فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia
|
TUNISNEWS
11ème année, N°4081 du 31.08.2011
archives :www.tunisnew .net
الانتخابات ستجري في موعدها.. و«النهضة» لن تحصل على أكثر من 20% من الأصوات
قائد السبسي: بوتفليقة صديق شخصي.. والجزائر ليست لها نيات لزعزعة استقرار بلدنا
المنجي السعيداني قال الباجي قائد السبسي، رئيس الحكومة التونسية المؤقتة، إنه هدد بالفعل بالاستقالة من منصبه إذا ما تراجعت الأحزاب السياسية عن التزامها بإجراء الانتخابات المتعلقة بالمجلس الوطني التأسيسي في موعدها المحدد يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وقلل قائد السبسي في حديث خص به «الشرق الأوسط» من أهمية تأثير حركة النهضة الإسلامية على الانتخابات القادمة، وقال إنها لن تحصل على أكثر من 20 في المائة من أصوات الناخبين التونسيين رغم أن بعض استطلاعات الرأي أعطتها قرابة ثلث الأصوات قبل أقل من شهرين على موعد انتخابات المجلس الوطني التأسيسي. وقال إن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تجاوزت المراحل الصعبة، وإن المركز الوطني للمعلومات يقوم بعمل جبار لتيسير العملية الانتخابية، مشيرا إلى أن ترشح المستقلين سيكون له تأثير كبير على نتائج الانتخابات. وكشف قائد السبسي عن أن هناك 29 قضية ضد رموز الفساد جاهزة، والمحكمة العسكرية ستبدأ النظر فيها في بداية سبتمبر (أيلول) المقبل. وتحدث قائد السبسي عن الجزائر، ووصف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بأنه «صديق شخصي»، مشيرا إلى أن الجزائر ليست لها نيات لزعزعة الاستقرار في تونس، بيد أنه قال إن نجاح الثورة التونسية يقلق الكثير من الأنظمة العربية التي لا تتعامل ديمقراطيا مع شعوبها. وفيما يلي نص الحوار. * هل لكم أن تطمئنوا الشارع التونسي وتؤكدوا أن الانتخابات ستجري في موعدها، وما حقيقة تهديدكم بالاستقالة خلال الفترة الماضية؟ – أود أن أخفف من مخاوف عامة التونسيين حول إمكانية فشل موعد الانتخابات من جديد وأقولها بالحرف الواحد «الانتخابات ستجري في موعدها»، وأؤكد على أن الشروط اللوجيستية المطلوبة متوفرة في الوقت الراهن، ولا توجد مخاوف في هذا الشأن. لقد تعرضت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي يرأسها كمال الجندوبي بالفعل لبعض الصعوبات مما جعلها تمر في بعض اللحظات بحالة عجز. هذا الوضع الصعب جعلني أهدد في مرحلة أولى بتغيير مرسوم الانتخابات وتكليف وزارة الداخلية التونسية بالإشراف عليها إذا لم يستطع الفرقاء التونسيون، من أحزاب ومنظمات، الالتزام بالموعد الانتخابي، وأنا مستعد لتحمل مسؤوليتي في هذا الشأن. ولكنني أعلن أن تلك الصعوبات والمخاطر زالت وتجاوزتها الأحداث، وأن المركز الوطني للمعلومات قام بعمل جبار، والخبراء يجتمعون ثلاث مرات في الأسبوع لتيسير العمليات التي تنجح الانتخابات القادمة. لقد كنت بالفعل جاهزا للفصل بين أحد الخيارين؛ إما إجراء الانتخابات في موعدها، أو الإعلان عن فشل الحكومة في تسيير الأمور، ومن ثم إمكانية التفكير في الاستقالة والخروج من الحكومة مرفوع الرأس وبكرامة. * هناك اتهامات للحكومة المؤقتة بالتلكؤ في محاسبة رموز الفساد في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، كيف تردون على هذه الاتهامات، ولماذا لم تجر محاكمات كبرى مثل ما يجري في مصر، على سبيل المثال؟ – هناك من يفكر بطريقة «كن فيكون»، ولكنني أرى الأمور بشكل مختلف. فالمحاكمات الكبرى تتطلب تحضيرا متكاملا لملفات الإدانة المتعلقة بالأشخاص المنتظر محاكمتهم. وأطمئن التونسيين بالمناسبة بأن 29 قضية جاهزة تماما، وقد استغرق البحث في ملفاتها ثلاثة أشهر كاملة. ومن المنتظر أن تعرض على أنظار المحكمة العسكرية بداية من أول سبتمبر (أيلول) المقبل. وأؤكد منذ الآن أن نقلا مباشرا سيرافق كل المحاكمات التي ستتم في المحكمة العسكرية حتى تسير الأمور على مرأى ومسمع من كل التونسيين. * الكثير من التونسيين ما زالوا يتساءلون حول ما حصل يوم 14 يناير (كانون الثاني) الماضي، وينتظرون من الحكومة تنوير الرأي العام حول حقيقة ما جرى، وهل يمكن الحديث بالفعل عن إجهاض انقلاب كان سيحدث في تونس؟ – شخصيا، أعتقد أن تصريحات سمير الطرهوني، رئيس فرقة مكافحة الإرهاب صحيحة فهو من أوقف عائلة «الطرابلسية» مساء يوم 14 يناير قبل الإطاحة بنظام بن علي، وكان ذلك ضمن باب الاجتهادات الفردية التي تمت في ظرف صعب وخلال ثلاث ساعات حاسمة في تاريخ تونس الحديث. وفيما يتعلق بالحديث عن وجود انقلاب في تونس قد يكون تم التعتيم عليه، فإنه لم تتوفر لدي معلومات حول هذا الموضوع لذلك لا يمكن أن أجزم أو أحسم في هذا الشأن، ولكن الحكومة المؤقتة على استعداد للتحقيق في أمر ما حصل من أحداث يوم 14 يناير إذا كان هذا الأمر مطلبا شعبيا ملحا. * ولكن مظاهر الانفلات الأمني لا تزال موجودة في تونس فكيف يمكن إجراء الانتخابات في ظل ظروف قد تكون صعبة؟ – أعتقد أن الحديث عن مظاهر الانفلات الأمني له علاقة بقرب الموعد الانتخابي، إذ إن بعض الأحزاب سعت إلى تعكير الأجواء وشحن الشارع لأنها خائفة من الموعد الانتخابي، وهي تخشى صناديق الاقتراع، ولكن عموما ستقع العملية الانتخابية ولن يقدر طرف سياسي ما على السيطرة على الساحة السياسية لوحده. أما بالنسبة للانفلات الأمني فإن الوقت كفيل بالتخفيف من حدته، وإذا ما اقتنعت الأحزاب بأن الاقتراع هو الوسيلة الوحيدة للحسم بين المتنافسين على الحكم. * وهل هناك خشية حقيقية من إمكانية سيطرة حركة النهضة على الحياة السياسية، وكيف ستتصرفون إذا ما حصل ذلك؟ – تتجه الأنظار في تونس والعالم إلى انتخابات المجلس التأسيسي، والأعين في حقيقة الأمر متوجهة نحو حركة النهضة في هذا الشأن. ولكنني أقول بكل وضوح إن حركة النهضة لن تتجاوز حدود 20 في المائة من أصوات الناخبين التونسيين، وهذا في أقصى الحالات. ولإجراء الانتخابات في ظروف مقبولة، لا يمكن للحكومة المؤقتة إلا أن تعتمد في ذلك على وزارتي الدفاع والداخلية، وأنا شخصيا لا أبالي كثيرا بتهديد الأحزاب والمنظمات، فهو لا ينفع معي وأنا لا أخضع لأي تهديد أو أي ضغط. وأعتبر أن محمد الغنوشي، رئيس الحكومتين المؤقتين اللتين سبقتا حكومتي، خسر رهان إدارة البلاد لأنه لم يقدر على تحمل ضغط الشارع وبقية الأطراف المشاركة في الحياة السياسية، وخضع في بعض المواقف لضغط الشارع ومكونات المجتمع المدني التونسي. * وهل يعني هذا أن التخوفات من نتائج الانتخابات زالت تماما، وأن الأجواء ستكون مثالية؟ – لا يخفي التونسيون وجود بعض التخوفات من نتائج الانتخابات القادمة، وأقول لبعض السياسيين إن نية جلوس بعض الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية على مقعدين، تجعل المعنيين بالأمر، الذين لا أريد تسميتهم، يجدون أنفسهم فوق الأرض مباشرة ودون مقعد هذه المرة. لقد لاحظنا أن حركة النهضة منظمة وقادتها يدرسون الأمور جيدا، وما على بقية الأحزاب التي لا تزن الكثير في واقع الأمر، إلا أن تسعى بجدية إلى موازنة الكفة خلال الانتخابات القادمة. ولا أعتقد أن من صالح الحركة السيطرة على المجلس الوطني التأسيسي، ومن السابق لأوانه الحكم على المشهد السياسي في تونس وعلى الحكومة المؤقتة أن تترقب في غضون شهر لتنظر في من سيرشحون أنفسهم من المستقلين في الانتخابات القادمة، وأعتبر أن تلك الترشحات ستكون مؤثرة للغاية في الانتخابات والكثير من التونسيين الذين لا يعرفون الأحزاب خلال هذه الفترة، ستستميلهم الأسماء خاصة على المستويين المحلي والجهوي. وأعتقد أنه من الوظائف الأساسية للحكومة المؤقتة قراءة قوائم المرشحين للانتخابات. أما بالنسبة لتركيبة المجلس التأسيسي فهي على ما يبدو ستكون فسيفساء سياسية، وهو ما قد يعطل مسار الانتقال الديمقراطي، ولكن ما على الحكومة الحالية إلا انتظار النتائج وعقد أول اجتماع للمجلس عندها يمكن للرئيس أن يعين حكومة أخرى، ولا يمكن لرئيس الحكومة الحالية أن يواصل عمله لأنه غير شرعي. * وما هو موقف الحكومة المؤقتة من الأفكار الداعية لتحديد مهام المجلس التأسيسي وتحجيم دوره السياسي؟ – بالفعل، يطالب البعض من الأحزاب السياسية بتحديد مدة عمل المجلس الوطني التأسيسي ودوره الأساسي خلال المرحلة القادمة، كما أنها تدعو إلى إجراء استفتاء يوم الانتخابات حول هذا الأمر. إن الحكومة المؤقتة في الوقت الحالي ليس لها رأي حول هذا الموضوع حتى لا تظهر في مظهر من يتمسك بالكرسي، ولكن إذا اتضح أن الأغلبية من التونسيين مهتمة بهذه المسألة فبالإمكان عرضها على استفتاء شعبي. ولكن المعضلة تكمن في أن تلك المطالب قد تصدر عن 70 حزبا من الأحزاب الصغرى، وهي لا تمثل ثقلا سياسيا يمكن من خلاله النظر في تلك المطالب مع أنها تبقى محل جدل قد يتطور خلال الفترة المقبلة. * الثورة التونسية أقلقت الكثير من الأنظمة العربية، وأصبح الحديث اليوم متداولا عن «تصدير جديد للثورة»، كيف تنظرون لهذه المسألة، وكيف يمكن إدارة علاقات تونس مع تلك البلدان خلال المرحلة القادمة؟ – هذا الواقع السياسي الجديد أمر ثابت والجميع يعلم أن نجاح الثورة التونسية وخروجها إلى بر الأمان يقلق بالضرورة الكثير من البلدان العربية التي لم ترتق سياساتها إلى حد التعامل الديمقراطي مع مطالب شعوبها. وأعتبر أن كل ما يقع في تونس يؤثر على الجزائر وعلى ليبيا، البلدان المجاوران، ولذلك كانت أول زيارة قمت بها إلى الجزائر لترابط المصالح وتأثرها بعضها ببعض. وأنا من خلال هذا الحديث أريد أن أشيد في هذا الشأن بدعم الجزائريين. والرئيس عبد العزيز بوتفليقة صديق شخصي، والجزائر هي البلد الوحيد في العالم الذي أمد تونس بالمساعدة المالية من أول وهلة ودون تردد في حين بقيت بقية الوعود في باب النيات والوعود. ولا أعتقد شخصيا أن الجزائر لها نيات لزعزعة الاستقرار في تونس مع أن الثورة التونسية وتحول تونس إلى بلد ديمقراطي مستقر سيقلق جميع الدول العربية بالتأكيد.
(المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 أوت 2011)
<
تونس-بناء نيوز- منى الكوكي
صرّح كمال الجندوبي رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنّ الهيئة لن تقوم بنشر قائمة الممنوعين من الترشح للعموم، وقال « إنّنا اقتربنا تقريبا من ضبط هذه القائمة والجديد أننا قسمناها بدورها إلى ثلاث قوائم فرعية وهي قائمة الممنوعين الذين تقلدوا مهاما في حكومات بن علي، ثمّ قائمة المناشدين التي تولت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة ضبطها نهائيا، وأخيرا قائمة الممنوعين الذين تقلدوا مهاما في الحزب وهي القائمة التي لم تضبط بعد بإعتبار أنّ هناك منتمين إلى الحزب قاموا بالعديد من ممارسات الفساد لكن لم نتمكّن من إثبات ذلك لأنّ الداخلية قالت أنّ حزب التجمع الدستوري الديمقراطي ليس لديه أرشيف واضح.
جاءت هذه التصريحات أثناء اجتماع عام عقدته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات اليوم 29 اوت 2011 لبحث النظام القانوني لترشح القائمات لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي.
وأوضح الجندوبي أنّ عملية تقديم الترشحات لانتخابات المجلس التأسيسي يوم الخميس 1 سبتمبر على الساعة الثامنة صباحا وتنتهي يوم الأربعاء 7 سبتمبر 2011 على الساعة السادسة مساء، و »يتم تقديم هذه الترشحات بالهيئات الفرعية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات ».
وعقّب الأستاذ مراد بن مولى المكلف بالشؤون القانونية على المراسيم المتعلّقة بالبت في قبول الترشحات وهي المرسوم 27 لسنة 2011 المتعلق بإحداث هيئة عليا مستقلة للانتخابات والمرسوم عدد 35 لسنة 2011 المؤرخ في 10 ماي 2011 والمتعلق بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي الذي تمّ تنقيحه وإتمامه بالمرسوم عدد 72 لسنة 2011 المؤرخ في 3 أوت 2011.
كما سيتم البت في ترشحات المجلس التأسيسي وفقا للأمر عدد 1068 لسنة 2011 المؤرخ في 3 أوت 2011 المتعلق بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء المجلس والأمر عدد 1088 لسنة 2011 المؤرخ في 3 أوت 2011 المتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية وضبط عدد المقاعد المخصصة لها لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي.
وشرح بن مولى شروط وإجراءات الترشح لعضوية المجلس الوطني التأسيسي فضلا عن إجراءات الطعن في قرارات الهيئة وإجراءات إيداع الترشحات وسحبها لاحقا، وأوضّح الشروط المتعلقة بالقائمة الانتخابية. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا الاجتماع حضره عدد من ممثلي الأحزاب السياسية الذين فتح لهم أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المجال للاستفسار عن النقاط التي جاءت على لسان المتدخلين ومناقشة بعض تفاصيل الترشح إلى عضوية المجلس الوطني التأسيسي التي ستجرى يوم 23 أكتوبر 2011.
(المصدر: موقع بناء نيوز الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 30 أوت 2011)
<
تونس- نقلت وكالة الأنباء التونسية عن عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مراد المولي أنه يجب أن تتوفر في المترشح لانتخابات المجلس التأسيسي المزمع اجراؤها في 23 اكتوبر القادم عدة شروط أهمها بالاضافة إلى شرطي السن (23 سنة) وصفة الناخب، ألا يكون قد تحمل مسؤولية صلب الحكومة في عهد الرئيس السابق أو في حزب التجمع المنحل وألا يكون ضمن قائمة المناشدين لبن علي تجديد ولاياته الرئاسية. كما نقلت الوكالة عن المولي تأكيده على ضرورة احترام مبدأي التناصف والتناوب بين النساء والرجال وأن يكون عدد المترشحين بالقائمة مساويا لعدد المقاعد المخصصة للدائرة المعنية وعلى عدم انتماء عدة قائمات لحزب واحد في نفس الدائرة الانتخابية، مستعرضا بعض الشروط الفنية والشكلية الخاصة بتسمية القائمات الانتخابية. وأوضح أن الهيئات الفرعية للانتخابات داخل البلاد تنطلق ابتداء من يوم الخميس 1 سبتمبر المقبل إلى غاية الاربعاء 7 سبتمبر في قبول الترشحات ويشترط أن يكون المصرح بالقائمة أحد المترشحين وحاصلا على تفويض من رئيس الحزب أو من ينوبه وعلى إثر التصريح يتسلم المصرح بالقائمة وصلا وقتيا في الايداع. وفي ذات السياق بين أنه في صورة استيفاء القائمة للشروط القانونية تسلم الهيئة الفرعية للانتخابات خلال الأيام الأربعة الموالية ليوم إيداع التصريح، وصلا نهائيا لهذه القائمة. أما في صورة عدم استيفائها للشروط القانونية فيجوز للهيئة الفرعية إعلام رئيس القائمة بضرورة تلافي الاخلالات طالما سمحت الآجال بذلك. ومن جهته اعلن رئيس الهيئة كمال الجندوبي أنه سيتم منع الإشهار السياسي بداية من 12 سبتمبر المقبل.
(المصدر: موقع تونس 24 الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 30 أوت 2011)
<
تحدث الأمين العام لحزب النهضة حمادي الجبالي في لقاء مع صحيفة « jeune afrique » خلال مارس الماضي قال فيه: « لقد قمنا بتقييم فيه نقد ذاتي بكل موضوعية لمسارنا. وسننشر النتائج قريبا للراي العام وهو ما سيخول للحركة تصحيح الأخطاء والتوجهات. ونامل ان ينسج الجميع على نفس المنوال . ولهذا على كل شخص ان يبدأ باصلاح نفسه قبل الدعوة الى إصلاح غيره »
وقد كثر التساؤل من كثيرين عن فحوى هذا التقييم وعن قراءة الحركة لتوجهاتها واستجلاء نقاط القوة والضعف فيها؛ لكن السرية المتبعة من قبل أعضائها والتاكيد على عدم نشر أية معلومة أبقى التعتيم متواصلا. وقد حاولت «الأسبوعي « استجلاء أسباب التاخير عن نشر هذا التقييم .وعن أهم النقاط التي بإمكانها أن تطرح فيه . تضارب عند الحديث عن موضوع تقييم حركة النهضة لمسارها ولمواقفها وتوجهاتها كتب العديد من السياسيين والمفكرين والمحللين التونسيين العديد من المقالات ذهب فيها البعض الى القول إن مسار الحركة قد اختلطت حسناته بسيئاته ؛ فعلى سبيل المثال يعد من الحسنات استمرارية البناء التنظيمي الداخلي للحركة الذي ظل يشرف على أعمال له وفق «مؤسسات شورية ديمقراطية» رغم حصول عدة تجاوزات لكن وفي ظل المضايقات التي شهدتها النهضة منذ عقود كدخول كوادرها للسجن وتعرضهم للتعذيب فإن فكرها ومواقفها قد تغيروتطور. في المقابل ومن بين السيئات تضخم الجهاز التنظيمي على حساب النهج الدعوي المنفتح على الشارع .أمرآخر شدد عليه المتابعون لمسيرة الحركة هو الخلط الذي وقع فيه منتسبوها في العديد من الفترات بين السرية والعلنية اذ حتم عليهم التضييق الممارس عليهم من قبل النظام توخي السرية في العمل في وقت يتوجب عليهم فيه الحراك بشكل علني لتبليغ صوتهم للراي العام . ولعل أكبر دليل على تداعيات هذا التمشي المواجهات التي جدت بين شبان الحركة والنظام في الفترة المترواحة بين 1987 و 1991 وهي مبادارت فردية تمثلت في استخدام ‘المولوتوف والعنف في ما سمي بأحداث باب سويقة» حسب ما اكده كوادر الحزب في المدة الاخيرة.
