TUNISNEWS
7 ème année, N° 2355 du 02.11.2006
د منصف المرزوقي :بيان الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: دوامة الظلم : الدكتورالامين الزيدي ضحية جديدة لمطرقة المراقبة الادارية عبد الحميد الصغير: تعليق الاضراب عن الطعام هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات: بيـــــــان الاتحاد العام لطلبة تونس: بيان هيئة ميثاق القبائل التونسية من أجل الخلاص الوطني: بـيـان الجالية التونسية بدولة قطر:رسالة إلى سيادة زين العابدين بن علي رئيس الجمهورية التونسية حفظه الله مسعود الرمضاني و سمير ريانة: اعتصام عمال نزل القاري بالقيروان متواصل في مواجهة قانون الغاب سليم بوخذير: بيان الشروق: الاستقواء بالأجنبي: عبد القادر الزيتوني مثالا عبد القادر الزيتوني: رد على جريدة الشروق القبس: تونس: ‘الحجاب’ يعود بقوة ويصبح ظاهرة حافظ بن عثمان: من أجل انتقال سلمي نحو الديمقراطية علـــي شرطانـــي: في دونية المرأة وكمالها(2/2) صوت أكاديمي: يدعون إلى الحداثة و يحاربون أصحابها محمد العروسي الهاني: الرسالة المفتوحة لسيادة رئيس الجمهورية بمناسبة إحياء الذكرى التاسعة عشرة للتحول للتاريخ و الذكرى صلاح الدين الجورشي: الديمقراطية أمامكـم.. وشبح عدم الاستقرار وراءكـم! القدس العربي: اول لقاء من نوعه يبحث دور الاسلاميين في دعم الديمقراطية في العالم العربي توفيق المديني: دلالات تحالف أولمرت – ليبرمان صالح بشير: كيف ستتدبّر الولايات المتحدة العراق وحالها فيه؟ محمد الحداد: هل الإسلامويّة توتاليتاريّة؟ وكيف ذلك؟ محمد أبو رمان: الإسلام والعلمانية.. هل إلى لقاء من سبيل؟ الصباح : «المحسوبية».. «الوساطة».. «المعارف» و«الأكتاف» في الإدارات والمؤسسات العمومية… إلى أين؟
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )
To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
د منصف المرزوقي Dr Moncef Marzouki www.moncefmarzouki.net tel : 33 6 88 18 32 46. / 216 24 190 400 الهاتف
بيان
لم أكن أتوقع من السلطة استقبالا بالأحضان لما عدت لأرض الوطن بعد ندائي للشعب التونسي يوم 14 أكتوبر على قناة الجزيرة للانخراط في المقاومة المدنية السلمية ضد نظام يرفض كل إصلاح وكل مصالحة وطنية. وقد رجعت مقراّ العزم على مواجهة كل الأخطار، خاصة بعد أن علّقت بي قضية جديدة واستدعائي للتحقيق بتهمة التحريض على خرق القوانين التي سنتها العصابات لتأبيد حكمها.
لكنني لم أتصور لحظة أن ردّ النظام سيتمثل في إطلاق عشرات من المنحرفين كما حصل يوم 27 أكتوبر وسط مدينة سوسة ليمطروني بالشتائم القذرة طيلة ساعة ونصف…كل هذا بتحريض من البوليس السري وتحت حراسة البوليس بالزى. ورغم تعودي على مستوى هذا النظام، فإن دهشتي فاقت كل حدود بعد أن اعترضت طريقي ، في ضاحية القنطاوي يوم 29 أكتوبر، سافلة صرخت أنني أعاكسها ثم انقض عليّ بعد بضعة أمتار منحرفون تابعوني نصف ساعة بالسب والتهديد ….بالاغتصاب.
إن هذا التكتيك الذي لا يستأهل حتى الشتم ، هو من جهة ردة فعل على الاستقبال الشعبي الحافل الذي خصتني به مشكورة مدينة دوز، ومن جهة أخرى محاولة لتحقيق هدفين:
أولا : إرهابي لمنعي من المشي في الشارع ومن ثم عزلي بقطع كل اتصال مباشر مع المواطنين. ثانيا : دفعي إلى العودة إلى المنفى وقد ضاقت كل السبل أمامي .
وبعد تفكير طويل وتشاور معمق مع أصدقائي في حزب المؤتمر وخارجه ، وبعد انتباهي أن هدف الاستفزاز هو جرّي لتبادل العنف مع منحرفين حتى تنتفي عن مطالبتي بالمقاومة السلمية كل جدية، مع شلّ حركتي دون تكلف ثمن اعتقالي، وبعد تفحص طرق مواجهة هذا التكتيك ، فقد قررت ما يلي :
أولا – التمسك بحقي في العيش في وطني ورفضي المطلق العودة إلى المنفى رغم ما يوفره لي من أمان .
ثانيا : الاعتصام داخل بيتي لتفويت الفرصة على تكتيك الاستفزاز هذا حفاظا على شرفي، وعلى شرف السياسة التي أوصلتها ممارسات نظام العصابات إلى ما تحت الحضيض، وذلك إلى أن يحصل تغيير جدي في البلاد يمكنني أنا وكل مواطن تونسي من المشي في الشارع دون تهديد أو خوف وممارسة كل الحقوق المدنية ومنها حق التظاهر والاجتماع والرأي بحرية وأمان .
ثالثا : عدم المثول أمام أي حاكم تحقيق أو قاضي إلا بالإكراه والعنف.
لقد ناضلت دوما مع رفاق الطريق، المعروفين منهم وأبطال وبطلات الخفاء، من أجل حق التونسيين خصوصا والعرب عموما، في انتخابات غير مزورة ،غير معروفة النتائج مسبقا ،وحقهم في ألا يسلب المال العمومي تحت أنظارهم ، وحقهم في ألا يعيشوا تحت إرهاب الدولة وإذلالها.
هاهو منعطف جديد بالنسبة لي في معركة التحرّر. إن اعتصامي منذ الآن في بيت،أسكنه وحدي لوجود عائلتي في الخارج، ومعرّض في كل لحظة للمداهمة من قبل الشرطة أو المجرمين ،و لزمن لا يعلم مدته إلا الله، هو الشكل الوحيد الممكن في هذه الظروف والذي يتلاءم وحده مع عمري ودوري السياسي . فلا نتيجة لخناقة يومية مع منحرفين يحرّضهم منحرفون سوى إهدار مزيد من شرف السياسة والدولة.
إن هذا النظام الأرعن، الذي أوصل السياسة إلى مستنقع أساليب يندى لها الجبين وجلبت العار لتونس والتونسيين، هو الذي يدفع اليوم البلاد نحو مزيد من التعفن ويؤجج أسباب اللجوء للعنف . ومن ثمة ضرورة التصدي له بكل ما نقدر عليه من عزم وشجاعة ومسئولية و خاصة من طرق سلمية لمنعه من استعمال تعلة مقاومة الإرهاب للاستمرار. وفيما يخصني سأواصل ، حتى من بيتي المحاصر ليلا نهارا، وبكل الإمكانيات المتاحة لي الدعوة إلى المقاومة المدنية النشيطة، مثل رفع الأعلام على البيوت وإضاءة الشموع والاعتصامات في الأماكن العامة والمظاهرات والاضرابات القطاعية ، إلى أن يرحل الدكتاتور ولا تتجدد الدكتاتورية عبر هذا الوريث أو ذاك ، وتمر تونس من حكم العصابات إلى حكم المؤسسات من عهد الأمن إلى عهد الأمان ، من الاحتلال الداخلي إلى الاستقلال الثاني . سوسة في 3-11-2006 منصف المرزوقي
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 نهج المختار عطية تونس الرئيس الشرفي المرحوم العميد محمد شقرون تونس في 2 نوفمبر 2006
دوامة الظلم : الدكتورالامين الزيدي ضحية جديدة لمطرقة المراقبة الادارية
أصدر صبيحة اليوم قاضي ناحية منوبة حكما بسجن السجين السياسي السابق الدكتورالامين الزيدي مدة خمسة عشر يوما وذلك من اجل مخالفة التراتيب الادارية طبقا لاحكام الفصل 150 من القانون الجنائي وذلك على اثر احالته من طرف النيابة العمومية توا دون تمكينه من انابة محام. علما وان السجين السياسي السابق الدكتور الامين الزيدي اعتقل سنة 1992 ومثل أمام المحكمة العسكرية الدائمة بتونس في القضية عدد 76110 و قضت المحكمة بإدانته من اجل الانتماء إلى حركة النهضة وسجنه مدة واحد عشرون سنة اثر محاكمة لم تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة بشهادة كل المراقبين والملاحظين والمنظمات الدولية الذين واكبوا المحاكمة. و قد قضى السجين السابق الامين الزيدي اكثر من خمسة عشر سنة وسرح يوم 25 فيفري 2006 ومن ذلك اليوم بدأت معاناته مع المراقبة الإدارية علما بان وزير الداخلية أصدر قرارا ضده بمجرد خروجه من السجن يقضي بإبقائه تحت المراقبة الادارية مدة خمس سنوات . وتجدر الاشارة ان الدكتور الامين الزيدي الذي يعمل كطبيب داخلي باحدى المستشفيا اخضع قسرا للامضاء الغير قانوني يمركز شرطة منوبة . و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: 1 – تطالب السلطات التونسيّة بالافراج حالا ورفع المضايقات الأمنيّة عن السيد الدكتورالامين الزيدي وعن عائلته ومنحه فورا حقّه الكامل في التنقّل كما يضمنه القانون. 2 – تستنكر التضييقات المسلطة على للمساجين السياسيين المسرحين التي تحرمهم من ممارسة ابسط حقوقهم وعلى وجه الخصوص حقهم في التنقل والعمل والدراسة كما ادى الى ارجاع عدد كبير منهم الى السجن بدعوى مخالفة التراتيب قرار المراقبة الادارية. 3 – تعبر عن تضامنها معهم جميعا وتطالب برفع كل المضايقات المسلطة علي المساجين السياسيين المسرحين.
عن الجمعية الرئيس الأستاذ محمد النوري
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 شارع المختار عطية تونس 1001 الهاتف : 71340860 الفاكس:71354984 01/11/2006 بلاغ
تعرضت السيدة زينب الشبلي والدة السجين السياسي السيد خالد العرفاوي المعتقل حاليا بسجن المنستير إثر خروجها من مقر المجلس الوطني للحريات صبيحة اليوم الخميس 01/11/2006 عند مستوى حديقة « الباساج » إلى المحاصرة من طرف أعوان من البوليس السياسي الذين أحاطوا بها من كل جهة و أمطروها بوابل من الأسئلة الاستفزازية و أنزلوها إلى نفق محطة المترو بساحة الجمهورية أين يوجد مخفر للشرطة بدعوى ارتدائها للنقاب في حين أنها كانت متحجبة فقط و بعد أن سجلوا البيانات الخاصة بها أطلقوا سراحها و أرسلوا من يقتفي أثرها حتى دخلت إلى مقر الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري
هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات تونس قي 2 نوفمبر 2006 بيـــــــان
أدى اليوم، الخميس 2 نوفمبر، وفد عن هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات يتكون من الإخوة أحمد نجيب الشابي و زياد الدولاتلي و العياشي الهمامي و لطفي حجي و حمة الهمامي زيارة إلى المناضل الطلابي عبد الحميد الصغير المضرب عن الطعام منذ21 يوما للمطالبة بحقه في الحصول على جواز سفر الذي رفضت السلطات الأمنية تسليمه إياه دون موجب قانوني. إن هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات التي كلفت في اجتماعها الأخير الإخوة المذكورين بهذه الزيارة تعبر عن : – تضامنها المطلق مع المناضل عبد الحميد الصغير في حقه في الحصول على جواز سفر. – أسفها أن يلجأ طالب في مقتبل العمر إلى الإضراب عن الطعام من اجل جواز سفر في الوقت الذي لا تتوقف السلطة في وسائل إعلامها الرسمية عن الحديث عن حقوق الشباب، و ما وفرته لهم من انجازات و خدمات. – تدعو السلطة إلى الكف عن مثل هذه الأساليب الانتقامية من الطلبة الناشطين النقابيين بالجامعة التونسية في الوقت الذي تفتح فيه الأبواب و الامتيازات أمام الطلبة الموالين لها و المنتمين إلى الحزب الحاكم و هو ما يضرب مبدأ تكافؤ الفرص بين شباب تونس و اعتبارهم سواسية إمام القانون . هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات
بسم الله وحده بلاغ
تعليق الاضراب عن الطعام
تونس في 2 نوفمبر بعد ان بلغ اضرابي عن الطعام انا الطالب بالمرحلة الثالثة عبد الحميد الصغير يومه الواحد والعشرون والذي ياتي احتجاجا على محاكمتي الاستعجالية بسبب دفاعي عن زميلات الطالبات المحجبات لدى منعهن من الدخول الى كلية العلوم بتونس يوم 11 اكتوبر وللمطالبة بتسليمي جواز السفر وبناء على :
– راي الاطباء الذين عاينوا وضعي الصحي – الرغبة الملحة للشخصيات الوطنية والحقوقية والاصدقاء الاعزاء – تلقي وعد من سلطة الاشراف بتمكيني جواز السفر يوم الجمعة 3 نوفبر اعلن :
– تعليقي الاضراب عن الطعام – تمسكي بحقي في محاكمة عادلة ) تم استاناف الحكم الابتدائي ( كما احيي كل الشخصيات الوطنية و الحقوقيية واصحاب المنابر الاعلامية والاصدقاء الاعزاء وكل الاحبة الذين عبروا عن تضامنهم ووقوفهم الى جانبي والسلام عبد الحميد الصغير الهاتف : 0021697080718 البريد الالكتروتي :absghaier@yahoo.fr
الاتحاد العام لطلبة تونس
بيان
تونس في 01/11/2006 على اثر تحول وفد من مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس يتكون من الرفاق: – ربيع الورغي – رفيق حسين – مجدي لطيف الى المعهد العالي للعلوم التطبيقية في التكنولوجيا بماطر بتكليف من المكتب التنفيذي للاتحاد العام لطلبة تونس للنظر في وضعية مناضلي الاتحاد المطرودين بالجزء المذكور وعلى اثر التشكيات التي تلقيناها من الطلبة حول سلوك مديرة المعهد، تم ايقافهم من امام المعهد حيث تم الاعتداء عليهم بالعنف اللفظي والمادي مما خلف اثارا على مستوى الوجه للرفيق ربيع الورغي ثم تم اقتيادهم الى مركزالحرس الوطني بماطر حيث تم اعادة الاعتداء عليهم وعليه فاننا نعلن عن الاتي: 1- استنكارنا لما تعرض له رفاقنا وهو ما لا يعد الا من قبيل محاصرة كل اشكال العمل النقابي والسياسي ومزيد التضييق على الحريات وهو ما لن يزيد الا في تعكير الاجواء. 2- اعتبارنا ما حدث تدخل في الشان الداخلي للمنظمة النقابية خاصة وان هذه العملية ليست الاولى انما تاتي في اطار حملة ومن العجيب انها تستهدف مناضلين ينتمون الى طرف بعينه (النقابيون الراديكاليون). 3- ندعو للكف عن المعالجة الامنية للملف النقابي والتي لن تزيد الا في اصرارنا على النضال والدفاع عن حقوقنا المشروعة. 4- نعبر عن استعدادنا للدفاع عن مناضلينا بشتى الوسائل والطرق. 5- ندعو الى مراجعة ملف المطرودين واعادتهم الى مقاعد الدراسة دون قيد او شرط. 6- نسجل استنكارنا لسلوك مديرة المعهد المذكور والذي بات محل تذمر الطلبة والاساتذة والعملة على حد السواء. ختاما نهيب بكل القوى التقدمية الوقوف الى جانبنا حتى يبقى الاتحاد رافدا من روافد الحركة الديمقراطية التونسية
الاتحاد العام لطلبة تونس الامين العام مساعد شاكر العواضي
بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى : (الذين امنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون ) هيئة ميثاق القبائل التونسية. من اجل الخلاص الوطني بيــــــــــان
عاشت القبائل منذ الاستقلال صابرة على كل القرارات الصادرة عن الرئيس السابق الحبيب بورقيبة والمتمثلة في دثر القبلية من عروق الوطن حتى حرم ابن القبيلة من الحماية القبلية ليتفرد به الحكم البائد لكنه فشل في هذه المؤامرة. ها نحن اليوم نشهد نوعا جديدا من التسلط والحرمان ويبرز هذا من خلال الحملات ضد النساء والبنات المتحجبات بنزع الحجاب مدعين بذلك بأنهم طائفة جديدة لا توجد داخل الإسلام والعروبة وبهذا ينتزعون من الشعب حقهم في اختيار معتقداتهم وبالتالي دفع هذا العمل الشنيع شبابنا إلى الهجرة خارج الوطن حتى و أن كانت غير قانونية للبحث عن عمل ومكان يتوفر فيه الأمن والاستقرار. إذ نجد معظم شبابنا اليوم لا يعمل حتى وإن توفرت لديه شهادة عليا بينما نهبت ثروات بلادنا من قبل عائلة الطرابلسي ومن معهم. من أجل وطننا تونس ومن أجل تحريرها من أيادي العملاء ومن الهيمنة الغربية فأننا نسعى اليوم إلى توحيد الجهد الوطني الخير والمخلص للوطن وذالك لتحقيق مستقبل زاهر لتونس وأبنائها حيث يجب علينا أولا تخليص تونس من الهينة الغربية التي تبرز من خلال سيطرتها على تفكيرنا؛ لباسنا وحتى تصرفاتنا اليومية. وقد أصبح الصهاينة يعيشون بيننا ويفرضون أرآهم ويأخذون أفكارنا إلى بلادهم التي اغتصبوها من أهلها ومن هنا أصبحت تونس تعيش داخل مجموعة من الجواسيس والعملاء الذي صنعهم الاستعمار العولمة الغربية وخاصة الأمريكي حيث يريد هذا الأخير أن يجعل من تونس منطلقا للتدخل في شؤون منطقة المغرب العربي والعالم الإسلامي مستفيدة من الوهن العربي الحكومي القائم لنشر ثقافتها في جميع أنحاء العالم ولبناء مجتمع شرق أوسطي جديد بقيادة الصهيونية العالمية والعمل على شرذمة الخارطة العربية الإسلامية مما يجعل هذا الكيان الصهيوني القوى العظمى والمسيطرة على العالم.
أن هدف الأمريكيين والصهاينة لا يقتصر على تونس فقط بل على جميع البلدان العربية من خلال ما نشهده اليوم من حروب وصراعات داخل المنطقة العربية رغم كل ذالك فإن الشباب العربي يقف دائما بالمرصاد لتحرير وطنه و بروز نظرة الاشمئزاز والكره داخل قلوب العرب اتجاه الأمريكيين حيث تجرئ الكثيرون على انتقاد هذا الهيمنة سوى أن كان ذالك في ارويا أو أسيا أو من خلال تظاهرات رافضة للهيمنة الرأسمالية والداعية لوقف الهيمنة الأمريكية وحلفائها.
ومن اجل شهداء بلادنا الذين أتاحوا لنا فرصة العيش في الاستقلال الأولي فإننا نسعى إلى مقاومة الظلم والاستبداد وتحرير تونس من هذا الاستعمار الغربي ولإعادة بنائها سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا على أسس عربية إسلامية صحيحة هادفة إلى إقامة نظام وطني ديمقراطي تعددي يؤمن بوحدة صف الشعب التونسي وسيادته ويحقق كرامته واستقلاله السياسي ويصون الحريات ويضمن حقوق الإنسان ويعمل على تحقيق الرفاهية والتقدم لشعب تونس الذي ضحى ولازال يضحي بالغالي والنفيس من اجل تحقيق ذلك و من خلال هذا الوعي للمشروع الإمبريالي. ومستلزمات المواجهة من قبل القبائل الوطنية كافة والتي عبرت عنه بأساليب سلمية صاعد إلى مواقف وأساليب أخرى. مرورا بالموقف الوطني الرافض للهيمنة وأدواتها وعملاءها وترتيباتها السياسية. دعم المناضلين أمثال السادة: الدكتور المنصف الرزوقي والدكتور مصطفى بن جعفر والأستاذ نجيب ألشابي والسيد حمى الهمامي ماديا ومعنويا وإعلاميا وتوفير بيئة وملاذا آمنا لهم لتحقيق أهدافنا المنشودة. وقد هيأنا لذلك بيئة صحية لحوار وطني ملتزم بقضية تونس والأمة وفق برنامج وطني شامل يحتوي على أفكارا للمناقشة حول قيام هيئة الأحرار التونسية. « من اجل الاستقلال التامٍِ » والمحافظة على وحدة الصف وحمايته. تضم الأحزاب والقوى والحركات والشخصيات الوطنية القومية والإسلامية من كل المهن والوظائف والشرائح الاجتماعية والعلمية والأكاديمية وأساتذة الجامعات والعسكريين ورؤساء القبائل والمخلصين من أبناء الزيتونة رجال ونساء والرافضين لهذا النظام العميل إضافة إلى رموز الطلبة ورجالها الشجعان.
