير و ندوة المهدية كان هنالك نشاط كبير حيث تم عقد العديد من الندوات في فروع الرابطة في الجهات و الإتحادات الجهوية للشغل حول المنتدى الاجتماعي التونسي. و بالإضافة للدور الأساسي للإتحاد العام التونسي للشغل و الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، كانت جمعية النساء الديمقراطيات حاضرة بصورة كبيرة في هذه المسيرة بالإضافة إلى عديد الجمعيات و الفعاليات و الأفراد. و المسؤولية ملقاة اليوم على عاتق الجميع من أجل مواصلة المسيرة و تأسيس المنتدى الاجتماعي التونسي. ففي ذلك كسب كبير للجماهير الشعبية في بلادنا.

 

عبد المجيد المسلمي

عبد الرحمان الهذيلي

 

27 فيفري 2005

 

(المصدر: نشر على موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 22 أفريل 2006)  

 


 

العلوي اعتبر «الحكم الذاتي للصحراء» خطوة لتعزيز الاستقرار …

عفو ملكي عن «الصحراويين» المعتقلين في المغرب

الرباط – محمد الأشهب    

 

قرر العاهل المغربي الملك محمد السادس الافراج عن جميع الصحراويين المعتقلين في سجون المملكة. وقال مصدر رسمي ان «الملك عفا عن جميع المعتقلين الصحراويين وعمليات الافراج بدأت السبت»، موضحا ان عدد المعتقلين يبلغ 48 وهم سجناء رأي او حق عام واحتجزوا في سجون مختلفة في انحاء البلاد.

 

وصدر العفو بناء على طلب المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، الذي شكله العاهل المغربي خلال زيارته الاخيرة الى العيون، كبرى مدن الصحراء الغربية، في نهاية آذار (مارس).

 

وقال مدير سجن العيون مصطفى رافعي ان 27 شخصا على الاقل سيتم الافراج عنهم من هذا السجن. وسيصل عدد الصحراويين الذين افرج عنهم حتى الآن الى حوالي 700 شخص.

 

من جهته دعا زعيم حزب «التقدم والاشتراكية» اسماعيل العلوي الأحزاب المغاربية الى تشكيل «جبهة سياسية قوية تحمل مشروعاً ديموقراطياً شاملاً في كنف الوحدة المغاربية بهدف دفع التنمية والاستقرار».

 

وقال زعيم الفصيل السياسي المشارك في الحكومة أمام المؤتمر الوطني السابع لحزبه، إن منح اقليم الصحراء حكماً ذاتياً موسعاً «يُعزز الاستقرار في المنطقة ويفتح آفاقاً واعدة أمام الاندماج المغاربي».

 

ورأى رئيس المجلس الاستشاري لشؤون الصحراء خلي هنا ولد الرشيد أن التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان «اعتبر مشروع الوسيط الدولي السابق جيمس بيكر، الذي لم يراع شروط كل الأطراف»، في اشارة الى جمعه بين الحكم الذاتي الانتقالي والاستفتاء. وقال إن مضمون التقرير أكد استحالة تنظيم الاستفتاء بسبب «عدم نجاعته»، وشرح ذلك بأن الأمم المتحدة حددت هوية الصحراويين المؤهلين للاقتراع «لكنها لم تحدد المجال الترابي لولاية جديدة».

 

وقال العلوي أمام المؤتمرين إن العبرة من التحالفات «ليس التضخيم المصطنع وذوبان مناضلي هذا الحزب في آخر، أو ابتلاع هذا التنظيم لذاك، إنما بناء قطب يساري موحد».

 

ورأى أن التمسك بالتحالف القائم ضمن الكتلة الديموقراطية بين حزبه و «الاتحاد الاشتراكي» و «الاستقلال» له ما يبرره لـ «الوصول بالانتقال الديموقراطي الى مداه»، غير أنه شدد القول على ان أي دستور بحاجة الى «مراجعة بنيته المؤسساتية»، وأن المغرب اليوم «بحاجة الى دستور يعكس تطابق الرؤى الديموقراطية والإعلامية بين الملك محمد السادس والحركة الديموقراطية التقدمية». وحض جبهة «بوليساريو» على عدم تفويت الفرصة، ودعا الجزائر كذلك، باعتبارها دولة جارة وشقيقة، ان «تبذل قصارى جهدها لحض اخواننا المقيمين في تيندوف، خصوصاً قياديي بوليساريو للدخول في مفاوضات لحل المشكل وفق صيغة لا غالب ولا مغلوب».

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 23 أفريل 2006)

 


 

البنوك تمتنع عن تحويل الاموال الى حكومة حماس

 

رام الله (رويترز) – قال دبلوماسيون غربيون ومسؤولون فلسطينيون يوم السبت ان البنوك الاقليمية والدولية تمتنع تحت ضغوط امريكية عن تحويل الاموال من المانحين الى السلطة الفلسطينية التي تقودها حركة المقاومة الاسلامية حماس.

 

ويقول مسؤولون أمريكيون ان ادارة الرئيس جورج بوش قد تتخذ اجراء ضد المؤسسات المالية التي تساعد في تقديم أموال أو خدمات بشكل مباشر الى الحكومة الجديدة. ولان الولايات المتحدة تعتبر حماس منظمة « ارهابية » فان مثل هذه التصرفات يمكن ان تعتبر خرقا للقانون الامريكي.

 

 

وتقود واشنطن حملة مع اسرائيل لعزل حماس التي فازت بالانتخابات في يناير كانون الثاني وسيطرت على السلطة الفلسطينية في اواخر الشهر الماضي.

 

ويمتنع المسؤولون الامريكيون عن مناقشة اي اتصالات محددة مع البنوك فيما يتعلق بالجماعة الاسلامية التي يدعو ميثاقها الى القضاء على اسرائيل.

