تونس / 1 مارس-اذار / يو بي أي: يبدأ الرئيس الموريتاني سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله بعد غد الاثنين زيارة رسمية إلى تونس تلبية لدعوة كان تلقاها من نظيره التونسي زين العابدين بن علي. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة التونسية اليوم السبت إن هذه الزيارة تندرج في إطار “دعم علاقات الأخوة والتعاون بين تونس وموريتانيا، وستستغرق ثلاثة أيام”. وينتظر أن يجري الرئيس الموريتاني خلال هذه الزيارة محادثات مكثفة مع نظيره التونسي زين العابدين بن علي، ومع عدد كبار المسؤولين التونسيين بشأن السبل الكفيلة بتعزيز التعاون الثنائي وتوسيعه ليشمل مختلف الميادين ذات الأولوية التي من شأنها أن تحقق التكامل بين البلدين. وشهدت العلاقات التونسية-الموريتانية تطورا ملحوظا خلال الفترة الماضية، عكسته كثرة اتفاقيات التعاون الموقعة بين البلدين، كان آخرها تسع اتفاقيات وبرامج تنفيذية للتعاون في مجالات النقل والاستثمار، والتربية والإعلام، والمرأة والشباب، والبيئة، وُقعت في الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني الماضي. كما يتوقع أيضا أن يتم خلال هذه المحادثات تبادل الآراء ووجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتنسيق مواقف البلدين على ضوء الاستحقاقات والمواعيد المقبلة بينها القمة العربية المقبلة، إلى جانب استعراض القضايا الإفريقية والجهود المبذولة من أجل دفع مسيرة إتحاد المغرب العربي. يشار إلى أن تونس وموريتانيا ينشطان ضمن إطار إتحاد المغرب العربي، الذي يضم أيضا الجزائر والمغرب وليبيا، ومع ذلك لم ترتق علاقات التعاون بين البلدين إلى المستوى المطلوب رغم أنها تغطى كافة المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتجارية. وينطبق هذا الأمر على مجمل المبادلات التجارية البينية بين دول الإتحاد المغاربي، حيث تشير البيانات الإحصائية إلى أن المبادلات التّجارية المغاربية، سواء على الصعيد الثنائي مع الأسواق الخارجية أو على مستوى التّجارة البينية المغاربية مازالت محتشمة جدّا، حيث لم تتجاوز بعد نسبة 4 % من الحجم الإجمالي لمبادلات دول المغرب العربي مع باقي دول العالم.
تونس / 1 مارس-اذار / يو بي أي: تحتفل تونس غدا الأحد ولأول مرة بعيد الجدة،وذلك اعترافا لها بالجميل وبعطائها اللامحدود،وللتعبير لها عن الإمتنان والتقدير للدور الذي تبذله في تنشئة الأجيال . وقال مصدر رسمي إن هذا الإحتفال يكرس “إيمان تونس بالمسؤولية المشتركة بين جميع أفراد الأسرة في ضمان الإستقرار العائلي في اطار التوافق والشراكة والإحترام المتبادل من أجل بناء أسرة متوازنة ومتماسكة بما يكفل إستقرار المجتمع ونماءه وتطوره”. وأعدت وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة والمسنين التونسية برنامجا للإحتفال بهذه المناسبة تحت شعار”وردة لكل جدة” يتضمن الكثير من النشاطاتة لكبار السن عموما. يشار إلى أن المجتمع التونسي يشهد تطورا في عدد المسنين(60 عاما فما فوق)، حيث تشير البيانات الإحصائية الديمغرافية إلى أن نسبة المسنين في تونس تبلغ حاليا 9.5% ،ويتوقع أن تصل إلى 19.8 % عام 2034 .
نتائج المسح الأخير تكشف:
16% من العازبات في تونس فوق ال 34 سنة
تمّ مؤخرا نشر نتائج المسح التونسي متعدد المؤشرات الذي أنجزه الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) وجامعة الدول العربية (وحدة المشروع العربي لصحة الأسرة) سنة 2006 وشمل 9 آلاف أسرة..
ويعد المسح استطلاعا لأراء ومواقف وسلوكيات مجموعة من السكان له علاقة بالصحة الانجابية والطفولة قبل خمس سنوات يتم لقاؤهم عشوائيا وقد دأب الديوان علي إجراء مسوحات كل خمس سنوات وذلك منذ سنة 1978.
وقد كشف المسح أن أكثر من نصف أسر الشمال الغربي والوسط الغربي تقيم في الأرياف علي عكس بقية البلاد.. وفي دراسة لمتوسط حجم الأسر حسب الجهة يقسم معدل حجم الاسرة خريطة البلاد التونسية إلي نصفين نصف شمالي دون خمسة أفراد ونصف جنوبي فوق خمسة أفراد.. ويعود هذا الفرق إلي عوامل ديمغرافية فقط لان الروابط الأسرية الممتدة لم تعد ذات تأثير كبير في التعايش بين أفراد خارج القرابة العمودية المباشرة سواء في شمال البلاد أو في جنوبها.
وبين الأستاذ المزوغي المسؤول عن هذا المسح خلال اللقاء الإعلامي الذي عقده بالمناسبة أن الأسرة النواتية هي التي تتركب من أفراد ذوي قرابة دموية مباشرة أي فيها الاب والابن والابناء أو الاب والابناء أو الام والابناء أو فرد واحد. وانخفضت خلال عقد واحد نسبة الأسر ذات القرابة المختلفة من 10 بالمائة إلي أقل من 5 بالمائة بينما ازدادت نسبة الاسر النواتية ذات قرابة مباشرة من جيلين فقط بحوالي 7 نقاط ومنها ازدياد الاسر ذات الفرد الواحد من 2.9 بالمائة إلي 3.9 بالمائة وازدياد نسبة الاسر بالقرينين فقط بنقطتين 5.8بالمائة إلي 7.6 بالمائة.. وفسر أن القرابات المتنوعة بدأت تتلاشي في الاسر التونسية.
وبالنظر إلي توزيع الأسر يمكن الإشارة إلي أن نسبة الأسر المتكونة حديثا أقل من عشر سنوات انخفضت إلي أقل من 10 بالمائة من مجموع الأسر بعدما كانت قبل عقد واحد من الزمن 19 بالمائة وازدادت نسبة الأسر المتكونة قبل 20 عاما من 44 إلي 53 بالمائة.
وبين الخبير أن الأمية لدي رؤساء الأسر هي في اتجاه الامحاء خاصة لدي الاسر المتكونة حديثا.
كما تحدث الأستاذ أحمد المزوغي عن بنية الأسرة التونسية الحديثة أي الأسرة التي يشترك أفرادها في الأكل والعيش تحت سقف واحد. ومقارنة بين بيانات التعداد العام للسكان لسنة 2004 والمسح العنقودي متعدد المؤشرات لسنة 2006 يتضح الاتجاه نحو تقلص نسبة صغار السن أقل من عشرين سنة وازدياد نسبة الكبار الذين تفوق أعمارهم 70 سنة.
وبالنسبة إلي الحالة المدنية للنساء التونسيات ذكر المزوغي أن وزن العازبات المتقدمات في السن أكثر من 34 سنة يتزايد من عام إلي آخر حيث بلغت نسبتهن من مجموع العازبات 16 بالمائة سنة 2006 مقابل 7 بالمائة عام 1994. وبلغت نسبة العازبات ذوات المستوي التعليمي الجامعي 27 بالمائة سنة 2006 مقابل 3 بالمائة فقط عام 1994. وبين الخبير أن متوسط سن الزواج الأول للعزباء الجامعية هو33 سنة ونصف ومتوسط سن الزواج للبنت التونسية عموما هو 30 سنة ومتوسط سن الزواج لدي الريفيات هو 31 سنة. وتضاعفت نسبة الأسر التي فيها عازبات تفوق أعمارهن 24 سنة بين 1994 و2006 لتبلغ أسرة من خمس أسر تونسية أما الأسر التي فيها عازبات فوق سن 34 عاما فقط فقد زادت بنحو 4 نقاط وأصبحت 6.3 بالمائة سنة 2006 بعد أن كانت 2.1 بالمائة سنة 1994.
وتتناقص نسبة النساء الأكثر خصوبة (25 34) سنة من بين المتزوجات بشكل ملحوظ فقد أصبحت 31 بالمائة من النساء المتزوجات في سن الإنجاب بعد أن كانت 40 بالمائة سنة 1994 وهو ما من شأنه أن يؤثر سلبا علي الخصوبة.
الصحة الإنجابية
ولدي الحديث عن الصحة الانجابية في تونس بّين السيد أحمد المزوغي أن هناك برنامج التقصي المبكر لسرطان الثدي ولسرطان عنق الرحم.. فبالنسبة لسرطان عنق الرحم نجد 17 بالمائة فقط من نساء تونس يعرفن وسيلة الاختبار.. وفيما يتعلق بسرطان الثدي فنجد 13 بالمائة من النساء في تونس لا يعرفنه.. ونجد 66 بالمائة منهن يعرفن طريقة الفحص الذاتي لسرطان الثدي ونجد 11 بالمائة فقط يعرفن عمليات الكشف بالصدي لسرطان الثدي.
وعن السيدا قال إن 12 بالمائة من النساء لا يعرفن هذا المرض ونجد 64 بالمائة منهن في القيروان لا يعرفنه. ونجد 25 بالمائة من التونسيات اللاتي لم يذكرن سبب الاصابة بمرض السيدا لا يعرفن أن العلاقات الجنسية يمكن أن تكون سببا في الاصابة بالسيدا. ولاحظ أن عيادات ما قبل الولادة أصبحت من عادات التونسيات ونجد 75 بالمائة من الحوامل أجرين علي الاقل فحصا طبيا أثناء الحمل. وتلعب القابلة في الشمال الغربي دورا أساسيا في الفحص لكن في الساحل يقوم بها مختصون.
وتطورت العيادات في القطاع الخاص بشكل لافت فهو يجري 41 بالمائة من العيادات مقابل 19 بالمائة سنة 1994 و36 بالمائة سنة 2001. وتبلغ نسبة الاجهاض الارادي خلال سنة واحدة 24 بالألف.
وقد تطورت الولادات بالعمليات القيصرية من 2002 إلي 2006 إلي 20 بالمائة مقابل 9 بالمائة في التسعينات ويعود ذلك إلي انتشار الولادة داخل المؤسسات الخاصة. وعن المعاملة أثناء الولادة في المستشفيات العمومية بين أن 10 بالمائة من المستجوبات صرّحن أنهن تعرضن لسوء المعاملة و14 بالمائة تعرضن إلي معاملة حسنة جدا و58 بالمائة تعرضن إلي معاملة حسنة لكن لا يوجد تمييز بين الريفيات والحضريات.
وأشار الخبير إلي وجود ظاهرة مقلقة تتمثل في أن عيادة ما بعد الوضع لا تقوم بها كل النساء إذ أن إهمال هذا النوع من الفحص يهم نصف التونسيات.
(المصدر: صحيفة “الرايـة” (يومية – قطر) الصادرة يوم 28 فيفري 2008)
تعقيب على بيان للأخت ميّة الجريبي
بعد إطلاعي على البيان الدّاخلي الصّادر عن الأخت ميّة الجريبي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 20/02/2008 وما تضمنه من مواقف متناقضة صيغت بأسلوب في ظاهره تشبّث بالديمقراطية سلوكا وممارسة وفي باطنه ترهيب وتهديد ، رأيت من واجبي بصفتي عضو اللجنة المركزية للحزب واكبت فعاليات المؤتمر الرابع للحزب بنابل سنة 2006 ثم شاركت أخيرا في أشغال اللجنة المركزية للحزب بتونس العاصمة بتاريخ 09 و10 فيفري 2008 أن أبدي الملاحظات التالية : لقد إنخرطت في الحزب الديمقراطي التقدمي عن طواعية وإقتناع ممنيّا النّفس بالتشبّع بالديمقراطية وتكريسها قولا وفعلا لكنّ الممارسات التي كنت شاهدا عليها على الأقلّ في المحطتين المشار إليهما أعلاه لا تنسجم مع القول بأنّ إرساء الديمقراطية في المجتمع تقتضي التشبّع بروحها والإلتزام بآلياتها وتكريس مبادئها في كل المستويات . وإليكم بعض الأدلّة الدّاعمة للتناقض الصّارخ بين الخطاب والممارسة : 1 ـ إنتخاب اللجنة المركزية ثم المكتب السياسي تم بطريقة فوقيّة وتسلّطيّة ولم تُحترم خلال المؤتمر أبسط قواعد الديمقراطية والمتمثلة في إعتماد صندوق الإقتراع حتى يكون الفيصل بين المترشحين . 2 ـ الشراكة السياسية مع مبادرة الشخصيات ( الوطنية ) الدّاعمة لترشح الأخ الشابي لم نكن على علم بها جملة وتفصيلا ولم نساهم في إبداء الرأي حولها لمناقشتها ، وحتى الشخصيات المتبنية لهذا الترشح لم نعلم بأسمائها إلا بعد ظهور السيد الشماري ( المعروف بمواقفه المتضاربة وشطحاته البهلوانية وإرتباطاته المشبوهة ) ، ثم إنّ هذه الشخصيات التي تدّعي أنها تناضل من أجل حريّة الرأي كان عليها إحترام إستقلالية الحزب وألا تتدخّل في شؤونه الداخلية ! 3 ـ التصرّف في الإعلام حسب أهواء ومصالح بعض المسؤولين في الحزب . 4 ـ إتخاذ مواقف فردية من أمّهات القضايا الوطنية والإقليمية والعالمية. 5 ـ إتخاذ قرار الإنسحاب الفجئي من الحملة الإنتخابية 2004 دون الرجوع إلى هياكل الحزب ومرشحيه ومناضليه . 6 ـ إن لغة الوعيد والترهيب التي خُتم بها البيان دليل آخر على رفض قيادة الحزب التعامل مع المواقف المخالفة لها ومحاولة منها لقمع كلّ الأصوات الحرّة التي لم تتعوّد على التسبيح والتهليل . 7 ـ وأخيرا لابدّ لي أن أذكّر كلّ من يهمه مستقبل الحزب الديمقراطي التقدمي الذي ساهمت في التعريف به ومناصرته في أحرج الأوقات رغم المصاعب التي واجهتها بأن سياسة تكميم الأفواه لن تُجدي نفعا وأن محاولة الإقصاء من شأنها أن تزيد في كشف المستور ونشر الفوضى بين مناضلي الحزب الذي هو في أشدّ الحاجة إلى تعميق الممارسة الديمقراطية داخله . عز الدين صابر عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي عضو جامعته وقائمته الإنتخابية لتشريعية 2004 بسوسة
إلـــــــــــى وزارة شؤون المرأة و الأسرة و الطفولة و المسنين المنظمة التونسية للتربية و الأسرة مرصد الإعلام و التكوين و التوثيق و الدراسات حول حماية حقوق الطفل
حين تعنف الطفولة و يتساهل القانون
بصفتكم منظمات مدنية و هياكل رسمية تنشغل بأجيال تونس القادمة ، أعرض عليكم بحرقة الأب ، و بألم المواطن و المربي مايلي: 1 – الوقائع : عشية الأربعاء ، 27 فيفري 2008 ، كان ابني حازم مصباح، التلميذ في التاسعة أساسي ، البالغ أربع عشرة سنة ، يشارك أترابا له في لعب كرة القدم ، في ساحة بحي الحدائق بجبنيانة . تشاجر مع أحدهم في سنه شجارا طفوليا ، لعلنا جميعا قد مررنا به في الطفولة . و إذ تنبهت إليه في الإبان أسرة ذلك الطفل ، سارع الأب ، مسنودا بزوجته و عصاها الزيتونية و ابنها ، إلى تعنيف ابني تعنيفا شديدا غريبا و يفيد الشهود الكثر أن هذا الأب لم يكتف بتعنيف ابني على النحو المذكور ، و إنما طوقه بذراعيه و طلب من ابنه أن “يتدرب ” فيه على الملاكمة . 2 – الأضرار البدنية انفلاق في الشقين و نزيف حاد ، نزيف من أحد الخدين، تورم في العينين و احتقان دم تحتهما، خدوش و رضوض في كل الوجه ، زرقة في الرقبة بسبب الخنق ، صداع آني بسبب قلة الهواء ، دماء تغطي كامل ملابسه و حذائه . و إن كل هذا مثبت في الوثيقة الطبية و عاينه السيد رئيس مركز الشرطة بجبنيانة و أعوانه . و فوق ذلك ، صار يعاني من صداع دائم و أوجاع باطنية مستمرة. 3 – الإجراءات سارعت في الإبان بابني إلى مركز الشرطة بجبنيانة. قام السيد رئيس المركز بالإجراءات بكل مهنية و نزاهة و سرعة و استحضر المعتدي الذي طلب مني العذر و التنازل، فرفضت. و مكنني السيد رئيس المركز من تسخير استصدرت به من مستشفى جبنيانة شهادة طبية أولية ، أثبت فيها طبيب الصحة العمومية رخصة بخمسة أيام ، في انتظار تسخير آخر لاستصدار شهادة من الطب الشرعي صبيحة اليوم الموالي. و في اليوم الموالي، الخميس 28 فيفري ، قصدت صباحا مركز الشرطة ، فأعاد السيد الباحث هناك سماعي و خير الاكتفاء بالشهادة الأولية ، ثم اتجهت إلى مدينة صفاقس و أطلعت على حال ابني السيد مساعد وكيل الجمهورية الذي وعد مشكورا بأن يأخذ القانون مجراه. 4 – ألأضرار النفسية : ابني تلميذ متفوق منفتح المزاج. في لحظة انقلب لديه كل شيء . صار يصاب بنوبات متشنجة من البكاء المسترسل ، دائم الشرود الذهني ، شديد الانطواء ، يتردد على المرآة معاينا وجهه كل بضع دقائق ، يقضي ليله أرقا ، فاقدا للشهية ، كثير التقيؤ، محاولا مرات عديدة التسلل إلى منزل الرجل الذي اعتدى عليه ، ضبطته على حين غفلة يلوح بسكين في الهواء . و إذ خير قطع الرخصة لينجز في هذه الفترة الامتحانات ، تابعت خلسة حركته.كان يسير برأس منحن و تردد. وإذا اعترض سبيله في الطريق أحدهم ، سارع إلى أقرب جدار ، ليلتصق به إخفاء لوجهه ، و صار لا يدرس كل الحصص. فعلى مقتضى ما درسنا في مجال علم النفس التربوي ، يبدو ابني الوحيد في حال تنذر بشخصية لن تكون سوية أو ناجحة أو متزنة . إني أخشى أن تنقلب مؤهلاته العلمية و الفنية و الرياضية الجيدة انطواء و فشلا و ربما إجراما . 5 – المآل القانوني: في اليوم الثاني ، أي الخميس ، بعد مقابلة السيد مساعد وكيل الجمهورية ، اعترض سبيلي المعتدي و حياني مبتسما ابتساما لا أعلم مغزاه. لقد علمت أنه أحيل على محكمة الناحية بجنيانة في حالة سراح. 6 – أسئلة: لا جدال في أن النيابة طبقت القانون ، فصنفت القضية و حيثياتها على مقتضى الرخصة الطبية . لكن هذا التصنيف ، يضمر و جوبا الاعتداء على الراشدين . ألا يجوز أن يحرك وجدان النيابة العمومية خصوصية الاعتداء ، و حرمة الطفولة، و حساسيتها النفسية ، و الحرص على رجال الغد، فتصرف النظر عن الإجراءات الآلية المنقطعة عن الخصوصيات ! ؟ هل يجوز أن يدمر أحدهم شخصية إنسان تدميرا نفسيا – فضلا عل الضرر البدني – و يحال طليقا على محكمة الناحية ليعاقب ربما بخطية مالية يدفعها أقساطا !؟ ألا يحفزني أنا الأب الذي خير القانون إلى أن ألحق بوجه المعتدي ما ألحق بوجه ابني و أن أنال عقابا أخف اعتبارا لكهولة الرجل مشاعر الأبوة !؟ و كيف نصنف الاعتداء على ابني إذ علمنا أن هذا الرجل نفسه ، سبق له أن اعتدى مرات عديدة على أطفال آخرين في ظروف متشابهة !؟ لا بل اعتدى مرة على طفلة ، أنثى . إن الطريق مفتوحة أمامه ليعاود الاعتداء و ليوزع الابتسامات !؟ لست أدري ماذا أفعل و أنا أرى ابني يتدمر أمامي و يسخر على مسامعي من القانون ! هل أعرضه على طبيب نفسي ؟ هل اعتدي على الرجل بحضوره و أتحمل التبعات في سبيل أن يستعيد توازنه النفسي المفقود و إقباله على الحياة و الناس و الدراسة ؟ و كيف تضيع تسع سنوات من التأطير و الأعداد نفسيا و تربويا و معرفيا في انتظار هذا الأوان ؛ أوان مناظرة التاسعة أساسي !؟ لا أدري و الله ماذا أفعل ! أرجو نصحي و التفاعل مع هذه الحال بالطريقة التي ترون.