وفقا على ما تم في اجتماع قبائل ورغمه والهمامة وبني يزيد والجلاص في قفصه يوم الحد 28 أكتوبر2006 فان هذه الأفكار المقترحة تطرح للمناقشة لإقرارها والبناء عليها لتشكل مشروع للعمل الوطني الجاد. طريقا للخلاص من هذا النظام الذي تحكمه شجرة الدر وعملاءها نأمل أن تلقى رضا وقبول الجميع إنشاء الله .مع الاستعداد والرغبة الصادقة لتطويرها بما يخدم التوجه الرئيسي المتمثل في تحرير شعبنا من الظلم والاستبداد والقهر وإفشال المشروع الإمبريالي الصهيوني ضد امتنا العربية الإسلامية وإعادة بناء بلدنا وفق أسس حضارية. والله من وراء القصد. 1 ترسيخ مفهوم المواطنة وحب الوطن والولاء له قبل أي ولاء والانتماء لتاريخه وحاضره ومستقبله قبل أي انتماء آخر…والتأكيد على حق الشراكة في الوطن الواحد والعيش تحت راية واحده 2 الالتزام بعروبة تونس وانتمائها القومي الإسلامي نظرا لتاريخ تونس المجيد بدون تمييز وتناحر و لكونها جزء من امة عظيمة كان لها دورا حضاريا متميزا في قيادة الإنسانية عبر قرون من تاريخها المجيد. 3 الالتزام بالعمل الديمقراطي وتجسيده قولا وفكرا وممارسة وثقافة وممارسة الشورى وتبادل الرأي. وقبول الرأي الآخر واحترام وجهات النظر الوطنية وممارسة النقد والنقد الذاتي لجميع المواقف والإجراءات والقرارات 4 احترام حرية الفرد في الفكر والسياسة وإبداء الرأي وحرية المعتقد والانتماء الوطني والعمل الثقافي والمهني والحزبي بعيدا عن التعصب الأعمى إنما هو الطريق السليم لإطلاق طاقات الإنسان الخلاقة من اجل تحقيق أهداف وطنية صادقه 5 العمل على محاربة الأفكار الهدامة والتخريبية والدعوات المشبوهة التي تناصر الامبريالية وعملاءها وفضح أهدافها وغاياتها والابتعاد عن التطرف والعنصرية والابتعاد عن مفاهيم القومية والحزبية والطائفية المتعصبة على حساب حب الوطن والانتماء له والاستعداد للتضحية في سبيله. 6 ترسيخ قدسية حقوق الإنسان واحترامها وتأكيد حقه في العيش الكريم والسعادة والعمل على توفير ما يحقق الرفاهية والحياة الحرة الكريمة له ولعائلته وإشعاره بان ذلك هو حق مقدس من حقوقه المفروضة على الوطن طالما هو قد جسد انتماءه للوطن واستعد للدفاع عنه بكل ما يستطيع لإنجاز اسمي هدف في تاريخ تونس هو التحرر الوطني وبناء البلاد والمشاركة في صنع قراره المستقل. 7 جمع العناصر الوطنية الصادقة والثابتة في مواقفها برفض الهيمنة على أمتنا وتشجيع الإبداع والمبدعين والمتميزين بعطائهم الوطني والتركيز في ذلك على لصحاب الكفاءات العلمية والمهنية والأكاديمية والتي هم مفخرة لتونس. وضرورة المحافظة على هذه الثروة الوطنية الهائلة وذالك بتوفير المناخ الملائم لتحقيق أهدافه. 8 العمل على توحيد التونسيين وتقريب وجهات النظر حول مختلف القضايا المطروحة والشائكة والتي خلقها الاحتلال وأعوانه والوصول إلى موقف متقارب 9 دعوة للتونسيين جميعا إلى رفض الخنوع والذل والتردد وذلك من خلال حوار وطني بناء وهاديي بعيد عن العنف والتشنج ومغادرة مفهوم الوصاية من احد على احد أو حزب أو حركة على بقية الأحزاب والحركات إشاعة مفهوم حق الجميع في المواطنة واتخاذ القرار وتداول السلطة وقيادة الحياة مما يهيئ أرضية خصبة للوطنية الصادقة بان تنمو وللعزة والكرامة والموقف الوطني الشجاع أن يتجسد 10 بعث روح المحبة والتسامح وعدم رفع السلاح من قبل تونسي ضد تونسي آخر ومهما كانت الأسباب وان يكون هناك تحرك اجتماعي حضاري وقبائلي ومن رجال الدين وتوسيع النطاق لتطويق هذه المظلمة الطارئة على شعبنا والقضاء عليها والعمل على تحقيق التآخي بين الجميع من مختلف المنابت والاتجاهات بما يساهم في تحقيق الهدف الأسمى لهذه الجبهة ولكل التونسيين الشرفاء ذلك هو هزيمة المشروع الأمريكي والصهيوني وتحرير منطقة المغرب العربي من الانزلاق. 11. إعلان حوار وطني بناء وواسع بين الأحزاب والقوى والقبائل والشخصيات المشاركة في الهيئة وبقية التجمعات والحركات المناهضة للهيمنة وذلك للمساهمة في عمل سياسي وطني رصين يهيئ لمرحلة ما بعد التحرر وإعداد مشروع متكامل لقيادة البلاد. 12 تقوم هيئة الميثاق من خلال علاقاتها بالأحزاب ومنظمات المجتمع المدني العربي والدولي لدعمها سياسيا وماديا وإعلاميا وذلك من خلال تشكيل لجان لدعم الميثاق في كل الأقطار العربية والدول الصديقة. 13 تشكيل لجنة سياسية للهيئة ولجنة للعلاقات الخارجية من اجل التحرك على صعيد الدول العربية والإقليمية ودول العالم لمد الجسور و لشرح وتوضيح مدى التدمير الأخلاقي والاقتصادي الذي أصاب الشعب التونسي من جراء الجرائم التي ترتكب يوميا من قبل النظام العميل والعمل على فضح مشاريعه ونواياه وعملاءه وارتباطاتهم المشبوهة وأهدافهم الدنيئة من نهب ثروات الشعب وسرقة خيراته والعمل على محاسبتهم. قفصه »تونس: في 28 أكتوبر2006 حمد بن علي بن المختار الهمامي صالح بن سعيد بن مفتاح الورغمي الفالح بن ضو بن سعيد الشلخشاني المختار بن فرج بن هنيه الجلاصي
الدوحة – قطر
إلى سيادة زين العابدين بن علي رئيس الجمهورية التونسية حفظه الله،،
أجمل التحيات وأطيب الأمنيات بمناسبة قدوم عيدا لفطر المبارك وكل عام وأنتم بخير قاذ المدرسة التونسية بالدوحة من الضياع نتيجة الوضعية المتأزمة التي صارت إليها بعد إشراف المنظمة التونـسية للتربية والأسرة عليها ( عجز مالي أكثرمن650 ألف ريال قطري في نهاية السنة الدراسية 2005/2006 ) نتيجة لاستنزاف أموال المدرسة في انتدابات غير مبررة لخطط غير مسبوقة في المؤسسات التعليمـية ، زيادة على عبث المنسق العام للمدرسة صاحب المستوى التعليمي المحدود والسوابق العديدة في الفساد الإداري والمالي في خططه السابقة في تونـس ، والمتصرف المالي الشريك الوفي في كل هذه التجاوزات التي لا تحصى و التي يمارسانها بلا حسيب ولا رقيب قبل اكتشاف بعضها من طرف هيئة الأولياء وتدخل سعادة السفير مثل : – إساءة التصرف في ممتلكات المدرسة كإستعمال الخط الهاتفي الدولي بالمدرسة للإتصالات الخاصة (فواتير هاتف ضخمة) – تحميل ميـزانية المدرسية نفقات سفر وسياحة المنسق العام وزوجـته زيادة على راتبه الذي يعادل رواتب ثلاثة أساتذة تعليم ثانوي. – توريط المدرسة في إنتدابات عشوائية فاشلة غير مبررة وغير مدروسة مبنية على المحاباة والمحسوبية والعلاقات الشخصية . – تغيب المنسق العام المستمر و عدم تواجده بالمدرسة خلال التوقيت الإداري ، والعودة متأخرا في بداية كل سنة دراسية. – تحويل مقر المدرسة إلى سكن عزاب بعد توطين المتصرف المالي و عديد الأساتذة بالفصول الدراسية على حساب أبنائنا التلاميذ الذين يعانون الآن من متاعب الدراسة داخل أقسام خشبية بساحة المدرسة. – التطاول على أولياء التلاميذ والمربيات بألفاظ سوقية بذيئة لم نتعود على سماعها في مؤسساتنا التربوية . – إنتهاج سياسة التفرقة والتكتلات متاجرا بمكاسب المدرسة خالقا أجواء فاسدة داخل المدرسة وبين أبناء الجالية. سيادة الرئيس … أملنا كبير في تدخلكم وثقتنا أكبر في إستجابتكم لنداءات أبناء تونـس بالخارج دفاعا عن مكاسبهم وذلك لإنقاذ المدرسة التونسية بالدوحة من الإنهيار بعد فشل المنظمة التونسية للتربية والأسرة في تسييرها وإصرار رئيسها على غض الطرف على تجـاوزات المنسق العام والمتصرف المالي الذين تجمعه بهما علاقات شخصية معروفة لدى الجميع، ورفضه النظر في شكاوينا المتكررة الموجهة إليه خلال إجتماعاتنا بسعادة السفير وبفرع المنظمة التونسية للتربية والأسرة بالدوحة. كما نرجو من سيادتكم الإذن بفتح تحقيق في التجاوزات التي حصلت وتحصل منذ مدة ، ومحاسبة كل المسئولين عن تردي المدرسة إلى هذا الحال، وإيجاد الصيغة المثلى للإشراف عليها حتى يعم جاليتا الاطمئنان و يسودها الاستقرار. أدامكم الله ذخرا لوطننا الحبيب ووفقكم لما فيه خير تونس وعزتها وكل عام وأنتم بخير. الجالية التونسية بدولة قطر (ملاحظة من التحرير: تلقينا هذه الرسالة عبر البريد الألكتروني يوم 2 نوفمبر 2006)
اعتصام عمال نزل القاري بالقيروان متواصل في مواجهة قانون الغاب
انه ليس أول اعتصام في القيروان إذ اعتصم عما ل مصنع جنات للمياه المعدنية السنة الماضية ثم عمال معمل الصناعات الميكانيكية ايسوزو.وسوف لن يكون الأخير مادام دوس القوانين هو شعار الأعراف ومادام الصمت هو شعار الدوائر الرسمية .
إن ما يحدث في نزل القاري هو عينة للعلاقات الشغلية في ظل الاقتصاد المعولم ، والخوصصة وهشاشة الشغل ، عينة لعلاقات شغلية يغيب فيها القانون ويحكمها المزاج وتسود فيها الغطرسة « نعمل اللي نحب » قال المدير لما طلب منه أن يحترم القانون « أنا هو القانون ، وأنا اللي نرفسكم برجلي ». لا تسأل أين هي القوانين وأين دور الدولة في تعديل الكفة ولا تسأل عمن يحمي عمالا افنوا نصف أعمارهم تقريبا في مؤسسة أحبوها وصانوها وحققوا لها أرباحا طائلة رغم الاهانات اليومية التي كانوا يتعرضون لها من مدير المؤسسة الذي قال انه جاء خصيصا لينتقم منهم.
بدأت القصة منذ حوالي شهرين حين قرر مدير النزل طرد عاملة – وهي عضوة بالنقابة – ، أم للأطفال ومعيلة لهم إذ أن زوجها سبق وان وقع طرده .سبب طردها ؟ سمع مدير النزل عن طريق شخص أن شخصا قال له أنها – ربما شتمت المدير في غيابه؟عنعنة لم يستطع إثباتها أي واشي لكنها سبب وجيه لإيقاف عاملة وتجويع عائلة؟
قرر العمال الدفاع عن زميلتهم باستعمال ما يشرعه القانون : الإضراب عن العمل . لكن قبل الإضراب وقعت جلسة صلحية بالولاية . استبشر العمال وأملوا في عودة زميلتهم عن طريق التفاوض، والنتيجة طرد الكاتب العام للنقابة عن طريق الشرطة العدلية.طرد مخالف لكل القوانين الشغلية وللاتفاقية المشتركة للنزل السياحية ؟ صحيح. و لكن من سيجبر صاحب النزل على احترام الاتفاقات؟
بدأ اعتصام العمال يوم الخميس 26 أكتوبر مطالبين بعودة زميليهما ، فكانت النتيجة مزيدا من التصعيد :تلقوا رسائل تحمل نفس المحتوى « نعلمك انه وقع إيقافك عن العمل علما وانك ألغيت عقد الشغل بينك وبين المؤسسة » الطريف انه ليس هناك عقد شغل فهؤلاء العمال مرسمون ؟ لكن يبقى الأمل قائما:هؤلاء العمال مصممون على مواصلة الدفاع عن أنفسهم وكرامتهم وزملائهم مهما كلفهم ذلك ونقابيو- وفي مقدمتهم الاتحاد الجهوي للشغل – وحقوقيو الجهة يشدون أزرهم يوميا ساعة بساعة إذ انه في عصر العولمة وهشاشة الشغل وصمت الدولة لابد أن يتولى كل المناهضين لقانون الغاب في القطاع الخاص خاصة الوقوف إلى جانب العمال ، القطاع المهدد يوميا بالتسريح والبطالة والاستغلال . من يدري ؟ لعلنا بصراخنا وحركاتنا واعتصماتنا وإضراباتنا نستطيع أن نفرض احترام القوانين.
مسعود الرمضاني و سمير ريانة
بيان
قام عدد من أعوان الأمن ليل أمس الأول باختطافي من مقر إقامتي المؤقتة بصفاقس بخشونة شديدة و اعتقالي بأحد مخافر منطقة الحرس الوطني بالجهة بتعلّة أنّ تتبعا مرفوعا ضدي بتهمة عقد اجتماعات غير مرخص لها بالمنطقة و تحريض المواطنين على خرق القانون على حدّ زعمهم ، قبل الإفراج عنّي بعد زهاء ساعة و نصف بدعوى أنّ المحكمة هي من ستوجّه لي استدعاء مستقبلا بشأن القضية المزعومة .
و قد تمسّكت رغم الإهانات التي تلقيتها منهم بحقّي في عدم التوقيع على ما وصفوه بمحضر استجواب لم يتمّ فيه احترام لا القانون و لا حقوقي كإنسان إذ كنت أتلقى السؤال من أحد الأعوان و في الآن نفسه كنت أتلقى النعوت الرخيصة من زميل كان معه في المكتب من قبيل « يا بيّوع » و « قدّاش يصُبّولكم أعرافكم الأمريكان إنتي والمرزوقي » . و لئن أُنكر عقدي لاجتماعات غير قانونية لأنّني لا أعتبر أن الحصول على ترخيص للتحدّث مع المواطنين من حكومة لا تعترف بالقانون ، هي أصلا مسألة فيها احترام للقانون .