 

ولكن بدون التعليق بشكل محدد على اي بنوك امريكية او غربية قالت المتحدثة باسم وزارة الخزانة الامريكية مولي ميلر وايس « في حال قيام منظمة او فرد بتسهيل جمع الاموال بشكل مباشر لحماس فانها تعرض نفسها لاجراء من جانب الولايات المتحدة. »

 

وقال نبيل عمرو المستشار البارز للرئيس الفلسطيني محمود عباس ان « هناك تحذيرات للبنوك من اجل عدم التعامل مع الاموال القادمة الى الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية. »

 

وتعتمد البنوك في المنطقة بشكل مكثف على مؤسسات « المراسلة » المالية في الولايات المتحدة لاجراء التعاملات اليومية.

 

وقال مسؤولون فلسطينيون ان هذه البنوك الاقليمية تشعر بالقلق من ان تمارس واشنطن ضغوطا على بنوك وول ستريت لقطع علاقات المراسلة هذه اذا ساعدوا في نقل اموال الى السلطة الفلسطينية.

 

وتشمل هذه البنوك الامريكية جيه.بي.مورجان وسيتي بنك وبنك نيويورك وامريكان اكسبريس وغيرها.

 

ووجهت حماس التي يرفض الغرب التعامل معها وتتزايد ازمتها المالية نداءات عاجلة في الايام الاخيرة الى ايران ومانحين عرب لايداع اموال في حسابات بنكية في مصر. ولم تدفع الحكومة بالفعل رواتب العاملين بالحكومة البالغ عددهم 165 الف شخص ومضى على موعد دفعها ثلاثة اسابيع.

 

واضاف عمرو ان المشكلة هي ادخال الاموال الى الضفة الغربية وغزة من مصر. وتبرعت قطر بمبلغ 50 مليون دولار ووعدت ايران بتقديم 50 مليون دولار على الاقل.

 

واحد الحسابات المصرية انشأته الجامعة العربية في بنك مصر الدولي الذي سيطر عليه بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي في العام الماضي.

 

وقال منظم تعاملات بنكية فلسطيني ان « من الطبيعي (بالنسبة للبنوك) التفكير مليا لان (التعاملات مع حماس) ستخلق صعوبات لهم في اجراء مهام معينة. »

 

ويقول مسؤولون في حماس ان الولايات المتحدة اطلقت شرارة الازمة المالية بضغطها على البنك العربي ومقره في عمان لتجميد الحساب الرئيسي للسلطة الفلسطينية.

 

وقال مسؤول فلسطيني ان البنك العربي رفض مؤخرا تحويل 50 مليون دولار من قطر.

 

واضاف المسؤول ان حماس تعتزم استخدام الاموال لدفع 2000 شيقل (435 دولارا) لكل موظف من صغار الموظفين لمساعدتهم في تدبير معيشتهم لانه من غير الممكن دفع المرتبات بالكامل.

 

واقتفت البنوك المحلية والاقليمية اثر البنك العربي وامتنعت عن التعامل مع الحكومة الجديدة خشية التعرض لعقوبات وملاحقات امريكية.

 

وبعد اعتبار حماس كيانا « ارهابيا عالميا محددا بشكل خاص » في عام 2001 اعطى الرئيس الامريكي جورج بوش لوزارة الخزانة صلاحيات لفرض عقوبات مالية على الكيانات والافراد « التي تؤيد » جماعة النشطاء الاسلامية.

 

وبموجب القانون الامريكي فان اي بنك اجنبي يرفض التعاون مع الولايات المتحدة في قطع التمويل لحماس يمكن ان يتم تجميد اصوله الامريكية ويمنع من الوصول الى الاسواق المالية الامريكية.

 

كما يمكن اعتبار البنوك الامريكية التي تقيم علاقات « مراسلة » مع بنوك اجنبية محظورة منتهكة للقانون الامريكي.

 

من ادم انتوس

 

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 23 أفريل 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)  

 

قمة واشنطن بين المصالح الاقتصادية و المخاوف الاستراتيجية

توفيق المديني (*)      

 

زيارة الرئيس الصيني هو جينتاو الأسبوع الماضي زيارة الرئيس الصيني هو جينتاو الأسبوع الماضي للولايات المتحدة هي الأولى له منذ وصوله إلى السلطة عام 2003، وهي تأتي في ظل تصاعد الأزمة النووية الإيرانية وما يرافقها من ارتفاع قياسي لأسعار النفط ، إضافة إلى الخلافات والتوترات، التقليدية والناشبة، في العلاقات الأميركية – الصينية التي تتأرجح بين المصالح الاقتصادية الكبيرة المتبادلة والمخاوف الاستراتيجية المستمرة.

 

الصين في منظور الاستراتيجيين الأمريكيين تشكل التحدي الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية في القرن الواحد و العشرين .فبعد أن اضطرت أمريكا في النصف الثاني من القرن العشرين مواجهة منافسين  في المجال الاقتصادي (اليابان و ألمانيا و غيرهما )، و مواجهة أعداء في المجال السياسي العسكري (الاتحاد السوفياتي السابق ) ، ها هي اليوم تواجه الصين  كقوة عظمى صاعدة في القرن الحادي و العشرين ، سوف تحوز القوتين  السياسية- العسكرية والاقتصادية في آن معا.

 

وتهدف قمة واشنطن بين الزعيمين بوش و هو جينتاو    إلى « تنظيم » التنافس الأميركي – الصيني على الساحة الدولية، في ضوء اصطدام الطموحات السياسية والاقتصادية للدولتين لاسيما ً في منطقة الشرق الاوسط والخليج.فالصين و روسيا  هما العضوان دائمي العضوية في مجلس الأمن و يتمتعان بحق النقض(الفيتو)لا تزالان  ترفضان فرض عقوبات على طهران.وكانت بكين تتموقع خلف موسكو بشأن الملف النووي الإيراني ، دفاعا عن مصالحها الاقتصادية في إيران. ذلك أن قسطاً أساسًا من قوة الموقف الايراني يعود الى الموقفين الروسي والصيني. فإلى وقت قريب بدت روسيا و الصين على غير اتفاق مع اوروبا والولايات المتحدة فيمايخص البرنامج النووي الإيراني. ويعود تميزهما هذا إلى أسباب تخص كل منهما على حدة، لكنها مرتبطة في كل الأحوال بعلاقات التبادل مع إيران.