ص .م
أيها التونسي .. متى تغضب ؟
بقلم المواطن فريد خدومة لا أدري من أي طينة جبل منها التونسي حتى تراه أقل اعتناء بقضاياه القومية و الإسلامية من غيره من أبناء الأمة و تراه إن حُـوجـج و اشتد عليه خناق الإشارة بالإصبع يتكئ على عصا موسى التي يفضلها كثيرا و تعفيه من مسؤولياته : إنه الظرف الأمني.. و لكن هل الظرف الأمني مهما كان خانقا ، و الواقع السياسي مهما كان مترديا يعفيك من أخذ موقف ..مجرد موقف ..لا غير في هذه القضية أو تلك. أم أن استقالتك أيها التونسي من الفعل لسنوات عدة لنقل من أوائل التسعينات إلى الآن و رحيل المؤسسات الجادة التي كانت تتصدر فعلك من مثل الحركة الإسلامية و الموت السريري الذي يمر به الاتحاد العام التونسي للشغل و حل الاتحاد العام التونسي للطلبة وراء هذا البرود كيف أنت إذا و قد حوربت في الحليب ..و لم تغضب ..في الغاز .. و لم تغضب في إشهار ” سيف الكاباس ” أمام مستقبلك و دخولك أو دخول ابنك سوق الشغل … و لم تغضب … و أخيرا اعتدي على نبيك و لم تغضب …بالله عليك اخبرني متى تغضب ، أتعلم من هو نبيك ؟ إنه روحك التي تحيا بها و تمشي بها بين الناس .. إنه هويتك التي تتميز بها عن الآخرين .. إنه الرجل الفقير .. الأمي الذي صنع لك حضارة .. أتعلم أمك مدين له بالنصرة. أليس محمد نبيك و رسولك ؟ أليس هو مفخرتك بين العالمين ؟ أليس محمد رحمة للعالمين ؟ وعليه فأنت ملزم شرعا بإبداء رأيك و الرفض و الغضب بما استطعــــت و من المكان الذي أنت فيه و بالآلية التي تراها مجدية ما دامت هذه القضية قضية شخصية بالنسبة لك ، و في هذا الإطار فإننا نقترح أن نعمم هذا البيان بيننا بل و أن ألتزم مثلا بترجمته إلى اللغة التي أجيدها و إرساله إلى أهلي و أصدقائي أينما كانوا و إلى ألف موقع إلكتروني لصحيفة أو شخصية أو مؤسسة أو هيئة أو وزارة أو ناد رياضــي أو أو .. و أن أساهم في في جمع التواقيع للمقاطعين و الطلب من الشخصيات البارزة من شتى الفئات و الهيئات و الأحزاب بأن ينظموا للمقاطعة التامة و أن لا يخشوا في الله لومة لائم في ذكر أسمائهم فمن الشرف أن تؤذى في رسول الله و لو مرة في حياتك. انظر كيف يؤذى هو في الدانمرك و لم تغضب .. ألا تستحي أخرجوا هؤلاء الكبار كي يتخذوا موقفا أخرجوا أساتذتكم في الجامعة ، أقاربكم الذين لهم مشاريع مع شركات دانمركية صديقك الذي يستورد منتجات دانمركية زوجتك التي تصر على اقتناء منتجات دانمركية والدك الذي يبيع المشروبات الغازية على الشاطئ للسائحين الدانمركيين أخرج نفسك و التزم بنص هذا الالتزام التالي و إن اعتذر الدانمــــركيون و اعتبره ساري المفعول مع باقي الدول التي تساند الدانمرك في غيّها و لتعلم الدانمرك حكومة و شعبا بأننا سنقاطعها وإن اعتذرت. التزام مقاطعة إنني الممضي أسفله المواطن التونسي فريد خـــــــدومة ألزم نفسي وزوجتي وأولادي ومن هم في كفالتي ( والدتي ، والدي ، إخوتي ) وأحث أصدقائي و تلامذتي و عمالي بأن أقاطع المنتجات الدانمركية دون تصنيف و ألا أتعامل مع أي دانمركي و إن اعتذر الدانمركيون و ألا أسافر إلى الدانمرك و ألا أدرس فيها و ألا أشارك في أي دورة تكوينية يساهم فيها دانمركيون و ألا أتعامل مع أي سائح دانمركي .. و ألتزم بأن أترجم هذا الالتزام و البيان المصاحب له و عريضة المقاطعة و أن أعممها على التلامذة والطلبة و الأساتذة و أن ألزم نفسي بإرسالها عبر البريد الإلكتروني إلى عدد محدد من المواقع يوميا ولمدة طويلة و أن أتابع الحملة و أعتبرها شأنا خاصا بي. المواطن التونسي فريد خدومة (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 29 فيفري 2008)
عائلة تونسية تمر بوضعية اجتماعية و مهنية حرجة جدا
تحية طيبة و بعد إني المسمي ” ساسي عبد الحميد الورفلي” صاحب بطاقة تعريف وطنية عدد 03662731 بتاريخ 22/01/2003 و قاطن 14 نهج حسين بن عثمان المروج الثاني 1074 تونس موظف بوزارة الداخلية و التنمية المحلية بخطة محافظ شرطة، لقد تمت إحالتي على التقاعد من أجل العجز البدني غير الناتج العمل بداية من 01/09/2007 تاريخ انقطاع صرف جرايتي، رغم أن وضعيتي الصحية ليست ميئوس منها بل في تحسن ملحوظ وتتدرج نحو الشفاء كما أنى لم أستوف كامل المدّة الخاضعة للمرض طويل الأمد ومما أرهقني نفسانيا هو احتساب مدّة العمل التي قضيتها فقط (28 سنة) وبالتالي سيحصل نقص كبير في جرايتي ومما زاد الوضع تعقيدا هو إحالة زوجتي ” هالة سالم الصالحي بطاقة تعريف عدد 05139344 بتاريخ 21/06/2005 ” التي تشغل خطة مفتش شرطة بنفس الوزارة على التقاعد بنفس الصيغة بداية من 01/05/2007 تاريخ انقطاع صرف جرايتها و الحال أنها في صحة جيدة بدنيا و عقليا و مستعدة لاستئناف عملها علما و أنها قضّت حوالي 14 سنة عمل و بالتالي ستحصل على شيخوخة عند بلوغ السن القانوني للتقاعد و تم هذا الإجراء لما كانت في إجازة مرض طويل الأمد ( ستة أشهر فقط) جراء الوضعية الاجتماعية الصعبة إثر إنجابها لرضيع يحمل إعاقة باطنية علاوة على الحساسية ضد حليب البقر و مشتقاته ( ياغورط ، جبن….) حيث يتناول حليب خاص” نباتي” لم يعد يباع في الصيدليات منذ ما يزيد عن السنة و غذائه خاص ” خالي من المستحلبات” شأنه شأن أخيه و والده ” عدم تناول الغذاء العادي” إذ أن العائلة تعاني من مرض جيني لم يتوصل بعد إلى تحديد أسبابه، وأمام هذا القرار أصبحت العائلة في مهب الريح ومصيرها السجن جراء الالتزامات المالية، البنكية منها إضافة إلى معلوم كراء المسكن و المصاريف اليومية و تكاليف الأدوية الأبدية بدون تغطية من صندوق التقاعد لأنها غير منصوص عليها بنظام التأمين على المرض وفي محاولة مني لتدارك الوضع والحفاظ على مداخيل العائلة ضمانا للقمة العيش خاصة الأفواه البريئة (نضال 10 سنوات، صالح سنتين ) تقدمت بقضية استعجاليه إلى المحكمة الإدارية بغية إيقاف التنفيذ لتوفير أبسط مقومات الحياة وأدليت بكل المؤيدات فاكتشفت أن القانون لا يحمي الموظف في مثل هذه الحالات وخاصة الفصل 39 جديد من قانون ذات المحكمة فقررت رفض المطلبين في حين وضعيتنا الإدارية استثناء قانوني غير منصوص عليه منذ إحداث المحكمة الإدارية سنة 1972.كما وجهت عددة مراسلات إلى الجهات المسؤولة فلم أتلق أي ردّ. وللحفاظ على الوضعية الاجتماعية للعائلة وحماية الطفلين وإعادة توازنهما النفسي المطلوب: ساسي: اعتماد الفصل 62 من القانون عدد 70 المؤرخ في 06/08/1982 المتعلق بالقانون الأساسي لقوات الأمن الداخلي الفقرتين “أ” أو “ج”. – أ: التمديد له ووضعه في حالة عدم مباشرة لمدّة سنة قابلة للتجديد مرتين. – ج: إرجاعه إلى عمله وإعادة ترتيبه بسلك إداري تابع لوزارة الداخلية قصد القيام بعمل غير شاق. وهذا جزءا من سياسة الدولة في إدماج وتشغيل المعاقين (عاف الله الجميع) هالة: – إرجاعها إلى عملها وتقريبها من محل سكناها مع تمكينها من ظروف عمل تتلأم ووضعيتها العائلية والاجتماعية. علما و أن الموضوع محل ارسالية البريد السريع عددTN 108047664 EE بتاريخ 06/07/2007 وأمام ما سبق شرحه و قسوة القرار الذي لم يراع الظروف الصحية الاستثنائية للعائلة و المرض الجيني النادر الذي يعاني منه أفرادها، فالرجاء من ذوى القلوب الرحيمة والمواقف الإنسانية النبيلة ، إنقاذ الابنين من الضياع والتشرد و إنصاف هذه العائلة بفرصة جديدة تمكنها من النضال من أجل الحياة و التماسك. والسلام
(المصدر: صحيفة “مواطنون”، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 50 بتاريخ 20 فيفري 2008)
المدارس العليا لعلوم وتقنيات الصحّة
مدارس عليا أم مخيّمات للاّجئين‼
ملفّ أعدّه الصحبي صمارة
تمّ منذ سنة 1993 بعث ثلاث مدارس عليا لعلوم وتقنيات الصحّة في كلّ من تونس والمنستير وصفاقس وأضيفت المدرسة الرابعة التي بعثت بسوسة سنة 2000 . وقد كانت هذه المدارس بالأساس في السبعينات والثمانينات أقساما تابعة لكليّات الطبّ قبل أن تمنح صبغة المؤسسة التعليمية المستقلّة. وتظّم هذه المدارس أكثر من 5000 طالب فيما تدوم فترة الدراسة فيها ثلاث سنوات للحصول على شهادة فنّي سام للصحّة العمومية في اختصاص من بين 22 اختصاصا.
وتخضع هذه المدارس إلى إشراف مزدوج بين وزارتي التعليم العالي والصحّة، ويلاحظ أنّ حضور وزارة التعليم العالي كسلطة إشراف هو بمثابة المجاملة لضعف ما تضطلع به من دور اقتصر فقط على المشاركة بالاسم.
فوزارة التعليم العالي تفوّض وزارة الصحّة للإشراف على هيكلة هذه المؤسسات التعليمية فيما تفتقد وزارة الصحّة الإطار البيداغوجي الكفؤ سواء على المستوى النوعي أو الكمّي لتنظيم وتسيير هذه المدارس. إذ لا يوجد العدد الكافي من الأساتذة ولا المختصّين في صياغة البرامج ولا لعمليات التفقّد والمتابعة البيداغوجيّة والفنّية فالبرامج منقولة من البرامج الفرنسية منذ أكثر من عشرين عاما ولم تقع موائمتها أو تحيينها مع الوضع والمحيط الذي يتطلّبه قطاع الصحّة في تونس. وما وقع من تغييرات جزئية فإنّه كان على مستوى تمشّي المدارس الداخلي لا وفق برنامج وطني.
إطار التدريس ضعيف والكفاءات مهدورة:
فباستثناء المدرسة العليا بتونس فإنّ جلّ المدرّسين هم أطباء جامعيّون. ويقع إلى جانب ذلك الاعتماد أساسا على أعوان صحّة ( فنّيين سامين وممرّضين لتأطير التربّصات في المستشفيات والقيام بالدروس التطبيقية ) وهؤلاء الممرّضون ( دون البكالوريا) والتقنيون( بكالوريا + 3 سنوات ) المدرّسون ليس لديهم تكوين جامعي عالي ( إجازة أو مرحلة ثالثة) ولا بيداغوجي. وجزء كبير من إطار التدريس من غير الأطباء ( ممرّضين وفنّيين سامين ) تلقّوا تكوينا لمدّة عام بالمركز الوطني للبحث والتكوين البيداغوجي لإطارات الصحّة C N R F P C S ) ( أصبحوا إثر ذلك إمّا أساتذة سلك مساعدي الأطباء أو أساتذة مكلّفين بخطّة.
ويشكو التكوين من ضعف فضيع في التخصّص بينما هناك قرابة 60 عون صحّة يعملون بالمستشفيات بين فنّيين وممرّضين أكملوا تعليمهم العالي بطرقهم ومجهوداتهم الذاتية ولم تنتدبهم لا وزارة التعليم العالي ولا وزارة الصحّة لتعويض الضعف الفادح في الإطار التدريسي بهذه المدارس.
كما أنّ هناك قرابة 20 آخرين متحصّلين على المرحلة الثالثة إضافة إلى قرابة 10 آخرين حاصلين على الدكتوراه لم يقع انتدابهم. وهو ما يدفعنا إلى التساؤل عن سبب عدم انتداب هؤلاء للتدريس أو التسيير في ظلّ الوضعية الهشّة للإطار الموجود؟ وفي نفس الوقت الذي يمارس فيه الأطباء الجامعيون نفوذا كبيرا حيث يتربّعون على كراسي تسيير تلك المدارس وحتّى المعاهد ولا يقدّمون أيّ مشروع لتحسين أو معالجة هذه الوضعية ولا يقترحون على وزارة التعليم العالي انتداب إطار تدريس جامعي في عملية هيمنة على المدارس ومخالفة للقوانين المنظّمة لعملية التسيير الخاصّة بالمؤسسات الجامعية إلى درجة أنّهم يصنعون هياكل صورية ( مجلس علمي، مجلس تأديب، مجلس قسم..) سرعان ما تضمحلّ بعد مغادرتهم مواقع التسيير.
وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أنّ مدرسة سوسة لعلوم وتقنيات الصحّة دون كاتب عام والحال نفسه بالنسبة للمعهد العالي لعلوم التمريض بسوسة. فيما تغيب المجالس التي وإن حضرت فإنّها فقط لذرّ الرّماد على العيون بصيغتها التي لا تتلاءم مع المؤسسات الجامعية.
نوعيّة التكوين:
تتمثّل شروط الدخول إلى هذه المدارس العليا في الحصول على شهادة البكالوريا بمعدّل جيّد وأحيانا معدّلات ممتازة بالنسبة لبعض الاختصاصات مثل العلاج الطبيعي والتبنيج والبيولوجيا. ورغم ذلك فإنّ الدروس المقدّمة للطلبة لا تستجيب لدقائق الاختصاصات المدروسة باستثناء مادة ” علم الطبّ ـ La patologie ” التي يدرّسها الأطبّاء.
ويتلقّى هؤلاء الحاصلون على شهادة البكالوريا بمعدّلات جيّدة تكوينا مبتورا وغير كاف بالمرّة من إطار تدريس متواضع الإمكانيات وغير مواكب للتطوّرات العلمية لأنّه بالأساس إطار شبه طبّي من غير الجامعيين. أمّا ظروف الدراسة فجلّ هذه المدارس تغيب عنها المجلاّت العلميّة وما يوجد بها من مراجع هو غير كاف بالمرّة. وأبرز مثال لذلك هو مكتبة المدرسة العليا بتونس التي تحتوي على غرفتين بمساحة مشتركة أقلّ من 60 مترا مربّعا فيما تنعدم تماما قاعة المطالعة ولا أثر لأجهزة الحاسوب وكأنّ الطلبة يتلقّون تكوينا في تربية الحلزون لا في اختصاصات على قدر من الأهمية. وإضافة إلى المكتبة التي لا ترتقي إلى مقاييس المكتبات الجامعية نجد مشكلة قاعات الدرس التطبيقي المحدودة جدّا والتي تشهد نقصا في المعدّات.
مدارس عليا أمّ مخيّمات للاّجئين‼
ويمكن تفسير هذه الوضعية بالعودة إلى الطريقة التي اعتمدتها سلطات الإشراف في استزراع هذه المدارس والمعاهد حيث نأخذ على سبيل المثال المراحل التي مرّت بها المدرسة المهنية للصحّة العمومية إبن سينا التي تحوّلت بفضل فلسفة بناء ” مخيّمات اللاجئين ” إلى ثلاث مؤسسات تعليمية مختلفة الأصناف والاختصاصات. ففي البداية كانت هذه المؤسسة مدرسة مهنية للصحّة العمومية في فترة الستينات والسبعينات والثمانينات وقد كانت تظمّ على أقصى تقدير 800 تلميذ فانقسمت في مرحلة أولى ليتمّ في نفس المؤسسة زرع مدرسة عليا لعلوم وتقنيات الصحّة ومدرسة علوم التمرض وأصبحت في مرحلة ثانية تظمّ بالإضافة إليهما المعهد العالي لعلوم التمريض. فنفس البناية المعدّة لـ 800 تلميذ أصبحت تظمّ اليوم 4500 دارس منهم 4000 طالب وينتمي قرابة 2500 منهم إلى المدرسة العليا لعلوم وتقنيات الصحّة وقرابة 1500 للمعهد العالي لعلوم التمريض.
ويبيّن الجدول التالي الوضعية ” التطوّرية ” التي تتناقض مع ادعاءات العناية بالتعليم والصحّة وما يروّج له من مقولات الجودة والتقييم والنجاعة..
ملاحظة: العلامة ( ♦ ) تكشف حالة الفوضى التي يعرفها هذا القطاع بخصوص إسناد الشهادات العلمية والمهنية.
1 ) خلال السبعينات والثمانينات
المدرسة المهنية للصحّة العمومية
ـ عدد التلاميذ إلى بداية التسعينات: معدّل 800 تلميذ.
ـ شروط الالتحاق: سنة 5 ثانوي + مناظرة + اختبار نفسي.
ـ مدّة الدراسة: سنتان.
ـ الشهادة: ممرّض للصحّة العموميّة ( صنف [ ب ] )♦.
|
2 ) بداية التسعينات:
المدرسة العليا لعلوم وتقنيات الصحّة
ـ عدد الطلبة حوالي 1500 طالب.
ـ شروط الالتحاق: بكالوريا + اختبار نفسي.
ـ مدّة الدراسة: 3 سنوات.
ـ الشهادة: فنّي سامي للصحّة
( صنف [ أ 3 ].
|
3 ) سنة 2006 :
نفس الوضعية استمرّت بالنسبة للمدرسة العليا لعلوم وتقنيات الصحّة.
|
|
مدرسة علوم التمريض
ـ عدد التلاميذ: حوالي 1000 تلميذ.
ـ شروط الالتحاق: سنة 7 ثانوي + مناظرة + اختبار نفسي.
ـ مدّة الدراسة: 3 سنوات.
ـ الشهادة: ممرّض للصحّة العمومية ( صنف [ ب ] )♦.
|
معهد عالي لعلوم التمريض
ـ عدد الطلبة: حوالي 1500 طالب.
ـ شروط الالتحاق: بكالوريا + التوجيه + اختبار نفسي.
ـ مدّة الدراسة: 3 سنوات.
