الأحد، 13 أغسطس 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2274 du 13.08.2006

 archives : www.tunisnews.net


نداء من أجل وضع حد لإضراب السيد عبد الرحمان التليلي عن الطعام بعثة المنظمات الحقوقية العربية تنهي مهمتها لتقصي الحقائق في لبنان الحبيب مباركي: مأساة مساجين الرأي في تونس – شهادة السجين عادل السوفي القدس العربي: قرية تونسية موازنتها نصف مليون دولار لرعاية الأطفال بعد أن لفظهم المجتمع بسبب مآسٍ اجتماعية العربية.نت: صحيفة شبه حكومية اعتبرت المطلب “جرحا لمشاعر المسلمين” : جدل حول مطالبات نسوية بمساواة الرجل والمرأة في الميراث بتونس إيلاف: التونسيات تطالبن بتحديث قانون الاحوال الشخصية الصباح: السيدة ليلى بن علي  :على وسائل الإعلام والاتصال الإقلاع عن تقديم أنماط تقليدية مجترّة للمرأة العربية الصباح: الرئيس بن علي : لا تراجع في ما اتخذته تونس لفائدة المرأة والأسرة من إصلاحات ومبادرات الصباح: قائمة الموسّمات بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني للمرأة وبخمسينية إصدار مجلة الأحوال الشخصية الصباح: الحزب الاجتماعـي التحـرري: ثابت يعلن عن شروط المصالحة المطروحة.. وردود فعل متواصلة الجزيررة نت:ارتفاع احتياطي تونس من النقد الأجنبي بترا: أصغر قاصة في العالم ..تونسية تدخل كتاب غينيس للارقام القياسية مرتين الحياة: تونس تستثمر المحميات والغابات لتطوير “السياحة الخضراء” الحياة:إزاحة قائد عسكري في الدار البيضاء … المغرب: إحالة 12 على القضاء في قضية تنظيم «أنصار المهدي» الحياة:الجزائر: لا نيّة لفرض حظر تجول بعد انقضاء مهلة تنفيذ أحكام «ميثاق السلم» نورالدين الخميري: حرب لبنان : بين تخاذل حكام العرب وفشل المشروع الأمريكي في المنطقة الامجد الباجي :بين الليبرالية واعداءها توفيق المديني :مجازر إرهاب الدولة الصهيونية د خالد شوكات: من هو المقاوم في العراق؟ صالح بشير: حرب لبنان في مرآة المغرب: توازنات وتحوّلات في الغلبة محمود عوضحرب أميركية بالوكالة محمود المبارك: فاشية إسلامية أم حرب صليبية؟ عصام الخفاجي: إن كانت الديموقراطية سلعة أميركية، فأحسنوا، أيها الأميركان، طرق تسويقها


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته “الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين”  

حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:

 


نداء من أجل وضع حد لإضراب السيد عبد الرحمان التليلي عن الطعام

 

تشير آخر المعلومات الواردة من عائلة السيد عبد الرحمان التليلي أن صحة هذا الأخير ازدادت تدهورا نتيجة إضراب الجوع الذي يشنه بالسجن المدني بتونس منذ 6 جويلية 2006 للمطالبة بالحصول على الرعاية الصحية الضرورية في وسط استشفائي ، وهو الطلب الذي لم تستجب إليه إدارة السجن إلى حد الآن .

 

ونظرا لهذا التدهور الخطير الذي أصبح يهدد حياة السيد عبد الرحمان التليلي فان الممضين أسفله :

 

ــ يجددون النداء الذي كانوا وجهوه يوم 19 جويلية 2006 للمطالبة بتمكين المعني بالأمر من متابعة صحية في وسط استشفائي ويؤكدون أن حقه في العلاج الملائم والناجع يضمنه له القانون ، وذلك بصرف النظر عن أسباب وظروف محاكمته .

 

ــ يتوجهون بنداء عاجل إلى السيد عبد الرحمان التليلي لكي يضع حدا لإضراب الجوع محافظة على صحته ولعدم تعريضها لمزيد من الخطر .

 

ــ يلتزمون بمواصلة جهودهم حتى يمكن السيد التليلي من العلاج الملائم والناجع بما في ذلك حقه في اختيار طبيبه .

 

الموقعون

 

السيدات والسادة :

 

ـ أحمد نجيب الشابي                      محام و أمين عام الحزب الديمقراطي التقدمي

 

ـ توفيق الشماري                          إطار

 

ـ حمة الهمامي                             الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي

 

ـ خديجة الشريف                         أستاذة جامعية و رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات

 

ـ خليل الزاوية                           طبيب و أمين عام مساعد للتكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات

 

ـ خميس الشماري                         مستشار و نائب سابق لرئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان و الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان

 

ـ راضية النصراوي                      محامية و رئيسة الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب

 

ـ رشيد خشانة                              رئيس تحرير جريدة الموقف

 

ـ سالم رجب                              عضو سابق بمجلس النواب

 

ـ سعد الدين الزمرلي                      رئيس شرفي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان

 

ـ صلاح الدين الجورشي                   نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان

 

ـ عياشي الهمامي                          محام و ناشط حقوقي

 

ـ مالك كفيف                              طبيب و عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان

 

ـ محمد المختار الجلالي                    محام و عضو سابق بمجلس النواب

 

ـ المختار الطريفي                        محام و رئيس للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات

 

ـ مصطفى بن جعفر                       أمين عام التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات

 

ـ منجي اللوز                              قيادي بالحزب الديمقراطي التقدمي

 

ـ نزيهة رجيبة ( أم زياد )                 كاتبة و عضوة المجلس الوطني للحريات بتونس

 

ـ هشام قريبع                              نائب سابق لرئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان

 

ـ زياد الدولاتلي

 

بعثة المنظمات الحقوقية العربية تنهي مهمتها لتقصي الحقائق في لبنان

 

انهت بعثة المنظمات العربية لحقوق الانسان مهمتها فى لبنان هذا اليوم الأحد13 آب/اغسطس بعد وصولها الى بيروت يوم الاربعاء 9 اغسطس الجارى، حيث ضمت الدكتورة فيوليت داغر “رئيسة اللجنة العربية لحقوق الانسان” ، الاستاذة سهام بن سدرين “المتحدثة باسم المجلس الوطنى للحريات بتونس” والدكتور ايمن عياد “منسق البرامج بجمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان – مصر”. فور وصولهم، شرع اعضاء البعثة فى مهمة تقصي الحقائق لمعاينة جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في لبنان، حيث تم الانتقال الى الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت التى سويت معظم مبانيها بالارض. وتمكن الوفد من توثيق المجزرة البشعة بمنطقة الشياح ومعاينة الاماكن التى تجمع فيها النازحون في المحال التجارية والمدارس والحدائق والفضاءات الثقافية وغيره وتوثيق الشهادات الحية لهؤلاء النازحين. كذلك قاموا بزيارة بعض المستشفيات العامة والخاصة والميدانية وجرت مقابلة عدد من الجرحى المصابين وتوثيق شهاداتهم. أجرى الوفد أيضا اتصالات ومقابلات مع ممثلين من المجتمع المدني والجمعيات الأهلية التي تجندت في عمليات الإغاثة والاعلاميين. كذلك قاموا بلقاءات مع ممثلى الجهات الرسمية العاملة فى مجال الاسعاف والاغاثة وتقديم المساعدات الطبية والغذائية للمتضررين والهيئة الدولية للصليب الاحمر والصليب الاحمر اللبنانى والدفاع المدنى ووزارة الصحة … الخ. عملت بعثة المنظمات العربية لحقوق الانسان على توثيق كل مشاهداتها بالصوت والصورة بما لا يدع مجالا للشك بارتكاب الجيش الاسرائيلى لجرائم حرب حسب اتفاقيات جنيف والبروتوكولين الملحقين والقانون الإنساني الدولي. الأمر الذي يستوجب المساءلة القانونية ومعاقبة المسؤلين عن تلك الجرائم امام المحاكم الجنائية. وستواصل البعثة بعد عودتها جهودها من أجل اتخاذ الإجراءات المناسبة لهذه المحاسبة القضائية. وإذ تعبر البعثة عن شكرها لتفهم وتعاون المؤسسات وكافة الأطراف اللبنانية التي قابلتها، لا يفوتها الاشادة بالروح العالية للمواطنة التي تجلت في الجهود التى يبذلها ابناء الشعب اللبنانى لمواجهة هذه الكارثة وتخفيف معاناة الضحايا الذين اجبروا على ترك بيوتهم الامنة وتلبية احتياجاتهم من غذاء ودواء وتوفير مياه الشرب.   بيروت في 13 آب/ أغسطس 2006


   مأساة مساجين الرأي في تونس التضييقات و العقوبات

شهادة السجين عادل السوفي:

في صائفة 1993 في سجن برج الرومي اكرهنا على الصلاة فرادى, قالوا لنا :” كل واحد يصلي لوحده, لا احد يقدم الأكل لأحد ,لا احد يقرا القران مع احد, ممنوع قيام الليل , لا احد يجلس في فراش الآخر…” بل و وصل الأمر إلى منع التحادث فيما بيننا… قبل حلول شهر رمضان 1996 بأيام معدودات, زارنا مدير السجن فؤاد والي و أعلمنا بان الصلاة تقام فرادى و الأكل مثنى… رفضنا الانصياع لهذا المر فنالنا من التعذيب الشيء الكثير و فرض علينا الإمضاء على عرائض يلتزم فيها كل واحد منا بأداء الصلاة منفردا…

…في ماي 1996, و دائما في سجن برج الرومي امرنا بعدم الصلاة قبل الثامنة صباحا و بعد التاسعة ليلا- انتهى كلامه- ( توضيح: في 19 ماي 1996 الموافق لـ 1/1/1417 هجري اتخذت الإدارة العامة قرار و وزع على كل السجون:” تمنع الصلاة في كافة السجون من الساعة 9 ليلا إلى الساعة 8 صباحا” و كان حين ذاك صلاة العشاء بعد الساعة التاسعة يعني منعت صلاة العشاء و صلاة الفجر في وقتهما و هذا الإجراء كان من ضمن السياسات العامة للدولة و لكن بفضل الله عز و جل ثم بصمود الأسود وراء القضبان بطل هذا العمل المزعوم بإضراب جماعي و بعد تنكيل و تعذيب من مديري و أعوان السجون تمكنا من الصلاة في وقتها و الحمد لله”و من الطرائف التي لا تنسى كان إعلام الإدارة لنا ليلة رأس السنة الهجرية و كان يبث في التلفزة التونسية فيلم الرسالة فكانوا مساجين الحق العام يعلقون ب”القوادة و البيوعين موجودين من عهد الرسول عليه الصلاة و السلام””…) الحبيب مباركي: سويسرا email:mbarkiha@yahoo.fr


قرية تونسية موازنتها نصف مليون دولار لرعاية الأطفال

بعد أن لفظهم المجتمع بسبب مآسٍ اجتماعية

 
قُمرت (تونس) ـ رويترز: تؤوي قرية قمرت في الضاحية الشمالية للعاصمة تونس نحو 100 طفل وبعض من الشبان ترعرعوا فيها بعد ان لفظهم المجتمع بسبب مآسٍ اجتماعية تتراوح بين الولادة خارج نطاق الزواج وبين وفاة الأبوين وبين انتحار او سجن آخرين. لكل طفل في هذه القرية حكاية وفي كل حكاية دموع سعى أب القرية الروحي (المدير) والأمهات والخالات الى ان يكفكفوها بتوفير رعاية خاصة لكل حالة. ووزع الأطفال منذ مجيئهم الى القرية على عشرة بيوت؛ وكل بيت يضم قرابة 10 اطفال برعاية أمٍّ وَهَبَتْ كلَّ وقتِها لتربيتهم. ومثل كل بيت، يعيش الاطفال علاقة أخوة قريبة جدا من الأخوة الحقيقية. وقال مدير القرية، عماد اللبان، «نحن لسنا ملجأ للأيتام.. وهدفنا تعويض العائلة اذا فقدت بسبب او بآخر.. فنحن عائلة بأتمّ معنى الكلمة». وتبلغ موازنة القرية قرابة نصف مليون دولار. والأمهات في القرية متفرغات كليا طيلة ساعات اليوم، وايام الاسبوع للاهتمام بأطفالهن، ومستواهن التعليمي لا يقل عن البكالوريا ويخضعن لتدريبات طويلة قبل مباشرة هذا «العمل النبيل». وفي القرية حدائقٌ وروضة للصغار ومراكز إعلامية ونوادٍ للترفيه، إضافة الى نحو 35 مسؤولا يسهرون على الاهتمام بكل من يحتاجهم. وزار القرية عدد من نجوم الفن مثل مُغنِّي البوب مايكل جاكسون، وعدد من الفنانين العرب والرياضيين، اضافة الى رؤساء حكومات عدة بلدان. ويفتخرُ مدير المركز بأن عددا من أطفال القرية يدرسون بالجامعات؛ وبينهم من هو مهندسٌ، وهو ما اعتبره دليلا على نجاح المساعي التونسية في مجال العناية بالطفولة. ويقول «نحن نشجع أبناءنا على الاختلاط بصفة عادية بباقي الاطفال والشبان في المدرسة والمعهد، لكي يستطيعوا الاندماج في المجتمع بصفة تدريجية بدون الحاجة لتهويل مشاكلهم». ويستقبل المركز الاطفال بعد تلقي نداء مندوبي الطفولة في تونس الذين يشيرون الى حالات خطرة تستوجب رعاية خاصة بسبب حالاتهم الاجتماعية، التي غالبا ما تتمثل في إنجاب اطفال خارج اطار الزوجية.

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 13 أوت 2006)

 

صحيفة شبه حكومية اعتبرت المطلب “جرحا لمشاعر المسلمين”

جدل حول مطالبات نسوية بمساواة الرجل والمرأة في الميراث بتونس

تونس – سليم بوخذير
أثارت مطالبة جمعية حقوقية في تونس بمساوة الرجل والمرأة في الميرات جدلا في أوساط الراي العام في البلاد، ففيما اعتبر البعض هذا المطلب بمثابة خروج عن النص الديني، أيده البعض الآخر ووصفه بأنه حق للمرأة. وتتواكب هذه المطالبات مع الذكرى الـ50 لسن قانون الأحوال الشخصية في 13 أغسطس 1956.
فقد أطلقت جمعيّة “نساء ديمقراطيات” التونسية مؤخرا في مؤتمر صحفي ما وصفته بـ”حملة المطالبة بالمساواة بين الرجال و المرأة في الإرث كمطلب عادل”، حسب تعبيرها. وقالت خديجة الشريف رئيسة الجمعية “نُطالب الحكومة الاستجابة لهذا الطلب، استكمالا للمكاسب التي يُمليها مبدأ المساواة بين الجنسين  في بلادنا”، على حد وصفها.
وبررت الشريف مطلب جمعيتها في هذا التوقيت بالقول: “لقد شرعنا منذ 1999 في إنجاز الدراسات والاستبيانات اللازمة حول هذا المطلب، وقد أفضت كلّها إلى أنه صار مطلبا أساسيا وعاجلا تفرضه الآن المتغيرات التي طرأت على مجتمعنا بفضل مكاسب قانون الأحوال الشخصيّة”.
وقالت إن عدد التوقيعات على عريضة تطالب بمساوة المرأة بالرجل في الميراث فاق ألف توقيع، مشيرة الي أن عددا من الرجال وقعوا على هذه الوثيقة وتابعت القول:” الأمر الذي يجعل مطلبنا هو لكل المجتمع وليس للمرأة فقط” “خروج عن النص الديني”
وفي رد على المطالب النسوية، كتبت صحيفة “الصباح” شبه الحكومية في مقال حمل توقيع رئيس تحريرها السابق عبد السلام الحاج قاسم أن طلب “نساء ديمقراطيات” خروج عن النصّ الديني وتعدّ على الأحكام الشرعيّة”. ووصف المقال هذا المطلب بأنّه “جرح لمشاعر المسلمين و تشكيك في عقائدهم”.
 ورفضت خديجة الشريف مقال الصحيفة وقالت للعربية.نت “على الحكومة و صحفها أن يتذكروا أن مرجعية مجلة (قانون)الأحوال الشخصية ومرجعية جمعيتنا هي ليست الدين، وإنما مبدأ المساواة بين الجنسين، والذي يُملي على الحكم اليوم  سنّ مساواة بينهما في الميراث مثل بقية نواحي الحياة التي شملها مبدأ المساواة “، على حدّ قولها. 
ويتزامن هذا الجدل مع اعلان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي السبت 12 أغسطس 2006  إذنه بسن تعديل جديد  لقانون الاحوال الشخصية يدعم مبدأ إلزامية توفير المسكن للمطلّقات. وتجنّب الرئيس بن علي في خطاب ألقاه في إطار احتفالات العيد التونسي للمرأة التعليق على مطلب مساواة الرجل بالمرأة في الميراث.
وعبر عن تمسّك حكومته بقانون الأحوال الشخصية الذي وصفه بأنه “مكسب وطني نحن ملتزمون به “. وأعلن إذنه بتعديل جديد للقانون بشأن مسألة سكن المطلّقات الحاضنة واصفا إياه بأنه “سيضمن الحماية اللازمة للحق في السكن المقرر من المحكمة لفائدة الحاضنة والمحضون عند توتر العلاقات الزوجية أو الطلاق”.
يشار الي أن قانون الأحوال الشخصية بوضعه الحالي يثير تحفظات لدى رموز التيار الاسلامي، حيث تضمن تشريعات تُسنّ لأول مرة في الوطن العربي، من ذلك منعها لظاهرة تعدد الزوجات وسحب حق الطلاق من الزوج ومنحه فقط إلى القاضي، فضلا عن أمور أخرى التي خصت بها المرأة في تونس كحق الحضانة المطلق للأم عند الطلاق أو وفاة شريك حياتها. وبمقتضى تعديلات على القانون في يونيو 1993، تم سن إجراءات أخرى في تونس منها “رفع إلزامية طاعة الزوجة لزوجها” وكذلك “إقرار مبدأ الفصل في الأملاك بين الزوجين”.
(المصدر:العربية.نت بتاريخ 13 أوت 2006)  


