الأربعاء، 8 نوفمبر 2006

Home – Accueil الرئيسية

 

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2361 du 08.11.2006

 archives : www.tunisnews.net


الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان– فرع بنزرت: بــيــــان الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بــــــلاغ حركة النهضة: حتى تكون مغادرة نهائية للسجن

الوحدويون الناصريون- التيار البعثي- الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية – اللجنة التونسية لمناهضة الاستعمار و الصهيونية: بيــان مشترك الوحدويون الناصريون بتونس: برقية الشـباب العـربي الـبعثي: بلاغ صحفي الاتحاد العام  لطلبة تونسبلاغ اعلامي جمعية الزيتونة بسويسرا: بيــان صلاح الدين الجورشي: هل بدأت تنقشع الغيوم عن سماء تونس؟ الحياة : تونس: إطلاق 55 من سجناء «النهضة» بينهم رئيسان سابقان للحركة وثلاثة قياديين الوسط التونسية: تونس تستقبل المفرج عنهم وسط أجواء من الفرحة والترقب المصريون: تونس –  اتهام الشرطة بتهدد النساء بالاغتصاب إذا لم يخلعن الحجاب لطفي حجي: « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » بتونس: الوصول إلى التوافق علـي شرطـــاني: التباين بين الإسلاميين والعلمانيين في الموقف من الإسلام(1) زهرة الهمامي: و ضحكة المرأة عورة الهادي بريك:  ويل للقرضاوي وللجزيرة من رويبضة من تونس  محمد العروسي الهاني: رسالة مفتوحة إلى السيد الوزير المكلف بالعلاقات بمجلس النواب و الاتصال  حول وضع الإعلام في بلادنا أم أسيل: وتلي البيــــان ميدل إيست أونلاين: الشركة التونسية للاتصالات تتوقع نموا كبيرا لخدمة المحمول ميدل إيست أونلاين: شمال افريقيا يتخلف عن العالم في ركب التجارة الاقليمي الحياة: الأمم المتحدة: ارتفاع كبير لعدد مرضى الأيدز في العالم العربي الحياة: محمد السادس يخشى «مستنقع إرهاب» في المنطقة المغاربية توفيق المديني: صدام الحضارات في العلاقات الدولية محمد كريشان: هل من مكان للإعلام المستقل بيننا؟ د. إقبال الغربي: دفاعا عن الليبراليين العرب وعن الكلمة الحرة


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


 

قائمة  بأسماء السجناء السياسيين المسرحين حديثاً

ويمكن لمن يرغب في تهنأتهم والإطمئنان عن أحوالهم الإتصال بهم على الأرقام المذكورة

 

برج الرومي

 

1-   نبيل النوري  ————-96468004

2-   شاذلي محفوظ————97422329

3-   علي غضبان————-95227757

4-   هاشمي بكير————-21928830

5-   خالد الدريسي————98666291

6-   محسن الجويني———-71925481

7-   عادل بن عمر————71705685

8-   فوزي العمدوني———-

9-   ظافر الزلازي————

10-فيصل المهذبي————-

11-لطفي النجار—————

12-الحبيب ساسي————-

13- لطفي الجباري————71513128

 

الناظور

 

14- حمادي عبد الملك——–97372572/+/97697927

15- فريد الرزقي————-98372554

16- محمد الهادي البجاوي

17- محمد الجواني

18-معتوق العير————-71647953

19-عبد الله دريسة———–72449674

20- فوزي التليلي————71701396

 

المرناقية

21-محمد العكروت———-22668849 // 95373754 // 99668844

22-عبد الله المسعودي——70666075

23-أنور بللح—————

24-حاتم زروق————-21381620

25-الحبيب اللوز———–98419027 //21112071    

 

صفاقس

26-حبيب ادريس———-

27-محمد المسدي———

28-محمد الطرابلسي——

 

برج العامري

29- رؤوف التونكتي———–71383579 //71592166

30-محي الدين الفرجاني——-22899010 //21229013

31- منير الشرقي————–20773491 //96568739

32- محمد الشاوش————

33- نور الدين براهم———-

34-عبد المجيد النموشي——-

35-شكري العامري———–

36-صادق العرفاوي———–98513746

 

المهدية

37-رمزي الخلصي————-71220410

38-محمد العيادي————–

39-عبد الحفيظ بن خليفة——-

40- زهير بن حسين———–

41- سامي النوري————-22595002

 

   المسعدين

 42-عبد الرؤوف البدوي———–

43- جمال المخيميني————–

44- خالد عبد الجليل————–

45-حبيب عبد الجليل————–

46- عبد الوهاب الهمامي———-

47-نصر الدين عياد—————

48- لطفي القروي—————-

49-نبيل الفقيه——————–

50-عبد الرزاق مزقريشو———- 71975641//71511008

 

الكاف

51- فتحي الورغي—————78296744

52-منير بن يحمد—————-

 

قابس

53-علي عون——————-95393754

 

سليانة

43-حمادي العبيدي—————-98346291

55- ماهر سلمان

56- الحبيب البجاوي

 


الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان– فرع بنزرت  بنزرت في 7 نوفمبر  2006 بــيــــان  
 
 في صباح هذا اليوم  كان جمع من طلبة و شباب مدينة بنزرت ،  بصدد لعب مقابلة  كرة القدم  في احد ملاعب دار الشباب بالجهة والمخصص عادة  لعموم  التلاميذ وطلاب المعرفة . ما  راع  اللاعبين إلا والملعب  قد حوصر بعدد كبير من أعوان البوليس بالزي  المدني  وأمروا ، بلهجة الحزم والخشونة، اللاعبين بإمتطاء شاحنتهم  (الباقة)  حيث  أودعوهم  منطقة الأمن  بنزرت  وأسدل ستار الصمط  ، وهي الإدارة التي إشتهرت كمثيلاتها  بتعذيب الأبرياء وتلفيق  القضايا  بتعلة   » مقاومة الإرهاب  وغسيل الأموال  » .    إتصلت  بعض أمهات الطلبة الموقوفين بفرع  بنزرت  للرابطة التونسية للدفاع  عن حقوق الإنسان للتدخل وإنقاض أبنائهن مما لا تحمد  نتائجه .    توجه  ممثل فرع الرابطة  إلى الإدارة المذكورة للاسترشاد وللوقوف  عن حقيقة الامر ، فقيل له : اليوم  عيد  والإدارة  عاطلة  (‼) وبعد الإلحاح  لمقابلة المسؤول  جاء عون البوليس السري  عــلــي العيادي ليقول  : أن إيقافات  هذه المجموعة من الشبان  حتمها البحث عن  » سرقة  كمية من النحاس  » . و كان واضحا من جواب العون انه يهدف إلى تحويل السبب الحقيقي للايقاف ، خاصة و انه بانت من استنطاقهم الذي تمحورحول :

متى بدأت الصلاة ؟ من علمك الصلاة ؟ مع من تصلي ؟ من هم   أصدقاؤك ؟ هل تصلون في جماعة بمنازلكم ؟ هل هناك دروس دينية في غير المسجد ؟ من نظم هذه المباراة؟

 وفي نفس الوقت ُأعتُدِىَ على أغلبيتهم بالعنف اللفظي مما لا يليق  كتابته .     علما و انه تم أطلق سراح  الموقوفين بعد ساعتين و هم  : إلياس منصر ، الحبيب منصر ، وليد  بوكرعين ، أحمد المقراني ،  محمد العلوي ، محمد الشباب ، أيمن حمودة ، حسني البوغانمي ، كريم التيياني  وإسكندر البوغانمي .                   إن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان – فرع  بنزرت  : –         تستنكر هذه  التصرفات  التى  تهدف الى بث المزيد من الرعب في صفوف المجتمع . –         تحذر من التمادي  في هذه الاساليب القاهرة لما تمثله من  خطر على  تونس وشعبها  الذي ذاق ضرعا من مثل هذه الممارسات. –         تطالب بسن قانون عفو  تشريعي  عام  وإخلاء  سبيل العشرات  من الشبان  الذين حوكموا او الذين تنتظرهم محاكمات جائرة وهم مهددون بأحكام قاسية لمجرد تفكيرهم في  الالتحاق بالمقاومة العراقية لمقاومة الاحتلال .

عن  هيئة الفرع                                                             الرئيس  عــلــي بــن  ســـالــم  

 

 
أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 شارع المختار عطية تونس 1001 الهاتف : 71340860 الفاكس:71354984 08/11/2006 بــــــلاغ  
 
بلغتنا تشكيات من السيدة سارة لزغب زوجة السجين السياسي السيد خالد العيوني  المعتقل حاليا بسجن قفصة في الزنزانة (B1 ) و الواقع تتبعه طبقا لمقتضيات قانون الإرهاب أنه يتعرض في هذه الأيام إلى مضايقات من قبل إدارة السجن المذكور ذلك أنه يقيم في عزلة تامة عن العالم منذ ما يقرب من شهرين و أن وضعيته الصحية متدهورة للغاية و قد رفضت إدارة السجن عرضه على الطبيب   و تطالب عائلته بتقريبه  منها و ذلك بنقله إلى أحد السجون القريبة من العاصمة نظرا إلى كونه يقطن بمدينة قليبية ولاية نابل و أن قضيته تعود بالنظر للمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة. رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري

بسم الله الرحمن الرحيم  حركة النهضة   بـيـان

حتى تكون مغادرة نهائية للسجن

تم أمس الأحد 5 نوفمبر 2006 إطلاق سراح حوالي خمسة وخمسين من قيادات وأبناء حركتنا ومن أبرزهم الشيخان الحبيب اللوز ومحمد العكروت الرئيسان الأسبقان للحركة وذلك بعد أن قضوا بالسجن ما يزيد على خمسة عشر تنفيذا لأحكام ظالمة ومحاكمات صورية لا تتمتع بالحد الأدنى من العدل والاستقلال، بقصد التخلص من منافس سياسي رئيسي، أو استدراجه إلى مستنقع العنف، لولا أن الله سلّم، فصمدت النهضة على نهجها الوسطي الديمقراطي. وبهذه المناسبة فإن حركة النهضة : 1.   تحيي الأخوة المسرحين وعائلاتهم وتثمن تضحياتهم وصبرهم وبلاءهم، سائلين الله أن يجزل لهم المثوبة. 2.   تتوجه بالشكر إلى كل من وقف إلى جانبها – فردا كان أم جماعة – من القوى السياسية والحقوقية، في الداخل والخارج ، مثمّنين جهود الجميع  في العمل من أجل إطلاق سراح إخواننا، وشجب المظالم المسلطة على شعب تونس. 3.   تدعو كل أبناء شعبنا إلى الوقوف إلى جانب هؤلاء الإخوة المسرحين والآلاف الذين سبقوهم ومساندتهم من أجل تجاوز محنتهم الطويلة وترميم أوضاعهم الأسرية والجسدية حتى يستأنفوا الإسهام  الفاعل في إنقاذ تونس مما تردت فيه. 4.   إن هذه الخطوة تتطلب التعجيل باستكمالها بإطلاق سراح كل المساجين السياسيين وفي مقدمتهم الدكتور الصادق شورو والمحامي محمد عبو ورفع التضييقات المسلطة على المسرحين واسترجاع حقوقهم. 5.   وإننا في حركة النهضة ما زلنا نوقن جازمين أن مصلحة البلاد الآنية ومستقبلها القريب والبعيد يقتضيان خطوات جريئة وشجاعة تبدأ بإفراغ السجون من المعتقلين من اجل أفكارهم أو نشاطهم السياسي  – وهي حقوق ضمنها دستور البلاد –  وسن عفو تشريعي عام وتحقيق إصلاحات سياسية جوهرية وضرورية حتى يستعيد الشعب سيادته والمواطن كرامته، ووضع حد لحالة الحصار التي يخضع لها معارضون مثل الدكتور المرزوقي وحمادي الجبالي وعلي العريض وغيرهم، وإلغاء الإثبات الدوري للحضور أمام مراكز الأمن تحت طائلة التهديد بالعودة إلى السجن كما حصل مع أحد أفراد الدفعة السابقة من المسرحين هو الدكتور الأمين الزيدي. ( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب) سورة هود 88 عن حركة النهضة ـ تونس الشيخ راشد الغنوشي 14 شوال 1427 الموافق 06 نوفمبر 2006 (المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 7 نوفمبر 2006 على الساعة 6 و 11 دقيقة بتوقيت لندن)

 

الوحدويون الناصريون- التيار البعثي- الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية – اللجنة التونسية لمناهضة الاستعمار و الصهيونية
 
بيــــــــــان
تونس في 7/11/2006 بسم الله الرّحمان الرّحيم    في الوقت الذي عمقت فيه المقاومة العراقية الباسلة أزمة الاحتلال وراكمت خسائره وجعلت أزمته تلك ترتد على حكومته عار و خيبة و شددت الخناق على الغزاة و باتت اقرب من أي وقت مضى إلى طردهم و إلحاق الهزيمة بهم و تحرير العراق من و إعادة الشرعية لشعبه و قيادته و مؤسساته. في هذا الوقت بالذات يصدر الاحتلال أحكاما على الرئيس صدام حسين و ثلة من قادة العراق الشرعيين الذين وقعوا أسرى لدى قواته خلال اجتياحها الهمجي لعراق الحضارة و التاريخ، فان الموقعين على هذا البيان ينددون بهذا الحكم ويرفضونه رفضا قاطعا و يعتبرون:

1- أن الحكم الصادر فاقد لكل سند شرعي و قانوني لصدوره عن محكمة من صنع الاحتلال. 2- أن صدام حسين هو الرئيس الشرعي للعراق. و يطالبون بإطلاق سراح الرئيس صدام حسين ورفاقه في القيادة و كل المعتقلين كما يدعون الشعب العربي إلى التحرك ضد الحكم  » المهزلة » و مطالبة الحكومات بإسقاطه و تحميلها مسؤولية حماية القيادة الشرعية. و إن الموقعين إذ يتوجهون بالتحية للقيادة الشرعية و جماهير شعبنا في العراق على صمودها و يشدون على أيدي المقاومة الباسلة فإنهم: – يطالبون بالاعتراف بالمقاومة الوطنية في العراق الممثل الشرعي و الوحيد لشعبنا. – يؤكدون استمرارهم في دعم المقاومة و يعتبرون أنفسهم جزءا منها.   الامظاءات   بشير الصيد                                 الوحدويون الناصريون حبيب اليزيدي                              التيار البعثي أحمد الكحلاوي                            الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية عبد الله الجابري                           اللجنة التونسية لمناهضة الاستعمار و الصهيونية


 
الوحدويون الناصريون بتونس برقية  
 
تونس في 7/11/2006 إلى القيادة الشرعية بالعراق أبطال معركة التصدي للاحتلال الصهيوني الأمريكي

« أعماركم أطول من أعمار الجلادين »

  الله أكبر على أمريكا، الله أكبر على الاحتلال، الله أكبر على العملاء. ارفعوا رؤوسكم أيها الأبطال، وابشروا بالخير عاجله واجله، فأنتم لم تقامروا على العراق، ولم تلهثوا وراء المنافع الشخصية، بل أعليتم صوت أمتكم من داخل معتقلات الاحتلال. الله أكبر على الغاصبين… اعلموا أن المقاومة تنتصر، وأمتكم تنشد وحدتها…فالاحتلال إلى زوال…وحتى إذا ما، لا قدّر الله، واعدي على أرواحكم، فأعماركم أطول من أعمار الجلادين.   – عاش العراق. – عاشت الأمة العربية. المجد للمقاومة. عن الوحدويين الناصريين بتونس بشير الصيد


الشـباب العـربي الـبعثي   أمة عربية واحدة     ذات رسالة خالدة وحـدة              حــريــة         اشتراكية بلاغ صحفي
بعد صدور القرار الأمريكي الاستعماري على لسان عملائها و خدمها في أرض الرافدين الصامدة، خرج أبناء صدام حسين، أبناء البعث المجاهد في تونس العربية تلبية لنداء الواجب القومي و الوطني، إلى الشارع غير عابئين بقوات البوليس التي استنفرت قواها لمنع الشباب الصادق من التعبير عن غضبه تجاه صمت الأنظمة العربية العميلة عما يحدث في عراقنا المقاوم.
و قد قام أعضاء من الشباب العربي البعثي بتنسيق التظاهرة التي التأمت بساحة محمد علي الحامي وسط العاصمة التونسية يوم الأحد 5 نوفمير 2006، حيث أقاموا اجتماعات عامة تحريضية تداول فيها الكلمة عدد من مناضلي الشباب العربي البعثي بتونس و بعض النقابيين.
و قد حاول البوليس إيقاف بعض قياديي الشباب إلا أنه لم يفلح نتيجة الاشتباك الذي وقع أمام كاتدرائية تونس بشارع الحبيب بورقيبة، إلا أنهم تمكنوا من حجز اثنين من الرفاق، و لكن و تحت الضغط و رفع الشعارات المعادية للعملاء و المستبدين، و الهاتفة بحياة الرفيق القائد صدام حسين و المقاومة العراقية الباسلة، وأمام تجمع عدد كبير من المواطنين بمحطة الحبيب ثامر، تم الإفراج عن الرفيقين و تمت ملاحقتهم في وقت لاحق.
هذا، و قد تعهد مناضلو الشباب العربي البعثي مواصلة نضالهم من أجل فضح حقيقة المحكمة المهزلة التي تحاكم روح الأمة و ضميرها من خلال محاكمة الرفيق الأمين العام المناضل صدام حسين المجيد و  فضح الموقف الرسمي العربي المتخاذل إزاء قضايا الأمة العادلة.
تحية من الشباب العربي البعثي للرفيق الأمين العام ورفاقه المناضلين اعترافا بالعمل النضالي وتأكيدا على استمراريتنا على هديه ونهجه في مقارعة أعداء الأمة. 
تحية لشعبنا العربي بالعراق ومقاومته الباسلة. المجد لحزب البعث العربي الاشتراكي الخزي والعار للاحتلال والعملاء والخونة.


 

الاتحاد العام  لطلبة تونس

 

بلاغ اعلامي

 

تونس في 08/11/2006

 

يهم المكتب التنفيذي للاتحاد العام لطلبة تونس ان يتوجه الى الراي العام الطلابي والوطني بالبلاغ التالي:

 

تعرض جملة من مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس الى حملة من المضايقات استهدفت عائلاتهم وهم:

– ربيع الورغي: كلية العلوم ببنزرت

– هشام زروق: كلية العلوم ببنزرت

– صابر عامري: كلية العلوم ببنزرت

– محمد الهادي حمدي:كلية العلوم بتونس

– مالك مقري: كلية العلوم بتونس

– منتصر مانعي: كلية العلوم بقابس

– عمر الحناشي: كلية العلوم بقابس

 

وذلك في محاولة لترهيبهم والضغط عليهم لامضاء التزامات بعدم ممارسة اي نشاط نقابي او سياسي وهو ما يتناقض وقوانين البلاد وعليه فاننا نعلن عن:

1- اعتبارنا هذه الحملة والتي لم يعد من الغريب انها تستهدف طرفا بعينه-النقابيون الراديكاليون- تتنزل في إطار حسابات تسبق انتخابات المجالس العلمية في محاولة للتضييق على نشاط الاتحاد وتقليص فرصه في الربح خاصة وانه  يعتزم دخول هذه المعركة في قائمات موحدة تحت يافطة القيادة الموحدة والمؤتمر التوحيدي.

2- نعلن عن استنكارنا لسلوك المسؤولين من مديري مبيتات ومؤسسات جامعية وعمداء كليات ورؤساء المناطق ومراكز الشرطة المنحاز الى جانب طلبة التجمع والتدخل في الشؤون الداخلية للمنظمة بانحيازهم لأقلية لا حول ولا قوة لها.

3- نعبر عن استعدادنا للدفاع عن مناضلينا بشتى الوسائل والطرق.

4- نعلن ان ما يتعرض له الاتحاد من تضييق على نشاطه عبر محاولة ترهيب مناضليه لن يزيدنا الا اصرارا على النضال وتحقيق انتصار ساحق في انتخابات مجالس الكليات.

 

ختاما نهيب بكل القوى الديمقراطية الوقوف الى جانبنا في الحملة التي نتعرض لها.

 

لا شيء يكسرنا لا شيء يكسرنا

وتنكسر البلاد على أصابعنا كفخار.

 

الاتحاد العام  لطلبة تونس

الامين عام مساعد

شاكر العواضي


جمعية الزيتونة بسويسرا
بيـــــــــــان

 
التاريخ :   الثلاثاء 07 /11/2006 م الموافق : الثلاثاء 17/10/1427 هـ في إطار إزدواجية مفضوحة درجت السلطة في تونس منذ إنقلاب 7 نوفمبر 1987  على  الترويج لخطاب حداثي حرصت كثيرا على تأثيثه بمفردات خلابة مثل  الديموقراطية  وحقوق الإنسان والرفع من شأن المرأة وإذ انكشفت المفارقة بين الخطاب  والممارسة   في مجال الحريات السياسية  وأصبح النظام التونسي مكشوفا ومرجعا عالميا في  الإستبداد والتسلط  وإهدار الحقوق والحريات فإنه نجح  شيئا ما في التلبيس  على  الرأي العام وخاصة خارجيا في موقفه من المرأة حتى انكشفت سوآته  بالهجوم  الممنهج على حقوقها وكرامتها. لقد دُبِّرَت كثيرا من الإعتداءات  والمضايقات على  الناشطات السياسيات والحقوقيات ينسبها كثير من أهل الشأن السياسي والحقوقي  إلى  النظام التونسي.  
ومن المفارقات أن المرأة في بلادنا محرومة ليس فقط من حقوقها المدنية  والسياسية  بل ومن ممارسة أبسط حقوقها الشخصية ومنها  الحق في اختيار لباسها وفي  الشغل  والتعليم والعلاج، ومنذ سنوات تشنَ السلطة التونسية حملة شرسة على النساء  والفتيات المرتديات للّباس الإسلامي. والمرأة اليوم في تونس ينزع خمارها  في الشارع، كما تمنع من التعليم والتّعلّم في المدارس والجامعات ومن العمل في  المؤسّسات العامة والعلاج في المستشفيات للحوامل والمرضى.
 
وإذ نتابع في  جمعية الزيتونة بسويسرا بانشغال كبير هذه الحملة, فإننا نضع  نصب  أعيننا أهمية إسهام المرأة في الحياة الاجتماعية والسياسية، ونعبر عن  قلقنا من  كل مظاهر التمييز والحيف ضد المرأة بما يتنافى مع كرامة الإنسان وخير  الأسرة  والمجتمع، ولا يعقل بعد مرور 60 عاما تقريبا على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن  المرأة في تونس لاتزال حتى اليوم تتحمل عبء السياسات التي تحول دون تمتعها بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية و نطالب  بما يلي:
1. ترك الحرية الكاملة للمرأة في اختيار لباسها ما لم يمس ذلك من الأخلاق العامة. 2. تمكين المرأة من حق التعليم و العمل و التداوي أيا كان معتقدها و انتمائها السياسي. 3. الإيقاف الفوري للمضايقات المسلطة على المرأة وتركها و شأنها في اختيار ملبسها. 4. إلغاء المنشور 108 سيء الذكر و الذي أصبح وصمة عار لتونس. 5. نهيب بالجمعيات و المنظمات الحقوقية العمل على تحقيق هذه الأهداف.
 