 

فالصين على تعاون مع إيران منذ فترة طويلة، وخصوصا في ميدان الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، وهناك آفاق واسعة للعلاقات الثنائية في المستقبل القريب، في ظل حاجة إيران للخبرات الصينية في تشييد البنية التحتية. ثم إن حيازة إيران للسلاح النووي لايزعج الصين، مثلما هو الأمر لروسيا.ولم تقدم الديبلوماسية الصينية  على أي خطوة من شأنها  تعكير صفو العلاقة و الصداقة مع طهران  التي وجدت أن مصدر انطلاقتها  في السنوات الأخيرة هو امتلاكها للنفط .

 

1-الانتقادات الأمريكية للصين في المجال الاقتصادي

 

و الصين  اليوم سعياً وراء امتلاك الطاقة تتوق إلى الانخراط في الرهانات الجيوبوليتيكية   أصبحت منذ عام 1993 مستوردًا صريحَا للذهب الأسود. فهي تشتري ثلث احتياجاتها من الخارج، وسوف يتجاوز هذا المعدل ليصل إلى 50% في عام 2020، و من المحتمل إلى 80 في عام 2030. ويضع هذا الأمر الصين في حالة فقدان للأمن الاستراتيجي، مادام ثلثي  هذه الاسترادات مصدرها الشرق الوسط. زد على ذلك حالة عدم الاستقرار التي تعاني منها المنطقة، النفط يصل الصين عبر الطرق البحرية أي 12000كم تفصل ما بين شنغهاي و مضيق هرمز الواقع تحت سيطرة القوات البحرية التابعة للولايات المتحدة الأمريكية.

 

هذا يعني أن الحماس الصيني  للفكاك من ربقة الحصار الأمريكي عبر  إقامة علاقات وثيقة مع دول نفطية لها حساسيتها الخاصة تجاه واشنطن، و الهدف هوفتح مزيد من نقاط  العبور إلى ممرات آسيا الوسطى التي اشتهرت بالأمان. و في هذا الصدد تقدم إيران ورقة رابحة مزدوجة. ففي عام 2004 ، وقع البلدان  اتفاقا تشتري بموجبه الصين مادتي الغاز و النفط بقيمة 70 مليار دولار، ومدة التسليم  تصل على ثلاثين عاما. ومن هذا المنطلق سوف يساهم الصينيون في  استثمار آبار يادفاران  الواقعة على مقربة من الحدود العراقية، كما تأمل بكين  أن تشارك في مشروع خط الأنابيب  مرورًا بإيران و حتى بحر قزوين، حيث يمكنها لا حقًا الاتصال مع خط الأنابيب الآخر الذي يربط كازاخستان  بالصين الغربية.

 

إن الاتفاق الأمريكي لآسيا الوسطى لا يتفق مع تلك المخططات. وهذا بدوره قد أحيا مخاوف بكين حيال الطرق القارية البديلة، يغذيه قلق الصينيين من الوقوع بين فكي كماشة من الشرق و الغرب. من هنا عملت بكين وطهران  اللتين تواجهان نفس الإستهداف لتصليب جبهتيهما في مواجهة الاندفاع الأمريكي في المنطقة.

 

هدف إيران المعلن  هو جعل الصين في رأس قائمة مسوقي النفط و الغاز الإيرانيين بدلا ًمن اليابان. وفي هذه الظروف لم يكن مستغربا معارضة الصين  لفرض عقوبات على إيران . وترى أوساط الادارة الاميركية أن الموقف الصيني ساهم في زيادة حدة التوتر في منطقة الخليج وشجع إيران على مواقفها المناوئة لموقف أمريكا والاتحاد الاوروبي، ما ساهم بدوره في رفع أسعار النفط الى مستويات قياسية، إذ بلغ سعر البرميل 75 دولارا.

 

 ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل ستواضب الصين على حماية إيران حتى ولو أدى  التحدي الإيراني الجديد إلى أزمة دولية حادة؟.في الوقت الحاضر لا تزال الصين تعارض فرض العقوبات على طهران أو الحديث عن أية إجراءات عسكرية أخرى. فالصين « لاتزال ترى أن الحل الدبلوماسي هو الحل الأنسب ».

 

لكن الانتقادات الأمريكية للصين  لا تقتصرعلى موقفها  من الأزمة النووية الايرانية،بل إن و اشنطن ترى أن بكين مقصرة في مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية على فرض إرادتها على كوريا الشمالية فيما يتعلق برنامجها النووي، ورفع مستوى  التوتر في  شرق آسيا وزيادة  المشاعر القومية المناهضة لليابان على أيدي متظاهرين صينيين احتجوا على الغطرسة اليابانية في التعامل مع جرائم الحرب العالمية الثانية و ماقبلها في منشوريا عام 1937.

 

وتنتقد الولايات المتحدة الأمريكية الصين على إقامة شبكة دولية من التحالفات مع الدول التي تصنفها واشنطن أنها معادية مثل السودان و زيمبابوي  في إفريقيا ، و فنزويلا في أمريكا اللاتينية. وقال مايكل غرين، استاذ الدراسات الصينية في جامعة جورجتاون والمسؤول السابق لشؤون الصين في مجلس الأمن القومي أن بكين « تشتري النفط في الاسواق الآجلة أينما وجدته في العالم، بما في ذلك من السودان وإيران وبورما »، بغض النظر عن الأداء السياسي لتلك الدول، « ما يشجع الأنظمة الشمولية على المضي في سياساتها ». ودعا نائب وزيرة الخارجية الأمريكي روبرت زوليك الصين إلى سياسات « أكثر مسؤولية على الساحة الدولية »، مقترحاً أن تعيد بكين النظر في موقفها من شراء النفط من بورما والسودان. ووصف علاقاتها بتلك الدول أنها ليست بريئة، ملمحاً إلى أنها جزء من استراتيجية تستهدف تقويض المصالح الاميركية.

 

لكن ما يقلق واشنطن كثيرا هو حجم الحضور الصيني القوي في إفريقيا.  

 

 في زمن الحرب الباردة حين كان الصراع الدولي محتدماً على إفريقيا بين المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، و المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتي .و عملت الصين على تقديم نفسها إلى شعوب بلدان العالم الثالث على أنها تمثل حلقة مهمة في النضال لمقاومة الاســــتعمار و الهيمنة و كنموذج لقدرة حركة تحريرية شعبية على تأكيد الهوية الوطنية والاستقلال .

