الثلاثاء، 7 فبراير 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2087 du 07.02.2006

 archives : www.tunisnews.net


المجلس الوطني للحريات بتونس: لا للتحريض على التباغض الديني لالقمع حرية التعبير الصباح الأسبوعي:تسمم ما لا يقل عن 300 طالب وأصابع الاتهام توجه الى وجبة العشاء قنا: تسمم أكثر من 300 طالب تونسي الموقف: الأجور والضمان الاجتماعي الصحافيون في آخر السلم الموقف: ارتفاع في أسعار اللحوم والقطيع في تراجع إسلام أون لاين: التعريف بالنبي للرد على الإساءة في رومانيا عبد الحميد الحمدي: شـواذ ّ الأمــم عبدالحميد العدّاسي: نريد حريّة التعبير وحسن التدبير مرسل الكسيبي: أقوم المسالك في الرد على أصحاب رسوم المهالك حبيب المباركي: حتى الكلاب تغضب لرسول الله …!! عبداللطيف الفراتي: تحية الديمقراطية وحرية الصحافة   كمال بن يونس: الـرأي والـرأي الآخـر؟ المبروك بن عبد العزيز: هل تكفي المقاطعة والاعتذار؟ د. عبدالوهاب الافندي: عن أزمة الرسومات الدنماركية: الحاجة إلى الفهم أولا إسلام أون لاين: مفكر فرنسي: علمانية الغرب مناهضة للقيم محمد العروسي الهاني:  الشورى والديمقراطية خير درع للمستقبل الهادي بريك: الامل دواء يبثه الناجحون حتى أمام أشد الناس كفرا وظلما  وطمعا الموقف: الاجتماع العام التحضيري للمنتدى الاجتماعي المغاربي رشيد خشانة: هجوم اللغة الإنـجليزية في المغرب العربي ياسر الزعاترة: «الإخوان» المصريون وما بعد الفوز الكبير


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

المجلس الوطني للحريات بتونس

تونس في 7 فيفري 2006

لا للتحريض على التباغض الديني

لالقمع حرية التعبير

 

      يعبّر المجلس الوطني للحريات عن أسفه الشديد لما بلغته الأزمة التي اندلعت بسبب الصور الكاريكاتورية المنشورة في الصحيفة الدانماركية « يولاندس بوستن » والتي تضمّنت دعوة صريحة للتباغض الديني ورسالة معادية للإسلام تخلط بين الدين الإسلامي والإرهاب. والتي جرحت المشاعر الدينية للمسلمين.

 

والمجلس يذكّر بأنّ جميع قوانين البلدان الديمقراطية تعاقب على نشر الأفكار القائمة على الكراهية و العنصرية، وكلّ تحريض على التمييز والتباغض الديني. وهو ما ينصّ عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة 20 من أنّه « يحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكّل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف ».

 

كما يسجّل أنّ ميثاق شرف المهنة الصحفية لا يقبل استغلال حرية الصحافة للاعتداء على المعتقدات.

والمجلس إذ يعتبر أنّ ما قامت به الصحيفة يمثّل عملا استفزازيّا منافيا للأخلاق المهنيّة والقيم الإنسانية فإنّه يسجّل أنّ ذلك قد صدر عن جهة خاصة لا تلزم البلد كلّه ويتباين مع محاولات الخلط والدعوة إلى العقوبات الجماعية.

كما يرفض الانخراط في حملة مغرضة تسعى إلى تقسيم العالم إلى معسكرين متناحرين وتغذية حرب الحضارات التي تنظّر لها اللوبيات اليمينيّة المحافظة في العالم. ويؤكّد بالمناسبة أنّ في العالم الغربي هناك أطراف واسعة مناصرة للقضايا العادلة في عالمنا العربي والإسلامي، كما في أوطاننا هناك قوى معادية للحريات وبالذات حرية المعتقد.

ويرى المجلس أنّه من المستغرب أن يتولّى مجلس وزراء الداخلية العرب المنعقد في تونس في 31 جانفي 2006، وذلك بعد مضيّ 4 أشهر على نشر هذه الرسوم، تحريك هذه القضيّة بتعلّة الدفاع عن المقدّسات في حين لا تزال دولهم تشدّد القمع على حق التعبير وحق التديّن.

كما يعبّر المجلس عن إدانته لأعمال العنف والحرق التي تخلّلت بعض الردود والتوظيف السياسي من قبل بعض القوى السياسية المتطرّفة أو الدول خدمة لمصالح ليست لها صلة بهذه القضيّة. وينبّه إلى أنّ ردود الفعل هذه توقع نفسها بشكل مباشر في فخّ لعبة حرب الحضارات وتغذية الأحقاد والتباغض.

ويدعو المثقفين المسلمين إلى الحث على نبذ العنف واعتماد الحوار وأشكال تعبيرية موازية عبر وسائل الإعلام كالرد على السخرية من المقدسات بالسخرية من العنصرية البدائية التي تنشرها بعض القوى المتطرفة في الغرب والتي تتستّر بحرية التعبير وتمارس المعايير المزدوجة عندما يتعلق الأمر بممارسة الرقابة لصالحهم.

يعبّر المجلس الوطني للحريات عن تمسّكه بحرية التعبير ورفضه أي مشروعية قد تعطى لممارسة الرقابة وخاصة في البلدان العربية التي تشكو انتهاكات واسعة لحرية التعبير. وينبّه إلى خطورة الاستناد إلى هذه الحادثة ذريعة لممارسة الرقابة دون قيود.

عن المجلس

الناطقة الرسمية

سهام بن سدرين


التكتّل الديمقراطي من أجل العمل والحريات

 

دعوة

يتشرّف التكتّل الديمقراطي من أجل العمل والحريات بدعوتكم لحضور تظاهرة تضامنية مع المساجين السياسيين

 

« شبّان جرجيس وضحايا قانون مكافحة الإرهاب »

 

وذلك يوم الجمعة 10 فيفري 2006 ابتداء من الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر

 بمقرّه الكائن بـ 4 نهج انقلترا – تونس

 

 

 

Affaire des caricatures

Appel au dialogue

Pour sortir de la spirale de la violence suscitée par la publication des « caricatures de Mahomet », pour imaginer, ensemble, les moyens de protéger la liberté d’_expression tout en assurant le respect des diverses sensibilités religieuses, pour éviter toute instrumentalisation et renouer le dialogue, les organisations soussignées appellent à une rencontre internationale,

 

نداء للحوار

للخروج من المنطق المسدود للتصعيد والعنف الذي أدت إليه قضية نشر رسوم الكاريكاتير، من أجل تصورات مشتركة لحماية حرية التعبير وضمان احترام المشاعر الدينية على اختلافها، من أجل رفض التوظيف من أي طرف كان ومباشرة الحوار، تدعو المنظمات غير الحكومية الموقعة أدناه إلى لقاء دولي في العاصمة الفرنسية  يوم الخميس من الساعة العاشرة إلى الساعة الثالثة عشرة في العنوان المذكور أدناه.

بحضور عدد كبير من وسائل الإعلام  ونقل على الجزيرة مباشر

اللجنة العربية لحقوق الإنسان، مراسلون بلا حدود، منظمة العدالة العالمية،

منظمة صوت حر، المنتدى الثقافي العربي الأوربي، المؤتمر الإسلامي الأوربي

 

Le jeudi 9 février à Paris, de 10h à 13h.

Hôtel Concorde Saint-Lazare

108 rue Saint-Lazare

75008 Paris

 

Une rencontre retransmise en direct sur Aljazeera Live.

 

  • Commission arabe des droits humains

  • Reporters sans frontières

  • Conférence islamique européenne

  • Justitia universalis

  • Rencontre culturelle euro-arabe

  • Voix Libre

  • Association des défenseurs des droits humains

Cette réunion est ouverte aux responsables politiques et religieux, aux diplomates, aux associations de défense des droits de l’homme, aux organisations confessionnelles et aux journalistes.

 

Le nombre de places est limité – Inscription obligatoire auprès de Reporters sans frontières. Par téléphone : 01 44 83 84 84 avant le mercredi 8 février -15h00.


 

شغل مؤقت ومرتب قار

هل تريد أن تنفتح أمامك كل الآفاق؟.. فتجد شغلا بدون مشقة ولا إرهاق؟… وتسكن على حساب صاحب الدار.. وتأكل دون أن تدفع ولو نصف دينار؟ ويكون مرتبك الشهري بالإضافة أكثر من مائتي مليون!!… تسأل لكن أين هذا؟ أجيبك: في السجون!(*)

محمد قلبي

(*) أحدهم وليس أولهم ولا آخرهم حوّل 4,5 مليار فنال 4 سنوات سجنا.

 

(المصدر: ركن « لمحة » بجريدة الصباح الصادرة يوم 7 فيفري 2006)

 

تسمم أكثر من 300 طالب تونسي

 

تونس ـ قنا : اصيب ما بين 300 و 350 طالب بأحد المعاهد العليا التونسية بحالات تسمم كان من نتائجها الاسهال والتقيؤ.

 

ورجحت المصادر الاعلامية هنا امس ان يكون هذا التسمم الحاصل في الليلة الفاصلة بين يومي الخميس والجمعة الماضيين ناتجا عن تناول هؤلاء الطلبة وجبة عشاء غير صحية مضيفة ان الطلبة شعروا فجر يوم الجمعية بالام شديدة في البطن قبل ان يصابوا بحالات اسهال وتقيؤ مما ادي الي عدم تمكنهم من متابعة الدروس لنفس اليوم.

 

واضاف المصدر نفسه ان هؤلاء اضطروا الي مغادرة المؤسسة التعليمية والتوجيه الي المستشفيات او الصيدليات لتلقي العلاج او لشراء الدواء اللازم. متوقعا ان يعودوا الي الدراسة بعد ان استقرت حالتهم الصحية.

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 7 فيفري 2006)

 

في المعهد التحضيري للدراسات العلمية والتقنية بالمرسى

تسمم ما لا يقل عن 300 طالب وأصابع الاتهام توجه الى وجبة العشاء

تونس ـ الاسبوعي

 

أصيب في الليلة الفاصلة بين الخميس والجمعة الماضيين ما بين 300 الى 350 طالب يزاولون دراستهم بالمعهد التحضيري للدراسات العلمية والتقنية بالمرسى بحالات تسمم من اثارها الاسهال والتقيؤ يرجح انها ناجمة عن تناول طعام غير صحي.

 

وحسب ما توفر من معلومات فان المتضررين الذين يمثلون نخبة من الطلبة التونسيين توجهوا في حدود الساعة السابعة من مساء الخميس 2 فيفري الجاري الى القاعة الرياضية التابعة للمعهد لتناول العشاء بما ان المطعم يشهد منذ فترة اشغال صيانة وتهيئة.

 

 وعلمنا من بعض الطلبة انهم تناولوا وجبة تتكون من سلاطة ومرقة لوبيا اضافة لعلبة يوغرت ثم عادوا الى المبيت سواء للمراجعة او السهر او النوم.

 

ولئن كانت الاجواء عادية في البداية فان جل الذين تناولوا العشاء شعروا في الساعات الاولى من فجر اليوم الموالي (الجمعة) بآلام في البطن قبل ان يصابوا بحالات اسهال وتقيؤ.

 

تعطل الدروس

 

وافاد ذات المصدر ان ما بين 300 الى 350 طالبا لم يتمكنوا من مباشرة دراستهم صباح يوم الجمعة بسبب الاسهال والالام ومغادرتهم المؤسسة الجامعية باتجاه المستشفيات او الصيدليات لتلقي العلاج او اقتناء الدواء اللازم كما ان اخرين اتصلوا باوليائهم الذين قاموا بنقلهم الى المؤسسات الصحية وقد وصفت حالتهم حاليا بالمستقرة ومن المنتظر ان يباشروا صباح اليوم دراستهم.

 

تعاقد مع شركة

 

من جانب اخر حاولت «الاسبوعي» الاتصال بالسيد الهاشمي سعيد مدير المعهد التحضيري للدراسات العلمية والتقنية بالمرسى في مناسبتين قصد استبيان ما حصل ولكن دون جدوى كما حاولنا الاتصال بالكاتب العام للمؤسسة الجامعية المذكورة لنفس الغرض دون ان نعثر عليه لذلك ظلت المعلومات التي بحوزتنا من جانب واحد (الطلبة) الذين افادونا ان الشركة التي تعاقدت مع ادارة المعهد لتوفير الغذاء لهم لم يمض على مباشرتها العمل سوى يومين واضافوا انهم اتصلوا بالمشرفين عليها لمعرفة اسباب حالات التسمم والاسهال والتقيؤ التي لحقت بهم بعد تناول العشاء فأعلموهم بانهم اخذوا عينة للوجبة المقدمة قصد تحليلها والتقرير لن يكون حاضرا الا بعد 48 ساعة.

 

هذا وعلمنا من المصدر ذاته ان ادارة المعهد قد تكون اقتنت مساء الجمعة كمية من الادوية المضادة للاسهال لتوزيعها على المتضررين.. بعد ان بدأوا يتماثلون للشفاء (!!)

 

صابر المكشر

 

(المصدر: جريدة « الصباح الأسبوعي » الصادرة يوم 6 فيفري 2006)


   الأجور والضمان الاجتماعي    

الصحافيون في آخر السلم

محمد فوراتي   يعيش أكثر الصحفيين التونسيين ظروفا معيشية ومادية صعبة جدا من المؤكد أنها تؤثر على عملهم وعلى مكانتهم في المجتمع. وإذا كانت بعض المؤسسات الحكومية تعطي للعاملين بها أجورا مقبولة فإن كلّ المؤسسات الصحفية الخاصة، بدون استثناء، تهضم حقوق صحفييها المادية والمهنية وتخرق القوانين دون أن يحاسبها أحد.
و تحدث عدد من الصحفيين بالصحف اليومية والأسبوعية للموقف عن حالات تتكرر في أكثر من مؤسسة و تتلخص في أجور متدنية وحقوق مهضومة و غياب للضمان الاجتماعي. العديد من الزملاء تحدّثوا عن وضعياتهم المأساوية رافضين ذكر أسمائهم خوفا من الطرد أو العقاب. فالأجور تدنت بالنسبة لبعض الصحفيين الذين يشتغلون بجرائد أسبوعية إلى 200 دينار شهريا دون وجود تغطية اجتماعية. وقد أقرت زميلة بجريدة أسبوعية أنها ظلت لأكثر من سنتين تشتغل بهذا الأجر، وحتى عندما وقع ترسيمها بعقد عمل لم تتجاوز جرايتها 350 دينار.  الأجور كانت نقط الضعف الأولى التي أكد عليها زملاء من مختلف الجرائد لأنها لا تعبر عن حقيقة المجهود الذي يقدمونه ولا تغطي حتى مصاريفهم اليومية.  والصحافي مضطر إلى القبول بهذا الأجر لأنه لا وجود لأي طرف يشتكيه وهو أفضل من البطالة حسب ما أكد احد الزملاء. وبالإضافة إلى قضية الاجور فإن التغطية الاجتماعية تبقى ثاني معظلة حيث يشتغل عشرات الصحافيين بدون عقود عمل ولا يحصلون على تغطية تمكنهم من العلاج أو الحصول مستقبلا على جراية تقاعد. أما المشكلة الثالثة فهي تخصّ ساعات العمل و العطلة السنوية فأغلب مديري الصحف الخاصة يتجاوزون القانون ولا يمنحون عطلة سنوية كاملة طبقا للقانون كما يعمدون إلى عدم إحتساب الساعات الزائدة وأيام العطل الرسمية. 
ويؤكد الزميل ناجي البغوري عضو جمعية الصحافيين التونسيين حقيقة الوضع في الصحافة المكتوبة حيث لا تطبق الاتفاقية المشتركة إلا لماما. ويضيف البغوري أن الاتفاقية المشتركة على علاتها لا يقع تطبيقها في أغلب الصحف، ولا وجود لرقيب من الحكومة أو من القطاع يمكنه الحرص على تطبيق هذه الاتفاقية.
و إذا قمنا بمقارنة بسيطة بين قطاع الصحافة المكتوبة وقطاع البنوك مثلا أو القضاة وعددهم يقارب عدد الصحفيين تقريبا فإن الفارق يظهر شاسعا بين ما يتقاضاه الصحافيون وغيرهم.  وإذا استثنينا جريدة  » الصحافة » الحكومية فإن بقية الصحف سواء كانت يومية أو أسبوعية أو مجلات شهرية فإن الأجور لا تتجاوز فيها 600 دينار وهو مبلغ لا يتناسب مع المقدرة الشرائية للصحافي. 
وهو الأمر الذي أكده الزميل لطفي حجي رئيس نقابة الصحفيين التونسيين بقوله  » أن عددا من  الصحفييين على أبواب الفقر « . مضيفا أن العديد من المؤسسات الخاصة تخرق الإتفاقية المشتركة للصحافة المكتوبة بإعطاء الصحفيين أجورا أقل بكثير من الأجور التي تنصّ عليها الاتفاقية.
كما أن هذه المؤسسات تحرم الصحافيين من العديد من الحقوق الأساسية كالترقية ومنح الإنتاج ومنحة الأجر الثالث عشر وغيرها من المنح العديدة التي يتمتع بها آليا العاملون في قطاعات أخرى.  وأكد رئيس نقابة الصحفيين التونسيين أن المشكلة تكمن في عدم وجود طرف يتابع تطبيق القانون في الصحف والنشريات الخاصة، حتى أن الصحافي يصبح مهددا بالطرد في كل لحظة ولا وجود لأي رادع قانوني أو غيره يمنع مدير الصحيفة من ممارسة سلطته اللامحدودة،  وهو ما حصل تقريبا لعدد من الزملاء منهم عبد الحميد القصيبي و هندة العرفاوي ومحمد بوسنينة ومنير البودالي وغيرهم الذين وقع طردهم أو الاستغناء عن خدماتهم، ولما ألتجأوا إلى المحكمة لم تمنحهم أي حق أمام إدارة الصحيفة التي بقيت فوق المحاسبة.
ومن الغرائب أن بعض الصحف استغنت نهائيا عن تشغيل الصحافيين، وسجلنا أن بعض الصحف الأسبوعية كادت تتحول إلى مؤسسات عائلية. بل أن صحيفة يومية لا يشتغل بها إلا صحافي واحد يعمل بشكل قار والبقية من عائلة مدير الصحيفة أو متعاونون. وتلجأ بعض الصحف إلى وكالات الأنباء والنسخ من الفضائيات والصحف الأجنبية لملء صفحاتها مستغنية عن خدمات عشرات الصحافيين الباحثين عن شغل.
ورغم أن معهد الصحافة يخرج كل سنة حوالي 200 صحافي فإن أغلبهم يتجّه إلى مهن أخرى أو يبقى رهين البطالة لعدم وجود مواقع شاغرة أو لتدهور مكانة الصحفي المادية والمعنوية في البلاد.
إن وجود الصحافيين في آخر السلم الاجتماعي رغم ما يقدمونه من تضحيات، والصمت الذي يلفّ وضعيتهم المهنية والمادية يعكس حالة غريبة لا وجود لمثيل لها في دول قريبة منا جغرافيا وسياسيا. ومن المؤكد أن فتح هذا الملف أصبح من الاولويات حتى تتحقق كرامة الصحفي التونسي وتحفظ حقوقه ليساهم بكل جدارة في نهضة بلاده.
 (المصدر صحيفة الموقف العدد 345 بتاريخ 3 فيفري –  2006 )

