11 ème année, N°4108 du 28.09.2011
نحن الصحفيان سمير النفزي و اشرف الطبيب يهمنا ان نتوجه الى احرار الكلمة في تونس بهذا البيان على اثر الاعتصام الذي خضناه في مقر الجريدة يوم 22 سبتمبر 2011 احتجاجا على ما كان ينوي مدير التحرير في الجريدة القيام به من غلق مفاجئ و قد تفطنا الى ذلك صدفة عن طريق حجزه لتذكرة سفر و بحضور النقابة تعهد هذا الشخص بان يستمر اصدار الجريدة حتى بعد سفره لكن الذي حصل هو العكس فبعد هذا الوعد و مغادرتنا المقر قام باستبدال الاقفال و سلم المقر الى مالكه و اعلمنا اننا ليست لنا اي حقوق و طز فينا و في النقابة بودورو و في الصحافيين . هذا و تجدر الاشارة الى ان مدير هذه الجريدة يريد اقحام نفسه مع الجرائد التي يعيش اصحابها صعوبات مالية كجريدة الاولى و الصدى و الراية و غيرها في حين انه لم يصدر طيلة اشهر سوى 4 اعداد من الجريدة و هو دليل ان هذا المدير كان يبحث عن غطاء لاغلاق الجريدة عبر لهجة الاستغاثة التي يستعملها وهو اللانزاهة المعهودة من تجار لا يهمهم المشهد الاعلامي التونسي و لا استقلاليته و لا موضوعيته المهم بالنسبة لهؤلاء هو الارتزاق و لقد كانت لهدا المدير سوابق في هذه الافعال بدات بانكار الاستحقاقات المالية للزميل رمزي الغابري و نعته بابشع النعوت ثم تهديد الزميلة نجوى الهمامي في الشارع و تشويهها دون ان ننسى المعاملة السيئة و البذاءة التي كان يستعملها في الادارة. و اخيرا و في بداية هذا الشهر عرفنا انه من بقايا التجمع المنحل . و اما هذا الوضع فننا نعبر عما يلي – تمسكنا بحقوقنا المادية و المعنوية التي يريد مدير جريدة 14 جانفي انكارها علينا -عزمنا النضال بكل الوسائل من اجل ذلك مطالبين كل الزملاء الاحرار بمساندتنا – مطالبتنا النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين بتحمل مسؤولتها في ذلك -مواصلة النضال من اجل استرجاع كرامة الصحفي التي افتكها من النظام فنلاعب بها اصحاب المؤسسات الاعلامية حتى ان اقتضى الامر مواصلة الاعتصام في مقلر النقابة عاشت نضالات الصحفيين عاشت الكلمة الحرة الخزي للمرتزقة و تجار الضمائر
سمير النفزي اشرف طبيب
بيــــــــــــــــــــــــان
طالعتنا مجموعة من الأشخاص لم يثبتوا لهم أية صفة بدعوة وجهوها لعقد مؤتمر لأعضاء منظمة حرية وإنصاف ضاربين عرض الحائط بكل القوانين طالبين لعقد مؤتمر من المدعوين وبالرجوع إلى الفصل الذي استندوا إليه من القانون الداخلي الذي ينص على أن المؤتمر » ينعقد مرة كل سنتين في مقر المنظمة أو في مكان آخر يعينه المكتب التنفيذي بدعوة من رئيس المنظمة أو من نصف أعضاءها قبل تاريخ انعقادها بخمسة عشر يوما على الأقل وتتخذ القرارات بأغلبية الحاضرين » متجاهلين أن المكتب التنفيذي للمنظمة دعي لعقد جلسة عامة إخبارية يوم 07 أكتوبر 2011 بمقر المنظمة.
وحيث يتضح من الدعوة الموجهة من طرف أشخاص انقطعوا عن العمل داخل المنظمة ولم يدفعوا اشتراكاتهم فيها هو القيام بعمل انقلابي عليها. لذا فان منظمة حرية وإنصاف نظرا لهذه التجاوزات المشبوهة لقوانينها فإنها قررت أولا تعيين موعد الجلسة العامة الإخبارية يوم الجمعة 07 أكتوبر 2011 على الساعة الحادي عشر صباحا بمقر المنظمة وتطلب من جميع الأعضاء المدعوين الاستظهار ببطاقات الاشتراك في المنظمة وما يفيد دفع الاشتراك الأخير لعام 2011.
وتجدر الإشارة إلى أن الجلسة العامة الانتخابية سيقع الدعوة لها في الوقت الملائم وفي الآجال القانونية أي بعد عامين من انعقاد الجلسة العامة السابقة التي انعقدت خلال شهر جوان 2010.
وحيث أنه تبعا لذلك قرر المكتب التنفيذي إعادة توزيع المهام بصفة قانونية داخل المكتب التنفيذي علما أن ذلك من اختصاصه وحده . علما بأن المنظمة بقيت تعمل بصفة عادية وقانونية طيلة الفترة الماضية وأن المكتب التنفيذي للمنظمة بقي قائما بمهامه على أحسن وجه ويعقد اجتماعاته بصفة منتظمة ويتخذ القرارات التي يراها صالحة لتسييرها.
علما بأن المكتب التنفيذي تغاضي عن تجاوزات خطيرة قام بها بعض الأشخاص الذين تصرفوا بدون إذن وبدون موجب في أموال جمعوها بدون صفة باسم المنظمة.وهو ما يعاقب عليه القانون و تصرفوا بصفة غير لائقة تجاه أعضاء المكتب التنفيذي وهو ما يمكن معه مساءلتهم.
وتجدر الإشارة إلى أن بالاتصال ببعض الأشخاص الذين نسبت لها الدعوة لعقد جلسة انتخابية اتضح أن لا علم لهم بتلك الدعوة ولم يوقعوا عليها ولم يوافقوا على المطالبة بعقدها إذ ليس هناك أي موجب لذلك
عن المكتب التنفيذي لحرية وإنصاف رئيس المنظمة السيدة إيمان الطريقي .
<
دعا بيان ممضى من أعضاء الجلسة العامة التأسيسية لمنظمة حرية وإنصاف المنعقدة في 20 أفريل 2008 إلى عقد مؤتمر يوم الأحد 09 أكتوبر 2011 بتونس العاصمة لدراسة واقع المنظمة و انتخاب مكتب تنفيذي جديد . و جاءت هذه الدعوة « أمام حاجة المنظمة الملحة لإعادة توزيع المهام داخل المكتب التنفيذي » حسب ما جاء في البيان خاصة بعد استقالة الأستاذ محمد النوري رئيس منظمة حرية و إنصاف من مهامه بحكم ترأسه لحزب سياسي و هو ما ينص عليه النظام الداخلي للمنظمة . كما جدد الموقعون على البيان رفضهم لما اعتبروه محاولة أقلية من أعضاء المكتب التنفيذي تنصيب رئيس للمنظمة وكاتبا عاما لها وإقصاء أعضاء أساسيين بالمكتب التنفيذي، وأشار إلى أن هذه المجموعة رفضت التفاعل الايجابي مع محاولة البحث عن حل في إطار الوفاق واحترام النظام الداخلي للمنظمة وأخلاقيات عملها. في المقابل صرحت الناشطة بمنظمة حرية و إنصاف إيناس بن عمر لراديو كلمة أن المكتب التنفيذي الحالي سينظم جلسة إخبارية عامة يوم 07 أكتوبر لتوضيح كل الأمور المتعلقة بالوضع الحالي للمنظمة. من جهة أخرى أنكر السيد محمد الحمروني وهو عضو مؤسس في منظمة حرية و إنصاف في تصريح لراديو كلمة توقيعه على البيان المذكور معتبرا انه لم يكن يعلم بإقحام اسمه ضمن قائمة الموقعين. هذا و لم يتسنى لنا التأكد من بقية الأسماء الواردة بالبيان خاصة بعد أن علمنا من مصادر مطلعة ورود أسماء أخرى لم توقع على البيان المذكور.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 27 سبتمبر 2011)
<
قضت اليوم الدائرة الاستعجالية بالمحكمة الابتدائية بتونس برفض مطلب منع الإشهار السياسي وذلك في خصوص القضية المرفوعة من طرف عدد من المحامين ضد كل من الحزب الديمقراطي التقدمي و الاتحاد الوطني الحر لعدم التزامهما بقرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات انطلاقا من يوم 12 سبتمبر الجاري والمتعلق بالإشهار السياسي. و بررت المحكمة قراراها بعدم توفر الصفة لدى القائمين بالتتبع باعتبارهم لا يمثلون كامل الناخبين و لم يتم توكيلهم على ذلك . و كانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات هددت الممتنعين عن التقيد بقرارها الصادر يوم 3 سبتمبر و المتعلق بمنع الإشهار السياسي برفع الأمر للقضاء وتطبيق الفصل 315 من المجلة الجزائية على المخالفين .
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 27 سبتمبر 2011)
<
تونس ـ (الشروق) شهادات لحوادث تعذيب، حصلت بعد الثورة، ومواقف واتهامات لجهات بعينها، وجدل مع ممثلي الصحافة الوطنية، هذا هو محور اللقاء الذي جمع أمس ممثلي وسائل الاعلام بمنظمة «حرية وانصاف». انهمرت دموع «أم سمير»، دمعا حارقا على وضعية ابنها الحرجة، المهددة حياته، بعد ما عاناه من ممارسات أضرت به.. كما خيم الصمت الرهيب القاعة التي جمعت هذه الأم بممثلي منظمة حرية وانصاف، وبممثلي الصحافة الوطنية، وكانت شهادة هذه الأم مذهلة للجميع، فما حدث لابنها كان بعد 14 جانفي لا قبله؟ سمير عبد الناصر المطوي، الذي يقبع الان بمستشفى شارل نيكول، هو سجين حق عام، أفادت عائلته، بأنه تعرض لتعذيب بعد 14 جانفي سبب له أضرارا بدنية كبيرة، تكلم عن حالته أخيه وأمه، اللذان كان حاله، عرضت شهادتهما أثناء ندوة صحفية أجريت أمسن نظمتها منظمة حرية وانصاف لتسليط الأضواء على موضوع التعذيب بعد الثورة التونسية. تؤكد أم سمير خلال هذه الندوة أن ابنها الذي حكم عليه بقضايا سرقة، تعرض لـ«الاعتداء بفعل الفاحشة وبضرر كبير على مستوى جهازه التناسلي، وعدة كسور تفرقت في مختلف الأماكن في جسده» ولتفيد بأنها «تعرضت للابتزاز من قبل عدد من أعوان الأمن» حسب ما جاء على لسانها، وتقول بالحرف الواحد «كنت أقتني الخمور لأعوان أمن حتى يمكنوني من ايصال الدواء الى ابني المريض وهو في السجن قبل 14 جانفي». حالة أولى وعودة الى أطوار هذه القصة المؤلمة، جاء في شهادة أم سمير بأن ابنها حكم عليه بعد أن ارتكب سرقة وتبادل العنف مع أعوان الأمن، ليبلغ حكمه الـ35 سنة سجنا. «وقبل 14 جانفي عانى ابني من أمراض كثيرة تسربت الى جسده وهو في السجن، فلاعتباره مجرما خطيرا، كانت «قفته» أي المأكولات التي تذهب له الى السجن يتم سكبها أرضا، ثم يتم اعادة تجميعها، فمرض سمير مرضا مزمنا بأمعائه». هذا المرض، عكر حالة سمير الصحية مما استوجب نقله الى المستشفى بعد أن كاد يفقد حياته، ولظروف اقامته السيئة في المستشفى ولتقييده المستمر على فراش المرض، فكر أخاه التوأم في تهريبه، وهو ما حدث فعلا في الليلة الفاصلة بين 8 و9 أفريل 2011، ولكن تفطن أعوان الأمن لهذه المحاولة، وسرعان ما تم ايقاف سمير وسامي وهما بصدد الهروب، «لتكون لحظة ايقافه وهو في الباب الخارجي لقسم الاسعاف بشارل نيكول، لحظة بداية تعذيبه، فلم يتركوا فيه شيئا، لا رأسه ولا قدميه ولا عضوه التناسلي، بل تم الاعتداء عليه بالفاحشة مستعملين في ذلك عصى البوليس (الماتراك)» حسب ما جاء على لسان أمه. من جهتها اتهمت ايمان الطريقي، رئيسة جمعية حرية وانصاف الجهاز الأمني و الجهاز الصحي، في وصول سمير الى هذه الحالة، فالجهاز الأول عذب سمير، والثاني تستر عن التعذيب، وتساءلت الطريقي كيف يتم تعذيب السجناء في المستشفيات؟ ولماذا يتواصل الى اليوم التعذيب بعد ثورة 14 جانفي؟ الحالة الثانية عادت حرية وانصاف، الى قضية «عبد المالك السبوعي» الذي تسربت صورته وهو قابع في المستشفى، في وضع يرثى له، وأكدت ايمان الطريقي أن تحقيقا أنجزته منظمة حرية وانصاف على مدار ثلاثة أسابيع استنتجت من خلاله أن هناك غموضا وحلقات مفرغة تحيط بهذه القضية. فعبد المالك السبوعي الشيخ المسن الذي اتهم بارتكاب جريمة سرقة، والذي تسربت صوره وهو في المستشفى مقيدا بالأغلال على فراش المرض، تنهش الديدان جسمه وهو حي، أفادت كل التحريات، وعودة الى الوقائع أنه لم يكن هو من ارتكب جريمة السرقة التي وجهت له، حسب ايمان الطريقي. وفي شهادة هاجر المطيري، وهي صحفية بحثت واستقصت خبايا هذه القضية، وعرضت شهادتها في هذا الموضوع، أكدت أنها تمكن من الاتصال بالعائلة التي تعرضت للسرقة، والتي أفادت كل تصريحاتهم أن أوصاف المعتدي بالسرقة على منزلهم لا تتطابق ولا تتشابه مع عبد المالك السبوعي. «ورغم تعاون السلطات، وحثي على طلب الافراج عن عبد المالك، فاني رفضت ذلك خاصة أن عبد المالك السبوعي الذي نشرت صوره، ليس هو عبد المالك، بما يعنيه ذلك أن هذا الرجل المسن، لا يمكن التعرف على هويته الى الان، وأطالب ك«حرية وانصاف» بأن يتم توفير القيس في هذه القضية التي يغيب عنها القيس، وأن يتم التعرف على شخصية المتضرر.» وهو ما ختمت به ايمان الطريقي مداخلتها في هذا الموضوع.
