السبت، 4 يوليو 2009

TUNISNEWS

9 ème année, N 3329 du 04.07.2009

 archives : www.tunisnews.net


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:الدكتور صادق شورو… والتشفي حين يصبح سياسة

حــرية و إنـصاف:صلاح الدين العلوي يدخل في إضراب عن الطعام

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:صلاح الدين العلوي عقوبة تكميلية أم عقوبة أصلية مقنّعة

الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس:متى تتوقف سياسة الإنتقام والتّشفي؟

هند الهاروني:بلاغ عاجل 12و13

البديـل عاجل:إعتداء جديد على المناضلة عفاف بالناصر :بيـان

البديـل عاجل:إلى متى ستتواصل معاناة الصحفي الفاهم بوكدوس

الصحفيون التونسيون بالخارج: تمسّك بالحق في العمل النقابي، ورفض للمسّ بالنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين

السيد سامي بن عبد الله في حوار مع السيد عبد العزيز عقوبي :مصطفى بن جعفر يسأل : (وقتاش نوليو شرفة)

 محسن الخضراوي: المهجرون او المبعدون

قناة المستقلة: كتاب تونسيون يشاركون في الحوارحول أسباب التخلف وشروط التقدم في العالم العربي

البديـل عاجل:أخبــــــــار

رويترز:متقاعد تونسي يحصل على الثانوية العامة وعمره 59 عاما

أ ف ب:تونسي سرق وفد بلاده وأختفى ورياضيون عرب من تونس ومصر يفرون من دورة ألعاب بيسكارا

إسلام أونلاين :رياضيون يسعون لتمثيل بلادهم بحثا عن فرصة للفرار إلى الغرب

السياسية:في أمسية أدبية بمنتدى الجاحظ بحثت التحولات الاجتماعية من خلال الأدب التونسي

عبد السلام بوعائشة:صلاة من أجل النخبة

جيلاني العبدلي:تونس: وطن وبوليس ورشوة(1) في منطقة الأمن بباجة

محمد رضا سويسي:الهويّة الوطنيّة بين الخطاب المعلن والاعتداء اليومي

سامية زواغة:لماذا غابت براءة أطفالنا في برامج الأطفال

الحبيب بوعجيلة:لبنان يخرج من رماده : ملاحظات عشر واستنتاج واحد

موقع الاسلام اليوم :مساع فلسطينية لحمل الجزائر على استضافة مؤتمر فتح

الشيخ راشد الغنوشي:هل ستنجح إيران في ما فشل فيه غيرها؟

عبدالحميد العدّاسي:صدّام يُدمّر بأسلحة دمار افتراضية

عبد الباري عطوان:مصالحات باردة في صيف ساخن

برهوم جرايسي :«زلة لسان» ساركوزي

محمود طرشوبي:التكفير و الهجرة .. رؤيه حول الأساس الفكرى و العقائدي


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


التقارير الشهرية لمنظمة « حرية وإنصاف » حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس  جانفي 2009:https://www.tunisnews.net/17fevrier09a.htm         فيفري 2009:https://www.tunisnews.net/15Mars09a.htm  مارس 2009:https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm            أفريل 2009:https://www.tunisnews.net/15Mai09a.htm ماي 2009:https://www.tunisnews.net/15Juin09a.htm


الحرية لجميع المساجين السياسيين الحرية للدكتور الصادق شورو الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 04 جويلية 2009

الدكتور صادق شورو…  والتشفي حين يصبح سياسة


تواجه إدارة سجن الناظور طلبات الدكتور صادق شورو بالرفض وعدم الإكتراث دون مراعاة  لسنّه وحالته الصحية، وكان الدكتور صادق شورو عرض على إدارة السجن طلب تمكينه من كتب حدد عناوينها، وتوفير ثلاجة له ولمرافقيه في الغرفة لأجل الاحتفاظ بالأطعمة والمواد الغذائية في ظروف صحية، لاسيما وأنه يعاني من عدد من الأمراض توجب إتباعه حِمية خاصة. وأمام تمسك الإدارة برفض طلباته ، أعلن دخوله في إضراب عن الطعام منذ الخميس، الأول من جويلية 2009 وذلك إحتجاجاً على تعمّد إدارة سجن الناظورالإنخراط في تضييق الخناق عليه ضمن سياسة التشفي التي كان الدكتور هدفاً لها منذ إيقافه في 17 فيفري 1991 ثم في مناهج التحقيق ووسائلها التي أخضع لها بشكل مخصوص ، ثم الحكم بالمؤبد في حقه قبل تخفيض الحكم إلى 19 عاماً، حيث قضى 18 عاماً بالسجون التونسية منها 14 عاماً في العزلة الفردية قبل أن يفرج عنه في 5 نوفمبر 2008 بموجب قرار بالسراح الشرطي. ولن تتوقف سياسة التشفي هذه بخروجه من السجن، بل ضُرب الحصار حول مقر سكناه ليُمنع السجناء السياسيون المسرحون وممثلون عن الجمعيات الحقوقية بتونس والأحزاب السياسية المعارضة من الوصول إليه وتهنأته بالسراح، لكن لن يلبث ليُعاد اعتقاله بعد أقل من شهر من سراحه، لتصريحات أدلى بها لفائدة فضائية الحوار اللندنية ، ليصدر الحكم الإبتدائي في 13  ديسمبر 2008 بسجنه مدّة عام بتهمة الاحتفاظ بجمعية غير مرخصة، لكن ستماطل الدوائرالقضائية لنحو ثلاثة أشهر قبل تعيين موعد للجلسة الإستئنافية في 14 مارس 2009.  ولم يكف إقرار محكمة الإستئناف بتونس برئاسة القاضي طارق شكيوة الحكم الإبتدائي القاضي بسجن الدكتور صادق شورو مدة عام ، بل سارع  » صنّاع القرار » إلى إبلاغ الدكتور عبر إدارة سجن الناظور قرار التراجع عن السراح الشرطي، بما يعني وجوب إتمامه لـ (عام إضافي وهي المدة المتبقية من الـ 19 عام سجن، قبل صدور قرار السراح الشرطي زائد عام سجن لتصريحاته في قناة الحوار، التي إستنبط منها تهمة الاحتفاظ بجمعية غير مرخصة… !!! ). والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين،إذ تذكّر بهذا النسق المتواصل من سياسة التشفي والإصرارعلى توظيف الأجهزة التنفيذية والأجهزة القضائية والإدارة العامة للسجون من أجل التنكيل بالدكتور صادق شورو، فإنها تلفت عناية المراقبين المعنيين بالشأن الحقوقي في تونس والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى أنه بالتراجع عن قرار السراح الشرطي و بسجنه عاماً كاملاً بتلفيق تهمة الإحتفاظ بجمعية غير مرخّصة ، يُوشك الدكتور صادق شورو أن يقضّي في السجون التونسية 20 عاماً من السجن ،وهي عقوبة لا تعلم الجمعية كما لا يَعلم المختصّون في تاريخ تونس المعاصر أن تونسياً قضّى في سجون تونس منذ الحماية الفرنسية على تونس سنة 1881 إلى يوم الناس هذا لأجل سياسة أو رأي أوإنتصاراً لحق مكفول ، مدة تعادل تلك التي يوشك أن يقضيها الدكتور صادق شورو، وأن الأحكام الثقيلة التي أصدرتها محاكم السلطات الإستعمارية في حق الوطنيين التونسيين ، كانت تعقبها دائماً و بعد بضع سنوات، قرارات بالعفو…. لا رجعة فيها.. و إذ تذكر الجمعية بمحنة الدكتور صادق شورو، فإنها تؤكد أن سياسة التشفي تلك بقدر ما تصنع له المكائد وقرارات السجن فإنها تصنع له أيضاً تاريخاً ستذكره به، تحت مظلة الحريات، هذه الأجيال والأجيال القادمة. وهي تهيب بالأحرار وبمنظمات حقوق الإنسان في تونس و الجمعيات الحقوقية العربية والدولية إلى إسناد الدكتور والعمل من أجل إستعادة حريته بإبقاء قضيته حية لدى المعنيين من المنظمات الحقوقية كما لدى المؤسسات الإعلامية ووسائل الإعلام السمعية البصرية والإفتراضية.   عن الجمعية الهيئـــة المديــرة  

أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 11 رجب 1430 الموافق ل 04 جويلية 2009

صلاح الدين العلوي يدخل في إضراب عن الطعام


شن السجين السياسي السياسي السابق السيد صلاح الدين العلوي أصيل مدينة بوسالم ولاية جندوبة إضرابا عن الطعام لمدة ثلاثة أيام ابتداء من اليوم السبت 04 جويلية 2009 للاحتجاج على الحكم الجائر والظالم، القاضي بإخضاعه للمراقبة الإدارية لمدة 16 عاما، وقد تزامن هذا الإضراب مع مرور خمس سنوات من فترة المراقبة الإدارية. يذكر أن أغلب المساجين السياسيين السابقين يخضعون لهذه الأحكام الجائرة المعبرة عن سياسة التنكيل والتشفي والقتل البطيء، إلا أن السيد صلاح الدين العلوي يأتي في مقدمة المتضررين من هذه السياسة باعتباره الأكثر حكما لأن أغلب المحكومين بالمراقبة الإدارية تتراوح أحكامهم بين السنة والخمس سنوات. وحرية وإنصاف 1)    تعبر عن مساندتها المطلقة للسيد صلاح الدين العلوي في احتجاجه عن المظلمة التي يتعرض لها وكامل أفراد عائلته نتيجة سياسة التنكيل والتشفي. 2)    تدين سيف المراقبة الإدارية المسلط على رقاب المساجين السياسيين السابقين والذي يعطل حياتهم ويحيلها إلى جحيم. 3)    تدعو إلى وضع حد لهذه الأحكام الجائرة الصادرة عن محاكمات سياسية لم تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة. 4)    تطالب السلطة برفع القيود عن شريحة المساجين السياسيين السابقين وتعويضهم عما طالهم من مظالم في إطار سياسة جديدة تقطع مع الماضي وتطوي صفحته الأليمة.     منظمة حرية وإنصاف  

الحرية لجميع المساجين السياسيين  الحرية للدكتور الصادق شورو الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 04 جويلية 2009

صلاح الدين العلوي عقوبة تكميلية أم عقوبة أصلية مقنّعة


دخل السيد صلاح الدين العلوي السجين السياسي السابق في إضراب عن الطعام إبتداء من اليوم، السبت04 جويلية 2009 وذلك إحتجاجاً على التضييقات المضروبة حوله بعنوان العقوبة التكميلية الممثلة في المراقبة الإدارية ، ورغم أنه أمضى منها 5 سنوات، فإن تأبيد العقوبة بإجباره على إتمام 16 عاماً بعنوان العقوبة التكميلية، يُعد إجحافاً وظلماً بالغين ،لا سيما وأن 16 عاماً هي حصيلة سنوات العقوبات التكميلية للقضايا عدد 63183 –  عدد 45163  – عدد 37971  – عدد 32979 –  عدد 30337 التي نظرت فيها محكمة الإستئناف بالكاف وأصدرت أحكاماً بالسجن في حقه كان مجموعها 14 عاماً..    والسيد صلاح الدين العلوي من مواليد1951 ببوسالم من ولاية جندوبة ، مهندس مساعد بشركة فلاحية، اُعتقل في 1991.01.05 وحوكم بـ14 عاماً سجناً، واُفرج عنه بإنتهاء مدة العقاب في2004.06.27 .ويُذكر أيضاً أن السيد صلاح الدين العلوي كان أطرد من العمل بسبب نشاطه النقابي، وتولى مسؤولية الكتابة العامة للنقابة الأساسية و كان أيضأً عضواً بالمكتب الجهوي بجندوبة و مؤسس ورئيس لجنة الدفاع عن الشعب العراقي سنة 1991. والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين إذ تؤكد أن عقوبة المراقبة الإدارية وعلى نحو ما يَخضع إلى تراتيبها السجناء السياسيون المسرحون، تتوفر، وهي عقوبة تكميلية ، على خصائص أشدّ سلباً للحرية مما يفعله السجن، بما يجعل منها عقوبة أصلية وفي حالة السيد صلاح الدين العلوي والسيد توفيق الزايري و السيد عبد الله الزواري.. فإن هذه العقوبة التكميلية تقوم مقام العقوبة الأصلية والمؤبّدة في آن معاً ، والجمعية تدعو المنظمات الحقوقية، بناءاً على حجم الأذى الذي لحقهم ، إلى إسناد السيد صلاح الدين العلوي والسيد توفيق الزايري والسيد عبد الله الزواري من أجل حمل السلطات الأمنية على وضع حد لمراقبتهم إداريا بصورة مؤبدة وإتاحة الفرصة لتسهيل إندماجهم الإجتماعي والإقتصادي .
لجنة متابعة  السجناء السياسيين المسرحين  


الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس International Campaign for Human Rights in Tunisia icfhrt@yahoo.com Tel: (0044) 2084233070- 7903274826

متى تتوقف سياسة الإنتقام والتّشفي؟

 


بدأ اليوم السبت 4 جويلية السجين السياسي السابق صلاح الدين العلوي إضرابا عن الطعام للإحتجاج على الحكم الجائر القاضي بإخضاعه للمراقبة الإدارية لمدة 16 سنة بعد أن قضى خمس سنوات  تحت المراقبة.   وإن الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس، اذ تعبر عن مساندتها للسيد العلوي في اضرابه المشروع عن الطعام للمطالبة برفع هذه المظلمة المسلطة على أغلب المساجين الساسيين السابقين، فإنها تطالب السلطة بوقف سياسة الإنتقام والتشفي التي تنتهجها ضدهم، ومنها المراقبة الإدارية التي يتعذر معها القيام بأي عمل بحثا عن الرزق مما يعطل حياة هؤلاء المواطنين ويحولها الى جحيم.       الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس المنسق علي بن عرفة لندن   4 جويلية 2009  

 بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين

بلاغ عاجل 12

02.07.2009 هند الهاروني-تونس 


إنّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يتضمن الحقوق البشرية التالية  و حقنا  في أن نعيش حياة طبيعية و في سلام بدون مراقبة البوليس لبيتنا مطلبا مشروعا : المادة 1 يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء. المادة 2 لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود. المادة 3 لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه. المادة 5 لايعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة. المادة 7 كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة عنه دون أية تفرقة، كما أن لهم جميعا الحق في حماية متساوية ضد أي تميز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا. المادة 12 لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات. المادة 13 ( 1 ) لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة.
 
بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين

بلاغ عاجل 13

03.07.2009

 
هند الهاروني-تونس   كيف يمنع عنا الهواء و التجول في البيت بحرية فرجال الأمن بالزي المدني يراقبون نوافذنا و يقفون على مقربة منها و وراء الشجر؟

إعتداء جديد على المناضلة عفاف بالناصر : بيـان


في تواصل مع سلسلة المضايقات التي أتعرض لها يوميا، هاهي حلقة أخرى تنضاف إلى هذه السلسلة التي لا غاية لها سوى ضرب مورد رزقي لثنيي على مواصلة مسيرة النضال من أجل العيش الكريم والغد الأفضل. يوم الخميس 02 جويلية 2009 ليلا تم خلع محلي التجاري المتواجد في حيّ سيدي أحمد زروق بقفصة، وعلى بعد أمتار من مركز الحرس بالحي، وسرقة جملة من المواد (غذائية، تنظيف، وأموال…). وطالت أيدي الجناة صورة زوجي الفاهم بوكدوس الصحفي بقناة الحوار والمحاكم في قضية الحوض المنجمي غيابيا التي كانت معلقة بالمحل، وعبثوا بكل محتوياته، محاولين إضرام النار فيه. وإذ أرفع محنتي هذه إلى الرأي العام الوطني والعربي والعالمي للإعلام، فإنني لأؤكد مجدّدا أكثر من أيّ وقت مضى، أنني سأظل على العهد دوما مناصرة لقضايا شعبي، ولن أحيد قيد أنملة عن نصرة الحق ومؤازرة المناضلين في دفاعهم المستميت من أجل الغد الأجمل. قفصة في 03 جويلية 2009 عفاف بناصر زوجة المناضل الفاهم بوكدوس
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 4 جويلية 2009)  


بعد سنة من السريّة : إلى متى ستتواصل معاناة الصحفي الفاهم بوكدوس


مضت أسابيع على احتفال العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي تجدّدت فيه الدعوات لتوفير المناخات الضرورية للعمل الصحفي ليحقق استقلاليته ويضمن أنجاز رسالته وعددت فيه الخروقات في حقّ حريّة الصحافة في اتجاه دعم الصحافة المضروبة والمهمّشة ومساءلة الحكومات المستبدة والقمعية، ولم تستجب السلطات التونسية لمجمل النداءات الوطنيّة والإقليمية والدولية لرفع يديها المكبّلتين عن هذا القطاع والكفّ عن محاولاتها اليائسة لتطويعه وتدجينه. إنّه خلافا للمأمول تضاعفت الانتهاكات في حقّ هذا القطاع والتي تعرّض المؤسّسات الإعلاميّة المستقلّة وصحافيّيها لشتّى صنوف التضييق والتنكيل والعسف والملاحقة، في محاولات لمصادرة حقها في النشاط المستقل، وفي اعتداء على حركة نقل المعلومة، وعلى حق التونسيات والتونسيين في الإطّلاع على الخبر دون طمس أو تحريف. في ظل هذا المناخ، ما يزال مراسل قناة الحوار التونسي الفاهم بوكدوس متواريا عن الأنظار منذ 5 جويلية الماضي بعد إقحامه في القضايا التي طالت قادة ونشطاء الحركة الاحتجاجية في الحوض المنجمي، والحكم عليه غيابيا يوم 11 ديسمبر 2008 بـ6 سنوات سجنا على خلفية تغطيته المتميّزة لتلك الأحداث. لقد انطبقت على الصحفي المذكور تلك القاعدة التي تقول أنه زمن الاحتجاجات الشعبية والتمرّدات والقلاقل والاضطرابات والإضرابات… يكون الصحفيون أوّل من يدفع الثمن. ولقد تردّد على لسان الفاهم بوكدّوس على شاشة فضائية الحوار التونسي منذ أفريل 2008 أكثر من نداء بأن السلطة تسعى لاستهدافه، ولإجهاض مواصلة تغطيته للتحركات الأهلية التي تفجّرت في 5 جانفي 2008 احتجاجا على فساد مناظرة لانتداب كوادر وأعوان بشركة فسفاط قفصة وتحولت إلى معركة للدّفاع عن حق الشغل، وعن منوال عادل للتنمية الجهوية. لم يتحمّل عزم السّلطة على عزل تلك الانتفاضة والتكتم على حيثياتها، جرأة الصحافي الشاب في تتبع أدق تطوراتها. ويبدو إن تجاوز الفاهم بوكدّوس لبعض الخطوط الحمر قد عجّل باستهدافه:لقد سمّى مراسل الحوار التونسي المسؤولين المباشرين عن استهداف الأهالي والتنكيل بهم وتعريضهم للتعذيب والمعتقلات في تعارض مع سياسة حماية المذنبين والتغطية على الجناة. كما أثبت أن المنعرج الأمني ليوم 6 جوان 2008 وما انجر عنه من قتلى وجرحى من شباب الرديف لم يكن بسبب إدّعاءات باستعمال جملة من الشباب للزجاجات الحارقة في استهداف قوات الأمن، ولا نتيجة لمكائد مافيا جهوية تسعى لعرقلة اتفاقيات مع سلط الإشراف لتشغيل عشرات المعطّلين من أبناء الجهة، بل كان تنفيذا لقرار مركزي بمعاقبة تلك الحركة والحيلولة دون تحولها على مثال للاحتذاء. ولقد قدّم بوكدوس منذ ماي 2008 معطيات ومؤشرات على التحضير لمثل هذا السيناريو على خلاف ما كان يروّج من جدية في الحوار مع الأهالي وممثليهم. إن الفاهم بوكدوس سواء كان في السجن يقضي حكما ظالما بالحبس، أو كان متخفيا ومحروما حتى من حقه في العلاج من مرض الربو الذي يعرض حياته يوميا للخطر، فإنه يدفع فاتورة الدفاع عن حرية العمل الصحفي في بلادنا وتحريره من عقلية الأبوة والوصاية، ومن القبضة الأمنية الفجّة والمفضوحة، وهو درب يسلكه بشجاعة وجرأة العشرات من زميلاته وزملائه رغم المصاعب والعراقيل. إن مثال الفاهم بوكدوس يؤكد مرة أخرى أن إحصاء الانتهاكات فير حق الصحافة الحرة والمستقلة وكيل الشجب والتنديد لسلطة تعاديها لم يعد كافيا ما لم يردف بمحاربة سياسة الإفلات من العقاب حتى لا يطمئن محاصرو الصحافة وجلاديها لمنجزاتهم في التكميم والتعمية. عفاف بالناصر (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 4 جويلية 2009)  


