لجنة عائلات المساجين السياسيين بتونس: بـيـان الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: الإفراج عن الاستاذ محمد عبو وعشرات المساجين السياسيين منظمة صوت حر: بيان الحزب الديمقراطي التقدمي: بلاغ صحفي الصباح: إطلاق سراح الحوار.نت :إطلاق سرا ح ثلة من مناضلي حركة النهضة الحوار.نت :حوار مع الرئيس الأسبق لحركة النهضة التونسية والسجين السياسي المسرح الأستاذ محمد القلوي حوار مع السجين السياسي الأستاذ المحامي محمد عبو رويترز :تونس تفرج عن 20 سجينا إسلاميا رويترز: تونس تعفو عن المحامي المعارض عبو أخبار تونس: رئيس الدولة يعفو على عدد من المساجين صحيفة « الحياة »:تونس: إطلاق المحامي عبو د.خــالد الطــراولي :رسالة اللقــاء رقم (21)…ولا بــد لليــل أن ينجلـي! حزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة:بيان الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية المزعومة إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل: بــيــــان في الذكرى 50 لإعلان الجمهورية:لا مواطنة بدون شغل محمد النوري: تونس: الطريق الصعب للجمهورية الثانية! الاستــاذ فيصــل الزمنـى : بمناسبة عيد الجمهوريـة : الجزء الثــالـــث مختار اليحياوي :الجــمهــورية طلبة تونس: بمناسبة الذكرى الخمسين لـ » إعلان الجمهورية » موقع « أخبار تونس »:خطاب سيادة الرئيس زين العابدين بن علي بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية موقع « أخبار تونس »:رئيس الدولة يعطي إشارة انطلاق أشغال مشروع المطار الجديد بالنفيضة صحيفة « الشروق » :كيف نشأ النظام الجمهوري بتونس؟ جريدة « الصباح »:في الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية:الظروف التاريخية لإلغاء الملكية… وإعلان الجمهورية (1 من 2) محمد بوكثير: انقلاب على الشرعية في الحزب الاجتماعي التحرري يتزعمه منذر ثابت معز الجماعي :الجامعة الصيفية لجمعية نادي محمد علي للثقافة العمالية الامجد الباجي :نهاية البورقيبية:تمخضت البورقبية فولدت الطحين والحلوى بالحليب. الحياة: دار الإفتاء المصرية توضح الموقف من حرية المسلمين في تغيير دينهم
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
الإفراج عن الاستاذ محمد عبو وعشرات المساجين السياسيين
إطلاق سرا ح ثلة من مناضلي حركة النهضة
حوار مع الرئيس الأسبق لحركة النهضة التونسية والسجين السياسي المسرح بمناسبة الذكرى الخمسين لعيد الجمهورية الأستاذ محمد القلوي في حوار مع الحوار.نت
حوار مع السجين السياسي
الأستاذ المحامي محمد عبو
(الجزء الأوّل)
حاوره فوزي الصدقاوي
حمدًا لله على سلامتكم الأستاذ محمد عبو، إستبشر اليوم24 جويلية2007 أحباءكم ونشطاء حقوق الإنسان والقائمين على المنظمات الحقوقية والسياسية في الداخل والخارج بسراحكم وسترون خلال الساعات القادمة ردود أفعال مرحبة بهذا الإفراج ونحن نستسمحكم في هذه المناسبة لنطرح عليكم بعض الأسئلة:
في أي سياق جاء الإفراج عنكم اليوم بحسب اعتقادكم ؟ هل كان إستجابة لتدخل سركوزي لدى رئيس الدولة كما بلغنا ، أم أن الأمرلا يتعدى ما تستدعيه حاجة السلطة من التخفيف عن نفسها ضغط الملفات الساخنة في مناسبات إحتفالية(عيد الجمهورية 25جويلية) صارت مواقيتها معلومة ومنتظرة لدى الجميع ؟
بخصوص إطلاق سراحي أعتقد أن الضغوطات التي مورست على النظام من طرف المناضلين في تونس بدرجة أولى والذين تحدوا الخوف الذي يستعمله النظام للتحكم والسيطرة ، فعرّضوا حريتهم للخطر وعرضوا حرمتهم الجسدية أيضاً للضرر ، فتضامنوا معي على أساس أن قضيتي ، قضية عادلة وهو سلوك عبروا للنظام من خلاله على أنهم قادرين على التضامن فيما بينهم في مواجهة سلطة تعوّدت على تفريق خصومها فلا يدافع منهم أحد إلا على من كان في الإتجاه السياسي الذي ينتمي إليه دون سواه، هذه هي الفكرة التي يريد لها النظام أن تنتصر وتسود.