تحقيق

ارتفاع في أسعار اللحوم والقطيع في تراجع

 محمد الحمروني   ازداد في الفترة الأخيرة  الإقبال على اللحوم الحمراء و خاصة لحم البقر، وهو ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار وتراجع في عدد رؤوس القطيع مما يهدد الثروة الحيوانية بالبلاد.
ويرجع بعض المتابعين هذا الإقبال على اللحوم الحمراء إلى الفزع الذي أحدثه الخوف من أنفلونزا الطيور. 
و لمعرفة آراء العاملين في الميدان اتصلت « الموقف » بعدد من المربين و الجزارين للاطلاع على آرائهم و مشاغلهم ،  وأجمعت أغلب الآراء على أن  الإقبال الكبير على استهلاك لحوم الأبقار بسبب الخوف من الإصابة بأنفلونزا الطيور  و عدم وجود خطة واضحة لدعم القطيع بالبلاد و عزوف كبار المستثمرين عن مثل هذه المجالات هي الأسباب التي تقف وراء ارتفاع الأسعار.
ارتفاع سعر المواشي 
وقال كمال الحداد فلاح ومربي و جزار من ولاية بنزرت أن سعر اللحوم قفز إلى 8 دنانير بالنسبة  » للحم بالعظام  « و 11  دينارا بالنسبة للحم الصافي  » الهبرة « . وأضاف أن هذا الارتفاع الكبير يعود إلى ارتفاع أسعار الماشية التي عرفت زيادة في المدة الأخيرة  لا تقل عن 300 دينار بالنسبة للرأس الواحد .
و ردا عن سؤال للموقف عن سبب ارتفاع سعر المواشي  قال الحداد أن هذا الارتفاع يعود لأسباب ظرفية تتعلق أساسا بالإقبال الشديد على استهلاك اللحوم الحمراء بسبب حالة الرعب من أنفلونزا الطيور وأسباب هيكلية تعود إلى طبيعة ممارسة مهنة تربية الماشية ببلادنا. وشدد على أن هذا النشاط ما زال محافظا إلى الآن على طابعه العائلي الصغير، حيث لا تتجاوز أعداد الأبقار التي يربيها كل فلاح أربعة أو خمس بقرات. في المقابل فان شركات الإحياء الفلاحي تفضل التوجّه إلى إنتاج المواد المدعومة و التي لا تتطلب استثمارات كبيرة كالزراعات الكبرى مثلا.
ارتفاع أسعار العلف وجنون البقر
إضافة إلى ذلك ذكر الحداد أسبابا أخرى كعزوف الفلاحين عن تربية الأبقار الأمهات بسبب ارتفاع تكلفة العلف الذي تضاعفت أسعاره مرات عدة منذ سنة 1984  مقابل بقاء سعر الحليب على حاله تقريبا حيث كان يباع لتر الحليب ب 350 و اليوم 400 مليم وهو أقل بكثير من كلفة الإنتاج . وللعلم فان الفلاح يغطي تكلفة علف الأبقار الأمهات  من بيع الحليب. 
و في نفس السياق قال رشيد بن محمد جزار بمنطقة العالية أن العزوف عن تربية الأبقار الأمهات تسبب في نقص حاد في قطيع الأبقار في البلاد. واعتبر أن عوامل أخرى ساهمت في هذا النقص الحاد ومنها مخلفات مرض جنون البقر، حيث باع اغلب الفلاحين الصغار أبقارهم واستبدلوها باستثمارات صغيرة أخرى.
يذكر أن البلاد كثيرا ما تلجأ إلى استيراد اللحوم أو رؤوس الأبقار لسدّ النقص الحاد في هذه المادة، إلا أن الإقبال المتزايد في أغلب بلدان العالم على استهلاك هذه السلعة بسبب أنفلونزا الطيور جعل أسعارها ترتفع بشكل كبير بحكم تزايد الطلب عليها وهو ما يجعل المشرفين على القطاع في حيرة بين الاستيراد بأسعار مرتفعة أو محاولة سدّ حاجيات البلاد من السوق الداخلية .
غياب التخطيط 
و الخلاصة أن غياب الرؤية الاستراتيجية، و عدم قيام  الهياكل الرسمية  بواجباتها في رصد تحولات السوق وحاجيات المواطن والاستعداد بالشكل اللازم للطوارئ، تبقى الأسباب الحقيقية لمثل هذه الأزمات.
أما عن  الحلول  فهي: أولا  رسم خطة مستقبلية لتطوير القطيع في بلادنا و توزيع مراكز الإنتاج على مختلف أنحاء الجمهورية. ثانيا تنويع الإنتاج من مادة اللحوم حتى لا يبقى استهلاك المواطن مرتبط بنوعية واحدة و يمكن في هذا الصدد تشجيع مربي الأرانب كما يمكن التفكير في إحياء قطيع الإبل بالبلاد مثلا. ثالثا و هذا الأهم توفير الحوافز الكافية        و التشجيع على الاستثمارات العملاقة  في هذا القطاع.
يذكر أن الخوف الذي سببه انتشار أنفلونزا الطيور عبر العالم قد اثر بشكل كبير على المواطن و العائلات التونسية. فهذه العائلات ونظر لكون الغالبية العظمى منها محدودة الدخل ، ونظرا للارتفاع الجنوني للأسعار، لجأت  إلى استهلاك  لحم الدجاج ، نظرا لأسعاره المقبولة بالمقارنة مع اللحوم الأخرى كالأغنام و الأبقار و الأسماك ، لسد حاجياتها من هذه المادة.
 (المصدر صحيفة الموقف العدد 345 بتاريخ 3 فيفري –  2006 )


 

إسلام أون لاين: موقع عالمي للتعريف بالنبي

 الدوحة- إيمان محمد- إسلام أون لاين.نت/ 6-2-2006

 

قررت إدارة شبكة « إسلام أون لاين.نت » تدشين موقع خاص بجميع اللغات الحية للتعريف بشخصية وسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ودحض الإساءات الموجهة إليه، وذلك على خلفية نشر صحف أوربية رسوما كاريكاتيرية تسيء لشخص الرسول الكريم.

 

وقال الدكتور علي محيي الدين القرة داغي نائب رئيس مجلس إدارة « إسلام أون لاين.نت » في بيان له الإثنين 6-2-2006: « قررنا تدشين موقع إلكتروني كبير حول (محمد رسول.. رحمة للعالمين)، تحت ظلال إسلام أون لاين.نت التي تعتبر أكبر شبكة روحية دينية على مستوى العالم« .

 

وأضاف متحدثا عن موقع الرسول: « نبدأ بالتعريف برسولنا الحبيب بسيرته العطرة وشمائله ورد الشبهات عنه وكل ما يتعلق بسيرته المباركة صلى الله عليه وسلم، ونبدأ الآن باللغتين العربية والإنجليزية لننتقل خلال فترة وجيزة إلى استعمال جميع اللغات الحية المستعملة في العالم لنقيم الحجة على العالم أجمع وتنتشر رسالة رسول الرحمة للعالمين على العالم أجمع بإذن الله« .

 

ولدى « إسلام أون لاين.نت » حاليا العديد من الصفحات والملفات الخاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم باللغتين العربية والإنجليزية.

 

جهاد العصر

 

وقد دعا القرة داغي المسلمين جميعا إلى دعم هذا المشروع ماديا ومعنويا، وقال: « ندعو إخواننا وأخواتنا إلى دعم هذا المشروع الذي يشرف عليه شيخنا العلامة يوسف القرضاوي، حيث أجاز دفع الزكاة والصدقات والأموال التي فيها شبهة لشبكة إسلام أون لاين.نت وسماه جهاد العصر، وكذلك الدعم المعنوي من خلال دعوة أصدقاء إسلام أون لاين.نت لخدمة الموقع طوعيا وسنضع لهم برنامجا لكيفية تقديم هذه الخدمات« .

 

كما دعا نائب رئيس مجلس إدارة الشبكة في بيانه إلى « الرد من خلال وسائل العصر، وهي الإعلام الإلكتروني والمقروء والمشاهد والمرئي، امتثالا لأمر الله تعالى بالرد الفعلي والإيجابي على استهزاء الجاهلين والحاقدين« .

 

وفي مداخلة له في برنامج الشريعة والحياة بقناة الجزيرة الفضائية مساء الأحد 5-2-2006، طرح القرة داغي الأمر نفسه قائلا: « أقترح الرد الإيجابي المؤثر من خلال عدة أمور أولها.. وهو مقدور عليه من جانب المؤسسة التي أتشرف بالانتماء إليها.. وهو إنشاء موقع عالمي على الإنترنت بجميع اللغات الحية لتقديم سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم« .

 

وأضاف أن « الموقع قادر على تنفيذ هذا الاقتراح بعد مباركة الشيخ القرضاوي ولكن نحتاج لدعم شامل من إخواننا وأخواتنا لنقدم الموقع بجميع اللغات؛ حيث إننا نقدم الآن باللغتين العربية والانجليزية فقط« .

 

وبدأت قضية الإساءة للرسول عليه الصلاة والسلام مع نشر صحيفة دانماركية في سبتمبر الماضي 12 رسما كاريكاتيريا مسيئا للنبي، ثم أعادت عدة صحف أوربية -من بينها صحيفة نرويجية- نشر الرسوم تحت دعوى حرية التعبير والتضامن مع الصحيفة الدانماركية.

 

واندلعت مظاهرات واسعة في أنحاء العالم الإسلامي احتجاجا على الرسوم المسيئة مطالبة باعتذار صريح من الحكومة الدانماركية عنها.

 

من جهة أخرى، استنكر الدكتور القرضاوي أعمال التخريب والتدمير التي قام بها بعض المسلمين الغاضبين في بعض العواصم ردًّا على نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، معتبرًا أن الخروج عن حالة « الغضب العاقل » تعود بأضرار غير متوقعة.

 

(المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 6 فيفري 2006)


 

التعريف بالنبي للرد على الإساءة في رومانيا

هاني صلاح- إسلام أون لاين.نت/6-2-2006

 

اتخذ شكل غضب الأقلية المسلمة في رومانيا بخصوص الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول الكريم التي نشرتها عدة صحف غربية شكلا آخر أكثر إيجابية خلافا للمظاهرات؛ حيث شرعت بالفعل في حملة للتعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالإسلام وبالمقدسات والرموز الإسلامية.

 

وأوضح « كريم أنجين » المسئول بمؤسسة طيبة الخيرية العالمية في رومانيا لـ »إسلام أون لاين.نت » أن المئات من أبناء الأقلية المسلمة في رومانيا بدءوا حاليا حملة واسعة تهدف إلى تعريف الشعب الروماني بأكمله بالنبي عليه الصلاة والسلام، يوزعون خلالها عشرات الآلاف من المطويات باسم « محمد.. القدوة للعالم الجديد » في كافة المدن الرومانية، قامت مؤسسة « طيبة العالمية » بطبعها باللغة الرومانية.

 

واعتبر « أجنين » أن الوقت الآن « يعد الأنسب للتعريف بالإسلام وبالرسول الكريم »، في إشارة إلى اهتمام وسائل الإعلام الرومانية التي أصبحت تتحدث يوميا عن الأزمة التي أثارتها في البداية صحيفة « جيلاندز بوستن » الدانماركية بنشرها رسوما مسيئة للرسول وتبعتها في ذلك عدة صحف غربية.

 

واندلعت مظاهرات واسعة في أنحاء العالم الإسلامي احتجاجا على الرسوم المسيئة مطالبة باعتذار صريح من الحكومة الدانمركية عنها. وأحرق محتجون سوريون غاضبون السبت 4-2-2006 مبنيي السفارتين الدانماركية والنرويجية بالعاصمة دمشق.

 

كما أحرق متظاهرون لبنانيون الأحد مبنى القنصلية الدانماركية في بيروت احتجاجًا على نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم.

 

الأمور في صالح المسلمين

 

وحول الأوضاع في رومانيا، قال أنجين: « الأمور في رومانيا الآن في صالح المسلمين؛ بل إن الجرائد والقنوات التلفزيونية الرومانية تدافع عن المسلمين وعن حرمة التعرض لمقدساتهم« .

 

ودلل على ذلك بأن قناة « آنتنا 3 » التلفزيونية الشهيرة استضافت الأحد 5-2-2006 « أبو العلاء الغيثي » مسئول مؤسسة طيبة العالمية للتعريف بالرسول متحدثا باللغة الرومانية في برنامج امتد قرابة ساعة.

 

كما استقبلت قناة « ريليتيتي » التلفزيونية مداخلات كثيرة من المواطنين الرومانيين على مختلف دياناتهم للتعبير عن آرائهم في الأزمة؛ حيث رفض معظمهم نشر الصحيفة للرسوم المسيئة للإسلام وللرسول بدعوى حرية التعبير وحرية الصحافة.

 

وأجمع غالبية المشاركين في المداخلات على وصف من يقوم بذلك « بالحمق »، مؤكدين على أن « حرية الرأي لا يمكن أن تكون سببا لجرح مشاعر الآخرين« .

 

واهتمت قناة « ريليتيتي » أيضا بإجراء استطلاع على موقعها الإلكتروني حول هذه الأزمة؛ حيث أظهرت النتائج رفض نحو 71% ممن شملهم الاستطلاع استخدام حرية التعبير في الإساءة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم على عكس ما أظهرته استطلاعات مماثلة في دول غرب أوربا.

 

نداء للإعلام الروماني

 

ومن ناحية أخرى، وجهت منظمة « المجلس القومي لمكافحة التمييز » الدولية الأحد نداء إلى كافة وسائل الإعلام الرومانية تدعوها إلى عدم إعادة نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد.

 

جاء ذلك في أعقاب قيام الموقع الإلكتروني لصحيفة « رومانيا ليبارا » يوم 2 فبراير الجاري بإعادة نشر الرسوم المهينة.

 

ومن جهته أصدر « مراد يوسف » -مفتي رومانيا- بيانا رسميا نشرته قناة « ريليتيتي » أدان فيه التطاول على الرسول من قبل عدة صحف غربية، مؤكدا على ضرورة أن يسود مبدأ الاحترام بين كافة الأديان والشعوب في العالم.

 

ويبلغ عدد المسلمين في رومانيا حوالي 70 ألف نسمة يمثلون 2% من عدد سكان البلاد البالغ 22 مليونا، ويتركز حوالي 85% من مسلمي رومانيا في مدينة كونستانتا بجنوب شرق البلاد.

 

(المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 6 فيفري 2006)

 


بسم الله الرحمن الرحيم  

شـواذ ّ الأمــم

عبد الحميد الحمدي عضو المجلس الإسلامي الدنمركي ـ كوبنهاجن   أصبح الحديث عن تعاليم الأديان وما تمليه من ضوابط أخلاقية وقيمية تروض أطماع المتهورين من بني البشر، أصبح هذا الحديث مما يرهق أصحاب المطامع ويزعجهم طالما أنه يحول دونهم وداء استعباد الإنسان. وعبر التاريخ نجد أن الذين يسلكون مسلك الاعتداء والإساءة إلى الأنبياء والمرسلين هم أولئك الذين فقدوا أي صلة بالأديان السماوية، فدينهم المادة وما تمليه من رغبات ومطامع لا حدود لها.   كتب كثير من مفكري الغرب وبعض كتاب الحداثة والتنوير عندنا عن أن زماننا يتجه إلى عولمة كوكبنا وتحويله إلى قرية صغيرة مدللين على ذلك بما يشهده عالم الإتصالات من فتوحات متواصلة فتنبأ بعضهم بنهاية التاريخ وتحدث آخرون عن موت الأيديولوجيا لصالح المادة والاكتشافات العلمية، بينما حض آخرون على ضرورة القطع بين الدين والسياسة فيما تبقى من ارتباط بينهما في بعض أنحاء العالم وترك ما لله لله وما لقيصر لقيصر.   وسط هذه الأمواج العاتية من الأفكار والأطروحات المتعددة والمتناقضة أحيانا، ظل عدد من الكتاب والسياسيين المرموقين في العالم يعتقدون أن الدين يلعب الدور الأساسي والأهم لكبح شهوات الإنسان ورغباته اللامتناهية للسيطرة على المعلوم والمجهول من الحياة، بعد أن فشلت كل القوانين الوضعية الردعية في الحد من الجريمة. ومع أنني شخصيا متفائل لإزالة الحدود الوهمية بين أقطار العالم وقاراته لأن ذلك ينسجم وقناعاتي الإسلامية التي لا تفرق بين أسود ولا أبيض إلا بالتقوى والعمل الصالح فكلكم لآدم وأدم من تراب وأينما تولوا فثم وجه الله، وهو المقدمة الضرورية لوحدة العالم. مع ذلك لدي اعتقاد أن هنالك مجموعات مثقلة بإرث تاريخي ثأري يضيرها التعايش والتسامح بين الشعوب بما يجعل من تعدد الثقافات والحضارات كلا متكاملا. أقول هنالك بعض الجهات النفعية التي حولت قيم التعايش إلى بضاعة كاسدة وزرعت محلها بذور الشك والريبة في كل شيء بما في ذلك الأديان آخر حصن يمكن أن يطمئن إليه الإنسان ويهنأ لأنه الرابط بين السماء والأرض.   لقد حاول دعاة المادة وأعداء الغيب الاستهزاء بالعقائد وحماتها من الرسل على اعتبار أن ذلك من قبيل حرية التعبير ومصداقية الإعلام. وهذا صنف غير مستغرب ولا حديث فقد ذكره القرآن الكريم قبل ألف وأربع مائة سنة إذ نعتهم بالمجرمين في قوله تعالى: « إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون، وإذا مروا بهم يتغامزون، وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين، وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون. » (سورة المطففين) ذلك تماما كان منطوق مدعي حرية التعبير في الصحف الدنمركية ثم الأروبية حين عمدوا عن سوء نية وخبث طوية إلى الاستهزاء والإساءة إلى خير خلق الله وسيد الخلق أجمعين والذي بعثه الله رحمة للعالمين.   ومع أن الله سبحانه وتعالى قد تعهد في كتابه الكريم بالدفاع عن نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام في قوله: « إن كفيناك المستهزئين »، مع ذلك هبت جماهير الإسلام وأتباع محمد صلى الله عليه وسلم في مشارق الأرض ومغاربها منددة بهذا الفعل القبيح واعتبرته محاولات إجرامية لا علاقة لها بحرية التعبير ولا باستقلالية الإعلام وإنما هي جر للعالم إلى حروب صليبية ظاهرها حرية الإعلام وباطنها  حقد دفين على الإسلام ونبي الإسلام. وقد انبرى للتعبير عن هذه الفكرة والدعوة إلى التعقل واحترام قدسية الأديان عدد كبير من المفكرين والدعاة من مختلف الأديان، إلا أن هنالك بعض من المتحمسين الذين تجاوزوا حدود التظاهر السلمي المسموح به شرعا وقانونا وعقلا فأحرقوا سفارات وقنصليات في عمل متهور لا يمت بأي صلة لميراث خاتم الأنبياء والمرسلين. وهنا أهمس في أذن كل من أغضبته الإساءة للرسول محمد عليه الصلاة والإسلام أن التعبير عن الغضب ونصرة إمام الرسل إنما تكون بالحق وبالطرق السلمية كما فعل مسلمو الدنمرك الذين أدركوا منذ البداية أن المسلك السلمي هو الأفضل للدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عملا بسنته صلى الله عليه وسلم عندما كان عائدا من الطائف بعد أن أذاقه أهلها من الإساءة والتجريح والإذاءة والسخرية ما تئن به الجبال، لا بل فقد رموه بالحجارة فأدموا قدماه الشريفتين ومع ذلك كان رده لجبريل عليه السلام الذي عرض عليه أن يطبق الجبلين على أهل مكة والطائف فكان رده عليه الصلاة والسلام: لا … عسى الله أن يبعث من أصلابهم من يعبد الله.   ذلك هو موقف رسول الله صلى عليه وسلم تجاه من آذوه فما بال قومنا اليوم ينحرفون عن هذه التعاليم الراقية ويبتعدون عن الاقتداء بسلوك من يدافعون عنه صلى الله عليه وسلم!؟   يبقى أن أشير وأنا أكتب ردا عن الهجمات التي تسيء لنبي الإسلام أن أذكر أن السخرية بالرسل والإستهزاء برسالاتهم ليست خصلة حديثة ابتدعها رسام الصحيفة الدنمركية ورفاقه من رسامي الصحف الاروبية المجهولة، وإنما هي صنيعة متجذرة في التاريخ منذ أن خلق الله البشرية، وطوال التاريخ كان هؤلاء من الشواذ الذين يحفظون ولا يقاس على صنيعهم. وقصص القرآن الكريم مليئة بوصف مآلات هؤلاء إذ قال تعالى مخاطبا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم: « ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون »، وفي حال أبي لهب وأبي جهل والنضر بن الحارث وعقبة ابن أبي معيط والأسود بن عبد يغوت والحارث ابن قيس السهمي وأمية ابنا خلف وأبي قيس ابن الفاكهة ابن المغيرة وغيرهم ممن يعرفهم قراء السيرة النبوية ممن استهزأوا وسخروا وأساؤوا وآذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا بوضع سل جزور على كتفه وذاك بطرح العذرة والنتنة في طريقه وذاك بسبه وذاك بتأليب القوم عليه، هؤلاء جميعا كانت نهاياتهم وخيمة هذا مات مصلوبا في بدر وذاك مات ميتة قذرة لدرجة أنه أصيب بمرض مات عليه وحين أرادوا غسله تعذر عليهم ذلك لشدة الرائحة النتنة التي كانت تنبعث من جثمانه، أقول في حال هؤلاء وغيرهم ممن لا يتسع المجال لذكرهم عبرة لمن يعتبر.   سؤالي الأخير لقراء مقالتي هذه: ماذا لو طلب من المسلمين الرد على استهزاء تعرض له الإسلام كدين ونبي وعقيدة من بني جلدتهم من الكتاب والمنظرين و »المبدعين »؟

 

نريد حريّة التعبير وحسن التدبير

 

كتبه: عبدالحميد العدّاسي

 

لأنّني أؤمن بقيمة الحوار ودوره في تقليص المسافات بيننا، فقد رأيت أن أقف مرّة أخرى مع صديقي البلهى لمناقشة بعض الفصول التي جاءت في مقاله الأخير الصادر على صفحات تونس نيوز بتاريخ 5 فيفري 2006.

 

1 – إعلم صديقي أنّنا لا نختلف ولن نختلف أبدا حول حرية التعبير وقيمتها وقيمة ثمارها، وأنّنا نتّفق حول ضرورة جعلها كاملة غير منقوصة، مطلقة غير مشروطة، ولكنّ ذلك لا يعني أبدا تطاولا على ذات الله سبحانه وتعالى و لا على شخصية الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم أو على الصحابة الأجلاّء رضوان الله عليهم، ليس لأنّ آية الله فلان أو علاّن أو طالبان أو الشيخ الشهيد قطب أو الشيخ الأبيّ الغنّوشي طلب من  » الإسلاميين الببغاوات  » ذلك كما تزعم، وإنّما لأنّ الله هو الله  » الذي خلقني فهو يهدين، والذي هو يُطعمني ويسقين، وإذا مرضت فهو يشفين، والذي يُميتني ثمّ يحيين، والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين « ، ولأنّ رسوله وطاعته علامة عن طاعة الله  » قُل إن كنتم تحبّون الله فاتّبعوني يُحببْكم الله ويغفِر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم « ، ولأنّنا سمعناه صلّى الله عليه وسلّم ينهى ويقول:  » لا تؤذوني في صاحبي ( وكان يعني أبا بكر )..لا تؤذوني في العبّاس.. يا أيها الناس اتقوا الله في أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم… » انتهينا وأطعنا، بل لقد امتنع صلّى الله عليه وسلّم عن الاستجابة إلى الدعوات المنادية بقتل رأس المنافقين ابن سلول بقوله لعمر:  » معاذ الله أن يتحدث الناس أنّى أقتل أصحابي ..« . ولعلّك اليوم وأنت تصطحب أمّك أو زوجك أو بنتك بالشارع التونسي تأبى أن تقع كلمة نابية على مسامعك أو مسامع رِفقتك، ولعلّها إن وقعت – وهي واقعة لا محالة في هذه الأيّام المتبرّجة – استحييت كثيرا من نفسك ومن رِفقتك، وربّما حدّثتك نفسُك بتأديب هذا الذي لا يراعي حرمة ولا جوارا، فذلك ما عنيتُ به « حسن التعبير » في كلامي السابق، لأنّ السباب ليس من التعبير وإنّما هو من سوء الخُلق ودنوّ الهمّة وسقط المتاع، و الحريّة و الديمقراطية لا تُبنَى أبدا بالشواذ وإنّما تُبنى بالعقل الرّاجح والرأي الثاقب والقلب الكبير الصافي والحسّ المرهف والوجه الحيي والنفس القنوعة السامية والذوق الرفيع الجذّاب. على أنّ ما نُشِر لم يكن سوى إفرازات دفعت بها القلوب المبغضة للإسلام والمسلمين عبر صفحات اليولاندس بوستن، وإلاّ فحريّة التعبير لا تسمح لك مثلا مناقشة ما يأتيه البعض من الشذوذ كزواج الذكر بالذكر لأنّ ذلك مكسب ديمقراطي غربي لا يمكن التعدّي عليه من قبل  » المتخلّفين  » أمثالنا. وإذن فتحمّسك أو تحمّس البعض للمثال الغربي قد لا يعمّر طويلا بعدَ كثرة الإطّلاع أوالنظر إليه عن قرب.   