إلاّ أنّني أُقرّ لكل العالم أنّني شرعت و لي الشرف في هذا، في محاولة نشر آرائي المتعلّقة بالشأن العام ببلدي بين جمهور المواطنين الذين أعرفهم و الذين لا أعرفهم ، وذلك في ظلّ منع وسائل الإعلام جميعها التي أنشر فيها آرائي بالخارج سواء الإلكترونية منها أو الورقية ،من أن تصل إلى الجمهور الأصلي لصحفي مثلي و هو جمهور العموم ببلاده . و من الواضح أنّ المُستهدف الأصلي من اختطافي أمس الأول لم يكن فقط شخصي بقدر ما كان مواطنو المنطقة التي أقيم فيها ممّن تجاوبوا مع آرائي ، وذلك في محاولة صريحة لإخافتهم و ترويعهم من أن يتواصلوا معي مستقبلا . ولذلك فإنّني : – أندّد بهذا الاعتداء الأمني الجديد و الذي هو ليس غريبا على حُكم إختار محاورة مثقفي البلد و محامييه و قضاته و صحافييه و باقي أطياف نخبه عبر أعوان البوليس و العضلات المفتولة للميلشيات المأجورة . – أعبّر عن تمسّكي بإيصال صوتي كصحفي لم يتعوّد السكوت على الحقائق ، إلى جمهوري و الذي هو عموم التونسيين ، وذلك بكلّ الأشكال التي يبيحها لي حقي في حرية التعبير ، بما في ذلك نسخ مقالاتي و التجوّل في الأسواق لتوزيعها على المواطنين إن لزم الأمر مستقبلا ، بعد أن حكم النظام بالإعدام على حقي في النشر في بلدي . – أجدّد شكري لكلّ المنظمات الحقوقية التونسية و كذلك الدولية التي ساندت و مازالت نضالي من أجل إستعادة حقوقي كصحفي و كإنسان . القلم الحرّ : سليم بوخذير
الاستقواء بالأجنبي: عبد القادر الزيتوني مثالا
يبدو أن السيد عبد القادر الزيتوني، متزعّم ما يسمّى بـ»حزب تونس الخضراء» غير القانوني، قد وقع في الفخ الذي نصبه له أصدقاؤه من مدّعي النضال السياسي، والذين تعرفهم جيدا الصالونات الخلفية للسفارات الأجنبية والذين احترفوا الجلوس حول موائد وولائم الأجنبي. فهذا «المناضل» الذي تعوزه على ما يبدو التجربة والحنكة السياسية، قد انساق بصفة رسمية وعلنية وبتحريض من أصدقائه الذين مازال يصر على صحبتهم، وعلى استشارتهم، وعلى استلهام الدروس من «نضالاتهم» وعلى التنسيق معهم في كل كبيرة وصغيرة، إلى جوقة المتمسّحين على الأعتاب، وإلى طاقم المستجدين لدعم الأطراف الخارجية، والمستقوين بها على بلدهم وعلى قوانينه وأعرافه. فالزيتوني لا يخفي اليوم سعادته باعتراف أحزاب الخضر في أوروبا بحزبه، معتقدا أن هذا الاعتراف هو وسام يوشح به صدره ومبعث اعتزاز وفخر له، ولمن يسايره في فكره ومنهجه، وهو يظنّ واهما، أنه تتويج للنضالات التي خاضها من أجل تحقيق غاياته. ونقول للسيد الزيتوني أنه اختار الطريق الخاطئ في النضال من أجل المبادئ التي يؤمن بها، إن كانت له مبادئ أصلا، فالاعتراف الخارجي بحزبه لن يضفي عليه قطعا لا الشرعية ولا القانونية من الداخل وهو الأهم، بل إن هذا الاعتراف، سيجعل منه لا محالة رقما جديدا، ينضاف إلى القائمة التي تستخدمها الدوائر الأجنبية للضغط على بلادنا بدعوى الدفاع عن الحريات والديمقراطية. فمنطق الاستجداء، للحصول على شرعية وهمية من الخارج، هو سلوك مرفوض بكل المقاييس الأخلاقية والوطنية والسياسية، وهو انحراف غير مقبول، يجب على كل الوطنيين إدانته والتشهير به لأنه يعرض البلاد إلى التدخل في شؤونها الداخلية، ولأنه لا يحترم قوانين اللعبةالسياسية، ولأنه يستخف بتشريعات البلاد وقوانينها. (المصدر: « بطاقة » غير ممضاة بصحيفة « الشروق » التونسية الصادرة يوم 1 نوفمبر 2006)
حق الرد
الى السيد رئيس تحرير جريدة الشروق طالعتنا يومية الشروق المستقلة والجامعة بتاريخ 01/11/2006 ص 15 بمقال « بالخط العريض » تحت عنوان « الاستقواء بالاجنبي عبد القادر الزيتوني مثلا » واني ارجو من جنابكم سيدي رئيس التحرير قبول مبدأ حق الرد القانوني ونشره في اعمدة جريدتكم . 1/ ان اعتراف 32 حزبا اروبيا في مؤتمر جينيف الاخير بتاريخ 15/10/2006 جاء نتيجة نضالات « حزب تونس الخضراء » من اجل المحافظة على المبادئ البيئية والديمقراطية التي نؤمن بها والتي وقع الاستلاء عليها يوم 3 مارس 2006 وتم تنصيب شخص غريب عن هذه المبادئ في مسرحية مضحكة ومبكية سميت « حزب خضر… » ان انخراطنا في حركة الخضر العالمية والافريقية والاعتراف الدولي هو حق من حقوقنا كحزب سياسي يتعامل مع احزاب سياسية تنتمي لنفس التوجه السياسي الديمقراطي والبيئي كالعديد من الاحزاب التونسية والتي نذكر منها التجمع الدستوري الذي مازال ينتمي الى مجموعة الاحزاب الاشتراكية ويشاركها رسميا في تظاهراتها الدولية ثم الحزب الليبرالي الذي ينتمي « لليبرالية العالمية 66 دولة » كما جاء في جريدة الصباح 2 ديسمبر 2004. ونحن سعداء كل السعادة بهذا الاعتراف الذي طلبه كتابيا الحزب المنصب وتم رفضه. 2/ اما قانونية حزبنا كما قال الشيخ امام « عيطي (أي ابكي) يا بهية عن القوانين ». هكذا اصبحت في )دولة القانون والمؤسسات( تمنح الاحزاب حق وجودها في مقال جريدة غير ممض ويحجب عنها هذا الحق بجرة قلم لم يعلن عن اسمه…. ونحن مازلنا نؤمن بدولة القانون والمؤسسات ولا بدولة المحاباة والولاءات ونحن نعلن للجميع اننا قدمنا ملفا قانونيا للسلط المختصة بتاريخ 19 افريل 2004 (انظر الرسالة المفتوحة الموجهة للسيد رئيس الجمهورية والمنشورة في جريدة الموقف بتاريخ 24 مارس 2006). واخيرا يستطيع صاحب المقال الرجوع لاحد زملائه كان قد رافقنا يوم تسليم ملفنا لمصالح وزارة الداخلية. 3/ اما عن معزوفة « الاستقواء بالخارج والاتصال بالدوائر الاجنبية » فنحن نؤكد بأن هذا الثلب « الذي هو تحت طائلة القانون » لا بنال من حقنا في الدفاع عن حزبنا الذي تم السطو عليه في الداخل والخارج، وكنا قد اجبنا اصحاب هذه « النظرية المعزوفة » من شخصيات « 6 نوفمبر » وجماعة « الربع الساعة الاخير »، في جريدة الموقف بتاريخ 17 مارس 2006 « اصحاب الايادي النظيفة » هؤلاء الذين هالهم اعتراف 32 حزب خضر في مؤتمر دولي في جنيف والذي تناقلته وكالات الانباء العالمية يكشف تزييفهم للتاريخ والحقائق امام الرأي العام التونسي والدولي. 4/ اما عن اصدقائي ورفاق المسيرة الطويلة والعسيرة والتنسيق معهم هذا شرف لي وحق من حقوقي كمسؤول في المعارضة التونسية لا ينكره الا من يجهل الديمقراطية واعداء الحرية الرافضين للحوار الوطني. 5/ وختاما الفت إنتباه السادة القراء أنني كرست حياتي لخدمة بلدي واسست قطاعا اقتصاديا هاما لتونس الحبيبة أي السكن الاجتماعي وكان لي شرف أني ساهمت في انجاز أكثر من 20 ألف مسكن إجتماعي تسكنه آلاف العائلات وان الثلب والشتائم لن تنال مني ومن رفاقي من أجل مواصلة النضال لتحقيق بيئة سليمة وتنمية مستدامة في ظل نظام ديمقراطي جمهوري. الامضاء عبد القادر الزيتوني م/خ : تم تسليم هذا النص الى جريدة الشروق التي مثلها السيد عمر الطويل بتاريخ 01/11/2006 ونحن ننتظر نشره قبل اللجوء الى الاجراءات القانونية .
تجدد الصراع بين الإسلام والحداثة
تونس: ‘الحجاب’ يعود بقوة ويصبح ظاهرة
تونس ـ د. ب. أ ـ ازدادت ظاهرة ارتداء الحجاب حتى في العاصمة تونس وأصبحت البنات اللاتي لا يرتدين الحجاب هن اللاتي يلفتن الانظار اليهن واخذت الطالبات بصفة خاصة في التنافس لابراز احدث أنواع موضة الحجاب التي عادت لتونس من جديد وبدأت في الاتساع خلال العامين الأخيرين. وتنظر الدولة في تونس بتشكك كبير تجاه تزايد الظاهرة التي وصفها الرئيس زين العابدين بن علي بانها ‘نزعة مستوردة’ تتنافى مع التقاليد، وقال ان اللباس التقليدي التونسي كفيل بضمان قيم الحياء والاحتشام. وعلى الرغم من ان تونس دولة إسلامية، وكذلك رئيس جمهوريتها بطبيعة الحال، فإن البلاد ترى نفسها ‘جنة السياحة’ وتطلق على نفسها ‘بلد الانفتاح’ عبر 50 عاما من الحداثة والانفتاح على العالم. ارتداد.. وضوابط ويحذر الهادي مهني الأمين العام لحزب التجمع الدستوري الديموقراطي الحاكم من الارتداد من خلال ارتداء الحجاب، و أكد حرص الدولة على عدم السماح به، وقال ان ترك الأمور من دون ضوابط يعني التخلي في المستقبل عن انجازات وحقوق المرأة في العمل والتأهيل والانتخاب وستقتصر مهمتها فقط على الاعمال المنزلية وانجاب الأطفال. وشدد المسؤول التونسي على حرص القيادة السياسية على تطبيق القرار التاريخي للزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، والمعروف باسم المرسوم 108 لعام ،1981 الذي يمنع ارتداء أي زي طائفي في المدارس والجامعات وأماكن العمل والأماكن ذات المصلحة العمومية. وتسعى السلطات الى تطبيق المرسوم بقوة رغم الانتقادات ‘الاخوية’ من قناة الجزيرة القطرية وشهدت الشوارع تدخل رجال الشرطة ضد السيدات اللاتي يرتدين الحجاب وبلغ الأمر الى نزع حجاب البعض في مدينة صفاقس. وتتعرض هذه الاجراءات لانتقادات ليس فقط من جانب المسلمين المعتدلين في دولة يمثل فيها الاسلام نسبة 99 في المائة من السكان، وانما ايضا من جانب المعارضة التي ترى في منع الحجاب هجوما على الحرية والديموقراطية، وهو الأمر الذي أوقع الرئيس بن علي بين شقي الرحى. (المصدر: صحيفة القبس الكويتية بتاريخ 2 نوفمبر 2006 نقلا عن وكالة DPA الألمانية) الرابط: http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperPublic/ArticlePage.aspx?ArticleID=214184
على طريق 7 نوفمبر بالعاصمة: شاحنة تتسبب في تصادم 9 سيارات وأضرار مادية كبيرة
تونس – الصباح: جد على الساعة السادسة والنصف من مساء أمس على طريق 7 نوفمبر بالعاصمة على مستوى محول المنزه في اتجاه مطار تونس قرطاج الدولي حادث مرور خلف أضرارا مادية كبيرة. وحسب شهود عيان تمثل هذا الحادث في فقدان صاحب شاحنة التحكم في فراملها بعد فقدانها الضغط الهوائي مما أفقدها توازنها… وانجر عن ذلك اصطدام 9 سيارات خفيفة كانت تسير وراء الشاحنة. وذكرت مصادر أمنية على عين المكان أن الأضرار البشرية انحصرت في جريحين فقط جراحهما خفيفة بينما الأضرار المادية التي لحقت بهذه السيارات تعتبر كبيرة. وقد حلت على عين المكان وبشكل فوري فرق الحماية المدنية وأعوان المرور. وساهمت شاحنات خاصة معدة لحمل السيارات في تيسير حركة المرور على هذه الطريق بعد ان رفعت السيارات المتضررة… وأبعدتها عن الطريق. وحسب هذه المصادر فان حركة الجولان عادت لطبيعتها بشكل فوري. (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة من 2 نوفمبر 2006)
تونس في10شوال 1427 الموافق ل1 /11/2006
من أجل انتقال سلمي نحو الديمقراطية
المطلوب : تحول ديمقراطي سلمي و حقيقي وليس تحول سلمي للسلطة
أصبح الحديث يكاد يكون علنيا عن انتقال سلمي للسلطة في تونس كلما اقترب موعد تونس البائس من 7/11 ورغم أن هذا الحديث له ما يبرره عند النظام القائم بعد أنباء جدية عن تدهور صحة الرئيس و خوفهم وخاصة العائلات المتسلطة و المستثرية عن طريق اللصوصية و نهب أموال الشعب و استغلال النفوذ والفساد الإداري من أن يحرموا من مكاسبهم عند حصول تغيير و صعود فريق جديد من اللصوص و النهابين و المتكسبين بالنفاق السياسي و المتمعشين من انفلات كامل من كل رقابة و محاسبة جدية و مسؤولة. لذلك تراهم يريدون الاطمئنان إلى أن يكون الجديد خير خليفة لمن سبق. ثم هنالك المتورطون في جرائم سياسية ضد هذا الشعب وقد صدرت في حق بعضهم أحكام خاصة بعد إمكانية المحاكمة الدولية لمن تثبت جرائمه ولنذكر مثالا على ذلك و زير التعذيب )عفوا( الداخلية الأسبق. ولنضيف إليهم هؤلاء العلمانيون المتطرفون جدا وهم منضوون داخل الحزب الحاكم و في مواقع من السلطة و المسؤولية و اللذين كانوا سببا في مضاعفة ما لحق أبناء حزب النهضة من تنكيل وتعذيب متواطئين بعضهم أو جلهم مع ممثلي المصالح الصهيو أمريكية في تونس.
ورغم مدى جدية و موعد هذا الانتقال أيكون قريبا أو بعد أشهر و لأنه في النهاية سيحصل وهذه سنة الله في الحياة ومن سنن الله التداول والمرحلية والتطور.فاني أرى البعض مستبشرا وكأن وضع تونس التعيس مرتبط ببقاء أو رحيل شخص بن علي رغم أنه جزء من الإشكالية لما عرف عنه من التسلط و رفض الاعتراف بالخطأ وربما يعود هذا إلى بداية تكونه العسكري إضافة أنه فعلا ابن سياسة بورقيبة وان كان ليس في دهائه و مكره .
هؤلاء المستبشرون قد نجد لهم عذرا لشدة و طول ما لحق بهم من أذى و حيف وقهر.لكن كل هذا لا يمنع من النظر بعيدا و يجب أن ننسى و للأبد شخصنة القضايا حتى و لو كانت كذالك لأن المثل الصيني يقول إذا تفرق قطيع الأغنام و لو كانوا أقوياء حكمتهم النعجة الشوهاء على ضعفها وتقول الحكمة السياسية أطلب الأبعد لتنال الأقرب و اطلب المرغوب لتنال الممكن. ولأنه من حق أجيال تونس التي مضت زهرة عمرها بين السجون و التنكيل والتخويف والتفقير و التجهيل ولأنه من حق أمتنا علينا و الشهداء اللذين دفعوا دمائهم في سبيل عزة هذا الوطن و تحريره من أنظمة الحكم الفاسدة والمستبدة.بعد أن قضى الجيل الأول في تحرير البلاد و العباد من نير الاستعمار الفرنسي فانه من حقهم علينا أن نواصل بنفس العزيمة و بنفس الصبر و الثبات غبر مطمئنين و لا مستبشرين لهاته الأفواج من الحكام التي تعين علينا قصرا وتحكمنا قهرا.
من حقهم علينا مواصلة المجاهدة و الجهاد بأشكاله المختلفة حسب طاقة و إمكانيات كل جيل وكل مرحلة ولنا في مدرسة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم التي جمعت بين مثالية المطالب وواقعية العمل ومناهجه في تلك الفترة من الزمن خير ملهم لتجاربنا المعاصرة في الصراع ضد الظلم و الاستعمار.
فان مطالب شعبنا ليست انتقال سلمي للسلطة ليستبدل رأس برأس ووجه بوجه و يبقى الحال على ما هو عليه.اذهب و اسأل كل فرد في تونس حتى ولو كان صغير السن وحتى ولو بدا لك شيطاني المظهر متميعا .سيضحك ويقول مالجديد في ذلك؟ذهب حجاج ليأتي حجاج فهل يكون هؤلاء أذكى من هؤلاء اللذين خبروا النظام و الحال عندنا وهم كذلك فعلا في كثير من الحالات.
إن انتقال سلمي أو برتقالي لا يعنينا بشيء. إننا نطالب بانتقال ديمقراطي حقيقي نرغب و نود أن يكون سلميا لكن لا مانع إن كان تحققه في الأخير مازال يتطلب قائمة جديدة من الشهداء أو كما أشار الأستاذ منصف المرزوقي أنه يتطلب إن لزم الأمر عصيان مدني لإجبار السلطة على التنحي والتحول نحو الديمقراطية.
ولم يعد بإمكان أحد الضحك على هذا الشعب و إيهامه بالديمقراطية لمجرد منع الضرب في المراكز أو منحه بعض حقوقه الأساسية .لأن الديمقراطية في ذهن شعبنا هي أولا التخلص من أشكال التبعية المقيتة وتحقيق التنمية الحقيقية التي لا يمنحك شهادتها منتدى دافوس لرأسماليي العالم ومجرميه إن الشهادة الحقيقية للتنمية الحقيقية يمنحك إياها ما تراه في حياة شعبك من تحسن للأحوال الاجتماعية وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحقيق حرية الانتماء و الشعور بكرامة الانتماء العربي و الإسلامي.إن الديمقراطية على حاجتنا إليها ليست غاية الغايات و لامنتهى النهايات بل هي كغيرها وسيلة لتحقيق كرامة الإنسان دون تمييز و تحقيق لتنمية شاملة للإنسان وتوحيد لجهود الأمة ضد الهجمة الاستعمارية الجديدة .ولعلها أداة سيحل بها يوما النسيان لتظهر أشكال جديدة من الحكم الرشيد و العدل ما دمنا نؤمن بسنن التطور و التحول والنسبية حتى في أكثر العلوم نخالها علوما صحيحة فما بالك في العلوم الاجتماعية و السياسية والثقافية.إن الديمقراطية الحقيقية سيقيسها شعبنا العربي الإسلامي )دينا و ثقافة وانتماء لحضارة الإسلام حتى إن لم يكونوا مسلمين لكنهم مواطنون كاملي الحقوق و المسؤوليات( . على سلم رشتر العربي الشعبي سيقيسها طبقا لاقتراب الحال أو بعده عن المؤشرات و القضايا التالية :
–الوحدة العربية والتكامل العربي وان بأشكال جديدة مادام المضمون يتحقق ولا يستطيع أحد كان إسلاميا أو علمانيا أن يخفي مدى اعتبار هذا المطلب حلم عربي مشترك.
–مدى تماشي القرار الوطني مع مصالح و طموحات شعوبنا العربية و الإسلامية
–مدى تحقق التنمية الشاملة و الحقيقية التي تؤدي للنهوض بكرامة الإنسان و حقوقه وليعلم الجميع أن ما يعتبر في الغرب حقوقا تنالها طبقا لقاعدة المصالح والتوازنات فإنها في الإسلام فرائض وواجبات يسعى المؤمن و المسلم لتحقيقها بصفة يومية ومعيشية وهي قاعدة حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا. وهذه الحقوق لا يحرم منها أحد لا وقت السلم و لا الحرب بل ربما كانت أوكد وقت الحرب نظرا لأن الحرب في الإسلام لا تكون للسيطرة على منابع النفط و نهب ثروات الشعوب بقدر ما كانت حاملة لرسائل مقدسة وبالطبع لا أدعو هنا للحرب ولكن فقط للتأكيد على أن حرمة الإنسان في الإسلام لا تنتهك لا وقت الحرب و لا وقت السلم ولا في حالات الطوارئ المعلنة بصفة مستمرة و بالعقود في دولنا العربية و الإسلامية.
فالديمقراطية ليست حقوق الإنسان و إن كانت نتيجتها و أداتها وليست حرية الأعلام وان كانت عنصر ومرتكز أساسي من مرتكزتها بل الديمقراطية أداة لتحقيق التنمية الشاملة والسيادة في القرار وفي الاختيار ولذلك ترى الأمريكيون يشجعون الديمقراطية المضبوطة أي التي لا تفقدهم مصالحهم عند شعوب المنطقة وهيمنتها على قراراتهم و سيادتهم على حاضرهم و مستقبلهم.
لذلك فديمقراطيتنا ليست ديمقراطيتهم هم يريدونها حقوق إنسان و حريات عامة و السماح بتواجد أحزاب معارضة ونحن نريدها ديمقراطية استقلال و سيادة وعدالة وتنمية شاملة بما فيها ما سبق ذكره.إننا نريد ديمقراطية النتائج لا ديمقراطية الوسائل.
بعد أن أشرت إلى الحالة التونسية وهي عينة عن كل الوطن العربي الواحد ولعلها من أسوئها أو ما تبقى من أسوئها بعد بعض التنازلات والتراجعات هنا وهناك فان الانتقال الديمقراطي الحقيقي ولست أتحدث حتى عن الواقعي .يتطلب إجماع وطني صادق و مسئول حول النقاط التالية.
–إيجاد مجلس رئاسة مؤقت لإدارة شؤون البلاد في الفترة الانتقالية بدل انتظار تعيين رئيس جديد و لوكأننا شركة استثمارية تتنازع عليها فرنسا وممثليها الداخليين والولايات المتحدة الأمريكية و لوبيها الداخلي.
–بعث لجنة وطنية لصياغة دستور ديمقراطي للبلاد قبل عرضه على الاستفتاء الشعبي و الوطني.
–بعث لجنة محاسبة و متابعة قضائية للملفات التي تزخر بها دهاليز وزارة الداخلية في ما يخص كل الانتهاكات والجرائم التي وقعت في فترة حكم نظام بن علي على الأقل و أنا متأكد أن الجميع سيدفع ثمن جرائمه و لو سبقت فترة حكم هذا النظام.
–بعث لجنة قضائية مالية لمتابعة أموال الشعب و مقدراته المسلوبة و المودعة بين البنوك الأجنبية و السوق السوداء داخل البلاد وخارجها وتتبع المسئولين الماليين و محاسبتهم و مساءلتهم على مصادر ثرائهم وعلى الفساد الإداري و الصفقات العمومية المشبوهة والتي كانت غطاء لسرقة أموال الشعب بصفة غير مباشرة كمثال على ذلك أحد المراقبين الماليين حدثني عن أن الفوترة عن الخدمات التي تؤدى للدولة تضاعف و تضخم بشكل فاضح و مكشوف يتستر عليه في العادة المراقبين إما خوفا من الضرر أو نيلهم لرشوة وكل هذا بات من المعلوم عند صغارنا قبل كبارنا.
–إنشاء لجنة تحضر لانتخابات نزيهة و شفافة وتوعية الشعب سياسيا إذ أن البعض لا يعتقد فعلا و لا يعرف قيمة وثمن بطاقته الانتخابية.
كل هذه المطالب وكل ما يمكن أن أكون قد غفلت عنه هو السقف الحقيقي لتحول ديمقراطي سلمي و حقيقي وليس تحول سلمي للسلطة. ولتكن هذه الورقة التي لا تعبر عن رأيي فقط. نقطة لتشكيل ورقة ضغط سياسي تطالب بها كل الحساسيات السياسية حتى لا نكون ضحايا لعهد جديد ونسقط في مستنقع آخر من الحيل التي لن يعدمها أي نظام جديد.
