الجمعة، 5 فبراير 2010

TUNISNEWS

 9ème année, N°3545 du 05 . 02 . 2010

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادق شورو

وللصحافيين توفيق بن بريك وزهير مخلوف

ولضحايا قانون الإرهاب


عن منظمة هيومن رايتس واتش:إخبار إلى المحتجزين السياسيين التونسيين السابقين المحرومين من جواز السفر(هام جدا)

الأستاذة نجاة العبيدي- تونس:رسالة شكر وامتنان

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:تقرير حول محاكمة زهير مخلوف:محاكمة سياسية أخرى.. غير عادلة .. !

حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

السبيل أونلاين:رمزي بن علي بلقاسم يهدد بخياطة فمه إحتجاجا على المظلمة التى يتعرض لها

مدونة « أفكار ليلية » :عمار يصنصر مدونة « أفكار ليلية »… تدوينة غير متاحة للتونسيين المقيمين في وطنهم

كلمة:طلبة كلية 9 أفريل يستقبلون وزير التعليم العالي بالاحتجاجات

معز الباي :رسالة مفتوحة لرئيس الدولة من قضاة تونسيين فيها تنديد بفساد وزراء العدل

كلمة:ادارة سجن المرناقية ترفض تمكين مساجين منوبة من مراجعة دروسهم

حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي :بلاغ صحفي

لطارق الكحلاوي :من أجل جامعة حية… مصلحة تونس في طلبة نشطين نقابيا و سياسيا (الجزء الأول و الثاني)

منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية « :هَلْوَسَاتٌ تَمَزْغَوِيَّةٌ للنَّقَابِيِينَ (1)

د. خــالد الـطـراولي:المستبد العادل جذور في التاريخ وغصون في الحاضر

الصباح:وزير التربية انتداب 2800 مدرس.. والكتريام يتواصل

وفا:تونس: اجتماع لمنظمة الالكسو يناقش مشروع خطة العمل العربي المستقبلي

وام:البنك الاسلامي للتنمية يمنح تونس قرضا بقيمة 40ر33 مليون يورو

مراد رقية:التراتيب البلدية بقصرهلال ترفع شعار »ادفع،تبرّع/تسلم »؟؟؟

د. محمد الهاشمي الحامدي:رسالة التوحيد: أسباب التأليف في هذا الموضوع المهم

الشاذلي القليبي:العمل العربي المشترك في حاجة إلى ثورة ثقافيّة 1/2

راشد الغنوشي:سيد قطب ومالك بن نبي 

محمد العروسي الهاني: الحلقة 6 :بعد خطاب الرئيس يننتظر النتائج والردود عن رسائلنا

«هيومان رايتس ووتش»: ليبيا تحجب «يوتيوب» ومواقع معارضة

الجزائر نيوز:الحياة السرية للجنرال العربي بلخير( 2و3و4و5)

خضير بوقايلة :الجنرال العربي بلخير.. ضحية ام جلاد؟

صالح عطية :عدو المآذن.. وحبيبها

رويترز:قضاة اسرائيليون يثيرون تساؤلات بشان حافلات تفصل بين الجنسين


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس ديسمبر 2009

https://www.tunisnews.net/01fevrier10a.htm


إخبار إلى المحتجزين السياسيين التونسيين السابقين المحرومين من جواز السفر


تعد منظمة هيومن رايتس ووتش حاليا تقريرا عن انتهاكات حقوق الإنسان بحق المحتجزين السياسيين التونسيين السابقين. وفي هذا الإطار نود وضع قائمة بالمعتقلين السابقين الذين رفض لهم الحق في الحصول على جواز السفر. هيومن رايتس ووتش تسعى للاتصال بالمحتجزين السياسيين الذين، خلال قيامهم، أو محاولة القيام، بالخطوات القانونية للحصول على جواز السفر، اصطدموا برفض مباشر أو غير مباشر من طرف السلطات، والذين بمستطاعهم توثيق الخطوات التي قاموا بها. ستقدم قائمة بالحالات كمرفق لتقرير عن هذه القضية.
كل مُحتجز سياسي تونسي سابق، الذي رُفض أو جُمِّد طلبه بالحصول على جواز السفر، مدعو لتزويد البريد الإلكتروني التاليtunisiepasseport@hrw.org أو رقم الفاكس التالي 1300-736-212-1+ بالمعلومات التالية:
الاسم بالكامل:
العنوان:
تاريخ الازدياد:
رقم بطاقة التعريف:
هل سبق لكم الحصول على جواز السفر؟
إذا كان الجواب نعم، إلي متى؟
الرجاء وصف المراحل المتبعة خلال آخر طلب لكم للحصول على جواز السفر:
لدى أية مؤسسة إدارية، لدى أية مقاطعة، وبأي تاريخ قمتم بهذه الخطوات؟
لمن تقدمتم بطلب الحصول على جواز السفر؟:
هل سمح لكم بتقديم الملف؟
هل توصلتم بوصل بالإيداع أو رد شفهي؟
إذا توصلتم برد شفهي، من أعطاكم هذا الرد وما كانت مضامينه؟
في حالة توصلكم بوصل الإيداع، يرجى تحديد الجهة الصادرة للوصل وتاريخ الإصدار:
هل باستطاعتكم تزويدنا بنسخة من الوصل؟
يرجى تحديد الخطوات التي قمتم بها منذ ذلك الحين، في إطار متابعة طلبكم:
ما هي مدة اعتقالكم، ولأية تهم(ة)؟ عن منظمة هيومن رايتس واتش  

رسالة شكر وامتنان الأستاذة نجاة العبيدي- تونس

 


على إثر حصولي على جواز السفر مساء يوم الخميس 4 فيفري 2010، أتقدم أنا الأستاذة نجاة العبيدي المحامية بهذه المناسبة بخالص الشكر والامتنان لكل من ساندني وآزرني وتضامن معي سواء بالكلمة أو النية أو الدعاء من المحامين والحقوقيين والإعلاميين ومختلف المنظمات والجمعيات الحقوقية والمواقع الإعلامية وكل الذين راسلوني أو اتصلوا بي عبر الهاتف، للحصول على هذا الحق الذي يضمنه الدستور والقانون. وأخص بالذكر لا الحصر السادة والسيدات: الأستاذ أحمد نجيب الشابي- الأستاذ مختار الطريفي- الأستاذ محمد النوري- الأستاذ أنور القوصري- الأستاذة راضية النصراوي- الأستاذ سمير ديلو- الأستاذ محمد عبو- الأستاذ مارتن برادال- السيد عبد الكريم الهاروني- السيد حمزة حمزة- السيد عمر القرايدي- السيدة زينب الشبلي- الأستاذ عبد الناصر العويني- الأستاذ أنور أولاد علي – الأستاذ عبد الرؤوف العيادي- السيد سيد المبروك- السيد محمد الحمروني- السيد لطفي الحجي- السيد علي بن عرفة – السيد معز الجماعي – السيد نورالدين الختروشي – السيد العربي القاسمي – السيد لوممبة المحسني- السيد أنيس المنصوري – السيد محسن الجندوبي- السيد عبد الله النوري- الدكتور سليم بن حميدان- السيد كمال العبيدي- السيد سالم خليفة- السيد سمير الخالدي. وأدعو السلطات التونسية إلى منح هذا الحق لكل المحرومين منه حتى تكون تونس لكل التونسيين قولا وفعلا وحتى يسود القانون ويتمتع التونسي بكل حقوقه السياسية والمدنية.
 


الحرية لجميع المساجين السياسيين الحرية للدكتور الصادق شورو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس : e-mail aispptunisie@yahoo.fr تونس في 05 فيفري2010

تقرير حول محاكمة زهير مخلوف :  محاكمة سياسية أخرى.. غير عادلة .. !


نظرت الدائرة الجناحية بمحكمة الاستئناف بنابل برئاسة القاضي سمير الباجي  يوم الأربعاء 03 فيفري 2010 في القضية عدد 126 التي يحال فيها زهير مخلوف بتهمة الإساءة للغير عبر الشبكات العمومية للإتصالات طبق الفصل 86 من مجلة الإتصالات  و قد ترافع دفاعا عنه الأساتذة أحمد نجيب الشابي و فوزي بن مراد و المختار الطريفي و نبيل اللباسي و سيف الدين مخلوف و محمد النوري و راضية النصراوي و محمد عـبو و نجاة العبيدي أصالة و نيابة عن الأساتذة علي بن منصور و رضا بلحاج و أسامة بوثلجة و أنور القوصري كما حضر الأستاذ Martin Pradel  ممثلا عن الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان و الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان و المجلس الدولي لنقابات المحامين ، و بقطع النظر عن الحكم الذي ستصدره المحكمة يوم 10 فيفري 2010  فإن الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسين تعتبر أن أبسط شروط المحاكمة العادلة لم تتوفر في محاكمة زهير مخلوف اعتمادا على مرافعات هيئة الدفاع عنه و على تقرير مفصل أعده مراقب الجمعية في كامل أطوار المحاكمة ابتدائيا و استئنافيا :
من حيث الوقائع :
تتمثل الوقائع ، حسب المشتكي  » مراد لذيب  » في حضور زهير مخلوف صحبة سعيد الجازي إلى الحي الصناعي بنابل حيث قاما بتصوير شريط فيديو تضمن حوارا معه حول ظروف عمله و كان يظن أنهما مبعوثان من جهة رسمية ، إلا أنه فوجئ ببث الشريط لاحقا على شبكة الإنترنت  مما جعله يتصل بزهير لإحتجاج على ذلك فعرض عليه مبلغ خمسمائة دينار ليعدل عن التشكي و إزاء رفضه أخبره زهير بأنه من المعارضة و أن له حصانة ..، أما حسب زهير مخلوف و سعيد الجازي فإن زاعم الضرر قد ساهم في الشريط بمحض إرادته ، بل و برغبة منه ، و كان يعلم بالسبب من تصويره و لما نشر الشريط تعرض لضغوط أمنية جعلته يحاول ابتزازهما بأن طلب من زهير مبلغ خمسة آلاف دينار ثم يقدم شكاية بزهير وحده مما يؤكد أن زهير هو المقصود و أن المشتكي لم يكن إلا وسيلة لمعاقبته على نشاطه الحقوقي و السياسي ، و الملاحظ عند التأمل ، بموضوعية ، في الروايات المختلفة للوقائع كما وردت في ملف القضية و كما تلقاها القاضي في الطورين الإبتدائي و الإستئنافي أن المشتكي قدم روايات مختلفة للوقائع فهو  يصرح إبان سماعه بأن زهير و سعيد قدما نفسيهما على أنهما  قدما من ألمانيا لإجراء تحقيق حول صناعة الفخار بالطرق التقليدية لنقل تلك الطرق إلى ألمانيا في حين سبق له في شكايته التأكيد على أن زهير قدم نفسه على أساس أنه  » من ألمانيا و قد تم تعيينه من قبل الدولة لتغيير الأفران من استعمالها بالحطب إلى استعمالها و تشغيلها بالغاز « .. ، كما يثير الإنتباه الإرتباك الواضح لرواية الشاكي بخصوص ظروف تصويره إذ صرح في شكايته بأن التصوير تم بكاميرا صغيرة لم ينتبه إليها في حين أكد عند استنطاقه أن التصوير تم بعلمه و لكنه كان يجهل أن الشريط سيتم نشره على الإنترنت ..
من حيث القانون :
تمت إحالة زهير بموجب الفصل 68 من مجلة الإتصالات الذي ينص على أنه :  » يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين سنة و سنتين و بخطية من مائة إلى ألف دينار كل من يتعمد الإساءة إلى الغير أو إزعاج راحتهم عبر الشبكات العمومية للإتصالات  » و قد لاحظ الدفاع أن الإحالة مختلة لأن الأمر يتعلق بشبكة الإتصالات لا بالشبكة الافتراضية التي تحكمها تدابير خاصة ، فضلا عن الإساءة المقصودة بالفصل 86 المذكور تتعلق بالعبارات المنافية للأخلاق أو بالشتم و نسبة أفعال أو صفات للغير بدون وجه حق أو  بعث رسائل عن طريق البريد تتضمن صورا مخلة أو عبارات منافية للأخلاق ..، كما أكد المحامون أن الأمر في أقصى الحالات ، لا يمكن أن يتجاوز النزاع المدني المتعلق بالحق في حماية الصورة ، و توقف المحامون عند أركان جريمة الإحالة مبينين أنه بالإضافة إلى ضرورة إثبات الإساءة ، غير الموجودة أصلا (حيث أدلوا للمحكمة بمطويات إشهارية للسياحة التونسية تحوي نفس الصورة التي ظهر عليها المشتكي في شريط الفيدية المجرّم .. !)  فإنه من واجب النيابة العمومية إثبات سوء النية و هو أمر لا وجود لأي أثر له في الملف فقد قدم المحامون للمحكمة تقريرا عن محتوى الشريط يثبت أنه يتعلق بتحقيق عن  احترام البيئة و الظروف الصحية بالحي الصناعي في نابل ، و قدم مقترحات لتحسين ظروف العمل و تطوير التجهيزات و المرافق الأساسية ،
من حيث الإجراءات  :
لاحظ المحامون أنه و لئن كانت سرعة البت في الشكايات أمرا محمودا  لا جدال فيه فإنه لا بد من المساواة بين المتقاضين في التعامل مع شكاواهم و أنه من المريب و الغريب أن الشكاية قد قدمت ضد زهير مخلوف يوم 08 أكتوبر 2009 ليتم سماعه بعد أقل من 24 ساعة ( يوم 09 أكتوبر )  ثم يتم إنجاز كل الإستنطاقات و المكافحات في مدة لا تتجاوز الأسبوع ، في حين أن شخصيات وطنية تقدمت منذ أسابيع عديدة بشكوى ضد جريدتي  » الحدث  » و  » كل الناس  » و لم يتخذ أي إجراء لحد اليوم رغم أن  هذين  » الصحيفتين  » و جهتا اتهامات خطيرة جدا ( خاصة العدد 1084 بتاريخ 05 ديسمبر 2009 من  » كل الناس  » الذي تضمن في صفحته الأولى عنوان :  » هذه قائمة الجواسيس التونسيين الذين يعملون لصالح إسرائيل : من هم ؟ كيف تم انتدابهم ؟ ما هو مصيرهم ؟ ..) ..، كما بين المحامون أن وكالة الجمهورية قد مارست صلاحيات لم يعطها لها القانون عندما أحالت زهير مخلوف و سعيد الجازي لأن الفصل 80 من مجلة الاتصالات ينص على أن المحاضر تحال وجوبا إلى الوزير المكلف بالإتصالات الذي يحيلها إلى وكيل الجمهورية المختص ترابيا .. و هو ما لم يتم احترامه في القضية ، كما أن الصبغة الكيدية للقضية بينة بإحالة زهير مخلوف موقوفا و الحال أن التهمة ليست على درجة من الخطورة تبرر الإيقاف الذي يبقى حسب مجلة الإجراءات الجزائية وسيلة احترازية استثنائية لا يتم اللجوء لها إلا لمصلحة حسن سير القضية أو حماية للمتضرر أو للشهود أو للمتهم نفسه … كما تكررت الخروقات القانونية بالإعتداء على حقوق الدفاع إبان الطور الإبتدائي بقطع مرافعات المحامين بصورة تعسفية بدعوى  » استنارة المحكمة  » بما فيه الكفاية .. ! و بإخلاء المحكمة من المتقاضين و منع المواطنين و النشطاء من دخولها بما يخرق مبدأ علانية المحاكمة و يجعل العدالة رهينة في يد عشرات أعوان البوليس السياسي الذين طوقوا المحكمة و انتشروا داخل أرجائها و ملؤوا قاعة الجلسة .. أما استئناف الحكم فقد طعن المحامون فيه بالبطلان باعتبار أن القانون يفرض على النيابة العمومية تقديم مستندات استئنافها كتابة و هو ما لم تقم به مما يجعله حريا بالرفض شكلا و ما يجعل الإبقاء على زهير في السجن بعد إتمامه للعقوبة شديد الغرابة إذ لم تقدم  النيابة أي تبرير لطلبها الترفيع في الحكم مما يزيد في شبهة الرغبة في التنكيل بزهير مخلوف و معاقبته على تقاريره و نشاطه الصحفي و الحقوقي و إنتمائه السياسي المعارض للسلطة المتهمة بتدبير القضية له . و لاحظت هيئة الدفاع أنها لا تتردد في توجيه اتهام بالتدليس لمن أمضى نص الشكاية حيث أن الإمضاء بها يختلف ( بشكل لا تخطؤه العين المجردة و لا يحتاج لرأي خبير ) عن الإمضاء الذي ذيّل محاضر الإستنطاق و المكافحة .. و على ضوء ما تقدم و مهما كان الحكم الذي سيصدر عن الدائرة الجناحية بمحكمة الاستئناف بنابل في القضية عدد 126 فإن الصفة الوحيدة التي لا شك في انطباقها عليه  هي : .. غير عادل .. ! عن الجمعية لجنة متابعة المحاكمات  


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 20 صفر 1431 الموافق ل 05 فيفري 2010

أخبار الحريات في تونس


1)اضطهاد مستمر ضد سجين الرأي ماهر عبد الحميد: ذكرت عائلة سجين الرأي ماهر عبد الحميد المعتقل حاليا بسجن المرناقية أين زارته مساء اليوم الجمعة 05 فيفري 2010 أنه يتعرض لاضطهاد مستمر من قبل إدارة السجن المذكور، وأن هذا الاضطهاد توسع ليشمل العائلة حيث لم تتجاوز مدة زيارتها اليوم الخمس دقائق، وقد أصبحت العائلة تخشى على مصير ابنها بعدما لاحظت عليه علامات الاضطراب واصفرار وشحوب بالوجه، حيث ذكر لها في الزيارات السابقة أنه يتم اقتياده إلى مقر إدارة أمن الدولة أين يخضع للاستجواب والمعاملة القاسية. وتحمل العائلة المسؤولية كاملة لإدارة السجن المذكور فيما يمكن أن يلحق بابنها من أذى علما بأنه يشكو من دمل كبير على مستوى الساق بدا يتلون بالأسود مما ينذر بخطر يتهدد ساقه لا قدر الله. وتجدر الإشارة إلى أن سجين الرأي ماهر عبد الحميد يقضي حكما بالسجن مدة عامين من أجل تهم تدخل تحت طائلة قانون الإرهاب اللادستوري بعدما سلمته سوريا إلى تونس في شهر جوان 2008. وحرية وإنصاف تدين بشدة اضطهاد سجين الرأي ماهر عبد الحميد وتدعو إلى فتح تحقيق فيما يتعرض له من انتهاكات ومحاسبة المعتدين وتطالب بعرضه فورا على طبيب مختص حتى لا يتفاقم وضعه الصحي في انتظار إطلاق سراحه. 2)حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو عيدا آخر وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


رمزي بن علي بلقاسم يهدد بخياطة فمه إحتجاجا على المظلمة التى يتعرض لها

 


السبيل أونلاين – تونس – عاجل تعرض سجين الرأي السابق رمزي بن العيادي بن علي بلقاسم رقم بطاقة التعريف عدد 05446633 ، والقاطن بـ27 نهج بنى أمية قمرت القرية بالمرسي ، يوم أمس الخميس 04 فيفري 2010 ، إلى الإستفزاز والإعتداء باللكم من قبل العون المدعو لطفي وذلك بعد أن أمضى على المراقبة الإدارية في مركز الشرطة بقمرت . وبعد أن إلتحق بمكان عمله حضر ستة أعوان من فرقة الإرشاد بقمرت وإقتادوه إلى مركز الشرطة ، وهناك وقع الإعتداء عليه بالعنف الشديد من قبل الأعوان الستة ، حيث كبلوا يديه إلى الخلف بالأغلال (مينوت) وإنهالوا عليه بالعصي في مختلف أنحاء جسده فأصيب برضوض في كامل بدنه وزرقة في العينين . وقد سلمه الدكتور شهاب حدو شهادة طبية وهو ينوي تتبع المعتدين قضائيا . ويذكر أنه إحتجز لمدة 5 ساعات وتم الإفراج عنه في حدود الساعة الثامنة ليلا . وأعلن رمزي بلقاسم عن دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام منذ زوال يوم أمس الخميس ، إحتجاجا على المظلمة التى يتعرض لها ، وهدد بخياطة فمه . وخلال الفترة الأخيرة قدم إلى مركز الشرطة بقمرت الذي يسجل فيه المراقبة الإدارية ، عون جديد يدعى لطفي وأصبح يمارس بحقه الإضطهاد ويتركه ينتظر لمدة طويلة مما سبب له مشاكل مع مشغله في المصنع الذي يعمل به . وقد مورست ضغوط على مشغله في مصنع كاسبو « Casbo » فوقع طرده من العمل . جدير بالإشارة أن رمزي بن العيادي بن علي بلقاسم حوكم بـ 6 سنوات سجنا إبتدائيا ، رقم القضية 6245 ، الدائرة 10 ، ووقع التخفيظ في الحكم في جلسة الإستئناف بتاريخ 27 أكتوبر 2007 ، ليصبح سنتان سجن نافذ و 5 سنوات مراقبة إدارية ، وقد غادر السجن في 28 أكتوبر 2008 .  
بالتعاون مع الناشط الحقوقي سيد مبروك – تونس  
(المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 05 فيفري 2010 )

عمار يصنصر مدونة « أفكار ليلية »… تدوينة غير متاحة للتونسيين المقيمين في وطنهم

 


برغم العشرة الطويلة مع عمار إلا أنو قرر أنو يصنصر المدونة… مرحبا بي في نادي المحجوبين.. هذا بعد ما كتبت على حجب مدونة « مينرفا » وفي سياق الكتيبة على موضوع الطلبة و 5 فيفري.. المشكل بالنسبة لعمار إلي واضح أنو متخلف بشكل واضح لأنو مش فقط انجم نحل عدد لانهائي من المدونات بدون أي جهد يذكر لكن زادة التواصل عبر الانترنت و الكتيبة ولات تاخو وسائط أخرى بخلاف المدونات (تويتر.. فايسبوك..).. يعني فمة فيضان متاع وساط معلوماتية عمار مجرد لاعب هاوي قدامها… بالمناسبة في نفس اليوم إلي تم فيه صنصرة مدونتي تم فيه صنرة موقع « نوتالا » متاع الشكلاطة
http://www.nutelladay.com  ربما لاحتوائه على مفردات مخلة بالاخلاق كيف « نو » (عريان/عريانة؟)؟ يعني قمة الاعتباطية!
(المصدر: مدونة « أفكار ليلية » لطارق الكحلاوي بتاريخ 5 فيفري 2010) الرابط: http://tareknightlife.blogspot.com/  

 

طلبة كلية 9 أفريل يستقبلون وزير التعليم العالي بالاحتجاجات


حرر من قبل التحرير في الخميس, 04. فيفري 2010 قالت مصادر نقابية طلابية أن وزير التعليم العالي السيد البشير التكاري قد قام اليوم الخميس 4 فيفري 2010 بزيارة الى كلية العلوم الانسانية و الاجتماعية بتونس. و قد اضطر الوزير الى الغاء جولة له في الكلية بعدما تجمع المئات من الطلبة أمام بهو العمادة رافعين لافتات وشعارات تطالب بحرية العمل النقابي والسياسي داخل الجامعة و اطلاق سراح مساجين الحركة الطلابية. وقالت نفس المصادر أن الوزير طلب من ممثلي الطلبة في المجلس العلمي الجلوس و طرح تساؤلاتهم الا أن أعضاء المجلس العلمي من مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس رفضوا ذلك احتجاجا على ما سموه الاعتداءات المتكررة على المنظمة الطلابية و محاولة تدجينها والقضاء عليها إضافة إلى كيفيّة تعاطي السيد البشير التكاري أثناء توليه وزارة العدل مع ملف مساجين منوبة.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 04  فيفري  2010)


رسالة مفتوحة لرئيس الدولة من قضاة تونسيين فيها تنديد بفساد وزراء العدل


حرر من قبل معز الباي في الخميس, 04. فيفري 2010
وجّه عدد من القضاة لم يكشفوا عن هويتهم رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية تلقّت كلمة نسخة منها، عبّروا فيها بخطاب شديد اللهجة عن استيائهم من الوزراء الثلاثة الأخيرين الذين تولّوا وزارة العدل وهم الصادق شعبان والبشير التكّاري والأزهر بوعوني، مشيرين إلى تورّط الوزيرين الأوّلين في ملفّات فساد مالي وأخلاقيّ. واعتبرت الرسالة أنّ الوزير الحالي لا يختلف عن سابقيه في شيء إضافة إلى فشله حسب تعبير الرسالة في جميع المهام التي كلّف بها. وقد ناشد أصحاب الرسالة رئيس الدولة بوصفه رئيس المجلس الأعلى للقضاء، أن ينقذ القضاء ممّا اعتبروه بلاء، وطالبوه بتعيين أياد نظيفة للإشراف على القطاع. يشار إلى أن بعض الملاحظين قد أكدوا أن للقضاة أصحاب الرسالة علاقة بمكتب جمعية القضاة القريب من السلطة والذي يوصف بأنه مكتب انقلابي على المكتب الشرعي.
 
للإطلاع على الرسالة اضغط على هذا الرابط
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 04  فيفري  2010)
 


ادارة سجن المرناقية ترفض تمكين مساجين منوبة من مراجعة دروسهم


حرر من قبل التحرير في الخميس, 04. فيفري 2010  
ما تزال ادارة سجن المرناقية ترفض ادخال وثائق المراجعة للطلبة المساجين مبررة ذلك بعدم تسلمها أية موافقة من الادارة العامة للسجون التابعة لوزارة العدل و ذلك بالرغم من موافقة وكيل الجمهورية على اجرائهم الامتحانات داخل السجن. وفي نفس السياق علمت كلمة أن السجين ضمير بنعلية قد عوقب بالبقاء خمسة أيام داخل زنزانة من يوم 30 جانفي الى يوم 4 فيفري. وقالت عائلته أنه لم يقم بما يستوجب نقله الى زنزانة معتبرة ذلك اجراءا انتقاميا ضده.
 