 

2 – لم أقل في مقالي السابق بأنّ الغرب يكرهنا، بل على النقيض من ذلك قلت بأنّ فيهم الكثير الذي يؤمن بالحوار ويتفهّم ردّة الفعل الغاضبة للمسلمين ويقتنع بعدم التطاول على الأنبياء والديانات، والمقال بالأرشيف فليُرجع إليه. وأمّا ما ذهبتَ إليه من الحديث عن الثقة في تعاملهم، فهذا ما لا أخالفك فيه الرأي، بل أنا اليوم في بلاد الدانمارك نتيجة غشّ حكّام بلدي وكثير من مثقّفيه للحقائق، وسوء معاملتهم وعدم حرصهم على مصلحة العباد وعدم أمانتهم وعدم حريّة الرأي فيهم وكثرة أنانيتهم…غير أنّ الوضع لم يحصل مثلُه لمّا كنّا مسلمين حقّا، ولن يحصل مثلُه إذا انقلبنا إلى إسلامنا صادقين. ولقد رأينا هنا في بلادٍ غيرِ إسلاميّة سياسة عُمَريّة تزيد من الامتعاض من حكّامنا الجشعين وتضاعف احتقارنا للمثقّفين والسياسيين والاجتماعيين ممّن ركب سفينة التغيير دون فقه لمعنى التغيير. ولكنّ ذلك لم يحجب عنّا إساءتهم إلى الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم، ولم تمنعنا بطوننا ولن تمنعنا إن شاء الله من رفض شذوذ عقول بعضهم.

 

3 – عدتَ إلى الحديث عن المساعدات الغربية السخيّة للشعب الفلسطيني وبيّنت بأنّها مشروطة بخارطة الطريق واتّفاقيات أوسلو، ثمّ بيّنت قناعتك بوجاهة امتناع هذه الدول الديمقراطيّة عن المساعدة بعد فوز حماس تحسّبا من استعمال هذه الأموال لشراء أسلحة بدل اعترافها بإسرائيل. والسؤال المحيّر هنا: كيف ترفض حرّية رأي مشروطة وتقبل إطعام أو  » إحياء  » شعب بكامله مشروطين؟!..غريب أمرك صديقي البلهى، فقد سقطت في اللآمعقول بسبب اتّباعك لما يقول الغرب دون إعمال عقل ودون تروّ، نتيجة عدم قبولك لهذا الإسلامي سواء كان ملتحيا أم حليقا. وإذا قلت باحترامهم لنتائج الإنتخابات فهل رأيتهم أقلعوا عن وسم حماس بصفة الإرهاب؟! وإذا أبقوا على هذه الصفة فهل يُلحق الشعب الفلسطيني بالموصوف؟! وإذا كان ذلك كذلك فأين الديمقراطية وأين حريّة الرأي وحريّة التعبير؟! أم أنّ حريّة التعبير صالحة فقط لسبّ نبيّنا والسخرية منه ومنّا؟! أدعوك صديقي إلى إطالة التوقّف عند هذه المسائل، ولعلّك إن فعلت ذلك تساءلت: ما الذي أتى بإسرائيل ولأجل عيون مَن يقع الاعتراف بها، ولماذا الحديث عن خارطة الطريق وليس عن القرارات الأمميّة – مثلا – التي اتّخِذت من قبل، ومن الذي أحرق السفارة الدانماركية في دمشق وفي بيروت ( هل هم الإسلاميون كما تقول وقد رأيناهم على الشاشات يتبرّؤون من هذه الأفعال التي لا يرتضيها الإسلام ولا المسلمون؟!)، ومن الذي اغتال الحريري وتويني وقصير وغيرهم، ومن الذي جعل مسألة دارفور هذه الجهة النائية في السودان – المتخلّف نسبيا – تكون محطّ أنظار  » الديمقراطيين  » في العالم  العطوف الحريص على حقوق الإنسان، ولماذا يُغزى العراق ويحاسب صدّام دون غيره من أصحاب المقابر الجماعيّة والزنازين المظلمة و الكلاب البشرية الوالغة في دماء المظلومين؟!…إلى غير ذلك من الأسئلة المحرجة التي تستدعي منّا إعمال فكر وتنشيط عقل وإذكاء كرامة تمنعنا من التردّي!…وإلى لقاء… 


بسم الله الرحمن الرحيم
 
أقوم المسالك في الرد على أصحاب رسوم المهالك
 

مرسل الكسيبي

reporteur2005@yahoo.de

الثامن من محرم1427ه

8-02-2006

أخبار المظاهرات التي اكتسحت العالم العربي والاسلامي على اثر نشر الرسوم الكاريكاتيرية المهينة والحقيرة والساذجة في حق النبي محمد صلى الله عليه وسلم مازالت تملأ المساحة الأكبر من أخبار وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ,ومع مضي الأيام على تضخم ردة الفعل على نشر هذه الرسوم في صحف غربية وربما حتى عربية وقناة فضائية ايطالية وربما أخرى لم يتطرق اليها حديث وسائل الاعلام ,تطورت الأمور شيئا فشيئا الى ردات فعل غاضبة وغير محسوبة من الجماهير العربية والاسلامية ,حيث أخذت الغيرة والحماسة البعض من أبناء هذه الأمة المليارية الى الاقدام على سياسة العقاب الجماعي لكل ماهو دنماركي أو اسكيندينافي أو ربما حتى أوربي,ولعلنا تجاه هذا السلوك نجد أنفسنا كمسلمين مقيمين في عقر دار الغرب وكأقرب الناس الى فهم طبيعة العقل الأوربي مضطرين الى بيان أن مسألة الاعتداء بالعنف أو الحرق على المصالح الديبلوماسية الأوربية في بلاد المنشأ هو من باب العمل الذي نرفضه من منطلق مبدئي ,حيث أن استهداف المصالح القنصلية أو السفارات التي تمثل حكومات الدول الغربية من شأنه كما سبق وأن كتبنا ذلك في مقالات نشرتها الصحافة الورقية والاليكترونية العربية,من شأنه أن يؤلب الرأي العام الأوربي بمثقفيه وعامته ضد كل ماهو عربي واسلامي ,اذ يتناسى الكثير من أبناء جلدتنا أن 

  الحكومات الغربية ومن يمثلها ديبلوماسيا هي تعبيرة حية عن ارادة انتخابية واسعة قلما نجد لها نظيرا في بلاد العرب والمسلمين

واذا كنا من منطلق مبدئي نرفض العنف كمسلك لحل النزاعات بين الأمم والشعوب والحضارات ,كما أننا في الوقت نفسه نبدي شغفا وحبا عظيمين لرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ونأبى أن يمس بأي اساءة

أو سخرية أو استخفاف أو افتراء ,فاننا ومن منطلق الحكمة التي دعانا صلى الله عليه وسلم الى الأخذ بمجامعها وعظم القران الكريم في اية صريحة وقاطعة من شأنها فقال عز وجل في شأنها « ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا » فاننا من هذا المنطلق ندعو الجماهير المسلمة وقياداتها في المشرق والمغرب الى تخير الأساليب السلمية والمؤثرة المثلى في الاحتجاج على أصحاب النشريات الاعلامية التي تستخف بقيمة رسولنا الكريم

ومن الواضح عند هذا السياق أننا نقبل الاعتذار الواضح والصريح من كل الحكومات التي تعتذر لشعوبنا في هذا الصدد,ولانريد أن نظهر أمام العالم بمظهر الغوغاء التي لاتتقن الا أساليب الحرق والتكسير والخطف والاعتداء

صحيح أنه من حقنا مثلا أن نطالب بعقوبات مالية كبرى على الصحف أو القنوات التي تسببت في اندلاع هذه الأزمة ,على أن تصرف أموالها على المشاريع الخيرية والصحية والتعليمية والتنموية في بلادنا أو في بلاد دول الجنوب الفقير,غير أن القضاء المستقل هو الفيصل بيننا وبينها في ذلك ,وربما من حقنا على من يمثل بلاد العرب والمسلمين أن ندعوهم الى مطالبة الهيئة الأممية الى استصدار قرار ملزم بعدم جواز التعدي على حرمة الكتب المقدسة والأنبياء ,غير أن كل هذا لايعفي الجماهير المسلمة من واجبها الأفضل والأمثل تجاه حبها وحبيبها محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم ,وذلك عبر أسابيع وأشهر متتالية من التعريف به وبحقيقة دعوته التي أسأنا اليها في وسائل اعلامنا قبل أن تسيء اليها احدى الصحف الدانماركية

تأملوا جيدا في ماتنشره بعض الصحف العربية في البلاد الاسلامية من صور فاضحة وماجنة على صدر صفحاتها الأولى ,وتأملوا جيدا في ماتخرجه بعض وزارات الثقافة العربية من أشرطة سينيمائية اباحية تصل الى حد تقديم الزنى الى المشاهد المسلم على أنه فن وفضيلة ,وتأملوا أيضا في مايروج في بعض معارض الكتاب العربية من كتب تدعو الى الالحاد والمادية العبثية ,ولاننسى أيضا اعلامنا المرئي حيث ينتصب الرقص الشرقي وأشكال من التعري الأنثوي المباشر الذي وصل الى حد غير مسبوق في فضاءات فيديو كليب لهيفاء وهبي ونانسي عجرم

تأملوا في كل ذلك وقولوا لي بربي وربكم هل يرضي هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم فضلا عن رب السماوات والأرض الذي دعانا الى مكارم الأخلاق والفضيلة

اننا وللأسف الشديد معشر المسلمين قد أهنا النبي صلى الله عليه وسلم بأيدينا وأعيننا وأرجلنا وحواسنا في كبد اعلامنا قبل أن يؤذيه حبر الصحيفة الدانماركية ,ولذلك تتحتم علينا اليوم توبة جماعية في حق هذا النبي العظيم ,وذلك بالرجوع الى جوهر دعوته الأخلاقية العالمية,حيث قال صلوات ربي وسلامه عليه « انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق »,نعم انها والله الذي لااله الا هو خير لنا من حرق السفارات والقنصليات ثم العودة الى معصية الله ورسوله في أغلب الشاشات والصحف والاذاعات

 

ان من عظيم ماقرأته هذا اليوم وهو من خير وأجود مافعله المسلمون في حق نبيهم بعد حادثة نشر الصور المستهزئة والقبيحة هو مااهتدت اليه قريحة اخوان لنا في رومانيا حيث أوردت شبكة الاسلام أون لاين عنهم مايلي نصه  

اتخذ شكل غضب الأقلية المسلمة في رومانيا بخصوص الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول الكريم التي نشرتها عدة صحف غربية شكلا آخر أكثر إيجابية خلافا للمظاهرات؛ حيث شرعت بالفعل في حملة للتعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالإسلام وبالمقدسات والرموز الإسلامية

وأوضح « كريم أنجين » المسئول بمؤسسة طيبة الخيرية العالمية في رومانيا لـ »إسلام أون لاين.نت » أن المئات من أبناء الأقلية المسلمة في رومانيا بدءوا حاليا حملة واسعة تهدف إلى تعريف الشعب الروماني بأكمله بالنبي عليه الصلاة والسلام، يوزعون خلالها عشرات الآلاف من المطويات باسم « محمد.. القدوة للعالم الجديد » في كافة المدن الرومانية، قامت مؤسسة « طيبة العالمية » بطبعها

باللغة الرومانية -انتهى الاستشهاد من التقرير*

بلى والله هكذا يكون حبنا لمحمد عليه أفضل الصلاة والسلام وبهذا نكسب قلوب هؤلاء الغربيين الذين لايعرفون حقيقة الاسلام الا من خلال ماتقدمه لهم عنا وسائل اعلامهم من أخبار مظاهراتنا وحرق بعضنا لمصالحهم الديبلوماسية وتهشيم بعضنا الاخر لبعض ممتلكاتهم في بلادنا واخرين من دوننا لم يقدموا عن هذا الاسلام الا صورة طالبانية متجهمة تحرم المرأة من التعليم وتجلد حليقي اللحي

 

اننا والحق يقال نفتقد الى سياسة اعلامية هادفة وايجابية بلغتنا الأم وبلغاتهم المحلية والعالمية تقدم لهم هذا الاسلام رسالة خير ومحبة وشفقة وطمأنينة واصلاح ونهوض,تحترم نفسها وتحترم غيرها  ولاتسيء لنبيها قبل أن تطلب من غيرها عدم الاساءة اليه, فهلا أدركنا أقوم المسالك في تجنب اثار مثل هذه الصور المهالك ؟,أم أننا نتظاهر ضد الاخر في الشوارع بالنهار ونهين نبينا في وسائل اعلامنا وفي أقوالنا وأعمالنا بأشنع الصور والأفعال وأكثرها اباحية وتهتكا أخلاقيا وغشا وكذبا ونفاقا اجتماعيا بالليل والنهار وبعدها تعود الأمور الى مجاريها الطبيعية ونعود لنلعن الغرب الذي هو أكثر احتراما لنفسه وقيمه وشعوبه من أغلب ماهو عليه الحال في بلاد العرب والمسلمين برغم ماخذنا على  بعض طروحات هذا الغرب في اطار حقنا المكفول دستوريا وشرائعيا وعالميا في الاختلاف الثقافي والحضاري  

مرسل الكسيبي
كاتب واعلامي تونسي-ألمانيا
7-02-2006
هاني صلاح- إسلام أون لاين.نت/6-2-2006 *  

 

حتى الكلاب تغضب لرسول الله …!! 

بقلم: حبيب المباركي

 

لا أدرى كيف أبدأ الكلام ولا كيف أنقل هذا الخبر الذي رواه العلامة ابن حجرالعسقلاني في كتابه النفيس « الدرر الكامنة« ، فنحن الآن نعيش فتر ة عصيبة من حياةأمة الإسلام، أصبح فيها سب الدين والانتقاص من شخص رسول الله صلى الله عليه وسلمديدن كل كافر وملحد وزنديق وعدو حاقد، من شتى الملل والأجناس، من يهود وعباد الصليبوعباد البقر وممن لا دين لهم، وهكذا أصبح ذات النبي صلى الله عليه وسلم غرضاًلأنجاس البشر في كل مكان، وآخرهم الدنمارك، التي أجرت مسابقة صحفية في سب النبي صلىالله عليه وسلم بالرسوم الساخرة والمهينة، هكذا جهاراً نهاراً تحت سمع وبصر ملياروربع مسلم، والذي دفعهم لذلك علمهم بأن المسلمين لن يتحركوا ولن يغضبوا، بلسيكتفون بالألم النفسي وحسرة القلوب، والشجب والإدانة كما هي العادة، مع دعاءٍبالويل والثبور من على منابر الجمعة، وكيف بنا إذا وقفنا بين يدي ربنا، وعلى حوض نبينا ماذا سنقول لهم؟ وللذين لا يتحركون ولا يغضبون، وللذين قتل اليأس قلوبهم،وأعمت الدنيا أبصارهم، ورضوا منها بالمأكل والمشرب والسلامة، نقص عليهم هذاالخبر: « كان النصارى ينشرون دعاتهم بين قبائل المغول طمعاً في تنصيرهم وقدمهد لهم الطاغية هولاكو سبيل الدعوة بسبب زوجته الصليبية ظفر خاتون، وذات مرةتوجه جماعة من كبار النصارى لحضور حفل مغولي كبير عقد بسبب تنصر أحد أمراء المغول،فأخذ واحد من دعاة النصارى في شتم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان هناك كلب صيدمربوط، فلما بدأ هذا الصليبي الحاقد في سب النبي صلى الله عليه وسلم زمجر الكلبوهاج ثم وثب على الصليبي وخمشه بشدة، فخلصوه منه بعد جهد .. فقال بعضالحاضرين: هذا بكلامك في حق محمد عليه الصلاة والسلام. فقال الصليبي: كلا بل هذا الكلب عزيز النفس، رآني أشير بيدي فظن أني أريد ضربه، ثم عاد لسب النبي وأقذع في السب، عندها قطع الكلب رباطه ووثب على عنق الصليبيي وقلع زوره في الحال،فمات الصليبي من فوره، فعندها أسلم نحو أربعين ألفاً من المغول ». الدرر الكامنة جزء 3 صفحة 202 . فيا معشر المسلمين، هل من موقف يشهد له التاريخ و تبرأ بهذمتكم عند الله يوم القيامة !!!

 


حدود حرية التّعبير في أوروبا

حاولت الصّحافة الأوروبية، كما السّياسيون، إقناع الشّعوب الإسلامية بأنّ حرية التّعبير مطلقة في أوروبا.  لكن الحقيقة غير ذلك. فيما يلي نعرض بعض الأمثلة لوقائع استعمل فيها القانون لوضع حدود لحرية التّعبير: 1. في 3 جويلية 1981حوكم روبرت فوريسّن بتهمة التّحريض على العنف والكره للآخر. قالت المحكمة في ذلك  الوقت: « باتّهام اليهود علنا بمسؤوليتهم عمّا حدث لهم … يعلم روبرت فوريسّن أنّ كلامه سيحثّ جمهوره العريض على الشّعور بالإحتقار والكره وكذلك التّعنيفت تجاه اليهود في فرنسا. » 2. في ألمانيا قانون « كذبة الأوسويتش » يجرّم من يقذف ذكرى الموتى. هذا القانون كان نتيجة محاكمة شخص علّق لافتة بجوار بيت حفيد أحد قتلى أوسويتش كتب عليها أنّ الإبادة الكاملة كذبة صهيونيّة. 3. سويسرا، بلجيكا، « دولة » الصهيون، إيطاليا، نيوزيلاندا، السٌويد و أوستراليا كلّهم لهم قوانين مشابهةلألمانيا. مثلا في ديسمبر 1982 السّويد إستعملت هذا القانون لمحاكمة فالديرير. القاضي عندها قال: « إنّ الدّعاية القذرة ضدّ اليهود في الخارج وفي السّويد كبيرة فلا بدّ أنّ فالديرير له دعم مادّي كبير جدّا ». 4. في بريطانيا قانون « العلاقات بين الأجناس » يمنع خطابات التّمييز العنصري ليس فقط تلك التي تؤدّي إلى العنف بل كذلك لحماية الأقليات من الإهانات العنصرية. أخذت هذه المعطيات من هذا الكتاب

:Denying History: Who Says the Holocaust Never Happened and Why Do They Say It?  by Michael Shermer and Alex Grobman, University of California Press, 2000  

إحسان العافي

 


 

تحية الديمقراطية وحرية الصحافة

بقلم عبداللطيف الفراتي (*)  

 

في أول زيارة لي للكويت بدعوة من وزارة الإعلام آنذاك في سنة 1981، دعيت ضمن برنامج تلك الزيارة وبصفة خاصة لحضور اللقاء الدوري لولي العهد رئيس الوزراء الشيخ سعد العبدالله مع رؤساء تحرير الصحف. كان ذلك فيما قيل لي في قصر الحكم، وقد أعجبت في المدخل بتلك العبارة المخطوطة كدت أقول بماء الذهب ولكني أفضل عليها بماء العين « لو دامت لغيرك ما آلت إليك » بكل ما حملته بالنسبة لي من معان عالية القيمة، غير أن تلك العبارة لم تكن الوحيدة التي أخذت بمجامع قلبي يومها، فقد كان الحديث بين الرجل القوي الذي كان يومها في العام الرابع من توليه ولاية العهد ورئاسة الوزراء على نمط من الندية لم نعهده في عالمنا العربي من حيث الصراحة وعدم الوجل أمام الحاكم ومصارحته بل وإحراجه، وفي عديد الأحيان يومها كان الحديث الموجه للشيخ ولي العهد من القوة بحيث كان على حدود اللياقة إن لم يتجاوزها.

 

يومها قدرت ما يعيشه الكويتيون من حرية في التعبير ربما كانت الأفضل في العالم العربي ولبنان وقتها وأيامها جريح في خضم حرب أهلية سكت فيها الناس والصحفيون خاصة عن الكلام المباح وأصبح كل شيء غير مباح إلا لعلعة الرصاص الذي بدأ بحصد نقيب الصحفيين الطيبي مؤذنا بحرب أهلية مدمرة، ومؤكدا على أن المستهدف أولا هو حرية الكلمة في هذا البلد الذي بات مستهدفا في حرياته الصحفية وفي ديمقراطيته على ما تمثلان بالنسبة له وبالنسبة للآخرين من أهمية حياتية لا يمكن فصل لبنان عنهما وإلا لا يعود لبنان لبنان، وكان لبنان خاضعا وقتها لاحتلال سوري مقنع جاء بدعوة من جانب من اللبنانيين و »شرعية » عربية تمثلت في قرارات للجامعة العربية على شكل ما قاله يوما جمال عبدالناصر إن من لا يملك أعطى ما لا يملك لمن لا حق له في أن يملك.