ـ الشهادة: ممرّض للصحّة العموميّة ( صنف [ أ 3 ] ) ♦.
|
|
|
مدرسة علوم التمريض
ـ تحتوي على شعبتين:
1 ) مساعد ممرّض.
ـ مدّة الدراسة: سنتان.
ـ شروط الالتحاق: سنة سادسة ثانوي + مناظرة.
ـ الشهادة: مساعد ممرّض ( صنف [ ؟؟؟؟ ] ).
2 ) مساعد حياة ـ َAide de la vie .
ـ مدّة الدراسة: َ18 شهرا.
ـ شروط الالتحاق: سنة رابعة ثانوي + مناظرة.
ـ الشهادة: ؟؟؟؟
( ملاحظة: لم تفرز بعد هذه المدارس دفعتها الأولى ولا نعرف أي الشهادات ستلصق بخرّيجيها )
|
منذ المخطّط السابع وقع تخصيص مبلغ 1 مليار و700 ألف دينار لبناء المدرسة العليا لعلوم وتقنيات الصحّة بتونس وقد تمّ وضع الرّسم البياني لهذا المشروع وتخصيص قطعة الأرض بعد تحديد الموقع وتمّ تأجيل تنفيذ المشروع إلى المخطّط الثامن ثمّ تمّ فيما بعد إلغاؤه تماما ووقع بناء كلّية الطبّ بتونس في الموقع نفسه.
على هامش الوضعية الحالية:
ـ طريقة إجراء المناظرة تزيد الوضع ” إشراقا ” ليكون باديا أكثر للعيان، ففي السنوات الأخيرة يبلغ عدد الملفّات 14 ألف يقبل منها 600 فقط.
ـ سنة 2003 علّقت قائمات الناجحين في مدارس نابل وتونس ثمّ سحبت لتعاد من جديد بعد تغيير أسماء الناجحين.
ـ في مناظرات السنة الماضية كان عدد الناجحين للدراسة بمدرسة تونس 70 تلميذا في القائمة التي تمّ تعليقها في اختصاص مساعدي الحياة وعدد المرسّمين في هذا القسم 96 تلميذا ( من أين جاء بقيّة التلاميذ؟؟ ربّما قفزوا من فوق جدار المدرسة حبّا في المساعدة على الحياة‼).
على هامش الملفّ:
الصحّة عندما تدخلها الخصخصة تمرض:
تجدر الإشارة إلى أنّ النسبة التشغيلية لخرّيجي المدارس العليا لعلوم وتقنيات الصحّة متدنّية جدّا خاصّة من طرف وزارة الصحّة حيث لا تتجاوز النسبة 10 في المائة. ورغم الضعف الكبير للقدرة التشغيلية للفنّيين السامين لاحظنا في السنوات القليلة الماضية بعث مشاريع مؤسسات للتعليم العالي للصحّة خصوصا لعدد من الاختصاصات مثل التبنيج والعناية المركّزة والعلاج الطبيعي في كلّ من سوسة وتونس. وفي نفس الإطار بما أن القدرة التشغيلية للمرّضين لا تزال محترمة فإنّ المدارس الخاصّة لتكوين الممرّضين انتشرت في عديد الجهات منها مثلا مدرسة فتحت أبوابها في منطقة الشراردة من معتمدية القيروان وهي منطقة شبه ريفيّة بحيث أغلقت هذه المدرسة لعجز التلاميذ على إيجاد مستشفيات للتربّصات.
فوضى القطاع الخاص:
هذا وتوجد 30 مدرسة خاصّة في الصحّة دون |إطار تدريس خاصّ كما تفتقد الوزارة الإطار الفنّي الكافي لتفقّد تلك المدارس. كما نلاحظ بعض المشاكل المتعلّقة بآجال الترسيم في هذه المدارس ذات الصبغة التعليمية والمضمون التجاري الربحي منها أنّ ترسيم التلاميذ يتمّ في شهر جانفي وهو ما يعدّ مخالفة للقانون الذي يحدّد الآجال القصوى بموفّى ديسمبر غير أنّ الوزارة تشجّع تلك المدارس بما يدفعنا على التساؤل كيف يمكن للطلبة استيعاب برنامج سنوي مكثّف يقدّر بـ 1400 ساعة منهم قرابة 200 ساعة للتربّصات في السنة الواحدة خلال فترة تقدّر بستّة أشهر فقط؟؟؟
مطالبات بالإصلاح تمّ إجهاضها:
أصدر بتاريخ 25 ديسمبر 2006 أساتذة سلك مساعدي الأطبّاء بالمرحلة الأولى والمرحلة الثانية والأساتذة المكلّفين بخطّة عريضة وجّهوها إلى السادة: وزير الصحّة العمومية ووزير التعليم العالي والكاتب العام لجامعة الصحّة العمومية والكاتب العام للنقابة العامّة للتعليم الثانوي عبّروا فيها عن استغرابهم من تجاهل سلطات الإشراف لمطالبهم المتكرّرة منذ سنوات والتي تمثّلت أهمّها في:
ـ وضع خطّة لتكوين أساتذة تعليم سلك مساعدي الأطبّاء لتلبية حاجيات مدارس علوم التمريض والمدارس العليا والمدارس العليا لعلوم وتقنيات الصحّة…
ـ فتح الآفاق العلمية بضبط سياسة تكوين مستمرّ للإطارات تضمن النجاعة البيداغوجيّة والعلمية لسلك مساعدي الأطباء.
ـ نستغرب عدم تشريكنا وتشريك ممثّلينا النقابيين في الإصلاح الأخير لبرامج تكوين الممرّضين على غرار سنوات 1981 و1991 ، وتغييبنا عن عمليّات إصلاح تكوين الممرّضين والإطارات شبه الطبّية قد ينعكس سلبا على الدور الهام لهذه الأصناف ومردوديّتها ونطالب بإصلاح شفّاف لسياسة التعليم مع تشريك جميع الأطراف المعنيين بما في ذلك أساتذة تعليم سلك مساعدي الأطبّاء وممثّليهم النقابيين والجامعة الوطنية للصحّة. ونعبّر عن خشيتنا من انعكاسات القرارات الارتجالية المتّخذة أخيرا والمتمثّلة في توجيه 640 طالبا في 5 مدارس عليا لعلوم التمريض دون ضبط أطر التسيير ودون توفير مستلزمات التعليم العالي ( إطار تدريس جامعي، مكتبات جامعيّة، قاعات الدروس التطبيقية، إصدار قوانين التسيير الجامعي، برامج التكوين،…)
تصويب:
تطرّقنا في عدد سابق من ” مواطنون” بعنوان ” البرامج الارتجالية تدمّر مهنة الممرّض ” إلى وضعية المعاهد العليا لعلوم التمريض وقد حصل خلط في المعلومات في الفقرة الثانية من المقال فالاختصاصات الـ 22 هم اختصاصات تدرّس في المدارس العليا لعلوم وتقنيات الصحّة وليس في المعاهد العليا لعلوم التمريض. فنعتذر لقرائنا الكرام على الخطأ.
(المصدر: صحيفة “مواطنون”، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 50 بتاريخ 20 فيفري 2008)
في حوار شامل للوحدة..بشير الصيد عميد المحامين يؤكد إيجابية منهج الحوار:
الاستقلالية ليست تهريجا أو تصعيدا أو تعنتا
حاوره : محمد فاتح الكافي
للمرة الثانية يحظى الأستاذ البشير الصيد بثقة المحامين حيث انتخبوه عميدا لهم في مؤتمرهم الوطني (2001 – 2002) ثم في المؤتمر الوطني الأخير1 جويلية 2007 حيث ناضل ويناضل إلى جانب زملاء المهنة من أجل التقدم بقطاع المحاماة وتطويره من جهة ، وتحقيق مكاسب اجتماعية للمحامين طالبوا ويطالبون بها منذ عقود من جهة أخرى…
الوحدة التقت الأستاذ العميد البشير الصيد الذي أدلى لها مشكورا بهذا الحديث.
* – سيادة العميد، ناضلت منذ عقود من أجل الارتقاء بمهنة المحاماة من الناحية الإجرائية والفنية وتطوير أداء المحامي في تعاطيه مع الحق القانوني والقضائي عموما فهل من كلمة حول هذا الموضوع؟
_ إن مسيرة المحاماة كلها نضال وعناء ودفاع عن الحق والعدل وعن المحامين أنفسهم وعن المهنة باعتبارها مهنة شريفة مقدسة تسعى للدفاع عن الحق وعن الضعفاء وعن سيادة القانون وكذلك عن الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، ولا شك أن المحامين منذ مدة طويلة قد تقدمت هيئتهم بمطالب إصلاح هي ضرورية وشرعية في نفس الوقت، وفي السنوات الأخيرة تدهورت المحاماة وساءت أوضاع المحامين ماديا وأدبيا وقد قدمنا في دورة سابقة وفي هذه الدورة بمذكرات تطالب بعديد الإصلاحات في صلب المهنة وهي كثيرة وعميقة وشاملة ولذلك دأبنا على هذه المسيرة إلى أن تحصلت المحاماة وبالتالي المحامين على مكاسب هامة بالإصلاحات الأخيرة والمتمثلة في تمكين المحامين من التأمين الصحي وتمليك العقار المتمثل في نادي دار المحامي للهيئة الوطنية للمحامين بعد أن كان تحت تصرفها كمجرد حيازة مادية فقط والذي يمكن بالصيغة الجديدة من إقامة عديد المشاريع الإستثمارية فيه بما من شأنه تحقيق مزيد المكاسب المادية لصندوق الهيئة كذلك فقد حصل المحامون إضافة إلى هذا فإن التأمين الصحي يعد من النوع الممتاز وقد أحدث بمقتضى الأمر المنظم لصندوق التقاعد والحيطة الإجتماعية وبمقتضى الأمر المنظم لطابع المحاماة ومن المكاسب الأخرى التي تعد هامة أيضا على مستوى ممارسة المهنة توسيع مجال عمل المحامي الذي أذن به سيادة رئيس الدولة والمتمثل في وجوبية نياية المحامي في جميع القضايا الجزائية لدى محكمة التعقيب وكذلك في كل مطالب الترسيم لدى المحكمة العقارية إضافة إلى الترفيع في منحة الترسيم، إن جملة هذه المكاسب التي حصل عليها المحامون هي مكاسب كبرى وبهذه المناسبة أتوجه بالشكر إلى سيادة رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي الذي تفضل بالأمر بإجراء هذه الإصلاحات وكذلك لا يفوتني أن أشكر السيد بشير التكاري وزير العدل لما قام به وأعضاده من أجل ما قاموا به من مجهودات في هذا الخصوص.
*- هل تعتبرون أن ما اتخذه سيادة الرئيس من إجراءات وقرارات لفائدة المحامين إجتماعيا وللمحاماة عموما لدى إستقبال سيادته لكم قد حقق كل المطالب التي ناضلتم من أجلها ، أم هل مازالت لديكم مطالب أخرى تسعون إلى تحقيقها؟
_ مثلما سبق وإن قلت فإن مطالب عديدة مازالت متراكمة منذ زمن بعيد ولا يتسع المجال الآن لتعدادها لكني أؤكد أننا قد رفعنا فيها مذكرات سابقة إلى وزارة العدل .. وبمناسبة لقائي مع رئيس الدولة فقد طلب مني سيادته أن أعرف له مذكرة تشمل جميع هذه المطالب وأملنا أن تحضي هذه المطالب بالإستجابة وخاصة من لدن سيادة رئيس الدولة..
* – هل تعتبرون أن نهج الحوار الذي إعتمدتموه منذ توليكم العمادة للمرة الثانية هو الذي أثمر هذا اللقاء وما رافقه من إجراءات رئاسية لفائدة المحامين والقطاع عموما؟
– منذ أن وقع إنتخابي في 1 جويلية 2007 توجهت بمذكرة إلى وزارة العدل مطالبا فيها بإجراء حوار وتفاوض مع الجهات الرسمية وقد إستجابت الوزارة بسرعة وبدأنا منذ ذلك التاريخ في مفاوضات كانت طويلة ولكنها كانت موضوعية وفي إطار الإحترام المتبادل وكانت كذلك نزيهة بما أنتج المكاسب الذي ذكرتها آنفا وكان إصرارنا على الحوار في محله لاعتقادنا أنه الخيار الأفضل لتحقيق مطالبنا رغم أنني كعميد في الدورة الأولى التي توليت فيها العمادة كنت أول من انتهج الأسلوب النقابي في إطار مهنة المحاماة من رفع للشارة الحمراء إلى التجمع إلى الإضراب وغير ذاك من وسائل العمل النقابي… ولكني حين وجدت باب الحوار مفتوحا والجهات الرسمية وخاصة السيد رئيس الجمهورية في تفهم تام لمطالب المحامين إخترنا نهج الحوار الذي كان ناجحا وناجعا والذي كذب كل الشكوك التي حاول البعض ترويجها للضغط من أجل أن نتراجع عن نهج الحوار، وعليه نقول إنه طالما أن الحوار أتى بنتائج إيجابية فإننا سنواصل السير في هذا النهج بكل جد وموضوعية.
*- هل هذا إختيار منهجي منكم أم أن المبادرة جاءت من السلطة ؟ من خطا الخطوة الأولى.؟
_في الحقيقة كانت الخطوة متبادلة فكل منا سعى إلى الحوار باعتباره أفضل خيار ..
*- هل أن حواركم مع السلطة لا يخل باستقلاليتكم المعروفة عنكم خاصة أن البعض بدأ يحاول التشكيك في إختياركم نهج الحوار بأساليب شتى منها إختلاق وترويج البعض بزعم وجود إخلالات في التصرف المالي للهيئة الوطنية للمحامين؟
– على العكس مما يحاول البعض التشكيك فيه فأنا متمسك باستقلالية وأمارسها ومتمسك بقناعاتي الفكرية والسياسية والحقوقية وأما الحوار الذي إتخذته منهجا فأنا مقتنع به باعتباره الخيار الأفضل لتحقيق مطالب المحامين وقد صدقت رؤيتي حيث أثمرنتائج هامة وإصلاحات كبيرة وجوهرية في مهنة المحاماة ولذلك وخلافا لما يزعمه البعض فالحوار منهج هام بل إنه يعتبر أصعب من غيره من الخيارات كذلك فإن الحوار فيه معنى الإعتراف ومعنى التقدير ومعنى التخاطب الإيجابي إذا كان موضوعيا وفي إطار الإحترام المتبادل ويهدف إلى تحقيق غايات سامية.
*- كثيرا ما تداخلت أساليب الأداء واختلطت المفاهيم بينما هو مهني ومطلبي واجتماعي في قطاع المحاماة كما في عديد القطاعات و الهياكل الأخرى وبين هو سياسي وذلك لدى كل الأطراف قصورا أو تقصيرا أو تعمدا فما هو حسب رأيكم الحد الفاصل بين هذا وذاك لرفع اللبس وانقشاع الضبابية، وهل لديكم تصور لتكريس هذا الفصل؟
_ الحقيقة وكما يقال فإن الحلال بين والحرام بين وأنا بصفتي عميدا للمحامين مطلوب مني أن أحاور وأن أفاوض وهدفي إن كنت وفيا لزملائي الذين إنتخبوني أن أدافع عنهم وأحقق لهم إصلاحات هامة مادية وأدبية والحوار والتفاوض هو الأساس بالنسبة للمنظمات المهنية لأن المسؤول لا يمكن له أن يحقق أية نتائج إيجابية ما لم تكن علاقته واضحة مع كل الأطراف وبالنسبة لقطاع المحاماة فإن الإصلاحات نوعان نوع تحققه الهيئة الوطنية دونما احتياج للسلطة والنوع الثاني وهو الأهم لا يتحقق إلا بتدخل السلطة من ذلك مثلا ما تم من إجراءات لصالح المحامين والقطاع بتدخل من سيادة رئيس الدولة وهذا هو معنى الحوار الجاد والبناء.
*- أكدتم أن اختياركم أن منهج الحوار لا يمس من استقلاليتكم فما تعريفكم للاستقلالية؟
_ الاستقلالية في نظري ليست تهريجا أو تصعيدا أو تعنتا ولكن أن تكون أية منظمة مستقلة في تسيير شؤونها الداخلية دون أية تدخل من خارجها من أية جهة كانت، وأن يكون تنظيم عملها وإصدار قراراتها نابعين من صلب هياكلها دون أية وصاية وهذا ما نمارسه في قطاع المحاماة على عكس مفاهيم أساليب أخرى تعتمد التشنج والمواجهة المجانية اعتقادا أنها بذلك تحقق الاستقلالية وهي مفاهيم وممارسات خاطئة ومغلوطة، فالمستقل هو الذي يحافظ على قناعاته ومبادئه ويصدح بها ويناقشها ويحاور بها ويسعى إلى تحقيقها وإقناع الآخر بها، هذا في رأيي معنى الاستقلالية…
*- ونحن نستعد لاستحقاقات انتخابية على المستوى الوطني سنتي 2009 و2010 هل ترون أن المجلة الانتخابية في حاجة إلى مراجعة؟
_ أرى أنه مطلوب تنقيح بعض الفصول حتى نتقدم أكثر على درب المسار الديمقراطي والتعددي، وهذا ينسحب كذلك على قطاع الصحافة والإعلام عموما إلى غير ذلك مما يستوجب مزيدا من الإصلاحات الديمقراطية.
*- على المستوى المغاربي أحيينا منذ أيام ذكرى الإعلان عن قيام إتحاد المغرب العربي، ما هو تقييمكم لوضع الإتحاد وأداء هياكله ومدى استفادة المواطن منه بعد كل هذه السنين من تأسيسه؟
_ بصراحة إن الإتحاد المغاربي لم يحقق الأمال التي علقها عليه المواطن في المغرب العربي لذلك فإنه مطلوب تحريك هذا الإتحاد وما انبثق عنه من آليات وهياكل من أجل تحقيق بعض المكاسب على الأقل مع ضرورة تشريك منظمات المجتمع المدني في ذلك وتطوير أساليب العمل على المستوى المغاربي…
*- وعلى المستوى العربي وبصفتكم عضوا في اتحاد المحامين العرب خصوصا ونحن ننتظر إنعقاد قمة عربية في دمشق ينظر إليها المواطن بكثير من الإحباط والياس ويتوقعها كسابقاتها من إجتماعات القمة؟
_ صراحة إن القمة العربية لم تستطع أن تدافع عن القضايا العربية ولم تستطع تحقيق حتى الحد الأدنى من العمل العربي المشترك خاصة على المستوى الإقتصادي والإجتماعي الذي يمكن أن يستفيد منه المواطن لذلك نرى وبكل أسف أن العرب لم يعد لهم إعتبار في المجتمع الدولي وليس لهم الآن تأثير يذكر في السياسة الدولية على عكس إيران مثلا على المستويين الإقليمي والدولي، فالشعب العربي في العراق يسحق وكذلك في فلسطين وهو ما يتهدد جميع الأقطار العربية وهذا مرده إلى عجز النظام العربي الرسمي عن الأخذ بزمام المبادرة.