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 04  فيفري  2010)


حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي بلاغ صحفي


على اثر نشر إحدى الصحف اليومية بتاريخ 03 فيفري 2010 خبر تلقيها عريضة ممضاة من 53 عضو مجلس وطني و13 كاتب عام جامعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي يمثلون 19 ولاية من ولايات الجمهورية التي يبلغ عددها 24 ولاية وقد عاينت العريضة حسب نص الخبر: »بكل أسف الحالة التي يعيشها الحزب وتعمد سياسة استسهال الإقصاء لمخالفة الرأي الشيء الذي يهدد وحدة الحزب ومسيرته خاصة انه على أبواب استحقاق انتخابي هام ».   وإذ تقف قيادة الحزب على أبعاد نشر هذا الخبر الزائف وتداعياته السلبية وغاياته المبيتة فإننا تؤكد للرأي العام:   1 – إن حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي يتعرض لحالة استهداف ممنهج غايتها إرباك هياكل الحزب ومحاولة جره إلى مقاطعة الاستحقاق الانتخابي البلدي بعد أن أعلن مجلسه الوطني بأغلبية أعضائه المشاركة في هذه الانتخابات بنفس الجدية والمسؤولية المعهودتين فيه خدمة للمصلحة العليا للوطن وخياراته في بناء التعددية والديمقراطية.   2 – يؤكد حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي تشبثه ونضاله من أجل حرية الصحافة ومسؤوليتها في البناء الوطني على قاعدة الالتزام بالضوابط المهنية والمصداقية.   3 – تحتفظ قيادة الحزب بحقها في مجابهة حالة الاستهداف بالطرق المشروعة قانونا وبالأساليب السياسية المتاحة التي سيتخذها مكتبه السياسي الذي سيجتمع للغرض في بحر الأسبوع المقبل.   الأمين العام احمد الاينوبلي  


من أجل جامعة حية… مصلحة تونس في طلبة نشطين نقابيا و سياسيا (الجزء الأول)

 


اليوم 5 فيفري الذكرى السنوية لحدث ربما غير معروف من عموم الشباب التونسي بما في ذلك الطلبة التونسيون. و الأهم من ذلك فإننا، في تونس، لم نبتعد كثيرا عن بعض سمات تلك المرحلة. يرمز تاريخ 5 فيفري 1972 إلى خروج المنظمة النقابية الرئيسية في البلاد أي « الاتحاد العام لطلبة تونس » عن « الشرعية » بعد محاولة طلبة الحزب الحاكم آنذاك (طلبة « الحزب الاشتراكي الدستوري ») الهيمنة عليها برغم أنهم كانو أقلية في المؤتمر الذي تم عقده في مدينة قربة أمام أغلبية من المؤتمرين ضموا مختلف الحساسات الفكرية و السياسية بما في ذلك تيار انشق عن الحزب الحاكم و قرر الدفاع عن تأسيس نظام ديمقراطي في البلاد. فخلال اجتماع عام تاريخي يوم 5 فيفري ضم آلاف الطلبة (أغلبية بالنسبة لعموم الطلبة آنذاك: حوالي 5 آلاف طالب) بما عكس ثقل كتلة الأغلبية في المؤتمر. الاجتماع الذي تم إعتباره فيما بعد « شروعا في أعمال المؤتمر 18 الخارق للعادة » واجه حملة من القمع و انتهى بحالة استمرت لسنين عديدة، كانت فيها الساحات الجامعية تغلي إزاء حالة من « اللاشرعية » و القطيعة مع السياق الرسمي الموجود خارج أسوار الجامعة. كان وضعا في الأساس غير « طبيعي » و لم يكن في النهاية في مصلحة أحد غير أنه لم يكن هناك، حتى بعد النظر بأثر جعي بعد كل هذه السنين، خيار آخر أما حركة طلابية واسعة و مصممة على التمسك بمنظمة نقابية مستقلة. كان في الحقيقة إجهاض مؤتمر قربة إجهاضا لتجربة فريدة بالنسبة لجيل شاب كان بالرغم من كل الاحلام الراديكالية التي تميز الكثير من أجنحته (و ليس كلها) قادرا على التعايش. و كان هناك ربما فرصة لأن يجرب ذلك الجيل أهمية تعديل كل الراديكالية التي يحملها مع واقع يحتاج التوافق على أرضية ديمقراطية دنيا حتى يمكن له الاستمرار. ربما لم يكن ذلك سيغير مجرى التاريخ خاص أما الفوران الايديولوجي لكثير من الفصائل الطلابية الذي كان يحتاج الكثير من الوقت و المآزق حتى يمكن استهلاكه. لكن حتى أقل الاحتمالات التي تفترض تأثير قمع هذه التجربة الفسيفسائة الوليدة يستحق منا التأمل، و الحسرة ربما. مرت سنين عديدة حتى اليوم. و مرت الكثير من الفرص الأخرى، انشقت الساحة الطلابية و حركاتها إلى حركات و ملل ايديولوجية (إذ كان من الروتيني أن تنقسم الفرقة الايديولجية إلى اثنين في أحيان كثيرة) و حتى نقابتين، و بالتأكيد الكثير من الانفلات. إذ لم يعد من الممكن تمييز المجال الجامعي عن المجال السياسي. غير أن كل من حاول و يحاول الاعتماد على ذلك لتبرير عملية التقويم الامنية و القسرية التي جرت فيما بعد تنقصه الكثير من النزاهة. إذ أنه يتناسى أصل الوضع غير القويم: عجز السلطة عن عدم التدخل في التنظم النقابي و السياسي داخل الجامعة. كل ما حصل و يحصل و سيحصل ناتج بالأساس عن هذا الوضع أساسا. و هكذا عندما تم التوهم بـ »احتواء » الجامعة عبر تجريد الطلبة من حركتهم الطلابية و منحهم « قانونية » مفرغة من إمكانية الفعل النضالي لم يكن ذلك إلا مقدمة جديدة لتكرار، و لو بعناوين و بتفاصيل أخرى، ما حدث في الماضي. إذ أن أي محاولة لوجود منظمة نقابية نضالية و ذات عمق و تأثير تصطدم عند ذاك بوضع « اللاشرعية ».. و هكذا نحن مرة أخرى في نقطة الصفر، إذ تعجز المنظمة النقابية عن عقد مؤتمرها حتى عندما قررت ذلك السنة الماضية في بنزرت.  
 

من أجل جامعة حية.. مصلحة تونس في طلبة نشطين نقابيا و سياسيا (الجزء الثاني)

غير أن قصة التاريخ المجرد هذه تتقاطع مع تجربتي الجامعية. و بالتالي هي في جزء منها تجربة شخصية جدا. شاءت الظروف أن دخلت الجامعة (للحظات قصيرة متقطعة) قبل الالتحاق بالجامعة وشهدت آخر فصول فورانها مع أواخر الثمانينات. كان ذلك مشهدا ضخما و هائلا بكل المعاني. و لهذا بالتحديد كان رجوعي إليها بصفة الطالب سنة 1993 حالة صادمة بكل المقاييس برغم كل التوقعات حول تراجع بل و انقطاع نفس حركة طلابية أصبحت تتحرك حسب جدول الأوقات المقرر سلفا ممن في يدهم الأمر، أو بمعنى آخر توقفت آنذاك عن أن تكون « حركة ». كان علينا أن نتفرج على ملهاة حقيقية قوامها عنصرين: الأول جهاز طلابي سياسي يتبع الحزب الحاكم غير أنه يريد أن يكون كل شيء، حتى أنه كان يترشح في انتخابات « المجالس العلمية » تحت تسميات نقابية (نقابة ضد من؟ و لأجل من؟). و الثاني « اتحاد طلبة » أصبح، أيضا، جهازا كنا نصطلح عليه جميعنا (من هم فيه و من هم عليه) بـ »الشقف »، بما يعني ذلك من فراغ المحتوى و نصاعة الشكل. كان عجز العنصر الأول عن أن يملأ الفراغ السياسي و بالتأكيد النقابي بديهيا إلى غاية لامبالاة أي كان بمحاولة البرهنة حتى عليه، و كان عجز « الشقف » أن يحمي نفسه إلا إذا قرر أن لا يكون مجرد شقف، حالة المفارقة التي ميزت مرحلة التسعينات خاصة أمام تنامي حاجة عموم الطلبة إلى تعبيرات نقابية دنيا يواجهون بها العمليات القيصرية الضخمة التي تقوم بها وزارة الاشراف مثل « الكاباس » و غير ذلك. كانت هناك فرصة حينها لخلق وضع جديد، يتعالى على حالات الانقسام المؤدلج الكاريكاتوري. إذ كان و لايزال من المثير أن يرى « الطالب العادي » (و حتى بعض الطلبة المسيسين) صراع الديكة حول فتات ايديولوجي في وقت يفتقد فيه الجميع القدرة على الحركة. أصبح حينها للكثيرين واضحا أنه لا يوجد أمل لأي كان من الذين يرغبون في العمل النقابي الصرف، أو السياسي الصرف، او الايديولوجي الصرف أن يستمروا دون افتكاك حق الوجود و الفعل و الكلمة. و تلك كانت معركة جماعية، شكلا و مضمونا. و هنا ربما الأمر الوحيد الذي يجعلني و بعض جيلي من تلك المرحلة ننظر ببعض الفخر إليها: إذ رغم فشلنا الذريع في كثير من أحلامنا الكبرى و لكن (الآن أعتقد، أهمها) تلك الصغرى فإننا استطعنا تجاوز بعض الخطوط الحمر التي مثلت عائقا أمام جامعة حية يعبر فيها الطلبة بشكل صحي و جدي عن رؤاهم السياسية و آمالهم النقابية.. لا أفضل أن أنظر بمنظار وردي إلى تلك المرحلة لكن لا يمكنني ألا اشعر و لو بقليل من الغبطة، الآن، إلى نجاحنا في كسر الحظر الذي ساد بين بداية التسعينات حتى منتصفها ضد « حق الاجتماع العام المرخص » لطرف نقابي محدد (لم يكن ممثلا لكل من هم في الساحة) و باستبعاد صارم لأي تعبير باسم عناوين سياسية و حرصها في أوقات محددة تنتظر ترخصيا مسبقا بيومين بما أفقد الطابع العفوي لأي تحرك نضالي. استطعنا، بعد الكثير من المواجهة و التصميم، افتكاك هذا الحق مجددا من دون الوقوع في الفوضى بل استعماله بكل الحكمة و التوازن الممكنين إذ كنا نعرف هشاشة الوضع الجديد و كنا نحاول الحفاظ على أي مكسب بنواجذ نواجذنا. و الأهم من كل ذلك في غمرة هذا التجاذب أمكن لنا أن نرى في كل منا نقطة مشتركة ما تجعل كل الجدال الايديولوجي الذي توارثناه هزيل المعنى. كانت حالة اكتشاف الجامع بيننا حالة رهيبة و صعبة و لم نمسك بها إلا بالتجربة و الخطأ غير أنها كانت درسا كبيرا، و كانت مبعث انتباه خاص من الطرف الرسمي. لن أنسى مثلا سؤال مسؤول أمني كبير في أحد مراكز التوقيف المعروفة مجموعة منا، جمعت كل التلوينات الفكرية و السياسية الحاضرة آنذاك، عن مغزى وجودنا جميعا في الايقاف (« أش لمكم أصفر على أخضر على أحمر.. »). خليط ردة الفعل تلك بين الدهشة و التأمل و الغيض نبهتنا ربما بشكل حاسم إلى واقع كنا نتجنب رؤيته بتأثير كل الميراث الايديولوجي الثقيل الذي كان يخيم علي صدورنا. لكن مع نهاية التسعينات تبددت مصادر الغبطة الأولية. كان علينا أن نواجه ليس تناحرنا و ترددنا في الامساك بأسباب المرحلة فحسب بل أيضا إصرارا رسميا على منع أي وجود جدي لعمل نقابي و سياسي في الجامعة (عبر الاعتقال الوقتي أو المطول و الابعاد أو المنع من دخول الجامعة)، و فوق كل ذلك و أهمه حالة من التراخي بين عموم الطلبة بما يعكس عدم نضج اللحظة التاريخية ذاتها. كانت أكثر الحالات إحباطا هي الانتقال من حالات حشد تجمع آلاف الطلبة إلى حالة من الفراغ بسبب الامساك أو إبعاد بعض القيادات الطلابية بما يجعل عموم الطلبة في حالة من الدهشة. و في النهاية كان علينا أن نواجه أدوات جديدة نسبيا (ليست غير مسبوقة بكل تأكيد) في الصراع و هي المنع من الدراسة. جربنا أولى اختبارات الوزارة في هذا الاتجاه سنة 1999 (في كلية 9 أفريل مثلا) حيث كان العقاب يتجه نحو « مجالس التأديب » عوض الملاحقات الأمنية غير المجدية في السابق. بدت هذه السياسة الجديدة (التي قاد تنفيذها بالمناسبة عمداء كليات عرفوا بـ »يساريتهم » في وقت من الأوقات) ذات تأثير خاص لأنها تجردنا من سلاح مواجهة سياسية و تنقلنا إلى مجال مواجهة مع البيروقارطية الجامعية و بالنهاية تهدد أصل وجودنا الحركي و النقابي أي الانتساب إلى الجامعة. سيصبح للأسف فيما بعد هذا السلاح ممارسة روتينية برغم نجاح الناشطين الطلبة في محاصرته في البداية و إلى حين (أتذكر أن من اسباب إسقاطه سنة 1999 هو خوف أحد العمداء من صدور إسمه في نشرات وكالات أجنبية و هو الذي يحرص على الحفاظ على واجهة « تقدمية » في الخارج). و هو سلاح ناجع متى لم يستطع الناشطون الطلبة ضمان خلفية تضامنية قوية بين صفوف عموم الطلبة. غير أن ذلك، و هو شرط حركة طلابية قوية و منيعة، لم يتحقق آنذاك، و لا يزال عاجزا عن التحقق الآن. و الاعتقالات في صفوف الطلبة المعتصمين في كلية منوبة و الذين حوكموا و سجنوا أخيرا ربما لم يكن من الممكن منعها لكن كانت ستتم بالتأكيد في ظروف مغايرة لو كان هناك حركة طلابية منتعشة و تضم شكلا و فعلا عموم الطلبة، مثلما كان حال الهياكل النقابية الطلابية في فترات سابقة. (المصدر: مدونة « أفكار ليلية » لطارق الكحلاوي بتاريخ 5 فيفري 2010) الرابط: http://tareknightlife.blogspot.com/


هَلْوَسَاتٌ تَمَزْغَوِيَّةٌ للنَّقَابِيِينَ (1)

إهنأ عبد السلام و اعْزِفْ غَاشِيَةَ الزَّمَانِ على الوَتَرِ سَعْدُ أمِينُ بيْتِ المالِ على يمِينِكَ مِلءَ الزّحامِ بأمْرِ مآثرِ النَّيَازِكِ يَأْتَمِرُ عليٌّ مِنْ وَلَهِ انتحارِ الوقتِ و مِنْ يوم قال الشّرِيدُ نَعُودُ على يسارِك عاد في البطحاءِ يحْصِدُ زرْعَها بمَناجِلِ الجفافِ يسْتَعِرُ الاتحاد من فراشات العمدونِيّ الوثنِيّ يَحُومُ على عُشِّ العناكبِ حتّى أذْعَنَ لِلْقَحْطِ الحِبْرُ و الحَبَرُ الاتحاد الجهوي بتونس هاوِية الفَواجِعِ تَنْتَشِي بِابْنَ طَبَابَةَ باللّيْلِ هارون و في النّهارِ مُعْتَصِمُ رِفاقُ أَمْسِنَا كانُوا رِئة السّرابِ فأمْسُوا ألقًا يَخُطّون قُرْآنَ الخُلُودِ مَصَاحِفًا سُنْدُسَ الدُّرَرِ عبد السلام شَنْدُولُ يُسَبِّحُ باسْمِك و لمنْ أسَرُوا الشُّعَاعَ و أقْسَمَ ما بقِيتْ به اللحظاتُ مصْدَحَ في المَجْلِسِ ينْتَشِرُ عبد السلام تدَلّهَتْ نفحاتُكَ حتّى اسْتَقَامً الزّمانُ بالدّمِ المَنْذُورِ على هواكَ يدُورُ مصْطَفَى ابْنُ أحْمَدَ شتاتَ الظّامِئِينَ يُرَاقِبُ و يَمْتَشِقُ الفِكِرَ و النّظَرَ و يُهْدِيكَ ما تَقَدَّمَ و تَأَخَّرَ بِالصُّوَرِ عبد السلام ما أبْقَتْ دُرُوبِ الاتحاد لِلْخَالِدِينَ سِوَى غِلْمَانَكَ تنبْدَأُ بهِمَا الهِرْمَاسِي كما الحَمْرُونِي رَسَمَا بالدّخَان على جَبِينِكَ القُبَلِ فماذا يقُولُ الماءُ لمّا يَأْنَسُ بهما القَدَرُ البَعْزَاوِي من انْفِصَالِ الأرْضِ كَوْثَرَةَ القيْروانِ كما سَعْدُ المَعَاشِ وَفِيَّانِ لساحِرِكَ، الساحِرُ السَّاخِرُ الوَعِرُ مُنْجِي مِهَنَ مُخْتَلِفَة هِمَمُ الجَرَادِ لِكَأْسِ العَابِرِينَ حَلِيفُ يَأْتَمِرُ بالشَّهِيدِ كما لا يَأتَمِرُ البَشَرُ عبد السلام ماذا تقُولُ لنا الحياةُ و قد قَتَلْتَ معانِيها الحياةُ في القَصْرِ غَنَّيْتَ الهوَى ثَمِلاً و في الاتحاد الأَفْوَاهُ تَعْتَصِرُ هذي قصِيدةٌ أُولَى شَذَى لِلنُّدْمَانِ و السُّمَّرِ في ذِمَّةِ الرّهْبَانِ أوْدَعْنا صَحَائِفَنا فلا تَبْنِ على الشَّمْسِ سِحْرًا قد يَسْتَحِمُّ البَرْقُ و يَنْقَلِبُ السِّحْرُ على السّاحِرِ   شاعر من تَمَزْغَةُ   (يتبع)   المصدر  :  منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية  » الرابط  : http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p  


المستبد العادل جذور في التاريخ وغصون في الحاضر


د. خــالد الـطـراولي ktraouli@yahoo.fr يُعرّف الاستبداد عادة على أنه تفرد بالسلطة وعدم أخذ برأي الجماعة وتصرف بحسب الفوائد الشخصية والمصالح الذاتية، دون اعتبار لمصالح الجمهور ومطالبه، وهو في النهاية تجميع للسلطات وتغييب للقوانين. وهو حسب الكواكبي  » تصرف فرد أو جماعة بحقوق شعب دون الخوف من المؤاخذة والاستجواب ».  والعدل هو تصرف الحاكم بحسب مقتضيات المصلحة العامة، وهو حضور للقانون وغياب للاستفراد وتفريق للسلطات. ورغم هذه الخنادق الذي تفصل المفهومين، فقد استطاع بعض فقهائنا في أيام النكوص والسقوط أن يجمعوا الضرائر ويؤلفوا بين المتناقضات ويحدثونا بكل  « براءة  » وعلم، عن المستبد العادل، وينشئون الكتب في ذلك ويحدثون في الأمة خرقا، مازالت تعيش وباله إلى اليوم. سقطة الفقهاء قبل السقوط الحضاري. لم يكن هذا الانحراف الفقهي نحو شرعية سلطة الاستيلاء وحكم المستبد العادل إلا نتيجة لهشاشة الشرعيات الأولى التي اجتمع عليها الفقهاء وهي ولاية العهد وبيعة أهل الحل والعقد، وإذا كانت الأولى غير محسوم أمرها ولو مثلها الصدر الأول من الإسلام في تداول السلطة بين الراشدين حيث اعتبرها عمر رضي الله عنه فلتة وقى الله المسلمين من شرها، فإنها لم تكن بين الأب وأبناءه ولكن كانت خارج الشجرة العائلية، بل أن عمر استبعد ابنه منها رغم صلاحيته لها. كان عدم تعيين الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لخليفة من بعده حسب الرواية السنية، عنوانا بارزا لدنيوية الخلافة وجعلها مفتوحة لاجتهاد المسلمين في طريقة تعيين ولاتهم، في إطار من احترام مقاصد الشريعة وروح النصوص وأهداف الإسلام. ولقد استغل بعضهم هذا النافذة المفتوحة ومنطقة الفراغ التشريعي، ليحدث في الأمة شرخا وجرحا لم يلتئم، فكانت ولاية العهد، حيث وقع اختطاف الخلافة وتحييد الرعية وإسكات الفقيه..! لم تكن ولاية العهد إلا انحرافا مدروسا ومغالطة لسبل ووسائل تداول السلطة في المجتمع الإسلامي، ولم تكن الأمة، رعية وفقهاء قد قبلت بشرعيتها، ولكن عنصر الإكراه والمباغتة والجرأة والغلبة جعلها تستوطن الإطار الحاكم قبل أن تستوطن عقلية الرعية وقلم الفقيه. فكان عنصر الزمن عامل مساعدا على قبولها، فصبغها بصبغة القدسية حتى أضحت الخلافة بهذه الصفة المنحرفة جزء من الدين ومن نزعها فقد نزع رقبته من الإسلام. فغُلبت الأمة على أمرها، وتهيّب الفقيه، واشتد عود الحاكم وتواصلت سلطاته بومضات من عدل أو بسحب من الجور. لقد كانت تجربة الراشدين فريدة ورائدة يصعب تكرارها خارج إطار المؤسسة المغيبة، لقد كانت كل التجربة فلتة حمتها ثلاثية يصعب إن لم يستحل تجددها، كانت قريبة من صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم فكانت القدوة حاضرة والنموذج لم ينحسر، ، كان روادها وقادتها الأربع يحملون باعا نسبيا من العدل والقوة والتجرد والعمل من أجل الشأن العام، كان المجتمع يرنو إلى الينبوع الأول في صفائه ونقائه وفطرته فاصطبغ نسبيا بقيم الفضيلة والإيمان والتقوى والأخلاق العالية، حتى في ظل الرماح وتقارع السيوف. يروى أن عمر بن عبد العزيز لما تولى الخلافة كتب إلى سالم بن عبد الله بن عمر يطلب منه كتب عمر بن الخطاب في القضاء والسياسة، فرد عليه سالم في رسالة مطولة ذكر فيها »… وإن عمر رضي الله عنه عمل في غير زمانك وعمل بغير رجالك، وإنك إن عملت في زمانك على الذي عمل عمر بن الحطاب في زمانه بعد الذي رأيت وبلوت، رجوت أن تكون أفضل عند الله منزلة من عمر بن الخطاب.. »[[1]] أما بيعة أهل الحل والعقد فرغم اعتبارها وسيلة شبه شوروية أو شورى بدائية في التمكين للحاكم، غير أنها لم تخلّ من نقائص ومفاجئات رغم مكاسبها، حتى أن بعض الفقهاء أفتى بشرعية فرد يكّون أهل الحل والعقد، فيمكّن للحاكم، فتصبح أمة بكاملها في رقبة نزوات فرد أو ميولاته أو اجتهاداته أو أهدافه! وهي نقيصة ستتواصل لغياب هذه المؤسسة الحاملة لمشروع الشورى. وهكذا شُرّع دون وعي للفردية والاستفراد في الحكم. التسويغ والتأصيل للاستبداد وقد انطلق هذا التسويغ التاريخي للاستبداد وتأصيل شرعية الاستحواذ على الحكم والاستيلاء على مقاليد السلطة في الكتابات الأولى للماوردي في كتابه الأحكام السلطانية حيث تجلت هذه المهمة العويصة في شرعية مشروع حكم وسلطنة خارج ما اتفق عليه الفقهاء من إلزامية الشورى والبيعة، وقد نجح الماوردي في إظهار هذه الشرعية وبلورتها تحت غطاء فقهي قوي. »وأما إمارة الاستيلاء التي تعقد عن اضطرار…وإن خرج عن عرف التقليد… ففيه من حفظ القوانين الشرعية وحراسة الأحكام الدينية ما لا يجوز أن يترك مختلا مدخولا ولا فاسدا معلولا فجاز فيه الاستيلاء والاضطرار ماامتنع في تقليد الاستكفاء والاختيار لوقوع الفرق بين شروط المكنة والعجز »[[2]]  ولم يخرج الغزالي من هذا المسار التسويغي وكانت التعليلات نفسها من خوف على بيضة الإسلام من الفتن والاضطرابات والفوضى، وكأن حال الأمة لم يكن قد دخل بعد في مسار انحداري، وكأن التسويغ ليس في الحقيقة إلا نتيجة لإرهاصات هذا السقوط، يقول أبو حامد الغزالي: « إن نظام الدين لا يحصل إلا بنظام الدنيا، ونظام الدنيا لا يحصل إلا بإمام مطاع » [[3]]، فسلطان الواقع يجب إطاعته والنزول عند حكمه ما لم يأمر بمعصية، رغم ما يلوح لنا منه من استبداد وجور وكأن الظلم والتعسف ليسا من أعظم السوءات والجنايات والمعاصي. وأصبح هذا الغالب ذو الشوكة جائز الإمامة وواجب الإتباع، ولو كان  عند البعض صبيا أو فاسقا أو جاهلا، وحمّلوا الآية الكريمة « وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم » أكثر من حملها، ووظفوها في خدمة الاستبداد والغلبة والجور، وأجازوا للسلطان عدم استشارة أهل الحل والعقد والانفراد بتعيين من يرثه سلطاته بعد وفاته، فهي ملكه الشخصي وله الحرية الكاملة في الاستعمال والتفويض والتوريث! لقد حاول بعض الفقهاء ولا شك ارتياد الشأن السياسي ولو بكثير من المناورة والمدارات، ولكن رد الحاكم كان قاسيا وعنيفا، حتى يستبعد أي دور سياسي للفقيه ولا يتقاسم معه سلطته الدينية والمدنية. ومن هنا مرت تجربة مالك مع فتوى طلاق الاكراه وموقف ابن حنبل من خلق القرآن. لا شك أن هذه الومضات تؤكد على وجود هذا الهم السياسي المقتضب لدى بعض الفقهاء، لكن ندرته واستثناءاته يؤكدان على هشاشة البعد السياسي عامة في تنظيرات الفقيه وممارساته، وخلو الإطار السياسي كاملا للحاكم وحاشيته. ولقد سعى الفقهاء بعد لأي ونصب وابتعاد مكره عن الحديث والتنظير في أروقة السياسة والحكم، والتزامهم بالبقاء في إطار فقه العبادات والعقائد، إلى دخول هذا الإطار مجددا ولكن من باب الترقيع والتوفيق، والواقعية المهزوزة،  فأُسبِغَت الشرعية على الاستبداد وكان التبرير غالبا ما يدور حول الفتنة والفوضى وحماية الإسلام ،و » ملك غشوم خير من فتنة تدوم »!. لقد كان الأجدى العودة إلى ينابيع الشورى، والجرأة على تثوير مفهومها، والإشارة الصريحة والشجاعة إلى أسباب بداية السقوط الحضاري للأمة، والذي كان أحد أسبابه المباشرة والأساسية الانحلال السياسي، والاستبداد السلطاني، والغياب الكامل للحرية السياسية تنظيرا وتنزيلا. ولعل دخول بعض الفقهاء في متاهات التمييز في مفهوم الشورى بين شورى إخبارية وأخرى ملزمة وترك مبدئية المصطلح ووضوح معناه الإلزامي  إن هشاشة الشورى في تطبيقها التاريخي لا تعود أساسا إلى ضعف المفهوم ولكن إلى الغياب الفعلي لمأسسته، ولن تجد في كتب السابقين واللاحقين محاولة إلى تنزيل مفهوم الشورى، على مرونته وقوته، في مؤسسة تحمل آلية وقوانين، ولعل غياب الفقهاء في هذا الباب، اضطرار أو خيارا، ودخولهم مغارة فقه الحضانة والطهارة، والتي أبدعوا فيها، جعل فقدان التنظير السياسي في هذا الباب عونا ومجلبة للتنظير للاستبداد وإمارة الاستيلاء والاستحواذ، قبل تنزيله إلى الواقع المعاش، فولّد غياب التنظير للعدل والحريات حضور التنزيل للاستبداد والجور، وكان المستبد العادل إحدى إفرازات إبداعات حضارتنا أيام نكوصها وسوادها، في ظل غياب الفقيه العدل وموت الرعية. عندما يلتقي السواد بالسواد هذا القبول الذي انطلق تنظيرا في التاريخ البعيد ليلامس مناشدة بعض المصلحين، نراه اليوم يعبر عنه في الكثير من الأقوال والأفعال التي يتبناها علماء الحاشية ومعارضو الديكور، وبعض صنوف من الجماهير. ليس السكون العجيب لشعوبنا وقابليتهم الغريبة للتأقلم مع هذه الحالة التي يعيشونها من فقدان للحريات وغياب التعددية السياسية في البلاد وتجاهل لمبدأ التداول على الحكم، إلا تعبيرا عن تلازم هذا الطرح لدى الحاكم الجديد وكذلك عند رعيته. فالحاكم ورث هذا التنظير البعيد زمانا والمتهافت نقلا وعقلا، واستغله في ترويض الجماهير وقنص رضاها. وفي غياب شرعية الصناديق، أسبغ على حكمه شرعية فقهية تاريخية، ولو أنها كانت من بنات عصور التخلف والانحطاط ومن واقع الضرورات التي تبيح المحظورات، وأصبح مستبد اليوم يبحث في أجندته على تأكيد هذه الشرعية عبر نضاله ضد الاستعمار حينا، وعبر إصلاحاته « الثورية » حينا آخر، ليصبغ عليها صفة العادل المهموم بشأن رعيته، وحتى يضمن لنفسه لقاء تاريخيا مع المستبد العادل الذي شهده أمسنا، فيكون وفيا للأجداد وظالما للأحفاد! لن نكون ساديين في أفهامنا، وليس بين الجور والظلم اختيار، ولكن مستبد اليوم وهو يرنو إلى إرث مستبد الأمس، لم يكن له وفيا. فرغم سواد الليالي السابقة ورفضنا لهذا الانحراف الذي طال فقهاءنا من شرعية المستبد العادل، فإن الكثير من مجلداتنا الصفراء تذكرنا على حياء بومضات من زهد لبعض هؤلاء الخلفاء، ومن حلم ومواقف عدل ومحاسبة، عجز عن الإتيان بها مستبد اليوم، الذي ورث الاستبداد وأعطاه كل حقه واستمات في الوفاء له، لكنه انهزم شر هزيمة في مواطن العدل والإنصاف، ولو على نسبيتها وصوريتها وشخصانيتها! ولقد أثرت حالة الإحباط والارتباك التي تعيشها بعض من جماهيرنا إلى شلّ أعضائها وخيّم السكون والإرجاء على مواقفها، فلم تغادر قبورها وفضلت بوعي أو بدون وعي انتظار بركات من السماء أو من الأرض، أو التعويل على أن يكون حاكمها المستبد مستحوذا على السلطة، وأن يسمح لها بالعيش ببعض الرفاه المنشود، وهو من العدل اليسير الذي ترنو إليه وترضى به ولو على مضض! فآثرت تقاسم الأدوار، على الندية في الحقوق، فللحاكم السلطة وشأنها وللرعية فتات حقوق من أكل وشرب لبعض أفرادها. إن الاستبداد داءٌ أشدُ وطأة من الوباء ، أكثرُ هولاً من الحريق ، أعظمُ تخريباً من السيل ، أذلُّ للنفوس من السُّؤال، كما يقول الكواكبي، غير أن إلحاق صفة العدل به لهو جمع للخير والشر، والنور والظلام، وسعي خطير إلى تبرير المتهافت وتشريع الباطل وتكريس السقوط والفناء، وليس تواصل غيبتنا الحضارية إلا دليل على دوام هذه القصة التي طال ليلها، والتي اغترفت كيانها من عمق تاريخنا أيام سواده، لتتواصل مشاهدها المزعجة تباعا في هذا العصر المتردي. ولا سبيل إلى عالمية ثانية منشودة إذا استمرت و وتفشت هذه السلوكيات المنحرفة والتنظيرات المتهاوية، فلا عدل ولا تحضر مع الاستبداد، ولا استبداد بدون فقه الاستبداد، ولا دوام للاستبداد وفقهائه، دون قابلية وتأقلم وسكون!  
ينشر بالتوازي مع موقع اللقاء  www.liqaa.net [1]  ابن الجوزي « سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز، الخليفة الزاهد » ضبط وتعليق نعيم زرزور، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، ط1، 1984، ص:151. [2]  الماوردي « الأحكام السلطانية » ص 33 [3]  أبو حامد الغزالي « الاقتصاد في الاعتقاد »  بيروت 1969 ص 214.  