عن جمعية الزيتونة بسويسرا المكتب الحقوقي و الإعلامي


 

تونس: إطلاق 55 من سجناء «النهضة» بينهم رئيسان سابقان للحركة وثلاثة قياديين

تونس      الحياة     – 07/11/06// أطلقت السلطات التونسية أول من أمس 55 من سجناء حركة «النهضة» الإسلامية المحظورة، بينهم ما لا يقل عن خمسة قياديين، في خطوة هي الأولى منذ عام، لمناسبة الذكرى التاسعة عشرة لوصول الرئيس زين العابدين بن علي إلى سدة الحكم. وقال الرئيس السابق لحركة «النهضة» الشيخ الحبيب اللوز لـ «الحياة» بعد ساعة من الإفراج عنه، إن أربعة قياديين آخرين كانوا معه في سجن «المرناقية» في ضواحي العاصمة أطلقوا في اليوم نفسه، وهم الرئيس السابق للحركة محمد عكروت وعبدالله مسعودي وحاتم زروق وأنور بن للََح. وكانت وكالة الأنباء الرسمية أفادت أن بن علي اجتمع مع وزيري الداخلية والعدل ووافق على الإفراج عن سجناء من دون إعطاء تفاصيل عن عددهم وهوياتهم. وأفاد اللوز أن 11 قيادياً آخرين كانوا معه في السجن نفسه أخبرتهم السلطات بخفض محكومياتهم، لكنها لم تطلق سراحهم. وأشار إلى أن بين هؤلاء الدكتور صادق شورو أحد الذين تولوا رئاسة الحركة في مطلع التسعينات. وحكم على العكروت واللوز عام 1992 بالسجن مدى الحياة بتهمة محاولة الانقلاب على النظام. وأمضى الرجلان من هذه العقوبة 15 عاماً. وفي سياق متصل، أكد رئيس «اللجنة الدولية للسجناء السياسيين» المحامي محمد النوري لـ «الحياة» أن ثلاثين سجيناً إسلامياً أفرج عنهم أول أمس من سجون مختلفة، بينهم عبدالرزاق مزقريشو المعتقل منذ صيف العام 1987. وأشار إلى أن بقية المفرج عنهم دخلوا السجون مطلع التسعينات. وقال علي العريض الناطق باسم «النهضة» لـ «رويترز» معلقا على العفو: «هذه خطوة ايجابية وفي الاتجاه الصحيح ونأمل ان تتدعم بخطوات لاحقة في إطار العفو التشريعي». ويُقدر عدد سجناء «النهضة» المتبقين في السجون التونسية ببضع عشرات، بعدما أطلقت السلطات مئات منهم خلال السنوات الأخيرة، سواء بعد قضاء محكومياتهم أو بموجب مراسيم عفو. ويُعتبر الناطق السابق باسم الحركة المهندس علي العريض ومدير صحيفتها «الفجر» (محتجبة) حمادي الجبالي أبرز القياديين المفرج عنهم في الفترة الأخيرة. وكانت المحكمة العسكرية في تونس قضت في عام 1992 بسجن مئات من قياديي «النهضة» وكوادرها فترات راوحت بين عشر سنوات والمؤبد، بتهمتي «التآمر على أمن الدولة» و «الانضمام إلى حركة إرهابية». وشملت الأحكام زعيم الحركة الشيخ راشد الغنوشي المقيم في لندن.  
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 7 نوفمبر 2006)


 

هل بدأت تنقشع الغيوم عن سماء تونس؟

صلاح الدين الجورشي – تونس

 

تم مؤخرا الإفراج في تونس عن 55 سجينا سياسيا على الأقل، سبق وأن حوكموا في مطلع التسعينات بتُـهم عديدة، أقلها الانتماء إلى حركة النهضة المحظورة. كما أعلنت السلطات عن الحط من العقوبة بالنسبة لمساجين آخرين لم يطلق سراحهم. وبذلك، لم يبق في السجون من كوادر الحركة سوى العشرات.

 

بالرغم من طول فترة العقاب، إلا أن مجرد انتشار خبر الإفراج أشاع حالة من التفاؤل في أوساط الإسلاميين وجعل بعضهم يتوقع بأن نهاية النفق قد بدأت تلوح من جديد.

 

« الحبيب اللوز  » و « محمد العكروت »، إسمان بارزان في قيادة حركة النهضة كانا من بين المفرج عنهم. وكذلك الشأن بالنسبة لـ « عبد الرزاق مزقريشو »، الذي حوكم بتهمة رش إمام مسجد ضاحية الكرم بمادة « ماء الفرق » أثناء المواجهة بين الحركة والسلطة في الأشهر الأخيرة من العهد البورقيبي عام 1987، و »محمد المسدي »، الذي كان قائد طائرة بارع بالخطوط الجوية التونسية، يؤمِّـن بالخصوص رحلات تونس باريس، فوجد نفسه مُـورّطا في قضية لا تزال ملابساتها غامضة.

 

وبقطع النظر عن القِـصص التي سيَـرويها هؤلاء السجناء عن ظروف اعتقالهم والسنوات الطويلة التي قضّـوها متنقلين بين مختلف السجون والمعتقلات، فالثابت هو أن هؤلاء أو من بقي منهم وراء القضبان، يشكلون أغلب الكوادر الرئيسية التي اعتمدت عليهم الحركة في مرحلة المواجهة الحاسمة مع نظام السابع من نوفمبر.

 

نداءات بإصدار عفو تشريعي

 

 رحّـبت معظم الأوساط السياسية بقرار الإفراج، ورأت فيه مؤشرا إيجابيا. ومما قد يفسر الترحيب بعملية إطلاق سراح هذه الدفعة الجديدة من المساجين السياسيين، أنها قد تنزّلت في سياقٍ طغت عليه لغة التهديد الموجهة لكل من « يوظف الدين من أجل أهداف سياسية ».

 

كما شهدت البلاد خلال الأسابيع الأخيرة حملة واسعة النطاق ضد المحجبات، وهي حملة بدت وكأنها تميل إلى التهدئة قليلا، رغم استمرار التجاوزات، هذه الأجواء المشحونة جعلت الكثيرين يتوقعون بأن المناخ السياسي مرشح لمزيد التعقيد والانغلاق، وأن ذلك سيؤثر سلبا على ملف المساجين.

 

لم تستجب السلطة إلى النداءات المتكررة المتعلقة بإصدار عفو تشريعي عام، وتمسّـكت بأسلوبها القائم على العفو الرئاسي المتدّرج والمشروط. فالأسلوب الأول لا تقدِم عليه الأنظمة، إلا إذا اختارت الإقدام على تغييرات واسعة وجذرية وفي أسلوب إدارتها للحكم، بينما يساعد الأسلوب الثاني السلطة على الاستمرار في مسك خيوط اللعبة وترويض الخصوم، ولهذا، تعمّـد النظام تأجيل الإفراج عمّـن تبقّـى من معتقلي النهضة إلى أجل آخر، وقد لا يتجاوز هذا الأجل شهر مارس المقبل، الذي يتزامن مع الذكرى الخمسين لإعلان النظام الجمهوري.

 

ومما يؤشّـر على ذلك – حسبما يبدو للبعض – قرار الحط من العقوبة، الذي شمِـل عددا آخر من قادة الحركة، مثل صادق شورو، أحد الذين تحملوا رئاسة الحزب، وعبد الكريم الهاروني، الوجه الطلابي المعروف، وأحمد الأبيض، الذي فقد زوجته وهو في السجن قبل سنتين، ومحمد القلوي.

 

وبالرغم من خيبة أمل الكثير من العائلات، التي لا تزال في انتظار الإفراج عن أبنائها، إلا أن القرار الأخير شكّـل « خطوة متقدمة في اتجاه التسوية الإنسانية لملف المساجين السياسيين »، حسب اعتقاد السيد « محمد القوماني »، القيادي في الحزب الديمقراطي التقدمي (معارضة غير ممثلة في البرلمان) فهذا العفو حسب رأيه شمل « قيادات شابة لا يزال أمامها مستقبل سياسي ».

 

كما اعتبر القوماني أن الإفراج عن الدفعة الأخيرة خلال المرحلة القادمة سيشكل « الخطوة السياسية » المنتظرة من قِـبل الجميع، وإن كانت دون ما دعت إليه القوى الديمقراطية ومنظمات حقوق الإنسان، التي أجمعت على المطالبة بإصدار « عفو تشريعي عام ».

 

 خيار التعددية السياسية

 

هذا العفو الجُـزئي عن عدد من المساجين، صدر بمناسبة الذكرى التاسعة عشر لتولي الرئيس بن علي السلطة في البلاد. وقد ألقى الرئيس التونسي بالمناسبة خطابا تضمّـن عددا من الإجراءات الجديدة، التي شملت بالخصوص القطاعين، المالي والإعلامي، لكن ما لفت انتباه المراقبين الإشارة إلى « الميثاق الوطني »، الذي شكّـل محطة سياسية بارزة في أواخر الثمانينات.

 

وفي هذا السياق، قال الرئيس بن علي « لمّا كنت إثر التحوّل، جمعت الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والحساسيات الفكرية لنضّـع ميثاقا وطنيا مشتركا نعمل بقيّـمه ونتمسّـك بمبادئه، فإنني اليوم بعد قرابة عشرين سنة من الإنجازات والمكاسب والنجاحات، أدعو في إطار مبادئ الدستور وقيم الجمهورية، الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والحساسيات الفكرية، إلى تعميق التأمل في حاضرنا وتوجّـهات مستقبل بلادنا، ومدنا بآرائها ومقترحاتها لنستأنس بها بمناسبة احتفالاتنا القادمة بالعيد العشرين للتحول ».

 

وبسؤاله عمّـا يمكن أن تتضمنه الإشارة إلى الميثاق الوطني، اعتبر القوماني، الذي سيكون أحد المرشحين لخلافة السيد نجيب الشابي في منصب الأمانة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي، أن المسألة السياسية قد تصدرت الخطاب الرئيسي، بعد أن جرت العادة في السنوات الأخيرة بأن تُـعطى الأولوية للمسائل الاقتصادية والاجتماعية.

 

وفي هذا السياق، أعاد الرئيس بن علي التأكيد على « التعددية السياسية خيار لا رجعة فيه » وأن الأحزاب  » في الحكم وفي المعارضة، هي أطراف المعادلة الديمقراطية والتنافس النّـزيه، ولا بد لها أن تكون في مستوى من الفاعلية يُـخوّل لها الاضطلاع بأدوارها على أفضل الوجوه »، كما تمّـت الإشارة أيضا إلى أن الذكرى العشرين لاستلام السلطة ستكون « مناسبة لمزيد التأمّـل في مسيرتنا والتخطيط لمستقبل أجيالنا القادمة ».

 

يضاف إلى ذلك، دعوة ما سمي بـ « التيارات الفكرية » إلى جانب الأحزاب السياسية للمساهمة في حوار وطني، وهو ما رأى فيه القوماني احتمال أن تشكل سنة 2007 فُـرصة لخَـلق أجواء مساعدة على فتح الملفات السياسية وإدارة حوار وطني ديمقراطي.

 

تونس لكل التونسيين

 

ويذهب السيد إسماعيل بولحية، الأمين العام لحركة الديمقراطيين الإشتراكيين (معارضة ممثلة في البرلمان) إلى أكثر من ذلك، حين اعتبر أن بنية الخطاب ومنهجيته، جاءت مختلفة عن مُـجمل الخطب السابقة، ورأى في ذلك عودة إلى مرجعية بيان السابع من نوفمبر. فالمكتسبات التي تحققت في عديد المجالات، تتطلّـب حسب رأي بولحية إلى « مرجعية سياسية، تسندها وتحافظ عليها ».

 

أما فيما يتعلق بمسألة « الميثاق الوطني »، فقد رأى بولحية في ذلك « إعادة الاعتبار لمبدأ المشاركة وجعل تونس لكل التونسيين »، واعتبر ذلك بمثابة « النفس الجديد لفضاء تلتقي فيه كل الأطراف والحساسيات ومكوِّنات المجتمع للإسهام والمشاركة في صنع القرار وتجْـسيد الأهداف الوطنية ».

 

أما بالنسبة للسيد نور الدين البحيري، الذي كان أحد الموقعين على نص الميثاق الوطني، نيابة عن « حركة النهضة »، فقد اعتبر من جهته أن تأكيد الرئيس على أهمية « استشارة جميع الأطراف » يشكّـل « تمشيا إيجابيا »، خاصة وأنه يتنزل في « هذا المناخ المحتقن الذي تشهده البلاد »، واعتبر أن الدعوة موجهة للجميع، ولا تتضمن إقصاءً لأي طرف وأن الشروط التي وردت لا خلاف حولها، وتخص « التمسك بالدستور وقيم الجمهورية »، لكنه أضاف بأن الدعوة الرئاسية تفترض اتّـخاذ جملة من المبادرات، سواء من قبل السلطة أو المعارضة « لتنقية المناخ السياسي ».

 

كما دعا إلى « فتح قنوات الحوار من أجل تحقيق توافق وبناء جسور الثقة، مما يُـساعد على تجاوز آثار العشرية الماضية ويؤسِّـس لمصالحة وطنية »، هذه المصالحة التي تكرّرت في الأشهر الأخيرة على لسان العديد من كوادر حركة النهضة وقادتها، مما كشف عن وجود تبايُـن عميق في وجهات النظر بين أعضائها.

 

هكذا تفاعلت بعض الشخصيات التونسية مع الإشارات السياسية التي وردت في خطاب الرئيس بن علي، وجاء تفاعلها إيجابيا في الغالب، رغم تحفظات آخرين الذين « لم يروا فيها شيئا جديدا »، ودعوا إلى « عدم تحميل الخطاب ما ليس فيه ».

 

 هل تعود السياسة؟

 

لا شك في أن المحدّد، هو ما قد تتّـخذه السلطة من إجراءات ومبادرات تُـعيد الحيوية للحياة السياسية وتساعد على تنظيف الواجهة الخارجية للنظام وللبلاد. ولعلّ في رفع سقف حرية التعبير وحل معضلة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، حتى لا تفهم الصلاحيات الجديدة التي مُـنحت للهيئة العليا لحقوق الإنسان (هيئة رسمية)، وكأنها محاولة أخرى لمزيد إضعاف الرابطة وتهميشها.

 

كما أن إنهاء المُـضايقات الشديدة المسلّـطة على الدكتور منصف المرزوقي، وكذلك ما يتعرض له السجين القيادي السابق (حمادي الجبالي) من تجاوزات، بلغ حدّ إفساد حفل زواج ابنته وتشديد الحصار على مقر إقامته والمساس من خصوصياته الأسرية، من أجل ثنيه على الاستمرار في النشاط السياسي.

 

إن إجراءات من هذا القبيل، ستساعد كثيرا، حسب اعتقاد البعض، على تحويل خطاب الرئيس بن علي إلى مدخل لجعل عام 2007 عام استعادة السياسة في بلد كثُـر الحديث فيه منذ عدة أعوام عن « موت السياسة »، وإذا ما تحقق ذلك، فلن يشكل فقط فرصة لحركية توقفت منذ سنوات طويلة، وإنما سيكون النظام السياسي أول المستفيدين ليتمكّـن من إعادة ترتيب بيته الداخلي بعد عشرين عاما تحققت خلالها مكاسب عديدة، لكن « الثمن السياسي كان باهظا »، على حد تعبير أحد الجامعيين التونسيين.

 

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 8 نوفمبر 2006)

 

 

تونس تستقبل المفرج عنهم وسط أجواء من الفرحة والترقب

 

 
صفاقس-مرسل الكسيبي*-الوسط التونسية: وسط حضور جماهيري كثيف تقاطر فيه الزوار على بيت الأستاذ الحبيب اللوز ,ووسط متابعة امنية عن كثب لما أحدثه خبر الافراج عن الرئيس السابق لحركة النهضة من صدى كبير وسط اهالي مدينة صفاقس أضخم مدن الجنوب التونسي ووسطه وثاني أكبر ولاية تونسية,وفي مناخ نفسي وسياسي استبشر فيه أهالي المدينة باطلاق مجموعة من أبرز المناضلين والقياديين بحزب النهضة المحظور في تونس,في ظل هذه الأجواء ألقى الأستاذ الحبيب اللوز كلمة موجهة الى زواره ومستقبليه من أهالي المدينة ,وفي بيته الواقع بين مفصل طريقين متوازيين على بعد حوالي ستة كلمترات من قلب صفاقس, توجه الشيخ اللوز عبر مضخمات الصوت الى الحضور برسالة خطابية مفادها انه واخوانه على العهد سائرين من أجل تحقيق ماناضلوا من أجله من ثوابت ومبادئ. جاءت كلمة الشيخ الحبيب اللوز بعد أن أفرج عنه مع عشرات من كوادر ومناضلي حركة النهضة الذين قضى أغلبهم فترة عقد ونصف وراء القضبان ,على اثر محاكمات سياسية شهيرة عرفتها البلاد في أوائل التسعينات ,تحولت فيها البلاد الى حالة مواجهة مفتوحة بين السلطة وحزب النهضة الاسلامي الموصوف بالاعتدال لدى كثير من المراقبين والمحللين السياسيين المتابعين للمشهد السياسي التونسي. لم تعرف البلاد عندما انطلقت الحملة الشرسة ضد أعضاء حركة النهضة ومناضليها والمتعاطفين معها أحداثا أمنية مخلة ,الا فيما عدى بعض الحوادث النادرة والشاذة والتي اعتبرتها الحركة نتيجة مؤسفة لمناخات الانغلاق والقمع التي عرفتها الجامعة والبلاد على تلك الحقبة القاسية عموما. وبعد مضي عقد ونصف على أعسر حقبة سياسية مرت بها البلاد ,خرج الشيخ اللوز من سجنه بعد أن فقد الابصار كليا بعينه اليمنى وبعد أن تردت درجة الابصار الى مستوى النصف في مستوى العين الثانية. التدهور الخطير لمستوى الابصار لدى الشيخ اللوز ,جاء على اثر اصابته بمرض الكحلي داخل السجن وبعد أن تعمدت ادارة السجن اهمال وضعه الصحي الى الدرجة التي حيل فيها بينه وبين الدواء والطبيب. أما من أطلق سراحهم من أبرز أطر وقيادات الحركة المحظورة على مستوى عاصمة الجنوب صفاقس ,فوضعهم لم يعرف هو الاخر نزهة سجنية ,حيث خرج الطيار بالخطوط الجوية التونسية المهندس محمد المسدي في وضعية صحية متردية بلغت درجة العجز عن المشي والسير الطبيعي بل أحيانا حتى الوقوف لولا ماتلقاه من ابر كثيفة على مدار الأيام والساعات الأخيرة. كانت منازل المفرج عنهم من أمثال المهندس محمد الطرابلسي القيادي السابق بالحركة ومحمد المسدي والشيخ الحبيب اللوز تعج بزوار وأهالي ووفود عاصمة الجنوب التونسي,حيث تحولت يوم أمس الثلاثاء السابع من نوفمبر 06وفود عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والحزب الديمقراطي التقدمي لزيارة من شدوا انتباه التونسيين والطبقة السياسية في الذكرى 19 لحدث وانقلاب 7 نوفمبر . خرج هؤلاء المناضلون و »الخصوم السياسيون » للسلطة الحاكمة وسط حالة من عدم التصريح الرسمي بالافراج عن معتقلين سياسيين ,وانما جاء الخبر في اطار الافراج عن مجموعة من المساجين الذين لم تصفهم السلطة هذه المرة في بلاغاتها بسجناء الحق العام. ووراء عملية الافراج روى المطلق سراحهم قصصا مأساوية عن حالات احتضار تركوها وراء القضبان في الذكرى 19 للتحول,والتي ذكروا  من بينها حالات السيد فتحي العيساوي المصاب بسرطان الغدد والذي قدروا أيامه في الحياة الدنيا بالمعدودة,وحالة السيد رضا البوكادي المصاب بمرض القلب والذي توصف حالته بالجد محرجة,كما حالة الأسير فرج الجمي الذي يخضع لغسيل الي للكلى وبشكل يومي ,هذا علاوة على اصابته بمرض الروماتيزم ,كما معاناته من أرق وحالات صراخية تتخلله اثناء عتمة الليل. من ناحية ثانية ثمن المفرج عنهم من أصيلي مدينة صفاقس نضالات المجتمع المدني التونسي والدولي من اجل فك قيودهم وتحسين ظروف اقامتهم السجنية ,التي ذكروا بأنها تحسنت في الفترة الأخيرة كنتيجة ملموسة لهذا الجهد النضالي. وفي المقابل ,اعتبر أبرز من أفرج عنه من رموز النهضة وكوادرها هذه الخطوة متأخرة جدا لأنها جاءت بعد مضي عقد ونصف على عمر هذه المأساة السياسية والانسانية,بل ان ماانتظرته الطبقة السياسية ومناضلو المجتمع المدني وشرائح واسعة من الجماهير التي اكتوت بنار أعسر وأطول محنة في تاريخ تونس المعاصر ,كان الافراج عن كل من تبقى من معتقلين سياسيين وراء القضبان. وعلى وقع الاحتفالات التي ينظمها الحزب الحاكم في الذكرى 19 لازاحة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة من سدة الحكم ,واعتلاء منصب رئيس الجمهورية من قبل الجنرال زين العابدين بن علي ,تبقى  تونس في انتظار تسوية سريعة وعادلة لأثقل ملف سياسي ترك ظله القاتم على المناخ والفضاء العام,وعطل تطور تونس وتنميتها السياسية المستديمة في ظل أرقام تنموية اقتصادية لقيت الاشادة والاستحسان من منظمات عالمية وقوبلت بالتشكيك ووصفت بالهشة من قبل بعض المعارضين ,وذلك في ظل غياب مؤسسات سياسية قوية مستقلة ومنظمات اقتصادية وأكاديمية متخصصة من شأنها أن تبرهن للتونسيين على منجزات تغيير يرى فيه البعض عمرانا للبنى التحتية دون عناية بالكرامة الوطنية أو اعمار للانسان. *كاتب واعلامي تونسي : reporteur2005@yahoo.de *تاريخ كتابة ونشر التقرير 8 نوفمبر 2006-17 شوال 1427 ه .

