الاثنين، 19 سبتمبر 2011

فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS

11 ème année, N°4099 du 19.09.2011  

archives :www.tunisnew .net


بناء نيوز:أهالي القصرين يدعون إلى عصيان مدني غدا(اليوم)

إعتقال رئيس جمعية نداء الثورة الناشط عبد الحميد الصغير يوم السبت 17 سبتمبر 2011

الرياض:تونس: القضاء يمنع 40 عسكرياً من السفر بحجة قتل متظاهرين

كلمة:البنك الإفريقي للتنمية يمنح قرضا لتونس بقيمة 173 مليون يورو

البيان:مسؤولة حقوقية في تونس لبحث التحضيرات للانتخابات

الشبكة الاورو متوسطية لحقوق الإنسان تؤكد ثقتها في نجاح عملية الانتقال الديمقراطي

المشهد:كندا ترفض إجراء انتخابات المجلس التأسيسي على اراضيها

الشروق:بوبكر بالثابت كاتب عام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات:الهيئة قد تفكر في عدم منح اعتماد لكل من خرق قرار منع الإشهار السياسي

الشروق:شبهات حول أعضائها ودورها وشرعيتها :هيئة إصلاح الاعــــلام في حاجة الى… الاصلاح

الصباح:مرصد انتخابات «التأسيسي»:إقصاء من تحملوا مسؤولية «في التجمع» من دور الملاحظ

باحث في التاريخ السياسي لـ »الصباح »:ثقة الشعب في المشهد الحزبي مهزوزة

آسيا العتروس:ممنوع من الحياد:ما لم يقله الوزير السعودي…

كمال بن يونس:مع الأحداث:أردوغان والعلمانية والعرب

آمال العريسي:الإشاعة في تونس «تنافس» الخبر!

عبدالحميد العدّاسي:اجتياز الوهن

جمال الدين أحمد الفرحاوي:مضيت فينا مغتربا

عبد الباري عطوان:ساركوزي عندما يكذب

منير شفيق:قراءة في الدرس الليبي

د. فهمي هويدي:ابن للديمقراطية لا العلمانية


Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

تابعوا جديدأخبار تونسنيوز علىالفايس بوك

الرابط

http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141



تونس- بناء نيوز علمت بناء نيوز أن أهالي مدينة القصرين الواقعة بالوسط الغربي من البلاد التونسية قرروا القيام بعصيان مدني غدا الاثنين 19 سبتمبر 2011 على خلفية محاولة 5 شبان من ابناء المدينة الانتحار نهاية هذا الأسبوع. إضافة إلى عدم الرضا عن نتائج مناظرة المعلمين. وقد أعتبر أهالي القصرين أن عدد الذين تم قبولهم في المناظرة قليل جدا مقارنة بعدد العاطلين عن العمل. وهذا ما جعلهم يقررون الدخول في جملة من التحركات للفت الانتباه لمشاكلهم. (المصدر: موقع بناء نيوز الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 18 سبتمبر 2011)  


تونس في 17 سبتمبر 2011 بسم الله الرحمان الرحيم نــداء الـثـورة من أجل نضال وطني للمشاركة في بناء تونس nidaathawra@gmail.com فايسبوك : نداء الثورة / نهج مرسيليا تونس / هاتف : 99001233

إعتقال رئيس جمعية نداء الثورة الناشط عبد الحميد الصغير يوم السبت 17 سبتمبر 2011

 


تم يوم السبت 17 سبتمبر على الساعة 10:45 إيقاف عبد الحميد الصغير رئيس جمعية نداء في الطريق الرابطة بين مدينة قربة و العاصمة حيث كان قادما من قربة نحو تونس على متن سيارة أجرة و أعلم بأنه مطلوب لدى السلط الأمنية بتهمة  » دخول محل الغير » و في حقه بطاقة تفتيش بمنطقة الأمن الوطني بـباب بحر على خلفية مسيرة يوم 20 أوت و تم إقتياده لمركز شرطة المرور بمنزل بوزلفة و هم بصدد نقله أثناء كتابة هذا البيان إلى أحد مراكز الشرطة بنابل و نعلم إننا فقدنا كل السبل للتواصل معه ذلك أن هاتفه المحمول أغلق حوالي الساعة الواحدة . و يذكر أنه على إثر تحرك يوم السبت 20/08/2001 الذي انطلق من ساحة محمد علي أمام الاتحاد العام التونسي للشغل تحت شعار « الشوارع و الصدام حتى يسقط النظام » للمطالبة بإستقلال القضاء و تطهير الجهاز الأمني من الفاسدين و تأمين إستحقاقات الثورة . أعتدي على المتظاهرين لثنيهم عن مواصلة المسيرة حيث تم إستهداف رئيس جمعية نداء الثورة عبد الحميد الصغير بالتعرّض له بالعنف المادي و اللفظي مما تسبب في إصابات على مستوى الرأس و اليدين و الساق بعد أن زعم أحد رجال الأمن مشكل لايقاف سير التحرك مطالبا بجهازه (التلكي ولكي) الذي إدّعى فقدانه و إتهم عبد الحميد بسرقته . و قد حاولت قوات الأمن إختطاف السيد عبد الحميد الصغير و مع تدخل عدد من المتظاهرين لمنع إختطافه , حاول أعوان الأمن تفريق المسيرة السلمية بالقوة بإستعمال الهروات و إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع . و أما هذه التطورات الخطيرة تعرب جمعية نداء الثورة عن : • رفضها للإستهداف المتواصل للنشطاء السياسيين بوجه عام و رئيس جمعية نداء الثورة السيد عبد الحميد الصغير بوجه خاص . • تطالب بإخلاء سبيل رئيس جمعية نداء الثوة فورا و إيقاف التتبعات المفتعلة في حقه من إجل نشاطاته الحقوقية . • تدين هذه الممارسات القمعية المستهدفة لرئيس جمعية نداء الثورة وتعتبره انتهاكا لمبادئ الثورة ومكتسباتها . • تدعو كل القوى الثورية إلى مواصلة التصدي لكل محاولات إجهاض الثورة و إلى عدم الإطمئنان إلى الماسكين بزمام السلطة و مواصلة اليقظة و الحذر. عن المكتب التنفيذي علي الكنيس نائب رئيس جمعية نداء الثورة علي الكنيس

<



تونس – الحسين بن الحاج نصر  
قرر القضاء التونسي تحجير السفر عن 40 ضابطا من قوات الأمن الداخلي للاشتباه في قتل متظاهرين عمدا قبل الثورة وتشمل التحقيقات في هذه القضية الرئيس السابق بن علي ورئيس جهاز الأمن الرئاسي السابق علي السرياطي ووزير الداخلية السابق رفيق بالحاج قاسم كما قررت دائرة الاتهام بالمحكمة الابتدائية بتونس الإفراج عن ضابط أمني في نفس القضية مع إبقائه على ذمة التحقيقات لدى القضاء العسكري. الى ذلك تنطلق اليوم الاثنين بتونس أشغال المؤتمر الدولي حول « المحكمة الجنائية الدولية » الذي تنظمه وزارة العدل التونسية بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية والمنظمة الدولية للفرنكفونية والتعاون الفرنسي بمشاركة نخبة من شخصيات حقوقية عالمية وممثلين عن عدد من البلدان العربية إلى جانب عدد من القضاة والمحامين التونسيين.. وسيتناول المؤتمر الذي يلتئم تحت عنوان « من أجل معرفة أفضل » نظام المحكمة الجنائية الدولية ومزيد التعريف بها وبنظامها الأساسي ومجالات تدخلاتها.. وسيناقش المؤتمر الذي تتواصل أشغاله على مدى خمسة أيام (19 – 23 سبتمبر) أيضا جملة من المواضيع المتصلة بالخصوص بالتصدي لظاهرة الإفلات من العقاب وحث الدول على المصادقة على نظام روما الأساسي. (المصدر: صحيفة « الرياض » (يومية – السعودية) الصادرة يوم 2011)

<



تونس – بناء نيوز – علي عبد اللطيف اللافي أصدرت الجمعية التونسية لائمة المساجد بيانا شديد اللهجة تحصلت بناء نيوز على نسخة منه، ردا على رفض وزارة الداخلية الاعتراف القانوني بها وكانت الوزارة قد أصدرت قرارا ترفض فيه الاعتراف بالجمعية معللة رفضها بعدم الانسجام بين التسمية والتصنيف والأهداف. مع العلم أن الإعلام بالرفض جاء بعد حوالي شهرين من اقراره وفقا لقرار وزير الداخلية الحبيب الصيد بتاريخ 14 جويلية في حين تم اعلام الجمعية بالرفض بتاريخ 16 سبتمبر وفقا لنص بيانها، والمعلوم ان محامي الجمعية الأستاذ الحبيب خضر كان تقدم في 16 ماي الماضي بطلب ترخيص الجمعية الى مصالح ولاية تونس تحت عدد 3023. وقالت الجمعية في بيانها انها تعتبر القرار تعسفيا ونكسة لأمال الشعب التونسي في التحرر من الظلم والاستبداد، وتعديا صارخا على حرية التنظم والتجمع السلمي. وأهابت الجمعية في بيانها بمكونات المجتمع المدني للنهوض والدفاع عن الحقوق المدنية والدستورية التي اكتسبها الشعب التونسي بفضل دماء شهدائه، والدفاع عن مكاسب الثورة ضد الممارسات القمعية. وطالبت الجمعية كذلك الادارة المعنية بالتراجع عن قرارها التعسفي، كما اكد نص البيان ان الجمعية تحتفظ بحقها في الدفاع عن وجودها بجميع الوسائل القانونية الممكنة. (المصدر: موقع بناء نيوز الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 18 سبتمبر 2011)

<



أعلن البنك الإفريقي للتنمية أمس انه وافق على منح تونس قرضا بقيمة 137 مليون يورو ستخصص للمساهمة في تمويل مشروع الطريق الرابطة بين قايس و مدنين بالجنوب التونسي و كذلك راس جدير نقطة العبور الرئيسية على الحدود الشرقية بين تونس و ليبيا. كما وافق على منح قرضا أخر بقيمة 36 مليون يورو ستخصص لدعم المشاريع الصغرى و المتوسطة العاملة في مختلف القطاعات عدا القطاع العقاري و الفندقي. و من المنتظر أن تشهد وزارة التخطيط و التعاون الدولي حفل التوقيع على الاتفاقية بحضور مدير البنية الأساسية في البنك الإفريقي للتنمية (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 18 سبتمبر 2011)

<



تونس ـ الحبيب الاسود التاريخ: 19 سبتمبر 2011 وصلت إلى تونس أمس مديرة «برنامج تعزيز الديمقراطية في مركز كارتر الاميركي لمراقبة الانتخابات» سارة جونسون في زيارة تستغرق اسبوعا. وتلتقي جونسون بعدد من المسؤولين الحكوميين والحزبيين ورئيس واعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للتباحث في مستجدات المشهد التونسي قبل موعد انتخابات المجلس التأسيسي المقررة في 23 اكتوبر المقبل. وكانت تونس اعتمدت «مركز كارتر» كمراقب دولي للانتخابات، وتلقت منها جملة توصيات منها اطلاق حملة اعلامية واسعة لتوعية الناخبين بالاجراءات والخطوات المتصلة بعملية التصويت بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني على مختلف الاصعدة الوطنية والمحلية، وبظروف توفير جميع المتطلبات اللوجستية والمالية والتقنية والادارية لضمان السير الطبيعي لعملية الانتخابات. كما تضمنت التوصيات تدريب مراقبين من عناصر المجتمع المدني لمتابعة مراحل العمل الانتخابي، اضافة الى اجتماع الاحزاب السياسية بشأن مدونة سلوك يتم اعتمادها لضمان النزاهة والشفافية. يشار إلى أن السلطات التونسية رفضت الاشراف الدولي على انتخابات اكتوبر واكتفت باعتماد مراقبين اجانب من اهمهم «مركز كارتر». (المصدر: صحيفة « البيان » (يومية – الإمارات) الصادرة يوم 19 سبتمبر 2011)

<



قال المدير التنفيذي للشبكة الاورو متوسطية لحقوق الإنسان  » مارك شايد بولسن » خلال ندوة صحفية عقدت أمس في العاصمة التونسية أن تونس لم تكن تستحق نظاما ديكتاتوريا معتبرا أن نجاح الانتقال الديمقراطي يهم منظمات حقوق الإنسان و خصوصا الشبكة الاورو متوسطية وقال أن منظمته ستتعامل مع الأطراف التي ستفرزها الانتخابات مؤكدا أنها ستعمل في تونس على التدخل في المناطق المحرومة و التوجه نحو الشباب العاطل و دعم مشاركة المرأة في الحياة العامة. يذكر أن الشبكة الاورو متوسطية التي يرأسها السيد كمال الجندوبي افتتحت مقرا لها في تونس و اعتبرت أن افتتاح المقر هو تعبير عن دعم الشبكة لعملية الانتقال الديمقراطي و حرص على إنجاحها. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 18 سبتمبر 2011)

<



المشهد التونسي -خاص -رمزي المسعودي اعربت السلطات الكندية عن رفضها المطلق لفتح مكاتب اقتراع على اراضيها قصد إجراء انتخابات المجلس التأسيسي التونسي. وقد تلقت السفارة التونسية بأوتاوا مراسلة رسمية من وزارة الخارجية الكندية بتاريخ 15سبتمبر 2011 تعبر عن رفض هذه الأخيرة فتح مكاتب اقتراع حتى داخل المقرات الديبلوماسية التونسية . هذا وقد صرح السفير التونسي المولدي الساكري لمراسل المشهد التونسي بمونتريال أن المساعي جارية لمحاولة ايجاد حل لهذه الوضعية .كما أفاد أن وزير الخارجية التونسي المؤقت سيلتقي الأسبوع القادم نظيره الكندي على هامش اجتماع لمجلس الأمم المتحدة في نيويورك وسيطرح عليه هذا الموضوع . ومن جهة أخرى أوضح رئيس اللجنة الفرعية المستقلة للإنتخابات الأستاذ فوزي عبد الصمد أن هذا القرار شكل مفاجأة للجنة وأنه تم الإتصال بالسيد كمال الجندوبي وإعلامه بالمستجدات الأخيرة . هذا وقد عمت حالة من الإستياء لدى الجالية التونسية المقيمة بمونتريال حيث عبر البعض عن نيته الإتصال بنواب منطقته في البرلمان للإحتجاج على هذا القرار ونادى البعض الآخر بتنظيم تحرك احتجاجي أمام مقر البرلمان الكندي في أوتاوا بالتوازي مع التحركات الديبلوماسية التي تحدث عنها السفير التونسي .
(المصدر: موقع المشهد التونسي الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 18 سبتمبر 2011)