التونسيات تطالبن بتحديث قانون الاحوال الشخصية

GMT 11:30:00 2006 الأحد 13 أغسطس أ. ف. ب. تونس: تحتفل المرأة التونسية الاحد بذكرى مرور خمسين عاما على مجلة الاحوال الشخصية، القانون الليبرالي المتميز الذي صدر في 1956 لكنها تطالب بتحديثه لمواكبة العصر في هذا البلد الذي تحتل فيه النساء مكانة كبيرة في الحياة العامة.
وقد نص هذا القانون الذي اصدره الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة (1956-1987) على منع تعدد الزوجات ومنع التطليق واقر نصوصا خاصة بالطلاق وبالحد الادنى لسن الزواج للفتيات. كما اكد على حق المرأة في التعليم والعمل مقابل اجر.
واستكمالا لهذه الخطوة، ادرج بورقيبة فقرة في الدستور التونسي الذي صدر في 1957 تشدد على المساواة في المواطنة وامام القانون بين الجنسين، في مبادرة يعارضها الاسلاميون المتطرفون الى اليوم. وعزز الرئيس الحالي زين العابدين بن علي منذ وصوله الى السلطة في 1987 هذا القانون الذي يرى فيه “مكسبا وطنيا ملتزمين به ومؤتمنين عليه”، على حد قوله بمناسبة هذه الذكرى.
واعتمدت المرأة على هذا القانون لتأكيد موقعها فى ميادين عدة من الحياة العامة في تونس حيث تشكل النساء حاليا 25% من قوة العمل وخمسين بالمئة من طلاب الجامعات، حسب ارقام رسمية. وتفيد هذه الارقام ان نحو عشرة آلاف تونسية يتولين رئاسة مؤسسات، 43% منها في قطاع الخدمات و24% في قطاع الصناعة و14% في قطاع التجارة وعشرة بالمئة في الاعمال اليدوية.
واعتمدت قوانين جديدة في 2004 يفرض بعضها عقوبات على التحرش الجنسي الذي اصبح جرما عقوبته السجن، بينما يتوقع ان يصدر قريبا قانون يقر بنظام عمل النساء بنصف دوام مقابل 75% من الاجر . كما تحتل المرأة التي تملك التونسية حق التصويت والترشح وتتمتع بتمثيل كبير في الحكومة ومجلس النواب والهيئات القضائية وفي مناصب مسؤولية في الدوائر العامة، مكانة نافذة في التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم وفي صفوف المعارضة.
وقد سجلت النساء التونسيات نشاطا واضحا في اوساط حقوق الانسان. ومع ذلك، تطالب بعض منظمات المجتمع المدني بمزيد من المكاسب للمرأة وتدعو الى مراجعة بعض تفاصيل هذا القانون وكذلك الى تطبيق المعاهدة الدولية للتخلص من كافة اشكال التمييز ضد المرأة، التي صادقت عليها تونس في 1985، “بدون تحفظ”. وقالت خديجة شريف رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات ان هذا القانون “مكسب مهم تحقق للمرأة التونسية وتطمح كثير من النساء فى العالم العربي الى بلوغه. لكن ما كان صالحا في 1956 ليس بالضرورة صالحا في 2006”.
واضافت ان “هناك كثير من النقاط بحاجة الى تحيين لمواكبة العصر”، مشيرة خصوصا الى “قانون المواريث الذي فضل الرجل عن المرأة ومنحه منابا يساوي ضعف مناب المرأة في الميراث”، طبقا للمبدأ الشرعي الذي ينص بوضوح على ان “للذكر مثل حظ الانثيين”. ورأت شريف ان ذلك يشكل “مثالا صارخا لانعدام المساواة”. وقد اطلقت الجمعية منذ اكثر من خمسة اعوام حملة “من اجل المساواة فى الارث”، تحت شعار “متقدمة في الحركة متأخرة فى التركة”، بالتعاون مع “جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية”. ونشرت الجمعيتان مؤخرا وثيقة تتضمن “15 برهانا دفاعا عن المساواة فى الارث”.
وكان المحافظون التونسيون شنوا حملة عنيفة على “مجلة الاحوال الشخصية” عند صدورها مع الاستقلال، معتبرين انها “تتنافى مع تعاليم الاسلام وتحد من نفوذهم على الاسرة”. وشدد ائمة الجوامع ورجال الدين حينذاك على حق “مبدا تعدد الزوجات” ورفضوا “حق المرأة في اختيار شريك حياتها” ودافعوا عن “الزواج بالاكراه والطلاق بالثلاث”.
وقد تواصلت هذه الحملة من قبل اسلاميين متطرفين تونسيين في الثمانينات، رأوا ان “تحرير المرأة اكثر من اللازم (…) من شأنه ان يخل بالاخلاق”. واكد الرئيس بن علي انه “لا تراجع في ما اتخذته تونس لفائدة المرأة والاسرة من اصلاحات ومبادرات لذلك تصدينا لكل من عاودهم الحنين الى عهود التزمت والرجعية للجذب الى الخلف ومحاولة التشكيك فيما انجزه الرواد والمصلحين والزعماء السياسيين”.
وفي الذكرى الخمسين لصدور هذا القانون، منحت منظمة المرأة العربية السبت ثلاثة صحافيين من المغرب وتونس ومصر جائزة “افضل انتاج اعلامي حول المرأة العربية” التي اقرتها زوجة الرئيس التونسي ليلى بن علي عند توليها رئاسة المجلس التنفيذي لمنظمة المرأة العربية. ومنحت الجائزة للتونسية امال موسي “عن مجموعة اعمالها فى جريدة الشرق الاوسط” والمصري عبد العال عبد الحميد حافظ عن برنامج “مبدعات عربيات” في اذاعة “صوت العرب” والمغربي عبد الرحيم المغترب عن البرنامج التلفزيوني “مهن ليست حكرا على الرجال”. (المصدر: موقع إيلاف بتاريخ 13 أوت  2006)


السيدة ليلى بن علي في حفل إسناد جائزة أفضل انتاج إعلامي حول المرأة العربية:

على وسائل الإعلام والاتصال الإقلاع عن تقديم أنماط تقليدية مجترّة للمرأة العربية

الحمامات (وات) أشرفت السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الجمهورية عشية أمس السبت بالمركز الثقافي الدولي بالحمامات على موكب انتظم تحت شعار «مجلة الاحوال الشخصية.. حداثة ومساواة وشراكة» بمناسبة الاحتفال بعيد المرأة وبذكرى مرور خمسين سنة على صدور مجلة الاحوال الشخصية.
وقد اطلعت السيدة ليلى بن علي على تظاهرة انتظمت بالمناسبة تضمنت عرض قماشة عملاقة حول مسيرة تطور المراة التونسية وانطلاق استخدام بوابة المراة التونسية ومعرضا للصور الفوتوغرافية الى جانب عرض شريط فيديو يبرز المكانة التي اصبحت تتبواها المراة التونسية في المجتمع.
وتميز هذا الموكب بتسلم السيدة ليلى بن علي درع المنظمة العالمية للنساء صاحبات الاعمال من رئيستها السيدة فرانسواز فونينغ وتولت حرم رئيس الدولة تسليم جائزة افضل انتاج اعلامي حول المراة العربية والقت كلمة بالمناسبة فيما يلي نصّها: “بسم الله الرحمان الرحيم
حضرات السيدات
يسعدني ان اشرف بكل اعتزاز على حفل اسناد اول جائزة لافضل انتاج اعلامي حول المراة العربية مرحبة بضيفات تونس الكريمات عضوات المجلس التنفيذي لمنظمة المراة العربية وبالسيدة المديرة العامة للمنظمة ومعربة لهن عن بالغ الشكر والتقدير لاسهامهن في تجسيم الاهداف السامية لمنظمتنا العربية الفتية.
كما يطيب لي ان اتقدم بالشكر الجزيل للسيدة فرانسواز فونينغ رئيسة المنظمة العالمية للنساء صاحبات الاعمال لحرصها وزميلاتها بالمنظمة على مشاركتنا الاحتفال بالعيد الوطني للمراة وبالذكرى الخمسين لصدور مجلة الاحوال الشخصية فهذه المجلة فتحت امام المراة التونسية منذ سنة 1956 افاق التحرر والمساواة والحداثة وارتقت بفضل المبادرات والاجراءات التي اتخذها سيادة الرئيس زين العابدين بن علي سنة  1992 الى منظومة تشريعية رائدة ومتكاملة تعتبر نموذجا في محيطها الاقليمي والدولي واذ اعرب عن الاعتزاز بتسلمي درع المنظمة العالمية للنساء صاحبات الاعمال فاني ارى في حضور نخبة معنا من الشخصيات النسائية المرموقة من البلدان الشقيقة والصديقة عنوانا للتواصل والتكامل بين نضالات المراة في كل انحاء العالم.
حضرات السيدات
ان تطوير مكانة المراة العربية وتفعيل دورها يستوجب تغيير العقليات والسلوكيات باتجاه نشر ثقافة العدل والمساواة والشراكة ونبذ كل اشكال التمييز والتطرف والتعصب وهو الهدف الذي كنا اقترحنا بشانه خلال المؤتمر الاول لقمة المراة العربية بالقاهرة سنة 2000  احداث جائزة لافضل انتاج اعلامي يدعم صورة المراة العربية في الاسرة والمجتمع وها نحن اليوم نسند الجائزة الاولى في هذا الحفل البهيج معربين عن خالص تهانينا للفائزين بها.
واذ اشيد بهذه المناسبة بالعمل المحمود الذي تقوم به منظمة المراة العربية في مجال النهوض باوضاع المراة في بلداننا فاني اعتقد انه بامكاننا مزيد دعم هذا التوجه واثرائه بحسن توظيف طاقات الاجتهاد والتحرر التي يزخر بها موروثنا الحضاري والفكري والاصلاحي ومواكبة ما يجري في العالم من تحولات عميقة ومتسارعة في كل الميادين مع التمسك بهويتنا وخصوصياتنا الثقافية والاجتماعية والحضارية.
وتعتبر وسائل الاعلام والاتصال بشتى انواعها ادوات حاسمة لتجسيم تطلعاتنا في هذا المجال وذلك بان تقلع عن تقديم انماط تقليدية مجترة للمراة العربية تحمل سلبيات متراكمة منذ عصور الانحطاط والتخلف وتقدم صورا ايجابية عن المراة العربية المعاصرة تبرز تجددها الذاتي ووعيها الفكري وما حققته في العقد الاخير خاصة من تطور مطرد على جميع المستويات ونحن نامل في ان يسهم الاعلام العربي الى جانب مكونات المجتمع المدني والنسيج الجمعياتي ببلداننا في الحد من الاخلالات الشائعة في نظرة مجتمعاتنا الى المراة وتصويب ما علق بها من افكار بالية ومواقف خاطئة مع المثابرة على نشر قيم المساواة وفضائل الشراكة بين الرجل والمراة في كل شؤون الحيــــاة.
حضرات السيدات
أود بهذه المناسبة ان احيي صمود الشعبين الشقيقين الفلسطيني واللبناني في مواجهتهما للعدوان الاسرائيلي وان انوه بشجاعة المرأتين الفلسطينية واللبنانية وبتضحياتهما البطولية وان اشيد ايضا بالدور الذي تقوم به الاعلاميات العربيات في تغطية الاحداث ونقلها الى الرأي العام العربي بكل جراة واقتدار كما اعرب عن تمسك المراة التونسية بموقف بلادنا الثابت من حق الشعب الفلسطيني الشقيق في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة وعن تضامنها الكامل مع الشعب اللبناني الشقيق في الدفاع عن سيادته وحرمة اراضيـــه.
وفي الختام اجدد شكري لكل الضيفات الحاضرات راجية لهن اقامة طيبة  بيننا ومزيد التوفيق والنجاح في اعمالهن”. (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 13 أوت 2006  )  


الرئيس بن علي في الاحتفال بالذكرى الخمسين لإصدار مجلة الأحوال الشخصية:

لا تراجع في ما اتخذته تونس لفائدة المرأة والأسرة من إصلاحات ومبادرات

قرطاج (وات) ـ اشرف الرئيس زين العابدين بن علي صباح امس السبت على موكب انتظم بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني للمرأة وبمرور خمسين سنة على اصدار مجلة الاحوال الشخصية وحضرته السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الجمهورية.
وألقى رئيس الدولة في هذا الموكب خطابا بين فيه ان تونس برهنت باصدار مجلة الاحوال الشخصية على ان التحرر السياسي لا ينفصل عن التحرر الاجتماعي وان التمسك بالثوابت الوطنية الدينية والثقافية والاجتماعية لا يتناقض مع روح التجديد والتحديث كما ان البناء الحضاري الشامل لا تكتمل مقوماته بدون شراكة فاعلة ومتكافئة بين الرجل والمرأة في كل شؤون الحياة.
وتميز هذا الموكب بتسلم الرئيس زين العابدين بن على الدرع الذهبي المتميز لمنظمة المرأة العربية تولت تقديمه لسيادة الرئيس الدكتورة ودودة بدران المدير العامة لمنظمة المرأة العربية اعترافا لسيادته بالدور الاصلاحي الرائد الذي اضطلع به بكل صدق واخلاص للوطن والامة وتقديرا لجهوده المتواصلة في خدمة قضايا المرأة والنهوض بها وامتنانا للدعم الكبير الذي تقدمه الجمهورية التونسية في ظل قيادته الحكيمة لمنظمة المرأة العربية
وكان هذا الموكب مناسبة ايضا لتكريم المرأة التونسية لما برهنت عليه من كفاءة واقتدار في مختلف مجالات العمل والنضال وذلك بمنح ثلة من النساء وسام الجمهورية تقديرا لاسهامهن في دعم النظام الجمهوري وخدمة مثله العليا.
وقد جرى هذا الموكب بحضور النائب الاول لرئيس التجمع الدستوري الديمقراطي والوزير الاول واعضاء الديوان السياسي للتجمع واعضاء الحكومة. كما دعي لحضوره الامناء العامون للاحزاب السياسية ورؤساء المنظمات الوطنية والهيئات القائمة والمجالس الاستشارية وعدد من الشخصيات الوطنيــــــــــة والمناضلين والمناضلات والاطارات النسائية.
وفيما يلي النص الكامل لخطاب الرئيس زين العابدين بن علي:
“بسم الله الرحمان الرحيم ايها المواطنون أيتها المواطنات
تحتفل تونس اليوم بكل فخر واعتزاز بالذكرى الخمسين لاصدار مجلة الاحوال الشخصية باعتبارها مكسبا وطنيا ثمينا تحقق للمرأة التونسية في مطلع الاستقلال وفتح امامها وامام الاسرة والمجتمع افاقا رحبة للتقدم على درب الحرية والمساواة كما كان تجسيما رائعا لمشاريع التطوير والتحديث التي نادى بها رواد الاصلاح الاجتماعي في بلادنا منذ الثلث الاول من القرن الماضي وفي مقدمتهم الطاهر الحداد.
 ويطيب لي بهذه المناسبة ان اشيد بالدور الحاسم الذي اضطلع به الزعيم الحبيب بورقيبة بعد مضي بضعة اشهر فقط على الاستقلال اذ اقدم في 13 اوت 1956 على اصدار هذه المجلة مؤكدا بذلك سبق تونس في مجال التحرير والتنوير وما تميزت به نخبها على الدوام من حيوية واجتهاد وفكر مستنير ونبذ للجمود والانغلاق اضافة الى ما كان يجمع دائما بين زعماء الحركة السياسية واعلام الحركة الاصلاحية من تجاوب وتكامل.
واذ اهنىء كل من نالهن التوسيم بهذه المناسبة معربا عن تقديري لكل الكفاءات النسائية التونسية ولما تبذله المرأة في بلادنا من جهود قيمة لدعم مشروعنا الحضاري فاني اعرب كذلك عن بالغ الشكر للدكتورة ودودة بدران المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية على اسنادها الى الدرع الذهبي للمنظمة مقدرا لها هذه المبادرة ومكبرا روح الجد والمثابرة التي ميزت عمل هذه المنظمة طوال السنوات الفارطة ومثنيا على ما جاء في كلمة الدكتورة ودودة بدران من لطف المشاعر نحو تونس وشعبها وقيادتها.
أيها المواطنون أيتها المواطنات
لقد كان صدور مجلة الاحوال الشخصية انجازا تاريخيا كبيرا بما احتوته من روح ثورية على العقليات البالية والممارسات الاجتماعية الجائرة بحق المرأة والاسرة فكان لابد والوضع على ما هو عليه من اقرار احكام قانونية تشترط رضاء الزوجين في الزواج وتمنع تعدد الزوجات وتضع حدا للطلاق التعسفي وتخضع الانفصال بين الزوجين الى سلطة القضاء وتؤمن حق المرأة في التعليم والصحة والشغل وهي احكام تشريعية انصفت المرأة وانقذتها من حالات الاقصاء والتهميش.
كما انها حافظت على تماسك الاسرة وعلى استقرار الروابط الاجتماعية وتواصلها.
وبرهنت تونس باصدار هذه المجلة على ان التحرر السياسي لا ينفصل عن التحرر الاجتماعي وان التمسك بالثوابت الوطنية الدينية والثقافية والاجتماعية لا يتناقض مع روح التجديد والتحديث كما ان البناء الحضاري الشامل لا تكتمل مقوماته بدون شراكة فاعلة ومتكافئة بين الرجل والمرأة في كل شؤون الحياة.
 وادراكا منا لهذه الحقائق كنا اعلنا منذ مطلع التغيير وبكل حسم ووضوح ان مجلة الاحوال الشخصية مكسب وطني نحن ملتزمون به ومؤتمنون عليه واكدنا بصفة قاطعة ان لا تراجع في ما اتخذته بلادنا لفائدة المرأة والاسرة من اصلاحات ومبادرات لذلك تصدينا لكل من عاودهم الحنين الى عهود التزمت والرجعية للجذب الى الخلف ومحاولة التشكيك في ما انجزه الرواد من المصلحين والزعماء السياسيين ومضينا قدما في تثبيت الاسس التي قامت عليها مجلة الاحوال الشخصية واثريناها وطورناها بعدة تعديلات واضافات.
لقد ادخلنا على هذه المجلة في 12 جويلية 1993 مجموعة من الاحكام الجديدة شملت الخطبة والمهر والولاية والزواج والطلاق والنفقة والحضانة والشراكة المالية… فأقررنا حقوق الأم في الولاية على ابنائها وعوضنا مفهوم الطاعة بمبدإ التعاون والاحترام المتبادل بين الزوجين وطورنا احكام الطلاق واجراءاته واحدثنا خطة قاضي الاسرة وصندوق النفقة واصدرنا مجلة حقوق الطفل لتكون اضافة نوعية في حماية الطفولة ونمائها ودعم توازن الاسرة واستقرارها.
وسعيا الى تمكين الطفل المولود بالخارج من أم تونسية وأب اجنبي من اكتساب حقه في الحصول على الجنسية ثبتنا في نص القانون مبدا الاكتفاء بتصريح الأم وحدها في صورة وفاة الاب او فقدانه او انعدام اهليته.
كما ارتقينا بمجلة الاحوال الشخصية الى مرتبة دستورية اذ لم تعد هذه المجلة مجرد تشريع ينظم شؤون المرأة والاسرة وانما اصبحت احدى المقومات الجوهرية لنظامنا الجمهوري في توازنه وتطوره. ونحن نحرص على ان نثري مجلة الاحوال الشخصية باستمرار حتى تظل قوة دفع الى الامام لمجتمعنا على درب التطوير والتحديث وترسيخ التفكير المستنير والعلاقات الاجتماعية الرشيدة وتامين المساواة والشراكة بين الرجل والمرأة.
وفي هذا السياق نؤكد عزمنا على صيانة الحق في السكن المحكوم به لفائدة الأم الحاضنة في الحالات التي ضبطها القانون حتى نمنع الحيل التي يمكن ان يلجا اليها البعض لحرمان الأم مع ابنائها من هذا الحق بدون موجب. لذلك ناذن اليوم باعداد مشروع قانون يحدد الاجراءات الكفيلة بمنع هذه الممارسات المضرة بحقوق المرأة والطفل ويضمن الحماية اللازمة للحق في السكن المقرر من المحكمة لفائدة الحاضنة والمحضون عند توتر العلاقات الزوجية او الطلاق.
وقد قمنا في اطار حرصنا على ازالة كل اشكال التمييز بين الرجل والمرأة بالغاء هذا التمييز في مجلة الشغل وفي مجلة الالتزامات والعقود التي كانت تخضع شغل المرأة لرضاء زوجها.
 وتكريسا لهذا التوجه فاننا نعتزم عرض مشروع قانون على السلطة التشريعية يوحد السن الدنيا للزواج بين الفتيان والفتيات بان يجعلها ثمانية عشرة سنة لكلا الجنسين على ان تبقى امكانية الزواج بين ثمانية عشرة وعشرين سنة خاضعة لموافقة الوالدين وسيتم اتباع الاجراءات القضائية المعمول بها حاليا بالنسبة الى من كان عمره او كان عمرها دون السن الدنيا للزواج وذلك في الحالات الاستثنائية المنصوص عليها بمجلة الاحوال الشخصية.
أيها المواطنون أيتها المواطنات
لقد اعتبرنا في كل توجهاتنا واختياراتنا ان اهم وسائل التنمية واجداها نفعا هي النهوض بقدرات الانسان الفكرية والبدنية والصحية والمهنية فعملنا على تكريس تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في جميع الميادين وهيأنا للمرأة سبل الاندماج الطبيعي في الحياة النشيطة بمختلف انواعها واختصاصاتها.
 وتفيد كل المؤشرات الاحصائية اننا كسبنا الرهان اذ استطاعت المرأة بفضل ما اتحناه لها من فرص وما اتخذناه لفائدتها من اجراءات ومبادرات ان تقتحم شتى الشعب التعليمية والاختصاصات المهنية وان تتبوا ارفع المناصب والمسؤوليات وان تثبت بذكائها وطموحها انها شريك كفء للرجل في سائر مجالات التنمية وانها جزء لا يتجزا من اشراقة تونس الحديثة ومن حيوية شعبنا وتقدمه.
 ومن دواعي الارتياح والاعتزاز ان وعي المرأة التونسية بحقوقها وواجباتها كان وعيا مبكرا اذ انها انخرطت في النضال الوطني منذ بدايته وشاركت في دعم الجبهة الداخلية ومساندة الحركة التحريرية وبناء الدولة الحديثة وهي تسهم اليوم في عهد التغيير في تكريس الاختيارات والتوجهات التي اردناها لتونس وفي تعزيز مقومات التنمية الوطنية الشاملة وصيانة شخصيتنا من مظاهر المسخ والاستيلاب والوقوف سدا منيعا امام دعاة التهميش والتطرف.
وقد اثبتت مختلف التحولات العالمية المعاصرة ان بلوغ مجتمع من المجتمعات مرتبة التقدم والمناعة يبقى رهين ما تنعم به المرأة في ذلك المجتمع من حرية وحقوق وما تقوم به من واجبات وتمارسه من مسؤوليات اذ لا مجال اليوم لمواصلة التعامل مع حقوق المرأة باساليب تقليدية في هذه المرحلة الدقيقة من الحضارة الانسانية.
 وانطلاقا من هذه الرؤية تعمل بلادنا على دعم كل الجهود المبذولة اقليميا وعالميا لنشر قيم المساواة والتضامن والحداثة. وما دعوتنا في القمة العربية المنعقدة بتونس سنة 2004 الى ضرورة اعتبار النهوض بحقوق المرأة العربية محورا مركزيا في عملية التطوير والتحديث لمجتمعاتنا العربية الا تكريس لما نطمح الى ارسائه من اسس متينة لنهضة عربية شاملة يتقاسم فيها المسؤولية الرجل والمرأة على حد سواء.
 ولما كانت المساواة مبدا اساسيا من مبادىء حقوق الانسان فقد حرصنا على ترسيخ هذا المبدا بين الرجل والمرأة وارتقينا به الى مرتبة الدستور لاننا نؤمن ان لا كرامة لشعب اذا اختل التوازن بين افراده وعانت احدى فئاته الاقصاء والتهميش وان لا ازدهار لشعب اذ اختل التكامل لدى فئاته بين الوعي بالحقوق والالتزام بالواجبات. ولنا في رصيدنا الوطني الروحي والفكري والثقافي والاجتماعي والنضالي ما به نعزز اليوم ثقتنا بالمستقبل لاننا ننتمي الى شعب اصيل وفي لهويته وتراثه متفتح على عصره يرفض الحلول المستوردة كما يرفض كل انواع المغالاة والتمييز والافراط والتفريط وبقي على الدوام معتدلا في اختيارته ومواقفه واحكامه يشيع التواصل والتكامل بين مختلف افراده وفئاته.
وما مجلة الاحوال الشخصية الا صدى لهذه المسيرة الوطنية الفذة من التحرير والتنوير والتطوير والتجديد والحوار والوفاق التي استاثرت فيها المرأة خاصة والاسرة عامة بمنزلة رفيعة من الحقوق والمكاسب واصبحت تذكر اليوم بكثير من التنويه والاشادة في محيطنا الاقليمي والدولي. واذ اعرب بهذه المناسبة عن بالغ التقدير للاتحاد الوطني للمرأة التونسية وللهياكل والجمعيات المعنية وسائر الاحزاب ومكونات المجتمع المدني لوفائهم لمجلة الاحوال الشخصية وتعلقهم بها وحرصهم على حماية ما جاءت به من مكاسب جمة ومتنوعة للمرأة والاسرة فاني اعتقد ان التمسك بمجلة الاحوال الشخصية ودعمها واثراءها والدفاع عنها وتجسيم محتواها في واقعنا اليومي المعيش امانة اخلاقية واجتماعية وسياسية موكولة الى كل التونسيين والتونسيات اذ ان سلامة مجتمعنا من سلامة المرأة وتقدمه من تقدمها.
وكل عام وتونس بخير وكل عام والمرأة التونسية بخير  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 13 أوت 2006  )  


قائمة الموسّمات بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني للمرأة وبخمسينية إصدار مجلة الأحوال الشخصية

قرطاج (وات) ـ في ما يلي قائمة الموسمات بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني للمرأة والذكرى الخمسين لاصدار مجلة الاحوال الشخصية:
* الصنف الثاني من وسام الجمهورية: ـ الدكتورة ودودة بدران ـ السيدة امنة عويج ـ السيدة خديجة التميمي ـ السيدة منى نور الدين ـ السيدة نعيمة عمارة بن حمودة ـ السيدة سارة كمون الشعبوني ـ السيدة وسيلة بن حمدة ـ السيدة ياسمينة التليلي
* الصنف الثالث من وسام الجمهورية:
ـ السيدة زينب الكيلاني ـ السيدة منجية النفزي السوايحي ـ السيدة سيدة الرقيق بوجلبان ـ السيدة ناريمان الجديدي ـ السيدة عائشة النيفر ـ السيدة ليليا الركباني ـ السيدة نور الهدى الغربي ـ السيدة عبير موسى ـ السيدة هادية زبيبة ـ السيدة سلوى الغدامسي ـ السيدة لمياء شقير ثابت ـ السيدة سنية مبارك ـ السيدة رفيقة الشاوش كرو ـ السيدة ايمان بلهادي ـ السيدة بهيجة بن الحاج حميدة بوستة ـ السيدة نجيبة اسكندراني ـ السيدة دلندة مزيو ـ السيدة عويشة بداي ـ السيدة دليلة بن صالح ـ السيدة زبيدة بشير ـ السيدة فارحة شقير مغيث ـ السيدة نجاة الرقيق ـ السيدة ياسة اللويزي ـ السيدة روضة بن صابر ـ السيدة ليلى الصفاقسي المرابط ـ السيدة فتحية شاكر بكور ـ السيدة صالحة التونسي ـ السيدة فاطمة بوسعيد المدنيني ـ السيدة رفيعة عبد العالي ـ السيدة فتحية عمار ـ السيدة محبوبة كركوب ـ السيدة سعاد عياد ـ السيدة بختة بلحاج
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 13 أوت 2006  )  


الحــــــزب الاجتماعـــــــي التحـــــرري:

ثابت يعلن عن شروط المصالحة المطروحة.. وردود فعل متواصلة

تونس ـ الصباح:
في الوقت الذي اكدت فيه مصادر ان هناك مساعي جارية داخل الحزب الاجتماعي التحرري بهدف الاصلاح والمصالحة وخصوصا فيما بين مختلف التحرريين اي بين «القيادة» الجديدة الصاعدة اثر مؤتمر استثنائي في الخامس عشر من جويلية الماضي ومجموعة من القياديين السابقين، اكد السيد المنذر ثابت ـ الصاعد للامانة العامة للحزب اثر مؤتمر استثنائي اثار ردود فعل عديدة من قبل الذين لم يشاركوا فيه ـ ان «المصالحة مطروحة وممكنة مع بعض العناصر الجدية بشرط ان يتقدم كل من يرغب في العودة لهياكل الحزب بتقييم ذاتي يصرح فيه كل واحد بحقيقة تعامله مع الحزب في السابق ويشرح فيه كل الممارسات التي ادت به الى وضع متردي بالاضافة الى وجوب توضيح رؤيته المستقبلية». * مصالحة مطروحة
وقال ثابت لـ«الصباح»: «من يرغب في العودة للحزب والانضمام لصفنا يتوجب عليه الاعتراف بحقيقة كل ما جرى في الحزب سابقا وتوضيح كيفية تعامله مع الظروف السابقة ومدى اضافته في وقت وجوده داخل التحرري».. ولم ينف المنذر ثابت ومن معه في المكتب السياسي المنبثق عن مؤتمر منتصف جويلية ان نية المصالحة موجودة وان اتصالات جرت مع ثلاثة عناصر لحد الان من بين عناصر المجموعة الموجودة خارج هياكل الحزب، وتساءل عن كيفية التعامل مع عناصر تطالب الان بعقد مؤتمر خارق للعادة في شهر سبتمبر القادم.. ويذكر في هذا السياق ان ثابت كان قد وعد بعدم الدخول في «متاهات ومزايدات لا فائدة منها ومن تصفية حسابات قديمة» حسب قوله في نفس الوقت الذي يشترط فيه على كل الراغبين في المصالحة ان يقدموا تقييما ذاتيا مفصلا حتى ينظر المكتب السياسي في ذلك لاحقا..   * ردود فعل متواصلة
وفيما يتمسك ثابت بشروط  المصالحة تتمسك الاطراف الاخرى بمواقفها وردود فعلها تجاه المؤتمر الاستثنائي وبالتالي تجاه القيادة المنبثقة عنه للحزب، وذلك في خضم مساعي بعض الاتصالات التي تم تكليف السيد العربي بن علي بالقيام بها بغاية تقريب وجهات النظر وامكانية التوصل الى حلول صلحية وخصوصا مع كل من السيدين حسني لحمر الذي اكد لـ«الصباح» انه يدعو لفتح الحوار بين مختلف الاطراف المعنية كطريقة جدية بهدف تفعيل اصلاح الحزب والمصالحة، والسيد الهادي بن عافية الذي قال في هذا الصدد: «ان مجموعة الاصلاح المزعومة التي تنادي باصلاح الحزب وتقدح في قرارات وتصرفات رئيس الحزب المستقيل وخاصة منها كيفية انعقاد مؤتمر افريل 2005 والخروقات التي وقعت فيه، هم انفسهم يتصرفون بنفس التصرفات ولم يستندوا للقانون الاساسي للحزب تاركين كوادر ومناضلي التحرري الحقيقيين ـ المنتخبين في مؤتمر فيفري 1999 الشرعي الوحيد في تاريخ الحزب ـ والذي اسسوه منذ نشأته وجعلوه ممثلا في المؤسسات الدستورية خارج الحزب بعد نضال وتضحيات طويلة..».
وباستثناء السيد جميل السعيدي ـ ممثل التحرري في مجلس النواب ـ الذي فضل الصمت لحد الان، فان عددا من الذين كانوا معه في المكتب السياسي بقيادة الباجي واصلوا رد الفعل تجاه ما يحدث في التحرري وذلك على غرار السيد سامي القيطوني الذي تمسك برفضه لمؤتمر منتصف جويلية وكذلك السيد محسن الخالدي الذي قال «بصفتي رئيس اول جامعة احدثت في الحزب وممثله في المجلس البلدي بتاجروين والمجلس الجهوي للتنمية بالكاف وعضو مكتبه السياسي اتساءل عن عدم دعوتي ومناضلي الجهة للمشاركة في صنع مؤتمر استثنائي ديموقراطي ناديت به وبضرورة الاصلاح الفعلي للحزب منذ تواجدي داخل المكتب السياسي الذي ترأسه الباجي الذي لم تكن لي معه خلافات شخصية كما انني ليس لدي خلافات او اعتراضات على غيره من الاشخاص..».
لطفي بن صالح (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 13 أوت 2006  )
 

ارتفاع احتياطي تونس من النقد الأجنبي

 

ارتفع حجم احتياطي تونس من النقد الأجنبي في أغسطس/آب الجاري ليصل إلى 8 مليارات دينار ( 6 مليارات دولار) أي ما يغطي 159 يوما من الواردات مقابل 119 يوميا خلال نفس الفترة من العام الماضي.   وعزا تقرير للبنك المركزي التونسي هذا الارتفاع بدرجة أساسية إٍلى التحويل الكامل لعائدات صفقة خصخصة 35% من رأسمال مؤسسة “اتصالات تونس” البالغة قيمتها 2.25 مليار دولار التي فازت بها المجموعة الاٍماراتية تيكوم دبي.   وأضاف التقرير أن عائدات القطاع السياحي وتحويلات المغتربين التونسيين ساهمت في هذا الارتفاع، إذ ارتفعت  عائدات القطاع السياحي بنسبة 3.9%، لتبلغ قيمتها 1.33 مليار دينار(مليار دولار).   أمّا عائدات المغتربين التونسيين، فقد ارتفعت خلال الأشهر السبعة الماضية بنسبة 7.3%، ليبلغ حجمها 786 مليون دينار (595.45 مليون دولار). (المصدر:موقع الجزيررة نت بتاريخ 13 أوت 2006)


  

أصغر قاصة في العالم ..