وفي إحدى اصداراته كتب راشد الغنوشي في كتاب صدر سنة 2000 تحت عنوان «الحركة الإسلامية ومسألة التغيير»:» وفي باب التعامل مع الطغيان المحلي البديل عن ثقافة الفتنة او الخنوع ثقافة الجهاد السلمي والثورة والديمقراطية وهو ما يحتاج الى التاصيل والإثراء في مكتبتنا الاسلامية المعاصرة…وبكلمات محدودة يمكن القول إن تعقد الأوضاع يجعل من العسير الخروج بقاعدة واحدة تغطي الأوضاع المختلفة فأن محصلة استخدام القوة من طرف جماعة سياسية من أجل تغيير نظام حكم سواء بانخراطها كليا او جزئيا في العمل المسلح سلبية في الغلب وكارثية.».
تاجيل لموعد لاحق
يقول نور الدين البحيري عضو المكتب التنفيذي للحزب عند سؤاله عن سبب تاجيل الحركة الإعلان عن نشر التقييم الذي قامت به لمسارها قبل وبعد 14 جانفي :»كان من المنتظر الإعلان عن التقييم الشامل لمسار الحركة ومواقفها خلال السنوات الأخيرة في شهر جانفي لكن وفي ظل القضايا الهامة المطروحة على الساحة الوطنية فقد خيرنا التركيز على اولى الأولويات بالنسبة لنا في الوقت الراهن والمتمثلة في العمل على توفير الظروف الملائمة لإجراء انتخابات المجلس التاسيسي في موعدها وإعداد برنامجنا الانتخابي, لذلك لم يكن الحديث عن النقد الذاتي والقراءة التي قمنا بها في مسار الحركة ذا اولوية بالنسبة لنا.»
ضرورة المحاسبة
ويتابع محدثنا قائلا:»يكتسي أي تقييم نقوم به مكانة هامة لأن خياراتنا تكون بالضرورة مبنية على قراءة لقرارات الحركة وخياراتها في مرحلة سابقة. اعتقد ان كل خطوة نقوم بها في حركتنا تتطلب وجوبا قراءة لخطوة سبقتها لتقدير كل ما هو ايجابي وكل ما هو سلبي من مواقف وتحركات وقرارات حتى تكون خطواتنا على اسس مدروسة وموضوعية. نؤمن بضرورة محاسبة النفس والمراجعة حتى وان كانت في بعض الأحيان يومية بما في ذلك القضايا الكبرى التي تكون مراجعتها بصفة دورية.
لقد كانت لدينا قراءة نقدية لتجربتنا وعملنا السياسي والاجتماعي في تونس في فترة ما قبل 14 جانفي حيث استجلينا نقاط الضعف والإيجابيات وعلى أساسها وضعنا خياراتنا لهذه المرحلة . وبغض النظرعن الأخطاء التي وقعنا فيها سابقا فان الأهم بالنسبة لنا المراجعة لاننا لسنا مصرين على الخطاء ولا ندعي الكمال عند الصواب لأننا في النهاية بشر نخطئ ونصيب ونتراجع عن الخطأ. نعتقد في الحركة انه من حق الناس ان يطلعوا على قراراتنا وفهمنا للواقع وللخلفية التي ننطلق منها لسلوكاتنا وانشطتنا في ظرف معين . كما انه من حقهم ان يعرفوا ما نقوم به وما نمارسه ونعلنه لكي لا تتم محاكمتنا على النوايا اومن خلال اتهامات وادعاءات أطراف معينة غير منصفة ومحقة في رأيها وادعائها.»
جمال الفرشيشي
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 29 أوت 2011)
<
عقد حزب حركة الإصلاح والبناء الخميس الماضي أول اجتماعاته العامة وكانت الانطلاقة من ولاية بن عروس حين نظم الحزب اجتماعا جماهيريا بمقر الدائرة البلدية في سهرة رمضانية كانت مشحونة بالتوتّر حيث ما إن أعلن أول حزب عن تنظيم اجتماعه في هذه المنطقة حتى تجنّدت له بعض الأطراف لإفشال تنظيمه بمقر الدائرة. غير أن تدخل والي الجهة حسب رئيسة الحزب تم الابقاء على نفس الفضاء ولكن الفضاء الخارجي فقط. اDégageب وبعد أن انطلق الاجتماع في ظروف صعبة برزت مجموعة من عناصر حركة النهضة ولجنة حماية الثورة وحاولت افشال الاجتماع مستعملة في ذلك كلمة «Dégage» بتعلّة أن رئيسة الحزب تجمعية ثم بتعلّة أخرى أن من كان وراء هذا الاجتماع هم عناصر من التجمع ولما تشبّث الحضور بالبقاء ومواصلة الاجتماع صرخ أحدهم واستعمل النشيد الوطني لدفع المواطنين على مساندته ومغادرة الفضاء غير أن ذلك زاد الجمهور إصرارا على البقاء خصوصا وأنه أول حزب سياسي وسطي يدخل هذه المعتمدية بعد دخول حركة النهضة التي استحوذت تقريبا على كل الأنشطة السياسية مما يعيد للأذهان فكرة وسياسة الحزب الواحد. وبعد أن حصلت بعض الفوضى تخلّلها استعمال لـ«الفوشيك» لمزيد الشحن، تمّت السيطرة على الوضع وعادت الأمور إلى مجاريها ونجح حزب حركة الإصلاح والبناء في اقناع الحضور بالحوار وضرورة وجود التعدّدية الحزبية وتجنّب توجيه الاتهامات المغلوطة والمغرضة وتواصل بعد ذلك النقاش والاستماع لمشاغل المواطنين بما في ذلك مشاغل شباب حركة النهضة الذين عبّروا بطريقتهم على مشاغلهم. امتصاص الغضب وتمكّنت رئيسة الحزب السيدة آمنة منصور القروي من أن تمتص غضب البعض وخاصة من الذين يرفضون دخول أي حزب جديد في معركة الديمقراطية مهما كان توجهه وسطيا أو يساريا. وقد تواصل الاجتماع إلى حدود منتصف الليل تقريبا واعتبره البعض ناجحا إلى أبعد الحدود باعتبار أنه أول حزب يدخل هذه المنطقة السكنية الكبيرة وينجح في استقطاب عدد كبير من المنخرطين. علما وأن حركة النهضة نظمت بدورها عديد اللقاءات الشعبية والاجتماعات في الفترة الأخيرة سواء بقصر الطفولة أو بمقر الدائرة البلدية دون أن تجد صعوبات أو عراقيل تذكر. ر-ع
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 29 أوت 2011)
<
طالبت نائبة الهولندية في البرلمان الأوروبي وخمسة من زملائها بالتحقيق في تورط بعض الشركات الأوروبية في بيع وصيانة أجهزة للمراقبة و التصنت على الناشطين في مجال حقوق الإنسان في تونس ومصر و البحرين وسوريا.
وأرسل النواب أمس طلبا كتابيا إلى رئيس المفوضية الأوروبية كاترين اشتون لتعيين لجنة تحقيق في الغرض. وقالت الناطقة باسم المفوضية كريستينا أريغو: « أن الإتحاد الأوروبي يدرس كيفية دعم تنفيذ مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، والتي تقول بأن الشركات لديها واجب احترام حقوق الإنسان ».
و كانت وكالة » بولمبرج » الإخبارية ذكرت ان نظام مراقبة تم بيعه من قبل شركة » سيمنس » وصيانته من طرف شركة نوكيا –سيمنس » و تروفيكور لعدد من الدول منها البحرين وتونس. هذا وستقوم المفوضية الأوروبية بإعادة النظر في إستراتيجية مسؤولية الإتحاد الأوروبي المتعلقة بالشركات.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 30 أوت 2011)
<
بعد أن تم التحجير على أملاكهما علمت كلمة أن حاكم التحقيق بإحدى الدوائر الجنائية بالمحكمة الابتدائية أمر بالتحقيق مع القاضيين لطفي الدواس مدير ديوان العدل السابق و محرز الهمامي رئيس دائرة جنائية.و من المنتظر أن يبدأ التحقيق معهما بعد عطلة العيد. و كان القاضيان المتهمان من ابرز رجالات بن علي اللذان كانا ينفذان تعليماته في محاصرة المعارضين و الحقوقيين و التشفي منهم.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 30 أوت 2011)
<
محمد بن رجب من تونس تونس: رمضان الأول بدون بن علي يستعد للرحيل وعيد الفطر المبارك الأول بدون بن علي على الأبواب ، والحركة على أشدّها في الأسواق والمغازات و الفضاءات الكبرى ، والمواطنون التونسيون يخرجون بعد الإفطار وفي سباق مع الزمن ، وذلك لشراء ملابس العيد لأطفالهم ، فعيد الفطر هو عيد الملابس والحلويات .. » إيلاف » قامت بجولة بين الأسواق والمغازات ورصدت آراء الناس. « صولد » وتخفيضات ولكن ..
منظمة الأعراف وككل موسم ، تطبق تخفيضات بسيطة في أسعار الملابس والأحذية ، بعض المغازات الأخرى تعلن عن تخفيضات أفضل من ذلك ولكن برغم هذه التخفيضات المعلنة فإن الأسعار تبقى مرتفعة وفي هذا المجال يقول لطفي (أستاذ) الذي كان يختار بعض الملابس بإحدى المغازات لـ (إيلاف) » فرحنا بغياب الرئيس السابق ولكن الأسعار العالية أرهقتنا في هذا الشهر الكريم و استعدادا للعيد المبارك . » و أضاف : » ليس هناك » صولد » حقيقي وما يتم الإعلان عنه هو للإستهلاك فقط ، لأن الأسعار التي نراها على الملابس مرتفعة جدا ولا تحسّ أن هناك أي تخفيض . » ويضيف مرافقه عبدالسلام (موظف) » صحيح أن هناك تخفيضا ولكن هذا التخفيض يهم البضائع » القديمة » التي لا يريد التاجر أن تبقى إلى الفصل القادم. » وترى أميرة (مدرسة) أن المواطن لا يحسّ بالتخفيض المعلن عنه في أسعار الملابس لأن « الشهرية » غير قادرة على تحمل جميع المصاريف وبخاصة إذا كان له عدد من الأطفال.