(المصدر: صحيفة الوسط التونسية بتاريخ 8 نوفمبر 2006)


 

تونس : اتهام الشرطة بتهدد النساء بالاغتصاب إذا لم يخلعن الحجاب

تونس ـ كتب سليم بوخذير(المصريون) : بتاريخ 7 – 11 – 2006
 أعلن المعارض التونسي د. المنصف المرزوقي « رفضه المطلق العودة إلى منفاه بفرنسا » رغم ملاحقته قضائيّا ، و »الدخول في اعتصام متواصل ببيته إلى أن يحصل تغيير في البلاد » ، فيما أدانت منظمات حقوقية دولية قرار الحكومة التونسية غلق سفارتها بالدوحة على خلفية بثها لحوار معه .
و قال المرزوقي في بيان له يوم الجمعة 3 نوفمبر – تشرين الثاني 2006 حصلت « المصريون » على نسخة منه ، « قرّرت التمسّك بحقي في العيش في وطني رغم ما يوفّره لي المنفى من أمان » ، متابعا « أعلن الاعتصام المتواصل داخل بيتي المحاصر أمنيا إلى أن يحصل تغيير جدّي في البلاد يمكّنني من المشي و الرأي بحريّة » ، على حدّ وصفه.
فيما اتهم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يترأسه د. المرزوقي في بيان له صباح اليوم السبت ، السلطات التونسية بـ « تكليف « بلطجيّة » من الحزب الحاكم للاعتداء يوم 26 أكتوبر الماضي عليه تحت حراسة أمنية علنية »، و بـ »حكمها عليه بالإقامة الجبرية بمحاصرة بيته بعدد غفير من أعوان البوليس لمنع أي كان من زيارته منذ رابع أيام العيد »، حسب تعبير البيان .
و من جهتها رفضت مصادر حكومية التعليق على اتهامات حزب المرزوقي غير المرخص له في تونس .
و كان د. المرزوقي عاد إلى تونس منذ السبت 21 أكتوبر – تشرين الأول 2006 ، بعد سنوات طويلة قضاها في المهجر (فرنسا) ، رغم تعقبه قضائيا في نفس اليوم في قضية « تحريض السكّان على العنف و العصيان المدني » وجّهتها له السلطات على خلفيّة تصريحات أدلى بها إلى قناة « الجزيرة » .
و بالتوازي مع القضية التي وجهتها ضدّ المرزوقي ، أقرّت الحكومة التونسية غلقها النهائي لسفارتها بالدوحة و استدعاء سفيرها بقطر يوما واحدا فقط بعد حوار المرزوقي ل « الجزيرة » ، و ذلك احتجاجا على ما وصفته ب « الحملة المغرضة للقناة على تونس و بفتح المجال للتحريض على أعمال الشغب والنداء للفتنة « ، كما جاء في بيان لاحق لوزارة الخارجية التونسية .
و أدانت منظمة « مراسلون بلا حدود » قرار غلق السفارة ، و قالت في بيان لها أرسلته لمراسل « المصريون » في تونس عبر البريد الإلكتروني أمس « ندين محاولة ضغط الحكومة التونسية على قناة « الجزيرة » بإغلاق سفارتها بالدوحة بسبب حوار مهني مع المعارض التونسي المنصف المرزوقي و نعتبره ضربا لحرية التعبير » .
و من جهته احتج المرصد التونسي لحرية الصحافة على ما وصفه بـ »حملة التشويه شنّتها السلطات التونسية و الصحف الموالية لها ضدّ قناة الجزيرة وعلى غلق سفارة تونس بالدوحة لمحاولة الضغط عليها » ، مطالبا في بيان له حصلت « المصريون » على نسخة منه بوضع حدّ لما وصفه بـ « الحملة الهادفة لوأد حرية التعبير و بوقف الملاحقات القضائية ضدّ د. المرزوقي » .
و كانت قناة « الجزيرة » قد أجرت مقابلة على الهواء ظهيرة 14 أكتوبر تشرين الأول الماضي مع المرزوقي ضمن برنامج « منتصف اليوم » ، أطلق خلالها المعارض التونسي إنتقادات للحكومة التونسية بشأن أوضاع الحريات و حقوق الإنسان ، داعيا التونسييين إلى ما وصفه ب « المقاومة السلمية للنظام » .
* إعادة د. الزيدي إلى السجن بعد أشهر من الإفراج..
وفي تطوّر آخر، أعلنت حركة « النهضة » الإسلامية المحظورة في تونس الجمعة اعتقال الدكتور الأمين الزيدي أحد قيادييها و إحالته على محكمة منوبة (غرب العاصمة تونس) التي أصدرت ضده حكما بالسجن 15 يوما ، واصفة في بيان لها هذا التتبع بـ « الجائر ووجّهت المحكمة تهمة « مخالفة التراتيب الإدارية » إلى الزيدي ، على خلفية « عدم امتثاله للتوقيع اليومي على الحضور بقسم شرطة منوبة » .
و كان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي قد أعلن عفوه الخاص في فبراير الماضي على عدد من قياديي حركة « النهضة » السجناء و منهم الزيدي الذي قضى 16 عاما من أصل العقوبة التي حكم عليه بها في سنة 1990 ، بينما ظلّ مطالبا وفقا لحكم الإفراج بالحضور للمركز يوميا للتوقيع على الحضور فيما يُعرف في تونس بـ »المراقبة الإدارية ».
* اتهامات خطيرة من لجنة أهلية للبوليس في تونس . .و تطوّرات في قضية اليخت المُختلس
و من جهة أخرى ، إتّهمت لجنة الدفاع عن المحجّبات في تونس من مقرّها بألمانيا البوليس التونسي بتهمة خطيرة هي ما وصفته ب « تهديد النساء المحجّبات بالإغتصاب » ، على حدّ قول بيان أصدرته اللجنة صباح اليوم حصلت « المصريون » على نسخة منه .
و قال البيان  » إنّ إمرأتين على الأقلّ بمخفري شرطة بـ « نابل » (60كلم جنوب العاصمة) تعرضتا للتهديد بالإغتصاب من قبل الأعوان بالقسم بسبب رفضهما نزع الحجاب » ، متابعا  » أنّ الأعوان صاحوا في وجه الأولى « يا فاجرة .. يا عاهرة » فيما قال أحدهم للثانية  » إذا كنت تحاولين إثبات شرفك بحجابك فسنهتك عرضك و أنت ترتدينه » قبل أن يتمّ نزع حجابيهما إلزامهما بالقوة بعدم ارتدائه ثانية » ، حسب تعبير البيان.
و فيما لم يصدر أيّ تعليق إلى حدّ الآن من المصادر الحكومية التونسية على هذا البيان ، نفت مصادر إعلامية قريبة من الحكومة أيّ صحة لمعلومات كانت أوردتها صحيفة « لوفيغارو » الفرنسية مؤخرا عن « تورّط صهري الرئيس التونسي عماد و معز الطرابلسي في سرقة زهاء 30 يختا من موانئ فرنسية و تهريبها إلى الموانئ التونسية » . و قالت هذه المصادر « لا صحة لمثل هذه الأخبار الزائفة  » . و كانت صحيفة « لوفيغارو » قد نشرت تقريرا في أحد أعدادها مؤخرا أوردت فيه ما وصفته بأنه اعترافات متهمين بسرقة يخوت و تهريبها ألقت السلطات الفرنسية القبض عليهم .
و قال تقرير الصحيفة الفرنسية إنّ « المتهمين اعترفوا بسرقة زهاء 30يختا فاخرا و بأنّ جميع اليخوت وقعت سرقتها لحساب عماد و معز الطرابلسي صهري الرئيس التونسي زين العابدين بن علي و قد وقع تحويل جميعها إلى الموانئ التونسية دون الخضوع لمنع الديوانة » ، على حد تعبير التقرير .
و سبق لوكالات الأنباء و الصحف الفرنسية أن تناقلت في شهر جوان –يوليو الماضي خبرا عن « عثور البوليس الدولي »الأنتربول » في ميناء « سيدي بوسعيد » التونسي على يخت فاخر قيمته تفوق مليون يورو سبقت سرقته من ميناء سردينيا من صاحبه الفرنسي « برينو روجي » مدير عام بنك فرنسي شهير » ، و أضافت أنّ « التحقيقات أكّدت أنّ اليخت صار على ملك صهر الرئيس التونسي عماد الطرابلسي » .
و في مرحلة موالية ، أقرّت السلطات التونسية في بلاغ لها صحّة « خبر العثور على يخت مختلس في ميناء سيدي بوسعيد » ، ذاكرة أنّ « بحثا قضائيا قد فُتح في القضية » ، لكنها لم تشر إلى « أي ضلوع لعماد الطرابلسي في ملكيته » . (المصدر: موقع المصريون بتاريخ 07 11 2006 )

 

التباين بين الإسلاميين والعلمانيين في الموقف من الإسلام(1)

لقد مرت التنظيمات السياسية والتيارات الفكرية التغريبية التحديثية بتونس بثلاث مراحل، بحسب قوتها وضعفها، وبحسب تشددها وتسامحها، وبحسب اعتدالها وتطرفها، وبحسب قوة الحركة الإسلامية وضعفها، وبحسب صمودها وانهيارها، بقطع النظر عن مواقفها من مجمل القضايا الأساسية بالبلاد،
ومن موقفها من التيارات الفكرية والقوى السياسية الوطنية والإقليمية والدولية، وهذه المراحل هي :
1) مرحلة الإنتقاد الجارح والتشكيك والتصدي والمواجهة مع بداية ظهور الحركة وهي ضعيفة. 2) مرحلة القبول بها والتأييد أحيانا، والمساندة والتنسيق أخرى بعد إثبات قدرتها على التصدي في المواجهة وهي قوية. 3) مرحلة اقتناع المعارضة الهزيلة بالتحالف مع النظام القوي لوأد الحركة الإسلامية التي حجبتها وأصبحت تهدد النظام المستبد الذي أكسبه ضربها مزيدا من القوة، وازدادت به الحركة العلمانية الحليفة له هزالا وقد تم احتوائها بالكامل وتدجينها، وقد منحها من  المواقع في المؤسسات المهيمن عليها هيمنة كاملة ما ازداد به كذلك قوة، وما اكسبها المزيد من الضعف والهزال وفقدان المصداقية، باعتبارها قد أصبحت تتمتع قياسا إلى حجمها بما لا يمكن أن تتمتع به أبدا وكان ذلك تفضلا من النظام ومنة منه عليها.
« إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون » إن النخبة العلمانية بحكم عزتها عن الجماهير في تفكيرها وسلوكها لا تستطيع ولا يمكن لها أن تشكل تنظيما جماهيريا واسعا حتى وهي مجتمعة. ولقائل أن يقول أليست الأنظمة الحاكمة هي الأكبر جماهيرية وهي الأوسع شعبية ؟ وليس ذلك في الحقيقة  لطبيعتها العلمانية التغريبية اللائكية ولكن لمجرد أنها تنظيم أو طائفة أو عائلة أو قبيلة أو عشيرة مستولية على الحكم ومالكة للسلطة، وذلك هو فقط السر في انتشارها الشعبي والجماهيري. فهي أي النخبة العلمانية وإن كانت تغازل الجماهير وتهفوا نفسها إلى استقطابها، إلا أنها لا تؤمن إلا بالعمل النخبوي، ولا تستطيع إلا ذلك بحكم مزاجها وطبيعة تكوينها وطبيعة خطابها وثقافتها، وهي إنما تحدد وجودها على الساحة الوطنية سواء في تونس أو في غيرها من الأقطار العربية والإسلامية على ما أعتقد على النحو التالي :
– فمنها الممسك بالسلطة والمتحكم والمسيطر على مؤسسات الإعلام والثقافة وغيرها من المؤسسات العامة والخاصة. – ومنها من التحق بتنظيمات وجمعيات وأحزاب سياسية معارضة أو شبه معارضة أو محسوبة على المعارضة على الأقل، مع تسجيل حضورها حتى المكثف أحيانا في ساحات محسوبة على السلطة. وبحكم الطبيعة العلمانية التي تجمع بينها ينتفي الفرق بين وجود هذا الطرف أو ذاك، خاصة في المؤسسات الإعلامية والثقافية بحكم بساطة الإختلاف الذي لا يكاد يظهر في الفهم والطرح والخطاب بين علمانيي السلطة وعلمانيي »المعارضة » في كثير من الأحيان.
-ومنها ما يؤثر الإستقلالية وغالبا ما تكون التنظيمية وليست الفكرية والسياسية. وقد يكون ذلك غالبا إن لم يكن دائما أما اقتناعا أو خوفا أو طمعا. فهي على ما هي عليه من  بعض أوجه الاختلاف في ما بينها، تلتقي كلها على ما صيغت عليه عقول أصحابها من قيم ومبادئ وتصورات وقناعات ومناهج نهلوها من ثقافة المستعمر: من مثل مبدأ فصل الدين عن الدولة، ليجدوا أنفسهم حتما وبالضرورة في الصفوف الأمامية في المواجهة الواقعة والممكنة والمحتملة مع الحركة الإسلامية، ويجب أن يكون واضحا أن المشكلة ليست في الإنفتاح على ثقافات العالم المختلفة، فذلك ما يجب أن يكون زمام المبادرة
فيه للإسلامي باعتباره مدعو شرعا لذلك، وذلك ما يمكن أن يكون من فروض الكفاية على الأقل عليه عليه. ولعل التطور الهائل الذي أصبحت عليه وسائل الإعلام والإتصال يجعل من ذلك من فروض العين. فإذا كان ذلك من مقتضيات العادة عند العلمانيين واللائكيين فهو عند الإسلاميين والمسلمين عموما من مقتضيات وموجبات العبادة، ولكن المشكلة تكمن في النقل الأمين لهذه الثقافات والتصورات والأفكار والمناهج. والفرق بين الإسلاميين والعلمانيين التغريبيين في تناول المضامين والمناهج الثقافية والتراثية المختلفة يتمثل أساسا:
1- في إصرار العلمانيين عموما في التمسك بتثبيت الثقافة الغربية بحلوها ومرها، ولعل مرها كان أكثر من حلوها، في واقع لا علاقة له بهذه المضامين الثقافية والتصورات الفكرية، وهذه المذاهب الإقتصادية والمناهج السياسية والطبائع والعلاقات الاجتماعية، والتنكر لكل ما هو أصل، وصرف كل الجهود والإمكانيات للتخلص منه ورفضه، إلا ما حاولوا تطويعه لقناعاتهم ولثقافتهم مما كان من التراث أو من بعض كانوا ينتقونه لغرض أو لآخر ولغاية أو لأخرى أو لهدف أو لآخر من الثقافة العربية الإسلامية ليجعلوه منسجما مع قناعاتهم ليوهموا به أنفسهم ويوهموا غيرهم أن تلك القناعات قد أصبحت معبرة عن الهوية وقد أصبحت بذلك أصيلة بعد أن كانت دخيلة (الأصالة والمعاصرة).
2- وفي وجود فريقين من الإسلاميين: أ)أحدهما ليس أقل سوءا من الحداثيين الذين أمسوا ضحية للإنهزام الحضاري. والذين كانوا ومازالوا مصرين على رفض كل  ما هو غربي وإن كانوا يتفيأون وارف ظلال منافعه، وينجلب لهم به النفع، ويندفع عنهم به الضرر، إلا ما كان علميا بحثا، ومتمسكين وعلى قدر كبير بكل ما هو إسلامي وإن كان من مضامين عصر الإنحطاط ومن إنتاج عهود الإستبداد الذي ابتليت به الأمة في تاريخ مبكر ومنذ الانقلاب الأموي على الخلافة الراشدة تحديدا واستبدال نظام الوراثة العضوض بنظام الشورى.
ب)والآخر جاد في تلمس الحل لما تعانيه الأمة كلها من انحطاط وتخلف وتبعية وإلحاق وفرقة وفق قراءة نقدية متأتية للموروث الثقافي الإسلامي وللإنتاج الفكري الثقافي والحضاري العربي، في محاولة للتوفيق  بين كل ما هو من الحكم النافعة في عموم الموروث الثقافي العربي الإسلامي وبين ما هو من قبيل الحكمة التي هي ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها من هذا التراكم الثقافي الفكري والحضاري الغربي. وقد وجد هؤلاء أنفسهم بين سندان أخوانهم من الغلاة المحافظين والتقليديين ومطرقة التطرف العلماني التكفيري والإستبداد السياسي المدعوم بالقوى الدولية الغربية المهيمنة. 
لقد كانت النخب العلمانية أو المحسوبة على العلمانية المشكلة لدوائر القرار السياسي في الأنظمة السياسية العربية العلمانية المحكمة قبضتها على الشعوب الإسلامية في المنطقة العربية وخارجها وتلك  الداعمة لها، لها نفس الموقف وإن بدرجات مختلفة ومتفاوتة من كل ما له علاقة بالإسلام من قريب أو بعيد. وقد جاهرت في جانب كبير منها وبدرجات وأساليب مختلفة بحسب الأوضاع والظروف والضغوطات والمصالح ولأهواء بعدائها له في جوهره، من خلال حتى بعض ما كان إسلاميا تقليديا فضلا على أن يكون متطرفا ويزعم لنفسه أو يزعم له حتى بعض الزاعمين أنه معتدل، ومن خلال منطلقاتهم الثقافية الإستعمارية والصهيونية وقد جعلوا في مقدمة اهتماماتهم سواء اقتناعا أو خوفا أو طمعا ضرورة الإبقاء على فصل الدين عن السياسة كما تشير عليهم الأسس النظرية لعلوم الإجتماع والسياسة التي صاغها كبار مفكري اليهود الصهاينة والغرب الإستعماري، من غير إعطاء أي اعتبار لما عسى أن يكون عليه الأمر في الإسلام الذي يعتبر الكثير منهم، إن لم يكن كلهم أو جلهم نفسه رغم كل ذلك مسلما، ولا يسمح لأحد أن يشكك في ذلك. ويأتي على رأس هؤلاء كبار رؤوس الإستبداد والظلم والتسلط.
يقول رئيس الوزراء الأسبق محمد مزالي على عهد الهالك الحبيب بورقيبة في حديث لوكالة يونايتد براس « فنحن نحترم الإسلام لأننا مسلمون غير أننا لا نقبل أن يستعمل الإسلام جماعة لأغراض سياسية فالسياسة شيء والدين شيء آخر »(1)  « أما في خصوص منهجنا السياسي فقد اخترنا البورقيبية المسلمة مذهبا والاشتراكية الدستورية منهجا ارتكزت دعائمها واستمدت مبادئها من الإشتراكية الإسلامية وهذا ما دفع بي في مجال من المجالات أن قلت من لا يؤمن بالإشتراكية الدستورية فهو خارج من حضيرة الإسلام..(2)
فإذا كان الإسلاميون جادون في الدعوة إلى الإسلام والتذكير به « وذكر فأن الذكرى تنفع المؤمنين » وهم مجتهدون في إخلاص بالإلتزام بكل ما هم قادرون على الإلتزام به من مبادئه وقيمه وأوامره ونواهيه، . وحلاله وحرامه قولا وعملا، فإن دوائر القرار السياسي وعلى رأسهم المستبد الأعظم والزمر المختلفة الأغراض والأهداف والنوايا المحيطة به والمشرئبة أعناقها إليه، والواقفة على أبواب خزائنه،
والمتسارعة لتسلق أعتاب قصوره ومراكز السهر على تنفيذ سياساته لا يلتزمون ولا يلزم بعضهم بعضا ولو في حدود الإمكان على الأقل بما يؤمنون به من أفكار، وبما يصيغونه من تشريعات، وبما يضعونه من برامج. فإذا كان الأمر على هذا النحو في ما يؤمنون به وفي ما ينظمون عليه حياة الناس، فكيف يمكن أن تكون الحال عندما يتعلق الأمر بالإسلام الذي ما إن يتم فصله عن السياسة حتى تصبح قيمه  ومبادئه لاغية، وأحكامه معطلة، وحلاله حرام وحرامه حلال. فأنى يمكن لمن لا يؤمن بالإسلام منهجا
متكاملا للحياة بكل مناشطها كما أراد الله لخلقه، أن يلزم نفسه بالتزاماته ويدعو الآخرين إلى القيام بمثل ذلك. وهو الذي لم يكن قادرا على الإلتزام بما هو مقتنع به من مبادئ وقيم ومناهج الفكـر المستوردة والتي يجوز لأصحاب النفوذ السياسي والإقتصادي والإجتماعي والثقافي أن يخالفوا الناس لما يدعونهم إليه، محلين لأنفسهم ما يحرمون على الآخرين، ويسمحون لأنفسهم بما يمنعون على الآخرين… فيدخلون بذلك في طائفة من يحق فيهم قول الله جل جلاله. »أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون » ويندرج في هذا السياق كذلك قول الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم « إن الذي أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم القوى تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد فوالله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ».
والذي يبدو واضحا أن إصرارهم على التمسك بالمناهج الغربية في السياسة والإقتصاد والإجتماع والثقافة إنما هو إفلات وهروب منهم من الإلتزامات التي تبدو لهم صارمة، تلك التي يفرضها عليهم الإسلام، والتي تجعلهم في نفس المستوى أحيانا مع من يعتبرونهم أقل منهم منزلة وحظا، وقد تصبح الحياة عندهم بلا معنى إن لم يكونوا من أصحاب الإمتيازات والمنازل الرفيعة والمقامات المحمودة. والذي لا شك فيه كذلك أن هذه النخب المكونة لنسيج الدوائر الرسمية والخاصة في السياسة والإقتصاد والثقافة والإدارة إنما تعتبر نفسها، أو لسان حالها يقول على الأقل، أنها أكبر من أن ينطبق عليها من أحكام الإسلام ما انطبق على الذين كانوا من قبلهم ممن هم في منزلتهم، وهم يعلمون أو لا يعلمون أن القرآن الكريم يعتبر ذلك استكبارا عن عبادة الله.  يقول تعالى « إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين. ».
إن تناقض الأنظمة السياسية التقليدية والعلمانية على حد سواء في ما يخص التعامل مع الإسلام وقد بدا واضحا عندما داهمت عليها الحركة الإسلامية المعاصرة أوكارها واقتحمت عليها ساحات وفضاءات ما كانت تعتقد يوما أن طرفا ما يمكن أن يسبب لها فيها حرجا أو إرباكا. فإذا هي تعيش اضطرابا شديدا، فلا هي كانت قادرة على إثبات إسلاميتها الكاملة والواضحة والصحيحة لأهل الإختصاص في ذلك ولمن توضحت عندهم الصورة في ذلك من أبناء الشعوب الواقعة تحت نفوذهم والخاضعة لحكمهم، ولا هي قادرة على تأكيد علمانيتها الصريحة وإقناع كل أبناء الشعوب العربية الإسلامية بها، أو التنكر لها أو مراجعتها باتجاه التراجع عنها. ولا هي كانت قادرة كذلك على إزالة الإسلام على أي معنى من المعاني المطروحة أو التي يمكن أن تطرح، وقد أصبح يمثل مصدرا فعليا من مصادر الحرج والإرباك والإزعاج الذي ما إن وجد بعد عدم وجود على النحو الذي أصبح مطروحا به ويطرح به نفسه، حتى يصبح من الحتمي تواصل تأكد وجوده مع الأخذ بالإعتبار فترات الضعف والإندحار التي كانت تتخلل مسيرة الصراع مع الآخر السابق له بالوجود، والمالك لكثير إن لم يكن لكل أسباب القوة، المدعوم عادة بكثير من القوى الداخلية والخارجية. فإذا كان الكثير من القوى السياسية والإجتماعية والتيارات الفكرية قد وجد ليصبح بعد زمن يطول أو يقصر في عداد التجارب الفاشلة، فإن الحركة الإسلامية إنما وجدت لتبقى، سواء قوية يتعزز وجودها وتزداد قوة وانتشارا، وفي أسوإ الأحوال مترددة بين القوة والضعف، وبين السرية والعلنية، وبين شرعية الوجود أو الوجود الشرعي. وليس هذا الإنبعاث وليد الصدقة أو اختيارا بشريا صرفا، أو من تدبير قوى الهيمنة ورعايتها كما يحدث ذلك في مختلف أنحاء العالم، ولكن بإنشاء قوى وتنظيمات وحركات وأحزاب غير إسلامية تابعة لها، وإنما هو تحقيق لوعد الله ونفاذ لأمره وفق الوعد الذي وعد به عباده الصالحين في قوله تعالى: « ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون » وفي قوله تعالى: « وعد الله الذين أمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الخاسرون ».
فإذا كانت الأنظمة التقليدية المدعومة عادة بالتيار الفكري الإسلامي التقليدي تعتبر نفسها منسجمة مع الإسلام أو قريبة منه في جملته وفي إطاره العام، فإنها منزلة في إطار فهم فج لا يستجيب لا بسط تجليات الحياة المعاصرة، ولا يصلح أن يكون حتى مجرد امتداد لنظام ملوك بني أمية وأنظمة الملك العضوض التي أبت إلا أن تستمر في اغتصابها لحق  الشعوب في ممارسة حقها في الشورى قرونا من الزمن وهي محسوبة على الإسلام. ولعلها على ما هي عليه من فساد واستبداد أفضل من هذه الأنظمة الهجينة التي أقيمت أما على هامش من الإسلام لا يحسب لها بل هو محسوب عليها، وهي التي تأتي إلى الآن أن تثوب إلى رشدها وتراجع قراءتها وحساباتها، ويعلن القائمون عليها توبتهم وينتهوا عن المخالفات الشرعية التي يقومون بها، والتي يأتي على رأسها اغتصاب حق المسلمين من اختيار قيادتهم أو قياداتهم على النحو الذي يمنحهم الإسلام إياه. ولتكون المراجعة أما بإنهاء حتى ذلك الهامش والقطع معه، أو بالشروع في تدارك أمرها وإتمام الصورة بتعزيز ذلك الهامش نفسه والارتقاء إلى مستوى الانسجام المطلوب شرعا وواقعا مع المفهوم الإسلامي للإنسان والحياة والكون. وبذلك فقط تكون هذه القيادات قد غادرت مواقع الظالمين لأنفسهم وجعلت نهاية لحالة الإنبتات، والمنبت من لا أرض قطع ولا ظهر أبقى، كما وقعت الإشارة إلى ذلك في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم. فلئن كانت هذه الأنظمة لا تعادي الإسلام في جوهره، فإنها لا تقدمه إلا في صورة مشوهة يستحق من خلالها أن يرثى لحاله مقارنة بما يجب أن يكون عليه بالرجوع إلى أصليه ومصدريه الأساسيين المتمثلين في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم الذين يقول فيهما النبي عليه الصلاة والسلام في خطبة حجة الوداع « … وإني تركت فيكم ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي… » والذي يبدو واضحا أنها تتعامل معه وفق ما يتحقق به للطغم الحاكمة المغتصبة للسلطة والطفيليات العائمة في مستنقع ظلمها واستبدادها واعتدائها على الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم باعتدائها على هذا الدين، من مصالح وأغراض وأهداف، ولا حرج عندها في تحليل حرامه حينا وتحريم حلاله حينا آخر. وليس لها مشكلة معه في اعتماد ما تعتبره صالحا منه في مجال من مجالات سياساتها، وفي ترك ما تعتبره غير صالح منه، وكأن لها دليلا منه على ذلك. فهو في تصورها وسلوكها استثناء لا يقع اللجوء إليه إلا في ما يتعلق ببعض الحالات المسببة لكثير من الحرج كعقود الزواج، والطلاق وأحكام الميراث وما شابه ذلك من الأحكام الفقهية والشرعية ذات الصلة في أغلب الأحيان بمسائل الأحوال الشخصية والشعائر التعبدية كالصلاة والزكاة والصوم والحج وما شابه ذلك مما لم تتجرأ القوى الغربية الغازية للعالم الإسلامي على أي محاولة مباشرة وواضحة وصريحة لإلحاق أي مساس به دون أن يدخل ذلك في الحقيقة في احترامها لمشاعر الآخرين ومقدساتهم، ولكن لتجنب أكثر ما يمكن من استفزاز للرأي العام بخصوص هذه المسائل، مما يوفر عليها أقل ما يمكن من الأحقاد، ومما يقلل عليها أكثر ما يمكن من هزات وانتفاضات وتصعيد ضدها ليست في حاجة إليه، ومما لا علاقة له بالتحديات والمشاكل والمشاغل اليومية للفرد والجماعة، واعتبار ذلك ليس من شأن الإسلام أن يتدخل فيه، ولا يمكن أن تنتظم الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية في كثير من شعبها على أساس منه. وأن كل ذلك ليس إلا من شأن التصورات والبرامج المتنوعة والمناهج التي ارتضاها الغرب المتفوق حضاريا لنا. وهو الذي يمتلك زمام المبادرة الحضارية، وقد أجاد في ابتكار وتطوير المناهج المختلفة المنظمة لمختلف أوجه الحياة، مما لم يبق معه إمكانا لإيجاد ما هو أفضل منها، وإن كان ذلك ممكنا. فليس لنا نحن وما علينا إلا أن نظل محيطين بموائدهم في انتظار التقاط بعض ما يسقط من فتات لنقتات منه. وقد أوعزنا عجزنا إلى عجز الإسلام وقصورنا في نقل العلوم إلى لغتنا إلى قصور في اللغة العربية، وأسباب تخلفنا وانحطاطنا إلى الإسلام كذلك. وعلى افتراض أن ذلك كان كذلك، فأين نحن من التقدم والتطور والعزة والحرية، وقد أمضينا عقودا من الزمن متخذين القرآن مهجورا. وقد جاء في كتاب الله جل جلاله: « وقال الرسول يا رب أن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ». وقد وضعتنا القوى الدولية صليبية وصهيونية يهودية على النهج الذي يبقي علينا تحت أنظارها، وامتدادا طبيعيا للنسق الحضاري الغربي الذي يعلمون جيدا أننا لا يمكن إلا أن نكون تبعا لهم. ومن كان تابعا لا يمكن أن يكون متبوعا. ومن فرض عليه التقليد ورضى به لا يمكن أن يكون مبدعا في ما لغيره فيه سبق في الإبداع إلا نادرا جدا وبعد زمن طويل وفي إطار نفس الأنساق ونفس الخيار والخصوصية الحضارية. ومن أراد أن يحقق يوما ما نصرا على عدو ما فليس أمامه من حل إلا أن يوفر على نفسه أسلحة خاصة غير تلك التي يوفرها له عدوه ويمده بها خصمه لمحاربته بها، لأنه ليس ثمة أشد غباء من ذلك الذي يظل يعتبر أن عدوه يمكن أن يعطيه ولو فرصة واحدة للإستفادة منه بما يكسبه أي قدرة على إحراز أي تفوق عليه ذات يوم، أو يمكنه ولو ببعض الأسلحة التي يمكن أن يكون في مستوى قوته أو قريبا منها أو ما يمكن أن يتفوق به عليه أو يلحقه بها الهزيمة.
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) جريدة العمل. السبت 18 جويلية1981 . (2) الأصداء نشرية داخلية للشباب الاشتراكي الدستوري فرح بن مصطفى.                                                                 بقلم: علـي شرطـــاني                                                                      تـــــونس                                                                       قفصــــة


« هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » بتونس: الوصول إلى التوافق

لطفي حجي (*) نشأت « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » من التقاء أحزاب سياسية وجمعيات مدنية تونسية ذات انتماءات إيديولوجية مختلفة- وقد تعتبر متناقضة- على برنامج سياسي يعبر عن التوافق على الحد الأدنى. وقد بدا ذلك كحاجة مداهمة متعددة المبررات. فقد اعتبر أعضاء الهيئة أن لا مجال أمام المجتمع للتعبير عن نفسه ولتمكنه من استعادة ديناميته من دون الوصول الى الحقوق الأساسية المتعلقة بمسألة مناهضة القمع والاعتباط. تطرح سيرورة ولادة « هيئة 18 أكتوبر » واعتماد النهج التوافقي لتحقيق التقاء قوى حزبية وأخرى « جمعياتية » معاً، وكذلك التقاء يساريين وديمقراطيين وإسلاميين في إطار عمل واحد، تطرح المكانة المركزية التي يحتلها الصراع حول مطلب دولة القانون في تونس، وإنما أيضا وعلى نطاق أوسع في العالم العربي اليوم. في الجذور التاريخية افرز المخاض السياسي التونسي ميلاد « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات »، وهي هيئة مدنية سياسية تضم في قيادتها ممثلين عن أحزاب معارضة ومنظمات مدنية. أعلن عن تأسيس الهيئة في تونس مطلع شهر كانون الأول / ديسمبر 2005 معبرا عن أمل طالما راود القوى السياسية والمدنية في البلاد يهدف إلى إحداث توازن بين الحزب الحاكم الذي يهيمن على كافة مناحي الحياة السياسية منذ الاستقلال سنة 1956، قبل نصف قرن، وبين قوى المعارضة التي بقيت متشرذمة ومتناحرة وأعاقتها صراعاتها الداخلية والبينية. قامت التجربة السياسية التونسية، التي أرسى دعائمها الزعيم الحبيب بورقيبة، على مبدأ « الدولة الحامية » التي تتولى التفكير بدل المواطن، فيتلخص دور هذا الأخير في تنفيذ اختيارات الدولة والانصياع الكلي لها. توفر الدولة التعليم والرعاية الاجتماعية وترسم المخططات التنموية، ولكنها لا تفسح المجال للمواطنين في إبداء الرأي. ساهمت كاريزمية بورقيبة التي استمدها من شرعيته التاريخية، بنضاله ضد المستعمر، في سهولة تكريس ذلك المبدأ، أي اعتبار أولوية التنمية على السياسة أو التفكير، فكان بورقيبة يحث الشعب على خوض معركة التنمية التي يعتبرها الجهاد الأكبر ويعتبر المواطن مهما علا شأنه « جنديا في كتيبة الجهاد التنموي ». لذلك حارب بورقيبة بشراسة كل من حاول الخروج عن »الدولة الحامية » ونجح في تجذير دولة الحزب الواحد وفق آليات محكمة تتوارثها أجهزة « الحزب/الدولة ». إن القمع الذي مارسته « الدولة الحامية لم يمنع بروز قوى سياسية مدنية عبرت عن مواقفها الرافضة لاختيارات الدولة. وهكذا عاشت البلاد في نهاية سبعينات القرن الماضي، أثناء فترة الوزير الأول الهادي نويرة التي اتسمت بالليبرالية الاقتصادية، بروز أحزاب سياسية خرج بعضها من رحم الحزب الحاكم وبعضها الآخر من التنظيمات السرية. كما شهدت البلاد بروز صحف معارضة ومستقلة حاولت التعبير عن وجهات نظر مخالفة للوجهة الرسمية، حتى وإن لم تتمكن من الاستمرار نتيجة الضغوطات التي سلطتها عليها الدولة. وأمام هذه الدينامية السياسية والاجتماعية التي شهدتها البلاد، اضطر بورقيبة سنة 1981، خلال بداية مرحلة الوزير الأول محمد مزالي، إلى إقرار التعددية السياسية ورفع الحظر عن الحزب الشيوعي التونسي الذي منعه سنة 1963. ثم عادت السلطة فرخصت لحزبين آخرين سنة 1983، وغضت الطرف عن التيارات غير المرخص لها، فأصبحت تنشط وتصدر البيانات. ولم يمنع إقرار التعددية من مواصلة المحاكمات السياسية التي طالت الإسلاميين بالخصوص، في ثلاث موجات خلال سنوات 1981 و 1983 و1987. إثر نهاية المرحلة البورقيبية التي امتدت ثلاثين سنة، حاولت السلطة التي تولت الحكم سنة 1987 تقنين الوجود الحزبي بصفة أكثر رسمية، فتم سن قانون الأحزاب والجمعيات سنة 1988، وتم الاعتراف بخمسة أحزاب منذ ذلك التاريخ. إلا أن القوى السياسية ظلت تشتكي من الهوة الواسعة بين القانون والممارسة، حيث ترفض الإدارة، رغم وجود القانون، الترخيص لعدد من الأحزاب والجمعيات التي لا تتماشى مع سياسات الحزب الحاكم. ويقدر عدد الأحزاب والجمعيات القائمة في الساحة السياسية الآن، والمستكملة كافة الشروط القانونية، والتي ترفض الإدارة رغم ذلك الترخيص لها، بثلاثة عشر تنظيماً. ويدفع ذلك القوى السياسية والمنظمات التونسية إلى وصف الوضع الجديد بالبيروقراطية القانونية، حيث يتم سن القوانين والمصادقة على الاتفاقيات الدولية، لكنها لا تحترم ويخضع التنفيذ لرغبات السلطة. عانت السلطة التي خلفت بورقيبة من فقدانها لمزايا سالفتها. فهي لا تملك كاريزما الزعيم المؤسس، وهي باشرت التخلي الفعلي وإن تدريجيا، عن فكرة التنمية والدولة الراعية لمصلحة سياسة اقتصادية واجتماعية مغرقة في الليبرالية، ترافقت مع انتشار غير مسبوق لآليات الفساد بكل أشكاله. وهكذا أصبحت السلطة المتخففة من فضائلها الراعية قمعا عاريا فحسب. وقد أبرزت المواجهة مع الإسلاميين في تسعينات القرن الماضي المدى البعيد الذي يمكن أن يصله القمع في مواجهة الخصوم، وهو ما تجسد في مداهمة البيوت، والتعذيب إلى حد القتل، والأحكام القاسية التي لا تتطابق مع الأفعال، والتنكيل بالعائلات فيما بات يعرف لدى الحقوقيين بالعقاب الجماعي، وملاحقة الخصوم حتى بعد إنهاء العقوبة ومغادرة السجن، وهي ممارسات وحالات استمرت فيما بعد وباتت تزخر بها تقارير المنظمات الدولية على امتداد السنوات الماضية. في الدوافع الآنية كان صدور ما يعرف ب « قانون العاشر من ديسمبر 2003″، ويسمى أيضاً قانون مكافحة الارهاب، نذير حلول موجة جديدة من التدابير القمعية والبوليسية. وهو ما حدث بشكل متصاعد إلى أن شهدت سنة 2005 منعرجا خطيرا نحو مزيد من قمع الحريات استهدف المنظمات التي تمسكت باستقلاليتها، فمنع انعقاد المؤتمر السادس للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ومنع انعقاد المؤتمر الأول لنقابة الصحفيين التونسيين، وعينت هيئة بديلة في جمعية القضاة التونسيين بعد أن صادرت السلطة مقر الجمعية من المكتب التنفيذي الشرعي لجمعية القضاة التونسيين وشتتت جمع القضاة الحركيين المستقلين بتحويلهم من عملهم بالعاصمة إلى مناطق بعيدة، لحرمانهم من أي نشاط ممكن. أدت سياسة التصعيد التي انتهجتها الحكومة إلى تضيق الخناق على الحزبين المعارضين للسلطة، وهما الحزب الديمقراطي التقدمي والتكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات. ورفضت السلطة الاستجابة لمطالب الأحزاب والجمعيات التي تقدمت بطلبات للحصول على الترخيص القانوني، مما جعلها تقوم بنشاطاتها بطرق أشبه بالسرية، إذ لا يحق لها الدعوة إلى اجتماعات عامة – حتى ولو عقدت في أماكن خاصة – لتنظيم ندوات ومنابر حوارية. كما تعمدت السلطة المنع الآلي لكل تحرك شعبي تدعو إليه المعارضة والقوى المدنية. والأمثلة على ذلك عديدة، لعل أهمها المسيرة التي دعت إليها القوى المدنية والسياسية للاحتجاج على دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ارييل شارون للمشاركة في القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي احتضنتها تونس في شهر شباط / نوفمبر 2005 . وشهدت سنة 2005 أيضا مواجهة مع المحامين الذين اعتصموا بمقر « دار المحامي » بالعاصمة لمدة 52 يوما للمطالبة بالإفراج عن زميلهم محمد عبو الذي اعتقلته السلطات التونسية في شهر آذار/ مارس 2005، اثر كتابته مقالا بأحد المواقع الالكترونية احتج فيه على دعوة شارون لتونس. وقد أصبحت قضية عبو قضية عالمية التقت حولها أصوات المنظمات الحقوقية والصحفية والمدافعة عن حرية الرأي والتعبير، لمطالبة الحكومة التونسية بإطلاق سراحه. تكررت المواجهة بين السلطة والمحامين في شهر أيار/ ماي 2006 احتجاجا على مصادقة البرلمان على قانون المعهد الأعلى للمحاماة الذي اعتبره المحامون يمس استقلالية المهنة ويكرس هيمنة الحكومة عليها، وهو ما دفعهم إلى الاعتصام من جديد لمدة 20 يوما والإضراب عن الطعام لمدة يومين وتنظيم يوم وطني للتضامن مع المحاماة أدى إلى تدخل قوات الأمن لقمعه و أسفر عن سقوط جرحى وسط المحامين. أبرزت الأحداث العديدة التي سبقت ميلاد « هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات » أن السلطة التونسية اختارت مبدأ الرفض الآلي لنداءات الحوار المتكررة من القوى المدنية والسياسية، مثلما اختارت رفض معالجة الملفات السياسية والحقوقية المطروحة والتي مضى على بعضها قرابة عقدين من الزمن، مثل ملف المساجين السياسيين. واكتفت السلطة في مواجهة المطالب الملحة بسياسة قمع خصومها وشل جميع تحركاتهم . إن اتفاق العديد من القوى السياسية والمدنية حول تشخيص الوضع في تونس بوصفه يمتاز بانسداد جميع أبواب العمل السياسي المتعارف عليها، دفع ثماني شخصيات وطنية تمثل أحزاب سياسية ومنظمات مدنية إلى الإضراب عن الطعام في الثامن عشر من تشرين الأول / أكتوبر 2005، قبل شهر من القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي احتضنتها تونس في شهر تشرين الثاني/نوفمبر، قصد لفت الأنظار إلى مأزق الحريات في تونس، من خلال ثلاثة مطالب أساسية هي: –  حرية التنظيم للجميع –  حرية الإعلام و التعبير –  الإفراج عن المساجين السياسيين وسن قانون العفو التشريعي العام. واعتبرت المطالب الثلاثة بمثابة الحد الأدنى الديمقراطي، وكان المضربون يرددون دوما أن وضعا ما دون تلك المطالب يعني الدكتاتورية، وانه بتحقيق تلك المطالب يمكن الحديث عن بداية مسار ديمقراطي. والمطالب في ذاتها مؤشر على مأزق سياسي حقيقي تعيشه تونس، لأن المتأمل فيها يجد أن المعارضة التونسية رفعتها منذ نهاية سبعينات القرن الماضي، عندما بدأت تتشكل قوى تؤمن بالمشاركة السياسية، بعيدا عن منطق التغيير الجذري للنظام الذي ساد في الستينات وبداية السبعينات، في ظل التيارات اليسارية الراديكالية التي تشكلت في غالبها من عناصر طلابية متأثرة بالنظريات الثورية السائدة في العالم في تلك الفترة، من ماوية وتروتسكية و ثورة الشباب في سنة 1968 . لقد أعادت مطالب إضراب 18 أكتوبر المأزق السياسي التونسي المزمن إلى السطح، وهو المأزق المتمثل في أن السلطة وعلى امتداد عقود، لم تستجب للنداءات الأساسية للمعارضة بمختلف فصائلها، مما أدى إلى استنتاج أن النماء الاجتماعي والاقتصادي لم يترافق مع الإصلاح السياسي الأساسي في أبعاده الدنيا. وابرز إضراب 18 أكتوبر خصائص جديدة لم تعرفها القوى المدنية والسياسية في العقدين الأخيرين، والمتمثلة بالخصوص في: –  التقاء ممثلين عن جمعيات وأحزاب حول مطالب مشتركة، بما يعبّر عن تداخل العمل المدني/ الاجتماعي والعمل السياسي، وهو مؤشر الى تضرر الجميع من سياسة الانغلاق التي تعتمدها السلطة تجاه كل الهيئات المستقلة، مدنية كانت أو سياسية. – التقاء تيارات سياسية متنوعة ومتناقضة في أسسها الإيديولوجية –  وهو ما يحدث لأول مرة في العقدين الأخيرين. فكان إضراب مشترك بين اليساريين مثل حزب العمال الشيوعي التونسي، والإسلاميين (ومنهم المستقلين ومنهم القريبين من حركة النهضة المحظورة)، والليبراليين مثل الحزب الديمقراطي التقدمي وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية، وهما حزبان منفتحان على مختلف التيارات لكنهما جذريان في مطالبتهما بالحريات وبدولة القانون والمؤسسات. وإضافة إلى تلك التيارات، شارك في الإضراب مستقلين كان محركهم الأساسي هو الحريات والديمقراطية، ويصعب تصنيفهم ضمن التقسيمات المعهودة. كان التقاء تلك التيارات مؤشرا على تغييرين مهمين في الوعي والأداء السياسي في تونس: –  الأول هو أن الحركة الديمقراطية نجحت في كسر المحرمات التي وضعتها السلطة منذ مطلع التسعينات والتي تفرض عدم التعامل مع الإسلاميين وتصوّرهم على أنهم  » الخطر الداهم » الذي يجب أن تواجهه جميع القوى السياسية. –  الثاني، اعتبار قمع السلطة هو الخطر وليس الإسلاميين. فكانت دعوات المضربين واضحة في اعتبار الأولوية المطلقة هي مواجهة القمع الذي بدأ بالإسلاميين ليطال بعد ذلك جميع القوى المدنية والسياسية المستقلة. واعتبر المضربون انه يمكن الالتفات إلى التناقضات الداخلية بعد النجاح في تفكيك قبضة القمع . ولعل ذلك الهدف هو الذي جلب تعاطف القوى المدنية والسياسية والنقابية التي عبرت عن مساندتها للمضربين ومطالبهم، إذ رأت فيها مطمحا تسعى إليه القوى الديمقراطية منذ سنوات، ورأت في التقاء أطراف متباينة بداية حركية جدية يمكن أن تعبر عن طموح التونسيين الى تغيير منشود. من الإضراب إلى الحركة كان من الطبيعي أن يدفع نجاح الإضراب على المستوى الوطني، والصدى الدولي الذي رافقه، أصحابه إلى مواصلة تلك الحركة النضالية بأشكال أخرى حتى لا يتبخر الزخم الجماهيري. فكان إنهاء الإضراب بالإعلان عن « هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات »، الذي سبقته نقاشات طويلة حول جوهر هذه الحركة وطبيعتها. وبالنظر إلى خصائص الهيئة الجديدة يمكننا القول إنها قامت على الأسس التالية : – الروح التوحيدية التي تقوم على التجميع بدل الإقصاء. وبذلك قطعت الهيئة في فلسفتها مع العقلية التذررية التي طبعت الأحزاب والتيارات السياسية التونسية، حيث تحول معظمها في السنوات الأخيرة إلى مجرد دكاكين صغيرة متناحرة، على الرغم من أن العديد منها يروج خطاب ومضامين متشابهة ويتبنى المطالب نفسها. وساهمت تلك العقلية – إضافة إلى قمع السلطة المشار إليه – في قتل العمل السياسي في تونس، ومنعت قيام عمل جبهوي يمكن أن يتحول إلى قوة ضغط حقيقية أمام الحزب الحاكم. إن الروح التوحيدية التي طغت على هيئة 18 أكتوبر هي التي كانت وراء قبول الإسلاميين ضمن مكوناتها. ولم يكن قبولهم سهلا أمام كل محاولات السلطة لعزلهم، وأمام الرفض القطعي لتيارات من اليسار وأقصى اليسار، اختارت ألاّ تكون طرفا مؤسسا في الهيئة على الرغم من أنها ساندت الإضراب في بدايته، مثل حركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقا الذي غير اسمه سنة 1994) وحزب العمل الوطني الديمقراطي غير المعترف به الذي أعلن عن تأسيسه منذ عام، و الشيوعيون الديمقراطيون وهما فصيلان شيوعيان يصنفان في أقصى اليسار. –  إقرار حق الاختلاف كأساس للتعايش بين الفرقاء السياسيين. ويعد ذلك الإقرار خطوة متقدمة في العمل السياسي في الساحة التونسية، إذ ابرز قناعة جديدة بدأ الترويج لها، تعتبر أن الالتقاء حول مطالب مرحلية ضرورية لا يعني ذوبان الأطراف المؤسسة في بعضها البعض وتحولها إلى كيان سياسي وفكري واحد. بل تم التشديد على أن الخصائص الذاتية لكل حزب تبقى قائمة، وعلى الجميع احترام تلك الخصائص. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد بل جرى التأكيد على أن احترام الخلافات العائدة إلى القناعات النظرية هو الذي يضمن استمرارية الهيئة الجديدة. –  المصالح السياسية المشتركة بدل الشعارات الإيديولوجية. لقد نجحت هيئة 18 أكتوبر في تجاوز الشعارات الإيديولوجية التي طغت على فعالية التنظيمات السياسية على مر العقود الماضية وقادت إلى صراعات هامشية أضعفت الحركة السياسية التونسية وفتحت المجال أمام السلطة لاختراقها باللعب على تناقضاتها وتغذيتها. وتجلى ذلك في عقد التسعينات عندما ضخمت السلطة من « البعبع الإسلامي » لتجلب القوى السياسية الأخرى إلى صفها. وقد اكتشفت اغلب تلك القوى فيما بعد أن السلطة وظفت الورقة الإسلامية لتقمع كل التيارات السياسية وتغلق منافذ الحرية. لقد مكّنت التجربة السياسية لمؤسسي هيئة 18 اكتوبر – إذ خاض اغلبهم العمل السياسي في اطر متعددة وفي ظل ظروف متنوعة على امتداد ثلاثة عقود – من التوصل إلى اعتبار أن المصالح السياسية هي التي يجب أن تجمع الحلفاء وليس الاعتبارات الإيديولوجية. وتتأكد أهمية هذا التمييز بين الإيديولوجي والسياسي عند العودة إلى جذور تشكّل التيارات السياسية في تونس الذي لم يخرج عن القوالب التقليدية، فكان بروز اليساريين في البداية، وهم سرعان ما انقسموا إلى فصائل متناحرة تخضع إلى التحولات والصراعات العالمية في الفكر الماركسي، ثم ظهرت التيارات القومية بمدرستيها الناصرية والبعثية (البعث السوري والبعث العراقي)، وعادة ما تتجه أنظار هذه التيارات شرقا أكثر من اتجاهها إلى الواقع التونسي. ثم جاءت مرحلة التيار الإسلامي الذي عرف بدوره الانقسام بين دعاة التونسة ودعاة العالمية، كما تأثر بالموجات والأحزاب الإسلامية العالمية . ولعل ذلك التحصين الإيديولوجي الذي تبنته كافة التيارات السياسية، والتأثر المستمر بالتحولات خارج الساحة التونسية، هو ما جعلها عاجزة عن رسم الأوليات التونسية والعمل سويا من اجلها. وتقليديا، عرفت تلك القوى تضخّم الخلافات الداخلية بينها إلى حد المواجهة، وكانت الساحة الطلابية هي الميدان المصغر لصراعات لم تخل من عنف و دموية أحيانا. وقد تمثلت استراتيجيا السلطة باللعب على تناقضات الحركة السياسية، فكانت تقرّب البعض في فترات هجومها على البعض الآخر، للإيحاء بأن القمع الممارس ليس سوى ظرفيا، وتركز على إمكان « النجاة » بالتبرؤ من الإسلاميين، وتنتقي بعض الكوادر السياسية التي برزت في ساحات النضال فتمنحها فرصة تبوء مناصب عليا كشكل من الاستيعاب. وقد أثبتت هذه الاستراتيجيا جدواها في تفكيك الحياة السياسية وإعمال التفتيت داخل جميع الفصائل، وكان ابتداع جواب مشترك بمواجهتها يبدو شرطا ضروريا لاستعادة حيوية العمل السياسي والعام. الخطر الإسلامي تسعى هيئة 18 أكتوبر من خلال المطالب التي تبنتها والمبادئ التي قامت عليها إلى « وضع أسس الانتقال الديمقراطي المنشود الذي يهدف إلى القضاء على الاستبداد وبناء مؤسسات الدولة على قاعدة الشرعية الديمقراطية القائمة على احترام سيادة الشعب المتحرر من كل وصاية والتداول الديمقراطي على الحكم والتعددية الفكرية والسياسية وصيانة حقوق الإنسان »، مع السعي أيضا إلى » بناء مجتمع مدني قوي قادر على التصدي لكل محاولات النيل من أسس النظام الديمقراطي والتراجع عنها ».( من الوثيقة التأسيسية لهيئة 18 أكتوبر) وفي هذه المسألة الأخيرة تكمن إحدى الإشكاليات الأساسية في هيئة 18 أكتوبر والتي جعلت بعض قوى اليسار و اليسار الراديكالي- التي اشرنا إليها سابقا – تنظر إليها بعين الريبة وتشن ضدها حملات منظمة. فقد كان اعتراض هؤلاء يخص العمل المشترك مع الإسلاميين لاعتقادهم أن الإسلاميين سينقلبون على الديمقراطية متى تمكنوا من مؤسسات الحكم لأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية، والتقاؤهم مع الديمقراطيين لا يعدو أن يكون سوى توظيفا لهم للوصول إلى مآربهم. وكان ذلك التخوف العامل الأهم في دفع قوى اليسار الراديكالي إلى التكتل في جبهة مضادة أطلق عليها اسم « الائتلاف الديمقراطي التقدمي »، من أهدافه الأساسية التجنّد لمقاومة عودة الإسلاميين إلى البروز على الساحة، ووضع حد للتقارب الإسلامي – الديمقراطي. يتمحور الائتلاف حول « حركة التجديد »، وهي الحزب الوحيد المرخص له، إضافة إلى حزب العمل الوطني الديمقراطي والشيوعيين الديمقراطيين وحزب الخضر. يقرّ مؤسسو هيئة 18 أكتوبر بان الالتقاء حول مطالب سياسية أسياسية مع الإسلاميين لا يعني انتهاء جميع الخلافات الأخرى. لذلك كانت دعوة المؤسسين إلى فتح حوار وطني حول القضايا الأساسية وتم الإعلان – لهذا الغرض- عن تأسيس « منتدى 18 أكتوبر للحوار » قصد تداول أهم النقاط الخلافية بين الإسلاميين والمختلفين معهم من التيارات السياسية الأخرى، والمتعلقة بأسس النظام الديمقراطي، وبالحقوق الفردية والعامة، وبالمساواة بين الجنسين، وبالعقوبات البدنية. وتهدف الحوارات إلى الوصول إلى « ميثاق ديمقراطي » يمهد « لمدونة سلوك للمواطنة » يلتزم بها الجميع، وتكون بمثابة الواقي من الانقلاب على الديمقراطية كائنا من كان الطرف الذي يصل إلى الحكم. استطاع مؤسسو هيئة 18 أكتوبر الابتعاد عن « الإسلاموفوبيا » التي تستمد منابعها من الموقف التقليدي الذي يرتاب من الاسلاميين من جهة، والتي تغذيها السلطة من جهة ثانية. ويمكن أن نرجع نجاح الهيئة في تجاوز الحاجز القائم مع الاسلاميين إلى ثلاثة اعتبارات أساسية: –  الأول تأكيدها على أن الإقصاء المسبق للإسلاميين قبل أي حوار معهم يعد محاكمة للنوايا تتناقض في جوهرها مع أسس العمل السياسي الديمقراطي. -الثاني اعتبار الهروب من مناقشة الإسلاميين في اشد المسائل خلافية يؤشر إلى العجز عن مقارعة الخطاب الإسلامي وعن الدخول الى الميادين التي يحتلها الإسلاميون. –  الثالث هو القول إن الإسلاميين جزء من المشهد السياسي، وأن إقصاءهم سواء كان بالوسائل الأمنية القمعية التي تعتمدها السلطة، أو بالوسائل الإيديولوجية، لن يزيد الواقع السياسي إلا تعقيدا، وقد يدفع البعض منهم – أي من الإسلاميين- إلى اختيار الحلول الراديكالية بدل أن يتحولوا إلى جزء من الحركة السياسية والديمقراطية. وفي المقابل، فان مناقشتهم وإشراكهم يدفعهم إلى الواقعية، لأنهم عندما يقتنعون بمبدأ المشاركة مع الآخرين في فضاءات سياسية مشتركة، سيضطرون إلى البحث عن الحلول الواقعية المتعلقة بالحياة اليومية للمواطن. وتتجه أنظار أصحاب هذا الرأي إلى تجارب عربية أصبح الإسلاميون فيها طرفا في اللعبة السياسية مثل المغرب واليمن والأردن والجزائر. وتظل تركيا المثال الأبرز، حيث دفعت علمانية الدولة الإسلاميين إلى تبني ما يمكن أن نسميه « بفقه الواقع » أو البراغماتية السياسية بالتسمية الحديثة. الصعوبات و العوائق إن تجاوز هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات لعدد من العوائق التي طبعت التاريخ السياسي التونسي لا يعني أنها في طريق مفتوح وتخطت كل الصعوبات. ويمكن أن تتبين العوائق التي تواجه هيئة 18 أكتوبر على مستوييها الموضوعي والذاتي. أما العوائق الموضوعية فتتمثل في الحصار الأمني الشديد الذي فرضته السلطة على الهيئة. فنشاطاتها ممنوعة منذ الأسابيع الأولى لنشوئها ورموزها ملاحقون، مما حدّ من إقامة الحوارات الوطنية التي أعلنت عنها الهيئة. ومن العوائق الموضوعية أيضا الحملة المنظمة التي استهدفت الهيئة من قبل الخصوم الإيديولوجيين للإسلاميين، والتي قامت على التخوين أكثر مما على النقاش، كالقول إن المطالب الإصلاحية لجماعة 18 أكتوبر تدخل ضمن الأجندة الأمريكية للإصلاح الديمقراطي في المنطقة، والتي تهدف بالأساس إلى إدماج الإسلاميين في اللعبة السياسية. وهي مؤاخذات لا تستقيم إذا نظرنا إلى تركيبة الهيئة، علاوة على أنها عودة إلى الأساليب القديمة التي كانت وقود الصراعات السياسية في السبعينات والثمانينات بين التيارات السياسية. وتعبر تلك الحملة عن عدم قدرة أصحابها على رسم الحدود الفاصلة بين السياسة بما هي أمر واقع يتعامل مع الموجود باتجاه تغييره، وبين الايدولوجيا بما هي مبادئ ثابتة تطمح إلى حلم منشود من دون مراعاة الواقع وخصائصه، وأحيانا من دون النظر إليه أصلا. أما عن العوائق الذاتية التي يمكن أن تهدد هيئة 18 أكتوبر، فتتعلق بمدى تطابق الأهداف ووضوحها بين المؤسسين. صحيح أن القناعات حاصلة بين التيارات المؤسسة، وبنفس الدرجة، حول المطالب الأساسية والأهداف التغييرية، لكن قد تبرز نقاط خلافية تخص إيقاع سرعة الحركة وذلك بين تيارين، واحد مجتمعي دستوري إن شئنا، هدفه تعميق الحوار بالقدر الكافي حول المسائل الخلافية والمبادئ الديمقراطية الأساسية قبل الشروع في تثبيت الاطر السياسية، خاصة وأن البلاد لم تعش في تاريخها تجربة ديمقراطية ولم تجرّب في الحكم الأحزاب التي تناضل منذ سنوات من اجل الديمقراطية ليتم التأكد من صدقية شعاراتها. أما التيار الثاني، والذي يمكن أن نسميه التيار السياسي، فيجنح إلى السرعة أكثر باتجاه تنظيم مؤتمر وطني ديمقراطي يضع الأرضية للبديل الديمقراطي المنشود . وإذا كانت هيئة 18 أكتوبر بنهجها الحواري الوفاقي الذي اختارته لنفسها قادرة على تجاوز العوائق الذاتية، فان العوائق الموضوعية قادرة على الحد من سرعتها وفاعلية عملها نظرا لعدم تكافؤ القوى بينها وبين السلطة التي تستعمل وسائل أمنية وزجرية، في ساحة هجرها المواطنون منذ عقود من شدة القمع ومن وطأة تجريم أي عمل عام وبالأخص منه السياسي. (*) صحفي تونسي و ناشط في مجال حقوق الإنسان (المصدر: موقع « مبادرة الإصلاح العربي » بتاريخ 7 نوفمبر 2006) الرابط: http://www.arab-reform.net/article_ar.php3?lang=ar&id_article=441 « مبادرة الإصلاح العربي » هي تجمع يضم خمسة عشر من أبرز مراكز الأبحاث السياسية في العالم العربي، تعمل بالاشتراك مع نظيرات لها من أوروبا والولايات المتحدة على تحفيز القدرة البحثية العربية، لتعزيز المعرفة وتشجيع إنتاج برنامج ذو منبت محلي للإصلاحات الديمقراطية.