 

    و فيما كان الاتحاد السوفياتي سابقا ً يقدم الدعم لحركات التحرر الوطني في القارة الإفريقية التي تناضل من أجل الاستقلال ، كانت الصين تقدم لحركات وطنية أخرى ، لا سيما في جنوب إفريقيا و زيمبابوي و مناطق إفريقية لا تتبنى الإيديولوجية السوفياتية ، و ترفض سياسة الهيمنة ، التي تعني في القاموس الصيني آنذاك ، رفض سياسة النظام الدولي ثنائي القطبية ، باعتباره نظام هيمنة ضد مصالح الشعوب النامية .

 

    في العقد الأخير من القرن العشرين ، و بعد انتقال الصين إلى ما يشبه النظام الرأسمالي في الاقتصاد و الانفتاح الكبير على العالم ، تخلت الصين عن سياسة إقامة المشروعات الكبيرة في إفريقيا ، و أصبحت تركز على العلاقات التجارية . و لذلك شهدت الصادرات الصينية إلى إفريقيا طفرة قوية في السنوات الأخيرة.فكان الحجم الإجمالي  للتجارة البينية الصينية-الإفريقية في عام 2000 حوالي 10،6 مليار دولار، و قفز في عام 2002 إلى نحو 12،39 مليار دولار، ثم بلغ 13،4 مليار دولار في عام 2003، إلا أن هذا الحجم شهد طفرة قوية  في عام 2004، إذ بلغ نحو 29،46 مليار دولار بنسبة زيادة بلغت 58،9% عن العام السابق.

 

    ويذكر أن الصين أصبحت في العام 2004 ثاني اكبر مستهلك للنفط (6.5 مليون برميل في اليوم) بعد الولايات المتحدة (20 مليون برميل في اليوم)، متجاوزة بذلك اليابان التي كانت تحتل هذا الموقع . و الحال هذه اندفع الصينيون نحو التنقيب عن النفط على طول ساحل نيجريا  بقيمة ملياري دولار . و في موريتانيا ينقبون في باطن الأرض لاكتشاف النفط .. و في السودان يديرون مصنعا ً للبتروكيمياويات .

 

    و أحيانا ً تأخذ الصين مكان الدول الغر بية بعد حصول أزمة كما هو الحال في زيمبابوي في عام 2002 عندما بادر الزعيم روبرت موغابي القيام بإصلاح زراعي شامل لإعادة توزيع الأراضي الزراعية على السود ، بعد طرد الكولون البيض منها . فعندما أقرت الدول الغربية عقوبات على نظام موغابي ، ظهر الصينيون في العاصمةهاراري و معهم المشاريع المتعددة . وبعد أربع سنوات :النتائج تتحدث على نفسها ،الصينيون متواجدون في قطاعات المناجم والنقل وإنتاج و توزيع الكهرباء و الاتصالات . و تجسيدا ً لهذه العلاقات فقد تم إقامة خط جوي مباشر بين العاصمتين .

 

    في أثيوبيا ، السيناريو مشابه.فبعد نهاية  الحرب بين أثيوبيا و إريتريا في عام 1990 ، فرّ الانكلوساكسونيين من البلاد، وحلّ الصينيون محلهم . و كانت النتيجة تقديم قروض ، وإرساء  تعاون . و احتلت الصين مركزا ً مهما ً في اقتصاد أثيوبيا ، سواء في صناعة الأدوية ، أو التنقيب عن النفط ، أو بناء الاتوتسترادات .و فرضت الشركات الصينية نفسهافي أديس أبابا ،إذ تم بناء أكبر سفارة صينية في القارة الإفريقية .

 

    الصين تريد أن تنقب عن النفط الإفريقي من الغابون إلى موريتانيا مرورا ً بأنغولا  ونيجيريا لتغذية نموها الاقتصاد ي. و منذ سنوات أصبحت الصين المستورد الأول للنفط السوداني ، والأمر عينه للنفط الأنغولي . و تستورد الصين ما يقارب 30% من حاجياتها النفطية من إفريقيا و هذا ما يجعلها ربما في تصادم مع مصالح الولايات المتحدة الأمريكية ، التي تريد أيضا ً تقليص تبعيتها من  الطاقة إزاء نفط الشرق الأوسط ، و التي أصبحت ترى في النفط الإفريقي بديلا ً عنه ، لاسيما نفط نيجيريا و أنغولا مرورا ً بغينيا الاستوائية و هي مناطق إستراتيجية غنية  بالنفط .

 

الحضور الصيني أصبح مقلقا ً للقوى الغربية ، لأنه لم يعد مقتصراً على شراء المواد الأولية أو التزود بالنفط  ، بل إن الشركات الصينية  دخلت حلبة المنافسة الدولية مع الشركات الغربية ، سواء تعلق الأمر بالمواد الطبية و الأدوية أو بالاتصالات . و بدأت تفوز بعروض قوية فشركة الاتصالات للهاتف الجوال في  زيمبابوي فضلت شركة صينية على شركة غربية .

 

لكن الانتقادات الأمريكية لا تقف عند هذا الحد، فالصين التي كانت تعتبر بلدا ناميا ـ تحولت  بفضل سياسة التحديث التي قادها دينغ شياو بينغ قبل ثلاثة عقود إلى عملاق اقتصادي ـ وتلقب بمصنع العالم-، و تتحول الآن وبسرعة من بلد مصدر للسلع الرخيصة إلى عملاق استهلاكي يستورد كل شيء، من الطاقة و خامات المعادن، حتى أجهزة التلفزيون والكومبيوترالذي تتضاعف مبيعاته فيها كل ثلاث سنوات.فالصين تحتل المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة و اليابان في استهلاك السلع الكمالية و السيارات التي بلغت مبيعاتها في العام الماضي 5 ملايين سيارة، و هي الآن أكبر  سوق في العالم للهاتف الجوال ، إذ يبلغ  عدد مستخدميه 377 مليونا.