تونسية تدخل كتاب غينيس للارقام القياسية مرتين

تونس/ 13 آب / بترا / من إخلاص القاضي ..

 

دخلت القاصة التونسية ” سمر المزغني 17 عاما ” كتاب ” غينيس ” للارقام القياسية مرتين ” ” كاصغر كاتبة قصة قصيرة في العالم ” و ” الكاتبة الغزيرة الانتاج الاصغر في العالم ” في عامي 2000 و 2002 وهي تحمل في طيات قصصها نمطا يبتعد عن ” التزييف اذا ما ادرك الاطفال واقعهم ” .

 

ونأت في سردها القصصي كما تقول لوكالة الانباء الاردنية منذ ان بدأت الكتابة في ربيعها السابع بجسد صغير نحيل عن كل ما يمكن ان ” يجرح حساسية الطفل ” وعن ” قصص الجميلات والساحرات الشريرات ” التي فاضت بها موضوعات ادب الاطفال في المكتبة العربية فيما اقتربت كتاباتها من واقع يعيد بناء الطفل بشفافية الحلم القابل للتحقيق بواقع 100 قصة .

 

” عرفان ” اول قصة نشرت لها في عام 1997 ليصل نتاجها الادبي اليوم الى نحو 100 قصة تبرعت بريع بعضها الى ” ارامل وايتام شهداء الانتفاضة الفلسطينية “.. ونشر نتاجها الادبي فيما يزيد عن مائتي جريدة ومجلة تونسية وعربية ولها قصائد باللغتين العربية والفرنسية منحت عن بعضها العديد من الجوائز وشهادات التقدير والاوسمة كما راسلها العديد من زعماء العالم والقادة العرب تشجيعا لها فيما اطلق اسمها على صالون ثقافي في تونس .

 

” صديقة ” .. ” غدوت نملة ” .. “عصفور فلسطيني فقد امه” .. ” عندما تمطر السماء ” اسماء بعض من قصصها فيما تعتبر قصة ” ايها الشريف ننحني لتمر بعصاك ” كما تقول الاقرب الى وجدانها اذ اهدتها الى روح والدها في الذكرى السنوية الاولى لرحيله .

 

تؤمن ” المزغني ” بثقافة التغيير ” التي تسهم بها وسائل الاعلام حين تسلط الضوء على قصص نجاح اطفال العالم العربي بل وتتبنى اصحابها لتكون منطلقا لاعداد اجيال قادرة على تحمل مسؤولياتها بواقعية وادراك كما تعتقد .

 

سيبقى الطفل حاضرا في وجدان ” المزغني ” وستستمر بالكتابة عنه وله كما تنوه حتى لو اضحت عجوزا في الستين ” فبداخلها طفل لا يكبر بل يتعلم دائما كيف يكبر ” .

 

(المصدر: وكالة أنباء بترا الأردنية بتاريخ 13 أوت 2006)

الرابط: http://www.petra.gov.jo/nepras/2006/Aug/13/28.htm


تونس تستثمر المحميات والغابات لتطوير “السياحة الخضراء”

تونس – سميرة الصدفي    

 

مع إمتلاء المنتجعات السياحية الساحلية التي تستقطب أعداداً كبيرة من الزوار صيفاً ووصولها إلى درجة من الإزدحام تُقلل من فرص الإستمتاع بالراحة، بدأ التونسيون يخططون للإنتقال إلى مرحلة جديدة تتيح استثمار المحميات والغابات والمناطق البيئية لاستقطاب فئات خاصة من السياح تتفادى الكثافة السكانية وتبحث عن الهدوء بين أحضان الطبيعة.

 

وشكلت المناطق الجبلية والسواحل البعيدة عن المدن أهم مقصدين آخذا يستقطبان السياح الغربيين، وبخاصة روابي مدينة سليانة الواقعة بين الجبال الخضراء وحقول القموح والتي وجد فيها الزوار مكاناً مثالياً للإستمتاع بالطبيعة. كذلك لوحظ أن ساحل الزوارع الذي استُكشف أخيراً في شمال البلد يملك مواصفات يمكن أن تجعل منه منطقة جذب رئيسية للسياحة البيئية. واعتبر سامي كريشان رئيس شركة تهيئة منطقة الزوارع أن السياحة البيئية تشكل نوعاً مختلفاً عن فروع السياحة الأخرى، مشيراً إلى وجود ميل دولي للتخلي عن السياحة التقليدية، ما حمل التونسيين على تحديد المناطق التي يمكن تركيز “سياحة خضراء” فيها وفي مقدمها سواحل الزوارع وروابي سليانة.

 

وأفاد كريشان أن الدائرة ستتوسع بإدماج مناطق لم تكن مصنفة من ضمن المحطات السياحية في الخارطة الجديدة بينها أرخبيل قرقنة ومدينتا الكاف والقصرين حيث تنتشر المواقع الأثرية الرومانية والجبال الخضراء. وبالنظر الى الإمكانات الطبيعية والمناخية المميزة للأرخبيل بدأ العمل أخيراً في إقامة منطقة للسياحة البيئية في احدى مناطقه وتُدعى “فول النخل”. إلا أن طاقة المحطة السياحية في قرقنة ستكون أقل بكثير من حجم جربة التي تعتبر أكبر جزيرة تونسية والتي ما زالت تضم معالم حضارية ومدناً تاريخية عريقة تستقطب السياح.

 

كذلك باشر التونسيون استثمار جزيرة جالطة الواقعة قبالة السواحل الشمالية والتي كانت غير مأهولة لتحويلها إلى محطة للسياحة البيئية بعد إنشاء البنية الأساسية اللازمة وتسيير رحلات دورية تؤمن ربطها باليابسة. وفي هذا السياق أقيمت أخيراً في تونس ندوة علمية رمت لدرس وسائل تطوير السياحة البيئية بمشاركة خبراء ومالكي فنادق ومكاتب دراسات ومكاتب أسفار. وأظهرت الدراسات المقدمة للندوة أن أعداداً كبيرة من السياح تسعى الى الإبتعاد عن المدن وتبحث عن فرصة للهرب إلى الطبيعة والتواري عن الأنظار، ومن هنا فكر التونسيون بالتخطيط لاستثمار هذا الميل الجامح إلى المحميات الطبيعية والغابات والجبال والسواحل البكر في تطوير فرع جديد من السياحة.

 

وزارت “الحياة” ساحل الزوارع في الخامس من آب (أغسطس) فكان الوصول إليه عسيراً بسبب ضيق الطريق واختراقها غابة جبلية كثيفة، إلا أن عدد المصطافين لم يتجاوز ستين مصطافاً جميعهم من الأسر مع أن الحرارة كانت شديدة قبل الظهر والناس في إجازة.

 

يمتد الساحل البكر البللوري على مدى ستة كيلومترات لكن لا وجود لمساكن ولا مخيمات أو بشر أصلاً على امتداد السفوح الجبلية الخضراء المكسوة بأمواج من الرمال الذهبية الناصعة. وعندما تقترب من الماء تشعر بنوع من الدفء قبل أن تغوص قليلاً إلى العمق فتلسعك برودة تنشر قشعريرة في الجسد تُذكرك ببرد سواحل المحيطات.

 

على الساحل لا يوجد شيء عدا مقهى بسيط وخيمة لرجال الدفاع المدني وبعض المظلات التي ضربها المصطافون على الرمال أسوة بالعرب الرُحَل في القرون الخوالي. ومثل هذه المنطقة يحتاج إلى تهيئة تأخذ في الإعتبار ضرورة استثمارها سياحياً لكن مع المحافظة على طهارة البيئة والحؤول دون تلويثها بالمنشآت الفندقية. وهناك مناطق كثيرة على امتداد السواحل التونسية التي يُقدر طولها بحوالي 1300 كيلومتر ما زالت غير مُستكشفة ولم يزحف عليها التلوَث بسبب بقائها سواحل بكراً، لكن الأفضل ربما أن تبقى متوارية عن الأنظار وراء جبال ومرتفعات وعرة، كي لا يبتلعها تيار السياحة الجارف ويمتص نضارتها.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 13 أوت 2006)


إزاحة قائد عسكري في الدار البيضاء … المغرب: إحالة 12 على القضاء في قضية تنظيم «أنصار المهدي»

 
الرباط – محمد الأشهب     الحياة 
استمرت تداعيات تفكيك خلية «أنصار المهدي» التي ضمت أربعة جنود كانوا يعملون في القاعدة العسكرية في سلا (شمال الرباط). وأحيل 12 شخصاً على القضاء بتهمة تشكيل تنظيم متطرف، فيما أزاحت الحكومة العقيد مراد بن الحسن، وهو قائد عسكري في ثكنة في الدار البيضاء كبرى المدن المغربية، لكن لم يعرف ما إذا كان لهذه الخطوة علاقة بالاختراق المحدود الذي نفذه التنظيم في المؤسسة العسكرية، خصوصاً في ضوء ورود معلومات عن إحالة المسؤول في ادارة الأمن العسكري الجنرال محمد بلبشير على المعاش قبل أيام من إعلان اكتشاف الخلية. وأحالت السلطات تسعة معتقلين وثلاثة جنود متقاعدين على قاضي التحقيق في محكمة الاستئناف في الرباط، ووجهت لهم تهم تشكيل تنظيم متطرف عثرت في حوزته على متفجرات وأسلحة ووسائل اتصال متطورة وأجهزة لتزوير العملات. وأشارت مصادر أمنية إلى أن الأفراد المحالين على قاضي التحقيق ينتسبون إلى «الجناح العسكري» لتنظيم «أنصار المهدي» الذي أسندت إمارته الى المعتقل السابق حسن الخطاب، فيما تولى الجانب العسكري ياسين الورديني. وكشفت التحريات أن خطة الشبكة استندت في مرحلة أولى الى استقطاب المناصرين من خلال حلقات ودروس دينية كان يتم تلقينها في «دار القرآن»، على أن يلي ذلك استقطاب جنود ورجال أمن أحيلوا على المعاش للإفادة من تجربتهم العسكرية في تدريب المناصرين، إذ يعتقد أن اقامة المعسكرات لهذه الغاية كانت تختفي وراء استقطاب المحاربين الراغبين في الالتحاق بالمقاومة العراقية، بينما يمثل البعد الثالث وضع خطة لتنفيذ هجمات ضد مراكز مدنية ومنشآت، كان مخططاً أن تكون أكثر عنفاً من الهجمات الانتحارية التي شهدتها الدار البيضاء في 16 أيار (مايو) 2003. وعزت مصادر اختيار إحدى الغابات في ضواحي الناضور المجاورة لمدينة مليلية المحتلة في شمال البلاد إلى الاختباء في تلك الأدغال التي كان يتخذها المهاجرون الأفارقة ملاذاً للإقامة. وتوقعت المصادر الكشف عن مناطق ظل جديدة تتعلق بأعداد المنتسبين إلى التنظيم وصلاته الداخلية والخارجية في وقت لاحق، في ضوء نتائج التحقيقات الجارية.
(المصدر: صحيفة الحياة  الصادرة يوم 13 أوت 2006)


الجزائر: لا نيّة لفرض حظر تجول بعد انقضاء مهلة تنفيذ أحكام «ميثاق السلم»

 
الجزائر – محمد مقدم     الحياة     أفادت مصادر مطلعة أن السلطات الجزائرية لا ترغب في إقرار حال حظر التجول مثلما يجري الحديث عنه في الصحف الجزائرية منذ أسابيع. وقال مصدر بارز لـ «الحياة»، أمس، أن لا صحة للأنباء التي يتداولها منذ فترة الشارع وبعض وسائل الإعلام، في شأن إمكان إقرار نظام حظر تجول عبر عدد من الولايات، مباشرة بعد إنقضاء الآجال القانونية لتدابير تنفيذ «ميثاق السلم والمصالحة الوطنية» في 28 آب (أغسطس) الجاري. وأضاف: «ما يجري الحديث عنه في شأن إقرار السلطات حظر تجول في بعض الولايات يستند إلى أوهام ومعلومات كاذبة، وهو يعكس للأسف هوس أوساط ترغب في تغذية الإشاعات». وأضاف ان «السلطات مستمرة في مكافحة الإرهاب ولكن الوضع تغير كثيراً وليس هناك ما يستدعي العودة إلى مثل هذه التدابير والإجراءات». وكانت السلطات ألغت في كانون الثاني (يناير) 1996 العمل بحال حظر التجول التي كان يجري العمل بها منذ مطلع التسعينات في سبع ولايات، وكان لهذا القرار أثر مباشر في تحسين صورة الجزائر في الخارج سيما في ما يتعلق بالاستثمار الأجنبي وأيضاً في قرار كثير من المصالح القنصلية العودة إلى الجزائر. وتعهد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، في خطاب له أمام كبار ضباط المؤسسة العسكرية في الأول من تموز (يوليو) الماضي، العمل على مكافحة الإرهاب بعد إنقضاء الآجال التي منحتها السلطات بموجب ميثاق السلم لعناصر الجماعات الإسلامية المسلحة والتي تنتهي نهاية الشهر الجاري. وتُقر التدابير التي أعلنتها السلطات في نهاية شباط (فبراير) الماضي مجموعة من التدابير التي تتضمن عفواً جزئياً أو كلياً عن عناصر الجماعات المسلحة الذين يستجيبون نداء السلم. وأعلنت «الجماعة السلفية للدعوة والقتال»، وهي أبرز تنظيم مسلح في الجزائر، انها ترفض الإستجابة للنداء، وهي كثّفت إعتداءاتها في الفترة الأخيرة.
(المصدر: صحيفة الحياة  الصادرة يوم 12 أوت 2006)
 

