فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia
|
TUNISNEWS
11ème année, N°4078 du 29.08.2011
archives :www.tunisnew .net
عمد أول أمس احد المواطنين إلى إضرام النار في جسده بعد أن صب عليها كمية من البنزين أمام مركز امن » المنشية « بحمام سوسة ، وقد تجمع حول مكان الحادثة عدد كبير من المواطنين الذين حاولوا إطفاء النيران حتى قدوم الحماية المدنية. . وقد تم نقل المصاب إلى مستشفى سهلول بسوسة، حيث علمنا من مصادر طبية ان حروقه تصنف بين الدرجتين الثانية و الثالثة. و علمت كلمة أن المواطن الذي أقدم على الانتحار أصيل ولاية زغوان و انه أقدم على حرق نفسه اعتبارا لظروفه المادية و الاجتماعية.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 28 أوت 2011)
تونس: اعلنت وكالة تونس افريقيا للانباء (وات) الحكومية ان رائدا تونسيا كان بين ضحايا الهجوم الانتحاري المزدوج الذي استهدف الجمعة اكاديمية عسكرية في الجزائر، والذي ادانته الحكومة التونسية بشدة بوصفه عملا « اجراميا ». وكان الرائد حمدي بن بشير الورغي يدرس بالاكاديمية العسكرية الجزائرية منذ الخامس من اب/اغسطس في اطار تبادل دراسي بين مدرسة الاركان التونسية ونظيرتها الجزائرية. وكان انتحاريان احدهما على متن دراجة نارية فجرا الجمعة نفسيهما بعد عشر دقائق من الافطار بفارق ثوان الواحد عن الاخر امام مدخل قاعة لتناول الطعام لضباط اكاديمية شرشال الجزائرية التي تبعد 100 كيلومتر غربي الجزائر العاصمة. واسفر الهجوم عن مقتل 18 شخصا – وهم 16 ضابطا ومدنيا – بحسب وزارة الدفاع الجزائرية.
(المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 28 أوت 2011)
<
راس جدير (تونس) (رويترز) – قال مراسل من رويترز ان شاحنات مكدسة بالمواد الغذائية والمياه وسيارات تقل أشخاصا تدفقت على ليبيا عبر المعبر الرئيسي مع تونس يوم الاحد بعد ساعات من إعادة السلطات التونسية فتح المعبر. وكان مقاتلو المعارضة سيطروا على الجانب الليبي من المعبر بعد قتال مع قوات معمر القذافي يوم الجمعة مما منحهم التحكم في الطريق السريع الرئيسي بين تونس والعاصمة الليبية طرابلس. وقال الاسعد طرابلسي وهو ليبي يقود شاحنة محملة بالبندورة (الطماطم) والمياه والفاكهة « طرابلس تحتاج الى الكثير من المواد الغذائية. لا يوجد شيء هناك…نجلب (هذه المؤن) لهم وسنقوم بالمزيد من الرحلات كلما دعت الضرورة. » وقال « فتح هذا المعبر سيتيح لطرابلس وكل المدن الليبية استئناف الحياة الطبيعية بعد ستة اشهر بدون المواد الضرورية. » وتعاني طرابلس واجزاء اخرى من ليبيا دمرها القتال من نقص في المياه والمواد الغذائية وتقول منظمات الاغاثة انه لا يوجد ما يكفي من الامدادات الطبية لمعالجة الاف الجرحى. وقال مسؤول بالامم المتحدة عند الحدود ان المنظمة الدولية لم تبدأ بعد في نقل المساعدات الى ليبيا. وأضاف « نحتاج ان ننتظر بضعة ايام قبل اتخاذ قرار بارسال مساعدات حيث ان الوضع لا يزال مضطربا في بعض المدن (على امتداد الطريق الساحلي السريع). » وتابع « لكننا نرحب باعادة فتح الحدود مما يتيح للتجار البدء في نقل الامدادات. » ووسط ما يقرب من مئة عربة تصطف عند الحدود كان هناك ليبيون عائدون الى ديارهم بعد ان هربوا من وطأة القتال ولجأوا الى تونس. وعلى الجانب الليبي من الحدود اطلق مقاتلو المعارضة الذين يسيطرون على المعبر النار في الهواء تعبيرا على الاحتفال. وقال علاء ابو عجيلة وهو من سكان زوارة وكان يسافر مع عائلته « نشعر بسعادة غامرة ونحن نعود الى ليبيا بعد قضاء ثلاثة اشهر في تونس. وأضاف « لقد رحبوا بنا في تونس كأننا ملوك لكننا نفخر بوطننا. اخيرا نستطيع ان نرى بلادنا العظيمة بدون القذافي. » وأقام تجار تونسيون من بلدة بن قردان اكشاكا لبيع المواد الغذائية والامدادات الاخرى. وقال أحد التجار « نحن على استعداد لتوريد كل احتياجات أشقائنا. »
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 28 أوت 2011)
<
نظم العشرات من الشباب صباح أمس وقفة احتجاجية في ساحة محمد علي بالعاصمة داعين إلى مواصلة التحركات الاحتجاجية من أجل المطالبة بتطهير سلك القضاء ومحاكمة رموز الفساد وإقالة وزيري العدل والداخلية. وقامت قوات الأمن بتطويق المكان ومنعت المحتجين من الخروج في مسيرة إلى شارع الحبيب بورقيبة مما دفع بهم إلى تنظيم بعض الاجتماعات العامة. وحين مغادرة المكان عن طريق شارع « المنجي سليم » قامت مجموعات من البوليس بالزي المدني باللحاق بالمواطنين الذين غادروا ساحة محمد علي والاعتداء عليهم بالعنف. وقد تعرضت مراسلة راديو كلمة أمل الهذيلي إلى الاعتداء بالعنف من طرف عوني أمن بالزي المدني وقاموا بتحطيم هاتفها الجوال عندما كانت بصدد تغطيتها للحركة الاحتجاجية. و كان اتحاد الشباب الشيوعي أدان أمس في بلاغ تحصلت كلمة على نسخة منه الاعتداء على أمل الهذيلي و احمد المحفوظي و أمل جبنون . و اعتبر أن هذا الاعتداء يأتي في إطار حملة منظمة تستهدف خصوصا مناضلي و مناضلات اتحاد الشباب الشيوعي. وحمّل البلاغ حكومة الباجي قائد السبسي مسؤولية انتهاكاتها لحرية التعبير و التظاهر و التعبير معربا عن استعداده لمواصلة النضال و الوقوف إلى جانب الشعب لكنس بقايا ما أطلق عليه البلاغ بقايا الديكتاتورية.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 28 أوت 2011)
<
تحصلت « الصباح » على نسخة من قائمة المحامين التي تم العثور عليها بقصر قرطاج والتي تحصل عليها الفرع الجهوي بتونس والهيئة الوطنية للمحامين بموجب اذن قضائي وكانت القوائم بالمئات وهي مصنفة كالتالي الماحمون التجمعيون العاديون، التجمعيون المتحمسون، والتجمعيون الذين انضبطوا ومحامون تقرر دعمهم ومحامون مدرجون في قائمة العاديين والمحامون الذين وردت في شأنهم ارشادات سيئة ومحامون يتقاضون مبالغ تفوق 20 الف دينار سنويا.
وفي قراءة اولى تبين ورود اسماء لعدد من المحامين تحصلوا على ما بين 30 و77 الف دينار من شركة تامين وهناك من استاثر باموال من شركة النقل بين المدن كما هناك من المحامين من قبض 150 الف دينار من مؤسسة واحدة.
ومن بين المحامين من كان معارضا واصبح تجمعيا ليكون مهيمنا على اكثر من مؤسسة حيث يتحصل على مبالغ مهمة جدا ومحامون ابناء بعض القضاة الكبار. كما ان العديد ممن اضطلع بمسؤوليات سياسية احتلوا مكانة هامة..وكذلك الاساتذة الجامعيون ومن بينهم من ترشح لعمادة هيئة المحامين. وتم عرض جدول في اهم المحامين الذين قبضوا مبالغ من عدة مؤسسات ومن بينهم محامون نواب سابقون بالبرلمان واعضاء اللجنة المركزية للتجمع المنحل. وضمت القوائم اتعاب المحامين مبوبة كالتالي:
اسم المحامي والمنشات والاتعاب ومجموع المبالغ التي قبضها من عدد من المؤسسات وضمت قائمة المؤسسات بنوكا وشركات تأمين ومؤسسات عمومية كديوان الحبوب وصندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية وشركة توزيع المياه وشركة الكهرباء والغاز والشركة العقارية الوطنية والوكالة العقارية للسكنى وشركة السكك الحديدية واتصالات تونس.
خليل لحفاوي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 28 أوت 2011)
<
(وات) – تعقد الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات يوم الإثنين 29 أوت 2011 اجتماعا عاما لبحث النظام القانوني لترشح القائمات لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي. ودعت الهيئة الأحزاب السياسية لحضور هذا الاجتماع للإسهام في مناقشة هذا القانون ووضع أسسه.
(المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 28 أوت 2011)
<
محمد بن رجب أكد ناجي البغوري النقيب السابق للصحافيين التونسيين وعضو الهيئة المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال التي تشكلت بعد الثورة في حوار مع إيلاف أن الإعلام تغيّر نوعيًا بعد 14 يناير خصوصًا مع سهولة الوصول إلى المعلومة وتهاوي كل أشكال الرقابة. كما أكد أن حرية الصحافة تتطلب إسنادًا تشريعيًا ودستوريًا لتدُوم. أكد ناجي البغوري النقيب السابق للصحافيين التونسيين والعضو الحالي للهيئة المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال، التي تشكلت عقب ثورة 14 يناير، التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، أكد أنه من الضروري سنّ قوانين للصحافة تمنع إرسال الصحافيين إلى السجن لمجرد التعبير عن رأي مخالف للنظام. وقد اجرت ايلاف مع البغوري حوارًا تحدث فيه عن الوضع الحالي للإعلام بعد الثورة، وعن مشروع قانون الصحافة الذي لم يسلم من النقد والانتقاد، وعن خطورة الإشهار السياسي في المؤسسات الإعلامية على المسار الديمقراطي، وعن مستقبل تونس في ظل « الثورة المضادة ». يشار الى ان ناجي البغوري هو من المناضلين من أجل حرية الصحافة والرأي، ومن المدافعين عن استقلالية الصحافيين وكرامتهم. وكانت قد تعرّض قبل 14 يناير إلى العديد من المضايقات، وصلت الى حدّ منع الشرطة السياسية له من الوصول الى مكتبه في الجريدة. وفي ما يلي نصّ الحوار كاملاً: الصحافة التونسية عاشت وضعًا تعيسًا قبل ثورة الحرية والكرامة في 14 يناير، فكيف ترى وضع الصحافة بعد ثمانية أشهر من الثورة؟ الإعلام التونسي تغيّر بشكل نوعي بعد الثورة، واليوم هناك إمكانية للوصول إلى المعلومة، وليست هناك رقابة مباشرة، ونلاحظ وجود تعدد في العناوين، وكذلك في الخطاب الإعلامي، ونقاشًا حرًا لم يكن مسموحًا به قبل 14 يناير، لكننا لا نريد أن تكون هذه الفترة مجرد صفحة، كالتي سبقت 7 نوفمبر/تشرين الثاني تاريخ وصول زين العابدين إلى الحكم، بل نريدها حرية مؤسسة على قوانين ومؤسسات. فحرية الصحافة لها مواصفات ومعايير دولية، وهذه الحرية يجب أن تكون مسندة بقوانين لها لا يمكن التراجع عنها، لذلك بالنسبة إلينا كهيئة مستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال، رأينا أنه من الضروري أن يتم الاقتصار على حرية الصحافة والإعلام وحرية الرأي والتعبير في الدستور الجديد، باعتباره أعلى سلطة دستورية، وأن يتم التركيز كذلك على عدم سنّ قوانين، من شأنها أن تحدّ من حرية الإعلام والصحافة والرأي والتعبير. ثم كان هناك نقاش كبير، هل من الضروري أن نوجد قانون للصحافة أم لا؟ في نهاية الأمر تم الاتفاق، وبما أننا ما زلنا في ديمقراطية حديثة وهشّة، إنه من الضروري أن نسنّ قانونًا تحرريًا للصحافة يمنع إرسال الصحافيين إلى السجن لمجرد التعبير عن رأي مخالف، ويحافظ على استقلالية المؤسسات الصحافية، وينص كذلك على حيادية الفضاءات العامة كدور الثقافة والشباب وأماكن العبادة التي كانت مستعملة للدعاية السياسية. لو عدنا قليلاً إلى رفض الأئمة والوعاظ لهذا القانون، كيف تنظر إلى ذلك؟ المهم هو أننا نؤكد على حرية الرأي والتعبير وحق التونسيين ومن دون استثناء في التعبير بكل حرية في الفضاءات العامة، ونؤكد أن لا تكون وسائل الإعلام والفضاءات العامة تحت سيطرة السلطة السياسية، فيكفي ما عانينا، حيث كانت وسائل الإعلام والفضاءات العامة تحت سيطرة الحزب الحاكم، والمهم أن لا تكون الفضاءات العامة تحت سيطرة طرف معين، وتكون أماكن العبادة للعبادة من دون توظيف سياسي. لكن ألا يحق لأئمة المساجد أن يتناولوا موضوعات تخصّ المسلمين وفي علاقة مباشرة بالسياسي والاقتصادي والاجتماعي، أم إنه من الضروري أن تقتصر خطبهم على أمور الصلاة والصوم والحج والزكاة فقط؟ عندما قلنا إن لا توظف سياسيًا، ليس بمعنى أن نحدّ من تناول الشأن العام، ولكن قلنا ومن أجل قداسة الفضاءات الدينية التي لا تقبل الجدل ولا الطعن ولا الأخذ والرد، لأن الشأن الديني هو شأن مقدس، عكس الشأن السياسي الذي هو جدل وفن، وبالتالي لا نريد أن يكون هناك صراع داخل الفضاءات الدينية المقدسة. نفهم من جوابك عن السؤال الأول أن قطاع الإعلام سيشهد نقلة نوعية وتغيرًا فعليًا بعد هذه المرحلة الانتقالية؟ هذا أكيد، فقد بينت لك الجانب التشريعي الضامن لحرية الصحافة على مستوى الضمانات التشريعية في القانون والدستور، ولكن هناك أيضًا ضمانات مؤسساتية حتى نضمن عدم تدخل السلطة التنفيذية، وهي الحكومة في قطاع الإعلام. هذا لا يتم إلا بتركيز المؤسسات على غرار ما هو معمول به في العديد من الدول الديمقراطية، أي وجود هيئات مستقلة مهمتها متابعة الشأن الإعلامي، وقد اقترحت الهيئة المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال على الهيئة العليا لحماية الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي مشروعًا لهيئة عليا للإعلام السمعي البصري، لديها صلاحيات تقريرية، وفي منح التراخيص ومتابعة التجاوزات التي قد تحصل، وفي التحكم بين المشاهدين والمستمعين وأصحاب المؤسسات وفي دمقرطة هذه المؤسسات حتى يكون صوت المواطن مسموعًا، لأنه عندما لا يكون صوت المواطن مسموعًا لا بد من ممثل لإيصال صوته، ولأن البثّ الإذاعي والتلفزيوني هو ملك عمومي، فأصحاب المؤسسات يتمتعون بامتياز، وعندما يتم تأجيرها لخواص لا بد أن يقوموا بالخدمة على أحسن وجه. وهناك إمكانية لبعث مجلس أعلى للصحافة، وهو ينظر في ما يهمّ الصحافة الإلكترونية والورقية، وهناك حديث عن تقنين أو عدم تقنين الصحف الإلكترونية، وهكذا تكون هذه المساعدات داعمة بشكل كبير لصحافة حرة، وهكذا يمكن أن نضمن أن لا يتم الرجوع إلى الوراء، وتكون الفترة الحالية مجرد صفحة مثلما حدث في 7 نوفمبر 1987. مشروع قانون الصحافة الذي أعدته هيئتكم لم يسلم من النقد والانتقاد، فكيف تنظر إليه باعتبارك نقيبًا سابقًا لنقابة الصحافيين، لا عضوًا في الهيئة المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال؟ لما أعددنا مشروع الهيئة العليا للسمعي البصري تم النظر فيه من قبل خبراء داخل الهيئة العليا لحماية الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي والهيئة المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال، وتم النقاش مع نقابة الصحافيين. هذا المشروع تعرّض لانتقادات وجيهة، لأن أي عمل إنساني هو بطبيعته قابل للنقاش والإصلاح، والنقد الذي حصل كان مفيدًا جدًا، وقد أخذت الهيئة العديد من الملاحظات من خبراء وصحافيين وحقوقيين بعين الاعتبار، وستناقش قريبًا على مستوى الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة. والجيد هو أننا اليوم نجد أن القوانين تطرح للنقاش والتعديل، قبل أن تمرر لإقرارها في الرائد الرسمي، وهذا هو المسار الديمقراطي الصحيح الذي نريد أن نرسيه. في الفترة الأخيرة لاحظنا دخولاً قويًا للإشهار السياسي في المؤسسات الإعلامية، وهو ما يحيل إلى تدخل رؤوس الأموال في توجيه الخط التحريري لهذه المؤسسات، فما رؤيتك لهذا الإشكال؟ هذا موضوع خطر جدًا، ويثير الكثير من الريبة، فإذا كان هناك العديد من الأحزاب السياسية، التي برزت فجأة، والتي لم تكن معروفة، وبأموال وحملات إشهارية كبيرة جدًا، فنحن نرى أن المال السياسي خطر جدًا على الحياة السياسية، لأنه لا يمنح إمكانية تكافؤ الفرص بين كل الأحزاب والتيارات السياسية في أن توجد وتصل إلى المواطنين وهو من مبادئ الديمقراطية. كما إن هذه الأحزاب عندما تضخّ كثيرًا من الأموال للإشهار في وسائل الإعلام فهي بشكل أو بآخر ستوجّه هذه الوسائل وتؤثر عليها وعلى خطها التحريري، وهذا يمثل ضربًا لحرية الإعلام، لأن حرية الإعلام ليست على السلطة التنفيذية فقط، بل كذلك على كل الأطراف السياسية والقوى المالية، وبالتالي لا بد اليوم من تشريع يمنع المال السياسي على الأقل في الفترة الانتقالية. العديد من الحقوقيين والإعلاميين طالبوا بإدراج مبدأ حرية الإعلام ضمن مبادئ الدستور والاستغناء عن قانون الصحافة، والاكتفاء بميثاق شرف يعتمد على أخلاقيات الصحافي وضميره، فما رأيكم؟ الأكيد أن عملية إدماج مبدأ حرية الصحافة ضمن مبادئ الدستور مهمة جدًا لأن دستور البلاد هو أعلى القوانين، وبالتالي لا يمكن الاقتصار مثلما طالب الحقوقيون على الإدراج ضمن الدستور، ولكن من الضروري أن ينص الدستور على عدم سنّ قوانين تحدّ من قوانين الصحافة والتعبير، لأن هناك خوفًا من أنّ النصّ على حرية الصحافة في الدستور لا يكفي، حيث يمكن أن يأتي نظام معين، فينقلب على ذلك، ويصوغ قانونا جديدًا لحرية الرأي والإعلام. أما عن إلغاء قانون الصحافة، وكنت من بين الداعين إلى ذلك، لأن التجارب الديمقراطية في العالم لا تتضمن قوانين للصحافة، ولكن بعد نقاش طويل جدًا مع خبراء وحقوقيين وصحافيين، وبعد الإطلاع على تجارب سابقة، تبين لنا أنه في بلد لا يعرف ديمقراطية صلبة، وفي مرحلة انتقالية، والمستمع لا يمكنه الدفاع عن حريته، ومع غياب ثقافة ديمقراطية متأصلة في البلاد، في ظل هذه الأوضاع، من الضروري أن تحمي الصحافي، وتسهل له الوصول إلى المعلومة، ونقلها إلى الرأي العام، وحمايتها يكون بالقانون، والأهم أن لا يكون هذا القانون زجريًا يكبّل الصحافي لأن الحرية هي الأساس. الصحافية المعروفة نزيهة رجيبة « أم زياد » طالبت بتكوين لجنة خاصة للنظر في الفساد المالي والإداري في قطاع الإعلام وإلى التصدي للثورة المضادة التي يعرفها الإعلام، هل تؤيد هذا المطلب؟ هذا مهم جدًا، وفي اعتقادي اليوم بأن النظام الإعلامي السابق لا يزال موجودًا على الساحة، صحيح أن هناك حرية للصحافي، ولكن إذا ألقيت نظرة على أوضاع الصحافيين فهي سيئة جدًا، وإذا بحثت عن المستفيدين، تجد أنهم مالكو الصحف والمؤسسات الإعلامية في نظام بن علي، الذين جمعوا أموالاً طائلة. هؤلاء خدموا بن علي، وقبله خدموا بورقيبة، وهم مستعدون أن يخدموا أيًا كان، وبالتالي تطفو اليوم ضرورة المحاسبة لكشف الفساد المالي في وسائل الإعلام، حتى نمر إلى المرحلة المقبلة، وتكون الصورة أمامنا نقية. انتخابات المجلس التأسيسي على الأبواب، فهل أنت متفائل بالمستقبل؟ في ظل نظام بن علي عندما كنت محاصرًا من الأمن وممنوعًا من الوصول إلى جريدتي، كنت دائمًا متفائلاً فما بالك الآن، لكن هذا التفاؤل لا يخلو في الواقع من كثير من الحذر، لأن النظام السابق في الإعلام وغيره لا يزال موجودًا، وبالتالي لا بد من الحذر لأن هؤلاء، وبحكم غريزة الخوف، يمكن أن يتكتلوا من أجل العودة والبحث عن رأس جديد يقود النظام الجديد.
(المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 28 أوت 2011)
<
تونس (الشروق)
اعتبر الاستاذ أحمد الكحلاوي أن الأحزاب التي ركبت على مطالب الشعب بعد 14 جانفي وبرزت في الواجهة بأموالها هي أحزاب «جلبية» نسبة إلى أحمد الجلبي الذي قاد الدبابات الأمريكية إلى غزو العراق مشيرا إلى أن الانقلاب على ثورة الشعب حصل منذ الايام الأولى من قبل الأحزاب التي درس قادتها في جامعة التغيير الأمريكية الاسرائيلية بلندن وفرعها في خطر.
قال الكحلاوي في ندوة صحفية عقدتها «حركة النضال الوطني» إن ما تشهده الدول العربية اليوم هو تنفيذ لمشروع الفوضى الخلاقة الأمريكي وقد فصلت مراحله و«جامعة التغيير» والتي انشأت لهذا الغرض مؤكدا أن انخراط قطر في تنفيذ المشروع مؤكد ولا ليس فيه إلى جانب من تكونوا في تلك الجامعة من السياسيين سواء الذين عاشوا في لندن أو قطر.
الجلبيون التونسيون
وقدم الاستاذ الكحلاوي مقتطفات من كتاب الجامعة المذكور والذي يبين كيفية تكوين السياسيين الذين سيقودون التغيير الأمريكي في المنطقة وكيفية تحريك الشعوب ودفعها نحو الانخراط في هذا المشروع ومن بين الأساليب المذكور إثارة القضايا الاجتماعية ثم التصعيد في التحركات والرفع في سقف المطالب إلى جانب تجنيد وسائل إعلام موجهة مثل الجزيرة لإقناع الشعب بضرورة التغيير ولنقل المعطيات الميدانية إلى منظمات حقوقية دولية مثل «هيومان رايرس ووتش» لكسب الدعم الدولي.
وفي رده على سؤال لـ «الشروق» حول موقع الأحزاب التي شكلت تحالف 18 أكتوبر من «الجلبيين التونسيين» قال إنهم تشكلوا في لندن ودرسوا في جامعة التغيير وحماهم سفير أمريكا في تونس عندما قاموا بإضرابهم وأنهم انخرطوا مباشرة بعد اندلاع انتفاضة الشعب التونسي في تطبيق خطة التغيير الأمريكية.
كما أوضح السيد أحمد الكحلاوي أن المشروع لا يقتصر على تونس فقط وإنما يتجاوزها إلى الجزائر وليبيا والمغرب وسوريا وبقية الدول العربية مشيرا إلى أن المشروع الذي يعد لتونس وليبيا والجزائر الآن هو اقتطاع جزء منها لتأسيس دولة أمازيغية وهابية وان تطبيق هذا المشروع قد انطلق بعقد ندوة في ماي الماضي وبتشجيع مناطق عدة على رفع العلم الأمازيغي والتنكر للغة العربية مثلما يحدث في تطاوين وكنا نبهنا إلى هذه الظاهرة في مقال سابق إلى جانب عدم رفع علم تونس في المخيمات القطرية في الجنوب.
ثبات على الموقف
ومن جانبه أكد السيد سليم عشيتر الأمين العام لحركة النضال الوطني أن الحركة لن تدخل في تحالفات أو أي مشروع موحد مع أي طرف قومي أو إسلامي لا يعتبر الناتو قوة استعمارية أمريكية ـ أوروبية ـ صهيونية ركبت على ثورات الشعوب العربية لتنفيذ مشاريعها في المنطقة.
وأشار عشيش إلى أن مشروع الوحدة موجود وهناك حركات وأحزابا تقوده معهم منها حركة النهضة والقوى القومية لكن هناك حدودا لهذا المشروع وشروط منها تقديم موقف واضح ولا يقبل التأويل تجاه الملف الليبي، كما طالب وزارة الداخلية بالإسراع في إعطاء تأشيرة لحركة النضال الوطني متسائلا عن سبب إسناد التأشيرة في ظرف 24 ساعة لبعض الأحزاب في حين تتم مماطلة أحزاب أخرى. واستنكر السيد عشيش غياب الصحفيين عن الندوة مشيرا إلى أن ندوات أخرى تعقدها جهات صهيونية تحضرها جميع وسائل الإعلام فيما تقاطع ندوة لإحدى جبهات الصمود. وذكر بالموقف الحزبي من إضراب 18 أكتوبر وقال إنهم اعتبروا أنها ارتكزت منذ البداية على الدعم الخارجي.
(المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 28 أوت 2011)
<
تونس (الشروق) وافانا المكتب الإعلامي للحزب الديمقراطي التقدمي بالتوضيح التالي: «طالعنا بكلّ استغراب الخبر الوارد بجريدتكم الموقّرة الشروق بتاريخ السبت 27 أوت 2011، بالصفحة الرابعة، تحت عنوان: «الديمقراطي التقدمي يفسد حفل ختان النهضة». وبعد التثبّت في الموضوع مع هياكل الحزب الديمقراطي التقدمي بجهة باجة تبيّـن أنّ الخبر المذكور لا يمت للحقيقة بأية صلة، وأن لا علاقة لمناضلي الحزب الديمقراطي التقدمي بما حدث. ، كما يؤكّد الحزب الديمقراطي التقدمي أنّه لا يمكن أن ينساق في أعمال مماثلة وأنّه يرفض أساليب العنف والتهديد… بل إنّه يدعم المبادرات الخيرية لمساعدة العائلات ضعيفة الدخل ، فالرجاء التثبت قبل نشر أخبار قد تسيء لمناضلي الحزب وإطاراته».
تعقيب: نأسف لأعضاء الحزب الديمقراطي التقدمي للتداخل الحاصل في الخبر، ووفق ما تحصّلنا عليه من معطيات فقد ثبت لدينا أن الشخص الّذي أحدث ضجّة في مستشفى باجة بسبب حفل الختان المذكور قد انتمى سابقا إلى الحزب المذكور قبل أن يُـحوّل وجهته إلى تيار سياسي آخر (يساري) .فكل الاعتذار لقرائنا ولأصدقائنا في الحزب الديمقراطي التقدمي.
(المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 28 أوت 2011)
<
يؤكد الملاحظون السياسيون أن حركة الشعب الوحدوية التقدمية، أول حزب سياسي شهد بعد الثورة، تصدعا كبيرا أدى الى تشظيه وتفتته، استنادا الى التجاذبات والانقاسامات التي شهدها بين كوادره، والى استقالة عدد كبير من خيرة شبابه المناضل والأكاديمي..
وقد بلغ تشظي هذه الحركة أقصاه، لما أقدم مؤسسها العميد البشير الصيد على الاستقالة بسبب حياد العديد من كوادر الحركة «الوافدين» من «حركة الشعب» والمنضمين لـ«الوحدوية التقدمية» والذين يقودهم خالد الكريشي ومبروك كورشيد وزهير المغزاوي عن الشرعية والنضال داخل مؤسسات الحركة، من مكتب سياسي ومجلس قطري وفروع جهوية.
ومن موقع مسؤوليته حاول مؤسس هذا الحزب رأب الصدع والحفاظ على وحدة الحركة وصونها من الانقسامات والتشظي في هذه المرحلة الحساسة والحاسمة، وتونس الثورة مقدمة على استحقاقات سياسية مهمة جدا..
تعنت..
ولكن سعي العميد البشير الصيد قوبل بالتعنت من طرف «الوافدين»، مصرين على التسريع بعقد المؤتمر وحددوا له تاريخ 21، 22 و23 أوت الجاري، متجاهلين النداءات المتتالية من مناضلي الحركة الخلص والأوفياء الى تحديد المسؤوليات عن حالة شل نشاط المؤسسات الرسمية للحركة المتولدة من القفز عن الشرعية..
ورغم أن الصيد كان قادرا قانونيا، باعتباره المنسق العام والمؤسس للحركة، على تعطيل عقد المؤتمر، لكنه لم يفعل استنادا الى مبادئه الوحدوية وأخلاقه السياسية، كما أنه أصر على الاستقالة حتى لا يكون سببا في تشظي وتشرذم وانقسام حزب وحدوي ناصري…
ولكن يبدو أن الانقسام والتشظي والارتجال السياسي هو «المكتوب» على هذه الحركة، فالمؤتمر الذي تشبث بعقده «الوافدون» شابه الكثير من الغموض وتخللته هنات عديدة، على الصعيدين التنظيمي والسياسي، وحتى الحضور فقد كان «إخوانيا» و«عائليا» و«جهويا» أكثر منه «حزبيا» و«سياسيا».. بل ذهب عديد الملاحظين السياسيين الى «التأكيد» أن المؤتمر الأول لحركة الشعب الوحدوية التقدمية طغت عليه «المراهقة السياسية» و«الارتجال السياسي»، فالتركيبة الجديدة للمكتب السياسي لهذه الحركة بعد المؤتمر المتسرع، تعرضت لنقد لاذع، باعتبار أن التيار النقابي يمثل الأغلبية فيها، بل هناك من الأسماء من يحضر لمؤتمر اتحاد الشغل ويعمل جاهدا على افتكاك منصب نقابي ضمن المكتب التنفيذي الجديد للاتحاد.. كما أن المكتب السياسي الجديد لهذه الحركة شهد منذ الأيام الأولى تصدعا وتجاذبات، فهناك من عبر عن رغبته في تحمل مسؤولية، ثم تراجع في ذات اليوم رافضا الانضمام أصلا للمكتب السياسي، بل هناك من تحمل مسؤولية وفي الغد قدم استقالته!!
مهمتان.. وبعد؟
وأما عن توزيع المسؤوليات صلب المكتب السياسي الجديد، فحلل ولا حرج.. ويبدو في هذا السياق أن خالد الكريشي أسندت له مهمة الناطق الرسمي وهو غائب عن الاجتماع، وقد نافسه في هذا المنصب «شريكه» وصديقه مبروك كورشيد، ولكنه لم يفلح.. والمفارقة أن أمين مال الحركة صلب المكتب السياسي الجديد «مناضل قومي» عاطل عن العمل.. وأما المنسق العام الجديد زهير المغزاوي فهو أحد الوجوه النقابية المعروفة في نقابة التعليم الثانوي، وحول «مهمتيه» هناك سؤال يطرح بإلحاح مؤداه: من أي المهمتين سيستقيل المغزاوي؟.. من المهمة النقابية أم من المهمة السياسية؟
وفيما يتعلق بالمنسق العام المستقيل، والمؤسس للحركة العميد البشير الصيد، يتساءل الكثير من الملاحظين السياسيين عن مشاريعه المستقبلية، وهو المهووس بالسياسة التي لا يمكن أن «يطلقها»، خاصة وقد أشار في بيان استقالته الى أنه سيواصل مسسيرته النضالية على مختلف الأصعدة، وفي المواقع والأطر المختلفة الممكنة والمتاحة..
ولا يختلف اثنان في أن البشير الصيد سياسي محنك وله تجربة نضالية طويلة في صلب التيار القومي، ومن هنا، فمن الأكيد أنه يخطط لمشروع ما، سيفاجئ به المشهد السياسي التونسي، وخصومه على حد السواء، خاصة أنه يمتاز بعلاقات قوية وجيدة مع عديد الأحزاب والمنظمات، وكل مكونات المجتمع المدني..
فما هو المشروع السياسي الذي سيفاجئ به البشير الصيد الأصدقاء والأعداء؟ ذلك ما ستكشفه الأيام القليلة القادمة.
عمار النميري (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 28 أوت 2011)
<
تونس – منذر بالضيافي
أكد المدير العام للديوان الوطني التونسي للسياحة الحبيب عمار أن المداخيل السياحية للبلاد سجلت خلال الثمانية أشهر الأولى من السنة الجارية، تراجعاً بـ43.4 بالمائة، وبلغت ملياراً و210 ملايين دينار، مقابل مليارين و155 مليون دينار، خلال نفس الفترة من السنة الماضية، أي بخسارة تقدر بنحو 928 مليون دينار (673 مليون دولار). وأشار الى أن كل المؤشرات تراجعت، فقد وصل عدد الوافدين حتى 20 أغسطس الجاري إلى مليونين و771 ألف زائر مقابل 4 ملايين و539 خلال نفس الفترة من سنة 2010، بنسبة تقلص تقدر بـ9ر38 بالمائة. وسجل عدد الليالي المقضاة 23 مليوناً و260 ألف ليلة، بتراجع بنسبة 46.3 بالمائة. وأدت الأحداث التي عرفتها تونس بعد ثورة 14 يناير الى تضرر القطاع السياحي، حيث أغلقت 24 وحدة سياحية بطاقة 7544 سريراً، وهو ما يعادل فقدان 3015 وظيفة في القطاع. وكان لتراجع النشاط السياحي تأثير مباشر على إلغاء العمل الموسمي الذي يمثل 20 بالمائة من مجموع مصادر الشغل المباشرة التي يوفرها القطاع السياحي ليرتفع عدد مواطن الشغل المباشرة التي تم فقدانها الى حدود 22 ألفاً و319 فرصة. وبيّن المدير العام للديوان الوطني للسياحة التونسية أن الفترة الثلاثة أشهر المتبقية من السنة الجارية ومن الموسم السياحي تتسم بالضبابية وغياب رؤية واضحة حول وجود انتعاشة محتملة للقطاع. وبحسب خبراء محليين فإن القطاع السياحي في تونس عرف تراجعاً كبيراً في مردوديته خلال العشرية الأخيرة، و »أنه يعيش أزمة هيكلية، بسبب الفساد الذي لحقه، من قبل عائلة الرئيس السابق والعائلات القريبة منها، التي عمدت الى الهيمنة على مقدرات القطاع، ما أثر على نجاعته ومردوديته وتقلص حجم الاستثمار فيه »، إضافة إلى « تواصل التعويل على منتوج واحد، وهو السياحة الشاطئية، والاقتصار على الأسواق الأوربية التقليدية فقط، وكذلك عدم استنباط أساليب جديدة في الترويج والاتصال ». وفي محاولة لتنشيط العمليات التسويقية أدخل الديوان التونسي للسياحة منذ أيام حركة واسعة في ممثلياته بالخارج. وجاء في بلاغ صادر عن الجامعة التونسية للفنادق « أن نتائج القطاع خلال شهري جويلية واوت كانت دون توقعات وانتظارات المهنيين ». وحول النتائج المتوقعة لبقية الموسم السياحي عبرت الجامعة عن « قلقها إزاء الوضع الامني والاجتماعي والاقتصادي في تونس، والذي ولّد حالة من عدم الاطمئنان لدى السياح الأوروبيين والمغاربيين، رغم التحسن الملحوظ لصورة تونس في الخارج ». وأضاف أن « الرؤية غير واضحة خلال السنة القادمة، باعتبار أن عدة وكالات أسفار طلبت تخفيضات في الأسعار، وإعادة التفاوض حول عقود التصرف وكراء المنشآت السياحية بهدف التخفيض في الأسعار ». وعبرت الجامعة عن عدم رضاها على « القرار الذي اتخذته وزارة النقل، والمتعلق بتأجيل فتح الأجواء التونسية لتأمين رحلات نحو المطارات التونسية من طرف الشركات ذات الكلفة المنخفضة ». وأبدت الجامعة التونسية للفنادق من جهة أخرى ارتياحها لقرب انتهاء الأزمة في ليبيا، والتي ستكون لها تأثيرات إيجابية على السياحة التونسية.
(المصدر: موقع العربية.نت (دبي – الإمارات) بتاريخ 28 أوت 2011)
<
مطلوب من حركة النهضة أن تقوم بثورة حقيقية في فكرها ـ « إن غياب حكومة ائتلاف وطني والاعتماد على حكومة تكنوقراط قد أثبتت ضعفها وعدم قدرتها على إدارة المجتمع في فترة تحول فضلا على غياب عدالة انتقالية وغياب وفاق سياسي حول الحكومة نفسها وهو ما جعل المشهد السياسي منذ 14 جانفي ينتقل من منطق الوفاق إلى منطق الصراع ». هذا ما صرح به السيد حمادي الرديسي (رئيس المرصد التونسي للانتقال الديمقراطي) خلال الندوة التى انتظمت ليلة أول أمس تحت عنوان « المشهد السياسي في تونس بعد 14 جانفي 2011 ».
وفي تفسيره للانتقال من منطق الوفاق إلى منطق الصراع بعد 14 من جانفي عرج الرديسي على خروج النهضة من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة فضلا عن الجدل الذي صاحب الفصل15 مشيرا إلى انه بقدر الاقتراب من موعد الاستحقاق الانتخابي بقدر ما سترتفع وتيرة الخلافات. وأضاف في هذا الصدد أن الأحزاب رغم تعددها فانه لا تأثير لها على الرأي العام ويبقى السبب الرئيسي وراء تعددها هوالنرجسية وعدم التوازن. وتبقى شروط النجاح من وجهة نظر رئيس المرصد هي تحييد جهازالشرطة في ما يتعلق بجانب الصراعات السياسية كما ان يقع مراقبة حركة النهضة والتحكم فيها(كان لا تكون رابحة اوخاسرة) إلى جانب مدى قدرة النخب الأخرى على قيادة البلاد في المرحلة القادمة.