عبد اللطيف ( موظف) يقول » عيد الفطر على الأبواب و رمضان في ظل الحرية والديمقراطية بدون بن علي مرّ علينا صعبا بسبب الغلاء الفاحش الذي عشناه على مدى الشهر الكريم وهو ما جعل عديد التونسيين يلتجئون إلى التداين والإقتراض وهو ما يثقل كاهلنا قبل حلول عيد الفطر المبارك وقريبا العودة المدرسية ».
ويضيف » صحيح أن شهر رمضان مرّ في أجواء من الحرية و الراحة النفسية بعيدا عن أي ضغوطات من أي نوع ولكن الآن كيف سنتصرف لتوفير ما يطلبه الأطفال من ملابس جديدة و ألعاب ، فأنا لي خمسة أبناء ، وما أزال حائرا ماذا سأشري وكيف سأوفق بينهم وأشري كساوي العيد ، غلاء أسعار الملابس الجاهزة يجعلني غير قادر على التوفيق بين مصاريف شهر رمضان ومصاريف ملابس العيد ثم العودة المدرسية. قبل أن يضيف أنه استلف مبلغا من المال صرفه في شهر رمضان المعظم، فماذا سيفعل الآن والأسعار عالية، هل يتداين مرة أخرى وهو لم يسدد بعد الدين الأول ، لقد وجد نفسه في حيرة، بين المطرقة والسندان، بين مطرقة الأبناء ورغباتهم وسندان التداين .. أما رضا (موظف) فيقول إنه قام بجولة بين الأسواق صحبة زوجته وشرى بعض الملابس لأبنائه الأربعة من أحد التجار الذي يعرفه جيدا ولذلك فقد طلب منه أن يدفع له المبلغ على أقساط وهو ما سهل عليه شراء كساوي أبنائه التي وصلت كلفتها إلى 250 دينارا (193 دولارا) أما زوجته فضيلة فتقول إن مصروف شهر رمضان لم يترك لهم شيئا كما أن مصاريف العودة المدرسية تؤرقنا، وأبناؤنا دائما يطلبون المزيد خاصة وهم يزاولون دراستهم .. ابراهيم (مدرس) قال إنه يريد أن يشري كسوة له في هذا العيد تماما كالأطفال الصغار، ولكن الأسعار مرتفعة بل غير معقولة لأن التجار يستغلون هذه المناسبة من أجل الربح الوفير، ورغم ذلك فهو مضطر للشراء ولكن سيختار الأنسب والأرخص له حتى لا يدخل ذلك بعض الخلل على ميزانيته ، أما كريم (موظف) فقال إنه يريد شراء كسوة بمناسبة العيد ومن أجل ذلك فقد قام بجولة في الأسواق ووجد أن البنطلون الذي يناسبه لا يقل ثمنه عن 45 دينارا ( 35 دولارا) والحذاء الممتاز ليس أقل من 50 دينارا ( 39 دولارا) كذلك ، وأضاف أنه اشترى كسوة ثمنها 180 دينارا (140 دولارا) ، ويواصل » الحمد لله أني لم أتزوج بعد وليس لي أبناء وحتى يحين موعد الزواج والأبناء سأتمتع بلبس أحسن الملابس وأفضلها . »
الأسعار مرتفعة جدا هذه الأيام حتى أن رشيدة تقول متحدثة عن الجولة التي قامت بها في الأسواق : » إن الأسعار مشطة جدا ولا أهمية للتخفيضات التي تم الإعلان عنها أو المبيّنة على الملصقات على واجهة المغازات ، وراتبي لم يكف لتغطية ثمن كسوة العيد لإبني ريان (14 سنة) وابنتي رانية (12 سنة) ، فقد شريت كسوة دجين لآبني ثمنها 60 دينارا (46 دولارا) وقميصا بقيمة 22 دينارا(17 دولارا) وحذاء بـ 35 دينارا (27 دولارا) ، أما بالنسبة لآبنتي فالكسوة ثمنها 45 دينارا(35 دولارا) والحذاء 25 دينارا (20 دولارا) وهكذا أكون قد صرفت أكثر من راتبي بكثير، هذا المبلغ ، أنا غير قادرة على توفيره لولا أن منحني زوجي 100 دينار أخرى فنحن نتعاون ، والأسعار مرتفعة جدا ، وحتى الملابس التي اخترتها لم تكن من النوع الممتاز ولكن هذا ما أقدر عليه « ، ويبين منذر(موظف) الذي كان معه ابنه قيس لشراء كسوة العيد ، يقول إنه قضى وقتا طويلا من أجل اختيار كسوة من النوعية الجيدة ، فهو يقارن كذلك بين الأسعار في مختلف المغازات حتى يجد الثمن الأرخص و المعقول ، ويضيف » صراحة أنا غير قادر على شراء الأنواع الراقية بأسعار خيالية . » » لا يكلف الله نفسا إلا وسعها .. » :
يقول عبدالكريم(موطف) : » لا يكلف الله نفسا إلا وسعها .. » فملابس وحلويات العيد وإن كانت ضرورية وعادة لدى العائلات التونسية فالأهم هو تنظيم ذلك و »على قدر كسائي أمد رجلي » من ذلك مثلا أن عائلتي تعد تسعة أفراد منهم سبعة فتيان وفتيات ، وهذا العدد لا يجعلني قادرا على توفير كساوى لهم جميعا خاصة ونحن لم نتجاوز بعد مصاريف شهر رمضان الكريم ، ومن ناحيتي أقوم بشراء كساوى لولدي الصغيرين أحمد وفراس أما البقية وهم الذين يدرسون بالإعدادي والثانوي فسأشري لكل واحد منهم قطعة واحدة ..، ويقول عبدالعزيز (موظف) إنه مستعد لتوفير ما يطلبه أبناؤه برغم ارتفاع الأسعار وذلك يعود إلى ادخاره لمبلغ من المال لهذه المناسبة ربما أضفته لراتب الشهر الجاري ، ثم يتحدث عن مصاريف شهر رمضان التي ادخرها كذلك وبالتالي فهو لم يحسّ بأي ضغط على مستوى المصاريف ، أما الحاج رضا فقال إنه لا يحمّل نفسه أكثر من طاقتها وهو لا يتداين لشراء كساوى العيد لأبنائه لذلك فهو يشتري كسوة لآبنه الصغير أما الكبار فهم مقتنعون بما عندهم لأنهم يعرفون جيدا أن إمكانيات العائلة » على حالها » ويقدّرون ذلك فعلا ..
لكن برغم الأسعار المرتفعة إلى جانب ضيق ذات اليد فإن المغازات دائما مكتظة فهذا المولدي (مدرس) يقول » إنه يعيش عديد الضعوطات ، فبعد شهر رمضان التي لم ينته بعد ومصاريفه كثيرة ، يأتي عيد الفطر المبارك بملابسه وحلوياته ، ملابس الأطفال أكيد توفيرها ولكن أسعارها غالية، فكيف لي أن أوفق بين كل هذه المناسبات خاصة إذا أضفنا لها بداية السنة الدراسية التي باتت قريبة » . ويقول جلال » إن أسعار الملابس مرتفعة جدا وخاصة ملابس الأطفال فأنا أردت أن أشري ملابس لأطفالي رماح وريم ورياض ورغم أني أردت الإبتعاد عن الاكتظاظ لكن بدون فائدة فالمغازات تزدحم بالمواطنين ، ثلاث كساوي وثلاثة أحذية تكلفت بمبلغ 220 دينارا (170 دولارا) ، والحمد لله أني تمكنت من توفير هذا المبلغ وبالتالي ارتحت من حمل ثقيل كان يرعبني خاصة وقد جاء إضافة إلى مصاريف شهر رمضان التي ليس لها حدود. » .. لكنه تساءل برغم ذلك .. » صحيح أن الأسعار مرتفعة والجميع يشتكي من ذلك ورغم ذلك فالأسواق والمغازات مكتظة بالمشترين طوال الأسبوع الأخير من شهر رمضان . » وللحلويات مكان في عيد الفطر:
عيد الفطر المبارك ، هذه المناسبة السعيدة لا تقترن بالملابس الجديدة للأطفال فقط بل كذلك بالحلويات العديدة والمتنوعة ، عادة لدى جميع العائلات التونسية تقريبا ، وفي هذا المجال تقول وسيلة : » إنه يقع الإعداد لذلك بشراء المواد الأولية من لوز وبيض وفرينة وحمص وغيرها .. وهي تعد وتحضر حلويات العيد في الأسبوع الأخير من شهر رمضان ثم تقوم بتوزيع جزء منه على بعض الأقارب والجيران . ».. أما سميرة فلها رأي آخر : » إنها عادة لا يمكن أن نتخلى عنها بالرغم من ارتفاع الأسعار وفي كل سنة ولكني لا أجد الوقت لإعداد الحلويات في البيت لذلك فأنا أشتري ما يلزمني من حلويات أقدمها لعدد من الجيران و الأقارب الذين يزوروننا يوم العيد للمعايدة ».
(المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 30 أوت 2011)
<
تونس – بناء نيوز.
بهذا العنوان، وقد زيد عليه ونُقح بإضافة عبارة « المخلوع » في طبعة ما بعد الثورة مع مقدمة لهذه الطبعة، قدم الكاتب سليمان بن يوسف الأمين الطبعة الثانية لروايته التي تمثل إصداره الثامن والثلاثين في فنون إبداعية مختلفة. التحاور في مضمون هذه الرواية وفي شكلها وعالمها، وقد نشرت في 116 صفحة من القطع المتوسط وعلى نفقة المؤلف كحاله دائما رغم أنفه، كان تحاورا رائقا أثث سهرة رمضانية عقدت مؤخرا بالقاعة الشرفية بالمركز الثقافي والرياضي للشباب بالمنزه السادس، وأسهم فيها ثلة من أهل النثر والشعر والأداء ومن الصحافيين والمثقفين عامة ومثّلت مناسبة للتطرق إلى واقع الكاتب قبل الثورة وبعدها والظروف التي تعطّل نشر الأعمال الابداعية في تونس، علاوة على إفاضات فكرية وبيئية متنوعة وبعض الذكريات الشخصية والاعلامية ذات الوشيجة بالعمل المحتفى به تلك السهرة.