(المصدر: صحيفة “الوحدة”، لسان حال حزب الوحدة الشعبية (أسبوعية – تونس)، العدد 583 بتاريخ 1 مارس 2008)
في عشرة أيام مصر تغلق قناتين وتحظر برنامجا حواريا
محمود جمعة-القاهرة أوقفت السلطات المصرية بث قناتين إسلاميتين خلال عشرة أيام ومنعت برنامجا حواريا شهريا بدعاوى أمنية. ويتعلق الأمر بقناة “البركة” الاقتصادية وقناة “الحكمة” المتخصصة في علوم السنة النبوية، وبرنامج “90 دقيقة” على فضائية “المحور” العامة الذي ألغيت حلقة من حلقاته الأسبوع الماضي, كانت مخصصة لمناقشة مشروع قانون “مكافحة الإرهاب” في مصر. ويأتي الحظر بعد أيام فقط من وثيقة تبناها وزراء الإعلام العرب قالوا إنها تنظم البث الفضائي. تعبيرات فضفاضة ويقول أكاديميون إن الوثيقة التي نصت على احترام حرية التعبير قيدتها بتعبيرات فضفاضة قابلة للتأويل، مما يضيق هامش الحرية إلى حد يضع القائمين على الفضائيات تحت طائلة تشريعات مكبلة. وقالت قناة “الحكمة” في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه، “في ظروف غامضة وبدون أي سابقة إنذار، تم قطع بث إرسال القناة من قبل مدينة الإنتاج الإعلامي (المصرية) وليس لأسباب أمنية”. وتكرر الأمر مع قناة “البركة”، الشقيقة الصغرى لقناة “الناس” الدينية -إحدى أكثر الفضائيات مشاهدة لدى المصريين والعرب- التي أغلقت بعد أسبوع واحد من صدور الوثيقة المذكورة، وقال القائمون عليها إنهم فوجئوا بتلقيهم معلومات تفيد أن سبب الإغلاق “عدم استكمالها أوراق اعتمادها رسميا للبث، رغم بثها بانتظام برامجها لثمانية شهور بطريقة علنية، ومجيء اسمها ضمن 11 قناة هي الأكثر مشاهدة في مصر حسب أحدث استطلاعات الرأي. أوراق جديدة وبدا مدير القناة عبد الحميد توفيق شديد التحفظ في حديثه للجزيرة نت عن أسباب غلق “البركة” وقال “هناك أوراق لم تكتمل، نحن متضررون من هذا القرار ولا نعرف أسبابه، لقد قدمنا أوراقا جديدة ونأمل حسب وعود الجهات المعنية أن نعود للبث خلال أسبوع”. وأضاف “قرأت كثيرا أن القرار سببه وثيقة البث الفضائي أو أن برامج القناة تزعج البعض، لكني أؤكد أنه ليس لدينا أي مشكلة في مضمون برامجنا لأنها مواد خدمية وتثقيفية تستهدف دفع الإنتاج وعجلة التنمية، وليس لنا أي توجهات سياسية أو علاقة بأي تيار أو حزب أو حركة سياسية”. والبركة -حسب التعريف المنشور على موقعها الإلكتروني- “قناة اقتصادية تجارية اجتماعية تنموية تنطلق من ثقافة عربية إسلامية عصرية تعكس الواقع الاجتماعي، وهي أول قناة اقتصادية عربية ترتكز على قيم إسلامية تهتم بشؤون المواطنين في الشرق الأوسط والعالم”. وقال وزير الإعلام أنس الفقي غداة صدور الوثيقة إن الفضائيات العربية على القمرين العربي “عرب سات” والمصري “نايل سات”، التي تتجاوز الـ500 فضائية، تخضع حاليا للوثيقة الجديدة التي وصلت بالفعل للمسؤولين في هذه الأقمار الصناعية وإدارة مدينة الإنتاج الإعلامي لبدء العمل بها. تعليمات عليا الحالة الثالثة تتعلق بأحد أهم البرامج الحوارية وهو “90 دقيقة”، فقد قالت صحف مصرية إن “تعليمات عليا” صدرت بمنع إذاعة حلقة منه مخصصة لمناقشة مشروع قانون “مكافحة الإرهاب” المثير للجدل. وقالت تقارير إن ضيوف الحلقة فوجئوا باتصال من مسؤولي القناة قبل بث البرنامج بساعتين يعتذرون فيه عن عدم إمكانية إذاعة الحلقة بسبب “تعليمات عليا من وزارة العدل”، التي بررت المنع بأنها لم تنته من صياغة القانون، ومن ثم يجب ألا يُناقش حتى لا يحدث ذلك بلبلة بين المواطنين. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 1 مارس 2008)
تظاهرات في أربع مدن باكستانية تنديدا بالرسوم المسيئة
شهدت مدن إسلام آباد وكراتشي وكويتا ولاهور في باكستان اليوم مظاهرات ضخمة شارك فيها الآلاف من الباكستانيين احتجاجا على نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم. وحذر المتظاهرون من مغبة إعادة نشر تلك الرسوم ودعوا الحكومة الباكستانية إلى مقاطعة البضائع الدانماركية. وقد نظمت هذة المظاهرات بدعوة من الجماعات الإسلامية الباكستانية. وكانت العاصمة الموريتانية نواكشوط شهدت أمس احتجاجات مماثلة، كما شاركت آلاف النساء اليمنيات في تجمع بصنعاء احتجاجا على الرسوم. في السياق أدانت لجنة إسلامية مسيحية في القاهرة إعادة نشر الرسوم في ختام الاجتماع السنوي للجنة المشتركة التي شكلها المجلس البابوي للحوار بين الديانات ولجنة من الأزهر. كما ندد مجلس النواب البحريني بالرسوم، وطالب البرلمان الأوروبي بمراجعة الموقف قبل تفاقم تداعياته. وأدى نشر الرسوم قبل عامين إلى احتجاجات واسعة النطاق في العالم الإسلامي قتل خلالها 50 شخصا على الأقل وتعرضت ثلاث سفارات دانماركية للهجوم وقوطعت بضائع دانماركية. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 29 فيفري 2008)
تمديد اعتقال المتهمين بعد 14 ساعة من التحقيقات…
المغرب: الداخلية تُبلغ النواب معلومات سرية عن «خلية بلعيرج»
الرباط – محمد الأشهب أمر قاضي التحقيق في محكمة الاستئناف في الرباط بوضع 35 متهماً رهن الاعتقال الاحترازي في سجن سلا بجوار العاصمة المغربية. وأفاد مصدر قضائي أن المتابعين ضمن «الخلية الإرهابية» التي جرى تفكيكها الأسبوع الماضي والتي يتزعمها المتهم عبدالقادر بلعيرج، حامل الجنسية البلجيكية، وجهت إليهم اتهامات تتمثل في «تشكيل عصابة اجرامية والتخطيط لأعمال إرهابية تمس النظام العام وحيازة أسلحة وذخائر وتبييض أموال لاستخدامها في تمويل خطط إرهابية». واستغرقت التحقيقات القضائية حوالي 14 ساعة أول من أمس، نُقل على إثرها المعتقلون إلى السجن وسط حراسة مشددة. إلى ذلك، حرص وزير الداخلية المغربي شكيب بن موسى على ابلاغ رؤساء الكتل النيابية في أحزاب الغالبية بتفاصيل خافية حول «خلية بلعيرج» التي أكد ضلوعها في التخطيط لزعزعة استقرار البلاد وتنفيذ هجمات إرهابية واغتيال شخصيات. وأثير خلال الاجتماع بين بن موسى ورؤساء الكتل النيابية جدل حول مدى احترام الاجراءات القانونية وضمان المحاكمة العادلة للمتهمين. وأكد الوزير بن موسى التزام السلطات أن يتمتع المتابعون قضائياً بكل الضمانات القانونية. لكن محامي المتهمين السياسيين المتابعين في الخلية وفي مقدمهم زعيم حزب «البديل الحضاري» (المحظور حالياً) مصطفى المعتصم، قالوا إن تصريحات أعضاء في الحكومة حول الاتهامات الموجهة اليهم سبقت قرار المحكمة في هذا الشأن. ورد مسؤولون بأن الأمر يتعلق بعرض وقائع وليس اصدار أحكام وهو أمر يعود في النهاية الى المحاكم، فيما أفادت تحريات أن المتابعة القضائية لا تطاول أعمالاً ينسحب عليها التقادم القانوني وانما التخطيط لأعمال إرهابية واستمرار إخفاء أسلحة وذخائر. (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 1 مارس 2008)
ايداع 35 مشتبها به الحبس الاحتياطي بتهم تكوين عصابة اجرامية لارتكاب أعمال ارهابية
المغرب: نحو لجنة تضامن مع معتقلين ضمن شبكة بلعيرج .. واستمرار التشكيك في تعاطي الحكومة مع الملف
الرباط ـ القدس العربي من محمود معروف: علمت القدس العربي بالرباط ان اتصالات بين سياسيين وحقوقيين وصحافيين مغاربة تجري هذه الايام وتهدف الي تأسيس لجنة مساندة وتضامن مع المعتقلين الستة ضمن ما بات متعارفا عليه بـ شبكة بلعيرج . وقالت المصادر ان اللجنة ستضم ممثلين عن كل التيارات والاحزاب والجمعيات الحقوقية المشاركة بالحكومة او المعارضة. في غضون ذلك، تحفل الصحف المغربية بتقارير لا يعرف مدي صحتها ودقتها حول ما يعرف بشبكة بلعيرج التي تقول السلطات انها كانت تعد لنشاطات ارهابية واغتيالات. وتتنوع التقارير بتنوع موقف الصحيفة الناشرة فما بين مضيف لمعلومات تصب في مجري ما قاله المسؤولون المغاربة من معلومات ووجهوا للمعتقلين من اتهامات الي تقارير تواصل تشكيكها بما اعلن عنه رسميا خاصة فيما يتعلق بالسياسيين الخمسة والصحافي وهم مصطفي المعتصم الامين العام لحزب البديل الحضاري ومحمد امين ركالة نائبه والناطق الرسمي باسم الحزب ومحمد المرواني الامين العام لحزب الامة وعبد الحفيظ السريتي مراسل قناة (المنار) اللبنانية وماء العينين العبادلة مرشح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية الاخيرة وحميد نجيبي الناشط بالحزب الاشتراكي الموحد (يسار معارض). صباح الجمعة قرر قاضي التحقيق بملحقة محكمة الاستئناف بسلا ايداع المتهمين الـ35 بالسجن المحلي بسلا في حالة اعتقال احتياطي بعد الاستماع إليهم في إطار الاستنطاق الابتدائي الذي استغرق زهاء 14 ساعة. وحسب مصدر قضائي، نُسبت للموقوفين تهم تكوين عصابة اجرامية لإعداد وارتكاب أعمال ارهابية في إطار مشروع جماعي يهدف الي المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف والترهيب والعنف والقتل العمد ومحاولة القتل بواسطة أسلحة نارية مع سبق الإصرار والترصد ونقل وحيازة أسلحة نارية وذخيرة بغرض استعمالها في تنفيذ مخططات ارهابية وتزييف وتزوير وثائق رسمية وانتحال هوية وتقديم وجمع أموال وممتلكات وقيم منقولة بنية استغلالها في تنفيذ مشاريع ارهابية وتعدد السرقات وتبييض الأموال . اتهامات خطيرة وكانت النيابة العامة لدي محكمة الاستئناف بالرباط أحالت عشية الخميس علي قاضي التحقيق المعتقلين بعد ان استمعت اليهم بحضور محاميهم. ساعات بعد تسلمها لهم من الشرطة التي حققت معهم لمدة 92 ساعة لم يتمكن خلالها محاميهم سوي لقاء كل منهم لمدة نصف ساعة. واعلنت السلطات يوم 18 شباط/فبراير الماضي ان الاجهزة الامنية تمكنت من تفكيك شبكة يقودها عبد القادر بلعيرج البلجيكي من اصل مغربي كانت تعتزم القيام بأعمال ارهابية بواسطة الأسلحة النارية والمتفجرات واغتيال شخصيات مغربية مهمة، كما مكنت عمليات التفتيش التي تلت تفكيك الشبكة من حجز في مدينتي الدار البيضاء والناظور، كميات هامة من الأسلحة والذخيرة والشهب النارية (بنادق من نوع كلاشنيكوف وكاتم للصوت ومسدسات رشاشة من نوع سكوربيون بالإضافة الي وسائل تستعمل لإخفاء شخصية مرتكبي الجرائم المخطط لها). وحسب السلطات فإن نتائج البحث التمهيدي الذي أجرته الشرطة بينت ان الأشخاص المتورطين في هذه الشبكة لهم روابط مؤكدة مع الشبيبة الإسلامية والحركة الثورية الإسلامية المغربية وحركة المجاهدين في المغرب والحركة من أجل الأمة (وكلها تنظيمات غير معترف بها) وحزب البديل الحضاري الذي حله عباس الفاسي الوزير الاول بعد الاعلان عن اعتقال امينه العام ونائبه. ورغم تحويل المتهمين بالمشاركة في هذه الشبكة الي النيابة العامة فإن تسريب المعلومات واستمرار التشكيك لا زال سيد الموقف. وفي اطار الدعم للاجهزة الامنية أشاد حكومة عباس الفاسي في اجتماع عقدته الخميس باليقظة والمهنية التي أبانت عنها ألاجهزة الأمنية وما تميزت به مراحل المتابعات من تقيد بالاصول القانونية . وقال خالد الناصري وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة ان الحكومة نوهت كذلك بتماسك الشعب المغربي في تعاطيه مع هذا الملف ، مشيرا الي أن لجان البرلمان المعنية ستجتمع لمناقشة الموضوع بطلب من الحكومة. وأضاف ان وزير الداخلية قدم خلال هذا الاجتماع عرضا حول تفكيك المصالح الأمنية لهذه الشبكة الارهابية التي كانت تستعد لتنفيذ عمليات تخريبية علي صعيد التراب الوطني، ضمّنه المعطيات التي تسمح سرية البحث بالكشف عنها، والمتعلقة بنشأة الشبكة وأعضائها، والأهداف والمخططات، والمحجوزات ومسار البحث، وعلاقة الشبكة بالتنظيمات الارهابية الدولية، والعمليات الارهابية التي سبق لها تنفيذها . شكوك وشدد وزير الداخلية علي أن السلطات المختصة ستواصل إخبار الرأي العام بكل التطورات التي يعرفها التحقيق، في احترام تام لمبدأ فصل السلط، وذلك إيمانا من الحكومة بالدور الأساسي الذي يضطلع به المجتمع في مواجهة ظاهرة الارهاب . وكان خالد الناصري قد أشاد في وقت سابق بالسرعة التي بادرت بها السلطات الي إخبار الرأي العام بتفاصيل قضية بلعيرج مما يعكس الشفافية التامة التي تم اعتمادها. وقال ان خطورة الشبكة الارهابية التي تم تفكيكها تكمن في وجود شبكة مسلحة لها استراتيجية خطيرة وفي وجود حزب سياسي أسس لتمويه السلطات العمومية والمواطنين علي السواء بالإضافة الي أن هناك عنصرا جديدا يكمن في اختراق مؤسسات قائمة الذات، وعلي رأسها مؤسسات الدولة . ورغم دفاع الحكومة واجهزتها عن مواقفها وتدبيرها للملف، الا انها لازالت تشعر ان التشكيك يهيمن في اوساط النخبة السياسية. وانتقد الناصري حملة التشكيك هذه التي اعتمدتها بعض الأوساط خلال مواكبة عملية تفكيك الشبكة معربا عن أسفه للتحريف الذي طال جوهر الموضوع حيث تحول النقاش من اكتشاف شبكة ارهابية خطيرة تملك أسلحة وكانت تخطط لتنفيذ عملياتها داخل المغرب الي نقاش قانوني حول شرعية اللجوء الي قانون الأحزاب، وهل كان من حق الوزير الأول الإقدام علي حل حزب البديل الحضاري . وشدد الناصري علي ضرورة أن يستشعر جميع المغاربة خطورة الارهاب الذي يسعي الي زعزعة أمن البلاد والتشويش علي مسارها التنموي مشيرا الي أن القانون له خاصية ضرورة المجابهة بالاستعجال أمام تهديد جماعات مسلحة واذا كان التشكيك واضحا حزبيا في مواقف المعارضة (الاصولية واليسارية الديمقراطية) واعلاميا في مواقف الصحف المستقلة، فإن المفاجئ كان التعاطي الجديد لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وصحيفته من تطورات الملف وتبنيها التشكيك الذي يحاصر ما قالته السلطات وتحذر منه وهو الحزب المشارك بالحكومة. فبعد افتتاحية مثيرة نشرتها الصحيفة الاسبوع الماضي خيرت المغاربة، احزابا وهيئات وجمعيات وصحف ومواطنين، بين مع الارهاب او ضد الارهاب واشادت بالاجهزة الامنية وفعاليتها، اصطفت الصحيفة الخميس مع المشككين وحذرت من اعادة انتاج سنوات الرصاص والقمع . وابرزت الصحيفة نقاشا ساخنا بين رئيس الحكومة عباس الفاسي وعدد من الوزراء من بينهم وزراء اتحاديين (اشتراكيين) من جهة وزعماء الاغلبية ورؤساء الفرق البرلمانية ومن بينهم بالطبع الاتحاد الاشتراكي. الاتحاد الاشتراكي : تغيير الوجهة وقالت ان أن مداخلة شكيب بنموسي (وزير الداخلية) أثارت مجموعة من الملاحظات لدي ممثل المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ادريس لشكر ولدي رئيسي فريقيه في البرلمان، أحمد الزايدي ومحمد الخضوري حيث تساءل عضو المكتب السياسي عن مدي احترام الشكليات القانونية المرافقة لتوقيف المتهمين واستنطاقهم، ومدي احترام قانون الحريات العامة والاحكام الجنائية والتفتيش وخط الدفاع وهو ما رد عليه وزير الداخلية بأنه يستغرب للتباكي علي الشكليات في مثل هذه الحالة، لأن الأهم هو حماية البلاد! وحسب الصحيفة فإن أحمد الزايدي، رئيس الفريق الاشتراكي، قال انه ليس مقبولا العودة الي ممارسات الماضي بأية صبغة كانت، وأنه يتعين الحفاظ علي الرصيد الحقوقي المتميز الذي راكمناه منذ مرحلة التناوب وأن نحتاط كثيرا، لأن محاربة الارهاب لا ينبغي أن تنسينا محاربة الاعتداء علي الحريات . والي جانب التقرير نشرت صحيفة الاتحاد الاشتراكي افتتاحيتة وقعها عبد الحميد جماهري سكرتير التحرير قالت إن هذا الغليان في الدولة والمخابرات، لم يخرجني عن مغربيتي الطيبة سأكون واقعيا للغاية وأطلب المستحيل من داخلية لا تستطيعه إلا حين تكون ضدي . واضافت اجتمع السيد شكيب بنموسي مع ثلة من الباحثين والاعلاميين، وشرح لهم وجهة نظر الداخلية، وكان يروم، وهذا حدس آخر، اقناعهم بأن الرواية التي قدمها تستحق التشجيع وتستحق التصديق. وكان الاجتماع قبل اللقاء بأحزاب سياسية مسؤولة أمام الشعب وأمام الوطن، وفي نفس اللحظة التي كانت (احزاب) الاغلبية تنتظر اللقاء مع الوزير الأول، رأينا أنه صرح للاذاعة قبل اللقاء مع الاحزاب، وقبل البرلمان بطبيعة الحال هذا وزير أول سياسي اتخذ قرارا سياسيا خطيرا، ولم يعر الاحزاب السياسية (التي تشترك معه الطعام الحزبي) أي اهتمام مؤسساتي إلا بعد كلام الاذاعة وقال جماهري الملاحظ أن الأمور تسير كما لو أن الخبر، وهو هنا يمس البلاد وأمنها ولم لا مستقبلها، أمر اضافي وثانوي والرأي العام والحزبي الوطني معا، أمر لا يستحق تفكير الأمنيين في بلادنا. لنقلها بالصراحة الوطنية الكبري: هذه البلاد ليست منحة من أحد والذين يودون أن يقيموا الأمور بناء علي حساباتهم الذاتية أو الجهازاتية، عليهم أن يتأملوا فعلا شعور المغاربة عندما ينفرون من شؤون بلادهم علي الذين يعتبرون أنهم غير مطالبين بتقديم الحساب أن يعلموا بأنهم يقودوننا نحو القطيعة المجتمعية، والفراغ التام. ولعلهم يريدون ذلك، في السر . ولربط ما يجري مع الاوضاع السياسية التي يعرفها المغرب تساءلت الاتحاد الاشتراكي هل توقفت حركة (فؤاد) الهمة صديق الملك والوزير السابق في الداخلية الذي اسس بعد استقالته جمعية سياسية) وتعامله المتميز والحظوة التي يحظي بها في المجتمع السياسي والجماعي والجمعوي وهل تم التعامل مع الرأي العام بحكمة ومسؤولية وهدوء كما يريدون منا في هذا الباب؟ واجابت الصحيفة بطبيعة الحال لا. وبعد سنين سيسألوننا عن الثقة في السياسة وفي الدولة والثقة في المؤسسات والثقة في الأحزاب؟ . وخاطبت الصحيفة المسؤولين إنكم تعبدون الطريق نحو الكارثة أيها الناس. اذا كان الوطن ليس منحة من أحد، أيا كان موقعه في هذا البلد، فليس من حق من يملك المعلومة أو يملك السلطة أن يحوله الي فضاء خاص، وتعاونية لتوزيع الريع السياسي والاعلام . لا احد يعرف بعد الي اين يسير ملف بلعيرج. ومن غير المعنيين بتدبير الملف لا احد يعرف لماذا فتح اصلا وعلاقته باوضاع داخلية واقليمية ودولية قد لا يكون للمغرب علاقة مباشرة بها. لكن فتح الملف، وتحديدا اعتقال خمسة سياسيين وصحافي خلق ديناميكية توتر جديد بالبلاد، التشكيك خطوته الاولي بعد ان اكد المحامون الذين التقوا المعتقلين السياسيين الستة ثقتهم ببراءة موكليهم. المعركة القادمة مع السلطات حسب ما قالته مصادر الدفاع عن المعتقلين تتمحور في ضمانات محاكمة عادلة لا تشوبها اهداف وابعاد سياسية وعدم المماطلة في تقديمهم للمحاكمة حتي لا تبقي السلطات تختبأ وراء سرية التحقيق ان كان في اثارة الرأي العم او تسريبات واضحة الاهداف. وقالت المصادر ان هيئة الدفاع ستثير ما يصرح به المسؤولون الرسميون المتضمن ليس فقط افشاء سر التحقيق بل ادانة مسبقة للمعتقلين قبل صدور حكم قضائي. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 1 مارس 2008)