وزير التربية انتداب 2800 مدرس.. والكتريام يتواصل

 


تونس ـ الصباح سيمكن  تلاميذ الإعداديات النموذجية  هذا العام من فرصة استثنائية للارتقاء إلى المعاهد الثانوية للنخبة على أساس معدل 15 من20 هذا العام  دون المرور بمناظرة النوفيام كما ورد بمنشور2007انصافا لمن اختار هذا المسلك على أساس هذا الإجراء التفاضلي..غير أنّ هذا التسامح سيكون الأخير ليصبح الجميع سواسية أمام المناظرة ولكل من تتوفر فيه شروط الالتحاق بالنموذجيات الثانوية حق في الانتماء إليها دون مفاضلة بين تلميذ وآخر إلا بالاستحقاق. هذا الإجراء أعلن عنه أمس وزير التربية حاتم بن سالم في لقاء صحفي وقد حسم به الجدال الساخن الذي ساد أوساط التعليم النخبوي تلاميذا وأولياء طوال الفترة الماضية على أن مبدأ الإنصاف المعتمد في هذه الحال وإن يعتبر إستثنائيا فإنه لن يكون على حساب تلاميذ التعليم العام الذين وفرت لهم الوزارة فرصةالإلتحاق بالنموذجيات الثانوية دون المس من حظوظهم تكريسا لمبدإ العدالة وذلك بتوسيع طاقة استيعابها بأكثر من 50 بالمائة من طاقتها الحالية  التي سترتفع من ألفي مقعد سنة 2009 إلى2415هذا العام ليرتفع العدد خلال الموسم الدراسي 2011 إلى أكثر من 3400 مقعد نصفها مخصص لتلاميذ الإعداديات العادية. وشدد الوزير على وجوب احترام قاعدة دخول المؤسسات التعليمية للنخبة على أساس المناظرة وليس المعدلات السنوية ملمحا إلى أن المنشور المخل بالقاعدة لايجوز أن يلغي أو ينسف قرارات الأمر الرئاسي الصادر سنة 1999 الضابط لشروط الارتقاء للنموذجيات عبر مناظرة ختم التعليم الأساسي  مفسرا تمريره بأنه صار في «غفلة». حول عودة امتحان الكتريام التي فاجأت الأولياء بعد أن سبق الإعلان عن التخلي عنه بداية من هذه السنة  هدّأ الوزير من حيرة العائلات وأشار إلى أن مواصلة العمل به خلال جوان القادم كان مرتبطا بتأجيل  العمل بالمنشور86 المنظم لمراجعة نظام التقييم في الإبتدائي وبالتالي سيبقى هذا الإمتحان التقييمي إلى حين أن تنتهي اللجنة المكلفة بالتفكير في تحسين جودة التعليم الأساسي في مختلف المحاور والجوانب. وقد انطلقت اللجنة في العمل مطلع هذا الأسبوع مستندة في جلساتها إلى نتائج الاستشارات المنجزة والدراسات المعدة في الغرض والاستئناس بنتائج عمل عديد اللجان السابقة  وسيكون موفى مارس موعدا لتقديم التصورات الصادرة عن هذه اللجنة المختصة و المكونة من مختلف الأطراف والكفاءات التربوية من مختلف الأوساط الممثلة لمعظم الشائح. تكامل وليس قطيعة استهل حاتم بن سالم مداخلته الصحفية بالتعقيب عن تساؤلات الصباح الصادرة في عدد أمس حول تداعيات الفصل بين التربية والتكوين على التنظيم الهيكلي الجديد للوزارة مشددا بأن الفصل لا يعني انفصال الروابط بين المنظومتين بل ينشد مزيد انصهار التكوين المهني في سوق الشغل  واضفاء مجالات تكوينية لصيقة بواقع التشغيل وحاجياته الجديدة مع دعم التوجه القاضي بتوجيه 50في المائة من التلاميذ في السنوات القادمة نحو التعليم التقني وهو ما سيخلق مجالات للتكامل في الأدوار بين وزارتي التربية والتكوين المهني والتشغيل. وأفاد ذات المصدر أن الأوامر المتعلقة بإحالة مشمولات وزارة التربية والتكوين سابقا  على وزارة التشغيل صدرت بالرائد الرسمي منذ أيام. وفي ذات السياق المتصل بالهيكلة الجديدة وما أتت به من تفرغ للإدارات العامة المهتمة بالمسائل التربية وهي استقلالية تقابلها  تحمل روح المسؤولية أورد بن سالم ردا على سؤال مباشر للصباح حول مدى تكريس التنظيم الجديد لثقافة المساءلة والمحاسبة الذاتية لمردودية الأطراف المسؤولة على البرامج والسياسات التربوية المتبعة «أنه يفضل الحديث عن تقييم ومتابعة بدل المساءلة خصوصا أن الهيكلة المقترحة تهدف إلى احداث إدارة عامة للجودة والتقييم وبأن المندوبيات الجهوية للتربية التي سيتم النظر في مشروع قانونها في جلسة عامة بمجلس النواب يوم 9 فيفري الجاري ستكرس هذا التوجه على إعتبار أنه بقدر حجم الاستقلالية الموكولة لها يتسع نطاق مسؤوليتها..». كرامة المربي «لا مجال للنيل من كرامة المربي ولا المس من مكانته وستكون الوزارة بجانبه في كل الحالات التي يتعرض فيها لكل سلوك أوممارسة عنيفة مهما كان مصدرها من التلميذ أو الولي «إقرارصريح ورد على لسان المسؤول الأول على وزارة التربية تم خلاله الإعلان عن إصدار تعليمات لمديري المؤسسات التعليمية بتكثيف التواصل مع المربين والوقوف إلى جانبه اجرائيا وقضائيا إذا انتهكت حرمته. ورغم تصاعد حدة حالات العنف المدرسي تعتبر الوزارة أنها لم ترتق إلى مستوى الظاهرة المفزعة بالنظر إلى مقارنة عددها مع العدد الهائل من التلاميذ والمؤسسات .وتمت الإشارة في هذا الصدد إلى أن الحالات المسجلة  منذ مطلع السنة لم تتجاوز العشرين حالة 80 في المائة منها تعود لأطراف غريبة عن المدرسة لكنها تبقى مرفوضة قطعيا ولهذا السبب ستعيد الوزارة تفعيل إجراءات سابقة اتخذت في الغرض منها الانكباب على وضع بطاقة تعريف مدرسية إلكترونية للتلاميذ ومواصلة تسييج المدارس. انتداب في جانب آخر من اللقاء الصحفي تم الإعلان عن عزم الوزارة انتداب أكثر من 2800 إطار تدريس في مختلف المراحل التعليمية وذلك عن طريق المناظرات التي تبقى الآلية الأنبل حسب الوزير لدخول المربي المنظومة التربوية مجددا تأكيد ما تتسم به الكابس من شفافية ومصداقية وحرص بليغ على القضاء على» الأكتاف والمعارف». وحول مراجعة مناهج تكوين وانتداب معلمي الابتدائي لم ينف المتحدث إمكانية أن يكون التفكير في ملامح المربي محل نظر صلب اللجنة المكلفة بتحسين جودة التعليم الابتدائي مضيفا أن المسألة تتجاوز حدود وزارة التربية بمفردها. كما كانت الندوة الصحفية فرصة لتناول عديد القضايا والمشاريع منها انجاز فضاءات متعددة الاختصاص بعدد من المؤسسات التعليمية والتدرج نحو تعميم السبورات التفاعلية وصيانة المدارس إلى جانب التعرض لظاهرة غيابات التلاميذ المتكررة والتي قال عنها الوزير إنها محل متابعة دقيقة لحصرها عدديا والتصدي لها بكل صرامة.  
منية اليوسفي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 5 فيفري  2010)  


تونس: اجتماع لمنظمة الالكسو يناقش مشروع خطة العمل العربي المستقبلي


تونس 5-2-2010وفا-
 
عقد في تونس،اليوم، الاجتماع الاستثنائي الخاص للمجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الالكسو) لمناقشة وإقرار مشروع خطة العمل العربي المستقبلي للمنظمة لسنوات 2011 – 2016. وترأس اللجنة،يحيى يخلف رئيس المجلس الأعلى للتربية والثقافة والعلوم في منظمة التحرير الفلسطينية. وأكد يخلف ‘لوفا’ بأن الخطة اشتملت على رسالة الالكسو، وأهداف الخطة ومرجعياتها، وميادين عمل الخطة ومجالاتها فيما يتعلق بالتربية والتعليم والنهوض باللغة العربية، والعلوم والبحث العلمي، والاتصال والمعلومات، كما تضمنت الخطة آليات التنفيذ والمتابعة والتقويم والدراسات الاستشرافية، وذلك من أجل إقرارها بهذه الاجتماعات التي تستمر على مدى يومين. وأشار يخلف الى أن اللجنة عقدت على مدى الشهور الماضية أكثر من اجتماع في القاهرة وتونس، كما تواصلت لإعداد الخطة مع اللجان الوطنية في كل البلدان العربية وتلقت ملاحظاتها على الخطة وأخذتها بعين الاعتبار، كما روعي في وضع الخطة الاستجابة لمتطلبات خطة تطوير التعليم في الوطن العربي التي أقرتها القمة العربية الأخيرة 2008 في دمشق. وأستطرد، أن الخطة رعت أيضا تطوير أداء المنظمة في قطاعي التعليم والثقافة، والتعريف بالثقافة العربية والإسلامية ونشرها، والاستجابة لمتطلبات خطة العمل العربية للعلوم والتكنولوجيا 2009، وتطوير أساليب العمل في مجالات العلوم والتكنولوجيا. وقال يخلف، ان المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ينظر في مناقشة الخطة من جميع جوانبها، وأن المجلس سينظر في إقرار الخطة في الصيغة النهائية لعرضها على الدول العربية في القمة المقبلة لإقرارها’. واكد محمد العزيز بن عاشور المدير العام للمنظمة في كلمته الافتتاحية للاجتماع، أن العمل العربي المشترك في مجالات التربية والثقافة والعلوم جهد متصل لا ينقطع وهو ما يحتم مسؤولية تطويره وتجديد مضامينه وأساليبه بما يواكب المستجدات والتحولات مع الحفاظ على هويتنا العربية والإسلامية.  
(المصدر: وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)بتاريخ5 فيفري 2010)  


البنك الاسلامي للتنمية يمنح تونس قرضا بقيمة 40ر33 مليون يورو

 


الاسلامي للتنمية / تونس / قرض تونس في 5 فبراير / وام / تم اليوم في تونس التوقيع على اتفاقية قرض يمنح بمقتضاها البنك الاسلامي للتنمية تونس قرضا بقيمة 40ر33 مليون يورو. وسيخصص هذا القرض الذي تستفيد منه الشركة التونسية للكهرباء والغاز لتمويل مشروع مد شبكة الغاز الطبيعي بمدينة قفصة والحوض المنجمة بالجنوب التونسي . وسيمكن القرض تونس من مد أنبوب غاز يبلغ طوله 175 كيلومترا .. على أن يستمر العمل في هذا المشروع حتى ديسمبر 2011. وتتولى الجمهورية التونسية ضمان القرض الذي تمتد فترة سداده الى 20 سنة منها ثلاث سنوات مهلة . (المصدر: وكالة أنباء الإمارات  (وام)بتاريخ5 فيفري 2010)              


التراتيب البلدية بقصرهلال ترفع شعار »ادفع،تبرّع/تسلم »؟؟؟

 


مراد رقية
 
لقد استبشرنا في الآونة الأخيرة عندما علمنا بنبأ ايقاف مهام رئيس منطقة الشرطة بقصرهلال في اطار تداعيات وتطورات ملف مستلزم السوق الأسبوعية الذي درج ومنذ بداية حصوله على هذه اللزمة بالوسائل المعروفة لدى بلدية قصرهلال ولدى عامة مواطنيها على التصرف بالمدينة كما لوكانت ضيعة خاصة،فحوّل المسؤولين داخلها وسلطة القرار الى مجرد أعوان يأتمرون بأمره،واعتبر تجار السوق ومواطني المدينة باستثمار أرصفة واجهات منازلهم ومستودعاتهم بمثابة الرهائن لديه مما استوجب ردة فعل حازمة من السلطة الادارية المحلية التي كانت هذه المرّة،وخلافا للمرّات السابقة في الموعد باتخاذ القرار الصائب،وبالدعوة الى فك الارتباط بين مستلزم السوق والهيكل الأمني المحلّي؟؟؟ وبرغم أن سلطة الاشراف الاداري،معتمد المدينة ومن وراءه الولاية ووزارة الداخلية تصرفوا في هذا الملف على الأقل التصرف المطلوب المحمود في انتظار تفعيل القرار الآخر والمتأكد والذي هو نقل السوق الأسبوعية من وسط المدينة،ومن الأحياء المتفرعة عنه،هناك ملف آخر للفساد الاداري والمالي مازال ينتظر اتخاذ القرار المناسب والصائب حوله ألا وهو تجاوزات وانتهاكات فرقة التراتيب البلدية الراجعة بالنظر الى بلدية قصرهلال؟؟؟ لقد كتبت في مرات سابقة كيف أن هذه الفرقة قد تحولت الى ما يشبه »السوجيقات » العاملة لحسابها الخاص من خلال ربطها لعلاقات حميمية،وغير سوية مع تجار السوق المركزية القارين والعرضيين في الأيام العادية،ومع بعض الباعة المتجولين المترددين على السوق الأسبوعية « علاقات تبادل خدمات » فتجتهد في تطبيق التراتيب على نحو يكرّم ويحصّن من يدفع لها،وتتعسف وتنكل بمن لا ينصاع لرغباتها وحاجياتها؟؟؟ ولعل من أبرز مظاهر الاجتهاد الخاطىء في تطبيق القانون اغماض الأعين وصمّ الآذان عن اطراد انتصاب الباعة الفوضويين المنتصبين في مدخل السوق يمينا ويسارا،وأولئك المنتصبين في الباحة الداخلية سواء من بائعي الغلال،أو بائعي البضائع الحديدية والألكترونية والذين يعرقلون حركة تنقل المترددين على السوق؟؟؟وقد كان التجار الدائمون للسوق والمستأجرون لمحلات بلدية قد تذمروا عديد المرّات من هذا الانتصاب الفوضوي،وكاتبوا في الموضوع الادارة الجهوية للتجارة بالمنستير التي لم تحرك ساكنا لاعتبارات غير مصرح بها؟؟؟ ولعل مايزيد الأمر خطورة في هذا المجال الحيوي الاجتهاد الخاطىء في تطبيق القانون سماح التراتيب البلدية لتاجر الجملة في المواد الغذائية العمل خارج أوقات الدوام،والسماح لوسائل نقله الخفيفة والثقيلة بالدخول الى أمام مؤسسته برغم تحريم القانون على المزودين بالدخول بعرباتهم وشاحناتهم الى وسط السوق المركزية « مفخرة بلدية قصرهلال »،ولعل المضحك المبكي في هذا الصدد سماح المجلس البلدي عبر كاتبه العام،وعبر طاقم تراتيبه لبعض التجارمن غير أصيلي المدينة العمل بدون رخصة،وباستعمال الممرات لعرض البضائع مقابل خضوعه وتلبيته للمطالب المتنوعة،في حين يتعسّف على التاجر المواجه له،فتقع »هرسلته » بالمخالفات وهو لا يستغل الاجزءا بسيطا من الممر،فما هذا الكيل بمكيالين وتطبيق القانون لا باعتبارالمساواة في ردع المخالفات بين الجميع كائنا من كان،ولكن باعتبار القدرة على الدفع وصولا الى اغماض الأعين في وضح النهار؟؟؟ اني أزور السوق المركزية بوتيرة يومية أوشبه يومية،هذه السوق التي أصبحت بؤرة أوساخ مرخص لها تهدد بتحويلها الى مصدر للأمراض وللأوبئة،ونحن نعيش هذه الأيام على وقع تفشي مختلف أنواع الأمراض لعل أبرزها انفلونزا الخنازير،ولم تكتف السوق المركزية وبدعم مباشر من الهيكل البلدي المتميزبهذا الدور بل تجاوزته وباقتدار لتتحول وبامتياز الى بؤرة للفساد المالي وللرشوة وللتلاعب بتطبيق القانون حتى أصبح البعض من الموظفين الرسميين يترددون على السوق للحص ول على مواد التنظيف بدون مقابل يذكر بهف تنظيف محلاتهم متعذرين بحالة التسيب وانتشار الخوف لدى الباعة سواء طبقوا القانون،أم لم يطبقوه؟؟؟ ان من مظاهر ضعف وترهل المؤسسة البلدية التجمعية،بلدية »البرّاني على برّى »،أو « المعارضة فلست »،تحول هذه الفرقة الى أداة قمع وتعسف وابتزاز للباعة باسم القانون السيادي،منهم من دفع وان كان بدون رخصة فاستغل الممر خارج المواصفات والتراتيب الجاري بها العمل،وتستهدف من سعى ولو لمجاراة جاره المتطاول على الممر بأريحية كاملة »لأنه ناسب الحكومة »فوضع منضدة صغيرة لعلها غير ذات وظيفة ،أو جدوى ولكن لمجرد جس النبض وتحدي هؤلاء المتلاعبين بالقانون،واخراجهم عن طوعهم وايقاعهم في الفخ،وكشف عربدتهم بخروجهم عن تطبيق القانون في وضح النهار؟؟؟ ان الانتخابات البلدية على الأبواب،وقد راكمت الهيئة البلدية التجمعية الرافعة شعار « البراني على برّى » التجاوزات والمخالفات حتى أصبحنا لا نأمن على أنفسنا من سوء تطبيق القانون،ومن عدم المساواة بين المنظورين،ولهذه الهيئة الماجدة نقول وبكل رباطة جأش »معكم أهننا وأحبطنا وأهدرت حقوقنا وآمالنا ومعكم لا نواصل »،ونقول لأعوانكم الميامين « متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا »؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟  


رسالة التوحيد: أسباب التأليف في هذا الموضوع المهم

 