حافظ بن عثمان
في دونية المرأة وكمالها(2/2)
علـــي شرطانـــي:
فقيمة المرأة وكمالها وإنسانيتها إنما تستمدها عند هؤلاء من الكشف أكثر ما يمكن من جسدها، ومن الكشف عن رأسها تحديدا. فثمة قيمة تكسبها حسب زعمهم من الكشف عنه، وهي تفقدها بتغطيته،هكذا بكل غباء وقصور. وباعتبارهم حريصون على الإبقاء للمرأة على هذا المستوى من الكمال والإنسانية الذي لا دور لها في اختياره، والذي لا يتحقق لها في رأيهم إلا من خلال كشف الرأس، قدوتهم في ذلك المثال والأنموذج النسوي الغربي. فقد ضموا صوتهم إلى صوت الإستبداد الذين هم جزء منه، وأحد أهم مكوناته فكرا وسلوكا، وجعلوا موقفهم من مسألة الحجاب من موقفه، وكانت مشاركتهم كبيرة في الدفاع عن كشف الرأس والعري واللباس الفاضح والمحافظة عليه وتشجيعه، وفي الحرب على الحجاب وعلى اللباس الشرعي ذي المواصفات الإسلامية الذي لا تصح عبادة المرأة لله إلا به، وهو الذي أمر أن لا يعبد إلا بما أمر أن يعبد به، والذي يتفق مع عقيدة نساء شعبنا المسلم، والمساهمة من كل موقع في نزعه بالقوة من على رؤوس نساء وبنات الشعب التونسي العربي المسلم، ومؤازرة دور البوليس في اضطهاد نصف الشعب التونسي ومن خلاله النصف الآخر.
هذه الصورة وهذا المشهد كما يعيشه شعبنا منذ أكثر من ربع قرن، خاصة منذ حلول السنة الدراسية وخاصة في شهر رمضان المبارك، وككل سنة على امتداد هذه الفترة من الزمن. وهي وإن كانت معركة حقيقية مع الشعب إلا أنه كان فيها من الإفتعال الملفت للإنتهباه هذه المرة أكثر من أي وقت آخر، والتي ليس لها من دلالة إلا الفراغ الذي أصبح يعيشه نظام تحالف7 نوفمبر الرهيب، ومستوى الإفلاس الذي وصل إليه في كل المستويات وعلى كل صعيد.
وأمام عجزه على مواجهة المشكلات الحقيقية المتفاقمة التي أغرق فيها البلاد، لم يجد أمامه إلا الهجوم على الشعب من خلال هذه الحرب التي أعلنها على النساء، وعلى الرجال والأطفال من خلالهن، من أجل ظاهرة الحجاب، ليرهب الشعب ويسكت كل الأصوات المتعالية من أجل الحقوق السياسية والثقافية والإجتماعية والإقتصادية، ويصرف الأنظار عن كل ذلك لما هو أقل أهمية، وربما ولما لا، لإعادة اختبار مكوناته وحلفائه ومواليه ومعاضديه إن كانوا مازالوا معه على ما جمعهم عليه سنة 1990 ،أم أن الوقت قد حان لتتغير المواقف من خلال تغير المواقع بحسب ما يتحقق وما يمكن أن يتحقق من مصالح.
فإذا كان الخمار(الحجاب) واللباس الشرعي للمرأة المسلمة في تونس تطوير للباسها التقليدي الذي يستجيب للشروط الشرعية وللحياء والحشمة، الذين كاد برنامج الحركة العلمانية التي عبرت عن نفسها بما لا يدعو مجالا للشك على طبيعتها الطائفية أن يذهب بهما، والذي مازالت رموز السلطة وفي مستويات مختلفة، زيادة في التضليل والخداع تتحدث وتزعم عدم اعتراضها عنه، والذي أصبحت المرحلة تقتضيه وفق ما انتهت إليه الأوضاع بالبلاد من تطور وجب معه تطوير اللباس التقليدي الشرعي للمرأة التونسية. وهو نفس اللباس الذي جاءت الحركة العلمانية رافضة له، والذي كانت فلسفة الهالك بورقيبة لتطوير المرأة وتحريرها تقضي بنزعه عنها، وقد فعل ذلك بنفسه، ولا يدري عاقل بأي معنى يقدمه أتباعه وأنصاره ومقتدو أثره ومريدوه على أن اللباس الوحيد الذي يمكن القبول به بعد نصف قرن من حكمهم للبلاد بعد اللباس الغربي، هو ذلك اللباس التقليدي الذي ظلوا جميعا رافضين له عقودا من الزمن، ومازال ينظر إليه على أنه يكرس دونية المرأة التونسية التي كانت مساهمتها به في تحرير البلاد من الإحتلال، وهو الذي مازالت المرأة التونسية في الأرياف تساهم به في معركة التنمية والبناء والتشييد التي انتهى بها اللصوص والمفسدون وعصابات السرقة والنهب وسرقة إنتاج المجهود الوطني للمجموعة الوطنية في تنمية حقيقية يرنوا إليها ويبذل الجهد من أجل تحقيقها، ومازالت رغم كل ذلك طموحا بعيد المنال.
وما كان لهذه المرأة التي تلتزم بما ألزم الله به إماءه المسلمات لتقبل بالإنخراط في الإثارة ولا في مظاهر الدعارة التي هي مشروع الغلاة والمتطرفين التكفيريين من الطائفة العلمانية، ولا في المشاهد الإستعراضية التي تقدم فيها المرأة أو يتم تقديمها فيها على أنها جسد يخفي الروح والعقل منها.
فإذا كانت الدونية هي رفض هذا المستوى من الهبوط المخل بالشرف والمحط بالكرامة والمنتقص من الإنسانية والمتجه نحو الحيوانية والشيئية، فهي بهذا المعنى، على فرض أن الحجاب يكرسها فعلا، أفضل من أي صورة أخرى من صور الكمال التي يمكن أن تتحقق بدون اللباس التقليدي التونسي المحتشم أو الشرعي الذي لا يعدو في الحقيقة إلا أن يكون تطويرا له.
وإذا كان الكساء الكامل يكرس الدونية فماذا عن العري واللباس الفاضح الذي لا أصل له في ثقافتنا وفي تاريخنا وفي واقعنا وفي عاداتنا وتقاليدنا، والذي هو من ثقافة وعادات وتقاليد شعوب أخرى لا علاقة لها بالعروبة ولا بالإسلام، والذي ما زال يفرض فرضا على نسائنا وفتياتنا وهن له كارهات.
وهل تسقط الدونية وتكسب المرأة كرامتها وكمال إنسانيتها من العري؟
أليست الدونية هي التي يفرضها العلمانيون المتطرفون التكفيريون على المرأة التونسية المسلمة باسم الحرية والتطور والحداثة، بالزج بنساء تونس المسلمات في دور الدعارة والمحال العمومية؟
فهل كرامة المرأة المسلمة في تونس العروبة والإسلام في إباحة مهنة الدعارة وتقنينها وإسنادها لها ورسمها على بطاقة الهوية؟
أليست دونية المرأة التونسية في الزج بها في قاعات الليل وتنشيط السهرات الماجنة الداعرة بالنزل الفخمة والفضاءات الخاصة؟
أليس إهدار كرامة المرأة التونسية المسلمة في الأمهات العازبات جراء الإهمال والرمي بها في مهاوي الرذيلة التي تتيحها لها الثقافة العلمانية المتطرفة الدخيلة التي جاءت لاغية للثقافة الإسلامية الأصيلة التي لا كرامة للمرأة وللإنسان عموما بدونها، وذلك من كرم الله ومن التكريم الإلهي لها وللإنسان عموما؟
أليست دونية المرأة في صخرتها واستغلال أنوثتها تحت غطاء زائف وشعارات براقة خادعة يسميها زاعمو العقلانية والتقدمية والحرية والحداثة من القرامطة الجدد تحرير المرأة؟
أليس اللباس من أخص خصائص الكائن البشري من دون سائر الكائنات الحية على وجه الأرض. وهو عنوان تحضر ومدنية وتطور وتقدم. والعري عنوان تخلف وانحطاط وبدائية ورجعية ؟
نقول هذا لأصحاب مشروع العري الذي يفرضونه بكل وسائل وأسباب القوة والإكراه على نساء الشعب التونسي المسلم. كما نعتبر النساء والفتيات المرتديات للباس الفاضح وغير الساتر للعورات ومواطن الإثارة وغير المحتشم، واللائي لهن الحق في ذلك بملء إرادتهن وباختيارهن الحر بعيدا عن كل ضغط وإكراه ضحايا سياسة العري والدعارة والفضائح التي اختارها النظام العلماني التونسي المتطرف، الذي ليس بالضرورة أن يكون التعبيرة الوحيدة عن الحركة العلمانية، حتى لا نظلم أحدا، منذ تسليم الغزاة الفرنسيين مقاليد الأمور بالبلاد للهالك بورقيبة وزمرته لاستكمال مشروعهم الهادف إلى مسخ الشعب التونسي وإخراجه من دينه أم لإبعاده على الأقل عنه، وصرفه عن هويته العربية الإسلامية أو انتزاعه منها وإلحاقه بالكامل بقاطرة الغرب الإستعماري الصليبي الصهيويهودي، وقد فرض عليهن كل ذلك فرضا بمكر الليل والنهار تارة، وبالقوة القهرية المادية والتنفيذية أخرى. والكل يعلم أن نصف مدة حكم العلمانية للبلاد كان المنشور رقم108 سيء الذكر والصيت هو الذي يفرض به النظام في تونس اللباس الفاضح على النساء ويكرههن على ارتدائه إكراها، ويمنع عنهن اللباس الساتر بمنع حرية الإختيار. فكان يفرض عليهن اللباس الغربي الدخيل وينزع عنهن اللباس التونسي الأصيل ذي الأصل الإسلامي والمستوفي للكثير من الضوابط الشرعية.
أليست دونية المرأة في نزع حق اختيار لباسها بنفسها بكل حرية، وفرض عليها ذلك بالقوة وبالإكراه والقهر؟
أليست حرية المرأة في الإختيار لا في الفرض ولإكراه؟
أليس اللباس والكساء عنوان إنسانية الإنسان عموما ودليل تطوره وكمال إنسانيته؟
أليس العري عنوان حيوانية الحيوان عموما ورمز ثباته وكمال حيوانيته؟
وإذا كان العري عنوان حيوانية الحيوان فلا يعني ذلك أنه عنوان حيوانية نساء تونس العربيات المسلمات اللائي هن نساءنا وبناتنا وأمهاتنا وأخواتنا وخالاتنا وعماتنا وقريباتنا اللائي لا أرى إلا أن العري واللباس الفاضح مفروض عليهن فرضا، وحتى لو كان باختيارهن بكل حرية، ولكنه عنوان حيوانية أصحاب هذا المشروع وأنصاره والمروجين له والذين يفرضونه فرضا على اللائي ليس أمامهن بد من الإلتزام به وإن كن يفعلن ذلك طوعا مقابل أن لا يفقدن حقوقهن في طلب العلم وفي الشغل وفي المرافق الإجتماعية…
وإذا كان كمال الإنسان عموما والمرأة ككائن بشري، يتجلى في أدق ما يتجلى في عقله أكثر منه في أي شيء آخر، وهو الذي اهتدى به من بين ما اهتدى به وفي وقت مبكر جدا إلى ضرورة إكساء نفسه وحماية جسده وستره ووقايته. فكان أن زاد الكساء واللباس العقل من الإنسان كمالا. وزاد الكساء واللباس الإنسان جمالا وإنسانية. ومن ثمة فإن دونية المرأة وكمالها ورجعيتها وتقدمها ليست في الحقيقة كما يروج لذلك أنصار ثقافة العري والفضائح في لباسها أو عريها، ولكن في عقلها.
فمتى كان اللباس يحجب العقل ويشينه، ومتى كان اللباس الساتر للجسد عنوان تعصب وتخلف ؟
ومتى كان العري يبرز العقل ويزينه، ومتى كان اللباس الفاضح والكساء الناقص الذي هو كساء الإنسان البدائي عنوان كمال وتقدم؟
فإذا كان اللباس لا يحجب العقل، فإن العري لا يبرزه. وكان على عقلاني هذا العصر جدا في بلادنا أن ينظروا إلى المسألة من هذا المنظور ومن هذا الجانب ومن هذه الزاوية، وأن يتناولوا الموضوع من جانب العقل لا من جانب الجسد، وأن ينظروا إلى المرأة على أنها عقل قبل أن ينظروا إليها على أنها جسد، فسوف ينتهي بهم الواقع الموضوعي إلى أن تحت ذلك الحجاب عقلا يطلب العلم والمعرفة وهم الذين يمنعون بذلك المنع وتلك المصادرة العقل من طلب العلم والمعرفة، ويصادرون حق بنات ونساء الشعب التونسي في ذلك بسبب اللباس الساتر الذي هو نتاج العقل. وهم الذين يحرمون البلاد بذلك على امتداد ربع قرن من الزمن من الآلاف من بنات ونساء الشعب التونسي من المشاركة بالفاعلية المطلوبة والممكنة، وبالجدية المعلومة في الحياة العامة ودعم المجهود الوطني في التنمية وفي مختلف أوجه الحياة بالبلاد. وهم الذين فرضوا ويفرضون في البلاد إظهار الجسد وإخفاء العقل على اللائي فرضوا عليهن العري من النساء وقبلن به اضطرارا أو اختيارا وحرموها من أن يكون لعقول كل أبنائها وبناتها دورا في ذلك.
فأي مصلحة للبلاد في مصادرة العقول من أجل اقتناع النساء بتغطية رؤوسهن، ورفضهن الإنصياع لقرارات وأوامر كشفها، ومصادرة حقهن في ذلك، ومصادرة حق المرأة عموما في اختيار اللباس الذي تريد من هامة رأسها حتى إخمص قدميها ، وفي القبول به أو رفضه، وفي الإلتزام به أو تركه؟
فليس منع الحجاب وفرض العري في النهاية إلا مصادرة لحق الإختيار وللحرية وللعقل، وتكريسا للعبودية والوصاية والدونية على المرأة عموما.
فإذا لم تكن الدونية في كشف النساء رؤوسهن، فإنها ليست في وضع الحجاب عليه، لأن العري والكشف لا يورث عقلا، والغطاء لا يزيله ولا يصادره.
فإذا كان لابد من تكريس لدونية المرأة فإن ذلك لا يكون إلا من خلال فرض العري عليها وقبولها به اضطرارا لا اختيارا.
وإذا كان لابد من تكريس لدونية المرأة فإن ذلك لا يكون إلا بالنظر إليها كجسد وقبولها بذلك اختيارا أو اضطرارا.
فدونية المرأة في هذا الموضوع وفي هذه المسألة إنما يتم تكريسها عليها من خلال عملية الفرض ومصادرة حق وحرية الإختيار كساء أو عريا. وكمالها وتميزها واستقلاليتها إنما يكون من خلال اختيارها الحر وبكامل الحرية وبعيدا عن أي ضغط أو إكراه من أي جهة لما تريد أن تضعه على جسدها من اللباس كساء أو عريا كشفا للرأس أو تغطية له بما شاءت من الألوان والأشكال والطرق.
– الكساء والعري والتنمية:
لم تكن مصادرة الهالك بورقيبة للباس التقليدي على علاته للمرأة التونسية المرتبط شديد الإرتباط بالصناعة التقليدية الوطنية التي جاء الإحتلال لإضعافها وإنهائها لصالح صناعاته وفائض إنتاج معامله ومصانعه منذ وقت مبكر مما سمي بالإستقلال وفرض اللباس الغربي، إلا لإنهاء ما تبقى من هذه الصناعة، وفتح السوق الداخلية لصناع الأقمشة الغربية وما يتبعها من مواد الزينة والتجميل، ومن دور تصميم الأزياء والموضة، ومن تقنيات وآلات وماكينات وفنيين وخبراء سرعان ما جعل البلاد في أمس الحاجة إليهم لضرورة ولغير ضرورة. وبذلك وبالتدريج تم القضاء على صناعتنا التقليدية شديدة الإرتباط بلباسنا التقليدي رجالا ونساء، والذي هو عنوان شخصيتنا. وبالقضاء على هذا اللباس الذي كان يراعى في مجمل تصميمه المواصفات والشروط الشرعية والصحية، تم القضاء على صناعتنا التقليدية ومنتوجنا الوطني منها وإلحاق البلاد بالكامل بالأسواق الغربية عموما والفرنسية خصوصا، ليصبح بذلك اللباس الفاضح الدخيل هو الأصل واللباس التقليدي الشرعي التونسي العربي الإسلامي الساتر الأصيل لباسا طائفيا وهو الإستثناء.
– كلمة الختام:
هكذا حدث الإنقلاب الذي لم يكن انقلابا للباس الغربي على اللباس التقليدي فقط وللعري على الكساء فتلك نتيجة. ولكنه كان انقلابا للغة الفرنسية على اللغة العربية، وكان انقلابا للثقافة العلمانية الهجينة على الثقافة العربية الإسلامية الأصيلة، وانقلابا للتغريب على العروبة والإسلام والعروبة والتعريب،وانقلابا من النظام العلماني أللائكي على النظام العربي الإسلامي. وهو الإنقلاب الثاني الذي حصل في تاريخ الأمة بعد الإنقلاب الأموي الذي كان انقلابا على الشرعية بنقل الأمة من نظام الشورى الإسلامي والخلافة الراشدة إلى الملك العضوض الذي حل به الإستبداد في تاريخ الأمة. وإذا كان الإنقلاب الأموي الذي وإن كان ظالما إلا أنة لم يكن انقلابا على طبيعة النظام الإسلامي وبعض خصائصه وعلى كل ثوابته. أما الإنقلاب العلماني اللائكي فكان الأسوأ لأنه جاء لاغيا لكل خصائص وثوابت نظام الشورى الإسلامي ولكل آدابه وقيمه وأخلاقه ومبادئه وشرائعه، ومستهدفا طبيعة المجتمع أصلا وتركيبته وبناه الأصلية وكل مقوماته لإنهاء كل ما هو عربي إسلامي، وفرض كل ما هو غربي علماني لائكي.
وعلى شعبنا إذا كان يريد الحرية والإستقلال والعزة والكرامة والأمن والأمان، وأن يحافظ على عروبته وإسلامه وكل مقومات شخصيته، وأن يخرج من نفق الإستبداد المظلم ويستعيد مبادرة الإصلاح السياسي والثقافي والإجتماعي والإقتصادي، أن يتصدى لمخططات الشراذم التكفيرية في الحركة العلمانية وغيرها بكل الوسائل المتاحة والممكنة، وإنهاء هذا النزيف المستمر على امتداد نصف قرن على الأقل، ليتولى بنفسه إدارة الأوضاع بالبلاد في أجواء الحرية والتشاور والأخوة والتكافل والتسامح والتنوع الذي تضيق به الكثير من الصدور وتعتبره نقمة أو تخشى على الأقل من يكون كذلك، والذي لم يثبت لغير الإسلام على امتداد قرون أن جعل منه نعمة جمع فيها بين كل الأديان التي عرفتها البشرية وكل الأتنيات والطوائف والأعراق والألوان والأجناس.