التجمع بعد الثورة
تجدرالإشارة إلى أن اللقاء شهد عديد المداخلات التي تعكس الواقع السياسي الحالي من ذلك واقع الأحزاب الجديدة والحركات الإسلامية إبان الـ 14 من جانفي فضلا عن حضور التجمع الدستوري المنحل بعد الثورة. وأشار الأستاذ شكري خميرة (أستاذ قانون) في مستهل مداخلته حول التجمع الدستوري بعد الثورة أن الملفت للانتباه هوانه في الفترة الفاصلة بين 14جانفي تاريخ هروب بن علي وحل التجمع فان هياكله لم تتخذ اي ردة فعل تذكر. وبعد سقوط التجمع حاول التجمعيين اللجوء إلى استراتيجية تعدد الأحزاب وتم التفكير بطريقة عقلانية في تمركزهم في عديد الأحزاب لتبرز للعيان على أنها أحزاب جديدة وتعمل على استيعاب الشباب. وأضاف في هذا السياق أن »الأحزاب الدستورية » تبحث عن الزعامة وبرز ذلك من خلال حزب الوطن والصراع الذي قام بين فريعة وجغام…
الحركات الإسلامية
من جهة أخرى تم التطرق خلال هذا اللقاء إلى واقع وأفاق الحركات الإسلامية بعد الثورة من خلال مداخلة قدمها السيد علية العلاني(مختص في الإسلام السياسي). وبين في هذا السياق أن خطاب النهضة يبقى خطابا ديمقراطيا بامتياز إلا أن الخاصية التي لا تتماشى مع هذا الخطاب هو ان هاته الحركة تنتمي الى المدرسة الاشعرية بما يعني تغليب النقل على العقل. وهنا مطلوب من حركة النهضة أن تقوم بثورة حقيقة في فكرها وتتخلى عن ازدواجية الخطاب. ويتوقع الأستاذ علية في هذا الصدد أن تتحصل الحركة على 20 بالمائة من الأصوات…
الأحزاب الجديدة
من جهة أخرى وفي تشخيصه لواقع الأحزاب بعد الـ 14 من جانفي أفاد السيد كمال غرسلي (أستاذ قانون) أن هنالك خلط لدى الرأي العام بأن الأحزاب الجديدة هي أحزاب صغيرة وأن الأحزاب الجديدة كلها جديدة. والحال انه تشكلت منذ 22 جانفي3 أحزاب ينظر إليها على أنها جديدة رغم قدمها. وأضاف أن تعدد الأحزاب لا يعكس حركية وإنما يخفي بطئا شديدا في حين تشترك هذه الأحزاب في وحدة الايدولوجيا البراغماتية. وفي تصنيفه لهذه الأحزاب أشارالسيد كمال إلى أن تركيبة الأحزاب تختلف حيث نجد أحزابا ذو تركيبة ثقافية وأخرى عائلية في حين توجد أحزاب توفر برامج في حين تفتقر إلى مقرات… وخلص إلى القول بان الأحزاب تراهن بكثافة على التواجد في التأسيسي وأن مرحلة الانتقال الديمقراطي ستعمل على تصفية بعض الأحزاب من ذلك من سيضمحل تماما.
منال حرزي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 28 أوت 2011)
<
اتصلنا بالدكتور العالم التونسي محمد الاوسط العياري مباشرة من امريكا وعبر الهاتف لنسأله عن موعد حلول عيد الفطر المبارك حسب المعطيات المتوفرة لمراصد منظومة الشاهد العلمية لتوثيق رؤية الهلال فخصنا ـ مشكورا ـ بالتصريح التالي وقال فيه:
«ان عيد الفطر المبارك هو يوم الثلاثاء علميا وفنيا… ولمفتي الجمهورية سداد الرأي والقول الفصل للاعلان عن نهاية شهر رمضان المعظم وحلول عيد المسلمين جعله الله مباركا على الجميع».
ومعنى «علميا وفنيا» ـ يقول الدكتور محمد الاوسط العياري مفسرا ـ ان الحسابات العلمية والمراصد الفلكية والتجهيزات الفنية فائقة الدقة لمنظومة الشاهد العلمية تؤكد يقينا ليس فيه اي لبس او ادنى شك … على ان الهلال يمكن رؤيته في بعض المناطق دون بعض المناطق وعندما يرى في بعض المناطق فانه ستتم رؤيته تباعا في المناطق الاخرى مع فروقات قليلة في التوقيت وهي فروقات لا تزيد على ساعات قليلة.
واضاف انه سوف لن تتم رؤية الهلال في البلاد العربية والاسلامية بالعين المجردة والمراصد التقليدية ولكن الهلال سيظهر جليا للعيان بواسطة منظار الشاهد مع مغرب يوم الاثنين في جنوب افريقيا وامريكا والبرازيل والارجنتين والشيلي …ومعنى هذا ان مطلع الهلال واحد في كل بقاع العالم ..واذا ما رؤي الهلال في أي مكان في العالم فعلى الجميع ان يصوموا في جميع انحاء المعمورة بعد ان يعلموا ان الهلال واحد وان ظهوره سواء مثلا في تونس او فرنسا او امريكا يعني البشرية قاطبة بلا استثناء بعيدا عن الحدود والحواجز المصطنعة التي صنعها الاستعمار.
العلم والدين يتكاملان
وعليه فإن يوم الثلاثاء الموافق لـ30 أوت ميلاديا هو1شوال وهو اول ايام عيد الفطر المبارك علميا وفنيا وحسابيا ..وتبقى لسماحة مفتي الجمهورية صلاحية الاعلان عن اول ايام العيد وهو المعني بهذا الامر ولا اسمح لنفسي ان اتدخل في هذا الشأن الا اذا طلب رأيي من باب المشورة العلمية المشفوعة بالوثائق والصور والحسابات الفلكية الدقيقة جدا.
راجيا من جميع المسلمين-يضيف الدكتور محمد الاوسط العياري مستدركا – رجاء محبة واحترام وتقدير ان يكونوا منضبطين وملتزمين ومتفقين على اول ايام العيد . ..ولقد كانت سعادتي غامرة كمسلم يروم الخير لكل المسلمين ان صمنا هذا العام متحدين وهذا يحدث لاول مرة منذ قرون عديدة ولله الحمد والفضل.
كما أشدد وأؤكد على انه تستحيل رؤية الهلال بالعين المجردة في اي مكان في العالم الا بواسطةتجهيزات متطورة جدا على غرار تجهيزات منظومة الشاهد العلمية فانا اسمع هنا وهناك ان البعض رأى الهلال في مطلع ظهوره رأي العين وهذا غير صحيح ابدا فعملية الرؤية تتطلب تجهيزات علمية فائقة الدقة والتطور .
وأضاف الدكتور محمد الاوسط العياري قائلا ومتدفقا : وهذا يجرنا الى الدعوة الى أمر هام مفاده انه يجب على من يقررالاعلان عن موعد يوم العيد ضرورة تفهم المسائل العلمية والفنية لرصد الهلال وتوثيقه كما يجب علينا ايضا ضرورة احترام المسائل الفقهية في هذا المجال اذ لا تعارض ابدا بين العلم والدين فهما يتكاملان من اجل سعادة الناس والبشرية قاطبة.
ومن جهة اخرى اكد لنا عالمنا الجليل انه لن يأتي الى تونس للاحتفال بالعيد هذا العام وسط افراد عائلته بحمام الانف كما جرت العادة وذلك لانه خير ان يتابع مراصد منظومة الشاهد العلمية لتوثيق الهلال بنفسه بعدما ارسل اعوانه لرصد الهلال في اماكن ظهوره.
وفي الختام شدد الدكتور على امر هام قائلا: سنكون اوفياء لتعهداتنا وذلك بتركيز منظومة الشاهد في مدينة القيروان العام المقبل باذن الله تعالى كما طلب منا ذلك اهلها الكرام …وسنرصد الهلال من تونس ونعلن من تونس للعالم عن ظهور هلال شهر رمضان والاشهر العربية في كل المناسبات والاعياد وما توفيقي الا بالله شاكرا وراجيا وداعيا.
محمد الماطري صميدة
(المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 28 أوت 2011)
<
نحو قطب إسلامي جديد: المبررات والدوافع
تبدو الساحة الإسلامية في تونس اليوم متغيرة تطغى عليها حركة النهضة وتيارات أخرى وخاصة التيار السلفي الذي لا يحمل مشروعا سياسيا ويبدو خطابه لحظيا وممارسته متوترة، أما حزب التحرير فرغم منعه التأشيرة فإنه بقي متواجدا على الساحة غير أنه لم يخرج عن مشروع الخلافة الذي يجمعه بكل أحزاب التحرير في العالم مما أضعف البعد الوطني في مشروعه.
في ظل هذا التنافس غير المتكافئ، برزت على الساحة أحزاب سياسية جديدة ذات مرجعية إسلامية. ورغم صغر حجمها وتواضع تجربتها السياسية، فإنها سعت جاهدة للتواجد وبلورة خطاب مختلف رغم ضبابية الطرح أحيانا وعدم اكتمال مشاريعها المجتمعاتية. ولعل تحدي الصغر يجعل منها أحزابا قابلة للتلاشي والاندثار في وسط مشهد سياسي ضاغط تهيمن عليه أحزاب قليلة نتيجة إمكانياتها المادية الضخمة وفي البعض منها تاريخ من الفعل السياسي المقاوم.
نحو قطب إسلامي جديد: المبررات والدوافع
تبدو الحاجة لوجود قطب جديد داخل المشهد الإسلامي حالة ضاغطة ومستعجلة، ولا يجب التهاون في العمل على تأسيسها. ويمكن حصر الدوافع الموضوعية ومبررات هذا التأسيس في المضارب التالية: 1/ هناك أطراف من المجتمع لها توجس وريبة من حركة النهضة، يبررهما خطابها عند البعض الذي يرى فيها ضبابية أو ازدواجية، أو تاريخها عند البعض الآخر، أو البعض من رموزها وزعاماتها عند آخرين.
2/ خوف البعض من الشعب التونسي من عقلية التفرد والاستفراد التي يمكن أن تنبعث من جديد في المشهد السياسي التونسي، والذي ساهم النظام السابق في نحتها عبر حزب التجمع المنحل. فلا تريد الجماهير «تجمعا» جديدا ولو تحت يافطة إسلامية.
3/ خوف من ثنائية مقيتة وقطبية خطيرة بين حركة النهضة وقطب اليسار والتي أثبت التاريخ سلبياتها والتي استغلها النظام في ضرب الجميع والتفرد بالساحة قرابة ربع قرن من الزمن. فلا تريد الجماهير مجددا إحياء مربعات التسعينات وحتى الثمانينات والتي تركت الدولة والمجتمع في أيدي النظام في ظل غياب أو غيبوبة أو مساندة من معارضة مشتتة أو مرمية في الحواشي.
4/ هناك أطراف من الجمهور «الإسلامي» لا تجد في الخطاب «الإسلامي» المتوفر على الساحة إجابات ملموسة وعقلانية، حيث هيمن الخطاب المغازل للمشاعر والعواطف والبقاء في مربعات الشعارات الفضفاضة التي لا تزيد المشهد إلا رمادية. فلم تر مشروعا مجتمعيا ولكن شتاتا من الأقوال والتصورات المهتزة على أكثر من باب.
5/ غياب البصمة الإسلامية الواضحة والمباشرة في المشروع الإسلامي المتواجد على الساحة، حيث أصبح السعي نحو إرضاء أطراف أخرى منافسة، مجلبة لقراءات وتصورات شاذة أو مهتزة، مع خوف عجيب من «تهمة» «الاسلامية». حتى صارت أحوالها عند بعضها كحال المروزي الذي قال لصاحبه وهو يستنكر عليه عدم معرفته «والله لو خرجت من جلدك ما عرفتك»
إن وجود قطب إسلامي جديد اليوم في تونس، ليشكل قوة موازية للطرف المهيمن على الساحة، يمثل دفعا إيجابيا للحراك الديمقراطي إجمالا، واحتراما لمدنية المشروع الإسلامي في تعدد يافطاته وهو يخوض تجربة التعدد والاختلاف، وهو حماية كذلك للمشروع ذاته حتى لا يقع التفرد بأحد أطرافه، حتى إذا سقط العنوان مهما كانت ضخامته سقط كل البناء وتعثر المشروع أو تلاشى، ولعل في المشروع اليساري المطروح على الساحة باختلاف عناوينه مثال حي ومباشر في هذا الباب.
إن من شروط نجاح هذا القطب الجديد أن لا يبني مشروعه في مواجهة حركة النهضة بل عليه التأكيد على أنه طرف جديد يريد الإضافة والتميز وحماية المشروع قبل العناوين. كما أنه من الضروري لإنجاح هذا المسار وجود رموز معروفة تتبنى أو تساند الهيكل الجديد، لأن دور الرمز محسوم في إنجاح أي عمل، لما يحمله من عناصر الثقة والاطمئنان بينه وبين الجماهير، فهو تمهيد جميل لسريان الفكرة وقبولها.
(المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 28 أوت 2011)
<
لما تواترت الأنباء في المدة الأخيرة عن إكراه بعض أذناب الجيش العلوي النصيري في سوريا لبعض الثائرين على النطق بكلمة الكفر البواح : لا إله إلا بشار .. ظننت أن الأمر لا يعدو أن يكون من مبالغات الخصوم بعضهم على بعض حتى فوجئت بإمام مسجد الرفاعي بالشام وهو يذكر الأمر في خطبة الجمعة التي إقتحمها عليه فيها أزلام النظام العلوي النصيري البايد ثم إستبان الأمر إستبانة خيط أبيض من أسود لما نقلت الجزيرة القطرية المشهد صريحا جليا حيث يظهر فيه الجنود وهم يكرهون الرجل على النطق بكلمة الكفر الصراح : لا إله إلا بشار.. قلت في نفسي : لكأن القرآن الكريم يتنزل علينا الآن وهو يقول : „ من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان..“. بل قلت في نفسي : لو عرض هذا الأمر ذاته على نبي القرآن الكريم عليه الصلاة والسلام لقال للمكره بمثل ما قال لمكره آخر في زمانه : إن عادوا فعد. إن عادوا لإكراهك على النطق بكلمة الكفر الصراح البواح فعد بنطقها كلما كان قلبك مطمئنا بالإيمان. ولا حرج على من أخذ بالعزيمة في مثل هذا بل إنه يظفر بأغلى حسن ختام : الشهادة في سبيل الله سبحانه. سوى أن العزائم والرخص بين الناس متاحة ليأخذ كل منا بما يناسب طاقته رحمة منه سبحانه.
لا إله إلا بشار : هي بشارتي بقرب زوال الإله المزعوم. أجل. هذا أمر مجرب ألف مرة ومرة. أباح سبحانه لعباده حرية الإيمان بمثل إباحته حرية الكفر لهم بشرطين إثنين : أولهما قوله : „ قد تبين الرشد من الغي “ وثانيهما قوله : „ كل نفس بما كسبت رهينة “. أي أن حرية الإعتقاد في الإسلام مباحة بالكلية كلما كان الإنسان حرا راشدا تبين له نهار الأمر من ليله وبياضه من سواده على أن يدرك تمام الإدراك أنه يتحمل مسؤوليته وحده ـ سيما من بعد موته ـ سواء إختار الإيمان بالله سبحانه واليوم الآخر أو إختار الكفر به. معلوم أن الإسلام حرب على أمرين إثنين : أولهما الكفر بالله سبحانه كفرا بواحا صراحا للناس فيه برهان ساطع لا يترجرج وثانيهما الظلم أي ظلم الإنسان غيره وهو الظلم الذي قال فيه العلماء : ظلم لا يتركه أي يخصص له محاكم فرعية خاصة به على هامش المحكمة العليا الأخيرة ليقتص مظلوم من ظالم بطريق التبادلي السلعي في يوم تكون فيه السلعة الوحيدة المتاحة للتعاوض هي سلعة الحسنات والسيئات. ومعلوم أن حرب الإسلام على الضرب الثاني من العدوان أشد ألف مرة ومرة وذلك بسبب أن العدوان الأول ـ أي الكفر ـ متاح لمن أراده عن بينة ورشد وحرية على أن يتحمل مسؤوليته وحده يوم القيامة. العدوان الثاني أشد بسبب أن الإنسان خلقه مولاه سبحانه حرا حرية كاملة تامة تحت سلطان حكمه وسقف إرادته وكذلك بسبب أن العدوان من الناس بعضهم على بعض يعطل حركة الحياة ويحيلها جحيما لا يطاق والله تعالى وعد بقوله :“ إن الله يدافع عن الذين آمنوا “. بل إن حرب الإسلام على الظلم مقدمة على حربه على الكفر وليس أدل على ذلك من أن موسى عليه السلام لم يطلب من بني إسرائيل الإيمان به إلا بعد أن حررهم بإذنه سبحانه من قبضة فرعون بما يعني أن رسالة موسى رسالة تحريرية بالأساس الأول والدليل على أنه عمل على تحريرهم قبل أن يعرض عليهم رسالته هو قول بعضهم له في طريق الفرار من فرعون وبعد عبورهم البحر :“ إجعل لنا إلها كما لهم آلهة”. ولو كانوا مؤمنين ما طلبوا منه ذلك ولا إتخذوا العجل. ذلك هو معنى أن الإسلام رسالة تحريرية جامعة بالأساس الأول وذلك هو معنى أنه سبحانه حررنا ثم عبدنا وليس العكس إذ لو عبدنا إليه ثم حررنا لكان ذلك في تناقض مع قوله : „ لا إكراه في الدين “.
وما مسؤولية بشار في هذا الكفر الصراح البواح. لنهب أنه لم يأمر بذلك وكان ذلك تصرفا فرديا معزولا من بعض جنوده. إذا وهبنا ذلك فلن يكون وهبنا صحيحا حتى يتخذ بشار من الإجراءات اللازمة في حق من أكره الناس على تأليهه من دونه سبحانه في بلد كل سكانه مسلمون تقريبا وما كان منهم مسيحيا فهو لا يرضى بهذا الضرب الجديد من الكفر : لا إله إلا بشار.. أما إذا ظهر الأمر للعلن ـ سيما في فضائية الجزيرة القطرية ـ وشاهده الملايين ثم صم بشار عنه أذنيه فإن ذلك لا يعني ـ حكما قضائيا على الأقل بتعبير الفقهاء وليس حكما ديانيا يتولاه سبحانه يوم القيامة ـ سوى أن بشارا نفسه إما أنه هو الذي أمر بذلك الكفر الصراح البواح الذي لا نعلم أن أحدأ أتاه قبل فرعون ولا بعد فرعون وإما أنه رضي به حتى لو لم يأمر به. والنتيجة واحدة دون ريب.
أجل. تلك هي بشارتي بدنو أجل الإله الجديد. مازلت أنتظر للمجرم السفاح القذافي نهاية لا يعلم مأساويتها إلا الله سبحانه بسبب تعديه الصارخ من موقع الكبر السلطاني على مقام الألوهية والنبوة والكتاب. كتبت ذلك مرات ومرات ومازلت أنتظر الوعد الرحماني وإني لعلى يقين منه لا يدانيه يقين. علمنا الإسلام أنه سبحانه يمهل ولا يهمل. بل علمنا أنه سبحانه يمهل كثيرا في الأخذ بجرائم لا حصر لها من مثل موالاة بني إسرائيل وأعداء الأمة بصفة عامة ومن مثل أكل أموال الناس بالباطل والتعدي على حرماتهم الجسدية وغير ذلك. ولكنه علمنا أن التعدي على حرمات الله المباشرة من مثل التعدي على مقام الألوهية ـ بمثل ما فعل بشار أسوة بفرعون ـ وعلى مقام النبوة ـ بمثل ما فعل بورقيبة والقذافي ـ وعلى مقام الكتاب العزيز بمثل ما فعل آخرون.. علمنا أن ذلك الإمهال حبله قصير قصير. بل علمنا أن ذلك الحبل مهما طال فإن العاقبة لا تكون وخيمة فحسب بل هو الوخم ذاته. آن للإمام القرضاوي أن يقسم مرة أخرى على نهاية عاجلة في قمة البأس والأخذ الأليم للإله الجديد : بشار النعجة. عندما أقسم الإمام على نهاية القذافي ظن بعض الناس أنه يتألى على ربه سبحانه. أي الجرمين أشنع في ميزان الله وميزان الناس : جرم القذافي أم جرم النعجة؟ هو إختلاف طفيف في الدرجة وليس هو إختلاف في النوع. أجل. أبشروا يا أهل سورية.. أجل. أبشروا يا أهل الشام.. أجل. أبشروا أيها المقاومون بعاجلة بأس شديد وأليم تأخذ الإله الجديد.أبشروا بيقين لا يقين بعده.
ومن تونس كفر صراح بواح جديد. لكم يخطئ كثير من السياسيين عندما يتحذلقون مماحكين ومماحلين في ثوابت ومحكمات لا تقبل منهم ذاك تحت أي دعوى. ما بال أولئك وإمام الرسالة الخالدة الخاتمة قال له ربه سبحانه : „ ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا وإذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ..“. إذا كان ذاك هو شأن محمد ـ وما أدراك ما محمد حتى وهو عبد فما بالك بمقامه وهو نبي صلى الله عليه وسلم ـ فإلى أين يفضي التحذلق بأصحابه وأي مصلحة للدعوة والحركة والبلاد والثورة؟ ألا يكفي أنه عوتب ـ صلى الله عليه وسلم ـ في إبن أم مكتوم الذي كدر عليه مشهدا من أعز مشاهد الدعوة في عيون الأرض أي مشهد إسلام الكبراء لينقلب إلى الإسلام من ورائهم السفهاء؟ هي فواصل دقيقة لا تكفي فيها النية الحسنة وإن كان للنية الحسنة ألف حظ وحظ في التسديد والترشيد. ذاك موضوع يتطلب فسحة أخرى من الحديث فلندعه الآن.
أما آن لك أن تشهد أن شكسبير رسول يوسف صديق؟ ظهر علينا الأحمق الغبي يوسف صديق في قناة نسمة التونسية وهو يقول بأن شكسبير لو تسنى له من الأتباع ما تسنى لمحمد عليه الصلاة والسلام لكان مثله بل كان متفوقا عليه. صحيح أن الأمر في قراءته السياسية حلقة أخرى من حلقات يائسة من شرذمة من العالمانيين المنتحرين الذين يعملون على جلب بعض الشباب إلى إقتراف العنف تهيئة لمناخ أمني غير موات لإجراء إنتخابات 23 أكتوبر المقبل. ذلك صحيح في قراءة سياسية دون أدنى ريب. ولكن لا بد من التمييز بين أمرين لا مناص لهما من التكافل فلا يطغى هذا على ذاك ولا ذاك على هذا. الأمر الأول هو ضرورات الحزب السياسي وهي ضرورات مفهومة مقبولة تدخل ضمن سياق السياسة الشرعية وضمن سياق الضرورات التي تؤجل بعض إستحقاقاتها حكمة ورشدا. غير أن ذلك ما ينبغي له أن يحجب الأمر الثاني اللازم للأمر الأول أي : خيارات الشعب وحق الإتجاه الإسلامي فيه ـ بمعناه الواسع وليس بمعناه الجمعياتي أو الحزبي ـ في الدفاع عن بيضة دينه ولجم أفواه الذين يريدون إشاعة الردة في المجتمع التونسي تحت مسمى حرية الرأي. المستوى الثاني مازال يشكو نقصا فادحا حتى بعد الثورة أي بعد أن إنداحت حرية الكلمة بمستويات كبيرة. لقد تبين أن مرد ذلك النقص ليس ضيقا في مساحات الحرية ولكن مرده أمور لا يتسع لها المجال هنا وعلى أهل الذكر إلتقاط ذلك ومن ذلك : إستيعاب السياسة والحزب لأكثر الناس وهو إستيعاب لا يتحمل الحزب مسؤوليته في الحقيقة ولكن يتحمل مسؤوليته رجال الدعوة من دعاة وأئمة ووعاظ وناشطين إسلاميين وقيادات إسلامية ورموز وغيرهم ممن يمكن أن يستقطبه ملعب الإتجاه الإسلامي في تونس. ومن تلك المردات كذلك بعض الغموض في التمييز بين السياسة والدعوة أو بين ضرورات الحزب السياسي وخيارات الإتجاه الإسلامي.أجل. هناك غموض ما زال يلف مساحات غير يسيرة فينا. بعضنا يتجه ببصره نحو محطات وطنية وحزبية قادمة لفك ذلك الغموض أو ذلك الإشتباك المفروض لعوامل تاريخية قديمة بين المنطقتين الدعوية والسياسية الحزبية ولكني لست مرتاحا لذلك الإتجاه لأن الوعي لا تصنعه المحطات ولكن تصنعه الأعمال التي بين المحطات. كأن أكثرنا مازال مكبلا لضرورات حزب والحال أن ملاعب الدعوة تشكو نقصا فادحا ليس في العدد فحسب بل في العدة ـ وهذا أمر لا بد من تداركه لحدة النقص فيه ـ وكذلك في الوعي بتحرير المبادرة الدعوية.