الذي إنتصر في قضيتي هو أن الجميع ناضلوا من أجل شخص وفي الواقع من أجل قيم ناضل لأجلها هذا الشخص ، وبالتالي فالقضية هي إصرار كل المناضلين ليقولوا للنظام : لن نسمح لك هذه المرة أن تقمع أي شخص ونحن نتفرج ، هذا الذي أعتقد أنه يمثل نصراً حقيقياً .
لكن سيكون علينا أن نطرح السؤال : هل لهؤلاء المناضلين ، بعد ما جعل النظام من قضيتي قضية شخصية ، من الوزن مايكفي لإلزامه بإطلاق سراحي ؟
في تصوري أنهم ليسوا بذاك الوزن ،وهو أمر لا يجب أن يُنقص من قيمتهم ، طالما فعلوا مايجب عليهم القيام به ، فأعتقد أن ضغطهم على النظام ثم على بعض الأنظمة مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية ، كان وراء دفع النظام لإطلاق سراحي. وعليه فلا يمكنني أن أقول أن النظام أطلق سراحي لأسباب إنسانية، والواقع أني كنت أود ذلك لأفرح واُقنع نفسي أن النظام ليس عدو.فيفترض بالنظام أن يكون رجاله من أبناء الوطن ويشعرون بألام هذا الشعب، لكن على حد علمي، من لم يشعر طيلة سبعة عشر عاماً بآلام التونسيين وأبناء هذا الوطن لا يمكنه أن يشعر بآلامي الخاصة منذ سنتين .أنا أرى أني أرفع من النظام وقد ارتفعت عليه حين ضحيتُ بعائلتي وحريتي وتعرضتُ إلى تهديدات وغيرها وتابعت مسيرتي من أجل الأخرين، فالنظام لايحس فعلاً بالآخرين ، فأنا إلى الآن لا أعرف إن كان قد تم إطلاق سراح مساجين سياسيين الذين لم يرتكبوا جرائم عنف وإنما كانوا يناضلون من أجل ما يؤمنون به ، بقطع النظر عن رأينا فيما كانوا يؤمنون به ماداموا يناضلون نضالاً سلمياً ، فلو تحركتْ في النظام مشاعر إنسانية لكان أطلق سراحهم ، وأنا إلى الساعة لا أعرف إن فعل ذلك أم لا[1] ؟ وحتى إن فعل ذلك فسوف نذكّره، أن هناك أشخاص قضوا سنوات في السجن ظلماً ، فأنا قضيت سنتين وخمسة أشهر لكن غيري قضى سبعة عشر سنة وتألموا أكثر مما تألمت وأنني قاسيت بالسجن أقل مما قاساه سجناء حركة النهضة أو حزب العمال الشيوعي التونسي وغيرهم أوحتى مساجين الحق العام . ولكن ما تعرضت له من إهانات في السجن وقد كان واضحاً أنها جاءت بتعليمات، جعلني في وقت ما أطلب طلباً رأه البعض طلباً غريباً وهو أن أتخلى عن جنسيتي التونسية رغم أن المسألة من الناحية القانونية مشكوك في صحتها .فعندما تكون جنسية التونسي التي ينتمي إليها عار عليه فالأمر محزن ، لكن سيتحمل مسؤولية ذلك النظام أولاً ثم عموم الشعب التونسي ثانياً الذي يتفرج ودون أن يفعل أي شيىء ، فليس مطلوب من الشعب التونسي أن يقوم بتحركات عنيفة ، فنحن سلميون وعلينا أن نبقى كذلك، لكن على الشعب التونسي أن يرفع صوته ،في حدود القانون وسينتصر، لكن يجب أن يفهم شيء وهو أن هناك ثمن يجب دفعه .أنا دفعت الثمن ومستعد لأدفع الثمن ، فالنظام التونسي يمكنه أن يعيدنا في أية لحظة إلى السجن. فهذا الوضع يجعل المرء يشعر بالاختناق إذ كيف لشخص لمجرد أن تسند إليه بعض الصلاحيات يمكنه أن يدمر حياة شخص أومجموعة من الأشخاص وحياة عائلاتهم ويحدد مصيرهم فهذا أمر خطير .