الصحفيون التونسيون بالخارج:  

تمسّك بالحق في العمل النقابي، ورفض للمسّ بالنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين

 


نحن الصحفيين التونسيين العاملين بالخارج والموقعين على هذه العريضة، تابعنا بكلّ قلق التطورات الأخيرة في النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. وأمام محاولات سحب الثقة من المكتب التنفيذي للنقابة الذي أفرزته انتخابات حرّة ونزيهة، نعلن للرأي العام الوطني والدولي : * مساندتنا المطلقة لزملائنا في المكتب التنفيذي وندعوهم إلى مواصلة عملهم، بصفتهم الممثلين الشرعيين للنقابة. * تمسكنا بالحق في حرية العمل النقابي كما نصّ على ذلك البند الثامن من دستور الجمهورية التونسية، من قانون مجلة الشغل الصادر في غرّة ماي سنة 1969 (الكتاب السابع، الباب الأول، الفصول 242 إلى 257)، وطبقا للاتفاقيات الدولية عدد 87 لسنة 1948 و98 لسنة 1949 التي صادقت عليها تونس منذ سنة 1957، والإعلان الدولي لسنة 1998 المتضمن للحقوق الأساسية للشغل، وفي مقدمتها الحق النقابي. * رفضنا المطلق لأي محاولة للمسّ بالنقابة ومحاولات تقويض جهودها من أجل تحسين ظروف الصحفيين، والعمل على ترسيخ أسس العمل الصحفي الحر ونطالب بعدم التدخل في شؤونها. *استنكارنا لما تردد عن تعرض زملائنا من ضغوط إدارية وسياسية لسحب الثقة من القيادة الشرعية للنقابة. ونعتبر أن الجنوح لمثل هذه الممارسات من شأنه تأجيل تحرير الصحافة التونسية، وحرمان زملائنا المقتدرين من المساهمة في دفع بلادنا نحو الأفضل. التوقيعات   : -1 محمد كريشان – صحفي ومذيع أخبار – قطر 2- كمال العبيدي – صحفي – الولايات المتحدة الأميركية  3- حسن الجويني – صحفي – قبرص  4- آمال وناس – صحفية أولى – قطر 5- فاتن الغانمي – صحفية – قطر 6- نوفر عفلي – صحفية ومذيعة – قطر  7- نور الدين العويديدي – صحفي – قطر  8- أنور سويد – صحفي ومنتج أخبار – قطر 9- نبيل الريحاني – صحفي – قطر 10- الهادي يحمد – صحفي – فرنسا 11- محمد الفوراتي – صحفي – قطر 12- نزار الأكحل – صحفي ومذيع – قطر 13- زياد طروش – صحفي ومنتج أخبار أوّل – قطر 14- – بسام بونني – صحفي – قطر 15- جلال الورغي – صحفي – بريطانيا 16- لطفي المسعودي – صحفي ومنتج برامج – قطر 17- فرحات العبار – صحفي – قطر 18- الطاهر العبيدي – صحفي – فرنسا 19- علي بوراوي – صحفي – فرنسا 20- ليلى الشايب – صحفية ومذيعة أخبار – قطر  21- على عثماني – صحفي – قطر 22- ماهر خليل – صحفي – قطر 23- زهير لطيف – صحفي – بريطانيا  24- عبد اللطيف صديق – صحفي – روسيا 25- رضوان الحمروني – منتج أخبار وبرامج – إيران 26- حسن الصغير – صحفي – قطر 27- نبيل الغربي – صحفي – قطر  28- عبد الباقي خليفة – مراسل صحفي – البوسنة  29- ألفة الجامي – محررة أخبار – الكويت 30- حسناء المنصوري – صحفية – الكويت  31- زهير حمداني – صحفي – قطر   تبقى العريضة مفتوحة للزملاء الصحفيين التونسيين العاملين في الخارج. الرجاء إرسال الإسم واللقب والمسمّى الوظيفي وبلد العمل للعنوان الالكتروني التالي :   Snjt_diaspora@hotmail.fr   *******************************************************************************

الرجاء زيارة مدونة

www.minerva2presse.blogspot.com   


السيد سامي بن عبد الله في حوار مع السيد عبد العزيز عقوبي

:مصطفى بن جعفر يسأل : (وقتاش نوليو شرفة)


يشهد التدافع السياسي في تونس حراكا منقطع النظير خاصة و البلاد على مشارف استحقاقات انتخابية،  رئاسية و برلمانية ، و إن كان لا بد من هذا التدافع باعتباره يؤسس لتقاليد ديمقراطية و يمكن عموم الناس من فرصة المفاضلة بين المتنافسين على تسيير الشأن العام إلا أن هذا التنافس قد يخفي حقائق يتعمد المتنافسون إخفاءها لأنها قد تسيء لتاريخهم و مكانتهم أو تحرجهم أما الرأي العام. الحوار الذي أجراه السيد سامي بن عبد الله مع السيد عبد العزيز عقوبي يدخل في هذا الإطار ليسلط بعض الضوء على مواقف شخصيات تحسب على المجتمع المدني التونسي. و السيد عبد العزيز عقوبي ناشط حقوقي ، يحظى باحترام الدوائر الحقوقية الفرنسية و قد ساهم بفعالية في تسوية بعض الملفات الخاصة بالجالية التونسية و بالمعارضة كما أنه  يشغل المهمات التالية : رئيس رابطة حقوق الإنسان فرع فيل فرانش ليون عضو في الحزب الاشتراكي الفرنسي رئيس التحالف الديمقراطي التونسي الذي تكون سنة 1997 عضو منسق للمرصد الليوني للدفاع  عن الحريات الأساسية بتونس سامي بن عبد الله : بالنسبة للذين لا يعرفونك، هل يمكنك التذكير بمسيرتك السياسية. السيد عبد العزيز عقوبي : أنا مسلم اشتراكي، ،،، يمكن أن يكون الفرد منا سياسيا ومؤمنا إذ من فضائل المسلم الملتزم و الديمقراطي أنه يعرف حدوده، يعرف ما يمكن و ما لا يمكن فعله، فهو يتصرف وفقا لمعتقداته، و هو وفي لضميره كما للمؤمنين أن يتبنوا أي اتجاه ، اليمين كما اليسار، فالأحزاب السياسية التي لا يخفي انتماءها الديني كانت و لازالت موجودة في كل أنحاء العالم في ألمانيا ، وإيطاليا ، والولايات المتحدة و غيرها.  ولكن إذا سمح نظريا للمعتقدات أن تكون حاضرة في السياسة فإن الدين سيبقى  ضمن الحياة الخاصة للأفراد إذ لا ينبغي أن تكون السلطة بين أيدي رجال الدين ، فالشعب التونسي مثلا يرفض الإيديولوجية الأصولية، وأنا على قناعة بأن الحل سيأتي من المسلمين الديمقراطيين. أجبرت على المنفى من 1989 حتي 2001 وانضممت بداية من سنة 1990 للعديد من الهيئات المتكونة في أروبا و خاصة في فرنسا على اثر القمع الذي عرفته البلاد و المحاكمات المسلطة على قادة و أتباع حركة النهضة ، كانت مهمتنا المشاركة في المظاهرات والمسيرات ، وكتابة العرائض والمذكرات للفت انتباه الرأي العام الدولي و دفعه للعمل على إنقاذ ضحايا القمع ومع ذلك فأنا لا أنتمي لحركة النهضة و لا أشاركها  خياراتها السياسية و بالتالي فالدافع الأساسي لنضالي هو الانتهاكات التي طالت حقوق الإنسان والحريات. لم  نر في تونس و إلى حدود عام 1994 من نشطاء المعارضة وحقوق الإنسان إلا القليل المتصدي لخيار التصفية المتبع من قبل النظام إذ الغالبية العظمى من الشخصيات السياسية و من اليسار كانت تدعم و تبارك هذا التوجه و تسوق خارج البلاد ( في المؤتمرات و لدى المنظمات الدولية غير الحكومية) لسلامة خيارات الدولة و سدادها ، معظم هؤلاء لا يريد أن يتذكر هذه الحقبة من حياته السياسية ، و لما جاء الدور على هؤلاء و أخذوا نصيبهم من التعسف و الظلم انظموا للمعارضة.   بداية من سنة 1995 و بمعية مدافعين عن حقوق الإنسان دعمت حق التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات بزعامة مصطفى بن جعفر وغيره من المنشقين من حركة الديمقراطيين الاشتراكيين في تكوين حزب و الحصول على الترخيص القانوني بعد جهد كبير و تضحيات جسيمة تحصل التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات سنة 2001 على مبتغاه  و كنت على اتصال دائم مع الحزب الاشتراكي الفرنسي  من خلال أصدقائي في هيئة حقوق الإنسان بليون حيث نجحنا في إقناع فرنسوا هولاند  للقاء مصطفى بن جعفر  وإقامة علاقات شراكة مع المنتدى . سنة 2001 تمكنت من العودة إلى تونس بعد 12 عاما من المنفى ومنذ ذلك التاريخ أزور بلدي بانتظام دون أي مشاكل. سامي بن عبد الله : إذا ليس مصطفى بن جعفر هو الذي بادر بالاتصال بالحزب الاشتراكي في البداية ؟ السيد عبد العزيز عقوبي:  لا ، وبتواضع أقول أني بمعية أصدقائي رتبنا كل المساعي. يوم 10 كانون الأول / ديسمبر 1995 شاركت في إنشاء لجنة لدعم التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وكان مصطفى بن جعفر قد قدم أول طلب للحصول على الترخيص القانوني في نيسان / ابريل 1994 دون جدوى و في الحقيقة كان الكثير من أصحاب المبادرة عرضة لسحب جوازات سفرهم و لوضعهم تحت الإقامة الجبرية. في محاولة لحشد الدعم في فرنسا ، أجريت في 11 ديسمبر مقابلة مع مدير الشؤون الخارجية في الحزب الاشتراكي ، ولفت انتباهه إلى هذه الحقائق ودافعت عن مشروع التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات الذي  شعرت أنه قريب من قناعاتي السياسية، لقد أتيحت لي الفرصة لشرح أسباب قلقنا و كذا إمكانية أن يتحرك الحزب الاشتراكي الفرنسي للمساعدة على الدفع بالخيار الديمقراطي في تونس، ومنذ ذلك الحين ، بقيت على اتصال مع الحزب الاشتراكي ، حيث اعتبرت مرجعهم في المساءل ذات العلاقة بالمنتدى الديمقراطي للعمل والحريات. في أحد الأيام اتصل بي صديق من الحرب الاشتراكي و أعلمي أن مصطفى بن جعفر وصل إلى فرنسا وسيتمكن لقاء فرانسوا هولاند.   سامي بن عبد الله : ما هي أسوأ ذكريات المنفى ؟ السيد عبد العزيز عقوبي : هناك الكثير… ولكن أسوأها كانت في 17 /09/ 1996 فلقد فقدت والدي و حرمت من دخول تونس بسبب مصادرة جواز سفري من طرف السلطات وعلى الرغم من مساعدة العديدة من أصدقائي ، الذين سعوا للتدخل لدى الحكومة التونسية بمساعي من البرلمان الأوروبي و البرلماني دانيل كون بنديت و لكن دون جدوى، وكانت الحكومة التونسية وفية لسياستها ، و لازمت الصمت. قال أحد الرؤساء العرب : إن البلد الذي لا مشاكل له لا يعد بلدا، ونحن الحمد لله ، ليست لدينا مشاكل ، هكذا تونس تلتزم الصمت و  تتعاطى مع المشاكل باللامبالاة. إذا حسرتي تتمثل في حرماني من حضور جنازة والدي كرد فعل على تحركاتي الداعية للحوار و المصالحة الوطنية. سامي بن عبد الله : متى اجتمعت للمرة الأولى بمصطفى بن جعفر؟ السيد عبد العزيز عقوبي: كان ذلك سنة 1993 في باريس ثم في نيسان / أبريل 2001 ، وجهت الدعوة للدكتور بن جعفر بصفته الأمين العام  التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات للإدلاء بشهادته في مؤتمر صحافي عقد في ليون. في أيار / مايو 2001 ، تدخلت مع أصدقائي لدى فرانسوا هولاند و بناء على ذلك تعهد الحزب الاشتراكي رسميا بتجميد  العلاقات مع التجمع الدستوري الديمقراطي ، الحزب الحاكم ، حتى تتبنى السلطة خيار تفعيل الخيار الديمقراطية في تونس ، كما اعترف بالتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والمجلس الوطني للحريات، وهو حزب معارض،  بوصفته شريكا مميزا في تونس. في مقابلة مع الصحافة الفرنسية، نوهت بالدفع الذي أعطاه هذا الموقف و بدعمه القوي لنضالنا. سامي بن عبد الله : سنة 2001 وضعت حدا لمنفاك؟ السيد عبد العزيز عقوبي : نعم. لقد تحصلت على الحق في العودة  إلى تونس من خلال حوار صريح مع السلطة و بفضله قطعت مع منفى استمر أكثر من اثني عشر عاما. و لكن لم يدم هذا الانفتاح بسبب المشاكل الطارئة على المستوى الدولي سنة  2001. خلال رحلة  لتونس استمرت عشرين يوما اكتشفت تغييرات جذرية على مستوى البنية التحتية (طرقات ، معدات متطورة ، شبكة مياه كهرباء هاتف في كل بيت)  إلا أن الوضع السياسي ما زال تحكمه إشكاليات معقدة مع  تفاقم حالة التمزق بين المجتمع المدني والمواطن التونسي. رغم مسيرتي الحافلة بالعطاء لم يكلف أحد من أصدقائي في التكتل الديمقراطي نفسه عناء استقبالي في المطار وقد اعتراني إحساس بخيبة الأمل لم يخفف من وطأته سوى رغبتي الجامحة للقاء عائلتي في الجنوب التونسي و الشوق لرؤية والدتي البالغة من العمر 90 عاما. في العاصمة تونس لبيت دعوة من مصالح وزارة الداخلية التي رحبت بقدومي و دعوني لإتمام بعض الإجراءات الخاصة بغلق ملفي و رغم أن زيارتي شارفت على نهايتها تملكتني الرغبة في لقاء أعضاء حزبي لكن مع الأسف لم أحظ سوى بلقاء خاطف زاد من عمق حسرتي و حزني. سامي بن عبد الله : وما هو رد فعلكم؟ السيد عبد العزيز عقوبي : لقد اعتبرت من الرسالة التي أراد تبليغها أصدقائي في تونس رغم اعتقادي أني أديت واجبي و مهمتي على أحسن وجه و بناء عليه منحت نفسي فرصة للتقييم و التفكير تمخضت قرارا بمغادرة المنتدى الديمقراطي بعد حصوله على الترخيص القانوني.  سامي بن عبد الله : كيف تنظر اليوم للأحزاب السياسية التونسية و « المجتمع المدني ». السيد عبد العزيز عقوبي : أنا لم أندم على نضالي في سبيل نصرة حقوق الإنسان  و لا على المجازفة في الدفاع عن الحريات المنتهكة باعتبار إيماني بواجبي نحو وطني  وتلبية لقناعتي  ، قد يدهشك قولي بأني أتهم المجتمع المدني التونسي الذي يعمل على ديمومة التعفن في الوضع التونسي و يسعى إلى تعميق التدهور و الاستقالة من واجب البحث عن  حلول للمشاكل التي تواجه بلادنا. تشهد بلادنا  أزمة سياسية  لسنوات عديدة و قد بلغت هذه الأزمة ذروتها مع الصدام بين النظام السياسي و حركة النهضة التونسية . كان الصراع غير متكافئ و بالتالي تتحمل الدولة  المسؤولية كما لحركة  النهضة جزءا من هذه المسؤولية مثلها مثل أغلبية اليسار التونسي الذي لازم الصمت حينا و دعم  حينا آخر و يشجع آلة القمع أحيانا . لست ضد حركة النهضة التي لعبت دورا مهما في المجتمع ، ولكن الحركة ترفض البدء في النقد الذاتي الضروري لتوضيح مواقفها باعتبار مسؤوليتها في الأزمة رغم عدم إقرارها بذلك. وهناك أيضا المجتمع المدني الذي أعرفه  أكثر مما يعرف نفسه ، هل هناك حاجة للتذكير بأن غالبيته ، دعمت وأيدت القمع بين سنة 1990 و 1995؟ لقد سنحت لي الفرصة لمعرفة الكثير من الشخصيات المنتمية لهذا المجتمع من بينهم السيد مصطفى بن جعفر ، والسيد المنصف المرزوقي ، والسيدة سهام بن سدرين و السيدة راضية النصراوي و كان لي شرف الدفاع عنهم و ساهمت مع أصدقائي في التعريف بنضالهم في وسائل الإعلام  ومع ذلك ، كنت في كثير من الأحيان أصاب بخيبة أمل بسبب ما يصدرونه من تصريحات غير رسمية تؤكد حقيقة ما يضمرونه. مثال ذلك ما صرح به السيد مصطفى بن جعفر لوسائل الإعلام و لأصدقائي الفرنسيين ( في حضوري)  حيث قال أنه ضد الانفتاح الكامل للحياة السياسية و أنه يدعم الانفتاح الذي يخدم مصالحه فقط.  سامي بن عبد الله : ألا تعتقد أنك تتكلم بدافع الخيبة لأن التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات تناساك و عليه فإن ما تقوله ليس استنتاجا مبني على تحليل رصين ؟ السيد عبد العزيز عقوبي :  تأكد أن خيبة أملي لا علاقة لها بتوصيفي لهذا الوضع، ففي 2001 ، دعوت باسم حركتنا ( التحالف الديمقراطي التونسي الذي تأسس سنة 1997 )  للمصالحة الوطنية ولإجراء حوار مع السلطة فاتهمني السيد مصطفى بن جعفر ورفاقه بأني ألعب لعبة السلطة،  و في المقابل نسجل على السيد مصطفى بن جعفر في 30 ماي  2009 أنه يدعو للحوار مع السلطة ، ويلتقى أثناء المؤتمر بنائب الأمين العام للتجمع الدستوري الديمقراطي. كما أذكر أنه في الفترة الممتدة بين 2001 و 2009 ، كان السيد مصطفى بن جعفر يرفض عقد المؤتمر ويرفض توزيع بطاقات العضوية ليواصل الرقابة على التكتل تجنبا لكل منافسة داخلية وهذا ليست حكرا على التكتل فجميع أحزاب المعارضة تعاني من هذه الممارسات الغير ديمقراطية . ففي فرنسا ، مثلا ، قمت مع أصدقائي بعمل جبار في الفترة ما   بين  1990 و 1995 و مع ظهور هيئات جديدة تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان بداية من سنة 1995 ، كانت أولى المهمات المنوطة  بعهدة المسؤولين  هي هدم كل ما قمنا به ، للأسف ، لا يوجد تضامن و لا استمرارية في عمل المعارضة ، وهذا ما يفسر فشلها و عدم اكتراث الشعب بها. الكثير من أحزاب المعارضة التونسية لا تريد تحسنا للوضع السياسي، الذي يهمهم  هو منافعهم الشخصية، فاستمرارية و دوام هذه المنافع رهين بقاء الحال على ما هو عليه.  و مع ذلك فأنا متفائل بشباب تونس و بالعزائم الصادقة و ما أتمناه هو أن يعتبر هؤلاء بأخطاء الجيل الحالي و أخطاء من  سبقهم. ملاحظة

التعريب مصادق عليه من طرف السيد عبد العزيز عقوبي و لا يرى مانعا من نشر الحوار.