فقـصــــــــة في:9 شوال 1426
31 مارس 2006
يدعون إلى الحداثة و يحاربون أصحابها
لجأت السلطة التونسية في المدة الأخيرة إلى ممارسة ضغوط على كل صوت أكاديمي يثير قضايا أساسية من ذلك موضوع التشريع والمرأة في تونس ويفتح باب التفكير المعمق في مختلف الجوانب المتصلة بمجلة الأحوال الشخصية، خاصة ونحن في غمرة الاحتفال بالذكرى الخمسين لصدورها. وفي هذه الأجواء التي لا تنفك فيها السلطة عن تذكيرنا بقيم الحداثة وما بلغته تونس في مجال الحريات الفردية والعامة من مكانة متميزة تحسد عليها ، وفي هذه الظروف التي توظف فيها قضية المرأة للتأكيد على صواب خياراتنا اجتماعيا وحضاريا تفاجأت الأوساط الأكاديمية بإلغاء مجموعة من النشاطات العلمية والجمعياتية التي تتناول قضية المرأة والتشريع من ذلك:
– إجبار جمعية النساء الديمقراطيات على تغيير مكان التئام ندوة حول المساواة في الإرث التي كان من المزمع عقدها في نزل ابن خلدون ونقلها إلى مقر الجمعية بالمنزه. – إلغاء انعقاد ندوة المرأة والتشريع التي دعت إليها وحدة البحث « المرأة والتشريع » بسوسة (كلية الآداب ) وذلك بعد اعتذار أصحاب نزل مرحبا عن إمكانية عقد هذه الندوة بفندقهم أيام 9 و10 و11 نوفمبر 2006. – إعلام منظمي ندوة للاحتفال بخمسينية صدور مجلة الأحوال الشخصية بكلية الحقوق بصفاقس باستحالة انعقاد هذه الندوة. وهو نشاط كان مبرمجا إلى منتصف شهر نوفمبر 2006. وإزاء هذه السلسلة من إجراءات المنع الظاهر أو المتخفي الذي تعود عليه نشطاء الجمعيات في تونس والأساتذة الجامعيون أنفسهم لابد من طرح الأسئلة التالية على الرأي العام الوطني و الدولي:
1 – هل أن وزارة الشؤون الدينية أصبحت في بلادنا تمارس الحظر على الفكر والوصاية على الجامعة التونسية وعلى الجمعيات الأهلية ؟ إن هذا الافتراض لا معنى له سوى هيمنة المؤسسة الدينية على قضايا الفكر والمجتمع
2 – هل هي اليد الخفية لوزارة الداخلية التي دأبت منذ سنوات على مراقبة كل ما يجري في الساحة العلمية والتدخل في تفاصيل الورقات العلمية التي تقدم في الندوات والتثبت من هوية المدعوين بل حتى المطالبة بتقارير حول محتواها وما قيل فيها وكأنها عجزت عن انتداب مخبرين أكفاء فأضحت تبحث في صفوف الجامعيين عن مخبرين لها؟
3 – هل هي يد وزارة التعليم العالي تصرف لكل جامعي آخر كل شهر منحة للبحث تمثل ثمانين بالمائة من أجره ثم تطلب منه الاكتفاء بالمنحة والتوقف عن ممارسة البحث والتفكير؟
4 – هل هي أطراف أخرى تسعى جاهدة إلى تكميم الأفواه والحيلولة دون نجاح البعض ومساهمتهم الجادة في تطوير مجال البحث العلمي فتلجأ إلى كتابة التقارير السرية والتحذير من ‘السلطة’ المعرفية التي اكتسبها بعض الجامعيين؟
5 – هل هي قوى الرجعية تعمل في الخفاء لتدفع نحو التراجع عن المكاسب التي تمتعت بها المرأة في بلادنا و تقوم بكل ما من شأنه أن يعرقل عمل الحداثيين؟
إن الحداثة لا تصنع في أقسام الشرطة ومعابر وزارة الداخلية ولا تصونها هيمنة أصحاب العمائم على أصحاب الأقلام الحرة ولا تحميها الشعارات الفضفاضة التي تصاغ للاستهلاك العام وتنفخ ألفاظها الجوفاء في أبواق دعاية النظام الذي كان ولا يزال عاجزا عن معالجة أي ملف كان إلا بوسائل المنع والزجر والقهر والإسكات. يعدوننا بأننا سنكون أسيادا في بلادنا غير أنهم لا يحذقون سوى فن نحت الأقزام والعبيد صنعتهم كالببغاوات ترديد أصوات دربوا عليها تخرج من أفواههم عجماء لا تقنع أحدا.
صوت أكاديمي
بسم الله الرحمان الرحيم
و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين
تونس في 31 أكتوبر 2006
بقلم محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري
كاتب عام جمعية الوفاء
الرسالة 155 على موقع الأنترنات تونس نيوز
قبل اسبوع على إحياء الذكرى نوجه رسالة تاريخية مفتوحة رقم 14 إلى سامي سيادة رئيس الدولة بمناسبة الذكرى التاسعة عشرة للتحول تتضمن مقترحات عملية هامة و شجاعة للتاريخ
على بركة الله و بعونه و توفيقه يسعدني كمناضل دستوري لي رصيد نضالي هام و مسيرة نضالية طويلة دامت أكثر من نصف قرن و إضافة سنتين من 27 أفريل 1954 إلى اليوم و إعتبارا لأهمية الذكرى التاسعة عشرة للتحوّل 7 نوفمبر 1987 يسرني أن اتقدم إلى سامي إشراف.
سيادة رئيس الجمهورية
بالرسالة الرابعة عشرة على موقع الأنترنات تونس نيوز منذ يوم 26 ديسمبر 2005 إلى اليوم 31 أكتوبر 2006 و قد وجهت عبر هذا الموقع الهام الحرّ الديمقراطي كل الرسائل على النحو التالي الرسالة الأولى يوم 26/12/2005 موضوعها مقترحات لتطوير هياكل التجمع و دعم الديمقراطية داخل التجمع
2- الرسالة الثانية بعنوان حرية الإعلام و الحوار و توسيع مجالاته 9/02/2006
3-إحياء ذكرى تونسة الإدارة الجهوية لسلك الولاة و المعتمدين الذكرى الخمسين 15/06/2006
4- التذكير بالرسالة الموجهة إليكم يوم 15 جوان 2005 حول إعطاء إذنكم للحصول على التأشيرة القانونية لجميعة الوفاء للمحافظة على تراث الزعيم الحبيب بورقيبة و رفاقه بتاريخ 19/06/2006
5-رسالة مفتوحة حول الصحافة الحزبية ووضع إحالة 167 صحفي و فني و عون على التقاعد المبكر 10/07/2006
6- رسالة تاريخية بمناسبة عيد الجمهورية 25 جويلية 1957 مقترحات عملية بمناسبة الذكرى الخمسين
7- الرسالة رقم 7 حول موضوع التاشيرة القانونية لجمعية المحافظة على تراث الزعيم الحبيب بورقيبة و رموز الحركة الوطنية مزيد التأكيد على منحنا التأشيرة
8- الرسالة رقم 8 موضوعها حول عقد القمة العربية المقترحة و التي اقترحتم عقدها حالا للنظر في تعمير لبنان بعد الحرب السادسة من طرف العدو الصهيوني 16/08/2006
9- الرسالة المفتوحة حول تقديم جزيل الشكر لعنايتكم بموضوع الرسالة رقم 3 حول الدعم و العناية بسلك الولاة و المعتمدين حيث أعطيتم إذنكم لتحسين الوضعية المالية للسلك و ذلك يوم 26/08/2006
10- الرسالة المفتوحة بمناسبة إبعاد الزعيم الحبيب بورقيبة يوم 3 سبتمبر 1934 إلى قبلي و تصادف عيد ميلادكم السبعين و تحتوي الرسالة على 15 مقترحا بتاريخ 29/08/2006 على موقع تونس نيوز
11- الرسالة رقم 11 يوم 19 سبتمبر 2006 حول دعم المصالحة الوطنية و العفو و الصفح و طي صفحة الماضي
12- رسالة حول مظلمة 23/08/1990 و المسؤولية لها مقاييس و شروط ينبغي المحافظة عليها يوم 22/08/2006
13- الرسالة المؤرخة يوم 17 أكتوبر 2006 حول التسامح و العفو التشريعي العام بمناسبة عيد الفطر المبارك و الذكرى 19 للتحول
سيادة الرئيس،
بعد سرد عناوين الرسائل المفتوحة التى وجهتها إليكم على إمتداد 10 اشهر من 26/12/2006 إلى يوم 31 أكتوبر 2006 تؤكد من جديد أنّ الأمانة الوطنية و المسؤولية الأخلاقية و النضالية تفرض على كل مناضل دستوري مخلص للوطن و مؤمن بالله و كتابه و رسوله و متمسكا بالثوابت و القيم و المبادىء و متحمسا للنهج و أسلوب الحوار النزيه الديمقراطي و بحرية الرأي الصريح و بشجاعة و جرأة ووضوح و صراحة
و الهدف الاسمى هو الوفاء للوطن و الإنتماء الصادق لثوابت حزب التحرير
سيادة الرئيس، إنّ المناضل الدستوري الأصيل هو الذي يتحمل المسؤولية و يصدع برايه بحرية و دون مجاملة أو تزلف و نفاق و قد تعلمنا في مدرسة الحزب الحر الدستوري التونسي منذ عام 1954 هذه القيم و الثوابت و المبادىء الخالدة و عشنا على هذا النهج الصحيح و كنا نرفض الإنقياد الأعمى و المدح المجاني و التأييد دون إقتناع و كنا نتحاور و نتناقش داخل هياكل حزبنا بحرية و صدق و صراحة و هذه الخصال هي التي جعلتنا نواصل المسيرة النضالية بأسلوب حضاري و بحوار ديمقراطي حرّ سواء على مستوى منابر الحوار داخل الحزب أو في وسائل الإعلام و الآن في مواقع الأنترنات تونس نيوز
أسلوب الحوار أقلقهم و أضجعهم إنّ اسلوبنا الحواري الديمقراطي أقلقهم و أضجعهم في السنوات الاخيرة و لم يحترموا دعوتكم
يا سيادة الرئيس،
حيث ناديتم مرارا بأنّ التجمع الدستوري الديمقراطي لا يضيق صدره من أي رأي مهما كان نوعه و مصدره لكن خطابكم في واد و الممارسة من طرفهم في واد آخر وقد دفعنا الضريبة من اجل حرية الحوار…؟ ّ الرسائل التي أشرت إليها و الموجهة إلى سيادتكم تتضمن العديد من النقاط بحرية و انّ الكتاب الذي وجهته إليكم يوم 14 اكتوبر 2006 يتضمن 32 مقالا و 10 رسائل مفتوحة لسيادتكم عسى أن تطلعون عليهاو على فحوى المقالات و الرسائل المشار إليها و قد بعثت إليكم نسخة من الكتاب شعورا مني بأن مراسلاتي المفتوحة لم تصل إليكم و قد اطنبت في شرح الاسباب و لا فائدة في إعادة ذكرها في هذه الرسالة و الاسباب واضحة أنّ المسؤولين بالديوان الرئاسي لم يعيروا أي إهتمام و عناية لرسائلي الموجهة إليكم خلال العشرة الاشهر الأخيرة بواسطة موقع الانترنات تونس نيوز بينما العالم كله إطلع عليها … لماذا إخفاء الحقيقة على سيادتكم و ماذا يخيفهم إذا بلغوا الأمانة التي كانت تصلكم قبل سنة 1999 و أشرت في اكثر من رسالة بأنّ الفترة التي إمتدت من 1992 إلى 1999 كانت ذهبية و سميتها بالسنوات السمان و استشهدت بالآية القرآنية في سورة يوسف » يوسف ايها الصديق إفتنا في سبع بقرات سمان و سبع عجاف و سبع سنبلات خضر و اخرى يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا ما تأكلون ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا ما تحصنون ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس و فيه يعصرون صدق الله العظيم
وقد لمست عناية كاملة و اهتمام بالرسائل التي وجهتها إليكم خلال الفترة المشار إليها و اغلب الرسائل وجدت الدعم و العناية من طرفكم شخصيا و من عام 2000 إلى اليوم لم ترى أي رسالة النور و خاصة الرسائل التي ذكرتها حسب التواريخ المشار إليها في أول الرسالة لست أدري لماذا …هل مديري الديوان الرئاسي لهم دورهم الفاعل و هل فترة الاستاذ محمد جغام و الأخ محمد الجري لها خصوصياتها في الوضوح أم ماذا …
سيادة الرئيس
بعد سرد هذه المراحل يسعدني أن اتقدم إلى سيادتكم بمناسبة حلول الذكرى التاسعة عشرة للتحول بأسمى آيات التهاني و أجمل الأماني راجيا لكم من الله دوام الإشعاع و التألق. و اتمنى أن تكون الذكرى 19 للتحول لها خصوصيتها و مميزاتها و تأتي بالجديد في شتى المجالات الحياتية و اعتقد أنّ أهم النقاط التي أراها ضرورية و هامة في كل الاصعدة
على الصعيد الوطني
أولا : إصدار العفو التشريعي العام
حان الوقت يا سيادة الرئيس بعد 19 سنة مضت أن تبادروا بشجاعة و جرأة و دون تردد في أخذ قرار تاريخي هام يفاجىء الجميع داخل البلاد و خارجها إصدار قرار العفو التشريعي العام الذي هو مطمع كل شرائح المجتمع التونسي و مطلب الاغلبية المطلقة و لا مناخ سليم و أرضية صلبه و استقرار حقيقيا إلا بالعفو التشريعي العام الذي يهيأ ارضية صلبه لبناء قواعد سليمة للحوار و صفاء القلوب و إعطاء فرصة للجميع و هذا ما هو حاصل في البلدان المجاورة المغرب و الجزائر و موريتانيا و حتى في ليبيا و تونس مؤهلة لذلك بعد مرور 19 سنة على ذكرى التحوّل
ثانيا : انّ ما ورد في مقالاتي الخمسة حول التبذير وسوء التصرف و الاستغلال
التي نشرتها في شهر أكتوبر 2006 على موقع الأنترنات تونس نيوز و التي وجهتها إلى سيادتكم ضمن الكتاب المشار إليه آنفا.
إذا تعمقنا في دراستها يمكن أن نشغل 65 ألف عاطل عن العمل إذا قام 2500 مواطن من الذين تحسنت ظروفهم المادية سواء من جراء التجارة الموازية أو اصحاب المؤسسات الذين وجدوا الدعم من طرف الدولة : أو وضع حدّ لتبذير البنزين و السيارات الإدارية و استغلال النفوذ في الضيعات و التهرب من الجباية أو الغش في المقاولات هؤلاء الاصناف الخمسة يعطي للخزينة العمومية حوالي ألف و 200 مليار أي ما يساوي تشغيل 55 ألف طالب مجاز و 10 آلاف بالباكالوريا
و نقضي على البطالة بإرادة و عزيمة قوية و بأكثر عدالة إجتماعية و لهذا ليس بالعسير و لا بالعزيز على الإرادة السياسية.
ثالثا : استرجاع القروض الميؤوس من استرجاعها
هذه القضية هي محل حديث الخاص و العام و أنّ القروض التي إستأثر بها مجموعة من المواطنين الذين لا يتجاوز عددهم 300 شخص و الذين لهم حظوظ أكثر من غيرهم و إستعملوها لدعم مشاريعهم و مؤسساتهم و تطوير فلاحتهم و تكوين شركات في البحر و البر و الجو حان وقت استرجاعها مع الفائض و إذا تمّ إسترجاعها كاملة يمكن أن تنعش الحركة الاقتصادية و تلعب دورا هاما في تنمية الاقتصاد و يمكن ان تنفع 50 ألف مواطن من الفلاحين و التجار و اصحاب المشاريع و الشبان الذين يريدون تطوير مشاريعهم أو الإنتصاب لأول مرّة مع تطوير مجال الفلاحة حيث أنّ مقدار 100 ألف دينار للشاب الذي يرغب في تكوين مشروع فلاحي عن طريق وكالة النهوض بالإستثمارات الفلاحية أصبحت لا تفي بالحاجة و الهكتار أصبح بين 25 الف دينار إلى 60 ألف دينار خاصة في الوطن القبلي
رابعا مزيد الحرية الذاتية سواء في خصوص حرية الرأي و التعبير و تطوير الإعلام و الصحافة أو حرية الإجتماع و حرية الحوار في كل المجالات دون خطوط حمراء على غرار ماهو موجود في المغرب و الجزائر و كل الفضائيات العربية
خامسا حرية اللباس و التمسك بالهوية العربية الإسلامية و ما جاء في كتاب الله العزيز و لا يمكن الحدّ من حرية الإنسان مع المحافظة على الأصالة و التقاليد و العادات طبقا للنص القرآني و القيم الأخلاقية و قد اكدتم يوم 11 أكتوبر 2006 في مقابلتكم لوزير الشؤون الدينية إذ تونس حريصة على مزيد التمسك بالحياء و الحشمة مع رفض اللباس الغربي موضة الشر و العراء و التفسخ و التبرج و التدهور و التحرش الجنسي و مظاهر مشينة غربية على شعبنا التونسي هذا هو الخطر يا سيادة الرئيس.
سادسا : العناية بالجهات الأقل حظا أشرت في مقالاتي السابقة أنّ هناك بعض الجهات تحتاج إلى إعادة التقسيم الترابي و التنظيم الإداري و من باب العدالة السياسية و الإجتماعية إعادة النظر في التقسيم الترابي و العمل على إحداث ولايات جديدة لتقريب الإدارة من المواطن و في نطاق اللامركزية و اللامحورية و من الضروري تقسيم ولايات صفاقس و نابل و بنزرت و المهدية لمزيد العدالة السياسية
سابعا : للعناية بمناطق الظل و مزيد الإهتمام بها
إنّ مناطق الظل ما زالت في حاجة إلى الدعم و المتابعة و الرعاية من لدن سيادتكم كما سبق لكم في منطقة الحجار معتمدية الحنشة مثلا و هي منطقتي مازالت هذه المنطقة رغم الجهود المبذولة مازالت تحتاج إلى المتابعة و العناية حيث أنّ هناك 87 اسرة بالمنطقة بدون ماء صالح للشراب رغم أنّ المنطقة تمتعت بالماء الصالح للشراب عام 2000 أما هؤلاء المساكين فلم يشملهم إيصال الماء الصالح للشراب رغم توجيه إحدى عشر رسالة منذ عام 2000 إلى اليوم و أنّ وضعهم مازال على ما هو عليه و هذا منافيا لبيان السابع من نوفمبر 1987 الذي يدعو إلى العدالة الاجتماعية و المواسات في الحقوق و الواجبات و إنّ الطرقات التسي أنجزت في المنطقة المذكورة عام 1999 أصبحت غير صالحة لأنّ الأشغال مغشوشة من البداية و الرقابة غير دقيقة و غير واضحة، و فرنسا أنجزت طريقا قريبا للمنطقة منذ 1886 و لحدّ الآن صالحة و بدون تعليق…؟
و الله و لي التوفيق قال الله تعالى : عليها تسعة عشر صدق الله العظيم.
عام 1999 فهي معطبة لأنها مغشوشة و لست أدري ماذا ينبغي أن نقول للمقاول و ماذا يفعله الآن و هناك مطلبا حول تحويل مدرسة إبتدائية إلى مدرسة ثانوية في منطقة الظل المشار إليها رغم توجيه 3 رسائل الصمت هو السائد
سيادة الرئيس نظرأ لأهمية المقال أفضل أن يكون على حلقتين متواليتين إعتبارا لأهمية الحدث و أهمية الخواطر و للحديث بقية في العدد القادم و السلام
اسوق إليكم حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي قال إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق أي الرسالة المحمدية كلها تهم مكارم الأخلاق
قال الله تعالى : و أنك لعلى خلق عظيم صدق الله العظيم
في المندوبية الجهوية بصفاقس لأنّ أحيانا كلامهم هو الذي يتم و يعمدون إلى التغليظ و التأويل و قد علمنا أنّ رسالتنا التي وجهناها لسيادتكم وجدت الدعم منكم ووقعت إحالتها على المصالح المعنية بالأمر من عام 1999 و لكن دون جدوى و هذا هو الواقع المر » و الواجب تحديد المسؤوليات حتى تكون الشفافية هي السائدة و أعطي لكل ذي حق حقه تجف اقلام البهتان و قول الزور و حب المال و تبقى اقلام الحق.
بقلم محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري
كاتب عام جمعية الوفاء
الجوال 22.022.354
الديمقراطية أمامكـم.. وشبح عدم الاستقرار وراءكـم!