 

وتمثل الصين –الآن – القوة الاقتصادية الرابعة عالميا، حيث تنتج ما نسبته 4% من إجمالي الناتج العالمي، أي نحو سبع الاقتصاد الأمريكي و ثلث الاقتصاد الياباني. لكن في حال استمرارمعدلات النمو الاقتصادية  الحالية في الصين 10،2%خلال الثلاثة الأشهر الأولى من عام 2006، فإن حجم الاقتصاد الصيني سوف يساوي نظيره الأمريكي بحلول عام 2020، لا سيما في ظل العجز الهائل في الميزانية الأمريكية الذي وصل إلى 450 مليار دولار، و في ظل العجز الهائل في الميزان التجاري بين الولايات المتحدة و الصين ، الذي بلغ 202 مليار دولار خلال عام 2005 لمصلحة الصين.

 

وتمارس الولايات المتحدة الأمريكية ضغوطات قوية على الصين ، لكي تقوم السلطات الصينية بتخفيض قيمة عملتها لتصحيح الاختلالات في المبادلات التجارية ، و لأن إبقاء الصين عملتها المحلية (اليوان ) دون  مستواها الحقيقي مقارنة بالدولار الأمريكي يهدد الغرب عامة بأزمة اقتصادية حادة.و تتهم واشنطن بكين أنها سبب البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية ، لاسيما البطالة التي تضرب قطاع عمال النسيج ، جراء انخفاض أسعار الصادرات  الصينية من المنسوجات إلى السوق الأمريكية و الأوروبية.و من ناحيته اعتبر الرئيس الصيني  أن المستهلكين الأمريكيين  استفادوا بشكل واسع من استيراد السلع الصينية المنخفضة الأسعار. وحسب احصائيات بنك مورغن ستانلي الأمريكي : »فإن السلع الصينية ذات الجودة العالية والمنخفضة أسعارها مكنت المستهلكين الأمريكيين من ادخار ما قيمته 100 مليار دولار، كما أن التجارة مع الصين سمحت بخلق أكثر من 4 ملايين فرصة عمل في الولايات المتحدة الأمريكية ».

 

لقد جاء الرئيس جينتاو إلى واشنطن تعلوه رغبة في تهدئة قلق الأمريكيين ، و تمرير فكرة  أن التأثير المتنامي للصين هو مفيد أ وهو بعيد كل البعد من أن يشكل تهديدا للولايات المتحدة الأمريكية .فقبل الزيارة لواشنطن  سمح الرئيس الصيني برفع الحظر عن بيع لحوم البقر  الأمريكي، بعد أن اتخذت الصين قرارا بحظره عقب ظهور مرض جنون البقر.كما وقعت الصين مئات العقود  مع الشركات الأمريكية ، لا سيما شركة مايكروسوفت لصاحبها بيل غيتس، بقيمة 10 مليارات دولار، وتعهدت بمكافحة القرصنة . كما كرر الرئيس الصيني عندما زار مقر شركة بوينغ ، تفضيله لخيار شراء 80 طائرة بوينغ بقيمة 5 ملياراد دولار.

 

2-كيف تنظر واشنطن إلى التحدي الصيني ؟

 

الإدارة الأمريكية ليست مستعدة  للقبول « بشراكة استراتيجية  » مع الصين، حسب قول مايكل غرين ، الذي كان حتى شهر كانون الأول /ديسمبر 2005 ، المكلف بالصين في إطار مجلس الأمن القومي.بكل تأكيد تتقبل الولايات المتحدة الأمريكية  بارتياح نية بكين التركيز على « التنمية السلمية « .بيد أن المخاوف الأمريكية  تتمحور على الزيادة الهائلة في الإنفاق العسكري الصيني على التسلح الذي بلغ 90 مليار دولار، أي ثلاثة أمثال الرقم الذي تعلنه بكين.

 

وعلى الصعيد العسكري ، ورغم أن معهد الدراسات الاستراتيجية بلندن يقدر حجم الإنفاق العسكري الصيني بنحو 62،5 مليار دولار سنويا، أي مايقل عن 15% من الإنفاق العسكري الأمريكي (400 مليار دولار سنويا) ،فإن الصين تمتلك أسلحة وصواريخ نووية قادرة على تهديد الأراضي الأمريكية. وقد يكون لافتا في هذا السياق ماذكره الجنرال جوشينج، و هو أستاذ في الجامعة الوطنية للدفاع  في الصين، في منتصف تموز 2005 حول امكانية استخدام بلاده الأسلحة النووية ضد الولايات المتحدة الأمريكية في حالة تعرضها لهجوم أمريكي خلال أي صراع مع تايوان.

 

وكان دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي ألقى بقنبلة دبلوماسية خلال مشاركته في مؤتمر عن الأمن الآسيوي بسنغافورة (4 حزيران 2005) ، حين اتهم الصين  أنها تجاوزت الحدود في الحصول على أسلحة حديثة( لا سيما من روسيا)، و زيادة الإنفاق على الدفاع. و قال إن هذا الإنفاق يهدد التوازن الأمني الدقيق في آسيا، لا سيما الإنفاق على إنتاج الصواريخ  والتكنولوجيا المتطورة لأنه يهدد تايوان و المصالح الأمريكية في آسيا. و تساءل رامسفيلد عن دوافع  زيادة الإنفاق العسكري  في وقت لا تواجه فيه الصين  أي تهديد  خارجي. وهدد أنه إذا لم تنفتح  الصين و تفتح  مجتمعها فسوف تنمي  الولايات المتحدة الأمريكية  علاقاتها مع الهند(وهذا ماقام به الرئيس بوش في زيارته الأخيرة للهند عندما وقع الاتفاق النووي التاريخي معها)، بينما ستضعف علاقاتها مع الصين.

 

الولايات المتحدة الأمريكية تطالب الصين أن تكون دولة شفافة  في موضوع تعزيز قدرات جيشها ، و في مجال حماية الملكية الفكرية ، و احترام دولة القانون،و السماح بالمزيد من الحريات الاجتماعية و السياسية و الدينية في الصين ، و اتخاذ من تايوان نموذجا للديمقراطية ، رغم علمها  أن الصين  تحلم باستعادة تلك الجزيرة « المتمردة » إلى أحضان القارة الأم.