بقلم: د. محمد الهاشمي الحامدي  
أبدأ بإلقاء السلام على جميع القراء الكرام لهذه المقالة، ثم أستأذنهم في عرض الأسباب التي دعتني لتأليف كتابي الجديد الصادر مطلع هذا العام (1431 هجرية، 2010 ميلادية) عن مكتبة العبيكان في السعودية، وعنوانه « رسالة التوحيد ». الكتاب واضح من عنوانه، وقد خصصته للحديث عن التوحيد، وفهمه برؤية تجديدية معاصرة. وبعد أن فرغت من تأليفه قبل أشهر قليلة، عرضته على ثلاثة أصدقاء، وهم باحثون متخصصون وأساتذة جامعيون، فشجعوني على نشره. هؤلاء الثلاثة هم الدكتور محمد الفاضل الأستاذ بجامعة الأمير سلطان الأهلية في الرياض، والدكتور محمد السعيدي رئيس قسم الدراسات الإسلامية في جامعة أم القرى في مكة المكرمة، والدكتور محمد بن عبد الرحمن الأهدل أستاذ السنة النبوية في جامعة الطائف. رأي الدكتور محمد الفاضل الدكتور محمد الفاضل أثنى على الرسالة وقال إنه تملكه الإعجاب بها فاسترسل في قراءتها إلأى النهاية في جلسة واحدة، ورأى أن الكتاب « قد تميًز عن غيره من كثير من كتب التوحيد والعقيدة بالجاذبية والتأثير والإقناع حيث اجتمعت فيه عدة أمور تساعد على جذب القارئ والتسلل إلى وجدانه والتأثير فيه دون أن يصيبه الملل أو الضجر أو التعب الذي يصاحب عادة هذه العلوم الجادة العميقة العقلية ». رأي الدكتور محمد السعيدي وكتب الدكتور محمد السعيدي: « قصص العقل والتجارب الفكرية قليلة التدوين في ثقافتنا العربية سواء أكانت تراثية أم معاصرة وهذا ما يجعل العبء أكبر على المؤرخين للثقافة العربية والإسلامية، والذي أعرفه مدونا من هذه التجارب الفكرية إما تحولات صارخة كالانتقال من دين إلى دين وهو ما فعله السموءل في القرن الثامن الهجري،  أو الانتقال من الشك إلى اليقين كما فعل مصطفى محمود، وإما أن تكون تجارب فكرية في توجه متسق ليس فيها تحولات متميزة كتجربة عبدالرحمن بدوي وزكي نجيب محمود. الرسالة التي بين أيدينا رغم صغرها وقصر زمن المرحلة الانتقالية التي تتحدث عنها إلا أنها فريدة في نوعيتها، فهي تحكي الانتقال من الفكر الإسلامي الحركي الصرف إلى الفكر الإسلامي المؤصل، الفكر الأول كان يحسب الأوليات بمقياس عقلي صرف يزعم أنه أقرب إلى الواقع، أما الآخر فيضع العقل في مكانه الصحيح وهو التبعية المطلقة للنص القرآني ليكتشف أن هذه التبعية لكلام الله عز وجل هي التي نحرر العقل حقا من أي تبعية أخرى كالانقياد للهوى أو الرأي السائد. أهنيء المثقفين قاطبة بإصدار هذه الرسالة كما أهنيء الدكتور محمد الهاشمي على هذه الشجاعة في الطرح التي أعتبرها إحدى أبرز مكاسبه الشخصية من هذه التجربة ». رأي الدكتور محمد الأهدل أما الدكتور محمد الأهدل فقال: « رساله التوحيد التي نسجتها يراعة الدكتور محمد الهاشمي قلصت أضواؤها ظلال الحيرة، ودعت الى توحيد الله الخالص، مستمدة براهينها من وحي الله،  فتهاوت الشبه مضمحلة بقوة الاقناع وجمال العرض، وإنه ليشكر كثيرا على تحرية الحق في قضيه هى الأصل الأصيل وبها السعادة في الأولى والنجاة في الأخرى ». أسباب الكتابة في التوحيد قلت في الفصل الأول من الرسالة ما يلي: يحق لسائل أن يسأل: هل هناك مبررات وجيهة ومقنعة للحديث عن التوحيد والدعوة إليه داخل المجتمعات الإسلامية، أو في رسالة موجهة للمسلمين الموحدين؟ بعض المهتمين بالفكر الإسلامي وتراث الفرق الإسلامية يردون على هذا السؤال بالنفي الواضح. عند هؤلاء أن التوحيد أساس الإيمان، وأساس العقيدة في الإسلام، أوضحه القرآن الكريم وأوضحه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعرفه المسلمون وتوارثوه جيلا من بعد جيل. لذلك لا مبرر لتكرار الحديث فيه. سمعت هذا الرأي في مناقشات تلفزيونية أدرتها عن التوحيد والتجديد، ولمست عند أصحابه توجسا كبيرا وحقيقيا من إثارة موضوع التوحيد. إنهم يرون فيه عنوانا لخطاب مدرسة من مدارس التفكير الإسلامي يتهمونها بالتعصب وضيق الأفق، وبما هو أكثر من ذلك. وسمعت هذا الرأي من نشطاء في الحركات الإسلامية المعاصرة. هؤلاء أيضا يرون أن أمر التوحيد واضح وبيّن، وما تحتاجه المجتمعات الإسلامية المعاصرة هو الدفاع عن الأبعاد التشريعية والسياسية للإسلام من خلال العمل السياسي والإعلامي والإجتماعي. كنت ممن يتبنى هذا الرأي الثاني لسنوات طويلة، وربما يجد القارئ فائدة من معرفة تفاصيل أخرى عن تجربتي الشخصية مع هذا الموضوع. قصتي مع مصطفى العقاد كنت تلميذا في السنة الخامسة من المرحلة الثانوية، في المعهد الثانوي المختلط بولاية سيدي بوزيد، وسط الجمهورية التونسية، في السنة الدراسية 1978 – 1979. (يبدأ العام الدراسي في تونس في سبتمبر وينتهي في يونيو) ومثل أكثر زملائي آنذاك، لم أكن أصلي، ولم أكن مهتما بالشأن الديني عامة، ولم أكن على علاقة طيبة بالمتدينين من زملائي في الفصل، وقد كانوا قلة. في نهاية 1978 على الأرجح، أو بداية 1979، علمت من بعض الأصدقاء أن قصر البلدية في سيدي بوزيد بدأ بعرض الشريط السينمائي المشهور « الرسالة » للمخرج العالمي الراحل مصطفى العقاد يرحمه الله. كنت قرأت عن « الرسالة » في الصحف، وعرفت أنه عمل سينمائي ضخم ومثير، فرأيت أن من واجبي ألا أفوت الفرصة لمشاهدته مادام قد وصل إلينا في مدينتنا الصغيرة. وبالفعل، شاهدت شريط « الرسالة » لأول مرة، فهزني من الأعماق. وعدت في اليوم الثاني لمشاهدته، فأسرتني فكرته وحبكته. وعند خروجي من قصر البلدية، اتخذت قرارا حاسما بأن أجعل من تعاليم « الرسالة » منهجا لحياتي. وبدأت أؤدي فريضة الصلاة في نفس اليوم. التقيت مصطفى العقاد بعد ذلك بنحو عشرين عاما تقريبا، في رحلة من رحلات الخطوط الجوية السعودية، متجهة من لندن إلى الرياض. كنت أجلس في مقعد من مقاعد الدرجة الأولى، بجوار الشباك. وإلى يساري جلس راكب آخر يكبرني سنا، أنيق ووسيم ورصين. كنت مدعوا للمهرجان الوطني للتراث والثقافة، الجنادرية، وبعد ساعة من إقلاع الطائرة، عرفت أن جاري في المقعد مدعو هو أيضا لذات المهرجان، وأنه ليس سوى مخرج الرسالة، مصطفى العقاد. تستغرق الرحلة من لندن إلى الرياض حوالي خمس ساعات وثلاثين دقيقة، قضيت منها ساعتين على الأقل في حديث مشوق لا يُمل مع بطل كبير من أبطال حياتي: مصطفى العقاد. أذكر أنه قال لي مازحا، بعد أن قصصت عليه ما جرى لي منذ شاهدت شريط « الرسالة »: لو كنت أعرف أن الشريط سيحدث هذا التأثير في حياتك ما أنجزته!! وبروح الجد قال لي مصطفى العقاد: إن الأفلام، والأعمال الثقافية الجادة عموما، هي مدافع العصر وأسلحته. مع الإتجاه الإسلامي في تونس أعود إلى سيدي بوزيد. بدأت أصلي، وقادتني الصلاة إلى المسجد، وفيه تعرفت على أصدقاء جدد، أكثرهم كانوا ينتمون لما كان يعرف في تونس بـ »الإتجاه الإسلامي »، وهو التيار الممثل لمدرسة الإخوان المسلمين في تونس. وبعد شهور قليلة، ومن دون تردد، أصبحت عضوا في « الإتجاه الإسلامي ». واستمرت عضويتي إلى مايو 1992، عندما قدمت استقالة علنية من الحركة. جمعت ثقافتي الإسلامية في أجواء الإنتماء للإتجاه الإسلامي، وكانت مصادري الرئيسة هي كتب أشهر مفكري جماعة الإخوان المسلمين: حسن البنا وسيد قطب وفتحي يكن وسعيد حوا وزينب الغزالي يرحمهم الله، والدكتور يوسف القرضاوي، وغيرهم. عرفت من هذه المصادر أن الإسلام دين ودولة، وأنه صالح لكل زمان ومكان، وأنه نظام سياسي واجتماعي وقانوني، وأن العمل لإقامة المجتمع المسلم، والدولة الإسلامية، واجب على كل مسلم. دارت أكثر مساجلات الإتجاه الإسلامي في تلك الفترة مع المنتمين للتيارات اليسارية والقومية بوجه خاص. كان النقاش يدور حول أدلة وجود الله تعالى، وعلى أن التدين ليس انحيازا للفكر الرجعي، وأن الإسلام يدافع عن الفقراء والعدالة الإجتماعية. كان التوحيد مهما عندي وعند أصدقائي وإخوتي، ولكن في السياق الذي أوضحته. أي التوحيد بمعنى الإيمان بالإسلام جملة وبأنه من عند الله عز وجل وأنه صالح لعصرنا وكل العصور. كنا نقرأ كتب الدكتور مصطفى محمود وما شابهها لنحفظ الأدلة على وجود الله ونستخدمها في الرد على دعاة الإلحاد. وكنا نقرأ في كتب اليسار أيضا لنعرف نقاط الضعف فيها ونستطيع الرد على زملائنا المتحمسين للماركسية، الذين كانوا في غاية الإقتناع بأن الدين أفيون الشعوب. ومع أن بعض المتخصصين صاغوا في بداية الثمانينيات وثيقة بعنوان « الرؤية الفكرية والمنهج الأصولي لحركة الإتجاه الإسلامي » بقصد الحوار حولها واعتمادها رسميا من طرف الحركة ككل، فإنها لم تنل حظا كبيرا من الإهتمام في صفوف الإسلاميين التونسيين. عالم الصحافة، والصادق والترابي تخرجت من الجامعة في سبتمبر 1985 وحصلت على ما نسميه فيه تونس بشهادة الأستاذية في علوم اللغة العربية وآدابها، وهي درجة الباكالوريوس عند إخوتنا المشارقة. قبل تخرجي بعامين بدأت رحلتي مع الصحافة. عملت أولا في صحيفة « الرأي » الأسبوعية المستقلة منذ صيف 1983. ثم انتقلت إلى مجلة « المغرب العربي » الأسبوعية المستقلة. ومنها انتقلت للعمل في أشهر صحيفة يومية، صحيفة « الصباح » اليومية، وكنت أحرر فيها صفحة الجامعة، مرتين كل أسبوع. وبصفتي الصحفية زرت السودان عام 1985 والتقيت بعدد من زعماء الإنتفاضة التي أطاحت بالرئيس الراحل جعفر نميري يرحمه الله. وفي 1986 عدت إلى السودان، وعملت في المركز الإسلامي الأفريقي في الخرطوم، محررا لمجلته الشهرية. بقيت هناك عاما وبضعة أشهر حضرت فيها الإنتخابات التي فاز بها حزب الأمة بزعامة السيد الصادق المهدي، وحضرت العام الأول من حكمه. في تلك الفترة، تعرفت عن قرب إلى تجربة الحركة الإسلامية في السودان. كان زعيم الحركة، الدكتور حسن الترابي يتحدث عن التوحيد، بمعنى إقامة نظام سياسي واقتصادي واجتماعي يعود في كلياته وتفاصيله إلى الإسلام، أي بالمعنى الأقرب لفكرة الشمولية التي تبنتها حركة الإخوان المسلمين. في لندن: الدراسة و »الشرق الأوسط » في صيف 1987، حططت رحالي في العاصمة البريطانية لندن،  والتحقت بكلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن، لمواصلة دراساتي العليا لدرجتي الماجستير والدكتوراه، متخصصا في الدراسات الإسلامية المعاصرة، وقد حصلت على درجة الماجستير عام 1990، والدكتوراه عام 1996. بعد أقل من عام واحد من وصولي إلى لندن، في ربيع 1988، التحقت بجريدة « الشرق الأوسط »، مشرفا على صفحتها اليومية للدين والتراث. كانت « الشرق الأوسط » أهم منبر إعلامي عربي جامع، توازي في تأثيرها ما حققته الفضائيات الرئيسية المشهورة في نهاية التسعينيات من القرن الماضي. أعطاني رئيس التحرير، الإعلامي السعودي المعروف عثمان العمير، حرية مطلقة تقريبا في الإشراف على الصفحة. فطبعتها بالروح التي نشأت عليها في صفوف الحركة الإسلامية التونسية والمدرسة الإخوانية وفي أجواء حلقات النقاش بالجامعة التونسية. فتحت ملفات كثيرة للحوار، واستكتبت الشيخ محمد الغزالي رحمه الله والدكتور يوسف القرضاوي، وكتابا آخرين مشهورين. كما نشرت في صفحة الدين لكتاب محسوبين على المدرسة العلمانية، ضمن مناظرات عن الإسلام وتحديات العصر. وقد واجهت مشكلة دينية سياسية فرضتها الحرب العراقية الإيرانية التي كانت تشارف على نهايتها عامي 1988 و1999. أدت الحرب إلى نشوء حرب من الفتاوى والمؤتمرات بين أنصار العراق وأنصار إيران. وكانت « الشرق الأوسط » في الصف المؤيد للعراق، ومن هذا المنطلق كانت تصلني مقالات كثيرة تنتقد إيران كدولة شيعية، وتنتقد الشيعة بوجه عام. ميول مع إيران غير أنني بذلت جهودا كبيرة من أجل تحرير الصفحة الدينية من الدخول في هذه المعركة، ومنعت نشر أكثر هذه المقالات والفتاوى المعادية للشيعة فيها. ومن أهم أسباب هذا الموقف أن  ميول الإسلاميين التونسيين خاصة، وأكثر الإسلاميين العرب خارج منطقة الخليج، كانت أقرب إلى إيران، وكانت متعاطفة مع ثورتها الإسلامية، مبغضة لفكر البعث وسياساته. وقفت بقوة وحماس إذن ضد الإساءة لإيران والشيعة في صفحة « الدين والتراث »، وكانت حجتي أمام رئيس التحرير أنه يجب ألا نسمح للسياسة بتوظيف الدين لتفريق المسلمين، وأن من الأفضل أن نبقي الرابطة الدينية بين السنة والشيعة قائمة وقوية لنداوي بها آثار الحرب العراقية الإيرانية عندما تتوقف. أما موضوع التوحيد فلا أذكر أنني طرحته كموضوع للنقاش والإجتهاد والتجديد طيلة الفترة التي حررت فيها صفحة « الدين والتراث » في جريدة الشرق الأوسط، وهي مرحلة بدأت في 1988، وانتهت باستقالتي عام 1991 لخلافات مع بعض مسؤولي التحرير الذين التحقوا بالصحيفة. انتقلت من جريدة « الشرق الأوسط » إلى مجلة « العالم » التي كانت تصدر أسبوعيا من لندن، ويرأس تحريرها الكاتب والإعلامي البحريني الدكتور سعيد الشهابي، وتوليت الإشراف فيها على قسمها الإسلامي، الذي يتكون من عدة صفحات. عملت في مجلة « العالم » سنتين. ولم تكن عندي أية موانع من العمل في مؤسسة إعلامية محسوبة على إيران، علما بأن المجلة كانت ذات أفق إسلامي واسع وغير معنية بالخلافات المذهبية. وقد سبق أن أشرت إلى أنني كنت أشعر، مثل جيل واسع من الإسلاميين في تونس والمغرب العربي بوجه خاص، بالتعاطف مع إيران وشعارات ثورتها الإسلامية، وأرى ضرورة العمل لتعزيز التقارب والتضامن بينها وبين العالم العربي. الإستقالة من حركة النهضة في مايو 1992 ، أي أثناء فترة عملي في مجلة « العالم »، قررت الإستقالة من حركة النهضة، وهو الإسم الجديد الذي اتخذته حركة الإتجاه الإسلامي في تونس منذ 1988. استقلت بسبب خلافات سياسية وشخصية نشأت بيني وبين عدد من قيادات الحركة في الفترة من 1990 إلى 1992، ووصلت بعد كثير من التفكير والتردد، إلى أن من الأفضل لي أن أترك الحركة وأعمل لديني ووطني وأمتي ككاتب وإعلامي مستقل، بدل أن أقضي الوقت في مناكفات وخصام مع إخوتي في الحركة التي انتميت إليها لأكثر من عقد من الزمان. وقد راجعت تجربتي الشخصية في الحركة الإسلامية التونسية خلال السنوات اللاحقة لتقديم استقالتي، وبدا لي أن العمل الحزبي تحت الراية الإسلامية في مجتمع مسلم قد يجلب من الأضرار للإسلام والمجتمع أكثر مما يجلب من المكاسب. كما أن نهج الصدام والمغالبة مع السلطة باسم الشعارات الإسلامية، غالبا ما ينتهي لإلحاق الضرر بتلك الشعارات، وهذه فكرة مال إليها كثير من علماء الإسلام في العصور السابقة عند تعاطيهم مع تحديات مماثلة في شأن الحكم والسياسة. لكن هذه المراجعات لم تتطرق لموضوع التوحيد وأهميته في أولويات العمل للإسلام والدعوة إليه. لم أشعر بأي داع للتفكير في هذا الأمر، ولم أصادف من أو ما يدعوني لطرحه ضمن ما يمكن مراجعته. المستقلة.. والحوار الصريح في يناير 1993 نشرت العدد الأول من جريدتي العربية الدولية، جريدة « المستقلة ». بدأت الصحيفة شهرية في المرحلة الأولى، ثم انتظمت في الصدور أسبوعيا قبل نهاية عامها الأول. أصبحت المسؤول عن سياسة التحرير لجريدة أسبوعية وصل عدد ما تطبعه في بعض الأوقات لنحو أربعين ألف نسخة. وتشرفت باستكتاب نخبة من الكتاب والإعلاميين العرب المرموقين. وأقول أيضا بصراحة شديدة، أنه خلال عقد كامل صدرت فيه الصحيفة، لم يجل بخاطري أن أطرح موضوع التوحيد للنقاش والإجتهاد والتجديد. خلال هذه المراحل من حياتي، في المعهد الثانوي بسيدي بوزيد، وفي الجامعة التونسية، وأثناء دراساتي العليا بجامعة لندن، وطيلة فترة إشرافي على تحرير الصفحة الدينية في « الشرق الأوسط »، وخلال رئاستي لتحرير جريدة « المستقلة »، كنت دائما، ومازلت، متحمسا للإسلام، مؤمنا أنه منهاج السعادة لكل الناس في الدنيا والآخرة، وأسأل الله أن يحييني على هذه القناعة إلى أن ألقاه سبحانه وتعالى. غير أنني لم أكن أرى ضرورة للحديث عن التوحيد من أجل بيان عظمة الإسلام وأهميته. لماذا أكتب هذه الرسالة إذن عن التوحيد والتجديد؟ في 1996 حصلت على رخصة لإطلاق قناة « المستقلة » الفضائية في لندن. بدأ البث التجريبي في 1999، وتمكنا من بث أول برنامج مباشر من مقر القناة في العاصمة البريطانية يوم 1 مايو 1991. في نوفمبر من العام 2002 ميلادية، حل شهر رمضان المبارك للعام 1423 هجرية. وفيه طرحت تراث الفرق الإسلامية للنقاش والتقييم في برنامج « الحوار الصريح بعد التراويح »، الذي أصبح البرنامج الرئيس لقناة المستقلة في كل مرة يحل فيها شهر رمضان المعظم. « الحوار الصريح بعد التراويح » برنامج حواري يومي يبث بعد الفراغ من التراويح في المسجد الحرام، مدته في العادة ساعة وخمس وأربعون دقيقة، وفي بعض الأحيان دامت بعض الحلقات لنحو خمس ساعات. وعلى مدى السنوات الماضية، ناقش البرنامج موضوعات كثيرة في تراث الفرق الإسلامية بجرأة وصراحة لم يسبق إليهما. ويقول عدد من المهتمين بالإعلام الفضائي العربي أنه أصبح واحدا من أشهر البرامج الحوارية في ميدانه، ميدان الحوار في تراث الفرق الإسلامية. لم يكن البرنامج عملا موجها ضد أي جهة، أو لحساب أي جهة. كان وما يزال مبادرة إعلامية لتشجيع روح النقد والإجتهاد والتجديد في الفكر الإسلامي. وعندما خصصته لنقد تراث الفرق الإسلامية في 2002، لم أكن محيطا بكل أبعاد المسائل الخلافية في تراث هذه الفرق، وإن كان لدي انطباع أولي عام بأن رموز المدرسة السلفية يميلون للتشدد والتنطع، ويضعون عوائق غير مبررة أمام التقارب الإسلامي المنشود بين السنة والشيعة. كانت علاقتي بالعلماء والباحثين الشيعة المشاركين في البرنامج طيبة وصريحة وخالية من العقد. وربما أدى هذا بالبعض في الأعوام الأولى للبرنامج لاتهامي بمحاباة الشيعة وأحيانا بالتشيع. أما العلماء والباحثون السنة فقد كانت علاقتي بهم عادية ومهنية صرفة. كان أكثرهم من المنتسبين للمدرسة السلفية، لأن علماء هذه المدرسة لهم دراية أكبر وأعمق بالمسائل الخلافية مع الفقهاء الشيعة. بنيت حساباتي على أساس أن التقارب الحقيقي الذي يبقى ويكون له أثر في مستقبل الفكر الإسلامي هو ذاك الذي يكون ثمرة حوار حقيقي وصريح بين المختلفين في الرأي. أما إذا كررت تجارب الكثير من الجهات الإسلامية في إدارة ندوات للمجاملات والعلاقات العامة فلن نصل إلى شيء مهم ومعتبر. لذلك حاولت أن أوفر للحوار الصريح أعلى سقف ممكن من الحرية والصراحة والجرأة، ولضيوفه الوقت الكافي لعرض أفكارهم وأدلتهم والرد على دعاوى مخالفيهم. في أجواء هذا البرنامج، بدأت أدرك تدريجيا أهمية التفكير في موضوع التوحيد، كشرط من شروط فهم التراث الضخم من السجال العقائدي والفقهي بين الفرق الإسلامية. وأدركت أيضا أنني كنت غافلا عن هذا الأمر وعن أهميته. أقول « تدريجيا » ويجب وضع أكثر من سطر تحتها. فقد استغرق الأمر بعض الوقت، علما بأن مسيرة « الحوار الصريح » تطورت منذ أن بدأ بتقييم تراث الفرق الإسلامية عام 2002، إذ أنني كنت أتعلم وأستفيد من كل جولة أقدمها من جولات البرنامج، وهي جولات بثتها قناة المستقلة في شهر رمضان من كل عام، وفي غير شهر رمضان عدة مرات خلال الأعوام الماضية. وفي أجواء هذا البرنامج تعرفت على العديد من الأصدقاء الجدد، ممن لديهم اهتمام خاص بموضوعات النقاش في برنامجي. كثير من هؤلاء كتاب وأساتذة جامعيون تسامرت معهم، ودخلت في سجالات طويلة معهم حول الموضوعات التي يناقشها البرنامج، واستفدت من تعليقاتهم وملاحظاتهم وأفكارهم. لقاء مثير في مكة المكرمة وتعرفت أيضا إلى صديق له باع كبير في السياسة والعمل العام، وابن عائلة كبيرة مرموقة في العالم العربي. التقيت هذا الصديق في موسم حج عام 1423 هجرية، 2002 ميلادية، بعد شهرين أو ثلاثة من بث الجولة الأولى من جولات تقييم تراث الفرق الإسلامية في برنامج « الحوار الصريح بعد التراويح ». حضرت احتفالا رسميا أقامه الملك فهد بن عبد العزيز يرحمه الله لعدد من رؤساء الدول ورؤساء وفود الحجيج وكبار الشخصيات المشاركة في موسم الحج لذلك العام. بعد أن تحدث وزير الحج السعودي وعدد من الضيوف الآخرين، قام الجميع لتناول طعام العشاء على مائدة الملك. في تلك اللحظة، تقدم نحوي أحد الذين كانوا جالسين قرب الملك، وصافحني بمودة. أنت محمد الهاشمي؟ سألني، فقلت: نعم. وحضرتك؟ قدم لي نفسه، فعرفت قدره ومكانته، وعرفت منه أيضا أنه من المهتمين بسجالات برنامج « الحوار الصريح بعد التراويح ». تناولنا طعام العشاء معا، على مائدة الملك فهد يرحمه الله، ثم تشرفت بزيارة هذا الرجل الكريم في منزله في مكة بعد أيام التشريق. كانت تلك هي زيارتي الأولى لبيته. ثم زرته بعد ذلك مرات عديدة. سألني صاحبي في أول زيارة لي إليه: ألا توافق أن من أخطر الأمور على المؤمن أن يقع في الكبائر؟ قلت: بلى. قال: فإن الله تعالى يغفر كل الذنوب، إلا ذنبا واحدا، هو الشرك به سبحانه وتعالى. وقرأ قوله عز وجل: « إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ». (النساء: 48) ثم أضاف صاحبي: ما دام ربنا عز وجل هو من أوضح أن الشرك هو الذنب الوحيد الذي لا يغفر، أليس من واجب كل مسلم أن ينتبه إليه، ويحتاط من الوقوع فيه؟ حول هذه الفكرة ركز صاحبي في أول لقاء لي معه، وفي كل لقاء آخر جمعني به تقريبا طيلة السنوات الماضية. وقد سمعته يحدث بها آخرين كثيرين غيري. وعندما يتطوع الرجل بنصيحة، فإنها تأتي على صلة بالفكرة الكبرى المؤثرة عليه. لطالما قال لي: ركز على التوحيد الذي بعث به الرسل جميعا، واجعل عملك كله لله عز وجل. وظف ما أوتيت من إمكانيات للتعريف بالإسلام الصحيح. ولطالما قال لي أيضا: احفظ الله يحفظك، وانصره ينصرك، ويسخّر مِن خلقه من ينصرك. بعد اللقاء الأول، قلت لنفسي: هذا الرجل سياسي وليس فقيها. سياسي متأثر بالبيئة السلفية، لذلك سأسمع منه على وجه المجاملة، وأمضي في طريقي. واتخذت نفس الموقف في اللقاء الثاني والثالث والرابع والخامس. لكن صاحبي كان يكرر ذات الأفكار والنصائح في كل مرة تتاح لي فرصة اللقاء به، وبسبب إلحاحه وتكراره، أجبرني أن أتأمل في طرحه وأدلته. كانت السياسة عندي هي العنوان الأكبر في النظر إلى الإسلام وفهمه ورصد أثره في التاريخ وفي عصرنا. تلك نتيجة طبيعية لما تعلمته في مدرسة الإخوان المسلمين. شمولية الإسلام كانت تقودني وتقود أكثر الإسلاميين المعاصرين للحديث عن السياسة والصراع في دائرتها، مع أن الإخوان يتحدثون أيضا عن تربية الفرد المسلم، فالأسرة المسلمة، فالمجتمع المسلم. المنهج كان يقودنا بوعي أو بغير وعي لإعطاء الأولوية للسياسة والحكم والصراعات الفكرية والإجتماعية والسياسية المرتبطة بهما. والواقع يدل على ذلك أيضا. فمعارك الإخوان الكبرى تدور رحاها في الإنتخابات البرلمانية هنا وهناك، وفي أروقة النقابات المهنية والجمعيات العامة المؤثرة. لكن، هل وجّه الإسلام وبيّن بالأدلة الواضحة أن السياسة وإقامة الحكم الإسلامي هي الأولوية الكبرى للدين والمتدينين؟ صاحبي الذي يعمل بالسياسة، ولا يدعي أنه عالم متبحر في الفقه، يقول لي: لا. الأولوية هي أن تعبد الله لا تشرك به شيئا. أن تبتعد عما يمكن أن يفسد التوحيد ويضعك في دائرة الشبهة، شبهة الشرك. هذا هو الأمر الأعظم، وكل أمر آخر يأتي بعده في الأهمية. كما ترون. وجدت نفسي أمام مسألة جديرة بأن يبحث المرء فيها بحرص واجتهاد، ليعلم أي الطرحين، أو النهجين، أقرب للحق والصواب. وفي غمار هذا البحث وهذا الإجتهاد اكتشفت أهمية أمر التوحيد، كما بينت بالتفصيل في الفصول الكتاب، كتاب « رسالة التوحيد ».  


العمل العربي المشترك في حاجة إلى ثورة ثقافيّة 1/2


الشاذلي القليبي الشأن العربي يهمّ كلّ دُولنا الأعضاء في الجامعة، ما منها أصيل في العروبة، منذ قرون، وما منها انضمّ إلى المنظمة العربيّة في هذا العصر. ولكن ليست كلـّها، في الأخذ بمنطق «القومية»، سواء، فيكون خطابنا إليها على نـَفـَس ٍ قومي مطـّرد. ولمّا كان ما نقصد إليه، إنّما هو التمهيد لتصوّر يُوصل دُولنا، ومجتمعاتنا، إلى ما نريد لها  من اشتراك في المصالح الأساسيّة، به تكون بحقّ القدرة على مواجهة التحدّيات  فإنّا نرى أنّه كان ينبغي، للعمل العربي المشترك، أن ينطلق من معالجة الواقع، الذي هو حصيلة قرون من التفرّق، وتمزّق الشمل، ومن التناحر، أحيانا غير قليلة. فإن نحن غطـّينا هذا الواقع بغطاء من الأماني والتطلـّعات العاطفيّة، فإنّا نبقى في أسَر ٍ، من أوهام التضامن اللفظي، والاتحاد المبدئي، يجعل جهودنا على غير قاعدة متينة. وإنّما ذلك  إلى جانب عوامل أخرى عديدة  كان من أسباب ما يُنسب، إلى العمل العربي المشترك، من قلـّة الجدوى. *** ثمّ إنّ الشأن السياسي  وفي هذا العصر بصورة خاصّة  مرتبط أشدّ الارتباط بالشأن الاقتصادي. وما دام الاشتراك فيهما، بين دولنا، بعيدا عمّا يُرام، وما بقي الربط بينهما ضعيفا لا يشرّع جادّة التساند بينهما، فإنّه لا يمكن التقدّم بمصالحنا، لا الداخليّة ولا الخارجيّة، إلى المستوى الذي يجعل للقضايا العربيّة وزنا لدى سائر الدُول الإقليميّة، ولدى الدُول العظمى التي بيدها الحلّ والعقد في الكثير من المواضيع التي تهمّنا. ثمّ إنّ قضايا الدُول، في هذا العصر، تخدمها عوامل كثيرة، متضافرة؛ من أهمّها ما لمجتمعاتها من باع في الحضارة الإنسانيّة، وفي مجالات الثقافة، التالدة منها والطارفة ؛ وبُروز شخصيات فذ ّة، في هذه المجالات، تشعّ على العالم، وتستقطب الإحترام لها، ومن ورائها، للمجتمعات التي يَسّرت بروزها. *** ثمّ أنّ العمل العربي المشترك يسوسه ميثاق عتيق، صُمّم في عهد لم تكن فيه أغلبيّة الشعوب العربيّة مستقلة ؛ وهو أشبه بنسخة طبق الأصل من ميثاق الأمم المتحدة. وأقصى ما كانت تهدف إليه المنظمة الدوليّة، آنذاك، هو منع تجدّد الحروب بين الدُول العظمى، بإشاعة التعاون بحسب ما يراه كلّ عضو، وبما يطمئنّ إليه كلّ طرف. وما اعتـُبر إذاك «العالم الأوّل» توفـّق، كتلة مترابطة، إلى تنظيم شؤونه السياسيّة والإجتماعيّة والإقتصاديّة. ولم يكن، من ذلك، للبلاد العربيّة المُولـّى عليها، النصيب الذي تستحقـّه. ثمّ إنّ هذا «العالم الأوّل» دخل في «حرب باردة» مع المعسكر الشيوعي المنعُوت بـ«العالم الثاني». وانساق «العالم الثالث»، بدوافع مختلفة، إلى انحيازات لم يكن له فيها، غالبا، «لا ناقة ولا جمل». بل إنّ انسياقه جرّ إليه من المصائب ما هو معروف، ولا حاجة إلى تفصيل الحديث عنه. وما يُسمّيه الكثيرون بـ«العالم العربي»، كان جزءا من هذا «العالم الثالث» ؛ وناله ما ناله من هُموم، نتيجة انحيازات ما أنزلت بها مصالحه الحقيقيّة من سلطان. *** وخلاصة الأمر، أنّ بدايات عهد الاستقلال، لدُولنا وشعوبنا، لم تكن بالنسبة إلى أغلبها  متجهة إلى ما كان ينبغي من تطوّر ثقافي، وإنشاء قوّة اقتصاديّة، وبعث نهضة اجتماعيّة، هي، جميعا، في هذا العصر، كما أسلفنا، من شروط قوّة المجتمعات، ومن وسائل استكمال سيادة الدُول. *** في أواسط القرن العشرين، ظهر وعي لهذه النقائص وتفاوت بين القصد والواقع، سُمِّيَ بـ «النظر القومي». فأضِيفَ، في الستينات، إلى ميثاق الجامعة، أدوات فيها صدى من هذا «الوعي القومي»، حاملة لرسالة الاشتراك في المصالح الأمنيّة والاقتصاديّة. لكنها بقيت جانبا، بالنسبة إلى العمل المشترك ؛ كأنّها اعتـُبرت ضمنيا، دخيلة على المقاصد الأصليّة للجامعة، إذ يبدو أنّها أقحمت عليها دون كبير إقتناع. وبقي منطق العمل العربي المشترك في أخذ وردّ، بين لفظ الميثاق، وبين تطلعات متراوحة، هي أيضا، بين الظهور بقوّة طورا، وبين الخُمود أحيانا. وبلغ ذلك إلى حدّ أنّ قمّة عمّان المنعقدة سنة 1980 والتي وضعت معالم الاشتراك والتضامن في الشأن الاقتصادي، وسُمّيت إذاك، بالقمّة الاقتصاديّة، طـُوي ذكرها، وبقيت نسيا منسيا.    
الأمين العام السابق لجامعة الدول العربي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 5 فيفري  2010)
 

سيد قطب ومالك بن نبي

  