 

مراسلة خاصة


  

المهجرون او المبعدون

     


                                                                                                
بقلم محسن الخضراوي     كنت انتظر مخرجا كهذا من النظام التونسي وهو الذي عرف بدهائه وخبثه الذي لا ينازعه فيهما الا الكيان الصهيوني. وقد اسعدني في الحقيقه موقفه هذا واتمنى ان يواصل على منواله ولا يتساهل معنا ويتركنا نتكل على الله وحده وينزع البساط من تحت ارجل الجبناء منا.ففي الحقيقة ليس هناك مبعدون في العالم ما عدى الاخوة الفلسطينيين الذين اخذوا عنوة وابعدوا عن ديارهم ليحل محلهم المستوطنون. اما نحن فحاولنا اعلاء كلمة لا اله الا الله في بلادنا فلما اخفقنا وذلك لشراسة عدونا وعدائه لرسالتنا وعمالته لعدونا الحقيقي والاكبراضطررنا لمغادرة البلاد وفررنا بجلودنا وليس في ذلك عيب ما دمنا في ذلك الوقت اما متحرفين لقتال او متحيزين الى فئة.ثم بعد ذلك نافسنا اصحاب الكهف – وتحسبهم ايقاظا وهم     رقود- ثم ناتي اليوم ونطلب من عدونا اللدود الذي قتل وسجن وعذب والذي نسال الله في كل صلاة ان يدمره كما استجاب لنا في الدعاء على      شارون..اذن نطلب منه ان يعفو عنا وليس هو الذي اخرجنا كما قال بل اخرجنا الذي قال فينا..واذكروا اذ انتم قليل مستضعفون في الارض    تخافون ان يتخطفكم الناس فئاواكم وايدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون. النفال 26 .اذن انا سعيد بان لا يسمح لنا بالرجوع بهاته الطريقه الذليلة ونحرم من اجر الهجرة .اما اذا اسررنا واستجاب النظام وهذا من المستحيل فسوف يستقبلنا شعبنا المراهن علينا باسوا بكثير من استقباله لفريق كرة القدم بعد هزيمة . ونحن في الواقع لا نستحق الا هاته المعاملة بل اتمنى ان كل من تحدثه نفسه بالعودة الذليلة ان يقضي بقية حياته بين السجنين المغلوق والمفتوح ذلك لانه اذل نفسه بل اذل الاسلام الذي يدعي انه يمثله وكان الاحرى به ان يفديه بحياته كما فعل اخوته   الشهداء في سجون تونس.فالرئيس سيترشح عالعادة سواء احببنا ام كرهنا والنظام العالمي يسانده بالامس قبل اليوم ونحن ننشغل بتجفيف حبر   اقلامنا في اخبار اهملها قسم الاخبار….. …والقافلة تسير .           

قناة المستقلة: كتاب تونسيون يشاركون في الحوار حول أسباب التخلف وشروط التقدم في العالم العربي

 


وجهت قناة المستقلة الدعوة لثلاثة كتاب تونسيين هم:  الدكتور محمود الذوادي، والدكتور خالد شوكات، والأستاذ برهان بسيس، للمشاركة في النقاش حول أسباب التخلف وشروط التقدم في العالم العربي، ضمن عدة حلقات يومية من برنامج « حلقة نقاش ». يبث البرنامج على الهواء مباشرة من الإثنين إلى الجمعة، في السابعة وخمس دقائق مساء بتوقيت غرينيتش، ويعاد بثه في العاشرة ليلا، ثم في السابعة صباحا، ثم الواحدة ظهرا، بتوقيت غرينيتش. البرنامج من تقديم الدكتور محمد الهاشمي الحامدي. هذا ويسر قناة المستقلة استقبال آراء وتعليقات الكتاب والمشاهدين التونسيين على مجريات النقاش، عبر البريد الالكتروني: feedback@almustakillah.com أو عبر الفاكس: 00442088382997  
 
استشارة عامة  
 
من جهة أخرى أعلنت قناة المستقلة عن استشارة عامة بخصوص موضوع النقاش في برنامجها الحواري الخاص بشهر رمضان المبارك. وجاء في بيان نشره موقع قناة المستقلة في الانترنت ما يلي: لم تبق إلا أسابيع قليلة على حلول شهر رمضان المبارك إن شاء الله، ونسأل الله تعالى أن يجعله شهر خير وبركة وسلام على المسلمين وعلى الإنسانية قاطبة. وقد اعتادت قناة المستقلة في كل عام بث برنامج حواري يومي خلال هذا الشهر الفضيل بعنوان « الحوار الصريح بعد التراويح »، وهو برنامج متخصص في تجديد الفكر الإسلامي وتشجيع ثقافة الحوار والتسامح. بالنسبة لرمضان المقبل إن شاء الله، يقترح قسم البرامج في قناة المستقلة أن يدور « الحوار الصريح » حول: آفاق التجديد في فقه التوحيد، مع التركيز على علاقة التوحيد بمسائل الدعاء والذكر والحرية. نضع الإقتراح بين أيدي مشاهدينا الكرام، في استشارة عامة، ونرحب بآرائكم وتعليقاتكم واقتراحاتكم.  
(عن إدارة قناة المستقلة ( لندن ) بتاريخ 4 جويلية 2009)  


أخــــــــار


6 أشهر سجنا للمناضل الطلابي محمود ذويب مثل المناضل الطلابي محمود ذويب مجددا أمام القضاء في جلسة الاستئناف، بما عرف بقضية إنتخابات المجالس العلمية بصفاقس، بتاريخ 9 جوان 2009 وهي الجلسة التي طالب فيها محامو الدفاع بإطلاق سراح منوّبهم والاستماع إلى شهادات طلبة بالكلية تؤكد كون « طلبة التجمع » هم من اعتدوا على مناضلي الاتحاد بمعية أشخاص غرباء عن الفضاء الجامعي والبوليس الذي ضل مرابطا لأيام كثيرة ليرهب الطلبة ويلاحق المناضلين، إلا أن القاضي رفض مطالب هيئة الدفاع وحدّد جلسة المرافعة ليوم 16 جوان 2009. وبحضور عدد هام من مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس بالجهة والسيد ناجي مرزوق عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والسيد معز الباي مراسل جريدة الموقف بصفاقس والسيد حسن المسلمي كاتب عام الفرع الجامعي للتجهيز والإسكان، تدخل عن لسان الدفاع كل من الأساتذة سامي شطورو وقيس البرادعي اللذان اهتمّا بالجوانب القانونية للقضية وأكّدا على بطلان الادعاء بناء على شهادات الطلبة وزملاء محمود بالعمل وأيضا بناء على تقرير أرسله عميد كلية الاقتصاد والتصرف بصفاقس إلى وزير التعليم العالي حول الأحداث التي جدت بساحة الكلية، كما أكد كل من الأساتذة المكي الجزيري وباسم قطاطة على الطابع السياسي للمحاكمة معتبرين أنّ هذه القضية لا تعدو أن تكون إلا محاولة من محاولات إرباك الطلبة من خلال الزج بجهاز القضاء لخدمة مصالح حزبية، مؤكدين على كونها حلقة من حلقات الهجمة المسلطة على المنظمة النقابية (مجالس تأديب، محاكمات، منع عقد مؤتمرها بتدخل سافر من قوات البوليس…). هذا وقد صدر حكم الاستئناف يوم 23 جوان 2009 ليقضي بسجن محمود ذويب مدة 6 أشهر مخفضا شهرين عن الحكم الابتدائي. تأجيل محاكمة حسن المسلمي أجّلت المحكمة النظر في القضية المرفوعة ضد كاتب عام الفرع الجامعي للتجهيز والإسكان بالاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس السيد حسن المسلمي من قبل الشعبة المهنية للتجهيز والإسكان ليوم 24 أكتوبر 2009 بطلب من لسان الدفاع، وللعلم فقد صدر حكم سابق ضدّه يقضي بسجنه لمدة شهر وغرامة مالية بـ600 دينار. وقد حضر الجلسة عدد هامّ من نقابيّي الجهة قيادة و قواعد من مختلف القطاعات كما حضر عدد من مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس لمساندة المناضل النقابي.
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 4 جويلية 2009)  


متقاعد تونسي يحصل على الثانوية العامة وعمره 59 عاما

  تونس (رويترز) – جرت العادة ان يلهث الطلبة كثيرا لاجتياز امتحان الثانوية العامة لتعزيز احتمالات العثور على فرصة عمل لكن كهلا تونسيا فضل ان يجتاز هذا الامتحان ليلتحق بالجامعة بعد ان أحيل على التقاعد من الوظيفة الحكومية في سن يناهز 59 عاما.   أصبح صالح ميناوي وهو كهل من مدينة سوسة اول تونسي في هذا العمر ينال الثانوية العامة وهو متقاعد. واعلنت يوم الجمعة نتائج الثانوية العامة.   وقال ميناوي الذي كان يعمل ممرضا باحد المستشفيات انه انتظر كل هذه السنوات ليخوض امتحانات الثانوية العامة لانه التحق مبكرا بالوظيفة العامة ثم تزوج واضطرته الالتزامات العائلية الى الاهتمام بالعمل على حساب مواصلة الدراسة.   اضاف ميناوي ان وزارة التربية منعته من التقدم لامتحان الثانوية لانقطاعه عن الدراسة منذ وقت طويل لكن رئيس الجمهورية تدخل لمصلحته ليعيد اليه حلما ظل يراوده.   وقال انه يتطلع الى الالتحاق بمعهد الفنون الجميلة او كلية الحقوق.
 
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 4 جويلية 2009)  

تونسي سرق وفد بلاده وأختفى ورياضيون عرب من تونس ومصر يفرون من دورة ألعاب بيسكارا

  بيسكارا (إيطاليا)    ذكرت مصادر مطلعة السبت ان 3 رياضيين تونسيين آخرين فروا دون علم بعثة بلادهم المشاركة في دورة العاب البحر الابيض المتوسط السادسة عشرة التي تختتم الاحد في مدينة بيسكارا الايطالية ولم تستطع المصادر تحديد هوية الرياضيين الثلاثة ونوع الرياضات التي يمارسونها  وانضم الرياضيون الثلاثة الذين ابلغت البعثة التونسية السلطات المحلية بفرارهم، الى مواطنهم الدراج حسن بن ناصر الذي فر بعد ان سرق اموال عدد من زملائه في الوفد التونسي، والى الرباعين المصريين محمد فرج وحسونة السيد ليرتفع العد الى 6 فارين. وكان المفوض الحكومي رئيس اللجنة الايطالية المنظمة للالعاب ماريو بيسكانتي اكد الجمعة في مؤتمر صحافي فرار احد الرياضيين بعد سرقة اموال زملائه في الوفد التونسي دون ان يكشف هويته. وقال « الامر اصبح في يد الشرطة الايطالية ولم نبلغ باي جديد عنه، وكذلك في ما يتعلق بالرباعين المصريين ولم نعرف بعد مصير اي منهم »، مشيرا الى ان اللجنة المنظمة لم تبلغ رسميا بفرار الرباعين ربما لان الوفد المصري فضل التوجه مباشرة الى الشرطة. وكان جابر الحائز على فضية الخطف وبرونزية النتر في وزن 94 كلغ، وحسونة الحاصل على فضية النتر في وزن 85 كلغ، كسرا محفظة اداري البعثة محمد زريق وسرقا جوازي سفرهما قبل ان يتواريا عن الانظار    (المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) بتاريخ 4 جويلية 2009)


رياضيون يسعون لتمثيل بلادهم بحثا عن فرصة للفرار إلى الغرب منتخبات عربية.. مراكب للهجرة غير الشرعية


جبريل محمد – رويترز القاهرة – يجتهد كل الرياضيين العرب للارتقاء بمستواهم حتى ينالوا شرف تمثيل بلادهم في البطولات الإقليمية والدولية والأولمبياد. إلا أن بعضهم يعتبر المشاركة الدولية طريقا للفرار إلى الولايات المتحدة أو أوروبا، إما لتحسين ظروفهم المادية أو تمهيدا لحصولهم على جنسية دولة أخرى تعرض عليهم إغراءات مادية مقابل تمثيلها في البطولات. ظاهرة « فرار الرياضيين » عادت بقوة خلال دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط السادسة عشرة، التي تختتم الأحد القادم في مدينة بيسكارا الإيطالية، بعد هروب ثلاثة رياضيين تونسيين آخرين اليوم السبت لينضموا إلى مواطنهم الدراج حسن بن ناصر الذي فر بعد أن سرق أموال عدد من زملائه، وإلى الرباعين المصريين محمد فرج، وحسونة السيد، ليرتفع العد لـ6 فارين. وكان المفوض الحكومي رئيس اللجنة الإيطالية المنظمة للألعاب ماريو بيسكانتي قد أكد في مؤتمر صحفي أمس الجمعة فرار أحد الرياضيين التونسيين بعد سرقة أموال زملائه في الوفد، دون أن يكشف هويته. واضاف بيسكانتي أن: « الأمر أصبح في يد الشرطة الإيطالية ولم نبلغ بأي جديد عنه، وكذلك في ما يتعلق بالرباعين المصريين، ولم نعرف بعد مصير أي منهم ». وفي الوقت الذي تودي فيه الهجرة غير الشرعية عبر قوارب في البحر المتوسط بأرواح شبان عديدين من دول شمال إفريقيا يحلمون بالوصول إلى أوروبا، فإن فرار الرياضيين أثناء تمثيل بلادهم يهدد مستقبل الرياضات الفردية، خاصة في بلاد مثل تونس والجزائر والمغرب ومصر. مشكلة كبيرة من جانبه، وصف يونس الشتالي نائب رئيس اللجنة الأولمبية التونسية في تصريحات صحفية  هروب الرياضيين بأنه « مشكلة كبيرة تواجه هذه البلدان »، مؤكدا ضرورة الإحاطة باللاعبين منذ سن مبكرة. وأضاف الشتالي: « يجب تأطير (تثقيف) الرياضيين منذ انضمامهم إلى فرق الشبان ودراسة مشاكلهم الاجتماعية وظروفهم المعيشية والعائلية، خاصة في ظل تطور الطب النفسي الرياضي »، بحسب رويترز وحاول تبرير حالات الهروب قال: « طبيعي جدا أن يفكر الرياضي في الألعاب الفردية في الهرب عندما يكون دخله ضعيفا جدا مقارنة بما يحصل عليه آخر في بلد غربي لا يفوقه من حيث القدرات الفنية والبدنية، أو حتى لاعب كرة قدم يجلس على مقعد البدلاء ». لكنه استدرك قائلا: « إن الدولة تقدم الدعم المادي والتشجيعات اللازمة لتطوير دخل رياضيي الألعاب الفردية، فبالإضافة إلى أجورهم يتمتع المتألقون بمنح دراسية ومنح التألق »، لكن الشتالي اعترف أن ذلك « يبقى قليلا مقارنة بما يتمتع به الرياضيون في البلدان الغنية ». وكان المصريان فرج الحائز على فضية الخطف وبرونزية النتر في وزن 94 كجم، وحسونة الحاصل على فضية النتر في وزن 85 كجم، كسرا شنطة إداري البعثة محمد زريق وسرقا جوازي سفرهما ثم تواريا عن الأنظار. أوضاع صعبة وأرجع خبراء وباحثون هروب الرياضيين خلال الدورات الأولمبية إلى الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعاني منها الرياضيون العرب خاصة في الألعاب الفردية في ظل انحدار أغلبهم من أسر فقيرة، بالإضافة لمعاناتهم من التهميش داخل أنديتهم أو منتخباتهم الوطنية. وقال الباحث مهدي المبروك أستاذ علم الاجتماع بجامعة تونس والمتخصص في قضايا الشباب والهجرة لرويترز: « إن ظاهرة هروب اللاعبين هي شكل من أشكال الهجرة السرية (غير الشرعية) نتيجة الظروف المعيشية الصعبة لكنها تصبح أكثر رمزية لشهرة الرياضي ونجوميته ». وأضاف المبروك أن « الظروف الاجتماعية المزرية التي يعيشها رياضيو الألعاب الفردية هي السبب الأساسي في هروبهم إلى البلدان الغربية ». وتابع: « يتمتع اللاعبون بالشهرة والنجومية بسبب تألقهم محليا ودوليا، لكنهم لا يستطيعون استثمار هذا المجد في الجانب الاجتماعي في ظل تواضع الإمكانيات المادية عكس لاعبي كرة القدم مثلا ». ومضى قائلا: « لهذا السبب يضحي الرياضي بالشهرة والمجد مقابل جمع المال، فيستغل أول فرصة للهرب والبحث عن آفاق أخرى.. الوطنية مهمة لكن في غياب العيش الكريم يصبح الأمر صعبا ». وتستفيد بلدان غربية من فرار بعض الرياضيين البارزين العرب، حيث تمنحهم جنسيتها من أجل الدفاع عن ألوانها، فيواصلون تألقهم، وفي المقابل يضع رياضيون آخرون حدا لمسيرتهم فور هروبهم، لكن الخاسر الوحيد هي بلادهم الأصلية. وفي دورة سيدني الأولمبية عام 2000 اختفى أربعة رياضيين تونسيين، كما فر ثلاثة ملاكمين مصريين في الولايات المتحدة عام 2007 خلال معسكر إعدادي استعدادا لخوض منافسات دورة بكين 2008. (المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 4 جويلية 2009)

 

في أمسية أدبية بمنتدى الجاحظ بحثت التحولات الاجتماعية من خلال الأدب التونسي

 