<


بوبكر بالثابت كاتب عام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات

الهيئة قد تفكر في عدم منح اعتماد لكل من خرق قرار منع الإشهار السياسي


قد تفكر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ان لا تمنح الاعتماد إلى من خرق قرار منع الإشهار السياسي منذ بدء العمل به يوم 12 سبتمبر 2011، بمقتضى جملة القواعد والمبادئ التي نصت عليها المدونة الخاصة باعتماد المؤسسات الإعلامية والصحفية التي صادقت عليها الهيئة، وانطلق العمل بها الجمعة، ذلك ما أكده السيد بوبكر بالثابت كاتب عام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وأوضح بالثابت في تصريح خص به «وات» ان «الفصل الرابع من هذه المدونة يقتضي التزام كل صحفي أو مؤسسة إعلامية بجملة من القرارات المنظمة للحملة الانتخابية واحترامها ومن بينها خاصة قرار منع الإشهار السياسي»، مشيرا إلى انه «يتحتم على الهيئة ووفقا لما نص عليه الفصل العاشر من الوثيقة ذاتها التنبيه على كل مخالف وفي حال مواصلة المخالفة أو تكرارها سحب الاعتماد من الصحفي أو المؤسسة». وتعد هذه المدونة حسب رأيه من أهم الوثائق القانونية لاعتماد المؤسسات الإعلامية والصحفية، وقد انطلق العمل بها يوم الجمعة 16 سبتمبر وفقا لبلاغ صادر عن الهيئة يعلن بدء اعتماد الصحفيين والمؤسسات الإعلامية. وبين السيد بوبكر بالثابت انه في الوقت الذي امتثلت فيه عديد الأطراف والأحزاب لقرار منع الإشهار السياسي بعد ان تلقت الهيئة مراسلات صادرة عن عدة مؤسسات إعلامية وصحفية واشهارية، تعبر فيها عن التزامها بالقرار، ظل البعض الاخر يناقش صحة القرار وسنده القانوني ومدى اختصاص الهيئة في إصداره. وأوضح كاتب عام الهيئة في هذا السياق ان هذا القرار جاء من منطلق الاختصاصات المسندة للهيئة طبقا للمرسومين عدد 27 و35 لسنة 2011 والذين يخولان للهيئة إصدار قرارات ذات طابع تنظيمي وإجرائي تتولى تفعيل المبادئ الواردة في المرسومين حفظا لصحة العملية الانتخابية من حيث الشكل والمضمون. واهم هذه المبادئ هي المساواة وتكافؤ الفرص بين مختلف القائمات المترشحة، فضلا عن تفعيل المعنى الايجابي لحيادية الهيئة. وأضاف قائلا «من هذا المنطلق طلبت الهيئة من الإدارة العمومية المساعدة على تنفيذ قراراتها من الناحية الإدارية باعتبار أن الإدارة مطالبة طبق الفصل السابع من المرسوم عدد 27 المشار إليه بتقديم جميع التسهيلات التي تطلبها الهيئة». وأشار إلى ان الإدارة العمومية تعد «سلطة رقابة وضبط إداري على مختلف الحوامل الاشهارية سواء كانت ثابتة على الطرقات أو متحركة على وسائل النقل أو منقولة عبر الصحافة السمعية البصرية أو المكتوبة من خلال التراخيص وكراسات الشروط المسندة سابقا» موضحا أن الهيئة راسلت الوزارة الأولى ومختلف الوزارات المعنية للمساعدة على تنفيذ هذا القرار، وصدرت بعد بعض المذكرات والمناشير في الغرض. وفي إجابة عن سؤال تعلق بدلالات تحديد يوم 12 سبتمبر موعدا لدخول قرار منع الإشهار السياسي حيز التنفيذ، أوضح بالثابت ان الهيئة أصدرت قرار منع الإشهار السياسي لحظة تأكد مقدمي مطالب الترشح من ترشحاتهم بصفة رسمية يوم 11 سبتمبر وتسلم الوصولات النهائية في ذلك، وتعرف الجمهور العريض عليهم من خلال بلاغات الهيئة المركزية والهيئات الفرعية والتغطية الصحفية. وأشار إلى أن «الإشهار لحزب أو لطرف سياسي حينها يمثل بالضرورة إشهارا لمرشحيه وهو ما لا يسمح به القانون الانتخابي إلا في الفترة القانونية للحملة الانتخابية». وبين المتحدث انه كان يفترض تنظيم الإشهار بقانون إطاري يستوعب جميع أنواع الإشهار ومن بينها الإشهار السياسي وهو من مشمولات الحكومة والمجتمع التونسي والهيئة غير مسؤولة عن هذا الفراغ ولا يمكن ان تنتصب لسده وغير مدعوة إلى ذلك في المطلق مضيفا قوله «لكن تداخل الإشهار السياسي مع الفترة القانونية للانتخابات عموما والتي كلفت الهيئة العليا المستقلة بتنظيمها فرض على الهيئة سد هذا الفراغ في حدود مشمولاتها ومن هنا لم تتحرك الهيئة منذ البدء رغم عديد الدعوات من مختلف الأطراف لذلك».
(المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 سبتمبر 2011)