حزب العدالة والتنمية يطالب بتحقيق مع عمداء في خلاف بشأن الحجاب
أنقرة ـ من جاريث جونز – حث حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا امس الخميس المدعين علي اجراء تحقيق مع عمداء كليات رفضوا تنفيذ قوانين جديدة تسمح للطالبات ارتداء الحجاب في الجامعات التركية. ورفض كثير من عمداء الكليات الاعتراف بقرار اتخذته حكومة حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الاسلامية بتخفيف الحظر المفروض علي ارتداء الحجاب في الجامعات. ويشيرون الي ضرورة أن يكون هناك تشريعا اخر. ويقول العمداء الي جانب بقية نخبة علمانية تضم أيضا قضاة وجنرالات بالجيش ان الاصلاح يأتي في اطار جهود الحكومة لتقويض الفصل بين الدين والدولة في تركيا. وتنفي الحكومة أن يكون لديها أي برنامج اسلامي. ونقلت وكالة أنباء الاناضول عن دنجير مير محمد فيرات نائب رئيس حزب العدالة والتنمية قوله بقدر ما استطيع أن أري فان العمداء يرتكبون جريمة. وهذا أمر من اختصاص الادعاء . واضاف حرمان بناتنا من حق التعليم بسبب زيهن انتهاك للدستور . ويقول حزب العدالة والتنمية ان القضية تتعلق بالحريات الدينية في تركيا وهي دولة مرشحة للانضمام للاتحاد الاوروبي. ويرتدي ثلثا النساء في تركيا الحجاب وتشير استطلاعات الرأي الي أن غالبية الاتراك يؤيدون تخفيف الحظر المفروض علي ارتداء الحجاب في الجامعات. وكان البرلمان التركي وافق في التاسع من شباط (فبراير) علي تعديل في الدستور يسمح للطالبات بارتداء الحجاب ووقع الرئيس التركي عبد الله جول في الاسبوع الماضي علي التعديل ليصبح قانونا. ولكن حزب الشعب الجمهوري وهو أكبر الاحزاب المعارضة في تركيا طلب من المحكمة الدستورية الاربعاء الغاء الاصلاحات علي أساس أنها تنتهك دستور تركيا العلماني. ولم يتضح متي ستبت المحكمة في الامر. وعاود عمداء الكليات الهجوم علي الاصلاحات امس الخميس بقولهم انها أدت الي فوضي وتوترات. وقال مصطفي أكايدين رئيس مجلس الجامعات وهو تجمع لعمداء الكليات مؤيد بشدة للعلمانية في مؤتمر صحافي حذرنا من أنه قد تحدث فوضي في الجامعات (بسبب هذه الاصلاحات). والان تأكدت توقعاتنا للاسف . واضاف لقد الب الطلبة ضد بعضهم البعض .. نخشي ان ابعاد هذا التوتر ستزداد . ونشرت صحف تركيا عن وقوع مصادمات هذا الاسبوع في بعض الجامعات بين الطالبات المحجبات وغير المحجبات وسط غموض قانوني بشأن موعد سريان القانون. وتقول وسائل اعلام تركية ان بعض الجامعات سمحت بدخول المحجبات ولم تسمح جامعات أخري بذلك. ويقول العلمانيون ان السماح للمرأة بارتداء الحجاب في الجامعات سيؤدي تدريجيا الي ضغط اجتماعي علي كل النساء لارتداء الحجاب في تركيا ويمهد الطريق الي التمييز ضد النساء غير المحجبات. وبقضي الاصلاح الحكومي بان يسري حظر الحجاب علي اساتذة الجامعة من النساء وموظفات الحكومة. ويصر كثير من عمداء الجامعات علي ان الاصلاح لا يمكن ان يصبح ساريا قبل ان يعدل البرلمان قانونا يحكم الهيئة المسؤولة عن الاشراف علي التعليم العالي في تركيا. ويقول يوسف ضياء اوسزان رئيس هذه الهيئة المؤيد لموقف الحكومة ان الاصلاح اصبح ساريا بالفعل. (رويترز)
تصريحات كبير القساوسة الإنجليكان صدمات على طريق الاعتراف بالإسلام في الغرب
راشد الغنوشي (*) كان وقع الزلزال أو القنبلة لما أقدم عليه كبير القساوسة الإنجليكان الدكتور روان وليامز من موقعه على رأسالكنيسة الإنجليكانية الكنيسة الرسمية والأكبر (77مليونا)، وذلك خلال محاضرته الأسبوع الماضي بالمجلس العدلي وحديثه مع الإذاعة الرابعة. فقد دعا إلى التفكير في إدخال بعض مواد الشريعة الإسلامية ضمن القانون البريطاني سواء تعلقت بمجال الأحوال الشخصية مثل شئون الطلاق والخلافات الزوجية أو تعلقت بتيسير حصول المسلمين على خدمات مالية مثل الحصول على بيت بقروض غير ربوية مما هو قائم اليوم، معتبرا مثل ذلك أمرا لا مفر منه، ومن شأنه أن يساعد على مزيد الإدماج والانسجام داخل مكونات المجتمع البريطاني بما يجعل المسلم لا يجد نفسه مضطرا إلى الاختيار بين الولاء لثقافته الخاصة وبين الولاء السياسي لوطنه. وعلى الرغم من أنه نبه إلى أن الأمر لا يمثل دعوة إلى تطبيق عام للشريعة يشمل عقوبات قاسية أو يسمح بتمييز ضد النساء إذ تظل مرجعية القانون البريطاني الأساس، فإن ذلك لم يكن كافيا للتخفيف من وقع الصدمة أو الزوبعة أو لتهدئة النيران التي انهالت عليه والتي ثارت من كل حدب وصوب وبلغت حد وصفه بالخيانة لكفاح أجيال خلال قرون في هذا البلد من أجل مجتمع علماني متحرر يتساوى فيه المواطنون أمام القانون بلا تمييز بمنأى عن كل تدخل ديني (انظر مثلا صنداي تايمز والإنديبندت – الأحد الماضي). ولم يتأخر رئيس الوزراء جوردان براون في التصريح باستنكاره هذه الدعوة مؤكدا أن القيم البريطانية هي المصدر الوحيد للقانون البريطاني، وأن تطبيق الشريعة لا يجوز أن يكون مبررا للنيل من القانون البريطاني، كما لا ينبغي أن تكون مبادئها أساسا لمحاكم تفض بعض الخلافات (التايمز8-2-2008). مواجهة الصاعقة ولم تكن ردود أفعال المسئولين الدينيين من داخل الكنيسة ومن خارجها أقل هدوءًا؛ بل بلغ الأمر حد المطالبة بعزله من قبل رجال كبار في كنيسته إن لم يعتذر ويتراجع عن تصريحاته، فلقد كانت الحملة على الرجل صاعقة لم تقتصر على الصحافة الشعبية التي اعتبرت تصريحاته “انتصارا عظيما” للقاعدة، بحسب جريدة الصان التي تقوم بجمع عريضة يطالب فيها الموقعون بإستقالة رأس الكنيسة الإنجليكانية الدكتور روان وليامز، بل شاركت فيها بفعالية أيضا الصحافة الجادة كالجارديان والإندبندنت والصاندي تايمز والفاينانشال تايمز ومواقع الإنترنت والقنوات التلفزيونية، وذلك من كل الاتجاهات الدينية والعلمانية والحقوقية اليمين واليسار. وحتى الأوساط الإسلامية لم تتأخر في الهجوم على الرجل رادين عليه معروفه ومؤكدين أنهم سعداء بالاحتكام للقانون البريطاني ولا حاجة بهم إلى شريعة ستكرس عزلتهم بدل اندماجهم، وجاءت ردودهم في أغلبها من وقع الهجمة الشديدة التي تعرض لها كبير القساوسة ورأس الكنيسة الإنجليكانية. المفكر طارق رمضان مثلا قال بأن هذه التصريحات والأفكار ستغذي المخاوف من الإسلام عند عموم البريطانيين.. الشيخ إبراهيم موقر إمام في مدينة ليستر قال بأن المجموعات الإسلاموفوبية والعنصرية ستستغل تصريحات الدكتور وليامز لمهاجمة الإسلام والمسلمين.. المجلس الإسلامي البريطاني هو ذاته كان متحفظا في ترحيبه بتصريحات كبير القساوسة، ربما يكون الشيخ صهيب حسن رئيس “مجالس الشريعة ” من القلة القليلة التي رحبت بتصريحاته وعبرت فقط عن خشيتها من تراجع رأس الكنيسة عن تصريحاته أمام ما ووجه به من حملة صاعقة. أما العالم الإسلامي فلم يسمع له حسيس في معركة وثيقة الصلة بثقافته وحضارته، فلا دولة إسلامية ولا مؤسسة دينية مثل الأزهر أو اتحاد علماء المسلمين وحتى مجلس الفتوى الأوروبي ولا حتى الشيخ يوسف القرضاوي، ليس من جهة منها فيما نعلم عبرت عن اهتمامها بهذه المعركة. فما دلالات هذه المعركة والى أين أفضت؟ 1. كشفت الحملة الشاملة التي انهالت فيها النيران على كبير القساوسة من كل جهة، عما أمكن للجهات المعادية للإسلام وبالخصوص الأوساط الصهيونية النافذة واليمينية المتطرفة أن تراكمه عبر القرون وبالخصوص منذ كارثة 11 سبتمبر 2001 من كراهية للإسلام وأهله وحضارته وكل ما له به صلة. 2.أن الإسلام وشريعته ومجتمعاته في الغرب بصدد التحول الى مكون أساسي من مكونات البنية الغربية والخروج من جالية هامشية ذات وجود طارئ (عمال مهاجرين أو طلبة وافدين) إلى مواطنين ينضمون إلى عوالمهم الجديدة، ليس مجرد أفراد مرشحين للذوبان سمادا فيها.. بل حاملين إضافاتهم الثقافية وأنماط حياتهم يتفاعلون من خلالها مع بيئاتهم مؤثرين ومتأثرين، وهي العملية التي أنجزتها قبلهم مجموعات ثقافية ودينية أخرى مثل اليهود الذين سلخوا مئات السنين تحت نير الاضطهاد الغربي ولم يمض أكثر من نصف قرن على القبول بهم مكونا أصيلا في بنية المجتمع الغربي معترفا لهم بالشراكة في أسس الحضارة الغربية (الحضارة المسيحية اليهودية). المسلمون وهم وجود حديث سادت علاقاته التاريخية بأوروبا علاقات الحرب، ولأول مرة في التاريخ تتم تجارب تعايش مسلمين في المجتمعات الغربية، ولأن هذا الوجود الحديث مرشح بكل التقديرات إلى النمو السريع والتأثير المعتبر والشراكة الحضارية المعتبرة كان مفهوما أن يواجه بكثير من التوجس والمخاوف، بعضها من طبيعة اقتصادية وبعضها رواسب تاريخية وكثير منها انعكاس لمسالة الصراع الجاري في فلسطين مع الكيان الصهيوني صاحب النفوذ الواسع في الغرب بما يجعله المسهم الأكبر في التحريض ضد الإسلام والمسلمين وضد كل متعاطف معهم، وذلك من خلال تغلغلهم الواسع في الإعلام الغربي. 3.الحملة المسعورة ضد كبير القساوسة لم تكن مفصولة من معارك أخرى لا تزال جارية مثل المعركة في فلسطين ومثل غزو العراق المعركة التي وقف فيها الاعلام الصهيوني واليميني مؤيدين للغزو لمصلحة إسرائيل بينما وقف كبير القساوسة باعتباره رجلا لبراليا تحرريا ضد الغزو، المعركة ضد الإسلام في البلد هنا متصلة بمعركة أخرى تتجه إلى الاستعار.. المعركة على رئاسة بلدية لندن يتواجه فيها كين ليفنجستون الزعيم اليساري المؤيد لقضايا التحرر في كل مكان، وقاده ذلك إلى الوقوف بقوة في وجه العدوان على فلسطين والعراق جاذبا إلى صفه تأييد المجتمع الإسلامي اللندني لترشيحه وإعادة ترشيحه في مقابل مرشح يميني معادٍ للأجانب ومدعوم صهيونيا. والمدينة تتأهب الآن لمعركة رئاسة البلدية مجددا، وأعداء رئيس البلدية يشحذون هذه الأيام أسلحتهم في مسعى لإطاحة الرجل الذي ارتبط بالإسلام وبفلسطين من خلال تحالفه مع المسلمين، ومن خلال ارتباط صورته بالشيخ القرضاوي، إذ تولى منذ بضعة سنوات استقباله في المطار وفتح قصر البلدية لاستقبال جلسة الافتتاح لدورة مجلس الإفتاء الأوروبي على الرغم من الحملة المسعورة التي شنتها على الشيخ القرضاوي نفس الجهات التي ألهبت النيران ضد كبير القساوسة هذه الأيام، غير أن الحملة ضد القرضاوي هذه المرة انتهت بنصر لهم، إذ وصلوا الى ما أرادوا من استصدار قرار حكومي برفض التأشيرة لدخول القرضاوي إلى البلد. نتيجة المعركة فإلى أين أفضت معركتهم مع كبير القساوسة ؟ لم تتحقق خشية الشيخ صهيب على كبير القساوسة أن يتراجع أمام الحملة المسعورة، يوم الإثنين الماضي كان موعد انعقاد السينود (البرلمان الكنسي) وهي المؤسسة المؤهلة للحسم في هذه المعركة سواء أكان بتجديد الثقة في رأس الكنيسة أم بسحب الثقة منه أم بتراجعه واعتذاره؛ فماذا حصل في هذه اللقاء الحاسم؟ لقد صمد كبير القساوسة في وجه الحملة الشاملة المسعورة التي ووجه بها. التنازل الوحيد الذي قدمه هو الاعتذار عما قد يكون حصل من قصور لغوي في اختياره العبارات المناسبة لتبليغ ما أراد لعامة الناس وحتى لأتباعه، فهو يعتذر عما ورد في عباراته من نقص في الوضوح، والحقيقة أن من هم في موقعه ليس معتادا منهم تقديم الاعتذارات وحتى التوضيحات كما نبه إلى ذلك معلق الجارديان (12-2-2008) مؤكدا ما كان قد ذهب إليه في خطابه السابق “مدافعا عن حق كنيسة إنجلترا في الاهتمام بشئون المجموعات الدينية الأخرى ومساعدتهم على وضع مشاكلهم تحت الضوء”، مبينا أنه لم يدع إلى منظومة قانونية موازية وأنه لم يوقع على صك أبيض للشريعة خصوصا في مسائل حساسة تتعلق بالحريات النسوية مثلا، إنه يدعو الى اعتراف بخصوصيات المجموعات الدينية وحق الأفراد في اختيار المنظومة القانوية لحل مشاكلهم، ويبقى المشكل، هل يمكن لمواد من الشريعة أن تندرج ضمن القانون البريطاني؟. ولقد استقبل رأس الكنيسة من قبل برلمان كنيسته كما ودع بموجة من الهتاف دعما له في مواجهة الحملة التي تعرض لها، كما أن التهديد بإقالته لم يلق دعم أكثر من عضوين من أعضاء المجلس، وهاتفه رئيس الوزراء معبرا عن قبوله التوضيحات التي قدمها والتي تؤكد مرجعية القانون البريطاني وحدها. والخلاصة من كل ذلك: أن تصريحات كبير القساوسة على الرغم من الحملة المسعورة التي ووجهت بها ذات دلالة بالغة على الاهمية المتزايدة للإسلام والمسلمين في الغرب باعتبار صدورها عن الشخصية الثانية في المسيحية المعاصرة بعد بابا روما، كما أن الرجل لاهوتي كبير وفيلسوف واشتغل بالتدريس زهاء ربع قرن في أكبر جامعتين بريطانيتين؛ أكسفورد وكامبريدج. هذه المكانة المتزايدة التي يحتلها الإسلام والتي يعبر عنها بأشكال معظمها سلبي مبعثه الخوف والكراهية والجهل والولاء لإسرائيل التي تخشى حقيقية أن يفقدها الوجود الإسلامي المتنامي في الغرب الدعم التقليدي المضمون لها، غير أن الأصوات المؤيدة أو المتفهمة للإسلام وقضاياه العادلة وما يتوفر عليه من قيم قادرة على أن تعيد لحضارة مزق تصاعد وتائر العلمنة فيها أنسجتها مجتمعها وقيمها الخلقية والروحية، متآلفة في انسجام مع قيم ومشاغل الإنسان اليومية وحاجاته المادية والترفيهية. وذلك بالفعل ما كان قد عبر عنه منذ بضعة سنوات شخصية بريطانية في قمة الهرم الأمير تشارلز ولي العهد في محاضرته الشهيرة بأكسفورد، وما فعله الفيلسوف كبير القس رون وليامز خطوة أخرى على نفس الطريق (تطبيع الوجود الإسلامي في الغرب والدفاع عن محافظته على خصوصياته بل والإفادة منه). إنها صدمة سيسفر عنها مزيد من التعزيز والتطبيع لهذا الوجود المتنامي المهدد من قبل جماعات التشدد والإرهاب من داخله ومن لوبيات الصهينة والتطرف العلماني والعنصري من خارجه. يبقى جديرا بالنظر هذه المفارقة أنه بينما تتوالى المحاولات الغربية لاكتشاف الإسلام وما تتوفر عليه شرائعه من حلول لمشكلات عجز أمامها العقل العلماني مثل قضايا الأسرة والمال والدعوة الى الإفادة منها لا تزال صورة الشريعة التي يروج لها البعض من أعدائه وحتى من دعاته تكاد تنحصر في تطبيق حدود في غير موضعها، هل سيبقى هؤلاء وأولئك ينتظرون تطبيقات للشريعة تأتيهم من الغرب ليقدموا عندئذ مطمئنين على تقليدها، وعلى سبيل المثال لم يكد يبقى بنك بريطاني لم يفتح نافذة للتعامل وفق الشريعة فضلا عن الاعتراف بأول بنك إسلامي هنا في الغرب فيما تتسابق دول غربية أخرى اليوم على النسج على منواله؟. (*) رئيس حركة النهضة الإسلامية في تونس. (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 16 فيفري 2008)
“الإسلام الفرنسي” هو النموذج الذي ستدار به المعركة
جيل كبيل.. منظر “معركة أوروبا” بين الإسلاميين والغرب المواجهة تشمل كل الإسلاميين من أكثرهم اعتدالا إلى أكثرهم تشددا