أيمن الزمالي (المصدر: صحيفة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 سبتمبر 2011)
<
تونس – بناء نيوز – إيمان غالي قدمّت مجموعة مراقبة وضعية الإعلام وحريّة التعبير في تونس والشبكة العربيّة لمعلومات حقوق الانسان « أيفكس » تقريرها الأوّل في دراسة الوضع الإعلامي التونسي بعد الثورة والإطاحة بنظام بن علي خاصّة في شأن الرقابة والصنصرة وحريّة التعبير في جميع وسائل الإعلام الخاصة والعامة. وورد التقرير في ثلاث نقاط مهمّة تتمثّل في الصحافة المكتوبة والتشريعات القانونيّة في الإعلام ثمّ الرقابة والصنصرة في الأنترنت. أشغال البعثة وكانت البعثة المتكوّنة من عشرين منظمّة محليّة ودوليّة اهتمت بدراسة الوضع الإعلامي التونسي لنشر ثقافة حريّة التعبير وتقديم الدفع المعنوي لعديد الوسائل الحديثة في الساحة الإعلاميّة من خلال توفير الحلول والتحديات للنهوض بالمشهد الإعلامي وتطويره ونزع الصورة القديمة المنصهرة في نظام بن علي. وانقسمت ورشة العمل إلى ثلاثة أقسام مهّمة هي الصحافة المكتوبة والمشهد السمعي البصري والأنترنت حيث تولى خبراء تقييم المشهد الإعلامي ورسم حلول للقطاع. ويرى المتدخلون أنّ من أبرز مشاكل الإعلام عدم وضوح التشريعات القانونيّة الخاصّة بالصحافة والصحفيين وعدم الالتزام بأخلاقيات المهنة الصحفيّة خاصّة في مجال الصحافة المكتوبة. ويقول محمد معالي من مركز تونس لحريّة الصحافة إن هناك هيكلا جديدا مكلفا بالإعلام ولد بعد الثورة بينما كنّا قبل الثورة في نقابة الصحافيين التي نشأت في ماي 2004 ولكن السلطة منعتنا من حريّة التعبير، غير أن اصرار الحكومة لم يمنعنا من مواصلة أشغالنا في النقابة حيث شاركنا في مؤتمر الجامعة الدولية للصحفيين (فيج) في موسكو. النقابة لم تحم الصحافيين وأضاف إنّه بعد تشكيل نقابة الصحافيين رأينا أنّه من الضروري توحيد الجهود لتوفير مطالب الصحافيين الذين كانت السلطة تقمعهم بكلّ وسائلها ولكن رأينا فيما بعد أنّ النقابة لا تستطيع حماية الصحافيين بعد أن انصهرت في سلطة الحكومة فأسسنا لجنة حماية الصحافيين وعند الثورة حوّلنا اللّجنة إلى المركز التونسي لحريّة الصحافة الذي كرس جهده للرصد والتكوين والدراسة. وبعد الثورة ارتأى المركز ضرورة الالتجاء إلى المنظمات الدوليّة والمحليّة للرقي بالوضع الإعلامي ولإعادة النظر في التشريعات القانونيّة للصحافة. قانون الصحافة كان قانون الصحافة، حسب معالي، قانونا زجريا متجاوزا للصحافيين. وأضاف أنّ مشروع القانون الذي طرح في الفترة الأخيرة « لم نشترك في مناقشته ونعتقد أنّ لدى كثير من الصحافيين مآخذ عليه، ونعتقد كذلك أنّ المصادقة على مشروع قانون الصحافة غير منطقي في هذه الفترة ». وختم محمد معالي مداخلته بالقول « إنّ قانون الصحافة لن يسيّر فقط القطاع وإنّما الدستور كذلك ». الإعلام لا يزال مراقبا قالت رئيسة النقابة نجيبة حمروني إنّ الإعلام لا يزال مراقبا رغم آليات العمل التي وضعتها النقابة ورغم القوانين الجديدة لوسائل الإعلام. وأضافت أنّ النقابة شهدت عدّة صعوبات لأنّها لم تجد قوانيين تهمّ الصحافيين لذلك لم نتوصّل في النهاية للقول إنّ الصحافة حرّة في تونس لأنّ مشاكل الرقابة لا تزال قائمة إلى اليوم. كما قالت الحمروني إنّ هناك من يرفض التشريعات الجديدة في قانون الإعلام وأغلبهم من مناصري بن علي عامة ومن الإعلاميين الذين عرفوا بولائهم له خصوصا، فهم يرفضون تلك التشريعات الجديدة. التجسس على الناس بينما يقول الأستاذ رياض الفرجاني من معهد الصحافة وعلوم الإخبار إنّ من أكثر الأشياء المعيقة للإعلام التونسي الرقابة بما تفرضه من قيود تحدّ من حرفيّة الصحفي وتحدّ من تحقيق التنوّع الإعلامي. كما أشار الفرجاني إلى التعاون السري بين كل من شركة « مايكروسوفت » والحكومة التونسية السابقة التي جعلت من الممكن على الدولة مراقبة وسرقة بيانات جميع المواطنين حيث قدّمت مايكروسوفت لحكومة زين العابدين بن علي السابقة، مقابل تبني حلول ومنتجات مايكروسوفت، آليّة التجسس على مواطنيها عبر توفير أدوات وشهادات مزورة تسمح للحكومة بالتجسس على المواطنين.
(المصدر: موقع بناء نيوز الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 27 سبتمبر 2011)
<
تنشر «الشروق» نصوص الاتفاقات الممضاة في كل من النقابة العامة للتعليم الأساسي والنقابة العامة للتعليم الثانوي مع وزارة التربية بخصوص ارجاع المعلمين والأساتذة المعزولين والمطرودين من عملهم وذلك لأسباب مهنية وبيداغوجية. نص الاتفاق الخاص بعودة المعزولين من قطاع التعليم الأساسي إلى عملهم: محضر اتفاق توطئة: سعيا من وزارة التربية والنقابة العامة للتعليم الأساسي الى ايجاد حلول بالنسبة للمعلمين المعزولين لأسباب مختلفة تمّ بين وزارة التربية والنقابة العامة للتعليم الأساسي الاتفاق على ما يلي: الفصل الأول: الدخول حيز التنفيذ يتمّ ارجاع المعلمين الواردة أسماؤهم بالقائمة المصاحبة في مفتتح السنة الدراسية 2011/2012 الفصل الثاني: شروط تنفيذ الاتفاق يشترط في تطبيق هذه الاتفاقية أن يقدم المعنيون بالأمر الوثائق الادارية اللازمة لاتمام ملفاتهم الادارية نذكر منها بالخصوص بطاقة عدد 3 خالية من السوابق العدلية وشهادة طبية حديثة العهد. هذا ويتواصل التفاوض في ملفات المعزولين ودراستها حالة بحالة. نص الاتفاق الخاص بعودة المعزولين والمطرودين في قطاع التعليم الثانوي الى عملهم: سعيا من وزارة التربية والنقابة العامة للتعليم الثانوي لايجاد حلول منصفة فيما يتعلق بالأساتذة المعفيين لأسباب بيداغوجية، تمّ النظر في مطالب الرجوع الى العمل التي تقدم بها الأساتذة المعاونون صنف «أ» الذين تمّ إعفاؤهم سواء في اطار الامتحان المهني بالملفات لادماج هذا الصنف أو في اطار عدم تجديد الانتداب والأساتذة المتربصون سنة ثالثة الذين تم اعفاؤهم لعدم الترسيم. وعليه، تم بين وزارة التربية والنقابة العامة للتعليم الثانوي الاتفاق على ما يلي: الفصل الأول: حول الأساتذة المعاونين صنف «أ» الذين تم اعفاؤهم (خلال دورات الادماج لسنة 2008 و2009 و2010) أو عدم تجديد انتدابهم. 1 ـ ادماج بأسلاك الأساتذة كل من تبيّن أن عملية تقييمه التي أفضت الى عدم ادماجه أو عدم تجديد انتدابه قابلة للمراجعة أو ثبت من خلال دراسة ملفه البيداغوجي والاداري أنّ مؤهلاته البيداغوجية تسمح باسعافه بالعودة الى التدريس (القائمتان عدد 1 وعدد2). 2 ـ انتداب البقية في رتبة عون وقتي مكلف بخطة قيم أول (القائمة عدد3) الفصل الثاني: حول الأساتذة المتربّصين سنة ثالثة الذين تمّ اعفاؤهم من أجل عدم الكفاءة المهنية (المعفين لعدم الترسيم) 1 ـ الترسيم بأسلاك الأساتذة كل من تبيّن أن عملية تقييمه التي أفضت الى عدم ترسيمه قابلة للمراجعة (القائمة عدد4) 2 ـ الاسعاف بالرجوع الى العمل بأسلاك الأساتذة مع الخضوع الى مدة تربص كل من ثبت من خلال دراسةملفه البيداغوجي والاداري أنّ مؤهلاته البيداغوجية تسمح له بالتدريس (القائمة عدد5) 3 ـ انتداب البقية في رتبة عون وقتي مكلف بخطة قيم أول (القائمة عدد3) الفصل الثالث: شروط تنفيذ الاتفاق يشترط في تطبيق هذه الاتفاقية أن يقدم المعنيون بالأمر الوثائق الادارية اللازمة لإتمام ملفاتهم الادارية نذكر منها بالخصوص بطاقة السوابق العدلية وشهادة طبية حديثة العهد. كما يشترط بالنسبة للذين تقرر انتدابهم في رتبة عون وقتي، علاوة على الوثائق الادارية المشار إليها أعلاه، تقديم مطالب انتداب جديدة يعبّرون من خلالها عن رغبتهم في الانتداب في رتبة عون وقتي مكلف بخطة قيم أول. الفصل الرابع: الدخول حيز التنفيذ يدخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ من تاريخ امضائه بين الطرفين على أن يتم ارجاع الأساتذة الواردة أسماؤهم بالقائمات المصاحبة بداية من 14 سبتمبر 2011. ويتواصل النظر في المطالب التي ستتصل بها الوزارة بعد تاريخ امضاء هذه الاتفاقية.
سفيان الأسود (المصدر: صحيفة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 سبتمبر 2011)
<
تونس- بناء نيوز- رمزي أفضال أعلن البيت الابيض اليوم الثلاثاء 27 سبتمبر 2011 أن الرئيس الاميركي باراك اوباما سيستقبل الوزير الأول التونسي في الحكومة المؤقتة الباجي قائد السبسي في البيت الابيض في السابع من اكتوبر القادم، ويعتبر هذا أول لقاء بين الزعيمين منذ سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي في شهر جانفي الماضي. وجاء في بيان للبيت الابيض أن الرئيس الأمريكي يتطلع خلال لقائه بالباجي قائد السبسي إلى مناقشة دعم أميركا القوي لانتقال تونس التاريخي الى الديموقراطية إضافة إلى عدد واسع من القضايا الثنائية والاقليمية ذات الاهتمام المشترك ». واشاد البيان بــ »روابط الصداقة المتينة بين الاميركيين والتونسيين ».
(المصدر: موقع بناء نيوز الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 27 سبتمبر 2011)
<
قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن التونسيين ما برحوا ينتظرون من السياسيين تحقيق التغيير الجذري الذي وعدوا به. وقبل شهر واحد من أول انتخابات تاريخية في تونس منذ سقوط الرئيس السابق بن علي، تدعو المنظمة جميع المرشحين للانتخابات التونسية أن يوقعوا على « بيان » التعهدات العشرة لتأكيد جديتهم بشأن إجراء إصلاحات ذات مغزى في مضمار حقوق الإنسان. وفي هذا السياق، قالت حسيبة حاج صحراوي، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إنه « وبعد مضي تسعة أشهر على فرار الرئيس السابق بن علي، ما انفك العديد من التونسيين لا يثقون بأن سلطات بلادهم سوف تحقق لهم العدالة والكرامة، وتمنحهم المؤسسات التي يستطيعون إيلاءها ثقتهم ». “ »والانتخابات المقبلة فرصة سانحة للأحزاب السياسية كي تفي بالوعود التي قطعتها على نفسها، وتنتقل من الكلام المعسول إلى الخطوات الملموسة نحو احترام حقوق الإنسان وحكم القانون. وليس هناك من شيء سوى هذا يمكن أن يكسر حلقة الانتهاكات التي أشعلت فتيل احتجاجات ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني. » وتعهدات البيان العشرة هي: 1. ضبط قوات الأمن ينبغي إجراء إصلاح شامل في صفوف جميع قوات الشرطة وغيرها من الهيئات المكلفة بتنفيذ القوانين، ويجب جعل هيكليتها وتسلسلها القيادي علنيين. كما ينبغي إنشاء هيئة إشراف تتولى إجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة في أنباء الانتهاكات. 2. مكافحة التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة
يتعين على جميع الموظفين المشاركين في مهمات التوقيف والاحتجاز والاستجواب أن يعلموا أنه لن يتم التسامح مع التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة. ويحب القيام بعمليات تفتيش منتظمة وغير معلنة وغير مقيَّدة ومستقلة لجميع أماكن الاعتقال. 3. الدعوة إلى وضع حد للاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي يحب السماح للمعتقلين، في القانون والممارسة على السواء، بالاتصال بالعالم الخارجي بشكل منتظم وبلا تأخير، بما في ذلك رؤية عائلاتهم ومحاميين من اختيارهم، والحصول على رعاية طبية مستقلة. 4. احترام الحق في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات والانضمام إليها يجب إلغاء القوانين التي تجرِّم الممارسة السلمية لهذه الحقوق – ومنها أحكام قانون الاجتماعات العامة لعام 1969، وقانون الجمعيات لعام 1959 وقانون العقوبات وقانون الصحافة وقانون مكافحة الإرهاب لعام 2003- أو تعديلها بحيث تتسق مع القوانين والمعايير الدولية. 5. إصلاح نظام العدالة ينبغي احترام استقلال القضاء في القانون والممارسة. كما يجب توفير محاكمة عادلة لكل شخص متهم بارتكاب جريمة أمام محكمة مختصة ومستقلة ومحايدة أُنشئت بموجب القانون، وتكون فيها حقوق الدفاع محترمة. ولا يجوز محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية. 6. التحقيق في الانتهاكات السابقة ينبغي إجراء تحقيق مستقل وواف ومحايد في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت في ظل حكم زين العابدين بن علي. ويجب أن تقدم الهيئة المكلفة بالتحقيق توصيات لمنع وقوع الانتهاكات في المستقبل وبيان الحقيقة وتحقيق العدالة وجبر الضرر للضحايا. 7. إحقاق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للجميع يجب ألا يكون هناك تمييز بين الناس في الحصول على الخدمات العامة الأساسية، ومنها الماء والتمديدات الصحية والرعاية الصحية. كما ينبغي احترام حقوق وحريات العمال والنقابات العمالية. 8. وضع حد للتمييز إن الأحكام القانونية التي تنطوي على التمييز ضد الأفراد على أساس العنصر أو اللون أو الدين أو العرق أو المولد أو الجنس أو الميول الجنسية أو هوية النوع الاجتماعي أو الرأي السياسي أو غيره من الآراء أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الملكية أو أي وضع آخر، يحب أن تكون متسقة مع القوانين والمعايير الدولية، أو أن يتم إلغاؤها. 9. وقف العنف ضد المرأة ينبغي سن قانون بشأن العنف ضد المرأة، بما فيه العنف الأسري أو الاغتصاب الزوجي. كما ينبغي إلغاء الأحكام المتعلقة بإسقاط الدعاوى أو العقوبات إذا سحبت الزوجة المعتدى عليها شكواها، أو إذا تزوج الجاني ضحيته في حالات الاغتصاب والاختطاف ( المواد 218 و 227 مكرر و 239 من قانون العقوبات). 10. إلغاء عقوبة الإعدام ينبغي الالتزام بإعلان وقف تنفيذ عمليات الإعدام إلى حين إلغاء عقوبة الإعدام.