 

كان الشيخ سعد بسمرته القوية وطول قامته وامتلائه وقوة شخصيته يواجه سيلا من الكلام لو وجه ـ هذا كان تقديري يومها ـ لأي حاكم عربي آخر على طول الوطن العربي وعرضه لما انتهت الأمور بسلام. وعاد القائلون بعده إلى قواعدهم سالمين وباتوا ليلتها نائمين كما هي العادة لا يؤرقهم خوف ولا أحد.

 

ولم تكن سلطة الكويت تنقصها يومها لا القوة المادية ولا النفوذ الفعلي لأن تكون مثل الآخرين، كما لم يكن هناك دوليا ما يدفعها لتكون على تلك الحال من الانطلاق، فلا عولمة، ولا تأثير دولي أو مناداة بالدمقرطة ولا محيط يمكن أن يشجع على ذلك المسار بل لعل الكويت وحكامه كانوا أيامها يعطون « المثل السيئ » الذي تناهضه دول الجوار القريب والبعيد وتخشى من عدواه وتدعو بشدة لإلغائه وإيقاف مساره.

 

ولم يكن ذلك هو أول لقاء لي بالشيخ سعد فقد سبق لي في سنة 1980 وبمناسبة قدومه للقيام بنوع من الوساطة بين تونس و طرابلس بمناسبة أحداث قفصه المدينة التونسية التي هاجمها كومندوس تونسي مسلح من دول الجوار أن قابلته في مجموعة من الصحفيين التونسيين وذلك عن طريق السفير الاستثنائي للكويت بتونس أيامها المرحوم حمد مجرن الحمد والذي كان يحب البلاد التونسية مثلما كان يحب وطنه وكان ينوي الاستقرار بها بعد نهاية خدمته حيث اقتنى قطعة أرض فسيحة لإقامة قصر عليها، وكان أحد المتحمسين لتونس والتونسيين هو والأمير الجديد للكويت الشيخ صباح الأحمد الذي ابتنى لنفسه هو الآخر قصرا بتونس وكان دائم القدوم للبلاد،والإقامة به وهو وقتها وزير للخارجية ونائب لرئيس الوزراء، وفي هذا القصر انعقدت الاجتماعات التي انتهت بقرار نقل الجامعة العربية إلى القاهرة في ربيع 1990، وهو أمر تقرر بالأساس بينه وبين طارق عزيز وزير الخارجية العراقي حيث خرجا وقد تشابكت منهما الأيدي للإعلان عن القرار الذي لم تكن ترضى به عدة دول منها دول المغرب العربي زيادة عن تونس، ولكن الاتفاق العراقي الكويتي وقتها كان كافيا لاستبعاد كل المعارضات وذلك قبل أسابيع قليلة فقط من الغزو العراقي للكويت والبلدان أي العراق والكويت في « صحفة العسل » كما يقال في تونس تدليلا على العلاقات المتميزة.

 

وإذ لم أقترب من الرجل منذ ذلك الحين إلا لوقت قصير جدا على هامش المؤتمر الشعبي بجدة الذي انعقد في الأيام العصيبة للغزو العراقي وجمع كل أطياف المجتمع السياسي الكويتي من حكم ومعارضات من مختلف المشارب فقد كان الرجل يتميز بكاريزما وحضور طاغ وقدرة على اتخاذ القرار وصلابة في المواقف وتصميم ظاهر على قسمات الوجه يجعل منه رجل الدولة المتمكن.

 

ولكن سريعا ومنذ ما بعد منتصف التسعينيات تراكمت الأمراض على الرجل وتعددت إلى الحد الذي أصبح معه غير قادر على أداء مهامه الثقيلة كولي للعهد في دولة لا تقل مشاكل أميرها الصحية عن مشاكله وأكثر من ذلك كرئيس لحكومة مطالبة كأي حكومة في دولة نشيطة بقرارات يومية لا يمكن أن تنتظر البت ولا تحتمل التأخير والانتظار .

 

وكان من المستعجل والضروري أن يجري التعويض في هذا المنصب وإن تأخر، فشؤون الدولة لا تنتظر، وإن كانت الأعباء كلها ومنذ ما قبل سنوات من ذلك قد أسندت إلى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية صباح الأحمد، ـ الأمير الجديد ـ إذ كان لا بد أن يحصل التغيير في منصب رئيس الوزراء ولو بفصله عن ولاية العهد على عكس ما كان عليه الحال، و قد آلت حقيقة الحكم كله إلى رئيس وزراء جديد ومتمرس ـ أكثر من 40 سنة كوزير للخارجية ـ في غياب يكاد يكون كاملا لأمير بقي في سدة الحكم وولي للعهد كان متغيبا للعلاج أكثر الأوقات في الخارج وبدا أشد مرضا من أميره ورئيس دولته.

 

ولقد انفجر الأمر ـ الذي كان ينبغي أن يجد العلاج في الوقت المناسب ـ بعد وفاة سمو الأمير جابر وانحلت عقدة الألسن المربوطة، فولي العهد ورئيس الدولة الذي آل إليه الأمر لم يكن مؤهلا لقيادة السفينة وهو أمر لم يكن ليغيب على أحد.

 

غير أن الحياء الشرقي هو الذي منع الناس من أن يفصحوا عما أصاب الأمير الوارث أو أن يخوضوا في أمراضه المتعددة وفي مقدمتها وليس أقلها، وليس أكبرمنها تأثيرا على القدرات الذهنية والبدنية مرض الزهايمر.

 

وإذ جرت محاولات في الخفاء أولا ثم في العلن للخروج من مأزق أن يحكم الكويت رجل ليس له قدرة على الحكم وأعبائه، فقد استطاع الكويتيون بعبقريتهم أن يتجاوزوا الأزمة بصورة دستورية لا غبار عليها ليست متاحة لكثير من بلدان العالم الثالث واعتمادا على مؤسسات اختبرت فصحت .

 

فقد تأزم الموقف ولكن لم تهتز البلاد ولم تتهدد في استقرارها ولا في عقلانية قرارها، وإذ حاول البعض أن يجازفوا بوضع رجل مريض على رأس دولة هي بحكم الموقع الإستراتيجي والثروات البترولية وأهمية المخزون النفطي ذات أهمية إقليمية وحتى دولية كبيرة، ـ ألم تقع من أجل احتلالها من قِبل العراق أكبر حرب عرفها التاريخ المعاصر منذ الحرب العالمية الثانية؟ـ فإن الجسم الكويتي كله قد تداعى لإصلاح الأمر مستعملا ما بيده من أدوات ليست بالقليلة وظهرت كفاءتها.

 

فوضوح النصوص سواء الوثيقة الدستورية لسنة 1921 أو دستور 1962 أو قانون توارث الحكم لسنة 1964، وصلابة المؤسسات وأداؤها للدور المنوط بعهدتها، كل ذلك مصحوبا بقدر كبير من حرية التعبير وانطلاق الصحافة ـ أليست الكويت هي الدولة العربية الأولى من حيث الحريات الصحفية بحسب الترتيب الذي تنجزه سنويا منظمة (صحفيون بدون حدود) ـ مكن من عزل أمير ـ وإن أعلن عن بدء إمارته فإنها لم تأخذ الشرعية اللازمة عبر أداء القسم الدستوري ـ، وتعيين آخر وفقا لما ينص عليه الدستور.

 

ولقد كان الكويتيون يأملون أن يتنحى رجل مثل الشيخ سعد لا أن تقع تنحيته لما له من مكانة لديهم، ولكن مناورات اللحظات الأخيرة التي يبدو أن زوجته كانت وراءها فرطت على الكويت تلك الفرصة للمرور بسلاسة أكبر من أمير إلى آخر لحكم البلاد مؤجلة ساعة بعد ساعة وصول رسالة التنحي إلى برلمان يتسم بكثير من الصلاحيات التي لا يبدو أن برلمانا عربيا آخر يتمتع بها أو ينعم بمثيل لها باستثناء لبنان وهو ما فرض تنحية الشيخ سعد وعزله فيما إن الرجل لا يستحق ذلك وكان على محيطه أن يجنبه تلك النهاية التي لا تليق به، خصوصا وأن لمنطق الدولة أحكامه .

 

غير أنه ورغم ذلك للمرء أن يقف رافعا قبعته كما يقال في الغرب أمام الممارسة التي حصلت في الكويت والتي لا تدل إلا على نضج الطبقة السياسية ومسؤوليتها وما تتمتع به من قدرة على القرار الذي لا يتجمع في يد واحدة بل هو في القضايا الكبيرة قاسم مشترك بين جهات متعددة أبرزت كفاءتها كما يكون الشأن في بلد متقدم وديمقراطي تجري فيه أمور السياسة وتوجهات المصير بكل الشفافية اللازمة.

 

وإذ دلت هذه التجربة على أن الأمر قد يحتاج إلى مراجعة النصوص الدستورية والقانونية لمزيد الإحكام ولعدم مواجهة احتمالات مماثلة في المستقبل، فإن جهات كثيرة من المتتبعين وخاصة من السياسيين ورجال القانون الدستوري لم يتخلفوا عن التعبير عن الإعجاب بالمؤسسات التي لعبت دورها كما ينبغي لها ومكنت البلاد من أن تجتاز الأزمة بكل سهولة ويسر وشفافية وحكمة.

 

على أن ما حدث خلال الأسبوعين الأخيرين في الكويت يمثل سابقة تاريخية من حيث إنه يحصل للمرة الأولى على حد علمنا:

 

أولا أن يصل ولي للعهد وهو في حالة صحية لا تؤهله لاستلام الحكم

 

ثانيا أن يكون الحكَم في مثل هذه الحالة مجلس الأمة أي رمز السيادة الشعبية وليست الأسرة الحاكمة .

 

وعودة إلى بداية البداية : لو دامت لغيرك ما آلت إليك. كلمات تكتب بماء العين. ولا نجد لها مثيلا على طول العالم العربي وعرضه.

 

(*) كاتب وصحافي من تونس

 

(المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 31 جانفي 2006)

 


 

الــــــرأي والـــــرأي الآخــــــر؟

بقلم: كمال بن يونس

 

بثت القناة الاخبارية الفرنسية «ال سي ايLCI » مساء الجمعة الماضي حوارا حول ردود الفعل على الرسوم التي استفزت الرأي العام الاسلامي.. واعترض عليها الفاتيكان وزعماء الطائفة اليهودية في باريس ولندن وعديد الساسة البارزين في العالم.. بينهم الرئيسان الفرنسي والامريكي ورئيس الوزراء البريطاني..

وقد تابعت هذا الملف كاملا وأنا أنتظر الاستماع الى مشارك (أو أكثر) من بين الفرنسيين (أو الاوروبيين) المسلمين.. أو المختصين فعلا في الثقافات العربية والاسلامية.. أو مشارك فرنسي  له راي مغاير «للخطباء» الذين تسابقوا في «التغني بحرية التعبير».. والخلط بين الارهاب والاسلام..

 

لكن تبين أني كنت واهما..

 

فقد كان «الحوار» عبارة عن «واحد يغني وجناحو يرد عليه».. على طريقة كثير من  «ملفات الحوار» في الفضائيات العربية ؟؟

لم يكن بين المشاركين في «الحوار» مواطن فرنسي من أصل عربي..  أو خبير يفهم العربية والثقافات الاسلامية.. بل 4 اعلاميين فرنسيين متحمسين (بدرجات متفاوتة) لنشر الصور.. أحدهم مدير مجلة فرنسية أعادت نشر الرسوم الاستفزازية.. في نفس اليوم.. وكان الحوار معه مفيدا جدا لو كان بين المشاركين فيه أصحاب وجهة نظر أخرى.. أو على الاقل «خبراء» محايدين.. فهموا وجهات نظر الشعوب التي ردت الفعل بعنف أحيانا على تلك الرسوم.. منها شعارات مكتوبة تبرر الهجمات الارهابية على المدنيين الابرياء في لندن ومدريد ونيويورك..

ولا شك أن القناة الفرنسية حرة في تقديم مثل تلك «الحوارات ».. التي ليس فيها حوار (ما عدا ملاحظات محتشمة من رئيس تحرير صحيفة لاكروا LACROIX   المسيحية).. بل خلط بين نظرة المسلمين الى الانبياء عموما (بمن فيهم عيسى وموسى) ومواقف بن لادن و«حماس» و«حزب الله» والاخوان المسلمين والانتخابات الفلسطينية والتركية.. والعمليات الانتحارية في القدس المحتلة.. والعداء للسامية.. والحق في مكافحة الاحتلال وإن كان المحتل يهوديا.. الخ

لكن ملايين الفرنسيين  المسلمين والاوروبيين وفي العالم أجمع الذين تابعوا مثل هذه (الحوارات    Monologues) سيزدادون  «اقتناعا» بأفكار خاطئة.. وسيقتنعون بوجهة نظر دعاة «المؤامرة» و«صراع الثقافات» و«الصدام بين الحضارات».. بسبب اصرار كثير من وسائل الاعلام (ومنها ال سي اي) على إقصائهم.. ورفض تشريكهم في الحوار.. بما في ذلك في المواضيع الحساسة التي تهمهم.. وتشمل مقدساتهم..

إن هذا الاقصاء يتنافى مع قيم الحريات والتسامح التي جاءت بها الثورة الفرنسية..  وهو يخدم المتطرفين والمتعصبين والعنصريين داخل فرنسا وخارجها.. شمال البحر الابيض المتوسط وجنوبه.. والاقصاء يخدم الاقليات التي خلطت بين التعبير عن راي معارض للرسوم وبين بعض الشعارات والممارسات العنيفة التي سجلت في بعض المظاهرات في اوروبا وخارجها..

لقد ارتكبت عدة أطراف سياسية في العالم الاسلامي أخطاء فادحة خلال تعبيرها عن معارضتها للرسوم.. منها التخلي عن روح الاعتدال والتسامح  التي جاء بها الاسلام.. والتورط أحيانا في عنف لفظي ومادي.. لكن كل تلك الاخطاء لا تبرر إقصاء نحو عشرين مليون مسلم أوروبي ومئات الملايين من المسلمين (وخبراء محايدين يفهمون ثقافات الطرفين) من المشاركة في البرامج الحوارية التي نظمت في كثير من وسائل الاعلام الاوربية..

إن الديموقراطية تعني التعددية.. وتمكين ممثلي الرأي والرأي الاخر من التعبير عن رايه في كل البرامج الحوارية.. ويفترض أن تعطي الانظمة الديموقراطية الاوروبية المثال..

 


 

هل تكفي المقاطعة والاعتذار؟

المبروك بن عبد العزيز (*)

 

علي المسلمين أخذ العبرة من الإساءة الدنمركية البالغة لدينهم حتّي يمنعوا تكرارها. فالمقاطعة الاقتصادية والتجارية لا تكفي. كما أنّ نصف الدول العربية تعتمد علي السياحة وستتضرّر من عدم قدوم السّياح إليها وإن كانت تخفي ذلك. ولو لم تكن السعودية ودول الخليج تستورد منتجات الحليب الدنمركية لما نجحت المقاطعة. وهنا يطرح السؤال التالي: ماذا لو كان الاستفزاز من بلد ليست لنا معه علاقات تجارية كبيرة أو من بلد نحتاج إليه أكثر مما يحتاج إلينا؟ في الحالة الأخيرة سيتغلب السّياسي علي رجل الدين ليقنعه بان بلاده لا تستطيع أن تستغني عن خدمات الدولة الأخري فتخمد المسألة. وللتذكير فبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تكررت الإساءات المتعمدة للقرآن الكريم بل هناك من اقترح قصف مكة…

إن المقاطعة الاقتصادية يتضرّر منها الشعب بما فيه من مسلمين وأبرياء، ولم تنقص من شعبية الكاتب أو الجريدة، كما أنّ رئيس الوزراء ليس من مهامه أن يتدخل في عمل الصحافة أو القضاء، مثلما يحدث في الدول العربية المتخلفة التي لا تفرق بين الشرطي والقاضي، وحيث تغربل الشرطة نفسها المقالات قبل أن تصدر.

لا بدّ إذن من اللجوء إلي القضاء من طرف المسلمين لكي ينال المتسببون جزاءهم العادل وحتي يكونوا عبرة لغيرهم. لنتعلم من غيرنا، هل بإمكان احد أن يكتب مقالا في نفس الصّحيفة يذكر فيه بأنّ الهولوكوست أسطورة؟ حتي كبار الفلاسفة والعلماء لا يستطيعون ذلك وكلنا يتذكر الجزاء القاسي الذي ناله روجيه غارودي.

و للمقارنة عندما شكك نجاد في الهولوكوست، علما بأن الهولوكوست لا يرقي إلي قيمة الأديان بل هو حدث تاريخي عادي وحديث العهد، فكر الألمان المسيحيون في منعه من دخول أراضيهم ورفضوا مُقترح منع الفريق الإيراني من اللعب في المونديال بدعوي عدم عقاب الشعب الإيراني. كما تجاوب مجلس الأمن بسرعة اثر أقوال نجاد وأدانها.

كما استطاعت إسرائيل أن ترغم العالم علي الاحتفال بذكري الهولوكوست سنويا عبر الأمم المتحدة بما فيها من دول إسلامية. يجب علي المسلمين أن يسعوا إلي استصدار قرارات وقوانين دولية تمنع تكرار مثل هذه الأعمال الشنيعة.

 

(*) كاتب تونسي

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 7 فيفري 2006)


 

عن أزمة الرسومات الدنماركية: الحاجة إلى الفهم أولا

د. عبدالوهاب الافندي (*)

 

عقب اندلاع الأزمة الاخيرة حول رسوم الكاريكاتور المهينة لرموز الاسلام في الصحيفة الدنماركية يولند بوستن وما اعقبه من احتجاجات كان من بينها حرق العلم الدنماركي والمطالبة بمقاطعة المنتجات الدنماركية، طالب رئيس الوزراء الدنماركي الدول العربية بادانة حرق العلم الدنماركي، بينما هدد المفوض التجاري في السوق الاوروبية بيتر ماندلسون برفع شكوي الي منظمة التجارة العالمية ضد الدول التي تحرض علي مقاطعة البضائع الدنماركية.

 

وعندما دفع متظاهرون مسلمون في لندن يوم الجمعة الماضي لافتات تحرض علي قتل من يسبون نبي الاسلام ـ عليه الصلاة والسلام ـ طالب الكثيرون، بمن فيهم بعض زعماء الجالية الاسلامية في بريطانيا، بتقديم هؤلاء الي المحاكمة.

 

وفي نفس الوقت رفض رئيس الوزراء الدنماركي ادانة الرسومات المسيئة، واصفا نشرها بأنه يدخل في حرية التعبير التي يعتبرها الاوروبيون مقدسة. وهذا بدوره يطرح تساؤلات هو في صلب أزمة سوء الفهم المتبادل التي تحيط بهذه المسألة، وتشكل جوهر الأزمة. او ليس حرق العلم، والتحريض علي مقاطعة البضائع، (بل والتحريض علي القتل ايضا) من باب حرية الرأي والتعبير؟ بل او ليست مقاطعة البضائع من صلب حرية الاختيار التي يقوم عليها النظام الرأسمالي ومنظمة التجارة العالمية التي ترعاه؟

 

في الشهر الماضي تقدم شخص لم يكشف عن اسمه بشكوي للشرطة البريطانية ضد امين عام المجلس الاسلامي البريطاني اقبال سكراني لانه ادان في مقابلة اذاعية القرار البريطاني القاضي بتشريع جواز الشواذ جنسيا، حيث قال ان الشذوذ الجنسي سلوك مرفوض اخلاقيا علاوة علي انه يسبب الامراض. وقد اعلنت الشرطة انها تنوي استجواب سكراني تمهيداً لتقديمه للمحاكمة بتهمة الحض علي الكراهية، سكراني كان محظوظا لان الشرطة تراجعت عن تقديم التهم له وهذه المرة علي الاقل ـ ولم يلحق بأبي حمزة المصري الذي يحاكم هذه الايام في لندن بتهمة القاء خطب تحض علي الارهاب.

 

من كل هذا يتضح ان حرية الرأي والتعبير ليست مقدسة، بل تفتقر الي الحماية القانونية، بحيث ان القاء خطبة في مسجد او التفوه بجملة في مقابلة اذاعية قد تورد صاحبها مورد التهلكة. وهذا بدوره يعني ان التذرع بحرية التعبير لم يكن هو السبب الحقيقي في رفض رئيس الوزراء الدنماركي ادانة الرسوم او الاعتذار عنها. فادانة الاساءات العنصرية وما يدخل في بابها لا يتناقض مع حرية التعبير، بل هو جزء لا يتجزأ من هذه الحرية، لان الادانة هي رأي آخر لا غير. وقد ادانت كل من بريطانيا والولايات المتحدة نشر الرسوم دون ان يعتبر احد ان هذا كان تغولا علي حرية الرأي. وبنفس القدر فان فرنسا الرسمية دافعت عن حرية الرأي في صحفها ولكن نأت بنفسها عما نشرته هذه الصحف. فالدفاع عن حرية الآخر في التعبير لا تعني تأييد كل ما يقول ويفعل.