بين الليبرالية واعداءها

الامجد الباجي

في كل مقال اقراه لمفكر عربي مهموم وصادق اقرا دائما ان كل هذه الماسات التي نعيشها سببها اللبيرالية.العرب عشقوا الماركسية وعندما علموا بموت الماركسية اندحروا الى التصوف والانهيار العصبي . لا يوجد احد تريث لحضة ليسال اسئلة حقيقية. كلهم اكتفوا بالاجوبة التي قدمها ماركس عن اللبيرالية حتى وان كانوا قطعوا مع الشيوعية الا ان ماركس بقي املهم الوحيد.وككل العشاق تراهم لا يصدقون بموت معشوقهم فالكثيرين يجلسون امام الافق الفارغ يترقبون عودة المسيح . كلهم ياملون ان تنتفض الاشتراكية من غبارها وربما تعود من جديد في ثوب جديد. حالة من الفقر الفكري. حالة من الخصاصة النظرية. تصحر وانهيارات عصبية بالجملة. ولكن لا احد يتفطن الى ان الاسئلة في كل مجال الحياة هي اهم من الاجوبة. فطالما تدوم الاسئلة فان ذلك علامة على صحة جسدية وفكرية . وكم هو مشؤوم وادحس ذلك العالم المملوء بالاجوبة .الاسئلة هي اكبر واعظم واثرى موروث يمكن ان تتركه الاجيال لبعضها . واراني اسمع من يقول ان مايفعله الامريكان اليوم في العالم من دمارفي كل المجالات مصدره اليبرالية .كانما الحقيقة السياسية عوضت الحقيقة عموما. كانما انهيار الاتحاد السوفياتي وبقاء الامريكان كقوة منفردة في العالم يقابله انهيار للشيوعية من جهة وسيطرة لليبرالية من جهة اخرى. وهنا ايضا لا تجد اسئلة وانما تصفعك الاجوبة التي اخذت مكان الحقائق على الارض . كل ما قراته في السنوات الاخيرة من الانتقادات الموجهة لليبرالية فيه جهل عميق ومفزع لليبرالية.اقلام كبيرة اكن لها الاحترام استمعت لها تتحدث بجهل مخزي ومهين لليبرالية. قرات ذات مرة ان بوش ليبرالي . وان ديك تشيني ليبرالي . كانما يكفي ان تنتمي الى دولة سوقها متحررة فانت ليبرالي . كانما امريكا التي عاشت قرونا تحرم كلمة ليبرالي صارت اليوم تختزل الليبرالية. لقد تدحرج الفكر الى مستوى المعتقدات الشعبية . الليبرالية التي هي عصارة عصارة الفكر الانساني على امتداد تاريخه الفكري الطويل والملئ بالمتناقضات صارت اليوم مجرد مقولات شعوذة يحملها الامريكان في رقبتهم لتحميهم من كيد الكائدين . اليبرالية التي فلسفة واخلاقيات فلسفة وجملة رائعة من ادوات المعرفة تحولت تحت وابل اللعنة الامريكية الى اديولوجيا المافيا والغزاة وكل انواع الاوباش. وبما ان الناس ذاكرتها ضعيفة فلا احد يسال كيف كانت حالة العالم قبل مجئ الاتحاد السوفياتي .هناك قرن عمرت فيه الراسمالية وحدها دون منازع .هو القرن التاسع عشر . كيف كان حال الناس . سوف لن اطيل . ساجيب . القرت التاسع عشر كان اروع قرن عرفته الانسانية واروبا بالخصوص .قرن لا مثيل له . ونحن اليوم نعيش وناكل الى حد هذه الحظة من معجزات ذلك القرن.لقد كان قرن الحرية.وقرن الابداع في كل المجالات.التلفزة والهاتف النقال ستاندال ودفستوفسكي والسنما واهم الاكتشافات في الرياضيات والفيزياء وعلوم البحار والسيارة والطياران والاسمنت المسلح كل ذلك واكثر من ذلك بكثير كان نتيجة مناخ الحرية الذي ساد في القرن التاسع عشر . انذاك لم تكن هناك دولة تدعي انها تحتكر اقتصاد السوق .كانت الراسمالية تنتشر كالماء في كل مكان حتى مصر التي اصابتها النوبة العصبية بفعل حملة نابليون كادت في غضون بعض السنوات ان تعدل ساعتها على نمو اوروبا لولا التلاعب السياسي الذي عصف بهاواوقعها في قبضة الانقليز. المفكرون العرب والمسلمون الذين لا يقدر احد ان يشكك في تدينهم اعترفوا بانبهارهم بالتقدم الحضاري الرائع الذي تحقق في الغرب وبدوا سلسلة من المقاربات الفكرية لتعديل ساعة الاسلام على ذلك الزلزال الحضاري. انذاك لم تكن كتابات الليبراليين مجهولة وممنوعة مثلما هو الحال اليوم .ولم يكن من يشكك في ميزةالنظام الراسمالي وما يحققه من تقدم في مستوى المعيشة بتقدم الاختراعات العلمية والطبية وتسارع الاكتشافات في كل الميادين التي بدات تسهل حركة انتقال البضائع و تعميم الخدمات وتسارع نمو خطوط التواصل من طرقات ووسائل تنقل سريعة . مما سارع في نمو الثروات وتكدس هائل للسلع والخدمات. لم يكن احد يشكك في ذلك الا ماركس وبعض الاشتراكيين الفرنسيين. اليوم الراسمالية في كل مكان على الارض . ولكن لا احد يرى الغابة لان شجرة الامريكان تغطي المشهد. ولا احد يقدم اليوم على مسائلة عهد الاتحاد السوفياتي وجرائمه في حق سكان المناطق التي حكم فيها . ثم ما رايكم ان ما تقوم به امريكيا اليوم هو من مخلفات حربها على الاتحاد السوفياتي . وان مجموعة المجانين الذين يحكمون البيت الابيض هم حفنة من اللبيروقرطيين الذين يتمتهم موت الحرب الباردة فقاموا كالاموات يبحثون عن السوفيات في كل من يتحرك. ولا علاقة بالشركات ولا تجار نيورك بذلك. الليبرالية تعاني من تهجمات الذين لا يعرفون عنها شيئا ويتهومونها بما تقترفه ايادي بعض التجار او رجال الاعمال الذين لا علاقة لهم بالليبرالية. وتعاني من اقتصار شهرة مراجعها على المفكرين الاوائل.بينما الاجيال الجبارة التي تعاقبت بعد منجير و لودفيك فون ميزس و هايك وروثبارت وغيرهم مما يسمونهم بالنمساويين هؤلاء لا تعرف عنهم النخب الا القليل بل تجهلهم . هناك كتاب من اعظم ما كتب بعد مقدمة ابن خلدون وهو( الفعل الانساني) للمفكر الليبرالي النمساوي الكبير لودفيك فون ميزس هذا الكتاب يبقى جزيرة مجهولة تتصارع وسائل المنع والدعاية المضادة لليبرالية على ردمه واعماء بصيرة المفكرين عنه. فهو في محتواه يدين السياسات الاقتصادية التي تدير شؤونها الادارة الامركية على مستوى عالمي بادوات مثل البنك الدولي وصنوق النقد الدولي . انه وثيقة ادانة للنظم السياسية اليوم والتي تتدعي انها نظم تتاسس على حرية المبادرة وحرية السوق . ولكن كتاب (الفعل الانساني) يفضح هذه السياسات ويعريها لذلك تعمد الجامعات التي تدرس علم الاقتصاد على تحاشيه طالما ان اساتذة الجامعة هم اعوان اديولوجيا الانظمة التسلطية التي تقود العالم. الليبرالية تعاني من المندسين الذين يدعون عارا انهم ليبراليين وياتون باخلاقهم الفاسدة وعقائدهم البائدة وممارساتهم الاجرامية مدعين ان اليبرالية هي هذه الحرية في ان تكون لا اخلاقيا .فتلازمت عند النخب العربية فكرة ان الليبرالية و الفساد الاخلاقي والبغي ومعاضدة الاستعمار والقوادة للقوة وتشجيع تكوين اخلاق المافيا وتشجيع السرقة والنهب هو عنوان لنفس الشئ.

وكل هذا مصدره الجهل لا شئ غير الجهل . 


حرب لبنان : بين تخاذل حكام العرب وفشل المشروع الأمريكي في المنطقة

تطورات الأحداث المتلاحقة في لبنان على امتداد أكثر من شهر تشير إلى أن مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تروج له الآلة السّياسية والإعلامية الأمريكية يواجه التقهقر والفشل الذريع . فالمعطيات والوقائع الموجودة على أرض الواقع والمتمثلة في تصدي عناصر حزب اللّه بجنوب لبنان للترسانة الحربية الإسرائلية وما ألحقته من خسائر في صفوف جنودها وترسانتها العسكريّة يؤكد فشل خطط ومشاريع الإدارة الأمريكية حيال المنطقة .   كما كشفت مجريات الأحداث أن ما ترتكبه الآلة العسكرية الإسرائلية كل يوم على أرض لبنان بمباركة ودعم أمريكي وعلى مرأى ومسمع من العالم من مجازر وحشية يمثل إزدواجية المعايير لدى مجلس الأمن والأمم المتحدة في تعاطيها مع قضايا العالم الإسلامي والعربي ناهيك أن شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان التي مافتئ المجتمع الدولي يروج لها قد إنكشفت وباتت على حقيقتها .   كما ساهمت تطورات الأحداث في تعرية الخطاب العربي الرّسمي وبات واضحا للعيان مدى إرتماء حكام العرب في أحضان الإدارة الأمريكية وصلت إلى حد تلبية كل المطالب والإملاءات  دون مراعات لمشاعر الشعوب وقوى المجتمع السّياسية ونخبه الوطنية ،ولم تدرك الأنظمة العربيّة البائسة لحدّ الآن أنّ الرّهان على الموقف الأمريكي والتسليم بالسّياسة العدوانيّة على أراضينا وشعوبنا خدمة لمشاريع الهيمنة التي تروّج لها الإدارة الأمريكيّة لفرض إرادتها وتصفيّة المقاومة خيار فاشل .   كما أصبح واضحا لدى شعوب المنطقة أنّ ما تمارسه آلة الحرب الإسرائيليّة على أرض لبنان من دمار و قتل للأبرياء يمثّل إدانة واضحة للسّياسات العربيّة التي انسلخت عن هويّتها وشعوبها فيما ساهمت هذه الأوضاع في ارتفاع حالة التأييد والتعاطف مع المقاومة ،ولم تعد تجدي كلمات الشعور بالصدمة والقلق والإنزعاج التي يطلقها بعض السّاسة الكبار في العالم حول المجازر التي ترتكب يوميّا في حقّ الأطفال والنّساء والشّيوخ بلبنان .   ومع استمرار عرض الصّور والتقارير التي تبثها وكالات الأنباء العالميّة يوميّا من موقع الحدث حول تواصل المجازر الإسرائيليّة بحقّ المدنيّين اللّبنانيّين مع استهداف للمناطق السّكنيّة والمنشآت الرّئيسيّة للمدن وقرى الجنوب بالإضافة إلى قوافل النّازحين تنكشف حقيقة تواطئ النظام العربي الرّسمي أمام مواجهة لبنان لمصيره القاتم تحت مطاحن حرب إبادة جماعيّة بلا رحمة ولا ضمير.   ولكن مهما كانت نتائج الدّمار فلن تنجح اسرائيل في تحقيق مخطّطاتها على المنطقة بل إنّها كلّما أوغلت في البطش كلّما اقتربت من الهزيمة ، كما أنّ صمود المقاومة اللّبنانيّة وتحقيقها لبعض الإنتصارات على أرض الواقع رغم اختلاف موازين القوى قد أسقط الوهم الذي يقول إنّ اسرائيل قوّة لا تقهر وأعادت الإعتبار للكرامة والعزّة والهويّة العربيّة والإسلاميّة وجذّرت معاني الشّعور بالقضيّة وكشفت عجز النّظام العربي البائد وتخاذله وإذلاله.   إنّنا إذا أمام وضع جديد أصبحت فيه معاني الإنسانيّة لا معنى لها عندما يتعلّق الأمر بشعوبنا العربيّة والإسلاميّة يضاف لذلك تخاذل مفضوح للأنظمة العربيّة الرّسميّة وفي المقابل لذلك تتجذّر معاني الشّعور بالقضيّة لدى المواطن العربي يعطي دفعا قويّا للمقاومة والتّصدّي لعمليّات الإنخراط في مشاريع التّطبيع والإستسلام.   نورالدين الخميري /  ألمانيا  