اللقاء الذي نظمته جمعية « تنمية 21 » وأداره كاتبها العام قطب منير بودالي أسهم في إنجاحه للذكر لا للحصر الأديب والاذاعي والناشط الجمعياتي عيسى البكوش والشاعران نجاة المازني ومحمد الهادي الربعي والمطرب الملتزم صالح حميدات المدير العام للبنك الوطني للجينات منور الجمّالي وراضية الوحيشي رئيسة جمعية أطفال الأرض والمنصف بسباس المخرج التلفزي وثلة من الأصدقاء..
وبعد تقديم الأستاذ بودالي الجمعية المضيفة وتقديم بسطة موجزة عن تكوينها (8 أفريل 1996) وأهافها وأنشطتها (العمل على ترسيخ قيم ثقافية واجتماعية وأخلاقية ذات صلة بمبدأ التنمية المستدامة والمتجانسة للمحيط الطبيعي والعمراني للإنسان من خلال التربية على البيئة والمحافظة على الموارد)، ثم تعريف عام برواية « أيام الكركدن »، أحيلت الكلمة إلى الأستاذ عيسى البكوش لطرح قراءته للرواية.
الدكتور البكوش رأى في رواية سليمان بن يوسف توكيدا جديدا لمقاربات من فن السيرة الذاتية التي ما فتئ الكاتب يبوح بها عبر عديد أعماله ويرسمها نثرا في آثاره، سواء أاتخذت شكلا الحوارات والمقالات أم كانت في قالب روائي كهذه الرواية. وتطرّق الناقد إلى لبعض ما في الأثر من جماليات أسلوبية كما بعض ما شاب نصه من هنات رقن. لكنّ صلب المداخلة تناول صراع الكاتب الذي مثّله « سمير » مع شخص « الكركدنّ »، هذا الكائن الذي يرمز إلى الارتكاس إلى بهيمية لا بالمعني الطبيعي، فوحيد القرن حيوان مهدد بالانقراض ومحل حماية دولية، من الناحية البيئية، وإنما بالمعنى الرمزي الذي لئن تعلّق في الرواية بشخص واحد عانى سمير منه، فإنه في رأي سليمان الكاتب مجرد واحد من « كركدنات » كثر تعجّ بهم ثنايا المجتمع.
من جهته لاحظ الأستاذ منور الجمّالي بموجز من القول فيما بين مجالي الأدب والعلم أن الكركدن ينشأ عندما يختل التوازن، سواء في مستوى الذات أو العائلة أو في المجتمع الواسع. وخلُص المتدخل إلى أنه لا بد من العمل لأجل الحفاظ على ذلك التوازن أو استعادته إن هو اختلّ.
إضافة إلى مثل هذه المداخلات الفكرية والملاحظات النوعية حظي اللقاء بإلقاء الشاعرة نجاة المازني قصيدتَها « طيف اللقا » والشاعر محمد الهادي الربعي قصيدته « خذ قلبي ». وأبدع الفنان صالح حميدات في أداء أعمال أثيرة إلى صديقه القديم سليمان، أحدهما قصيد موزون لمحمود درويش « فكّر بغيرك »، والتالي ابتهال لعبد الحليم حافظ « يا رب سبحانك، أدعوك يا سامع دعاي يا رب، يا عالي فوق كل غاية… »
واتسعت المسامرة لسماع شهادة من الأستاذة نبيهة النجار التي روت مأساتها مع « بعض الكركدنات » ممن تآمر عليها في بداية الثمانينيات حين تخرجت استاذة للتعليم الثانوي فإذا بمديرة معهد ثانوي ثم مديرا جهويا للتربية يذبحان حلمها وطموحها ومسيرتها الواعدة بتمزيق شهادة تعيينها أمام عينيها المصعوقتين وطردها عشية مباشرتها المهنة وإنكار صفتها وتكليفها بالتدريس ذلك لمجرد أن كانت تضع خمارا على رأسها، عاديا في حسبانها ودليل إدانة في المنطق الكركدنّي.
وعاد الحوار فتطرق إلى لون أدب السجون والمحنة والمظلمة الذي بدأ يشهد انتعاشا بروح الثورة التونسية وهو مدعوّ، وفق أكثر من متدخل، إلى أن يستمر في رسم مشاهد المأساة ولوحات الطموح والتجاوز عند الانسان، لكن شرط أن يكون الأثر فنيا بمقاييسه ونواميسه لا مجرد عمل توثيقي أو انطباعي. هذا الجنس الأدبي من الممكن إذاً أن يكون عامل إضافة وإثراء للمشهد الابداعي التونسي اليوم. على هامش اللقاء كان للسمّار، ومنهم من لم يتلاق منذ سنين، فرصة للاطّلاع على معرضين اثنين، لأعمال سليمان بن يوسف الابداعية ولأعمال جمعية تنمية 21 التنشيطية والخدماتية التنموية والتحسيسية.
(المصدر: موقع بناء نيوز الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 30 أوت 2011)
<
د. محمد ضيف الله مؤرخ جامعي- منوبة- تونس عندما صادقت الهيئة العليا التي يرأسها الأستاذ عياض بن عاشور، على القانون الانتخابي ذهب الكثير من المحللين إلى أن المستهدف منه هو حزب النهضة حيث جعل ذلك القانون لفائدة الأحزاب الصغيرة، ومن بينها الحزب المهيمن على الهيئة، وضد الأحزاب الكبيرة وأساسا منها حزب النهضة.
وعندما قررت الهيئة العليا للانتخابات التي يرأسها السيد كمال الجندوبي، تأجيل الانتخابات من جويلية إلى أكتوبر لأسباب قال إنها لوجستية، استبشرت نفس الأحزاب الصغيرة، ظنا منها أن عملية التأجيل ستمكنها من إعداد نفسها بينما الموعد الأول لا يخدم إلا حزب النهضة.
إلا أن ما وقع في الأثناء أن العشرات من الرخص قدمت لأحزاب جديدة تبين أن أكثر من أربعين منها مستنسلة من التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، وهنا اتسعت دائرة الأحزاب الصغيرة التي قُدَّ القانون الانتخابي على مقاسها، وستستفيد منه الأحزاب التجمعية -بطبيعة الحال- لو دخلت الانتخابات متفرقة، بحيث سيكون التجمعيون حاضرين في المجلس التأسيسي. حتى ولو أجريت الانتخابات في موعدها الأول في 24 جويلية. أما وقد تأجلت الانتخابات إلى 23 أكتوبر، فإن الفرصة سنحت لهم ليوحدوا صفوفهم ويستجمعوا قواهم المبددة، وإذ اطمأن التجمعيون بعد الجزع الذي انتابهم من الثورة، فقد أصبحوا يتحركون على محورين:
– أحدهما: محاولة الالتفاف على خيار المجلس التأسيسي، وفي هذا الإطار سعوا منذ جوان الماضي إلى تقديم تصورات واقتراحات من شأنها أن تحد من صلوحياته من بينها إجراء استفتاء على طبيعة النظام يتم في نفس الموعد مع انتخابات المجلس التأسيسي…
– الثاني: التنسيق بين أحزابهم بهدف الوصول إلى توحيدها في حزب كبير، بإمكانه أن يفوز بانتخابات المجلس التأسيسي ويتصدر بالتالي المشهد الحزبي ويتحكم في اللعبة برمتها. فيعود التجمع تحت تسمية أخرى ليقود المرحلة القادمة ويتحكم في البلاد من جديد.
وهكذا يبدو أن المستفيد الأكبر من تأجيل الانتخابات ليس أولئك الذين استبشروا به وبرروا مقتضياته اللوجستية، ولا حتى أولئك الذين كانوا يبدون في مقام المستهدفين، وإنما هم التجمعيون تحديدا، بحيث شرّعت في وجوههم أبواب المجلس التأسيسي، بعد أن كانت الجماهير قد أطردتهم شر طردة وغلّقت دونهم الأبواب والنوافذ. ولا يمكن أن يصنف ذلك إلا في خانة الالتفاف على الثورة.
ولسنا في حاجة إلى التذكير بدور الهيئتين الأم والبنت معا، الأولى بفضل القانون الانتخابي والثانية بفضل تأجيل الانتخابات، وفي الهيئتين كان الدور الأساسي “للحزب الحاكم المؤقت”، حزب التجديد. والأمر لا يخرج من فرضيتين: إما أنه كان يدري أو أنه لم يكن يدري:
-فإن كان يدري أو يعلم مسبقا نتائج مساعيه وتحركاته داخل الهيئتين، فيمكن القول بأن هذا ليس غريبا عن حزب استعمل للتدليل على الوجه “الديمقراطي” لنظام بن علي، وبعد 14 جانفي أبدى ليونة في التعامل مع التجمعيين ودخل معهم في حكومة الغنوشي، وفي الهيئة العليا كان مع حصر حرمانهم من الانتخابات القادمة في 10 سنوات عوضا عن 23 سنة. وفي نقابة التعليم العالي، لم يعارض ترشح المناشدين في الانتخابات الجامعية التي أفضت بالفعل إلى عودة عدد منهم على رأس بعض المؤسسات العليا…
وإن لم يكن يدري، أو أن هذا الحزب لم يقرأ حسابا لنتائج ما دافع عنه في صلب الهيئتين، وحيث أن هيئة عياض بن عاشور على الأقل كانت تتلقى توجيهات ونصائح خبراء أرسلهم الاتحاد الأوربي، فقد عُصّبت الأعين داخل الهيئة ومن قبل الأغلبية عن النظر في نوايا أولئك الخبراء، ظنا منها بأنهم إنما جاؤوا بالفعل لتحقيق أهداف الثورة.