   ما علاقة الأدب بالايدولوجيا واستقراء التحوّلات الإجتماعيّة؟ جلول عزونة: الأدب متعة واستفزاز واستشراف حسن بن عثمان:التجربة الشعرية تعيش تخلفا مشابها للتخلف التكنولوجي محمد جابلي: هناك صراع بين التاريخ والنقد  
نظمت جمعية منتدى الجاحظ مساء الأربعاء 1 جويلية 2009 أمسية أدبية تحت عنوان « التحولات الاجتماعية من خلال الأدب التونسي » شارك فيها الأساتذة جلول عزونة وحسن بن عثمان ومحمد الجابلي كما ألقت خلالها الشاعرة أمال موسى مختارات من قصائدها .  وفي بداية حديثه طرح الدكتور والكاتب جلول عزونة جملة من التساؤلات خلص من خلالها إلى أنه لا يمكن أن يطلب من الأدب أن يكون مرآة للتحولات الاجتماعية وعزا ذلك إلى المهام التي يمكن أن يلعبها الأدب وهي: المتعة وتمثل حسب تعبيره تسعة أعشار الأدب أي تمثل الجانب الأساسي حتى وإن كان دون بحث عن الاستفادة ، وثانيا الاستفزاز أي نوع من الاصطدام مع كل أنواع وأشكال السلط وطرح الأسئلة الحارقة  هي نوع من المغامرة ، وثالثا الاستشراف لأن الأدب بطبعه وبتعدد تعريفاته محاولة للإجابة عن أسئلة وجودية حارقة وهي من أنا؟ و لماذا جئت؟..على سبيل المثال. وعند تطرقه لعلاقة الواقع بالأدب أكد الأستاذ عزونة أن الأدب يعد أكثر الفنون التي لها بصمة على الواقع ولكن لا يمكن أن نعتبره واقعيا أو يصور واقعا وذلك لأن الواقع أعمق و أكثر تعقيدا واعتبر الأدب الواقعي لا يمكن أن يكون حقيقة واقعية .  وأعطى أمثلة كثيرة من القصة والرواية التونسية طرحت مشاكل وجودية ومن ورائها مشاكل قيمية وهي تصب في جوهر الواقع الاجتماعي بتصور وخيال القصاص أو الروائي و قال « إن للمبدع أدوات وحواس تمكنه من استقراء التحولات الاجتماعية تسرد وتصف بدقة وان اكتنفها طابع أيديولوجي أو فكري أحيانا ولكن بمتعة فنية وموضوعية ». وفي مداخلته اقتصر الأديب جلول عزونة على التطرق إلى جانب فقط من الأدب التونسي وهو القصة القصيرة والرواية دون التطرق لبقية الأنماط و الأشكال الأدبية.   وفي مشاركته دافع الأستاذ والكاتب حسن بن عثمان عن أن كل أدب يندرج في تاريخ الابداع إلاّ وكان متجذرا في مجتمعه وأعطى مثال الأدب الياباني الذي تميز ببصمة إبداعية عالية ولكنه يحكي عن مجتمعه وعن الجرح الذي عاشه أيام تدمير هوريشيما وأكد أن الحديث عن الإبداع بإسراف يصبح مبالغا فيه وقال: »إن كل عمل كبير يخبر عن مجتمعه مثلما يحقق متعة جمالية ». واعتبر بن عثمان أن الأدب التونسي مر بعدة مراحل هي: مرحلة التأريخ للمجتمع التونسي في فترة الاستعمار الفرنسي، ومرحلة التحرر وبناء دولة الاستقلال،  وفترة التعاضد، ثم فترة الثمانينات حيث فتح الأدب التونسي عينه على الأدب الأمريكي مثل ماركيز وبتأثره غض النظر عن واقعه.  وفي عرضه لعدة أمثلة أدبية اعتبر بن عثمان أن التجربة الروائية التونسية تطرقت لعدة قضايا اجتماعية ومن زوايا مختلفة في حين أن التجربة الشعرية تعيش تخلفا مماثلا للتخلف التكنولوجي حسب تعبيره ولكنه لفت الانتباه إلى الأغنية التونسية التي وصفها بالعميقة وذات دلالات على التحولات الاجتماعية. ورفض الأديب محمد جابلي الدعوات التي سادت ونادت بالشكلنة واعتماد اللغة وتغييب المرجعية الاجتماعية والصراع الذي يحكم المجتمع وأكد أن الإنتاج الفني الخالد تقاطع مع لحظات تاريخية معينة، وذكر بأن تاريخ الرواية التونسية يعود إلى بداية القرن 19 وهناك نصوص لم يتطرق لها النقاد واستحضر على سبيل المثال الساحرة التونسية للصادق الرزقي وأكد على الصراع بين النقد والتاريخ.   وأعطى نماذج لأعمال تونسية كثيرة و صفها بالواقعية ووصل إلى حد اعتبار الأدب التونسي انخرط في ما سماه بالدعاية الايجابية ومن ذلك أعمال العروسي المطوي ثم الانخراط في اعادة تشكيل المدن و الواقع الاجتماعي التونسي مثل تصوير التسلقية و الانتهازية في أعمال الهادي بن صالح  وأكد أن هذه النماذج واقعية وقال: »لا نريد أن يلتقي الرواية بالواقع وإنما نريدها أن تتماها معه ».   واستخلص أن الأدب التونسي عامة والرواية الواقعية خاصة قاربت الواقع وراكمت تجربة تستحق التمحيص والدراسة وشدد على أن الواقع هو منطلق الإبداع الجيد والرصين. نقاش وشعر   وبعد استراحة شعرية ألقت خلاها أمال موسي مختارات من قصائدها فسح المجال للنقاش الذي تطرق فيه المتدخلون لعدة نقاط وتساؤلات يمكن حصرها في نقد هجوم الإبداع الأدبي التونسي على المقدسات، الدفاع عن فكرة أن الأدب يعبر عن الواقع بصدق أكثر من العلوم المختصة في المجال، علاقة الأدب بالتاريخ ومدى توظيف المعطيات الواقعية في الأدب في قراءة التاريخ، الأديب يبقى ضمير المجموعة التي ينتمي إليها مع أنه ليس مطالبا بالصدق أو بملامسة الواقع، الرواية التونسية في العشرية الأخيرة عكست  قسوة وتعسفا على مجموعات بعينها وهو أدب يخدم أجندة بعينها والتساؤل عن النقد الأدبي في تونس.   وفي جملة ردودهم عن ما ورد في النقاش أكد الضيوف على أن النقد الأدبي التونسي موجود ولا يتسم بالضعف ولكن يجب تحيينه وفسح المجال للنقاد الشبان، واعتبروا أن الأدب ليس في غنى عن الأيديولوجيا وإنما يستغلها ويوظفها وإذا ما ملكته فيصبح مثلها أيديولوجيا، ووافقوا فكرة أن الأدب قد يصور الواقع بطريقة أصدق من العلوم لأنه يصدر عن الذات ، وشددوا على أن الكتابة هي عملية ومسعى للتخلص من الشروط الأولى وتصفية الحسابات معها ويجب القطع مع العلاقة اللاطبيعية بالتاريخ في الحضارة العربية الإسلامية وذلك بايجاد غزالي آخر وابن تيمية آخر وليد عصره وواقعه ولغته وقيمه. إعداد أيمن الزمالي  (المصدر: موقع السياسية الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 4 جويلية 2009)  


الرأي الآخر

صلاة من أجل النخبة

بقلم: عبد السلام بوعائشة قلت في رأي سابق إن البلاد في حاجة إلى عملية فرز سياسي جديد يعيد للسياسة اعتبارها وللشعب حضوره وللنخبة السياسية دورها الأصيل وذلك على قاعدة الولاء والوفاء للمصلحة العامة ومبادئ النضال والتضحية ونكران الذات,كما أشرت إلى أن هذا الفرز لابد أن يتجاوز المقولات التقليدية في تصنيف الأحزاب السياسية القائمة و هي مقولات لا تعكس حقيقة المشهد ولا حقيقة الأحزاب ذاتها .قلت أيضا إن المحطة السياسية القادمة التي تشهد تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية قد تكون مناسبة للتقدم نحو توفير أرضية أنسب تساعد على تطهير الحياة السياسية  من أمراض الانتهازية والارتزاق والمناولة والارتقاء بمبادئ المصداقية في خدمة المصلحة العامة و ثقافة نكران الذات واحترام سيادة الشعب وسيادة دستور البلاد وقوانينها. عدد من الأصدقاء والملاحظين وجدوا في ذلك الرأي و تلك القراءة دعوة لطريق ثالث في المعارضة تقطع مع نهج الموالاة ونهج المغالاة على حد سواء وتسعى لتأسيس نهج جديد يستجيب للاستحقاق الانتخابي القادم ويمكن الاتحاد الديمقراطي الوحدوي من مباشرة مرحلة جديدة في العمل السياسي تؤهله لتحقيق مزيد الانتشار والتوسع. هذا الاستنتاج وإن كنت لا أختلف مع أصحابه كثيرا نظرا لاقتناعي بضرورة تجاوز التصنيفات السطحية التي تضع المعارضة أمام جبرية الموالاة والمغالاة وكذلك لإيماني بأن الاتحاد الديمقراطي الوحدوي من حقه ومن واجبه تجاه المشروع الذي يحمله أن يستعد لمحطة الانتخابات القادمة وأن يطور أداءه وأساليبه بما يضمن له مزيد التوسع والانتشار,لكن الأهم من  كل ذلك على ما أعتقد هو دعوتنا لاعتماد مقاييس جديدة في الفرز السياسي  تتجاوز الانتماءات الحزبية و المواقف الايديولوجية والعلاقات الشخصية إلى ما هو أنفع للبلاد والعباد والأحزاب فنضع المصداقية النضالية والأخلاقية في التعامل مع الشأن العام أساسا لكل فرز سياسي داخل الأحزاب وخارجها ,في السلطة وفي المعارضة على حد سواء ولعلنا نضيف في هذا المقام دعوة أخرى تتجاوز ما هو سياسي لتشمل جميع مؤسسات الدولة وعلى رأسها الإدارة العمومية.هذا التمشّي هو الذي يعيد للسياسة اعتبارها ويصالح بينها وبين الناس ويعطي الشباب الثقة في نظام حكمه ويشجع كل ذي كفاءة على الانخراط في الشأن العام وفي أحزاب الشأن العام وفي إدارة الشأن العام . إنّ عزوف الشباب عن المشاركة الإيجابية في إدارة الشأن العام والانخراط الفعلي في الأحزاب وتراجع قيمة المصلحة العامة في فكر وسلوك المسؤول و الموظف و المواطن يعود بالأساس إلى ضعف أداء القيادات السياسية والإدارية والتراجع الخطير لمبدإ القدوة الحسنة التي تحرص على تقديم النموذج الأمثل في احترام القوانين وخدمة الصالح العام ونكران الذات والتفاني في القيام بالواجب ,ويزداد الأمر خطورة عندما يرتبط هذا الضعف في الأداء السياسي والإداري بالأحزاب التي ترفع مشروع المعارضة والإصلاح فتقدم للشعب عامة والشباب بصفة خاصة مبررا إضافيا لكي يمعن في هجرة السياسة والسياسيين ويكتفي بمراقبة التداعي والركون إلى السلبية القاتلة. هذا التوصيف حقيقة نعيشها اليوم في واقع مؤسسات الدولة وإدارة الأحزاب وسلوك النخب والشعب وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة ولم تنجح برامج الإصلاح ولا دعوات التغيير في الحد من تداعياته بشكل يؤثر في المزاج العام للمشهد السياسي بالبلاد وهو ما استدعى أن نتناوله من جديد في رأي جديد. و إذا كانت أحزاب المعارضة على تعدد برامجها  تعتبر الحكومة معنية أكثر من غيرها بتحمل مسؤولية هذا الوضع و معالجة تداعياته ونتائجه بحكم إدارتها المباشرة لجهاز الدولة واستعدادها لإنجاح محطة الانتخابات التشريعية والرئاسية فإنها – أي أحزاب المعارضة – مطالبة بحكم ما ترفعه من نقد للحكومة بأن تتحرر من ظواهر الفردية والانتهازية والفساد و تجسد في نسيجها الداخلي وفي سلوك مناضليها ما ترفعه من برامج و شعارات تستهدف بها المواطن الذي تدعي تمثيله لأن هذا السبيل هو ما يبرر وجودها أصلا كمعارضة و يمكنها من كسب ثقة المواطن واحترامه وتنجح في إخراجه من حالة العزوف والسلبية  ,أما ما عدا ذلك فمجرد مزايدة وتشويه لرسالة المعارضة واستثمار شخصي في قضايا الشأن العام ومكابرة سياسية تتحسب لردود أفعال المتربصين من الأحزاب المنافسة. ولعلّ ما يصحّ على المعارضة يصحّ أيضا على تلك النخب من رجالات الإعلام والتعليم والثقافة والقانون الذين يخوضون في كل قضايا الكون ويهربون من الخوض في جوهر قضايا وطنهم خصوصا منها ما قد يهدد مكاسبهم ومصالحهم ويستثمرون « عبقريتهم » في نبل قضايا الشأن العام بل وفي مآسي الناس وحاجاتهم الحياتية ليحققوا لأنفسهم مزيدا من وجاهة الصورة و لفت الأنظار  و بخاصة سيولة الدينار أو الدولار. وباستثناء قلة من المدمنين على يقظة الضمير و نظافة اليد ورسالة الإعمار الكوني التي أوجبها الله على عباده فإن واقع النخبة السياسية وغير السياسية ,في الحكم وفي المعارضة يحملها مسؤولية تاريخية مباشرة عما آلت إليه فكرة المواطنة ومقولة الصالح العام وواقع الضمير الاجتماعي وأخلاقيات المهنة ولن يعفيها من ذلك تحميل المسؤولية للحكومة أو الإدارة أو الأحزاب لأن منطق الأمور يفرض على النخبة – باعتبارها عصارة الحراك الاجتماعي- أن تكون في مكان القلب من تلك الأجهزة والهياكل والمؤسسات تعمل على النهوض بأدائها وتستبين لها طرائق النجاح والتقدم وتكون في طليعة من يضحي لأجل نجاح برامجها  وليس أن تزايد فيها وتتطهر من عيوبها وتقبل على الاستثمار في مشاريعها ارتزاقا وانتهازية وركوبا للمصالح  الفاسدة في ظل واقع سياسي متعثر ومشهد إعلامي رديئ وغياب شعبي لا نريد له أن يطول.  
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 92  بتاريخ 3جويلية   2009)  

تونس: وطن وبوليس ورشوة(1) في منطقة الأمن بباجة

كنت وأنا في سن السابعة عشرة أعمل على توسيع علاقاتي وتنويع مصادر قراءتي كشاب يتجه نحو رسم الملامح العامة لشخصيته. وقد حصلت على عنوان لمجلة تخص الشباب من القراء باشتراك سنوي مجاني فلم أتردد في مراسلتها في سياق الرغبة في المعرفة وحب الإطلاع دون أن أعطي الأمر أهمية كبرى. وبعد مرور حوالي شهر على هذه المراسلة، وبالتحديد خلال العطلة المدرسية  لفصل الربيع من سنة 1979 وقع ما لم يكن في الحسبان، فقد بلغني وأنا موجود في تونس العاصمة أن مجموعة من أعوان الأمن الوطني بباجة خرجت إلى عائلتي في أعماق الريف على بعد 25 كلم من مدينة باجة، باحثة عني على وجه السرعة دون إطلاعها على الأسباب، الأمر الذي خلف لوالدي ولوالدتي حيرة واضطرابا وخوفا علي. فكرت في المسألة كثيرا، وقلبتها من جميع الوجوه المحتملة، فلم أجد في سيرتي السالفة ولا في سيرتي الراهنة ما أخشى أن أكون بسببه محل مساءلة. وعند انتهاء العطلة التحقت  مباشرة بالمعهد المختلط للتعليم الثانوي بباجة، أين كنت أواصل دراستي، لكني اصطدمت في مدخله قبيل الثامنة صباحا بأربعة أعوان بالزى المدني سرعان ما أمسكوا بي، وسحبوا بطاقة تعريفي الوطنية للتثبت من هويتي، ثم زجوا بي في سيارة مدنية وحولوا وجهتي إلى منطقة الشرطة الفنية بباجة، تحت وابل من اللطم واللكم والألفاظ السوقية، وأخيرا دفعوا بي وهم يركلونني ويتوعدونني في غرفة رطبة تنبعث منها روائح كريهة. بعد حوالي نصف ساعة، دخل علي عون تبينت فيما بعد أنه رئيس الفرقة حمادي بالعربي، وخاطبني بألفاظ نابية قائلا:  » تريد أن تصبح معارضا يا سي….. » وشرع يصفعني ويلكمني متوعدا بقوله:  » اليوم نلقنك درسا  » موجها إلي نعوتا مشينة لا يليق ذكرها، ثم خرج دون أن يفصح عن التهمة الموجهة إلي، وبقيت دامعا خائفا شارد الذهن، في وضع لا قدرة لي على فك رموزه. وبعد فترة وجيزة، دخل علي عون آخر طويل القامة ضخم الجثة حليق الرأس مخيف المنظر، واقترب مني يصفعني، ويركلني، ويدفعني أرضا قائلا:  » ستدعى إلى التحقيق وإذا لم تقل الحقيقة كاملة سأحولك إلى غرفة ثانية لأسلك معك أساليب أخرى  » ثم انصرف. مضى وقت قصير ثم أقبل عون آخر، وكانت علامات الاكتراب بادية على وجهي، فتظاهر بالاستلطاف، وجاءني بكأس ماء وقال: « اشرب » فشربت. ثم أخرج من جيبه علبة سجائر وقال لي :  » خذ سيجارة  » ( وهنا فهمت من هذا الاستلطاف أنه كان يختبرني إن كنت شخصا متدينا أم لا ويختبر درجة الالتزام الديني عندي: في عدم التدخين وصيام يومي الاثنين والخميس) ولما أجبته بأني لا أدخن قال لي: حسنا لا تكتئب سأساعدك لكي يطلق سراحك بشرط، أن تقول الحقيقة، وتبدي ندمك إذا دعيت إلى التحقيق « فهنا أغلب أعوان الأمن كلاب لا يرحمون، إذا وقع بين أيديهم أحد نهشوه » حسب ما قال. وفي تلك اللحظة، دخل علي عون من الذين كانوا قد اقتادوني إلى منطقة الأمن، ودفعني أمامه للخروج وهو يلطمني على رأسي، إلى أن أدخلني غرفة خاصة بالتحقيق، ثم انصرف. بقيت متسمرا أمام مكتب به موظف بصدد الكتابة بالآلة الراقنة، مطرقا لا ينبس ببنت شفة، وكانت الساعة تشير إلى منتصف النهار. بعد برهة من الزمن، رفع رأسه وهو مقطب الجبين، وحدق في وجهي، وشخص هيأتي من رأسي إلى أخمص قدمي ثم قال: ما اسمك؟ أجبت: جيلاني العبدلي. قال: اذكر إسمك الثلاثي يا سيد. ذكرت له إسمي الثلاثي فقال: تأكد أنني أعرف كل شيء، أعرف عنك كل صغيرة وكبيرة منذ ولدت إلى اليوم، ولكني أريد أن أتبين درجة صدقك في ما تصرح به، لنختار الأسلوب المناسب في التعامل معك. واسترسل يسرد أمثلة لوقائع عشتها فعلا في مراحل مختلفة من حياتي العائلية والدراسية، من المؤكد أنه استقاها من الأرشيف المدرسي ومن عمدة الجهة، ليؤكد لي أن جهاز الأمن لا تخفى عنه خافية وهو أعلم بما تطوي الصدور. وفي خاتمة سرده حذرني من مغبّة اللف والدوران ومحاولة إخفاء الحقائق، لأنني إذا فعلت ذلك أضعت على نفسي فرصة الصفح عني وإطلاق سراحي كما قال. ثم نظر في ساعته اليدوية، ونهض من كرسيه قائلا: عد حيث كنت، وسأدعوك في ما بعد لاستكمال البحث، وأعادني إلى تلك الغرفة اللعينة. مكثت هناك أفحص الجدران البائسة، وأجتر مرارة المظلمة المسلطة علي، منهكا، كسير النفس، خاوي البطن، لا ألوي على شيء غير الخلاص من ذاك العالم الفظيع. وفي حدود الساعة الثانية والنصف بعد الظهر، دعيت من جديد لاستكمال التحقيق معي. وقد تنوعت الأسئلة: إن كنت أعرف معارضين معينين؟ وإن كنت أعرف أشخاصا نقابيين؟ وما هي طبيعة علاقاتي الخارجية؟ وما هي الجهة التي أراسلها في الخارج؟ ولما كانت إجاباتي تلقائية وخالية من المضامين التي قد تدينني، ثارت ثائرة مستنطقي، وقام يصفعني، صارخا في وجهي قائلا: « وهاتان المراسلتان أليستا موجهتين إليك من الخارج؟ » وأشار بإصبعه إلى ظرفين من الحجم الكبير على مكتبه يحويان مجلتين وعليهما إسمي وعنواني الشخصي. عندها فقط عرفت سبب إيقافي، ألا وهي قسيمة الاشتراك المجاني التي وجهتها إلى تلك المجلة اللبنانية. رويت للعون المحقق حيثيات تلك المراسلة، وأكدت له أن الأمر لا يتجاوز حدود حب الإطلاع، غير أنه بدا غير مقتنع بإجاباتي أو تظاهر بذلك، وقام إلي يدفعني خارج مكتبه ليعيدني إلى غرفة الإيقاف قائلا: « سأعرف كيف أجعلك تعترف بالحقيقة ». دخلت غرفتي البائسة و لم أعد أقوى على الوقوف، كنت عييا متهالكا، تارة أسند ظهري إلى الحائط، وتارة أنحني ثم أستقيم، وطورا أتقرفص. لقد أمضيت يوما طويلا في لج المحنة، بين الإنهاك والإرباك، والجوع والعطش، والعنف الجسدي والنفسي. قبيل الساعة السادسة، دعاني رئيس الفرقة حمادي بالعربي إلى مكتبه، وهناك بدا على غير فظاظته. دعاني إلى الجلوس، وتظاهر بندمه على اعتدائه علي، وقال أنه يريد أن يجنبني المهالك، ويحميني من خلطاء السوء المتربصين بأمن الوطن، وأنه مستعد لمساعدتي إن كانت لدي مشاكل أو صعوبات أو احتياجات مالية، وأضاف أنه سيجعل مكتبه مفتوحا أمامي لأزوره متى شئت ومن دون ميعاد، واسترسل يستدرجني لأكون مخبرا له عن زملائي من نشطاء الحركة التلمذية. وفي خاتمة حديثه الطري المنمق، ووعوده المعسولة، أطلق سراحي وهو يذكرني بزيارته في أقرب الآجال، لأشرب في مكتبه قهوة، وليتعرف بالمناسبة إلى احتياجاتي من أجل تلبيتها.  كنت أجاريه في مراميه، وأتظاهر بأني سأجتهد في الأمر حتى أسهل على نفسي الخروج من المحنة التي وقعت فيها. ولكم تنفست الصعداء لحظة مغادرتي منطقة الأمن ، وأنا شديد الاحتقان، كسير الخاطر، محطم النفس، منهك البدن، جاف الحلق، خاوي البطن، ومع ذلك حمدت الله لمجرد خلاصي.   – يتبع جيلاني العبدلي Blog : http://joujou314.frblog.net Email : joujoutar@gmail.com  