<



تونس (الشروق) رغم مرور حوالي 6 أشهر عن انطلاق نشاطها، لم تنجح هيئة اصلاح الاعلام ـ حسب كثيرين ـ في كسب إجماع الوسط الاعلامي حول جدارتها بإصلاح الاعلام.. انتقادات لطريقة عملها ولقراراتها وطعون في كفاءة وحنكة وجدارة واستقلالية رئيسها وأعضائها. لا أحد ينكر أن هيئة إصلاح الاعلام مثلت، منذ الاعلان عن إحداثها أواخر فيفري الماضي مكسبا هاما من مكاسب الثورة خصوصا أنها حلت محلّ المجلس الأعلى للاتصال، أحد المتهمين بـ«تدمير» الاعلام في تونس طيلة السنوات الماضية.. ولا أحد ينكر الآمال الكبيرة التي علقها الناشطون في الحقل الاعلامي على هذه الهيئة لـ«إعادة إعمار الاعلام» بعدما لحقه من دمار.. لكن هل لقيت آمالهم في اصلاح الاعلام طريقها الى التحقيق بعد حوالي 6 أشهر من عمل الهيئة؟ وقبل الحديث عن ثمار عمل اللجنة، يجدر التساؤل هل توفّرت فيها الأرضية المناسبة لإصلاح الاعلام أي بلغة أخرى هل أن تركيبة الهيئة (الرئيس والأعضاء) حازت على اجماع العارفين لتكون فعلا هذه الأرضية المناسبة؟ تساؤلات عديدة نقلتها «الشروق» الى عدد من الناشطين في الحقل الاعلامي، فكان هناك شبه إجماع على أن عمل الهيئة بدا فيه الى حدّ الآن اجتهاد لكنه اجتهاد منقوص ويمكن أن يكون أفضل بكثير مما بلغه الى حدّ الآن.. إضافة الى تأكيدهم على ضرورة الاستنجاد صلب تركيبة الهيئة من الداخل وصلب عملها الاستشاري من الخارج، بكفاءات إعلامية أخرى أكثر جدارة بإصلاح الاعلام وبمختلف الأطراف المعنية بالاصلاح، وذلك حتى يكون عملها أكثر توازنا ولا يطغى عليه ـ حسب نشطاء الحقل الاعلامي ـ التفرّد بالرأي وشنّ الحروب وتبادل التهم بلا موجب وربما خدمة مصالح وأجندات معيّنة لا تهمّ من بعيد أو من قريب مصلحة الاعلام الوطني. من الغنوشي… الى العبيدي من بين ما تُلام عليه هيئة اصلاح الاعلام اليوم هو أنها طُبخت في مطبخ حكومة محمد الغنوشي التي تكونت بعد الثورة، فالغنوشي واجه آنذاك ومازال يواجه الى اليوم تهمة السعي الى الابقاء على منظومة حكم بن علي في شتى المجالات بما في ذلك المجال الاعلامي، وذلك رغما عن الثورة ورغما عن المطالبين برحيله، فضلا عمّا ارتكبه إبّان الثورة من مناورات سياسية جعلت شكوكا عديدة تحوم حوله. ووقع بذلك الزجّ بهيئة اصلاح الاعلام الى جانب الهيئات واللجان الأخرى المحدثة أثناء وبعد الثورة بوصفها هيئات ولجان ولدت من رحم النظام البائد وأنها جاءت لتشرّع للإبقاء على مصالح المنتفعين والمتمعّشين سابقا من حكم بن علي. الى جانب ذلك، قال كثيرون عند الاعلان عن اسم كمال العبيدي رئيسا للهيئة إن «الأمر مدبّر بليل» ومحاط بالتالي بالغموض وكان التساؤل الدائر على أغلب ألسنة الحقل الاعلامي هو «لماذا العبيدي بالذات.. لماذا الاستنجاد بشخصية قضت سنواتها الأخيرة في المهجر، وقد تكون غير ملمّة بواقع الشأن الاعلامي الوطني بما فيه الكفاية، رغم أنه لا يمكن التشكيك في كفاءة الرجل ولا في استقلاليته ونزاهته بشهادة من عايشوه عن قرب طيلة سنوات عمله في تونس قبل أن يغادرها أواسط التسعينات.. هذا التعيين المفاجئ للعبيدي في رأي البعض رفع الى التشكيك في المهمة التي بعثت من أجلها الهيئة، وذهب كثيرون حدّ القول إن كمال العبيدي محسوب على «الأجندات» الأجنبية التي عايشها وهو في المهجر وقد يكون مجيئه على رأس هيئة اصلاح الاعلام في رأيهم تمهيدا لأمر ما.. ويرى أصحاب هذا الرأي أنه كان على سلطة الاشراف (حكومة الغنوشي) قبل تعيين رئيس الهيئة أن تتريّث وأن توسّع الاستشارة، خاصة استشارة فاعلي وكفاءات وخبراء الشأن الاعلامي الوطني، لاختيار هذا الرئيس حتى لا تجد نفسها (الحكومة) ولا يجد السيد كمال العبيدي نفسه في موقف كهذا، يواجهون جميعا تهمة ترتقي الى مرتبة الخطورة وهي عدم وجود رغبة حقيقية في اصلاح الاعلام ووجود رغبة في خدمة ما يسمى بـ«الأجندا الأجنبية». أعضاء… وكفاءة مباشرة بعد تعيين كمال العبيدي على رأس الهيئة، تمّ المرور الى مرحلة أخرى لا تقلّ أهمية في حياتها وهي تعيين أعضائها. ولم يحدد مرسوم إحداث الهيئة عددا أقصى للأعضاء واكتفى بالعدد الأدنى (لا تقل عن ثمانية).. ورغم ذلك، لم يتجاوز عدد الأعضاء في البداية 6 قبل أن يتوسّع مؤخرا الى 8 (اضافة الى الرئيس).. فكان التساؤل لدى العارفين بالشأن الاعلامي منذ الاعلان عن التركيبة لماذا هي مضيّقة الى هذا الحدّ؟ ولماذا الاكتفاء بالحدّ الأدنى الذي ضبطه المرسوم؟ ألا يوجد في الساحة الاعلامية من هو قادر على تقديم الاضافة ليكون صلب تركيبة الهيئة، فتتوسع بذلك التشكيلة الى 12 عضوا مثلا أو أكثر؟ هذه التساؤلات لم تكن وحدها في الحقيقة بل رافقها تساؤل آخر أهم: لماذا أولئك الأعضاء (الستة في البداية والثمانية في ما بعد) بالذات وقع الاختيار عليهم لمهمة اصلاح الاعلام.. «هل تتوفر فيهم أو على الأقل في أغلبهم الكفاءة اللازمة لمثل هذه المهمة.. فبعض الأعضاء ـ رغم كفاءاتهم في العمل الاعلامي بدوا في رأي كثيرين غير قادرين على الادلاء بدلوهم في اصلاح الاعلام لاعتبارات عديدة يقال إن القاصي والداني في الحقل الاعلامي يعلمها.. والبعض الآخر دخلوا معمعة حرب التراشق بالتهم مع عدد من الناشطين في الحقل الاعلامي مما قد يكون ألهاهم عن مهمتهم الأصلية التي جاؤوا من أجلها وهي إصلاح الاعلام وتطويره، بل وأربكهم وأثر على أدائهم وجعل عمل الهيئة يتسم بالبطء وبعدم فتح كل الملفات اللازمة في هذه الفترة، وهذا جانب آخر من مفاصل «القضية» وهو ماذا قدّمت الهيئة الى حدّ الآن للاعلام؟.. وحتى المشروع الذي قدمته للقطاع السمعي ـ البصري يثير ضجة خطيرة قد تعصف بمستقبل القطاع. 6 أعضاء في البداية… و8 حاليا أحدثت الهيئة الوطنية المستقلة لإصلاح الاعلام والاتصال بمقتضى المرسوم عدد 10 الصادر في 2 مارس 2011 عن رئيس الجمهورية المؤقت. وكان قد تم الاعلان عن احداث هذه الهيئة اثر مجلس وزاري أواخر فيفري 2011 عندما كان محمد الغنوشي وزيرا أول في أول حكومة بعد الثورة. وبعد ذلك صدر أمر عن رئيس الجمهورية المؤقت وفق ما اقتضاه مرسوم 2 مارس ونص على تسمية السيد كمال العبيدي رئيسا للهيئة.. ثم صدر أمر آخر لتسمية أعضاء الهيئة الذين وقع الاختيار عليهم من رئيسها المعيّن. وتركبت الهيئة في البداية اضافة الى رئيسها من 6 أعضاء وهم القاضية كلثوم كنو و ناجي البغوري والعربي شويخة ورضا الكافي وهشام السنوسي ولينا بن مهني.. ثم انسحبت هذه الأخيرة من عضوية الهيئة وتوسعت بعد ذلك القائمة لتصبح 8 أعضاء بعد ان ضمّت راضية السعيدي ومحمد بشير وفتحي حرّاث. وينص المرسوم على أن الهيئة تتركب من رئيس مشهود له بالكفاءة والاستقلالية في مجال الاعلام والاتصال ومن أعضاء لا يقل عددهم عن ثمانية يتم اختيارهم من قبل رئيس الهيئة من بين أهل المهنة في مجالات الاعلام والاتصال والقانون وذلك بعد التشاور مع الهيئات والمنظمات المعنية في المجتمع المدني. وتطرح هذه التركيبة في الوسط الاعلامي تساؤلات كبيرة وحيرة حول مدى كفاءة هذه الأعضاء لإصلاح الاعلام وحول مزيد توسيع القائمة لتشمل كفاءات اعلامية أخرى. عمر صحابو (اعلامي ومدير جريدة «المغرب»): سقطت في التسرّع والارتجال لإنقاذ نفسها منذ احداث هذه الهيئة والاعلان عن تركيبتها سمعت في الوسط الاعلامي كثيرا من الانتقادات والاحترازات حول رئيسها وأعضائها. ويقطع النظر عن حقيقة كفاءتهم واستقلاليتهم ونزاهتهم من عدمها (وهو ما قد يثبته أشخاصا آخرين أكثر اطلاعا مني على حقيقة وسيرة هؤلاء الاعضاء بما أني كنت بعيدا عن الشأن الاعلامي الوطني طيلة السنوات الاخيرة) لاحظت ان عمل الهيئة يكون أحيانا منقوصا أو يخفي وراءه خلفيات ما.. وهو ما ينطبق مثلا على مشروع المرسوم الذي أعدته الهيئة والمتعلق بالاعلام السمعي البصري الذي أعاد الجانب الزجري والقمعي لاعلامنا.. وهو أمر لا نقبله اليوم بعد الثورة لأننا نريد جميعا ارساء اعلام متفتح حرّ ونزيه ومستقل. وعلى العموم يمكن القول ان الجانب الايجابي والجانب السلبي يتساويان في عمل الهيئة الى حد الآن، وكنا نتمنى ان لا يحضر الجانب السلبي تماما او على الاقل تكون نسبته ضعيفة.. لكن للأسف بدت لنا بعض قرارات الهيئة ارتجالية وغير مدروسة. ومن جهة أخرى، لاحظت ان هيئة كمال العبيدي منغلقة على نفسها أكثر من اللزوم ولم تفتح باب التشاور مع الكفاءات الاعلامية الموجودة في البلاد وعدم الاقتصار على أعضائها في اصلاح الاعلام… شخصيا كنت أتمنى تشريكي في عملها لأني بكل تواضع أعتبر نفسي من القادرين على تقديم مقترحات وبدائل لإصلاح وتطوير الاعلام التونسي… لكن الهيئة تجاهلتني مثلما تجاهلت كفاءات أخرى وبدا أن همّها الوحيد هو الاسراع في اتخاذ القرارات ربما في محاولة لإثبات كفاءتها وجدارتها بإصلاح لاعلام بشتى الطرق وانقاذ نفسها في أسرع وقت فحصل العكس على ما يبدو. نبيل القروي لأعضاء هيئة الاصلاح: مَـن أنتـــــــــم ؟ كيف تقيمون عمل وأداء هيئة اصلاح الاعلام والاتصال؟ … صراحة يبدو أن هذه الهيئة تجاوزت صلاحياتها ومشمولاتها وأثبتت للجميع عجزها عن الاصلاح ناهيك عن معالجة كافة قضايا الاعلام التي تنسحب على قطاعات وميادين اتصالية عديدة. قلت تجاوزت صلاحياتها ـ المضبوطة وفق منشور احداثها ـ لأنها تحولت من الاطار الاستشاري الى التقريري حيث أصبحت تمنح الرخص للقنوات الجديدة… وهو الأمر الذي أحدث بلبلة داخل الوسط الاعلامي ككل والوسط السمعي البصري بشكل خاص… اضافة الى تدخلها في المضمون الاعلامي للقنوات… وفي الشأن الداخلي للمؤسسات الاعلامية وهو ما يجعلني أتهمهم بالسعي الى القيام بانقلاب على شركات الاعلام في تونس. هل ما تفضلتم بذكره من اخلالات في أداء الهيئة راجع الى تركيبتها أم الى أشياء أخرى؟ هو بالاساس تعود الى طبيعة تركيبتها حيث ان اعضاءها إمّا هم صحفيون فاشلون رفضت عدة وسائل اعلام ـ يكيلون لها اليوم شتى التهم والانتقادات ـ انتدابهم وضمهم إليها… وإمّا أناس جاهلون بالقطاع السمعي البصري وبالإعلام ككلّ وإمّا أطراف لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالإعلام. وفي هذا السياق أذكر حادثة خطيرة تتمثل في أن العضو رضا الكافي احتفظ بمقعده داخل الهيئة وحافظ على ملكيته واشرافه على موقع «كابيتاليس» الالكتروني وهو أمر جدّ خطير لأنه يشكّل «تضاربا في الصلاحيات»… فكيف يمكن لشخص أنيطت بعهدته مهمّة استشارية تقضي باصلاح المشهد الاعلامي، وهي مسؤولية تستوجب الحياد، أن يكون جزءا من المشهد الاعلامي ومنافسا لوسائل إعلام أخرى. حقيقة، تمنيت لو تجمعنا كلنا وبلا استثناء كأطراف مكونة للمشهد الاعلامي في تونس رفقة خبراء واختصاصيين من الخارج على مائدة حوار واحدة أو عقدنا سلسلة اجتماعات تفضي في الأخير الى مشروع اصلاحي كامل ولكن… نورالدين بن نتيشة (إعلامي ومؤسس «الجريدة.كوم»): سقطت في فخ حرب البيانــــــــات خلال أكثر من 5 أشهر عمل، لاحظنا ان الهيئة الوطنية المستقلة لإصلاح الاعلام حاولت الاجتهاد لأداء المهمة المنوطة بعهدتها وهي تحسين وتطوير واصلاح القطاع الاعلامي التونسي. غير ان اجتهادها هذا لم يخل من أخطاء… ومن أهم هذه الأخطاء عدم القيام باستشارات واسعة مع أهل المهنة من مديري المؤسسات الاعلامية للاستئناس بآرائهم في الاصلاح خاصة ان تركيبتها بدت منقوصة من كفاءات اعلامية أخرى كان بإمكانها تقديم الاضافة. فمثلا لا يوجد صلب الهيئة ممثل عن مديري مؤسسات الاعلام السمعي البصري ولا الصحافة المكتوبة. وكان من الممكن مزيد توسعة تركيبتها لتشمل أكثر من طرف وأكثر من رأي. وعلى صعيد آخر، لاحظت أن الهيئة سقطت مؤخرا في فخ «حرب البيانات» (مثلا مع نقابة مديري المؤسسات الاعلامية وكان عليها ان تكون أرفع من ذلك وأن تتحلى بالرصانة. ففي مراحل الانتقال والبناء الديمقراطي تكون الهيئات عادة ملجأ للمتنازعين وحكما للنزاعات مهمتها تقريب وجهات النظر والمواقف وليس ان تكون طرفا في هذه النزاعات فالهيئة هي ممثل للدولة وعليها التواصل مع مختلف الأطراف للاستماع الى آرائها ومواقفها ومحاولة الاستجابة لمطالبها وليس عبر محاربتها. وأدى تصرّف الهيئة هذا الى اعتقاد بالوسط الاعلامي يقوم على الخوف من ان تطغى على عملها وعلى قراراتها صبغتا الآنية والتسرّع وهو ما قد يؤدي الى الارتجال والعشوائية وعموما نقول رغم ان جانبا من اعضاء الهيئة لا يمكن التشكيك في مصداقيتهم ونزاهتهم، أرى أنه على الهيئة ان تعمل على إبعاد كل الشبهات والشكوك عنها من خلال مزيد توسيع تركيبتها ومزيد فتحها لباب التشاور والحوار مع كل الاطراف من اجل هدف وحيد وهو اصلاح الاعلام والدفاع عنه وليس من اجل خدمة مصالح معينة او أهداف شخصية، خاصة انها مكسب هام بعد الثورة ولابد من المحافظة عليه ومزيد تطويره ولم لا تطوير النص القانوني المحدث لها. نزار بهلول (إعلامي ومؤسس موقع «بزنس نيوز»): كيــــف ننتظـــــرإصلاح الاعـــــــــلام ممّن لا يصلح للاعلام ؟ منذ مارس الماضي (تاريخ إحداث الهيئة) والى حدّ الآن مازالت نقاط استفهام عديدة تحيط بهيئة إصلاح الاعلام.. هذه النقاط بدأت منذ المجلس الوزاري الذي دعا الى إحداث هذه الهيئة وأشرف عليه آنذاك الوزير الأول الأسبق محمد الغنوشي (26 فيفري 2011) ثم صدر مرسوم إحداث الهيئة خلال أسبوع (2مارس 2011). وفوجئ الوسط الاعلامي آنذاك بأن القرار كان انفراديا من حكومة الغنوشي خاصة قرار تعيين رئيس الهيئة وأعضائها، ولم يقع أي تشاور بشأنه مع المعنيين بالشأن الاعلامي. فبدا إحداث هذا الهيكل أمرا مريبا يخفي وراءه أجندا عمل مجهولة مشكوك في نزاهتها وفي من يقف وراءها خصوصا أنه (الاحداث) ارتبط بعهد وزير أول محاط بالغموض هو الآخر. وطوال الأشهر الماضية، تواصل الغموض المحيط بعمل الهيئة وبرزت في الوسط الاعلامي بالانفراد في القرار وبعدم توسيع استشارة أهل الذكر وبعدم تشريك كل أطراف المنظومة الاعلامية على غرار مديري المؤسسات الاعلامية الذين لا يمكن بأي حال اقصاؤهم من مهمة اصلاح الاعلام. كل هذا فضلا عن مسألة الكفاءة المتوفرة في بعض المشبوهين والملوثة أياديهم ببعض القذارات والذين ثبت في السابق أنهم لا يصلحون كإعلاميين، فكيف ننتظر منهم إصلاح الاعلام.. إذ لا أحد ينكر أن الساحة الاعلامية تعجّ بمن هو أكثر كفاءة ونزاهة و«نظافة» من الأعضاء الحاليين، وكان بالامكان تشريكهم في العملية الاصلاحية للاعلام سواء عبر عضوية الهيئة أو عبر الاستشارة الموسعة لعملها في كل عمل تُقدم عليه. منصف بن مراد (مدير «أخبار الجمهورية» ورئيس جمعية مديري الصحف): عدم حوارها مع مديري المؤسسات الاعلامية خطير على ضوء ما قامت به الهيئة الوطنية المستقلة لاصلاح الاعلام الى حد الآن، يمكن استنتاج ملاحظات مختلفة… فمن جهة أولى، نقول إن عمل الهيئة في اطار تنقيح قانون الصحافة كان ايجابيا الى حد ما… لكن من جهة ثانية، اتسم عملها في مسائل أخرى بعدم الجدية لسبب وحيد وهو قلة التشاور أو انعدامه أحيانا مع مديري المؤسسات الاعلامية… لقد تجاهلت الهيئة أن الاعلام متكون من الاعلاميين وأيضا من مؤسسات اعلامية… وكان لابد من مراعاة مصالح كلا الطرفين عند القيام بعمل الاصلاح والتغيير وذلك للحفاظ على توازن القطاع ومصلحته. فعدم الحوار مثلا بين المؤسسات الاعلامية وجمعية مديري الصحف من جهة وهيئة كمال العبيدي من جهة أخرى أمر خطير لأن روح المسؤولية تقتضي الحوار وليس تبادل الاتهامات البدائية والتهديدات. فعلى هذه الهيئة أن لا تعتبر أننا في دولة اشتراكية بدائية تقرر فيها الادارة أو لجنة مصير الاعلام عبر قوانين وقرارات انفرادية بعيدة كل البعد عن الواقع الاعلامي الذي نعيشه اليوم بعد الثورة… وعليها أن تؤسس للحوار وتبادل الافكار والآراء بين كل الاطراف (نقابات ـ مديرين ـ صحفيين ـ أكادميين…) ولم لا تفتح تركيبتها على كفاءات اعلامية أخرى جديرة باصلاح الاعلام. لكن للأسف، يبدو أن بعض اعضاء الهيئة حاولوا افتعال أجواء سلبية بين المؤسسات الاعلامية والهيئة وهو أمر خطير كان بالامكان تجاوزه… في الماضي صحيح أن أغلب مديري المؤسسات الاعلامية أخطؤوا على الصعيد السياسي… وصحيح أن عددا من الصحافيين كانوا في خدمة وزارة الداخلية وشتموا المعارضين وتسببوا في رداءة الاعلام… لكن اليوم كفانا من الاختلاف والقطيعة وعلى هيئة اصلاح الاعلام أن تساهم في خلق أجواء جديدة من الحوار والنقاش حول وضع الاعلام الذي تنفس الحريّة ويحاول تطوير نفسه أكثر… وعلى الهيئة أن تتجاوز مثل هذه النقاشات التي لا تنفع. وأدعو هيئة اصلاح الاعلام من جهة أخرى الىعدم التردد والخجل من الاسراع في اتخاذ قرارات لحماية الصحافة المكتوبة التي تواجه أخطار صحف جديدة تمويلاتها مشبوهة ونشتم منها رائحة «الطرابلسية» وقد تهدد حرية الاعلام واستقلاليته، وكذلك بالنسبة للمجالات الاعلامية الاخرى (السمعي ـ البصري مثلا). كمال العبيدي (رئيس الهيئة): أنا على علم بالتحفّظات لدى سؤاله عن الظروف التي أحاطت باختيار أعضاء الهيئة الوطنية المستقلة لاصلاح الاعلام، أجاب كمال العبيدي (رئيس الهيئة) في حوار سابق مع «الشروق» أنه عند دعوته إلى رئاسة الهيئة من طرف محمد الغنوشي، اشترط أن يتولى بنفسه اختيار الأعضاء بالتشاور مع المجتمع المدني وهو ما حصل فعلا». وأضاف العبيدي أنه تمّ اختيار تركيبة الهيئة على «ضوء اعتبارات موضوعية وبالتشاور مع نقابة الصحفيين وعمادة المحامين وجمعية القضاة وعدد من المثقفين والحقوقيين». وأكد كمال العبيدي أنه بالفعل وصلته تحفظات من الحقل الاعلامي حول تركيبة الهيئة خاصة حول لينا بن مهنّا (مدوّنة) وحول كلثوم كنو (قاضية) وحول بقية المجموعة… وقال إنه لا يمكن غض الطرف عن المدونين وعن دورهم في حرية التعبير حين كان الاعلام غائبا… وحول كلثوم كنو، قال إن الاعلام في حاجة الى حلفاء وليس من مصلحته البقاء وحده، فهو يحتاج الى القاضي والمحامي… أما بالنسبة الى بقية الأعضاء، فقال العبيدي إن «أغلبهم صحفيون». غير أن ما صرّح به العبيدي لم يقنع الكثيرين ممن يعتبرون أن بعض الأعضاء ليسوا صحفيين بكل ما في الكلمة من معنى تنقصهم الخبرة وتحوم حولهم الشبهات في حين أن الساحة تعج بالكفاءات وأصحاب الخبرة في القطاع. كمال العبيدي: يوسف الصدّيق (كاتب صحفي وفيلسوف) كان على بعض أعضائها رفض تعيينهم بتلك الطريقة احتراما للشعب وللثورة بالعودة الى فترة احداث هيئة اصلاح الاعلام (وفي الحقيقة الى احداث مختلف هيئات ولجان ما بعد الثورة)، لاحظت آنذاك ان معيار اختيار أعضائها كان معارضة نظام بن علي والدخول إمّا الى سجن او الهروب الى المهجر.. وهو معيار في غير محله، لأن كل التونسيين كانوا في سجن وأغلبهم كان ـ رغم عيشه في أرض الوطن ـ بمثابة المهجّر الذي لا علاقة له بوطنه… أتساءل على أي معيار تم اختيار رئيس وأعضاء هذه الهيئة (وبقية الهيئات الاخرى) رغم احترامي ومحبّتي لأغلبهم؟ ألوم على طريقة اختيارهم (التعيين) وألوم على هؤلاء الأعضاء المعيّنين القبول بذلك.. كنت أتمنى أن يرفضوا ذلك التعيين المشبوه الذي حصل في عهد حكومة الغنوشي ومازال يتواصل الى الآن ويفسحوا المجال للانتخاب ليكون وحده المعيّن لهم وهو ما طالبت به أنا شخصيا منذ اليوم الموالي للثورة. ألم يتساءل هؤلاء إن كان تعيينهم بتلك الطريقة سيجعل الشبهات حولهم تحوم (وهو ما حصل فعلا).. ألهذه الدرجة كانوا مصابين بالبلاهة رغم أني أنزّههم عن البلاهة.. كان بالامكان ان يقولوا لا لهذا التعيين، احتراما للشعب وللثورة وأن يفسحوا المجال أمام طرق أفضل لاختيارهم.. لقد كان تعيينا متسرّعا، ولم يكونوا في المكان المناسب فضيّعوا الوقت ولم ينجزوا لفائدته شيئا.. كان من المفروض ان يمضوا منذ البداية على تعهد بخدمة تونس أولا وأخيرا لكن للأسف لم يحصل ذلك وبدا وكأنهم طامعون في مناصب وكراسي أكثر من خدمة الصالح العام وهو ما أعتبره «خيانة»… ورغم أني أقدّر وأحترم السيد كمال العبيدي والبعض من أعضاء هيئته وأقدّر كفاءتهم (فهم ليسوا متخلّفين ذهنيا أو مصابين بالبلاهة) لكني أقول ان «كل حاجة في طريقها» ولابد ان تكون تونس فوق كل اعتبار وهو ما لم ألاحظه في البعض من عملهم الى حد الآن.. كنت أتمنى ان يستشيروني مثلا في بعض المسائل وأن يأخذوا بآراء كفاءات أخرى (فلاسفة ـ علماء اجتماع وتاريخ…) لكن ذلك لم يحصل للأسف وأتمنى ان يحصل في ما بقي من عمر هذه الهيئة. مهام الهيئة حسب مرسوم إحداثها ـ تقديم مقترحاتها حول اصلاح الاعلام والاتصال مع مراعاة المعايير الدولية في حرية التعبير. ـ تقييم وضع الاعلام بمختلف جوانبه. ـ اقتراح تصوّرات كفيلة بالارتقاء بالمؤسسات الاعلامية والاتصالية الى مستوى أهداف الثورة وحماية حق الشعب التونسي في اعلام حرّ ونزيه وتعددي. ـ اقتراح التشريعات اللازمة لتجسيم الاهداف المشار اليها أعلاه من ذلك احداث هياكل تعديلية مستقلة في قطاع الصحافة المكتوبة والقطاع السمعي البصري وقطاع الاعلام الالكتروني. ـ اعلام الرأي العام والجهات المعنية بحصيلة التقييم والمقترحات. ـ ابداء الرأي بشأن المطالب المقدمة لإحداث قنوات اذاعية او تلفزية في انتظار صدور نص خاص في الغرض. ونص المرسوم بطريقة ضمنية على أن الهيئة تحل محل المجلس الاعلى للاتصال بعد التنصيص على إلغاء القوانين المتعلقة بإحداثه وبمهامه. ويتضح أن مهام الهيئة هي استشارية فحسب وليست لها سلطة اتخاذ القرارات وتنفيذها. وهو ما يتطلب مراقبة عملها باستمرار حتى لا تتجاوز حدود ما سمح لها به المرسوم وأن تترك سلطة اتخاذ القرار النهائي لمن هو جدير بها. مهمة محــــــدودة في الزمن ولكن متى؟ منذ أول ندوة صحفية عقدها كمال العبيدي قبل أشهر أعلن أن مهمة الهيئة ستكون محدودة في الزمن… ومن جهته صرّح عضو الهيئة لـ«الشروق» ان مهام الهيئة محددة، وستقتصر على اعداد القوانين اللازمة وعلى التحضير لإعداد الهيئات الاعلامية الضرورية فضلا عن كراسات الشروط المطلوبة لممارسة بعض الانشطة الاعلامية… وعندئذ «لن يبقى للهيئة وجود» على حد تعبير البغوري وسيلتحق أعضاؤها ورئيسها بمواقع عملهم الأصلية. لكن السؤال متى بالتحديد ينتهي وجود هذه الهيئة ؟ فاضل الطياشي (المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 سبتمبر 2011)