راشد الغنوشي في كل مرحلة من تاريخ أمة من الأمم تسطع في سمائها نجوم تهدي الحائرين وقد تضيء سماءها حتى لكأنها في رابعة النهار إذا كثروا واشتد وهجهم فامتد مخترقا الزمان والمكان، كأشبه ما يكون بالطاقة المتجددة التي لا تنفد. تقديرنا أن صاحب الظلال سيد قطب ومجدد الفكر الخلدوني مالك بن نبي رحمهما الله من هذا الصنف. فكلاهما تعددت اهتماماته، ولكن عينه كانت لا تتحول عن سؤال النهضة الحارق: لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟ فكيف أجاب كل منهما؟ ومن خلال رحلة تتلمذي لهما، أين استقرت مركبتي منهما؟ 1- ربما يكون المرحوم مالك بن نبي الخليفة الشرعي للعلامة عبد الرحمن بن خلدون رغم أن بن نبي ليس مؤرخا، ولكنهما يشتركان في أن كليهما فيلسوف للتاريخ وللتاريخ الإسلامي بالذات، ولك أن تقول إن كليهما مؤرخ حضاري، أعمل معوله في الحفر والتنقيب عن الأسس التي قامت عليها حضارة الإسلام وبها ازدهرت وآتت ثمارها اليانعة، ومن أين دخل عليها الصقيع الذي جمّدها؟ ورغم أن ابن خلدون اتجه أكثر إلى العوامل السياسية والاجتماعية والدينية لقيام الدول والمسؤولة عن قوتها وتلك المتسببة في ضعفها وانهيارها، فإن بن نبي أعمل فكره ضمن منظور أوسع من هذه الدولة الإسلامية أو تلك، فهو يبحث في الظاهرة الحضارية ذاتها التي أفرغ لها جهده وشغل بها عمره، وهو ما يهبه تفردا في الفكر الإسلامي المعاصر الذي شغل نفسه أكثر في البحث في الإسلام ذاته لينتهي جوابا عن سؤال النهضة المؤرق: لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟ إن سبب ذلك ابتعادهم عن حقائق الإسلام وتشوّهها في نظرهم، وهو ما يقتضي نقدا لما هم عليه من تدين، بما قد ينتهي إلى تبديعهم في نظر كثير من المصلحين أو حتى تكفيرهم في نظر المتشددين، تمهيدا لدعوتهم مجددا إلى كلمة التوحيد، كما ظهر ذلك على نحو ما في منظور بعض السلفيين وفي فكر سيد قطب في مرحلته الثانية، بينما اتجه مالك بن نبي إلى حياة المسلمين وإلى تاريخهم يقلّب، كاشفا عن مواطن « التخلف » فيهما، مقابل ما يجب أن يكونوا عليه من « تحضر »، إذ المسلم من هذا المنظور يمكن أن يكون متخلّفا كما يمكن أن يكون متحضرا.. يمكن أن يكون عادلا عقلانيا في استخدامه لوقته ولكل إمكاناته المادية، كما يريد له الإسلام، لكنه وهو المسلم المقيم لشعائره الدينية يمكن أن يكون ظالما مستهترا بالوقت وبالمال وبكل الإمكانات المتاحة. فالمسلمون حسب القرآن وفي الواقع « فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات »، ومقابل ذلك يمكن لغير المؤمن أن يكون عادلا عقلانيا في حسن استخدامه للوقت وللإمكانات المادية، فيكون متحضرا، كما يمكن أن يكون متخلفا ظالما مستهترا. ولذلك أقر المحققون من العلماء أن الملك -ولك أن تقول الحضارة- لا يقوم إلا على العدل ولو مع الكفر، ولكنه لا يقوم على الظلم ولو مع الإيمان. فحساب الإيمان مجاله الآخرة، رغم تأثيره في الدنيا المحكومة بحساب سنن الأعمال، من حسن وقبح وعدل وظلم وإتقان وإهمال وجدّ وكسل، وشورى واستبداد.. بصرف النظر عن النوايا.. إنها السنن. قال تعالى « من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون » (هود). 2- لم أحظ بشرف لقاء صاحب الظلال رحمه الله، ولكني قرأت كل ما كتبه في أول اتجاهي الإسلامي إثر تحولي من الاتجاه القومي وتأثرت به تأثر بالغا هو وشقيقه محمد رضي الله عنهما، ومررت على الموطن الذي انتقد فيه سيد « كاتبا » اكتفى بنعته بالجزائري، وكان موضع النقد هو تمييز « الكاتب الجزائري » بين الإسلام والحضارة على نحو يمكن معه أن يكون المسلم متحضرا كما يمكن أن يكون متخلفا.. انتقد سيد بشدة هذا التمييز، لأن المسلم عند سيد قطب بالضرورة متحضر، إذ الإسلام بتعريفه هو الحضارة، وبالتالي فلا تحضّر خارج الإسلام ما دام الإسلام هو الحضارة. وأصابتني الحيرة بعدما قرأت أعمال بن نبي، ولم يرتفع عني كابوس الشك وتنحلّ عني عقدة الحيرة حتى قدمت إلى الجزائر وأنا في طريق عودتي من فرنسا عبر إسبانيا أواخر 1969 حيث فجّرت آثار الأجداد الأندلسيين أعماقي.. كانت تلك هي زيارتي الأولى للجزائر، ولم يكن عندي فيها مبتغى غير اللقاء بمالك، وكنت قد مسحت كتبه تقريبا. كان بيتا متواضعا مفتوحا للزائرين.. وكان الحديث معه صعبا لأنه يفرض عليك صرامة عقلية شديدة، فهو يستوقفك، حاملا إياك حملا على أن تكون متماسكا في طرحك، لا تلقي الكلام على عواهنه، فتفكر وتعيد التفكير قبل أن تجرؤ على صياغة جملة، بين يديه. سألته عن المسألة التي حيّرتني مسألة الإسلام والحضارة؟ فاستفاض في الشرح، حتى انجلت من نفسي كل شبهة وانقشع كل التباس حول المسألة التي شددت إليه الرحال من أجلها، فخرجت من عنده وقد امتلأت قناعة بأن هذه المسالة هي قطب الرحى الذي يتحرك حولها فكر الرجل وليست بالجزئية العارضة كما هي عند الكثيرين، وذلك ضمن رؤية شاملة للحضارة الإسلامية ولواقع المسلمين وللواقع الدولي، بما يفتح أمامك آفاقا رحبة للتفكير والتفسير، ويضع في يدك مفتاحا لما استغلق من كثير من الأسئلة والمعضلات في التاريخ والواقع. 3- بعد تفكّر طويل وحيرة وتجاذب في نفسي بين الإمامين، تجلت في نفسي كالصبح مكانة الرجلين العظيمين وموقع كل منهما.. أدركت أنني إذا ابتغيت تفسيرا لآي من كتاب الله وبخاصة التفسير البياني والمنظور الشامل للسورة في ترابط وتماسك آيها ومحايثتها المستمرة للواقع باعتبارها قوة تغيير له وليس مجرد تشخيص، فليس أولى من « السيد » صاحب « الظلال » أظفر عنده بمبتغاي ولكن دون اقتصار عليه أو استغناء عنه. أما إذا رمت بحثا وتفكيكا لظواهر التخلف والتحضر والوقوف على محركاتها في تاريخنا وواقعنا، فليس في الفكر الإسلامي المعاصر ما يسعف وينير الطريق إلى الواقع وإلى كتاب الله خير من مالك بن نبي صاحب سلسلة « الحضارة »، فإذا كان الحديث في الحضارة فلا يفتى ومالك في المدينة. جواب سؤال النهضة: لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟ عند سيد واضح جلي: إن السؤال من أصله خاطئ.. المسلمون تخلفوا لأنهم تركوا الإسلام، فينبغي دعوتهم إليه من جديد، فنعلمهم معنى لا إله إلا الله باعتبارها منهج حياة. أما غيرهم فلم يتقدموا، بل هم في جاهلية جهلاء، لأن الإسلام هو الحضارة. أما عند بن نبي فالأمر غير ذلك.. ليس الإسلام هو الحضارة، الإسلام وحي نزل من السماء  بينما الحضارة لا تنزل من السماء وإنما يصنعها البشر عندما يحسنون توظيف ملكاتهم في التعامل مع الزمان والمكان.. الإسلام لا يصنع الحضارة بذاته، وإنما بالبشر عندما يفهمونه على حقيقته فيتولون التفاعل الجاد به وخلطه بالتراب والزمان والمكان فيصنعون من ذلك حضارة. الحضارة الإسلامية هي هذا التفاعل الجاد بين الإنسان والتراب والوحي. قد ينجح المسلم في هذا التفاعل فيصنع الحضارة، وقد يفشل وهو المسلم وينجح غيره أي غير المسلم فينتج حضارة بقيم ونيات غير إسلامية، لأنه أحسن التعامل مع سنن الله توظيفا جيدا لعقله وللوقت وللتراب. 4- لفكر مالك ارتباط وثيق بالظاهرة الاستعمارية التي ما كان لها أن تفشو في أمتنا لولا التخلف الذي منحها « قابلية » التمكن فينا. ومالك متميز في الفكر الإسلامي المعاصر بتحليله للظاهرة الاستعمارية، وهو ما جعله واحدا من أهم أعلام مفكري العالم الثالث مثل فرانس فانون والإيراني علي شريعتي.. مدرجا كفاح أمتنا ضمن كفاح الشعوب المستعمرة، ومبشرا بعالم ثالث متحرر من قوى الهيمنة الشرقية والغربية، ومنظّرا لمؤسسات عالمثالثية مثل الأفروآسوية ومؤتمر باندونغ، ومدافعا عن ثوار آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية ضد الاستعمار الغربي، سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين. هذا البعد العميق في فكر بن نبي غائب في الأدبيات الإسلامية المعروفة، بما يدرجها ضمن التيارات المحافظة التي لا تكاد ترى في الصراعات الدولية غير وجهها العقدي، وهو ما يحد من إمكانات لقائها بها وتحاورها معها، فضلا عن التعاون والائتلاف والتحالف على أساس رؤية مشتركة جامعة للمقهورين ضد جلاديهم المشتركين الإمبرياليين وعملائهم. 5- من هنا يأتي وجه آخر لأهمية مالك بن نبي في فتح آفاق الفكر الإسلامي المعاصر وحركاته على قوى تحررية ثائرة ضد الظلم الدولي، مثل القوى المناهضة للعولمة وأخطبوطها الاقتصادي والثقافي والعسكري وكذا القوى المدافعة عن البيئة، ولكنه منجم لم يستثمر وثروة ظلت معطلة. إن فكر سيد قطب في مرحلته الأولى يلتقي تماما مع فكر بن نبي, فكر « العدالة الاجتماعية » و »صراع الإسلام مع الرأسمالية » وقالاته الثورية العديدة.. حتى اعتبر أهم منظّري ثورة 1952، لكن الملابسات التي مرت بها الثورة ومر بها سيد نفسه تكاد تكون أغلقت تلك الأبواب ولم تترك من منظور للصراع يبشر به سيد غير الصراع العقدي أو السياسي، بينما تضاءل وانكمش حتى كاد يتوارى مكان الصراع الاجتماعي بين قوى الاستكبار والاستضعاف على الصعيد المحلي والدولي، وهو ما بشرت به بعد ذلك الثورة الإسلامية في إيران التي أفادت من فكر سيد في طوره الأول وفكر مالك بن نبي خاصة، فطرحت انطلاقا من الإسلام منظورا للصراع الدولي بين قوى مستضعفة وقوى استكبارية، مزيحة الستار عن آية عظيمة من آي الذكر الحكيم « ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين. ونمكّن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون » (القصص: 5 و6). 6- ومن هنا تأتي مشروعية تخوف البعض مما اعتبرها عودة التيار القطبي في الإخوان ليحتل المواقع الأولى.. خشيتهم أن يتمحور النضال في المجالات العقدية التربوية وأن يتأخر ترتيب القضايا الاجتماعية والسياسية، قضايا العدل والحرية والانفتاح على القوى الأخرى، بما يضيق إمكانات التحالف مع القوى غير الإسلامية المناضلة ضد الاستبداد والحيف الاجتماعي والتسلط الدولي على أمتنا، مع أن الخطاب الافتتاحي للمرشد الجديد للإخوان المنسوب إلى التيار القطبي جاء مبشرا بالانفتاح على القوى الأخرى، داعيا إلى التعاون معها على خير الأمة، على أساس فكرة المواطنة. غير أنه رغم تغطيته لمساحات واسعة مجيبا إجابات مريحة عما أثير حوله من تخوفات، فإن المسألة الاجتماعية مسألة الفقر التي يتلظى بها عشرات الملايين من المحشورين أحياء في قبور الأموات وفي العشوائيات، تُنهبُ أرزاقهم ليل نهار من قبل عصابة الحكم والمال، لم تنل حظا من اهتمامات مرشد منسوب إلى القطبية وإلى التمركز حول قضايا التربية والعقيدة، على أهميتها، بينما يعلم الجميع -وهو أولهم- أن الجماعة التي هو مرشدها الثامن قد انطلق عمل مرشدها الأول ومؤسسها من فئة العمال وفاقدي الشغل المتكدسين في مقاهي الإسماعلية، إلا أنها مع الزمن وبضغوط من هنا وهناك ارتحلت الجماعة عنهم رغم أنهم كثروا جزئيا صوب نخبة المجتمع وطبقاته الوسطى المتعلمة تاركة وراءها الملايين، تلك التي كانت همّ سيد قطب في طوره الأول. 7- إن فكر المحنة الذي رسم الخط العام لمنتجات الطور الثاني من حياة سيد وإن كان مادة جيدة لتثبيت جيل من المناضلين مستهدف بالتدمير الجسدي والمعنوي من قبل قوى علمانية صاعدة على امتداد العالم بما جعله فكر الغربة، لا يصلح بالضرورة غذاء للتيار الإسلامي وقد ملأت أنباؤه وفعاله السهل والوعر، حتى ألجأ تيارات العلمنة وبخاصة الاستئصالية إلى جحر الضب، معتصمة بأدوات القمع مستقوية على شعوبها التي « أسلمت حتى الرقبة »، وهو ما وصف به صديقنا المرحوم لويس كانتوري حالة مصر، أي ما بقي غير الرأس (كشف سبر للآراء على موقع إخوان أون لاين طرح السؤال التالي: هل الجدار الأمني هدفه التضييق على حماس أم حماية الأمن القومي المصري؟ أن 3.5%فقط هم من صوّت للخيار الأخير. ذلك هو حجم القوى الحاكمة المنسلخة عن الأمة، فهل يصلح لتيار حقق هذا الانتشار أن يعتصم بأدبيات المحنة؟ 8- وفي مرحلة لا تزال فيها الهجمة الإمبريالية زاحفة على منطقتنا، تكون الحاجة ماسة لدى أبناء التيار الإسلامي أن ينفضوا الغبار عن تراث المرحلة الأولى خاصة من فكر سيد، وعن تراث بن نبي الذي لا يزال مغتربا في الوسط الإسلامي الذي تجتاحه أمواج السلفية المتشددة مبشرة بمنظور عقدي ضيق لا يمكنه بحال أن يستعيد الإجماع الضروري لأمة مستهدفة من قبل قوى الهيمنة الدولية، فما أحوجها إلى فكر الإجماع لتواجه أعداءها المجتمعين عليها، بينما لا يحمل فكر التشدد في المحصلة غير نذر التحارب بين المسلمين، وهو أعجز حتى على جمع كلمة المسلمين السنة، وهذا ما ظهر جليا في العراق وفي غيره، بله أن يجمع الأمة بكل طوائفها لمواجهة العدو المشترك. إنه يزرع حيثما حل التكفير والتبديع والتنابذ بين صوفي وسلفي وبين سلفي وأشعري وبين مذهبي ولا مذهبي، فأنى يكون للمذاهب غير السنية من مكان خارج ميدان التقاتل مع أتباعها، فضلا عن الطوائف غير المسلمة التي كانت عبر التاريخ جزءا من الأمة وحضارتها؟ 9- إن الرؤى القائمة في الحركة الإسلامية متجهة بفعل الضغط السلفي إلى المزيد من الضيق، بما يجعل بأس الأمة بينها، وهو الحاصل على امتداد عالم الإسلام، والجزائر مثلا أخذت منه حظا وافرا وكأن بن نبي لم يمر من هنا، وأحسب أن تأثيره في الحركة الإسلامية التونسية والمغربية أشد منه في الإسلام الجزائري. 10- إن فكر مالك بن نبي يلتقي تماما مع فكر سيد في طور نضاله الاجتماعي الأول، فحري بالمربين والقائمين على التوجيه الثقافي في الأمة أن يدركوا الخطر المزدوج على الأمة، خطر ثقافة العولمة والتحلل مما كان قد دعاه فكر سيد في مرحلته الإسلامية الأولى في مقال له بديع « مواكب الفراغات » والذي يجعل من قضية مباراة كرة قضية موت أو حياة تسحب السفراء من أجلها وما بقي غير تحريك الجيوش، بينما القدس تضيع وغزة تخنق والثروات تنهب.. مقابل ذلك وأخطر منه فكر التشدد والتكفير، يلتقي فيه فكر المحنة القطبي مع التسلف المتشدد.. يلتقيان في نقطة الرؤية المثالية العقدية لمشاكل المسلمين، واعتبار الطريق الوحيد للإصلاح والمجال الوحيد للاصطفاف هو التمركز حول نخل العقائد والإعمال فيها بأدق الغرابيل حسب أشد الرؤى تشددا، أي إعمال عمليات الطرح والضرب والقسمة في التعامل مع اختلافات المسلمين، بدل عملية الجمع والبحث عن المشترك حسب تعبير فهمي هويدي، وذلك بدل وزن الناس والتيارات بأكثر من ميزان: ظالم/عادل، صديق/عدو، مسالم/محارب. فليس المسلم بالضرورة صادقا أو عادلا أو مسالما، وليس الكافر بالضرورة واقعا دائما في الخانات المقابلة, لذلك صنف القرآن المؤمنين أصنافا « فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات.. » (فاطر:32). كما صنف الكافرين بين صديق يجب بره والتعاون والتحالف معه، وعدو يحذر منه « لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين » (الممتحنة:8).  

(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 02 فيفري  2010)


 

 بسم الله الرحمان الرحيم  و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين     
تونس في 01/02/2010 
بقلم محمد العروسي الهاني مناضل كاتب في الشأن الوطني و العربي و الإسلامي
الرسالة رقم 732على موقع الانترنت

الحلقة 6 : بعد خطاب الرئيس يوم 22-01-2010 ننتظر النتائج والردود عن رسائلنا

 


للمرة السادسة باستمرار منذ 23-01-2010 أكتب وأساهم بمقالاتي وأرائي ومقترحاتي وأفكاري.. بجرأة المناضل الدستوري.. الذي لا يعرف الراحة والمجاملة والكلام المعسول ورمي الورود والمساومة والتجارة المربحة والحسابات المادية والبروز من اجل مكاسب ومنافع شخصية ومناصب وطموحات ولو على حساب أصحاب القيم والنظافة.   ومنذ أن دخلت وانخرطت مبكرا في الحزب الحر الدستوري التونسي يوم 27 أفريل 1954 في سن الرابعة عشر 14 سنة .. وانخرطت مباشرة في الشبيبة الدستورية التابعة للحزب.. وفي ذلك الوقت الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة رحمه الله في المنفى بفرنسا.. وكنا شبان صغار نتابع أخبار حزبنا العتيد.. وأخبار زعمائنا وفي طليعتهم المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه ال..له وكان إخواننا وأبنائنا يشجعون على العمل السياسي والشبابي والنضالي اقتداء بزعمائنا الأبرار وشهدائنا الكبار الذين سقوا بدمائهم  شجرة الاستقلال والحرية.. وقد واصلنا النضال منذ يوم 27/04/1954 إلى يوم الناس هذا.. وكانت أول ميزة كسبناها وتعلمناها في مدرسة حزبنا منذ الطفولة الصراحة.. والصدق.. والوضوح.. والجرأة.. والشجاعة..   ولولا مدرسة النضال الوطني.. ومبادئ حزبنا.. وأسلوب عمله.. وطريقة نضاله الميداني الشعبي.. وبرامج مناشطه.. وعمق الحوار داخل هياكل الحزب.. والشورى وممارسة الديمقراطية المحلية.. في مستوى الشعب الدستورية.. وفي مؤتمرات سنوية قاعدية حرة وديمقراطية.. وهذه المؤتمرات السنوية في كل شعبة دستورية يشارك فيها كل المنخرطين.. شيبا وشبابا.. وكهولا ونساء.. فلاحين وتجار.. وعمال وطلبة وتلامذة.. وموظفين وحتى عاطلين عن العمل.. وينخرط في الشعبة كل الشرائح.. وليترشح لعضوية الشعبة كل الشرائح.. والصندوق هو الفيصل.. والحوار مفتوح للجميع.. لا اقصاء ولا تهميش ولا تمييز.. هذا فلاح.. وهذا تاجر.. وهذا إطار سامي.. كلهم دستوريين متساووين في الحقوق والواجبات.. والترشح والانخراط والتدرج في سلم المسؤولية.. من الشعبة.. إلى الجامعة.. إلى لجنة التنسيق الحزبي.. إلى اللجنة المركزية للحزب.. إلى أعلى قمة المسؤولية في الحزب.   هكذا عشنا في حزبنا.. حزب العمل والنضال.. وتعلمنا الصراحة والكتابة بجرأة وشجاعة وأخلاق عالية.. وبفكر وطني عميق.. ربما بعضهم من الجدد يستغرب ويندهش.. ويقول في نفسه لم نتعود بهذه الكتابة الصريحة والجريئة.. والأسلوب الوطني.. الذي لا يعرف المجاملة وإخفاء الحقيقة أو تجاهل التجاوزات وعدم اكتراث بعض المسؤولين برسائل المناضلين والرد عنها..   كل هذه الممارسات والاستعلاء على المواطنين وعدم قبولهم والإنصات إليهم والاجتماع بهم وتحقيق مشاغلهم.. وهذا واجب على كل مسؤول.. ومن حق المواطن مطالبة الوزير وكاتب الدولة والسيد الوالي والسيد رئيس البلدية وغيرهم من المديرين العامين وأصحاب القرار.. كل هؤلاء من حق المواطن التونسي.. ومن حق المناضل الدستوري.. ومن حق الطالب.. ومن حق صاحب الحاجة وطالب الشغل.. أن يقترح على أي مسؤول في المستوى الوطني والجهوي والمحلي بتحديد موعد له والإنصات إليه و العمل على تلبية طلبه حسب الإمكان والحرص على الرد عن الرسائل.   وليس مكتب العلاقات مع المواطن من مشمولاته أخذ القرار وانجاز الطلب وتلبية المقترح وحل المشكل.. بل مكتب العلاقات مع المواطن هو همزة وصل بين المسؤول والمواطن.. وان لا يحل المكلف بمكتب العلاقات مع المواطن محل الوزير والوالي والمدير العام ورئيس البلدية.. وقد يكون أحيانا هذا المكتب حاجزا أمام المواطن..   وقد لاحظت أن بعض المكاتب لم تحل أي اشكالية بل أحيانا يبقى المواطن في حيرة ولم تحقق مشاغله رغم التردد مرارا.. لذا فإن دور الوزير والوالي وكل مسؤول أن يتحسس لهذا الأمر.. ويسعى لقبول المواطنين.. مع دعم مطالب ومشاغل الناس… لأن الغاية ليست المقابلة في حد ذاتها بل الغاية النتيجة وقضاء الحاجة .   وهذا ما يريده المواطن.. وهذا ما يدعوا إليه سيادة الرئيس مرارا.. وهذا ما قصده سيادته في خطاب يوم 22 جانفي 2010 وما احتوى عليه من توجيهات وتعليمات واضحة لا يتسرب إليها الشك ولا يجتهد فيها مجتهد.. فالأمور واضحة.. وعلى كل مسؤول أن يضع نصب عينيه خطاب 22/01/2010..     وعندما تصل الوزير رسالة جديدة عليه العمل على دعوة صاحبها أو الرد عنها وليس الرد المعتاد : أحلنا مطلبك على السيد الوالي أو السيد رئيس البلدية للنظر.. ليس هذا المطلوب.. المطلوب عندما تصل رسالة لوزير التربية ويسعى سيادته لايجاد الحلول لصاحبها.. وحتى لا يصبح الوزير يشجع على بقا صاحب الإجازة يعمل كمعلم وقتي بنصف الأجر.. وهناك مدارس ابتدائية منذ سبتمبر 2009 إلى اليوم %30 من المدرسين بصفة وقتية.. يتقاضون 300 دينار.. أقل من 50% من أجرة المترسم.. لماذا هذا الحل الوقتي استمر أعواما.. هذه القضية لابد من علاجها بصفة جذرية..   كما أن مناطق الريف رغم تسليط الضوء على بعض الحالات في مناطق الظل لم يهتم بها وزيرنا.. وقد كاتبناه مرارا.. حتى جاء تحقيق صحيفة أسبوعية.. وتعرضت لوضعيات يعيشها شباب الحنشة وشباب العامرة بولاية صفاقس.. فمتى نعطي خطاب الرئيس ما يستحق من الأهمية.. ومتى نعالج هذه القضية.. ومتى تفتح رسائل لندرسها بجدية..   ومتى تفتح الوزارة أبوبها لقبول الطلبة والحوار معهم..   ومتى ننهي كل المشاغل بسرعة واهمية.. ومتى وزاراتنا المحترمة تتصفح رسائلنا الجريئة منذ شهر أكتوبر 2008 .. ومنها رسائل أحالها وزير الوظيفة العمومية الدكتور زهير المظفر لدعمها والنظر فيها بمسؤولية..   هذه بعض الملاحظات أسوقها في هذه الرسالة الإلكترونية.. عسى أن تجد الأذان الصاغية.. بعد خطاب الصراحة والوضوح.. التي جاءت في الوقت المناسب.. بعد أن بلغ السبيل الزبى.. وبعد أن علم الرئيس بأن هناك تهاون وتهرب من المسؤولية.. وكان بحق خطاب الشفافية والمصداقية.. حتى يتدارك كل المسؤولين ما فات.. من تغافل -ان شاء الله على حسن نية- .. وبعد موعد الخطاب الهام المواطن والمناضل سيكون بالمرصاد مستقبلا لكل خلل أو تجاهل أو تهاون في هذا الصدد.   والذي أعطانا حق الرقابة والكتابة والنقد سيادة الرئيس شخصيا.. وقال النقد والكتابة مفيدة لعمل الحكومة.. وهامة لمزيد الإصلاح والإضافة والدعم.. وقد فهمنا مقاصد الرئيس لمزيد من الإصلاح.. ومن واجب المسؤولين فهم الخطاب والمقاصد بدقة ومسؤولية.. وليس فقط لتحسين مكاتب العلاقات مع المواطن.. أو تذكير الملحق الإعلامي بضرورة درس المقترحات الواردة.. وإعداد تقارير في الغرض.. بل الأمر أشمل وأعم وأعظم..   وكلمة الرئيس شاملة وعميقة وضافية.. على كل من يتحمل مسؤولية أن يستوعب الكلمة التاريخية.. بما تستحق من أهمية وعناية.. وبيت القصيد مزيد الاهتمام بمشاغل الناس بكل مصداقية.. وهم رأس المال.. وأساس كل تقدم واستقرار.. وإن ما حصل في العامرة والحنشة وغيرها لا يخدم الحضارة والإستقرار..   ولكن لابد أن ندرس ما هي الأسباب وما هو السر يا ترى؟ الجواب أن مناطق الظل لابد أن نهتم بها بكل مسؤولية.. ونبحث على المشاكل الإجتماعية.. من كثرة البطالة والمحظوظية وغيرها.. وعلى الوزير والوالي والمدير العام أن يعطي هذا الموضوع بالغ الأهمية.. وتعمل على تطويق الظاهرة بكل جدية.. وأن يسعى المسؤول لدرس المقترحات والآراء التي نشرت وكتبت في الغرض.. وأعتقد أن العديد من الكتاب والمناضلين نبهوا وكتبوا في الموضوع.. فهل سمعنا كلامهم وهل عملنا بها أم على من تقرأ زبورك يا داود..   ولكن جاء خطاب الرئيس وقال بوضوح: نعم عليكم مزيد الإطلاع على مقالات الأحرار.. والعمل بها مستقبلا لمزيد الإصلاح.. ولو كانت قوية اللهجة وصريحة أو فيها بعض النقد أحيانا.. هل بعد خطاب الرئيس تعليمات وتوجيهات واجتهادات أشخاص لهم كلمة تحمي المسؤولين الذين لهم علاقة بهم يدافعون عنهم..   واعتقد أن الشعب التونسي لا يعترف إلا بالرئيس الشرعي.. ولا نسمع إلا كلامه وهو المرجع..   وكما قلت فإن كل كاتب شجاع سوف يسعى لدعم الخطاب والمحافظة عليه والدفاع بكل قوة على إشعاعه في الداخل والخارج.. وهو الدواء الناجع لدعم مسيرة التنمية الشاملة.. والإبتعاد عن الإقصاء والتهميش والتجاوزات والتعليمات ‘تحت الطاولة’.   و ختاما استعرض بعض المواقف التي عالجها رئيس الدولة في عهد التغيير.. منها قضية صاحب المقطع الحجري بمرناق.. والمرأة التي تعرضت إلى التحيل.. و غيرها.. ووجدت الحلول..   وفي هذا الصدد اعتقد لو أن صاحب المعهد الحر و الجامعة الخاصة الأخ العبدلي لو اتصل و حاول الاتصال بسيادة الرئيس.. وشرح وضعيته بكل وضوح وصراحة وكل المراحل.. لوجد الحل وتسوية الوضعية.. أفضل بكثير من نشر الكتاب بالتفاصيل التي بعضهم ربما استغلها و قام بالتصعيد.. و كنت اعتقد ان التريث في هذه المسائل أمر ضروري.. حتى لا يعطي الفرصة لأصحاب الخيال و التأويل.. خاصة و إن الرئيس مستعد للإصغاء و الحوار وإيجاد الحلول.. و أملي أن يتدارك الأمر ويرفع أمره لرئيس الدولة الذي فتح أفاق جديدة يوم 22/01/2010 .. و الله ولي التوفيق.    قال الله تعالى                ﴿فستذكرون ما أقول لكم و أفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد…﴾ صدق الله العظيم    


«هيومان رايتس ووتش»: ليبيا تحجب «يوتيوب» ومواقع معارضة


05/02/2010 الرباط ـ رويترز: اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» ليبيا امس الخميس بحجب موقع «يوتيوب» ومواقع أخرى مستقلة أو معارضة على الإنترنت قائلة إن ذلك يمثل ارتدادا إلى «أيام مظلمة» للسيطرة المطلقة على الإعلام في ليبيا. وقالت المنظمة إنه لم يعد من الممكن الدخول على «يوتيوب» من ليبيا بعد أن نشرت عليه مقاطع مصورة لأفراد من عائلة الزعيم الليبي معمر القذافي ولمظاهرات في مدينة بنغازي شرق ليبيا. وأضافت منظمة «هيومان رايتس ووتش» أنه منذ 24 كانون الثاني (يناير) حجبت الحكومة مواقع معارضة تنشر على الإنترنت من خارج ليبيا وهي مصدر مستقل للأنباء في البلاد التي يهيمن عليها الإعلام الحكومي. وقالت سارة ليئة ويتسون مديرة قطاع الشرق الأوسط في منظمة هيومان رايتس ووتش «تنشر هذه المواقع بشكل دوري اعتمادا على محررين في الخارج وصحافيين في طرابلس أنباء بشأن موضوعات حساسة من بينها انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الحكومة الليبية». ولم يكن لدى مسؤولين بالحكومة الليبية اي تعليق فوري. وبدأت جماعة من المدافعين عن حقوق الإنسان والمدونين والصحافيين الليبيين حملة على موقع فيسبوك الاجتماعي مطالبين السلطات باتاحة دخول هذه المواقع. وقالت ويتسون في بيان «هذه المواقع كانت علامة حديثة على التقدم الملموس في حرية التعبير في ليبيا… الحكومة تعود إلى الأيام المظلمة للسيطرة الكاملة على الإعلام». وتوقفت «أويا» و»قورينا»وهما الصحيفتان المستقلتان الوحيدتان في ليبيا عن الصدور الشهر الماضي بعد أن رفضت الهيئة العامة للصحافة مواصلة طبعهما معللة ذلك بتوقف المؤسسة المالكة للصحيفتين عن دفع ديونها للمؤسسة. ونشرت الصحيفتان موضوعات عن الفساد الحكومي وطالبتا بالإصلاح مما ميزهما عن وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة. وقالت ويتسون «يجب على السلطات الليبية أن تزيد عدد الصحف الخاصة بدلا من وقف تداولها».  