لو سلمنا بصدق نية حزب التجديد في خدمة أهداف الثورة، ففي هذه الحالة لا يعدو أن يكون مغفلا، أما في الحالة الأولى فهو مجرد تيّاس، استدعى حضوره الطلاق بثلاث بين السلطة وحزب التجمع الدستوري الديمقراطي. وفي ما مضى كثيرا ما كان التيّاس يختار من بين المغفلين أو البهاليل، بحيث لا ينكح العروس ولا يستفيد من مال زوجها الثري.
العنصر الذي لم يقرأ له جميع المتدخلين حسابا، والذي يؤكد أن هؤلاء لا صلة لهم بالثورة وأهدافها هو أن للجماهير رأيها، وقد افتكته في الشارع ويمكن لها أن تفرضه من خلال صناديق الاقتراع.
قبلي في 28 أوت 2011
(المصدر: موقع المشهد التونسي الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 30 أوت 2011)
<
غُلب الظالمون في سوريا كما غُلب من تتبع خطواتهم في تونس ومصر وليبيا وكما سيغلبون في كل البلاد. يا بشار لقد أسأت بما أنت تفعل بشعبك، زيَّن لك فعلك حزبك ومن تشيَّع لك بالباطل، ورأيت صنعك جميلا. ويل لك لازلت تُكذِّب ما هو قاب قوسين منك أو أدنى، أو هل هي غشاوة الطغيان صدت وعيك فلست ترى إلا هواك في غرور؟ أنظر حولك ألا ترى أن يوم الشعب واقع كما سبق أن أنذِرتَ، فهل مَن دفع السقوط والمهانة عن القذافي وزين العابدين والآخرين ممن طردهم شعوبهم وهل كان لهم من مُجير حتى يكون لك أنت من معين ؟ أليس لك فيهم من عبرة؟ أتظن أن كيدك أكبر من كيدهم أو أن بيمينك ما لم يكن بيمينهم، وهل أنك مُلقٍ ما لم يلقوا؟ لم يفلحوا من حيث أتوا فكيف تُفلح أنت وليس لك من سلطان لم يكن لديهم؟ أم هل ترى أن شعب سوريا أقل إيمانا بالثورة وقدرة على الاستماتة في انتزاع حريته وحقوقه من بطشك؟ أعرض عليك حلفاؤك وأقرب الناس إليك وانشق عليك الأحرار من ضباط جيش سوريا ولن يبق لك من ولي ولا نصير، ستهلك إلا أن تعود لنفسك وتتنازل عن الحكم للشعب الذي وحده له الحق فيه. لا يغرنك أن لازال البعض القليل لم يحسم في شأنك فلن يفتئوا يتخلوا عليك كما تخلوا عن من سبقوك أو تحسبن أنك ضروري أو أن بدونك سينهار العالم أو يشتعل نارا. لازالت لك الفرصة أن تنتهي ببعض الكرامة، فلا تضعها من بين يديك. أوقف سيل الدماء ومسلسل القتل ودهم الديار والمساجد، أرجع جلاديك إليك ولجحورهم وسلم نفسك للقضاء يكن خيرا لك واعترف بضلالك وظلمك وطغيانك وبالمنكر الذي أتيت وبأنك كنت من المسرفين ومن تمتعوا باغين والذين صدوا عن العدل ولم يحافظوا على الأمانة وخانوها وعاهدوا ولم يوفوا الوعد فشاقوا الشعب فاعتاد لهم العدل من رِجز أليم. آذيت سوريا وخذلتها، أحللت بها أمرا جللا فلا تحسبن أن الشعب لم يكن يحصي ما كنت تذيقه أو أنه ينساه أو أن الجبن أخلده للذل بل أنه كان لك بالمرصاد. اليوم حاق بك ما كنت تستصغره منه وإن كنت في ريب من ذلك فاستمع لهدير الشارع تعلم أنه لا يغفر لكل خوان معتد، هذا عاقبة الظالمين الخائنين. إن شعب سوريا غني عنك، لا مقام لك بينه بعد هذا فارجع عن هواك وارحل ما دام الرحيل متاحا. استغفر شعب سوريا، استغفر صبيانه ونساءه وشبابه وعجائزه ومثقفيه وإعلامييه الشرفاء ومن أمرت بكسر يديهم على ما لقوا من فسقك لعل رحمتهم تسعك.
عبداللطيف زكي
<
د. فهمي هويدي
إذا كانت ثورة 25 يناير قد حققت إنجازها الكبير بإسقاط حكم مبارك وتحرير المواطن من الاستبداد والهوان، فإن الإنجاز الأكبر المتمثل في تحرير الوطن من التبعية يظل تحديا مؤجلا ومعركة لم يحن أوان حسمها بعد. (1) حين يلاحظ المرء ذلك الإقبال الأميركي المتسم بالإلحاح على تمويل المنظمات الأهلية بدعوى دعم الديمقراطية في مصر، فإنه يجد نفسه مدفوعا إلى التساؤل عن سبب ذلك الإلحاح، وما إذا كانت الولايات المتحدة حريصة حقا وغيورة صدقا على إقامة الديمقراطية في مصر، أم أنها تبادر إلى الاحتياط حتى لا تقوم في البلد ديمقراطية حقيقية تضر بمصالحها؟
أستبق برد خلاصته كالتالي: إذا قال قائل إن واشنطن حريصة على ديمقراطية النظام المصري، فإن كلامه يندرج تحت أحد عنوانين، إما العبط أو الاستعباط، ذلك أن النظام الذي ثارت ضده الجماهير في 25 يناير كان بين أهم حلفاء الولايات المتحدة، كما أن النظم الاستبدادية والمتخلفة في المنطقة هي بين أولئك الحلفاء، بل ومن المقربين الذين تحتضنهم واشنطن وتعتبرهم من المعتدلين والأصفياء. وليس غائبا عن الأذهان ما فعلته واشنطن حين فازت حماس بالأغلبية في الانتخابات الديمقراطية التي جرت في الأرض المحتلة، إذ عاقبتها وخاصمتها وما زالت تضغط لاستمرار حصارها في القطاع وتجويع أهله.
قبل أن أستطرد، أسجل أن ما دعاني إلى الخوض في هذا الموضوع أمران، أولهما: الهجوم التمويلي المشهود الذي تشنه الولايات المتحدة لاختراق الجمعيات الأهلية والمجتمع المدني في مصر بعد الثورة. الثاني أنني قرأت مقالة نشرتها صحيفة «الشروق» للدكتور جلال أمين يوم الجمعة الماضي (12/8) تحدث فيها عن الثورة المصرية ومشكلة التبعية، استهلها بالسؤال التالي: ما فائدة ثورة يناير إذا لم تمكنا من التخلص من التبعية؟ مضيفا أن مساوئ نظام حسني مبارك كثيرة ويصعب حصرها، ولكن من أسوئها بلا شك إن لم يكن أسوأها على الإطلاق، ضعفه المذهل أمام الإدارة الأميركية، واستعداده الدائم للانصياع لها. ومن ثم لما تريده إسرائيل أيضا.
وفي مقالته أبدى الدكتور جلال أمين تفاؤله بإمكانية الخلاص من التبعية المفروضة، مستندا في ذلك إلى خبرة التاريخ وتحليل توازنات الساحة الدولية في الوقت الراهن. وإن شاركته تفاؤله، فإنني أردت التنبيه إلى أن الأمر يستدعي شروطا يجب توفيرها، ليس فقط في الساحة الدولية، ولكن أيضا بدرجة أكبر في قوة الإرادة المحلية.
(2) الموقع جنى علينا وأغرى بنا الاستعمار والأطماع الإمبريالية. هذه العبارة أوردها الدكتور جمال حمدان في الجزء الثاني من كتابه عن شخصية مصر، الذي تعرض فيه لما سماه « جناية الموقع ». وفيه قرر أن خطورة موقعنا وأهميته أخرت من استقلالنا وقدرتنا على التحرر نسبيا، وأنه بقدر أهمية الموقع كانت شراسة الاستعمار في التمسك به والاستماتة من أجله، مضيفا أنه بسبب فرادة الموقع فإن نحو 40 أمة تطلعت إليه وسيطرت عليه خلال عمره المديد، كما يقدر بعض الباحثين.
في رأى الدكتور حمدان أن مصر لم تكتسب أهميتها الإستراتيجية فقط من موقعها الجغرافي بين الشرق والغرب، ولكن أيضا من كونها مفتاح العالم العربي. إذا سقطت سقط وإذا فتحت فتح. « ولذا كان الاستعمار يركز ضربته الأولى والقصوى على مصر، ثم ما بعدها فسهل أمره. هذا أدركته -وفشلت فيه- الصليبيات وتعلمه الاستعمار الحديث، فكان وقوع مصر عام 1882 بداية النهاية لاستقلال العالم العربي، بينما جاء تحرر مصر الثورة بداية النهاية للاستعمار الغربي في المنطقة، بل وفي العالم الثالث جميعا ».
انضاف إلى الموقع الإستراتيجي الفريد عنوانان جديدان خلال الثمانين سنة الأخيرة هما ظهور النفط في الثلاثينيات وتأسيس دولة إسرائيل في أواخر الأربعينيات. الأمر الذي ضاعف من أهمية العالم العربي لدى الدول الغربية الكبرى، وضاعف في الوقت ذاته من أهمية مصر بحسبانها مفتاحا لذلك العالم وقاطرته الأساسية.
وإذا كانت إستراتيجية الموقع سببا لشراسة الاستعمار في تمسكه ببسط هيمنته على مصر على مدى التاريخ، فإن العاملين الجديدين اعتبرا ضمن « المصالح الحيوية » للعالم الغربي التي سوغت لدوله الكبرى الادعاء بأن حضورها ونفوذها في مصر (الدولة المفتاح) ضرورة لا غنى عنها. لذلك فإنه لم يكن مستغربا أن تسارع الولايات المتحدة فور رحيل الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، وتولي السادات للسلطة إلى تثبيت أقدامها في مصر وإقامة مرتكزات ودعائم أمنية واقتصادية وثقافية في ربوعها، على غرار ما فعلته في تركيا عقب الحرب العالمية الثانية. وهذا الكلام ليس من عندي ولكنه مقتبس حرفيا من المحاضرة الشهيرة التي ألقاها وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي الأسبق آفي ريختر على الدارسين في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في شهر سبتمبر/أيلول من عام 2008.