<


مرصد انتخابات «التأسيسي» إقصاء من تحملوا مسؤولية «في التجمع» من دور الملاحظ


سيشرع مرصد الانتخابات الذي تديره الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بالتنسيق مع عديد الجمعيات الأخرى، قريبا في تكوين ملاحظين متطوعين لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي. وللغرض دعت الرابطة الجمعيات المتحالفة معها في إطار مراقبة الانتخابات للتحري قدر المستطاع قبل اختيار الملاحظين،وأكدت على ضرورة أن تتوفر في هؤلاء جملة من الشروط أهمها الحياد والنزاهة.. ولن يسمح المرصد بقبول ملاحظين لمكاتب الاقتراع ولسير العلمية الانتخابية من بين من اضطلعوا بمسؤوليات في التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل،أومن بين من ناشدوا المخلوع للترشح لانتخابات 2014. كما اشترط المرصد ألا يكون الملاحظ عضوا في أي حزب سياسي أومترشحا لانتخابات 23 أكتوبر القادم أو مسؤولا عينته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على مكتب الاقتراع،أو مساعد مسؤول. ومن أهم المبادئ التي تقوم عليها سائر اجراءات العملية الانتخابية، والتي أكدت الرابطة على ضرورة أن تكون مرجعية للملاحظ هي الاستقلالية.. اذ تعتبر الرابطة والجمعيات الشريكة معها أن استقلالية الملاحظين عن السلطة التنفيذية وعن سائر الجهات السياسية والحزبية احدى الركائز الأساسية لمتابعة سير الانتخابات في مختلف مراحلها شريطة تحويل هذا المبدأ إلى اجراءات عملية وممارسات وسلوكيات يلاحظها المواطن، مترشحا كان أو ناخبا. كما يشترط في الملاحظ الحياد لضمان التعامل مع كافة المشاركين على قدم المساواة ودون تمييز بين مترشح أو آخر وبين قائمة أوأخرى.. ومن بين الشروط الضرورية الاخرى الواجب توفرها فيه، النزاهة بمعنى الالتزام الاخلاقي بمدونة السلوك الخاصة به،إضافة إلى ذلك يجب توفر شرط الشفافية للقطع مع التعتيم والتلاعب بالمعطيات والتصدي للإخلالات والتقصير.. إعادة الثقة ويسعى مرصد الانتخابات من خلال حرصه على توفر هذه الشروط في الملاحظين لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي إلى إعادة ثقة الشعب التونسي في العلمية الانتخابية وتحسيسيه بمواطنته والقطع مع الانتخابات المزورة. وبعد الانتهاء من اختيارهم وتكوينهم في كيفية مراقبة الانتخابات سيكون أمام الملاحظين رصد الأجواء الانتخابية وتحديد مصادر التهديد المحتمل، وبيان أشكال الدعاية الخاطئة، ومدى تأثير العنف والرشوة على الناخبين، ويتعين عليهم توثيق كل ما يلاحظونه. كماأنهم سيدونون يوم الاقتراع ملاحظاتهم حول مقرات مكاتب الاقتراع.. (هل من السهل الوصول إليها وهل هي آمنة؟ وهوية من يوجدون بداخلها وهل هناك غيابات.. وفي صورة تسجيل غيابات، هل تم تعويض المتغيبين؟ وما هي الأحزاب والمنظمات التي لها ممثلين في تلك المكاتب). سعيدة بوهلال (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 سبتمبر 2011)