 

و يتساءل المحللون الاستراتيجيون في العالم الغربي أي علاقات يمكن أن تقيمها الولايات المتحدة الأمريكية لتبديد مخاوفها الاستراتيجية؟

 

رغم أن الصين كدولة قائمة  في حدودها الحالية منذ أكثر من ألفي سنة، لم يعرف عنها أنها دولة توسعية ، حتى في عهود عصرها الإمبراطوري، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل معها أنها دولة منافسة ومعادية برسم المستقبل. و لهذا ، تنتهج إزاءها استراتيجية التطويق و المحاصرة، من خلال زيادة الإنفاق العسكري الأمريكي ،و إقامة سلسلة من التحالفات  والقواعد العسكرية حول الصين ، و إثارة كل أنواع المشكلات  للصين من داخلها و حولها،  والمبادرة  إلى شن الحروب الاستباقية في محيطها الإقليمي.

 

 و يعتقد بعض المحللين أن التنافس مع الصين  هو السبب الحقيقي الذي دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى غزو العراق في مارس 2003، إذ تحتاج – لكي تحتوي الصين – إلى الانفراد  بالسيطرة على منطقة الخليج  الاستراتيجية التي تحتوي  على أكثر من ربع الاحتياط العالمي من النفط، و النفط هو المادة التي تسعى الصين إلى الحصول عليها لتغذية و تنمية قوتها الاقتصادية  الهائلة. 

 

(*) كاتب تونسي.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 23 أفريل 2006)

 


فِي وَجْهِ النَازِيّة الأَمْرِيكِيّة الجَدِيدَة؛ يَتَأَسَّّسُ التَحَالُف الشَعْبِي العَرَبِي المُقَاِوم

سُفْيَان الشُورَابِي (*) لم يعد يخفى اليوم أمام الجميع؛ نُخبة مثقفة أو جماهير غير واعية؛ وُجود حالة من انْخرام الأوضاع في جميع الميادين والمجالات. أفرزت نوعًا من اليأس النفسي ونزعة انهِزامية واسْتسْلامية بدأت تتَجذّر في بواطِن الذِّهنيّة العربية. وأصبحتْ الشخصية العربية تعتقد بأن عملية التغيير ِلوضعها المُتردي تَتنزّلُ في بوّابة المُستحيلات، وبأن قُدراتها وإِمكانياتها الذّاتية-الدّاخلية، بلغت من الإفْشال والتكلّس درجة كبيرة. وهو ما يتجلى خصوصا في انتشار اللامُبالاة وعدم الاهْتمام بالشأن السياسي، والانْغماس العفِوي في مُعترك الحياة اليومية، والقبول بِجميع المفْروضات القيميّة والاجتماعية.  غير أن هذا التوْصيف يبقى نسبي، عندما تبلغ إلى مسامعنا  نقراتُ المقاومة في فلسطين وفي العراق، وهيجان الجماهير في مصر وفي لبنان، وحركة الجمْعيات والأحْزاب في المغرب. وهوتعبير أوّلي بأن اليد الطولى للاستبداد قابلة للقطْع وللقضْم. وبان « الذبابة العربية المُواطنيّة » قادرة على قتل « الفيل الامبريالي الأمريكي ». ولا يخفى اليوم دور النكسات والهزائم التي حدثت في المنطقة، وفشل عدد من التجارب التنموية، في ترسيخ نوع من « القَابِلِيَّّة » لجميع ما يُسطر لها خلف الأبواب الموصدة للدوائر المالية العالمية والهيئات السياسية الاستعمارية. على أن  كَوامِن الرفض والتمرّد، قائمة هي الأُخرى في النفوس العربية ومتجذّرة فيها. وانتفاضات كثورة الزُطّ وثورة القرامِطة، من بنات هذا الفضاء الجُغرا-ثقافي. وتكرار القيام بها، هي حتمية تفرضها الضرورتيْن الاجتماعية والتاريخية. فلقد مثل انعقاد المؤتمر التأسيسي للتحالف الشعبي العربي المقاوم في مدينة القاهِرة من 27-29 مارس الفارط، لحظة مفْصلية وجوبيّه. لجمع شتات مكونات الحركات المُناهضة للامبريالية والصُهيونية داخل أقطار المنطقة العربية. قصد تفعيل وتشْبيك العلاقات بينها؛ لإحياء بدائل وبرامج تغْيِيريّه، طُمست بدعوى الانتصار النهائي والحاسم للفكر والنموذج النُيوليبرالي.  وقد اجمع المُشاركون, حسب ما جاء في البيان الختامي على « العمل على بناء حركة شعْبية مُقاومة ملتحمة مع الحركات المناهضة للامبريالية والصهيونية ». وهوتَوجُه, يُؤكد وجود قناعة راسخة بأُممية النضال ضد الامبرياليات أينما كانت، خاصة أمام تَغوّل قوة العدوالرأسمالي وتملكه لآلة القهر العسكري, زيادة إلى مؤسسات الهيمنة السياسية. ورفض الفاعُلون في هذا الملتقى, « احتلال العراق وجميع افْرازات هذا الاحتلال » لأن ِوفق ما جاء في القانون الروماني القديم, مَا ُبِنيَ عَلَى بَاطِلْ فَهْوبَاطِلْ؛ وبأن الحديث عن عملية سياسية اليوم في العراق، تحت فوهة الدبابات الأنغلو-ساكْسونية، هوترسيخ لمنطق كولينيالي قديم، بفرض أنظمة موالية وخاضعة. ولكن، وان نجح هذا الأُسلوب في بعض الأحيان، فان هذه الطريقة في فرض الأمر الواقع، فتحت وما تزال تفتح أبواب رفضٍٍ وعصيانٍ كثيرة  تشمل كل من سوريا وفنزويلا وايران وغيرها، ممن يرفض الديكْتات الرأسمالي.  كما دعا المُشاركون إلى سحْق « الطبقات الحاكمة والنُظم المُسيِِطِرة في الأقطار العربية » باعتبارها « طبقات تابعة للامبريالية وتُحقق مصالحها ». وهي قراءة تتميز بالموضوعية. إذ تفضح جوهر السُلط النازلة بكلاكلها على الشعوب العربية. وتعري مشروعيتها الزائفة  والقائمة على تلبية مصالح الغرب الرأسمالي. فلا فرق بينها وبين أنظمة كل من بوش وبلير وشيراك. والنضال ضدها يتنزل في نفس المستوى والنضال ضد مُرتكزات وجودها. وجدير الإتْيان عليه، هنا، هو إيمان المُشتغلين بهذا الموعد النّضالي، بضرورة تماسك الجهود وتكاثفها، وتفعيل المُبادرات من أجل المواصلة على نفس الدرب. فخلال أيام الدوْرة، قلّت المهرجانات الخطابية والمداخلات الإنشائية. لتتبلْور أفكار ورؤى برنامجية لعل أهمّها: – ضرورة « تنظيم مُؤتمر أو تجمع عربي/أمريكي جنوبي لخلق صلات بين الحركات ونظيراتها في أمريكا اللاّتينية ». – إنشاء وكالة أنباء جديدة، تُمثّل الحركات والتجمعات الشعبية المقاومة. – إعلان يوم 10 مَاي المقبل يومًا للعمل المشترك تحت شعار « دعم المقاومة في كل مكان وبكل الوسائل ».  وقد أصْدر المشاركون في هذا المؤتمر، بيانًا لدعم التحرك الشعبي الأخير في فرنْسا، المُناهض لتعديلات قانون عقْد العمل؛ ورسالة استنكروا فيها منع من أراد الالتحاق بهذا التجمّع، من دخول مصْر، كدليل على موقفها « المُتواطئ مع قوى الاستعمار » وفق ما جاء في البيان. 
(*) كَاتِب مِنْ تُوِنسْ (المصدر: موقع شبكة البصرة بتاريخ 21 أفريل 2006) وصلة الموضوع: http://www.albasrah.net/ar_articles_2006/0406/shwrb_210406.htm