صلاح الدين الجورشي – الدوحة اختتمت في قطر فعاليات « المؤتمر الدولي السادس للديمقراطيات الجديدة والمستعادة » بإصدار إعلان مشترك. وقد شارك في أعمال المؤتمر ممثلون عن 142 دولة و69 برلماناً و97 من منظمات المجتمع المدني، مثّـلها أكثر من 300 مشارك. أكدت الأطراف المشاركة، بما في ذلك الحكومات، في ما سُـمي بـ « إعلان الدوحة »، أنها تأخذ بعين الاعتبار « الحاجة لتطوير إصلاحات ديمقراطية تنبع من الداخل »، هذا المسار الذي تبنّـته الأمم المتحدة لتًُـضفي من خلاله بُـعدا دوليا بل كونيا غير مسبوق على المسألة الديمقراطية، تسلّـمت رئاسته الحكومة القطرية من دولة منغوليا، وستحتضن الدوحة أمانته العامة لمدة ثلاث سنوات، ليصبح بذلك رافدا جديدا من الروافد التي تُـحاصر المنطقة العربية وتدفعها دفعا إلى الالتحاق بالنادي العالمي للديمقراطية. فما هي أهمية هذه الدورة ورهاناتها؟ لقد تعدّدت المبادرات الخاصة بدعم الديمقراطية على مدى السنوات الأخيرة، حتى أصبح الجميع يزعمون بأنهم ديمقراطيون منذ الأزل. بدأ الأوروبيون بتدشين السِّـباق من خلال مسار برشلونة، حيث ربط الاتحاد الأوروبي بين الشراكة مع دول جنوب المتوسط وبين احترام هذه الأخيرة للديمقراطية وحقوق الإنسان، لكن هذا المسار « انتهى إلى مأزق عملي في هذا المجال »، كما ورد في إحدى الوثائق التي نُـوقشت في المؤتمر، ثم جاءت مبادرة الشرق الأوسط الكبير، التي أحدثت رجّـة كبرى في المنطقة، لكن الممارسة خانت الخطاب، مما أصاب الديمقراطيين العرب بخيبة واسعة النطاق. في الأثناء، تشكل مساران موازيان: الأول، بادرت به بعض الدول، مثل الهند والشيلي والولايات المتحدة، وقد وضعت هذه المجموعة قيودا على العضوية، حيث اشترطت الالتزام الفعلي بقواعد النظام الديمقراطي، أما من لا يزال في مستوى المراوحة وترويج الوعود، فإن أقصى ما يمكن أن يحصل عليه، هو مقعد مراقب. اللقاء القادم لهذه المجموعة سيتم في جمهورية مالي، التي تشهد تجربة ديمقراطية يُـراد دعمها دوليا، وتوجيه رسالة من خلالها إلى بقية الأنظمة السياسية الإفريقية، أما المسار الثاني، فقد اتخذ طابعا أمَـميا، حيث تولّـت الأمم المتحدة الإشراف عليه، ودفعت به تدريجيا نحو إرساء وفاق أدنى تُـقر به جميع الدول بدون استثناء. فبعد تنظيم النّـسل والبيئة والمرأة وحقوق الإنسان، التي خُـصّـص لكل منها مؤتمر ومرجعية عالمية، جاء دور الديمقراطية لتُـصبح عملية الجميع أو هكذا يُـفترض. ثلاث جوانب مميزة أولا، يدل المؤتمر على أن الديمقراطية أصبحت النظام السياسي الفريد المطروح أمام شعوب الأرض. فبعد فشل الأنظمة المستبدّة ثم الأنظمة الثورية الشمولية، لم يبق إلا النظام الديمقراطي، الذي وصفه رئيس الحكومة البريطانية السابق تشرشل بأنه أقل الأنظمة سوءً، وقد نصّـت إحدى وثائق المؤتمر على أن الديمقراطية هي « شكل الحكم الوحيد » مع الاختلاف في الأشكال، دون المساس بقواعده الأساسية. ثانيا، استند المؤتمر على صيغة تنظيمية ثلاثية الأطراف، وهي عبارة عن مظلة تجمع الحكومات والبرلمانات والمجتمع المدني. وبالرغم من الحواجز التي حالت أثناء انعقاد المؤتمر دون اختلاط ممثلي المجتمع المدني في معظم الجلسات، لكن ذلك لا يُـقلل من الأهمية الرمزية للحدث، عندما أقرت الحكومات بأن المجتمع المدني طرف في معادلة تحقيق الإصلاح السياسي وحماية الديمقراطية. ثالثا، لم يقف الأمر عند حدود تنظيم اجتماعات الأطراف الثلاثة بشكل موازي، بل تشكّـلت بعد ضغوط في الكواليس ومفاوضات لجنة متابعة، ضمّـت عضوا يمثل المجتمع المدني. وبالرغم من أن هذا التمثيل لا يزال محدودا، مقارنة بحجم الحكومات، لكن مسيرة ميل تبدأ بخطوة، حسب إشارة صدرت من أحد نشطاء القطاع المدني. ومن الغريب أن روسيا والولايات المتحدة قد عارضتا في البداية اشتراك المجتمع المدني في لجنة المتابعة، غير أن قطر قدّمت صيغة توفيقية حظيت بموافقة جميع الأطراف. لم يكن الحضور العربي فاعلا أو لافتا للنظر، حيث شاركت 14 حكومة عربية في فعاليات المؤتمر، من بينها الجزائر والبحرين ومصر والأردن وليبيا والمغرب والإمارات وفلسطين، وتغيّـبت دول عديدة من بينها تونس، التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. مشاركة ناجحة للمجتمع المدني شاركت المنظمات غير الحكومية بفعالية في مؤتمر الدوحة، وذلك من خلال الورشات التي أدارها « منتدى المجتمع المدني الدولي من أجل الديمقراطية ICSFD »، هذا المنتدى الذي أصبح شريكا في هذا المسار الدولي، بفضل مساندة الأمم المتحدة، وكذلك الاتحاد الدولي للبرلمانيين. وجاء في الإعلان الذي أصدره المنتدى مع خطّـة العمل، أنه سيعمل على « تعزيز الإصلاحات الديمقراطية ودراسة نقاط القوة والضعف في عمليات التحول الديمقراطي »، كما تعهّـد المنتدى بتقديم الدعم والنصيحة للمنظمات المحلية والإقليمية ومساعدتها على « وضع آليات مراقبة الديمقراطية ». وتحدثت الوثيقة عمّـا وصفته بالنواقص التي تشكو منها بعض الديمقراطيات، مثل الانتخابات غير العادلة وانتشار الفقر وغياب آليات مراقبة الفساد، كما طالب أصحاب الخطة الحكومات بـ « دعم آليات مراقبة الحُـكم الديمقراطي »، ودعوا إلى تبنّـي « إعلان ديمقراطي إقليمي ». وإذ لم تطالب منظمات المجتمع المدني بوضع شروط عند تقديم المساعدات الإنمائية الرسمية، لكنها طالبت في الآن نفسه بتعزيز حقوق الإنسان والحكم الديمقراطي، كما قرر المشاركون إطلاق عملية من شأنها أن تؤدّي إلى اعتماد الأمم المتحدة « لإعلان عالمي يدعم المجتمع المدني ». فالمنظمات تريد أن تقطع الطريق أمام الحكومات وتحصل على صيغة تجعلها في حماية الأمم المتحدة، مثلما حصل مع نشطاء حقوق الإنسان. ومن جهة أخرى، نجحت منظمات المجتمع المدني في الحصول على دعم من قِـبل البرلمانيين الذين أصدروا بيانا ختاميا قويا، تضمّـن مطالبات صريحة بدعم استقلال السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية وتوفير مزيد من الحماية لممثلي الشعوب، الذين قد يصبحون ضحايا، نتيجة حِـرصهم على القيام بواجبهم. ومهما تفاوتت وجهات النظر حول تقييم الجدوى من مثل هذه المؤتمرات الدولية، فالمؤكد أن الخطاب الديمقراطي قد فرض نفسه على الجميع. صحيح أن الحكومات لا تزال تجد في « الخصوصي » ملجأ لتخفيف الضغوط عليها، وهو ما تجلّـى بوضوح في « إعلان الدوحة »، الذي أشار في أكثر من موقع إلى « احترام السيادة ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية »، وضرورة الأخذ بعين الاعتبار « الخصوصيات الوطنية » و »الثقافات والتقاليد »، لكنها اضطرت من جهة أخرى، إلى القبول بأن يتم ذلك « وفقا لروح ومبادئ الصكوك الدولية »، كما وافقت على التعبير عن « ارتياحها للزّخم نحو تطبيق الديمقراطية في العديد من بلدان الشرق الأوسط ». فهل تلتحق المنطقة العربية بقطار الديمقراطية الكونية؟ سؤال قد تُـجيبنا عليه السنوات الثلاث القادمة.. (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 2 نوفمبر 2006)
اول لقاء من نوعه يبحث دور الاسلاميين في دعم الديمقراطية في العالم العربي
برعاية أمريكية ـ ألمانية وحضور دبلوماسي أوروبي مكثف
لندن ـ القدس العربي
وسط تكتم شديد ينعقد في العاصمة البريطانية لندن هذا الاسبوع مؤتمر هو الاول من نوعه للحوار حول دور الاسلاميين في دعم الديمقراطية في العالم العربي. المؤتمر الذي يستضيفه مركز دراسات الديمقراطية بجامعة وستمنستر يتميز بحضور واسع لكل الوان الطيف الاسلامي من معظم الدول العربية، ويرفض منظمو المؤتمر الكشف في الوقت الحالي عن هوية المشاركين بالتفصيل، ولكنهم يقولون ان كل الحركات الاسلامية الملتزمة بالعملية الديمقراطية ممثلة في المؤتمر، مع حضور مكثف لشخصيات من شمال افريقيا والخليج والعراق.
ولكن اللافت في هذا اللقاء هو انه ينعقد بدعم امريكي واوروبي مباشر، وينتظر ان يشهد حضورا دبلوماسيا مكثفا لدول اوروبية مهمة من ابرزها المانيا وهولندا والدنمارك والنرويج، اضافة الي كندا. وستخاطب المؤتمر شخصيات مهمة من عدد من هذه البلدان.
وقد جاءت فكرة المؤتمر بحسب المنتظمين بعد الاداء القوي للحركات الاسلامية في الانتخابات التي عقدت خلال العام الماضي في عدة دول اوروبية، وقد تصادف هذا التطور مع اعلان التحول في السياسة الخارجية الامريكية باتجاه دعم الديمقراطية في العالم العربي، والاهتمام الذي اثاره التقرير الثالث لتنمية الانسان في الوطن العربي الذي صدر العام الماضي واكد علي ضرورة انجاز التحول الديمقراطي في العالم العربي.
وقد تزامن هذا مع تطورات مهمة في داخل العالم العربي، منها حركات الاصلاح في السعودية، والتحرك للمطالبة بحقوق المرأة السياسية في الكويت، والتحرك السياسي الجماهيري المطالب بالتحول الديمقراطي في مصر، وغير ذلك من مظاهر حيوية المجتمع المدني العربي، في وقت ظهرت فيه الحكومات العربية المعارضة للديمقراطية كدولة تعيش الجمود وتفتقد المبادرة.
وقد اثارت هذه التطورات اهتماما متزايدا من دوائر صنع السياسة في العالم العربي، وفي الدوائر الاكاديمية المهتمة بالعالم العربي، وقد دار حوار مكثف بين هذه الاطراف حول البدائل المتاحة والتطورات المحتملة في ظل هذا الحراك السياسي الواسع.
وبالنسبة للولايات المتحدة فان شبح ايران يخيم علي هذا الجدال، حيث ما يزال ابرز سؤال يطرح هو: كيف خسرنا ايران؟ وهناك موقفان متعارضان في هذا الخصوص، الاول يقول ان ايران تحولت من حليف الي عدو للولايات المتحدة لان امريكا دعمت الشاه اكثر من اللازم، بينما يري الثاني ان ايران خسرت لان امريكا لم تدعم الشاه بما فيه الكفاية.
ولكن الطرفين يتفقان علي ان الشاه هو الذي وضع الولايات المتحدة في هذا الموقف الصعب بسياساته المتعسفة وعجزه عن ادارة الصراع السياسي في البلاد. وعلي هذه الخلفية فلا يكاد يوجد شخص في دوائر السياسة الخارجية في الولايات المتحدة يدعو الي دعم الانظمة القائمة، الخلاف هو حول الدعم النشط للمعارضة او الوقوف علي الحياد.
ومن هنا تأتي اهمية دور الحركات الاسلامية والنجاح الذي حققته في الجولات الانتخابية الاخيرة. ذلك ان بعض منتقدي السياسة الرسمية الامريكية في ترويج الديمقراطية، خاصة في اوروبا، يصرحون بتخوفهم من ان الحركات الاسلامية ستكون المستفيد الاول من الديمقراطية، مما يعود بالضرر علي مصالح الغرب، بسبب العداء المستحكم للغرب عند هذه الحركات، ومع ان المحافظين الجدد الملتفين حول بوش يعترفــــون بهذه المشكلة، الا انهم يرون ان بقاء الانظمة الحالية يشكل اكبر خطر في المدي البعيد علي المصالح الامريكية من استبدالها بحركات اسلامية.
المؤتمر الذي تستضيفه جامعة وستمنستر سيمنح الاطراف فرصة، بحسب منظميه، لاستطلاع الاراء حول السيناريوهات المحتملة لوضع العرب، والدور المحتمل للاسلاميين في التغيير الديمقراطي، وما اذا كان من الممكن ايجاد صيغة للتعايش بين الغرب واجندة الاسلاميين.
بالطبع من الخطأ اعتبار مثل هذا اللقاء جلسة مفاوضات بين الاسلاميين والدول الغربية، ذلك ان الحوار هو في اساسه حوار اكاديمي حول دور الاسلاميين، والحوار الاساسي سيكون هو ذلك الذي سيدور بين الاسلاميين من جهة، وبين الاكاديميين والمفكرين العرب والغربيين من جهة اخري.
معظم الدبلوماسين الحاضرين سيكونون هناك بصفة مراقبين في الغالب، ولكن حتي هذا الوضع يكتسب اهمية كبري لان هذه هي المرة الاولي التي يتحمس فيها صناع السياسة الغربية حتي لهذا الدور المحدود، بعد ان كانوا يتجنبون مجرد الالتقاء صدفة بالقادة الاسلاميين خشية اغضاب الحكومات الصديقة اياها. وقد تكون هذه اشارة الي بداية مرحلة جديدة في الموقف الغربي من التطورات السياسية في العالم العربي.
ويعقد المؤتمر يوم بعد غد الجمعة (3 نوفمبر 2006، التحرير) ويستمر لثلاثة ايام.
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 2 نوفمبر 2006)
دلالات تحالف أولمرت – ليبرمان
توفيق المديني
في خطاب ألقاه يوم 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وموجه لأعضاء حزبه كاديما، قال إيهود أولمرت رئيس الحكومة “الإسرائيلية”: “لكل الذين يعتقدون أن الحكومة ذاهبة لملاقاة مصاعب جدية، أقول لهم: ابقوا هادئين. الحكومة موجودة لكي تستمر”. وزيادة في الثقة بالنفس، أضاف أولمرت: “لن تكون هناك انتخابات في مستقبل قريب”.
بيد أن خليفة شارون الذي فاز في الانتخابات العامة يوم 28 مارس/ آذار الماضي، وشكل ائتلافاً حكومياً، ولا سيما مع حزب العمل، يفكر منذ الآن في عملية تغييره “من أجل توطيد الاستقرار السياسي للبلاد” على حد زعمه. وكانت استطلاعات الرأي كلها في الكيان الصهيوني تؤكد الانحدار الكبير في شعبية رئيس الحكومة، بسبب مغامرة الحرب التدميرية على لبنان خلال الصيف الماضي، وتفجر فضائح الفساد في مؤسسة الحكم.
ويعتبر المحللون المتخصصون في الشؤون الصهيونية، أنه لو أجريت انتخابات مبكرة في الكيان الصهيوني الآن، سيفقد حزب كاديما نصف مقاعده في الكنيست، وسيحصل أولمرت على 18% من أصوات الناخبين، بينما سيحصل منافسه القوي بنيامين نتنياهو زعيم المعارضة اليمينية ممثلة بحزب الليكود على 29%. وهكذا، يجد أولمرت نفسه بعيدا كل البعد عن الشعبية التي كان يحظى بها مع بداية العدوان الصهيوني على لبنان والتي بلغت حدّ 78% في أواسط يوليو/ تموز الماضي.
إن إخفاق أولمرت في الحرب الصهيونية على لبنان، وتداعيات الإخفاق هذا على صعيد تصدع الائتلاف الحكومي، هي التي قادته إلى إبرام اتفاق مع رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان، لضم الحزب المذكور إلى حكومته، وإسناد منصب وزاري لرئيس الحزب ليبرمان في الحكومة. وقد قالت صحيفة “هآرتس”، تعليقاً على ذلك: “إن اختيار شخص غير منضبط وليس مسؤولا البتة لمنصب نائب رئيس الوزراء هو الوزير المسؤول عن التهديدات الاستراتيجية يشكل تهديداً استراتيجياً بحد ذاته وإن من شأن عدم انضباط ليبرمان ولسانه السليط وتصريحاته أن تنزل كارثة بالمنطقة كلها”.
وبهذا التحالف مع اليمين المتطرف والعنصري يكون أولمرت قد عزز أغلبيته التي ضعفت جراء الإسقاطات المدمرة من الحرب على لبنان. ويؤدي انضمام حزب “إسرائيل بيتنا” الذي له 11 مقعداً في الكنيست، إلى رفع عدد الأعضاء الداعمين للائتلاف الحكومي إلى 78 نائباً من أصل 120 نائباً، وتجنيب الحكومة المفاجآت السيئة، عقب التصويت على الموازنة، التي يعتبرها العماليون “غير اجتماعية”، ولا سيما إجراءات الحكومة في المسائل المالية والاجتماعية والاقتصادية. وحتى لو تم فقدان أصوات متمردي حزب العمل، فإن هذا العدد يمنح الائتلاف الحكومي برئاسة أولمرت الاستقرار الذي لن يهتز إلا بكيفية ممارسة ليبرمان مسؤولياته ومهماته في معالجة ما يسمى التهديدات الاستراتيجية.
ومن المعلوم أن المنصب الحكومي الذي تبوأه ليبرمان، يتمثل في تكليفه الملف النووي الإيراني الذي يقلق السلطات الصهيونية، فقد قال ليبرمان “نحن تحالفنا لإنقاذ البلاد، لا الحكومة”. ولما كان ليبرمان معروفاً بعنصريته المناهضة للعرب، فهو يعتقد بضرورة ترحيل عرب فلسطين عام ،1948 وبدفاعه المستميت عن الاستيطان المكثف في الضفة الغربية، وزيادة عدد المستوطنات فيها. فهو يقول في كتابه “حقيقتي”، إنه مع تبادل السكان والأراضي بين “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية لتشكيل دولتين “متجانستين إثنيا”. ويرى ليبرمان أن هدفه هو الحفاظ على دولة واحدة ذات قومية يهودية خالصة، ذلك بأن وجود أقلية عربية يتناقض مع أهداف الكيان الصهيوني العنصري. ولذلك فهو من دعاة الترانسفير لعرب 48 إلى خارج الكيان الصهيوني.
ومع مجيء ليبرمان، الذي طرد من حكومة شارون بسبب معارضته الانسحاب من غزة، نعتقد أن مخطط الانسحاب من بعض المستوطنات في الضفة الغربية قد مات. أما في ما يتعلق بمسار السلام مع الفلسطينيين، فلا يعتقد أي إنسان عاقل أن هذا الصهيوني العنصري الذي يدعو إلى طرد العرب من كافة الأراضي الفلسطينية، والداعي إلى الاستيطان، يمكن أن يحرض على انبعاث مسلسل المفاوضات التي لا يؤمن بها أصلاً.