 


و ضحكة المرأة عورة

زهرة الهمامي
تضج الضجة من حين إلى حين و يكون جسد المرأة هو المركب الذي يمتطيه الرجل للوصول إلى هدفه أيّا كان ذاك الهدف تقدميا أو رجعيا و لست أدري لم يكون جسد المرأة الهش هو الذي تمر عبره كل الأطروحات… أما آن الأوان للبحث عن محمل آخر؟ يقول المثل التونسي  » صلاة قياد:جمعة و أعياد » يعني القيام بالمهمة المقدسة في مناسبات لا غير… التظاهر بالانتماء و التظاهر بالولاء و التظاهر بحمل المسؤولية… فهل هناك توقيت للمسؤولية و هل المسؤولية فرض أم سنة؟ هل المسؤولية محددة أم لا؟ لم يتكلم الجميع في الوقت نفسه و يطرحون المسائل نفسها بالطرح نفسه و لا يعيرون للزمن قيم؟  فمسألة اللباس الذي دوخ العالم الإسلامي منذ القرن التاسع عشر وما زال لم يفصل فيه القول بعد و لم يتغيّر فيه الطرح أبدا قط… قرن و نصف و الموسومين بالمثقفين  ـ حقيقة أو مجازا ـ لم يغيروا نظرتهم ولا مقالهم و لا زوايا الطرح الخاطئ و لم يلتفتوا إلى ما فيه صلاح بلدانهم و صلاح دنياهم. فهل للإسلام زيّ اسمه الزي الاسلامي؟ كيف هو؟ لباس طويل أم هو برقع أم كسكيته أروبيه؟ إن كان له زي uniforme كما للشرطة زي و للجمارك زي و للجيش زي و للحرس أو الدرك زي فهو موحد اللون و الشكل بعيد عن كل موضة… و حيث كان ما تتزين به النساء مختلفا في شكله و لونه وقماشه و طوله و نوعه : فستانا أو بنطلونا أو تنورة أو دجينز فإن ذلك ليس من يمكن أن يصطلح عليه بعبارة  » الزي » ومن باب أولى و أحرى بـ « الزي الإسلامي… فاللباس الطويل إلى حد الكوعين لباس تقليدي وجد في مختلف الحضارات وأمّا تغطية الرؤوس فهي شبيهة بغطاء رؤوس الأخوات المسيحيات الذين يعتبر التشبه بهن كفرا عند بعض المتصدرين للتكفير. و أمّا الجيوب المطلوب تغطيتها كما جاء في الآية:  » وليضربن بخمرهن على جيوبهنّ » (سورة النور/آية21 ) فهي ما بين الثديين وما بين الفخذين و تحت الإبطين و هذا معمول به وهو تقليد و ثقافة وعرف معمول به في كل بيئة محافظة مهما كان جنسها و دينها و لغتها. وأمّا معركة الحجاب و السفور فالأمر فيها واضح بمدلول الألفاظ. فالحجاب من الحجب وهو المنع والفصل كما جاء في كل المعاجم اللغوية و الفصل ضبط للحدود بين مجالين حددهما الذكور:الفضاء العمومي وقد خصه لنفسه و الفضاء الخاص بين الجدران المرتفعة و هذا المجال المخصص للمرأة ما دامت ملكا للرجال الذين دفعوا فيها المهر وهو حق التمتع بآدمية أو حق التمتع ببضع المرأة كما عرفه الفقهاء. إن تحويل الثقافة المحافظة في الحضارات جميعها إلى ملكية خاصة ببعض المسلمين يعد تجاوزا واعتداء على حق الآخر. إن هذه الثقافة المرجع قد حدّدت عورات أخرى. ألم يجئ أنّ ركبة المرأة عورة و أنّ ضحكة المرأة عورة و أن صوتها عورة و حيث كان صوتها عيب وعورة فكان لزاما أن تغطيها بالسكوت كما كانت النساء قبل سنوات الخمسين محجوبات على العالم الخارجي سافرات في بيوتهن وكانت لا تنبس ببنت شفة أمام الأغراب و لا تجادل. أين انسجام هؤلاء مع أنفسهم ؟ سيقولون إنه التحول و حقها في الخروج و العمل هو الذي جعلها ترفع صوتها في الفضاءات العامة .نعم و لكن التحول ينال المجالات كلها ام أن للرجل حق الفيتو على بعض المجالات؟ فلم يعملون بثلث القول و ينسون الثلثين؟ و لم يعدّون الرأس من الجيوب التي يجب لأن ندني عليها الخمور؟ إن الرأس أبعد ما يكون عن الجيب … فالجيب هو المغارة في الجبل لا رأس الجبل. على المتكلمين و المجادلين في الحجاب أن يعودوا إلى القواميس أولا و أن يتعلموا لغة القرآن ثانيا وأن تكون مراجعهم علمية معترف بها حتى لا يغرروا بالجهلة. (المصدر: « المغاربي »، إصدار 6 نوفمبر 2006) الرابط: http://www.hebdo.amd-maghreb.org/index.php?option=com_content&task=view&id=144

 

ويل للقرضاوي وللجزيرة من رويبضة من تونس

أواصل بإذنه سبحانه تدبر أمر الخمار:

13 ــ ورد الحديث في سورة الأحزاب قبل الأمر بالإدناء من الجلابيب عن إيذاء الله ورسوله ثم عن إيذاء المؤمنين والمؤمنات بهتانا. ماذا يفيد السياق هنا؟ أليس يفيد بأن المقصد الأدنى القريب من إيجاب الخمار والإدناء من الجلابيب هو : منع الإيذاء أي حفظ حق المرأة في خصوصياتها البشرية الشخصية الخاصة بها أي تمليكها حريتها في توقير نفسها والظهور بمظهر الإنسان الولي المستخلف المستأمن المستعمر المكرم المسؤول. أما شخصيتها الأنثوية فلها مكان آخر هو  فراش الزوجية. أليس في ذلك كل معاني التكريم والتحرير لها؟ إذا عير الإسلام اليوم من لدن أهله قبل غيرهم بإهانة المرأة التي ما جاء إلا ليحررها ويكرمها فأعلم أننا في زمان أصبح فيه المعروف منكرا والمنكر معروفا والخير شرا والشر خيرا والفضيلة رذيلة والرذيلة فضيلة. 14 ــ عاود تشغيل هذا المشهد الحي العجيب الذي مررت عليه عفوا ألف مرة ومرة فما عن لك يوما أن تتوقف عنده. مشهد موسى عليه السلام يظفر بالأمن بعد رحلة طويلة شاقة لا يحجزه ذلك عن بذل قوته البدنية للمرأة الضعيفة. فما إن يأوي إلى ظل شجرة ينشد الراحة حتى تشتد حاجته إلى رفيقة درب يلبي بها داعيات فطرته فيقول على إستحياء :  » رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير « . فيوهب له ما يغنيه من فقر تعقيبا بالفاء دون تريث :  » فجاءته إحداهما تمشي على إستحياء « . لم يكن فقيرا لأمن فقد ظفر به ولا إلى قوة فهو القوى الأمين ولا إلى طعام وشراب فخرير الماء بين يديه من صدور الرعاء ولكن كان فقيرا لأمر علمه سبحانه دون أن يصرح به إستحياء من رب كريم أمن له كل شيء. رب كتب على نفسه أن يكون الجزاء من جنس العمل فكان جزاء إستحيائه إستحياء إمرأة حيي بين يديها فحييت لكرمه فأخبرت أباها فأرسلها في إثره فجاءت تغذ السير غذا منتضية أكرم  خلق أنثى على إستحياء . لم يمنعها إستحياؤها التي كانت قبل قليل تمشي عليه أن تقول لأبيها بحضرة الضيف المجهول :  » يا أبت إستأجره إن خير من إستأجرت القوي الأمين ». إستحياء في الصدر وحكمة ينضح بها الثغر وشجاعة تجادل بها الأب ولسان لا يخرس بين يدي ضيف مجهول بل مقصد حكيم يرمي إلى إستبقاء القوي الأمين مسؤولا مستخلفا في عيش أبيها ليغتني عيشا بعد ما أمن نفسا لا بل مقصد خفي لم يدركه سواها ولم يخطط له سواها : مقصد الظفر بالقوي الأمين يكمل خلق الاستحياء وحسن التدبير وحسن الحوار في كنف عش زوجية آمن هانئ دافئ. هل كان الاستحياء مانعا دون القيام على شؤون البيت ومزاحمة الرجال الأقوياء الاشداء على البئر؟ أم هل كان الاستحياء حائلا دون الموافقة على خدمة رجل غريب مطلوب للمثول أمام عدالة النظام الدولي الوحيد الحاكم يومها من مخابرات الشرق والغرب؟ أم كان الاستحياء زاجرا عن القدوم إلى رجل غريب بعدما صدر الساقة عن العين ؟ أم كان الاستحياء مانعا من مخاطبة ذلك الغريب :  » إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا « ؟ . أم كان الاستحياء حائلا دون إثارة الحوار مع رب الأسرة في شأن هذا الرجل الغريب بحضرته؟ أم كان الاستحياء حاجزا دون ذكر مناقب الرجل الغريب فيما يشبه التعريض بنكاحه؟ هل تيسرت حياة العائلة بعد إنضمام رجل غريب إليها يخدمها أم حصل الشقاق بسبب وجود فتاتين إلى جانبه؟. عجب عجاب لا ينقطع من عبيد الفكر الغربي في بلادنا. عجب عجاب أن يكون الاستحياء عندنا دون أهل الأرض قاطبة خلقا متخلفا لا ينسجم مع الحياة المعاصرة. 15 ــ إضطرب الدكتور في شأن الحديث النبوي الوحيد المتعلق بالخمار إضطرابا شديدا وذلك عندما إدعى بأن الحديث من مراسيل تابعين غيرمشهورين وبنى على ذلك عدم العمل به ولو تبعية لا أصالة. يثير الدكتور قضية الأصالة والتبعية في غير محلها عندما يتحدث عن إيجاب الخمار بنص القرآن ويهملها هنا عندما يحين موعدها المناسب. يقول الحديث الكريم :  » إن المرأة إذا حاضت لا يرى منها سوى هذا وهذا  » وأشار إلى وجهه وكفيه. أخرج الحديث أبو داود ورغم ضعفه فإن المحدث الألباني رحمه الله قواه بطرق عدة. سبب ضعفه هو إرساله ممن لم يدرك عائشة عليها الرضوان. وبذا يكون العمل به واردا لانه متردد بين مراسيل الصحابة الكرام وبين مراسيل الطبقة الأولى من التابعين. 16 ــ مستند آخر يقوي المؤيدات السابقة : وهو حديث نبوي :  » صنفان من أهل النار لم أرهما رجال يأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأنها أسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها لمن مسيرة كذا وكذا « . أليست الرؤوس المقصودة هنا هي الرؤوس المكشوفة؟ لا أظن أن المنكور هنا هو وضع الشعور فوق رؤوسها على صورة سنام ـ ذروة ـ فحسب بل ذلك هو الحكم التابع أما الأصل المنكور فهو عدم تغطية مواطن الزينة تلك فإذا صدر ذلك عن نية تطاول في التزين أو عن نية إغواء فإن الخطب أنكى على صاحبته.أجل ربما يكون المشهد المقصود بداية هو تحالف الفساد الأخلاقي المنظم مع الفساد السياسي والطغيان الأمني ولكن وقوع المسلمات في تلك الحبائل تحت إكراه الفتاوى المريضة بمثل ما جاد علينا الدكتور أو تحت مؤثرات إكراهية أخرى مؤذن بقربان النار أجارنا الله وإياكم جميعا منها. الحديث لا يقرر حكما ولكنه  يصلح لأن يتخذ مكونا من مكونات تقوية حكم الخمار من السنة النبوية يعضد القرآن الكريم. لا يشغب هنا علينا بأن الحديث لا يخص المسلمين ممن يشتغلون في قوات الأمن بشتى أصنافها أو المسلمات. ذلك شغب بعيد. 17 ــ كما إضطرب الدكتور لما هون من شأن إيجاب القرآن الكريم للخمار بدعوى أن النص ظاهر ولكن تجاهل الدكتور بأن الظاهر ـ وهو أغلب القرآن الكريم ـ نوع من أنواع المبين المنطوق فلا هو مجمل ولا هو مفهوم وهو ما يبوؤه منزلة الظاهر المرتب إلى جانب النص والعموم. ولا شك أن الإيجاب هنا لا يحتاج تطور الظاهر إلى نص محكم ولا مفسر بالمعنى الأصولي إذ عادة ما يكون مجال ذلك المعدودات والمكيلات والموزونات وغير ذلك. فاللواذ إذن بحمى الظاهر تفصيا من القول بالوجوب جحود. 18 ــ هب جدلا أن حكم الخمار ورد في القرآن متشابها ـ وهو ما لم يكن ـ ثم هب جدلا أن الحديث فيه لا يحتج به ولو بما حرصت عليه من تفسير بالضميمة ـ ضما لنصوص الوحي بعضها لبعض ـ وهو ما لم يكن ـ .. هب ذلك ثم إسأل نفسك : هل إستنفدت مصادر التشريع الاسلامي فلم نعد نحتاج لإجماع ولا لقياس فضلا عن المصادر التبعية إستصلاحا وإستحسانا وإستصحابا وعرفا وسدا للذريعة وتحكيما لشرع من قبلنا وإتباعا لمذهب الصحابي أو لأهل المدينة سيما أنك تتبجح بالتمذهب المالكي تبجحا؟ أليس المالكية أكثر الناس عملا بذلك؟ بل إن مالكية تونس خلف الإمامين سحنون وأسد أشدهم تعلقا بأهداب العرف والمصلحة حتى أن سحنونا إتخذ كلبا فلما عوتب فيه بسبب كراهة شيخه مالك لذلك قال :  » لو كان مالكا حيا لاتخذ أسدا ضاريا ». يشير إلى رجحان مصلحة حماية أهله وماله على غيرها بسبب تبدل الزمان والمكان. 19 ــ حكم الخمار بعد ثبوته بالقرآن الكريم يؤيده ما يلي : ــ العمل بالحديث في المسألة جمعا للنصوص بعضها مع بعض. الجمع هنا أولى من الإهمال. ــ ثبوت العمل النبوي ثبوتا لم يخرمه خارم ولم يشغب عليه معارض حتى غدا ذلك إقرارا عمليا نبويا ثابتا من خلال مشاهد صحيحة يضيق المجال هنا عن ذكرها وهي معلومة لأهل العلم. ــ أدى ذلك الثبوت إلى تواتر معنوي صحيح حتى لو عز الحديث النبوي الحاسم وللتواتر المعنوي ثقل حجاجي عند أهل العلم معروف مقدر. ولا يشغب هنا بكون الفعل النبوي لا يتعدى الجواز حتى يتعزز بصارف قاهر بسبب أن ذلك الفعل تعزز بما قبله من قرآن وحديث وتواتر معنوي. ــ أما ما يرجح الكفة حقا فهو التواتر العملي أي الإجماع العملي الثابت الصحيح من عهده عليه الصلاة والسلام ومن يوم فرض الخمار كما أخبرت بذلك عائشة عن نساء الانصار اللائي هرعن للتو إلى مروطهن يشققنها ليغطين النحور والجيوب وبما أخبرت عليهن متلفعات لا يكدن يعرفن لشدة الغلس في غدوهن إلى صلاة الفجر .. تواتر الإجماع العملي الثابت الصحيح بذلك من عهده عليه الصلاة والسلام حتى يومنا هذا جيلا بعد جيل ما شذ عن ذلك شاذ سوى في بعض الحواضر العربية قبل زهاء عقود في إثر الغزوات الفكرية الغربية بين يدي دبابات  » الحماية  » تدكنا دكا. 20 ــ ألا يعلم الدكتور قول الفقهاء في كتبهم بأن الصلاة مفروضة بالكتاب والسنة والإجماع؟ ماذا يعني الإجماع هنا في أمر الصلاة المفروضة بالقرآن والسنة على نحو لا يضاهى؟ تأكيد الفقهاء على ذلك معناه : أن الإجماع العملي المتواتر جيلا في إثر جيل دون إنقطاع ولا نكير هو الدليل القاهر الحي الذي لا يكتفي بالتقرير النظري لحكم ما ولكن يثبته في دنيا الناس مربيا عليه ناشئتهم. ذلك هو المعلوم من الدين بالضرورة . ليت شعري إذا لم يكن الخمار معلوما من الدين بالضرورة .. لو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى؟. ألا يرى الدكتور هنا في هذا الحيز المخصوص المحدود بأن حجية الإجماع أقوى رغم تأخرها؟. 21 ــ حكم الخمار إذن تعاضدت عليه كل الأدلة يقوي بعضها بعضا بدء من القرآن الكريم وإنتهاء بالإجماع العملي الثابت المتواتر مرورا بالحديث والسيرة النبوية وسيرة الخلافة الراشدة التي أمرنا من لدنه عليه الصلاة السلام بالعض عليها بالنواجذ.

كلمة الختام :

من غريب ما قرأت للدكتور في قالته :  » للمرأة أن تغطي رأسها حشمة وحياء وأدبا ولكن تجسيد ذلك يكون بتقاليد أهل بلدنا .. » ثم قال :  » .. وهذا ينسحب أيضا على الرجال ». أدركت أن الدكتور يعاني من إنفصام حاد في الشخصية تجعله متذبذبا فلا هو إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء يسعى للوفاء لدينه وتقاليد أهله وما تعلم ولكن تكر عليه شياطين الانس من كلاب العصابة وذئاب الحزب الحاكم فيندفع بقلمه وجسا يترقب. لك أن تلاحظ ذلك في ما نقلته عنه أعلاه. أرضى ربه بإجازته تغطية الرأس ثم أرضى تلك الذئاب المكلبة بقوله  » حشمة وحياء وأدبا  » لا واجبا شرعيا ثم ختم حديثه بما يفك عنه أسرهم :  » ولكن تجسيد ذلك يكون بتقاليد أهل بلدنا « . وهو يعلم أن مائدة السحت في دواوين العصابة أدسم ولكنه يعلم بأن الوقوف على الربوة في هذه المعركة ليس أسلم ولعله يصلي وراء الأورع فهو أغنم. أزه الشيطان بعنف فسرق منه قوله :  » وهذا ينسحب أيضا على الرجال ». وهو مطلب لم يقل به حتى رئيس العصابة وكلابه. لا يعاب على كلاب العصابة بسبب تدني مستوياتهم العلمية جهلهم بأس التلاقح الحضاري بين الناس جيلا بعد جيل في المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمراكب ولكن يعاب ذلك على رجال التعليم العالي في مثل وزن الدكتور. هل بإمكان الدكتور أن يضبط نمط ملبسنا التونسي الراهن لأحقاب أخرى؟ أين هو الآن في ذلك من ملبس أبيه وأين ملبس إبنته من ملبس جدتها بل أمها؟ ألست بذلك طالباني التفكير ـ نسبة إلى طالبان رغم صدقهم ووطنيتهم ـ ؟  » تطلبن التفكير » ليس بالضرورة أن يتجه نحو  » سلفية  » خرجت عن الزمان والمكان بل  » التطلبن  » الحقيقي هو نبذ الاجتهاد فيما يتطلب التجديد ضرورة. مادامت تقاليد أهل بلدنا تنسحب على الرجال في ملبسهم فهل يجرؤ الدكتور غدا صباحا على التوجه إلى الجامعة باللباس التقليدي لمشايخ الزيتونة؟ أي النمطين من اللباس دخيل علينا في تونس : لباس أولئك المشايخ أم لباس الإفرنجة؟ كيف يطوع الدكتور عقله لنزوات كلاب العصابة وأهوائهم المتقبلة تقلب الماء الساخن في مرجله الغالي؟ يحمد للدكتور أنه لم يكتم الحق في قضية المواريث فصدع بها عالية. ذاك أمر يغضب القراد العالق بجدران القصر ممن إنتقل بسرعة البرق من دكتاتورية البروليتاريا وصراع الطبقات إلى تزكية أذيال  » الامبريالية الامريكية « . جدول أعمال العصابة : حصد كل صوت حر دون نظر إلى لونه. سوسة الساحلية اليوم تدفن حمادي الجبالي مع المنصف المرزوقي وبالامس القريب قبرت  » النزل الفاخرة  » جسد حمه الهمامي مع علي لعريض. أملي أن ترحل عصابة الفساد والنهب والتصهين قبل حلول الذكرى العشرين لإغتصابها لتونس دولة وشعبا ويومها يتنفس الدكتور الصادق كشريد الصعداء ويتحرر قلمه ويغدق علما. وحتى لقاء قريب أبتهل إلى الكريم المنان ألا يرينا مكروها جديدا في تونس الحبيبة. الهادي بريك ــ ألمانيا


 

بسم الله الرحمان الرحيم

و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين

 تونس في 08/11/2006

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

كاتب عام جمعية الوفاء

الرسالة 160 على موقع الأنترنات تونس نيوز

رسالة مفتوحة للتاريخ : إلى عناية السيد الوزير المكلف بالعلاقات بمجلس النواب و الاتصال ( الإعلام سابقا) حول وضع الإعلام في بلادنا العزيزة علينا

سيادة وزير الاتصالات و المكلف بالعلاقات مع مجلس النواب و المستشارين بالوزارة الأولى

بعد استماعنا لخطاب سيادة الرئيس زين العابدين بن علي يوم 7 نوفمبر 2006 في الذكرى التاسعة عشرة للتحول نرفع إلى سيادتكم هذا المقال عسى أن يجد الإذان الصاغية في الإبان خاصة و الرئيس قال فقرات على الإعلام و دعا أهل المهنة للإهتمام بالكتابة و الكلام و مزيد حرية الإعلام و إحترام . أخلاقيات المهنة و مواصلة المشوار بحرية و مفهوم و تطوير آليات و أجهزة الإعلام.  بما يخدم مصلحة المواطنين بكل عناية و اهتمام.  و لعل هذه خطوة جديدة نحو ارساء دعائم الصحافة المكتوبة و المسموعة و المرئية و دفعها إلى الأمام.

إذا أخلصت النية و صح العزم و المبادرة و الإرادة  السياسية و رفعت الرقابة على الاقلام. و أذن لأصحاب الراي الحر بدعم منابر الحوار في وسائل الأعلام و بذلك ستكون بحق خطوة جريئة لكل من يرغب في إثراء الحوار و نشر الخواطر بشجاعة أصحاب الاقلام. و هذا ما طلبنا به منذ أعوام .و قلنا بحرية و صراحة الاحرار كفى طمس لأقلام. و كفى تجاهلا لأصحاب القدرة على الدوام. و كفى تواصلا و توصيات لعدم تشجيع حرية الإعلام .و كفى غبنا في بلادنا و تعتيم الكلام. و كفى صبرا على تكميم الأفواه يا حضرة الوزير الهمام. و كفى تعميم التعليمات للصحافة في كل مكان لحجب الاقلام.   و كفى تأويلا في غير محله لمن كان يبحث عن حرية الإعلام ولو في مواقع تونس نيوز لمزيد حرية الاقلام . و كفى طمسا للمقالات تكتب بالدم من أجل رفع الكبت على الإعلام و مزيد حرية الاقلام 

إنّ موضوع الإعلام أخذ نصيب الأسد في مقالاتي التي نشرتها بموقع تونس نيوز منذ سنة و شهرين تقريبا و قبلها نشرت 7 مقالات بصحيفتي الصباح و اخبار الجمهورية خلال سنوات 1998-1999-2000-2001 نظرا لأهمية الإعلام و دوره الفاعل على الساحة الإعلامية و اليوم عندما شعرت بتراجع الإعلام و الدور المحدود للغاية للصحافة المكتوبة التي تراجعت على ما كانت عليه قبل سنة 2002 و اصبحت الصحف لا تهتم بنشر مقالات الراي الحرّ و لآراء المناضلين حتى لو كانوا من الدستوريين  و حتى الردود على الإساءة للتاريخ و لباعث مجد تونس و باني الجمهورية العصرية و بطل التحرير و الاستقلال و حرية المرأة بدون منازع اصبحت بعض الاقلام تتحامل و تتجرأ بدون حياء و بدون تقيّد بالقيم و المبادىء و الثوابت و أصبح كل من هبّ و دب يكتب في الصحافة للإساءة إلى رمز البلاد

العملاق أسد الاسود الزعيم الكبير الذي شهد له العالم باسره شرقه و غربه بأنه عملاق و رجل التاريخ و رئيس دولة من العظماء الذين دخلوا التاريخ من الباب الكبير أسمه الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله.

مع كل اسف شاهدنا عديد الكتابات في الصحف متحاملة متنكرة لفضل هذا الزعيم و الأدهى و الأمر أنّ بعضهم كان يمجد يصفق في الإجتماعات و يمدح و لكن بعد رحيله قلبوا الفيستة …..

سيادة الوزير

حذاري من هذا الرهط فإنهم متفنون في رياضة التمجيد للواقف و رياضة القدح للراحل و كم من قلم و لسان و افواه كانت تمجد سابقا و كم من مسؤولا كان يمدح و يصفق و يهلل و يذكر خصال القائد و اليوم لا أحد تحرك له ساكنا عندما تحاملت الاقلام و لا أحد أخذ القلم و القرطاس للرد على الافتراءات الكاذبة

سيادة الوزير

هناك صحف تهرول لنشر أي كلمة فيها إسائة للزعيم و تضع عنوانين بارزة في الصفحة الأولى كما فعلت صحيفة عندما تحامل الشاذلي العياري الوزير السابق في عهد الزعيم بورقية وقال السياسة البورقيبية المغشوشة لا أحد قال هذا عيب حتى من إطارات حزب بورقيبية للاسف … و عندما اردت الردّ عليه إمتنعت الصحيفة من نشر الردّ و الحمد لله بعد جهد و إتصالات مضنية فتحت مجلة حقائق أعمدتها و تحمل السيد مدير المجلة المسؤولية ووقع نشر التعقيب في جوان 2003 بإعتبار أنّ المجلة هي الأخرى نشرت شهادة العياري و في قانون الصحافة الردّ مضمون

سيادة الوزير

كما اسلفت منذ عام 2003 أغلقت الصحافة ابوابها و كأنّ هناك تعليمات موحدّة … خاصة كل ردّ أو تعقيب ممنوع في الصباح و الشروق و مجلة حقائق أما صحف التجمع فحدّث و لا حرج طويلا عن السبات العميق و غلق الابواب خاصة إذا كان المقال تاريخي و يهم فترة الرئيس الحبيب بورقيبة و لو كان تاريخ ذكرى ميلاد الحزب الحرّ الدستوري التونسي في 2 مارس 1934 بمدينة قصر هلال أو إبعاد الزعيم يوم 3 سبتمبر 1934 إلى الجنوب التونسي المحنة الاولى

سيادة الوزير،

يضيق الصدر و لا ينطلق اللسان و يدمع القلب و تبكي العين و يزداد الحزن و الحسرة على وضعنا الإعلامي و تراجعه إلى الوراء و كيف كنا في أواخر السبعينات و حتى منتصف الثمانينات هناك صحافة حرة و تنافس و حركية و جدل و حرية إعلامية و صحف معارضة قوية تنتقد ووصل بها النقد و الإنتقاد حتى لرجالات الحزب الحاكم حزب التحرير و البناء .. و صبرنا على كل ما نشر في الرأي و المستقبل و تحملنا و قلنا هذا قدرنا و بعضهم اصبح اليوم في أعلى المسؤوليات الحزبية و المناصب العليا في الدولة و الحزب … و لم نحسدهم و تلك الايام نداولها بين الناس صدق الله العظيم

سيادة الوزير المحترم

كنا إستمعنا بإهتمام للحوار التلفزي الرائع الذي بثته تلفزتنا التونسية مساء يوم 3 ماي 2000 و الحوار الشيّق الرائع الذي دار بين سيادة الرئيس و عدد هام من رجال الصحافة و الإعلام و مديري الصحف المكتوبة..و شمل الحوار عدّة مواضيع منها حرية الإعلام في الصحف ووسائل الإعلام المسموعة و المرئية و أعطى سيادة الرئيس تعليماته الواضحة للصحافيين و اصحاب الصحف للبدأ في فتح آفاق الإعلام الحرّ و تمكين الأقلام الحرة من الكتابة و التعبير و فتح مجال الحوار في التلفزة على غرار الفضائيات العربية الأخرى

و قال الرئيس كلمته المشهورة الكرة في ملعبكم أعني عند الصحافيين و اصحاب القرار

لكن بعد خمسة أعوام بالتمام و الكمال لم نسمع و لم نقرأ و لم نشاهد أي تطور في الإعلام بل العكس حذفت بعض الأعمدة و أغلقت بعض الأركان القارة و حلّ محلها أخبار الرياضة و الفنّ و المسرح و الرقص و بعض الصحف إزداد تفننها في عرض صور النساء العاريات … أما التلفزة فحدّث و لا حرج الغناء و الرقص المسلسلات العراء و التهريج و شمس الأحد و برامج تهريج الشباب مثل ما يفعل المنشط سامي الفهري دليلك ملك و آخر قرار و غير ذلك إذا أين الحوار الجاد و حرية التعبير و النقاش الحرّ

سيادة الوزير،

إنّ الإعلام في بلادنا لم يتطور إطلاقا و أنّ 90 بالمائة هجروا التلفزة الوطنية بحثا عن فضائيات عربية تشفي الغليل مثل الجزيرة و العربية و المنار و غيرها و كذلك عندما تراجعت حرية الصحافة المكتوبة

أصبحنا نبحث على مواقع أخرى تحترم رأي المواطن و تقدّس حرية الإنسان و الحمد لله و جدنا ضالتنا في موقع تونس نيوز

هذا الموقع الممتاز الذي ملأ الفراغ و دعم الكلمة الحرة و أعطى حرية للإنسان و مكنه من التعبير بحرية كاملة دون رقابة ذاتية و دون المقص الخدام الفاعل الذي لم يسلم منه مقال و لو كان من اهل الدار و من الأحرار

سيادة الوزير

في أربعون عام كتبت عفوا نشرت 97 مقالا على النحو التالي 17 بجريدة العمل 38 بجريدة الصباح 16 بجريدة أخبار الجمهورية 13 بجريدة الشعب و 2 بمجلة حقائق 9 مقالات بجريدة العرب العالمية و مقالا بجريدة الإعلان.

و في ظرف سنة واحدة نشرت 153 مقالا كاملا شاملا غير مبتور و غير مغبونا و غير محبوسا أو مقيدا أو مقبوضا أو فعل فيه المقص ما فعل سيدنا علي كرّم الله و جهه و رضي الله عنه في غزوة بدر مع الكفار و المشركين.

سيادة الوزير،

إنّ الأحرار و الدستوريين المؤمنين بحرية الكلمة و الذين تربوا في مدرسة الحزب في عهد الاستقلال و في معارك التحرير و الحركة الوطنية و تعلموا الصراحة و الصدق و حرية الراي لا يمكن تلجيم أفواههم و لا تسليط الرقابة الذاتية عليهم و لا معاقبتهم بغلق أبواب الصحافة أمامهم حسب توصيات يعرفها القاصي و الداني و منها من هو صادر من الأمين العام للتجمع لمجلة حقائق حسب ما اكده مدير مجلة حقائق و لا فائدة في ذكرها في هذا المكان لأنّ المجال لا يسمح و لكن إلى متى الإستهانة بشعور المناضل و إلى متى هذا الاسلوب الأعرج و إلى متى حدود الصبر في بلادنا و إلى متى كل من يكتب بحرية ينعت بأنه اصبح معارض

و متى يتحرر العقل التونسي ليعبّر بحرية و متى نشاهد صحف حرّة تفتح أعمدتها للراي الحرّ و متى نبقى قصر على طول دون سنّ الرشد

و متى نشاهد تلفزة حرة تبث كلمتنا بحرية و متى نشاهد حوارات حرة في تلفزتنا خالية من الطير يغني و جناحه يردّ عليه … و متى يصبح عندنا منشطون في حجم فيصل القاسم و سامي الحداد و أحمد منصور و محمد كريشان و متى نبتعد على الحوارات المصطنعة الجاهزة المفبركة التي فيها المنشط يصول و يجول و بدون تعليق من هو المنشط و متى تتحرر التلفزة التونسية يا ترى حتى نقول كلمتنا بصراحة مثل تلفزات العالم شرقه و غربه أعتقد أنّ كلامي هذا فيه جرأة و شجاعة لم يرق للبعض كما كان لتدخلاتي في منابر الحوار إحراج وقد أحرجت البعض لأنهم لا يريدون كلمة الاحرار

سيادة الوزير

قال لهم رئيس الدولة و التجمع في خطاب شهير أنّ التجمع لا يضيق صدره من أي رأي مهما كان مصدره و نوعه

و لكن في التطبيق يصبح الراي الحر مقلق عندهم و لو كان صادر من مناضل ضحى بنصف قرن و له رصيد أكبر من غيره…

و قد حصل في إحياء ذكرى وفاة الزعيم الأولى و تدخلي أقلقهم في الحين .. و الحوار المفتوح يوم 27/03/2001 بإشراف وزير المالية لم يعجبهم لأنه صريح و شجاع و لا يجامل و لا يضرب على الأوتار .. و مع الاسف بعضهم يجتهد دون علم الرئيس الذي اكدّ على الحوار

سيادة الوزير ،

هذه بعض الخواطر و المعلومات و الكلام منه أطنان و يمكن ان نعود للموضوع عدّة مرات لنعطي حق الإعلام و الامانة و لا نخشى في الحق لومة لائم و إني متمسك بقولة سيدنا عمر بن الخطاب الذي قال متى استعبدتم الناس و قد و لدتهم أمهاتهم أحرار

قال الله تعالى : من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا صدق الله العظيم

ملاحظة : نقول الله أحد الله أحد بورقيبة مات نظيف ما كيفوا أحد الله أحد الله احد بورقيبة رحل و ترك القصور باسم الدولة و فعلا ما كيفوا أحد.