(المصدر: صحيفة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 سبتمبر 2011)
<
تونس (الشروق) كشف استطلاع رأي أجراه مكتب دراسات خاص خلال شهري أفريل وأوت الماضيين أن 70 بالمائة من التونسيين غير راضين عن الأحزاب السياسية… علما وأنّ هذه النسبة كانت خلال شهر أفريل الماضي في حدود 64 بالمائة. شمل الاستطلاع المذكور عينة تتكوّن من 2717 تونسيّا من مختلف الولايات تمّ اختيارهم وفقا لمقاييس اعتمدت طريقة الحصص حسب الجهات والوسط والفئة العمرية والجنس والمستوى التعليمي ونسبة التسجيل في الانتخابات. ووفقا لذات المصدر تراجع اهتمام التونسيين بالشأن السياسي بعد أشهر قليلة من مغادرة الرئيس السابق البلاد نحو السعودية بشكل غير متوقع…وتقول أرقام الاستطلاع إنّ نسبة غير المهتمين بالسياسة كانت قبل 14 جانفي تفوق 50 بالمائة لكنّها انحصرت بعد التاريخ المذكور في حدود 10 بالمائة إلاّ أن النسبة في طريقها للزيادة في الفترة الأخيرة…فعدم المهتمين بالحياة السياسية بلغ خلال شهر أوت أكثر من 20 بالمائة. فيما يتعلق بالأحزاب تقول أرقامه أيضا إنّ 20 بالمائة من التونسيين يجهلون تماما الأحزاب السياسية وحوالي 22 بالمائة يعرفون حزبا واحدا فيما لا تتجاوز نسبة من يعرفون 5 أحزاب فما فوق 11 فاصل 7 بالمائة والحال أن عدد الأحزاب يفوق المائة في تونس ما بعد هروب بن علي وسقوط نظامه. من جهة أخرى يرى حوالي الثلثين من التونسيين أنهم غير ممثلين في الأحزاب أو بالأحرى لا تعجبهم كل الأحزاب على اختلاف تيّاراتها السياسية…فيما يرى دون 1 بالمائة من التونسيين أنهم ممثلون في 5 أحزاب فما فوق. تقول أرقام الاستطلاع أيضا إنّ حوالي 60 بالمائة من التونسيين يجهلون مهام المجلس الوطني التأسيسي. وتشير الى أن كثرة الاحزاب السياسية شكّلت أحد أبرز العوائق التي حالت دون رغبة الكثيرين في التسجيل للانتخابات. كما تشير الى أن 72 بالمائة من المستجوبين الذين يمثلون عينة من التونسيين ينوون التصويت في انتخابات 23 أكتوبر…وأنّ حوالي 50 بالمائة ممن قرروا التصويت واختاروا مرشحيهم يظلّ قرارهم غير نهائي. ولا يخفي التونسيون تخوفاتهم من الانفلات الامني الذي يظلّ هاجس كل التونسيين إذ لم تتغيّر نسبة غير الراضين عن الوضع الامني والمستقرة في حدود 57 بالمائة.
أسماء سحبون (المصدر: صحيفة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 سبتمبر 2011)
<
«إن القضاء هو الضمانة الأساسية لانجاح الانتقال الديمقراطي، ولنجاح كل القطاعات في مواكبتها لمتطلبات الثورة، وتجسيد أهدافها وطموحاتها.. ومن هنا، فلا بد من تطهير هذا السلك على الأقل من الرموز الفاسدة التي مازالت، إلى اليوم تنخر المنظومة القضائية.. وكنا، من ناحيتنا ننتظر، تطهير هذا السلك الحساس والفعّال في كل مظاهر وشرائح المجتمع، ولكن ومع الأسف الشديد ورغم مرور ما يقارب 10 أشهر عن اندلاع الثورة، لم تقطع خطوة مهمة ومحمودة، من شأنها تكريس العدالة في منظومة العدالة.. فالمشهد القضائي مازال، الى حد الآن، يتخبط بين براثن ورموز النظام البائد». ذلك ما أكده عميد الهيئة الوطنية للمحامين الاستاذ عبد الرزاق الكيلاني في حديث خص به «الصباح» موضحا «.. والغريب في الأمر ان سلطة الاشراف المتمثلة في وزارة العدل لم تصدر عنها أية ردة فعل بأي شكل من الاشكال حول ضرورة تطهير المنظومة القضائية برمتها، وبالتالي القطع مع ظاهرة الفساد والاستبداد التي كبلت المشهد القضائي في عهد المخلوع، ومازالت تكبله وتجذبه الى الخلف الى يومنا هذا». وأسال العميد عبد الرزاق الكيلاني الذي التقيته في مكتبه بمقر الهيئة الوطنية للمحامين بقصر العدالة، ومن حين لآخر يقطع علينا حوارنا، بعض المحامين، ورنين هاتفي العميد، الجوال والمكتبــــي: غير معقول
للمحامين دور أساسي، وفاعل في كل المجتمعات، وفي كل المجالات تقريبا، فأي دور للمحامين التونسيين، من خلال هيئتهم، لتطهير المنظومة القضائية، وهم ركيزة أساسية من ركائزها؟ لقد أكدنا مرارا، ان مسألة تطهير القضاء لا تهم القضاة فقط، وإنما لها علاقة وطيدة وأكيدة، وملحة بكل أفراد الشعب التونسي، وبكل شبر من أرجاء الوطن.. ومن غير المعقول، من وجهة نظرنا أن يتم الحديث عن استقلالية القضاء، مثل ما يروّج البعض، في ظل قضاء فاسد، فلابد، أولا، وقبل كل شيء، أن نطهر القضاء، ثم نتناقش ونتحدث عن استقلاليته، وعدم تدجينه، ورضوخه للوصايا والتدخلات.. وأكاد اجزم ان الثورة لم تقع في السلك القضائي، فثورة 14 جانفي قامت أساسا للقضاء على منظومة الاستبداد والفساد، ولكن ريحها لم تهب إلى الآن على السلك القضائي و»رجال» النظام البائد، حتى لا أقول ذيوله، مازالوا يصولون ويجولون في هذا السلك، متمسكين بعديد المواقع الحساسة والمهمة بل كلها..
مكونات المجتمع المدني، وخاصة الأحزاب.. أين هي، في رأيكم، من مسألة تطهير المنظومة القضائية؟ مع الأسف الشديد، فإن الأحزاب السياسية، تجاهلت، أو تناست دورها الذي يمكن أن تقوم به في هذا الشأن، رغم أن للقضاء دورا، على غاية الأهمية والخطورة، في المشهد السياسي.. فالأحزاب، ركزت، أنشطتها وحركيتها على الجانب السياسي، من الفترة الانتقالية التي نعيش ويبدو ان هدفها المحوري والأهم، هو ضمان كرسي في المجلس الوطني التأسيسي.. وهكذا أهملت الأحزاب أدوارها التي يجب أن «تلعبها» في مجالات وقطاعات عديدة أخرى، منها القطاع القضائي والذي، كما أسلف له دور أساسي في تركيز الديمقراطية وتجسيمها..
وكيف ترون دور جمعية القضاة التونسيين، والنقابة الوطنية للقضاة، في تفعيل تطهير المشهد القضائي؟ في الحقيقة، فإن لهذين الهيكلين دورا بالغا ومهما في ضرورة تطهير سلك القضاة، ولكن، ومع الأسف مرة أخرى، فإن التجاذبات التي اتسمت بها العلاقة بين هذين الهيكلين، قد تكون حالت دون قيامها بما يجب ويكون، وبدورهما لتطهير المشهد القضائي.. فمن جهتها فقد أكدت النقابة أنها ضد الكشف عن قائمة القضاة الفاسدين، في حين أعدت الجمعية حسب تأكيدات رئيسها، قائمة في الغرض، ولكنها تراجعت فيما بعد عن نشرها.. وهنا تطرح عديد التساؤلات على الهيكلين النقابة، والجمعية. وكل ما نخشاه، وانطلاقا من التجاذبات والصراع الدائر بين الجمعية التونسية للقضاة والنقابة الوطنية للقضاة، الا يتم وضع الاصبع على الداء، وبالتالي يقع نسيان لبّ المسألة، المتمثل أساسا في اصلاح القضاء وانتشاله مما يعاني من الفساد بكل أشكاله..
تحقيقات.. وبعد؟ لنعرج، سيادة العميد، الى سلك المحاماة.. الم يشهد، كذلك، في عهد النظام البائد، فسادا لافتا.. وقد تكون قائمة المحامين الفاسدين التي عثرت عليها لجنة تقصي الحقائق حول الفساد والرشوة في قصر المخلوع، دليلا على ذلك؟ أؤكد اولا، ان القائمة التي تحصلنا عليها، والتي تم العثور عليها بقصر الرئيس المخلوع، خالية، قانونا، من ما من شأنه ان يدين المحامين المدرجة اسماؤهم بها. ورغم ذلك فقد بلغني مؤخرا، بصفة شخصية ودون علم الهيئة الوطنية للمحامين، ان الوكيل العام اذن بفتح تحقيقات ضد بعض المحامين.. وكيف يطالبوننا بتطهير سلك المحاماة، دون ان يمدونا ولو بملف واحد يدين محاميا ما. وعلى كل حال، فاني أدعو من موقعي هذا الى ان يقوم كل هيكل بتطهير نفسه وعليه ان يطهر ساحة منزله قبل كل شيء.. واتعهد، باني مع بقية زملائي في الهيئة، سننطلق في تطهير سلك المحاماة، ان توفرت لدينا ملفات الادانة اللازمة.. سيادة العميد، ركزتم في حملتكم الانتخابية على ضرورة الاعتناء بالمحامين الشبان الذين يمثلون، حسب علمي، رقما مهما في القطاع.. ولكن يبدو ان المحامين الشبان، مستاؤون الان ويعتقدون انهم «مهمشون»؟ منذ انتخابنا، بادرنا باصلاح مهنة المحاماة، وقد نجحنا في اخراج المحاماة من دورها الراكد في عهد الرئيس المخلوع، فتمكنا من استصدار قانون جديد للمحاماة الذي يكرس، على حد سواء قيمة المحامي، وحماية المواطن.. فالمحامي له اليوم قانون ينظمه، كما تم توسيع مجال اختصاصه، ومجال تدخله وصارت له اختصاصات جديدة على غرار المحامي الاوروبي. وعلى المحامين الشبان ان يكونوا انفسهم حتى يقدروا على توجيه الخدمة اللازمة لحرفائهم.. ونحن الآن بصدد اعداد برنامج رسكلة وتكوين للمحامين الشبان ولغيرهم من المحامين، وسيتم فتح مجالات متعددة امامهم حتى يحسنوا من اوضاعهم المادية والمعنوية.. وسينطلق هذا البرنامج، بالتوازي مع حملة بمعية الهياكل المعنية، على اساس ان المحامي هو الضامن الاول والاخير لحريات المواطن.. المحامي والسياسة
هناك عديد المحامين «تخلوا» عن مهنتهم، وادوارهم الحقوقية، وتوجهوا الى المجال السياسي.. الا ترون ان هذا الامر قد يفرغ المحاماة من دورها الاساسي؟ نحن نمر بمرحلة انتقالية استثنائية وقد توجهت عديد الهياكل للاسهام في الانتقال الديمقراطي، وكانت الهيئة الوطنية للمحامين القطاع الفاعل في هيئة تحقيق اهداف الثورة، وكذلك في الهيئة المستقبلية للانتخابات.. وهذا الانسحاب لبعض المحامين، هو في رأيي وقتي، ولا يضر بالقطاع، وعلينا ان نتحمل بعض الوقت، حتى نتجاوز المرحلة الانتقالية التي نعيش.. ولا أخفي عليك، ان هذا الامر، تولدت عنه بعض المشاكل، ونحن الان منكبون على حلها.. وليس هناك داع لاعادة انتخابات الهيئة الوطنية للمحامين، او فرعها بتونس، كما روج لذلك عديد الزملاء.. ولابد ان أشير إلى ان مشاركة المحامين في بعض الاحزاب، هي مبادرات فردية لا تلزم الهيئة في شيء.. ولا يغيب عن اي شخص ان المحامي بطبعه وبتكوينه هو قريب جدا من الشأن السياسي، وهذا ما يفسر وجود المحامين بكثافة في المشهد السياسي..
يتردد أنكم، ستترشحون لرئاسة الجمهورية.. فهل هذا صحيح؟ انتخابي كعميد للهيئة الوطنية للمحامين، تاج على رأسي، وموقفي الان أهم وأكبر من رئاسة الجمهورية ومن رئاسة الحكومة.. وأرى ان المحاماة هي الحصن الحصين لاهداف الثورة..
وألح في السؤال.. هل تنوون الترشح لرئاسة الجمهورية؟ أن تترشح لرئاسة الجمهورية لابد ان يكون وراءك حزب او مجموعة من الهياكل تدعمك، وتشد أزرك وعلى كل حال، فهذا الامر سابق لاوانه الآن.. وقد يكون موضع درس بعد انتخابات المجلس التأسيسي التي ستجري يوم 23 اكتوبر القادم، والتي يهمنا كثيرا ان تتم في ظروف طيبة وفي اطار الديمقراطية والشفافية.