الهويّة الوطنيّة بين الخطاب المعلن والاعتداء اليومي

  بقلم: محمد رضا سويسي   يكاد لا يخلو خطاب رسمي أو غير رسميّ من حديث عن الهويّة الوطنيّة والاعتزاز بها وضرورة الحفاظ عليها والذّود عنها بل إنّ مسألة الهويّة الوطنيّة قد نالها من الحظّ بحيث كانت حاضرة حتّى في بعض الاستشارات الوطنيّة كتلك الّتي شملت الشباب أو الثقافة أو غيرها كما أنّها لم تغب عن الأهداف العامّة المعلنة للسّياسة التّعليميّة في تونس.    إلاّ أنّ هذا الحضور المكثّف في أكثر من مستوى قد واكبه دائما غموض في الدّلالات والمفهوم ومجالات الانتماء فالهويّة الوطنيّة هي تارة هويّة تونسيّة وهي أحيانا هويّة مغاربيّة وأخرى متوسّطيّة وأخرى افريقيّة أو عربيّة أو اسلاميّة مع كلّ ما يمكن أن يحصل من جمع أو تداخل بين مختلف هذه التّصنيفات، وهو غموض يخيّل لنا أحيانا أنّه وليد التّأويلات الايديولوجيّة العديدة لمسألة الهويّة لكنّه يتراءى لنا أحيانا أيضا متعمّدا للابقاء على هذه المسألة مجالا لخلاف دائم قابل للتّوظيف حسب المصالح والرّؤى رغم أنّ المسألة تبدو لنا على قدر كبير من الافتعال والتّصنّع لأنّ التّاريخ الاجتماعي والحضاري عامّة لهذا الشّعب قد حسمها فالانتماء المتوسّطي هو مجرّد انتماء جغرافي ساهم في خلق حالة من التّثاقف بين شماله وجنوبه، شرقه وغربه، وفي كثير من الأحيان حالة من الصّراع من أجل الهيمنة والاستعمار دون أن تحصل حالة من الانصهار والتّماثل بين مختلف أجزائه ونواحيه تجعل منه هويّة موحّدة لكل الشعوب والأمم الموجودة على ضفافه بما في ذلك شعب تونس كما أنّ الحديث عن هويّة تونسيّة يبدو لنا عمليّة تضييق وخنق إقليميّ لمجال الانتماء الحضاري لهذا الشّعب باعتباره إمتدادا وجزءا من هويّة أخرى أوسع وأشمل هي الهويّة العربيّة من حيث هي إختزال للانتماء إلى العروبة والاسلام لما للاسلام من دور في التشكّل الاجتماعي للامّة العربيّة وهو ما لا يتّسع المجال للخوض فيه الآن.   إنّ هذا الانتماء للعروبة والاسلام وتشكّله هويّة لهذا الشّعب أمر كما قلنا قد حسمه التّاريخ والجغرافيا والحضارة وهو ما يتطلّب منّا في نفس الوقت جملة من الالتزامات المتناسقة والمنسجمة مع هذا الانتماء لعل من أوّلها وأوكدها التّمسّك بالمنظومة القيميّة والأخلاقيّة الّتي بلورتها هذه الحضارة مهتدية بالتعاليم الدّينيّة الّتي توّجها ديننا الاسلامي الحنيف كأرقى وأكمل حالة من مكارم الأخلاق والفضيلة وكذلك باللغة الجامعة بين مختلف أبناء هذه الأمّة ليس فقط كأداة تواصل بينهم بل أيضا كعنوان من عناوين وحدتهم وكعنصر مشترك جامع لهم.   إلاّ أنّ ما أصبحنا نلاحظه اليوم بالعين المجرّدة هو تراجع مكانة مختلف هذه العناصر من قيم ولغة في التّعامل اليومي في المجتمع حيث أصبحت الكثير من السلوكات التي كانت الى وقت قريب تُعدّ من المحرّمات أخلاقيّا واجتماعيّا متداولة بلا حرج أو خجل كما أصبحت اللغة العربيّة تتعرّض يوميّا إلى أكثر من عدوان سواء كان ذلك خلال الاستعمال الشّفوي أو الكتابة. هذا العدوان أصبح اليوم يتجلّى على مرأى ومسمع الجميع في أكثر من موقع حتّى على قارعة الطّريق من خلال اللوحات الاشهاريّة الّتي لسنا نعلم وفق أي مقاييس توضع ولا لأيّ قانون تخضع إذ رغم ما سمعناه من خطاب رسميّ حول التمسّك باللغة العربيّة وإيلائها المكانة الّتي تليق بها بما في ذلك تعريب اليافطات الموضوعة على واجهات المحلاّت التجاريّة، لكن رغم هذا فإنّنا نلاحظ أنّ أصحاب هذه اليافطات واللوحات الاشهاريّة يبدعون في استعمال لغة فرنسيّة أو أنقليزيّة سليمة في الجانب الأيسر من اليافطة لكن عندما تصل إلى الجزء العربيّ فإنّك تشاهد عجائب وغرائب: لغة دارجة سوقيّة أحيانا بل إنّك لا يجب أن تستغرب من وجود كلمات وألفاظ ذات دلالات أخلاقيّة وإيحاءات منحطّة بكلّ ما في الكلمة من معنى وهو ما يصبح محلّ تداول بين الناس بصفة عاديّة بما يساهم في مزيد هبوط وانحطاط « معجم » الالفاظ المتداولة في المجتمع.    إنّ هذا التّراجع الخطير في مكانة اللغة العربيّة في الاستعمال اليومي للمجتمع لا يمكن تحميله فقط على تأثير وسائل الاعلام وتحوّل العالم إلى قرية تضعف فيها مكانة الهويّات وهو ما يُروّج زورا وبهتانا وإنّما للعنصر الذّاتي في الأمر دور كبير سواء من خلال السّياسات الثّقافيّة والتّعليميّة أو كذلك من خلال صرامة تطبيق بعض القوانين في هذا المجال وهو ما نطالب بإعادة النّظر فيه بكلّ جدّية من خلال فرض اللغة العربيّة السّليمة في كلّ ما يصدر من إعلانات إشهاريّة مكتوبة أو سمعيّة بصريّة وإصدرا قوانين لا تكتفي بالاشارة إلى المسألة وإنّما تعاقب على عدم الالتزام بها إلى جانب تطوير الخطاب الاعلامي والثّقافي والتّربوي في اتّجاه دعم مكانة اللغة العربيّة واعتبارها عنوانا حضاريّا وعنصرا من عناصر الهويّة الرّئيسيّة ورمزا من رموز الاشتراك في الانتماء مع بقيّة أبناء الأمّة العربيّة الواحدة وهي جميعها تتطلّب إرادة سياسيّة حقيقيّة لا خطابا دعائيّا استهلاكيّا بلا فاعليّة.    بقي فقط أن نشير إلى أنّ الكثير من القوى والتّيارات لا تتورّع عن مباركة الاتّجاه السّائد أو الصّمت عنه بدعوى الحرّية والانفتاح الحضاري وغيرها من العبارات والشّعارات الّتي لا تكون حصيلتها سوى ضرب هويّة هذا الشّعب وعزله عن امتداداته الطبيعيّة وهو عمل لا يقدم عليه إلاّ عدوّ حقيقيّ لهذا الشّعب سواء كان هذا العدوّ مستعمرا ومحتلا وراغبا في السّيطرة والهيمنة أو كان طابورا خامسا خادما لركاب الأوّل بثمن.. مهما كان هذا الثّمن. (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 92  بتاريخ 3جويلية 2009)  

لماذا غابت براءة أطفالنا في برامج الأطفال

سامية زواغة   تكثر متابعة الأطفال للبرامج التلفزية خاصة خلال العطل الصيفية ويزداد تأثرهم شيئا فشيئا بما تقدمه لهم الشاشة فيتحدد سلوكهم وتبنى شخصياتهم تباعا والمتأمل لسلوكيات الأطفال اليوم يتضح له أن هذا الطفل لم يعد تلك اللبنة النقية والصفحة البيضاء التي تشع بالبراءة والنقاء وكل معاني الفطرة الإنسانية التي أرادها الله لبني البشر. لماذا غابت البراءة لماذا نزع أطفالنا رداء الملائكية فأصبح الأب يخشى تصرفات ابنه الصغير وصارت الأم تخاف طفلتها. الإجابة عن هذا السؤال تستدعي منا مراجعة دقيقة للنفس لنقف على كثير من النقائص والتصرفات السلبية التي يرتكبها الكبار تجاه أولادهم خاصة أمام هذا الزخم الإعلامي الذي مزج بين متطلبات الكبير والصغير ولم يحذر خلفيات المنتوج الذي يقدمه. لقد استطاع المشهد التلفزي اليوم نزع براءة أطفالنا نتيجة نقص أو بالأحرى غياب الوعي لدى المواطنين الذين يغفلون عن مراقبة صغارهم وهم يتابعون البرامج التلفزية حتى صار الأمر أكثر خطورة وفي حاجة إلى الدرس وإيلاء الأهمية لنتلافى اللوم والندم لاحقا فمن خاف سلم والوقاية خير من العلاج فنحن وحدنا المسؤولون عن حسن أو سوء تربية أولادنا وبناء مجتمعاتنا وبعد تتبع للمشهد التلفزي نرى أن الساهرين على هذه الأنشطة مولعين ولعا كبيرا بالفن، الرقص، والتهريج والإثارة لدرجة أنهم أصبحوا يروجون مادة غايتها الأولى والأخيرة هي الربح المادي دون إيلاء أهمية لقيمة هذه المنتوجات الثقافية والأدبية والأخلاقية ودورها في بناء شخصية الطفل بما تقدمه له من إضافات يصقل بها مواهبه ويوصوب بواسطتها ما ساء من سلوكه. لكن المشاهد اليوم لا ترتاح عينه لما يتابعه من البرامج بل يعيش الخجل والحياء إذ شاركه مسن أو عم أو خال الفرجة لما تحتويه هذه المنتوجات من مشاهد إباحية يندى لها الجبين وتجاوز للسلوكيات المتعارف عليها في ديننا تذرعا بحرية الرأي والتعبير التي التحف بها المشرفون على الإعلام ليجعلوا منها مجرد قيم فارغة المضمون يستغلونها من أجل أغراض مادية بحتة بل صارت هي ذاتها الطعم الذي يضعه هؤلاء حتى لا تتعرى نواياهم الرأسمالية، فتحت ستار حرية الرأي وظنا منهم أنهم يقدمون الحلول تهتك بعض البرامج ستر الفضائح التي يرتكبها بعض الأشخاص متناسين أنهم بمثل هذه المظاهر التي ينشرونها يبرروون أعمالا وسلوكيات حرمها ديننا الإسلامي وهذا يعتبر إعلاما خاطئا وخطيرا سقط فيه المروجون اليوم مما يحتم علينا إعادة النظر في جودة برامجنا والتثبت من خلفيات هذه المنتوجات قبل عرضها حتى تضمن بهاء وحسن الثقافة التي نسعى إلى ترويجها عالميا لكن هل هذه هي الثقافة التي نسعى إلى ترويجها وهل هذه هي الصورة التي نريد للعالم أأن ينسج على منوالها وكيف نريد لهذا الآخر أن يحترمنا ويعجب بثقافتنا ونحن نروج صورةملوثة عن العربي وقيمه انحط فيها مستوى الفن والثقافة ليصبح عراء وإباحية بعد أن كان جمالا وقيمة. وهل ترون أنه وكبديل لهذا الوضع علينا تكثيف البرامج التربوية التي تساعد أطفالنا على امتلاك شخصيات سوية تؤهلهم للمساهمة في بناء مجتمع راق بمساندة تراثنا الإسلامي الزاخر بالنماذج الكفيلة بصنع مجتمع مثال وكذلك علينا دعم العمل التطوعي لنستفيد من تجربة بعض المتقاعدين المختصين فنشركهم في تقديم برامج ثقافية وتربوية يرقى بها هذا الجيل الصاعد الذي بتنا نقدم له مادة هابطة ولغة رديئة ثم نحاسبه على ذلك في حين أن حضارتنا بقرآنها وسيرها وتاريخ أمجادها تزخر بالأمثلة الصالحة لحل مثل هذه المشاكل وهي أن تعجز عن صنع مثل للأخلاق والتربية السليمة ونحن أصحاب الحضارة وأبناء الأمة التي وصفها الله بخير أمة أخرجت للناس. فما بال أمتنا عاجزة على جعل أطفالنا خير براعم أخرجوا للناس وبالتالي خير طلائع شباب أعدوا لهذا المجتمع. والمسؤولية الكبيرة هنا تقع على عاتق الأولياء من جهة وعلى سلط الإشراف المسؤولة عن حماية الطفل من جهة ثانية لأنهم أكثروا من إصدار وثائق حقوق الطفل وجمايته دون العمل بهذه الوثائق، وتفعيلها في الواقع كما تخلى الأولياء عن واجبهم في التربية وعولوا على التلفزة والإعلام في صنع الناشئة. من جهة أخرى يستوجب علينا التركيز على سلامة الأسس حفاظا على هذا المجتمع والبدء يجب أن يكون بالطفولة لنحصنها ثم الشباب لنحميه لأن حسن وجودة البذور تفرز شتائل ممتازة ونجني منها أحسن الثمار عملا بالحكمة المثلية المعروفة من زرع حصد ومن أحسن الزرع وأولى حسن العناية ضمن وفرة وحسن الإنتاج ومن طلب العلا صنع لنفسه مستوى تغذية المعرفة والثقافة العريقة التي تؤصل هويتنا العربية التي افتخر بها الإسلام.  
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 92  بتاريخ 3جويلية   2009)  

لبنان يخرج من رماده : ملاحظات عشر واستنتاج واحد

بقلم : الحبيب بوعجيلة 1.     تتواصل إلى حد كتابة هذا المقال جهود سعد الحريري ومشاوراته مع الكتل النيابية في البرلمان اللبناني لتشكيل الحكومة الجديدة وذلك بعد صدور قرار التكليف الرسمي من الرئيس ميشال سليمان وبعد انتخاب الرئيس نبيه بري لنفس موقعه بأغلبية  واضحة وانتخاب نائبه عن كتلة المستقبل فريد مكاري. وتجري مشاورات الحريري في أجواء مشجعة على التفاؤل  بإمكانية التوصل إلى حكومة وحدة وطنية تنهي حالة الانقسام التي استمرت لأكثر من 3 سنوات بين قوى 14 آذار (الموالاة… الأكثرية) وقوى 8 آذار التي تضم أحزاب المعارضة والقوى الداعمة للمقاومة الإسلامية بزعامة حزب الله. والجدير  بالملاحظة انه وعلى عكس ما كان يتوقعه المتشائمون والنافخون في نار الفتنة في لبنان فان من أهم نتائج الانتخابات الأخيرة (ماي 2009 لبنان لا ينفصل  عن مسار الصراع  العالمي والإقليمي بين الشعوب الطامحة إلى تقرير مصائرها والقوى الاستعمارية التقليدية والجديدة وأساسا  الحلف الصهيو– أمريكي ولذلك فان تداعيات الأحداث في لبنان ستكون مؤشرات معبرة على نتائج هذا الصراع. 2.     كان سقوط بغداد ربيع 2003 حدثا مزلزلا لتوازنات المشهد القائم في منطقتنا العربية وقد كان لسهولة دخول القوات الأمريكية إلى أفغانستان والعراق مفعوله السحري على التوازن العقلي لمدارك المحافظين الجدد الذين توهموا  إمكانية تغيير جذري للأوضاع بما يمكن نهائيا للسيطرة على مقدرات شعوب العالم بأسره بداية من مركز الثقل العربي  وقد كان في ظن بوش وفريقه الأرعن ان أحجار الدومينوستسقط تباعا من بغداد إلى بيروت إلى دمشق وصولا إلى كل البؤر الممكنة لاعاقة القطار الامريكي المحمل بالديمقراطية ووصفات الاستسلام. 3.     بدات إجراءات الترتيب أسرع مما تصورنا فتمت المصادقة في الكنغرس على قانون محاسبة سوريا (اكتوبر2003) واغتيل الرئيس الشهيد أبوعمار (نوفمبر 2004 ) ولم ينته خريف 2004 حتى كان القرار الأممي 1559 جاهزا لسحب سلاح المقاومة وإخراج سوريا من لبنان… لم تفلح هذه الترتيبات وكان لا بد من تسريع النسق وكان اغتيال الحريري( فيفري 2005) لتضطر سوريا إلى الانسحاب في أجواء مشحونة ضدها وبعد مظاهرة 14 مارس 2005 التي جاءت ردا من خصوم سوريا على مظاهرة حلفائها في 8 مارس 2005 بساحة رياض الصلح. نجح صناع) التعجيل بانعقاد لقاءين تاريخيين حاسمين بين زعيم حزب الله نصر الله ووليد جنبلاط من ناحية  وسعد الحريري من ناحية أخرى. وقد مثل هذان اللقاءان منعرجا لافتا في مسار الأزمة اللبنانية لا نظنه يرضي كثيرا الأعداء الداخليين والخارجيين للبنان والأمة العربية عموما… ملاحظات سريعة نسوقها للتذكير والاستنتاج . 4.     إن مجريات الأحداث منذ أكثر من 6 سنوات في منطقتنا العربية بينت بما لا يدع مجالا للشك أن الصراع داخل الفتنة في خلط الأوراق وارتبك الفرز الطبيعي للقوى فكان الانقلاب الدراماتيكي للزعيم الدرزي وليد جنبلاط متنكرا بشكل غريب للماضي الوطني لوالده مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي  وتحول الشاب سعد الحريري إلى رهينة في يد القوى الانعزالية من مجرمي الحرب الأهلية وتحول دم والده قميصا ترفعه القوى المعادية لفصل أكبر فصيل سني في لبنان عن ماضيه العروبي المقاوم نقصد  تيار المستقبل..  لقد حدث أمر غريب غير قابل للاستمرار.. 5.     كانت سنة 2006 بامتياز مؤذنة ببداية عودة الأمور إلى مسارها الطبيعي… القوات الأمريكية بدأت تخسر حروبها باستمرار في شوارع بغداد وفي شعاب كابول وقندهار أيضا.. وفي شتاء 2006 حصدت حماس اغلب مقاعد المجلس التشريعي وشكلت حكومتها رغم الصعاب..  في لبنان لم تنفرد الموالاة بالبلد وعجزت عن تطبيق قرار نزع سلاح المقاومة فكان عدوان تموز الذي انتهى في 14 أوت بهزيمة فاضحة للجيش الذي لا يقهر…كان الانتصار تاريخيا واستراتيجيا بكل المقاييس.. رجع الأسرى المحررون  ولم ينزع السلاح وانطلقت طاولات المفاوضات… 6.     لم تتوقف المؤامرات على امتداد السنتين الأخيرتين من ولاية المحافظين الجدد..  تم اغتيال مغنية عماد العقل العسكري لحزب الله..  تم تدبير مؤامرة قطع  شبكة الاتصالات التابعة للمقاومة فأحبطها حزب الله وحلفاؤه في 7 ماي 2009 ..حوصرت غزة وأقيلت الحكومة المنتخبة لتنصب حكومة فياض/ دايتون.. لكن صمود المقاومة الفلسطينية حتم تدخل عصابات الجيش الصهيوني لتتكبد مرة أخرى هزيمة مذلة بعد عدوان بشع أمام أنظار العالم الحر.. 7.     في أجواء هذا الصمود وبعد ذهاب بوش بضربة حذاء غير مأسوف عليه جرت الانتخابات اللبنانية لتدخلها المعارضة وهي مستهدفة بحرب كونية بداية من التدخل المالي والإعلامي العربي والأوروبي وصولا إلى التهديد الأمريكي بقطع المساعدات على لبنان لو فازت المعارضة… لم تفز المعارضة طبعا ولكنها لم تنهزم  فقد حافظت  على مقاعدها التقليدية وتم اختراق الصف المسيحي بتثبيت العماد عون زعيما للمسيحيين وصعود نجم  سليمان فرنجية الحليف الوفي لسوريا وللمقاومة. وفي المقابل كان تيار المستقبل مضطرا إلى التحالف مع بعض الشخصيات السنية المستقلة لضمان زعامته للطائفة في حين تحالف جنبلاط مع المعارض طلال ارسلان حتى يحافظ على موقعه التقليدي وسط الدروز أمّا الانعزاليون المسيحيون فقد خرجوا في وضع انتصار باهت بعد ممارسات ميشال المر وتراجع عائلة الجميل التي صعد منها ابن البشير بصعوبة… 8.     الأغلبية النيابية أدركت بعد الانتخابات أن الأغلبية الشعبية ليست في صفها وأن القانون الطائفي هو الذي أسعفها.. أدرك جنبلاط بحسه البراغماتي أن الرياح أصبحت تهبّ في اتجاه آخر..أدرك الحريري الابن ان المشروع الهيمني في طريقه إلى الاندحار..  كان لقاؤهما مع نصرالله..وبدأت المشاورات لحكومة الوحدة الوطنية..وخفتت حدة اللهجة ولم  يبق على الرصيف المقابل سوى الجميل وجعجع وأرملة الرئيس معوض وصاحب « لنهار » العجوز تويني… 9.     لم تسقط سوريا بل أصبحت دمشق محطة دائمة للمبعوثين والمهتمين بالشان العربي.. آخر الزيارات كانت لنجل الملك السعودي مرفوقا بخبير الملف اللبناني عبد العزيز الخوجة..  يبدو أن الأمر عاد إلى طبيعته..  لا حرب بلا مصر ولا تسوية بدون سوريا. 10.           صنّاع القرار في البيت الأبيض يستعيدون مع اوباما الأسلوب البراغماتي في المقاربة الديبلوماسية للازمات بعدما تآكلت  القوة الأمريكية  العارية وبعد الاختراق الإيراني للعتبات المحرمة في إعداد ما استطاعت من قوة ومن رباط العصر… ملاحظات عشر تجعلنا نطرح السؤال وننتظر:  متى يكف العرب الرسميون عن الفزع المجاني من قوة آفلة ليبدؤوا التفكير في مصالح الأمة بعقول باردة…لاشك أن وضعا عربيا جديدا بصدد التشكل لن يأبه كثيرا بارتعاش أياديهم وعجزها على البناء…  
( المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 92  بتاريخ 3جويلية  2009)  