في شهادة الرجل التي سبق أن أشرت إليها أكثر من مرة تفاصيل مهمة عن الركائز التي سعت الولايات المتحدة وإسرائيل إلى إقامتها في مصر لضمان تثبيت نفوذ البلدين فيها.
وهى تتمثل فيما يلي: نشر نظام للرقابة والرصد والإنذار لجمع المعلومات وتحليلها. -إقامة علاقة شراكة مع أقوى الأجهزة الأمنية في مصر. -توثيق العلاقات مع الفاعليات صاحبة النفوذ في مصر، التي تشمل أركان السلطة الحاكمة وطبقة رجال الأعمال والنخب الإعلامية والسياسية. -تأهيل محطات إستراتيجية داخل المدن الرئيسية في مصر. -الاحتفاظ بقوة تدخل سريع من المارينز في النقاط الحساسة بالعاصمة إضافة إلى مرابطة قطع بحرية وطائرات أميركية في قواعد داخل مصر وبجوارها.
(3) طوال أكثر من 35 عاما على الأقل -منذ عهد السادات- والولايات المتحدة وإسرائيل تعملان على تثبيت أقدامهما في مصر لضمان استبقائها في المعية -استتباعها إن شئت الدقة- بحيث لا تتغير سياستها إزاءهما تحت أي ظرف. وإلى جانب الترتيبات التي ذكرتها توا، فإن الوزير الإسرائيلي الأسبق تحدث عن تنسيق بين واشنطن وتل أبيب لمواجهة أي تحولات حادة في السياسة المصرية تجاه البلدين. وبالنسبة لإسرائيل فإنها تعتبر أن سيناء المجردة من السلاح رهينة لديها. وأن ذلك الارتهان تكفله ضمانات أميركية من بينها السماح لإسرائيل بالعودة إلى احتلالها.
ذلك فيما هو معلن من سياسات وضمانات لثبات السياسة الخارجية المصرية تجاه البلدين. وإذا كان فيه ما يكفي لإثارة قلقنا وتوجسنا، فإن ما تتحدث به الطبقة السياسية في مصر عن ترتيبات أخرى غير معلنة يضاعف من ذلك القلق.
إذ يرى هؤلاء أن الرئيسين السابقين أنور السادات وحسني مبارك قدما لإسرائيل ضمانات غير معلنة لتأكيد التزامهما بإدامة السلام بين البلدين واستمرار « التعاون » بينهما في ظل كل الظروف. وليس مستغربا في ظل ذلك « التجاوب » أن يعد السادات شخصية مرموقة في إسرائيل، ويطلق اسمه على أحد ميادين مدينة حيفا، وأن يوصف مبارك بأنه « كنز إستراتيجي »، ويقترح إطلاق اسمه على ميدان آخر في المدينة ذاتها. (4) إحدى الخلاصات التي يخرج بها المرء من استدعاء هذه الخلفية أن خروج مصر من بيت الطاعة الأميركي والارتهان الإسرائيلي ليس أمرا ميسورا، وأن كل الترتيبات والتربيطات التي أعدت خلال الأربعين سنة الماضية استهدفت التحسب للحظة الراهنة. إذ أريد لها أن تضمن ألا يقع احتمال الخروج، بحيث تبقى السياسة المصرية أسيرة ذلك الماضي.
بالتالي فإن الهدوء الظاهر، المشوب بالرضا النسبي من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل عن السياسة الخارجية المصرية بعد ثورة 25 يناير، ربما كان راجعا إلى اطمئنان البلدين إلى أن الترتيبات التي سبق الاتفاق عليها لا تزال سارية المفعول. إذ كان متوقعا أن يعبر البلدان عن قلقهما إزاء الثورة التي أسقطت النظام الذي كان حليفا قويا لهما، وحين لا يحدث ذلك -حتى الآن على الأقل- فلا تفسير له سوى أن البلدين أدركا أن الثورة كانت انقلابا على مبارك ونظامه وربما سياساته في الداخل، لكنها أبقت على سياساته الخارجية كما هي، على الأقل في توجهاتها الرئيسية.
لا أدعو إلى اشتباك أو حرب كما قد يخطر على بال البعض لكني أتحدث عن هدف التخلص من التبعية والانصياع للإرادة الأميركية والإسرائيلية تحديدا. وأتساءل في هذا الصدد عن مصير الترتيبات والتربيطات التي أقيمت لاستمرار إلحاق السياسة المصرية بسياسات العدو الإستراتيجي. وهو الإلحاق الذي يظل أحد مظاهر التبعية التي يراد الخلاص منها.
لم يعد سرا أن الضغوط الأميركية والغربية عموما والإسرائيلية ضمنها بطبيعة الحال، وكذلك التمويل الغربي لمنظمات المجتمع المدني في مصر، تستهدف إلى جانب ثبات مرتكزات السياسة الخارجية، ضمان أمرين أولهما علمانية النظام الجديد. وثانيهما تقليص فرص التيار الإسلامي في التأثير على القرار السياسي.
بالتالي فهم يريدون لمصر ديمقراطية تتحرك تحت هذا السقف. لكن تلك مغامرة غير مأمونة العاقبة، لأن الآلية الديمقراطية إذا استخدمت بنزاهة فقد تسمح للوطنية المصرية -وليس الإسلاميون وحدهم- بالوصول إلى السلطة والتأثير في القرار السياسي. وإذا ما تحقق ذلك فإن المطالبة بالتخلص من التبعية ستفرض نفسها على رأس أولويات العمل الوطني. وهنا يصبح الاشتباك السياسي ضروريا ولا بديل عنه. أدري أن ترتيب البيت من الداخل وتثبيت أركانه من الشروط الضرورية، التي توفر للنظام العافية التي تمكنه من المطالبة بالخروج من إسار التبعية واستعادة الحرية. وأفهم ترتيب البيت بحسبانه فتح الأبواب للممارسة الديمقراطية وتنشيط مؤسسات المجتمع المدني، بما يمهد الطريق للنهوض على الصعيدين السياسي والاقتصادي. وإذا ما تحقق ذلك الترتيب فإنه يصبح بمقدور مصر أن تتحرى مصالحها العليا فيما تقدم عليه من خطوات، بحيث تستطيع أن تخوض بجدارة معركتها السياسية، وتقول « لا » لكل ما تراه متعارضا مع تلك المصالح أو مع مسؤولياتها الوطنية والقومية، لذلك قلت إنها معركة مؤجلة، لكنها قادمة لا ريب إذا ما أصرت مصر على مطلب الانعتاق والتخلص من التبعية. تؤيد ذلك الاختبارات التي واجهها النظام المصري خلال الأشهر الماضية، حين لم يستطع أن يحرز أي تقدم في فتح معبر رفح أمام فلسطينيي غزة، وحين لم يتقدم خطوة واحدة باتجاه تطبيع العلاقات مع إيران. حتى الاتفاق الخاص بفتح خط الطيران بين البلدين تعذر إدخاله حيز التنفيذ، لا بأس من أن يطول طريق الانعتاق لأن الأهم أن نظل سائرين على دربه.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 30 أوت 2011)
<
صالح النعامي
لقد جاءت عملية « إيلات » في خضم نقاش يجرى داخل أروقة صنع القرار السياسي، وبمشاركة قادة الجيش والأجهزة الاستخبارية حول الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه مصر بعد الثورة. وقد اعتبر الكثيرون داخل « إسرائيل » أن وقوع هذه العملية يبرر المطالبة بإدخال تغييرات بنيوية شاملة وجذرية على مبنى الجيش الإسرائيلي، بحيث يتم إعادة الاعتبار للجبهة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي لتصبح الجبهة الأهم في التراتبية الميدانية الجغرافية، إلى جانب التوسع في إقامة المزيد من ألوية المشاه المختارة، وتركيزها في الجنوب، وتوسيع سلاح الجو وإقامة المزيد من المطارات الحربية. ومن الواضح أن الاستجابة لهذه المطالب يضع « إسرائيل » أمام مشكلتين هامتين، وهما:
أولاً: محدودية الموارد البشرية المتاحة للجيش في ظل تدني الدافعية للخدمة العسكرية في أوساط العلمانيين، وهو ما يعني زيادة العبء على شرائح اجتماعية محددة.
ثانياً: الأعباء المالية الباهظة التي يتطلبها تنفيذ هذه التغييرات البنيوية، في وقت تواجه الحكومة الإسرائيلية موجهة احتجاجات جماهيرية بسبب الغلاء. وإذا أخذنا بالاعتبار أن « إسرائيل » تقيم حالياً جداراً على طول الحدود مع مصر يكلف ملياري دولار، فإن فاتورة القيام بكل هذه التحولات ستكون باهظة جداً.
الاستلاب للنظام الرسمي العربي
هناك دلالة واضحة لنجاح منفذي عملية « إيلات » من اقتحام مساحات واسعة من صحراء النقب، جزء منها تصنف على أنها مناطق ذات قيمة استراتيجية كبيرة بسبب وجود مرافق أمنية هامة فيها، فهذا يدلل على أن قدرة « إسرائيل » على حماية نفسها مرتبطة في كثير من الأحيان بحسن نية النظام الرسمي العربي. ويمكن للمرء أن يتخيل فقط المأزق الإسرائيلي في حال تمكنت المقاومة من تنفيذ عمليات مماثلة عبر الحدود مع دول عربية أخرى. فإن كان وزير الحرب الصهيوني إيهود براك قد نجا من الموت بأعجوبة في عملية « إيلات »، وهو محاط بعدد كبير من جنرالاته وقواته، فإن قدرة « إسرائيل » على مواجهة عمليات تسلل على نطاق واسع في مناطق أخرى ستكون محدودة، علاوة على أن هذا النوع من العمليات سيعمل على استنزاف القوة العسكرية الإسرائيلية. مأزق واستفزاز
لا خلاف في « إسرائيل » على أن اتفاقيات السلام بينها وبين مصر تمثل أبرز مركبات الأمن القومي في العقود الثلاثة الأخيرة، إذ هذه الاتفاقيات ضمنت ليس فقط تحييد أكبر دولة عربية في الصراع بين « إسرائيل » وبقية الأطراف العربية، بل إنها مأسست التعاون الأمني بين الجانبين، وهو ما ثبت نجاعته على مدى أكثر من ثلاثين عاماً. فعلى مدى هذه الفترة الطويلة تقاسمت مصر و »إسرائيل » عبء الحفاظ على أمن الحدود المشتركة، وهو ما سمح للجيش الإسرائيلي بالالتزام بعقيدة قتالية على هذه الحدود تقوم على توظيف مبدأ « القوة الدفاعية المركزة »، وهو ما سمح عملياً للجيش الإسرائيلي بتقليص قواته على طول الحدود المشتركة التي تمتد لأكثر من 240 كلم، بعضها حدود جبلية وعرة، حيث تم الدفع بالقوات التي تم الاستغناء عنها لتعزيز وجود الجيش الإسرائيلي على جبهات أخرى، سواء على الحدود مع لبنان أو مع قطاع غزة.