أجرى الحوار: عمار النميري (المصدر: صحيفة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 سبتمبر2011)
<
جينيف في 27 سبتمبر 2011 استجابة منا لنداء الواجب الوطني وخدمة للوطن نعلن نحن عمادالعبــدلي محامي بجنينف والسيدة صفوة عيسى إعلامية و متخصصة في التواصل بين الثقافات، عن ترشحنا لانتخابات المجلس التأسيسي التونسي التي ستنعقد بين 20 و 22 أكتوبر بالنسبة لدائرتنا الانتخابية ويوم 23 أكتوبر في ارض الوطن. إنّ هذه الانتخابات محطة هامة في تاريخ تونس والخطوة الأولى نحو تحقيق حلم الشعب التونسي بالاستقلال الكامل والحرية التي يرنو إليها منذ عقود. إنّ تونس التي حملناها في قلوبنا لعقود وبالتحديد طيلة اثني عشر سنة من التهجير والنفي عبر نضالنا الطويل من أجل الحريات وحقوق الإنسان، هي تونس الجديدة التي تتيح لنا الفرصة اليوم لكي نرد لها الجميل ونخدمها على أرضها. إن الثورة التونسية التي أدهشت العالم بأسره منحتنا جميعا الحرية التي طالما انتظرناها و مكنت آلاف المواطنين التونسيين من احتضان التراب التونسي بعد سنوات المنفى. و نحن نعبر اليوم عن امتناننا للشباب التونسي ونتمنى أن نكون أهلا لتمثيل تطلعاته باعتماد نفس الثبات والحكمة اللذين طبعا عملنا المتواصل من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان في تونس. كما نشعر اليوم أننا واثقون وثابتون على قناعتنا بمواصلة الذود عن سيادة البلاد والمساهمة في بناء تونس جديدة و حديثة: تونس الديمقراطية التي تبنى على قاعدة الوفاق الوطني لتركيز دعائم دولة القانون التي تكون في مستوى تطلعات شعبنا إلى الحرية و الكرامة. ونعني بدولة القانون دولة تعطي حقوقا فعلية للجميع وتقوم سياستها على علوية مبادئ الحرية والمساواة والعدالة على سلطات الحاكم. ويعد تركيز مؤسسات وهيئات تضمن احترام الإطار القانوني وحدود كل سلطة من السلطات إضافة إلى غرس ثقافة المواطنة داخل النسيج المجتمعي مرحلة هامة وأساسية في مسار الانتقال الديمقراطي. و تونس الحديثة تقوم في منظورنا على ركائز هوية متجذرة في ثراء وتنوع تاريخي يحترم ارتباط غالبية الشعب التونسي بجذوره العربية والإسلامية. ومن أوكد مهام دولة القانون أن تضمن لكل فرد حرية الفكر بدون تعطيل لحرية الآخر وتحال القضايا الخلافية إلى لجان متعددة الاختصاصات تقوم على ركائز قانونية وعلمية ثابتة تحترم مبدأ التشاور مع جميع المكونات والقوى الحية بالبلاد. وعلى تونس الجديدة، تونس ما بعد الثورة، أن تجعل كل مواطن من مواطنيها يشعر بأنه مسئول وضامن لنجاح ثورته. تعمل قائمتنا، ضمن هذه المحددات، على تحقيق التعايش السلمي داخل المجتمع مع الاحترام الكامل لحرية التعبير والرأي. ونحن مقتنعون أكثر من أي وقت مضى أنّ مسلك الحوار الوطني واحترام حق الاختلاف من شأنه أن يحافظ على السلم الاجتماعي و يجنب البلاد مهالك العنف والاستبداد. وسنسعى إلى جانب مكونات المجتمع التونسي إلى أن تكون هذه القيم متجذرة في ثقافة المواطنة. ولا خلاف في انه لا يمكن لهذا الانفتاح على القوى الممثلة للمجتمع في سائر المجالات أن يصبح نافذة تسمح للمتسببين في الانحراف بالوضع السياسي والثقافي والاقتصادي طيلة العقود الماضية أن يتمركزوا من جديد داخل مؤسسات الدولة أو أن يفلتوا من المسؤولية، بل يجب أن تحدد المسؤوليات وتتم المحاسبة ضمن منظومة قضائية مستقلة ومؤهلة للقيام بهذه المهمة. إنّ الثورة التونسية التي تركت بصمتها على الساحة الدولية منذ بداية السنة والتي ألهمت باقي الثورات العربية تحتاج اليوم إلى أن تسلك طريقها الصحيح وان تبقى وفية للشهداء ودمائهم و الشباب و نضالاته. وسنحرص في قائمتنا على أن تكون الشعارات التي رفعتها ثورة 14 جانفي 2011 (كالعدالة والحرية والكرامة وإعادة التوازن الاقتصادي في الجهات المحرومة) حاضرة دائما في برامجنا ومطالبنا. فمعا سنبني المستقبل، ولكن قبل ذلك علينا أننصحح مسار الثورة في اتجاه يخدم مصالح من صنعوا هذه الثورة وليسأولئك الذين يتفننون في الانقلاب عليها و استغلالها لإعادة نسخ النظامالقديم. إن الجميع متفقون على أن القسم الغالب من الوزراء وكبار المسئولين في الحكومة « الانتقالية » الحالية هم إما من البورقيبين السابقين أو من مقربي النظام السابق مما يفسر، من جهة، سعيهم مع سبق الإصرار و الترصد إلى تحجيم ثورة الشعب, و من جهة أخرى، الشعور بالإحباط\ من قبل الشباب و الشعب عموما وهو يرى هؤلاء المتملقين يعملون على سرقة ثمرات ثورته. وبناءا على جملة هذه الاعتبارات ووعيا منا بأننا مقدمون على انتخاب مجلس تأسيسي وليس انتخاب برلمان عادي، و هذا معطى شديد الأهمية في طرح البرامج و الشعارات، ستعمل قائمتنا على الدفاع عن المطالب التالية (وسنفصل جملة هذه المبادئ في برنامجنا الذي سننشره قريبا: 1. على المجلس التأسيسي المنتخب أن يكون تعبيرا عن إرادة شعبية حرة تسمح بإعادة رسم مستقبل البلاد ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يتقلص دوره إلى مجرد لجنة فنية لصياغة الدستور. 2. .يجب على المجلس التأسيسي أن يكون قادرا على تصوّر السبل المثلى والممكنة لتشريك كافة مكونات المجتمع المدني في النقاش الدائر، ليس فقط حول إعداد دستور جديد للبلاد، ولكن حول مشروع جديد لمجتمع سيادي، حر، منفتح وديموقراطي. 3. هذه الآلية من شأنها أن تتيح في المستقبل نشأة منظومة ديمقراطية تجمع بين التمثيلية المبدعة والرقابة الشعبية الموازية (قبل وبعد المسار التشريعي) مع مهمة رئاسية محددة الصلاحيات تسمح بالقطع مع ثقافة الرئيس الأوحد التي تختصر المجتمع في شخص الرئيس. 4. وبالنسبة لقائمتنا، فان هذا الآلية لا تتلخص في تقديم تصور تقني لتوزيع السلطات، ولكنها وقبل كل شيء توفر منهجية دستورية و سياسية في تصور مجتمع سيد نفسه لا يسمح لأي كان بأن يفسد فيه أو يقمعه. 5. ولكي ينجح المجلس التأسيسي القادم في هذا المسار لا يجب الحد من صلاحيته بشكل يبقي أي شكل من أشكال النفوذ في أيدي هيئات لا تتمتع بالشرعية الشعبية. كما لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يواصل نفس الأشخاص الذين تسببوا في تأزم المسار الحالي في تسيير شؤون البلاد. 6. إذا كانت قائمتنا لا ترى حرجا، لاعتبارات عملية وواقعية، في تحديد آجال مرنة وكافية لاستكمال أشغال هذا المجلس، و ذلك عبر توافق إرادي بين كل مكونات الطيف السياسي التونسي، إلا أنه لا يمكن بالمرة تحديد صلاحياته أو فرض سلطات (رئيس و حكومة معينة) خارج الشرعية الانتخابية. 7. و عليه، فان قائمتنا ترى أنّ أفضل الخيارات هو اختيار حكومة فعلية انتقالية تتكون من شخصيات كفؤة ذات تكوين سياسي وتكنوقراطي تستطيع إعادة الثقة في الاقتصاد و إلى الشارع والى عائلات الضحايا. 8. وسيكون من أوكد مهام هذه الحكومة الانتقالية أن تطمئن الشعب في خصوص الملفات المستعجلة أي العدالة الانتقالية وتطهير وزارة الداخلية واستقلال القضاء واتخاذ إجراءات آنية وعلى المدى المتوسط لإعادة التوازن للاقتصاد والميزانية العامة بحيث تتوجه الموارد فعليا لصالح المناطق المحرومة والضعيفة. 9. و بالنظر إلى الطبيعة الانتقالية لهذه المرحلة، فلن يكون من صلاحيات هذه الحكومة الإمضاء على اتفاقيات بعيدة المدى أو اتخاذ التزامات مالية (قروض على وجد التحديد) من شانها ان تؤثر سلبا في مستقبل الأجيال القادمة. و يجب على هذه الحكومة بمجرد تشكيلها أن تعمل على تحقيق جملة من الإصلاحات المستعجلة التي من شانها أن ترسل رسائل قوية مفادها أن تصحيح مسار الثورة قد بدا بالفعل لإعادة هذه الثورة إلى أصحابها. 10. ولاشك أن إصلاح الإعلام سيكون من ا كبر أولويات هذه المرحلة، إذ على الحكومة و كل الهيئات التي شكلتها لإصلاح الإعلام أن تلتزم التزاما فعليا و قطعيا باحترام حرية التعبير و أن تقبل بان يكون الإعلام التونسي قادر على إيصال الحقيقة للناس دون خشية من الرقابة أو الإجراءات الإدارية و الأمنية الزجرية. و لذلك فان الاكتفاء بتعديل و تغيير الإطار القانوني المنظم للقطاع لن يكون كافيا، إذ لا بد بالتوازي مع ذلك من تجديد الهياكل و البنى و طبيعة التكوين المعتمد في هذه المجال ووسائل العمل و آلية التسيير الذاتي المستقل للمؤسسات الإعلامية.، حتى لا يكون الإعلام موجها من طرف رجال الأعمال و أصحاب الثروات المشبوهة. 11. و سيكون الهدف الأسمى من ذلك أن يتحقق للتونسيين الحصول على إعلام نزيه يتمكن في إطاره الصحفيون و عموم الإعلاميين من الخوض بحرية في قضايا الفساد و التعذيب (الذي لم ينته بعد) و استغلال النفوذ و السلطة, و ملف القناصة و القتل و الاستعمال المنهجي للعنف ضد جموع الشعب، و أن يتحقق ذلك في أجواء من الشفافية المطلقة و المهنية و ضوابط العمل الإعلامي. 12. كما انه لم يعد مقبولا، بعد كل التضحيات التي قدمها أبناء الشعب على مدى عقود طويلة، أن يظل موضوع الأمن حكرا على وزارة الداخلية التي تنخرها ثقافة الريبة من الشعب و الاستخفاف بحقوقه. و لا مجال أيضا للاستمرار في سياسية مقايضة الأمن بالحرية، و هو الغطاء الذي يستعمل الآن لتأبيد انفراد الجهاز الأمني القمعي بتسيير الفضاء العام و التحكم فيه، بما يكرس سياسة الإفلات من العقاب و الإبقاء على نفسالأشخاص و المناهج في إدارة الشأن الأمني. 13. و عليه، فان وجود قطاع قضائي مستقل هو الذي سيوفر الضمانات الفعلية التي ستجعل من كل تدخل سافر و غير قانوني للتضييق على الحريات الفردية و العامة غير مقبول بالمرة. كما أن استقلالية القضاء هي التي ستضع حدا نهائيا لسياسة الإفلات من العقاب التي مكنت إلى حد الآن بعض مسئولي الدولة، ممن تلطخت أياديهم بدماء الأبرياء، بالبقاء في الحكم حتى بعد حصول الثورة. فالقضاء المستقل و المسير ذاتيا، ضمن منظومة التصور الجديد لتوزيع السلطات، هو الذي سيكون بإمكانه أن يتابع المسئولين عن جرائم القتل و التعذيب و السرقة المنظمة لمقدرات الشعب، متحولا بذلك إلى سلطة ردع وتوازن تفرض على وزارة الداخلية إجراء الإصلاحات التي لا زالت تتلكأ في انجازها على طريق اندماجها الفعلي في العقلية الديمقراطية و الجمهورية. 14. تعتبر قائمتنا أن الإسلام مكون جوهري لتاريخ بلادنا و عاملا من عوامل اللحمة و المقاربة الخلاقة للمستقبل. و نحن نرفض أن نرى في الإسلام، كما يسعى إلى ذلك العديدون، مادة لحوار متوتر و مشحون يستخدم فقط لتصفية حسابات سياسية مع المخالفين و الهاء الشعب عن قضاياه الحقيقية. و لذلك نعتقد جازمين بان أي إشكال متفرع عن موقع الإسلام في مجتمعنا و نظامنا القانوني لا بد من أن يكون مادة لحوار موسع و أن تحسم القضايا المترتبة عنه وفق أفضل آليات الاستشارة و المشاركة التي تسمح بإدراج أفضل الكفاءات و الإمكانيات في الإجابة عن ذلك الإشكال. فالاستئناس بمرجعية الإسلام ليس جزءا من المشكل و لكنه جزء من الحل. 15. . و تنظر قائمتنا باستياء كبير إلى الإهمال الذي لا يزال يعاني منه الشباب بعد الثورة و شعوره بأنه ترك لحاله في مواجهة ضغوط متزايدة من البطالة إلى انعدام الأفق إلى ووضع العراقيل إمامه حتى لا يهتم بالشأن العام. فعلينا لذلك أن نعمل على توفير الشروط التي ترفع من شانه و تشريكه في تصور البرامج و تنزيلها من اجل مستقبل أفضل للبلاد و إدماجه تدريجيا في المؤسسات السياسية و التشريعية و الإدارية للبلاد. 16. و ترفض قائمتنا أن يتحول الخوض في موضوع حقوق المرأة في مجتمعنا التونسي إلى غطاء لافتعال صراع وهمي بينها و بين الرجل باعتبارهما المكونين الأصيلين لكل مجتمع. كما تقف بشدة ضد محاولة ابتزاز النساء لتحقيق غايات سياسية ظرفية، و التغاضي بعد ذلك عن مواضع التمييز الفعلي ضدها في العمل (بأجور متدنية و مخلة بالكرامة الإنسانية) و الترقي المهني و الإسهام الايجابي في إنقاذ النسيج الاجتماعي الذي بدا يشهد تفككا مطردا للروابط العائلية و الأسرية. 17. و ستعمل قائمتنا على تحسين أوضاع التونسيين بالخارج، بالدفاع عن حقهم في معاملة كريمة في الدول التي يقيمون بها للعمل أو الدراسة. و في هذا الصدد يتعين إعادة النظر في تركيبة ممثلياتنا بالخارج بحيث تصبح مشكلة من قبل أناس أكفاء ينحدرون من المجالين الاقتصادي و الأكاديمي و تكون لديهم بذلك القدرة على تشريف صورة البلاد و تقديم الدعم اللازم و الناجع لمهاجرينا سواء ببلدان الإقامة أو أثناء عودتهم إلى ارض الوطن. و نحن نأمل أن نجعل من هذه الحملة الانتخابية محطة للحوار والنقاش مع المواطنين حول هذه الأولويات ونحن على قناعة راسخة أن صوت الشعب سيكون أعلى من أصوات الباحثين عن استنساخ الماضي بتعلات مختلفة وبأشكال متنوعة.
<
المترشحان: عماد العبدلي: محامي بجنيف ومناضل حقوقي و سياسي صفوة عيسى: صحفية و متخصصة في مجال الاتصال بين الثقافات ومناضلةحقوقية
<
انعقد اليوم الأحد24 سبتمبر اجتماع اللجنة التنسيقية للحملة الانتخابية طريق السلامة لفرنسا 1 وفرنسا 2 التي يقودها الشيخ عبد الفتاح مورو مع جمع من الجالية التونسية ومن المتعاطفين مع القائمة، وقد وقع التعرض خلال اللقاء إلى مجموعة من الاقتراحات وتبادل الأفكار وطرح التساؤلات وقد أجاب كل من الدكتور خالد الطراولي والأستاذ حسن فرصادو رئيسا قائمتي فرنسا على مجملها والخاصة بالاستحقاق الانتخابي وبرنامج القائمة الخاص بالجالية التونسية بفرنسا مع العلم أن قائمة فرنسا 1 تحمل رقم 8 وقائمة فرنسا 2 تحمل رقم 13
<
علمت « الصباح » ان جهات قد تكون أجنبية ربما اقترحت اسم السيد مصطفى بن جعفر رئيس حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، لرئاسة الجمهورية المؤقتة بعد انتخاب المجلس التأسيسي وذلك نظرا لاتفاق الفاعلين على الساحة السياسية على احترام بن جعفر وتقديرهم لشخصه ولوطنيته وما عرف عنه من نزاهة خاصة وان الجميع يعتبرون انه من المعارضين الجادين إبان حكم المخلوع. وعلمت « الصباح » أيضا ان حزبا يتمتع بثقل كبير قد تكون تمت استشارته ولم ير مانعا في إطار مبدأ التوافق باعتبار ان بن جعفر من المناضلين الذين رفضوا الدخول لبيت الطاعة الذي فرضته آلة القمع في النظام السابق وعاش وواجه العديد من الصعوبات والضغوطات من قبل السلطة الرافضة لكل نقد مخالف لها وبقيت مواقفه ثابتة يعرفها القاصي والداني رغم التعتيم. وباعتبار ان بن جعفر كان ومازال يتعامل مع الفاعلين على الساحة السياسية على أنهم منافسين له لا أعداء لذا بدا لهذه الجهات انه الشخص المناسب لقيادة مرحلة ما بعد الانتخابات كرئيس مؤقت للجمهورية. مثل هذه المبادرة قد يرى البعض أنها ونظرا لمصدرها الأوروبي تدخل في باب الوصاية والتدخل في الشأن التونسي الداخلي وقد يرفضون الخوض فيها حتى وان كان الاقتراح من باب تحسس الوضع السياسي لا غير. وقد يرى فيها البعض الآخر مخرجا لمأزق الفترة التي ستمتد بين انتخاب المجلس التأسيسي والانتهاء من إعداد الدستور خاصة وان مصطفى بن جعفر حاليا يحظى بقدر كبير من الاحترام لدى كل الأحزاب وله شرعية النضال في سنوات الجمر. علياء بن نحيلة
(المصدر: صحيفة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 سبتمبر2011)
<
الحكومة المؤقتة باقية إلى ما بعد الانتخابات عمليا وحسابيا ـ شهر يفصلنا عن انتخابات المجلس التأسيسي وهو موعد حاسم استعدت له جميع الأحزاب التي دخلت في المنعرج الحاسم عبر تقديم برامجها وتكثيف اجتماعاتها وتحركاتها ولقاءاتها بالجمهور. وان اختار البعض استغلال اسم حزبه وتاريخه النضالي فان حركة التجديد ذات التاريخ العريق والتي وضعت بصمتها منذ الاستقلال وحتى قبل ذلك في الواقع السياسي والنضالي التونسي اختارت دخول الانتخاب عبر تحالف اطلقت عليه « القطب الديمقراطي الحداثي »… حول هذا القطب وواقع البلاد السياسي والأمني والاقتصادي وحول الانتخابات والاستفتاء وغير ذلك كان لـ »الصباح » هذا اللقاء مع السيد أحمد ابراهيم الامين العام لحزب « التجديد » والوجه الابرز في القطب الديمقراطي الحداثي.