مجازر إرهاب الدولة الصهيونية

 
توفيق المديني قانا، القاع ، الشياح ، عناوين لمجازر بشعة و شنيعة ،تؤكد إصرار العدو الصهيوني على المضي قدما في جرائمه التي وصفها الإرهابي إيهود أولمرت بأنها “حرب بلا حدود” على لبنان وشعبه الصامد.كما تؤكد أيضا  على محرقة الشرق الأوسط الجديد التي تشق طريقها على الجسد اللبناني تقطيعاً وتدميراً، وقودها شلال دم عربي بفعل المذابح اليومية التي يرتكبها مجرمو الحرب في الكيان الصهيوني، ومازالوا يجدون من يرعاهم ويمنع إدانتهم ويمدد لهم المدد، لاسيما من جانب الولايات المتحدة الأمريكية. وكما كان متوقعا دافعت واشنطن في المحافل الدولية باستماتة عن ربيبتها  “إسرائيل” للحيلولة دون صدور أي قرار يدينها أو يدين المجازرالمروعة التي أحدثتها في قانا،و القاع ، وحي الشياح ، والتي زعم مندوب الكيان في الأمم المتحدة بكل وقاحة أن ضحاياها هم ضحايا حزب الله. وقد أثبتت حرب التدمير الصهيونية في لبنان حقيقة منذ  انطلاقتها في 12 تموز2006  ، أن هناك تماثلاً قائماً بين السفاحين آرييل شارون وإيهود أولمرت ، و أن لافرق بينهما ، إذ برهن هذا الأخير عن أنه وجه آخر لشارون ونسخة طبق الأصل عنه في كل ما يتصل بمواصفاته وسلوكه كإرهابي عنصري ورجل حرب وعدوان . وهنا نرى من الضروري أن نؤكد أنه في ظل هذا المناخ المتطرف العدواني لدى المجتمع الصهيوني بمعظمه ، وليس لدى قياداته السياسية فقط ، أن القيادات الصهيونية ليست معنية بعملية السلام كما يدعون كذبا ، بقدر ما هم  معنيون بالدفاع عن الدور والوظيفة للكيان الصهيوني كثكنة عسكرية استيطانية متقدمة في قلب الأمة العربية ، وعن طبيعة العقيدة الصهيونية ، وهي طبيعة عنصرية عدوانية ، تقوم على أساس حق الاغتصاب والحرب باسم تحرير الأرض  ، ورد العدوان ، والانتقام .  وإذا كانت الأدبيات الصهيونية تؤكد هذه الأطروحات ، فإن ممارسات الدولة الصهيونية ، منذ قيامها حتى الآن ، تؤكد هذه الحقيقة بما لا يدع مجالاً للشك .ويستطيع من يقرأ مذكرات القادة الصهيونيين بن غوريون ، شاريت ، دايان ، آلون، غولدا مئير الخ أن يلمس هذه الحقيقة بوضوح . والقيادات الصهيونية نتيجة لذلك ، لا تفكر إلا بالحرب والانتفاء وبالخطر ، وبحشد القوى ، وباستغلال الفرص لتوجيه ضربات ، لا بالسلام مع العرب و الفلسطينيين. والقيادات الصهيونية نتيجة لذلك ، لا تفكر إلا بالحرب والانتفاء وبالخطر ، وبحشد القوى ، وباستغلال الفرص لتوجيه ضربات ، لا بالسلام مع العرب و الفلسطينيين . ونقدم هنا بعض الاقتباسات المنقولة عن مذكرات موشي دايان : يقول شاريت :   »  أنه ذهب لمقابلة رئيس الدولة بن زفي في 11/10/1953 ، وكان شاريت وزير الخارجية ، وقد سجل في مفكرته ذلك اليوم ما يلي : وبن زفي أثار كالعادة بعض المسائل الموحي بها ، والتي لا غرض لها ، مثل  : هل لدينا فرصة لاحتلال سيناء ؟ وكم سيكون رائعاً أن تبدأ مصر هجوماً نستطيع أن نصده ، ثم نتبعه بغزو الصحراء ، وقد شعر باستياء شديد ، عندما أخبرته بأن المصريين الا يبدون أي ميل لأن يجعلوا مهمة الاحتلال هذه سهلة لنا ، عبر استفزاز دولي من جهتهم « ليفياروكاش : الإرهاب ” الإسرائيلي”  – المقدس ص 41 « . ويذكر شاريت بعد الهجوم على نحالين ليلة 28/3/1954 أنه تحدث مع تيدي كوليك مساعد رئيس مكتب رئيس الوزراء ، ورئيس بلدية القدس فيما بعد وأن شاريت قال له » ها نحن قد عدنا إلى نقطة البداية ، أترانا نتجه إلى الحرب ، أم أننا نريد تجنبها « . ويضيف شاريت : » في رأيي ان قيادة الجيش مشربة باشتهاء الحرب « » المرجع السابق ص 73 « . ويذكر شاريت بعد الهجوم عل قاعدة للجيش الأردني في عزوي يوم 27/6/1954 » أن تقارير السفارات الأميركية في العواصم العربية ، التي جرت دراستها في واشنطن ولدت لدى وزارة الخارجية الأميركية الاقتناع بوجود خطة “إسرائيلية” للعمليات الانتقامية التي تنفذ استناداً إلى جدول مواعيد موضوع مسبقاً وبأن هدف هذه الخطة هو التصعيد الثابت للتوتر ، وصولاً إلى الحرب « . ويصف شاريت » أن الدبلوماسية الأميركية مقتنعة بأن نية ” اسرائيل” هي تخريب المفاوضات الأميركية مع مصر ، وكذلك مع العراق وتركيا وهي المفاوضات الهادفة إلى إقامة تحالفات موالية للغرب « المرجع السابق – ص 75 « . ويسجل شاريت يوم 26/5/1955 وهو يعلق على ما قاله دايان : » قال دايان . . إن العمليات الانتقامية التي ما كان باستطاعتنا تنفيذها لو كنا مقيدين بحلف أمني » أي من الولايات المتحدة الأميركية ، هي شرياننا الحياتي .  أولاً : لأنها تجبر الحكومات العربية على اتخاذ إجراءات شديدة لحماية حدودها .  وثانياً : وهو الأمر الرئيس ، لأنها تمكننا من الحفاظ على مستوى عال من التوتر بين مواطنينا وفي الجيش .  ودون هذه العمليات سنتوقف عن كوننا شعباً مقاتلاً سوف نضيع إذا لم نتمتع بانضباط الشعب المقاتل . ويضيف شاريت والاستنتاجات من كلمات دايان واضحة ليس لهذه الدولة وما يقلقها دولياً ، وليس لها مشاكل اقتصادية ومسألة السلام غير موجودة » . . « عليها أن تحسب خطواتها بأفق ضيق وأن تعيش بالسيف .  عليها أن ترى في السيف الأداة الرئيسية ، إذا لم تكن الوحيدة ، التي تمكنها من الإبقاء على معنوياتها عالية ، ومن المحافظة على توترها الأخلاقي ولتحقيق هذا الهدف قد بل يجب على الدولة أن تخترع الأخطار ، ولفعل ذلك عليها تبني منهج الاستفزازوالثأر( . . ) .   وقادة الكيان الصهيوني اليوم ، هم تلاميذ بن غوريون ودايان ومئير وشاريت ، ولم يثبتوا أنهم يعرفون غير هذا الخط .ويقوم هذا الخط أساساً على المقومات التالية :
أولاً –   الاستعداد للحرب ، باعتبار القوة هي العامل الحاسم ، وباعتبار كل العرب عدواً ، لا الأقطار المجاورة للاراضي المحتلة فحسب ، وعلى أساس أن أجواء الحرب تبقي المستوطنين الصهيونيين الغزاة في حالة توتر دائم .  ولا بد لإعطاء التوتر مصداقيته من افتعال معارك ، هنا وهناك ، صغيرة وكبيرة .  وتظل سياسة الانتقام والتعطيش جزءاً هاماً في السياسة ، كما تظل سياسة العدوان والتوسع ركناً أساساً فيها . وعليه شهد الوطن العربي ،  منذ نهاية الأربعينات حتى الآن غارات صهيونية على الحدود ، وداخل الأراضي العربية ، كما شهد ست حروب كبيرة سنة 48 – 49 ، و56 ، و 67 ، و73 ، و82, و2006 . وعلى الرغم من كل التطورات العالمية ، بعد نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي ، وحرب الخليج الثانية ، وانعقاد مؤتمر مدريد للسلام ، فإن السياسة الصهيونية لم تتغير، والأهم من هذا أن السياسة الرسمية العربية انتقلت من الرفض الرسمي والشكلي لوجود الكيان الصهيوني إلى سياسة الاعتراف به ، وتوقيع اتفاقيات سلام معه : كامب ديفيد ، أوسلو ، وملحقاته، وادي عربة .  ومع ذلك فإن السياسة الصهيونية لم تتغير ، بل احتفظت بعنفها وشراستها ، إن لم نقل انها ازدادت عنفاً وشراسة وعدوانية في ظل تجذر المقاومة الفلسطينية واللبنانية
ثانياً  –   العمل على تدمير الوطن العربي ، لا على إقامة سلام معه ، والسبب أن القيادات الصهيونية الحاقدة والتي ارتكبت جريمة طرد شعب من أرضه ، ترى أنها لا تستقر ، دون تدمير الوطن العربي كله ، لأن نهضة الأمة العربية ، وتحقيق وحدتها ، سيقلب ميزان القوى لمصلحة العرب . ولذلك يجب أن يفكك وجود الأمة ، وأن  تستنزف قواتها ؟  كيف ؟ بإثارة التناقضات مع الأمم المجاورة ، الإيرانيون ، والأحباش ، والأكراد ، وإشعال حروب مزمنة مع هذه الأمم ، ثم ، وفي آن معاً ، بإثارة التناقضات الداخلية ، وإشعال حروب طوائف وحدود قبائل لا تنتهي .  وفي الوطن العربي الآن ، وعلى حدوده ما يكفي من الوقائع والدلائل ، وعلينا أن ننتظر المزيد . إن تدمير وجود الأمة العربية تماماً ، هو الذي يشفي غليل القادة الصهيونيين ، ويحقق أهداف مخططاتهم ، وحين يقتل العربي أخاه ، ويمثل به ، ويقتل مسلحو طائفة أبناء طائفة أخرى ، وينهكون أعراض نسائهم ، وتثور نزاعات لا تتوقف ، لأي سبب ، وتشتعل حروب مثل حرب داحس والغبراء والبسوس ، تقر عيون القيادات الصهيونية ، ويقيمون ” سلاماً ” مع  قادة طائفة ، ضد طائفة أخرى ، ومع أقلية ضد شعب ، ومع جهة ضعيفة ضد جهة أقوى ، وهكذا . . وهذا هو ” السلام ” الذي ينشدون .
ثالثاً –   السعي لتعطيل أي عملية ” سلام ” تستهدف حلاً للصراع العربي الصهيوني قبل أن يتحقق الهدف الصهيوني العام ، وهو إشعال الحرائق في العالم العربي ، وتفكيك أوصاله وتحويله إلى طوائف وقبائل متحاربة منهكة ، لأن القيادات الصهيونية ترى أن أي ” سلام ” قبل ذلك سوف يكون هدنة يستعيد العرب فيها قواهم ليشنوا حرباً جديدة .  ولذلك فإن السياسة الصهيونية تحتل وتحاول ابتزاز تنازلات وتثير فتنا وتحاول فرض اتفاقيات ، ولكنها في النهاية تريد تهويد كل فلسطين ، ووطناً عربياً مفككاً ومنهكاً ، وطوائف متناحرة تحقد كل منها على الأخرى ، والهدف أن تفرض السياسة الصهيونية استسلاماً كاملاً شاملاً ، يحقق كل الأهداف الصهيونية . ولما كانت القيادة الصهيونية تعرف أن الخطر القادم ، سيأتي من الجماهير العربية ، فإنها تقبل استسلام الدول العربية ، ولكنها لا تعتبره كافياً ، إن لم تستسلم الجماهير ، وما يجري الآن هدفه إخضاع الجماهير أساساً .
 (المصدر: صحيفة الخليج  الإماراتية  الصادرة يوم 13 أوت 2006)
 

من هو المقاوم في العراق؟

 
 د خالد شوكات وأنا أتابع أخبار العراق الدامية، وهذه التفجيرات اللعينة التي تحصد أرواح العراقيين البسطاء الأبرياء في الأسواق والمساجد والكنائس والشوارع والساحات العامة، أسأل نفسي كل يوم ذات السؤال: هل هذه مقاومة؟ لست أدري لماذا انقلبت عند العرب مفاهيم الأشياء؟ و لماذا يصبح مجرم سفاك متعطش للعق الدماء بطلا وشهيدا، بينما الباني المشيد خائنا وعميلا؟ أم أن عقلي أنا “مركب شمال” على حد قول إخواننا المصريين؟
في العراق الجديد، المقاييس مضطربة تماما، وخلاصات العرب ونظراتهم إلى الواقع العراقي مدعاة للتساؤل والحيرة والتعجب، أما الأسئلة فيمكن أن تكون عجيبة غريبة فريدة من نوعها:
– من هو المقاوم في العراق، الذي يقتل غيلة الأطفال والنساء والشيوخ والعمال البسطاء بتفجير نفسه بحزام ناسف طلبا للشهادة كما علمه شيوخه الأفاضل لعاقي الدماء، أم من يسعى لإنقاذ الأنفس ببناء المستشفيات والمراكز الصحية والعمل على مد المحتاجين والفقراء بالدواء؟
– من هو المقاوم في العراق، الذي يدمر ويخرب ويغتال أعوان الأمن وقوات الشرطة والحرس المدني ويزرع الرعب والهلع في صفوف العراقيين المدنيين ويعطل المرافق الإدارية والحياة العامة والمدارس والجامعات، أم الذي يساهم في زرع الأمل في نفوس العراقيين ويعمل على تأمين الخدمات الضرورية لهم من غذاء وكساء ودواء؟
– من هو المقاوم في العراق، الذي يفجر محطات الكهرباء ويقطع الطرقات ويقصف المطارات ويخرب مجمعات التلفونات والاتصالات ويسمم خزانات المياه ويدمر البنى التحتية للبلد، أم الذي يسعى جاهدا إلى إصلاح هذه المرافق جميعها ويتطلع إلى تأمين المزيد من خدمات الرفاهية لعموم العراقيين الذين لم يغمض لهم جفن منذ أربعة عقود جراء مغامرات الأخ القائد وفلوله الإرهابية المتواصلة؟
– من هو المقاوم في العراق، الذي يغتال السياسيين والإداريين والعلماء ويذبح الصحفيين والكتاب والأدباء، أم الذي يشارك في تنظيم الانتخابات وإقامة مؤسسات الدولة التعددية الديمقراطية وتنمية تقاليد الحياة الحرة الجديدة في السياسة والإعلام والحياة العامة؟
– من هو المقاوم في العراق، هذا الذي يسعى لإخراج المحتل من البلاد، أهو الذي يهدد بإقامة نظام على شاكلة الطالبان أو البعث زمن صدام، بزرع الموت والخراب والدمار في كل مكان، ويوفر المزيد من الحجج والأعذار للإبقاء على القوات الأمريكية إلى ما لا نهاية، أم الذي يعمل ما بوسعه لبناء المؤسسات العسكرية والأمنية الوطنية، من جيش وشرطة، ويقيم أسس دولة تعددية ديمقراطية حديثة، بما يقصر من عمر الاحتلال وينزع مبررات وجوده؟
– من هو المقاوم في العراق، الذي يصدر فتاوى القتل الجماعي في حق الشيعة باعتبارهم عملاء وخونة ورافضة، أم هو الذي يناضل من أجل دولة يكون صندوق الانتخاب الشفاف والنزيه فيها هو المحدد، وتكون فيها العملية السياسية شراكة وتمثيلا لكل الحساسيات والطوائف والأحزاب والجماعات؟
هذه الأسئلة المفارقة لا يمكن بطبيعة الحال إلا أن تكون عربية محضة، لأن بقية أمم العالم لم تسعفها عقول نخبها بعد إلى أن تبلغ هذا الحد من الولع بقلب الحقائق وازدرائها في مقابل الكلمات، وجعل الشعارات مقدمة على الوقائع والانجازات، فالعرب على سبيل المثال يعدون قادتهم الأبطال هم الذين يقودون شعوبهم إلى الهزائم المدمرة المتكررة، أما قادتهم الخونة فهم بنظرهم من يربح المعارك العسكرية ويستعيد الأراضي المسلوبة!
والعرب على خلاف شعوب الأرض جميعا، لا يقيمون ساستهم بالأعمال والإنجازات، إنما بالنوايا والشعارات، فالذي يطلب من الأمريكيين مثلا مغادرة البلاد وإخلاء القواعد العسكرية، ليس إلا عميلا وخائنا ومتآمرا كبيرا على الأمة، أما الذي يوفر لهم أسباب المجيء أو يمنحهم نصف البلاد قاعدة فليس سوى بطلا مغوارا وقائدا قوميا عظيما!
الذي ينفق على التربية والتعليم وبرامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية، هو في عيون العرب سفيه وخائن وعميل، أما الذي ينفق على العساكر المنهزمة دائما وعلى شراء الأسلحة الخربة ومشاريع المفاعلات النووية المفترضة وتمويل الثورات والانقلابات في كل أنحاء الدنيا، فليس سوى بطلا عظيما وقائدا أمميا ثائرا خذله شعبه الذي لم يفهم عبقريته جيدا وتكالبت عليه قوى الاستعمار والرجعية والامبريالية!
وأخيرا، لا يسعني إلا أن أتساءل: لو أن العراق لم يقاوم على الطريقة الزرقاوية، وقاوم على الطريقة “الإدنهاورية” (نسبة إلى إدنهاور الزعيم الألماني بعد الحرب العالمية الثانية)، كم تراه وفر من أرواح وأموال وبنى تحتية، وكم تراه ربح من الوقت والجهد والثروة الوطنية، وكم درجة تراه ارتقى في سلم التنمية المستدامة؟
الأمريكان وحدهم من يدرك عظم الخدمات الجليلة التي تقدمها المقاومة الحمقاء لهم!   (المصدر: موقع إيلاف بتاريخ 12 أوت  2006)


حرب لبنان في مرآة المغرب: توازنات وتحوّلات في الغلبة

صالح بشير (*)    

 

المظاهرة التي قرأتُ أخبارها في الصحف المغربية وشاهدت صورها على شاشات التلفزيون، لم تكن تلك التي حضرتُها، يوم الأحد الماضي، في شوراع مدينة الدار البيضاء. الأولى كانت صقيلة، «حديثة»، عائلية أحيانا، لرجالها قيافة متعلمي الطبقة الوسطى (أو مثقفيها إن شئت) في كل مكان، ونساؤها حاسرات الرؤوس، أما الثانية، تلك التي رأيت، فملتحية متحجبة متجلببة، متراصة غفيرة، «عسكرية» التنظيم أو تكاد، سيلا بشريا لا ينضب، شابّة، شعبية التكوين.

 

هي نفس المظاهرة، نُظّمت مساندة للبنان وفلسطين، لكن واجهتها غير عمقها، إلى درجة التناقض. الواجهة، أحزابا وجمعيات، علمانية، يسارية أو من النخب التي تصدرت المجتمع منذ الاستقلال، جمعُها كان ضئيلا وشعاراتها على قدر من تناشز. أما العمق فإسلامي، من حزب العدالة والتنمية، أو من جماعة العدل والإحسان في سواده الأعظم حسب ما أسرّ به لنا أحدهم، وهي تنظيم محظور لكنه علني، قد يُلاحق أعضاؤه بين الفينة والأخرى إن اشتطوا في القول أو في الفعل. لذلك أبدى الإعلام المغربي أو جله، قدرا من ارتباك، فنوّه، مُشيدا، بأن المظاهرة كانت «حاشدة»، لأن الشعب المغربي لا يمكنه أن يتضامن إلا على نحو حاشد مع «الأشقاء» في لبنان وفلسطين، لكنه تلعثم وتلكأ لدى ترجمة ذلك الحشد إلى أرقام، فتجنب إيرادها وتلافى أوصافا ك «المليونية»، ربما لعلمه أن الأرقام تلك ستُحسب لطرف، معلوم، دون سواه، أو إحجاما عن إثارة سجال داخلي، إنطلاقا من موضوع يُفترض فيه أن يكون إجماعيا. وقد نشرت يومية «الاتحاد الإشتراكي»، صحيفة حزب اليسار المشارك في الحكومة، تعليقا مقتضبا طعنت فيه في «أخلاقية» من ينتهزون (دون أن تسمّيهم) مناسبة كتلك للقيام بـ»عرض عضلات»، مراميه محلية و»سياسوية».

 

 

والحقيقة أن «عرض العضلات» ذاك كان بليغا لافتا. ليس فقط من حيث العدد، لكن خصوصا من حيث التنظيم والانضباط. سيل بشري استمر تدفقه طيلة نحو الساعتين، يتسجيب أوامر «ضباطه» استجابة آنية، تصفيقا وتلويحا بالأيادي وهرولة وجلوسا على الأرض أو ترديدا لشعار وانتقالا إلى الهتاف بسواه… لقد تولى المتظاهرون أمر تظاهرتهم بالكامل، حتى أن متطوعين منهم انبثّوا بين الجموع وفي آخرها ينظفون الشارع مما وقع منها من أوراق وسواها من أوساخ. أما رجال الأمن، فلم يكد يظهر لهم أثر، وإن كانوا، لا شك، مرابطين غير بعيد تحسبا لكل طارئ قد يجدّ. كأنما إسلاميو المغرب ما أرادوا فقط أن يبرهنوا على قوتهم الكمية، بل على أنهم، وهذا الأهم، قوة «مسؤولة»، وشريك محتمل في المستقبل يُعتدّ به، حتى أن أنصارهم تفرقوا في آخر التظاهرة، فلم نر أحدا منهم يخاطب الثاني حتى على سبيل تجاذب أطراف الحديث، ربما استجابة لأمر سري، ناتج عن تعهد، بتجنب التجمعات في الشوارع.

 

لا شك أن تظاهرة كتلك قد لا يتحملها، في راهن المنطقة العربية، بلد غير المغرب، سلطته (ممثلة في «المخزن»، وهذا لا يتطابق مع الحكومة إلا جزئيا)، مطمئنة إلى سيطرتها على مقاليد الأمور أو هكذا تقدّر وتعتقد، بحيث يسعها أن تتسامح مع «عرض العضلات» الآنف ذكره ووصفه، الكاشف عن حقيقة ميزان القوة، أقله داخل الخريطة الحزبية والسياسية المغربية.