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

كاتب عام جمعية الوفاء

الجوال 22.022.354


وتلي البيــــان

بقلم: أم أسيل فقس ابن الغراب وانجلى الضباب واختلط النحل بالذبــــــــــــــاب صاح الناس يــــــــــــا للمصاب فهبط الليل وغلقت الأبواب . . تنفس الصباح واهتزت الأرض وربت الأرواح . . ابتهج الجميع وخرج الناس لاستقبال الربيع ومر من السنين هزيع فجأة ورد الخبر  » المريع  » اقترب الناس يتهـــــــــــامسون إلى ابن الغراب يحنــــــــــــــــــون.. قدم الطوفان فسارع الناس لجني اللؤلوء والمرجـــــــــــان وتلي البيان                                                     و..وو..وتلي البيان


 

الشركة التونسية للاتصالات تتوقع نموا كبيرا لخدمة المحمول

تونس – من توم فايفر

 

قال مسؤول بارز من الشركة التونسية للإتصالات الاربعاء ان الشركة تتوقع استمرار النمو الكبير في قاعدة مشتركيها في الاعوام المقبلة وستستمر في استثماراتها الكبيرة لزيادة حصتها المهيمنة في السوق.

 

وتشهد تونس أحد أكثر قطاعات الاتصالات تطورا في شمال افريقيا.

 

ولدى الشركة التونسية للاتصالات التي كانت تحتكر السوق نحو 4.2 مليون مشترك في خطوط الهاتف المحمول والخطوط الثابتة. ومنح ترخيص لشركة جديدة هي تونسيانا في عام 2002 وأكثر من نصف سكان تونس البالغ عددهم عشرة ملايين نسمة يملكون هاتفا محمولا الآن.

 

وقال ميشيل فولي المسؤول الكبير بالشركة التونسية للاتصالات في مؤتمر الجيل الثالث من نظام جي.اس.أم للهاتف المحمول في شمال افريقيا المنعقد في تونس « بعد ان تبلغ نسبة المستخدمين 50 بالمئة من عدد السكان يتباطأ المنحنى لكن مازال هناك فرص نمو كبيرة في هذا البلد ».

 

 

وانضم فولي للشركة قادما من شركة تيكوم الامارتية التي اشترت حصة 35 بالمئة من اسهم التونسية للاتصالات في مارس آذار الماضي.

 وجاءت الصفقة التي بلغت قيمتها 2.24 مليار دولار دليلا على تنامي إقبال المستثمرين من دول الخليج الغنية بالنفط على قطاع الاتصالات المزدهر في شمال افريقيا.

 

وقدر فولي ان التونسية للاتصالات تسيطر على نحو 60 بالمئة من اشتراكات المحمول القائمة وان هذه النسبة ستزيد.

 

وقال فولي أن نسبة المشتركين في خدمة المحمول في تونس بشكل عام قد تصل الى 75 بالمئة من عدد السكان بالمقارنة مع 60 بالمئة حاليا.

 

وأضاف « اعتقد ان هناك فرص نمو كبيرة في السوق… وهناك ايضا عمليات الخطوط الثابتة والانترنت السريعة التي ستشهد نموا كبيرا. هناك العديد من العوامل التي تدفع هذه الشركة نحو النمو ».

 

وتابع ان الشركة التونسية للاتصالات لديها بالفعل شبكات ألياف بصرية واسلاك نحاسية مشبعة وشبكات تحويل متطورة وانها ستركز على تطوير خدماتها.

 

وقال « اعتقد ان استثماراتنا ستظل عند مستويات قوية بين 15 و18 بالمئة من العائدات… مازال لدينا خطة نشطة لزيادة الانفاق الرأسمالي. وخططنا بالفعل لطرح 400 الف خط لخدمة الانترنت السريعة العام المقبل وقد نطلق الجيل الثالث من خدمة الهاتف المحمول ».

 

(المصدر: موقع ميدل إيست أونلاين بتاريخ 8 نوفمبر 2006)


 

شمال افريقيا يتخلف عن العالم في ركب التجارة الاقليمي

تونس – من توم فايفر وسونيا ونيسي

 

يقول قادة أعمال محليون ان الاصلاحات على مدى عشرات السنين لتشجيع التجارة بين دول شمال افريقيا لم تحقق الكثير مما عطل الاستثمارات ورفع معدلات البطالة والفقر.

 

ولا يكاد يمر عام دون عقد مؤتمر يدعو فيه كبار المسؤولين لخفض الجمارك والحد من العوائق امام التجارة في المغرب العربي الذي يقطنه 80 مليون نسمة ويمتد من موريتانيا الى ليبيا.

 

لكن صندوق النقد الدولي يقول ان التجارة البينية مازالت محدودة لا تمثل سوى اثنين بالمئة من حجم التجارة الخارجية لهذه الدول بالمقارنة مع 30 بالمئة في رابطة دول جنوب شرق آسيا.

 

ويقول المصدرون ان التناقض كبير بين ما يعلنه المسؤولون وبين الواقع الذي يلمسونه كل يوم عند محاولة تصدير السلع.

 

وقالت زكية سكات من شركة اوكسيبلات المغربية للدهانات الصناعية « الامور لم تتطور في تونس فيما يتعلق بالتبادل التجاري بشكل عام… لم يتغيروا على الاطلاق ». وأضافت « في الجزائر تدهورت الأمور بدرجة كبيرة ».

 

وعلى الرغم من انخفاض التعريفات الجمركية على الصادرات المغربية لتونس تقول الشركات ان العقبات المتعمدة باقية وتتراوح من اختلاف معايير السلامة الى اختلاط الاجراءات وتكرار طلب الوثائق.

 

وتقول جمعيات المصدرين ان صناعات رئيسية مثل المنسوجات والسلع الاستهلاكية تجد من المستحيل تقريبا تصدير منتجاتها لان كل دولة لا تريد الاضرار بصناعاتها المحلية.

 

وقال عبد العزيز بلمدني رئيس جمعية المصدرين المغاربة « فعليا تونس تنافس المغرب بدلا من ان تتكامل معه… نواجه صعوبات مع تونس وسيقولون الشيء نفسه عنا ».

 

ويقول التونسيون ان المغرب تباطأ بدرجة كبيرة في الغاء التعريفات الجمركية.

 

ويقول عبد الحميد بن مرزوق مدير التصدير في شركة تونسية لصناعة الاطارات « مازال يتعين علينا دفع 17 بالمئة في حين تستفيد الدول الاوروبية من الغاء كامل للتعريفات الجمركية ».

 واثارت العقبات أمام التجارة احباط الاتحاد الاوروبي الذي يعاني من شريك تجاري ضعيف الى الجنوب منه.

 

ونمت اقتصاديات دول جنوب المتوسط بمعدل 4.8 بالمئة العام الماضي متخلفة عن معدل 7.2 بالمئة المتحقق في الاسواق الناشئة والدول النامية بشكل عام وفشلت في توفير فرص عمل لمواكبة الزيادة السكانية السريعة.

 

وقدم الاتحاد الاوروبي الغني قروضا ومساعدات بالمليارات لدفع حكومات شمال افريقيا باتجاه تحرير التجارة وحصل في المقابل على حرية دخول اسهل لاسواق المغرب العربي.

 

وفي حين ينمو التبادل التجاري بين الشمال والجنوب الا انه يظل محدودا بين الشرق والغرب حتى أن اخر مسار بحري للحاويات يربط موانئ شمال افريقيا قد أغلق.

 

وهذا يعني ان سكات يتعين عليها شحن دهاناتها الى مرسيليا أو مالطا وانتظار سفينة أخرى تنقلها الى تونس وهي عملية تستغرق نحو 21 يوما.

 

وقال جلال بن جمعة رئيس شركة فريدور لانتاج التمر انه شهد اقبالا كبيرا على تموره في المغرب لكن الامر يستغرق من ثمانية الى عشرة أيام لتوصيلها الى هناك بالمقارنة مع يومين لتوصيلها الى فرنسا مما يصعب التجارة.

 

وقال « يتعين علينا استخدام ثلاجات والا فسدت بضاعتنا قبل وصولها ».

 

ويقول الاقتصاديون ان حكومات شمال افريقيا تمارس لعبة خطرة بتحرير تجارتها مع الاتحاد الاوروبي وتعطيلها فيما بينها.

 

ويتساءلون لماذا يقبل الاجانب على الاستثمار في دولة في شمال افريقيا في حين انهم بفتح متجر في الاتحاد الاوروبي يمكنهم الوصول الى العديد من أسواق المغرب العربي.

 

وفي حين ينظر للمغرب وتونس باعتبارهما الاكثر تقدما في مجال تحرير التجارة فان ليبيا والجزائر المصدرتين للنفط واللتين لا تعانيان من تهديد وشيك على موازين تجارتهما تتخلفان بدرجة كبيرة في هذا المجال.

 

وقطعت الطرق البرية التي تربط الجزائر بالمغرب في عام 1994 بسبب توترات سياسية وتعرضت التجارة لصفعة جديدة في عام 1996 عندما ألغت الجزائر اتفاقا ثنائيا مع المغرب يقضي باعفاء سلع البلدين من التعريفات الجمركية.

 

ومازالت العلاقات متوترة فيما يرجع اساسا الى مسألة الصحراء الغربية مما يجعل من المستبعد أن يحقق اتحاد المغرب العربي الذي تأسس عام 1989 هدفه بشأن تحرير التجارة بحلول عام 2010.

 

وقالت سكات « أعلنوا بعض الامور لكنها تتصدر عناوين الصحف ولا تحدث أي أثر على الاقتصاد أو توفر فرص عمل. » وأضافت « بالنسبة لي كل هذا كلام لا طائل منه ».

 

(المصدر: موقع ميدل إيست أونلاين بتاريخ 7 نوفمبر 2006)

 


محمد السادس يخشى «مستنقع إرهاب» في المنطقة المغاربية

الرباط – محمد الأشهب    

 

نبه العاهل المغربي الملك محمد السادس الى مخاطر الانفلات الأمني وتحويل منطقة الساحل جنوب الصحراء والامتدادات الصحراوية لدول الشمال الأفريقي وجنوب البحر المتوسط الى «مستنقع إرهاب». وقال في خطاب وجهه الى الشعب المغربي ليل الإثنين، في مناسبة الذكرى الـ31 للمسيرة الخضراء لضم الصحراء، إن النهج الذي يعتمد على مقاربة «الحكم الذاتي» يؤكد «حرصنا على وحدة المغرب العربي وتجنيب المنطقة وجهة الساحل وجنوب المتوسط وشماله ما يمكن ان ينجم عن زرع كيان وهمي (في اشارة الى استقلال الصحراء) من ويلات البلقنة وعدم الاستقرار وتحويلها إلى مستنقع لعصابات الإرهاب، والتهريب والاتجار في البشر والسلاح. وتلك هي المخاطر التي يعمل المغرب على مواجهتها من خلال اقتراح الحكم الذاتي، كتوجه ديموقراطي».

 

وأوضح انه في هذا الإطار «قامت مبادرتنا في تخويل أقاليمنا الجنوبية حكماً ذاتياً موسعاً، في نطاق سيادة المملكة، ووحدتها الوطنية والترابية. وقد قطعنا في هذا الشأن خطوات متقدمة، ضمن مسار تشاوري، وطني ومحلي». وأشاد بما يبذله المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية من جهود «سواء للدفاع عن مغربية الصحراء، أو في إعداد تصوره بشأن الحكم الذاتي» وتقديمه «في الأسابيع المقبلة».

 

وقال انها «على المستوى الوطني، سنواصل المضي قدماً في تعزيز صرحنا الديموقراطي، بالجهوية المتقدمة، باعتبارها قوام الدولة العصرية، التي نرسي دعائمها».

 

أما على المستوى الدولي، فقال «إن المغرب يظل وفياً لالتزامه الثابت بالتعاون الصادق مع الأمم المتحدة، ومع أمينها العام، وممثله الشخصي، من أجل الإسهام في إيجاد حل سياسي توافقي، تنخرط فيه بجدية، كل الأطراف المعنية فعلاً بهذا النزاع. وهو ما يتطلب مضاعفة التعبئة والصمود، للتصدي لمناورات ومؤامرات خصوم وحدتنا الترابية، بالعمل المكثف للتعريف بمشروعية حقنا وصواب موقفنا، الذي يحظى بمساندة القوى الفاعلة في المجتمع الدولي».

 

ورأى مراقبون، في كلام العاهل المغربي عن المخاطر التي تهدد منطقة شمال أفريقيا رسالة واضحة من أجل معاودة تفعيل الاتحاد المغاربي المتعثر منذ سنوات، خصوصاً أن برقية التهنئة التي وجهها في مطلع الشهر الجاري الى الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة انعشت الآمال في معاودة البناء المغاربي الى الواجهة.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 8 نوفمبر 2006)


 الأمم المتحدة: ارتفاع كبير لعدد مرضى الأيدز في العالم العربي

القاهرة – الحياة    

 

حذرت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة أمة العليم السوسوة من «خطر شديد» يتهدد الدول العربية بسبب زيادة معدل الإصابات بفيروس الأيدز في المنطقة، مشيرة إلى أن أكثر من 67 ألف عربي أصيبوا العام الماضي بالفيروس، ما يضع المنطقة في المرتبة الثانية لناحية عدد الإصابات الجديدة في العالم بعد دول شرق أوروبا.

 

وقالت السوسوة، التي تشغل أيضاً منصب المدير الإقليمي لمكتب الدول العربية لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي، إن «هناك تقديرات تشير إلى نحو 200 ألف إصابة». وأضافت في افتتاح «المنتدى الاقليمي الثاني للقادة الدينيين لمكافحة الأيدز في الدول العربية» في القاهرة أمس، أن «هذه الأرقام تنذر بالخطر الشديد في معظم الدول العربية»، مشددة على أن هذه التطورات «تتطلب تحركاً سريعاً من الجميع»، وأن «الوضع في الدول العربية بات لا يختلف كثيراً عنه في جنوب الصحراء (في افريقيا) خلال التسعينات».

 

ويشارك في المنتدى الذي يستمر أربعة أيام أكثر من 300 من القادة الدينيين من 20 دولة عربية، ينضم اليهم للمرة الأولى وفد نسائي من القائدات الدينيات، لمناقشة «مواضيع حساسة ومسكوت عنها حول المرض»، إضافة إلى تأسيس «الشبكة العربية للقيادات الايمانية لمكافحة الايدز».

 

وأكدت أن «التوقعات تشير إلى أن نسبة المرضى (إلى السكان) في الدول العربية ستتجاوز 4 في المئة في غضون الأعوام التسعة المقبلة، إذا لم تتغير سياسة هذه الدول تجاه المرض». لكنها أضافت أن الوباء «لا يزال فتياً في بلادنا، لكن التزايد المستمر في الإصابات الجديدة وضعف البنية الإنمائية الأساسية القادرة على مواجهة الأيدز يدقان ناقوس الخطر، لحضنا على ضرورة التحرك السريع وحشد الطاقات لوضع مرض الأيدز في قمة الاولويات».

 

ونبه الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إلى «التحدي التنموي الخطير الذي يمثله وباء الأيدز في المنطقة العربية»، وفي حال لم يتم التصدي له «في شكل عاجل، فإن الوباء سيهدد مكاسبنا الاقتصادية والتنموية التي تحققت على مدى عقود وسيصيب قوانا العاملة بالوهن وقد يكبد المنطقة خسارة في الناتج القومي الاجمالي تصل الى 35 في المئة خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة… الايدز يمكن أن يهدد أمن المنطقة بالكامل».

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 8 نوفمبر 2006)