بقلم: هادي يحمد (*) “معركة أوروبا” لم تقع بعد، وقد لا تقع، غير أن هناك من المفكرين الغربيين والمهتمين بالإسلام الأوروبي من وجد لها صيغة نظرية وآفاقا للحدوث، بل إن الباحث الفرنسي “جيل كبيل” -وهو أحد أهم الخبراء شهرة في المجال الأوروبي- يعتبر أنها بدأت بالفعل، مفتتحا باب الأبحاث الأكاديمية لمواجهة محتملة ومعركة ثقافية(1) بين من يسميهم الإسلاميين، والغرب على الأراضي الأوروبية. فبعد حوالي عشرين عاما من الكتابات النظرية حول الإسلام، ومؤلفات بلغت إلى حد الآن حوالي عشرة كتب(2) ، خلص جيل كبيل إلى نتائج بحثية تتمحور حول نقطتين رئيستين: أ – أن العالم الإسلامي يعاني “فتنة الإسلامية” وأن مسلمي أوروبا مصابون بهذه العدوى. ب – أنه لا خلاص من “فتنة الإسلامية” إلا عن طريق مسلمين جدد تربوا في حضن الثقافة الأوروبية، وبالتالي فإن مستقبل الإسلام ومصير المسلمين في العالم أجمع مرتبط بنتائج “معركة أوروبا” كما يسميها (3). معالم المعركة القادمة معالم “معركة أوروبا الكبيلية” نجدها بكل تفاصيلها ومساراتها في آخر مؤلفات كبيل وهو كتاب “فتنة الحرب في قلب الإسلام” الذي صدر سنة 2004 والذي يمثل آخر أبحاث كبيل حول الظاهرة الإسلامية، غير أننا يمكن أن نتلمس أولى إرهاصات التبشير بهذه المعركة في كتب كبيل السابقة مثل كتاب “غرب الله” (1994)، بل منذ كتابه الأول الذي نال به شهرته كباحث جديد في ميدان الإسلاميات أي كتاب “ضواحي الإسلام.. ولادة ديانة بفرنسا” الذي صدر سنة 1991 وهي السنة التي ترافقت مع بدايات صعود التيارات الإسلامية وولادة فكرة “المواجهة” بين العالم الإسلامي والغرب بعد سقوط جدار برلين وانهيار المنظومة الاشتراكية وخاصة لدى العديد من الباحثين الغربيين؛ حيث برز الباحث الأمريكي “فرنسيس فكوياما” حينها كعراب رئيسي لفكرة صراع الحضارات. الكثير من زعماء اليمين المتطرف الأوروبي اليوم يستعملون مصطلح “معركة أوروبا” للإشارة لوقوفهم في مواجهة تزايد أعداد المسلمين ومساجدهم، ويكفي أن نلقي نظرة صغيرة على أدبيات حركة “أوقفوا الأسلمة”، التي برزت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في العديد من البلدان الأوروبية لكي نجد أن المصطلح أخذ طريقه إلى التطبيقات العملية(4). حينما يتحدث جيل كبيل عن “معركة أوروبا” فإنه يؤكد أنها “معركة ثقافية” بالأساس دون أن ينفي عنها الأبعاد الأخرى سواء أكانت أمنية أو اقتصادية؛ حيث يقول: “إن تحديد مسلمي أوروبا لهويتهم (أي أن يكونوا متمسكين بهويتهم المسلمة أو بهويتهم الأوروبية) والتي تمر عبر الانصهار الاجتماعي هي في قلب معركة أوروبا التي هي تحد ثقافي”(5). يخصص جيل كبيل فصلا كاملا في كتابه “فتنة” بعنوان: “معركة أوروبا” (مكونا من 70 صفحة) وهو فصل عبارة عن الخلاصة التي تسبق خلاصة الكتاب؛ لأننا نجد أنه ومنذ الصفحات الأولى للكتاب يعطي تفسيرا خياليا للتفجيرات التي حدثت في مدريد يوم 11 مارس 2004؛ ليقول: “إن إسبانيا هي في الوقت ذاته بلد أوروبي يملك جنودا يشاركون في احتلال العراق (سحبت الحكومة الإسبانية فيما بعد هؤلاء الجنود) ولكنها أيضا –كما يقول كبيل- في مخيلة الجهاديين هي (أي إسبانيا) عبارة عن الأندلس القديم الذي يجب استعادته”(6). تفجيرات مدريد بالذات هي التي انطلق منها كبيل للحديث عن “معركة أوروبا” قائلا: “إنها تظهر بطريقة غير قابلة للشك أن أوروبا أصبحت بالنسبة لتنظيم القاعدة الإرهابي خطا جديدا للمواجهة”(7). المثير للانتباه أن هذه المواجهة والتي محورها “السيطرة على أوروبا” لا تخص تنظيم القاعدة فحسب بالنسبة لكبيل، بل تشمل كل الإسلاميين من أكثرهم اعتدالا إلى أكثرهم تشددا، ولا يتردد كبيل في إعطاء “قائمة” كاملة بأسماء التنظيمات الإسلامية التي هي معنية بهذه المواجهة، ويمكننا أن نرتب هذه القائمة كالآتي كما وردت في فصل “معركة أوروبا”: أولا: السلفيون بفرعيهم: غلاف كتاب فتنة أ – السلفية العلمية أو ما يسميها كبيل “بالشيخية” (أتباع الشيخ) ولا يتردد كبيل في هذا الإطار بضرب أمثلة على انتشار هذا الاتجاه في بعض ضواحي المدن الفرنسية (الشيخ عبد القادر بن زين في ضواحي ليون) والبريطانية، وبأسلوب ساخر يقدم نماذج من تفكير هذه الفئة غير القابل للانصهار؛ حيث يقدم مثال المرأة المسلمة الفرنسية التي تنتمي إلى التيار السلفي والتي سألت الشيخ السلفي “ربيع المدخلي” عبر أحد منتديات الإنترنت عن “إمكانية تعاطي حبوب منع الحمل لأنها لا تريد إنجاب أطفال في بلاد الكفر”(8) ب – السلفية الجهادية: يورد بعض رموزها كـ”أبو حمزة المصري” الذي رحلته بريطانيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية بطلب من قاض أمريكي، وأسماء الذين شاركوا في عمليات الحادي عشر من مارس في مدريد. ويذهب كبيل إلى أن هؤلاء بفرعيهم (الشيخية والجهادية) وبتقييماتهم الفقهية للغرب على اعتباره دار كفر لا يريدون التكيف والاندماج في المجتمع الأوروبي، وهم يعيشون في شبه جيتوهات اجتماعية فيما بينهم. ثانيا: الإخوان المسلمون: ممثلين في نظره في “اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا”، أما في أوروبا فهم تحت مظلة “اتحاد المنظمات الإسلامية بأوروبا”، وعلى عكس السلفيين فإن هؤلاء كما يقول كبيل ومنذ سنة 1989(9) قد اختاروا خيار أو إستراتيجية “التوطين في المحيط الاجتماعي المحيط بهم”(10). ينتقد كبيل بشدة وزارة الداخلية الفرنسية التي قامت بجعل “اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا” أحد الأعضاء الرئيسيين للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية زمن وزير الداخلية -وقتها سنة 2002- نيكولا ساركوزي، والذي أصبح فيما بعد رئيسا للجمهورية في يونيو 2007. بل إن كبيل يذهب أبعد من ذلك حينما يتخذ مثال “شباب مسلمي فرنسا” و”طلبة مسلمي فرنسا” المنظمتين التابعتين لاتحاد المنظمات الإسلامية واللتين لهما وجود في المركبات الجامعية الفرنسية وفي أحياء الضواحي، مشيرا إلى طريقتهما في ما يسميه “الاحتواء على طريقة التنظيمات الشبابية الإخوانية في البلاد العربية وإغراء شباب المناطق الفقيرة” أي أن كبيل لا يشكك فقط في نوايا جيل “مغاربة مدينة بوردو”(11) الذين يمثلون جيل المهاجرين الأوائل والذين يقودون اتحاد المنظمات الإسلامية في الوقت الحالي كالحاج تهامي إبريز الذي يلبس برأيه “رابطة عنق سوداء أنيقة من أجل مخاطبة الرسميين في الدولة”(12). بل إن كبيل يشكك حتى في نوايا الجيل الجديد، ويخصص في هذا الإطار صفحات كاملة لفريد عبد الكريم وهو أحد القادة الشبابيين “الكرازماتيين” لشباب الجيل الثاني من مسلمي فرنسا ويتخذ من كتابه “لعن الله فرنسا”(13) كمثال للإستراتيجية الإخوانية التي مست الجيل الثاني من المسلمين. ثالثا: جماعة الدعوة والتبليغ: بالرغم من كونه لا يخصص كلاما كثيرا حول هذه الحركة “الحيطية” كما يسميها (نسبة إلى الحائط) حيث تحدث عنها في كتبه السابقة وخاصة كتاب “غرب الله” و”ضواحي الإسلام” غير أنه يقول إنها لا تختلف كثيرا من حيث أسلوب “القطيعة” مع المجتمع كالحركة السلفية، ويشير كبيل إلى أن لها السبق في إدارة عملية “الأسلمة في الضواحي” كما أن العديد من معتنقي الإسلام من الأوروبيين مروا عبرها كمرحلة أولى كالمغني الفرنسي الأسود “عبد المالك” ويقول كبيل: إن هذه الحركة عرفت عصرها الذهبي في أوروبا بين سنوات 1970 – 1989 وأنه منذ السنوات الأخيرة أصبحت جماعة التبليغ في منافسة حادة بينها وبين الإخوان المسلمين والسلفيين. رابعا: المثقفون المسلمون: لا يتردد كبيل في استعمال سلاح العداء للسامية ضد طارق رمضان باعتباره مثقفا مسلما يفرد كبيل صفحات خاصة في فصله “معركة أوروبا” للحديث عن ما يسميه “ازدواجية” المفكر السويسري طارق رمضان، ويقول كبيل: إنه يعتمد على إستراتيجية مناقضة لما يقوم به اتحاد المنظمات الإسلامية، وبتمتعه بدعم نسيج جمعياتي شبابي ومظهر أنيق فإن رمضان وبألفاظ باحث الاجتماع ماكس وابير يلخص شخصية “رسولية”(14). وبتركيزه على كونه حفيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين يذهب كبيل إلى القول إن رمضان يعتمد على “تكتيك مختلف عن غيره من الفاعلين الإسلاميين”، يتمثل في التحالف مع المناهضين للعولمة (رمزها جوزي بوفي بفرنسا) وأقصى اليسار الفرنسي، ولا يتردد كبيل في استعمال وصف “فضيحة” في الحديث عن النص الذي كتبه طارق رمضان يوم 3 من أكتوبر 2003 والذي اتهم فيه المثقفين اليهود الفرنسيين بالطائفية ومساندة إسرائيل، أي أن كبيل هنا لا يتردد في استعمال سلاح العداء للسامية ضد هذا المثقف المسلم، كما أن كبيل يفرد العديد من الشهادات التي التقطها من منتديات الحوار والتي تصف طارق رمضان بكونه إسلاميا يستعمل الخطاب المزدوج(15). تصفية كاملة للمثلي الإسلام نستطيع القول إن كبيل يقوم بعملية تصفية كاملة لكل ممثلي الإسلام أو الإسلامية في نظره؛ لأنه ومنذ كتابه “ضواحي الإسلام” سنة 1987 وجه الأبحاث الأكاديمية نحو التفريق بين “الإسلامية” والإسلام، “والإسلامية” في نظره أمر غريب عن الإسلام، وهو يقوم -من هذا المنطلق- بعملية مسح للساحة الأوروبية ويدرج كل التنظيمات الإسلامية على اختلافها ضمن دائرة المواجهة انطلاقا من الأكثر تشددا إلى الأكثر اعتدالا فكل هؤلاء (جيل كبيل لا يتحدث عن الصوفية وربما هو بذلك يستثنيها) لهم هدف واحد وإن اختلفت الطرق، وهو قول تبناه كبيل في أكثر من موضع في كتبه. وبعيدا عن التحليل والقول المضمر بين الأسطر في مؤلفاته نجده في أحد حواراته الصحفية يقر صراحة “بأنه لا يجد اختلافا بين تنظيم القاعدة وحزب العدالة والتنمية التركي” على سبيل المثال؛ حيث يقول حول سؤال وجه له حول الفرق بين حماس وبن لادن وحزب العدالة والتنمية في تركيا؛ فكان رده: “هذه الحركات تنتمي إلى جماعات اجتماعية مختلفة من المهمشين وشباب الضواحي الفقير والطبقة المتوسطة والمثقفين الإسلاميين وهم جميعا يتحدون في نقطة معينة (إقامة الدولة الإسلامية) ولماذا تجمعهم وحدة فكرية؟ لأنهم يريدون جميعا أن يكون الإسلام هو الذي يقنن العلاقات الاجتماعية” ويضيف كبيل: “ليس لهم في أحيان كثيرة نفس التأويل، غير أنهم لا يضعون الثوابت موضع شك”(16). وأمام حالة من جمع كل الإسلاميين مهما اختلفت توجهاتهم في خانة واحدة هي “المواجهة” فإن كبيل لا يرى في الحل الأمني الصرف حلا وحيدا للمشكلة، وهو على الرغم من ذلك يثني على النموذج الأمني الوقائي الفرنسي في عدم السماح لقادة الحركات الإسلامية باللجوء إلى فرنسا على عكس بريطانيا التي تحولت إلى “لندستان” (على وزن أفغانستان) مكتنزة بقادة الحركات الإسلامية، وبالتالي خلق حالة فراغ قيادة لدى من يريد أن يؤطر ضمن شباب الجيل الثاني بفرنسا، غير أن تفجيرات مدريد كما يقول كبيل قلبت المعادلة الأمنية في كل من فرنسا وبريطانيا، فإسبانيا لم تستقبل قادة إسلاميين ولم تمنحهم اللجوء، والتفجيرات التي حدثت وقعت من قبل مسلمين وقع تأطيرهم بسهولة عبر جهاديين غير معروفين، وبالتالي فإن وجود الرموز الإسلامية في بريطانيا وعدم وجودهم بفرنسا لم يعد يعني شيئا بالنسبة للإدارات الأمنية في أوروبا المكلفة بمكافحة ما يسمى بظاهرة الإرهاب. لذلك يركز كبيل جهوده في القول إن المعركة يجب أن تكون ثقافية، وفي حوار له صريح لمجلة لاكسبريس الفرنسية بتاريخ 26-1-2006 يقول: “إن التحدي يجب أن يكون في كيفية إنقاذ الأجيال الجديدة من مسلمي أوروبا؛ أي الجيلين الثاني والثالث من براثن الإسلامية”(17). ويذهب كبيل أبعد من ذلك حينما يقول صراحة في كتاباته: إن نجاح المعركة في أوروبا سوف يؤدي إلى نشر حالة التنوير والحداثة في العالمين العربي والإسلامي وإنقاذه من الاستبداد والفساد الذي ينخره، ولكن ما هي آليات المعركة من أجل خلق نموذج جديد يقطع مع الظاهرة الإسلامية بالنسبة للأجيال الجديدة من مسلمي أوروبا؟. النموذج الفرنسي للاندماج كبيل يجد في وصفة “النموذج الفرنسي للاندماج” الوصفة السحرية للانتصار في “معركة أوروبا”، واقتناع كبيل الكامل بأن النموذج الفرنسي للاندماج هو النموذج الأكثر جدوى وواقعية ورفض خلق نتوءات طائفية سوف نجده أكثر وضوحا في الصفحات الأخيرة من كتاب “فتنة”؛ حيث يقول: “في مواجهة هذا ليس هناك خيارات إلا فتح المشاركة الديمقراطية للشباب من أصول مسلمة من أجل حياة المواطنة من خلال المؤسسات، وخاصة التربوية والثقافية التي تؤسس للصعود الاجتماعي، والتي تواكب انبعاث نخبة جديدة من هذه الفئة من السكان (المهاجرين من أصول مسلمة)”. وبكل وضوح يقول كبيل: “باريس تبنت مند ربع قرن خطة للوقاية بدون هوادة عن طريق رفض إعطاء اللجوء السياسي للقادة الإسلاميين الراديكاليين العرب العالميين، والهدف كان منع تأثيرهم على الأشخاص من أصول مسلمة بفرنسا، ومن أصول عربية وهم الأكثر عددا في فرنسا مقارنة بكل الدول الأوروبية الأخرى، وكان الهدف هو منع البؤس الاجتماعي الذي يمس الأوساط الأقل حظا من أن يتحول إلى المجال الديني والذي يؤدي إلى استعمال العنف والإرهاب”(18). وبالمقابل يضيف كبيل: “لذا.. فإن النموذج السياسي الفرنسي يجتهد في إتاحة الفرصة مع نجاحات معتبرة إلى يومنا هذا في منطق الاندماج محفزا على التحرك الاجتماعي للرقي للفئة المعنية بنفس المساواة مع بقية مواطني الجمهورية”. هذا المنطق يرفض أن يعرف الأشخاص من منطلق انتمائهم الطائفي الذي يعبر عنه بالتعبيرات الدينية، ومن هذا المنطلق فإن النموذج الفرنسي يعطي للإسلام كل الحقوق التي تعطى لغيره من الديانات الأخرى، ضامنا حرية التعبد، مع تحفظ وحيد وهو أن تضمن هذه الحرية احترام النظام العام ودون أن تعترف الدولة أو تمول هذه الأديان. بريطانيا تبنت -كما يقول- نموذجا معاكسا؛ الأمر الذي دفع ببعض الخبراء بتسميتها بـ”لندنستان” التي أصبحت في السنوات الأخيرة معقلا للتيارات الدينية المتطرفة، ولا يخفي كبيل في كتابه كما في الكثير من حواراته أن تفجيرات 7 يوليو 2005 كانت أحد مؤشرات فشل النموذج البريطاني للاندماج. المهم بالنسبة لجيل كبيل وفي تركيزه على مسألة إيجاد “الإسلام الفرنسي” -الذي يعتبره النموذج الذي ستدار به معركة أوروبا- ليس مجرد إيجاد هياكل أو مؤسسات تعبر وتكون وسيطا بين أوروبا والمسلمين، ولكن الأهم بالنسبة إليه هو اعتماد سياسة اندماج كاملة عن طريق ما أسماه “بثقافة الاحتواء” التي تعتمدها الجمهورية الفرنسية “الكاملة وغير المجزئة” والتي يقول “إنها أثبتت نجاعتها بما فيه الكفاية في الماضي حتى نتجنب كل الاتجاهات نحو خلق نويات طائفية داخل أمواج الهجرة التي تحل بفرنسا في السابق والتي ستمكن من صهر الهويات المختلفة في المستقبل”(19). هوامش ومصادر: (1) ” الفتنة.. الحرب في قلب الإسلام ” ص 389 صدر سنة 2004 Fitna Guerre au France de l’islam Fitna: guerre au France de l’islam : essai, Paris, Gallimard, 2004 (2) اهم كتابات جيل كبيل هي “القاعدة في النصوص” بالاشتراك مع جون بير ميلالي (2005) “فتنة: الحرب في قلب الإسلام” ( 2004) “يوميات حرب في الشرق” (2002) “جهاد: ظهور وانحدار الإسلامية ” (2000) “غرب الله ” (1994) ” النبي والفرعون “(1993) “انتقام الرب” (1991) “ضواحي الإسلام” ( 1987). (3) Fitna , chapiter6, p 332 p389 (4) stop islamisation , Stop Islamisation Of Europe (SIOE) is an alliance of people across Europe with the single aim of preventing Islam becoming a dominant political force in Europe. (http://sioe.wordpress.com/about/) المصدر موقع حركة” ستوب اسلاميزازيون” التي تستعمل مصطلح ” معركة أوروبا “على الانترنت والتي تعرف نفسها أنها مجموعة من الناس ترى أن الإسلام أصبح يهيمن في الحياة السياسية في أوروبا. (5) كتاب فتنة الصفحة389 (6) المصدر نفسه الصفحة 20. (7) المصدر نفسه الصفحة 332 (8) المصدر نفسه الصفحة 345 (9) سنة 1989 يتخذها جيل كبيل منطلق لاستراتيجية التوطين التي يمارسها اتحاد المنظمات الإسلامية( ب)فرنسا ذلك أنه في هذه السنة غيرت المنظمة اسمها من اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا إلى اتحاد المنظمات الإسلامية (في) فرنسا، Union des organisation islamiques de France (10) كتاب فتنة الصفحة347. (11) مغاربة مدينة بوردو وهم قادة الاتحاد الذين درسوا في جامعة بوردو جنوب شرق فرنسا و الذين يمسكون الأن هرم القيادة في المنظمة ممثلين خاصة في الحاج التهامي ابريز رئيس المنظمة وفؤاد علوي نائب الرئيس (12) كتاب فتنة الصفحة 364. (13) na al bou la France , de farid abdelkarim Ed. Gédis, 2002 (14) كتاب فتنة الصفحة 375 (15) نفس المصدر 380 –381 (16) le figaro ,11 septembre 2004 (17) l expresse 26 janvier 2006 (18) كتاب فتنة الصفحة 389. (19) كتاب فتنة الصفحة 387 . (*) مراسل شبكة “إسلام اون لاين” في فرنسا (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 25 فيفري 2008)
غـزة تُـذبـح وكـبـريـاؤنـا تـمُـوت
نور الدين العويديدي
“أن تكون فلسطينياً في غزة يعني أن الحياة مشروع موت في أي لحظة…. والموت هنا قتل لا يميّز بين مقاوم أو رضيع… قد يكون مشروع مقاوم..