 


أزمة «حماس» وفقر الثقافة الديموقراطية في ربوعنا

وحيد عبد المجيد (*)

الحكومة التي شكلتها حركة «حماس» الفلسطينية مهددة بالانهيار، ولم يمض على تنصيبها عدة أسابيع. الحصار الدولي عليها أوسع مما قدره قادة الحركة عقب فوزها بالأغلبية في انتخابات المجلس التشريعي. والبدائل المتاحة عن الدعم المالي الأميركي والأوروبي أقل مما توقعوه، أو بالأحرى تطلعوا إليه. فقد بالغوا في تهوينهم من شأن الدعم الذي كان الاتحاد الأوروبي بصفة خاصة يقدمه، باعتباره المانح الأول للسلطة الفلسطينية منذ تأسيسها في 1994. كما بالغوا في التهويل عندما تخيلوا منحاً ومساعدات ستنهال على حكومتهم لسد العجز الذي سينتج عن وقف الدعم الأوروبي والأميركي.

وها هي النتيجة : أزمة مالية حادة مرشحة للتفاقم. وأخطر ما في هذه الأزمة هو عدم قدرة الحكومة على ضمان انتظام صرف رواتب موظفي السلطة الذين يصل عددهم إلى نحو 140 ألفا. وحكومة لا تستطيع تأمين موارد لرواتب موظفيها لا يمكن أن تفي بوعود انتخابية فائقة الطموح، حتى لا نقول مغرقة في الأوهام، مثل إعادة بناء الاقتصاد الفلسطيني على أساس من التنمية المستقلة. فمن لا يجد مالا لتوفير القوت، يستحيل أن يوفر موارد لاستثمارات كبيرة لا بديل عنها لبناء تنمية مستقلة تبدو بدورها حلماً بعيد المنال في ظل اقتصاد عالمي يزداد كل يوم التداخل بين مكوناته.

فهل تغادر «حماس» السلطة بالسرعة نفسها التي دخلتها بها، أم تنحو إلى تصعيد بأفق تفجير انتفاضة فلسطينية جديدة يعلو صوتها فوق أي صوت آخر؟

فخيار مغادرة السلطة طواعية قد يكون خارج نطاق التداول في غياب تقاليد ديموقراطية راسخة أو على الأقل في طور الرسوخ. فهذا تقليد ديموقراطي متقدم يأتي في مرتبة أعلى من تداول السلطة. فالتداول يعنى أن يحل الفائز في الانتخابات محل الحاكم أو الحكومة التي تخسر هذه الانتخابات. ومن يغادر السلطة في هذه الحالة إنما يتركها مضطراً نزولاً عند نتائج الانتخابات. وهذا تقليد ديموقراطي نجح الفلسطينيون في ممارسته، فحدث التداول فخرجت حركة «فتح» ودخلت حركة «حماس».

وليس هنا مجال مناقشة ما إذا كان هذا التداول يرسي تقليدا ديموقراطيا حقاً، أم أنه حدث لكون البديل عنه مدمراً وهو صراع مسلح. فتوازن السلاح بين حركتي «حماس» و»فتح» لعب دوراً في تحقيق التداول على السلطة. ولكن السلوك الديموقراطي المستقيم الذي التزم الرئيس محمود عباس به كان له دوره في ذلك.

وأيا يكن الأمر، فتداول السلطة وفق نتائج الانتخابات يختلف عن مغادرتها بشكل طوعي في حالة فشل الحكومة المنتخبة وتدهور الأوضاع في عهدها.

وفي حالة «حماس» تحديدا، تبدو مثل هذه المبادرة بمغادرة السلطة اعترافاً بالفشل تتجاوز آثاره الحالة الفلسطينية. فهذه هي أول حركة إسلامية تصل إلى السلطة في بلد عربي عبر الانتخابات في مرحلة تشهد صعوداً للحركات الإسلامية في عدة بلدان أخرى. ولذلك قد يكون لاعتراف «حماس» بالفشل أثر سلبي على الحركات الأخرى. وسيجد خصوم الإسلاميين فيه مدخلاً مناسباً للطعن في جدارة توليهم الحكم في أي بلد عربي.