 

من جهة اخري نجد ان وزير الخارجية البريطاني جاك سترو، تعرض لهجوم كاسح في الاعلام البريطاني لأنه ادان الرسوم الكاريكاتورية، ووصف سلوكه بالجبان والمستخذي. ولم يقل احد ان الوزير كان يعبر عن رأيه ورأي حكومته، وان حرية الرأي مكفولة حتي للحكومات ووزرائها. وبنفس القدر تعرض الرئيس الايراني احمدي نجاد لعاصفة من الادانات حين عبر عن رأي شخصي مفاده ان دولة اسرائيل لا تستحق الوجود. ولم يقل الزعماء والوزراء الذين سارعوا الي ادانته ـ وبعضهم خلال دقائق من نشر تصريحاته ـ ان الامر يتعلق بحرية الرأي. بل اننا لم نسمع احدا يقول ـ كما تتطلب الحكمة ـ دعونا نتريث حتي نحصل علي النص الكامل لتصريحات الرجل واصدار الحكم عليها بناء علي تحليل الاطار الذي قبلت فيه. الادانات تطايرت يمينا وشمالا، والتصريحات حرفت ليصبح التصريح بالقول بأن اسرائيل لا تستحق ان تكون موجودة، بأنه تحريض علي تدمير اسرائيل، بل تهديد بذلك. وحاولت الدعاية تصوير الاعتراض علي وجود اسرائيل كدولة عنصرية دينية بأنه دعوة الي ابادة سكانها من اليهود في تذكير بفرية الدعوة العربية الي القاء اليهود في البحر. ولم يكلف احد نفسه عناء المقارنة بالدعوة الي تصفية النظام العنصري في جنوب افريقيا بدون ان تكون تلك دعوة لابادة السكان البيض في ذلك البلد.

 

من هنا يمكن القول بأن الجدل الدائر حول حرية التعبير يخفي وراءه امرا آخر، وبعدا اعمق من ابعاد عدم التفاهم بين المسلمين وجيرانهم في الغرب. وقبل البحث في كنه هذا الامر لا بد ايضا من ازالة سوء فهم آخر، وهو ان هذه الأزمة تتعلق بحرية انتقاد الدين الاسلامي، او حتي بانتقاد رسول الاسلام. فهناك العشرات، بل الآلاف من الكتب والمقالات التي تهاجم الاسلام وتصفه بأنه دين متخلف او عنيف، بل هناك من وصف الاسلام بأنه دين شرير، ووصف العرب بأنهم افاع. وكل تناول للرسول الكريم في الادبيات الغربية يتهم الرسول اما صراحة او ضمنا بأنه كاذب مختلق، او علي افضل الفروض ضحية اوهام وتخيلات. ولم يحدث ان اثارت اي من هذه المقولات ما اثارته هذه الرسومات من سخط شعبي عارم.

 

فما هي اذن الخاصية التي اختصت بها هذه الرسوم مما جعلها نسيجا وحدها؟

 

للاجابة لا بد من العودة الي آخر مرة ثارت فيها ضجة من هذا النوع، وهي مناسبة نشر رواية سلمان رشدي سيئة الصيت آيات شيطانية عام 1989. وقد كان منطلق الكتاب، كما يظهر من عنوانه، مزاعم تناقلها المستشرقون طويلا بناء علي روايات واهية مفادها ان الرسول صلي الله عليه وسلم تلا علي الناس بعض الآيات التي تمجد الاصنام ثم تراجع عنها بعد ذلك بدعوي ان الشياطين تنزلت بها، في مخالفة لآية اخري صريحة تقول: وما تنزلت به الشياطين، وما ينبغي لهم وما يستطيعون (وقد حاول رشدي ان يبني علي هذه الفرية صورة كاريكاتورية للرسول باعتباره شخصية شريرة تدمن الكذب والتدليس، وزاد في الاستفزاز فاختار اسماء مثل الكعبة والحجاب لمواخير تقيم فيها نساء يحملن اسماء واوصاف زوجات النبي عليه وآله الصلاة والسلام).

 

مثل هذا الاسلوب في التعبير ليس نقدا للاسلام او محاولة لتبيان اباطيله، وهو حق مشروع لمن شاء، بل ان القرآن تحدي كل من شاء ان يتصدي لاثبات اصله البشري ان كان يعتقد ذلك، وما زال الباب مفتوحا لمن يأنس في نفسه القدرة والكفاءة. ولكن نوع الاساءات والبذاءات التي حفل بها كتاب آيات شيطانية هي شيء من مقام آخر، ينضح بالحقد والرغبة في الاهانة والتحقير والاساءة المقصودة. ومن يطلق مثل هذه القذائف المسمومة لا يطلب حوارا، لان الحوار هو تبادل آراء لا تبادل شتائم.

 

ولان الامة الاسلامية لا تزال امة حية، ولان حبها للرسول جزء لا يتجزأ من هويتها كأمة، فان هناك كثيرين يرون في هذا القذف والسب سهاما موجهة لكل منهم شخصيا. وقد يتسامح البعض حين يكون الفرد او اسرته او قبيلته هي موضوع هذه الاهانات المتعمدة، ولكنه يعتبر ما يمس شخص الرسول امرا لا يمكن السكوت عليه.

 

وهذا بدوره ادي الي قلب المعادلة، بحيث ان مقدسات المسلمين اصبحت هي التي تدافع عنهم، وليس بالعكس. فالعدوان علي المسجد الاقصي في عام 1968 هو الذي ادي الي قيام منظمة المؤتمر الاسلامي كأول خطوة عملية لتوحيد المسلمين، والعدوان الثاني علي الاقصي عام 2000 كان هو الذي فجر الانتفاضة التي لا تزال ثمارها تتري، بينما كان نشر كتاب آيات شيطانية بداية لتبلور الهوية الاسلامية للمهاجرين في اوروبا، واصرارهم علي اسماع صوتهم، وبالمثل فان اقتراب القوات الامريكية من محيط الحرمين في حربها علي صدام حسين فجر الأزمة المحلية التي لا تزال الولايات المتحدة تعاني ويلاتها. وكل الدلائل تشير الي ان انتفاضة الرسول الكريم التي تفجرت اليوم من اقصي العالم الاسلامي الي اقصاه سيكون لها ما وراؤها.

 

ولكن بقدر ما تكون الانتفاضات العفوية تعبيرا عن حيوية الامة واصرار الجماهير علي الفعل والحركة، فانها تكون كذلك دلالة علي موت الزعامات السياسية والفكرية والاخلاقية. فالجماهير لا تنتفض ولا تتحرك عفويا الا بعد ان يكون السيل قد بلغ الزبي، وتكون حركتها في الغالب بدون اتجاه محدد، وتحركها يكون غالبا عالي التكلفة قليل المردود.

واذا كانت الانتفاضات حتي الآن هي الوسيلة الوحيدة الناجعة للدفاع عن حرمات المسلمين، فان هذا يعود لعدم وجود البدائل الفاعلة، والكسوف الاخلاقي للنخب القيادية، ولكن هذا الاسلوب لم يعد المناسب في هذا العصر، خاصة وان الآخرين هم الذين يملون زمان المعركة ومكانها.

 

المعركة الاخيرة قد تم التخطيط لها كما اتضح بعناية، وان لم يكن المخططون توقعوا ان تكون ردة الفعل بهذا الحجم والشراسة. فحسب المعلومات التي رشحت فان الفكرة جاءت من كاتب دنماركي كان يعد كتاب اطفال عن حياة الرسول فلم يجد رساما يرسم رسومات توضيحية للكتاب لأن معظم الرسامين تخوفوا من اثارة حفيظة المسلمين. عندها قام الكاتب بالاشتراك مع الصحيفة بعمل مسابقة لاكتشاف رسامين لديهم الجرأة لتحدي مشاعر المسلمين. ويبدو ان الرسامين الذين استجابوا كانوا يجمعون بين الجهل بالاسلام والحقد علي اهله.

 

وقد كان يمكن طي صفحة هذه القصة بسهولة لو ان الحكومة نأت بنفسها عن هذا الفعل المشين، ولو ان الدنمارك كانت اقل عنصرية وعنجهية، ولو ان جهات اخري في النرويج وغيرها لم تتلقف الرسوم وتروج لها.

 

ومثلما كانت ردة الفعل العفوية عند المسلمين تعبيرا عن مشاعر التدين العميقة عندهم، فان ردة الفعل الاوروبية عبرت بنفس القدر عن طبيعة واخلاق هذه التجمعات، فالتذرع بحرية التعبير للسكوت عن الاساءات لمشاعر المسلمين، مقابل المسارعة لادانة من ينتقد الشذوذ الجنسي مثلا، هي تعبير عن التوجه العام الذي يعتبر الاساءة الي المشاعر الدينية امرا مقبولا، بينما تنفر من الوعظ الاخلاقي، ولا يجدي هنا الحديث عن ازدواجية المعايير، لأن هناك معيارا واحدا يطبق علي المسلمين فقط.

 

هناك اذن صراع حضاري حقيقي يحتاج لأن يدار علي مستوي حضاري، وليس في الشوارع وبأسلوب رد الفعل.

 

(*) كاتب وأكاديمي سوداني مقيم في لندن

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 7 فيفري 2006)


 

مفكر فرنسي: علمانية الغرب مناهضة للقيم

باريس – هادي يحمد – إسلام أون لاين.نت/ 6-2-2006 

 

 انتقد المفكر الفرنسي « أريك جوفرا » بشدة تعامل الغرب مع قضية الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، وتبريره لهذه الانتهاكات بدعوى حرية التعبير.

وشدّد على افتقاد الغرب لقيم التسامح، منتقدًا في الوقت ذاته ما أسماه « العالم العلماني » الذي يتيح انتهاك القيم الدينية والأخلاقية مهما كانت.

وقال جوفرا المختص في الإسلاميات والأستاذ في جامعة « مارك بلوخ » بفرنسا في تصريحات خاصة لشبكة « إسلام أون لاين.نت » الإثنين 6-2-2006: إن « قضية الرسوم كشفت ازدواجية المعايير الغربية في التعامل مع مسألة حرية التعبير والرأي« .

وأردف: « ما إن نتطرق إلى موضوع القيم الدينية أو الروحية حتى يرفع الغرب شعار « حرية التعبير » و »الديمقراطية »، وإذا ما تجرأت بعض الأقلام الإسلامية وانتقدت هذه المعتقدات أو القيم فإن الإعلام الغربي يمضي إلى إدانتها بقوة، وهذه هي بالفعل ازدواجية المعايير« .

وحول الانتقادات الغربية للعالم الإسلامي بأنه ضد حرية التعبير قال أريك جوفرا: باعتباري غربي فأنا أشعر بحساسية فائقة تجاه قضية حرية التعبير، والتي تعتبر غير محترمة في بعض البلدان التي تسمى « إسلامية ». لكنه استدرك قائلاً: « للغرب أيضًا طريقته للرقابة غير المرئية والمطبقة أحيانًا« .

 

علمانية ضد المقدسات والقيم

 

وحول الفلسفة الغربية العلمانية قال أريك جوفرا: هذا العالم العلماني « غير المتناغم » يرى أنه من الجيد انتهاك القيم الدينية والأخلاقية مهما كانت.

وأضاف: « لا شك أن بعض الغربيين فقدوا أي معايير في هذا المجال، والديانات عمومًا أصبحت بالنسبة إليهم (معطى اجتماعيًّا) من المعطيات الأخرى« .

ويبين جوفرا: « حينئذ يمكن أن نفهم أن منظومة القيم لم يَعُد لها أي معنى في النظرة الغربية، حيث أصبح كل ما له طبيعة نبيلة ومقدسة محل سخرية وشكوك« .

وعلّل نمو هذه النظرة بما وصفه بالفلسفة « العدمية » ما بعد الفترة المسيحية التي هيمنت على المجتمعات الغربية.

وطالب جوفرا الغرب بإعادة التفكير في الدور الحقيقي لوسائل الإعلام، وجدد دعوة أطلقها من قبله الفيلسوف الفرنسي المسلم « ريني قانون » منذ حوالي نصف قرن إلى عدم الخضوع لهيمنة وسائل الإعلام في إشاعة ما يسبب خلطًا في الأفكار.

 

وقال جوفرا: « إذا كانت وسائل الإعلام تريد أن تتجاوز مهمتها الإخبارية، فإنها على الأقل يجب أن تتجنب التحريض على الكراهية -وهو الأمر الذي تعتبره فرنسا من الجنايات- لأنه أمر ضد السلام، وهو أحد مشتقات كلمة « إسلام » في اللغة العربية.

 

افتقاد التسامح

 

ويقول مراسل « إسلام أون لاين.نت »: إنه فيما توجه تيارات غربية أصابع الاتهام للثقافة الإسلامية على أنها تعاملت مع قضية الرسوم « بطريقة غير متسامحة »، انتقد جوفرا استغلال قضية التسامح من قبل بعض الغربيين لانتقاد المسلمين.

وقال: بعض وسائل الإعلام ادعت بزعم التسامح أنها تريد قياس درجة الرقابة حول حرية التعبير في البلدان الإسلامية عن طريق الصور الكاريكاتورية. ورد قائلاً: إن الثقافة الإسلامية لا تحتاج لدروس في التسامح تستمدها من الغرب كما يشهد بذلك التاريخ.

وتابع قائلاً: « في الحقيقة إن الأوساط الغربية ذاتها هي التي أثبتت عن طريق هذه الصور الكاريكاتورية أنها غير متسامحة وبشراسة عن طريق رفضها لأي قدسية ولأي قيم سامية يتبناها الآخر« .

وأردف: « وفي مقابل هذا فإن المجتمعات المدنية في البلدان الإسلامية لها أيضًا نقائصها، بيد أنها لا تهاجم الخصوصيات المقدسة والرمزية التي عليها إجماع في الغرب« .

وأضاف: « ففي هذا المجال يتناسى الغرب مبدأ فلسفيًّا أساسيًّا وهو أن حرية الفرد أيًّا كان تتوقف عندما تبدأ حرية الآخر أو بطريقة أخرى: ليس هناك حرية دون احترام الآخرين في ذواتهم« .

وكانت صحيفة « جيلاندز بوستن » الدانماركية قد نشرت في سبتمبر الماضي 12 رسمًا كاريكاتوريًّا مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم.

وأعادت عدة صحف أوربية الأسبوع الماضي نشر هذه الرسوم بزعم الدفاع عما أسموه « حرية التعبير » والتضامن مع الصحيفة الدانمركية.

 

الرد: « رحمة للعالمين« 

 

ونبّه جوفرا إلى المكانة التي تحتلها شخصية الرسول في الثقافة والتاريخ الإسلامي وقال: « في الأسس الاعتقادية للإسلام وفي الممارسة فإن شخصية الرسول كانت دائمًا محل تبجيل وتحتل مكانة رفيعة كما هو الأمر بالنسبة لبقية الأنبياء، وكانت المحاكم الإسلامية طيعة ولينة غير أن الأمر كان يختلف عندما يتعلق الأمر بمهاجمة شخصية الرسول« .

وحول الرد المناسب على ما يروجه الإعلام الغربي من إساءة لشخصية الرسول يقول المفكر الفرنسي: « لعل الرد المناسب على هؤلاء الصحفيين الدانماركيين وغيرهم هو الآية التي تؤكد الطبيعة الرسالية والعالمية للرسول محمد عندما يقول الله تعالى في القرآن: « وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين« .

ويعتبر المفكر أريك جوفرا أحد أبرز المختصين الفرنسيين في الفلسفة الصوفية الإسلامية، ويُعَدّ كتابه « اللحظة الصوفية » آخر إنتاجاته العلمية.

ويشغل جوفرا -إضافة إلى منصبه في جامعة ستراسبورغ كأستاذ محاضر- منصب عضو مستقل في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية باعتباره خبيرًا فرنسيًّا معتنقًا للإسلام.

 

(المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 6 فيفري 2006)


 

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين

 

تونس في 06-02-2006

 

 

الشورى والديمقراطية خير درع للمستقبل

وهي انتصار للحق ووقاية من هجمات الغرب و من الإساءة الواضحة والمعتمدة لإضعاف المسلمين ومحاربة الدين الإسلامي (الحلقة الثالثة والأخيرة)

 

بقلم: محمد العروسي الهاني

مناضل من الحزب الدستوري حزب تحرير البلاد وبناء الدولة- تونس

 

على بركة الله وبعونه أواصل الكتابة في خصوص الانتخابات التشريعية لفلسطينية التي جرت يوم الخميس 26- 02-2006 والتي افرزت فوزا كبيرا ساحقا لحركة حماس الجناح المتمسك بالخيار الجهادي ودحض العدو الصهيوني بالقوة مع الحوار أن لزم الأمر بدون شروط مسبقة أو ابتزاز مادي أو مراوغة لربح الوقت من طرف العدو الذي اختبره رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفاوض معه وانتقض العهد والمواثيق وفعلا هم قوم زور وبهتان قال في شأنهم الله سبحانه وتعالى. كلما أوقدو نارًا للحرب اطفئها الله ويسعون في الأرض فسادًا والله لا يحب المفسدين صدق الله العلي العظيم.

 

هؤلاء القوم ببهتانهم وزورهم وقلبهم للحائق وبكائهم ومسكنتهم احتلوا أرض فلسطين واغتصبوها بدعم من حكومات متعاطفة معهم وهي مظلمة القرن العشرون سامح الله من كان سببا في تلك المحنة والمظلمة وهم دعاة الديمقراطية اليوم ودعاة المصالحة والحوار…

 

والتاريخ لا يرحم هؤلاء الذين كانوا أصل البلاء والفتنة. ثم أنهم أظهروا مرونة في قرار التقسيم الدولي عام 1948 لتعايش الدولتين الفلسطينية والعبرية. لكن بقى قرار التقسيم حبرا على ورق من عام 1948 . ورغم محاولة الزعماء التاريخين أمثال الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة رحمه الله الذي دعى إلى التمسك بشرعية قرار التقسيم الدولي كخطوة لإقرار الدولة الفلسطينية يوم 3 مارس 1965 باريحا في خطاب تاريخي مشهود. إلا أن بعض الأطراف لم تفهم نداء الزعيم بورقيبة ورموه بالحجارة واتهموه بأنه عميل لإسرائيل رغم أنه كان طيلة حياته النضالية ضدّ العدو الإسرائيلي وإلى جانب قضية فلسطين العادلة والتاريخ يروي الأحداث. والندوات الصحفية خير شاهد على ذلك.

 

وفي زيارة وزير خارجية الكيان الصهيوني إلى تونس عام 2005 أكد أن بورقيبة اعترف بإسرائيل ولم يسمعه العرب ولكن الرجل كاذب ومفتري على التاريخ لأن خطاب بورقيبة في اريحا لم يشر ولو بكلمة إلى الاعتراف بالدولة العبرية بل العكس تمسك بقرار التقسيم الدولي لعام 1948 حتى نظهر كعرب أننا متحضرين معترفين بالشرعية الدولية ودعى الفصائل الفلسطينية إلى أخذ نصف الدار وحسب شعاره « خذ وطالب وكافح من أجل النصف الأخر ». إذا فكلام وزير الخارجية الصهيوني غير صحيح وقد علق عليه الدكتور أحمد القديدي مشكورا في الإبان.

 

واليوم بعد فوز حماس المناضلة والمجاهدة كثر الكلام والجدل والمساومة والابتزاز والمراوغة والبهتان والضغوط من هناء وهناك على حركة حماس تارة التشكيك في قدرتها على الإضطلاع بأعباء الحكم وتارة اعترافها بإسرائيل وتارة تخليها على العنف.

 

سبحان الله الجهاد أصبح عنفا والدفاع عن الشرف والأرض والعرض أصبح إرهابا وجميع الأموال للدعم وبناء الدولة وتحسين ظروف عيش الشعب أصبح ممنوعا حسب قوانين الغرب وأمريكا وحتى بعض الدول العربية. مع الأسف الشديد العرب ضدّ مصالحهم.

 

ثم بعد هذه المرحلة التي دامت فترة وناوروا بالإعلام الكاذب بأن السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية اشترط شروطا على حركة حماس قبل اللقاء بمصر. وبعد المقابلة صرح المناضل حسين هنية من قادة حماس بأن أبومازن لم يتعرض لأي حديث أو شروط على حركة حماس واتفقا على موعد الجلسة الممتازة التشريعية يوم 16 فيفري الجاري.

 

وأكد المناضل الغيور السيد خالد مشعل سدّد الله خطاه بأن الحركة تسعى جاهدة للتشاور حول تكوين حكومة وحدة وطنية بمشاركة كل الفصائل وبذلك أفشل مساعي إسرائيل وتشكيكها على قدرة حماس وذكائها وتعلقها بالحوار والمصلحة العليا للشعب الفلسطيني وأكدت الحركة من جديد عدم استغلالها للمادة أو قبولها للإغراءات الغربية الرخيصة وفضلت الكرامة والشهامة على الابتزاز و السمسرة من أطراف غربية أذلت العرب زمنا طويلا بحفنة من المال متأتية من فوائض الأموال العربية ببنوك غربية…

 

 لكن اليوم حركة حماس المؤمنة برسالة الشرف والكرامة رفضت الابتزاز المالي والتركيع والإذلال ورفضت الاعتراف بالكيان الصهيوني دون مقابل الأرض وبيت المقدس والدولة الفلسطينية المستقلة وإعادة اللاجئين. وهذا هو الهدف الأسمى لحركة حماس الحركة الإسلامية المتشبعة بالقيم الدينية وبمبادئ الدين الحنيف وكتاب الله العزيز وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلّم.

 

وعندما تأكدوا من أن حركة حماس متمسكة بهذه الخيارات والثوابت الخالدة راحوا بطرق ملتوية يزرعون بذور الفتنة بين حركة حماس وحركة فتح المناضلة. لكن هذه المناورة فاشلة أيضا وحركة حماس لم تسقط في الفخّ وحركة فتح راشدة وذكية وفاهمة للأدوار كهيكل جماعي منظم. أما الأشخاص الفرادى يبقى فيهم الغث والسمين والإيجابي والسلبي. ولا نعلق على تصريحات دحمان.