السيد احمد ابراهيم، مازال يفصلنا شهر واحد على انتخابات المجلس التأسيسي، فهل ترون أن البلاد جاهزة حاليا لمثل هذا الموعد الهام؟ وهل ترون أن الجميع يعمل على إنجاحه؟ نحن في وضع من ناحية قطع مع الخوف ومع التعسف والقمع وفتح آفاق للمواطن كي يعبر بحرية ونريد أن تكون هذه الفترة فترة مواتية للتنافس بين المشاريع والبرامج في إطار الحوار المتمدن بعيدا عن كل التوترات والتشنجات في كنف الاستقرار والأمان. وهذا يفترض من جميع الفرقاء مجهود خاص ومسؤولية خاصة تدعم مصلحة البلاد أي مصلحة إنجاح هذا المسار الانتخابي والانتقال الى نظام جمهوري جديد يكرس قيم الدولة ويستكمل مهامها عبر الانتخابات. هناك وضع يغلب عليه الغموض وبالتالي هناك حاجة إلى توضيح معالم البرامج والمشاريع المتنافسة بعيدا عن كل عوامل الإرباك وحتى عوامل التلوث مثلما نشهده مع الأسف من تواصل ظاهرة الإشهار والمال السياسي حيث تعامل السياسة مع الأفكار والمقترحات وكأنها بضاعة عوض أن تكون مبنية على أساس نكران الذات والنظافة واحترام نضج المواطنة.
وهل تعتقدون ان الاتفاق الحاصل حول « وثيقة بن عاشور » سيكون بمثابة ميثاق شرف سيساعد على الانتقال الديمقراطي ويحقق اهداف الثورة؟ خطونا خطوة ايجابية بالاتفاق الذي حصل مؤخرا بين الأحزاب حول المسار الانتقالي وحول مدونة سلوك مبنية على الأخلاق وعلى نبذ التجريح ونبذ نزعات اتهام الغير والسب والثلب. الديمقراطية ليست مجرد آليات للحسم في من يكون اغلبي بل هي بالأساس ثقافة. نحن في فترة بناء وعلينا ان نتحلى ببعد النظر والجدية وهذا ما نعمل على ان نكون أوفياء له في ممارساتنا. نحن واثقون بان الشباب الذي اطاح بالدكتاتور في بضعة اسابيع دون تاطير من أي طرف سياسي قادر على ان يميز بين ما هو ايجابي للبلاد وما هو سلبي.
العديد من الأحزاب قدمت برامجها وأفكارها،فهل ترون أن تلك البرامج تلبي ما قامت من أجله الثورة؟ وهل أن تلك البرامج صادقة فعلا أم أنها مجرد طعم انتخابي؟ مع الأسف مختلف البرامج التي قدمت لم تجد الاطار الذي يسمح للمواطن بان يتابعها وان يشاهد نقاشات بينها.
تتوجهون باللوم إذا لوسائل الإعلام؟ ليس فقط لوسائل الإعلام،بل إلى الأمور الإجرائية وساحات النقاش.ففي كثير من الأحيان تبدو الساحة وكأنها ساحة صراع بين مصالح وبالتالي تغلب على البرامج في كثير من الأحيان نزعة إطلاق الوعود البراقة دون اعتبار الصعوبات الحقيقية وثقل التركة السلبية للنظام السابق والمطلوب هو الابتعاد عن تقديم الوعود من قبيل خلق 100الف موطن شغل في السنة. وهو وعد غير قابل للتحقيق. اليوم وفي هذه الفترة الحلول لن تأتي من حزب وحده او حتى من ائتلاف احزاب فالبلاد في حاجة الى بروز إرادة سياسية موحدة لبناء البلاد على اسس صلبة تاخذ بعين الاعتبار ان تونس لا تنطلق من عدم بل لها مكاسب واضحة كالتعليم وتحرير المراة وهي مكاسب عرّضها نظام الحكم التسلطي الى الهشاشة وهي الآن وبعد الثورة سوف تجد مناخا ملائما لتطويرها وتعزيزها فالذي ينتظره الشعب هو ان يكون النظام الجديد الذي سنبنيه معا ضامنا لاستمرارية تلك المكاسب وحمايتها من كل اشكال الاستبداد. لكن تبدو الساحة السياسية اليوم وعلى الزخم الموجود في عدد الاحزاب، فضاء للجدل والتطاحن والمزايدات دون الاهتمام بالواقع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد. أضعنا الكثير من الوقت في الجدل العقيم والمزايدات والنظر في المصالح الحزبية الضيقة مما أعطى ثورة غير ايجابية للعمل السياسي ويجب ان نعيد للسياسة نبلها ونغلب مصالح الوطن على مصالح الأحزاب وطموحات الأفراد أي كانت مشروعيتها.فالمشهد السياسي في حاجة الى التبلور حول مشاريع كبرى. لذلك نحن في حركة التجديد نعتبر أنفسنا الحزب الوحيد المعروف بجديته ووطنيته الذي خير أن لا يخوض الانتخابات بمفرده بل دعا الى التحالفات بين التيارات المتجانسة في نظرتها.
لماذا اخترتم الدخول للانتخابات عبر تسمية اخرى » القطب الحداثي » عوض حركة التجديد وهو ما يمكن ان يدخل اللبس في ذهن الناخب وربما تفقدون بعض الاصوات جراء ذلك؟ القطب الحداثي ليس حزبا من الاحزاب بل طرافته انه جمع بين احزاب مختلفة وهي حركة التجديد والحزب الاشتراكي اليساري والحزب الجمهوري وطريق الوسط اضافة الى المبادرات الوطنية المكونة من مناضلين وشخصيات مستقلة مثل مبادرة المواطنة. الهدف من هذا الائتلاف هو ابراز ارادة وطنية تبني النظام الجمهوري الجديد وتستكمل اهداف الثورة وتكرس قيمها في كنف الحفاظ على المكاسب الحداثية ودعمها وتطويرها وتوسيعها.ورمز هذا التحالف هو النجمة التي نريدها ان تكون بمثابة النجمة القطبية والبوصلة التي تمكن من ايصال تونس الى بر الامان وتحقق الازدهار الوطني لصالح مجموع الشعب ومصالح كل الجهات وكل الفئات حتى لا يبقى أي تونسي واي تونسية على حافة الطريق.
لذلك كان القطب الديمقراطي الحداثي؟ نعم، فالقطب نمط نظام سياسي ونمط تنمية وفيه تعلق بالمكاسب الحداثية. لذلك نعتقد ان القطب الديمقراطي الحداثي هو مشروع واضح ومشروع واعد ورسالة تدعو الى توحد القوى الحية المؤمنة بالديمقراطية كثقافة مجتمعية شاملة وكمبادئ هي اليوم مبادئ كونية في تناغم مع النيّر والعقلاني والتقدمي في تراثنا العربي الاسلامي كل هذه القوى عليها ان تتوحد ونحن في إطار القطب الديمقراطي الحداثي نعمل على ذلك التوحد.
لماذا لم تسايركم الأحزاب الكبرى كالتقدمي والتكتل في أقطاب او لماذا لم نشهد قطبا يضم تلك الأحزاب الكبرى التي عملت معا في العهد السابق من اجل الحريات والديمقراطية؟ هذه من قضايا الارث السلبي نحن دعاة التحالف والتواضع وتغليب مصلحة البلاد على نزاعات الزعامة..كان من المفروض تكوين حركية موحدة والمجتمع سوف يفرز زعامات وان كانت قضية الزعامات قضية مفتعلة لأننا عشنا طويلا تحت أكذوبة القائد الأوحد والزعيم الأوحد. وهذا كله يدخل في ثقافة شاملة تترك جانبا مصالح الأفراد ومصالح الأحزاب لفائدة ثقافة مجتمعية واليوم نحن أمام مرحلة دقيقة وهي مرحلة بناء قواعد الجمهورية لان الانتخابات ليست انتخابات برلمانية او بلدية بل انتخابات مجلس تأسيسي يجب أن تكون راية الوطن فوق راية الأحزاب وفوق راية الأشخاص.
لم تجبني عن امكانيات التوحد بين الاقطاب السياسية الكبرى وخاصة مع نجيب الشابي او مصطفى بن جعفر فترة ما قبل الثورة كانت تفترض التوحد وهذا التوحد والتحالف انجزنا منه الكثير سواء المبادرة الديمقراطية سنة 2004 او المبادرة الديمقراطية سنة 2009. كما تجمع الكل حول ترشحي للانتخابات الرئاسية بعد اقصاء نجيب الشابي، وساندها آن ذاك طيف واسع من الاحزاب والشخصيات منها مصطفى بن جعفر وقمنا بتكوين تحالف المواطنة والمساواة قبيل الثورة وكان هدفنا تغيير موازين القوى وكان من المفروض ان تكون هذه الحاجة الى التوحد اكثر الحاحا بعد الثورة لان البلاد في حاجة الى قيادات مسؤولة لذلك دعونا الى تحالف انتخابي واسع لكن احزاب كانت من المفروض ان تكون في هذا التحالف اختارت الدخول للانتخابات بمفردها في حين ان البلاد في حاجة الى التكاتف والتوحد.وهذا هو الهدف الوطني ونحن ناسف لعدم الوعي بخصوصيات هذه المرحلة وبقينا أوفياء لخطنا الائتلافي المجمع وهو ما تجسم في القطب الديمقراطي الحداثي ونبقى مقتنعين انه حتى بعد الانتخابات نبقى في حاجة الى بروز تحالفات.
ماذا قدمتم من اضافات في برامجكم الانتخابية؟ برنامجنا عبارة عن رسالة من اجل التوحد حول الاهداف الوطنية الاساسية من صياغة دستور ديمقراطي مبني على المواطنة ومبني على مؤسسات جديدة تقطع الطريق امام كل مخاطر اعادة انتاج النمط الاستبدادي وتضمن ممارسة الحرية وممارسة كل ما تقضيه المواطنة والممارسة الفعلية لحقوق المواطنة ومنها القيم والمبادئ الكونية المكونة للديمقراطية الحديثة والعصرية بما في ذلك وجود حقوق في مأمن من سطو الدولة والمؤسسات ودستور يضمن الكرامة والحقوق كالحق في التربية والصحة وبيئة سليمة… هناك مسالة المكاسب وهي جزء من هوية تونس المعاصرة من ضمنها المساواة الكاملة وغير المنقوصة بين المراة والرجل. ومن خاصيات القطب الديمقراطي الحداثي انه الطرف الوحيد الذي التزم بتحقيق التناصف بين الرجال والنساء بما في ذلك في رئاسة القائمات حيث ان نصف القائمات تراسها نساء لهن من الكفاءة والجدية ما يمكنهن من المشاركة حقيقة في النظام السياسي الجديد وصياغة الدستور الجديد والمشاركة الجدية وليس النظرية في فترة البناء. هناك جانب حداثي يتعلق ببناء اسس مجتمع متطور يقطع مع ما كان سائدا في النظام البائد. علما ان هذا القطب ليس قطبا موجها ضد أي كان بل متوجه ايجابيا الى البناء على اساس تطوير وتوسيع مكاسبنا الوطنية.
قلتم ان القطب ليس موجها ضد أي كان، ولكن افكاركم وطروحاتكم وحتى تاريخكم يبقى موجها ضد بعض الاطياف، وهنا يمكن ذكر حركة النهضة. بطبيعة الحال الانتخابات تعني التنافس بين مشروع حداثي ودولة مدنية ومبادئ كونية فمن الطيبعي ان نكون في تناقض مع مشاريع اخرى توظف المعتقد والمقدس المشترك بين ابناء الشعب في خدمة مشروع سياسي مختلف تماما.لكن هذا التناقض لا يعني تطاحن ولا يعني عداء لان بلادنا تتسع لكل التيارات ونريد ان نكون مثالا للتعددية واحترام الآخر لكن في كنف الوضوح. وبالتالي يمكن القول ان هناك من ناحية مشروعا ديمقراطيا حداثيا تقدميا له جذور عميقة في تاريخنا وله ركيزة صلبة في هويتنا المعاصرة المتجددة ومن ناحية اخرى مشاريع غامضة لا تميز بين ما هو اجتهاد بشري ونسبي يخضع لمبدا الخطا والصواب وما هو مقدس لا يقبل لاحد ان يتحدث باسمه او يوظفه لاهداف سياسية وحضارية. نعتقد ان تلك الافكار التي تطرحها النهضة لا تدفع بالبلاد الى الامام بل فيها مخاطر الارتداد وتقويض المكاسب التقدمية التي حققها شعبنا في تواصل وتناغم مع حركة الاصلاح التونسية ومع كل ماهو مستنير وتقدمي في تاريخه.
وماذا عن أحزاب المال السياسي التي دخلت بقوة ووجدت لنفسها مكانة بين الاحزاب الكبرى؟ قبل الحديث عن هذا الطرف هناك طرف لم يستوعب ان تونس والثورة التونسية قطعت مع نمط الاستبداد والفساد أي هناك قوى مضادة متربصة ببلادنا مرتبطة بالنظام القديم وما اشرتم اليه من دخول المال كطرف مقرر هو عنصر تلوث لنبل الالتزام الوطني والالتزام بالقضايا الوطنية علاوة على ان هناك مخاطر استبداد اكثر عمقا أي اخضاع السياسة الى حسابات الربح وحسابات المال.وتضرب مبدأ تكافئ الفرص والابتعاد عن ظاهرة التعامل مع السياسة وكأنها بضاعة وما يعنيه ذلك من ضرب لمبدأ تكافئ الفرص والاختيار الحر والنزيه على أساس البرامج والمشاريع لا على أساس المال الذي لا نعرف من اين جاء ومن يقف وراءه.
هناك عودة للحديث عن الاستفتاء، فما موقفكم من هذا الموضوع؟ فيما يتعلق بالاستفتاء نحن عبرنا عن تحفظنا ورفضنا هذا المقترح لأنه جاء متأخرا ولأنه سيزيد عملية الانتخاب تعقيدا ولأنه سيدخل الارباك على المواطن والبلاد في مرحلة البناء، إذا كنا نتفهم انه من الضروري وجود سقف زمني وحد أقصى من الزمن للمجلس التأسيسي حتى تتفرغ البلاد لبناء النظم الأخرى. نحن قلنا أن ذلك يمكن أن يقع بالتوافق بين القوى السياسية وهو ما خطونا فيه خطوة هامة من خلال وثيقة بن عاشور التي أمضى عليها 11 حزبا واليوم مقترح الاستفتاء تجاوزه الزمن ونحن على بعد شهر من الانتخابات وعلينا أن نضمن ظروف انتخابات جيدة تسمح بالتنافس والبناء.