مساع فلسطينية لحمل الجزائر على استضافة مؤتمر فتح

 


الإسلام اليوم/ سفيان سي يوسف   كشفت مصادر فلسطينية عن اجتماع عُقد الأسبوع الماضي بالعاصمة التونسية جمع سفير الجزائر في تونس « يوسف يوسفي » وأمين سر اللجنة المركزية لحركة « فتح » فاروق القدومي تَمّ خلاله بحث إمكانية حمل الجزائر على استضافة مؤتمر فتح السادس.   ويأتي الإعلان عن هذا اللقاء في سياق تهديد وجهه رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية بعقد مؤتمر موازٍ لفتح في الخارج في حال تَمّ عقده في بيت لحم مطلع الشهر المقبل.   عادت المصادر الإعلامية الأجنبية إلى الحديث عن احتمال استضافة الجزائر للمؤتمر السادس لمنظمة التحرير الفلسطينية موازٍ لذلك الجاري التحضير لعقده في بيت لحم في الرابع من أوت المقبل بمجرد الحصول على موافقة اللجنة المركزية للحركة.   و بحسب ما نقلته صحيفة « الأخبار السورية » فإنّ رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي تلقى وعودًا من الحكومة الجزائرية بالموافقة على عقد المؤتمر في أراضيها، وذلك خلال لقاء جمع الاثنين الماضي في العاصمة تونس سفير الجزائر بتونس يوسف اليوسفي بأمين سر اللجنة المركزية لحركة « فتح ».   وجاء في مقال الصحيفة السورية غير الحكومية أنّ الاجتماع بحث الوضع الفلسطيني بالإضافة إلى إمكانية عقد مؤتمر « فتح » السادس في الجزائر.   وتزامن الكشف عن اجتماع القدومي بسفير الجزائر في تونس على خلفية التحضير لمؤتمر فتح في سياق التهديد الذي وجهه فاروق القدومي بعقد مؤتمر موازٍ للحركة في حال عقد من سماهم « بجماعة السلطة » المؤتمر السادس للحركة في بيت لحم.   وقال القدومي في حوار مع نفس الصحيفة، إن قرار المجلس الثوري للحركة الذي صدر عقب اجتماعه في رام الله في النصف الثاني من شهر جوان الماضي بعقد المؤتمر العام السادس للحركة في بيت لحم يوم الرابع من أوت المقبل ليس ملزماً.   وأضاف بشأن القرار أنه ليس سوى توصية ترفع للجنة المركزية، التي لها وحدها صلاحية الفصل في زمان عقد المؤتمر ومكانه، وهو ما جرى الاتفاق عليه في اجتماع اللجنة المركزية في عمان قبل أسابيع والذي شهد مصالحة الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس ورئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية أمين سر اللجنة المركزية حركة فتح فاروق القدومي.   (المصدر: موقع الاسلام اليوم بتاريخ 04 جويلية 2009 )  

هل ستنجح إيران في ما فشل فيه غيرها؟

الشيخ راشد الغنوشي المتابع لمسيرة تاريخ الإسلام لا يمضي بعيدا حتى يكتشف ما أثله الإسلام في الأمم التي دانت به من منجزات حضارية باهرة على كل صعيد، إن في المجال العلمي أو الأدبي والفلسفي أو القانوني، كما لن تعزب عنه منجزات قرنين على صعيد الإصلاح الشامل الذي ظلت مشاريعه من أجل النهوض اكتسابا لناصية البحث العلمي والتقدم الصناعي واستقلال القرار السياسي، تتعرض بشكل دوري ثابت لعمليات إجهاض تتولى كبرها القوى الغربية المتغلبة؟  » فشلت الأنظمة الإسلامية في إدارة الشأن العام ديمقراطيا، فساد الاستبداد والفساد، وقاد ذلك إلى فشل جملة المشاريع التنموية، كتطوير بنية علمية وصناعية قوية تكفل استقلال البلاد، بمعنى استقلال قرارها  » فهل ستتبع التجربة الإيرانية نفس مسار التجارب السابقة منذ محاولة محمد علي، لتقف حسيرة أسيفة أمام واقع الهزيمة المر؟ أم سيكون حظها أسعد وكسبها أرشد؟ 1- لقد قدمت سابقة الخلافة الراشدة ريادة عظيمة في مجال إدارة الشأن العام إدارة شورية تحل فيها السياسة محل القوة ويحل فيها العدل محل الرهبة مصدرا لشرعية السلطة، حتى أمكن في وقت مبكر أن يتحقق تداول سلمي للسلطة عبر عملية سياسية شورية راقية، كانت استثناء في السياق العالمي السائد حيث تسود أنظمة الملوك المتألّهة. إلا أن التجربة لم تعمر أكثر من أربعين سنة، بدأ انخرامها بمقتل الخليفة الثالث المنتخب.. وانتهت بمعركة صفين حيث تولى السيف حسم الصراع داخل المعسكر الإسلامي، في نوع من العودة للنظام القديم. ورغم المحاولات المتكررة عبر تاريخ الإسلام الممتد لاستعادة النموذج الراشدي فإن السيف ظل حتى يومنا هذا العامل الحاسم في المعركة على السلطة ومصدر شرعيتها. 2- وبسبب ما آلت إليه المحاولات المتكررة من فشل وما جلبته معها من فتن وكوارث مثلت تهديدا لوحدة الأمة، فقد مال جل الفقهاء -وهم أهل الرأي في الأمة، وأصحاب السلطة الفكرية والتشريعية- إلى إيلاء الأولوية للوحدة على العدل والشورى، فاعترفوا -مخطئين- بحكم المتغلب باعتباره أمرا واقعا تضفى عليه الشرعية، فيبايع، شريطة التزامه بالشريعة حسبما يستنبطها العلماء من الوحي، منفذا ما يقضون به -فيما لا علاقة له بالسياسة- وحاميا بيضة الأمة. وقد أشبه ذلك الصفقة التاريخية، صفقة شراكة بين العلماء والحكام، صفقة أفرزت المعادلة التاريخية التي استمرت حاكمة عالم الإسلام ما بعد الراشدين، ولم يبطل مفعولها ويجهز عليها غير مدافع الفرنجة تدك حصون المسلمين منذ بدايات القرن التاسع عشر، وتدك معها معادلة الحكم تلك، وتفكك بنية المجتمع الإسلامي التي يحتل فيها العلماء قلب مركز الدائرة، دافعة بهم إلى الهامش من خلال تجريدهم من مصادر قوتهم، بدءا بمصادرة الوقف، العمود الفقري لقوتهم وقوة المجتمع الأهلي، بتخليق نخب، بقيم ورؤى، هي امتداد للنفوذ الاستعماري، وإرساء قيم ونظم، لا مكان فيها للدين وعلمائه في غير الهامش، بما نقل هؤلاء من كونهم مصدرا لشرعية الحاكم والحكم ومدرسة لتصنيع النخب وتثقيف الأمة والوسيط بينها وبين الحاكم، إلى كونهم مجرد هامش في الدولة الحديثة وموظفين صغارا. 3- قامت على امتداد عالم الإسلام منذ قرنين حركات إحيائية تنفض عن الإسلام غبار الانحطاط، من بدع وخرافات، وتعيد من خلال فكر التجديد الفعالية للمسلم، قوة فعل في التاريخ، وتستأنف الحوار المقطوع بين الإسلام وبين ضروب التطور ومنتجات الحضارة الحديثة العلمية والتقنية والفكرية السياسية، وذلك عن طريق إخضاع الوافد الغربي للنقد وتمحيصه لاقتباس ما هو نافع متساوق مع الإسلام وطرح ما هو مرذول. وكان من نتائج هذه الحركة الإحيائية أن دبت الحياة في الجسم الإسلامي المخدر، فكانت حركات الجهاد التي ما عتمت أن طهّرت أو كادت عالم الإسلام من الوجود العسكري الأجنبي، وعزمات المجاهدين تطارد فلول ما تبقى. كما كان من ثمارها تفعيل آليات الاجتهاد، تفعيلا للعلاقة بين الدين والواقع، بما أنتج فكرا إسلاميا معاصرا، تفاعل مع الحداثة واستوعبها ووظفها في خدمته، والعملية لا تزال جارية. كما كان من نتائجها نشوء حركات إسلامية على امتداد عالم الإسلام تجاهد من أجل إعادة بناء مجتمعات الإسلام على أساس الإسلام مستوعبا للعصر، أفادت من المستويات الدراسية الحديثة لأبنائها، كما استفادت من الفشل المتكرر المتفاقم لمشاريع النهوض التي تأسست على محاولات المحاكاة الفجة للغرب. 4- لقد فشلت التجارب التنموية التي قامت على فكرة المحاكاة للتجارب التنموية الغربية والشرقية، فشلت على صعيدين مهمين: داخليا فشلت في تحقيق مستوى معقول من التنمية الاقتصادية والاجتماعية -وبالأخص التنمية السياسية المتمثلة في بناء سياسي شوري ديمقراطي، على أساس ولاية الأمة على حكامها- يحترم الحقوق والحريات ويحفظ مقومات العيش الكريم للمواطن، وينقل الصراعات داخل المجتمع -ومنها الصراع على السلطة- من سبيل التعانف والحسم بالقوة، إلى المستوى السياسي، وهو ما نجح فيه الغرب عبر الالتزام بآليات الديمقراطية سبيلا وحيدا لحسم كل الصراعات الفكرية والسياسية ومنها الصراع على السلطة. الفشل في ذلك انتهى بالأنظمة السائدة في الأمة إلى العزلة عن شعوبها، بما أعاد للأذهان صورة الاحتلال بل أسوأ، وكان ذلك مصدر الكوارث التي حلت بالأمة. لقد فشلت هذه الأنظمة في إدارة الشأن العام ديمقراطيا، فساد الاستبداد والفساد، وقاد ذلك إلى فشل جملة المشاريع التنموية، كتطوير بنية علمية وصناعية قوية تكفل استقلال البلاد، بمعنى استقلال قرارها. وكان من الطبيعي أن يقود الفشل التنموي الداخلي إلى فشل خارجي شنيع في رد العدوان على الأمة، والذود عن حماها. وكارثة فلسطين شاهد. وبلغ التناقض والتكايد بين الشعوب والحكام درجة التنافس على الاستظهار بالأجنبي، حتى رفض معتقلون تونسيون في غوانتانامو أن يسلموا إلى بلادهم. أما الأزمة مكثفة فيلخصها استدراج المعارضة للاحتلال سبيلا للخلاص. 6- وكان من أولى تلك التجارب النهضوية تجربة محمد علي في النصف الأول من القرن التاسع عشر حيث تمكن من تعبئة موارد مصر وموقعها لبناء قاعدة صناعية وعسكرية قوية مستفيدا من التناقضات الأوروبية ومن خبرة بعض دولها، إلا أنه ما إن قطع شوطا على طريق بناء قاعدة صناعية قوية وجيش حديث شرع في توحيد المنطقة وتجديد نظام الخلافة المهترئ، حتى تصدت له الأساطيل الأوروبية مجتمعة وكسرته وردّته على أعقابه، بل حتى فككت قاعدته الصناعية وحجمت قوته العسكرية، فارضة على خلفائه الاستلحاق بل الاحتلال. ورغم أن التجربة انطلقت مشروعا مشتركا بين حاكم ومؤسسة دينية هي الأزهر فإن شهوة الملك وحب الانفراد قاد الحاكم ذا التقاليد السلطوية العريقة إلى الانفراد بالأمر وتهميش العلماء، شركاء المشروع، مما آل به إلى مشروع سلطوي وحرمه من العمق الشعبي والمخزون الديني، المفجّر الأعظم للطاقات في أمتنا. 7- وبعد زهاء قرن أعاد التاريخ نفسه مع الضباط الأحرار في علاقتهم بالمخزن الديني ممثلا بالإخوان المسلمين الذين كانوا الرحم الثقافي الذي تخلّقت فيه فكرة الثورة والتغيير، إلا أن موروث الانفراد بالسلطة سرعان ما انتصر وكأن الثورة تنشر الغصن الذي يحملها، فرغم ما حملته من آمال للأمة وما فجرته من طاقات وما أنجزته من مشاريع نهضوية اجتماعية وصناعية، فإنها يوم استهدِفت بما كان محتما من عدوان لإجهاضها، انهارت بسبب بنيتها السلطوية المخابراتية التي خنقت كل صوت حر وصادرت مبادرات المجتمع وحولت الإعلام والفكر نفاقا ومدائح سلاطين، عابثة بالقضاء، مسرفة في القمع والتنكيل وخصوصا بالمكون الشعبي الأكثر انغرازا في المجتمع، مما حرمها من توظيف المخزون العقدي في الأمة لأنها اصطدمت معه وعملت على الإجهاز عليه. وهكذا انتهى الأمر مرة أخرى بأن يتولى العدوان الدولي على أمتنا تفكيك مشروع نهضوي واعد، بسبب فشل قادة المشروع في بناء علاقات صحية شورية أساسا لحكمهم قمينة بمواجهة العدوان الأجنبي، فلا عجب أن ينهار المشروع في ساعات وقيل في أيام، بينما صمدت القوى الشعبية للعدوان وارتد عنها حسيرا في فلسطين ولبنان. لقد كان الخلاف المدمر بين الثورة والإخوان خلافا داخل نفس الفريق، خلافا لم تتبع في إدارته -كما هو ديدنا وإعاقتنا المزمنة- الأساليب السياسية الشورية وإنما أدوات الدولة العنيفة. 8- وكادت الصورة نفسها تتكرر في السودان، إذ علقت آمال كبيرة على الحركة الإسلامية التي عرفت بمبادراتها وتطلعاتها التجديدية في إرساء وتطوير مشروع نهضوي إسلامي، إلا أنها رغم بعض المنجزات التي حققتها في مستوى نشر التعليم وتطوير البنى التحتية، لم تمض بعيدا حتى اصطدمت بنفس الإعاقتين: الإعاقة الخارجية ممثلة بالكيد الدولي والإعاقة الداخلية ممثلة في العجز عن إدارة شورية للخلاف داخل نفس المعسكر الإسلامي، فكما انقلبوا على غيرهم واستبدوا دونهم بالحكم، انقلب بعضهم على بعض للانفراد بالأمر. إنها السنن، بما لم يتردد معه د. الأفندي -أحد أبناء المشروع- في إعلان نعيه. 9- أما التجربة النهضوية العراقية البعثية بقيادة صدام حسين فقد كانت أوضح التجارب في الدلالة على المطلوب: إرادة نهضوية تراهن على الانطلاق والتحليق بجناح واحد هو قوة الدولة وأدواتها، فكانت إنجازاتها الصناعية باهرة، ولكنها كانت أعجز من أن تصمد في مواجهة عدوان دولي، قدم هذه المرة بدعوة ملحة من ممثلي القطاعات الأوسع من الشعب، ممن لم يحاول النظام أصلا حتى الاعتراف بهم، بله التفاوض معهم على معادلة حكم، وهو ما لم يفعله حاكم عربي حتى الآن، مما جعلهم بين تابع ذليل للقوى الأجنبية وبين خائف يترقب. لقد كشفت تجربة العراق مدى هشاشة النظام العربي في أي مواجهة مع الخارج، مقابل ما تتوفر عليه الشعوب من مخزون مقاومة إذا هي تخففت من وطأته. 10- التجربة الإيرانية: تتعرض الجمهورية الإسلامية لنفس التحدي الذي واجهته التجارب التنموية التي ذكرناها، فما حظوظ نجاحها في الإفلات من مصير مماثل للتجارب السابقة؟ أ- لقد نجح نظام الجمهورية الإسلامية حتى الآن في امتحان البقاء ملتزما بمشروعه لا يتنازل عنه، ذلك المشروع المتمثل في بناء دولة إقليمية عظمى ذات قرار مستقل وما يستلزمه ذلك، سواء أكان من بناء قاعدة صناعية وعسكرية واقتصادية تسند هذا الطموح، أم من إدارة سياسية رشيدة للاختلاف داخل النخبة الحاكمة ومع مختلف القوى الشعبية. لقد كانت منجزات الثورة على هذه الصُّعُد بين جيدة جدا في مجالات، وبين متوسطة في مجالات، وبين ضعيفة وحتى فاشلة في مجالات أخرى. لقد كانت منجزاتها باهرة في التصدي للحصار الدولي ومحافظتها على استقلال قرارها وإدارتها الذكية لملفها النووي حتى الآن، وتوفيقها لإقامة أحلاف وصداقات منعت إحكام الحصار عليها، موظفة مواردها الضخمة وموقعها الإستراتيجي المتميز. وكان من بين هذه الأحلاف الناجحة تحالفها مع قوى المقاومة والممانعة على صعيد المنطقة والعالم، هذا التحالف الذي أوقف الاجتياح الأميركي الصهيوني للمنطقة سبيلا للسيطرة العالمية، ومكن قوى المقاومة من الصمود وحتى تحقيق الانتصارات، وهو كسب جدير بالتنويه. أما على صعيد التحدي السياسي الداخلي الذي فشلت فيه التجارب النهضوية السابقة فقد حققت الثورة الإسلامية حتى الآن نجاحا نسبيا معقولا، إذ نهض نظام الجمهورية على جملة من الوثائق الدستورية التي خضعت للاستفتاء الشعبي وأسست لمؤسسات تنتخب دوريا دون طعن من أحد، وهي سابقة متفردة في المنطقة رغم حصر العملية الشورية في نطاق محدد، ووجود مؤسسة عليا هي الولي الفقيه يعلو سلطانه كل المؤسسات، وذلك في سياق عملية توفيقية بين سلطة الشعب وسلطة الغائب، أي بين فكرة الجمهورية وعقيدة الإمام الغائب، وهو خلل تكويني. أما المنجز الضعيف إلى حد الفشل أحيانا فيتمثل في البعد الطائفي للنظام الذي أثار مشكلات إقصاء داخل المجتمع الإيراني المتعدد المذاهب والقوميات، وأثار مشكلات أعظم على صعيد الإقليم والأمة، ظهر ذلك أجلى ما يكون في العراق حيث فشل النظام الإيراني فشلا كاملا في كسب السنة، بما ظهر منه من تحيز سافر للجماعات الشيعية. ب- غير أن التحدي الأعظم الذي اندلع الأسابيع الأخيرة وغدا يمثل نوعا من التهديد للبناء من أساسه حسب البعض، يتمثل في موضوع إدارة الاختلاف، لا بين العلمانيين والإسلاميين ولا بين الشيعة وبقية الطوائف، وإنما إدارة الاختلاف بين أبناء الثورة أنفسهم، المتنافسين على الرئاسة، مرشحوهم أربعتهم من أقطاب في الثورة ومروا على الغربال الدقيق. لأول مرة في انتخابات إيرانية يتم الطعن في نزاهة العملية الانتخابية، مما أفسح المجال أمام المتربصين بالثورة الذين انحازوا -عربهم وعجمهم- إلى الفريق الخاسر، ليس بالضرورة حبا فيه وإنما مدخلا لنقض البناء من أساسه وضربا لبعضه ببعض، بما جعل النظام كله مستهدفا في أساسياته، ألا وهي سياساته التنموية المستقلة والخارجية المتمثلة في استقلال قراره وما يقتضيه ذلك من محافظته على مشروعه النووي ودعمه للمقاومة في المنطقة. التحدي هنا، هل سيوفق القائد ومن حوله من نخبة الحكم الحاكمة والمعارضة في الصدور جميعهم عن مسلّمة فحواها أن المستهدف هو المشروع ذاته وليس هذا الفريق أو ذاك، فلا يستظهر طرف على أخيه بقوة الدولة، ولا يرد الآخر بالاستظهار بقوة الخارج، الذي لم يعد قادرا على كتم فرحته والإسفار عن تأييده الفج للإصلاحيين في إساءة بالغة لهم؟ إن التحدي من النوع الوجودي. إن الانقسام عميق داخل النخبة الإيرانية نخبة الثورة، ومثل هذه الانقسامات لا تحل بما هو معتاد من خضوع الأقلية للأغلبية وهو منطق لصالح نجاد، وإنما بمنطق البحث عن وفاق وتسويات يؤخذ فيها بعين الاعتبار لا الكم وحده وهو لصالح نجاد وإنما الكيف أيضا وهو لصالح منافسه. إن لحظة ضعف تعتري القائد يجيز فيها استخدام أدوات الدولة لحسم الخلاف ستكون بمثابة إعلان عن وفاة المشروع، ولن تختلف في كارثيتها عن ابتهاج الطرف الآخر بعواء الذئاب الدولية المتلمظة للانقضاض على الفريسة، أو استدعائها بدل انتهارها. الثابت أن مشروعا آخر من مشاريع نهوض الأمة يقف هذه الأيام وتقف معه المنطقة في لحظات تاريخية فارقة، غير أنه مما يشد النظر في المشهد التلمظ العجيب على الفريسة الإيرانية الجامع بين أقطاب النظام الدولي والصهيوني وبين عرب الاعتدال، فهل فينا حقا من تصهين أو مضى أبعد من ذلك حتى غدا فرحه وحزنه ليكوديا؟ اسألوا الله حسن الخاتمة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ  4 جولية  2009)  