<


باحث في التاريخ السياسي لـ »الصباح » ثقة الشعب في المشهد الحزبي مهزوزة


أكد الأستاذ علية العلاني (أستاذ جامعي وباحث في التاريخ السياسي والحركات الإسلامية المغاربية) في حديث خص به « الصباح » أن النهضة كتنظيم تحتكم على خطابين : خطاب سياسي متطور يؤمن بالديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات وخطاب إيديولوجي محافظ يستند إلى الفكر الأشعري الذي يغلب النقل على العقل… وهو ما يطرح التساؤل حول مدى قدرة الخطاب السياسي للنهضة وأن يتماشى مع خطابها الإيديولوجي والذي يعتبر في عمقه مناهضا للديمقراطية. كما تناول الحديث في جانب آخر قراءة في البرنامج الذي قدمته حركة النهضة مؤخرا فضلا عن القضايا الراهنة على الساحة السياسية. وفي ما يلي نص الحديث: المشهد الانتخابي بتونس : خاصياته وافاقه كيف ترون ذلك؟ المشهد الانتخابي بتونس حاليا تتحكم فيه تيارات فكرية يمكن حصرها في أربعة: التيار الإسلامي، التيار الليبيرالي،التيار اليساري، التيار الوسطي. وإذا تحدثنا بمنطق الحسابات والنسب فإننا يمكن أن نقدم بعض التوقعات والتكهنات القريبة من الواقع نظرا لحداثة التجربة. ويمكن القول أن التيار الوسطي بما يعنيه من أحزاب الوسط (وسط اليمين ووسط اليسار) ستكون نسبتها تقارب الـ 30 بالمائة يليها التيار الإسلامي بنسبة تقارب الـ 20 بالمائة. أما النسب المتبقية فستكون منحصرة في التيارات الأخرى الليبيراليون واليسار والقوميون والمستقلون. تغيير المنظومة الفكرية كيف تقيمون برنامج حركة النهضة الذي قدمته مؤخرا لوسائل الاعلام؟ من خلال البرنامج الذي طرحته حركة النهضة مؤخرا هنالك جوانب ايجابية واخرى سلبية. فبالنسبة للجوانب الايجابية نلاحظ ان حركة النهضة قدمت نفسها على انها حزب سياسي وبذلك امتنعت عن الدخول في جدل ايديولوجي كما دافعت الحركة عن مدنية الدولة والنظام الجمهوري والمواطنة والحريات العامة والفردية كما ضبطت الترشح للرئاسة بدورتين فقط واشارت الى الفصل بين السلط واستقلالية القضاء وتحقيق تنمية جهوية متوازنة ورفع نسبة النمو الى 8 بالمائة والقضاء على البطالة بنسبة 75 بالمائة. اما الجوانب السلبية فابرزها عدم وضوح الرؤية بالنسبة لمصادر تمويل الاقتصاد وعدم ابراز الاليات التي ستقضي على البطالة وغياب رؤية واضحة لمسالة العدالة الجبائية باعتبارها موردا اساسيا وحساسا في ديمومة الدولة. وهنا نلاحظ عدم وضوح لرؤية الحركة الثقافية فلعلها ارادت عدم التعمق في هذا المحور نظرا لما يمثله من مطبات لا تريد الدخول فيها الان. ثم ان تحديد طبيعة المجتمع امر ضروري وهام لا سيما ان المجتمع التونسي تعود على الحداثة وحرية المراة وتعود على نمط من التحرر الذاتي الذي ربما لا يتلاءم مع افكار حركة النهضة. من جهة اخرى لم توضح الحركة في برنامجها أنها تخلت عن توظيف الدين في السياسة وهذا المسكوت عنه يجعل الراي العام يخشى على حرية المعتقد وعلى حرياته الفردية والعامة. وفي هذا الاطار اشير الى ان الحركة لم تشا ايضا ان تعلق على دعوة اردوغان منذ يومين في مصر لتبني علمانية غير معادية للدين، وقد سارع التيار الاخواني والسلفي في مصر الى رفض الفكرة جملة وتفصيلا. اما في تونس فكان رفض حركة النهضة ضمنيا إذ سُئل الغنوشي عن رأيه، إن كان حزبه سيتبني مفهوم العلمانية بالطريقة التي قدمها أردوغان الذي زار تونس منذ يومين فأجاب أن حركته ليست مطالبة باستنساخ تجارب الآخرين وهو ما يرسخ القناعة بأن حركة النهضة ما تزال حزبا دينيا في جلباب سياسي وأن انتماءها إلى الإخوان في مصر السياسي أقوى من انتمائها للإسلام المحلي، فتونس عبر تاريخها كانت لها شخصيتها السياسية والدينية المستقلة، وكانت لها اجتهاداتها الدينية التي تختلف عن المشرق أحيانا، وقد رفضت المذهب الوهابي منذ بداياته الأولى في مطلع القرن 19، كما أن تونس أصدرت أول دستور في العالم الإسلامي قبل مصر، بالإضافة إلى أنها أول بلد ينطلق منها الربيع العربي. وهنا يصح التساؤل هل يعقل أن تصبح تونس اليوم تابعة لتيار إخواني مصري ثبت أنه مازال سلفيا بامتياز ومعاديا للديمقراطية؟وهذا ما يحيلنا إلى القول بأن الحركة ما تزال بعيدة عن التصور المدني الديمقراطي للدولة التونسية المرتقبة ولكنها، في رأيي قادرة على تلافي هذه النقائص لكن بعد أن تقوم بثورة عميقة في توجهاتها السياسية والايديولوجية مثلما فعل حزب أردوغان وقد يستغرق ذلك سنين طويلة. ضعف الثقافة التنويرية كيف تفسرون الشعبية التي تحظى بها حركة النهضة وماهي أفاق هذا الحزب في حال فوزه في « انتخابات التأسيسي »؟ لا بد من التذكير أن الشعبية الحالية التي تحظى بها حركة النهضة هي نتاج طول فترة الاضطهاد التي عاشتها فضلا عن ضعف الثقافة الدينية التنويرية لدى النخبة التونسية مع غياب حوارات جدية وفي العمق حول قضايا تتعلق بالأسس الفلسفية لقيام الجمهورية الثانية التي نريدها: جمهورية الحداثة والحرية والديمقراطية الحقيقية. اعتقد أن هذا التيار السياسي الإسلامي ستكون له شعبية مؤقتة ناجمة عن مرحلة الاضطهاد السابقة التي عاشها لكن أسهمه لن تكون في ارتفاع إذا لم يقم بتغيير جذري لمنظومته الفكرية والإيديولوجية. اتكهن ان حركة النهضة ستنقسم مستقبلا بعد انسحاب رئيسها الغنوشي في المؤتمر القادم الى قسمين: قسم محافظ يضم الحرس القديم الذي لا يقبل بتغيير جوهري في الأرضية الإيديولوجية للحركة وهؤلاء لا يزال عددهم مؤثرا في الحركة. وقسم منفتح يكون اقرب للنموذج التركي غير أن أنصار هذا الشق ما زال محدودا في الهياكل القيادية المركزية والوسطى للحركة. لكن تجربة المشاركة السياسية المقبلة للنهضة يمكن أن تدفع هذه الحركة لخلع النظارات الإخوانية التي أخرت مسار الديمقراطية في بلادنا لمدة عقود. النموذج التركي على ذكر النموذج التركي لماذا يكثر الحديث عن الاقتداء به وإلى أي مدى يمكن مساندة هذا الطرح؟ اعتقد أن حركة النهضة حاليا ما تزال بعيدة عن النموذج التركي لسببين أولهما أن حزب العدالة والتنمية التركي لا يتبنى المرجعية الإسلامية في قانونه الأساسي وثانيا يتعامل مع العلمانية بدون مركبات وهو ما جعله يحقق أرقاما قياسية في التطور الاقتصادي ويتمكن من تقليص عسكرة الدولة التي كانت سائدة في عهد أتاتورك. إن حركة النهضة يمكن أن تكون يوما ما مثل النموذج التركي الحالي ولكن ذلك يتطلب ثورة فكرية كبيرة في برنامج الحركة السياسي وخاصة الإيديولوجي. النموذج التركي ربما يكون من اقرب النماذج للعالم العربي لان تركيا بلد سني المذهب ولها ارث تاريخي مشترك مع العرب عندما كانت إمبراطورية تحكم ما يقارب نصف العالم في فترة ما. مورو…والنهضة ماهو تعليقكم على انسحاب مورو من حركة النهضة ألا ترى أن هذه الاستقالات بمثابة تكتيكا استراتيجيا من قبل أعضائها الذين سيدخلون في قائمات مستقلة ويشكلون قوة لاحقا في المجلس التاسيسي؟ لا يمكن أن نستعمل مصطلح « استقالة » بشان انسحاب مورو من حركة النهضة لان مورو من الناحية التنظيمية يعد مجمدا. أما في ما يتعلق بالقائمات الخاصة لمورو فان البعض يعتبرها طرحا موازيا لطرح النهضة في حين يرى آخرون أن تيار مورو يصب في الحديقة الخلفية لحركة النهضة. وما سيجعلنا نميل إلى الطرح الأول أو الثاني هو ما سيبرزه تيار مورو من مواقف ومقاربات تختلف أو تتفق مع حركة النهضة. من جهة أخرى يبدو أن تيار مورو هو تيار انتخابي بالأساس لأنه يجمع إسلاميين سابقين وشخصيات غير إسلامية وبالتالي فانه يصعب أن نصنف إيديولوجيا توجه هذا التيار الذي يبقى رغم كل شيء قريبا جدا من الإسلاميين مع بعض الاختلافات الطفيفة. ما مدى مخاطر انتشار الفكر السلفي في تونس؟ اعتقد أن بعض المظاهر الغريبة في بعض التظاهرات الثقافية كالزواج وغيرهم المنسوبة للسلفيين لا يمكن أن نتخذها كمقياس أساسي لأنها تندرج ضمن الوضع الشاذ وكما يقال فان الشاذ يحفظ ولا يقاس عليه وبالتالي لا يجوز أن نتخذها « فزاعة » للتشويش على الانتخابات التي نريدها أن تكون عرسا بحق للديمقراطية، ثم إن مظاهر الغلو في التدين ليست خاصة بتونس وهي موجودة في كل مكان ولكنها إلى حد الان لم تصبح ظاهرة اجتماعية منتشرة مما يفرض على النخب التجند للتصدي لها. هل يمكن اعتبار تيار الإسلام السياسي في تونس تيارا محليا؟ إن الإسلام السياسي يمكن تصنيفه في خانة التيارات الإسلامية الوافدة ومحاولة تونسته جاءت متأخرة لكن بقاء حركة النهضة ضمن التنظيم الدولي للإخوان ولو بشكل رمزي يمس من طابعها المحلي كتيار سياسي. فتونس منذ القديم كانت لها شخصيتها الدينية المستقلة فالعلماء والقضاة التونسيون منذ قرون كانت لهم إسهاماتهم الخصوصية في الفقه والتشريع. فعلى سبيل المثال اشتهرت القيروان منذ القديم باجتهاداتها الفقهية في مجال الأحوال الشخصية حيث كان الزواج القيرواني مثلا علامة من علامات « احترام حقوق المرأة ». دور المستقلين إن المتأمل للمشهد السياسي يلاحظ أن أكثر من 40 بالمائة من القوائم الانتخابية هي قوائم مستقلة: ماهو تعليقكم على ذلك؟ هذا يؤكد أن ثقة الشعب في المشهد الحزبي مازالت مهتزة نظرا لغياب البرامج وطغيان مسالة الزعاماتية وسيطرة الحسابات الحزبية الضيقة. ثانيا هنالك رغبة من الرأي العام في معرفة حجم الأحزاب والمستقلين. فإذا ما أحرز المستقلون مرتبة متقدمة فان في ذلك إشارة إلى أن الجمهور التونسي أصبح يحبذ نشاط المجتمع المدني من جمعيات ومنظمات على حساب نشاط الأحزاب. لكن هذا لا يؤدي إلى غياب عمل الأحزاب بل سيقلص من فاعليته المطلقة التي كانت له في السابق.فالرأي العام التونسي أصبح يخشى من صورة هيمنة الحزب الواحد سواء كان ليبيراليا أو يساريا أو إسلاميا. في ظل الجدل الذي يدور حاليا بشان تنظيم استفتاء بالتوازي مع انتخابات المجلس التأسيسي، ألا ترون أن ذلك مؤشر لتأجيج الأوضاع من جديد؟ إن مسألة الاستفتاء يوم الانتخابات ربما كانت تكون مقنعة لو طرحت في فترة سابقة. ولكن يمكن استبدال الاستفتاء بميثاق شرف بين الأحزاب السياسية يكون مكتوبا أو شفويا يقر بتحديد فترة المجلس التأسيسي وضبط صلاحياته الأساسية. مع تدهورالأوضاع في ليبيا وحالة الانفلات التي نشهدها على مستوى الحدود هل يشكل ذلك خطورة على تونس في ما يتعلق بتنظيم « القاعدة »؟ إن التيارالإسلامي في ليبيا هو تيار يشمل عديد الحساسيات المعتدلة مثل تيار الإخوان وكذلك بعض التنظيمات الإسلامية الراديكالية مثل الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة. لكن بالرجوع إلى الوثائق التاريخية نجد أن الجماعة الإسلامية المقاتلة لم تكن تنتمي إلى القاعدة وهو ما كره بعض الباحثين منذ زمن مثل كتاب كميل الطويل « القاعدة وأخواتها ». وهذا ما جعلنا نقول أن هاته الجماعات الإسلامية المسلحة هي جماعات محلية كانت تتصدى لنظام الحكم في عهد القذافي ولم تكن لها أجندا خارجية لكن هذا لا يمنع من وجود بعض الخلايا النائمة لتنظيم القاعدة في ليبيا كما هو الشأن في البلدان العربية الأخرى. وبصفة عامة فان ما روج له من تواجد مكثف للقاعدة في ليبيا كان للدعاية اقرب منه إلى حقيقة الوضع. لكن هذا لا يجعلنا نغمض أعيننا عن بعض المخاطر التي يمكن أن تحدث نتيجة الخلافات بين تيار الإسلام الراديكالي وتيار الإسلام الاخواني في ليبيا. وعموما فان ما ستسفر عنه التجربة السياسية القادمة في ليبيا سيمكننا من فهم أوضح لهذه الجماعات التي عاشت في الظل لمدة عقود والان أصبح بإمكانها أن تدير شؤون الحكم بشكل مباشر أو غير مباشر وهو ما سيجعلها تعدل الكثير من مواقفها السابقة. وبالتالي لا يمكن أن نجزم بان خطر التيارات الإسلامية الليبية هو خطر مباشر على الوضع في تونس. حوار : منال حرزي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 سبتمبر 2011)

<


ممنوع من الحياد ما لم يقله الوزير السعودي…


بقلم: آسيا العتروس ـ إذا كان الضيف السعودي أراد من وراء زيارته الى تونس اعلان دعم بلاده لخيار الشعب التونسي بعد نحو ثمانية أشهر على الثورة التي أطاحت بنظام بن علي فان الاكيد أن الموقف قد جاء متأخرا, واذا كان الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودية قد أراد من خلال زيارته توضيح موقف بلاده وتصحيح صورة المملكة بعد اندلاع موسم الثورات العربية فان الامر وان كان صعبا فانه لا يبدومستحيلا في قاموس الديبلوماسيين. فالطريق الى علاقات جديدة بين المملكة وبين تونس الثورة ليس بالمسدود والارجح أن المسؤولين السعوديين يدركون جيدا المسالك الى علاقات تجعل مصالح الشعوب وارادتها فوق كل الحسابات الخاصة. ربما أراد المسؤول السعودي التهيؤ بدوره لمنع تسرب رياح التغيير ولا نقول عدوى التغيير الى بلاده مع اختراق وسائل التكنولوجيا الحديثة والفايسبوك والتويتر كل المجتمعات المتفتحة منها أوالاقل انفتاحا رغم أنف حكامها. الزيارة استغرقت ساعات محدودة ولكن ما اثارته من نقاط استفهام لدى الرأي العام لا تزال تبحث لها عن أجوبة مقنعة لدى السلطات المعنية قد تزيل بعض من الغموض والتعتيم الذي خيم على الزيارة المفاجئة للامير سعود الفيصل الخبير في الشؤون الديبلوماسية وهو الذي تحمل حقيبة الخارجية منذ سبعينات القرن الماضي. تصريحات الضيف قبل مغادرته تونس لم تضف جديدا للصورالصامتة التي تخللت الاخبار عن لقائه القصير بكل من الرئيس المؤقت أورئيس الحكومة ولم تخرج رسالته عن اطارأي رسالة ديبلوماسية تتطلع الى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتؤكد موقف المملكة الدائم الى جانب تونس على حد تعبير الضيف السعودي. على عجل جاء سعود الفيصل وعلى عجل غادر وقد شكلت الزيارة التي لم يسبق الاعلان عنها على عكس زيارة رئيس الحكومة التركي رجب طيب أردوغان اعلان مسبق فلم تحظى بالتالي باهتمام أومتابعة تذكرفي مختلف وسائل الاعلام التي توقفت عند حدود بعض القراءات والتكهنات لابعاد الزيارة. على أن الملاحظ أن زيارة المسؤول السعودي تأتي في خضم الاحداث والتحولات المتسارعة في البلاد وبعد نحو ثمانية أشهر على هروب المخلوع الى السعودية حيث يبدو أنه استقر هناك مع عائلته بعد أن قررت المملكة استقباله بدعوى «اجارة المستجير». أكثر من سبب يبدو أنه دفع بالمسؤول السعودي لزيارة تونس في أعقاب اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة بالتزامن مع تعقد الازمة السورية واصرار نظام الاسد على المضي قدما في قمع المظاهرات الاحتجاجية متسلحا في ذلك بجيشه ودعم روسيا له. ولا شك أن في هجوم المحتجين المصريين على مقر السفارة السعودية بالقاهرة ما دفع بالمسؤول السعودي الى هذه الزيارة في محاولة لتخفيف مشاعر الغضب الشعبي المتفاقم منذ هروب بن علي الى السعودية التي تجاهلت حتى الان مطالب السلطات التونسية تسليمه لمحاكمته. وكما أن السواد الاعظم من الشعب المصري لم ينسى وعود واغراءات السلطات السعودية واستعدادها لتقديم مبلغ الملياري دولار الى مصر في حال منعت واشنطن ذلك من أجل ضمان بقاء حسني مبارك في السلطة رغم ارادة الشعب فان السواد الاعظم من التونسيين لم ينسوا بدورهم الموقف االسعودي الذي تجاهل ارادة الشعب وتخلف عن تأييد مطالبه في الحرية والكرامة… Atrousessia16@yahoo.fr (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 سبتمبر 2011)

<


مع الأحداث أردوغان والعلمانية والعرب


بقلم: كمال بن يونس ـ تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب الطيب أردوغان في تونس والقاهرة مهمة جدا.. هي تصريحات مهمة لانها بشرت بعلاقات اكثر تطورا بين الدولة الاسلامية الاقتصادية العصرية الاهم في منطقتنا وبين بقية دول المتوسط العربية وخاصة منها تلك التي فجرت الربيع العربي اي تونس وليبيا ومصر.. ولكنها تصريحات مهمة جدا أيضا لانها حاولت أن تقدم للمفكرين والمثقفين العرب والمسلمين نموذجا جديدا للتوفيق بين نظم الحكم السياسية المعاصرة التي لا تتداخل فيها أدوار المؤسسات السياسية والدينية ولا يوظف فيها المقدس في الصراعات الحزبية. تصريحات أردوغان قوبلت بالترحاب في بعض الأوساط وبانتقادات لاذعة في اوساط أخرى..من بينها اوساط حزبية عروبية واسلامية وداخل تيار الاخوان المسلمين والتيار السلفي..خاصة في مصرالشقيقة.. وهذا التباين بين ردود الفعل متوقع في أوساط ليس لديها اطلاع دقيق على تجارب الحكم في تركيا منذ 1924 تاريخ سقوط الخلافة العثمانية وإعلان الزعيم الوطني مصطفى كمال قيام دولة وطنية تركية لائكية («معادية للدين» و«تقطع معه» بقوة).. لكن تركيا شهدت تطورات نوعية منذ مطلع السبعينات وبروز تيارات تصالح مع الهوية الإسلامية للبلاد بما في ذلك داخل المؤسسة العسكرية والبرلمان والحكومة التي ترأسها نجم الدين اربكان أواسط السبعينات وابعد لانه قاد حملة غزو «قبرص».. لكن تركيا تطورت في مطلع القرن الجديد تاريخ فوز حزب العدالة والتنمية التركي ـ المنشق عن حزب أربكان ـ والذي تبنى شعار: «تركيا دولة علمانية تحترم الصبغة الاسلامية للغالبية الساحقة من المجتمع التركي». + كل من يزور اليوم اسطنبول وأنقرة وغيرهما من المدن التركية لا يمكن إلا أن ينبهر بتعايش جوامعها العملاقة والجميلة (وهي من أروع جوامع العالم) وملاهيها السياحية ومراكزها الترفيهية العصرية.. بما وضع حدا للتناقض المفتعل طوال عقود بين الحداثة والتقدم.. بين الحق في التدين والعلمانية ـ التي تعني منع التسلط والهيمنة باسم الدين أو باسم التيارات المعادية لحق التدين ـ والتي تختلف تماما عن لائكية اتاتورك وستالين ورفاقهما الذين عادوا الحق في التدين ومنعوا الصوم والصلاة علنا طوال عقود من الزمن.. + لقد التقى رجب طيب أردوغان سياسيين تونسيين من عدة التيارات والأحزاب.. ولم يتمكن من لقاء شخصيات تنادي منذ مدة بـ»علمانية إسلامية» مثل الأستاذ عبد الفتاح مورو.. وبعلماء وخبراء ورموز لتيارات التجديد الفكري يدعون الى فصل واضح وجلي بين المؤسسات الدينية والسياسية.. فلا داعي للتخوف من نداءات اوردغان.. ولا مبرر للحملة التي استهدفته من قبل بعض الاقلام المحافظة في المشرق والمغرب.. ولتبن جسور جديدة للتعاون والشراكة بين ضفتي المتوسط.. من اسطنبول الى تونس وطنجة.. مرورا بالاسكندرية وطرابلس.. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 سبتمبر 2011)