رغم تأكيد أولمرت أن إدماج ليبرمان في السلطة التنفيذية للكيان الصهيوني لن يغير في شيء من البرنامج السياسي للائتلاف الحكومي، فإن ليبرمان لم يكد يضع رجله داخل الحكومة الصهيونية حتى بدأت تتجلى بعض الترجمات العملية لطروحاته العنصرية تجاه فلسطينيي ،48 وأعضاء الكنيست منهم على وجه الخصوص. فقد قدمت رئيسة كتلة حزب “إسرائيل بيتنا” النيابية، أسترينا طيرطمان، مشروع قانون أمام لجنة الكنيست، يخوّله فصل أي نائب فيه بغالبية 80 صوتاً، إذا نفى وجود “إسرائيل” دولة ديمقراطية أو أيّد الكفاح المسلح ضدها أو مارس التحريض على العنصرية(!). وأثار مشروع القانون، الذي يعكس في الواقع آراء كان قد صرح بها رئيس الحزب ليبرمان تجاه أعضاء كنيست عرب، عاصفة من الردود داخل مبنى البرلمان، وخاصة عندما طلبت طيرطمان تسريع الإجراءات التشريعية لمشروع القانون استثنائياً.
ورأى أعضاء الكنيست العرب أن القانون المقترح موجّه ضدهم على وجه الخصوص، وإن كانت صيغته مقنّعة بالأحكام العامة، لا سيما أن بنوده تتحدث عن ممارسات يُتهمون هم عادة بها، إن لجهة تشككهم بالديمقراطية “الإسرائيلية” أو لجهة تأييدهم حق المقاومة ضد الاحتلال فلسطينياً ولبنانياً.
سوف يسمح انضمام ليبرمان لأولمرت بتهميش خصمه العنيد بنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود، الذي سجل صعوداً قوياً في استطلاعات الرأي داخل الكيان الصهيوني، والذي سيتسلح من الآن فصاعدا بالصبر بعد أن تم تعزيز الأغلبية الحكومية، حتى وإن بدت غير متجانسة أكثر من أي وقت مضى. أما حزب العمل الحليف، فقد اجتاز أمينه العام عامير بيرتس امتحاناً صعباً لزعامته المتصدعة، حين نجح في استقطاب حزبه إلى تبني موقفه المؤيد للبقاء داخل الحكومة، رغم انضمام ليبرمان وحزبه اليميني المتطرف “إسرائيل بيتنا” إليها. فقد أكد بيرتس عدم السماح لهذا الأخير بجر “إسرائيل” إلى “حروب استعراضية” أو التفرد بتوجيه السياسة الصهيونية في الملف النووي الإيراني بوصفه “قضية قومية وليست ليبرمانية”، كما شدد بيرتس على أنه لن يكون لليبرمان موطىء قدم في وزارة الدفاع، وأعلن مضيه في إخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية في الضفة الغربية طبقاً لاتفاق أو من دون الاتفاق مع المستوطنين”.
يعتقد القادة الصهاينة من أمثال شاؤول موفاز، ووزيرة الخارجية ليفني وبن اليعازر واسحاق هرتزوغ، أن إيهود أولمرت قد خضع بالكامل لمواقف “اليمين المتطرف”، لكن هذا لن يقود في المدى المنظور إلى إجراء انتخابات مبكرة في الكيان الصهيوني، أو إلى إسقاط الحكومة، علماً أنه منذ تشكل دولة “إسرائيل”، قبل ثمانية وخمسين عاماً، تعاقبت على رئاستها 31 حكومة، وأن العمر المتوسط لكل منها هو اثنان وعشرون شهراً.
صحيفة الخليج رأي ودراسات آخــر تحديــــث 2006-11-02
كيف ستتدبّر الولايات المتحدة العراق وحالها فيه؟
صالح بشير (*)
يبدو الرئيس جورج بوش، هذه الأيام، كالناطق بنبرة الهزيمة… هو بطبيعة الحال يكابر لفظا، ويقول «إننا بصدد الانتصار وسننتصر»، على ما صرح يوم الأربعاء الماضي، لكن قوله ذاك انتخابي، تفوه به على مشارف موعد اقتراعي (الانتخابات النصفية) يخشى أن يفضي إلى اندحار حزبه الجمهوري ، وإلى حرمانه الأغلبية في الكونغرس.
لكأنما الرئيس الأميركي بات مسلّما بهزيمة سياسته في بلاد الرافدين، ساعيا فقط إلى الحؤول دون ترجمتها إلى نكسة انتخابية… قد يبدو الأمر هذا، إن صح، مستعصيا، من قبيل تربيع الدائرة، لكنه قد لا يكون رهانا متعذرا. فالانتخابات كيمياء عجيبة، لاعقلانية في أحيان كثيرة، على ما يدل وجود جورج دبليو نفسه على رأس القوة العظمى الوحيدة في العالم لولاية أولى، كان ظفره بها ملتبسا، ثم لولاية ثانية كان فوزه بها صريحا لا تشوبه شائبة، رغم أن مصاعبه في العراق كانت آنذاك جلية سافرة.
قد لا يطلب الرئيس بوش، إذاً، مستحيلا. لعلمه ربما أنه ليس أكثر تعذرا من النصر في العراق، على ما دل مرور ما يناهز السنوات الأربع على مغامرته في ذلك البلد، سوى الهزيمة. ذلك أنه إذا كانت شروط الهزيمة ماثلة، فإن قرار التسليم بها والتصرف بمقتضاها، انكفاءً وانسحابا، شيء آخر، ربما راهن جورج بوش على أن الرأي العام في بلاده (أو غالبيته) ليس على استعداد لارتياده.
إذ ليست لـ»الهزيمة» في العراق، أو لقرار الهزيمة، قوة ترفدهما داخل الولايات المتحدة وهنا يكمن الفارق، الجوهري، مع الحالة الفيتنامية. لذلك، فإن أية مقارنة بين ما تكابده القوات الأميركية في بلاد الرافدين، وبين ما سبق لها أن كابدته في فيتنام، وهي مقارنة بات لا يتورع عنها رجال الإدارة الأميركية بعد أن كانت من المحرمات، قد لا يتعين أن يُستخلص منها تماثل في المآلات، بل تحذير من مغبة مثل ذلك التماثل واستبعاد له. فالحرب العراقية قُدّمت، في بعض أوجهها، على أنها تجاوز لما عُرف بـ»عقدة فيتنام»، وبديهي أن التجاوز ذاك لا يتمثل فقط في الإقدام على اتخاذ قرار دخولها ولكن في خوضها على غير ما خيضت سابقتها، جبهةً داخلية متراصّة «حتى النصر» (إن أردنا استعارة مفردات الخطابة العربية).
ولو أردنا الإمعان في المقارنة بين مواجهة جرت في إطار الحرب الباردة، وتلك الجارية حاليا في إطار «الحملة الكونية ضد الإرهاب»، لانتفت المماثلة من تلقائها، لاعتبار أساسي وبسيط في الآن نفسه، هو ذلك الذي مفاده أن موقع العراق في هذه غير موقع فيتنام في تلك. حرب فيتنام كانت مواجهة موضعية، على قدر من هامشية، أي غير حاسمة، من حرب كونية أوسع مدى، وإن كانت تجري باردةً، في حين أن العراق أضحى (وإن بسبب سياسات إدارة بوش وخطلها) الساحة الرئيسية لـ»الحملة الكونية ضد الإرهاب»، ولا يمكن لحالِه أن تُقارن، تبعا لذلك، إلا بما لم يحصل في الحرب الباردة، أي هزيمة الولايات المتحدة ومعسكرها في القارة الأوروبية، حيث كانت الهزيمة من نصيب الخصم السوفياتي وكانت سببا في انهياره المعلوم.
لو صحت المقارنة مبدأً، لقلنا إذاً أن مركزيّة العراق في «الحملة الكونية ضد الإرهاب» أو ما تطلق عليه الولايات المتحدة هذه التسمية، هي كمركزية «المسرح» الأوروبي في الحرب الباردة، أي لا شأن لها بفيتنام، بحيث لا يمكن للهزيمة فيه إلا أن تكون حاسمة فاصلة، ومن هنا تعذرها، الذي قد يقتنع به جمهور الناخبين الأميركيين أو قطاع منهم واسع، بالرغم من تراجع شعبية تلك الحرب وشعبية الرئيس الذي خاض غمارها وطريقته في إدارتها عسكريا وسياسيا.
والحال أنه يمكن للامتناع عن الإقرار بهزيمة ناجزة على الأرض أن يستوي سياسة، ولمنطقتنا في هذا الصدد خبرة لا تضاهى تجعل من القول بذلك كلاما ليس من قبيل اللغو ضرورة ولزاما.
مؤدى ذلك أنه ربما قام بين «هزيمة» الولايات المتحدة في العراق، وبين الإقرار بتلك الهزيمة، سياسةَ انكفاءٍ وانسحاب، بون شاسع. يُستبعد إذاً اندحار الولايات المتحدة من بلاد الرافدين، على نحو ما اندحرت من فيتنام أو على نحو ما اندحرت فرنسا من الجزائر، لأن مثل ذلك ربما كانت تكلفته على القوة العظمى الوحيدة في العالم أبهظ من استمرار النزاع على وتيرته وسويته الحاليتين، مهما كلّفا أرواحا وعتادا ومالا وانكشافَ ضعف سياسي.
من هنا، قد يكون أقرب إلى الصواب وإلى الحكمة استبعاد تحريرٍ، يتخذ شكل الجلاء، على منوال سابقات معلومة أنهت حالات استعمارية، بل ربما توجب البحث عن سبلٍ كفيلة بمساعدة الولايات المتحدة على «الإقرار» بهزيمتها. والسبل تلك واضحة تكاد تكون بديهية (نظريا، وإن كانت عسيرة عمليا)، أولها التوصل إلى وفاق داخلي بين الفئات العراقية المتناحرة المتنابذة ينزع عن القوات الأميركية وظيفة الملاذ الوحيد أمام استشراء حرب أهلية، مستعرة أصلا، وثانيها إشراك دول وأطراف، إقليمية ودولية، ترعى مثل ذلك الحل وتضمنه، على أساس المصلحة المشتركة، والتي يتوجب بلورتها، في تهدئة الأوضاع في بلاد الرافدين… إذ من المعلوم، إلى درجة الابتذال، أن النزاعات الأهلية، خصوصا في تلك البقعة الشرق أوسطية من العالم، لا تنحصر أبدا محلياً… وإذا كانت هزيمة الولايات المتحدة في العراق لا تزال، إلى أمد غير معلوم، أبعد من أن تفرض انكفاءها، انسحابا يلوي على شيء، إلا أنها ربما باتت تسهّل أو تبرر إنهاء انفرادها بالملف العراقي.
(*) كاتب تونسي مقيم بإيطاليا
(المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة الحياة الصادرة يوم 29 أكتوبر 2006)
هل الإسلامويّة توتاليتاريّة؟ وكيف ذلك؟
محمد الحداد (*)
كلّ ما هو أميركي يصبح كونيّاً. هذه قاعدة عامّة تصحّ على مواد الاستهلاك، من الكوكاكولا إلى تلفزيون الواقع، وتصحّ أيضا على الفكر الذي انتقل محوره من العالم القديم إلى العالم الجديد.
وندرك جميعا النجاح الذي حقّقته مقولة صدام الحضارات الواردة من ما وراء البحار عندما غزت العالم كلّه وأصبحت في صدارة اهتماماته الفكريّة والفلسفيّة، مع أنّ كلمة «حضارة» كانت مهمّشة قبل ذلك في خطاب العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة (وأحد أسباب ذلك ارتباطها سابقا بالأيديولوجيات الاستعماريّة). وقد لا تسجّل كتب الفلسفة صمويل هنتنغتون من بين فلاسفة نهاية القرن العشرين لكنّ ذلك ليس مهمّا لأنّ الفلسفة ذاتها فقدت موقعها الريادي أمام منافسة ما يسمّى بالعلوم السياسيّة.
والمحافظون الجدد هم في الغالب من المختصّين في العلوم السياسيّة. وإذا استعدنا التصنيف الذي وضعه الراحل بيار بورديو جعلنا العلوم السياسيّة في أسفل قائمة ما اسماه بالعلوم الرخوة، لأنّها علوم تغمرها الذاتيّة والتخمين. وقد تكون العلوم السياسيّة أكثر تناسبا والقارئ الحديث الذي يهتمّ بالحاضر والمباشر من الأحداث دون التعقيدات الطويلة التي تطيل الجدل وتقلّل العمل. لكن المشكل يصبح مطروحا إذا ما قلّت فرص مراجعة الذات أو تقلّصت. وآخر «التقليعات» في هذا المجال الجدل الذي بدأ أميركيّا ثم أصبح عالميّا حول طبيعة الإسلامويّة. فقد قضى المحافظون الجدد بفصلها عن ظاهرة التطرّف الديني وربطها بظاهرة التوتاليتاريّة (أو الكليانيّة، الشموليّة، الخ). وينتج عن ذلك نتائج خطيرة.
فقد كان علماء السياسة «التقليديّون» (مثل جيل كيبيل صاحب الكتاب المشهور «انتقام الاله») يدرجون الإسلامويّة في ظاهرة التطرّف الديني التي تفرزها الأديان جميعا، ويجعلونها في مقابل تحوّل جزء من الحركة الإنجيليّة البروتستانتيّة إلى التطرّف الديني والاجتماعي والسياسي، أو الدور الذي باتت تضطلع به الحركات الدينيّة اليهوديّة داخل دولة إسرائيل وفي الشتات في توجيه سياسة هذه الدولة التي كانت قد أنشئت على أسس علمانيّة، أو حوادث العنف الكثيرة التي شهدتها الهند ومنها اغتيال أنديرا غاندي وابنها راجيف على خلفيّة تنامي التطرّف الديني والسياسي للهندوس والسيخ، الخ.
ويرى هؤلاء أنّ القرن الحادي والعشرين يتميّز بما يسمونه «عودة الديني» (بمعنى عودة الدين إلى التدخّل في الشأن السياسي والاجتماعي)، وهذه مقولة قد قدّت على مقاس المجتمعات الغربيّة التي شهدت تقلّص الحضور الديني العامّ من القرن الثامن عشر إلى القرن العشرين ويبدو أنّها تعيش اليوم حركة في الاتجاه المعاكس. وبعض الدارسين يقولون إنّ الثقافة العربيّة قد شهدت حركة من نفس القبيل إذ كانت الأيديولوجيات القوميّة واليساريّة هي المسيطرة ثم ظهرت الحركات الدينّية بعد ذلك.
وقد لا يكون الوضعان من نفس الطبيعة لأنّ الأيديولوجيات العربيّة لم تكن تعبيرا عن عمق المجتمع. لكنّ ميزة هذا الطرح عموما أنّه يوسّع ظاهرة التطرّف ولا يجعلها ترتبط بدين معيّن. أمّا النظريّة الجديدة للمحافظين الجدد فهي تفصل الإسلامويّة عن هذا الإطار العام وتجعلها ظاهرة خاصّة ومنفردة وتعتبرها التوتاليتاريّة التي تهدّد العالم الحرّ اليوم.
وقد سجّل أنصار هذه النظريّة نقطة حاسمة لصالحهم عندما دفعوا الرئيس الأميركي إلى أن يشبّه الإسلامويّة في أحد خطاباته الأخيرة بالفاشيّة والنازيّة والشيوعيّة. وقد لا تكون المسألة مجرّد مواقف فكريّة، فالإدارة الأميركيّة التي فشلت في تطبيع الأوضاع في العراق وإدخال الديموقراطيّة في الشرق الأوسط الكبير وواجهت فضائح عديدة كذّبت التصريحات والوعود السابقة تحتاج اليوم مبرّرات من نوع آخر. وليس أفضل من المبرّرات التي لا يمكن تكذيبها (ولا تصديقها) بأدلّة محسوسة.
وفيما يرى الكثير من المحلّلين في المنطقة أنّ فشل الإدارة الأميركيّة يعود إلى ضعف إستراتيجياتها وسوء فهمها لتعقّد الأوضاع فإنّ التحليل الأميركي هو في الغالب مختلف إذ يرى أنّ سبب الفشل هو الطبيعة الثقافيّة للمنطقة التي تأبى قبول أفكار الحريّة التي حاول الرئيس بوش التبشير بها. ولمّا كانت مسؤوليات الإعاقة مشتّتة فإنّ التفسيرات الثقافويّة ذات البعد التبسيطي تكون مفيدة لاختصار النقاش.
فهذا الالتقاء بين نظريّة سياسيّة صاغها البعض ومصلحة سياسيّة يحتاجها البعض الآخر مؤهّل إلى التحوّل من مجرّد التقاء ظرفي اقتضاه المأزق الحالي إلى تجريد فكري من المتوقّع أن يدفع إلى مجادلات صاخبة في الموضوع تذكّر بالمجادلات السابقة حول صدام الحضارات.
(*) كاتب وجامعي من تونس
(المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة الحياة الصادرة يوم 29 أكتوبر 2006)
الإسلام والعلمانية.. هل إلى لقاء من سبيل؟
محمد أبو رمان (*)
في معرض تعليقه على الانتخابات الرئاسية الإيرانية التاسعة الأخيرة عام 2005 استعمل محمد خاتمي مصطلح « الديمقراطية الدينية ». هذا المصطلح يثير العديد من الإشكاليات والنقاش حول مشروعيته ومفرداتها؟ وإلى أي مدى يمكن لأحد النموذجين أن يقدم تنازلا للآخر؟ وعن أي إسلام وأي ديمقراطية نتحدث؟
على الصعيد العملي تتعدد التجارب الإسلامية المعاصرة بما لا يسمح لنا بإقامة تصور موحد يحدد طبيعة العلاقة: فهناك فارق كبير بين النظم السياسية التي تدعي الالتزام بالشريعة (صيغة طالبان، إيران، تجربة العدالة والتنمية في تركيا، التجربة السودانية، السعودية) الأمر الذي يعني أننا أمام قضية جدلية خلافية وخطابات إسلامية متباينة يحمل كل منها تأويلا للصيغة السياسية للإسلام: هل هو نظام حكم شمولي يحدد الكليات والتفاصيل أم نظام حكم فضفاض يترك للناس خياراتهم السياسية والاقتصادية؟..الخ.
السياسة في الإسلام
الإسلام لم يحدد نمطا معينا للحكم السياسي، فلا توجد نصوص شرعية تفصل شكل نظام الحكم في الإسلام وكيفية اختيار الحاكم وإدارة الأزمة الداخلية والخارجية، وإنما حدد الإسلام جملة من القيم والمعايير تتسم بطابع أخلاقي عام تتوافق مع القانون الإنساني، ووضع تشريعات عدة تضبط الممارسة الاجتماعية العامة. وهذه الملحوظة يتفق عليها شوامخ الفكر الأصولي الإسلامي.
وكلمة « المصالح » ومشتقاتها هي أقرب المعاني التي تقترن بمصطلح السياسة في الخطاب الإسلامي، فابن منظور يعرف السياسة بأنها « القيام على الأمر بما يصلحه »، وهو ما يمكن أن نقيس عليه ونستخلص منه تعريف العز بن عبد السلام في كتابه القيم ( قواعد الأحكام في مصالح الأنام) بأن مدار الشريعة -بما في ذلك السياسة- دفع المفاسد وأسبابها وجلب المصالح وأسبابها، بل يذهب العز بن عبد السلام إلى القول » أما مصالح الدنيا وأسبابها ومفاسدها فمعروفة بالضرورات والتجارب والعادات والظنون المعتبرات ».
أمّا نموذج « الخلافة الراشدة » فهو في الأصل نموذج تاريخي ساد لدى المسلمين بعد وفاة الرسول –صلى الله عليه وسلم- وهو في تصور العقل المسلم -على مر الخبرة الإسلامية قديما وحديثا- عبارة عن قيم عليا تحكم الممارسة السياسية دون وجود آليات محددة.
فالخلافة في الخطاب الإسلامي هي العدل والمساواة أمام الشرع ومكافحة الفساد السياسي وحرمة المال العام والاقتراب من التجربة النبوية في الممارسة السياسية، وهي التجربة التي لم تحدد نظاما معينا للحكم، ويمكن أن تفهم على أنها حكم ديمقراطي مدني سياسي (كما يقول عبد الإله بلقزيز في كتابه دور الحركة الإسلامية في صوغ المجال السياسي..) أو بخلاف ذلك كما هو الحال لدى تيارات واتجاهات إسلامية عدة.