صدام الحضارات في العلاقات الدولية

توفيق المديني
         1-أميركا وصناعة « العدو الإسلامي «  شكلت أحداث 11 أيلول/سبتمبر2001 الذي شهدته الولايات المتحدة الأمريكية قطيعة بين مرحلتين في الوضع العالمي ، تتداخل و تتشابك عناصر الاتصال بينهما مع عناصر القطيعة. .  و لم تكن مجرد عملية إرهابية عادية، بل إنها شكلت  نقلة نوعية بالغة الأهمية في أشكال و آليات الصراع الدولي، و تسببت في إعادة تشكيل السياسات الخارجية للدول الكبرى، بما يتضمنه ذلك من إعادة تعريف دور أدوات هذه السياسات ، و لاسيما الأداة العسكرية، وبالذات الولايات المتحدة.
و كان من أبرز نتائج هذه التطورات أنها دفعت الإدارة الأميركية إلى وضع هدف مكافحة الإرهاب  و معاقبة الدول  التي ترعاه باعتباره الهدف  الرئيس  للسيا سة الخارجية  الأمريكية . و هذه هي المرة الأولى منذ نهاية الحرب الباردة التي تضع الولايات المتحدة لنفسها هدفا محددا يكون محور التركيز الكامل لسياستها  الخارجية،حيث كان التركيز الرئيس  للسياسة الخارجية و سياسة الأمن القومي للولايات المتحدة في مرحلة الحرب الباردة ينصب على محاربة الشيوعية و ردع الاتحاد السوفياتي السابق، ممايعني أن الإدارة الأمريكية وضعت هدف الحرب ضد الإرهاب في نفس المكانة التي كان يحتلها هدف محاربة الشيوعية في فترة الحرب الباردة.      إن احتلال الإدارة الأميركية لمركز القيادة في النظام العا لمي بعد انتهاء الحرب الباردة ، لم يحل دون نشوب الحروب الإقليمية ، في بلدان جنوب العالم . إنها حروب تكثفت و تلخصت في ثناياها جميع عوامل الحرب العالمية الشاملة : حرب الخليج الثانية ، حرب البلقان ، وغيرها من الحروب الأخرى في القارات الثلاث .  وجا ء ت أحداث 11 أيلول/سبتمبر2001 لتختتم مرحلة كانت الولايات المتحدة  فيها قد أنجزت مقاربتها  مبدأها »الحرب دون أي قتيل »، ممنية نفسها بالحد قدر الإمكان من خسارة في الأرواح  الأميركية في الحروب المستقبلية، مكبدة في الوقت نفسه الأعداء العدد الأكبر من الخسائر.
الأزمة التي أثارتها 11أيلول/سبتمبر ، أزمة عالمية و شاملة. و هي أزمة عالمية بمعنى أنها تقحم بلدانا مختلفة عديدة في النزاع، على رأسها، بطبيعةالحال،الولايات المتحدة الأمريكية و مناطق من العالم الاسلامي. و هي شاملة كونها، تؤثر، أكثر من أي أزمة عالمية عرفت حتى الآن،في مستويات متعددة من الحياة، سياسية و اقتصادية و ثقافية و نفسية.
         في ظل أجواء إعلان هذه الحرب ، نظمت أجهزة الإعلام الأميركية و الأوربية والصهيونية حملة واسعة شرسة على الإرهاب ، بوصفه المسؤول الرئيس عن ما حدث ، و نال العرب و المسلمون نصيب الأسد من هذه الحملة التي لم تتوقف . ويختلف المحللون الأمريكيون في توصيفهم لمضمون الموجة الحالية من الإرهاب الجديد،و لاسيما بشأن العلاقة الارتباطية بين الإرهاب و الاسلام. فعلى الرغم من أن الإرهاب موجود في العديد من الدول، ويصيب بدرجة أو بأخرى  العديد من الحضارات و الثقافات، فإن بعض المفكرين الأمريكيين، و بالذات صامويل هنتنجتون، ركزوا على أن الإرهاب لا يمثل شكلا من أشكال الصراع الدولي، بقدر ما يمكن النظر إليه باعتباره حروب المسلمين، سواء فيما بينهم أو بينهم و بين غير المسلمين. وهي حروب قد تتطور إلى صدام كبير للحضارات بين الاسلام و الغرب، أو بين الاسلام و بقية العالم.
 و يرى هانتنجتون أن هذه الحروب لا تعود إلى طبيعة المعتقدات الإسلامية،و إنما تعود إلى السياسات و الاوضاع العامة في العديد من الدول الاسلامية، مثل حالة الانبعاث الإسلامي والشعور بالظلم و الامتعاض و الحسد تجاه الغرب و الانقسامات الإثنية في العالم الإسلامي ،وارتفاع معدلات الولادة في معظم الدول الاسلامية. و يخلص إلى أن حروب المسلمين سوف تستمر في حالة عجز المجتمعات  الإسلامية عن تحقيق إصلاحات داخلية جذرية، و كذلك في حالة استمرار الحكومات غير الإسلامية في محاولة فرض سيطرتها على الأقليات الاسلامية فيها.
         المنطق و العقل يقولان لماذا اكتسبت الولايات المتحدة الأميركية كل هذا الكم الهائل من الكراهية من الشعوب و الأمم المضطهدة ؟ و العقلانية تقتضي البحث عن الأسباب الحقيقية التي أدت بالولايات المتحدة إلى هذا التدهور ؟
         إن حكومة الولايات المتحدة الأميركية و حكومة الكيان الصهيوني ، متفقتان على تفتيت العالم  العربي ، و إخضاع كل القوى فيه . أما ما سر الحملة الأوروبية – الأميركية – الصهيونية الشرسة على العرب و المسلمين و اتهامهم بممارسة الإرهاب، فهي جزء من المعركة السياسية – العسكرية التي تخوضها الحكومات الصهيونية و  الأميركية . و هدف هذه الحملة أن تترسخ صورة العربي و المسلم إرهابيا في كل أوساط الرأي العام العا لمي ، ليكون مبررا للقيام بالغزوات و الحروب .  من المنظور الأمريكي  الهدف من الحرب على الإرهاب ، هو فرض الأمن على منطقة الشرق الأوسط، تحت الهيمنة الأمريكية، بالتلازم مع تحقيق الأمن للكيان الصهيوني والإفساح في المجال للوصول  إلى السلطة  نخب عربية ليبرالية موالية للغرب منبثقة  من المجتمع المدني. هذه الاستراتيجية وضعت موضع التطبيق بعد احداث11 سبتمبر من خلال « الحرب على الإرهاب » التي أرادت تصفية تنظيم القاعدة ، و إسقاط نظام صدام حسين، والسيطرة على نفط الشرق الأوسط،،  وإعطاء الضوء الأخضر لحرب الإبادة الصهيونية التي شنها السفاح شارون ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
وتقوم السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، على هاتين الركيزتين : النفط الذي يحتل أولوية قصوى، و تحقيق أمن « إسرائيل » الذي أصبح يحتل المرتبة الأولى بعد حرب حزيران 1967.و تكمن الصعوبة كلها في تحقيق هذين الهدفين . وهذا ما يفسر لنا  احتمالات قيام  أمريكا و « إسرائيل »  بحروب  جديدة أوسع و أشرس ضد العرب . وليس آخرها الحرب التدميرية ضد لبنان .          إن التشديد على محاربة الإرهاب و عدم قبول التعامل معه  لفظا ، و دعم حكومة إسرائيل الإرهابية ، و عدم توجيه الدوائر الأوروبية و الأميركية  » المعنية بالحرية  » و المدافعة عن حقوق الإنسان ، النقد و الادانة   للكيان الصهيوني الذي يمارس إرهاب  دولة،   يقو د الى سقوط مصداقية حكو مة الولايات المتحدة الاميركية مع اتباعها و حلفائها. و سقوط هذه المصداقيةله تبعاته الكبيرة.
  هل إن أسامة ا بن لادن  وحده يشير إلى أن الولايات المتحدة  تجسد امبراطورية الشر بامتياز، و الرغبة بالسيطرة  على العالم بأنانية متفردة؟لا, فالكاتب الفرنسي  الاشتراكي بيار بوشيه كتب منذ عام 1840 إن العداوة للأمريكيين  قديمة. فإذا أرادت الولايات المتحدة أن تثبت مكانتها في العالم ،وأن تجني  فوائد حروبها على المدى البعيد، فعليها  أن تبذل جهدا   حقيقيا لفهم  أسباب خشية و كره الشعوب الأخرى لها. و المشكلة الحقيقية لا تتجلى في الارهابيين أنفسهم إنما في إدارة بوش نفسها، التي تستغل الأزمة للنيل من حرية  وحقوق الشعوب،لا للقضاء على الإرهاب كما تزعم،و إنما لتحقيق مخططا تها السياسية.  الولايات المتحدة سبب مشاكل العالم: امبريالية،استغلال، عولمة… فلماذا تفاجأ بردات الفعل؟ و من هذا المنطلق لولم تزرع الولايات المتحدة القتل و الاغتيال بجنون، لما كا نت تلقت هذا العقاب  الأليم. وفضلا عن ذلك، فان وجود الكيان الصهيوني ، و الصراع الفلسطيني – الصهيوني غير المتكافىء ،و انحياز الولايات المتحدة إلى جانب « اسرائيل » بهذا الشكل  يشرح أكثر من دافع  لوجود مشاعر  مضادة لها  لاستهتارها ، و عدم مراعاتها للمشاعر القومية العربية و الاسلامية ، و الانظمة السياسية، و الحدود الوطنية.
على الولايات المتحدةأن تعيد النظر بعلاقاتها مع دول العالم إذا أرادت اجتثاث الإرهاب  و معالجة أسبابه، لأن هناك حكا ما يمارسون الإجرام و إرهاب الدولة ،و هذا ما ينطبق تماما على تصرفات أصدقاء الولايات المتحدة  من الصهاينة، الذين يتبعون سياسة ماهو أبشع من الجريمة ، و أمريكا تغطي هذه السياسة كما حصل في العدوان الأخير على لبنان. إن أوضاع العالم هي اليوم أكثر وضوحا ، و يوم 11 أيلول ، يوم مفصلي بين مرحلتين ، و بين عالمين ، و على السياسة الأميركية أن تعي ذلك جيدا ،  اذ إن سياسة الانتقام و التصرفات غير العقلانية لا تفيد كثيرا . بل إن الولايات المتحدة و معها الدول الغربية الأخرى مطالبون  اليوم بإعادة نظر جذرية في مضمون النظام الرأسمالي العالمي ، و سياساته العدوانية ، لان الأمم و الشعوب المضطهدة هي اليوم أعظم حرية في الاختيار ، و أنها بدورها حرية نوعية لم  يكن لها مثيل  من قبل أبدا في ظل تعطش الشعوب إلى التحرر من ظلم النظام الدولي الجديد..
2-تقسيم العالم بين »المدنية  » و « البربرية » منذ أحداث 11 سبتمبر ، لم تتعرض الولايات المتحدة الأمريكية إلى أي هجوم إرهابي على أراضيها ، ومع ذلك العالم تغير نحو الأسوأ، إذ أصبح في حالة من الفوضى و الظلمة.فقد وجدت أفكار القاعدة صدى معينا في العالم العربي و الإسلامي – نظرا لتنامي الأصولية الإسلامية – و ما أبعد من ذلك حتى أوروبا . و يعود هذا النجاح الجزئي للقاعدة إلى الطريقة التي تعامل بها الأمريكيون مع الأحداث.
في الحرب الأولى ضد الإرهاب التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان ، حصلت واشنطن على شبه إجماع دولي، فقامت بإسقاط نظام طالبان ، وحرمت بذلك الحركة الجهادية من قاعدتها اللوجستية.فقد شكلت تلك الحرب  نجاحا بالمقارنة مع الذي حصل في العراق لاحقا. بعد أفغانستان ، ارتكبت الول ايات المتحدة الأمريكية خطأ جسيماباحتلالها  العراق، مقدمة سببين سيئين للغاية كذريعة لشن حربها:علاقة صدام بتنظيم القاعدة، و هذا ما تبين أنه غير صحيح بشهادة مجلس الشيوخ.و امتلاك العراق أسلحة دمار شامل ، و هذا ما تكشف  أيضا أنه غير صحيح.ومنذ ثلاث سنوات و نصف ، انقلبت المغامرة العراقية إلى كابوس .فقد اختار ت أمريكا في عام 2003 أن تجعل من العراق  مسرحا للحرب ضد الإرهاب، و نجحت في ذلك ، لكنها ليس في الاتجاه الذي كانت تتمناه.
لقد أصبحت العمليات الانتحارية من الآن فصاعدا غاية في العنف الدموي و الشراسة، إذ انتقل عدد القتلى من 1778 في شهر يناير إلى 3149 في شهر يونيو. و كان شهر يوليو الأكثر دموية منذ ثلاث سنوات إذبلغ عدد القتلى 3438.و لكن ماهو أخطر أن الحرب الطائفية الجارية تقود إلى تفجير المجتمع العراقي إلى شظايا غير متآخية، و هو ما يقود إلى تقسيم العراق على أساس إثني و عرقي. في أفغانستان ، اختارت الإدارة الأمريكية  الاعتماد على أمراء الحرب المحليين  لبعث الاستقرار في البلاد. و كانت النتيجة كارثية. فالمليشيات لن يتم تجريدها من السلاح ، و إنتاج المخدرات بلغ أرقاما قياسية، فضلا عن أن الأوضاع تتجه نحو التدهور، حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية  وحلفائها مجبرون على تعزيز قواتهم العسكرية في مواجهة  هجمات حركة طالبان في جنوب غرب البلاد. إن سلوك قوات حركة طالبان و أنصارها  يتبع تحركا مزدوجا:اللجوء المتزايد إلى العمليات الانتحارية و القدرة على التعوّد على الحرب في مواجهة القوات الدولية الغربية.فالعمليات الانتحارية ، التي تشكل أسلوبا يبدو للوهلة الأولى بعيد كل البعد عن العقلية الأفغانية ، تعتبر دليلا قويا على تأثير و خبرة على الأرجح مستوردين من العراق، حسب قول خبير عسكري غربي.
في باكستان التي أسهمت في « نشاة » حركة طالبان ، لم  يستطع الجيش أن يفعل الكثير من أجل وضع حدلنشاط الطالبانيين على أراضيها، حيث تحظى الحركة بمساندات في « المناطق القبلية » التي لم تخضع أبدا لأي فاتح..وهكذا آلت السلطة الفعليّة في بضع مناطق حدوديّة إلى « طالبان » أنفسهم، فيما ظلّت مساهمة الجيش الباكستانيّ في مطاردتهم ضعيفة محدودة. ففضلاً عن عواطف الأجهزة الباكستانيّة المعروفة، واستمرارالمتطرفين  الباشتونيّين الذين يبحثون من الآن فصاعدا عن تأسيس »إمارة إسلامية لوزيرستان  »  العابرة الحدود ،في مساندة إخوانهم في السلاح من الجهة الأفغانية ، تردّد الرئيس برويز مشرّف، ويتردّد، في الظهور بمظهر « رجل واشنطن » بينما الحركات الأصوليّة تتزايد قوّةً ونفوذاً في بلده. ويتساءل المحللون في الغرب، هل إن العالم  بعد 11 سبتمبر أصبح أحادي القطبية؟ لقد شهد العالم تشكل نظام دولي أحادي القطبية مع انهيار جدار برلين. و بين 1989 و 1994-1995، كان هناك نوع من الإجماع الذي جمع الفاعليين الدوليين  حول الولايات المتحدة الأمريكية.إنها المرحلة التي كان فيها الاتحاد السوفياتي منتهيا،ثم برزت روسيا المساندة للمبادرات الدبلوماسية الكبرى للولايات المتحدة الأمريكية،ثم لحقت بها الصين ،كما تجلى ذلك في حرب الخليج الثانية « عاصفة الصحراء ». في أواسط التسعينيات ، تغيرت الأمور.فظهرت تباينات في الإئتلاف الدولي الذي كان واسعاجدا، واتجاهات عميقة نحوالاستقلال الذاتي عبرت عنها القوى العظمى  المتوسطة ، ثم لاحقا الدول الصغيرة، قادت إلى تشظي العالم، وانتشار تدريجي للعنف.ففي هذا الجو المشحون حصلت أحداث 11 سبتمبر.
وقادت  الاستراتيجية التي اختارتها الولايات المتحدة الأمريكية للرَّدِ، لا سيما إزاء الأزمة العراقية ، إلى انهيار   التحالفات السياسية- العسكرية حول الولايات المتحدة الأمريكية  ، و إلى أزمة جدية للزعامة الأمريكية للعالم، الأمر الذي يجعل  اليوم  صدقية الأحادية القطبية في تناقص.وفي الواقع ، لا يمكن أن يستمرنظام أحادي القطبية   بصورة دائمة. فالقطب هو قوة جاذبية  تعطي كل مقدارها عندما يكون هناك تنافس بين قوى عظمى، كما كان الحال في عهد النظام الدولي ثنائي القطبية. و عندما تتجه هذه اللعبة نحو الانهيار،يتغلب منطق الاستقلال الذاتي على منطق الجاذبية . لقدكان لعالم الحرب الباردة قواعده.فسقوط جدار برلين ،بقدر ماكان تعبيرا عن نهاية القطبية الثنائية ، بقدر ماعبر أيضا عن  نهاية عنيفة لقواعد السياسة الدولية، و نهاية نظام دولي كان مهيكلا إلى حد كبير،و من هذا المنظار فقد شجع انتشار أشكال العنف الجديدة التي لم يتم فهمها ومعالجتها في حينها بصورة صحيحة.ولم تكن أحداث 11 سبتمبر سوى مؤشر على سيرورة من التحول في النظام الدولي و التقاليد الدولية.فالمنطق الذي عبرت عنه كان موجودا طيلة السنوات 1980و 1990. و بكل تأكيد أسهمت  نهاية   القطبية الثائية في تسريع هذه السيرورة، التي كانت حتى ذلك الوقت مردوعة من قبل  النظام ثنائي القطبية.
وكان عالم ما بعد الحرب الباردة يبحث عن مبدأ لآلية عمله، اعتقد المتفائلون جدا أنهم وجدوه في مبدأ « حق التدخل ».وهو تعبير ملتبس و مشوش ، و لكنه لخص  بشكل جيد التطلعات نحو نظام أكثر عدلا،حيث لن يسود فيه قانون الأقوى ، و حيث سيادة الدول لن تكون حجة يوظفها الديكتاتوريون للتشبث بمبدأ الحصانة من العقاب أمام انتهاكات حقوق الإنسان  ، و حيث أن رفض الحرب لن يكون ورقة  التوت لسياسات التهدئة. خمس سنوات من الحرب الأمريكية  على الإرهاب، تركت لنا عالما أكثر فوضوية، وليس واثقا من نفسه، و مجردا أيضا من المنطق الصلب للتناقض بين المعسكرين ، الذي كان سائدا في عهد الحرب الباردة.و كان التأثير المباشر لأحداث 11 سبتمبر أن جسد نوعا من الحلف المقدس « للمدنية » الغربية حسب ادعاء أصحابها في مواجهة « البربرية » القادمة من عالم الجنوب.
والحال هذه ، ساند المتمسكون بمبدأ « حق التدخل  » في معظمهم ، الحرب ضد طالبان في أفغانستان، و لكنهم كانوا أقل حماسا من ذلك بكثير فيما يتعلق بالحرب لإسقاط نظام صدام حسين. و أبدى البعض منهم تعاطفا تجاه الكيان الصهيوني في حربه الأخيرة ضد حزب الله.ثم إن الرئيس جورج بوش من دون أن يبحث عنها حقا،أطلق    في الطريق و لمصلحة الرد على تنظيم القاعدة، ثورة في النظام الدولي قائمة  على بعض المبادىء: حرب استباقية ضد  » الدول المارقة »، رفض « الستاتيكو » على حساب التحديث الديمقراطي ،و إصرار على إحداث تغييرات في الأنظمة السياسية، وثقة في الفضائل المعدية للقيم الأمريكية، و تحالف الديمقراطيات  خارج نطاق الأمم المتحدة الملوثة بالديكتاتوريات .
في السنوات  الأولى من الحرب على الإرهاب تم تطبيق هذه المبادىء بغيرة وطنية كبيرة إلى درجة أن بن لادن و أنصاره وفروا للإيديولوجيين المحافظين الجدد، و للوطنيين-لإمبرياليين  من أمثال دونالد رامسفيلد و ديك تشيني، الفرصة لكي يبلوروا و يطبقوا السياسة الخارجية التي نادوا بها منذ وقت طويل. هذه الثورة  في تقسيم العالم إلى « المدنية » و البربرية » أخفقت .كما أن الحرب ضد الإرهاب لم تعد المبدأ المنظم  للنظام الدولي. و فيما يتعلق ببرنامج الديمقراطية المعروف تحت اسم الشرق الأوسط الكبير أو الجديد لا فرق هنا في التسمية ، هوالآن يمثل خيبة أمل كبيرة. وقادت عملية تحرير العراق إلى صراعات  طائفية دموية بين مختلف المجموعات الدينية والعرقية . أسباب هذا الإخفاق متنوعة، ومن الصعب معالجتها في هذا المقال.فبعد خمس سنوات من الحرب على الإرهاب ،التي قسمت العالم  إلى ثنائية « المدنية » مقابل « البربرية »، هاهو الرئيس بوش يدفع العالم نحو صدام الحضارات .
العقلاء في العالم الغربي، ينادون بعقد مؤتمر دولي جديد  في فيينا لإعادة تنظيم العالم بعد انهيار الإمبراطورية السوفياتية ، على غرار مؤتمر فيينا للسلام الذي عقد عام 1815، وأعيد فيه تنظيم اوروبا بعد هزيمة نابليون في معركة واترلو.
 
(المصدر: مجلة الوحدة الإسلامية ،العدد التاسع و الخمسون،تشرين الثاني/نوفمبر 2006 )

هل من مكان للإعلام المستقل بيننا؟

بقلم: محمد كريشان

 

لا شيء جديدا في الاسم فهل من جديد في المضمون؟ فصحيفة الوطن السورية التي رأت النور مؤخرا كأول صحيفة سياسية يومية خاصة في البلاد بعد إنهاء الحكومة احتكارها لوسائل الإعلام الذي استمر طويلا اختارت اسما له أكثر من سمي في أكثر من دولة عربية فهناك الوطن الكويتية والسعودية والعمانية والقطرية والجزائرية والسودانية والبحرينية وربما غيرها ولكن ما يميز هذه الصحيفة الجديدة في دمشق، التي قال عنها صاحبها الناشر وضاح عبد ربه إنها مستقلة وستتبني نهجا سياسيا معتدلا، أن علي نجاحها أو تعثرها سيتوقف إلي حد كبير الحكم شبه النهائي علي مدي جدية السلطات في تقبل إعلام مختلف، ولا نقول معارضا، بعد التعثر الذي عرفته تجربة صحيفة الدومري الأسبوعية الساخرة التي أسسها قبل سنوات رسام الكاريكاتير الشهير علي فرزات والوأد الذي عرفته قناة الشام التلفزيونية قبل أن تشرع في تقديم أول نشرة إخبارية علي شاشتها.

 

أن تكون الصحيفة يومية فهذا يعني أنها مدعوة باستمرار لاختيار ما يستحق الإبراز من الأخبار السياسية وما يحتاج من بينها للتحليل والتعليق فالعنوان البارز في الصفحة الأولي موقف والافتتاحية موقف ونشر أو عدم نشر بيانات هذه الجهة أو تلك موقف كذلك، ونفس الشيء يقال أيضا عن الكاريكاتير وما ينشر من قضايا المجتمع وعالم المال والأعمال بل وحتي قضايا الإجرام والقضايا المعروضة علي المحاكم وربما حتي الرياضة والفن خاصة إذا كان من طينة ما تعود الإعلام الحكومي والحزبي التعتيم عليه.

 

وعندما نعلم أن كل ما سبق هو في بلد بتاريخ وظروف وحسابات سورية تصبح المسألة أعقد بكثير مما يظن بعضنا وهنا لا أحد يدري بالضبط، ممن يراقبون الحدث من خارج هذا البلد، ما إذا كانت هذه الصحيفة رأت النور نتيجة إرادة سياسية جادة في الانفتاح علي الرأي الآخر أم لا، خاصة وأن البعض من وجوه المجتمع المدني البارزين من أمثال ميشيل كيلو ما زالوا رهن التوقيف والملاحقات القضائية بسبب آرائهم السياسية، ثم إن معرفة موقع صاحب الجريدة والمسافة التي تفصله عن السلطة وربما جهات ما متنفذة داخلها، بل وحتي موقعه في عالم المال مهم للغاية في تحديد أكثر وضوحا للتوجهات المتوقعة من هذه الصحيفة التي ستأتي بلا شك المناسبات التي تمثل المحك الحقيقي الموضح بجلاء لخطها السياسي والتحريري.

 

وإذا ما تركنا سورية منتظرين تقويم أداء هذه الصحيفة الجديدة بناء علي عملها الفعلي وليس علي شكوك أو تكهنات فإن لنا في عدد آخر من الدول العربية تجارب غير مشجعة بالمرة وبعضها مدمر حقا في هذا المجال الذي تم فيه عمدا وتضليلا الخلط بين الإعلام الخاص والإعلام المستقل، فألا تكون وسيلة إعلام ما تابعة رسميا وماليا وإداريا للحكومة أو حزبها الحاكم لا يعني بالضرورة أنها مستقلة أو أن السلطة لا يد لها في تأسيسها والتحديد المسبق لماهية الدور المطلوب منها قبل أن تصدر ثم لاحقا في خضم الأحداث التي تعقب ذلك.

 

أما أخطر ما يحصل في بعض البلاد العربية هو تصدي هذا النوع من الصحف الذي يوصف بالمستقل، وليس له من هذه الاستقلالية شيء، للقيام بعدد لا يحصي من المهام القذرة التي لا تريد الصحف الرسمية تبنيها كالتهجم البذيء علي معارضين سياسيين والطعن في شرف مناضلات ومناضلين نيابة عن السلطة، وأحيانا عن دوائر معينة فيها من بينها الأمن والمخابرات. أما من فضل النأي بنفسه قليلا عن هذا التوجه المفضوح فله نوع آخر من الارتباطات والمهام التي تزداد حماسته لأدائها أو تفتر ارتباطا بالدعم المالي الذي يصل إلي هذه الجريدة أو المجلة حتي لو كان في شكل إعلانات مبوبة أو إشهار لشركات كبري في تلك الدول التي تراقب فيه الدولة حتي هذا النوع من النشاط.

 

نتمني لــ الوطن السورية ألا تتورط في مسائل معيبة من هذا النوع لأن الوطن لم يعد يتحمل المزيد من هذا الإسفاف لا في سورية ولا في غيرها.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 8 نوفمبر 2006)

 


دفاعا عن الليبراليين العرب وعن الكلمة الحرة

د. إقبال الغربي   المثقف تعريفا هو الذي يدافع عن الحقيقة ضد الأوهام والأساطير المؤسسة للأمة. هو الذي يدافع عن العقل ضد النقل، عن حرية التفكير ضد قيود التكفير، عن الحقوق الطبيعية وعن القيم الكونية ضد التقاليد والأعراف والخصوصيات المعادية لها. هو نصير الفرد ضد تسلط الجماعة. فهو على شاكلة فولتير خلال״ قضية  كالاس״ وعلى شاكلة « زولا » خلال قضية  « دريفوس״، يجابه الإجماع الغبي بالتميز النقدي ويزعزع آليات التطبع داخل اللعبة الاجتماعية بالابتكار والتجديد . واعتمادا على هذا التعريف يجسد المثقف نفحة أوكسجين ضمن الوعي الزائف والتضليل المعمم الذي نعيشه .لذلك فإننا نلاحظ انه عندما عبّرت مدرسة فرانكفورت عن تشاؤمها العميق إزاء سيادة التنميط الفكري والامتثالية في المجتمعات الحديثة، وإزاء انتشار آليات التكييف والتدجين الدقيقة، وتراكم تقنيات التلاعب بالعقول والسيطرة على الأجساد – هذه الآليات الماهرة  التي تجعل القمع مستَبطناً والاستقالة لذيذة ومجالات الإبداع والانعتاق محدودة-  فإنها أقرّت، رغم هذا التشخيص،  بوجود استثناءات نادرة محصِّنة ضد هذه ״العبودية الاختيارية״ المَُعََمَّمة. وتتجسد بؤر المقاومة بالأساس،  حسب هذه المدرسة النقدية، في فكرِ المثقف الحر وفي فعل الفنان الأصيل.  يجسد المثقف إذن  مناهضة الاستبداد ومعاداته. وهو هذا ما يفسر محنته في عالمنا العربي أين يعاني المثقف في نفس الوقت من ظلم الراعي ومن طغيان الرعية. فقد عرف العالم نوعين من الاستبداد الاستبداد الشرقي والاستبداد الشمولي. الاستبداد الشرقي التقليدي  هو السيادة التي تكاد تكون ملكية. هو أولوية الرغبة على القانون الثابت . هو تغليب العنصر الشخصي على المؤسسات. هو الالتذاذ الحيواني بالسلطة المطلقة وبالعنف السافر. أما الاستبداد الشمولي فهو يبتلع حرية النقد والشك وحتى الخيال والدعابة ويرمي إلى فرض رقابة كاملة على البشر. لذلك نراه يؤكد ويطالب بوحدانية الدين ٬ بوحدانية اللغة ٬ بوحدانية الأفكار والقناعات والمشاعر. ويؤدي هاجس الوحدة والتوحد إلى معاداة الكلمة الحرة ومحاولة نفيها وفي بعض الحالات إلى إبادة  كل ما ومن يهدد وهم التوحد والذوبان ويكذب هذه الادعاءات الهلوسية .لماﺬا؟ لأنه  يعرض  المجموعة إلى الخطر٬ خطر الشك ٬ خطر زعزعة اليقينيات ٬خطر الانقسام والتجزؤ ٬ خطر التلوث.  والملاحظ أننا في عالمنا العربي وضمن  استثناءاتنا العديدة وغرائبنا وعجائبنا التي لا تكاد تحصى قد جمعنا بين هاذين الصنفين من التسلط. وحصيلة هذا الاستثناء العربي هو أن الراعي والرعية على حد السواء يطالبان المفكر بنزع قيمة الحرية والنقد وتناسي الفردية في سبيل الانصهار في الجماعة –الأمة ويحولان المثقف إلى مجرد مرآة تعكس صورتهما المثالية والنرجسية ويروق لهما تأمل أمجداهم فيها.  وهذا ما جسدته أخيرا محنة الكاتبة التونسية رجاء بن سلامة التي كانت ضحية حملة متشنجة لأنها كتبت آراءها وقناعاتها بكل جرأة وصراحة. وتتمثل  جريمة هذه الكاتبة في انتقاد سياسة الزعيم اللبناني حسن نصرالله وفي الدفاع عن حق الفرد في أن يكون لادينيا ولاادريا أو ملحدا  .ومحنة رجا بن سلامة وما تعرضت إليه من خلال المقالات الهجومية والعدوانية  ليست سوى فصل من فصول مسلسل   التكفير والتذنيب والتأثيم التي طال كوكبة من  الليبراليين التنويريين في عالمنا العربي من أمثال العفيف الأخضر وشاكر النابلسي وسعيد الكحل وجمال البنا ونصر حامد أبو زيد ووجيهة الحويدر غيرهم من المفكرين الأحرار. .. gharbi ikbal <ahikbal@yahoo.fr   * تونس
 
(المصدر: موقع شفاف الشرق الأوسط بتاريخ 4 نوفمبر 2006)


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

7 juillet 2009

Home – Accueil TUNISNEWS 9 ème année,N° 3332 du 07.07.2009  archives :www.tunisnews.net   Slim BAGGA: Mafia au pouvoir – Deux ou

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.