 

ونرجو من الدول العربية والإسلامية مدّ يد المساعدة والعون المالي إذا هي قادرة على ذلك أوتساعد سياسيا ودبلوماسا إذا أمكن ذلك.

 

وبعضها مساعدتها هو الصمت وعدم التكهن بالفتنة والتشكيك. حتى إن صحيفة عربية وأشخاص في مجالس نيابية من العلمانيين قدموا أفكارا لأنهم « يفقهون » في عالم السياسة وبعضهم قال كيف المعايشة بين رئيس السلطة من فتح والحكومة من حماس..

 

وتجاهلت هذه الصحيفة أو العلمانيين « الفرسان الجدد في عالم السياسة » بأن الشعب الفلسطيني شعب مسلم وشعب واحد يكافح من أجل حرياته وكرامته واسترجاع أرضه المسلوبة وبيت المقدس.

 

كما تغافلت الصحيفة أو بعض العلمانيين المعلقين بان الديغوليون في فرنسا تعايشوا مع حكومة اشتراكية ورئيس دولة اشتراكية تعايش مع حكومة ديغولية في فرنسا في ثلاثة فترات.

 

فكيف تم التعايش في فرنسا بين حزبين متناقضين ولماذا لم يتعايش أخواننا في فلسطيين الذين أعطوا العالم العربي درسا في الديمقراطية والممارسة الحق الديمقراطية.

 

بينما في دول أخر في المشرق والمغرب أحبط في المهد ميلاد الديمقراطية. سواء في الجزائر عام 1992 أو بصعوبة في مصر السنة المنصرمة حيث نجحت الحركة الإسلامية بنسبة 20%  بصعوبة نتيجة الأجواء التي لاحظها العام والخاص على شاشة التلفزيون. بينما الشعوب العربية قادرة على ممارسة الديمقراطية لو أتيحت لها الفرصة كسائر بلدان المعمورة.

 

وتحكيم صندوق الإقتراع هو في مصلحتنا ودعمنا حتى لا يتحكم فينا الغرب واليوم يهاجمون رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلّم. قال تعالى: » يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولوكره الكافرون هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون » صدق الله العظيم.

 

وفي هذا الإطار فإن الشعوب العربية تحمست وتحركت وساهمت في المسيرات والمظاهرات والكتابة في الصحف والأنترنات وتكلمت في الفضائيات العربية ومنابر الخطب الجمعية يوم 03-02-2006.

 

وفي تونس قام عديد الأيمة الأفاضل الأجلاء بالدعوة إلى إيقاظ ضمير الأمة والتمسك بشرع الله وسنة رسوله الكريم وعدم الرضى بالإساءة إليه والوقوف في وجه أعداء الإسلام بالحكمة والحوار والإعلام والاحتجاج والاستنكار والتشهير بطرق سلمية ودون المس بمكاسب اللآخرين لأننا شعب مسلم متحضر نخاطبهم بالعقل ونقارعهم بالحجة والحكمة والموعظة الحسنة، قال تعالى: « وجادلهم بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم » صدق الله العظيم.

 

وكنا نتوق إلى بث خطب الجمعة في عديد المساجد على شاشة التلفزة التونسية خاصة خطبة الأستاذ الشيخ كمال عمران وشيخ بجامع فوشانة ولاية ين عروس وإمام بجهة الحنشة ولاية صفاقس وغيرهم في عديد الجهات. كما كنا نود لو نظمت مسيرات سليمة راقية للتعبير على الغضب والإساءة إلى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلّم.

 

خاصة و نحن في تونس شعب مسالم متحضر.. بلد جامع الزيتونة.. علمنا كتابنا العزيز كيف نتعامل مع الأحداث.. وعلمنا رسولنا كيف نخاطب الآخرين.. وعلمنا علمائنا الإجلاء أمثال الشيخ العلامة محمد الطاهر بن عاشور والشيخ العلامة محمد الفاضل بن عاشور كيف نخاطب الأخرين..

 

وعلمنا زعيمنا الرمز الحبيب بورقيبة رحمه الله كيف نقارع الحجة بالحجة حتى يجنح الخصم للتفاوض بأسلوب حضاري كما حصل مع تاريخ الحركة التحريرية الوطنية الخصم بالأمس أصبح صديق اليوم بعبقرية الزعيم الرمز الذي ترك فراغا في العالم العربي.

 

ختاما نجدد تهانينا لإخواننا في حركة حماس ونقول لهم سدّد الله خطاكم واعانكم على مواصلة الكفاح والجهاد بصبر وتجلد. وشعبنا التونسي هو معكم في السراء والضراء مع حكومتكم ومع مساعيكم ومع مبادئ وثوابت الحركة ومع روح الزعيم ياسرعرفات رحمه الله ومع كل الفصائل الفلسطينية فتح النضال والجهاد الإسلامي وكل الشرائح المناضلة ورحم الله الشيخ أحمد ياسين.

 

وإلى الأمام والنصر حليفكم ولنصلي معا في بيت المقدس صلاة قبل الممات إن شاء الله حمدا له  قال تعالى: » أن تنصروا الله ينصركم ويثّبت أقدامكم. » صدق الله العظيم.

 

والسلام

 

محمد العروسي الهاني

تونس- بلد جامع الزيتونة المعمور

 


 

 الامل دواء يبثه الناجحون حتى أمام أشد الناس كفرا وظلما  وطمعا

الهادي بريك

لم تعد قريش تسمع في مكة  لاصحاب الدين الجديد ركزا في أثناء هجرتهم زرافات ووحدانا سرا ثم كانت الصاعقة العظمى عندما علمت بإختفاء محمد عليه السلام عن مكة في ذات الليلة التي كانت تخطط فيها لاغتياله . كانت قريش تظن بادي الرأي بأن الارض ليست سوى جزيرة صغيرة لا منكب فيها لطالب سعة وتحرر ولا منشد منها لمن مسه ضيم متناسية أن صعاليك العرب سيما من الشعراء لم يلجؤوا سوى إلى الهجرة لبث شكوى أو لصيد مغنم أو لاي مأرب آخر.

يتكرر المشهد ذاته دوما عندما يستبد بصدور الطغاة الغشم  في كل عصر ومصر فيتوهمون بأن الارض ليست بالسعة المطلوبة ليفر من قدرهم المحتوم معارض لهم .

 

رصدت قريش أكبر جائزة يمكن أن ترصد يومها لكل من يدل على محمد عليه السلام أو على رفيق دربه الصديق عليه الرضوان فسالت أودية بلعابها وهب عبيد المال من كل صوب وحدب يندبون حظا سعيدا وكانت أقدار الرحمان من فوق سبحانه ترتب أمرا لرجل مغمور هو سراقة إبن مالك لا ليسلم فحسب بل ليتعرض لموقفين ينحتان حياته الجديدة نحتا وكثيرا ما يكون الانسان إبن مواقف محددة معلومة معروفة أو كما يقول علماء الاجتماع بأن الانسان إبن بيئته .

 

ظن سراقة أنه بحكمته وتدبيره وشطارته ومهارته قد أحكم طوق حياة الرغد حوله فتظاهر بقضاء مأرب له ليفوز بجائزة قريش : مائة من الابل ويضارع بها بعد ذلك عتاتها ولو من موقع المال والوجد إذ لم تشفع له الاحساب والانساب بكفل من السيادة فيها وظلت أقدار الرحمان تسوقه إلى قدر آخر مغاير بالكلية وبذا تماما تضحى تلك القضاءات الالهية التي لا ننفك نتوجس منها خيفة أقدارا مترعة رحمة ومملوءة بشرى لنا ولو راجع كل واحد منا حياته الماضية لالفى فيها من تلك المشاهد عجبا عجابا وكم من ساع إلى شر مضمر سرعان ما حوله الرحمان سبحانه له إلى خير محض فهل حمدت ربا كريما حليما رحيما كثيرا وهل ذكرت مصيرك لو تركتك عنايته سبحانه تخط طريقك بنفسك لا ترضى سوى بحصد ثمرة ما فكرت وقدرت وخططت ؟ قتل الانسان ما أكفره  .

 

نبي يبث الامل في الدين والدنيا بين يدي مشرك ظالم جاء لاعتقاله وتقديمه إلى قريش :

لك أن تتدبر تلك الصورة مليا دون أن تمر عليها مرور الكرام .

صورة نبي كريم حليم عظيم الخلق يقول بكل رفق وحنان ورحمة للرجل الذي جاء لاعتقاله وتقديمه هدية لقريش مقابل ثروة مالية طائلة  » إرجع ولك سوارى كسرى أنو شروان  » .

بداية لك أن تسأل نفسك بالله عليك ماذا لو كنت أنت بلحمك ودمك في ذات الموقع ؟ أو شاهدا على ذات الموقع ؟ كيف يتصرف عقلك إزاء رجل مطارد وقع في قبضة عدوه بدل أن يدافع عن نفسه لتخليص نفسه ورفيقه سواء عبر حيلة ماكرة أو عبر لغة السلاح … تجده يبث بين يديك أملا لا يمكن لعقل أن يتصوره . الرجل مطارد ومهدد بالاعتقال والتسليم إلى قريش تنتقم منه شر إنتقام وتنكل بأصحابه وتجلب من هاجر منهم وتنهي دعوته بالكلية في مشهد درامي حزين …وهو لايكف يبشر من جاء لاعتقاله وتدشين مرحلة إنهائه وإنهاء مشروعه بجرة قلم سريعة بسوارى أكبر ملك لاكبر إمبراطورية في ذلك الزمان .

أليس ذلك عجب عجاب حقا  وصدقا وعدلا ؟

هل يفعل ذلك رجل عادي مهما أوتي من الحلم والرحمة والامل والقوة واليقين والثقة ؟

أنى لسراقة الذي جاء والارض مملوءة إبلا أمام عينيه لا يكاد يبصر شيئا سوى ذلك … أنى له أن يصدق سمعه وكلمات محمد عليه السلام تبشره بسوارى كسرى ؟ ضع نفسك في مكان سراقة لحسن إستيعاب المشهد . سوارى كسرى ؟ كسرى أنو شروان أكبر ملك لاكبر إمبراطورية كيف يعد بها رجل مطارد مهيأ للاعتقال بين الفينة والاخرى ؟

 

ألم يكن الاجدر به عليه السلام أن يشتبك معه لتخليص نفسه أو فداء نفسه بمقابل مالي ؟

الموقف الانسب لكل مطارد يصل إليه عدوه ويهم بإعتقاله هو الاشتباك نشدانا للخلاص أو الموت بعز لا ذلة فيه أو توخي سبيل الفداء بمال ويجب أن يكون ذلك المال أوفى مما عرض على سراقة ومن يضمن لسراقة ذلك والرجل لا يملك سوى راحلته التي يمتطيها ؟

 

هنا تمتزج النبوة التي يوحى إليها بأن سوارى كسرى وملكه بأسره ليس بشئ أمام قدرة الديان القهار سبحانه عندما يأذن بجلبها رخيصة مستباحة … تمتزج النبوة المعصومة الصافية بما كان عليه عليه السلام من خلق عظيم يأبى سوى توخي بث الامل حتى في أشد ساعات العسرة عسرة وعندما تمتزج النبوة بالبشرية العالية فإن المفاهيم التي نحملها نحن اليوم  وأنماط الحياة التي نسير عليها تضحى حلقة ضائعة في فلاة من الرحمة مهداة وأنى لحلقة مزجاة أن تحجب ثمرات فلاة مسداة ؟

 

بدلا من كل ذلك لجأ عليه السلام كما يفعل دوما في السراء والضراء سواء بسواء إلى من أرسله فهو كفيل به ووكيل على دعوته فجاء المدد دون تلعثم ولا تردد فظل يبث أملا لا يتصوره عقل عاقل في هذه الدنيا ـ حتى من كثير من أولئك الذين يتوفرون على قدر من اليقين والثقة والامل ـ

فكانت الصدمة في قلب سراقة عنيفة ولكنها لينة هينة رفيقة رقيقة .

 

درس في معرفة معادن الرجال ومناسبة الجزاء بالجزاء :

الدروس في كل حادثة صغيرة دقيقة أكثر من أن تحصى ولم يكن بخلق النبوة وحسن تدبيرها سوى أن تناسب بين جزاء قريش وجزاء رب قريش فكان جزاء رب قريش من ذات الجنس أي عطاء ماديا ولكنه كان أكثر وأكبر وأعظم بما لا يتصور والاكبر من ذلك أنه كان يحوي في طيه المسكوت عنه أمرين كبيرين خطيرين لا بد أنهما وقعا في قلب سراقة موقعا حسنا أولهما هو أن هذا الرجل المطارد ستفتح له الدنيا إلى حد التغلب على كسرى أنوشروان في إمبراطوريته وجلبه أسيرا وسواريه وهي أعز ما يملك وتملك الملوك قاطبة وثانيهما هو أن سراقة الذي يهم بإعتقال محمد عليه السلا ورفيق دربه سيؤمن ويكون في المجتمع الذي ينتصر على صاحب أكبر إمبراطورية ويشارك في ذلك العمل ويجازى بسوارىكسرى .

 

تلك المعاني كانت مسكوتا عنها من لدنه عليه السلام لان الاوان ليس أوان التصريح بها ولكنه أوان التصريح بما يناسب حالة سراقة الذي لايزال سيلان لعابه في إثر مائة من الابل يفسد عليه عقله ويصرم حبله .

 

ألم يكن أنسب له عليه السلام أن لا يبث أملا في وجه مشرك ظالم طماع  ؟

تلك هي أكبر الدورس .

بث الامل من لدن النبوة ليس مقصورا على المسلم والمؤمن ولا حتى على المشرك المسالم لا بل يتعدى ليصل بث الامل بين يدي رجل جمع بين أكبر ثلاث خصال هي في غاية الذلة والخزي وهي : الشرك بالله سبحانه والظلم والعدوان  على حرمات الناس الامنة بإعتقالهم واللهث وراء نعيم دنيوي زائل يشبع به حنق قريش ويفقد به كرامته وعزته وحريته أبد الدهر .

 

هل أراد الله سبحانه لسراقة مصيرا مخزيا ؟ لو أراد له ذلك لمكنه من إعتقال نبيه عليه السلام أو مجرد الدلالة عليه ثم لخلص نبيه إن شاء من الاسر بألف ألف وسيلة ولكنه الرحمان سبحانه لايرضى لعباده الكفر ولا حياة الذلة والهوان . هل يذكر الانسان ذلك أم ينسب فضلا مماثلا لنفسه؟

 

لكم أود من الناس سيما من المتشددين منهم على معاني الانصاف حيال المشركين وأهل الكتاب أن يتدبروا هذا المعنى مليا بعين طالب العلم المتواضع في حضرة نبيه عليه السلام . المعنى جدير بالتدبر والتأمل طويلا . ماهو جزاء مشرك ظالم طماع في رأي كل واحد منا اليوم .؟ أليس هو القتل والتشريد والتنكيل والقتل شر قتلة لجعله عبرة لمن يعتبر ولمن لا يعتبر ؟ أليس هو ذلك ما نحدث به أنفسنا سرا وعلنا ؟ ماهو الموقف إذن من تصرف نبوي مغاير تماما ؟

 

بث الامل من لدنه عليه السلام بين يدي مشرك ظالم طماع عمل متعدد المقاصد :

هل كان يأمن عليه السلام في سراقة عدم بث الامل الذي بثه في صدره قبل لحظات ؟ كان يريد تبليغ رسالة أخرى عليه السلام مؤداها أن على المشركين قاطبة وعلى المسلمين كذلك بأن يعلموا بأن هذا الرجل المطارد وتلك الدعوة المحاصرة يومها من غار ثور إلى يثرب مآلها النصر القريب المدوي . كفى به دويا أنه يتغلب على أكبر إمبراطورية في الارض يومها وكفى به قربا أن سوارى ملك تلك الامبراطورية موعودة لرجل مشرك مغمور في مكة لا يعلم عنه أحد شيئا ولا يعلم هو عن أحد شيئا .

ذلك يعني في علم القيادة بأن أنجح القيادات أقدرهم على بث الامل ولكن في ساعة العسرة وليس في ساعة النصرة . أجل أعسر شئ أن تبث الامل من موقع القيادة في ساعة هزيمة ومطاردة في صفوف أثخنتها الجراحات وبلغ منها اليأس كل مبلغ . أما في ساعات النصرة فلا تتولى القيادة ذلك ولكن يتولاه عادة أولئك الذين كانوا بالامس القريب يشنون غاراتهم على ذلك الدعوة المطاردة ولكن بأسلوب إبن أبي سلول وليس على طريقة أبي لهب وأبي جهل .

ذلك يعني في علم النفس أن بث الامل خير دواء وأبدع شفاء للنفوس التي إستبد بها اليأس لان المعركة عادة ما تكون بين نفوس آملة مطمئنة وأخرى صلفة معربدة طاغية أما معركة القوى الظاهرة فلا عبرة بإنحسامها لصالح هذا الطرف أو ذاك لانها جولات في الحياة ليس أكثر من ذلك ولا أكبر .

ذلك يعني في علم الاجتماع  بأن بث الامل خير موحد للصفوف الاجتماعية بين الناس و خيربان لعرى الوحدة الداخلية وليس كالامل حارسا لتلك الوحدة في وجه عاديات الليالي .

ذلك يعني في علم الدعوة بأن أولى الناس ببث الامل بين أيديهم هم المشركون الكافرون المحاربون الظالمون المعتدون ومن لدن الانبياء والمرسلين إن وجدوا أو من ينوبهم في مهمة بث الامل بين يدي أولئك .

ذلك يعني في علم الرجال أن الدهر موار كثيرا ما يغدو فيه المرء مؤمنا مسلما سيفا بتارا ويمسي سيفه ذاك مغروزا في صدور إخوانه المؤمنين سواء بكفر أو بإيمان ولبيس الايمان وكثيرا ما يمسي المرء مشركا ظالما طماعا في مثل سراقة ثم تسوقه أقدار الرحمان سبحانه من حيث أراد الخير لنفسه إلى مصير آخر مغاير تماما فيمسي مشارا إليه بالبنان وكيف لا يشار ببنان الحب والغبطة إلى رجل رهنت حياته بالنصر على أعتى إمبراطورية يخشاها الناس من حولها يومئذ .

ماذا لو مات سراقة قبل الانتصار على كسرى ؟ هل تقوم للاسلام بعد ذلك قائمة يعتد بها الناس ؟

ذلك سؤال ساذج بسيط يلقيه على نفسه وعلى من حوله عديم اليقين وقليل الثقة من يقيس جلالة الملك الديان الرحمان سبحانه على قرود نصبوا أنفسهم بإسم العترة النبوية أو بغيرها ملوكا على الناس ركعوا لهم ركوعا مشينا وإنحنت منهم هامات كانت لتعز لولا طلب السحت .

ذلك هو موضع ذلك الرجل الذي جاء معتقلا له عليه السلام مقابل مائة من الابل في أعين الناس.

نسي الناس أنه كان بالامس القريب مشركا ظالما عاديا طماعا وذلك في ذات اللحظة التي نسي فيها سراقة نفسه ذلك . تلك هي أكبر نقاط الاسلام قوة إذ يستوي من أسلم لتوه بعد حرب دامت أحقابا طويلة مع من قام الاسلام على عاتقه . أكبر نقاط قوة الاسلام التي تجعله يأسر الافئدة ويخضع الاعناق هي تسويته بين الناس قاطبة فلا يتميز مسلم قديم على جديد بل ربما وبالتأكيد يتميز هذا على ذاك . ألسنا نحن اليوم نتشوف إلى سماع قصص المسلمين حديثا من الغربيين ؟

 

خلاصة الدرس هي إذن أن الامل هو المصل الواقي لصحة الدعوة دوما وهو سلاحها الاكبر في وجه حركات تجفيف المنابع والتنفير عن الاسلام والتيئيس من صلاحيته وقدرته . أنضج ثمرات ذلك الدرس هو أن  ذلك الامل مبسوط بين يدي أشد الكفار شركا وظلما وطمعا . درس يوحي لنا جميعا بأن من يحاربوننا اليوم أو من يبغضوننا بسبب الاسلام قد يكونون لنا في الغد القريب خير أساتذة ومعلمين نتعرف منهم على عظمة هذا الدين  » عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم « .

 


 

تحية الديمقراطية وحرية الصحافة

بقلم عبداللطيف الفراتي (*)  

 

في أول زيارة لي للكويت بدعوة من وزارة الإعلام آنذاك في سنة 1981، دعيت ضمن برنامج تلك الزيارة وبصفة خاصة لحضور اللقاء الدوري لولي العهد رئيس الوزراء الشيخ سعد العبدالله مع رؤساء تحرير الصحف. كان ذلك فيما قيل لي في قصر الحكم، وقد أعجبت في المدخل بتلك العبارة المخطوطة كدت أقول بماء الذهب ولكني أفضل عليها بماء العين « لو دامت لغيرك ما آلت إليك » بكل ما حملته بالنسبة لي من معان عالية القيمة، غير أن تلك العبارة لم تكن الوحيدة التي أخذت بمجامع قلبي يومها، فقد كان الحديث بين الرجل القوي الذي كان يومها في العام الرابع من توليه ولاية العهد ورئاسة الوزراء على نمط من الندية لم نعهده في عالمنا العربي من حيث الصراحة وعدم الوجل أمام الحاكم ومصارحته بل وإحراجه، وفي عديد الأحيان يومها كان الحديث الموجه للشيخ ولي العهد من القوة بحيث كان على حدود اللياقة إن لم يتجاوزها.