ما تأسفت أسفي على رجلين : البوطي و بن جدو. أجل. ما بلغ مني الأسف مبلغا بمثل ما بلغ في هذين الرجلين : الدكتور البوطي الذي تعلمنا منه كثيرا وكثيرا ولن نزال ولن تزال أجيال من بعدنا تتعلم لمن أراد طلب العلم من مظانه. رجل هوى بين يدي الإله الجديد : بشار النعجة .. هوى هويا بمثل ما يندك نجم في أعماق الظلمات السحيقة. خر الرجل كما يخر الساقط من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق. دعوى الألوهية من لدن بشار النعجة إمتحان جديد عسير يدعى له اليوم كل علماء سوريا وفقهائها وأئمتها وخطبائها ووعاظها. كذلك أرى الأمر : إختبار لهم جميعا وفي مقدمتهم الدكتور البوطي. كأن الله سبحانه يناديه نداء أخيرا : ها قد هويت وصمت وسقطت وتواريت شاهد زور على أنهار من دماء المقاومين. ها قد غفرت لك ذلك بسبب صلافة البطش العلوي النصيري الذي لا يرحم. غفرت لك ذلك ومثلك لا يغفر له ذلك : „ لتبيننه للناس ولا تكتمونه”. أما اليوم بعد أن إدعى المجرم السفاح الذي كنت ترهب وتخشى .. أما اليوم بعد إن أدعى الألوهية فأنت على ميزان الإمتحان وفي كفة الإختبار. هل أنت أغلى من إمام مسجد الرفاعي أم أغلى من الدكتور العلامة النابلسي ومن مئات آخرين من أئمة الشام وعلمائه وفقهائه؟ فرصة أخرى أمام الدكتور البوطي. بل فرصة أخيرة أمام علم من أعلام الدعوة والعلم والفقه المعاصرين. لا أتمنى له سوى النجاح فيها ورب الكعبة. بمثل ذلك تأسفت كثيرا لرجل من رجالات الإعلام المعاصرين الناجحين : غسان بن جدو. لتكن يا غسان شيعيا أو من أصول شيعية أو لتكن إعلاميا أو فنانا أو لتكن تونسيا أو إيرانيا أو لبنانيا أو لتكن عربيا أو أعجميا أو لتكن وسطيا أو سلفيا أو لتكن ثائرا أو محافظا أو لتكن ما شئت لنفسك أن تكون .. كل ذلك من حقك الذي لا يجادلك فيه إمرئ واحد فوق البسيطة. أما أن تنحاز يا غسان إلى مجرم سفاح إنتهى به الأمر إلى إدعاء الألوهية ـ حتى لو كان ذلك مجرد رضى بها أو غض للطرف عنها ـ .. ذلك يا غسان لا يليق بك. أجل. لا يليق بك ورب الكعبة. لا يليق بإعلامي ناجح مثلك. بل لو كنت فيلسوفا لكان ذلك أهون فيك لبعض شطحات الفلاسفة الذين يرون الدنيا بعيون غير عيون البشر. أما أن تكون إعلاميا عربيا مسلما فلا وألف ألف لا. أنت تدرك أن حوالي ثلث مليون عربي لا يحدثون أنفسهم وبعضهم بعضا في شأنك بغير ذلك. أنت تدرك أن مثلهم وأكثر منهم من المسلمين هم كذلك. أنت تدرك أن مثلهم أو أدنى منهم من الأحرار هم كذلك. سقطتك يا غسان في الإنحياز إلى نظام سفاح مجرم سقط بكل معايير السقوط في عيون العرب والمسلمين والأحرار.. سقطتك يا غسان هي سقطة في وهدة سحيقة سوى أن الفرصة التي منحت للدكتور البوطي تمنح لك أنت كذلك. لا يمنحها لك أحد فوق البسيطة سوى ربك الذي تؤمن به كما يؤمن به كل المسلمين. أنت رجل مثقف يتعلم الناس منك. أنت صاحب تاريخ وضيء يشرف العرب والمسلمين. أنت سليل بلاد شرفتها أقدار الرحمان بأن تكون صاحبة ضربة البداية في مسلسل ثورات عربية منداحة ربما لا تنطفئ لها نار حتى تتحرر فلسطين. أجل. يا غسان : فلسطين التي وطأتها قدماك سرا وأنت تقدم لنا عملك الإعلامي الرائع الكبير من غزة الجريحة الشهيدة المحاصرة ورجال المقاومة الأشاوس يحيطون بك من جانب. لتكن على صلة بحزب الله ولتكن لك معه ألف صلة وصلة. ولكن الذي يسع حزب الله قد لا يسعك بل لا يسعك بالتأكيد. إذا كان يرضيك ما يكتب عنك من بعد سقطتك المفاجئة فلتواصل سقطتك حتى يلفظك التاريخ ثم تدفن في القبر ذاته الذي سيقبر فيه عما قريب إن شاء الله تعالى الإله الجديد : لا إله إلا بشار.. هو قبر واحد يؤولون إليه واحدا من بعد واحد : بن علي ثم مبارك ثم علي صالح ثم القذافي وقريبا يلتحق بهم السفاح الذي إنحزت إليه بدون وجه حق. إذا كنت ترضى بأن تكون دفينا معهم فلتواصل سقطاتك. أما أنا فلا أرضى لك ذلك والله. الإنحياز إلى الجماهير الثائرة وإلى المقاومين المظلومين هو أعلى محكم في الدنيا. مثلك لا يحتاج إلى التذكير بذلك. ولكني أذكر نفسي ولكن بصوت عال. ذلك هو معتقدي ولي عليه من القرآن الكريم الذي منه ـ وليس من غيره أبدا طرا مطلقا ـ تجتنى الحكمة ويجتبى الرشد .. ذلك هو معتقدي ولي عليه من ذلك الكتاب العزيز ألف حجة وحجة. معتقدي الذي أموت عليه غير ناكص ولا رديد هو أن الحق ـ دوما ودون أي إستثناء ـ هو ذلك الإتجاه الذي يفيئ إليه الناس في أغلبهم فإذا كان أولئك الناس مسلمين مؤمنين فهو الحق الأبلج الذي ما جاء الحق إلا ليعزره ويؤيده. معتقدي الذي أموت عليه ـ ولتكن من بعد ذلك مقعدي جنة أو نارا ـ هو أن الإنحياز إلى المظلومين أعلى عقيدة في الحياة فإذا كانت تلك العقيدة موشحة بعقيدة الإسلام : لا إله إلا الله .. وليس لا إله إلا بشار .. فبها ونعمت وعندها ينال المنحاز إلى المظلومين أجري الدنيا والآخرة وإن لم تكن تلك العقيدة تحت سقف العقيدة الإسلامية فأولئك هم الأحرار الذين نتحالف معهم اليوم في معركة الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية. لو لم تكن تلك هي العقيدة الكبرى في الحياة لما بادر موسى عليه السلام بتحرير بني إسرائيل من السلطان الغشوم لفرعون وهامان وقارون وجنودهم قبل أن يعرض عليهم رسالته. دعنا نهب أن الناتو عينه على سوريا.. دعنا نهب أن أمريكا وإسرائيل ترحبان بالثورة السورية للتخلص من هذا المقاوم الممانع الإله الجديد الذي رضي بأن يكره رجل من بلاده على النطق بكلمة الكفر الصراح البواح : لا إله إلا بشار.. دعنا نهب كل ما يمكن لك أن تحيط به نفسك وموقفك ـ وموقف إيران وحزب الله ـ لئلا يتصدع تحت مطارق المقاومة السورية .. لو وهبت كل ذلك ومثله معه ألف مرة ومرة.. لو وهبت ذلك لما نلت من عقيدتي : ما تعلمت من الحياة تحت ظل الإسلام عقيدة أغلى من هذه العقيدة : أتجه مع الناس في أغلبهم حيثما إتجهوا بوعي ورشد وحرية غير مكره ولا مغرر بي وذلك هو الحق الأبلج من جهة ومن جهة أخرى أنحاز إلى المظلوم إنحيازا كليا وكاملا قدر المستطاع لا أسأل عن دين ظالم ولا مظلوم ولا عن لون ظالم ولا مظلوم ولا عن قوم ظالم ولا مظلوم ولا عن عرق ظالم ولا مظلوم ولا حتى عن نية ظالم ولا مظلوم.. ذلك هو أغلى ما علمتني الحياة.. ذلك هو ما أعتقده إعتقادا راسخا جازما لن أرتد عنه إن شاء الله .. ذلك هو وحي الفطرة إلي ثم ألفيت أن أس الكتاب العزيز هو ذاك وليس سوى ذاك.. ذلك هو الذي جعلني لا أفارق عقيدة غرستها الفطرة وزكاها الإسلام.. لا إله إلا الله محمد رسول الله.
الهادي بريك ـ ألمانيا
<
بيروت (رويترز) – أدت اطاحة المعارضة الليبية بالعقيد معمر القذافي بدعم من قوات حلف شمال الاطلسي الى تركيز الاهتمام الدولي على الاحتجاجات في سوريا المستمرة منذ خمسة أشهر والتي مثلت اكبر تهديد لحكم الرئيس بشار الاسد منذ توليه منصبه. وتخشى شخصيات معارضة ونشطاء من أن يشجع الاستخدام الناجح للقوة في الاطاحة بالقذافي السوريين على أن يحذوا حذو الليبيين. واتسمت الاحتجاجات في سوريا بالسلمية بصورة كبيرة لكن هناك أنباء متواترة على هجمات تستهدف قوات الامن. ومن الممكن ان يؤثر التصعيد في سوريا على الحلفاء والاعداء في منطقة الشرق الاوسط كما أن تخفيف حدة الخطاب من دول عربية هذا الاسبوع أشار الى احتمال أن يكونوا مستعدين لدعم الرئيس الاسد اذا نفذ اصلاحات. وفيما يلي بعض السيناريوهات المحتملة في سوريا والمخاطر والفرص التي ستمثلها.
* الجمود تقول الامم المتحدة ان 2200 شخص قتلوا خلال حملة القمع التي شنها الاسد على الاحتجاجات منذ انطلاقها في مارس اذار. وتقول سوريا ان اكثر من 500 من أفراد الجيش والشرطة قتلوا على أيدي عصابات مسلحة تلقي عليها باللوم في العنف. وعلى الرغم من الادانة الدولية المتزايدة والعقوبات الغربية وتكثيف الضغوط الاقتصادية فان حكم الاسد لا يظهر أي مؤشر يذكر على انهيار وشيك. كذلك فلا يوجد أي مؤشر على أن الاحتجاجات التي تجتاح أنحاء البلاد توشك أن تتوقف ولكن عددا من المحتجين تراجع فيما يبدو منذ أن أرسل الاسد قوات الى عدة مدن رئيسية في وقت سابق في أغسطس اب. واذا لم يتمكن الاسد من القضاء على الاحتجاجات بشكل كامل فربما يتمكن من احتواء اثارها ويبقى في السلطة رغم التصعيد وتأثر الاقتصاد نتيجة الاضطرابات والعزلة الدولية المتزايدة.
* ابرام صفقة مع المعارضة يمكن أن يجري الاسد تعديلا وزاريا ليشرك بعض شخصيات المعارضة في خطوة رمزية لن توقف المظاهرات في الشوارع لكنها ربما تقنع البعض بأنه جاد ازاء الاصلاحات بما في ذلك وعد باجراء انتخابات تعددية بحلول فبراير شباط. وبعد موجة منسقة فيما يبدو من قوى المنطقة بما في ذلك المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا في وقت سابق من الشهر الجاري خففت الدول العربية من لهجتها في الايام القليلة الماضية ولمحت الى احتمال تخفيف الضغوط على الاسد. ورفض الكثير من شخصيات المعارضة وعد الاسد باجراء اصلاحات سياسية وقالوا انها لا يمكن أن تتحدث مع السلطات مع استمرار العنف. واذا استمرت الحال على ما هو عليه فان بعض أعضاء المعارضة ربما يشعرون أنه ليس هناك بديل للتفاوض على الرغم من الريبة الشديدة المتبادلة.
* التدخل الدولي حتى الان لم يقترح أي بلد القيام بتدخل دولي في سوريا على غرار ما قامت به قوات حلف شمال الاطلسي لمساعدة المعارضة على الاطاحة بمعمر القذافي. لكن انهيار حكم القذافي شجع بعض شخصيات المعارضة والمحتجين على تأييد التدخل الدولي في سوريا بما في ذلك فكرة اقامة منطقة عازلة تركية في شمال سوريا. وكتب على لافتة بالانجليزية في احتجاج بمحافظة ادلب في الشمال يوم الجمعة « نرجو المساعدة يا حلف شمال الاطلسي. » لكن أي تدخل عسكري من الممكن أن يزعزع استقرار منطقة يتمتع فيها الاسد بدعم قوي من ايران ويدعم جماعات مثل حزب الله وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) والجهاد الاسلامي. وقال السيد حسن نصر الله الامين العام لحزب الله يوم الجمعة « أي تطور سلبي أو ايجابي سيطال المنطقة كلها. » كما أن التدخل الدولي يمكن ان يجعل بعض السوريين يختار الاسد كخيار أفضل من التدخل الاجنبي المحتمل.