وما رأيكم في مقترح بقاء الحكومة المؤقتة لما بعد الانتخابات؟ فيما يتعلق ببقاء الحكومة المؤقتة،فعمليا وحسابيا فهي باقية في انتظار تنظيم السلط.فيما يتجاوز ذلك لسنا مع استباق الأمور لكننا متفتحون على كل الحلول التوافقية التي تضمن للبلاد الاستقرار وتعبر عن إرادة الشعب.في اطار حد ادنى من الضمانات والتواصل والاستقرار. لا يجب تسطير كل شيء بصفة مسبقة ونامل ان تكون نتائج المجلس التأسيسي داعمة لحظوظ بلادنا في الاستقرار المبني على الديمقراطية والذي يحد من التطاحنات والصراعات الحزبية. فيما عدى ذلك كل شيئ يستحق النقاش في اطار الرغبة التي نريدها واسعة في الوصول الى توافقات وطنية تنظر الى بعيد. لكن البديهي ان المجلس التأسيسي سيد نفسه وفي هذا الاطار هناك حاجة الى التحلي بالمسؤولية الوطنية والتفرغ في اقرب وقت الى معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية لان جميع الحديث سياسي ونحن في حاجة الى توافقات وحلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية خاصة إخراج الجهات الداخلية من وضع التهميش والمقاومة الناجعة للبطالة هما ضرورتان موضوعيتان فرضتهما الثورة وعلى القوى السياسية ان تبحث عن الحلول العاجلة.وكقطب نحن مع ميثاق وطني من اجل التشغيل وهو أمر ممكن غير البرامج الاخرى التي يقدمها البعض رغم أنها صعبة التحقيق.
أحمد ابراهيم حاول سابقا منافسة الرئيس المخلوع والترشح للانتخابات الرئاسية،فهل الطموح لايزال قائما لهذه الخطة؟ بصراحة هذه الفكرة لم تراودني ولن تراودني لانني قلت باختصار ان هذه المرحلة هي مرحلة بناء البلاد والابتعاد عن الطموحات الشخصية قدر الامكان. وترشحي السابق لم يكن مبني على أي وهم بل فقط فضح منظومة الاستبداد والفساد وتبيان ان ذلك النظام مهما بدى قويا وعاتيا ومتغولا الا انه كان كما قلته في الاجتماعات القليلة التي عقدتها انه كان عملاقا رجلاه من طين لانه نظام مبني على » الامنوقراطية » وكنت واعيا ان الانتخابات ليست نزيهة وستدلس لكن فقط اردت توجيه رسالة ان التونسيين والتونسيات قادرون اذا توحدوا وتجمعوا حول مطالب الديمقراطية والنظافة قادرون على عزل النظام الاستبدادي والفاسد وكانت تلك التجربة مساهمة مع غيرها من التجارب في تراكمات الوعي الذي ادى الى الانتفاضة الشعبية والاطاحة بالنظام الاستبدادي في بضعة اسابيع.
(المصدر: صحيفة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 سبتمبر2011)
<
«المساءلة والتكوين والأطر القانونية» تلك هي أهم الوسائل لتغيير المشهد الإعلامي حسب ما جاء في التوصيات المنبثقة عن ورشة عمل نظمتها الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال بالتعاون مع المعهد العربي لحقوق الإنسان تحت عنوان «التركة الثقيلة للإعلام: كيف نؤسس للمستقبل؟». وبخصوص محور المساءلة والمصالحة أكدت الورشة في بيان صدر عنها مساء السبت الماضي ضرورة فضح الأسماء التي ساهمت في إفساد الإعلام وتحاول اليوم إعادة الكرة من خلال التظاهر بالدفاع عن المهنة الصحفية إلى جانب ضرورة تفكيك منظومة وكالة الاتصال الخارجي واطلاع العموم على ملفاتها وكشف أسماء المذنبين والاقتداء بالتجارب المقارنة خاصة تجربة تشيكوسلوفاكيا التي أفشت أسماء الصحفيين الذين تعاملوا مع وزارة الداخلية وحالت دون إدماجهم من جديد في القطاع الإعلامي. وأوصت الورشة في باب إصلاح المنظومة القانونية للإعلام بتفعيل النصوص القانونية التي توصلت إليها مختلف الهيئات وعلى رأسها مجلة الصحافة والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري وتعديل المرسوم المتعلق بحق النفاذ للمعلومة بما يجعله متآلفا مع المعايير الدولية خاصة وثيقة منظمة الأمم المتحدة المتعلقة بهذا الشأن إضافة إلى تطبيق ما جاء في الاتفاقيات المشتركة واشتراط احترام جميع بنودها مقابل توزيع حصص الإشهار. وأكدت الورشة من جهة أخرى أهمية دعم قدرات المهنيين من خلال مراجعة برامج ومواد ومنهجية التدريس بمعهد الصحافة والتشجيع على التخصص في الصحافة والاستعانة بالكفاءات التونسية بالداخل والخارج من اجل تأطير الصحفيين ورسكلتهم واعتماد استراتيجية تكوين توضع استنادا إلى معايير علمية الى جانب إعادة إدماج الكفاءات المهمشة داخل المؤسسات العمومية. وأوصت الورشة أيضا بعدم احتكار البث والسماح لوسائل الإعلام السمعية البصرية بامتلاك أجهزة إرسال خاصة بها مما يجنبها نفقات مرتفعة إلى جانب تفعيل دور المجتمع المدني والمنظمات المدافعة عن حرية الصحافة حتى تلعب دورا جديا في مسار إصلاح القطاع وتطوير صحافة المواطنة التي يجب أن تؤدي واجبها في التشهير بالتجاوزات والأخطاء المتكررة خاصة في مجال الإعلام.
(المصدر: صحيفة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 سبتمبر2011)
<
كمال بن يونس ـ سمح زعماء « النظام العالمي » للرئيس اليمني عبد الله صالح بالعودة إلى اليمن بعد 3 أشهر كاملة من منفى فرضه عليه شعبه في أعقاب مظاهرات مليونية متواصلة لم يشهد تاريخ البشرية مثيلا لها. عودة رمز أحد أبشع أنظمة الاستبداد والفساد في المنطقة منذ 1978 ، بموافقة دولية ، رسالة سياسية خطيرة جدا يوجهها صناع القرار في العالم الديمقراطي ـ وخاصة في واشنطن والعواصم الاوربية ـ إلى ملايين المتظاهرين المسالمين في مختلف الدول العربية منذ 14 جانفي الماضي للمطالبة بالاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ووضع حد للرشوة والفساد والاستبداد والتعذيب والانتهاكات للقيم الكونية وحقوق الانسان. إن السماح بعودة علي عبد الله صالح والترويج لخطبه و » مبادراته السياسية » ضحك جديد على ذقون مئات ملايين الديمقراطيين العرب وملايين النشطاء المدنيين اليمنيين الذين يتظاهرون منذ 9 أشهر في شوارع بلدهم ويُقتلون ويُسجنون رافضين استخدام السلاح رغم الانتشار الغريب والمسموح به لكل أنواع الأسلحة بينهم.
صحيح أن في اليمن مشاكل أمنية وسياسية واقتصادية ومخاطر معقدة من بينها نسب عالية جدا من الفقروالأمية بما يوشك أن يخدم مصالح التنظيمات المتطرفة والمسلحة والارهابية. وصحيح أن الوفاق حول » البديل »عن نظام عبد الله صالح ليس يسيرا.. مثلما لا يزال » الوفاق » حول البديل يتعثر في تونس ومصروليبيا وسوريا…الخ
لكن لا مبرر حاضرا ومستقبلا لمحاولة بعضهم ايقاف مسار الثورات العربية عبر اجهاض سيناريو التغييروالاصلاح في اليمن الجار الكبير لدول مجلس التعاون الخليجية التي لايريد بعض قادة واشنطن وأوربا أن يغامروا بالموافقة على اصلاح ديمقراطي فيها بسبب تخوفات من أن يؤدي التغيير الى » النيل من المصالح القومية » الأمريكية والأوروبية (واليابانية والصينية ..الخ ) ومن بينها النفط وبعض الصفقات المشبوهة.. كفى تلاعبا بأرواح الأبرياء والمدنييين اليمنيين والعرب.. ولتتوقف سياسة المكيالين ..لأن المجتمعات العربية في الدول النفطية الشقيقة وفي اليمن وفي الدول المجاورة لاسرائيل تزخر بدورها بملايين المثقفين والحقوقيين والديمقراطيين المعتدلين والنشطاء النزهاء ولا مبرر لفرض رموز الفساد والاستبداد عليهم مجددا بحجة » مكافحة القاعدة والارهاب » على غرار ما يجري في اليمن.
(المصدر: صحيفة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 سبتمبر2011)
<
هل تخلف لنا ثورات تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا وما سيليها مما كونه ما يسمى بالربيع العربي، انتعاشة ثقافية؟ وهل يعرف بسببها النشاط الإبداعي بصفة عامة ازدهارا طالما حلم به العرب بعد أن أفل نجمنا ىوغُطِيَ علينا ازدهار الثقافات الأخرى وعلومها ولم يعد يسمع عنا العالم إلا التشتت والانقسامات والمآسي والخيانات، ولا يُرى لنا إلا ما نجتره ونلوكه من إبداعات الحضارات الأخرى، أو ما تكتشفه هي من عمق لما أبدعه أسلافنا في كل مجالات العلوم الإنسانية والصحيحة، فتتبناه وتضيف له ما قد لا يتجاوز في الحقيقة حسن التقديم بغاية الإبهار، ثم تصدره لنا على انه الضوء الذي سينير سبيلنا ويخرجنا من جهلنا ويلحقنا بالركب المتقدم جدا لدول العالم المتحضر، أي انه في الحقيقة لا يعدو أن يكون في كثير من المجالات ما وعته هذه الحضارات مما أسسنا له ومازلنا نؤسس إلى اليوم في غفلة عفوية أو متعمدة ممن يكتبون التاريخ الإنساني ويصرون على التعتيم عما يعيد اعتبارنا ومكانتنا كقادة لهذا العالم.
كنا ومازلنا السباقين إلى ما يمكن أن يتباهى به الإنسان ولكننا نطيل الاحتفال بمنجزاتنا التي تعوّد الآخر على أن يطلع عليها ويطورها ويبني على أساسها وينهض بها مستعينا في أحيان كثيرة بأدمغة وخبرات عربية ضيقت عليها الأنظمة العربية مجال العمل إما تحقيرا من شأنها أو لأنها لا تولي الاهتمام المطلوب بمجال اختصاصات هذه الأدمغة ولا تخصص الاعتمادات المادية لأبحاثها لقلة الإيمان بجدواها ولعل البعض يخططون لان يندرج «الربيع العربي» أيضا في هذا الإطار.
والتصدي لهؤلاء يكمن في إيمان المثقفين بدورهم الحقيقي وتفاؤلهم بإمكانية الوصول إلى انتعاشة حقيقية في الأدب وفي كل نشاط علمي وإبداعي خاصة بعد ان تحققت لنا كعرب نسبة هامة من حرية التعبير من غير المعقول ان لا تتوج ببحوث ودراسات ونصوص إبداعية خاصة في هذه المرحلة التاريخية بالذات.. مرحلة غابت فيها عن الدولة الجرأة والقدرة على تكميم الأفواه وتكسير الأقلام، واتسع فيها الوطن ليستعيد أدمغته المهاجرة التي كانت تهرب ولا تتكلم حتى وهي تعيش خارج أوطانها خوفا على أفراد العائلة القريبة والموسعة من جبروت النظام والحكام..
مرحلة تاريخية أصبحت فيها الرقابة الذاتية عارا وأمرا مخجلا مسيئا لذكرى من قاموا بهذه الثورات العربية أو الوثبات والهبات، كما يحلو للبعض تسميتها، لأنها حسب رأيهم غيرت رأس النظام فقط أو لأنها -أي الثورات- تحتاج في ما تحتاج إلى إعداد مسبق ومحكم من طرف المفكرين ومثقفي الحركات أو الأحزاب وإيديولوجيات بهدف الهدم من اجل بناء شيء جديد على المدى القريب والمتوسط والبعيد.
ولنفرض أن هذه الهبة كما يقولون كانت تعبيرا عفويا عن الغضب فأتت بمعجزة لم يخطط لها وانفرط عقد الأنظمة العربية الفاسدة صدفة او بفعل فاعل لم يظهر في الصورة، فقد حان الوقت الآن لنستفيق ولنبدأ في التأسيس لعقليات أخرى ولمجتمع لا يحتفل بالمنجزات إلا وهو يناضل من أجل تطويرها والوصول بها إلى ما هو أحسن.
حان الوقت لنبدي ولو نسبة قليلة من التفاؤل اللازم لبناء مستقبل نرضى عنه لأبنائنا وأحفادنا ولنقول لأنفسنا ونقتنع بأن السياسي وحده لا يقدر على صنع ربيع الشعوب وتقدمها.