ما يعنينا هنا أننا لا يمكن أن نقول إن التجربة الراشدة قد حددت شكل نظام الحكم وتفصيلاته، وإن كانت خلافة عمر بن الخطاب بالتحديد شهدت مرونة كبيرة في فهم الإسلام وتطبيقه، وهي حالة يمكن أن تمثل مقياسا كبيرا في التعامل مع البعد السياسي في الإسلام اليوم.
وشهدت الممارسة السياسية الإسلامية بعد الخلافة الراشدة، وبشكل أدق بعد خلافة أبو بكر وعمر، تنحيا عن الصفة الإسلامية الدقيقة للحكم، فلا يعد الحكم الأموي والعباسي صبغة إسلامية للحكم بالمعنى الدقيق، فهو ممارسة نسبية طبقت الإسلام في جوانب وأخلت به في جوانب أخرى، واتخذ طابعا خلافيا أدى إلى حرب أهلية بين المسلمين مازالت قائمة إلى اليوم.
الدولة الإسلامية
إذا كان الإسلام لم يحدد صيغة مفصلة معرّفة للدولة ونظام الحكم، فكيف إذن نعرّف الدولة الإسلامية؟ إجابة « التيار الإسلامي » على هذا السؤال تتلخص في تطبيق الشريعة الإسلامية، وجزء كبير منه يجعل الجواب في شطرين: الأول الوصول عن طريق الاختيار والشورى (مقبول شعبيا) والثاني تطبيق الشريعة (مقبول شرعيا)، وهذا الجواب يعبر عنه عدد من الأكاديميين الإسلاميين بمصطلحي: شرعية إسناد السلطة وشرعية ممارستها.
يتمثل الاختلاف والنقاش الواسع بين صيغة « الديمقراطية الليبرالية » وبين النسق السياسي الإسلامي اليوم في مسألة تطبيق الشريعة (أو ممارسة السلطة) –في الأغلب الأعم- بشقين: الأول مرتبط بقضايا الحريات العامة والشخصية وحرية التدين والتعددية الفكرية والسياسية والدينية والفنون والآداب وطبيعة السلطة الدينية، والنظام الربوي العالمي،..الخ، وهي قضايا قد تبدو مقلقة للتيارات الأخرى وتدفع للتساؤل حول مدى احترام الممارسة السياسية الإسلامية لمساحة الاختلاف مع الآخر داخليا وخارجيا.
أما الشق الثاني فيتمثل في تطبيق الحدود من حيث الإقرار ابتداء بتشريع قوانين تطبق الحدود (قطع يد السارق، رجم الزاني، الجلد،..) وهي قضايا يحاول التيار الإسلامي الابتعاد عنها قدر المستطاع، وتأخذ صيغة النقاش فيها طابعا حذرا وأحيانا كثيرة التفافيا.
البحث عن مساحة مشتركة
في التعامل مع الإشكالية السابقة ثمة مقاربات للواقع العربي والإسلامي الراهن تقوم على إعادة تعريف كل من العلمانية والمجال السياسي الإسلامي وتحديد مدلولاتهما؛ فالعلمانية ليست كلها ذات طابع واحد، فهناك العلمانية « اللائكية » اللا دينية –كما هو الحال في نموذج الأتارتوركية- وهناك العلمانية المحايدة الجزئية.
في هذا السياق يقدم أحمد محمد سالم رؤية متميزة في مقاله « مقاربة بين الإسلام والعلمانية » (مجلة الديمقراطية، أبريل/نيسان 2004) إذ يعرف العلمانية بأنها « تحول السلطة من المؤسسات الدينية إلى المؤسسات المدنية » كما أنها ببساطة « إعادة الاعتبار للرجل العادي بمشاركته في الحياة وإدارتها بعيدا عن السلطة الدينية ».
وهذا التعريف يقودنا إلى المجال السياسي في الإسلام.. هل يوجد سلطة دينية فيه؟ الجواب يقدمه بصراحة ووضوح شديد الإمام محمد عبده إذ يقول « ليس في الإسلام سلطة دينية سوى سلطة الموعظة الحسنة والدعوة إلى الخير »، وهذا الجواب الواضح -في نفي أي صفة كهنوتية عن البعد السياسي في الإسلام- ينسجم مع تعريف الإمام للسلطة السياسية في الإسلام بأنها « سلطة مدنية ذات وظائف دينية »، فالسلطة في الإسلام تقوم على أسس مدنية وسياسية عقلانية مبنية على تقدير المصالح واجتهاد العقل البشري في مساحة واسعة « منطقة العفو التشريعي »، إذ أنّ القضايا التي يوجد فيها نص قطعي الدلالة قطعي الثبوت محدودة جدا.
هناك مجال واسع مشترك كبير بين البعد السياسي للعلمانية المحايدة وبين الإسلام، فالنسقان متفقان على مدنية السلطة وعقلانيتها وعلى الحرية في الاجتهاد في منطقة واسعة وكبيرة من مجالات الحياة.
أمّا إشكالية الحريات والتعددية والمواطنة والفنون والعقوبات والحدود بين العلمانية والإسلام، فابتداء هناك اتفاق كامل بين ألوان الطيف الإسلامي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار على أن واقع المسلمين اليوم ليس إسلاميا 100% وأن هناك عددا كبيرا من المسلمين بعيدون عن أحكام الإسلام وتعاليمه وجزء منهم لايزال من « المؤلفة قلوبهم » كما أن هناك نسبة كبيرة من الأقليات غير المسلمة في البلاد الإسلامية.
وهنا تبرز إشكالية كبرى في تطبيق الشريعة الإسلامية بالمعنى المطلق الإلزامي، فالإسلام في الأصل يقوم على « الاختيار » و »عدم الإكراه » في العقيدة، وحتى الدولة الإسلامية (نموذج المدينة) فقد قامت على أساس عقد سياسي بين الرسول وبين السكان بمن فيهم اليهود واستند إلى حالة من التوافق التام بين السكان، فكيف نوفق بين هذا وبين تطبيق الشريعة على كل الناس وإلزامهم بالأحكام الشرعية بمن فيهم غير المسلم والمتشكك وغير الإسلاميين (شيوعيون، ملحدون، ..)؟
لو فرضنا أن التيار الإسلامي وصل إلى السلطة اليوم بأغلبية نسبية فليس من المصلحة أن يطبق الشريعة على كل الناس لوجود أقليات أخرى ترفض الحكم الإسلامي ولا توافق على الأحكام الشرعية.
وهنا نقف أمام مسألة أخرى وهي أنه لا اجتهاد مع النص، وأنه لا يجوز تبديل الأحكام الإسلامية في التشريعات، وهذا صحيح، فلا يجوز تغيير الأحكام داخل التشريعات الإسلامية؛ فإذا حرم الإسلام الخمر فلا يجوز القول إن الإسلام يبيحها، لكن هذا شيء وإلزام النصراني وغير المسلم بهذا الحكم شيء آخر مختلف تماما.
فلا يجوز تبديل الأحكام الشرعية والتقول على الله، لكن يجوز التوافق مع الأطراف الأخرى في المجتمع –غير التيار الإسلامي- على صيغة وعقد سياسي ينصر المظلوم ويقيم العدل ويحقق مقاصد تتقاطع فيها الشريعة مع القانون الإنساني العام، أو ما يسميه فهمي هويدي « إقامة حلف الفضول » مع الأطراف السياسية الأخرى.
هذا الخطاب الإسلامي يكفل خلال المرحلة الحالية والقادمة المنظورة عدم تحول الإسلام السياسي إلى « فوبيا » وحكم شمولي يقيد الناس، بل يبقي التيار الإسلامي في دائرة التحدي والمدافعة ومحاولة إقناع الناس بالإسلام من خلال الكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، ويكفل التقليل من ظاهرة النفاق و »الإسلام بالإكراه ». فمشاركة حركة إسلامية أو وصولها إلى الحكم لا يعني قطع أيدي الناس وجلدهم ومحاربة الفنون وإلزام المرأة بلباس معين…الخ.
بين العلمانية المؤمنة والديمقراطية الدينية
كي تتضح الملاحظات السابقة أكثر يمكن إسقاطها على نماذج سياسية حالية في الممارسة الإسلامية، فالنموذج الإيراني (التطبيق الإلزامي الشمولي) يدخل اليوم في مأزق كبير، وكثير من التقارير والمعلومات تفيد بتوجه متزايد لدى جيل الشباب في محاكاة الحضارة والثقافة الأميركية والابتعاد عن التدين، حتى الحجاب أصبح كثير من الفتيات يحاولن الإفلات منه من خلال طرق التفافية عديدة.
في المقابل هناك الحالة التركية، فعلى الرغم من الحصار الذي يمارسه العسكر وضغوط العلمانية اللادينية هناك، فإن التيار الإسلامي يشق طريقه في المجتمع باقتدار، ويحظى بتأييد الشباب، ولم يؤد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة إلى إدخال المجتمع قسريا إلى مظلة الشرعية الإسلامية.
وما دمنا في النموذج التركي وعند حزب العدالة والتنمية، فقد أعاد الحزب –في برنامجه الانتخابي- تعريف العلمانية بأنها الحرية الدينية ومدنية السلطة والسماح بالتعددية، وهو تعريف يسمح بقبول النموذج الإسلامي في السياق الاجتماعي وصولا إلى السياسي، وقد أعلن أردوغان أنه يؤمن بالقرآن ويضعه في قلبه على الرغم من عدم ممانعته للعلمانية.
وبالعودة إلى السؤال الرئيس: ما هي صيغة العلاقة الممكنة بين الإسلام والديمقراطية؟ الجواب؛ هي العلاقة المبنية على القبول بمدنية السلطة والتعددية الدينية والفكرية والسياسية وحقوق الأقليات والحريات العامة والخاصة ضمن السياق الاجتماعي العام المقبول، وهذا لا يمنع من وجود قواعد وضوابط أخلاقية لها طابع إسلامي مرن للحريات الشخصية والعامة والفنون وحقوق الإنسان..الخ (هناك الكثير من الحركات الدينية في أوروبا وأميركا تدعو إلى الحفاظ على قيم وأخلاق المجتمع، التيار اليميني في أميركا وقف بقوة ضد زواج المثليين والإجهاض).
وهنا تتمثل الوظيفة الرئيسة للدين بتعزيز مبدأ المواطنة والمسؤولية المدنية والأخلاقية والحفاظ على الأخلاق العامة وحماية الأسرة من الضياع وصون المجتمع من الانهيار، لكن وفق رؤية إسلامية تنقل المركزية من السلطة السياسية وإكراهاتها إلى السلطة الاجتماعية.
وذلك من خلال دور المنظمات الأهلية ومؤسسات التربية والتعليم والمساجد والمراكز الإعلامية، والعمل الطوعي وهي خطوة تنسجم مع نقل المسؤولية السياسية والاجتماعية والنهضوية من السلطة السياسية إلى الأمة والجماعة والأفراد.
(*) كاتب أردني
(المصدر: ركن « المعرفة » بموقع الجزيرة.نت بتاريخ 31 أكتوبر 2006)
ظاهرة شغلت المختصين في علم الاجتماع:
«المحسوبية».. «الوساطة».. «المعارف» و«الأكتاف» في الإدارات والمؤسسات العمومية… إلى أين؟
تونس/الصباح ظاهرة محيرة ومثيرة للقلق تفشت بوضوح في المجتمع التونسي وأضحت حديث السواد الأعظم من الناس.. وهي ظاهرة «المحسوبية» و«المعارف» و«الأكتاف».. ويذهب البعض إلى أن «المعارف» تفتح كل الأبواب الموصدة.. ويقولون إن الذي ليس عنده «أكتاف» في زمننا هذا سيبقى في الحضيض وسيتجرع مرارة الحزن والحسرة لأنه سيشاهد يوميا كيف تقضى حاجات غيره بسرعة البرق، لا لشيء إلا لأن عندهم «أكتاف» ولكنه يكره هو على الانتظار.. ولا خيار أمامه سوى الانتظار.. علم الاجتماع تناول هذه الظاهرة بالدرس والتحليل والكثير من المختصين في هذا الحقل المعرفي منشغلون بها.. وفي هذا الصدد يرى عالم الاجتماع الدكتور محمود الذوادي أن «جذور تفشي ظاهرة الوساطة والمعارف و«الأكتاف» في بنية المجتمع التونسي لا بد أن تعود في جانب منها على الأقل إلى سمات الحذر والخوف والتوجس التي تسود علاقات تعامل التونسيين مع بعضهم البعض.. وهكذا يصبح متوقعا في مثل هذه الظروف أن يلجأ عدد كبير من التونسيين إلى من يعرفونهم في الإدارات والمنشآت العمومية التونسية وغيرها من المؤسسات قصد التدخل لصالحهم لقضاء حاجاتهم وتسهيل فض مشاكلهم داخل الإدارة والمؤسسة وربما خارجها أيضا». وفسر لنا عالم الاجتماع الظاهرة بالتأكيد على أن «المسألة تستحق فعلا الدرس والتعمق» وبين أن «لها علاقة بالشخصية التونسية.. أي بشخصية التونسي الذي لم يتعلم إلى يوم الناس هذا كيف يصطف وبالتالي فهو عندما لا يحترم «الصف» يحدث الكثير من المشاكل وأصبحت هذه المشاكل جزء من الحياة اليومية للمجتمع التونسي».. وأضاف محدثنا أنه «منذ حصول تونس على الاستقلال كان من المفروض عند تأسيس المجتمع المدني القيام بإرساء عدّة قواعد تضبط كيفية التعامل في الأوساط الإدارية والمنشئات العمومية التي تقدم خدمات للمواطن وتتعامل معه مباشرة لكن هذا لم يحدث.. فالأولوية لا تمنح لمن قدم للإدارة قبل غيره وإنما لمن له «معارف» في تلك الإدارة».. عدم احترام الأولوية ولاحظ عالم الاجتماع «أن احترام الأولوية عند المعاملات الإدارية ضروري وأساسي في عملية تطور الجانب المدني في المجتمع بالمعنى الحقيقي». وذكر أنه «تطرق في كتاب جديد له سيصدر عما قريب وهو تحت عنوان «الوجه الآخر للمجتمع التونسي الحديث» إلى أن بعث مكاتب العلاقات مع المواطن في عدّة وزارات ومؤسسات عمومية ساهم في التقليص من ظاهرة الوساطة والمعاملات والمحسوبية في الإدارة التونسية وهي مكاتب تمكّن زوار الإدارة من الاسترشاد عن بعض الخدمات.. وبالإضافة إلى ذلك فإن سعي بعض الإدارات لتطوير طريقة استقبالها للحرفاء بوضع آلات لاقتطاع الأرقام في بهو قاعة الانتظار ومناداة الحرفاء بالترتيب أمر ساهم في الحد من الازدحام والتدافع أمام الشبابيك.. ولكن هذا لا ينفي أن الكثير من العاملين في الإدارات التونسية لا يحترمون هذا الترتيب ولا يتورعون على القيام بتجاوزات والسماح لمعارفهم الذين قدموا في التو بقضاء شؤونهم قبل غيرهم».. وتظل المشكلة الرئيسية على حد قوله «تتعلق بشخصية الإداري التونسي وتعامله مع «التونسي البراني» غير المرحب به».. وقد تحدث عالم الاجتماع عن هذه المسألة بإطناب كبير في دراسة طريفة عنوانها «محاولة تنظيرية في الشخصية التونسية المستنفرة».. وبين فيها «أن التونسيين يتحدثون كثيرا عن المعاملات الطيبة والحضارية التي تلقونها أو يتلقونها في الإدارات الأجنبية من طرف مسؤولي وأفراد الهياكل الإدارية الفرنسية و الألمانية والأمريكية.. وفي المقابل يطنبون في شكواهم من سوء المعاملات الخشنة وغير الحضارية التي تعرضوا أو يتعرضون لها في الإدارات التونسية من طرف العاملين بها». «وقد يقول البعض إن الفرق في المعاملة يعود من ناحية إلى تقدّم وتطور الإمكانيات والهياكل الإدارية الأجنبية من حيث إحكام التنظيم وتوفر الوسائل الحديثة بها واختلافها عما هو موجود في الإدارة التونسية من ناحية أخرى وهو غير صحيح».. فالإداري في إدارات المجتمعات الأوروبية يتصف بملامح سلوكية في شخصيته الأساسية وبسمات تختلف كثيرا عما نجده في الشخصية القاعدية للإداري التونسي.. فالإداري الأمريكي أو الكندي على حد قول عالم الاجتماع «يقبل على الحريف بابتسامة عريضة سائلا إياه بعبارة :«هل يمكن أن أساعدك؟؟».. وإن مثل هذا التصرف إزاء الحريف يشير إلى أن هذا النمط الإداري يغلب عليه التحفز والأخذ بزمام المبادرة في خدمة الآخرين سواء كانوا عامة أو خاصة.. فهذا النموذج الإداري قد اكتسب مقدرة نفسية «علاقتية» تساعده كثيرا على التعامل الكفء والمهذب مع عامة الناس ويرجع ذلك للتنشئة الاجتماعية».. اختلاف المعاملات الإدارية المجتمع الغربي كما يذهب الدكتور الذوادي يقوم بتنشئة أفراده على الانفتاح على الآخرين وعلى الغرباء ونرى أن «تنظيم الحفلات واللقاءات والأنشطة لملاقاة الآخرين والتعرف عليهم أصبح سنة وشريعة اجتماعية في المجتمعات الغربية الحديثة ويكاد اكتشاف الآخر لديهم أن يصبح هدفا في حد ذاته».. «كما أن هذه الإدارة الغربية تقوم بتنشئة اجتماعية للعاملين فيها وذلك من خلال تدريبهم على المعاملة اللائقة والحسنة لحرفائهم.. أما الإدارة التونسية فهي على حد تعبير عالم الاجتماع يمكن أن يتعرض فيها الحريف للمعاملة غير الحسنة وأن يلاقي الأمرين لقضاء شؤونه حتى البسيطة والتافهة فمبادرة الإداري التونسي للحريف التونسي «الآخر» «البراني» ليست بعد ظاهرة اجتماعية سائدة شائعة بالمحيط الإداري التونسي.. تغيب الابتسامة ويحل محلها المحيّا الفاتر والجبين المقطب وتأتي عبارة «تفضل آش تحب» الكثيرة الاستعمال في أروقة الهياكل الإدارية التونسية لتعبر بطريقة لا شعورية على أن الإداري التونسي غير مرتاح في تعامله مع التونسي الآخر فهو يخشاه ويتوجس منه وبالتالي يقترن تعامله معه بشيء من الإحساس بالتوتر داخل الإدارة وخارجها». ومن منطلق هذه الرؤية أي عدم ارتياح التونسي في تعامله مع التونسي الآخر يمكن فهم وتفسير تصرفات الكثير من الشواش العاملين بالإدارات التونسية.. فعلى سبيل المثال حينما يطلب مواطن مقابلة المسؤول يجيبه الشاوش بأنه غير موجود وهو قول يناقض الواقع.. ويرى عالم الاجتماع أن سلوكا مثل هذا الذي يسلكه بعض الشواش إزاء التونسي الآخر «يعرقل بالتأكيد قضاء الكثير من المواطنين حاجياتهم الإدارية التي تكون أحيانا ملحة ومازال الكثير من الشواش التونسيين يرددون عبارة «أرجع غدوة ».. ولكن في المقابل يكون التعامل معاكسا تماما لما سبق وصفه إذا كان الإداري يعرف مسبقا الحريف.. فـ«المعارف» لها دور كبير في تسهيل قضاء الشؤون الإدارية وفي هذا الصدد يقول الدكتور محمود الذوادي «يكون التعامل معاكسا عند التونسيين الذين يعرفون بعضهم البعض».. أي عندما تربط علاقاتهم روابط الدم والزمالة والجيرة ففي هذه الظروف يصبح تصرف الإداري والشاوش التونسيين تصرفا مخالفا تماما لما رأيناه مع التونسي الآخر ففي تفاعلهما مع الأخ والصديق والزميل تظهر الابتسامة العريضة وتتبادل القبل ونسمع دوي تصافح الأيدي فتقضى الحاجات بسرعة وأحيانا قبل قضاء حاجات التونسيين الآخرين الذين ينتظرون في الطابور والذين عليهم بالصبر». سعيدة بوهلال (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة من 2 نوفمبر 2006)