غير أن الخيار الآخر أمام «حماس»، وهو التصعيد السياسي وتنشيط المقاومة المسلحة من موقع السلطة، لن يجنبها الفشل. ربما يتيح لها الإفلات من الاعتراف به. ولكن ما الذي يمكن أن يؤدي إليه تصعيد تخوضه «حماس» من موقع السلطة إلا تدمير هذه السلطة – كلياً أو جزئياً – على رؤوس القائمين عليها ومعهم الشعب الفلسطيني. ولن يكون صعبا على هذا الشعب أو قطاعات رئيسة فيه، أن يدرك عاجلا أو آجلا أن الحركة التي رفعها إلى السلطة عرضته للجوع ثم قذفت به في أتون حرب جديدة ضد عدو متجبر مراهنةً على أنه سينخرط في «الجهاد» وينسى جوعه !

وعندئذ ستكون النتيجة أسوأ بالنسبة إلى «حماس» والحركات الإسلامية الأخرى، سواء شقيقاتها في حركة «الإخوان المسلمين» أو غيرها. فالاعتراف بالفشل فيه فضل لا ينكر لمن يقدم عليه، خصوصاً إذا فعل ذلك من منطلق الحفاظ على موقف أو مبدأ. كما أن الظروف التي تحيط وصول حركة «حماس» إلى السلطة في فلسطين تتسم بخصوصية شديدة وفريدة. ولذلك قد يكون الأثر السلبي الذي سيتركه إعلان الفشل على مستقبل هذه الحركات محدودا. لذلك فالضرر الذي سيقع على «حماس» وهذه الحركات سيكون أقل إذا وقف رئيس الوزراء إسماعيل هنية معترفاً بفشل حكومته وقدم استقالته إلى الرئيس الفلسطيني وتعهد بعدم عرقلة تشكيل حكومة أخرى. وقد يجلب مثل هذا السلوك تعاطفا في مجتمعات عربية يسهل التلاعب بمشاعر قطاعات واسعة فيها.

غير أن أهم ما ينبغي أن يستوعبه أنصار «حماس» والمعجبون بها أن فقر ثقافتها الديموقراطية ساهم بمقدار وفير في الوصول إلى مأزقها الراهن. ويكمن هذا الفقر في نظرة «حماس» إلى السلطة ومنهجها في التعامل معها، وفهمها لحدود التفويض الانتخابي. وهنا، تحديداً، تكمن إحدى أهم وأخطر المشكلات أمام التحول الديموقراطي في عالمنا العربي بوجه عام.

فقد سلكت «حماس» في أدائها الحكومي مسلكاً يخلو من أي مرونة سياسية بسبب خطأ في منهجها يعود إلى قصور في فهمها لحدود التفويض الذي يحصل عليه أي حزب أو حركة في أي انتخابات. وهذا قصور ينم عن فقر في الثقافة الديموقراطية لا يقتصر على «حماس» وإنما يشيع بين أحزابنا العربية عموما إلا في ما قل، وينتشر في مجتمعاتنا بوجه عام.

وبسبب هذا الفقر، يعتقد الكثير أن الفائز في أي انتخابات عامة يحصل على تفويض كامل أو «كارت بلانش» ليفعل ما يشاء انطلاقا من قناعاته السياسية وبرنامجه الانتخابي. وبناء على هذا الفهم الفقير، تصورت «حماس» أن لها حقا في أن تغير كل شيء، بما في ذلك التزامات دولية تعهدت بها حكومات سابقة وأصبحت ملزمة للنظام الفلسطيني بغض النظر عن الحكومة التي تصل إلى السلطة. ولذلك امتنعت حكومة «حماس»، ومازالت، عن إعلان الموقف الذي كان كفيلا بإخراجها من الأزمة، وهو أنها تحترم ما تمليه عليها الشرعية الدولية بشأن التزامات النظام السياسي الفلسطيني. فليس مطلوبا منها أكثر من هذا الموقف الذي يحررها الالتزام به من ضغوط تستهدف الاعتراف بإسرائيل.

ويعود امتناعها إلى فقر في الثقافة الديموقراطية، وليس إلى وفاء شديد للمبادئ، لأنه يقوم على اعتقاد في أن الفائز في الانتخابات مفوض بأن يفعل كل شيء. ومن لديه تفويض بفعل شيء من نوع عدم الالتزام بتعاقدات سابقة، ثم لا يفعله يصبح مفرطاً إذا كان في عدم الفعل ما ينطوي على تنازل من وجهة نظر حائز ذلك التفويض. وإذ تظن «حماس» أنها مفوضة في كل شيء، فهي تريد تغيير كل شيء قامت به السلطة على مدى 12 عاماً، بل تحمل مفهوماً مختلفاً لهذه السلطة.

ومشكلة «حماس»، وكثير من العرب هنا، هي عدم إدراك أن التفويض الانتخابي محدود وليس شاملا، نسبي وليس مطلقاً. فهذا التفويض محدود زمنياً بفترة تمتد حتى موعد الانتخابات التالية. كما أنه محدود موضوعيا بالدستور أو القوانين الأساسية السارية وقت إجراء الانتخابات، والتي لا يحق للفائز تغييرها إلا بالطرق المعتمدة دستورياً. كما أنه محدود موضوعيا، كذلك، بالالتزامات الدولية للنظام السياسي بوجه عام.

فهل تدرك «حماس» ذلك قبل فوات الأوان، وهل تستوعب أحزابنا العربية عموما معنى التفويض الانتخابي قبل أن يسبب فقر ثقافتها الديموقراطية أزمات في بلدان أخرى مستقبلا؟

(*) كاتب وباحث من مصر

(المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة الحياة الصادرة يوم 23 أفريل 2006)


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

9 mars 2011

TUNISNEWS 10 ème année,  N°3942 du 09.03.2011 archives : www.tunisnews.net  Le Nouvel Observateur: [EXCLUSIF] L’histoire secrète de la

En savoir plus +

24 décembre 2009

Home – Accueil TUNISNEWS 9 ème année, N° 3502 du 25.12.2009  archives : www.tunisnews.net   Human Rights Watch: Tunisia: President, Emboldened

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.