<



تونس – آمال العريسي قلبت «ثورة الياسمين» في تونس كل الموازين، عقب انتصارها، فأصبحت وسائل الإعلام في البلاد على اختلاف توجهاتها تعبق بريح الحرية، لتمحو بذلك زمنا من التكتّم والتعتيم والتزييف، وتسترجع ثقة شعب سئم الظلم والاستبداد. لكن المفارقة اليوم تكمن في ان ما حدث لم يغيّر في واقع الصحافة التونسية شيئاً، إذ بدا الإعلام كالرضيع الذي يخطو خطواته الأولى متردداً بين أن يقف أو أن يحبو… أو أن يمتنع خائفاً، فيفضل الجلوس متفرجاً. من هنا، كانت الإشاعة المتنفَّس الوحيد للمغلوبين على أمرهم بعدما تحوّل الإعلام «إعلام سلطة» لا «إعلام مجتمع»، وبعدما أصبحت السلطة سلطة قمعية تفرض وجهة نظرها على الناس فرضاً، ما جعلهم يلجأون إلى الإشاعة لتخبرهم بما يعتقدون أنه «الحقيقة». وهكذا تحوّلت الإشاعة أداة إعلام قوية وسريعة الانتشار، وأصبح المجتمع ضحية ذاته بعدما كان طوال عقود ضحية السلطة الفاسدة المسيّرة لأمره. فما عرفه الإعلام في تونس بعد الثورة من تذبذب كبير على رغم ما أصبح يتمتع به من حرية التنقل ونقل الخبر والولوج إلى المصادر وغيرها… يكشف أن هذا القطاع لم يدرك بعد معنى الحرية التي جاءته فجأة، فأصبح يعمل في حال من الفوضى أفقدته ثقة المجتمع مجدداً. ولعل تلهّف وسائل الإعلام للوصول إلى الخبر أو نشره في أسرع وقت، أوقعها في فخ خطير لتتحول بذلك التلفزات والإذاعات والصحف وغيرها… إلى وسائل لترويج الإشاعة في ظل انعدام التثبت من الخبر والتدقيق في مصدره. وترى الصحافية فاطمة عبد الله الكراي، ان «فقدان الحرية طوال سنوات أوجد مجتمعاً هشّاً يسهل على الإشاعة خرقه، ما يعطي الإشاعة في الشارع التونسي مجالاً رحباً، في ظل تضارب الأخبار على أعمدة الصحف وعدم اكتمالها في النشرات الإخبارية». وتقول: «توجد الإشاعة حيث ينتفي الخبر. والصحافي يتحمّل المسؤولية كاملة لأن عدم تقديم القصة الخبرية كاملة أو التكتم على الخبر يفسح المجال أمام الإشاعة والتأويل والإضافات الزائفة التي يهدف مروّجوها في كثير من الأحيان -عن سوء نية- إلى تحويل وجهة الرأي العام إلى شأن من دون آخر». وتوضّح الكراي أن دقّة المرحلة التي تمرّ بها تونس «تلقي على عاتق الصحافيين التونسيين ضرورة التحلّي بأخلاقيات المهنة لأن أي إخلال قد يعرّض استحقاقات المرحلة المقبلة للخطر». وهذا ما يوافق عليه الباحث الحبيب بن بلقاسم، هو أكاديمي متخصّص في علوم الإعلام والاتصال، عازياً انتشار الإشاعة إلى «حال من التوجس والخوف في المجتمع، وخير دليل على ذلك أنه يصدّق كل ما يقال له، خصوصاً في ظل الاضطراب الأمني المتكرّر بعد الثورة. وما يعزّز غياب الثقة بين وسائل الإعلام الرسمية والمواطنين، هو تلهف التونسيين إلى معرفة الحقيقة عبر المواقع الالكترونية والمدوّنات والشبكات الاجتماعية التي راجت عبرها الإشاعات والأكاذيب». ويرى زياد الهاني، عضو المكتب التنفيذي في نقابة الصحافيين التونسيين، أن وسائل الإعلام الحديثة أو ما يعرف بالوسائل البديلة لا يمكن أن تعوّض أبداً وسائل الإعلام التقليدية، «فالصحافي المحترف مطالَب، وفق مقتضيات المهنة وأخلاقياتها، بالتأكد من صحة الخبر وباعتماد مصادر معروفة بنزاهتها كي لا تصبح الإشاعة جزءاً من المشهد الإخباري ويتحول الـ «فايسبوك» إلى مصدر للخبر تعتمده بعض الوسائل الإعلامية». ولم يقتصر انتشار الإشاعة في تونس على الجانب النفسي والاجتماعي والاقتصادي، مثل نشر الرعب والخوف ونقص المواد الغذائية وقصص اختطاف الأطفال وتسميم مياه الشرب… وغيرها، بل تعداها إلى إثارة الرأي العام وضرب الخصوم السياسيين، فيما تستعد تونس لاستحقاق انتخابي يعدّ الخطوة الأولى نحو إرساء نظام ديموقراطي، فعلى سبيل المثال، يقول سمير ديلو، القيادي في «حركة النهضة الإسلامية»، ان حزبه تعرّض منذ عودته إلى تونس إلى «حملات تشهير وتشويه عمدت إلى نشر إشاعات كاذبة عن الحزب ومصادر تمويله وبرامجه وعن قيادته لا تمت إلى الواقع بأي صلة». ويعزو ديلو انتشار مثل هذه الإشاعات إلى «المكانة الكبرى» التي يحظى بها حزبه على الساحة السياسية التونسية، «ما يدفع الخصوم إلى تبني طرق غير أخلاقية لإلحاق الضرر بحركة النهضة، ويرجّح أن الحل الأمثل للحدّ من هذه الظاهرة هو تجاهلها وعدم إيلائها أي قيمة، حتى لا تأخذ حجماً غير حجمها». مقاومة الإشاعة إذاً، مسؤولية مشتركة بين جميع التونسيين، فإذا كانت الإشاعة تأتي لتتحدّى مبادئ الإعلام وأخلاقياته، فإن مواجهتها تكون بالتزام الصحافي بأبجديات عمله من جهة، ومن جهة أخرى تفشل الإشاعة في تحقيق أهدافها متى امتنع الناس عن تصديقها ورفضوا ترديدها. ولعل هذا يتطلب من المجتمع التونسي قراءة واعية للواقع لمعرفة مصادر الإشاعة وتشويشها وإلغاء آثارها الخطيرة.
(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 سبتمبر 2011)

<



نتوقّف في تحليلاتنا للثورات العربيّة – منصفين في تنسيب أسبابها وغير منصفين – عند أهمّ ثمرة من ثمارها وهي المتمثّلة طبعا في إزاحة بلهاء حكّام العرب الظلمة الفاسدين الذين سُمّوا اصطلاحا طواغيت!… فقد كانوا حقّا سبب خراب العمران وتغوّل الظلم وتأخّر العلم ونفور المروءة من الديار وانتعاش الرّذيلة فيها وفساد الأخلاق وكثرة الموبقات وغياب الحرّيات وسوء الجوار وشيوع الفاحشة وانتشار الخبث، فجاءت الثورات داعية إلى الأخلاق وإلى ترك المنكرات والعيش بكرامة في إطار الحرّيات على أرض طهّرها الشهداء بدمائهم الزكيّة الغالية!… ولكنّ شيئا أراه أهمّ بكثير من هزيمة الظلمة وأدعو إلى التوقّف عنده طويلا تصديقا لسيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واعتبارا لقيمته، إذ لولاه ما صمد متظاهرٌ أو معتصمٌ أو مستقبلٌ بصدره العاري رصاص الفاسقين أو راغبٌ في حرّية أو مدافعٌ عن قضيّة، ذلك هو « اجتياز عتبه الوهن » الذي كبّلنا سنين طويلة وعقود متوالية!… فباجتياز عتبته قبلت النّفس – وقد كانت تكره الموت – أن تموت في سبيل الله ثمّ في سبيل قضيّتها وبلادها وتعوّدت العين على رؤية الموتى بالشوارع وهي تحسبهم شهداء أحياء تماما كما صحّ عن رسولها صلّى الله عليه وسلّم « مَنْ قُتِلَ في سَبيلِ الله فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ في سَبيلِ الله فَهُوَ شَهِيدٌ »، فلا تكترث كثيرا لما جلب الظلمة من خيل وركاب ولما جيّشوا من جيوش أو جمّعوا من معدّات… حرص النّاس على الموت فردّدوا الشعارات القديمة القادمة من دنيا الرّجولة والشهامة والإيمان التامّ بالله تعالى « عش عزيزا أو مت وأنت كريم بين طعن القنا وخفق البنود… »، فوهبت لهم الحياة، أيقن عدّوهم ذلك أم تردّد، استمرّوا في هذه الدنيا أم رحلوا عنها أبطالا « وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ »… فهم أحياء مكرّمون وإن أحرقهم القذّافي لعنه الله في المستودعات التي جعل منها أفرانا بشريّة… هم أحياء وإن ألقى بهم زبانيّة بشّار الفاسدون لعنهم الله في النهر ومنعوا النّاس من انتشالهم… هم أحياء وإن تصيّدهم قنّاصة صاحب التغيير أو مبارك أو صالح أو غيرهم من الكلاب!… يرزقون من غير الرّزق الذي أراد به التافهون تقييد حرّياتهم وإذلالهم… يرزقون من غير صندوق 26 / 26 ومن غير صندوق 21 / 21 ومن غير برامج التنمية الرّيفية أو برامج فرحة الحياة التي صنعت من الطواغيت أصناما خاصم بها الملأ الفاسق الله في علاه، كما نسمع عن أهلنا في سوريا وكيف يريد الملأ النّتن من العلويين المشركين إجبارهم على السجود لعييٍّ أسعفه القوم بتحوير دستور البلاد لاعتلاء هامات أهل البلاد!… كان لا بدّ من اجتياز عتبة الوهن كي يصغر الصغير الذليل ويكبر الكبير، كي يثمَّن الثمين ويُمتهَن البخس، كي نصل إلى شاطئ الحياة ونفرّ من الموت بالموت… حكّام كانوا محاطين بالمهابة فباتوا أذلّة فارّين خانسين مقهورين مسجونين محاكمين محروقين سود وجوههم بشعة نواصيهم، وأناس كانوا مظلومين مُداسًا على رقابهم مسجونين معطّلين فباتوا سادة – وقد كانوا بضعفهم سادة – عاملين على رقيّ البلاد وعزّتها وكرامتها وأخلاقها… كان لا بدّ من قلب الأوضاع السابقة لأنّ استمرارها هو سبب الهزيمة وتكالب الدول علينا وتعدّيهم الصارخ على حقوقنا واغتصابهم لأراضينا ومقدّساتنا، وهو سبب ذهاب ريحنا ونحن كثير كما بيّن لنا ذلك سيّد الخلق قبل أربعة عشر قرنا، فما عزا صلّى الله عليه وسلّم ضعفنا لقلّتنا بل قال: « بل أنتم يومئذ كثير » ونحن اليوم كذلك لا نعدم عددا؛ ولكنّه عزا الضعف لنوعيتنا فوصفنا بأنّنا « غثاء كغثاء السيل »، بلا وزن وبلا قيمة، لأنّنا تركنا قلوبنا مشهرة أبوابها للوهن فاحتلّها الوهن وسيطر عليها فأحببنا الدّنيا وتعلّقنا بها فدنونا كما دنت وقلّت قيمنا أقلّ ممّا قلّت قيمتها!… اجتياز عتبة الوهن (حبّ الدنيا وكراهيّة الموت) هو العنصر المهمّ في الثورات العربيّة، لأنّه لن يكتفي بقلب الأنظمة أو إجبار الطواغيت على الفرار فقط، ولكنّه سوف يكون بإذن الله العامل النّشيط في طرد المستعمر والقضاء على الكيانات اللقيطة مهما كانت وأهمّها الكيان الصهيوني البغيض. ولعلّ هذا المعطى هو ما يفسّر الاهتمام المبالغ فيه من طرف الغرب بفهم هذه الموجات العربيّة (الرّبيع العربي) والعمل على إيجاد ما يعاكسها من ثورات (الخريف العربي) للحدّ من مدّها وعملها الإيجابي المؤذن بنهاية تداعيهم علينا تداعي الأكلة إلى القصعة!… لذلك وجب عليا جميعا درء الوهن في المستقبل والنّظر إلى الدنيا بما هي أهل له (لا تعدل عند الله جناح بعوضة) والنّظر كذلك إلى الموت والحياة بعين القلب السليم، فلعلّ موتا كان حياةً أبديّة كريمة ولعلّ حياة كانت موتا مذهبا للقيمة!… والله من وراء القصد عبدالحميد العدّاسي الدّنمارك في 18 سبتمبر 2011

<


الى روح الاخ الأزهر مقداد رحمه الله واسكنه فسيح جنانه مضت شهور على رحيلك يا أخي وانا أرقب وجعي ولا أجرأعلى الكتابة فيك ولاأخفي اني بكيتك بحرارةوألم’ لا اخفي أن رحيلك كان وجعا منعني حينها حتى من رثائك لكني ماسلوتك, اخي سر إلى جنانك إن شاء الله فقد قضيت مجاهدا صابرا محتسبا غريبا ونحسبك عند الله مع الصديقين والشهداء نحسبك كذلك ولا نزكي على الله أحدا أخي رحمك الله ورزقنا الصبر فيك

مضيت فينا مغتربا

غريبا ترحل الآن وقد كحلت عينيك بعود كان فتّان وكم يا أزهر خطت يداك الحرف الوانا تبث النص اشواقا وعشقا طاهرا كان وكم جمّلك الصبر وقلبك كم اذى عانى ويا مقداد كم كنت لعهد الله صوّان صبورا يا عرفنا ك أمينا لست خوّان دليلك في الدنى دين تلته الرّوح قرآن مضيت عنّا مغتربا طويلا هجرك كان عسى يا راحلا عنّا ترى الجنان عنوان أخي يامن فقدناك ويا من ترحل الآن رحمك الله يا رجلا صدوقا فينا قد كان جمال الدين أحمد الفرحاوي لندن في 18 /9/2011 farhaoui jamel eddine ahmed