(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 05 فيفري  2010)


الحياة السرية للجنرال العربي بلخير(2): حرب في الخفاء بين حمروش•• والجنرال

 


بقلم: أحميدة عياشي كان الشاذلي بن جديد يدرك أنه يختلف عن هواري بومدين من حيث الكاريزما، فهو ليس بالخطيب الجيد الذي يملك سحر اللغة ولا هو بالشعبوي القادر على جذب الجماهير·· لكنه كان قادرا أن يكون ذلك الرجل البراغماتي القوي بمستشاريه ورجاله الأوفياء، وكان الجنرال العربي بلخير أحد هؤلاء الذين كان يعتمد عليهم الشاذلي بامتياز·· كل الملفات الكبرى والمتراكمة التي كانت توضع على مكتب الشاذلي بن جديد، كان يسلمها للجنرال بلخير·· وكان هذا الأخير معروفا بصبره على دراسة الملفات، بحيث شكل من حوله فريقا يتابع هذه الملفات السرية، وفي كل مساء كان يجلس إلى الشاذلي ويعرض عليه تحليله ونظرته الاستراتيجية·· جعلت مثل هذه الجلسات العلاقة بين الرجلين أكثر قوة، وهذا ما جعل الكثيرين المقربين من الشاذلي بن جديد يشعرون بالغيظ والغيرة وبحالة من التنافس الخفي حول من يملك أذن الرئيس··· أثناء أحداث أكتوبر ,1988 تفاجأ الشاذلي بن جديد بهول الأحداث، وبروز الإسلاميين الراديكاليين في الشارع، وكان وجه مثل الإمام الشاب علي بن حاج مثيرا لقلق الرئيس، وقد سأل الشاذلي بن جديد الجنرال بلخير  »من أين جاء هذا الشاب، وماهي هذه القوة التي جعلته يتحول في لحظة مثل هذه إلى زعيم شعبي، تجاوزت شيخا مثل الشيخ محفوظ نحناح·· » صمت الجنرال بلخير وهو يصغي إلى الشاذلي بن جديد الذي كان في لحظة غضب ممزوجة بلحظة الروع الخفي، ثم قال مخاطبا الرئيس  »·· سيدي الرئيس، إن هذا الشاب، معروف لدينا بتطرفه، وقد كان سجينا لسنوات، فهو متورط في جماعة مصطفى بويعلي، وأنت الذي قمت بالصفح عنه يوم كان سجينا بلومين » لكنه رفض الصفح، وقضى ما تبقى له من وقت في أحد سجون الجنوب الصحراوي·· إنه عنيد··  »لكن لا أظن أنه سيشكل علينا أي خطر··· إنه مراقب، ورجالنا جعلوه دون أن يشعر تحت أنظارهم··· » لكن الشاذلي بن جديد لم يقتنع كثيرا بكلام الجنرال بلخير، وأعطى أوامره، ليبقى مثل هذا الشيخ الشاب تحت المراقبة الخفية··· وفي اليوم التالي من هذه المحادثة بين الرئيس الشاذلي والجنرال العربي لخير، استدعي علي بن حاج من طرف مصالح العقيد اسماعيل آنذاك، وكان مكان اللقاء في أحد المراكز التابعة لهيئة العقيد اسماعيل وهي غير بعيدة عن مقر البرلمان·· حدث ذلك في الأيام الأولى التي تلت مسيرة الإسلاميين الراديكاليين باتجاه ساحة الشهداء في 10 أكتوبر ,.88 وكان اللقاء بين علي بن حاج والعقيد اسماعيل بعد صلاة الظهر، كان العقيد اسماعيل العماري رفقة ضابطين من جهازه·· كان اللقاء  »وديا » كما قال لي علي بن حاج فيما بعد·· سئل عن رأيه في الأحداث، وقال له اسماعيل العماري حسب رواية علي بن حاج  »أنه يتمنى أن يبقى الإسلاميون بعيدين عن ما يحدث·· » ولم يكن يدرك علي بن حاج حينها أن الشخص الذي يتحدث عنه، هو العقيد اسماعيل العماري، وهو نفس الشخص الذي سيلتقي به في رئاسة الحكومة مع مولود حمروش وعباسي مدني أثناء الإضراب السياسي الذي شنه حزب جبهة الإنقاذ في جوان .1991 في أحداث أكتوبر شعر الشاذلي بن جديد أن هيبته أصيبت في الصميم، وبدأ يسمع لأول مرة أصواتا تتوجه إليه باللوم والعتاب والنقد حتى من داخل جهاز الحكم، وكانت الفضيحة المالية التي تورط فيها إبنه مع البنك المركزي قد أصبحت قضية رأي عام وطني، وراحت الألسن في الصالونات تتحدث دونما خوف عن الثراء الفاحش والصفقات المشبوهة التي تورط فيها مقربون من عائلة الشاذلي بن جديد··· وكان مثل هذا الأمر يثير أعصابه وغضبه وقلقه، وقد صارحه الجنرال العربي بلخير بكل ما كان يقال ويتردد على الألسنة، وهنا قال له الشاذلي وهو غير قادر على اتخاذ أي قرار  »وما العمل يا سي العربي » فأجابه الجنرال العربي بلخير  »يجب أن نواجه بكل شجاعة وضبط نفس·· »·· وفي مثل هذا المناخ المتوتر كان مسؤول المخابرات السابق الذي خطط لتولي الشاذلي بن جديد ليكون على رأس الحكم، يشعر بالإطمئنان والفرح الخفيين·· وقال لأحد مقربيه  »هاهي فرصتنا حانت » وبالفعل كان قاصدي مرباح، الرجل الصامت والفولاذي وذو العقل المدبر يحضر نفسه ليحل محل الشاذلي بن جديد·· وفي لقاء خاص مع الجنرال العربي بلخير، صارحه هذا الأخير أن الوقت ليس في صالحه ليكون خصما للشاذلي بن جديد، وأبلغه أن الشاذلي بن جديد يحظى بدعم الرئيس الفرنسي ميتران، وأن هذا الأخير غير مستعد للتخلي عن صديقه الشاذلي بن جديد·· وقد فهم قاصدي مرباح الرسالة، وقد حاول الشاذلي وهذا بإيعاز من الجنرال العربي بلخير أن يرد التحية بمثلها لقاصدي مرباح، فكان تعيينه أول رئيس للحكومة بعد رحيل عبد الحميد الإبراهيمي·· وفي هذه الأثناء التي هزت أيامها عرش الشاذلي بن جديد، حاول الجنرال العربي بلخير أن يحد من غضب الجنرال الوزير رشيد بن يلس الذي صارحه بضرورة رحيل الشاذلي، فهو  »لم يعد قادرا على إدارة السفينة، وأصبح مكروها لدى الجماهير·· ولكن الجنرال الوزير رشيد بن يلس لم يتمكن من التحكم في أعصابه، وأدلى بتصريح لجريدة لوموند، تعرض فيه بالنقد لسياسة الحكومة التي كان عضوا فيها »، أثار مثل هذا التصريح الرئيس الشاذلي بن جديد، واتصل وهو في أوج غضبه بالجنرال العربي بلخير قائلا  »ماذا أصاب رشيد ليدلي بهذا التصريح دونما إذن إلى جريدة فرنسية··· » وأضاف  »هذا الرجل لا أريد أن أراه·· » حاول الجنرال بلخير أن يهدئ من روع الرئيس الشاذلي بن جديد، ثم دعا من جديد الجنرال رشيد بن يلس إلى منزله وأخبره أن الرئيس غاضبا على التصريح الذي أدلى به لجريدة لوموند، لكن رشيد بن يلس ظل على موقفه وقال للجنرال العربي بلخير  »··أنا منذ هذه اللحظة أعتبر نفسي مستقيلا من الحكومة··· »، رفض الشاذلي بن جديد استقالة رشيد بن يلس التي سلمت للجنرال العربي بلخير، وعندما تم تشكيل حكومة جديدة بقيادة قاصدي مرباح لم يكن ضمنها الجنرال الوزير رشيد بن يلس··· كان الشاذلي بن جديد في هذه الفترة التي أعقبت أحداث أكتوبر مثل الرجل المريض، بحيث تحول كل من حوله يطمعون في أن يكونوا ورثته الجدد، وقد أدرك الجنرال العربي بلخير ذلك جيدا، وكان عليه أن يحضر في صمت وهدوء فريقا جديدا يلتف حول الرئيس، وهذا من أجل إنقاذ النظام، والتطويق الذكي للمعارضة التقليدية والناشئة التي يحاول جزء منها، وهم الإسلاميون الراديكاليون الوصول عن طريق الشارع إلى السلطة·· قال الرئيس الشاذلي بن جديد لساعده الأيمن الجنرال العربي بلخير  »·· هؤلاء الإسلاميون يريدون رأسي آجلا أم عاجلا، فكيف يمكن التعامل معهم » وهنا اقترح المساعد الحميم وحافظ أسرار الرئيس  »··· هؤلاء الإسلاميون، يجب أن نطوقهم بذكاء·· وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بجرهم إلى اللعبة السياسية··· » وعندئذ قال الرئيس  »تقصد أننا نمنحهم الإعتماد·· هذا مستحيل·· » فقال الجنرال العربي بلخير  »·· ليس أمامنا من حل، إلا كشفهم تحت الأضواء، وكشف قدراتهم وأدائهم أمام الشعب··· لا يجب علينا تركهم في الدهاليز··· سيشكلون خطرا على الدولة إن نحن تركناهم ينشطون في الظلام··· ثم إن هناك إسلاميون معتدلون، يجب علينا تشجيعهم ودعمهم ومساندتهم للحد من قوة هؤلاء الراديكاليين··· » ظل الشاذلي بن جديد صامتا، ثم نظر إلى الجنرال العربي بلخير قائلا  »إذن، لابد أن نفكر وبجدية في الأمر·· » كان رأي أبو بكر بلقايد مدعما لرأي الجنرال العربي بلخير، ونفس الرأي كان بالنسبة لمجموعة الإصلاحيين الذين كانوا مقربين من الشاذلي بن جديد، وكان يقودها في تلك الفترة مولود حمروش الذي كان يحظى بثقة الشاذلي بن جديد، وبثقة أفراد عائلته·· وكان مولود حمروش في تلك الفترة يخطط للتخلص من رأسين كبيرين من أجل الاستحواذ كليا على ثقة الرئيس بن جديد·· في حوار سجلته مع أبوبكر بلقايد في العام ,1993 قال لي  »لقد تمكن مولود حمروش من إحراز ثقة الشاذلي بن جديد الذي كان معجبا بذكائه وقدرته الفائقة في العمل » وقد تمكن حمروش من إحداث أول صدع بينه وبين الجنرال العربي بلخير، عندما نبهه أن بلخير تمكن من خلق شبكة كبيرة من الموالين له، سواء داخل مؤسسة الرئاسة أو داخل مؤسسة الجيش، أو داخل المجتمع المدني، وهو بهذا العمل السري والحثيث يسعى إلى جعل الرئيس رهينة له، ولمجموعته القريبة، وعناصرها أغلبهم من الضباط الذين عرفوا ترقيات كبيرة في عهد الشاذلي بن جديد··· » ومثل هذا التنبيه  »جعل الشاذلي بن جديد يشعر بعدم الإطمئنان للجنرال العربي بلخير الذي أصبح نفوذه يتصاعد ويتزايد باستمرار »· شعر مولود حمروش بالزهو والانتصار بعدما تمكن من الحد نسبيا من نفوذ الجنرال العربي بلخير الذي كان يستمد جزءا منه بفعل قوة العلاقة التي كانت تربطه برئيس الجمهورية، ومن إقالة قاصدي مرباح الذي يبتلع هزيمته على يد حمروش بتلك الطريقة التي اعتبرها  »مذلة » أدرك الجنرال العربي بلخير في تلك اللحظات أن دوره قادم إن ظل في موقع المتفرج·· لكن ما العمل؟! بينما بدأ نجم مولود حمروش الذي أصبح رئيسا للحكومة بالصعود·· راهن هذا الأخير على كتيبة قوية وهي كتيبة الإعلام·· فلقد أغدق حمروش على المقربين منه ليؤسسوا صحفا مستقلة، تكون موالية له·· وبالفعل تحولت هذه الصحف من الموالين لحكومته وأصبحوا ينعتون بالإصلاحيين والحمروشيين·· ودعم هذه الكتيبة بتعيينات من المقربين له على رأس المؤسسات الإعلامية العمومية الكبرى مثل الإذاعة والتلفزيون·· وقد عرف التلفزيون في تلك الآونة حيوية لم يسبق لها مثيل من خلال البرامج السياسية التي تحولت إلى حلبة للنقد الحر للسلطة، سواء كان هؤلاء المنتقدين للسلطة من الديموقراطيين أو من الإسلاميين الراديكاليين أو المعتدلين·· وبدا للمراقبين أن السلطة الجزائرية أصبحت برأسين، بدل رأس واحد·· رأس الحكومة، ورأس الرئاسة·· وراحت صورة رئيس الحكومة مولود حمروش تتعاظم على حساب صورة رئيس الجمهورية الذي كان يبدو تائها وحائرا وسجينا لرئيس حكومته··· ثم شيئا فشيئا تحولت الصحافة  »المستقلة » إلى يد ضاربة بين أيدي مولود حمروش، ليس فقط ضد الإسلاميين الراديكاليين، بل ضد من كانوا يسمون ببارونات جبهة التحرير، وممن كانوا يحسبون على الرئيس الشاذلي بن جديد·· أدرك الجنرال العربي بلخير أن مولود حمروش أخذ منه زمام المبادرة في إدارة الصراع الجديد لما بعد أحداث أكتوبر·· وكان عليه التفكير من جديد كيف يستجمع قوته ويعيد ترتيب علاقاته من أجل خلق توازن جديد معاكس تماما لهذا التوجه الجديد لميزان القوة الذي أصبح في وقت وجيز لصالح مولود حمروش وفريقه ممن يوصفون بالإصلاحيين، خاصة ظهور عدد من المقالات التي راحت تنتقد الجنرال العربي بلخير بصورة ساخرة وقاسية، وما راحت تثيره من شبهات وشكوك حول نفوذه في كواليس السلطة وفي كواليس الأعمال·· جبهة الإنقاذ في صراع التجاذبات بين بلخير وحمروش كانت نتائج الانتخابات المحلية في العام 1990 التي حققت جبهة الإنقاذ من خلالها الأغلبية ضربة قاضية لجبهة التحرير·· وكانت بمثابة الإشارة الحمراء للفريق الحاكم·· وفي لقاء مع الرئيس حاول الجنرال العربي بلخير أن يرد ذلك إلى تهاون الحكومة تجاه الإسلاميين الراديكاليين، وأن الأمر أصبح لا يطاق، لذا فلابد من ضبط الساعة من جديد، إن الأمر قد يصبح خطيرا إذا ترك على هذا المنوال،  »لكن رئيس حكومة الشاذلي بن جديد هوّن من الأمر·· ونصح الرئيس أن يقبل بالنتيجة لأنها نتيجة ستكشف للرأي العام الدولي أن الجزائر على الطريق الصحيح من أجل بناء ديموقراطية حقيقية » وهذه الديموقراطية بأي شكل من الأشكال سوف لن تضر نظام الحكم في شيء بل ستدعم مصداقيته لدى الشركاء العالميين، وتعطي صورة طيبة عند وسائل الإعلام الوطنية والدولية، هذا من جهة، ومن جهة ثانية سيتم الكشف عن حدود الإسلاميين الراديكاليين على أرض الميدان، فكل السمعة التي يتمتعون بها عند الجماهير سرعان ما ستنحدر نحو الأسفل عندما لا يتمكن الإسلاميون الراديكاليون من حل المشاكل اليومية والمتفاقمة التي سوف تطرح بحدة من طرف المواطنين··· إنه  »فخ قمنا بنصبه لجبهة الإنقاذ يا سيدي الرئيس·· لقد قدمنا لهم الطعم وابتلعوه بسهولة·· » ثم أضاف حمروش وهو يحاول أن يضع الرئيس الشاذلي بن جديد في جيبه  »أنتم تدركون سيدي الرئيس أن حزب جبهة التحرير أصبح مكروها وممقوتا من طرف المواطنين··· لقد أصبحت جبهة التحرير رمزا للفساد والتعفن، وأن باروناته لا يشعرون تجاهكم بأي شعور طيب، هم يريدون التخلص منكم·· لذا فالفرصة أصبحت مناسبة للتخلص شيئا فشيئا من حزب جبهة التحرير وباروناته الذين لم يكفوا عن المناورة ضد سياسة الإصلاحات والانفتاح التي تبنيتموها بعد الأحداث الأليمة··· وقال حمروش للشاذلي بن جديد  »لقد آن الأوان للذهاب بعيدا في التغييرات » وآن الأوان لأحداث تشبيب داخل السلطة، وما يحدث الآن لحزب جبهة التحرير يساعدنا على تحقيق ما وعدت به الجزائريين·· »· شعر الرئيس الشاذلي بن جديد لحجج وكلام رئيس حكومته الساحر، ومنحه كل تزكيته ودعمه ليخوض معركته ضد بارونات جبهة التحرير، وضد من يرفضون التغيير ولا يريدون تقاسم سياسة الرئيس···· واقتنع الجنرال العربي بلخير أن مولود حمروش قد كسب الجولة ضده·· وأنه أصبح الآن مصدر خطر ليس فقط بالنسبة إليه، بل بالنسبة لرفاقه من المؤسسة العسكرية الذين خاضوا أكبر مغامرة عندما واجهوا الجماهير الغاضبة في الشوارع، وبدا هذا الخطر ملموسا عندما راحت الصحافة المقربة والموالية لحمروش تثير قضايا في العلن عن ضرورة إحداث تغييرات في هيكلة المؤسسة العسكرية، وشن حملة ضد ما أسمته بعض الأحزاب السياسية والصحافة، ضرورة التخلص من تدخل البوليس السياسي في الحياة السياسية··· في ظل مثل هذا الصراع بين أقطاب الحكم، وجد الدكتور عباسي نفسه أهم شخصية سياسية في المشهد السياسي·· وتحول بيته إلى مزار حقيقي لعدة شخصيات كانت في السلطة وأصبحت الآن تعيش على الهامش··· وكانت هذه الشخصيات تشعر بالمرارة وبرغبة في تحقيق ثأرها من الشاذلي بن جديد، ومن بين هذه الشخصيات قاصدي مرباح الذي قام بتأسيس حزب سياسي أسماه  »مجد » والبومديني العتيد شريف بلقاسم، ومسؤول الحزب الحاكم في الثمانينيات محمد الشريف مساعدية، وعدد من الضباط القدامى الذين تخلى عنهم الشاذلي بن جديد، وأحسوا بأنهم تعرضوا للإهانة والخيانة من طرف رفيق دربهم القديم·· وبالرغم أن علي بن حاج لم يكن مطمئنا لمثل هذه الاتصالات إلا أنه لزم الصمت، وكان يقول للمقربين منه  »أنه داعية وليس برجل سياسة، وهو يترك مثل هذا الأمر وقلبه مطمئنا لحكمة وبراعة الدكتور عباسي مدني الذي يعرف من أين تؤكل الكتف·· »· وفي أحد اللقاءات المتبادلة بين الدكتور عباسي مدني ومحمد الشريف مساعدية، قال عباسي وهو في حالة من الزهو والاعتياد بالنفس  »أن الشاذلي بن جديد، يفكر جديا من التخلص من بعض القادة العسكريين المقربين منه، في حالة ما إذا لم يتخذ إجراءات ضد الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ومن بينهم الجنرال العربي بلخير الذي أصبح يخطط ضدنا·· » وأضاف  »أن الشاذلي بن جديد حسب وسطاء غير مستعد ليغامر بالبلاد من أجل مصالح طغمة لا تريد الخير لهذا الشعب·· وهو متأكد تمام التأكيد من أن الأمة كلها أصبحت معنا··· » صمت محمد شريف مساعدية للحظات طويلة ثم قال للدكتور عباسي مدني  »يا شيخ، هل تريد أن تسمع مني أم تسمع لما يقوله لك الوسطاء·· » فابتسم الدكتور عباسي ابتسامة غامضة لكنها ابتسامة كلها ثقة وتعال، وقال مخاطبا ضيفه  »·· تفضل يا سي شريف··· اسمع منك··· » فقال محمد شريف مساعدية  »إنك قاب قوسين من السلطة، لكن بشرط أن يكون إلى جانبك جزء من الصحفيين، وجزء من الإداريين، وجزء من العسكر وجزء من السياسيين الغاضبين وغير الغاضبين·· وجزء إن لم أقل كثيرا من قدامى المجاهدين·· ثم انسى الأمة·· فنفس هذه الأمة نادت بحياة الشاذلي وحياتي بأيام قبل أحداث أكتوبر ,,.88 وأثناء أحداث أكتوبر ,88 نفس الأمة راحت تصرخ الشاذلي عدو الله، ومساعدية سراق المالية··· انسى الأمة إنها معك، وفكر فقط في هؤلاء من ذكرتهم لك·· وعندئذ تكون السلطة بين يديك·· »· (المصدر: « الجزائر نيوز » بتاريخ 30 جانفي 2010)
الحياة السرية للجنرال العربي بلخير(3): مناورات في القصر وحرب في الشارع

 

 
بقلم: أحميدة عياشي لم يعد الدكتور عباسي مدني يفكر إلا في شيء واحد، هو الوصول قبل الخريف من العام 1991 إلى السلطة·· لقد أقنعه محمد الصالح يحياوي ومحمد شريف مساعدية وشريف بلقاسم، أن الشاذلي أصبح معزولا من طرف العسكر·· وأن قدامى العسكر الغاضبين على الشاذلي بن جديد هم على أتم الإستعداد لمساندته من أجل الوصول إلى السلطة·· وكان الرائد المتقاعد نسيم بوعزة من بين من ألهبوا طموح الدكتور·· كان الرائد المتقاعد نسيم بوعزة مقربا من الجنرال المتقاعد العربي بلخير وفي نفس الوقت مقربا من الدكتور عباسي·· قال للجنرال المتقاعد العربي بلخير، أن الدكتور عباسي مدني يريد معرفة وجهة العناصر القوية داخل المؤسسة العسكرية، إن لم تكن تنظر إليه بعين العداء، وأوصل للجنرال المتقاعد العربي بلخير، أن الدكتور عباسي، إذا ما وجد الدعم من العسكر فإنه سوف لن يمس مصالحهم، بل سيجعلهم الدرع الضارب للدولة الإسلامية القادمة·· لم يقل الجنرال العربي بلخير شيئا لرسول عباسي مدني، لكن طرح عليه أسئلة إذا ما كان عباسي مدني، مستعدا لحوار هادئ لكن في الظل وبعيدا عن وسائل الإعلام··· وعد الرائد نسيم بوعزة الجنرال العربي بلخير أن رسالته ستصل إلى عباسي مدني، لكن شدد الرائد أمام الجنرال أن الدكتور عباسي يعيش ضغطا داخليا داخل جبهة الإنقاذ من طرف التيار السلفي الراديكالي الذي يمثله الشيخ الشاب علي بن حاج، وقال أيضا للجنرال بلخير، بأن الدكتور عباسي في الحقيقة لا يريد دولة إسلامية على شاكلة الجمهورية الإسلامية بإيران، ولا على شاكلة النظام الإسلامي بالسودان، بل هو يريد استمرارا للدولة الجزائرية المنبثقة في ,1962 لكن تحت عنوان إسلامي، وذلك من أجل الحفاظ على ثقة الجماهير الجزائرية التي تريد التغيير والتخلي عن الوجوه المنبوذة في الحكم، وقال الرائد بوعزة، أن الدكتور عباسي يبقى الإبن البار والوفي لجبهة التحرير الوطني، لكن هو يسعى لتوظيف هذه القوة الشعبية الغاضبة لصالح التغيير··· لم يقتنع الجنرال العربي بلخير كثيرا بكلام الرائد نسيم بوعزة·· إذ كان يدرك أن هذا الأخير الذي يحظى بثقة الدكتور عباسي يفضل لعب دور الوسيط والعمل على تجنيب البلاد أية مغامرة قد تقودها إلى مصير مجهول·· وعندما التقى الجنرال بلخير بالرئيس وقضى معه في ذلك المساء الطويل من صيف 1991 ساعات مشحونة، شعر الجنرال أن الرئيس كان يعيش قلقا، وأصبح يعتريه شك في من حوله·· وسأل الرئيس الجنرال بلخير···  »هل تعتقد أن حمروش قادر على تطويق هذه الفوضى التي أثارتها جبهة الإنقاذ؟! » صمت الجنرال للحظات طويلة وهو يحاول أن يحدس ما يجول في أعماق الرئيس، ثم قال بهدوئه المعهود مخاطبا الرئيس··  »سأكون صريحا معك يا سيدي الرئيس··· » فقال الرئيس  »تفضل » فقال الجنرال العربي بلخير···  »أظن أن الأمور بدأت بالإنفلات من يد رئيس الحكومة وأن هذا الأخير قد وضع كل ثقته في وزير داخليته الذي أصبح العقل المدبر للحكومة·· ثم الإنقاذ تمكن من استغلال هذه الفوضى·· للمطالبة برحيلك، وأظن أن الأمر لم يكن بريئا ولا عشوائيا، وإنما ذلك يكشف عن مؤامرة·· الهدف منها إجبارك سيدي الرئيس إما على الرحيل أو الخضوع لمطالبهم·· » وهنا لمح الغضب كالشرر من عين الرئيس الشاذلي، وقال وهو يضرب بقوة على مكتبه  »·· لا، هذا ليس صحيحا·· أنا متأكد أن المؤامرة ليست من داخل الحكومة·· المؤامرة أظنها خارجية وبتواطؤ من أطراف أظنهم يريدون إخفاء الحقيقة عني·· » تفاجأ الجنرال العربي بلخير بردة فعل الرئيس، وفهم أن الرئيس لا يريد الإستفاقة من السحر الذي مارسه عليه رئيس حكومته الذي لا يريد التخلي عنه بأي ثمن··· انفض اللقاء، بينما كان القلق يستولي على الجنرال العربي بلخير·· اتصل بالجنرال خالد نزار، وشرح له ما جرى بينه وبين الرئيس·· قال الجنرال خالد نزار، مخاطبا الجنرال العربي بلخير·· » حمروش هذا يريد أن يأكل رؤسنا جميعا وإن بقينا مكتوفي الأيدي، فلا بد أنه سيهدي الحكم لهؤلاء المجانين·· » ثم أضاف وكأنه يتمتم بينه وبين نفسه  »لابد من أن نتحرك، ونقطع الطريق أمام هذا المغامر الذي سيودي بنا جميعا·· »· لم يكن الجنرال العربي بلخير يريد أن يجعل من هذا الصراع مصدر قلق، واقترح على مجموعة من العسكريين الذين راحوا يلتقون بشكل سري ومكثف، أن يفكروا بهدوء ودون السقوط في رد الفعل الذي قد يقوي قادة الإسلام الراديكالي··· واقترح خطة لتطويق هؤلاء الراديكاليين الإسلاميين من طرف الإسلاميين أنفسهم كمرحلة أولى··· وتمثلت هذه الخطة في عقد لقاءات سرية بين الجنرال العربي بلخير وإسلاميين آخرين، من رابطة الدعوة التي كان يرأسها الشيخ سحنون ومن وجوه إسلامية كانت لها خلافات مع عباسي مدني وعلي بن حاج·· ومن بين هذه الوجوه، الشيخ جاب الله زعيم حزب النهضة·· وبالفعل تمت هذه اللقاءات بمكتب الجنرال العربي بلخير، وقد وعدهم هذا الأخير أن السلطة مستعدة لدعمهم وتقاسم السلطة معهم على المدى المتوسط إذا تمكنوا أن يبعدوا العناصر المتطرفة والراديكالية من اللعبة السياسية·· ثم اتصل الجنرال بلخير بزعيم حركة حماس في تلك الفترة الشيخ محفوظ نحناح، الذي شعر بالإهانة عندما راح قادة الإنقاذ يصفونه بالخنوع والخيانة·· وكانت العلاقة بين الجنرال العربي بلخير والشيخ محفوظ نحناح تتسم بالمودة، وكان الشيخ محفوظ نحناح يحتفظ بالكثير من الإحترام والعرفان للجنرال العربي بلخير، فهو الذي أقنع الرئيس الشاذلي بن جديد بعد وساطة كويتية بإطلاق سراح نحناح الذي وضعه الرئيس الأسبق هواري بومدين منذ العام 1975 في السجن·· اعترض الجنرال خالد نزار في بداية الأمر على خطة الجنرال بلخير، بحيث قال له  »·· إنه لا يثق في هؤلاء الإسلاميين·· وأن محفوظ نحناح هو أشد خطرا من عباسي وبن حاج، إذا ما تمكن، وأصبحت لديه قاعدة شعبية مهمة·· » لكن الجنرال بلخير تفانى في الدفاع عن الإسلاميين المنافسين لقادة الإنقاذ، وقال وهو يحاول إقناع زميله الجنرال خالد نزار وبعض من رفاق هذا الأخير·· » إذا ما فشلنا في استقطاب هؤلاء الإسلاميين، فإن حمروش هو الذي سيتمكن من كسبهم، وعندئذ سيستقوي بالرئيس والشارع ضدنا··· » وبالفعل سرعان ما اقتنع زملاء الجنرال بلخير بخطته، عندما أدركوا أن مولود حمروش سارع بتحضير المؤتمر الأول للزوايا، وفي نفس الوقت وقف وراء تنظيم المؤتمر التأسيسي لحركة الإخوان المسلمين الذين تحولوا من جمعية الإرشاد إلى تنظيم سياسي··· وفي سباق ضد الساعة اتصل مولود حمروش بالدكتور عباسي وعلي بن حاج، واقترح عليهما لقاء لحل مشكلة الإضراب السياسي في قصر الحكومة·· وفي اللقاء الذي ضم رئيس الحكومة مولود حمروش ووزير داخليته محمد الصالح محمدي والضابط السامي اسماعيل العماري، والدكتور عباسي مدني وعلي بن حاج تمحورت المحادثات حول المسائل التنظيمية للتجمعات التي كان يحتل بها الإنقاذ شوارع العاصمة، وقال حمروش مخاطبا الدكتور عباسي مدني·· سوف نجد حلا لكل قضية، لكن الآن فلنتعاون جميعا للتخفيف من حدة المواجهة·· وأجاب عباسي  »لكن يا سي حمروش، نحن غير قادرين على أن نقول للأمة أن تعود إلى مشاغلها، بينما مطالبنا لم تتحقق··· » يتبع·· (المصدر: « الجزائر نيوز » بتاريخ 31 جانفي 2010) الرابط: http://www.djazairnews.info/affaire/41-2009-03-26-18-30-29/9593—–3——-.html
 