محمد البرعي، برعم اقتطفه – بل اختطفه – قصف إسرائيلي جديد…. خمسة أشهر فقط تنفّس فيها هواء غزّة، والرمق الأخير تنشّقه سموماً صاروخية انهالت على وزارة الداخلية غرب مدينة غزة”.
***********
هكذا بدأت الزميلة الصحفية المتألقة في قناة الجزيرة كاتيا ناصر تقريرها عن أحوال أهل غزة، بعد عدوان إسرائيلي همجي مجرم متجدد على أهلنا في القطاع والضفة راح ضحيته 20 فلسطينيا..
كاتيا ناصر ووائل الدحدوح وغيرهما من مراسلي الجزيرة وصحفييها يكتبون كل يوم عن غزة.. غزة المحاصرة.. غزة التي تذبحها إسرائيل كل يوم، ولا تجد سندا من أقرب الناس إليها..
1- الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يجد ما يساند به من يفترض أنهم شعبه في غزة سوى بالنصيحة بالتوقف عن إطلاق ما يسميه بالصواريخ العبثية، وكأن إسرائيل التي ولغت في دمنا تبحث للقتل عن مبررات أو ذرائع.
2- مصر الشقيقة الكبرى التي كانت غزة خاضعة لحكمها حتى العام 1967 لا تولي غزة أي سند في محنتها الصعبة.. غزة التي تعتبر الخط الأخير في الدفاع عن القاهرة يتهدد أهلها وزير خارجية “أم الدنيا” بكسر الأرجل أو قطعها إن اقتربوا من الحدود.
3- غزة المجوّعة والمذبوح أطفالها بسكاكين الغدر الصهيونية لا تجد من الحكومات العربية في الشرق والغرب أي نصير.. يُقتل أهلها أو يموتون جوعا ومرضا، ولا نصير.. وحكومات العرب لا تكتفي بعدم إسعاف غزة من جراحها، بل تمنع شعوبها من القيام بذلك، ما يجعل العرب والمسلمين يغرقون في الذل، ويتجرعون القهر، وهم يرون إخوانهم في غزة يذبحون ولا نصير لهم ولا مغيث.
***********
تذبح غزة ويذبح أطفالها.. يقتلون بالقنابل وقصف المدافع وضرب الصواريخ.. ومع موت أطفال غزة تموت الكرامة العربية كل يوم ألف موتة.. يجلل الذل والعار رقاب العرب من المحيط إلى الخليج.. فهل ترى بلغ العرب هذا المبلغ من الذل من قبل، وهل تراهم يبلغون ما هو مثله في قادم الأيام..
الذل مر.. والصور القادمة من غزة تكسر الروح، وتحطم القلب، وتقضي على ما بقي في نفوسنا من كبرياء مغدورة.. غزة تموت ومعها نموت في اليوم ألف مرة ومرة ومرة..
فلتعذرينا يا غزة هاشم بعجزنا.. فلتعذرينا لتقصيرنا.. فنحن لا نملك إلا أن تدمع العين، ويتحسر القلب.. لا يملك الصحفي العربي في الزمن البغيض هذا إلا أن يخط بقلمه بعض الكلمات يشهد بها على ذلنا وقهرنا وهواننا على الناس.
============
لمشاهدة تقرير كاتيا ناصر على موقع يوتيوب:
(المصدر: مدونة “آفاق تونسية” للصحافي نور الدين العويديدي بتاريخ 28 فيفري 2008)
الرابط: http://noureddine-2010.maktoobblog.com
عودة الاهتمام الأمريكي بإفريقيا
توفيق المديني تعتبر جولة الرئيس الأمريكي جورج بوش الإفريقية التي شملت عددا من البلدان الإفريقية، هي: بنين، وتنزانيا، وأيضاً رواندا وغانا وليبيريا، والتي اندرجت تحت عنوان تمحور حول محاربة الفقر والأوبئة المميتة كالأيدز والملاريا، الزيارة الثانية له للقارة السوداء، خلال ولايتيه الرئاسيتين، لتأكيدالاهتمام الأمريكي بمواردها الاقتصادية ومكامن “المخاطر الامنية” المحتملة . وإذا كان الخطاب الأمريكي يطنب في الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، فإن الولايات المتحدة دعمت لسنوات طويلة الأنظمة الديكتاتورية التي كانت سائدة في القارة الإفريقية، والتي اتسم عهدها بانتشار الفساد في معظم الحكومات، وبغياب القانون، وبتغلب مصالح النخب على مصالح الشعوب . والإدارة الأمريكية تغلق عينيها عن أماكن كثيرة تمارس القمع والإكراه، ولكنها معمدة بالمياه الأمريكية، ومحمية بروح البيت الأبيض المقدس، مثل نظام موسوفيني الذي له مفهومه الخاص للديمقراطية، ويقوم على تفضيل الحزب الواحد، ويعتبر حزبه هو الحزب الشرعي الوحيد، لأن ما يهمها بالدرجة الأولى هو التجارة، واندماج إفريقيا في دواليب الاقتصاد العالمي . أما المساعدات الخارجية الأمريكية، فهي في نقصان مستمر منذ سنة ،1985 غير أن المساعدات المخصصة للبلدان الإفريقية جنوبي الصحراء انخفضت بسرعة . فكانت تمثل في سنة 1985 نسبة 16،8% من حجم المساعدات (1،4 مليار دولار) مقابل 12،5% (800 مليون دولار) في سنة 1991 . أما في سنة 1992 فبلغت المساعدات الخارجية الأمريكية 14،4 مليار دولار بالطبع ذهب ثلث هذه المساعدات إلى كل من مصر 2،2 مليار دولار و”اسرائيل” 2،3 مليار دولار . وظل هذان الرقمان على حالهما . وخصصت الحكومة الأمريكية مبلغ مليار دولار إلى القارة الإفريقية (باستثناء شمال إفريقيا) . وكانت الدول المحظوظة أكثر من هذه المساعدات هي موزامبيق (57،2 مليون دولار)، وأوغندا (47،7 مليون دولار)، وملاوي (44،1 مليون دولار)، وكينيا (5،44 مليون دولار)، وغانا(2،40 مليون دولار) . وشهدت السنوات السبع الأخيرة تراجعاً تدريجياً في المساعدات الأمريكية للخارج . والمساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة لدول إفريقيا، في إطار التعاون لا تتجاوز 700 مليون دولار أي نصف ما كانت تقدمه قبل العام ،1992 يضاف إليها 600 مليون دولار كمساعدات إنسانية . وأوضح بوش أن برنامج المساعدات “الألفية” الذي اقترحه على الكونجرس في فبراير/شباط 2003 والذي يواصل تقديم المساعدات المشروطة التي قدمها الرئيس كلينتون , سيكون “له أثر إيجابي جدا” على حياة الأفارقة، كما هو برنامج ال 15 مليار دولار لمحاربة مرض الإيدز . وفي عصر العولمة الرأسمالية الجديدة، يتحدد نجاح أو تهميش الاقتصاديات الإفريقية، بالعلاقة التي توجد ما بين التجارة الخارجية والناتج الوطني الخام، وبحجم المنتجات الصناعية من مجموع الصادرات، وبحجم الاستثمارات الأجنبية، والقدرة على وفاء الديون . وإذا كانت شروط المعونات الاقتصادية الأمريكية للدول الإفريقية هي مناهضتها للأحزاب الشيوعية والقومية وعدائها للاتحاد السوفييتي خلال الحرب الباردة، فإن الشروط الأمريكية الحالية تتمثل في إزالة الحواجز من جانب الدول الإفريقية أمام التجارة، ثم تضييق تدخل الدولة في الاقتصاد، وتقويض القطاع العام وتمليكه للقطاع الخاص، وإصلاح أجهزتها وأنظمتها الإدارية والمالية والمصرفية بحيث تتقبل الاستثمارات الأجنبية الخاصة، وتضمن للشركات عبر القومية المتعدية الجنسية الضخمة، إخراج الأرباح والرساميل المستثمرة في التجارة والصناعة، واندماج الدول الإفريقية في عجلة الاقتصاد الرأسمالي العالمي أي العولمة، بعدما تم تحرير الاقتصاد والتجارة فوراً ومن دون تدرج أو تقسيط زمني، بما يعني ذلك تعرية الاقتصاد الوطني الهش بطبيعته وتجريده من الحماية الجمركية أمام المنافسة الخارجية . والحكام الأفارقة الذين نهبوا شعوبهم لا يجدون في خزائن الدولة ما يدفعونه من ديونهم إلى الولايات المتحدة، فكان الحل الوحيد المطروح هو العبور إلى العولمة، وإعادة بناء الاقتصاديات الإفريقية بعد إجراء الاصلاحات الهيكلية على أسس استعمارية . وأصبح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي هما أداة الإمبريالية الأمريكية الممركزة في هذا الجهد . وتقوم هاتان المؤسستان اللتان تأسستا العام 1944 على يد دول الحلفاء، بممارسة نفوذ عظيم على دول العالم الثالث من أجل: 1 دفع الفوائد على الديون في المدى القصير، حيث إن تلقي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي من فوائد الديون أمر لا يوازي ما قدماه من ديون منذ تأسيسهما، في ظل استمرار تدهور شروط التبادل التجاري بين العالم الثالث والغرب، أي انخفاض أسعار صادرات المواد الأولية، وارتفاع أسعار الواردات، ويعود ذلك إلى اختراع المواد الصناعية البديلة للمواد الأولية الطبيعية (الكاوتشوك الصناعي بدل الطبيعي، والالياف الزجاجية حلت محل النحاس، والمنتجات الاصطناعية (synthetiqe) تواصل منافستها للألياف النسيجية الطبيعية . وهكذا فإن المنتجات الأساسية (مواد أولية) التي استمرت رهاناً استراتيجياً بالنسبة للدول الإفريقية المصدِرة، لم تعد كذلك بالنسبة للاقتصاديات الصناعية في ظل عصر الثورة التكنولوجية . 2 إعادة تنظيم الاقتصاديات الوطنية بما يتلاءم مع مصالح الشركات العملاقة متعدية الجنسية على المدى الطويل، وفتح القارة الإفريقية للاستثمارات الأمريكية التي تتبع سياسة السوق الحرة . كاتب اقتصادي الخليج الإقتصاد> آراء و تحليلات 2008-03-01
فأخبرني متى تغضب
د. عبدالغني التميمي
أعيرونا مدافعَكُمْ ليومٍ… لا مدامعَكُمْ
أعيرونا وظلُّوا في مواقعكُمْ بني الإسلام!
ما زالت مواجعَنا مواجعُكُمْ
مصارعَنا مصارعُكُمْ
إذا ما أغرق الطوفان شارعنا سيغرق منه شارعُكُمْ
يشق صراخنا الآفاق من وجعٍ فأين تُرى مسامعُكُمْ؟!
—–ألسنا إخوةً في الدين قد كنا ..
وما زلنا فهل هُنتم ، وهل هُنّا
أنصرخ نحن من ألمٍ ويصرخ بعضكم: دعنا؟
أيُعجبكم إذا ضعنا؟
أيُسعدكم إذا جُعنا؟
وما معنى بأن «قلوبكم معنا»؟
أعيرونا ولو شبراً نمر عليه للأقصى
أتنتظرون أن يُمحى وجود المسجد الأقصى وأن نُمحى
أعيرونا وخلوا الشجب واستحيوا سئمنا الشجب و (الردحا)
—–أخي في الله أخبرني متى تغضبْ؟
إذا انتهكت محارمنا
إذا نُسفت معالمنا ولم تغضبْ
إذا قُتلت شهامتنا
إذا ديست كرامتنا
إذا قامت قيامتنا
ولم تغضبْ فأخبرني متى تغضبْ؟
إذا نُهبت مواردنا
إذا نكبت معاهدنا
إذا هُدمت مساجدنا
وظل المسجد الأقصى وظلت قدسنا تُغصبْ ولم تغضبْ
فأخبرني متى تغضبْ؟؟
———-عدوي أو عدوك يهتك الأعراض
يعبث في دمي لعبًا وأنت تراقب الملعبْ
إذا لله، للحرمات، للإسلام لم تغضبْ فأخبرني متى تغضب ؟؟
—— رأيت هناك أهوالاً
رأيت الدم شلالاً
عجائز شيَّعت للموت أطفالاً
رأيت القهر ألوانًا وأشكالاً ولم تغضب
—– ألم تنظر إلى الأحجار في كفي تنتفضُ
ألم تنظر إلى الأركان في الأقصى بفأس القهر تنتقضُ
ألست تتابع الأخبار ؟؟
أحيٌّ أنت !!
أم يشتد في أعماقك المرضُ !!
أتخشى أن يُقال يشجع الإرهاب أو يشكو ويعترضُ ومن تخشى ؟!!
هو الله الذي يُخشى
هو الله الذي يُحيي
هو الله الذي يحمي
وما ترمي إذا ترمي هو الله الذي يرمي
وأهل الأرض كل الأرض لا واللهِ ما ضروا ولا نفعوا، ولا رفعوا ولاخفضوا
فما لاقيته في الله لا تحفل إذا سخطوا له ورضوا
ألم تنظر إلى الأطفال في الأقصى عمالقة قد انتفضوا ؟!!
تقول أرى على مضض وماذا ينفع المضض ؟!!