<



عبد الباري عطوان تحمل الابوان الروحيان لتدخل قوات الناتو العسكري في ليبيا للمساعدة في الاطاحة بنظام العقيد معمر القذافي كل انواع الخطر عند زيارتهما المشتركة الى كل من طرابلس وبنغازي يوم امس الاول، فلم يتحدثا عن تحقيق الانتصار واكمال المهمة، مثلما فعل الرئيس الامريكي عندما دخلت قواته بغداد، واعلن بالغرور كله ‘ان المهمة انجزت’. لم يكن من قبيل الصدفة ان يكون ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا، ونيكولاي ساركوزي رئيس فرنسا اول زعيمين غربيين يزوران العاصمة الليبية طرابلس، بعد انهيار نظام العقيد القذافي، فهذان الرجلان بذلا جهوداً كبيرة، سواء في الامم المتحدة او في المحافل الاوروبية وبعض العربية، من اجل فرض مناطق الحظر الجوي التي حالت دون وقوع مجزرة ضد اهالي مدينة بنغازي، التي كانت دبابات الرئيس المخلوع تزحف نحوها لسحق الانتفاضة الشعبية التي اندلعت فيها. نريد ان نفسر الاحتفالات الخجولة من قبل الضيفين ومضيفيهما التي جرت على ارض المطار، او اثناء الاستقبالات الرسمية وبعض الشعبية، ولكن نجد لزاما علينا القول انه بعد انتهاء مهام القصف من السماء لحلف الناتو، (اكثر من عشرين الف طلعة جوية) فإن المهام الارضية، سواء بالنسبة للحلفاء الغربيين او اهل النظام الجديد في ليبيا ورموزه، قد لا تكون سهلة على الاطلاق. فالعقيد القذافي ما زال يشكل كابوسا يقض مضاجع هؤلاء، سواء بتهديداته او اشرطته الصوتية التي بات يبثها بين الحين والآخر لمطالبة انصاره، او من تبقى منهم، بالصمود والقتال حتى الموت، مذكراً بأشرطة ورسائل زعيم تنظيم القاعدة الشيخ اسامة بن لادن ونائبه ايمن الظواهري، مع الفارق طبعاً. لا شك ان سقوط العاصمة الليبية طرابلس في ايدي قوات المعارضة بالسهولة التي شاهدناها، كان نقطة تحول رئيسية في الأزمة، ولكن الحرب لم تنته، وفشل قوات الثوار في استعادة بلدتي بني وليد وسرت، رغم المحاولات المتكررة لاقتحامهما، وحصارهما لأكثر من عشرين يوماً، يؤكد ان الاسابيع والشهور، وربما الاعوام المقبلة، قد تكون صعبة بالنسبة الى الليبيين. فمن الواضح ان دور حلف الناتو بات محدوداً في الحرب، فلم يبق لطائراته ما يمكن قصفه من اهداف، فلا قاعدة باب العزيزية، ولا منازل للعقيد واولاده، لم تعد اهدافاً، اللهم الا اذا قرر ساركوزي وكاميرون ارسال قوات مشاة بأعداد كبيرة لترجيح كفة الثوار والتسريع بالحسم، وهذا امر مستبعد حتى هذه اللحظة. ‘ ‘ ‘ الرئيس الفرنسي ساركوزي حرص على نفي صفة الطموحات الاقتصادية الكامنة خلف حماسه الشديد للتدخل في ليبيا عسكرياً، وأكد في مؤتمره الصحافي ان تدخل حلف الناتو كان من منطلقات انسانية بحتة، وليس له اي علاقة بالكعكة النفطية الليبية الضخمة، ولا عقود الاعمار والتنقيب عن النفط، ولكن السيد مصطفى عبد الجليل كان الأكثر صراحة وصدقا منه عندما قال ان الدول التي ساعدت ليبيا للتخلص من النظام السابق ستعطى الأولوية فيما يتعلق بالصفقات التجارية والنفطية. ساركوزي وكاميرون أرادا ان يعطيا انطباعاً بأنهما في مهمة خيرية، ولكن الكثيرين، ونحن منهم، لم ننخدع بالكلام المعسول والمنمق، فهما يمثلان الاستعمار الغربي الجديد في اوضح صوره واشكاله، فبلداهما مثل كل الدول الغربية الاخرى في حالة افلاس، والمخرج الوحيد من هذا الوضع هو اموال العرب وعوائدهم النفطية، وقد تكون ليبيا الحلقة الاولى في مسلسل طويل من التدخلات العسكرية او قوى الهيمنة الناعمة. نخشى ان يكون دخول الناتو الى ليبيا عبر مناطق الحظر الجوي اصعب كثيرا من خروجه من بوابة الحرص على السيادة والاستقلال الوطني التي بدأ البعض يطالب بها بصوت خافت هذه الايام. فطالما ان المهمة انسانية بحتة ولحماية الليبيين وأرواحهم من القتل، فقد انتهى نظام القذافي، ولم يعد يملك الطائرات التي يمكن ان تهدد بنغازي او طرابلس، فلماذا لا يوقف عملياته وتدخلاته ويترك ليبيا لأهلها؟ فموازين القوى على الارض تميل لصالح الثوار بالكامل، وفلول النظام المخلوع باتت في حال دفاع، بعد ان جرى خلع معظم اسنانها ومخالبها المتآكلة أساساً. ‘ ‘ ‘ سادة حلف الناتو يبالغون في قدرة القذافي وأنصاره، ويستخدمونه كفزاعة لإرهاب الشعب الليبي وإبقائه تحت سيطرتهم، ولابتزازه للحصول على صفقات تجارية ونفطية خارج نطاق المنافسة والشفافية المشروعتين، الأمر الذي قد يؤدي الى مخاطر اكبر، تتمثل في تدخلات قوى اخرى ترى ان من حقها ان تحصل على انصبة متساوية في الكعكة الليبية. القذافي ارتكب خطيئة في نظر الغرب عندما اعطى معظم الصفقات للصين والهند وروسيا وتركيا، وها هم خلفاؤه على وشك تكرار الخطيئة نفسها باعطاء الأولوية لهؤلاء في عقود الاعمار والنفط، لانهم على وشك استبدال طاغية محلي بطغاة اجانب، بقناع انساني زائف. جرت العادة ان تكون المرحلة التي تعقب سقوط انظمة ديكتاتورية تحت مطارق الثورات الشعبية متسمة بالفوضى والاعمال الانتقامية، والتنافس الشرس بين الاجنحة المتصارعة على الحكم والمناصب، ويبدو ان مرحلة الصراع هذه بدأت مبكرة في الحالة الليبية. ومن يراقب القصف الثقيل المتبادل بين رموز الجناحين الرئيسيين في صفوف الثوار الليبيين، الاسلاميين والليبراليين العلمانيين، يصل الى نتيجة بأن الايام وربما الأشهر والسنوات المقبلة قد لا تكون وردية على الاطلاق. من المؤكد انه ستكون هناك حكومة في ليبيا الجديدة في الايام المقبلة، ولكن من المؤكد ايضاً انها لن تكون بالقوة والصلابة والتمثيل التي يتمناها الكثيرون في ليبيا، وربما هذا ما يريده ساركوزي وكاميرون وبرنارد هنري ليفي الذي رافقهما في هذه الزيارة التاريخية، وحرص ان يظهر في كل الصور، ربما لإغاظتنا، حتى يستمر انتداب حلف الناتو لليبيا لأطول فترة ممكنة. من حقنا، نحن الذين اكتوينا من نار الاستعمار بأشكاله كافة، الحديث منها والقديم، ان ننظر بعين الشك والريبة الى ما يحدث في ليبيا، فالدمار الذي خلفه التدخل العسكري الاجنبي في افغانستان والعراق، وقبلهما عبر التحريض على الثورة على الامبراطورية العثمانية الديكتاتورية ‘المتخلفة’ للتحرر كعرب من استعمارها، لنحصد اتفاقات سايكس بيكو ودولة اسرائيل، تجعلنا نتحسس كثيراً من اي تدخل مماثل تحت الشعارات نفسها مع بعض التطوير الحداثي، تحت مسميات حقوق الانسان وباقي المنظومة التي نعرفها وتعرفونها جيداً.  
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 201117 سبتمبر)