صدّام يُدمّر بأسلحة دمار افتراضية

  كتبه عبدالحميد العدّاسي   قرأت ما نقله موقع الحوار.نت عن BBC، فقد أظهرت وثائق تابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي – زعموا – أنّ صدّاما – رحمه الله –  كان يشعر أنّ بلده مهدّد من أطراف في المنطقة ذكر المصدر منها إيران، ما جعله يفضّل الإبقاء على احتمال امتلاكه لأسلحة الدّمار الشامل – التي زعموا هم أنّه يمتلكها – قائما، لإظهار بلده في أعين الأعداء قادرا على صدّ العدوان مهما كان مأتاه… معتبرا أنّ اكتشاف نقاط الضعف والفجوات لديه يكون محرّضا للأعداء على مهاجمته…، ولأنّ أغلب المنظّمات الدولية بل وحتّى الاكتشافات العلميّة الخادمة للترقي والمعرفة وفي مقدّمتها « الإنترنت » تعمل (والحديث موثّق بالأحداث التي لا تبقي على الشكوك)، فقد خشي صدّام من عمل « مفتّشي الأمم المتّحدة » الذين لا يفتّشون إلاّ في بلاد المسلمين وفي البلاد الفقيرة، وتحوّط لإمكانية بيعهم كلّ المعطيات والمتمثّلة في عدم وجود الأسلحة إلى إيران ممّا كان سيعرّي نقاط ضعفه فيجعله عرضة للأطماع…   وبقطع النظر عن صوابية هذا التصرّف، من صدّام، المبني على قوّة ردع وهميّة، من عدمها، فإنّ من حقّ أيّ وليّ أمر التفكير في الكيفية التي يحمي بها بلده وينمّي بها قدراته، وإنّي في هذه السانحة سأتوقّف عند نقاط أراها هامّة لفهم العقل غير الإسلامي (ويمثّله اللادينيون والصهاينة والصليبيون والعُربانيون) في مواجهة الإسلام والمسلمين:   – ليس مهمّا الحصول على الحقيقة وإثبات الحقّ، بل المهمّ لدى الأصناف ذات العقل غير الإسلامي القضاء على كلّ من يشتمّ منه الدّفاع عن الحقّ والنّزوع إليه!.. فقد حصلت هذه القناعة (قناعة خلوّ العراق من أسلحة الدّمار الشامل) لدى قادة الحرب الصليبيّة التي قادها بوش لعنه الله ومتّبعيه في الفترة ما بين فبراير / شباط ويونيو / حزيران سنة 2004، على الأقلّ من خلال تصريحات صدّام المشار إليها، غير أنّ ذلك لم يكن شافعا لصدّام في درء الموت عنه، فهو – وإن ظلم أهله – يظلّ من أجود النّاس على الفلسطينيين وأكرمهم بهم، ويظلّ من أكثر حكّام العرب السابقين واللاّحقين رجولة وشهامة ودفاعا عن حياض العروبة والإسلام، وهو الوحيد الذي روّع الصهاينة المحتلّين بصواريخه التي لم ينلها الصدأ سنة 1991… والصليبيون يبغضون العزّة في غيرهم كما يبغض العربان اليوم العزّة في أنفسهم… لذلك عدّوا صدّاما بفكره الذي كان يحمله ضربا من أسلحة الدّمار الشامل فأبادوه كما تُباد تلكم الأسلحة، مستعملين في ذلك أناسا انتسبوا للإسلام حيث قتلوه في يوم عيد المسلمين فجر السبت 30 ديسمبر 2006، دون أن يفقهوا أيّ شيء من إسلامهم ولا حتّى قول نبيّ الإسلام عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام: « فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ »…   – إن صحّ الكلام المنسوب للمكتب الفيديرالي فإنّ العربان قد فقدوا بموت صدّام ركيزة مهمّة بل وضرورية للدّفاع ضدّ الخطر الكبير الذي يتهدّدهم أو الذي قُدِّم إليهم على أنّه يتهدّهم، والحال أنّهم بذلوا ذات يوم بعض ما يملكون لصدّام كي يكون سدّا لهم يمنعهم خطر أهل إيران الفارسية (فما رأوها إسلاميّة كما رآها الغرب على الأقلّ)… فهل أسلموا صدّاما بعد ذلك نصرة لأحدهم وقد وقع تحت وطأة تهوّر صدّام؟ أم أنّهم أسلموه لغياب القدرة على التمييز عندهم؟ أم أنّهم أسلموه لوجود سدّ منافس له ظهر تفوّقُه كما قد وقع في خلدهم؟!…   – كان الصليبيون وأذيالهم يعرفون « الخطر الإيراني » ويدركون دور صدّام في منع حصوله أو – على الأقلّ – في التخفيف من آثاره، فمالذي دفعهم إلى القضاء على خطّ الدفاع الأوّل (صدّام)؟! أهي قناعتهم بعدم واقعيّة الخطر الإيراني وإذن فما هذا الذي يجري في كلّ لحظة وفي كلّ حين ليشدّ الأنظار حوله؟! أم لأنّ الأطفال في القرية المجاورة وقد سمّاهم آباؤهم « أبواشا »* لا يهنأون بعيشهم وصدّام إلى جانبهم؟! أم لأنّ القناعة عندهم قد رسّخت خطورة إسلام صدّم على خطورة إسلام غيرهم ممّن كان خاضعا لهم أو خاضعا لآية من آيات الله؟!… أم أنّ صدّاما قد قُتِل إرضاءً لأحفاد أبناء « المحرقة »، وقد أزعجهم وجوده وهم يكتبون إهداءاتهم على صواريخ مدمّرة يرسلونها إلى أطفال لبنان وفلسطين؟! أم أنّ صدّاما – رحمه الله – قد قتل إرضاء لأحفاد عبدالله بن سبأ وإذن فكيف يمكننا فهم مشروع « إسرائيل الكبرى »، والخوف من التمدّد الإيرانيّ، جمعا لهما أو تفريقا بينهما؟!…     ــــــــــــــــــــــــــــــــــ (*): أبواش مفرده بوش (لعنه الله)، وقد سمعت وقرأت (وأسأل الله أن يكون ذلك « طرفة » غير صحيحة) أنّ  بعض الأعراب قد سمّوا أبناءهم المسلمين « بوشا » تشيّعا لبوش « قاهر » صدّام الذي غزا قريتهم…  

مصالحات باردة في صيف ساخن

عبد الباري عطوان صيف العرب حافل دائماً بالمفاجآت، فمعـــظم الثورات والانقلابات العسكرية وقعت في شهر تموز (يوليو)، ومعظم الحروب والغزوات حدثت في اشهر الصيف الثلاثة الملتهبة حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) وآب (اغسطس)، ولكن صيف هذا العام ليس صيف حروب، وانما صيف مصالحات فيما يبدو من خلال متابعة حال الحراك الســــياسي الراهن بقيادة محور الرياض – القاهرة. الرئيس المصري حسني مبارك الذي قاطع قمة منظمة الوحدة الافريقية المنعقدة في سرت، لأسباب ما زالت غامضة، قام بزيارة مفاجئة الى السعودية للقاء العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، ليرد الأخير بمفاجأة أخرى اثارت العديد من علامات الاستفهام عندما طار الى شرم الشيخ للقاء الرئيس المصري بعد يوم واحد من لقائهما في مكة، في زيارة قصيرة امتدت لثلاث ساعات فقط. ومن المتوقع ان يشدّ العاهل السعودي الرِّحال الى دمشق بعد غد، حسب تقارير اخبارية مصرية رسمية. العنوان العريض الذي يجري تحته هذا الحراك هو ‘تنقية الاجواء العربية’ لتحقيق المصالحات العربية، وهي مصالحات من المفترض ان تكون قد تحققت على هامش قمة الكويت الاقتصادية مطلع هذا العام، وقمة الرياض الرباعية. لكن الحقيقة مغايرة لهذا العنوان تماماً، والاهداف المرجوة من هذا الحراك تبدو اكثر تواضعاً مما يتوقعه الكثيرون. هناك قضيتان رئيسيتان تتمحور حولهما جهود المصالحة العربية، والزيارات المتبادلة المنبثقة عنها، او في اطارها بين القيادتين السعودية والمصرية، مثلما نستخلص من قراءة ما بين سطور التصريحات الرسمية: * الاولى: محاولة انهاء الازمة اللبنانية الحالية الناجمة عن تعثر جهود السيد سعد الحريري رئيس الوزراء المكلف لتشكيل حكومة لبنانية توافقية تحظى برضاء اطراف داخلية لبنانية، واقليمية عربية، وخارجية دولية. * الثانية: انهاء مسلسل الحوارات الفلسطينية الداخلية المخجل الذي ترعاه السلطات المصرية نهاية سعيدة تؤدي الى اتفاق يضع حداً لحال الانقسام الحالي، وتشكيل حكومة توافق فلسطينية، وبما يؤدي الى اعادة فتح معبر رفح الحدودي، وانطلاق مسيرة اعمار قطاع غزة. ‘ ‘ ‘ بمعنى آخر يمكن القول ان الهدف الاساسي من هذا الحراك هو ‘فتح معبر’، وتسهيل ولادة ‘حكومة حريرية’ في لبنان. ومن المفارقة ان واشنطن تلقي بثقلها خلف الجهد المصري في القضية الاولى، والجهد السعودي في الثانية. فالمطلوب ان تقبل حركة ‘حماس’ بعودة سلطة رام الله الى المعبر، والتحكم بمفاتيحه مجدداً، والمأمول ان تنجح جهود المملكة العربية السعودية في ولادة حكومة لبنانية تشارك فيها بعض احزاب المعارضة، ولكن دون سلطات ‘الثلث المعطل’، اي من قبيل الديكور لا أكثر ولا أقل. فلبنان يعيش حالياً قرب تسجيل سابقة عربية جديدة، فبعد ترسيخ سابقة التوريث في الجمهوريات الثورية خصوصاً، الآن نحن امام سابقة توريث أخرى، وان بدرجة اقل، وهي توريث رئاسة الوزارة، فهذه هي المرة الاولى التي تنتقل فيها من الاب الى الابن. فحتى اعلان تشكيل حكومة الحريري الابن رسمياً، كان التوريث في البيوت الاقطاعية اللبنانية يقتصر على زعامة الاحزاب، وبعض المناصب الوزارية، الآن الدائرة تتسع وقد تصل قريباً الى رئاسة مجلس النواب ايضاً. المملكة العربية السعودية دولة عربية كبرى لها مكانة عربية واسلامية ودولية متميزة، فاقتصادها هو الاكبر في المنطقة بسبب صادراتها النفطية الهائلة (8.5 مليون برميل يومياً). وتستضيف على أرضها الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وتتزعم تجمعاً اقليمياً يعتبر الاكثر ثراء في المنطقة والعالم الذي هو مجلس التعاون الخليجي. ‘ ‘ ‘ العاهل السعودي يذهب الى دمشق بعد قطيعة امتدت لسنوات بسبب وجودها في معسكر سياسي خارج محور الاعتدال، وعلى رأس جدول اعمال زيارته اقناع الرئيس السوري بتسهيل مهمة الحريري الابن، اي ‘فزعة’ من قبل الاول لمساعدة الحليف اللبناني، وفاء لولاء والده السعودي الجنسية والثروة، وترطيب الاجواء بينه وبين نظيره المصري حسني مبارك، بما يؤدي الى انجاح مهمة الاخير في انجاز الاختراق في الحوارات الفلسطينية المتعثرة، على اعتبار ان للرئيس السوري دالة على حركة ‘حماس’ ورئيس مكتبها السياسي المقيم في دمشق. كنا نتوقع ان تكون دوافع القيادتين السعودية والمصرية من هذا الحراك اكبر من فتح معبر او تشكيل حكومة في لبنان، في ظل ازمة امريكية قد تتطور الى حرب مع ايران، وحكومة اسرائيلية تتغول في الاستيطان وتهدد بالحرب، وتستغل العجز العربي في التقدم بشروط تعجيزية، مقابل التراجع عن رفضها للانخراط في عملية سلمية فاشلة اصلاً. المصالحات العربية كانت تتم في الماضي من اجل اعادة ترتيب البيت العربي استعداداً للحرب دفاعاً عن كرامة هذه الامة وقضاياها، مثلما حدث في قمة الخرطوم بعد هزيمة عام 1967، ومن اجل استخدام ‘سلاح النفط’ جنباً الى جنب مع ‘سلاح الدم’، كما شاهدنا هذا التزاوج في ابرع صوره في حرب اكتوبر رمضان عام 1973، ولكن في زمن الانحدار العربي تدنت الى مستويات فتح معبر او تشكيل حكومة اقطاعية جديدة في لبنان. الكرة الآن في ملعب القيادة السورية، من حيث الحصول على ‘ثمن كبير’ يخدم مصالح الامة وثوابتها الوطنية، مقابل تجاوبها مع المطالب السعودية والمصرية. فهذه هي فرصتها طالما ان هؤلاء ادركوا اهميتها ودورها، وجاءوا لخطب ودها بعد ان فشلوا في فرض العزلة العربية والدولية عليها. ‘ ‘ ‘ نحن مع تسهيل ولادة الحكومة اللبنانية الحريرية، وتخفيف اعباء اغلاق معبر رفح عن كاهل الحكومة المصرية، من خلال اقناع حركة ‘حماس’ بتليين مواقفها المتشددة والواقعية في الوقت نفسه، ولكن ماذا سيقدم المحور السعودي المصري في المقابل على صعيد القضايا العربية الاهم في التصدي لهذا التغول الاسرائيلي؟ فهل ستقنع سورية ضيفها السعودي بأن اسرائيل هي العدو الحقيقي للعرب الذي يحتل ارضهم ويهين كرامتهم وينتهك اعراضهم وليس ايران؟ نريد مصالحة عربية على اساس الثوابت الاسلامية والقومية، واحياء المشروع العربي النهضوي، وامتلاك اسباب القوة، وتحديد الاعداء من الاصدقاء، وفقاً لمعاييرنا الاسلامية والعربية وليس وفقاً للمعايير الامريكية. اما مصالحات من اجل فتح معبر او تشكيل وزارة فلا نريدها، لأنها تشكل اهانة لهذه الامة، وتقزيماً لها اكثر مما هي مقزمة. الاجواء العربية ليست نقية بسبب عدم تشكيل الحريري لحكومته او بقاء معبر رفح مغلقاً، وانما لعجز النظام الرسمي العربي، وانحرافه عن اهدافه، وموات الشعوب العربية، وانشغال الطرفين بلوم بعضهما البعض في تحمل المسؤولية عن هذا الانحدار، فجميع الشعوب تتحرك الا شعوبنا، وجميع القيادات العالمية تطور مجتمعاتها وتحدثها الا قياداتنا، وهنا يكمن الخلل الأساسي.  المصدر: القدس العربي (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 4 جولية 2009)