أتنهض طفلة العامين غاضبة وصناع القرار اليوم لا غضبوا ولا نهضوا
**** ألم يهززك منظر طفلة ملأت مواضع جسمها الحفر
ولا أبكاك ذاك الطفل في هلع بظهر أبيه يستتر
فما رحموا استغاثته ولا اكترثوا ولا شعروا
فخرَّ لوجهه ميتًا وخر أبوه يحتضر
متى يستل هذا الجبن من جنبيك والخورُ؟؟
متى التوحيد في جنبيك ينتصرُ ؟؟
متى بركانك الغضبي للإسلام ينفجرُ فلا يبقى ولا يذرُ
——– أخي في الله قد فتكت بنا عللٌ ولكن صرخة التكبير تشفي هذه العللا
فأصغ لها تجلجل في نواحي الأرض ما تركت بها سهلاً ولا جبلاً
تجوز حدودنا عجْلى وتعبر عنوة دولا
تقض مضاجع الغافلين تحرق أعين الجهلا
فلا نامت عيون الجبنِ والدخلاء والعُملا
**** وقالوا الموت يخطفكم وما عرفوا بأن الموت أمنية بها مولودنا احتفلا
وأن الموت في شرفٍ نطير له إذا نزلا
ونتبعه دموع الشوق إنْ رحلا
فقل للخائف الرعديد : إن الجبنَ لن يمدد له أجلا
وذرنا نحن أهل الموت ما عرفت لنا الأيام من أخطاره وجلا
” هلا ” بالموت للإسلام في الأقصى وألف هلا “
هلا ” بالموت للإسلام في الأقصى وألف هلا
“هلا ” بالموت للإسلام في الأقصى وألف هلا
وأنت تراقب الملعبْ
الارتباط بين إشكاليات المشرق العربي ووجود الدولة العبرية
بشير موسى نافع 2008-02-29 يَدهش المراقب للشأن العربي، لاسيما الشأن المشرقي منه، للارتباط الوثيق والمتصل بين الإشكاليات العربية-العربية ووجود الدولة العبرية، رغم السلامات العربية التعاهدية والخفية مع هذه الدولة. التدافع المحتدم على لبنان هو في أحد أبرز جوانبه تدافع على تصور العلاقة بالدولة العبرية، والانقسام العربي السياسي بدأ منذ الغزو الأميركي للعراق، الذي كان ينبغي أن يُقرأ باعتباره مساهمة أميركية في ضبط موازين القوى في المنطقة لصالح الدولة العبرية، والضجيج الهائل الذي شهدته الأوساط المصرية حول خطر فلسطينيي قطاع غزة على أمن مصر، لم يكن ممكناً لولا التباس تصور البعض لماهية أمن مصر، الالتباس الناشئ من الخلل العميق في العلاقة مع الدولة العبرية، وما لم تتدارك الأنظمة والفعاليات العربية الدلالة التاريخية لوجود الدولة العبرية، فإن الإشكاليات العربية الداخلية المرتبطة بهذا الوجود لن تنفك عن نخر الجسم العربي. ليس ثمة شك في أن الدولة القُطرية قد وظفت الصراع العربي-الإسرائيلي لتغطية الكثير من إخفاقاتها في مجالات التنمية، كما في تعثر مشاريع التعاون العربي السياسي والاقتصادي، ولكن ذلك لا يعني أن الدور الذي يلعبه الصراع على فلسطين قد تراجع، أو أن انقلاباً حميداً قد وقع في بنية الدولة العبرية. ويعود تقدير هذا الدور في جله إلى واقع موضوعي، وليس إلى رغبات شخصية أو قناعات أيديولوجية معينة. العلاقة التي تربط سوريا بلبنان هي علاقة مشتبكة منذ استقلال كليهما في منتصف الأربعينيات.. كانت دمشق في نهاية الحرب العالمية الأولى مقر الدولة العربية الأولى، ونظر السوريون دائماً إلى بلاد الشام باعتبارها وحدة جغرافية-سياسية، ولبنان الحالي ليس جزءاً من بلاد الشام وحسب، بل إن ولادته الفرنسية تطلبت اقتطاعات من ولاية دمشق العثمانية السابقة. وقد نظر السوريون، بالتالي، وبغض النظر عن النظام الحاكم في دمشق، نظرة خاصة إلى لبنان المستقل، نظروا إليه باعتباره وثيق الصلة بسوريا، وباعتبار استقلاله استقلالاً مشروطاً بهذه الصلة. كان يمكن للموقف السوري، بالطبع، أن يظل موقفاً سياسياً نظرياً، وألا يؤثر تأثيراً كبيراً على وجود لبنان واستقلاله، ولكن الخطر الذي أخذت الدولة العبرية في تشكيله على جوارها العربي منذ تأسيسها، ومن ثم تحول هذا الخطر إلى احتلال لأراضي دول عربية مجاورة في 1967، ساهم في تعقيد العلاقة بين سوريا ولبنان. لم تعد دمشق ترى لبنان من منظار العلاقة الخاصة وحسب، بل أيضاً من زاوية الصراع العربي-الإسرائيلي. ثمة رأي لبناني، لا ينقصه المنطق، تردد كثيراً منذ بداية الحرب الأهلية، ويرتفع الآن بقوة الانقسام الداخلي، يقول بأن لبنان هو بلد صغير لا يستطيع تحمل أعباء الصراع العربي-الإسرائيلي، وأن الأعباء المباشرة لما تبقى من حلقات هذا الصراع لا بد أن تنتقل إلى سوريا وإلى حدودها مع الدولة العبرية. لماذا تحرص دمشق على تجنب عواقب التدافع مع الدولة العبرية، بينما يعيش لبنان حرباً مستمرة منذ أصبح مقراً للمقاومة الفلسطينية، ومن ثم مقراً لحزب الله؟ لقد آن الأوان لإخراج لبنان من هذه الدوامة باهظة التكاليف وتحرير أرضه من لعبة تصفية الحسابات. المشكلة في هذا المنطق أن سوريا ليست الطرف الوحيد الذي يعمل على الاحتفاظ بعناصر قوة تخرج عن نطاق مُقدَّراته الوطنية المحددة. الدولة العبرية لا تواجه العرب بقواها الذاتية، بل بحلقات لا أول لها ولا آخر من القوة ذات الطابع الدولي، الآسيوي-الإفريقي، والإقليمي. فك ارتباط سوريا بلبنان لن يضع حداً لنشاطات الآخرين، ومن الصعب، إن لم يكن من المستحيل، تصور قدرة لبنان وحكومته، مهما كان برنامج هذه الحكومة، على حماية الخاصرة اللبنانية لسوريا أو منع القوى الأخرى من استخدام لبنان لتهديدها. لبنان، باختصار، لا يمكن فصله عن مجريات الصراع العربي-الإسرائيلي، والبعد السوري منه على وجه الخصوص، وربما كان من الأنجع العمل على تأسيس تفاهم سوري-لبناني استراتيجي يعقل العلاقة بين البلدين وعلاقتهما معاً بالصراع العربي-الإسرائيلي، بدلاً من المحاولة العبثية لإخراج لبنان كلية من ساحة هذا الصراع. مصر، من جهة أخرى، هي البلد العربي الأهم والأكبر، وهي التي عقدت أول سلم تعاهدي مع الدولة العبرية، ومن وجهة نظر بعض من المصريين، لا بد أن تتخلى نهائياً عن أي دور لها في الصراع على فلسطين، فشروط التنمية وتحقيق الرفاهة تتطلب سلماً مع الدولة العبرية، وعلاقات وثيقة بالدول الغربية الرئيسة. وهذه، كنظيرتها اللبنانية، وجهة نظر براغماتية بحتة، لا تأخذ في الاعتبار الالتزامات القومية والإسلامية، ولا حتى القيم الإنسانية الأساسية، وكنظيرتها اللبنانية أيضاً يصعب أن تصمد أمام الامتحان البراغماتي البحت. مصر، مثلاً، تسعى إلى التحول إلى قوة اقتصادية-صناعية رئيسة، ولكن عقبات كبرى تقف أمام قدرتها على اكتساب موقع بارز في السوق العالمية. الصين والهند وبعض دول شرق آسيا الأخرى، حققت مواقعها بكفاءة ورخص يدها العاملة، الأيدي العاملة المصرية لا تتمتع بكفاءة العمالة الآسيوية، وهي أكثر تكلفة منها. من جوانب عديدة، مصر هي في الحقيقة أقرب لتركيا التي تعمل على تحقيق النهوض الاقتصادي-الصناعي منذ أكثر من عقد باكتساب مواقع هامة في السوق الإقليمية، وهذا هو قدر مصر أيضاً. ما أدركه طلعت حرب وجيل الصناعيين المصريين الأوائل في النصف الأول من القرن العشرين، عندما توجهوا إلى المشرق العربي، لا يزال هو قدر مصر الاقتصادي-الصناعي، ولم يكن غريباً، بالتالي، أن تعمل مصر على مد أنبوب لتزويد الأردن وسوريا ولبنان بالغاز، وهو المشروع الاستراتيجي الذي يعزز من الترابط الاقتصادي العربي، والذي يقع في دائرة التهديد الإسرائيلية، بل إن الوجود الإسرائيلي يهدد مجمل دور مصر الاقتصادي-الصناعي في المشرق، ويضع سقفاً دائماً له. إن كان من الممكن لأمةٍ ما تناسي التاريخ، فمن المستحيل أن تستطيع الهروب من الجغرافيا، ومصر هي أسيرة جغرافيتها، اعتقدت نخبتها السياسية بمسؤولياتها العربية أو لم تعتقد. الحصار الذي فُرض على قطاع غزة لم يفرضه الفلسطينيون، كما أن الانفجار الذي أدى إلى اجتياح الحدود المصرية مع القطاع لم يكن مؤامرة من أحد على مصر وسيادتها، بل هو النتيجة الطبيعية لبشاعة الحصار، وعلى أحد ألا يدهش من اجتياح الحدود من جديد، إن استمرت حالة الحصار. معاهدة السلام المصرية-الإسرائيلية هي التي انتقصت من سيادة مصر على أرضها وحدودها بالشروط القاسية التي فرضتها على حركة القوات المصرية في شبه جزيرة سيناء، والتي منحت للإسرائيليين من حرية الحركة في شبه الجزيرة ما لم يمنح للمواطنين العرب، بما في ذلك الفلسطينيون، وهنا ربما يقع التحدي الذي تواجهه الدولة المصرية: هل يمكن تحقيق التوافق بين السلم التعاهدي مع الدولة العبرية من ناحية، ومصالح مصر الاقتصادية والسياسية ومتطلبات موقعها الجغرافي من ناحية أخرى؟ • باحث عربي في التاريخ الحديث
(المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 29 فيفري 2008)
ساركوزي وتعليم الهولوكوست: مَن يجرؤ علي فتح بوّابات الذاكرة؟
صبحي حديدي (*) قبل أسابيع قليلة من الانتخابات، خلال واحدة من ذري التعصّب القومي الشعبوي في خطابه السياسي، بدا المرشّح للرئاسة نيكولا ساركوزي وكأنه يبرئ الأمّة الفرنسية من كلّ الآثام الكبري التي شهدتها أوروبا علي امتداد القرن العشرين: أنا من الذين يعتقدون أنّ فرنسا ليس لديها ما تخجل منه في تاريخها. إنها لم ترتكب الإبادة. إنها لم تبتكر الحلّ النهائي. إنها ابتكرت حقوق الإنسان، وهي البلد الذي ناضل أكثر من الجميع دفاعاً عن الحرّية . اليوم، وهو الرئيس، لا يبدو وكأنه يلقي باللائمة علي الشعب الفرنسي بأسره جرّاء قسط المسؤولية الذي تتحمّله فرنسا إزاء المحرقة فحسب؛ بل يخصّ أطفال فرنسا، تلاميذ المدارس الإبتدائية والمتوسطة، بعبء مسؤولية من طراز خاصّ، ثقيل، رهيب: إلزام كلّ طفل حيّ بإحياء ذكري طفل قضي في المحرقة، علي نحو أقرب إلي تقمّص الحيّ للميت. كان ساركوزي يتحدّث أمام العشاء السنوي للمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية الفرنسية، الـ CRIF، والذي يتسابق كبار ساسة فرنسا علي حضوره والخطابة فيه، للتقرّب من هذه المؤسسة الأهمّ علي صعيد تنظيم حياة، واستثمار قوي وطاقات، نُخَب الفرنسيين اليهود. وبين أبرز هؤلاء كانت السيدة سيمون فاي (81 سنة)، الناجية من المحرقة، والتي يراها الكثيرون أيقونة حيّة ترمز إلي الهولوكوست، وربما إلي معظم عذابات اليهود الفرنسيين، فضلاً عن كونها وزيرة سابقة في أكثر من حكومة، وصاحبة القانون الشهير الذي يجيز الإجهاض. للوهلة الأولي تجمّد الدم في عروقي ، هكذا وصفت فاي ردّ فعلها الغريزي حين استمعت إلي اقتراح ساركوزي، وكانت تتصدّر الصفوف في ذلك الاجتماع بالطبع، قبل أن تضيف نّ الاقتراح لا يُحتمل، دراماتيكي، وغير عادل في المقام الأول (…) لا نستطيع أن نلقي بهذا العبء علي كاهل أطفال صغار في سنّ العاشرة. هذه الذاكرة أثقل من أن يحملها أحد. حتي نحن، الذين كنّا في عداد المرحّلين للمحرقة، واجهنا بعد الحرب صعوبات كبيرة في الكلام، حتي مع أقربائنا، عمّا شهدناه . صحيح أنّ الدراما، لا غواية إطلاق الأثر الدراماتيكي وحدها، صارت ديدن الرئيس الفرنسي، فلا يمرّ أسبوع دون أن يثير، أو تُثار من حوله، حكاية صاخبة من نوع ما. لكنه هذه المرّة ذهب أبعد ممّا ينبغي في مسألة بالغة الحساسية عند مشاع الفرنسيين من جهة (شاهد كبير من أهل عائلة ساركوزي السياسية، رئيس الوزراء السابق دومنيك دوفيلبان، قال: لا نستطيع مطالبة أطفال اليوم بحمل ذاكرة جرائم ارتُكبت بحقّ أطفال الأمس )؛ ومسألة مربكة عند بعض اليهود أنفسهم، لأسباب شتي بعضها تربوي وثقافي حسن النيّة، وبعضها الآخر سياسي دعاوي ينطلق من أجندات صناعة الهولوكوست ، حسب التعبير الشهير للمؤرّخ الأمريكي اليهودي نورمان فنكلشتاين. لهذا سارعت مؤسسة الـ CRIF ذاتها إلي إطراء الإقتراح علي استحياء، ثمّ الدعوة صراحة إلي تشذيبه وتطويره وتعديله، قبل المطالبة ـ دونما استحياء، هذه المرّة! ـ بطيّ كلّ نقاش زائف بصدد هذه الإشكالية: نحن نعتقد أنّ الإنتقادات التي وُجّهت إلي هذا الإقتراح كانت، عند البعض، مفرطة لأنّ الأمر لا يتصل بالتماهي مع الموت بل التوعية، خصوصاً بالنسبة إلي أصحاب الآراء المقزّزة ممّن يرفضون الإقرار بالطابع الكوني للمحرقة، ويركزون علي خلط الأمور وإثارة المنافسات بين الضحايا . والحال أنّ الكثير من بيت القصيد يكمن ها هنا تحديداً: هل يخدم اقتراح ساركوزي في إحياء ذاكرة المحرقة، أم يساعد علي تحويلها إلي حدث تاريخي في متناول االيافعة، ممّا يهدّد تالياً بتجريده من هالة القداسة والفرادة والكونية المطلقة من جانب أوّل؛ كما يهدّد بنزع احتكار اليهود لصورة الضحية الكونية المطلقة، عن طريق رميها في كراريس تلاميذ المدارس، بدل المتاحف والنُصُب التذكارية؟ ذلك لأنّ فرنسا تحظي بمكانة خاصة في قلوب الصهاينة، إسوة بيهود العالم أجمع: هنا انقلبت قضية الضابط الفرنسي اليهودي ألفريد دريفوس إلي شرارة أولي أشعلت لهيب فكرة الدولة اليهودية في قلب وعقل صحافي نمساوي يهودي يدعي تيودور هرتزل، كان آنذاك في باريس مراسلاً صحافياً. صحيح أنّه لن يشهد تبرئة دريفوس لأنه توفي قبلها، ولكنّ هرتزل شاهد بأمّ عينيه، وأصاخ السمع عميقاً للحناجر الفرنسية وهي تهتف: الموت لليهود! علي خلفية محاكمة الضابط البريء. والمفارقة المتمثلة في أن دريفوس نفسه كان بعيداً تماماً عن أي تفكير صهيوني، وهكذا ظلّ حتي وفاته عام 1935، لا تغيّر كثيراً من طبيعة الجدل الديناميكي الذي أطلق الحركة الصهيونية. كذلك فإنّ التصريح الذي أطلقه، ذات يوم غير بعيد، نائب وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق ميكائيل ملكيور، والذي اتهم فرنسا بأنها اليوم البلد الغربي الأسوأ في ميدان العداء للسامية ، لا يغيّر من طبيعة وحجم النفوذ الكبير الذي تتمتّع به الأوساط الصهيونية في مختلف ميادين الحياة الفرنسية، السياسية والإقتصادية والثقافية. وهكذا شهدت وسائل الإعلام الفرنسية سجالات محتدمة حول ما إذا كان المرء يستطيع معاداة سياسات إسرائيل دون أن يقع في محظور العداء للسامية، أو ما إذا كان في وسع يهودي ـ كاتب أو مؤرّخ أو صحافي أو مواطن عادي ـ أن يعترض علي بربرية شمعون بيريس أو بنيامين نتنياهو أو إيهود باراك أو أرييل شارون أو إيهود أولمرت… دون أن يُتّهم، وهو اليهودي كابراً عن كابر، بالعداء للسامية. والمرء هنا يتذكّر عبارة شهيرة أطلقها روجيه كوكيرمان، الرئيس السابق للـ CRIF، تعليقاً علي أحلام السلام الفلسطيني ـ الإسرائيلي التي أعرب عنها يهودي فرنسي آخر هو تيو كلاين، كان رئيس المجلس ذاته: قد نرغب في رسم الذئب بألوان وردية. لكنه يظلّ ذئباً ! وكان كوكيرمان يتساءل عن (ويشكك في) حقّ أيّ يهودي في انتقاد الحكومة الإسرائيلية، الآن بالذات. وبالطبع، ولمن فاته إدراك طرفَي الإستعارة، كان ياسر عرفات هو الذئب الذي يمكن رسمه باللون الوردي دون أن يتغيّر باطنه الذئبي. ثمّ تابع حملة تأثيم أعداء إسرائيل في فرنسا، فكتب مقالة في صحيفة لوموند ، شنّ فيها الهجوم علي قادة هذا البلد ممّن يقللون من أثر الأفعال المعادية لليهود ؛ وعلي السلطات التي يحلو لها أن تري في الهجوم علي كنيس مجرّد عمل من أعمال العنف وليس فعلاً معادياً للسامية ؛ وعلي بعض اليهود الذين فقدوا الصلة بالواقع اليهودي ؛ وعلي وسائل الإعلام التي يطيب لها إعطاء أكبر صدي ممكن للأصوات التي تنتقد إسرائيل واليهود، خصوصاً حين تكون تلك الأصوات يهودية … مضبطة كوكيرمان الإتهامية هذه لم يكن لها أن تنتهي قبل تأثيم القضاء الفرنسي ذاته، في مجمله، دون تمييز: يطيب للعدالة أن لا تعاقب بطريقة مُثلي علي هذا العنف المعادي لليهود، حتي حين يُعتقل مرتكبوه بالجرم المشهود: السجن ثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ، أي لا شيء بالنسبة إلي اعتداء علي مكان عبادة يهودي، مقابل السجن سنة كاملة بسبب اعتداء علي كوخ من قشّ ، في إشارة إلي قضية شهيرة سياسية ـ أمنية قيل إنّ محافظ كورسيكا نفسه تورّط فيها. والحال أنّ الفرنسيين لا يحبّون مَن يشكك في نزاهة قضائهم، فكيف إذا ذهب الإتهام هذا المذهب البغيض والجائر في آن؟ لكنّ كوكيرمان مضي أبعد حين ردّ تهاون القضاء الفرنسي إلي سلسلة طويلة من الأسباب السياسية والسوسيولوجية: أنّ العنف (ضدّ اليهود، من جانب واحد كما يقول) مرتبط بالصراع في الشرق الأوسط؛ ولأنه يجري غالباً الخلط بين اليهودي والإسرائيلي؛ ولأنه لا يأتي من اليمين المتطرف، بل من الضواحي المغاربية؛ ولأنّ فرنسا الجمهورية تتردد في الإقرار بأنها فشلت في الدمج التعليمي والإجتماعي للشبيبة المغاربية؛ ولأننا نسامح تماماً كلّ ذنوب الذين نشعر إزاءهم بعقدة الذنب؛ ولأنّ الجالية المسلمة مهمّة في كلّ اعتبار. الطريف أنّ نمطاً مماثلاً من أشغال الذاكرة، هذه التي يقترحها ساركوزي ويمتدحها الـ CRIF وطائفة لا حصر لها من مؤرّخي اليهود هنا وهناك في العالم، تبدو رجيمة تماماً في ناظر هؤلاء إذا جرت في ألمانيا مثلاً. فما الذي يضير في قيام الأمّة الألمانية بتكريم ضحاياها (من المدنيين العزّل الأبرياء، وليس الساسة أو القادة العسكريين النازيين) الذين سقطوا خلال سنوات الحرب العالمية الثانية؟ وأيّ إثم في تأسيس مركز توثيق ومتحف تاريخي، لحفظ تفاصيل تلك الوقائع الرهيبة، وجعلها في متناول الذاكرة الجَمْعية؟ ألا يندرج إنجاز مشروع كهذا في صلب الحقوق الوطنية لأيّ شعب من الشعوب، بل يشكّل جزءاً لا يتجزأ من واجبات الشعوب تجاه تاريخها؟ لم يكن هذا رأي الأوساط الصهيونية العالمية التي شنّت، قبل سنوات قليلة، حملة شعواء ضدّ مشروع السيدة إريكا شتاينباخ، السياسية الألمانية البارزة ورئيسة رابطة المطرودين التي تُعني بشؤون ملايين المطرودين من ديارهم، ليس في ألمانيا وحدها بل في مختلف أرجاء العالم. وليس عسيراً أن يتكهن المرء بأنّ السبب في الغضبة الصهيونية لم يكن سوي الحكاية القديمة إياها: احتكار عقدة الضحية الكونية، والانفراد بها تماماً، وتهميش وتقزيم كلّ وأيّ ضحية أخري، بل والحطّ من عذاباتها إنْ أمكن. والحال أنّ الوقائع التاريخية تقول إنّ الأعداد التالية من المواطنين ذوي الأصول الألمانية طُردوا بعد الحرب العالمية الثانية من البلدان التي كانوا يقيمون فيها ويتمتعون بجنسيتها: ـ 3.5 مليون من بولندا، 2.3 من تشيكوسلوفاكيا، قرابة مليون من الإتحاد السوفييتي، 400 ألف من هنغاريا، 300 ألف من رومانيا، إضافة إلي قرابة مليون من مختلف مناطق أوروبا الشرقية. هذه هي الأعداد في تقديراتها المخفّضة، وأمّا العدد الذي تسوقه رابطة المبعدين فهو 15 مليون ألماني! ألا يستحقّ هؤلاء الذكري، لكي لا نتحدّث عن التعويضات وردّ الإعتبار، كما هي حال اليهود؟ المؤرّخ الإسرائيلي جلعاد مرغاليت، الذي يُحتسب علي المعتدلين، لا يوافق علي هذه البديهة البسيطة، ويرتاب دائماً في أنّ نوايا شتاينباخ الحقيقية هي إضعاف ذاكرة الهولوكوست أكثر من تقوية ذاكرة الضحية الألمانية، حتي إذا كان المشروع يضع اليهود في رأس الضحايا. غير أنّ ثقافة استذكار المحرقة ليست ملكاً خالصاً للضحايا وحدهم من جانب أوّل، وهي من جانب ثانٍ لم تعد رهينة الذاكرة وحدها وباتت تاريخاً تجب دراسته واستخلاص الدروس منه، وهي من جانب ثالث ليست حكراً علي الدولة العبرية وحدها لأنّ تراث الهولوكوست ـ وعلي نقيض من التبشير الصهيوني ـ يخصّ الإنسانية جمعاء. ولهذا فإنّ مؤلفات مثل الموت والأمّة: التاريخ، الذاكرة، السياسة للمؤرّخة الإسرائيلية إديث زيرتال، و في ظلّ الهولوكوست: الصراع بين اليهود والصهاينة في أعقاب الحرب العالمية الثانية لأستاذ الألسنيات في جامعة تل أبيب يوسيف غرودزنسكي، إنما تنصف ضحايا الهولوكوست من زاوية غير مألوفة أبداً: دور المؤسسة الصهيونية ذاتها في صناعة الهولوكوست، وكيف انطوي ذلك الدور علي تواطؤ مباشر صريح بين بعض القيادات الصهيونية وكبار ضبّاط الرايخ الثالث المسؤولين عن تصميم وتنفيذ ما عُرف باسم الحلّ النهائي لإبادة اليهود. ولعلّ هذا بعض السبب الذي جعل الدم يتجمد في عروق سيمون فاي وهي تصغي إلي نيكولا ساركوزي، فالذاكرة إمّا أن تُفتح علي مصراعيها، فتتكشّف وتنكشف وتكشف، أو تظلّ مغلقة محرّمة ميتافيزيقية مقدّسة!
(*) كاتب وباحث سوري يقيم في باريس
(المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 26 فيفري 2008)