علياء بن نحيلة aliabennhila@yahoo.fr (المصدر: صحيفة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 27 سبتمبر2011)
<
إن من يكتب التاريخ ويتحكم في مساره هو المنتصر الذي رسم مخطط الانتصار وعمل على تنفيذه وصنع أحداثه وفرض على أعدائه واقعا مفروضا هيمن على كل آلياته و هذه من اكبر مكونات النصر. والتاريخ لا يكتبه المهزوم القابع بذل وهوان وجبن واستسلام تحت ما تأتي به الرياح بذات منهزمة وقلب منكسر. قال ابن الرومي :- قصرت أخادعه¹ وغاب قذاله² وكأنه متربص أن يصـفعا وكأنما صـــفعت قفاه مرة فأحــس ثانية لها فتجمعا إن أصحاب الهمم الشماء لا تنكسر نفوسهم إذا خسروا معركة فالحرب عندهم معارك وسجال فإذا هُزموا في معركة يقوى عودهم وتشحذ عزائمهم ليربحوا معارك ، لان الخسارة الفعلية هي خسارة العزائم والهمم فإذا كانت صلبة وشامخة لا تؤثر فيها النتائج مهما كانت سلبيتها فهي تعاود الكره تلو الكره ، ومن النادر إن لا تنجح في مبتغاها لان أعدائها غالبا لا تكون لهم القدرة على مقاومة الإصرار على النصر، وفى اغلب الأحيان يكون النصر ساحقا و نهائيا وحاسما لان مصدره هذه العزائم الصلبة و الهمم العالية التى تناطح السحاب. و المسلمون من قبل بهذه العزائم الصلبة والهمم العالية سادوا العالم ولم يخسروا اى حرب حسب ما أثبته المؤرخون، وإنما خسروا بعض المعارك ، وبهذه السيادة للعالم صنعوا أحداث التاريخ وتحكموا في مساره.. قال الشاعر علي الجارم: كانوا رعاة جِمالٍ قبل نهضتهم و بعدها ملئوا الآفاق تمدينـــــا إن كبرت بأقاصي الصين مئذنةٌ سمعتَ في الغرب تهليل المصلينـا وهاهم اليوم خسروا معركة السيادة على العالم ليتركوها لليهود إلى حين، وبهذا النصر الجزئي صنع اليهود في الخفاء أحداث العالم وتحكموا في مصيره وتاريخه وحق لهم ذلك لأنهم سلكوا الطرق الصحيحة المرتبطة بهندسة الكون، وإن كانوا على ضلال، لان السنن الكونية تخدم كل من يتبع نظامها ، ووحده الخالق جل جلاله هو الذي يتحكم في خرقها عندما تتهيئا أسباب الخرق التي بها تتغير موازنات القوى في نظام الغلبة قال تعالى : ( كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ… ) { البقرة : 249 } ، وقد وصل اليهود إلى سيادة العالم وربحوا المعركة ضد المسلمين ، ومن الأسباب الذي أدت إلى هذه النتيجة هو عدم مشاركة المسلمين فى هذه المعركة فقد كانت من طرف واحد نتيجة التكتيك الحربي الذي اتبعوه عندما غيروا ارض المعركة وغيروا أسلحتها من تقليدية إلى سلمية صامته وناعمة ولكنها ذات دمار شامل لكل مقومات الحياة، وبهذا التمويه الاستراتيجي هيمنوا على البلاد والعباد، والآن ظهرت المؤشرات التي تنبأ بأن الجولة القادمة – إن شاء الله – ستكون لأهل الإسلام ، قال تعالى: ( وتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ) {أل عمران : 140 }فأصحاب العزائم والهمم العالية والرواد والقواد بدأوا في التمركز في ارض المعركة لإعادة صناعة التاريخ وصناعة أحداثه وصناعة الرجال الفاعلين في عملية البناء الانقاذى للبشرية ، وقد داهموا الأعداء ودخلوا عليهم من أبواب الأسوار العتيدة التي كسرتها كتائب الاستطلاع الأولّى من ثورة الشعوب والذين كانوا يمثلون قطر السيل الذي سيشتد عوده بالوعي والتأطير والتخطيط ليتحول إلى سيل جارف للمشروع الافسادي ومخططاته المدمرة وجنوده المخترقين ، وسيعيدون كتابة التاريخ بأحرف مشعة بأنوار العدل والرخاء والتحابب والتآلف والإقساط لبني البشر بكل فئاتهم ، لهذا كان لزاما على كل وطني حر أن يدعم رجال الإصلاح البعيدين عن دائرة الاختراق الغربي لأنهم أمل الأمة في إنقاذها من براثن الاستعمار وإرجاع سيادتها الحقيقية على كل مقومات حياتها التي فقدتها بالكامل طيلة عقود من الزمن ، وهاهي صناديق الاقتراع على الأبواب وهي تمثل فرصة تاريخية نادرة ، يتمكن فيها كل وطني غيور على بلاده ودينه وأمته من أن يرجح كفة المصلحين على كفة الاستعمار وجنوده المخترقين ضحايا مصادر التلقي والتوجيه المعلوماتى ، والذين نهيب بهم وبذكائهم وفطنتهم أن يفارقوا مواقع الاختراق الغربي ويعودوا إلى رشدهم ووطنيتهم، ويعيدوا قراءة تاريخ الأيديولوجيات التي أوقعهم اليهود في شراكها وجعل منهم جنودا لمشروعه الافسادي التلمودى الماسوني من حيث لا يشعرون وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
<
أكدت وزارة العدل التونسية خبر تبرئة البغدادي المحمودي رئيس الحكومة الليبية السابق في عهد العقيد المخلوع معمر القذافي من تهمة الدخول غير الشرعي إلى الأراضي التونسية، وذلك بعد أن كانت حكمت عليه بالسجن 6 سنوات لعبوره الحدود الليبية التونسية من منطقة تمغزه جنوب غرب تونس دون تأشيرة. أ ف ب (نص) افاد محامو رئيس الحكومة الليبية السابق البغدادي المحمودي الثلاثاء لوكالة فرانس برس ان القضاء التونسي برأ موكلهم من تهمة الدخول غير الشرعي الى تونس. وقال المحامي عارف الرويس ان « محكمة الاستئناف في توزر برأت المحمودي واثنين اخرين » من هذه التهمة. وكان المحمودي مثل امام محكمة الاستئناف مع شخصين اخرين هما ابن شقيقه كريم المحمودي وفتحي هامل تاجر سيارات، بحسب ما اضاف المحامي في اتصال هاتفي معه. وقال محام اخر يدعى عبد الباسط بوحولي ان الدفاع طالب باطلاق سراح المحمودي بحجة عدم وجود خرق للقوانين التونسية. واوضح ان السلطات التونسية ختمت جواز سفر رئيس الحكومة الليبي السابق « وفي حال حصلت تجاوزات جمركية فهي تخص شرطة الحدود الليبية ». وكان المحمودي الذي بقي رئيس حكومة نظام القذافي حتى ايامه الاخيرة، اعتقل الاربعاء الماضي على مقربة من الحدود مع الجزائر برفقة شخصين اخرين. واكدت وزارة العدل التونسية خبر تبرئة المحمودي.
(المصدر: موقع فرنسا 24 (باريس–فرنسا) بتاريخ 27 سبتمبر 2011)
<
محمد كريشان
‘ليس بالإمكان إنهاء مفاوضات من دون البدء بها’ هذه هي الحكمة الغالية التي قالها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلته أمس الأول مع تلفزيون ‘بي بي سي’ العربي. الحكمة الأخرى التي كان يفترض فيه أن يضيفها بلا تردد هي ‘وإذا ما بدأنا في هذه المفاوضات فلن ننتهي منها أبدا’.
المقابلة مهمة مع ذلك لأنه أوضح فيها ربما للمرة الأولى علنا وبشكل دقيق ما الذي يعنيه بالاعتراف باسرائيل دولة يهودية. قال إن الأمر لا يطرح بالمعنى الديني ‘وهذا يعني أن غير اليهود يستطيعون العيش في إسرائيل الدولة الديمقراطية’ وذلك لتبديد مخاوف التهجير القسري الجماعي لهؤلاء. وأضاف أنه ‘رغم أن اليهود يشكلون أغلبية سكان إسرائيل إلا أن الأقلية من غير اليهود يتمتعون بكامل حقوقهم المدنية، وإسرائيل هي المكان الوحيد في كامل الشرق الأوسط الذي يمكن القول عنه إن العرب يتمتعون فيه بحقوقهم المدنية كاملة وبالمساواة’، وأن ما يعنيه بدولة يهودية هو أن يكون بمقدور اليهود في العالم بأسره الذهاب إلى إسرائيل تماما كما ستعني الدولة الفلسطينية أن يتمكن الفلسطينيون في أي مكان بالعالم من الذهاب إلى فلسطين.
استبعاد البعد الديني الهدف منه درء أي مسؤولية في ما يمكن أن يتحول إليه الصراع من طابع ديني مخيف، كما حذر منه الرئيس محمود عباس في خطابه المتميز أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي قال فيه إن الاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة لن يحدث أبدا. لماذا؟ لأن التعريف الذي قدمه نتنياهو – والذي قد يبدو لأي واحد غير متابع بشكل دقيق بأنه منطقي ومتوازن – يعني أن أي يهودي على وجه البسيطة بإمكانه أن يتوجه فورا إلى دولة إسرائيل ويحصل فيها على الإقامة والمواطنة حتى لو كان من مواليد القطب الجنوبي منذ الأزل في حين يحرم من التوجه إلى منزله وقريته ومدينته أي فلسطيني طرد من فلسطين حتى لو جاء بكل وثائق ومستندات العالم جميعا التي تثبت أن هذا بيته أبا عن جد منذ الأزل، وأنه لم يمض على طرده من هناك سوى ستة عقود.
أي منطق هذا؟ إنه إن لم يكن دينيا فهو عنصري بلا جدال وهذا ألعن. واقع الحال اليوم أن اليهودي مرحب به في دولة إسرائيل في أي وقت أما الفلسطيني فلا، سواء في هذه الدولة أو في مناطق السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة. ما سيحصل بعد الاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة الذي يطمع فيه نتنياهو أن القيادة الفلسطينية تقر بأن من حق اليهود في كل أنحاء العالم أن يذهبوا ويستقروا في أي مدينة من مدن فلسطين التاريخية في حين يمنع ذلك على أي فلسطيني حتى ولو كان يبعد بضعة كيلومترات لا غير عن بيته وقريته التي طرد منها. هذا المنع لن يصبح قائما بفعل قوة القهر وقهر القوة الإسرائيليين بل بموجب اعتراف القيادة الفلسطينية التي تكون وقتها لم تكتف بمصادرة الحلم المتوارث عبر الأجيال وإنما أيضا ألغت كل القرارات الدولية التي اعترفت للفلسطينيين بهذا الحق. وأين يتم هذا الإلغاء؟ في تسوية تقول إنها تستند إلى قرارات الشرعية الدولية. ببساطة إسرائيل تقوم حاليا بكل ما سبق وليست في حاجة للاعتراف الفلسطيني لكي تواصله، فإسرائيل لا تكتفي هنا باعتراف الفلسطينيين بأن دولتهم المنشودة لن تقوم إلا على 22% من أراضي فلسطين المسلوبة وإنما عليهم أن يطردوا من الذاكرة ومن الحلم أيضا أنهم يمكن لهم يوما ما أن يطمعوا، ولو بصفة شخصية غير جماعية، أن يعود بعضهم إلى مرتع صباه، ولو كزيارة سياحية بالمناسبة! حسنا فعل الرئيس الفلسطيني ان كان قاطعا في رفض يهودية الدولة الإسرائيلية وكما قال بعض المسؤولين الفلسطينيين فإن القيادة اعترفت بإسرائيل منذ 1993 ولا معنى لاعتراف ثان. بإمكان الإسرائيليين أن يعرّفــوا دولتهم كما يحلو لهم حتى لو اختاروا لها اسما طويلا مملا على طريقة جماهيرية القذافي، المهم ألا يطلبوا من الفلسطينيين المستحيل: أن يقبلوا بالذبح ويتبرعوا هم قبله بالبسملة!
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 28 سبتمبر2011)
<
د. فهمي هويدي
إذا لم ندرك أن الربيع العربي يتعرض للاختطاف في المرحلة الراهنة، فمعنى ذلك أننا واهمون أو مغيبون، وأننا ما قرأنا نشرات أخبار الساعة، أو قرأناها ولم نستوعب مغزاها. (1) في 22 فبراير/شباط الماضي، بعد نحو عشرة أيام من تنحي الرئيس السابق، نشر لي مقال تحت عنوان: ماذا يدبرون للثوار في الخفاء؟، وكانت الفكرة الأساسية فيه تقوم على أن الأميركيين والإسرائيليين ظلوا طوال الثلاثين سنة السابقة يمدون جسورهم ويثبتون أقدامهم في مصر، ويخترقون كل ما استطاعوا اختراقه من مواقع أو شرائح اجتماعية، لضمان استمرار نفوذهم والإبقاء على مصر في موقف التابع والمنكفئ. ولم يكن سرا أن تلك الترتيبات تمت تحسبا ليوم يحدث فيه أي تغيير «دراماتيكى» في مصر، كما قيل آنذاك صراحة. وإذ استشهدت في ذلك بما توفر لدي من وثائق، فإن السؤال الذي طرحته كان كالتالي: هل ذهب كل ذلك الجهد هباءً، ومتى وكيف سيتم استثماره؟،
ما لم أذكره حينذاك أن صحيفة «نيويورك تايمز» كانت قد نشرت قبل ظهور مقالي بثلاثة أيام (في 19/2) أن المسؤولين الأميركيين كانوا واثقين في اليوم الثامن من الشهر ذاته من أن الجيش لن يطلق النار على المتظاهرين في مصر، وأن أولئك المسؤولين قدروا الدور المهم للجيش الذي له روابطه العميقة بالجيش الأميركي. واستوقفني في الكلام المنشور عبارة نسبت إلى المسؤولين الأميركيين قالوا فيها إن ثلاثين سنة من الاستثمار في مصر كانت لها فائدتها. فيما وجهه الجنرالات الأميركيون وضباط الاستخبارات من رسائل إلى نظرائهم المصريين عبر البريد الإلكتروني، وخلال الاتصالات الهاتفية التي أجروها معهم. وهى الخلفية التي دفعتني إلى التساؤل في ذلك الوقت المبكر عن أهداف هؤلاء وما يدور في عقولهم بشأننا في المرحلة المقبلة. لم يكن هناك شك في أن الأميركيين وغيرهم فوجئوا بما حدث، وأنهم سارعوا منذ اللحظات الأولى إلى الاستفادة من رصيد استثمارهم في مصر طوال الثلاثين سنة السابقة، لكي يكونوا في «الصورة» قبل الإقدام على أي خطوة. ذلك أن المفاجأة باغتتهم وكانت أقرب إلى صدمة جاءتهم من حيث لا يحتسبون. (2) أحتفظ بتقرير نشرته مجلة نيوزويك في 12/6 عن المأزق الذي واجهته واشنطن بوجه أخص، بعدما فوجئت بتجليات «الربيع العربي» إذ أثار انتباهي فيه التركز على أن رجال المخابرات المركزية الأميركية أقاموا خلال سنوات «مكافحة الإرهاب» علاقات وثيقة مع شخصيات رئيسية في الجيوش وأجهزة الأمن والسياسيين في منطقة الشرق الأوسط. وبسبب تلك العلاقات الوثيقة فإن المخابرات المركزية أصبحت أكثر اعتمادا على أجهزة الاستخبارات المحلية، خصوصا في مصر التي كان الرئيس السابق لها حليفا رئيسيا اعتمد عليه، وكان اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات العامة هو الشخصية المحورية في تلك العلاقة التي بلغت ذروتها في تسعينيات القرن الماضي. وهي الفترة التي قامت فيها المخابرات المركزية بتتبع عناصر تنظيم القاعدة في أنحاء العالم، وإرسالهم إلى مصر لاستجوابهم وانتزاع الاعترافات منهم. الأمر الذي ارتفعت وتيرته واتسعت دائرته بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001. أضاف التقرير -الذي كتبه كريستوفر ديكي- أن سقوط مبارك أسقط معه اللواء عمر سليمان الذي كانت واشنطن قد رحبت به وراهنت عليه كخليفة له، ولكن خروج الأخير من ساحة المخابرات والسياسة أربك الإدارة الأميركية لأنها لم تكن مطمئنة إلى الوضع المستجد، وغير واثقة من إمكانية نسج علاقة مخابراتية معه على النسق الذي كان سائدا في عهد مبارك. الصورة تكررت في ليبيا، إذ ذكر التقرير أن المخابرات البريطانية والأميركية صاغت في تسعينيات القرن الماضي علاقات وثيقة مع رجل المخابرات الليبية المخضرم موسى كوسا (الذي عين لاحقا وزيرا للخارجية)، وأصبحت العلاقة أكثر قوة بعد الحادي عشر من سبتمبر/أيلول. وفي ظلها تمت عملية «إعادة تأهيل» العقيد القذافي لكي يصبح أكثر قبولا وتعاونا مع الغرب. وحين قامت الثورة في ليبيا، فإن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا قدمت الدعم الجوي للثوار. لكن «كوسا» انشق بسرعة وذهب إلى لندن. وهو ما أدى إلى حرمان الغرب من قناة الاستخبارات الليبية الأولى. الوضع لا يقل خطورة في اليمن، هكذا قال الكاتب، ثم أضاف أن القيادة الأميركية كانت قد عملت على إيفاد شبكة من المستشارين قاموا ببناء وحدة خاصة لمكافحة «الإرهاب» تابعة لمنظومة الأمن المركزي في البلاد، بقيادة ابن أخ الرئيس علي عبد الله صالح. وبعد ثورة الشارع اليمني فإن المستقبل لم يعد واضحا، لكن الثابت أن الوضع لن يستمر كما كان في السابق. الخلاصة التي خرج بها الكاتب من تقريره هي أن الربيع العربي أفقد الإدارة الأميركية أهم ركائزها في المنطقة، ثم إن حالة عدم الاستقرار التي أسفر عنها باتت تشكل بيئة مناسبة لانتعاش «الجهاديين»، الذين يقصد بهم جماعات التطرف الإسلامي التي يعد تنظيم القاعدة من نماذجها، وهو ما اعتبره تهديدا قويا للمصالح والحسابات الغربية. (3) الثورة الليبية كانت فرصة القوى الغربية لاختراق الربيع العربي واختطافه، ذلك أن أجهزة الاستخبارات الغربية التي فوجئت بما حدث في مصر وتونس قررت ألا تتكرر المفاجأة. وكانت تلك خلاصة المشاورات التي تمت بين ممثلي تلك الأجهزة في كل من الولايات المتحدة وفرنسا وإنجلترا. وحين لاحت نذر الثورة في ليبيا فإنهم لم يضيعوا وقتا. إذ تحولت تلك المشاورات إلى اجتماعات يومية واتصالات تنسيقية على مدار الساعة. فقد كان الهدف جذابا والصيد ثمينا. إذ إن التدخل السريع في هذه الحالة يسمح للدول الغربية بأن تدخل على الخط وتصبح مباشرة في قلب الصورة، بما يسمح لها بأن تصبح شريكا في الحدث، ومن ثم طرفا مؤثرا في مسار الربيع ومقاصده. ثم إن ثروة النفط الليبي تمثل عنصرا جاذبا ومشجعا يستحق الهرولة، بما يعيد إنتاج تجربة العراق الذي فازت الإدارة الأميركية بالنصيب الأوفر فيه. ناهيك عن أن الموقف أفضل كثيرا في الحالة الليبية، فقد كانت الولايات المتحدة دولة احتلال وطرفا غازيا في العراق، لكنها مع «الحلفاء الغربيين» تحولت إلى فرقة إنقاذ استجابت لمطلب قيادة الثورة الليبية في حماية المدنيين من بطش العقيد القذافي وقسوة نظامه. وبرحيله يتخلص الغربيون من حاكم مستبد ومتقلب لا يؤمن جانبه ولا تتوقف مغامراته وحماقاته. إضافة إلى هذا وذاك، فإن عملية إعمار ليبيا وتنميتها بعد سنوات التخلف الذي فرضه العقيد على بلاده إبان حكمه، وبعد الخراب الذي تسبب فيه حينما ثار الشعب ضده، تعد هدية كبرى لشركات الإعمار الغربية لابد من أن تسهم في انتعاشها. (المؤسسات الدولية قدرت كلفة إعادة إعمار ليبيا خلال السنوات العشر المقبلة بما يتراوح بين 250 و500 بليون دولار). هذا التحليل ليس من عندي ولكنه خلاصة لما كتبه أحد الخبراء الأميركيين، هو فيليب زيليكاو في مقالة نشرها له موقع صحيفة فايننشيال تايمز (في 22/8). وصاحبنا هذا باحث ومؤلف، وكان شخصية مهمة في مجلس الأمن القومي الأميركي على عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الأب، كما أنه كان أحد أبرز المسؤولين عن أداء الحكومة الأميركية في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، وهي المقالة التي علق عليها وناقشها في 24/8 باحث آخر هو بيل فان أوكين، وكانت فكرته الأساسية في المقالة -التي جسدها عنوانها- هي أن ليبيا في الوقت الراهن أصبحت نموذجا لإعادة تقسيم العالم العربي التي تتطلع إليها القوى الكبرى في الغرب. إلى جانب التحليل السابق الذكر، فقد استوقفتني في المناقشة التي دارت بين الرجلين ثلاث ملاحظات هي: * إن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة حين أدركت أن الثورتين المصرية والتونسية بلا قيادة، فإنها سارعت بكل السبل لمحاولة استثمار ذلك الفراغ لصالحها. * إن تلك الدول في سعيها إلى اختراق الربيع وتقسيم العالم العربي استعانت ببعض أصدقائها العرب، ممن يقودون دولا تقمع الحريات في بلادهم، لكنهم يقدمون يد العون والمساعدة إلى الشعوب الأخرى المتطلعة إلى الحرية والديمقراطية. * إن الجهد الغربي لن يتوقف عند ليبيا ولا حتى عند سوريا، ولكن الحبل على الجرار كما يقولون بمعنى أن الباب لا يزال مفتوحا لانطلاق انتفاضات في ساحات أخرى مسكونة بعوامل التوتر واحتمالات الانفجار. وإذ تعلمت الأجهزة الأمنية الغربية الدرس من تجربتيْ مصر وتونس وعنصر المفاجأة فيهما، فإن تلك الأجهزة والقوى التي وراءها لن تكون بعيدة عن تلك الانتفاضات. (4) من يقرأ التعليقات والتحليلات الغربية للربيع العربي يجد أنها لا تختلف حول أربعة مصادر للقلق هي:
1- احتمالات تراجع النفوذ الغربي، حيث وصف البعض أجواء العالم العربي الآن بأنها مشبعة بإرهاصات مرحلة ما بعد الحقبة الأميركية.