الحياة السرية للجنرال العربي بلخير(4) : يوم أن سقط حمروش

 
بقلم: أحميدة عياشي كان مولود حمروش يدرك جيدا أن هامش المناورة بدأ يضيق وينحسر، كما كان يدرك أنه يلعب لعبة خطيرة قد تقضي على مستقبلة السياسي·· كان يدري أن القدر رمى به وفي وقت لم يكن يتوقع سرعته في قلب التاريخ، كل الأبواب كانت مشرعة أمامه، بعضها قد يفتح له الطريق نحو المجد، ونحو خلافة الشاذلي بن جديد، وفي الوقت ذاته ترويض هذا المارد الذي خرج من غياهب الصمت والسكون الخادعين، لكنه مارد بدون رأس وبدون قوة حقيقية قادرة على الصمود، هكذا كان يعتقد رئيس حكومة الشاذلي بن جديد في قوة جبهة الإنقاذ ·· إنها قوة، كان يقول ذلك لمقربيه، سريعة الانطفاء، فهي تفتقر إلى الكوادر الحقيقيين القادرين على إدارة سفينة الحكم، وتفتقر إلى الاستراتيجية، وإلى القوى المساندة لها إقليميا ودوليا ·· كان مولود حمروش يراهن على الفرنسيين، وعلى اللوبي اليهودي بفرنسا، وذلك من خلال العلاقة التي يقيمها بعض النافذين الذين جلبهم إلى حكومته مثل غازي حيدوسي وعدد من المتعاونين والمستشارين في المجال الاقتصادي ·· وفي الوقت نفسه كان حمروش يغازل الأمريكان، وقد كانت رسالته قوية باتجاههم عندما عقد اتفاقا سريا مع الأفامي لجدولة الديون الجزائرية ·· وكثيرا ما كان يصرح وفي العلن أن على الجزائريين أن يعدو أنفسهم لشد الحزام، ولسنوات فيها الكثير من الألم والدموع والصبر ·· شعر حمروش أن الشاذلي قد أصبح وحيدا، وأنه لا يغامر بالتخلي عنه، فالتخلي عنه في مثل هذه الظروف يعني أنه اختار النهاية ·· أما الدكتور عباسي الذي كان يجلس قبالة رئيس حكومة الشاذلي بن جديد، فقد كان هو الآخر معلقا بين عالمين، عالم المجد وعالم الانحدار نحو جهنم ·· وكان يشعر في أعماقه بما كان يشعر به مولود حمروش، كل واحد منهما وجد نفسه مقذوفا به إلى الواجهة ليلعب لعبة الحياة أو الموت .. فالدكتور يريد رأس حمروش وبن جديد حتى تتعبد له الطريق نحو قصر المرادية، ومولود حمروش يريد ترويض هذا المارد الذي خرج من الزجاجة ولا يدري، الآن، كيف يعود إليها من جديد ·· غريمان لكنهما ألقا نفسيهما مضطرين للمداورة، وأن يشد كلاهما في يد الآخر حتى تزول هذه العاصفة الرعناء التي قد تلقي بهما خارج اللعبة ·· في ذلك اللقاء الذي جمع حمروش ومعاونوه بالدكتور عباسي وعلي بن حاج، كان الكلام قليلا ·· فلقد تحدث حمروش وعباسي مدني باقتضاب شديد، بينما قعد الجنرال إسماعيل العماري يراقب في صمت مجرى التفاوض الحذر وذي الصبغة التقنية حول الأماكن المسموح فيها لتجمعات أنصار الإنقاذ الذين أعلنوا الإعتصام ·· قال مولود حمروش، وهو يحاول استجماع قوته وتوازنه، للدكتور عباسي  »أنتم تتحملون مسؤولية ثقيلة يا شيخ » ·· وتلقى الدكتور عباسي الرسالة عشرة على عشرة ·· فالشيخ الذي انخرط في لعبة الإضراب الشامل والمفتوح كان يعلم أن الجماهير التي كان يتحدث عنها ويفتخر بوجودها إلى جنبه كانت مخترقة بمجموعات مقاتلة من الأفغان الجزائريين ·· وكانت هذه المجموعات التي حولت حالة الفوضى والتعفن لصالحها بحيث أصبحت سيدة الشارع، لا تكن أي ود للدكتور عباسي مدني ولا للشيخ الشاب علي بن حاج برغم راديكالية خطابه ·· لم تكن هذه المجموعات القادمة من أفغانستان تؤمن إلا بشيء واحد، وهو الجهاد ·· كانت التقارير التي تحصل عليها مولود حمروش تؤكد أن الدكتور عباسي غير قادر على السيطرة عليها، وهذا ما جعل رئيس الحكومة مولود حمروش يبذل ما في وسعه ليخفي ذلك على الرئيس الشاذلي بن جديد الذي وضع فيه كل ثقته ·· لكن مولود حمروش كان يدري في نفس الوقت أن مصالح الأمن على علم بذلك، وأن الجنرال العربي بلخير سيسعى لتوظيف مثل هذه المعلومات ضده لدى الشاذلي بن جديد ·· وقال مولود حمروش وهو يحاول التحكم في ضبط النفس  »لا بد أن نتعاون لننهي الاضراب ونعمل على إشاعة التهدئة، وهذا في صالحنا وصالحكم يا شيخ·· »، لكن الدكتور عباسي الذي راح يحدق بمكر وبعينين متسعتين في وجه مولود حمروش الذي بدا منهكا وفي غاية الإعياء قال  »لا بد أن تبذلوا ما في وسعكم إن كنتم تريدون الخير لهذه الأمة » وعندئذ وافق حمروش، ودون مراوغة، على تخصيص أربع ساعات للتجمع وعلى عدم التمسك بضرورة إيقاف الإضراب فورا· إنفض الاجتماع، وكان الدكتور عباسي يشعر بالرضا وهو يغادر مبنى قصر الحكومة، كان سعيدا بالنقاط التي أحرزها في معركته ضد تشدد السلطة، إتصل بمعاونيه الذين أمرهم بإرسال تعليمة قام بتحريرها إلى كل أعضاء المكاتب التنفيذية للجبهة الإسلامية للإنقاذ، وكانت فقرتها الأولى كما يلي  »الإسلام من المسجد إلى الشارع .. دولة إسلامية بلا تحالف ولا تخالف ·· إنه قيام الدولة الإسلامية بعد إضراب مماثل لإضراب الشعب الجزائري لعام 1957 » وأمام تلك الجموع الملتهبة من الأنصار التي كانت تنتظر منه خطاب النصر قال الدكتور عباسي مدني مخاطبا إياها  »·· إلتقينا اليوم، قيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ ورئيس الحكومة، لقاء أولا في نطاق مستجدات الأحداث، لم تكن هناك نتيجة، في انتظار لقاءات على مستوى أعلى، لكننا اتفقنا على ما يلي: ستكون التجمعات والمسيرات دون عنف، لا من طرف الجبهة الإسلامية والشعب والمضربين ولا من طرف الحكومة، لا حق للطرد ولا فرض على أحد، هل جيء بكم قهرا إلى هنا ·· إذا لم يحصل الاتفاق على القضايا المطروحة، وهي قضايا جوهرية، فسيبقى جو الأمن وجو الإطمئنان هو السائد ·· ولا تفوتني الفرصة كي أنوه بموقف جيشنا، الجيش الجزائري البطل لموقفه الحيادي، لأنه لا يتدخل إن شاء الله، ونرجو أن يكون موقف الدرك والشرطة نفس الموقف بإذن الله » .. وما أن انتهى الدكتور عباسي مدني من كلمته حتى أخذ، علي بن حاج الذي بدا هادئا، الكلمة وقال بصوت جهوري  »لقد توصلنا إلى نقطة هي في الحقيقة إقامة الحجة، وبيان الحجة أن المسلمين باستطاعتهم أن يعبروا عن معتقداتهم، وعن آرائهم بكل حرية وسلام، نحن التزمنا طابع السلم في مسيراتنا، فعلى النظام أن يسلك نفس المسلك لأن الذي يحسن الحديث عن نحن الأن تحدث عن السلم ولكن بالمقابل لا نريد استفزازا ولا احتقارا، لأنه يمكننا أن نخاطب غيرنا بلهجة غير التي نخاطبهم بها الآن، هذه نقطة اتفاق والحمد لله رب العالمين ·· نقطة أخرى بيننا أننا لن نكف عن الإضراب، إلا إذا كانت هناك ضمانات تضمن لنا دخول البرلمان ورؤسنا مرفوعة، ولن نتنازل عن ذلك ما حيينا، هذه أيضا نقطة اتفاق ·· بقي أن أقول كلمة أخرى أن رئاسة الحكومة لا تملك القرار، وإنما هناك أيادي تملك القرار في جهات أخرى، وأنا أقول ليس من حق رئيس الجمهورية أن يترفع عنا ويترفع عن إرادة الأمة ·· إنهم مازالوا يظنون أننا لا نمثل إلا جزءا يسيرا من الشعب، ولذا فنحن لازلنا نصر على مواصلة هذه التجمعات، وعلى هذه المسيرات في إطارها الأول، ولذلك يا معشر المسلمين، هناك العشرات، مئات الآلاف، هناك الملايين الآن في الشوارع، وملايين المضربين عن العمل، ويا عباد الله إن دولة الإسلام لا تبنى بالشعارات، وإنما بالتضحية، إننا نحتاج إلى مزيد من الجد والتضحية »· إزدادت شكوك الجنرال بلخير تجاه مولود حمروش، واعتبر أن الإتفاق غير المكتوب بين مولود حمروش وقادة الإنقاذ يدخل في  »الخطة الجهنمية » التي يقوم بإعدادها كمرحلة أولى من استراتيجيته المعقدة والطويلة النفس، وهي تسعى إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية، الهدف الأول عزل الرئيس ورهنه لدى مجموعة حمروش، الهدف الثاني إبعاد الأمين العام عن الرئاسة وذلك من خلال تأليب الرئيس ضده بعدما بدأت تساوره بعض الشكوك تجاهه، لكنه لم يقو على أن يفصح عنها بشكل مباشر، أما الهدف الثالث فهو العمل على إبعاد عدد من القيادة العسكرية، التي أصبحت تأخذ بزمام الأمور وتعويضها بوجوه عسكرية موالية لحمروش، وذلك حتى يمكن إقامة تحالف مع جبهة الإنقاذ بعد إضعافها واستنزافها وترويضها على المدى المتوسط بوجوه أكثر اعتدالا وأقل راديكالية· أطلع الجنرال العربي بلخير الرئيس الشاذلي بفحوى ما ألقاه كل من عباسي مدني وعلي بن حاج أمام الجموع الغفيرة في ساحة أول ماي .. ثم وضع أمامه التقارير التي تتحدث عن التدهور الأمني والسرعة المتزايدة في انفلات الأمور ·· لم ينبس الرئيس الشاذلي بن جديد ببنت شفة، وبدا وكأنه غارق في تأملات هي أشبه بالكوابيس التي بدأت تقض مضجعه وتحرمه من النوم ومن التردد على قصر المرادية ·· بدأت شكوكه تزداد، ولم يعد يثق في محيطه، وهذا ما تركه يقضي معظم وقته في إقامته بزرالدة ·· خاطب الجنرال العربي بلخير وهو شاحب اللون، هل انتهيت من إعداد الخطاب؟! فقال العربي بلخير  »الخطاب جاهز، لكن إن سمحت سيدي الرئيس، فأنا أريد تنقيحه للمرة الأخيرة ». كان الخطاب الذي اشتغل عليه الجنرال العربي بلخير ومعاونوه موجه للأمة بمناسبة انطلاق الحملة الإنتخابية للتشريعيات ·· وجاء فيه ما يلي  »مع الأسف نرى في المدة الأخيرة بعض العناصر تتسبب في توتر المجتمع الجزائري، وتغليط مناضليها الذين هم مواطنون مخلصون، هذا العمل لا يخدم الجزائر، ولا مصلحة الجزائر، ويتسبب في البلبلة والتشويش، نطلب من كل الأطراف المعنية، من قريب أو بعيد، أن تساهم في تهيئة الأجواء المناسبة حتى تجري الانتخابات في جو سليم يسوده الهدوء والأمن والاستقرار »· شعر مولود حمروش، وهو يتابع خطاب الرئيس الموجه للأمة رفقة مقربيه أن الجنرال العربي بلخير يريد أن يوجه له الضربة القاضية، فابتلع غضبه، وخاطبه صديقه وذراعه الأيمن وزير داخليته محمد الصالح محمدي، أن هذا الرجل سوف لن يتوقف عن المناورة، ولن يرتاح له بال حتى تسقط الحكومة، ثم أشعل سيجاره الكوبي وهو يواصل كلامه  »سنرى ·· سنرى »، أما الجنرال العربي بلخير فلقد كان رفقة مجموعة صغيرة بالرئاسة إلى ساعة متأخرة من مساء ذلك اليوم، وكانت هذه المجموعة، المتابعة للوضع الأمني دقيقة بدقيقة ولحظة بلحظة، تتكون من الجنرال خالد نزار وزير الدفاع والجنرال عباس غزيل والمستشار في الرئاسة آيت شعلال والأمين العام لجبهة التحرير الوطني، ليلتحق بهم بعد ذلك مولود حمروش الذي كان يبدو على ملامحه غيظ وقلق شديدين .. كانوا ينتظرون لقاء مع الدكتور عباسي مدني كان مبرمجا بعد خطاب الرئيس، لكن زعيم الإنقاذ ألغى اللقاء واعتبر أن خطاب الرئيس كان مستفزا ولا يتضمن أية رسالة تساعد على التهدئة وعلى إشاعة الإطمئنان ·· في ذلك المساء قال مولود حمروش لأحد مقربيه  »لقد وضع سي العربي الطعم لعباسي مدني، وهذا الأخير إبتلعه بكل غباء وسذاجة ·· هذا الشيخ المعتوه سيطربق البيت على كل من فيه·· ». بعد الخطاب الموجه للأمة من قبل الرئيس الشاذلي، إتجه الوضع نحو الانحدار، وكان عباسي، الذي شعر بالإهانة من مولود حمروش، غير مستعد للوقوف أمام غليان الأنصار » وقد اختار طريق التصعيد ·· فكر مولود حمروش أن يحاول مرة ثانية ربما يستطيع رد الصاع صاعين للجنرال بلخير، فأوعز لوزير داخليته أن يحاول استدراك الوقت من خلال اتصال جديد مع الدكتور عباسي ·· لكن الدكتور عباسي الذي وافق على مقابلة محمد الصالح محمدي وزير الداخلية في منزل إبنة عباسي بالأبيار قال بلهجة غاضبة وهو يخاطب الذراع الأيمن لمولود حمروش  »فات الأوان ·· لم يعد الكلام الآن مجديا حول التهدئة·· لقد هبت رياح الانتخابات التشريعية والرئاسية بقوة ·· وإننا لعلى أبواب نصر عظيم بإذن الله·· » .. حاول وزير داخلية حمروش أن يخفف من غضب الشيخ، ويثني من عزمه على السير في الطريق الخطير قائلا  »إنه الإضراب يا شيخ وسنتعهد تعهد رجال وشرف في أن نعيد النظر في قانوني الانتخابات وتقسيم الدوائر الانتخابية ·· »، أجاب الدكتور عباسي وكأنه لم يستمع إلى توسلات الوزير  »كل تدخل للشرطة ورجال الدرك في الشوارع ستكون عواقبه وخيمة »· في اليوم التالي، إتصل الرئيس الشاذلي بن جديد من مقر إقامته بزرالدة، بينما كانت معنوياته في درجة كبيرة من الإنحطاط، وسأل الجنرال العربي بلخير عن تلك الوساطات التي لجأ إليها العربي من أجل إقناع الدكتور عباسي بالعدول عن ذلك المسلك الخطير الذي اختار السير عليه .. فأجاب، الجنرال، الرئيس··  »كل المحاولات باءت بالفشل ·· إن السيد عباسي مصر على انتخابات رئاسية مسبقة متزامنة مع التشريعيات، وهو يطالب برأس سي مولود، ويقترح أن يكون الدكتور طالب الإبراهيمي خليفة لسي مولود »، وسأله الشاذلي  »ومن ذا الذي نقل لك هذه الرسالة » ·· فقال الجنرال العربي بلخير » سي عبد العزيز بلخادم، هو من نقل إلي رسالة عباسي.. »، إستشاط مولود حمروش غضبا عندما نقل له وزير داخليته فحوى ما جرى بينه وبين عباسي مدني، وعندئذ أمر مولود حمروش وزير داخليته بأن ينشر بلاغا تضمن تنديدا بالجبهة الإسلامية للإنقاذ، جاء فيه ما يلي:  »الذين يبحثون منذ أشهر بأية وسيلة لزعزعة الإستقرار والأمن في البلاد والشروع، في مسلسل العنف، معتقدين بإمكانية شل مؤسسات الدولة.. »·· وكان البلاغ مباشرا في اتهمامه لعباسي مدني بالعمل على بث الفوضى وخلق جو متوتر لزعزعة الأمن والاستقرار، ثم أصدرت وزارة الداخلية في يوم 2 جوان بيانا آخر تحدثت فيه عن فشل الاضراب العام الذي شنه حزب عباسي مدني ·· أما الجنرال العربي بلخير فلقد جلس، إلى جانب قياديين عسكريين، إلى الشاذلي بن جديد وعرضوا عليه، من جديد، المشهد الأمني بكل تفاصيله ·· ففهم الرئيس الرسالة، وقال  »لابد لهذه المهزلة أن تنتهي » ·· وعندئذ تأكد الجنرال بلخير أن غريمه مولود حمروش هو في عداد الراحلين·· إستدعى الرئيس الشاذلي بن جديد الذي لم يذق لحظة راحة، ولم يطرق جفنه، طيلة هذه الأيام الطويلة، الطويلة جدا من الإضطراب، إلى مكتبه ·· كان مولود حمروش يدري أن هذا الاستدعاء ينطوي على شيء غير مفرح، لكنه راح يوطد النفس ليبدو أمام الرئيس واثقا من نفسه، وقادرا على كسب ثقته، وإن كان يدرك أن المهمة ليست تماما بالسهلة أو اليسيرة ·· ساد اللقاء صمت ثقيل ·· وكان الرئيس شديد الشحوب ·· حاول مولود حمروش أن يبادر بالحديث عن الوضع العام، لكن الرئيس أشار إليه أن يصمت، وأن يصغي إلى أسئلته المحددة، وعندئذ قال رئيس حكومة الشاذلي بن جديد··  »نعم سيدي الرئيس، أنا كلي إصغاء »·· فقال الشاذلي ببرودة تشوبها المرارة والكآبة  »لماذا أخفيت عني الحقائق » .. حاول مولود حمروش الدفاع عن نفسه، وعن وفائه للرئيس، لكن الرئيس أسكته من جديد، ثم قال مخاطبا مولود حمروش دون التحديق في وجهه مباشرة  »لقد عرض الإخوة في أجهزة الأمن تقارير تفيد بأن الدولة قد انتهت أو هي على وشك التلاشي »·· فقال حمروش وهو يحاول أن يبدو هادئا وواثقا من نفسه  »هذا ليس صحيحا يا سيدي الرئيس، الوضع ليس خطيرا لهذه الدرجة، أصبحنا نتحكم في الأمور بشكل طيب ·· ولذا لا أرى مدعى للشك والقلق ·· ولا ضرورة لتدخل الجيش من جديد » حاول مولود حمروش أن يعرض على الرئيس استراتيجيته ونظرته للأمور، لكن قاطعه الرئيس، من جديد، قائلا له  »أظن أنك في حاجة إلى خلود للراحة يا سي مولود » ·· كاد مولود حمروش، وهو يستمع إلى جملة الرئيس القاتلة، أن يفقد توازنه، لكن بذل ما في وسعه وقدرته ليبدو منسجما وهادئا ·· ثم قال بحزن  »نعم سيدي الرئيس، سأقدم إستقالتي ·· لكنني أنا رهن إشارتك يا سيدي الرئيس ·· فأنا شاكر لك كل الثقة التي وضعتها في ·· وسأبقى رجلك الوفي في كل وقت·· ». (المصدر: « الجزائر نيوز » بتاريخ 1 فيفري 2010)
 
الحياة السرية للجنرال العربي بلخير(5) : في لعبة الظل والصحافة

 