 

يومها قدرت ما يعيشه الكويتيون من حرية في التعبير ربما كانت الأفضل في العالم العربي ولبنان وقتها وأيامها جريح في خضم حرب أهلية سكت فيها الناس والصحفيون خاصة عن الكلام المباح وأصبح كل شيء غير مباح إلا لعلعة الرصاص الذي بدأ بحصد نقيب الصحفيين الطيبي مؤذنا بحرب أهلية مدمرة، ومؤكدا على أن المستهدف أولا هو حرية الكلمة في هذا البلد الذي بات مستهدفا في حرياته الصحفية وفي ديمقراطيته على ما تمثلان بالنسبة له وبالنسبة للآخرين من أهمية حياتية لا يمكن فصل لبنان عنهما وإلا لا يعود لبنان لبنان، وكان لبنان خاضعا وقتها لاحتلال سوري مقنع جاء بدعوة من جانب من اللبنانيين و »شرعية » عربية تمثلت في قرارات للجامعة العربية على شكل ما قاله يوما جمال عبدالناصر إن من لا يملك أعطى ما لا يملك لمن لا حق له في أن يملك.

 

كان الشيخ سعد بسمرته القوية وطول قامته وامتلائه وقوة شخصيته يواجه سيلا من الكلام لو وجه ـ هذا كان تقديري يومها ـ لأي حاكم عربي آخر على طول الوطن العربي وعرضه لما انتهت الأمور بسلام. وعاد القائلون بعده إلى قواعدهم سالمين وباتوا ليلتها نائمين كما هي العادة لا يؤرقهم خوف ولا أحد.

 

ولم تكن سلطة الكويت تنقصها يومها لا القوة المادية ولا النفوذ الفعلي لأن تكون مثل الآخرين، كما لم يكن هناك دوليا ما يدفعها لتكون على تلك الحال من الانطلاق، فلا عولمة، ولا تأثير دولي أو مناداة بالدمقرطة ولا محيط يمكن أن يشجع على ذلك المسار بل لعل الكويت وحكامه كانوا أيامها يعطون « المثل السيئ » الذي تناهضه دول الجوار القريب والبعيد وتخشى من عدواه وتدعو بشدة لإلغائه وإيقاف مساره.

 

ولم يكن ذلك هو أول لقاء لي بالشيخ سعد فقد سبق لي في سنة 1980 وبمناسبة قدومه للقيام بنوع من الوساطة بين تونس و طرابلس بمناسبة أحداث قفصه المدينة التونسية التي هاجمها كومندوس تونسي مسلح من دول الجوار أن قابلته في مجموعة من الصحفيين التونسيين وذلك عن طريق السفير الاستثنائي للكويت بتونس أيامها المرحوم حمد مجرن الحمد والذي كان يحب البلاد التونسية مثلما كان يحب وطنه وكان ينوي الاستقرار بها بعد نهاية خدمته حيث اقتنى قطعة أرض فسيحة لإقامة قصر عليها، وكان أحد المتحمسين لتونس والتونسيين هو والأمير الجديد للكويت الشيخ صباح الأحمد الذي ابتنى لنفسه هو الآخر قصرا بتونس وكان دائم القدوم للبلاد،والإقامة به وهو وقتها وزير للخارجية ونائب لرئيس الوزراء، وفي هذا القصر انعقدت الاجتماعات التي انتهت بقرار نقل الجامعة العربية إلى القاهرة في ربيع 1990، وهو أمر تقرر بالأساس بينه وبين طارق عزيز وزير الخارجية العراقي حيث خرجا وقد تشابكت منهما الأيدي للإعلان عن القرار الذي لم تكن ترضى به عدة دول منها دول المغرب العربي زيادة عن تونس، ولكن الاتفاق العراقي الكويتي وقتها كان كافيا لاستبعاد كل المعارضات وذلك قبل أسابيع قليلة فقط من الغزو العراقي للكويت والبلدان أي العراق والكويت في « صحفة العسل » كما يقال في تونس تدليلا على العلاقات المتميزة.

 

وإذ لم أقترب من الرجل منذ ذلك الحين إلا لوقت قصير جدا على هامش المؤتمر الشعبي بجدة الذي انعقد في الأيام العصيبة للغزو العراقي وجمع كل أطياف المجتمع السياسي الكويتي من حكم ومعارضات من مختلف المشارب فقد كان الرجل يتميز بكاريزما وحضور طاغ وقدرة على اتخاذ القرار وصلابة في المواقف وتصميم ظاهر على قسمات الوجه يجعل منه رجل الدولة المتمكن.

 

ولكن سريعا ومنذ ما بعد منتصف التسعينيات تراكمت الأمراض على الرجل وتعددت إلى الحد الذي أصبح معه غير قادر على أداء مهامه الثقيلة كولي للعهد في دولة لا تقل مشاكل أميرها الصحية عن مشاكله وأكثر من ذلك كرئيس لحكومة مطالبة كأي حكومة في دولة نشيطة بقرارات يومية لا يمكن أن تنتظر البت ولا تحتمل التأخير والانتظار .

 

وكان من المستعجل والضروري أن يجري التعويض في هذا المنصب وإن تأخر، فشؤون الدولة لا تنتظر، وإن كانت الأعباء كلها ومنذ ما قبل سنوات من ذلك قد أسندت إلى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية صباح الأحمد، ـ الأمير الجديد ـ إذ كان لا بد أن يحصل التغيير في منصب رئيس الوزراء ولو بفصله عن ولاية العهد على عكس ما كان عليه الحال، و قد آلت حقيقة الحكم كله إلى رئيس وزراء جديد ومتمرس ـ أكثر من 40 سنة كوزير للخارجية ـ في غياب يكاد يكون كاملا لأمير بقي في سدة الحكم وولي للعهد كان متغيبا للعلاج أكثر الأوقات في الخارج وبدا أشد مرضا من أميره ورئيس دولته.

 

ولقد انفجر الأمر ـ الذي كان ينبغي أن يجد العلاج في الوقت المناسب ـ بعد وفاة سمو الأمير جابر وانحلت عقدة الألسن المربوطة، فولي العهد ورئيس الدولة الذي آل إليه الأمر لم يكن مؤهلا لقيادة السفينة وهو أمر لم يكن ليغيب على أحد.

 

غير أن الحياء الشرقي هو الذي منع الناس من أن يفصحوا عما أصاب الأمير الوارث أو أن يخوضوا في أمراضه المتعددة وفي مقدمتها وليس أقلها، وليس أكبرمنها تأثيرا على القدرات الذهنية والبدنية مرض الزهايمر.

 

وإذ جرت محاولات في الخفاء أولا ثم في العلن للخروج من مأزق أن يحكم الكويت رجل ليس له قدرة على الحكم وأعبائه، فقد استطاع الكويتيون بعبقريتهم أن يتجاوزوا الأزمة بصورة دستورية لا غبار عليها ليست متاحة لكثير من بلدان العالم الثالث واعتمادا على مؤسسات اختبرت فصحت .

 

فقد تأزم الموقف ولكن لم تهتز البلاد ولم تتهدد في استقرارها ولا في عقلانية قرارها، وإذ حاول البعض أن يجازفوا بوضع رجل مريض على رأس دولة هي بحكم الموقع الإستراتيجي والثروات البترولية وأهمية المخزون النفطي ذات أهمية إقليمية وحتى دولية كبيرة، ـ ألم تقع من أجل احتلالها من قِبل العراق أكبر حرب عرفها التاريخ المعاصر منذ الحرب العالمية الثانية؟ـ فإن الجسم الكويتي كله قد تداعى لإصلاح الأمر مستعملا ما بيده من أدوات ليست بالقليلة وظهرت كفاءتها.

 

فوضوح النصوص سواء الوثيقة الدستورية لسنة 1921 أو دستور 1962 أو قانون توارث الحكم لسنة 1964، وصلابة المؤسسات وأداؤها للدور المنوط بعهدتها، كل ذلك مصحوبا بقدر كبير من حرية التعبير وانطلاق الصحافة ـ أليست الكويت هي الدولة العربية الأولى من حيث الحريات الصحفية بحسب الترتيب الذي تنجزه سنويا منظمة (صحفيون بدون حدود) ـ مكن من عزل أمير ـ وإن أعلن عن بدء إمارته فإنها لم تأخذ الشرعية اللازمة عبر أداء القسم الدستوري ـ، وتعيين آخر وفقا لما ينص عليه الدستور.

 

ولقد كان الكويتيون يأملون أن يتنحى رجل مثل الشيخ سعد لا أن تقع تنحيته لما له من مكانة لديهم، ولكن مناورات اللحظات الأخيرة التي يبدو أن زوجته كانت وراءها فرطت على الكويت تلك الفرصة للمرور بسلاسة أكبر من أمير إلى آخر لحكم البلاد مؤجلة ساعة بعد ساعة وصول رسالة التنحي إلى برلمان يتسم بكثير من الصلاحيات التي لا يبدو أن برلمانا عربيا آخر يتمتع بها أو ينعم بمثيل لها باستثناء لبنان وهو ما فرض تنحية الشيخ سعد وعزله فيما إن الرجل لا يستحق ذلك وكان على محيطه أن يجنبه تلك النهاية التي لا تليق به، خصوصا وأن لمنطق الدولة أحكامه .

 

غير أنه ورغم ذلك للمرء أن يقف رافعا قبعته كما يقال في الغرب أمام الممارسة التي حصلت في الكويت والتي لا تدل إلا على نضج الطبقة السياسية ومسؤوليتها وما تتمتع به من قدرة على القرار الذي لا يتجمع في يد واحدة بل هو في القضايا الكبيرة قاسم مشترك بين جهات متعددة أبرزت كفاءتها كما يكون الشأن في بلد متقدم وديمقراطي تجري فيه أمور السياسة وتوجهات المصير بكل الشفافية اللازمة.

 

وإذ دلت هذه التجربة على أن الأمر قد يحتاج إلى مراجعة النصوص الدستورية والقانونية لمزيد الإحكام ولعدم مواجهة احتمالات مماثلة في المستقبل، فإن جهات كثيرة من المتتبعين وخاصة من السياسيين ورجال القانون الدستوري لم يتخلفوا عن التعبير عن الإعجاب بالمؤسسات التي لعبت دورها كما ينبغي لها ومكنت البلاد من أن تجتاز الأزمة بكل سهولة ويسر وشفافية وحكمة.

 

على أن ما حدث خلال الأسبوعين الأخيرين في الكويت يمثل سابقة تاريخية من حيث إنه يحصل للمرة الأولى على حد علمنا:

 

أولا أن يصل ولي للعهد وهو في حالة صحية لا تؤهله لاستلام الحكم

 

ثانيا أن يكون الحكَم في مثل هذه الحالة مجلس الأمة أي رمز السيادة الشعبية وليست الأسرة الحاكمة .

 

وعودة إلى بداية البداية : لو دامت لغيرك ما آلت إليك. كلمات تكتب بماء العين. ولا نجد لها مثيلا على طول العالم العربي وعرضه.

 

(*) كاتب وصحافي من تونس

 

(المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 31 جانفي 2006)


الاجتماع العام التحضيري للمنتدى الاجتماعي المغاربي

فضاء للتفكير ومناهضة الاستغلال

المغرب – محمد فوراتي
انعقد بمدينة بوزنيقة المغربية أيام 27 و 28 و29 جانفي الماضي الاجتماع التحضيري للمنتدى الاجتماع المغاربي بمشاركة المئات من ممثلي المجتمع المدني.  وشهد الاجتماع لأول مرة إلتقاء معارضي العولمة من المغرب والجزائر وتونس وموريطانيا في سعي حثيث لوضع اللبنات الأخيرة للمنتدى الاجتماعي المغاربي الذي من المتوقع الاعلان عن بعثه في غضون السنة القادمة.
حماس كبير كان يملأ شبان ومناضلين من مختلف الأقطار المغاربية جمعتهم مبادئ إنسانية ووعي بخطورة التحولات العالمية وإصرار على مقاومة الاستغلال والقمع والحروب بكل الأشكال الممكنة.  تعددت الشعارات المكتوبة والمرفوعة وكلها تدعو للمساواة والأخوة على أساس إنساني وتطالب بالحوار وتقسيم عادل للثروة ولكنها كانت أيضا مندّدة بمظاهر العولمة النيوليبرالية والحروب والعسكرة. وصاحت الحناجر بأقصى ما تملك من قوة  » ضد الحروب والعسكرة مناهضي العولمة »..  » يا أعداء الشعوب يكفينا يكفينا من الحروب ».
الجلسة الافتتاحية التي حضرها الكاتب العام للمنتدى الاجتماعي العالمي أكدت أن المنتدى الاجتماعي المغاربي هو فضاء للتفكير والحوار بل هو فضاء بديل للمهمشين والمدافعين عن حقوق الإنسان والنقابيين.  السيد كنديدو الكاتب العام للمنتدى الاجتماعي العالمي أكد في كلمته أن ما يجمع المشاركين في هذا الاجتماع و عشرات الاجتماعات الأخرى في العالم التي تنضوي تحت المنتديات الاجتماعية هي المواطنة العالمية، المواطنة على أساس التكافؤ الاجتماعي والفهم الكوني للمبادئ الإنسانية. وأضاف معبرا عن رفض ملايين البشر للاستغلال قائلا  » لا يمكن أن نضحّي بحياتنا حتى يحقق الآخرون الأرباح ».
من جهته أكد السيد كمال الحبيب المتحدث باسم المنتدى الاجتماعي المغاربي على خطر العولمة المجحفة على شعوب المنطقة المغاربية، هذه المنطقة التي تعيش حالة من عدم الاستقرار والهشاشة، والاقصاء الاجتماعي والثقافي، كما أن ارتفاع تكاليف المعيشة أصبح مهولا و مصحوبا بتقهقر المرافق العمومية، فيما عرف سوق الشغل تراجعا مخيفا مسّ حتى من فئة حاملي الشهادات العليا.
ودعا المتحدث باسم المنتدى الاجتماعي المغاربي إلى محاربة الفجوة الكبيرة بين الأغنياء والفقراء التي تتسع كلّ يوم ونبذ التدبير العشوائي للشأن الاقتصادي الوطني وتشريك الفاعلين لبناء منطقة مغاربية بديلة. كما دعا حكومات المنطقة إلى التخلي عن الاستعلاء وحلّ جميع النزاعات بالحوار، مؤكدا أن المجهودات التي بذلت في إطار المنتدى الاجتماعي المغاربي تمكنت من خلق فضاء ممكن و كسر الفجوة بين الشعوب المغاربية.
ويهدف المنتدى الاجتماعي المغاربي إلى الدفاع عن خيارات شعوب المنطقة بعيدا عن منطق الإقصاء والتهميش.  فقد عمّقت العولمة الرأسمالية مشكلة مديونية الدول، وساهمت بشكل ممنهج في تقويض النسيج الاقتصادي، وأصبحت تهدّد البيئة، وتسهّل ترويج المخدرات والامراض الفتاكة، وتدفع آلاف المقصّيين إلى حافة اليأس، إلى الانتحار أو ركوب قوارب الموت التي تحمل يوميا جثث المهاجرين السريين على ضفاف البحر الابيض المتوسط.
ويهدف المنتدى الاجتماعي المغاربي إلى طرح البدائل في مواجهة منطق التهميش وخيار الحلول الامنيّة للحكومات، كما عليه صياغة مقترحات عملية تغلب الحقوق الأساسية للشعوب في تنوعها على المصالح الأمنية والمالية والتجارية.
تعددت الورشات المعبرة عن مشاغل أبناء المنطقة وطموحاتهم وانقشم المشاركون في خلايا للنقاش والاقتراح وتعديل المواقف. انقسمت ورشات العمل إلى محاور ( السلم والأمن، الديمقراطية وحقوق الإنسان، المسيرة النسائية من اجل المساواة المغاربية، الهجرة السرية، الحركات الاجتماعية، الشباب و الحركات الاجتماعية، البيئة) وكان النقاش ثريا و لأول مرة تلتقي فعاليات من أربع دول مغاربية لتطارح المشاغل الأساسية لشعوب المنطقة بكلّ حرية ودون إقصاء.
ورشة الديمقراطية وحقوق الإنسان مثلا كانت ثرية حيث تناولت أغلب المحاور التي تشغل النخبة و بقية الفئات الشعبية. فقد أتى النقاش على مواضيع الحريات والهوية وأنماط الحكم والقمع والتعددية الثقافية والإثنية وحق الشعوب في التنمية والديمقراطية والدين وغيرها. واتفق المشاركون في مختلف الورشات على التمسك بمبادئ المنتدى الاجتماعي العالمي ودعم النقاش والتواصل بين مختلف الفعاليات المغاربية وتسريع التحضيرات اللوجستية والمادية لبعث المنتدى الاجتماعي المغاربي.
هذا اللقاء الذي كان فرصة للحوار الحر بين المغاربيين من مختلف الفئات والاجيال كان أيضا فرصة للتمتع بسهرات فنية هادفة أثثتها فرقة  » ناس الغيوان  » والفنان التونسي محمد بحر.  وانتهت الاشغال مع شوق حارق إلى لقاءات أخرى وإلى غد أفضل يجعل من الأخوة والحوار منهجا لبناء مستقبل بديل.  


تصريحات من داخل الاجتماع التحضيري للمنتدى الاجتماعي المغاربي
الموقف – المغرب
عبد الرحمان الهذيلي: منسّق سكرتارية المنتدى الاجتماعي المغاربي   السياسات النيوليبرالية واتفاقات الشراكة كان لها انعكاسات مدمرة على أقطار المغرب العربي أضعفت النسيج الاقتصادي وعمقت الفوارق الاجتماعية والجهوية وخلفت الهجرة السرية وزادت في هشاشة وضع المرأة وخاصة في تونس والمغرب. كما كان لانعكاسات الاتفاقات متعددة الألياف والتصحر الثقافي وقمع الحريات في هذه الأقطار أثار مدمرة دفعت بالحركات الاجتماعية إلى الانتفاض في عديد المناسبات. وبعد استعراض مختلف الاحتجاجات الاجتماعية والعمالية كان نداء الرباط من أجل تكوين منتدى اجتماعي مغاربي يهدف إلى تقريب الحركات الاجتماعية الحقوقية والنقابية و بعث مغرب الشعوب والانصهار في الديناميكية العالمية طبقا لقاعدة ميثاق بورتو أليغرو وتوحيد الطاقات في منطق المقاومة والبحث عن البدائل.    حمودي فالح عن المنتدى الاجتماعي الجزائري الحرّ   المنتدى الاجتماعي المغاربي جزء من المنتدى الدولي والمغرب العربي ليس في منأى عن التطورات العالمية وتهدده أطماع استعمارية. وإذا لم نمكن كمغاربيين من المشاركة في بناء العالم بسبب الماضي الاستعماري فإنه من حقنا الآن والفرصة متاحة للتعبير عن صوتنا والتفكير في بناء عالم آخر ممكن. لابد أن نكون موحدين تحت غطاء المنتدى الاجتماعي المغاربي حتى نتمكّن من إيصال ما يمكن إيصاله للمنتدى الدولي لنبلغ كلمتنا ونشارك في صياغة المجتمع الدولي. ولابد ككتلة مغاربية أن ناخذ بعين الاعتبار انتماءنا الاسلامي والعربي والافريقي حتى نتمكن من ايجاد آليات مطابقة لهذه التوجهات التي نعتبرها غنية.   حميد بوهدومي الجمعية المغربية لحقوق الإنسان   المنتدى الاجتماعي الذي نسعى لبناءه هو فضاء مغاربي لكلّ الحقوق، للحوار والديمقراطية والدفاع عن الخيارات الشعبية. هدفنا ربط علاقة حوار دائمة وتبادل الخبرات بين الحركات الاجتماعية العاملة والبحث في إمكانيات التشبيك والعمل المشترك حول مجموعة من القضايا.  ونحن في الجمعية المغربي لحقوق الإنسان بدأ يتبلور لنا محاسن العمل المغاربي المشترك منذ انطلاق النقاشات حول بعث المنتدى الاجتماعي المغاربي ونسعى لتأسيس شبكة مغاربية لحقوق الإنسان والتي نتمنى أن تكون حاضرة في المنتدى الاجتماعي المغاربي.   محي الدين شربيب لجنة احترام الحريات في تونس   بعض المغاربيين واكبوا الحركة المناهضة للعوملة منذ بداياتها في سياتل حتى تشكيل منتدى اجتماعي عالمي سنة 2001. ومن هذا المنطلق كان هناك إحساس بأهمية هذا الملف وضرورة المشاركة في بناء تصور المنتدى الاجتماعي العالمي وانطلق الحركة الجمعوية لتأسيس منتدى اجتماعي مغاربي. القضايا المطروحة أمامنا مغاربية بالأساس تهم الجانب الاجتماعي والاقتصادي والسياسي كما أن القضايا القومية حاضرة بقوة وخاصة احتلال العراق وفلسطين. لقد كان المنتدى الاجتماعي العالمي رائدا في مناهضة الحرب على العراق ونظمت فعالياته مظاهرات ضمن عشرين مليون شخص في مختلف بلدان العالم. فقضايانا العربية مطروحة في المنتدى الاجتماعي العالمي ويجب أن نعي ذلك.   تأسيس النقابة الوطنية لمتفقدي التعليم الثانوي
عقدت نقابة متفقدي التعليم الثانوي مؤتمرها التأسيسي يوم الأحد 25 ديسمبر 2005 برئاسة الأمين العام المساعد للاتحاد الشغل المكلف بالوظيفة العمومية السيد مسعود ناجي .
وتم خلال المؤتمر تدارس أوضاع المتفقدين مثل الحاجة إلى إعادة النظر في القانون الأساسي للمتفقدين وتراجع منزلة المتفقد وإثقال كاهله بمهام كثيرة ومتنوعة إلى جانب تراجع المقدرة الشرائية وعدم تناسب ما يتقاضاه المتفقدون من رواتب وتجميد المنح .
وطالب المؤتمرون وزارة الإشراف بالتفاوض حول جملة من النقاط مثل مراجعة القانون الأساسي وتطبيق القرارات والمناشير وتحسين ظروف العمل بالجهات .
وصدرت عن المؤتمر لائحة عامة تضمنت استبشار المنخرطين بتكوين النقابة و تمسكهم بالاتحاد العام التونسي للشغل ممثلا وحيدا للشغالين بالفكر والساعد واستعدادهم للنضال تحت لوائه. كما أعلن المؤتمرون تمسكهم بمكسب مجانية التعليم وإجباريته وتدعيم التعليم العمومي وباحترام الحريات والحقوق وقيم المواطنة والانخراط الحقيقي في الديمقراطية .
وتم انتخاب السادة الآتي ذكرهم  لعضوية المكتب: المنجي الغضبان ( كاتب عام ) ، نجيب الزبيدي ، رضا شهاب المكي ،  الهاشمي القرضاوي ،  المختار يحيى ، التيجاني القماطي، المقطوف الظاهري، الحبيب الهازل، فيصل عبروق (كتاب مساعدون).
(المصدر صحيفة الموقف العدد 345 بتاريخ 3 فيفري –  2006 )

 

هجوم اللغة الإنـجليزية في المغرب العربي

رشيد خشانة – تونس

 

تتجمع المؤشرات على أن الصراع على النفوذ والحضور بين فرنسا من جهة، والولايات المتحدة وبريطانيا من جهة أخرى، يحتدم في منطقة المغرب العربي. ثقافيا، يبدو أن لغة فولتير تتجه شيئا فشيئا إلى خسارة السباق التاريخي مع لغة شكسبير على مركز اللغة الثانية في أوساط النخب في تونس والجزائر والمغرب.