ومما زاد الأمور تعقيداً مقتل عدد من الجنود المصريين، الأمر الذي أثار حفيظة الشارع المصري بشكل كبير، وهو ما وجد تعبيره في المظاهرات التي نظمت أمام السفارة الإسرائيلية في القاهرة للمطالبة بإغلاقها وطرد السفير الإسرائيلي. وبخلاف سوابق الماضي التي تمت أثناء عهد حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، فإن الحكم الجديد في مصر، المتأثر بضغط الشارع والنخبة السياسية سارع إلى اتخاذ إجراءات أكثر شدة -ولو على المستوى الإعلامي- ضد « إسرائيل ». صحيح أن الحكم الجديد في مصر غير معني بالمطلق بأن تتحول سيناء إلى نقطة انطلاق لتنفيذ عمليات ضد « إسرائيل » لدواع كثيرة، إلا أن حكام مصر بعد الثورة لا يمكن أن يوافقوا على أي طلب إسرائيلي يمس بالسيادة المصرية. من هنا لقد شكلت عملية « إيلات » أول اختبار للمخاوف الإسرائيلية الكثيرة من تداعيات الثورة المصرية على اتفاقية السلام بين الجانبين، حيث بات في حكم المؤكد أن العلاقات بين مصر و »إسرائيل » قبل العملية ستختلف عما كانت قبلها.
وهذا ما دفع ببعض النخب في « إسرائيل » لحث حكومة نتنياهو على مطالبة المجلس العسكري الأعلى في مصر بالسماح للجيش الإسرائيلي بالعمل عسكرياً داخل سيناء لتعقب الجهات المسؤولة عن تنفيذ العملية، وفي حال رفضت مصر الطلب الإسرائيلي، فإن هذه النخب ترى انه يتوجب عدم التردد في التوجه للولايات المتحدة، ومطالبتها بتوظيف كل أوراق الضغط لديها على قادة العسكر في القاهرة لإرغامهم على الموافقة على الطلب الإسرائيلي. إن مثل هذه الدعوات المستفزة التي لا يوجد أي فرصة لأن يتم الاستجابة لها من قبل المصريين تعكس بدرجة أساسية عمق الأزمة الاستراتيجية التي تعيشها « إسرائيل » في أعقاب الثورات العربية.
محاولة تصفية الثورة الاجتماعية
لقد جاءت عملية إيلات في غمرة احتجاجات اجتماعية غير مسبوقة في تاريخ الكيان الصهيوني، حيث تظاهر مئات الآلاف من الصهاينة ضد السياسات الاقتصادية والاجتماعية لحكومة نتنياهو، والتي أسفرت بشكل واضح عن ارتفاع الأسعار وتفاقم مشكلة السكن وتآكل الأجور. ولأول مرة في تاريخ « إسرائيل » تقدم حركة احتجاج جماهيرية لائحة اتهام ضد المشروع الاستيطاني اليهودي في الضفة الغربية والقدس والجولان، حيث إن المتظاهرين اعتبروا أن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها « إسرائيل » هي في الواقع نتاج الاستثمار في الاستيطان في الضفة الغربية، وطالبوا بإعادة بلورة « جدول الأولويات الوطني » على أسس مختلفة تماماً. من هنا فقد كان من مصلحة نتنياهو واليمين الإسرائيلي من خلفه أن تحدث تطورات أمنية تقلص الاهتمام بحركة الاحتجاج الاجتماعي، من هنا فقد وجد نتنياهو ضالته في عملية « إيلات »، وبالتالي فهو معني باستغلالها حتى تنفض هذه الحركة التي هددت مصير حكومته، علاوة على أنها أظهرت تهاوي خطاب اليمين الإسرائيلي.
ويتضح مما تقدم إنه إزاء مظاهر الأزمة الكثيرة التي وقفت أمامها « إسرائيل » في أعقاب العملية، فإن صناع القرار في تل أبيب يسعون في المقابل إلى محاولة تقليص الأضرار الاستراتيجية الناجمة عن هذه العملية عبر تحقيق انجازات أخرى. مما لا شك فيه إن هذا الواقع يفرض على حركة حماس والفصائل الفلسطينية التنسيق بشكل كامل مع الحكومة المصرية لمواجهة المخطط الإسرائيلي وإحباطه.
(المصدر: صحيفة « السبيل » (يومية – الأردن) الصادرة يوم 30 أوت 2011)
<
رأي القدس تزايدت حدة التكهنات في الايام الاخيرة، وبعد اقتحام قاعدة العزيزية، حول مكان العقيد معمر القذافي، ومن المؤكد ان هذه التكهنات ستدخل منحى جديداً بعد تأكيد وزارة الخارجية الجزائرية وصول السيدة صفية زوجته وابنته عائشة واثنين من ابنائه (محمد وهانيبال) الى اراضيها يوم امس.
وزارة الخارجية الجزائرية لم تشر مطلقاً الى وصول العقيد الليبي او اي من ابنائه المشاركين في القتال في مواجهة قوات المعارضة مثل سيف الاسلام والمعتصم والساعدي وخميس، مما يعطي انطباعاً بانهم ما زالوا داخل ليبيا ولم يغادروها بعد.
من غير المستبعد ان تكون اتصالات قد جرت بين العقيد القذافي والسلطات الجزائرية لاستقبال افراد عائلته، وجرى التوصل الى اتفاق بان تقتصر عمليات الاستقبال على النساء والاطفال وابناء العقيد غير المطلوبين من قبل محكمة الجرائم الدولية او الذين يقودون الكتائب المقاتلة ضد قوات المعارضة، وهذا ما يفسر وجود محمد وهانيبال القذافي وابنائهما ضمن قافلة سيارات المرسيدس الفخمة التي دخلت الى الجزائر يوم امس الاول.
وجود العقيد القذافي وابنائه المحاربين داخل ليبيا قد يعني عزمهم القتال حتى النهاية وهذا ما يفسر قول السيد مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي بان الزعيم الليبي ما زال يشكل خطراً على ليبيا والعالم.
خطورة القذافي شبه مؤكدة، فالرجل قال انه سيبقى في ليبيا وسيقاتل حتى الموت، وما زال بعض الموالين له يخوضون معارك شرسة في العاصمة وعلى الطريق المؤدية الى سرت مسقط رأسه، وحيث تتواجد قاعدته القبلية القوية.
تهديداته بمواصلة القتال يجب ان تؤخذ بجدية، لانه، اي القذافي، معروف بعناده، ورغبته الجارفة بالانتقام من خصومه، وفوق كل هذا وذاك، جلوسه على جبل من العملات الصعبة وسبائك الذهب قدر قيمتها محافظ البنك المركزي الليبي السابق بمليارات الدولارات.
الاموال تفيد كثيراً في تمويل عمليات مقاومة وتخريب لزعزعة استقرار البلاد بعد انهيار النظام الذي حكمها لاكثر من اربعين عاماً. فالزعيم الليبي تخلص كلياً من عبء ادارة الدولة، ودفع رواتب جيش كبير من موظفيها يصل تعداده الى مليوني موظف، كانوا يحصدون ما يعادل خمسة وسبعين في المئة من ميزانية الدولة.
الحرب لم تنته بسقوط طرابلس في ايدي قوات المعارضة، ومن المؤكد انها قد لا تنتهي بسقوط سرت وسبها، فالوضع في ليبيا اكثر تعقيداً من ان يفهمه مخططو الاستراتيجيات وعلماء دراسات المستقبل في لندن وباريس وروما وواشنطن.
لا نستطيع ان نحدد المكان الذي يختبئ فيه العقيد القذافي وابناؤه وانصاره، والشيء نفسه ينطبق على القوات البريطانية والفرنسية الخاصة الموجودة على الارض حالياً وتتولى مهمة البحث عنه لقتله او اعتقاله. ولكن ما يمكن التكهن به ان هذا الرجل بصدد مواصلة الحرب بطرق اخرى مثل حرب العصابات، وارساله نساءه واحفاده واثنين من ابنائه ‘المسالمين’ الى الجزائر هو احد الادلة في هذا الصدد.
لا نستبعد ارسال قوات اجنبية الى ليبيا تحت ذريعة حفظ الامن، وملء الفراغ الامني، وعدم خبرة قوات المعارضة في هذا الميدان، فالمتحدث باسم الناتو قال ان ارسال قوات مشاة مرهون بالمجلس الوطني الانتقالي وقراره، مما قد يعتبر تمهيداً لدعوة هذه القوات. وجود قوات لحلف الناتو على الارض وبشكل علني (موجودة سراً) قد يوفر ورقة قوية في يد العقيد القذافي لشن حرب العصابات التي يخطط لها، ولا نستبعد ان يعقد تحالفاً مع بعض الجماعات الاسلامية المتشددة التي تلتقي معه في العداء للقوات الاجنبية. العقيد القذافي انهزم ونظامه سقط لكن من المبكر الحديث عن انتصار نهائي.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 29أوت 2011)
<