 

ميزان القوة ذاك ليس، بطبيعة الحال، بالأمر المستجدّ الناجم عن الحرب الدائرة في لبنان، لكن هذه الأخيرة ربما فاقمت اختلاله، إذ تمكن إسلاميو المغرب، على ما يبدو، من التماهي مع حزب لله وجهاده (فضلا عن حركة حماس الفلسطينية)، وهذا يحظى في أوساط الرأي العام بتعاطف يتعين الإقرار بأنه جيّاش، مهما كان الرأي فيه. فالمغرب الأقصى والقصيّ (عن ساحة المواجهة)، لا يعبأ باعتبارات المشرق الطائفية، والتي قد تضفي هناك على دعم حزب الله قدرا من الاستدراك قليلا أو كبيرا، وهو إلى ذلك مقيم منذ قرون على ضرب من تشيّع شعبي منسجم مع سنية المؤسسة الدينية الرسمية (الأشعرية عقيدة والمالكية مذهبا) انسجاما تاما وغير مناقض. ونحن إذ توقفنا عند تظاهرة الدار البيضاء فذلك، فضلا عن أهميتها في ذاتها، لأنها عيّنة عما يمكن أن يكون لهذه الحرب الدائرة في لبنان من تبعات ومن تداعيات على التوازنات داخل كل من بلدان المنطقة، تلك التي لا يُلتفت إليها عادة إلا على سبيل مقتضَب الإشارة، لانصراف «نُخبنا»، أو سوادها الأعظم، انصرافا شبه حصري، إلى خطابة الإشادة أو الإدانة وإلى الخوض في مشروع «الشرق الأوسط الجديد» وما إليه من التهويمات الجيوسياسية الكبرى.

 

والحال أن الأمر ذاك يندرج في ما يكاد يستوي «قانوناً» (على ما قد يشوب هذا التعبير من ادعاء) من «القوانين» المتحكمة في النزاع الإسرائيلي-العربي منذ بداياته، مفاده أن مواجهات ذلك النزاع كانت فاعلة في تعديل موازين قوى داخلية، بين الكيانات العربية أو داخل كل منها، وإن بدرجات متفاوتة، على عكس ما هي الحال في العلاقة مع العدو. فالمواجهات تلك تسعى، وإن على نحو غير إرادي، إلى حسم صراعات داخلية أو إلى التأثير فيها أو إلى تحقيق أرجحية داخلية أكثر مما تنشد هدفها «القومي» المعلن… كأنما ألحقنا صراعنا ضد إسرائيل بحروبنا الأهلية أو الكيانية، ما كان منها باردا أو مضمرا، وما كان منها ساخنا مفتوحا.

 

هكذا، وغِبّ هذه الحرب الدائرة في لبنان فتكا وتدميرا، وقبل ذلك لمن استطاع إلى ذلك سبيلا، يجب أن ينصرف الجهد إلى تبيّن تداعياتها علينا، بروزا أو تكريسا لقوى وأفولا لأخرى، على نحو لا يسر، إمعانا في التفكك على الأرجح وإسرافا في الجنوح. أما إسرائيل، فماضية في سطوتها إلى أجل غير معلوم…

 

(*) كاتب تونسي مقيم بإيطاليا

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 13 أوت 2006)

 

 

حرب أميركية بالوكالة

 
محمود عوض  الحياة 
في أحد المستويات يمكن تلخيص الموقف الراهن كما يلي: «منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي قبل عقود لم تكن إسرائيل يوماً أعنف وأقسى وأشرس مما هي عليه اليوم. ولم يكن العالم الإسلامي يوما على هذا العجز والضعف. ومن شأن منظمة المؤتمر الإسلامي، وهي تأسست في 1968 إثر محاولة متطرف إسرائيلي حرق المسجد الأقصى، إبراز قوة العالم الإسلامي والتصدي للعدوان الأسرائيلي. وعليه سعى أكمال الدين إحسان أوغلو أمين عام المنظمة إلى عقد قمة طارئة في ماليزيا. وانتظر كثيرون صدور بيان ناري عن تلك القمة الطارئة. ولكن أوفدت معظم الدول الإسلامية وزراء إلى تلك القمة وكان بيانها أقرب إلى كلمات ترفع العتب منه إلى الدعوة إلى حل عملي». تلك كانت رؤية جريدة تركية في 4/8/2006 تعليقا على الموقف في لبنان وتعبيراً عن خيبة أمل تركيا التي كانت تعول كثيرا على المؤتمر الإسلامي في ماليزيا. في البداية قام عبدالله غُل نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية التركي بمناشدة الولايات المتحدة التدخل لوقف هذه المأساة الجارية في لبنان حيث: «الواقع يؤكد أن الاستخدام الأعمى والمفرط للقوة من شأنه تعقيد الموقف أكثر مما هو عليه كما أنه في النهاية لا يخدم أو يعزز أو يوفر الأمن لأحد. وما سيحدث على المدى البعيد هو العكس تماماً». كانت المناشدة خفيضة الصوت وعبر مقال في جريدة «واشنطن بوست» الأميركية ختمه بقوله: «إن الأرواح التي تزهق في لبنان قضت على أي أمل في نجاح عملية التحول الديموقراطي في الشرق الأوسط التي حاولنا نحن مع الولايات المتحدة وحلفاء آخرين غرس بذورها في المنطقة». بعدها ذهب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى مؤتمر ماليزيا حاملاً خطة تصور أنها قد تنتشل الشرق الأوسط من هذه الأزمة. لكن الوقائع الأسرائيلية على الأرض في لبنان حاصرت كل المجتمعين في ماليزيا فعادوا الى بلادهم. رئيس وزراء تركيا رفض اقتراحاً أميركياً بمشاركة تركيا في قوة متعددة الجنسيات تذهب الى لبنان. لكن الأكثر أهمية هو أنه قام بإلغاء صفقة عسكرية سابقة مع إسرائيل قيمتها 500 مليون دولار فأصبح المغزى أوضح مما قاله في ماليزيا وأقصر مسافة . من اللحظة الأولى قام الرئيس الأميركي جورج بوش بتبني الحرب الاسرائيلية في لبنان وتبريرها في المسرح الدولي على أنها دفاع مشروع عن النفس. ومن الأيام الأولى أيضا حذر الرئيس الفرنسي جاك شيراك من أن ما يجري هو تدمير للبنان. واذا كان لنا أن نأخذ بما نشره تيري ميسان المؤلف والصحافي الفرنسي في جريدة «نيويورك تايمز» الأميركية فإن جاك شيراك في اجتماع مجموعة الثماني في سان بطرسبورغ فوجئ بالرئيس الأميركي يقول له: «هذه ليست عملية اسرائيلية وافقت عليها الولايات المتحدة لكنها عملية للولايات المتحدة تنفذها إسرائيل». ثم يضيف ميسان: «بعبارة أدق فإن مشروع تدمير لبنان قدمته اسرائيل الى الإدارة الأميركية قبل العام الماضي بقليل طبقاً لما أفادت به جريدة سان فرانسيسكو كرونيكل». لقد كان الهجوم جوهر مناقشات سياسية جرت في المنتدى العالمي السنوي الذي ينظمه معهد «أميركان إنتربرايز» في 17 و18/6/2006. لقد اجتمع بنيامين نيتانياهو ونائب الرئيس الأميركي ديك تشيني مطولاً مع ريتشارد بيرل وناتان شارانسكي لإعداد خطة الهجوم. وبعد بضعة أيام جرى منح الضوء الأخضر من البيت الأبيض. كانت الحكومة الأميركية تزعم سابقا أنها تدعم الحكومة الحالية في لبنان كجزء من حملتها لنشر الديموقراطية في الشرق الأوسط. لكن حينما بدأت اسرائيل حملتها التدميرية الكبرى في لبنان بدا وجه السخرية في القصة كلها. من هنا خرجت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية في السابع من الشهر الجاري لتضع الحرب الاسرائيلية في لبنان في اطار أوسع مقررة أن الأزمات التي تعصف بالمنطقة هي دليل على بزوغ نجم «الشرق الأوسط الجديد» بالضبط كما جرى انتحال حجة بعد حجة وغطاء بعد غطاء للحرب الأميركية في العراق. القصة هذه المرة بدأت أصلاً بحجة قيام «حزب الله» بخطف جنديين اسرائيليين. لكن اعادة هذا الحادث الى سياقه تكشف مدى التضليل الدعائي المتكرر. اسرائيل انسحبت من جنوب لبنان اضطراراً في ايار (مايو) 2000. لكن تقارير قوة الأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل) تسجل أن الطائرات الإسرائيلية استمرت تنتهك الأجواء اللبنانية بشكل شبه يومي في ما بين سنتي 2001 و2003 وبشكل أكثر من يومي بعدها حتى 2006. وتلك الانتهاكات كانت تروع السكان المدنيين في لبنان خصوصاً كلما اخترقت الطائرات الإسرائيلية حاجز الصوت فوق المناطق المأهولة بالسكان. وفي 26/5/2006 جرى اغتيال مسؤولين في الجهاد الإسلامي بالسيارات المفخخة في مدينة صيدا. في الشهر التالي تم اعتقال شخص اعترف بدوره في الاغتيالات، ولحساب الاستخبارات الاسرائيلية التي أقر بأنها جندته واستمر يعمل لحسابها في لبنان منذ سنة 1994. قصر الكلام: ان اسرائيل لم تتوقف في أي وقت عن انتهاك سيادة لبنان بعد انسحابها من الجنوب في ايار 2000. هذا يعيدنا الى التقرير المعلوماتي الذي نشرته الصحيفة الأميركية «سان فرانسيسكو كرونيكل». ويعيدنا أيضا الى ما قاله جون كامبفنر رئيس التحرير الجديد لمجلة «ذي نيوستيتسمان» البريطانية من أن أكثر من مصدر رسمي في الحكومة البريطانية أخبره أن الحكومة الأميركية كانت تعرف مسبقا بنية اسرائيل شن الحرب في لبنان، بل ان ادارة جورج بوش أبلغت الحكومة البريطانية بذلك. ربما يفسر ذلك الالتزام الكامل من توني بلير رئيس وزراء بريطانيا بالموقف الأميركي من اللحظة الأولى وإصراره على أن تأخذ اسرائيل كل الوقت اللازم لها في لبنان. وعلى رغم كل الدمار الذي ألحقته اسرائيل بلبنان، وتظاهر أميركا بإجراء مشاورات لاستصدار قرار من مجلس الأمن لوقف اطلاق النار، فإن داني ايالون سفير اسرائيل في واشنطن يعلن بالفم المفتوح في 9/8 بأن واشنطن تدعم قرار اسرائيل المضي قدماً في الحرب على لبنان. ربما كانت المماطلات الأميركية هنا هي التي جعلت الرئيس الفرنسي جاك شيراك يلوح أخيراً باحتمال أن تتقدم فرنسا الى مجلس الأمن بمشروعها الخاص للتصويت عليه من دون انتظار موافقة أميركا. والمشكلة هنا هي أن أحداً لا يبدو انه اتعظ من السيناريو الأميركي في العراق. فحينما استصدرت أميركا من مجلس الأمن الدولي قرارات بمعاقبة العراق في سنة 1991 لم تكن الدول الموافقة تتخيل مطلقاً أن العقوبات ستستمر اثنتي عشرة سنة كان ختامها الاحتلال الأميركي للعراق. وطوال تلك المرحلة حاولت فرنسا وروسيا والصين بدرجة أقل وضع حد للعقوبات لكنها جميعا كانت تصطدم بالرفض الأميركي تهديداً باستخدام الفيتو. السيناريو نفسه تحاوله أميركا في الحالة الإيرانية لكن الدول الكبرى ربما تعلمت هذه المرة ألا تتطوع بدفع دولة الى مقصلة مجلس الأمن لأنها لن تستطيع انقاذها تاليا. فقط أميركا تقوم بذلك ولمصالح أميركية ولأهداف امبراطورية لم تعد خافية. في اليوم السابع والعشرين من الحرب الاسرائيلية في لبنان اجتمع وزراء الخارجية العرب في بيروت. تبنوا برنامج الحكومة اللبنانية وانتدبوا وفداً للسفر الى نيويورك ليتأكد للجميع مرة أخرى أن أميركا غير متعجلة لوقف تدمير لبنان. الحجة المعلنة هي القضاء على «حزب الله» أو عزله. لكن النتائج تجيء عكسية تماماً فلم يتوحد الناس جميعاً – داخل لبنان وخارجه – مع «حزب الله» قدر توحدهم الآن. هذا خلل منهجي في التشخيص تسجله الطبقة السياسية الأميركية النافذة في العراق سابقاً وايران تالياً. فما تروج له الدعاية الأميركية – الإسرائيلية هو أن «حزب الله» في لبنان عميل لسورية أو ايران أو كليهما معاً، وأنه بتلك الصفة عنوان آخر للإسلام الراديكالي الواجب تدميره. في الواقع ان «حزب الله» نشأ أصلاً كنتيجة للغزو الاسرائيلي للبنان في 1982. نشأ الحزب كإعادة صياغة لتوجهات كيانات لبنانية قائمة بالفعل. كيانات جمع بينها الرفض الطبيعي للاحتلال. وفي مقال كتبه روبرت بيب في جريدة «الأوبزيرفر» البريطانية أخيراً يقول: «من المستحيل القضاء على حزب الله عسكرياً… وما يدل على ذلك البحث الذي أجريته في البيانات الخاصة بـ38 من أعضاء حزب الله قاموا بعمليات تفجيرية ضد أهداف اسرائيلية أثناء الاحتلال الإسرائيلي للجنوب اللبناني. لقد صدمت عندما علمت أن ثمانية منهم فقط كانوا ذوي توجهات اسلامية أصولية بينما انتمى 27 منهم لمجموعات يسارية منها الحزب الشيوعي اللبناني. كما كان من بينهم ثلاثة مسيحيين منهم امرأة تلقت تعليماً جامعياً وعملت معلمة لطلاب المدارس الثانوية. لقد رأيت أن ما جمع بين هؤلاء لم يكن عقيدة دينية أو سياسية ولكنه عزم على مقاومة الاحتلال الأجنبي لبلادهم». مثل هذا التشخيص يرفضه بالطبع المحافظون الجدد في واشنطن وبالتبعية اسرائيل في مهمتها الأميركية. وكلما جاءت الوقائع على غير هواهم لا يجدون حلاً سوى المزيد من التدمير والمزيد من الترويع للشعب اللبناني، تصوراً أن هذا يسحب الإجماع الوطني من «حزب الله». وكما تفصح المنشورات المتتالية التي تلقي بها الطائرات الإسرائيلية فوق مدن وقرى لبنان فما تقوله اسرائيل للبنانيين خلاصته: «عدوكم هو حزب الله وبسببه فقط تتعرضون لكل هذا الخراب». بالفعل هناك خراب مروع تتعمده اسرائيل في لبنان. لكنه الخراب التدميري المتعمد من آلة الحرب الإسرائيلية ضد السكان المدنيين. في كل الحروب يكون هناك ضحايا مدنيون كنتيجة جانبية. لكن فقط في كل حروب اسرائيل يكون السكان المدنيون هم الهدف، خصوصاً كلما استعصت على اسرائيل النتائج العسكرية على الأرض. في حرب الاستنزاف المصرية (1967/1970) كانت المواجهة اليومية بين اسرائيل المنتصرة المنتشية بانتصارها وجيش مصري جديد يولد من أنقاض الهزيمة. مع ذلك ففي كل لحظة كانت اسرائيل تتعرض فيها لضربات موجعة من الجيش الوليد كانت تلجأ فوراً الى ضرب المدنيين المصريين في بيوتهم وقراهم أملاً في أن ينقلبوا على هذا الجيش الوليد الذي أتى بالانتقام الإسرائيلي الى بيوتهم على حد تعبير موشي دايان وزير الدفاع الإسرائيلي وقتها. لكن اسرائيل كانت تفاجأ بعد كل مرة تدمر فيها بيوت المصريين وقراهم ومدارسهم ومصانعهم ومستشفياتهم بأنهم يصبحون أكثر توحداً وايماناً بهؤلاء الساعين الى تحرير الأرض من الاحتلال مصممين على الحياة بكرامة. كاتب مصري
(المصدر: صحيفة الحياة  الصادرة يوم 13 أوت 2006)

 

فاشية إسلامية أم حرب صليبية؟

محمود المبارك (*)

 

حديث الرئيس الأميركي قبل يومين – إثر إعلان الشرطة البريطانية عن إحباط مؤامرة لاختطاف طائرات بريطانية متجهة إلى الولايات المتحدة – عن خطر «الفاشية الإسلامية» يعيد إلى الأذهان من جديد الحديث عن الحروب الصليبية.