 

مع اتجاه وزارة التربية التونسية إلى فرض نموذج موحد لتعليم الإنجليزية يتيح للطلاب الوصول للمعيار الدولي لحذقها والمعروف بـ »توفل » بما يخول لهم لاحقا متابعة دراسة مختلف المواد في الجامعة بالإنجليزية، تكون الفرنسية بدأت تخسر السباق التاريخي مع لغة شكسبير على مركز اللغة الثانية في البلد.

 

وهذه الظاهرة ليست خاصة بتونس، ففي ثلاثة بلدان مغاربية أخرى، حققت لغة فولتير خلال الحقبة الإستعمارية اختراقا تاريخيا بعد أن حازت على قصب السبق على اللغات الأوروبية الأخرى، بل تقدمت على العربية نفسها لدى قطاعات من النخبة، مستفيدة من الحضور العسكري والسياسي الفرنسي المديد في المنطقة.

 

لقد مكث الفرنسيون 131 سنة في الجزائر و74 سنة في تونس و60 سنة في موريتانيا و44 سنة في المغرب، وجعلوا من لغتهم الجسر الثقافي الوحيد لشعوب هذه البلدان نحو العالم، عدا شمال المغرب الذي كانت تحتله اسبانيا، وليبيا التي احتلتها إيطاليا ثم بريطانيا.

 

لكن بعد مرحلة الإستقلالات، انطلق مسار الإنفتاح على لغات جديدة شاملا الإنجليزية والإسبانية والإيطالية وحتى الروسية، فضلا عن التعزيز المستمر لمركز اللغة العربية في التعليم والحياة العامة مما قلَص بدوره من نفوذ الفرنسية.

 

وبعدما كانت النخب السياسية والثقافية المغاربية لا تتقن من اللغات الأجنبية سوى لغة فولتير، صار عدد كبير من الوزراء ورجال الأعمال والأكاديميين اعتبارا من التسعينات يتحدث الإنجليزية (إضافة للإسبانية بالنسبة للمغاربة) بطلاقة لا تقل عن سيطرتهم على الفرنسية.

 

وقالت الجزائرية فائزة بوعكاز التي واكبت المراحل الأولى من معهد « أميديست » الأمريكي في الجزائر العاصمة بين 1995 و2000 إن عدد المسجلين تضاعف ثلاث مرات في تلك الفترة مع تنوع الطلاب الذين أتوا من شرائح اجتماعية مختلفة. وأوضحت بوعكاز، التي انتقلت أخيرا للعمل في السفارة الأمريكية في تونس، أن غالبية الدارسين « لم يتعلموا لغة شكسبير بهدف الهجرة وإنما لاستخدامها في حياتهم المهنية ».

 

 نقلة تدريجية

 

ويشكل الخط البياني المتصاعد للمقبلين على تعلَم الإنجليزية في الفروع المغاربية للمعهد الخاص « أميديست » مؤشرا قويا على زعزعة عرش الفرنسية في المنطقة. وأفادت نائبة مدير المركز الثقافي الأمريكي في تونس ستيفاني سيبتاك أنه فتح فروعا في مدينتي سوسة وصفاقس الساحليتين، ويعتزم فتح مزيد من الفروع في محافظات أخرى.

 

ورأى عالم الإجتماع الدكتور مهدي مبروك أن هذا المسار، على أهميته، يبقى محدودا لأن رسوم الدراسة مرتفعة نسبيا (190 دولارا للدورة الواحدة التي تستمر سبعة أسابيع).

 

لكن الأهم، برأيه، هو المكانة المتزايدة للغة شكسبير في المقررات المدرسية. فقد مرَت منظومة تدريس الإنجليزية بمراحل مختلفة في السنوات الأخيرة في اتجاه تعميمها والتبكير في دراستها، إذ كانت تقتصر قبل سنة 1995 على الصفوف الأربعة الأخيرة من المرحلة الثانوية، غير أنها صارت تُدرَس الآن منذ الصف الأول الإعدادي، فيما انطلق تدريسها لطلاب الصفين الخامس والسادس الإبتدائيين في شكل اختياري، لكنه بات اليوم إجباريا بالنسبة للصف السادس.

 

وأكد مسؤول في وزارة التربية التونسية فضل عدم الكشف عن هويته لـ »سويس أنفو » أن الوزارة قررت إضافة ساعة انجليزية في الإعداديات اعتبارا من السنة المقبلة والترفيع في الحصة المخصصة لها من 650 ساعة حاليا إلى 800 ساعة طيلة مسار تعلَمها من الإبتدائي وصولا إلى الثانوية العامة.

 

وفي هذا السياق، قال عمران البخاري، مدير عام البرامج في الوزارة لصحيفة محلية أخيرا، إن تعزيز مكانة الإنجليزية يرمي « لتقريب المنظومة التربوية من المتوسط الدولي الذي يندرج في إطار معيار « توفل »، وهو اختبار دولي لقياس درجة حذق لغة شكسبير بما يتيح للفائز به الإنتقال للتعليم الجامعي بكفاءة عالية وقدرة على دراسة جميع المواد بالإنجليزية ».

 

وكان لافتا أن مدير المدرسة الإبتدائية في نهج روسيا، وهي من أعرق المدارس في العاصمة التونسية، قال في تحقيق طويل نشرته إحدى الصحف إنه اندهش لشدة إقبال الطالبات والطلاب في معهده على نوادي تعليم الإنجليزية للصف السادس قبل أن يصبح تدريسها إجباريا مع مطلع العام الدراسي الحالي. والأطرف أن الصحيفة الناطقة بالفرنسية نشرت التحقيق تحت عنوان « Let’s speak english« ، أي « فلنتعلم الإنكليزية ».

 

وتكريسا لهذه النقلة التدريجية في التعليم الأساسي، أطلقت الوزارة طلب عروض لشراء مخابر لتعليم اللغات في إطار اعتماد التقنيات الحديثة في تدريسها والتي لن تقتصر على الإنجليزية، وإنما ستشمل أيضا الإسبانية والألمانية والإيطالية والصينية والروسية التي تدرَس حاليا في الثانويات.

 

كسر الإحتكار

 

ويدل هذا المسار على أن ازدواجية اللغة (العربية – الفرنسية) التي سيطرت على أربعة أجيال من أبناء المغرب العربي انتهت إلى غير رجعة وحل محلها التنافس على تحصيل اللغات العالمية، والذي يُرجح أن يمنح مكانة متفوقة للإنجليزية بوصفها لغة الإنترنت، وهي الشريان الاساسي للمعارف والمعلومات في المستقبل.

 

وتتسابق البلدان الأوروبية وكذلك الولايات المتحدة وروسيا والصين لتأمين وسائل نشر لغاتها في البلدان المغاربية من خلال إقامة مراكز ثقافية فيها أو تخصيص منح دراسية للطلاب الراغبين في الإلتحاق بجامعاتها لتعلَم اللغة.

 

وبعدما كانت المراكز الفرنسية هي الوحيدة المنتشرة في المدن الداخلية، كسرت المراكز البريطانية والإسبانية والأمريكية هذا الإحتكار في السنوات الأخيرة بانتشارها في كل من فاس ومراكش وطنجة ووهران وقسنطينة وسوسة وصفاقس إضافة للعواصم.

 

وقبل أسابيع، حضر وزير بريطاني في تونس حفل تدشين المقر الجديد لـ »المجلس الثقافي البريطاني » الذي انتقل من الدور الأرضي لمكاتب السفارة البريطانية في تونس القديمة إلى شارع محمد الخامس أكبر شوارع المدينة.

 

وعلى بعد خطوات من هناك، أقيم مبنى جديد للمركز الثقافي الإيطالي « دانتي أليغييري » كي يستوعب الأعداد المتزايدة من الشبان الذين يأتون لتعلَم اللغة بسبب كثرة المؤسسات الإيطالية العاملة في البلد.

 

وغير بعيد منهما يوجد مركز « غوتة » الألماني حيث يحتاج الطالب للتسجيل قبل ستة أشهر كي يجد مكانا في إحدى الدورات التي تستمر ستة أسابيع. وشرحت مديرة المركز لـ »سويس أنفو » أن شدة الإقبال خصوصا من طلاب الثانويات الذين يعتزمون الدراسة في الجامعات الألمانية حملها على التفكير في توسعة المبنى الحالي أو استبداله بآخر أكبر منه.

 

ويشمل هذا الإهتمام باللغات، حتى اللغات التي تبدو غير أساسية مثل اليونانية، إذ أفاد مديرالتعاون الدولي في وزارة التعليم العالي التونسية في تصريح صحفي أن اليونان خصص منحا للطلاب الذين يرغبون بالمشاركة في دورات تكوينية وتدريبية الصيف المقبل في جامعة أرسطو بمنطقة تالاسونيك لمدة ستة أسابيع.

 

اكتساح سريع

 

بالمقابل، تسعى فرنسا ومعها الهيئات الفرنكفونية لاستقطاب أعداد هامة من طلاب الثانويات والباحثين والمدرَسين من خلال دورات التدريب التي تُقام في مختلف البلدان أعضاء المنظمة الفرنكفونية (53 بلدا)، لكن الميل الجارف نحو الإنجليزية يبدو تيارا تعسر مقاومته.

 

ولما سألت مجلة « لانتاليجان » الفرنسية مؤخرا الأمين العام لـ »الوكالة الحكومية للفرنكفونية » روجي دوهايب « هل خسرت الفرنكفونية نهائيا المغرب العربي؟ »، رد بسؤال: « لماذا نعتبره مخسورا؟ فالجزائر على ما يبدو تستعد للإلتحاق بحركتنا ».

 

وعندما عاد الصحفي ليسأل عن أسباب « تراجع استخدام الفرنسية في المنطقة من سنة إلى أخرى »، اعترف دوهايب أن الفرنسية لا تتطلع لأن تكون اللغة الأولى في العالم وإنما تسعى للمحافظة على المرتبة الخامسة (هي الآن في الرتبة العاشرة) ».

 

لكن الأميركيين خصصوا موازنة كبيرة لنشر الإنجليزية وهم يقومون بعمل ضخم تساعدهم على ذلك المكانة المحورية للغة شكسبير في مجتمع المعرفة الحديث. وقد وضعت وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للديبلوماسية العامة كارين هيوز نشر الإنجليزية في العالم بين الضرورات الإستراتيجية الثلاث للإدارة الأمريكية. وشرحت أمام لجنة العلاقات الدولية التابعة لمجلس النواب يوم 14 نوفمبر 2005 أن « هناك ميزانيات أعيد توجيهها لتُخصص لتوسيع نطاق برامج تعليم الإنجليزية ».

 

وتنعكس هذه الظاهرة المتمثلة في اكتساح لغة شكسبيرالسريع للموقع الذي كانت تحتله الفرنسية في شمال إفريقيا تراجعا في مستوى الإقبال على مدارس البعثات الفرنسية، بالإضافة للجاذبية المتصاعدة التي تمارسها المراكز الثقافية المنافسة.

 

غير أن وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي نفى ذلك ردا على سؤال طُرح عليه أثناء زيارة لتونس في مطلع أكتوبر الماضي مستدلا بأن الإقبال يتكثف على المدارس الفرنسية في مصر وتونس.

 

مع ذلك، يبدو أن تراجع الفرنسية أمام اجتياح الإنجليزية جعلها تسير نحو مغادرة عرشها تدريجيا، لكن الأرجح أن لغة السكان الأم، أي العربية، ليست خاسرة من هذا الصراع « اللغوي – الثقافي ».

 

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 5 فيفري 2006)

 

«الإخوان» المصريون وما بعد الفوز الكبير

ياسر الزعاترة (*)  

 

معلوم أن «الإخوان المسلمون» هم الجماعة الوحيدة التي تكاد توجد في معظم الأقطار العربية والإسلامية؛ أحياناً بذات الاسم وأحيانا بمسميات أخرى مثل حركة النهضة في تونس، وحركة مجتمع السلم في الجزائر، وحركة حماس في فلسطين والجماعة الإسلامية في لبنان، لكن الجماعة الأم في مصر هي الرائدة بكل المعايير، لا نعني بذلك شرعية التأسيس فحسب، وإنما شرعية القوة والحضور، فمصر هي الدولة العربية الأهم، ومن دونها لا يصلح شأن العرب، ومن دون صلاح شأن العرب لا يمكن أن ينهض المشروع الإسلامي الأكبر.

 

ليس ثمة خلاف في واقع الحال بين فروع الجماعة الإخوانية على ريادة المصريين وشرعية قيادتهم، وهو أمر ثبتت أهميته في مختلف المفاصل التاريخية، وإن بدا أن هيمنة التنظيم الدولي (قيادته جماعية) على الفروع ليست حقيقية، بل هي أقرب إلى النصح والمشورة منها إلى القرار الحاسم، وهو ما ترك آثاراً سلبية على الجماعة بعد أن أخذت بعض تلك الفروع مسارات إشكالية، مثل حركة الشيخ محفوظ رحمه الله في الجزائر، ومؤخراً الحزب الإسلامي العراقي الذي يمثل الواجهة السياسية للإخوان العراقيين، فيما تتوافر ثقة عالية بمسار حركة حماس، وإن بدت في حاجة لمزيد من النصح والتسديد حتى لا تغرق في الهموم المحلية وتتجاهل الأبعاد العربية والإسلامية للصراع.

 

هذه المقدمة تبدو ضرورية للحديث عن التجربة الإخوانية المصرية الجديدة في البرلمان، وهي وإن تكن قديمة حيث شارك الإخوان في الدورات البرلمانية منذ عام 1987، إلا أنها تبدو مختلفة هذه المرة من حيث قوة الحضور الذي اقترب أو فاق تجارب فروع الجماعة في الجزائر والأردن والكويت واليمن، باستثناء الفوز الأخير لحماس.

 

ثمة فارق هنا يتمثل في أن المشاركات البرلمانية الإخوانية في الدول الأخرى قد تعززت في الغالب بشرعية الاعتراف بها كواجهة حزبية، كما هو الحال في فلسطين ولبنان، أو اعترف لها بحزب سياسي، إضافة إلى الجماعة الأم، كما هو الحال في اليمن (حزب الإصلاح)، والأردن (حزب جبهة العمل الإسلامي)، فيما لا يسمح القانون بشيء من ذلك في دول مثل الكويت والبحرين وسواهما.

 

ما ينبغي المرور عليه هنا قبل الحديث عن مسؤوليات الإخوان المصريين بعد فوزهم بعشرين في المائة من مقاعد البرلمان المصري، هو أن التجارب الإخوانية البرلمانية عربياً لا تبدو ناجحة إلى حد كبير، خلافاً لما يحاول بعضهم تصويرها عبر تعداد بعض الإنجازات هنا وهناك، بدليل أنها لم تحقق الكثير للمشروع الإسلامي، كما لم تنتقل بعملية الإصلاح السياسي خطوات إلى الأمام، بل ربما أعادتها إلى الوراء، وبخاصة فيما يتعلق بالحريات العامة، فقد دخل الإخوان البرلمانات العربية فيما الشارع السياسي يتحدى ويتحرك في مواجهة أنظمة القمع، وكذلك في مواجهة الهجمة الخارجية على الأمة، بل إن التحرك المشار إليه هو الذي دفع بعض الأنظمة إلى صياغة المسار الديمقراطي. وفي حين كان يؤمل أن تتطور اللعبة الديمقراطية في ظل المشاركة الإخوانية والإسلامية عموماً، فقد تأكد أنها عادت إلى الوراء مكرسة ديمقراطية الديكور التي تمنح المعارضة حصة محدودة من مقاعد البرلمان تمنح الشرعية لكل القوانين المضادة للديمقراطية، وهكذا صار على القوى السياسية في ظل الديمقراطية أن تأخذ تصريحاً من أجل تسيير مظاهرة، وهو تصريح لا يتوافر إلا في حالات معينة، وقد وقع ذلك بعد أن تمكنت الأنظمة بلونيها الحزبي وغير الحزبي من انتزاع قوانين مقيدة للعبة الديمقراطية من خلال البرلمان الذي تملك فيه الغالبية.

 

في ضوء ذلك يبدو أن على الإخوان المصريين أن يكونوا أكثر وعياً بتجارب فروعهم الديمقراطية على حقيقتها كي لا يكرروا ذات الأخطاء، لاسيما في ظل امتلاك الحزب الحاكم لأغلبية مريحة تمكنه من تغيير القوانين بالطريقة التي يريد، فيما سيكون بوسعه القول إنها اللعبة الديمقراطية أيها السادة!!

 

أما شرعية الحزب السياسي التي ستحتل أولوية بالنسبة للإخوان المصريين من أجل الخروج من أسر اللاشرعية فتستحق قراءة أعمق في حال النجاح كي لا تتحول الجماعة إلى أسيرة حزب سياسي ومجموعة برلمانية ستبدأ في عقد الصفقات هنا وهناك، وبالطبع من أجل عدم التناقض مع الحكومة التي ستساوم النواب على خدمات لدوائرهم مقابل مواقف سياسية.

 

من جانب آخر فإن من الضروري ألا يستأثر العمل السياسي بكل شيء، بل لا بد من عمل على مختلف المسارات الأخرى، أما الأهم فهو ضرورة الانتباه إلى أن عملاً سياسياً ضعيفاً لا يتبنى أشواق الجماهير ويعبر عن هواجسها في ملفات الداخل والخارج ستكون له آثاره السيئة على سمعة الجماعة وحضورها في جميع الميادين الأخرى.

 

إن نموذج المعارضة القوية وغير المهادنة، والمنحازة إلى طموحات الشارع هو وحده القادر على كسب الجماهير، وما من شك أن هموم الشارع المصري قد تراكمت على نحو يستحق المواجهة لا المجاملة من أجل مكاسب حزبية، أما الذي لا يقل أهمية بالنسبة للمصريين الأكثر انحيازاً لقضايا أمتهم فهو الملف الخارجي المتعلق بالدور المصري في تماسك الوضع العربي أمام الهجمة الأمريكية الصهيونية على الأمة، وهو موقف بدا متراجعاً على نحو مريع خلال العامين الأخيرين.

 

إن حزباً سياسياً مرخصاً يحصل عليه الإخوان المصريون يرضى بحصة صغيرة من الكعكة السياسية مقابل بقاء الحزب الحاكم سيد كل شيء لا يمكن أن يشكل مساراً مرضياً بالنسبة للجماهير المصرية أو العربية التي تنتظر أن تقود مصر قاطرة الإصلاح في العالم العربي بعد أن قادت ركب ديمقراطية الديكور التي أساءت إلى الجماهير ومصالحها وقضاياها.

 

لا خلاف على أن الوضع العربي والإقليمي والدولي الراهن لن يمرر بسهولة أي صعود إسلامي أكبر من ذلك في أي بلد عربي، فضلاً عن أن يكون ذلك البلد هو مصر، لكن المسافة ما بين قلب الأوضاع القائمة وإنشاء تعددية حقيقية وتداول على السلطة وبين ديمقراطية الديكور تبقى كبيرة، وينبغي أن يساهم الإسلاميون في تجسيرها، مع الانتباه إلى عدم صرف الاهتمام إلى النخب التي تخوفهم وتخوّف منهم، بقدر ما عليهم الانحياز إلى هموم الجماهير وأشواقها.

 

تجربة الإخوان المصريين أكثر أهمية من جميع التجارب الأخرى، فالجغرافيا السياسية والتاريخ يفرضان نفسيهما، ومن دون مصر لن تسير قاطرة الوضع العربي والإسلامي إلى الأمام.

 

(*) كاتب أردني 

 

(المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 6 فيفري 2006)


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

31 août 2008

Home – Accueil TUNISNEWS 8 ème année, N° 3022 du 31.08.2008  archives : www.tunisnews.net     Reporters sans frontières:  la carte

En savoir plus +

30 mars 2010

Home – Accueil TUNISNEWS 9 ème année,N° 3598 du 30.03.2010  archives : www.tunisnews.net  François Gèze, Jean-François Julliard et Gilles Perrault:

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.