2- ظهور التيارات الإسلامية على مسرح السياسة المفتوح بعد عقود من الحظر والتعتيم. وكان ذلك أشد وضوحا في مصر وتونس وليبيا على الأقل. وتحظى ليبيا بتركيز خاص لأن قائد المجلس العسكري في طرابلس (عبد الحكيم بلحاج) كان قائدا سابقا للجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا، وقد هرب إلى أفغانستان إلى أن سلمته المخابرات المركزية إلى القذافي حيث قضى عدة سنوات في السجن، ولم يطلق سراحه إلا بعدما اشترك مع بعض زملائه في إجراء مراجعة فكرية أعلنوا فيها عدولهم عن العنف. كما أن المجلس الانتقالي يضم اثنين من أعضاء الإخوان المسلمين.
3- تأثير ذلك الربيع على مستقبل إسرائيل، ومصير معاهدة السلام مع مصر، ومعاهدة وادي عربة في الأردن (صحيفة هآرتس وصفت الربيع العربي بأنه «كارثة» -15/9).
4- التداعيات المترتبة على ذلك في بقية أنحاء الوطن العربي، بما في ذلك الملكيات التي كان الظن أنها أكثر استقرارا، خصوصا بعدما أصبحت الأصوات الداعية إلى الإصلاح تتردد في مختلف الأرجاء، من المشرق إلى المغرب مرورا بمنطقة الخليج.
الخلاصة هي أن قوى الهيمنة في الغرب حين أدركت أن عالما عربيا جديدا يولد ويتشكل، فإنها سارعت إلى الاحتشاد للتعامل مع الوضع المستجد، بالاختطاف أو الإجهاض أو الاختراق. لكن ذلك كله ليس قدرا مكتوبا، وإنما هو سعي يحتمل الإحباط ولا يصمد أمام الاحتشاد المقابل من جانب القوى الوطنية إذا أدركت مكمن الخطر واجتمعت على التصدي له. وهو ما يقتضي تمييزا واضحا بين التناقض الرئيسي والتناقضات الفرعية. والتصدي لقوى الهيمنة الغربية يتصدر المربع الأول، في حين أن كل ما عداه يظل تناقضات فرعية تأتى في المرتبة التالية من الأهمية.
إن المرء لا يستطيع أن يكتم شعوره بالحزن والحسرة، حين يرى الصدام محتدما وعلى أشده في الساحة المصرية بين مختلف التيارات والقوى، خصوصا الإسلاميين والعلمانيين، وأن الجميع مشغولون بتصفية حسابات التناقضات الفرعية، في حين أن جبهة التصدي للتناقض الرئيسي لا تكاد تجد من يحرسها ويذود عنها.
لا أستطيع الحكم على نوايا الذين يؤججون الخلاف حول التناقضات الفرعية، لكن ما أقطع به هو أن ذلك الجهد الذي يبذلونه إذا لم يكن سعيا مقصودا لإجهاض الثورة، فهو في حده الأدنى يمهد الطريق لاختطافها.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 27 سبتمبر2011)
<
د. فيصل القاسم
لا بد أن أعتذر أولاً من شاعرنا العظيم أبي تمام صاحب البيت الشهير: »السيف أصدق إنباء من الكتب… في حده الحد بين الجد واللعب ». ولا بد أن أقول له أيضاً: « سامحك الله يا أبا تمام ». ربما كانت فلسفتك الشعرية القائمة على تفضيل القوة على الإقناع والدبلوماسية مناسبة لعصرك الذي كان يمجّد السيوف، ويحتقر الإعلام. لكنها، بالتأكيد، لم تعد مناسبة، بأي حال من الأحوال، لعصر السموات المفتوحة، لا بل إنها لم تكن حتى مناسبة للقرن العشرين بأكمله، حيث أصبح الإعلام أقوى وأمضى وأكثر نجاعة وبأساً، ليس فقط من السيوف والرماح، بل أيضاً من البوارج وحاملات الطائرات والصواريخ العابرة للقارات.
ويعترف الكاتب الاسترالي الشهير جون بلجر، بأن الإعلام في الغرب، هو أداة ترويع من نوع ما، فكما تستخدم الدول الشمولية العنف لتركيع مجتمعاتها وتطويعها فإن الدول « الديموقراطية » الغربية تستخدم الإعلام لضبط شعوبها، وإخضاعها. بعبارة أخرى، فإن الإعلام الغربي، وسيلة تحكم، وردع رهيبة.
وقد انتبه الأميركيون إلى خطورة الإعلام قبل حوالي مئة عام. لهذا فضلوه، لإدارة مجتمعاتهم، على وسائل القمع والإكراه التقليدية التي كان معمولاً بها تاريخياً. ولعل صدور الكتاب الشهير الموسوم « بروبوغاندا » لمؤلفه الخطير إيدوارد بيرنيس بداية عصر القوة الناعمة وأفول نجم القوة الخشنة التي كانت تستخدمها الحكومات للسيطرة على الشعوب وإخضاعها وتطويعها وتسييرها في الاتجاه المطلوب.
ففي عام ألف وتسع مئة واثنين وعشرين ظهر ذلك الكتاب التاريخي بكل المقاييس ليضع فيه مؤلفه أسس ومبادئ التحكم بالشعوب من قبل ما أسماه بـ »القوة الخفية » التي تدير كل شيء من وراء الستار، لا بل إنها تحدد للناس أذواقهم حتى في المأكل والمشرب واللباس، ناهيك عن تشكيل آرائهم وعقلياتهم وتجنيدها في خدمة النظام الحاكم.
بعبارة أخرى، لا يغرنكم كثيراً مصطلح « الرأي العام » في بلد مثل الولايات المتحدة، فالرأي العام المزعوم ليس، في واقع الأمر، رأي الشعوب، بل رأي القوى الخفية التي تدير الشعوب وتوجهها في الاتجاه المطلوب سياسياً وثقافياً واجتماعياً وسلوكياً واقتصادياً.
ويسخر الكاتب في مقدمة كتابه من أولئك الذين يتباهون بأنهم يعيشون في « بلد حر » مثل أميركا والعالم الغربي عموماً، وبأن بإمكانهم أن يفعلوا ما يشاؤون دون أن يدروا بأنهم لم يختاروا حتى لون لباسهم بمحض إرادتهم، بل بناء على الدعاية التي تمطرهم بها وسائل الإعلام ليل نهار، بحيث يصبح المتلقي مجرد إنسان مسيّر إلى أبعد الحدود في أبسط اختياراته اليومية. فبمقدور وسائل الإعلام أن تصنع من الناس ما يصنع المخرج من الممثلين، فكما أن المخرج يمكن أن يبرمج الممثل للقيام بدور معين ويتقنه على أكمل وجه، بإمكان وسائل الإعلام أن تبرمج الناس وتجعل منهم مجرد منفذين لاستراتيجيات وتوجهات معينة لا تفيد سوى الذين ابتكروها لأهدافهم وأغراضهم الخاصة.
والغريب أن الأشخاص المسيّرين يعتقدون خطأً أنهم أحرار في آرائهم التي يدافعون عنها باستماتة على أكثر من صعيد، دون أن يعلموا أنهم يدافعون عن آراء غيرهم. ولا ننسى أن الإعلام قادر أن يجعل الإنسان يتحسس رأسه إذا ما سمع شخصاً يسأله مرتين: « هل رأسك في مكانه »؟ فما بالك إذا كان الإعلام يرّسخ ليل نهار مفاهيم وأفكاراً معينة في أذهان وعقول المتلقين على مدار الساعة. وفي هذا السياق نتذكر أيضاً كتاب « المتلاعبون بالعقول » لصاحبه هيربيرت شيللر الذي يؤكد على ما جاء في كتاب « بروبوغاندا » سابقاً.
ولا ننسى أيضاً أن جوزيف غوبلز وزير إعلام هتلر الشهير الذي ارتبط اسمه بالكذب الإعلامي الممنهج كان معجباً إلى أبعد الحدود بكتاب إيدوارد بيرنس، لا بل كان يضعه في واجهة مكتبه هو وسيده هتلر، بالإضافة طبعاً إلى كتاب شهير آخر يقدم وصفات رائعة لتوجيه الشعوب كما يوجه الراعي القطعان، وهو كتاب « سيكولوجية الجماهير » للمفكر الفرنسي الشهير غوستاف لوبون. ويجمع خبراء الإعلام أن إيدوارد بيرنس الأميركي هو الأب الروحي لوزير إعلام هتلر جوزيف غوبلز. لكن من الواضح أن سطوع نجم غوبلز وارتباطه بهتلر جعله أكثر شهرة من مخترع لعبة السيطرة الإعلامية الأصلي بيرنيس. باختصار شديد، من الخطأ الفادح الاعتماد على القوة الغاشمة في تسيير المجتمعات وفرض أجندات معينة على الشعوب، فالقوة الناعمة أقوى بكثير الآن وأكثر نجاعة حتى في زمن الحروب. فلا ننسى أن القوى الكبرى لا تبدأ بشن حرب على بلد معين إلا بعد أن تكون قد أنهكته إعلامياً، بحيث يكون استخدام القوة الخشنة مجرد تكملة ليس إلا. بعبارة أخرى، فإن الطليعة الحقيقية هو الإعلام الذي يروّض النفوس، ويمهد الساحة أمام الزحف العسكري، ويصد الضربات المعاكسة، وليس آلات البطش والتدمير. وبالتالي بدلاً من الاعتماد على القوة الوحشية، من الأفضل اللجوء إلى التوجيه والتسيير الإعلامي الناعم عن بعد على الصعيدين الداخلي والخارجي.
أما الدول التي تستخف بدور الإعلام وخطورته، فلا بد أن تعي بأن أي بلد في العالم يتعرض لهجمة إعلامية عالمية يجب أن يعرف بأن الموضوع ليس مجرد سحابة عابرة، بل إن القادم أخطر وأعظم بكثير، وبأنه سيكون على كف عفريت عاجلاً أو آجلاً، خاصة أن القصف الإعلامي ما هو إلا تمهيد للقصف الناري لاحقاً. شهدنا ذلك في العراق الذي تمت شيطنته إعلامياً لسنوات قبل الإطاحة بنظامه. وشهدنا ذلك في ليبيا التي ظل الإعلام يقصفها تمهيداً لإسقاط نظامها. وقد تم إسقاط نظام القذافي غير مأسوف عليه طبعاً. وإذا كان النظام السوري يعتقد أن الهجمة الإعلامية العالمية عليه مجرد سحابة صيف فهو مخطئ تماماً، والأيام بيننا. وبالتالي لا بد لفهم اللعبة الإعلامية والتصدي لها الاعتماد على الخبراء وعلماء النفس الإعلاميين، وليس على طبيبة بواسير منافقة، أو موظف بلدية سخيف، أو مغترب على باب الله، يفهم بالإعلام كما أفهم أنا بالانشطار النووي ما بعد الحداثي كما نشاهد على بعض التلفزيونات العربية البائسة هذه الأيام التي تتعامل مع الإعلام بعقلية بلشفية خشبية بائدة كمن يطلق النار على قدميه.
(المصدر: صحيفة « السبيل » (يومية – الأردن) الصادرة يوم 27 سبتمبر 2011)
<