 

فمنذ بِدْء الحملة الأميركية المسعورة على الإرهاب، هناك شعور يزداد بين الشعوب المسلمة مفاده أن هناك حرباً صليبية غربية بقيادة أميركا ضد الإسلام. وحيث ان موضوع الاتهامات في النيات أمر يحتاج إلى إثبات، فلعله من المفيد أولاً سرد بعض الحقائق:

 

بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 أعلن الرئيس الأميركي بوش أن حرب الولايات المتحدة ضد «القاعدة» و «طالبان» «حرب صليبية».

 

زعم الرئيس الأميركي بوش أن الرب طلب منه الترشح لمنصب الرئاسة ومن بعد ذلك إعادة الترشح مرة أخرى «لإنقاذ العالم» باسم الرب.

 

في تصريح متزامن مع بداية «الحرب ضد الإرهاب» وصف رئيس وزراء إيطاليا السابق بيرلوسكوني الإسلام بأنه «دين السفهاء».

 

مجموعة «المحافظين الجدد» الذين يحكمون الولايات المتحدة اليوم يبنون خططهم على أسس دينية عنصرية.

 

في عهد الرئيس الحالي بوش شنت الولايات المتحدة حربين ضد بلدين مسلمين هما أفغانستان والعراق شملتا «حرب إبادة» وساعدت في إبادة شعبين مسلمين في فلسطين ولبنان.

 

التهديدات الأميركية الحالية هي ضد دولتين مسلمتين هما إيران وسورية.

 

غالب حديث الرئيس الأميركي عن الإرهاب يكون مقترناً بلفظة الإسلام.

 

خلال حديثه عن الإسلام كثير من الألفاظ التي يستخدمها الرئيس الأميركي ويربطها بالإرهاب يزعم أنها مقتبسة من عبارات من الإنجيل.

 

القس الأميركي جيري فالويل وهو بمثابة المستشار الديني غير الرسمي للرئيس الأميركي بوش وصف الإسلام بأنه «دين إرهاب».

 

بقية كبار الانجيليين الأميركيين من أمثال بيلي غراهام وبات روبرتسون وجيمي سواقرت وغيرهم – تبارزوا في الهجوم على رسول الإسلام والدين الإسلامي.

 

الهجمة المحمومة على الرسول عليه الصلاة والسلام التي بدأت من الدنمارك ثم شملت بلداناً عدة كانت بتحريض من المفكر الأميركي دانيال بايبس.

 

المفكر الأميركي صاموئيل هانتنغتون بشّر بحرب بين الإسلام والغرب منذ عام 1988.

 

وسائل الإعلام الأميركية لا تطلق لفظ «إرهاب» إلا إذا كان فيها طرف مسلم.

 

كل عمليات العنف التي قام بها مسلمون نُعِتَتْ من الرئيس الأميركي ومعه وسائل الإعلام الأميركية بصفة «إرهاب».

 

لم تُنعتْ ولو مرة واحدة عملية عنف قام بها أميركي أبيض بلفظة «إرهاب».

 

الأميركي المتعصب ديفيد كورش المسؤول عن قضية واكو تكساس التي راح ضحيتها عشرات الأميركيين جلهم نساء وأطفال لم يُنْعَت بلفظة «إرهابي».

 

الأميركي المتعصب ماكفي المسؤول عن تفجير البناية الحكومية في ولاية أوكلاهوما لم يُنعَت بلفظة «إرهابي».

 

الأميركي الأبيض جون ووكر الذي حارب في صفوف «القاعدة» في أفغانستان لم يُنعَت بصفة «إرهابي» ولم يُسجَن في غوانتانامو.

 

قبل أشهر رفض قاضٍ في إحدى محاكم كاليفورنيا إطلاق تهمة «إرهابي» على أميركي أبيض قام بإلقاء زجاجة حارقة على مركز إسلامي في الولاية.

 

الكتب المناوئة للإسلام التي أُلّفت في الغرب خلال السنوات الخمس الأخيرة زادت من حيث العدد على جميع ما أُلّف في الموضوع نفسه خلال الخمسين عاماً الماضية.

 

في معركة القوات الأميركية على الفلوجة سُوّي 300 مسجد بالأرض.

 

في خطبة للجنرال الأميركي بويكن أمام حشد من الجنود المتوجهين إلى العراق يَعِظُهم بوصف الحرب التي تشنها الولايات المتحدة ضد الإرهاب بأنها «حرب صليبية»، وأن النصر لن يتأتى إلا إذا اعتقد المحاربون أنها كذلك، ما أثار حفيظة مجلة «تايم» الأميركية لتخصيص أحد أعدادها للتساؤل عن علاقة الدين بالحرب على العراق.

 

إفادة شهادة الشهود الموثقة بأن الجنود الأميركيين في العراق يتعمدون إهانة المصاحف في المساجد بتمزيقها.

 

قام الجنود الأميركيون في سجون باغرام في أفغانستان وأبو غريب في العراق ومعتقل غوانتانامو بتمزيق وإهانة المصاحف وشتم دين المعتقلين.

 

تجسست الإدارة الأميركية الحالية على مكالمات هاتفية لمواطنين أميركيين، كلهم من المسلمين وأماكن عبادة للمسلمين.

 

تعامى الكونغرس الأميركي بشقيه ومن كلا الحزبين عن عمليات التنصت ضد المسلمين ولم يتخذ أي إجراء قانوني تجاهها.

 

شنت الولايات المتحدة حرباً محمومة ضد حركة المقاومة الإسلامية «حماس» قبل وصولها إلى السلطة وبعد انتخابها.

 

الولايات المتحدة تعمل جاهدة لتهميش المقاومة الإسلامية في لبنان «حزب الله».

 

بعد هذا العرض الموجز لبعض الحقائق التاريخية الحديثة للمواقف، الأميركية خصوصاً والغربية عموماً ضد الإسلام، تأتي تصريحات بوش الأخيرة في الحديث عن «إسلام فاشي» والتحذير من ذلك. ما يجعل من الصعب تفسير هذا التعبير بعيداً من الأحقاد الدينية التي بعثتها إدارة الرئيس الأميركي بوش من جديد.

 

الأمر المثير للسخرية هو أن الولايات المتحدة لا تزال تلقِن الدول المسلمة دروساً في التسامح الديني والمذهبي! وتدعو المسلمين إلى قبول «الرأي الآخر» وسعة الأفق. إلا ان سعة الأفق الأميركية قد تضيق عن تحمل أي تطاول على السامية اليهودية من أي نوع كان!

 

وواضح أن الرئيس الأميركي الحالي عنده نوع من انقلاب في الموازين واختلال في المقاييس، وهذا هو الذي جعل شارون في نظره «رجل سلام». هذا المنطق يتماشى مع رؤية الرئيس الأميركي لاحلال الديموقراطية و «السلام» في العراق، وإعانة أنظمة عسكرية مستبدة في بعض الدول العربية والإسلامية من دون اعتراض على إسلاميتها، لكونها مشت خلف القطيع الأميركي، أمر فيه تشجيع للديموقراطية!

 

ولكن، إذا كان هذا هو المنطق الأميركي الرسمي… فلماذا لا يكون المنطق العربي الرسمي من الوحشية الإسرائيلية أنها «فاشية يهودية»؟ هل تجرؤ حكوماتنا على ذلك؟

 

(*) حقوقي دولي

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 12 أوت 2006)


 

إن كانت الديموقراطية سلعة أميركية، فأحسنوا، أيها الأميركان، طرق تسويقها

عصام الخفاجي    

 

في 1997 ساهمت في مؤتمر عقد في نيودلهي لتأسيس «المنبر العالمي للديموقراطية». كان اختيار نيودلهي مكانا لعقد المؤتمر موفقا لعدة أسباب. فالهند التي تضم سدس سكان الكرة الأرضية أكبر ديموقراطية في العالم وتجربتها الديموقراطية المستقرة منذ نهاية أربعينات القرن الماضي تفنّد خرافة ينادي بها بعض أنصار وخصوم الديموقراطية تزعم أن الأخيرة بنت الحضارة المسيحية أو الأوروبية الأثينية، لا تستقيم إلا بالترابط معهما.

 

ولعل أهم ما في المؤتمر (الذي تحول إلى كرنفال سياسي فيما بعد) المحاضرة التي افتتح بها أمارتيا سن، حامل جائزة نوبل للإقتصاد، أعماله وكان عنوانها «الديموقراطية كقيمة كونية»، وفيها يبرز سن مساهمة الحضارات المختلفة في نشوء فكرة الديموقراطية وسيرورتها وينتقد بشدة الأفكار التي تدعو إلى تأجيلها إلى ما بعد مرحلة إشباع البطون.

 

جاءت محاضرة سن أشبه برد، غير مقصود، على ماسبقها. فلإضفاء هالة من الأهمية على الفعالية، حرص المنظمون على حشد أكبر عدد من رسائل التحية من رؤساء دول العالم غربا وشرقا، وكلها قُرئت بالنيابة بالطبع، حتى جاء دور رسالة الرئيس الأميركي بيل كلنتون، الذي كان لابد وأن يميز رسالته بأن ظهر علينا على شاشة فيديو كبيرة يقرأ رسالته.

 

لم يكن كل هذا مهما، ولا الجو الطقوسي المفتعل الذي يذكّر بمؤتمرات الحزب الشيوعي السوفياتي. الأمر المميز، أن الرئيس الأميركي لم يكتف بتحية المؤتمرين، أو الحديث عن الديموقراطية، بل شكرنا على التزامنا بالديموقراطية ودفاعنا عنها!

 

تذكّرت ماسبق وأنا أتابع تصريحات كوندوليزا رايس عن ولادة الشرق الأوسط الجديد من بين جثث الأطفال والمدنيين اللبنانيين والفلسطينيين والعراقيين، وتساءلت: أيدركون في تبشيرهم بالديموقراطية، أية إساءة كبرى يلحقون بها؟

 

أن يشكر الرئيس الأميركي الديموقراطيين يعني أنهم قدموا له خدمة وانه يعترف لهم بهذا الجميل، ناقضا بذلك صراعات إنسانية مديدة من بشر قد لا يعرفون مايجري في أميركا، من أجل تحسين شروط حياتهم واستعادة كراماتهم المهدورة، ليحيل ذلك كله إلى بشر مشكورين لشرائهم وتسويقهم سلعة أميركية اسمها الديموقراطية. وما صورة الديموقراطية والحداثة إذا اقترنت في أذهان الناس العاديين بكل هذا الدم المراق والخراب والدمار؟

 

ليس مطلوبا تزوير التاريخ والوقائع بالإدعاء بأن ولادة النظم السياسية الجديدة، ومنها النظم الديموقراطية، تمت وتتم من دون صراعات كانت دموية في معظم الأحيان. ولكن شتّان بين صورة الجماهير التي نزلت إلى الشوارع لتسقط طاغية مثل تشاوتشيسكو في عملية دموية وبين أطفال قتلى تلوّح كوندوليزا رايس بأنهم ثمن الديموقراطية التي لم يختاروها.

 

منطقان متشابهان: منطق أميركي يقول بقبول الدمار لأنه ثمن ما نريد تحقيقه لكم، ومنطق السيد نصرالله الذي يدعو اللبنانيين إلى الترحيب بالدمار لأنه يحقق ما يريده لهم. وفي كلتا الحالتين لا أحد يستشير اللبنانيين أو الفلسطينيين أو العراقيين في ما يختارون أو يريدون.

 

لا تخفي الإدارة الأميركية أن اندفاعها المحموم لإشاعة ما تعتقد أنه ديموقراطية في الشرق الأوسط لا يعود إلى اهتمامها بتطلعات الشعوب، بل إلى ان النظم الديموقراطية تقضي على الأسس المولدة للإرهاب الذي يهدد الأمن القومي لأميركا والغرب.

 

إن صحت هذه الفكرة، ولا يبدو أن نمو خلايا الإرهاب في بريطانيا وأندونيسيا تدعمها بالكامل، فسنعود إلى السؤال القديم الجديد والسقيم عن تصدير الثورة وتصدير الديموقراطية قبل أن تتوافر شروطها المحلية في مجتمع ما. إذ غالبا ما يتكىء أنصار الدقرطة الفورية على أن عصر العولمة والإعلام الكوني السريع يضع الصورة والخبر وإنجازات الشعوب في متناول الفرد الأفغاني والأميركي في وقت واحد، جاعلا من العالم، على حد تعبيرهم، قرية صغيرة موحدة. لكن ما يغفل عنه القائلون بذلك أن توحيد العالم لا يعادل البتة التكافؤ في الوصول إلى مصادر المعلومات بل تشابه دلالة المعلومة لدى المتلقين من خلفيات قومية وحضارية واجتماعية متباينة.

 

أسامة بن لادن وجورج بوش وملايين الناس كانوا يعرفون مركز التجارة العالمي في نيويورك بفضل التواصل الإعلامي، لكن هذا المركز كان يمثل رمز امبراطورية الشر لدى الأول ورمز الرخاء والقوة الأميركية لدى الثاني، ومعلما سياحيا لدى آخرين ومصدر عيش لعشرات ألوف الموظفين والعمال هناك.

 

لعل تسارع الضخ الإعلامي وانتشاره الكوني معلمان للعولمة، لكن هذا يشي بمخاطر تحملها العولمة إذ يطّلع الناس على الفجوات الهائلة في مستويات الرفاه التي تفصل بين الشعوب مثيرةً نزعات الإنتقام ممن يتمتعون بما لا يتاح لغيرهم. وإن كان التسارع في الضخ الإعلامي من مظاهر العولمة، فإن الضخ الإعلامي واستقباله المتفاوت، بل المتناقض، ليس ابن العصر الحديث. منذ نهاية الحرب الثانية كانت إذاعات أوروبا الحرة وصوت أميركا مكرسة لتأليب شعوب بلدان الكتلة السوفياتية والبلدان التي اتخذت أنظمتها مواقف معادية للولايات المتحدة ضد أنظمتها الشمولية والحديث عن محاسن الديموقراطية والحرية التي يتمتع بها الغربيون. كانت الدعايات (الفجة) لصوت أميركا منذ الأربعينات حتى السبعينات واحدة في الجوهر.

 

فلماذا لم تكن تلك الدعايات مؤثرة جماهيريا خلال الخمسينات والستينات، في حين أخذت مفردات الديموقراطية وحقوق الإنسان تنتشر على الألسنة منذ نهاية السبعينات على الأقل؟ لا يكمن الجواب في تغير الدعاية، أو في عدم معرفة البشر بالقيم المبشّر بها، بل في أن موجة التفاؤل التي صاحبت نهوض التحرر الوطني والتطور الإقتصادي للبلدان الإشتراكية خلال الخمسينات كانت توحي بأن العدو يحاول القضاء على النجاحات المتحققة باستخدام شعارات تخديرية كالديموقراطية.

 

حين انقضت موجة التفاؤل، لم يكن الخيار الديموقراطي هو البديل التلقائي الذي تصدّر العمل للتغيير الإجتماعي والسياسي في منطقتنا، كما بات واضحا، بل البديل الذي يعد الناس بالعودة إلى ماض مجيد متخيل. ولم تكن الوسائل المفضلة المطروحة لتحقيق هذا التغيير تكمن في الحركات الجماهيرية السلمية بل اللجوء إلى السلاح. هـــكذا انتقلنا من هيمنة حركات «علمانية» شبه معسكرة، بل شــــبه فاشــــية، إلى حركات لا ترى العلة في الوسائل الفاشية بل في العلمانية.

 

بدهي أن فكرة الشرعية «النابعة من فوهة البندقية» ليست (أو بتعبير أدق، لم تكن) حكرا على منطقتنا، بل لم تبدأ عندنا. فالشعار الذي صاغه ماو تسي تونغ اكتسح العالم في الستينات. لكن ما تجاوزه العالم بعد عقدين من الزمن على أكثر تقدير، ظل معشعشا في مجتمعاتنا. الرئيس البرازيلي سيلفيو دي لولا يشرح الأمر في مقابلة مع صحيفة «الفايننشيال تايمز» اللندنية: «منذ 1990، شرعنا بتعزيز فكرة أن الديموقراطية أفضل سبيل أمام القطاعات المبعدة اجتماعيا عن السياسة لكسب السلطة، بعد أن كانت مختلف مجموعات اليسار ترى الكفاح المسلح الوسيلة الوحيدة للوصول إلى السلطة».

 

ليت السيدة رايس تتعلم درساً.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 13 أوت 2006)


Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

31 août 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 7 ème année, N° 2292 du 31.08.2006  archives : www.tunisnews.net Communiqué: Constitution d’un Comité National

En savoir plus +

4 août 2004

Accueil   TUNISNEWS   5 ème année, N° 1537 du 04.08.2004  archives : www.tunisnews.net منية إبراهيم حرم السجين عبد الحميد الجلاصي: حتى

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.