* الحرب الاهلية يحذر محللون وبعض نشطاء المعارضة من أن استمرار القتل ربما يشجع الناس على حمل السلاح بأعداد كبيرة مما يدفع البلاد نحو الحرب الاهلية. وقال لؤي حسين وهو شخصية معارضة ان هناك بعض المنتمين للمعارضة الذين يرغبون في انهاء النظام سريعا وهم من حذروهم دائما من تكرار الانموذج الليبي وسيقولون الان ان المثال الليبي نجح ويلجأون للسلاح. وينتمي الاسد الى الاقلية العلوية التي تمثل نحو عشرة في المئة من سكان سوريا. وأغلب المتظاهرين في الشوارع من السنة. ووقعت بعض جرائم القتل الطائفية في بعض المدن مثل حمص لكن نشطاء يقولون ان مثل هذه الحوادث حتى الان تمثل جزءا بسيطا من الاحتجاجات. وعانت سوريا من الانقلابات المتكررة في الستينات قبل أن يتولى حافظ الاسد السلطة عام 1970 ويتخلص من معارضيه. وعلى الرغم من ورود أنباء عن حدوث انشقاقات محدودة واقالة الاسد لوزير الدفاع في أوج موجة القمع العسكري في أغسطس اب فان الجيش يقف حتى الان الى جانب الرئيس على خلاف ما حدث في تونس ومصر. لكن بعض النشطاء لا يرون احتمالا يذكر في الاطاحة بالاسد عن طريق مظاهرات الشوارع ويرون أن الانقلاب العسكري هو أفضل الطرق للاطاحة به. وهم يتمنون ان المطالب الغربية بأن يتنحى الاسد وفرض عقوبات محددة تستهدف مسؤولين كبارا ربما تشجع من يحيطون بالرئيس على الانشقاق أو القيام بانقلاب حتى لا يحاكموا. ولم يتضح كيف يمكن لاي زعماء عكسريين جدد التعامل مع مطالب المحتجين بالحصول على المزيد من الحريات السياسية. كما أن التركيز ينصب على الطبقات الغنية من التجار في دمشق وحلب والتي لم تتخذ حتى الان خطوة كي تنأى بنفسها عن الاسد. واذا لم تشعر هذه الطبقات بأن مصالحها ستكون مصانة في سوريا ما بعد الاسد فانها ستكون عازفة عن المطالبة بتغيير ثوري. لكن صبرهم ربما ينفد بينما يعاني الاقتصاد من انهيار عائدات السياحة والاستثمار الاجنبي والخسائر في التجارة وتراجع حجم الانتاج الصناعي.
من مريم قرعوني (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 28 أوت 2011)
<
د. فيصل القاسم
يقول الأديب البريطاني الشهير ألدوس هكسلي صاحب الرواية الشهيرة « عالم مقدام جديد »: « إن أهم درس يمكن أن نستفيده من التاريخ هو أن البشر لا يستفيدون كثيراً من دروس التاريخ ». ولعل أفضل مثال لتأكيد مقولة هكسلي هذه الأيام هو مواقف الطواغيت العرب المحاصرين بثورات شعبية الذين ما زالوا يكابرون بطريقة عبثية ضاربين عرض الحائط بالتاريخ. فبدلاً من الاستفادة من تجارب الذين سبقوهم وأخذ العبرة من السوابق التاريخية الكثيرة، ها هم يقعون في الحفرة نفسها التي وقع بها أسلافهم في الماضي القريب والبعيد، مع العلم أن الذي يقع في الحفرة نفسها مرتين، كما يعلم الجميع، هو الحمار أجلكم الله. وبالتالي فإن أكثر البشر قرباً من الحمير من حيث الغشم والغباء هم الطغاة.
ألم يسمع طواغيتنا الذين يتحدون العالم هذه الأيام بطريقة كوميدية رديئة بالمثل العربي الشهير: « الحكيم من اتعظ بغيره، والجاهل من اتعظ بنفسه »؟ فعلاً شيء عجيب جداً تلك العنتريات التي يطلقها المستبدون الساقطون والمتساقطون، وكأنهم لم يقرؤوا سطراً واحداً من التاريخ. فمن يستمع لهم هذه الأيام وهم يواجهون العالم أجمع بعنتريات لم تقتل يوماً ذبابة، كما أنشد الشاعر الراحل نزار قباني يوماً، يأخذ الانطباع أنهم أبسل وأقوى من العالم أجمع، مع العلم أنهم، حسبما يخبرنا المصلح الكبير عبد الرحمن الكواكبي في مؤلفه الشهير « طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد » أن المستبد هو أجبن بني البشر، وغالباً ما يموت المستبدون بأمراض نفسية خطيرة، ليس أقلها الجنون.
وليس أدل على جبن الطواغيت أنهم يهربون كالجرذان بعد سقوطهم إلى أقرب حفرة. فلو كانوا شجعاناً فعلاً كما كانوا يزعمون أثناء تنكيلهم الجبان بشعوبهم لانتحروا على الفور عندما يخسرون المعركة مع الداخل والخارج بدل اللجوء إلى الحفر القذرة والزوايا المظلمة تحت الأرض كما تلجأ الخنافس والصراصير والفئران.
لقد أشبع بعض الطواغيت العرب الهالكين والأحياء العالم عنتريات على مدى عقود. ولم يتركوا تهديداً إلا ووجهوه للأقربين والأبعدين على حد سواء، لكن ما أن تعرضوا لأول ضربة حتى هرعوا مسرعين إلى أول بالوعة، ليتم لاحقاً العثور عليهم في حالة مزرية جدا، ثم تم عرض بعضهم أمام العالم في وضع يرثى له. أهذه الشجاعة التي صدع الطواغيت العرب رؤوسنا بها على مدى سنين؟ ألم يكن من الأشرف لهم توجيه فوهات مسدساتهم الشهيرة التي طالما تباهوا بها وقتلوا العشرات بها إلى رؤوسهم بدل الهرب بطريقة مذلة للغاية؟ ألم يكن من الأفضل لهم أن يدخلوا التاريخ على أنهم فضلوا الموت على الوقوع في قبضة أعدائهم؟ فلو سقط الطاغية العربي وهو يقاتل لقلنا إنه شجاع فعلاً، إلا أنه غالباً ما يطلق العنان لقدميه بدل إطلاق النار على مطارديه.
قد يتنطع بعض المغفلين ليقول لنا إن الطواغيت العرب الذين نحن بصددهم ليسوا جبناء، بل مستعدون للصمود والتحدي حتى آخر لحظة، كما فعل القذافي. وهذا طبعاً هراء بهراء. فقد صدع الطاغية الليبي رؤوسنا وهو يصف شعبه بأنه مجرد ثلة من الجرذان، ليتبين لنا لاحقاً أن الجرذ الحقيقي هو القذافي الذي تصرف فعلاً كما تتصرف الجرذان بعد مواجهة أول خطر حقيقي. فبدلاً من أن يواجه الذين حاصروه في معقله في « العزيزية » والموت دفاعاً عن شرفه وشرف معقله، فر هارباً بشهادته هو نفسه متخفياً بزي امرأة. ومع كامل احترامنا للسيدات، فإن العرب اعتادوا أن يعيروا الجبناء والمرتعدين بأنهم « نسوان »، مع الاعتراف بأن بعض النساء أكثر رجولة وشهامة من الطواغيت العرب. والغريب أن القذافي الهارب يمطرنا هذه الأيام بتسجيلات صوتية تدعو شعبه للقتال، بينما هو مختبئ في جحور الخنافس والفئران.
كم هي مضحكة وهزلية عنتريات الطغاة العرب هذه الأيام أمام الثورات الشعبية والضغوط الخارجية. ففي الوقت الذي يظهرون على الشاشات وهم يرتعدون خوفاً، كما تظهر حركات أرجلهم ووجوههم، يبدؤون بالتحدي والمواجهة الفارغة وخاصة ضد ما يسمونه بـ »المؤامرات الخارجية »، مع العلم أنهم أكبر المتآمرين على شعوبهم وأوطانهم بدليل أنهم والغون في دم الشعوب إلى أبعد الحدود.
يا الله لماذا لم يتعظوا من تجربة الذين تعنتروا في الماضي ثم انتهوا على حبال المشانق؟ ها يعقل أن القذافي وأمثاله يهددون شعوبهم والعالم من حولهم بالويل والثبور وعظائم الأمور وهم مختبئون في البواليع كالجرذان القذرة؟ كم هو مضحك صوت الطاغية وهو يتوعد ويزبد ويرغي بينما لا أحد يعرف مكانه سوى الصراصير والبراغيث من حوله.
لقد هدد بعضهم قبل سنين بنقل المعركة إلى الغرب وبتحويل الأرض إلى جحيم تحت أقدام الغزاة، لكن سرعان ما تبخرت تلك العنتريات لتصبح مثاراً للسخرية والتندر، بينما أصبح وزراء إعلامهم الكوميديون في الأدبيات الإعلامية رمزاً للكذب والبهتان والتبجح الفارغ. وكلنا سمع العبارات الشهيرة التي كان يصدح بها الطواغيت العرب مثل: »وليخسأ الخاسؤون »، و »طز بالمحكمة الدولية وحلف الناتو ». لكن هل هم قادرون على المواجهة فعلاً؟ يقول الكاتب الإغريقي أيسوب: »من السهل أن تكون شجاعاً عن بعد ». ونحن نقول ما أسهل الاستخفاف بالقوى الغربية والمجتمع الدولي عند السفاحين العرب قبل السقوط، وما أسهل الهرب بعده. لم يمض على محنة القذافي سوى أيام، لكن مع ذلك فإن بقية الطواغيت العرب لم يتعلموا من الدرس القردافي الطازج، ومضوا في غيهم يعمهون مستخفين بالتحديات الداخلية والخارجية.
إن عنتريات الطواغيت العرب البهلوانية تذكرني بقصة صاحبنا « كمال » الذي وجد نفسه فجأة ملقى على ظهره تحت ركلات السيد « أديب »، فما كان من المبطوح كمال إلا أن هدد باطحه أديب قائلاً: » قم عني، وإلا قمت لك ». وهكذا أمر العناتر العرب الذي يعرفون أنهم مهزومون، لكنهم يكابرون ويطلقون تهديدات صبيانية فارغة. من السخف أن يهددوا العالم وقد أصبحوا منبوذين داخلياً وخارجياً.
طبعاً هذه ليست بأي حال من الأحوال دعوة للاستسلام للغرب والانبطاح تحت قدميه. وعاش المقاومون الحقيقيون في كل العالم. لكن طواغيتنا ليسوا مقاومين أبداً، بل هم مجرد ثلة من الفاسدين الجبناء، الذين لم يدافعوا يوماً إلا عن عروشهم وثروات عائلاتهم. كما أنهم لم ينتصروا يوماً إلا على شعوبهم العزلاء، بدليل أن كل ما اشتروه من عتاد عسكري من قوت الشعوب لم يستخدم منذ عشرات السنين ضد الأعداء، بل، كما نرى هذه الأيام، ضد الشعوب بطريقة بربرية فاشية عندما طالبت باستعادة حقوقها الأساسية فقط لا غير. وقد كان طواغيتنا على الدوام مستعدين لبيع الأوطان والشعوب مقابل البقاء في مناصبهم، بدليل أن القذافي دفع لأمريكا مليارات الدولارات بعد حادثة « لوكربي »، كما سلمها كل أسلحته غير التقليدية كي تصفح عنه. وغيره مستعد لتقديم الغالي والنفيس حفاظاً على طغيانه. ولا تغرنكم شعارات المقاومة والوطنجية والقومجية الحقيرة! يا الله كم أصبحت كلمة « مقاومة » مقرفة وقذرة عندما ينطق بها طاغية عربي!
ليس لدي أي شك بأن الدرس الوحيد الذي سيتعلمه بقية الطواغيت العرب من سقوط القذافي هو أنهم لن يتعلموا من سقوطه ولا من سقوط غيره من قبله، وبالتالي سنجد أنفسنا مضطرين قريباً أن نكرر لهم: « الطواغيت العرب عناتر قبل السقوط، جرذان بعده! ».
(المصدر: صحيفة « السبيل » (يومية – الأردن) الصادرة يوم 28 أوت 2011)
<
عبد الباري عطوان
ما زال السيد نبيل العربي، الامين العام لجامعة الدول العربية، ينتظر رداً من الحكومة السورية على طلبه زيارة دمشق، على رأس وفد عربي، بتكليف من وزراء الخارجية العرب، لحمل مبادرة عربية الى القيادة السورية تتضمن ‘بعض الافكار’ لحل الازمة الراهنة.
يبدو ان انتظار السيد العربي سيطول، فقد وزعت السفارة السورية في القاهرة بياناً اعربت فيه عن تحفظها الشديد على فقرة وردت في البيان الختامي الصادر عن الجامعة، الذي طالب ‘بوضع حد لإراقة الدماء وتحكيم العقل قبل فوات الأوان’، والاعراب ‘عن انزعاجهم وقلقهم ازاء ما تشهده الساحة السورية من تطورات خطيرة ادت الى سقوط آلاف الضحايا بين قتيل وجريح من ابناء الشعب السوري الشقيق’. ودعا الوزراء العرب الى ‘احترام حق الشعب السوري في الحياة الكريمة الآمنة، وتطلعاته المشروعة نحو الاصلاحات السياسية والاجتماعية’.