 
بقلم: احميدة عياشي ثمة شيء واحد ظل دائما يقلق الجنرال العربي بلخير، وهو صورته، من كان يصنع هذه الصورة، الإعلام أم خصوم الجنرال الذين كان يتفوق عليهم في لعبة الظل؟! كان الجنرال بلخير يشعر بحساسية مفرطة من المقالات التي كانت تكتب لصالحه أو ضده، كان يميل إلى الإشتغال بصمت وفي الظل، وكان هذا الميل في بعض الأحيان يجعل من الرجل محاطا بالألغاز ·· وفي هذا المقال سأحاول الإشارة، ولو بشكل غير مستفيض، إلى تلك العلاقة غير المريحة التي عاشها مع الصحافة الجزائرية، خاصة في الفترة التي أعقبت الإستقالة الإضطرارية لمولود حمروش وخلافة سيد أحمد غزالي له ·· لقد كان اللوبي الملتف حول مولود حمروش يدري أن الجنرال العربي تمكن بالتحالف مع الجنرال خالد نزار بشكل رئيس من الإطاحة بحمروش ·· وكان هذا اللوبي الإعلامي والسياسي يدري كذلك أن سيد أحمد غزالي كان عبارة عن صناعة  »ماد إن » عربي بلخير ·· فهذا الرجل الأنيق الذي غادر سوناطراك عام ,1979 لم يتمكن من العودة إلى الحكم إلا من خلال مساعي الجنرال العربي بلخير عند الشاذلي بن جديد، وعند النواة الصلبة من العسكريين، وبالرغم من أن قاصدي مرباح الذي تولى مقاليد الحكومة مباشرة بعد أحداث أكتوبر لم يكن لديه اعتراضا على سيد أحمد غزالي، إلا أن مولود حمروش لم يستسغ أن يفرض عليه غزالي ليكون وزير خارجية في حكومته· فكلاهما كان يشعر تجاه الآخر بالنفور والبرودة، وكلاهما كان له طموح بعيد ليصل إلى رأس هرم الحكم ·· فمولود حمروش كان يراهن على مجموعة الشرق، وغزالي كان يراهن على مجموعة الغرب الموالية له ·· وكلاهما كان يريد ترويض المؤسسة العسكرية لصالحه، وذلك لاعتقادهما أنهما يملكان ذكاء يمكنهما من التفوق، ومن الإستيلاء على الاعجاب·· فمولود حمروش كان يسعى من خلال عصبته إلى كسب ثقة الغرب، وخاصة فرنسا، وكذلك الأمر بالنسبة لسيد أحمد غزالي الذي كان يراهن على شبكة العلاقات التي نسجها يوم كان على رأس سوناطراك مع الأوساط المالية النافذة على الصعيد الدولي ·· كان حمروش يعتقد أن زمنه في طريق التشكل، فهو إبن شهيد ومجاهد وعسكري سابق، وذو مستوى دراسي جيد، فلقد تحصل على ديبلوم دراسات عليا، وكانت الرسالة الجامعية التي أعدها تحت عنوان  »الظاهرة العسكرية في إفريقيا » تكشف عن اهتمامات هذا الشاب الطموح الذي كان يعتقد، بسبب إطلاعه على المؤسسة العسكرية ومؤسسة الرئاسة من الداخل، أنه بإمكانه أن يدير دواليب الدولة، أما سيد أحمد غزالي فلقد اعتقد أن له تجربة كافية بسبب احتكاكه مع رجال الدولة الأقوياء منذ 1962 في عالم الاقتصاد والمالية والديبلوماسية تساعد على الإدارة الذكية والبراغماتية للبلاد ·· وفي لحظة الإنتشاء تصور مولود حمروش أنه قادر على إبعاد الفاعلين العسكريين من دائرة الحكم بالإتكاء على الشاذلي بن جديد، وقد اشتكى في أحد اجتماعات مجلس الوزراء من العسكريين الذين يقومون بعرقلة حكومته، وأراد من هذه الشكوى أمام رئيس الجمهورية أن يحصد رؤوسهم، وكانت تلك خطاياه الكبرى بالنسبة للنواة الصلبة للحكم .. أما سيد أحمد غزالي فلقد تجنب الطريق الذي اختاره حمروش تجاه العسكر ·· وتبنى طريقا لينا وديبلوماسيا، وكان الجنرال العربي بلخير هو راعيه وعرابه الذي قربه أكثر من عالم النواة الصلبة للحكم ·· وبسبب هذا الدور الذي لعبه الجنرال العربي بلخير لصالح سيد أحمد غزالي، وجد نفسه عرضة للنقد والإشاعة من طرف اللوبي الإعلامي المقرب من حمروش، لكن أيضا عرضة للتهجم من طرف لوبي آخر، كان على رأسه محمد مقدم الذي أبعد من على رأس خلية الإعلام والاتصال برئاسة الجمهورية، بشكل غير مباشر، من طرف الجنرال العربي بلخير ·· فلقد تمكن محمد مقدم من خلق دائرة تأثير بسبب اقترابه من عائلة الشاذلي بن جديد، وتمكن هذا الكادر أن ينسج علاقات مع أهم ممثلي الصحافة الدولية، ومنها الصحافة الفرنسية، وفي نفس الوقت مع الجيل الشاب من الصحفيين الجزائريين، سواء ممن كانوا في مناصب حساسة في القطاع العمومي أو في القطاع الخاص ·· وهنا اندلعت معركة التجاذبات بين ثلاث دوائر، دائرة الجنرال العربي بلخير، ودائرة مولود حمروش، ودائرة محمد مقدم الذي كان يحرص على أن يلعب أدواره التأثيرية في الظل ·· وقد إتخذت هذه المعركة أشكالا سافرة من خلال الصحف التي صدرت بعد أحداث أكتوبر ·· تمكن مولود حمروش من الإستحواذ على حصة الأسد في الميديا، بعدما كان بمثابة العراب الرئيسي للصحف الناشئة والتي كانت تقدم نفسها كمنابر لتيار الإصلاحيين، في حين خسر الجنرال العربي بلخير هذه المعركة أمام حمروش ·· أما محمد مقدم الذي أبعد من الرئاسة وتخلى عنه الشاذلي بن جديد، واصل معركته من خلال تحالفه مع أحد رجال الأعمال الذي قام بتمويل أسبوعية  »نوفال إيبدو » التي كان على رأسها الراحل عبد الرحمن محمودي ·· واتخذت هذه الأسبوعية خطا افتتاحيا ركز على توجيه النقد وحكومته من جهة، والجنرال العربي بلخير والمقربين منه مثل أبو بكر بلقايد وسيد أحمد غزالي من جهة أخرى ·· وقد تواصل هذا النقد اللاذع للجنرال العربي بلخير حتى بعد أن قام الصحفي محمودي بالإنفصال عن محمد مقدم بعد أزمة بين الرجلين وأسس جريدة  »ليبدو ليبيري » ·· وكان الجنرال العربي بلخير يعتقد أن النقد الموجه له من هذه الصحافة يعكس معركة في الخفاء ضده من طرف الذين فقدوا مواقعهم داخل السلطة، وقد تحول هذا القلق من تعرضه للنقد إلى نوع من البانارويا عند الجنرال العربي بلخير، وسأسوق هنا مثالا، ما حدث مع جريدة الخبر في العام الذي أعقب توقيف المسار الانتخابي ·· في تلك الفترة كانت جريدة الخبر بدون خط افتتاحي، وتنقص صحفييها ومسيريها التجربة والعلاقات مع الدوائر المؤثرة في السلطة والأجهزة ·· لقد كان المؤسسون التاريخيون للجريدة صحفيين مائة بالمائة، فلم يكن من بينهم الكوادر السابقة في الدولة، ولا رجال المال والأعمال ·· ففكرة إنشائها خطرت لصحفي سبق له أن اشتغل في وكالة الأنباء الفرنسية، ووكالة الأنباء الجزائرية، ثم انتقل في نهاية الثمانينيات إلى جريدة المساء التي أرادتهاالسلطة في تلك الفترة لتكون توأما لجريدة أوريزون، وكانت تريد أن تبث عبرها روحا جديدة تساعد التيار الإصلاحي الذي كان في طوره الجنيني لتحرير رسالة ضد المحافظين في الأفالان، بتعبير دقيق ضد من كانوا يعارضون عهدة جديدة للشاذلي بن جديد الذي كان يريد التخلص نهائيا من الإرث البومديني، سواء على الصعيد الأيديولوجي السياسي، أو على الصعيد الاقتصادي ·· كان هذا التيار يريد الإنتقال وبسرعة إلى مرحلة اقتصاد السوق، وإلى نوع من الليبرالية التي تعبر عن نمط خاص من رأسمالية الدولة ·· وكان عابد شارف، الذي اقترب من التيار الإصلاحي عندما كان مراسلا في وكالة الأنباء الفرنسية، لديه بعض الاتصالات مع دوائر السلطة آنذاك، التي قامت بتشجيعه للأخذ بزمام المبادرة من أجل إنشاء صحيفة يومية مستقلة باللغة العربية، خاصة وأن في تلك الفترة تمت مبادرات لإنشاء صحف يومية باللغة الفرنسية مثل جريدة لوسوار وجريدة الوطن ·· معظمهم كانوا من المؤسسين للصحف باللغة الفرنسية، كانوا من مواليد الأربعينيات والخمسينيات، وكانت لهم خبرة في النضال في الأوساط اليسارية، وفي التعامل مع الأجهزة ·· بينما كان المعربون بدون خبرة ولا تجربة ·· وكان عابد شارف الذي التف حول فريق من الشباب هو الطير النادر، وقد وجد في تلك الفترة تشجيعا من طرف مولود حمروش ·· كان الأعضاء المؤسسون في العشرينيات من عمرهم، وقدم معظمهم من جرائد مثل الشعب وأسبوعية أضواء والوحدة التي كانت لسان حال الشبيبة الجزائرية، ومن جريدة المساء ·· كان لهذا الفريق طموحه في تجاوز جريدة مثل الشعب، والسلام .. لكن سرعان ما حدث الاصطدام داخل هذا الفريق في عامه الأول، واضطر عابد شارف للإستقالة من الجريدة، ليحل محله شاب درس علم الاجتماع، محمد سلامي ·· وفي تلك الفترة التي كانت عبارة عن مرحلة البحث عن الهوية، إنساقت الخبر نحو التعاطف مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وتحولت إلى منبر للإحتجاجات والإنتقادات الموجهة لحكومة حمروش ·· وهذا ما ترك الإنطباع لدى دوائر في السلطة بأن الخبر أصبحت موالية للإسلاميين الراديكاليين، خاصة بعد أن أجرت حوارا مع علي بن حاج .. ليليه حوار مع السعيد مخلوفي مؤسس حركة الدولة الإسلامية المسلحة الذي كان دخل السرية لتوه .. وصادف كل هذا، أن نشرت جريدة الخبر، في مانشيت، خبرا عن استقالة الجنرال العربي بلخير من على رأس وزارة الداخلية، وكان الخبر معتمدا على قناة ميدي 1· وهنا شعر الجنرال العربي بلخير بغضب شديد، ولم يخطر على باله أن الخبر نشر بكل براءة، ولكن هل هناك براءة في الإعلام؟! .. نزلت في تلك الفترة مجموعة من القوات الخاصة إلى دار الصحافة حيث مقر جريدة الخبر، ووجد رئيس التحرير، آنذاك، الزميل الراحل عمر أورتيلان، والصحفي النشط ،آنذاك، عمر كحول، والصحفي رابح خليف أنفسهم في مكتب وزير الداخلية الجنرال العربي بلخير، وكانت أول تجربة لهؤلاء الصحفيين أن يجدوا أنفسهم في مثل تلك الحال الحرجة ·· نظر إليهم الجنرال العربي بلخير بغضب، حسب رواية عمر كحول، ثم قال لهم وهو في غاية الهياج »ما هذا؟! هل هي جريدة·· هذه شيفون » ولم يجد الصحفيون، آنذاك، ما يقولون ·· شعروا بالخوف والفزع ·· وبعد وقت تعرضت الجريدة لحدث آخر ·· وذلك عندما نشروا بيانا للراحل عبد القادر حشاني في صفحة الإشهار ·· وكان البيان يدعو الشرطة وأفراد الجيش إلى التمرد على قياداتهم من أجل إنقاذ الشرعية الشعبية ·· وفي تلك الفترة أقتيد الزملاء إلى مقر الدرك، ثم إلى السجن، وكان من بينهم المدير الحالي لجريدة الخبر وعبد الحكيم بلبطي والراحل زايدي سقية، وبفضل تدخل الوزير أبو بكر بلقايد، ومحمد يزيد تمكن الطاقم القائد للجريدة أن يجتمع من جديد بالجنرال العربي بلخير في مكتبه، وعبر هذا الطاقم عن عدم ولائه لحزب عباسي مدني ·· وأقنع، أبو بكر بلقايد، العربي بلخير بأن هؤلاء شبان نزهاء غير مسيسين، وهم مستعدون لإقامة جريدة محترفة لو وجدوا تشجيعا على مستوى الإشهار ·· وبالفعل، تحولت الجريدة إلى التركيز على أخبار الجزائر العميقة، وراحت تتحاشى التحاليل وكل ما يمكن أن يجلب لها المتاعب·· ذكرت هذه الأمثلة المقتضبة لأكشف أن العلاقة كثيرا ما كان يشوبها التوتر والغموض بين الجنرال العربي بلخير والصحافة ·· وحتى بعد أن غادر الجنرال بلخير الحكومة وعاد إلى منزله، ظل دائما يحتفظ بهذه الصورة المليئة بالظلال والألغاز، مما جعله حتى وهو خارج الحكم، مصدر الكتابات ذات الطابع الإشكالي ·· ونفس الأمر ظل يشار بعد عودة بوتفليقة إلى الحكم وعودة الجنرال العربي بلخير، من جديد، إلى الرئاسة، ثم مغادرته لها وانتقاله إلى المغرب، ليكون هناك كسفير للجزائر، وهذا إلى غاية مرضه ووفاته ·· هذه فصول قد أعود إليها في الأيام القادمة··
(المصدر: « الجزائر نيوز » بتاريخ 2 فيفري 2010)

الجنرال العربي بلخير.. ضحية ام جلاد؟


خضير بوقايلة (*) أعلن يوم الخميس الماضي رسميا عن وفاة الجنرال الجزائري العربي بلخير إثر معاناة طويلة مع المرض. لم يثر رحيل الرجل ردود فعل واسعة تعادل الهالة الكبرى التي تحيط بشخص أقل ما كان يوصف به أنه من أهم صناع القرار الرسمي في الجزائر، وقد يكون عدم الاهتمام الكبير بخبر رحيل العربي بلخير راجعا إلى أن موته لم يكن مفاجئا وقد أسهبت الصحف المحلية في التحدث عن حالته الصحية المتدهورة منذ أزيد من سنة، بل لم تتورع بعض المصادر الإعلامية عن إعلان وفاته بينما هو لا يزال حيا حتى أن أسرته تدخلت عبر بيان صحافي تدعو فيه الإعلاميين إلى ترك الرجل يواصل علاجه في هدوء تماما مثلما فعل أحد أصدقائه الجنرالات عندما اتصل وديا قبل أكثر من عام برئيس تحرير صحيفة محلية يطلب منه التوقف عن نشر مقالات مثيرة عن رجل هو في حالة صحية صعبة للغاية، أو ربما يعود تحوّل وفاة الجنرال إلى خبر ثانوي لأن الحدث تزامن مع حدث سلب اهتمام الجزائريين جميعهم وهو لقاء المنتخب الجزائري لكرة القدم مع نظيره المصري في مقابلة نصف نهائي كأس إفريقيا للأمم بأنغولا، خاصة أن الهزيمة المرة التي مني بها الفريق الجزائري تحولت بقدرة (سحرة السياسة) إلى نصر مبين فلم يبق هناك مجال للاهتمام بخبر وفاة الجنرال أو الحزن عليه لأن الفرحة طغت على قلوب الجزائريين وخرج الآلاف إلى الشوارع فرحين ومهنئين المدرب رابح سعدان وفريقه على تلقيهم أربعة أهداف مقابل لا شيء أمام فريق اسمه (منتخب الفراعنة الساجدين)، مغلقين بذلك كل باب لنقد محاربي الصحراء على أخطاء قد يكونون ارتكبوها طيلة مشوار دورة أنغولا ولعل أي حديث سلبي عن الهزيمة المخزية أمام مصر قد يصبح خيانة وعمالة، ولم يحضرني وقتها وأنا أتابع أخبار الاحتفال البطولي بالهزيمة إلا ما حدث عندما تحولت هزيمة العرب ومصر سنة 1967 أمام أعداء الأمة إلى مفخرة أو إلى (نكسة) وهو أقسى وصف أمكن إطلاقه على ما حدث حينها. الجنرال العربي بلخير لم يكن مواطنا جزائريا عاديا أو حتى جنرالا كباقي الجنرالات، فاسمه مع مجموعة معدودة من أسماء زملائه ارتبطوا بأحداث كبرى عرفتها الجزائر وكان لهم دور أساسي في كل ما كان يجري في البلد على الصعيد السياسي خاصة. وقد برز هذا الدور بصورة جلية منذ وفاة الرئيس هواري بومدين ثم تطور بشكل (أفضح) مع وقف المسار الديمقراطي التعددي في الجزائر ودخول البلد دوامة العنف المسلح بداية التسعينات. بلخير كان واجهة مجموعة من كبار ضباط المؤسسة العسكرية الجزائرية الذين (تطوعوا) لخدمة بلدهم ونذروا حياتهم لوضع مخططات حكم البلد والسهر على تنفيذها واختيار الرجال والنساء اللائقين لتولي كل المهام من أكبر مسؤول سياسي في البلد إلى أصغر رئيس بلدية وقد تعاظم هذا الدور في التسعينات. أخي توفيق رباحي دعا قبل ثمانية أشهر في أحد مقالاته الأسبوعية على هذه الصحيفة الجنرال العربي بلخير إلى كشف بعض أسرار حياته التي كانت مرتبطة بحقبة هامة من تاريخ الجزائر، وسأعيد هنا فقرة من ندائه وقد جاء فيها (يا سيادة اللواء المتقاعد، يا عرّاب الجنرالات وصانع الرؤساء، يا مَن أمسكت بمصائرنا ومصائر آبائنا وأمهاتنا، هذا نداء من واحد في عمر أبنائك: من حق الجزائريين عليك أن يعرفوا، أن يعلموا، وصدرك وذاكرتك هما خزانة هذه المعرفة وهذا العلم من مصدرهما الأول). كتبت يومها لتوفيق مستبعدا أن يكون لندائه أي صدى، ذلك أن الرجل لم يعد في حالة تسمح له حتى بقراءة أو الاستماع إلى من يقرأ له ما كُتب، إضافة إلى أنه معروف عنه أنه كتوم ويرفض الحديث عن أشياء مرتبطة بحياته إلا في مناسبات خاصة ونادرة وسبب ذلك قد يعود إلى حساسية مساره وإلى ثقافته العسكرية السرية التي تربى عليها أو ربما إلى أنه لا يريد أن يفتح على نفسه باب الانتقادات والردود التي لا تأتي بخير عادة. لعلي أكون ضمن المحظوظين الذين عرفوا من الجنرال الراحل بعض (الأسرار) وهي ليست كثيرة بطبيعة الحال لأن الصدف هي التي جعلتني أحضر وأستمع إلى ما استمعت إليه، وأكتفي هنا بقصة واحدة. كان ذلك أثناء مزاولتي مهمة نائب رئيس تحرير صحيفة الخبر التي غادرتها سنة 2002، التقيت أنا وأحد الزملاء الجنرال بلخير في بيته وقادنا الحديث إلى الأشهر التي سبقت انتخابات الرئاسة الجزائرية التي أسفرت عن تولي عبد العزيز بوتفليقة منصب رئيس الجمهورية في أول فترة له، لم يكن أحد يجهل دور المؤسسة العسكرية في اختيار بوتفليقة وفرضه على الشعب رئيسا وكان الجنرال العربي بلخير أهم رجل في ما كان يطلق عليه الراحل محمد يزيد اسم (الديوان الأسود) يرافع من أجل تعيين بوتفليقة خليفة لزروال. أما كيف ولماذا رجحت الكفة لصالح بوتفليقة داخل دائرة أصحاب القرار فهذه كانت إجابة الجنرال باختصار: (في الحقيقة كان الخيار متأرجحا بين عبد العزيز بوتفليقة ومولود حمروش، وقد اجتمعنا بالرجلين حول مائدة طعام واتفقنا على أن يقبل الاثنان بمن توافق عليه الجماعة وتقدمه، فما كان من السيد حمروش إلا أن سارع مباشرة بعد اللقاء إلى تسريب أخبار في بعض الدوائر إلى أنه هو مرشح المؤسسة العسكرية ليكون الرئيس إثر انتخابات 1999، وكان هذا ما أثار غضبي لأنه خالف الاتفاق وكان هذا الدافع الأساسي لحسم الخيار بعد ذلك لصالح بوتفليقة). الجنرال بلخير لم يخف أيضا في نفس الجلسة سبب تفضيله أن لا يتولى حمروش منصب الرئاسة، فقد كان يتخوف من أن ينتقم الرجل (بطريقة ما) لإبعاده من منصبه كرئيس للحكومة في عهد الشاذلي بن جديد على خلفية الإضراب السياسي المفتوح الذي دعت إليه الجبهة الإسلامية للإنقاذ وكان فاتحة النزاع المسلح الذي أغرق البلد في متاهة لم تخرج منها لحد الآن. بوتفليقة استمر رئيسا لفترة ثانية وهو الآن يختم العام الأول من فترته الثالثة، لكنه لم يكن محتاجا لبقائه إلى دعم العربي بلخير خاصة بعد أن تقوضت سلطات خصومه والرافضين له داخل كواليس (الديوان الأسود) وبعد أن ضمن ولاء مدير جهاز المخابرات بحيث لم يعد الرجلان بحاجة إلى وسيط يجمع بينهما أو يوفق بينهما فقد أصبح للحليف الجديد، كما يقال، مكتب في مقر الرئاسة بعد أن غادر العربي بلخير المكان حيث كان مديرا لديوان الرئيس إلى منصبه سفيرا لبلده لدى الرباط. ولم يكن أحد يشك في أن ذلك التعيين كان إبعادا للرجل من دائرة القرار المباشر بعد أن بدأ يتنازع صلاحياته مع شقيق الرئيس الأصغر سعيد بوتفليقة، هذا الأخير الذي نجح في تثبيت سلطاته في القصر الجمهوري بدعم من الأخ الأكبر. دور العربي بلخير كان أيضا محوريا في وقف المسار الانتخابي التعددي بداية التسعينات، فرغم أنه كان هو من أعلن فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ بأغلبية مقاعد البرلمان منذ الدور الأول لانتخابات كانون الاول/ ديسمبر 1991 بحكم منصبه وزيرا للداخلية آنذاك، إلا أنه كان أول واحد يضرب يده على الطاولة ويهدد زملاءه في (الديوان الأسود) بأنه سيقف ضد إجراء الدور الثاني من الانتخابات البرلمانية ولو لم يحظ القرار بإجماع زملائه، وكانت الغلبة طبعا لصالح وقف المسار الانتخابي والبحث عن بديل للرئيس الشاذلي بن جديد وأيضا لإيجاد مؤسسات رسمية جديدة تعوض المؤسسات الدستورية القائمة من برلمان ورئاسة وحكومة. لست هنا في مهمة تقييم هذا القرار إن كان الأصلح للجزائر ومنقذها من الغرق أم أنه كان سبب دخول البلد في متاهة العنف المسلح والفوضى الدكتاتورية التي تعاني منها الآن، لكن الأكيد أن الجنرال بلخير ومن معه لو سئلوا وكان عليهم أن يجيبوا لقالوا إن ما فعلوه كان لخدمة الجزائر ولإنقاذ شعبها من الضياع والتشرد والسقوط في قبضة الظلاميين. قد يكون الجواب الرسمي مختلفا عن الدوافع الشخصية، كما أن الدوافع الشخصية لأصحاب القرار في الجزائر (كما في غيرها من بلدان العالم المظلم) قد تختلط بدوافع أخرى حتى يتوهم هؤلاء أن مصالحهم لا تختلف عن مصالح الوطن وأن الوطن هو هُم وهُم الوطن والشعب في كل هذا عليه أن يثق في ما يقرره (خدام الوطن) ويوافق عليه لأنه في مصلحة الوطن ومصلحة الوطن هي من مصلحتهم ومن يرى غير ذلك إنما هو خائن للوطن أو عميل لجهات خارجية أو على الأقل لا يريد الخير لوطنه وشعبه. لا أواصل وأقول إنني أشفق على هؤلاء الذين أنزلوا أنفسهم منزلة الحكماء وخلطوا مصيرهم بمصير الوطن حتى أصبحوا يرون من يحاربهم محاربا للوطن ويضيق صدرهم إذا طُلب منهم الرحيل أو سُئلوا عما فعلوا ويفعلون في حق وطن وشعب ينتمون إليهما. التعازي وكلمة التأبين الرسمية التي نقلها التلفزيون الجزائري بعد تشييع جنازة الجنرال العربي بلخير كانت كلها تمجد الرجل وتؤكد على إخلاصه وبره وحبه لوطنه. كثير من هؤلاء الذين أبّنوا أو شيّعوا الرجل إلى مثواه ما قبل الأخير ارتقوا في مناصب المسؤولية بفضل تدخل أو توصية من هذا الرجل، لذلك لا بد أن يقولوا كلاما معسولا لأنهم صاروا ينظرون بمنظار واحد إلى الوطن ومصالحه، أما الشعب فلعل له رأيا آخر في كل ما يحصل، لا أتحدث هنا عن الرجل الذي غادر الحياة الدنيا بل عن هذا الفكر المستمر الذي يجعل أناسا في القرن الواحد والعشرين يفكرون أن ما يرونه هو الأسلم والأصلح ويجب فرضه على الشعب، ليس لعبقرية فيهم ولا لرسالة حملوها من رب السماوات والأرض بل لأنهم وجدوا أنفسهم بحق أو بغير حق يسيرون بلدا مليئا بالزيف والأوهام والنفاق. لو كتب الله لقوم الرجل الصالح الذي ذكر في سورة يس أن يسمعوه وهو يخبرهم أن الله غفر له وجعله من المكرمين لتمنينا أن نسمع الذين حكموا الجزائر وغادروها يقولون لنا أو لزملائهم على الأقل إن كان ما فعلوه كان فعلا في صالح الجزائر وشعبها أم أنهم نادمون على ما فعلوا حيث لا ينفع الندم ثم ينصحوا زملاءهم الباقين على نفس النهج أن يتركوا الشعب يختار ما يراه لنفسه مناسبا ويتحمل مسؤولية اختياره ومن يريد أن يخدم وطنه عليه أن يحظى قبل ذلك بتزكية الشعب ثم ينذر نفسه حقا لخدمة ما يختاره هذا الشعب وإلا فإن الآية ستبقى مقلوبة مثلما قلب السحرة الهزيمة إلى انتصار بعد مباراة بنغيلا في أنغولا يوم الخميس الماضي.
(*) كاتب وصحافي جزائري
 
(المصدر: « الجزائر تايمز » بتاريخ 2 فيفري 2010)


عدو المآذن.. وحبيبها

انقلب الساحر على السحر (هكذا!)، وبات دانييل ستريتش مسلما بين عشية وضحاها..

لم يستوعب عقيدة التثليث المسيحية التي تبنّاها «بالوراثة»، بحث عن إجابات في ديانة عيسى عليه السلام، فوجدها في نبوءة محمد صلى الله عليه وسلم.. من السّهل أن تتبنّى فكرة، لكن من الصّعب أن تغيّر جلبابك الديني «وطقسك» اليومي بجرّة تصريح أو بلاغ، ليس فيه من البلاغة سوى هذا «الانقلاب» المفاجئ، في عالم، المفاجآت فيه هي القاعدة، والوقائع هي الاستثناء… بالأمس استعدى ستريتش المآذن في سويسرا بعباءة سياسية وبخلفية (الكتاب المقدس)، وجد أن أصوات المآذن أعلى من ناقوس الكنائس، فاتخذ سبيله إلى العداء للآذان سبيلا، بوعي «ديمقراطي شعبي» وبحس «وطني» وحرص «مدني»، قبل أن «يثوب إلى رشده» ويكتشف أن «سويسرا بحاجة ماسة إلى مزيد من المساجد»…
اللافت، أن ما كان سببا في نقد الرجل ورميه بالكفر والزندقة والعداء، هو ذاته الذي رفعه إلى مصاف «السحرة البررة»، الذين تُنشر صورهم على صدر الصفحة الأولى لصاحبة الجلالة في بلاطها الذي يستوعب القاصي والداني، عدو الأمس وصديق اليوم وربما حليف الغد وزعيم المستقبل.. من المسيحية إلى الإسلام.. ومن حزب الشعب إلى الحزب الديمقراطي.. ومن «الإنجيل» إلى القرآن الكريم.. ومن تمتمات وصلوات لا يفقهها إلا المسيحيون إلى صلوات خمس معلنة في مساجد بيرن والأزقة الخلفية لمدينة كانتون فريبورغ، يبدو انتقال دانييل أشبه بالسحر، في واقع عولمي، المستحيل واللامعقول فيه أكثر من الممكن.. بالأمس «فعلها» روجي غارودي الذي أصبح رجاء غارودي، واليوم يلحق به ستريتش في انتظار أن يجد بديلا (لدانييل) في شهادة الميلاد أو في جواز السفر.. وعندئذ سيكون مجبرا على المرور عبر المسح الضوئي في المطارات السويسرية قبل الأوروبية.. لأن الأرض التي بات يقف عليها، هي اليوم على رأس لوائح الاتهام. في حرب وزرها الوحيد، أن توقيت نهايتها ليس من «المعلوم بالضرورة»..  
صالح عطية  
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 5 فيفري  2010)


قضاة اسرائيليون يثيرون تساؤلات بشان حافلات تفصل بين الجنسين

 


القدس (رويترز) – أثار قضاة المحكمة العليا الاسرائيلية يوم الخميس تساؤلات بشأن دعم الدولة لخدمات حافلات لليهود المتطرفين التي يطلب فيها من النساء الجلوس في المقاعد الخلفية. وتعود القضية التي تسلط الضوء على الفجوة المتسعة بين اليهود المتدينين واليهود غير الملتزمين في اسرائيل الى عام 2007 عندما اشتكت مجموعة من النساء والجماعات الاسرائيلية الليبرالية بشأن الحافلات التي تشغلها شركات مدعومة من الحكومة ويتم فيها الفصل بين الركاب على أساس الجنس. وأطلقت عشرات من خطوط الحافلات على هذا النحو استجابة لمطالب اليهود المتشددين الذين يتمتعون بنفوذ سياسي وتحرم معتقداتهم الاختلاط العام بين الرجال والنساء. وعقدت المحكمة الاسرائيلية العليا جلسة يوم الخميس للاستماع الى حجج ضد بيان أصدرته وزارة النقل مؤخرا يدعم الفصل على أساس الجنس في الحافلات اذعانا لوجهات دينية مادامت هناك لافتات موضوعة « لضمان عدم فرض هذا بالقوة ». وأوردت وثيقة صادرة عن المحكمة نقلا عن القاضي سالم جبران وهو قاض من عرب 1948 قوله « مع كل الاحترام الواجب للافتات لا أعتقد أن هذه هي المشكلة وأعتقد أن المشكلة تتطلب حلا أكثر عمقا. » وأضاف جبران « ماذا عن التسامح.. هذه الصفة الانسانية الايجابية » مشيرا الى عدم وجود مثل هذه المشاكل في المناطق العربية حيث « يجلس الجميع معا. » وتساءل القاضي يورام دانزيجر بشأن ما اذا كان من الممكن أن تحل لافتة سوء المعاملة التي تشتكي منها بعض النساء بعد رفضهن الدعوات للانتقال الى مؤخرة الحافلة. وأضاف « هل تحل لافتة مكتوب عليها (لا عنف هنا) المشكلة.. » وطلب محامو ست نساء وجماعات ليبرالية تطعن في حافلات الفصل بين الجنسين أمرا من المحكمة لطلب مزيد من التوضيحات من الحكومة لكن القضاة أجلوا مجددا اصدار أي حكم في القضية. وقالت اينات هوروفيتز التي تمثل مقدمي الطعن للمحكمة « من الواضح أن كل المشاكل القضائية التي تثيرها هذه القضية لم يتم تناولها بعد » مضيفة أن النساء اليهود المتشددات وليس فقط العلمانيات يشتكين من سوء المعاملة في هذه الحافلات. واضافت هوروفيتز « أي تدخل من الدولة في (موضوع) الفصل (بين الجنسين) ينطوي على اكراه. » من الين فيشر ايلان

 

Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

3 juin 2007

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 8 ème année, N° 2567 du 03.06.2007  archives : www.tunisnews.net Parents d’élèves de l’école Tunisienne de

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.