<



منير شفيق عقد في باريس في 1/9/2011، وبمبادرة من الرئيس الفرنسي ساركوزي وحليفه رئيس وزراء بريطانيا كاميرون، ما يُسمى « المؤتمر الدولي لدعم ليبيا الجديدة » أو « المؤتمر الدولي لأصدقاء ليبيا ». وقد حشد ممثلين عن 63 دولة، في حين كانت مشاركة إدارة أوباما من خلال وزيرة الخارجية كلينتون باهتة للغاية. أُريدَ من المؤتمر أن يوحي بانتصار فرنسي بريطاني غربي من أجل تأكيد الهيمنة على ليبيا، ومقدّراتها وثرواتها بعد أن سقط نظام القذافي وأولاده (ليمتد). هذا الانتصار المُدّعى من جانب المذكورين استند بداية إلى التدخل العسكري الأميركي الفرنسي البريطاني ثم تحوّله إلى الناتو. وتعزّز أكثر من خلال الضجة التي قامت من الجهات المؤيّدة للناتو ومن أغلب الأطراف المعارضة للتدخل العسكري. فقد اتفق الطرفان، كلّ من زاويته، على مصادرة دور الشعب الليبي، ودور الثوار الذين قاتلوا وقدّموا التضحيات. فالفضل كل الفضل في نظر الطرفين في إسقاط نظام القذافي يعود إلى الناتو منذ أول يوم إلى آخر يوم (سقوط طرابلس وهروب القذافي وأولاده منها). ولكي توضع النقاط على الحروف في قراءة ما جرى في ليبيا، ثمة وقائع لا مجال لنكرانها وهي جديرة بدحض أيّة تصريحات أو تقديرات منافية لها، إذ لا شيء أقوى من الحقائق والوقائع في القراءة الصحيحة والدقيقة للوقائع والأحداث. 1- اندلعت الثورة في ليبيا يوم 17 فبراير/شباط انتفاضة شبابية سلمية عفوية ضمن الإطار نفسه الذي سبق أن اندلعت فيه الثورتان التونسية والمصرية. فكانت جزءاً من مناخ جماهيري عام شمل الوطن العربي من المحيط إلى الخليج. 2- استُقبلت الثورة خلال الأسبوع الأول من اندلاعها بصمت أميركي أوروبي مطبق، إذ كانت العلاقات الأميركية الأوروبية منذ 2003 بالقذافي قد بلغت درجة عالية من التعاون والتفاهم. ولم يقصّر سيف الإسلام بمدّ خيوط علاقة مع أطراف صهيونية مسؤولة من أجل تعزيز العلاقات بأميركا (والوسطاء معروفون). 3- أخذت المواجهات بين الانتفاضة السلمية وقوات القذافي التي يقودها أبناؤه تحتدم وبدأ يسيل دم غزير في حين اتسّعت موجة المدن المحرّرة والاستقالات وانضمام قوات مسلحة للثورة. وأعلن القذافي أنه لم يستخدم العنف بعد قياساً لما فعله الصينيون في تيان منه، أو الأميركيون في الفلوجة، أو روسيا في البرلمان، واعتبر الشباب المنتفضين جرذاناً يجب أن يُعامَلوا كذلك. 4- هنا دخل الصراع في مستوى عالٍ من الدموية خصوصاً بعد أن أخذت قوات القذافي تستعيد السيطرة على بعض المدن والبلدات واتجهت لاقتحام مدينة بنغازي المحرّرة. وأخذت تموضع من حولها الآليات والمدفعية وراجمات الصواريخ. وبدأت بالقصف العشوائي. 5- بدلاً من أن ينهج المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي طريق الدفاع عن المدينة المحرّرة كما حدث ويحدث في مصراتة والزنتان ومدن وبلدات أخرى، راح يطلب النجدة من الجامعة العربية وعينه على طلب المساعدة من أميركا وأوروبا. وكانت أميركا وفرنسا وبريطانيا وعدد من الدول الأوروبية قد أخذوا موقفاً جديداً يحمل من بعض أوجهه نمطاً من التملق للانتفاضة الشعبية تماماً كما حدث في مرحلة متأخرّة من اندلاع الثورتين في تونس ومصر. وبالمناسبة، صحيح أن الترحيب بقرار التدخل الخارجي تمّ بإجماع المجلس الوطني الانتقالي إلاّ أن من الخطأ وضع الجميع فيه في سلة واحدة. صدرت تصريحات أميركية وغربية بأن التدخل غير ممكن من دون موقف عربي يسانده. ومن هنا جاء الطلب من الجامعة العربية التي أحالت الموضوع إلى مجلس الأمن، بدلاً من أن تتحمّل مسؤوليتها، فلكأن مبارك ما زال متحكماً في قراراتها. 6- أُحيلَ طلب التدخل الخارجي إلى مجلس الأمن وبغطاء الجامعة العربية. وكان ذلك شرط أميركا وبريطانيا وفرنسا. ففي هذه المرحلة أدركت أميركا وأوروبا أن التدخل العسكري هو الذي سيسمح للغرب بأن لا يواجه حالة كالحالتين المصرية والتونسية. بل يمكن القول إن التدخل السريع كان قراراً بوقف هذا المد الثوري والشعبي بإسقاط الرؤساء والأنظمة ولا سيما بعد أن تبيّن من خلال التجربتين التونسية والمصرية أن الثورة الشبابية مستمرة وأن أوضاع ما بعد رحيل الرئيسين مبارك وزين العابدين أصبحت خاضعة لأكثر من احتمال، فحتى انتقال السلطة إلى الجيشين لم يعنِ ضمان النظام والسياسات اللاحقة. ولهذا تقرّر أن لا بدّ من وقف عملية إسقاط الرئيس قبل السيطرة على مصير التطورات اللاحقة. هذه السياسة تكشفت بصورة فاضحة بعد التدخل العسكري في ليبيا ومن خلال الموقف الأميركي من حل الأزمة اليمنية. 7- بعد التدخل العسكري الأميركي الفرنسي البريطاني في ليبيا بموجب قرار من مجلس الأمن طالب بالحظر الجوّي وحماية المدنيين، وبعد مضي خمسة أشهر ونصف عليه أصبح من الممكن التقدّم بقراءة دقيقة للإستراتيجية الأميركية الأوروبية الأطلسية التي حكمت سير العمليات العسكرية. وهنا لا نتحدث انطلاقا من معلومات سريّة ولا من تصريحات، وإنما من قراءة لسير العمليات العسكرية الميدانية نفسها وهي « أصدق إنباء من الكتب ». 8- أثبتت التجربة الليبية حتى الآن، وستثبت لاحقا، شأنها شأن كل تجارب « الاستغاثة » بالتدخل العسكري الخارجي، لا سيما الأميركي الأطلسي، أن نتائجه كارثية على ليبيا من حيث الضحايا الإنسانية، ومن حيث الهيمنة على البلاد وتسخيرها لأهداف غير الأهداف التي ادّعت التدخل من أجلها. أ‌- فمنذ اللحظة الأولى أفقد التدخل الخارجي الثورة الكثيرين من مؤيديها ولا سيما مع ما اصطحبه من استقبال للصهيوني برنارد ليفي من قِبل المجلس الوطني الانتقالي، ومن ثم أُدخِل الوضع في تعقيد إضافي بعد أن كان يتسّم بثورة شعب ضد نظام اتسّم بالاستبداد والفساد والتبعية لأميركا والغرب كما التآمر على وحدة السودان ليس على مستوى فصل الجنوب عن الشمال فحسب وإنما أيضا على مستوى تقسيم الشمال نفسه إلى عدّة دويلات. ب‌- على أن رفض التدخل الخارجي والوقوف في وجهه بكل حزم لا يجوز أن يلغي ثورة الشعب ضدّ نظام القذافي. أما الانحياز إلى القذافي تحت حجّة مناهضة التدخل الخارجي، أو نفض اليد من دعم القاعدة الشعبية العريضة فسوف يحرمان من أية فاعلية في مواجهة التدخل الخارجي ودوره المزدوج بين طرفي الصراع من جهة، أو في مواجهة مرحلة ما بعد القذافي. وهي التي ستتسّم بمناهضة الهيمنة الدولية على ليبيا من جهة، ودعم القوى الشعبية المقاومة لتلك الهيمنة من جهة أحرى. ج‌- ومن هنا كان الموقف الصحيح مع هذا التعقيد يتلخص في مناهضة التدخل الخارجي وفضح سياساته وإستراتيجيته العسكرية مع دعم الشعب في الإطاحة بنظام القذافي الذي استسلم لأميركا والغرب منذ 2003 إثر الاحتلال الأميركي للعراق. 9- اقتصر التدخل الخارجي على تحقيق هدفين عسكريين أُنجزا منذ اليوم الأول، وهما الحظر الجوي على استخدام الطيران العسكري للقذافي، وكان الثاني ضرب قوات القذافي المحاصرة لمدينة بنغازي وإبعادها عن قصف المدينة. إنجاز الهدف الأول ما كان بحاجة إلى أكثر من إعلان الحظر إذ أصبح من المحال لأيّة طائرة مغادرة مربضها من دون إسقاطها فوراً. ولهذا حين راحت الطائرات الأميركية تقصف الطائرات في مرابضها لم يكن لذلك هدف عسكري غير الحرص على حرمان ليبيا المستقبل من طائرات ومضادات للطائرات خدمة للتفوّق الصهيوني عسكرياً. أما الهدف الثاني فقد تولته الطائرات الفرنسية وكان أسهل لإنجازه لانكشاف قوات القذافي المحاصرة لبنغازي. وبالفعل تمّ ذلك خلال بضع ساعات. ما عدا ذلك دخلت إستراتيجية الناتو الذي أحيلت إليه مهمة التدخل على طلعات متكرّرة لا أغراض عسكرية عمليانية لها ضدّ قوات القذافي التي استمرّت في محاصرة مصراتة والزنتان وقصف المدنيين وحتى التحرّك على الأرض بكل حرية واحتلال مناطق ومواقع فقدتها قبل التدخل العسكري. كان من الواضح أن إستراتيجية الناتو اتسّمت بالازدواجية بين الطرفين وذلك بقصد الهيمنة على المجلس الانتقالي بإبقائه تحت تهديد قوات القذافي، وإبقاء القذافي تحت تهديد ضرب قواته إلى أن يتحكم الغرب في الحل السياسي الذي يُراد منه تحديد مستقبل ليبيا. لقد أُعلن رسمياً وعلى أعلى مستوى سياسي وعسكري في الإدارة الأميركية وكذلك على مستوى قائد قوات الناتو راسموسن، ومن قِبل الساسة البريطانيين والفرنسيين « أن لا حلّ عسكرياً للصراع في ليبيا ». وهو الذي عكسَ الممارسة العسكرية لطيران الناتو في إبقاء مصراتة والزنتان ومناطق أخرى تحت القصف الوحشي حيث استشهد من المدنيين خلال أكثر من خمسة أشهر عدّة أضعاف ما استُشهِد منهم قبل التدخل العسكري. وعندما طلب المجلس الانتقالي والقيادة العسكرية إمداد الثوار بالسلاح لتعويض التفوّق الذي تتمتع به قوات القذافي لم يستجب الناتو، وأصبح تهريب السلاح يتم بالقطارة وبلا « شرعية » من الذين تدخلوا بحجّة حماية المدنيين. وذلك من دون أن تطرف عين الناتو أو سياسيي أميركا وفرنسا وبريطانيا على المدنيين الذين يعيشون تحت القصف والقنص بلا هوادة. ليس هنالك من فضيحة أبلغ من حقيقتين: الأولى استمرار خمس بوارج حربية تابعة للقذافي تقصف مصراتة من المياه الإقليمية، ولمدّة أسابيع، تحت نظر الطيران الذي يمرّ من فوقها كأنه يقوم بحمايتها. والثانية كيف يفسّر الناتو والمدافعون عن دوره حين تمرّ الطائرات مئات المرّات أو آلاف المرّات فوق قوات القذافي وآلياتها ومدافعها وراجماتها من دون أن تقصفها بل تركتها تقصف بحريّة وكذلك تتنقل فوق أرض مكشوفة. الغريب أن العسكريين والمنظرين العسكريين والمعلقين الصحفيين العسكريين لم يتعرضوا لهذه السياسة-الإستراتيجية-التكتيك الفضيحة التي اتسّمت بها خطة التدخل العسكري في ليبيا والتي دامت إلى ما قبل قرار الهجوم على طرابلس وانتفاضة شعبها اللذين حسما الصراع على مواجهات عسكرية تذكر. قرار الثوار الذي انتقل إلى الهجوم لا سيما منذ بداية شهر رمضان وانتقاله إلى حسم المعركة عسكرياً-انتفاضياً في طرابلس جاء مخالفاً للإستراتيجية التي قادت سياسة الناتو وممارسته طوال خمسة أشهر في ليبيا والتي لخصت « أن لا حلّ عسكرياً » من جهة، في حين أُبقيت قوات القذافي، بصورة عامّة، مطلقة اليد تحت مظلة طيران الناتو وقد كانت دائماً تحت قبضته للقضاء عليها ببضعة أيام. وكم تناقلت الأنباء عن لقاءات سريّة للتوصل إلى حل سياسي حتى الأسبوع الأخير. لم يصدر عن المجلس الانتقالي عدا تصريح واحد لعبد الفتاح يونس انتقد فيه طيران الناتو ثم أُسكِت. وعوّض بتصريحات تشكر الناتو وتقدّر مساعدته للثورة. إن كل من لا يتوقف طويلاً أمام خطة الناتو العسكرية الفضيحة في ليبيا، لا يلحظ أن القذافي الذي توعدّها بالقتال لم يطلق صاروخاً واحداً ضدّ طائرة أطلسية ولا حتى استخدم المضاد ضدّ المروحيات. الأمر الذي يسمح بالقول إن ذلك كان مقابل ترك حرية الحركة لقواته. فالناتو أراد الإمساك بالطرفين، وبصورة خاصة، بالقوى الجديدة التي أفرزتها الثورة. ومن ثم لا تفسير لما عاناه الشعب في مصراتة والزنتان والجبل الغربي والقوات الثائرة من تضحيات لا حدود لها بسبب هذه الإستراتيجية المزدوجة اللئيمة. وبكلمة، باستثناء، حظر الطيران وإبعاد قوات القذافي من بنغازي، وربما في الأسبوع الأخير بعض المساعدة اللوجستية كان دور الناتو سلبياً ضدّ الثورة وضدّ شعب ليبيا من الناحية العسكرية الصرفة. ولكن من جهة أخرى، فإن مركز الثقل في الانتصار يعود إلى الصمود والقتال والتضحيات في مصراتة والزنتان وفي مواقع القتال البريّة، ثم وبصورة حاسمة انتفاضة الشعب في طرابلس. طبعاً بمشيئة الله. ولهذا فإن من يجب أن يجني ثمار النصر هو الشعب في ليبيا وليس دول الناتو ولا من يتواطأ معها على مستقبل ليبيا. ومن هنا يتكشف الخلل الخطير الذي أعطى الفضل في الانتصار للناتو على قوات القذافي سواء أجاء من خلال المروّجين للناتو أم جاء من قبل الذين أسقطوا من حسابهم دور المقاتلين والشعب. فالمسألة هنا تتعلق بمستقبل الصراع حول ليبيا ما بعد القذافي. وبالمناسبة لا بدّ مع عودة الوحدة بين شرق ليبيا وغربها أن يُذكّر الذين استنتجوا أن ليبيا ستقسّم عندما جمّد الأطلسي الجبهة العسكرية بين شرق وغرب. وذلك لعل الذكرى تنفع من يراجع أخطاءه. حقاً كان هذا الاستنتاج مسوّغاً لو صحّ أن الصراع أصبح بيد الأطلسي. فقرار تجزيء المجزّأ العربي إستراتيجية أميركية صهيونية تُرجمت في العراق وفي السودان. ولكن الخلل فيه نابع من إسقاط إصرار الشعب والثوار والمجلس الوطني الانتقالي على وحدة ليبيا. ومن ثم التوجّه لتحرير طرابلس وإنزال هزيمة عسكرية بقوات القذافي (على ضدّ من إستراتيجية لا حلّ عسكرياً للصراع). وهو الذي يفسّر لماذا فرض قرار محاصرة طرابلس وانتفاضة الشعب، ولماذا هزمت قوات القذافي؟ ومع ذلك يجب أن يُخشى من سياسة إفساح المجال لهروب القذافي لإبقاء ذريعة تدخل الناتو، والتحكّم في مصير ليبيا بعد القذافي.  
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 17 سبتمبر2011)

<



د. فهمي هويدي
العلمانيون فى مصر احتفوا بأردوغان، وصفقوا للنموذج التركى، معتبرين أن بروز الرجل وإنجازاته وما بلغته بلاده من علو ونهضة كل ذلك من ثمرات العلمانية المطبقة هناك. وكانت الإيحاءات واضحة فى تلك الحفاوة، حيث لم يكن هدف المديح مجرد التعبير عن الإعجاب بالرجل أو بمجمل التجربة التركية، وإنما أريد به إقناع «الجارة» ــ المقصود أهل مصر ــ بأن العلمانية التى رفعوا شعارها هناك هى الحل. وأن بلدنا الذى يسعى الآن لتأسيس نظام جديد بعد الثورة، إذا أريد له حقا أن ينتقل من ظلمات التخلف والاستبداد إلى نور التقدم والحرية، فعليه أن يتنكب ذات الطريق، وأن يلتزم بالعلمانية، التى هى المفتاح السحرى للمستقبل المشرق. هذه «الوصفة» ناقشتها من قبل، لكن أصحابها جددوا عرضها علينا أخيرا بمناسبة زيارة أردوغان لمصر، التى اصطحب فيها زوجته وابنتيه المحجبتين. وقد «ابتلع» العلمانيون حجابهن واحتملوه مؤقتا على الأقل، رغم أن العلمانيين الأتراك يعتبرونه انتكاسة وردَّة، وخطرا يهدد العلمانية والجمهورية.. ولأن أصحابنا عادوا إلى ترديد ذات الفكرة، فقد سمحت لنفسى أن أعود إلى تفنيدها وتبيان فسادها. فالزعم بالربط التلقائى والحتمى بين العلمانية وبين الحرية والتقدم يشكل مغالطة لا أصل لها فى علم السياسة أو تاريخ النظم السياسية. ذلك أن العلمانية التى هى بالأساس فكرة غربية برزت لكى تتحدى سلطان الكنيسة. ولأجل ذلك تبنت رؤية مادية للعالم المحسوس (فى اللغة الأردية يترجمون العلمانية بمصطلح الدنيوية)، بعضها ينكر الغيب ويخاصم الدين، وبعضها يضعف الغيب ويتصالح مع الدين لكنه يعزله عن المجال العام. وفى الحالتين ليست هناك علاقة حتمية أو ضرورية بينها وبين الديمقراطية. ولئن تعايشت مع الديمقراطية فى المجتمعات الغربية، إلا أنها تحولت إلى سوط للقمع والاستبداد فى بعض الأقطار العربية. والنتائج البائسة التى حققتها فى تونس وسوريا والعراق ليست بعيدة عنا. وهو ما يسوغ لنا أن نقول بأنه إذا كانت كل دولة ديمقراطية فى الغرب علمانية، إلا أنه ليس كل دولة علمانية ديمقراطية بالضرورة. من الأمور الجديرة بالنظر فى هذا السياق أن العلمانية فى تركيا، منذ تطبيقها فى عشرينيات القرن الماضى على يد كمال أتاتورك وجماعته كانت لها مشكلة دائمة مع الديمقراطية. وان الانقلابات العسكرية الثلاثة والرابع السلمى تمت كلها باسم الدفاع عن العلمانية ضد إرهاصات التحول الديمقراطى. إلى جانب ذلك فإن محور المعركة التى يخوضها أردوغان الآن فى سعيه لإعداد دستور جديد هو كيفية تحويل تركيا إلى دولة ديمقراطية، يكون الشعب فيها هو صاحب القرار ومصدر السلطات، وليس المؤسسة العسكرية التى نصبت نفسها حارسة للعلمانية وصانعة للسياسة. إن أى باحث نزيه لا يستطيع أن ينسب إلى العلمانية ما حققته تركيا من نهضة وعلو فى زماننا لأن إنجازاتها تنسب إلى الديمقراطية بالدرجة الأولى. وللعلم فإن العلمانية قادت أردوغان إلى السجن الذى قضى فيه أربعة أشهر بزعم المساس بها، لكن الديمقراطية هى التى أوصلته إلى رئاسة الحكومة التى فى ظلها حدثت النقلة الكبيرة لتركيا، وتحولت إلى قوة اقتصادية صاعدة وقوة سياسية لها حضورها المؤثر والفاعل فى أهم ملفات المنطقة. لقد كنت ومازلت ضد العراك العبثى حول عنوان الدولة علمانية كانت أم إسلامية. واعتبره عبثيا لأنه يدور بين نخبة من المثقفين نصبوا أنفسهم متحدثين باسم المجتمع ويريدون أن يفرضوا عليه رؤيتهم للمستقبل. كأنما أريد لنا أن نخرج من وصاية أبوية حسنى مبارك وجماعته إلى وصاية النخبة ذات الصوت العالى. ولا أفهم لماذا لا نترك الناس لكى يختاروا بأنفسهم ما يريدون. أعنى لماذا لا نتوافق على ضرورة التركيز على البدء بالديمقراطية، من خلال إطلاق حرية التعبير وحرية تستكمل الأحزاب والنقابات المهنية والعمالية، وفتح الأبواب أمام المجتمع للمشاركة والمساءلة. وتداول السلطة. واهمون أولئك الذين يعتبرون العلمانية ضامنة بحد ذاتها للحرية والديمقراطية فى المجتمع. وأزعم أن هذا الوهم ينسحب أيضا على الذين يهتفون طول الوقت مرددين شعار «إسلامية إسلامية». ذلك أن الطرفين ينشغلان بهوية الدولة وعنوانها، ولا يلقيان بالا لقوة المجتمع أو ضعفه. ذلك أن ضعفه يمهد الطريق لتغول السلطة واستبدادها، علمانية كانت أو دينية. ولا حل لوقف ذلك التغول إلا بتعزيز حصانة المجتمع من خلال تقوية مؤسساته والتمكين لها. وأردوغان ليس ابن العلمانية، ولكنه ابن شرعى لمجتمع نضجت فيه التجربة الديمقراطية حتى أوصلته إلى ما وصل إليه.

<

Lire aussi ces articles

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.