الانزعاج السوري من البيان مفهوم، ولكنه غير مبرر، ففي سورية انتفاضة شعبية تتصدى لها قوات الامن بالرصاص الحي، مما يؤدي الى سقوط آلاف الاشخاص قتلى وجرحى، وهناك من يقدر عدد الشهداء حتى الآن بحوالى 2300 شخص.
ولذلك فإن وصف البيان السوري الرسمي المطالبة بحقن الدماء بانه تدخل في الشأن الداخلي السوري في غير محله، لان هذه المطالبة صادرة عن جامعة عربية تتمتع فيها سورية بالعضوية الكاملة، والاكثر من ذلك ان سورية شاركت في مساندة بيانات طالبت بالتدخل الاجنبي في ليبيا، صدرت عن وزراء الخارجية العرب انفسهم، لحماية المدنيين من مجزرة كان يعد لها النظام الليبي في حقهم في مدينة بنغازي.
المبادرة العربية لم تطالب (حتى الآن على الاقل) بخطيئة التدخل الاجنبي، ولم تسحب الشرعية من النظام (حتى الآن ايضاً) استجابة لضغوط امريكية، ومحاكاة لتصريحات ادلى بها الرئيس الامريكي باراك اوباما، ولذلك يجب التعاطي معها بمرونة، لان السلطات السورية التي تعيش في عزلة دولية لا يجب ان تستعدي العرب جميعاً، مثلما نجحت في استعداء تركيا ومعظم الدول الغربية.
الحلول الامنية التي لجأت اليها السلطات السورية بشراسة، لم تنجح في وقف هذه الانتفاضة الشعبية، بل زادتها اشتعالاً، والا لما استمرت لاكثر من ستة اشهر متواصلة، سقط خلالها المئات بل الآلاف من الضحايا. ‘ ‘ ‘ نعم هناك مسلحون يطلقون النار على قوات الامن التي تهاجم المتظاهرين وتقتحم المدن والقرى، ولكن هؤلاء اقلية واستثناء، فالغالبية الساحقة من المحتجين هم من العزل، وشاهد العالم بأسره هؤلاء وهم يستخدمون حناجرهم في التعبير عن رغباتهم في الاصلاح والتغيير الديمقراطي في بلدهم.
نعم هناك مؤامرة خارجية، ولكن هذه المؤامرة لا تواجه بصب المزيد من الزيت على نيران الاحتجاجات، وانما باحتوائها من خلال الحوار والتجاوب بجدية مع مطالب الاصلاح، وليس بارسال الدبابات ووحدات الجيش الى المدن، وقتل الآلاف من المحتجين.
ايران الحليف الاكبر لسورية في المنطقة شهدت احتجاجات شعبية ضخمة، مدعومة بمؤامرات خارجية، تهدف الى الاطاحة بالنظام، مدعومة ايضاً بمنظومة اعلامية ضخمة، ولكن ادارة السلطات الايرانية للأزمة كانت في غاية الذكاء والحكمة، لا نقول ذلك مدحاً، وانما من منطلق الموضوعية المهنية، فلم يزد عدد القتلى في احداث الثورة الشعبية الايرانية المطالبة بالاصلاح الديمقراطي والاحتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية الاخيرة عن 26 شخصا نصفهم تقريباً من رجال الامن.
في درعا وحدها حيث اندلعت شرارة الانتفاضة سقط اكثر من مئة شخص في الايام الاولى للاحتجاجات، علاوة على العشرات اثناء عمليات التشييع، ولم تشر السلطات السورية نفسها في حينها الى وجود مسلحين او مندسين، واعترفت بسوء ادارة الأزمة، بعزل محافظ المدينة، ولقاء الرئيس السوري شخصياً بقادة العشائر في المدينة.
وطالما اننا نتحدث عن ايران، فإن البيان الذي صدر عن وزير خارجيتها الذي طالب الرئيس السوري بشار الأسد ‘باحترام المطالب المشروعة لشعبه’ يعتبر رسالة على درجة كبيرة من الأهمية من حيث معانيه وتوقيته، خاصة ان هذا البيان عبر ‘عن القلق من تدخل حلف الناتو في سورية’ على غرار ما حدث في ليبيا.
الربط هنا واضح بين ‘المطالب المشروعة’ للشعب السوري و’التدخل الخارجي’، بمعنى ان غياب الاولى قد يؤدي الى حدوث الثاني، اي تدخل قوات الناتو. وان كان البيان الايراني حذر من خطورة مثل هذا التدخل ومن نتائج مماثلة لما حدث في العراق وافغانستان. ‘ ‘ ‘ التحذير الايراني في محله، فسورية ليست مثل ليبيا، والنظام فيها ليس معزولاً في محيطه، بل هو جزء من منظومة تضم ايران، الدولة الاقليمية العظمى، علاوة على حزب الله الذي يملك ترسانة هائلة من المقاتلين الاشداء والاسلحة الحديثة التي اثبتت فاعليتها في التصدي للعدوان الاسرائيلي عام 2006 وهزيمته.
وفوق كل هذا وذاك وجود جيش سوري قوي, واجهزة امن داخلية ملتفة حول النظام، ولم تتعرض اي من المؤسستين العسكرية او الامنية في سورية الى اي انشقاقات حتى الآن على الاقل.
السؤال الذي يطرح نفسه هو عن مدى استعداد ايران للانخراط في حرب اقليمية في حال تطورت الامور الى هذا الحد، بفعل تدخل حلف الناتو بمشاركة تركيا او دول اخرى في الأزمة السورية.
من الصعب علينا الاجابة على هذا السؤال، ولكن ما يمكن التكهن به هو ان الجيش الايراني لم يحارب مطلقاً خارج حدود بلاده طوال العقود الماضية الا في حال اضطر الى ذلك، مثلما حدث في الحرب الاخيرة مع العراق، حيث يؤكد الايرانيون ان العراق هو الذي بدأ في الهجوم، وهي رواية ظلت موضع جدل من الجانب العراقي.
روسيا التي ترسل اشارات حول دعمها لسورية تخلت عن العراق عندما تعرض للعدوان الامريكي عام 2003، رغم انها حصلت على عقود تجارية قيمتها 45 مليار دولار، كما انها تخلت عن صربيا حليفها الارثوذكسي التقليدي والاوثق في اوروبا، ولم تحرك اصبعاً واحداً عندما كانت الصواريخ الامريكية تدك بلغراد.
ما نريد قوله ان الحكومات الاجنبية تتحرك انطلاقاً من مصالحها، وليس بناء على عواطف او مجاملات سياسية، هذا لا يعني ان التدخل الايراني بالذات ليس وارداً، في حال تعرض سورية لعدوان او تدخل من حلف الناتو.
المخرج من الأزمة في سورية قد يكون سياسياً بعد فشل الحلول الامنية، وربما تكون المبادرة العربية طوق نجاة في هذا الصدد، ولذلك لا يجب اغلاق الباب كلياً في وجهها، ولذلك نأمل ان نرى السيد نبيل العربي امين عام الجامعة والوفد المرافق له في دمشق قريباً جداً، لان سورية ليست بحاجة الى خلق الاعداء، وانما بحاجة الى حقن دماء يليه تغيير ديمقراطي جدي وحقيقي، تبدأ ارهاصاته فوراً دون ابطاء او تأخير. أليس ‘تعريب’ الازمة السورية افضل كثيرا من تدويلها؟
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 29 اوت2011)
<
د. فهمي هويدي
الغارات « الإسرائيلية » ذكرتنا أن الخطر الذي يهدد العرب ليس الاستبداد وحده
حين قتل الإسرائيليون 11 فلسطينياً يوم الخميس الماضي. بحثت عن الخبر في ست صحف مصرية صدرت صبيحة اليوم التالي (الجمعة 8/26). ولاحظت أن صحيفتين فقط ذكرتا الخبر على إحدى الصفحات الداخلية. في حين لم تشر إليه الصحف الأربع الأخرى. إذ كان تركيزها منصباً على تطورات الموقف في ليبيا والقمع الحاصل في سوريا، إضافة إلى اللغط والتراشق بين الجماعات السياسية في مصر.
لم أفاجأ بمستوى التعامل الإعلامي مع الشأن الفلسطيني والعدوان « الإسرائيلي ». ذلك أن قتل الفلسطينيين أصبح خبراً عادياً ليس في مصر وحدها، وإنما في العالم العربي أيضاً. كأنما اقتنع الجميع بأن الفلسطيني كائن خلق لكي يقتل، وأن الخبر الحقيقي، الذي يستحق التسجيل، ويثير الانتباه أن يبقى الفلسطيني حيَّا. وهذا الانطباع جعل مشهد الجنازات في الشوارع وكأنه جزء طبيعي من انتظام حركة السير يتدفقه على مدى النهار. وليس ذلك أمراً مستغرباً تماماً. فمنذ اختلت الأولويات في العالم العربي، وخرجت مصر من المعادلة بمعاهدة «السلام» انكفأ الجميع على ذواتهم، ولم تعد فلسطين قضية العرب الأولى ولا المركزية بطبيعة الحال، وبصورة تدريجية تراجع الخبر الفلسطيني، وظل ينسحب إلى الصفحات الداخلية، وفي بعض الأحيان يغيب تماماً عن الواجهة حتى يكاد يغرق في بحر النسيان.
أدري أن «الربيع العربي» شغل الجميع، وأن أحداثه وأصداءه المثيرة صرفت الانتباه عن كل ما عداه. وكما مر انفصال جنوب السودان عن شماله، ولم يحرك شيئا في العالم العربي، وكما استمر مسلسل تآكل العراق وتقطيع أوصاله تحت أعين الجميع، وكما وقف العرب يتفرجون على المجاعة في الصومال تماما، كما وقفوا متفرجين على حصار غزة، فإن الانقضاض « الإسرائيلي » على الفلسطينيين استمر واشتد مستثمراً حالة الذهول والغيبوبة المخيمة على العالم العربي.
الأدهى من ذلك والأمر أن السلطة الفلسطينية في رام الله لم تعد تتحدث حتى عن استعادة الأرض، التي تم احتلالها في عام 1967. التي تشمل كامل الضفة العربية وغزة، وإنما باتت «تناضل» لتقيم دولة فلسطينية، وترفع علمها على 20٪ من أرض فلسطين تشمل المنطقة «أ» فقط من الضفة، في مشروع الاستقلال، الذي تنتوي تقديمه إلى الأمم المتحدة في الشهر المقبل.
قلت إن التراجع في الاهتمام بالقضية بدأ بخروج مصر من المعادلة منذ وقعت المعاهدة المشئومة في عام 1975، مما أدى إلى إضعاف الصف العربي والفلسطيني ضمناً، الأمر الذي أدخل الجميع في نفق المساومة على القضية وشجع الإسرائيليين على الاستعلاء والتغول والسعي الحثيث إلى تصفيتها وإغلاق ملفها إلى الأبد. وبلغت المأساة إحدى ذراها العالية حين اجتاحت « إسرائيل » غزة في ظل صمت مصري مدهش ومريب، ثم حين اشتركت مصر في حصار غزة على النحو المفجع والمخزي الذي يعرفه الجميع.
كما رأيت في النموذج الذي أشرت إليه فإن الغيبوبة أصابت الإعلام العربي أيضاً، والنخب بوجه أخص، التي اختلت لديها الأولويات بدورها، ولم تعط ممارسات الاحتلال « الإسرائيلي » حقها من المتابعة، التنبيه ليس فقط إلى ما تمثله من خطر يمهد لتصفية القضية وسحق الفلسطينيين، ولكن أيضاً إلى ما تمثله تلك الممارسات من تهديد للأمن القومي المصري وللأمن والسلم في المنطقة بأسرها. إزاء ذلك، يبدو أن مراهنتنا ينبغي أن تظل قائمة على وعي الشعوب وصوت الشارع في مصر بوجه أخص، ذلك أن الغضب العارم، الذي اجتاح الشارع المصري في الأسبوع الماضي بعد قتل الإسرائيليين للجنود المصريين جاء كاشفاً عن عمق المشاعر الرافضة للممارسات « الإسرائيلية »، وهى المشاعر التي حاول بعض الشباب المصريين التعبير عنها في ذكرى النكبة (مايو الماضي)، حين اتجهت جماعات منهم صوب مقر السفارة « الإسرائيلية » بعد نجاح الثورة مطالبة بإغلاقها وطرد السفير « الإسرائيلي ».
إن الإيجابية الوحيدة للغارات التي شنتها « إسرائيل » على غزة أنها ذكرتنا بأن الربيع العربي سيظل منقوصا ما دام الاحتلال مستمرا لفلسطين وما دام دم الفلسطينيين ينزف في شوارع غزة وأزقتها. كما ذكرتنا بأن الخطر الذي يهدد الوطن العربي ليس الاستبداد وحده. وإنما الاحتلال أيضاً.
(المصدر: م. ف. إ. عن الشرق القطرية بتاريخ 29 أوت 2011)
<