«زلة لسان» ساركوزي

برهوم جرايسي 2009-07-04 ضجّت إسرائيل في الأيام الماضية، بعد الكشف عما قاله الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خلال لقائهما في العاصمة باريس قبل أقل من أسبوعين، إذ دعا ساركوزي نتنياهو للتخلص من وزير خارجيته العنصري أفيغدور ليبرمان. وكان ساركوزي قد قال لنتنياهو وبحضور عدد من المسؤولين الإسرائيليين: «عليك أن تتخلص من هذا الشخص (أفيغدور ليبرمان).. أخرجه وأدخل تسيبي ليفني (إلى الحكومة) معها ومع (إيهود) باراك بالإمكان صنع تاريخ، لقد استقبلت دائما وزراء خارجية إسرائيليين، وقد رغبت جدا باستقبال تسيبي ليفني هنا في قصر الإليزيه، ولكن أن أستقبل هذا (ليبرمان) فأنا لا أستطيع»، فرد عليه نتنياهو قائلاً: «في المحادثات الخاصة بالإمكان سماع ليبرمان بشكل آخر»، فأجاب ساركوزي قائلاً: «في المحادثات الخاصة أيضا جان ماري لوبان (المتطرف الفرنسي) هو شخص لطيف»، فرد نتنياهو مدافعاً عن ليبرمان قائلاً: «ليبرمان ليس مثل لوبان، لا مجال للمقارنة»، حينها قال ساركوزي إنه لا يريد المقارنة بين الاثنين. ولم يبق أحد من الأحزاب الصهيونية إلا وهبّ يدافع عما يسمى بـ «الديمقراطية الإسرائيلية» ودعوة ساركوزي لعدم «التدخل في قرار الناخب الإسرائيلي»، وشرع بعض الصحافيين في مهاجمة الرئيس الفرنسي، ومن بينهم أيالا حسون المحللة السياسية للقناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلي، التي قالت «إن من يستقبل معمر القذافي الذي ينصب الخيام في أوروبا ويستقبل هوغو شافيز، لا يستطيع التحدث عن ليبرمان»، وبطبيعة الحال فإن الوقاحة الإسرائيلية لم تتوقف عند هذا الحد. وكان من الناطقين الإسرائيليين من اعتبر تصريح ساركوزي «زلة لسان» وعليه التراجع عنها، وفي هذه النقطة بالذات بالإمكان القول إن ساركوزي سقط بالفعل في زلة لسان ليست حكيمة، ولكن من منظور آخر. فأولاً ساركوزي طالب نتنياهو بالتخلص من ليبرمان لكونه متطرفا، ولكن الرئيس الفرنسي كان عليه أن يفكر مرتين، ليستدرك أن محادثه في تلك اللحظة ليس بأفضل من ليبرمان، وكلاهما يتنافسان على من يحتل أولا أسفل حضيض العنصرية، ومن منهما يتشدد أكثر بسياسة الرفض لكل آفاق حل الصراع في الشرق الأوسط. لربما أمكن القول إن ليبرمان في هذه النقطة «أفضل» من نتنياهو لكونه يُفصح ويجاهر بكل ما عنده من مواقف عنصرية حاقدة متشددة تجاه كل من هو عربي، وتجاه آفاق الحل. وثانيا، حين عرض ساركوزي على نتنياهو أن يسعى لضم وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، زعيمة المعارضة الحالية تسيبي ليفني إلى الحكومة، إلى جانب وزير الحرب إيهود باراك، كان عليه أيضا أن يفكر مرتين ليستدرك أن هذين الاثنين ليسا بأفضل من ليبرمان، والوقائع على الأرض تحكي كل شيء. فليفني التي تتقمص في هذه المرحلة دور «داعية السلام»، كانت حتى قبل أشهر قليلة وزيرة خارجية لحكومة سجلت أعلى ذروة للاستيطان في الضفة الغربية، محطمة بذلك الذروة التي سجلتها حكومة إيهود باراك في عامي 1999 و2000. ولشديد السخرية أنها حين تدعو نتنياهو للتفاهم مع الإدارة الأميركية حول سبل استئناف المفاوضات، فإنها تتجنب الحديث عن مواصلة الاستيطان، وهذا لأن ما تنفذه حتى الآن حكومة نتنياهو من استيطان، هي مشروعات أقرتها حكومة ليفني، التي كان يرأسها إيهود أولمرت، هذه الحكومة التي شنت 3 حروب: اثنتان منها على الشعب الفلسطيني وثالثة على الشعب اللبناني، وخلال 1058 يوماً لهذه الحكومة سقط على مذبح هذه الحروب حوالي 3300 فلسطيني ولبناني، بمعدل ثلاثة شهداء في اليوم الواحد، لتكون واحدة من أكثر الحكومات دموية. أما مجرم الحرب بامتياز إيهود باراك، الذي لا يوجد مثله في إسرائيل من يتباهى بتاريخه الدموي، فهو أكثر شخصية إسرائيلية سياسية نفذت مشروعات استيطان في السنوات العشر الأخيرة، فحسب أنظمة الاحتلال فإن مشروعات الاستيطان يجب أن تحظى بمصادقة وزير الحرب، الذي ما إن تسلّم مهامّه قبل نحو عامين، حتى قفزت وتيرة الاستيطان بنسبة %60 زيادة عن الفترة السابقة، حسب تقارير رسمية. أما ثالث جانب لزلة لسان ساركوزي، هو أنه تماشى مع نتنياهو، رافضا تشبيه ليبرمان بالعنصري الفرنسي المتطرف جان ماري لوبان، ونحن لا نريد وضع الاثنين على مسار المنافسة، ولكننا نعرف ليبرمان أكثر مما نعرف الآخر، ونعرف أيضا أن جميع مواصفات الإرهاب تنطبق عليه، بدعواته الشرسة الدموية. ولكن الملاحظ في رد نتنياهو أنه لم يعترض مباشرة على دعوة ساركوزي، وإنما استنفر للتمييز بين العنصري ليبرمان والعنصري لوبان، وهذا من منطلق الفكر الصهيوني المتجذر، الذي ينظر إلى اليهود «كشعب» فوق الشعوب، أو «الشعب المختار»، وهذه عقلية كانت في جوهر أشد الأنظمة عنصرية، التي شهدها التاريخ الحديث. وعلى أساس هذه العقلية فإن إسرائيل ترفض تسمية «مجرم حرب» لأحد منها، حتى ولو ارتكب أبشع الجرائم، وبطبيعة الحال ترفض تسمية «إرهابي»، حتى لو ارتكب أحد منها مجزرة وقتل العرب، فأمثال هؤلاء يتحولون إلى أبطال و»قديسين» مثل مرتكب مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل عام 1994، أو مرتكب مجزرة مدينة شفاعمرو عام 2005، الذي تمت تصفيته خلال الجريمة وتحاكم إسرائيل بعضا من أبناء المدينة العرب لأنهم منعوه من أن يقتلهم، وأفيغدور ليبرمان ليس بعيدا عن هذه الأسماء، فهو مستوطن وقريب منهم. كان الأجدر بالرئيس ساركوزي، وليس وحده بل نأخذه هنا نموذجا، أن يستدرك طبيعة الحكومة الإسرائيلية الحالية وسابقاتها، ليستدرك أن ليبرمان ليس الصوت النشاز ولا «الولد العاق» في حكومة نتنياهو، بل هو الصوت المعبر الحقيقي عن هذه الحكومة، ولهذا فإن استنتاج ساركوزي حول التعامل مع ليبرمان يجب أن يسري على كل الحكومة الإسرائيلية. لقد عرف النصف الثاني من سنوات الثمانينيات من القرن الماضي، وحتى مطلع سنوات التسعينيات، شبه مقاطعة دولية، ومنها أوروبية، لحكومة إسرائيل، على وقع انتفاضة الحجر الفلسطينية الباسلة، وهذه المقاطعة كانت أحد أسباب التحولات في الرأي العام في إسرائيل، في تلك الفترة، وأطاح بحكومة رفضية، وإذا كان قادة أوروبا على قناعة بضرورة دفع العملية التفاوضية وحل الصراع فليتفضلوا ويكرروا التجربة، إن لم يكن سياسيا فعلى الأقل اقتصاديا. bjaraisi@gmail.com (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 4 جويلية   2009)  


التكفير و الهجرة .. رؤيه حول الأساس الفكرى و العقائدي


محمود طرشوبي فى أثناء تواجدى فى معتقل ملحق وداى النطرون (1) قابلت الشيخ محمود فهمى أمير جماعة التكفير و الهجرة فى مصر ودار الحديث حول عدد من المسائل توقفت فيها عند أمر هام و هو رأى الجماعة فى موضوع جماعة المسلمين التى وردت فى حديث حذيفة بن اليمان و من العجيب أني وجدت رأى الجماعة يكاد يكون متفق مع رأى جماعة الإخوان المسلمين كلاَ حسب جماعته.  ورأي الجماعات فى هذا الأمر هام جداً لأنه يحدد موقفها من الجماعات الأخرى و من المجتمع ككل , و تحديد كيفية التعامل مع كثير من القضايا التى يجب أن تتبناها و أى طريقة فى الإصلاح يجب أن تتبعها . و إلى أى مدى تشكل قضية السمع و الطاعة فى حركتها  وعلى هذا سوف نبدأ فى ذكر هذا الحديث و إسناده  قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب المناقب/ الباب الثاني والعشرين:  » حدثنا يَحيَى بن مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا الوَلِيدُ،قال: حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الحَضْرَميُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِدْريسَ الخَوْلانيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَة بن اليَمَانِ -رضي الله عنه- يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ- صلى الله عليه وآله وسلم- عَنِ الخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ؛ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذا الخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذا الخَََيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ{نَعَمْ}، قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِك الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟قَالَ: {نَعَمْ ، وَفِيهِ دَخَنٌ}، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُه؟ قَال:{قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَديِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ}، قُلْتُ: فَهَلْ بَعْد ذَلِكَ الخَيْرِ مَنْ شَرٍّ؟ قَالَ: {نَعَمْ، دُعَاةٌ إِلى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْها قَذَفُوهُ فِيهَا} قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ صِفْهُمْ لَنَا؟ فَقَالَ: {هُمْ مِنْ بَنِي جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِألْسِنَتِنَا} قُلْتُ: فَمَا تأْمُرُنِي إِن أَدْرَكَنِي ذلك؟ قَالَ: { تَلْزَمْ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وإِمَامَهُمْ} قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلا إِمَام؟ قَالَ: {فَاعْتَزِلْ تِلْكِ الفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَ المَوتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ} ». هذا لفظ البخاري من كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام . و لفظه عند الإمام مسلم؟ وقد أخرجه في كتاب الإمارة من صحيحه. تحت باب: وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال، وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة هذا هو حديث الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضى الله عنه و الذى اعتمد عليه شكري مصطفى فى تكوين جماعته , و هو الاساس الفكري الذى انبثقت عنه المنظومة الفكرية لجماعة التكفير و الهجرة و الذى بناء على هذا الحديث أطلقت على نفسها مسمى ( جماعة المسلمين ). قد تقول بعض الآراء إن جماعة شكرى مصطفى قد أنشئت داخل السجون على خليفة السؤال المشهور , هل من قاموا بمذابح السجن الحربي مسلمون ام كفار ؟ و كم ذكر الأستاذ أحمد رائف فى كتابة ( البوابة السوادء) عن نشأة هذا الفكرة و الجدل و الحوار الذى دار بشأنها داخل أروقة السجون و انتهى الأمر إلى اصدار المستشار حسن الهضيبى كتابه ( دعاة لا قضاة ) للرد على مسـألة التكفير و رأى جماعة الإخوان فى المسألة . و لكن هذا قبل بداية العمل التنظيمى للجماعة . فهذه الآراء لا تخرج عن كونها آراء تبناها بعض الأفراد داخل السجون و لم ترق إلى مستوى عمل فكرى منظم , و من الأمثلة على هذا , عندما كنا فى السجون  تبنى فريق كبير من جماعة الجهاد تكفير الجماعة الإسلامية بعد مبادرة وقف العنف و لم يكن الأمر أكثر من رأي تبناه بعض الأفراد و أنكره البعض و لم يصل إلى رأي متفق عليه من قبل الجماعة ككل و لم يتم بلورته على أنه من فكر الجماعة .  و بنفس الطريقة كانت مجموعة ( جند الله ) داخل السجون لا ترغب فى الصلاة خلف إمام من جماعة الجهاد يوافق على مبادرة و قف العنف  , فآراء السجون لا تكون عمل تنظيمى و إن كان ينظهر إليها دائماً على أنها ارهاصات فكر جديد قد يتحول إلى عمل تنظيمى  و قد  يتوقف و يظل مجرد رآي أو يكتمل بعمل تنظيمى بعد الخروج من السجن و ليس أدل على ذلك من ( تنظيم السجون ) الذى بدأه الشيخ سيد قطب و أكمل العمل فيه بعد الخروج من السجن إلى أن تم القبض عليه بعد فترة قصيرة , و جماعة شكرى مصطفى , و الذى بدأ بعد خروجه من السجن فى  البداية الحقيقية لجماعته و بدأ فى كتابه أديبات الجماعة  مثل رسالة التوسمات و الخلافة و غيرها , و اعتمد شكرى فى بناء أفكار ( جماعة المسلمين ) على حديث حذيفة الذى ذكرته , فكانت نشأة جماعة المسلمين على ماكانت عليه جماعة المسلمين الأولى  من الفكر و التأسيس و على هذا نستطيع أن نحدد الملامح الرئيسة فى فكر جماعة المسلمين , 1-كانت جماعة المسلمين الأولى , و التى أنشائها النبى صلى الله عليه و سلم  و معه الصحابه الكرام , و هكذا تكون جماعة المسلمين  الثانية شكرى مصطفى و معه اتباعه , و كما فعل النبى فى نشأة المجتمع الأول فى تربيته العقائدية هكذا يفعل شكري مصطفى مع جماعته و تكون التربية العقائدية الصحيحة  بنبذ كل عمل من أعمال الجاهلية ؛  هذه الجماعة كانت الجماعة المؤمنه الوحيدة على ظهر الأرض و بناء على ذلك يكون الالتزام بجماعة المسلمين ركن أساسي كي يكون المسلم مسلما . و بيعة هذا الأمير فرض عين عليه و إلا صار كافرا . و يحكم بالخروج من الملة على كل من لم يكن عضوا فى الجماعة و فى عنقه بيعة لأميرها .و هى جماعة المسلمين الشرعية على وجه الأرض و الالتزام بها واجب . 2- كان رأي شكرى و جماعته فى عموم المسلمين . هو التوقف فلا يحكم له بالكفر و لا بالإسلام ,و لا يكون ذلك إلا بعد عرض فكر الجماعة عليه فإن و افق و بايع صار مسلماً , ومن رفض فهو كافر لأنه خارج جماعة المسلمين التى ذكرها النبى صلى الله عليه و سلم فى حديث حذيفة 3-جماعة المسلمين فى عهد النبى كان مصدرها التشريعى هو القرآن و السنه , و هكذا تكون جماعة شكرى مصدرها الكتاب و السنه  فقط . رافضاُ لكل مذاهب المسلمين الفقهية و التفسيرية و الأصولية , ليس بدعوى هم رجال و نحن رجال كما يقول الخوراج , و اتهمت به جماعة المسلمين , و لكنه من باب اتباع جماعة المسلمين الأولى هذا من جهة، ومن جهة أخرى فهم يقولون من الذى يمنع أن نفهم القرآن و السنه إلا اللغة , و لذلك اهتم شكرى و جماعته اهتماما قوياً باللغة العربية , و كان شكرى مصطفى كما ذكر لى بعض من قابلوه كان قوياً فى اللغة العربية و له أشعاره التى تعبر عن تمكنه فى اللغه , و سوف أقوم قريباً بنشر أهم قصائد شكري مصطفى . 4-و بناء على ماسبق فقد رفض شكرى و جماعته أي دليل شرعى غير الكتاب و السنه مثل الاجماع و حتى ولو كان اجماع الصحابه و القياس و رأي الصحابى و العرف و الاستحسان و غيرها 5-انصب اهتمام الشكريين على كتب الحديث بالحفظ من المتون , و ذلك محاولة منهم للحفاظ على السنن النبوية و اتباعها و فهمها بالاعتماد على انفسهم بدون النظر إلى الشروح القديمة كالنووى و ابن حجر و غيره , 6-كانوا أغرب من وجدت فيهم الاهتمام بأصول الفقه و هذا لم يذكره الشيخ محمود فهمى و لكنى رأيته بعينى , فلا استطيع أن أنسى أبومصعب وهو واحد من مشايخ الشكريين كان لا يترك كتاب (الموافقات ) للشاطبي ليل أو نهار و كان الكتاب علامة على الرجل لمن يريد أن يسأل عنه .  7-اعتبر شكرى و جماعته أنه بعد مرور القرون الثلاثة الأولى و هى التى ذكرت فى حديث ( خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم ……….الحديث) و أنه بعد هذه القرون قد بدأ الناس فى تقليد المذاهب الفقهية مثل الحنفية و الشافعية و باقى المذاهب , و هذا مخالف لأنه لابد أن يصل المسلم إلى الرأى الشرعى بنفسه لا بتقليد المذاهب .  ثم كان انحراف الخلفاء عن المنهج الصحيح للخلافة ولطريقة البيعة الشرعية  , و بهذه الأسباب اعتبر شكرى أن جماعة المسلمين لم تكن موجودة بالشكل الذى كان عليه النبى صلى عليه و سلم   , وبذلك أصبحت هناك ردة فى العالم الإسلامي لعدم وجود جماعة المسلمين . 8-بتكوين جماعة المسلمين هذه , تصبح كل المجتمعات والدول الموجودة فى العالم كافرة , و على ذلك لابد للجماعة المؤمنة من العمل على إقامة الخلافة مرة أخرى. . 9-كان دراسة جماعة المسلمين الأولى على عهد النبي هى المنبع التى استقى منها شكرى مصطفى كثير من أفكاره و كانت فكرة الهجرة نابعة من دراسة السيرة النبوية لصاحب الدعوة الأول محمد صلى الله عليه و سلم , و كانت دارسة هجرة الصحابة إلى الحبشة هى بداية التحرك الفعلى نحوة فكرة الهجرة التى أصبحت عنواناً للجماعة بعد ذلك , و كان الهدف من الهجرة هو ايجاد البيئة المؤمنه التى يستطيع فيها المؤمن الانفصال التام عن عالم الجاهلية المعاصر الذى يعيشه فى مجتمعه , و تكوين بيئة لجيل من الأفراد يستطيع بناء المجتمع المسلم ,و بذلك تحدث العزلة الشعورية و العزلة المكانية لأفراد الجماعة , وبالفعل فمنذ شكري مصطفى و حتى المجموعة التى قابلتها فى عام 2002 أو بعد ذلك فى عام 2004 كانت تعتمد على فكرة الهجرة كألية مستمرة فى تهيئة الأجواء لأفراد الجماعة لكى تحدث لهم العزلة الشعورية و المكانية عن المجتمع الكافر الذى يعيشون فيه و كان المكان يتبدل حسب كل مجموعة فمجموعة قد صعدت إلى جبال محافظة قنا فى مصر و أخرى فى الزقازيق بمحافظة الشرقية و هكذا حسب المتاح و القريب منهم . 10- السمع و الطاعة , كان السمع و الطاعة فى ( جماعة المسلمين ) لا يوجد له مثيل فى جميع الجماعات الإسلامية الأخرى , و لقد رأيت السمع و الطاعة عن قرب فى كثير من جماعات الإسلام السياسي فلم يكون بهذا الشكل فقد وصل السمع و الطاعة إلى الكفر فى حالة معصية أمر الأمير , و يتعلق السمع و الطاعة بكل شئون الحياة , ولابد من أخذ رأى الأمير, حتى في شئون المعيشة الحياتية للفرد . و قد كانت الجماعة الإسلامية تجبر أفرادها على السمع و الطاعة و كان الأمر يصل إلى اصدار أمر بعقاب الفرد الذى خالف رأي الجماعة و من الممكن أن يصل الأمر إلى الضرب فى بعض الأحيان , و كانت جماعة الإخوان هى التالية فى مبدأ السمع و الطاعة بالنسبة للجماعات الإسلامية بعد التكفير و الهجرة , و لكن لم يصل بها الحال إلى تكفير من يرفض السمع و الطاعة .  و هكذا كان مبدأ السمع و الطاعة هو الاساس الذى حمل فى طياته أول انشقاق جماعى داخل جماعة المسلمين .
(المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 2 جويلية 2009)  

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

3 mars 2011

Home – Accueil-الرئيسية في كل يوم، نساهم بجهدنا في تقديم إعلام أفضل وأرقى عن بلدنا، تونس Un effort

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.