إحتاج النظام ، أستاذ محمد ، إلى البحث عن صيغة ليزج بكم في السجن ويسحب منكم صفة السجين السياسي أولاً ويحرمكم ثانياً من الإحساس بمتعة التماهي والقيم التي تؤمنون بها وتضحون لأجلها ، فماذا تقولون في التهم التي اُدنتم لأجلها وحوكمتم على أساسها ؟
قبل إلقاء القبض عليّ بأشهر بدأ النظام لتونسي بإجراءات قمعية ضد عائلتي ، ففي وقت ما تصور أن تجويع الأشخاص يجعلهم يتراجعون والذي لم يفهمه النظام هو أنه كلما حصل قمع يكون من دور كل مواطن يحترم نفسه ويفتخر لكونه تونسي ويفتخر لكونه عربي أن يكون ذلك حافز لمزيد النضال ، فقد بدأ النظام بعتدي على عائلتي وعندما يئس من ذلك تحوّل إلى الإيقاف ، والناس يعتقدون أنه وقع إيقافي لأني نشرت مقالاً يتعلق بشارون ، والواقع أنني تلقيتُ في ديسمبر 2004 إعلانا من جهة معينة تقول لي أنه جاء الوقت المناسب لتتوقف وإلا فسوف تندم وكنت مستعد لكل التضحيات وواصلتُ كتابة ما أراه مناسباً وموافقاً لرأيي ، فعندما تتصل بي صحيفة تسألني رأيي في إنتخابات 2004 فلن أقول إني أخاف على نفسي وعلى عائلتي. فإنتخبات 2004 تعني مصير الشعب التونسي .حتى وإن رأى البعض أن هذا القول لن يغير من الأمر شيئاً. فكلمة الحق يجب أن تقال ومن كانت معه الأغلبية فليواصل إذا كان يرى أن لديه نسبة 99% فهو حر في أن يواصل مسيرته، وسيظل من المهم أن لايمنع عني حقي في أن أقول: لا .
وقع إيقافي يوم نشرت المقال الذي تحدثتُ فيه عن زيارة شارون ولكن وقع إعلامي بأني أحاكم من أجل مقال آخر بعنوان : أبوغريب العراق وأبوغرائب تونس . ولهذا المقال بالذات أحلتُ من أجل جملة من التهم :
1. نشر أخبار زائفة
2. الدعوة لخرق قوانين البلاد ( وهي تهمة غريبة)
3. وضع كتابات على ذمة العموم من شأنها تعكير صفو الشأن العام
4. ثلب الدوائر القضائية
وحين أدركوا أن هذه التهم ستثير بعض المشاكل أبقوا على تهمتين:
ثلب الدوائر القضائية حتى تبدوا المشكلة كما لو أنها بيني وبين القضاء .و وضع كتابات على ذمة العموم من شأنها تعكير صفو الشأن العام وهو نص غريب وضع في مجلة الصحافة ونقل بعد ذلك إلى المجلة الجنائية حتي لا يقال أن مجلة الصحافة فيها الكثير من التقييد . على أية حال هل إن هذه التهم ثابتة في حقي ؟ يبدو أن النظام لايفهم أن من حق المواطن أن ينتقد. فمن يحكم تونس لو بقي في بيته بعيداً عن السياسة ما كنت لأنتقده ، فأنا أنتقد شخصيةً عامةً تحكم ولا أتعرض لأشخاص في حياتهم الخاصة ولا في أعراض الناس ، وإنما أنتقد السلوك الذي يقوم به مسؤول ، فإذا كانت سلوكات المسؤول على درجة كبيرة من الخطورة ويمكنها أن تحدث ضرراً على بني وطني فأنا في بعض الأحيان مضطر وفقاً لحالة الضرورة وهي سبب من أسباب الإباحة في القانون أن أتهجم مباشرة على هذا المسؤول .لسبب بسيط وهو أنني راغب ٌو مصر على حماية أبناء وطني ، هذه هي حالة الضرورة هل يفهمها النظام ؟ لاأعتقد أنه بحث في القانون من هذه الناحية لأنه أصدر ضدي تعليماته بالسجن . بعد ذلك يبدو أن المسألة أخذت بعداً معيناً، ندم النظام وقال أنه يجب أن يُدخِلني السجن لأجل قضية حق عام ، فتذكر أعوانه أنه منذ ثلاث سنوات تقريباً كان لي ملف في قضية عنف ، يبدو أن بعض المحاميات بدفع من جهة معينة في السلطة إشتكت ضدي لأجل قضية عنف وقد كنت حينها عضوا في جمعية المحامين الشبان . والنظام رأى ساعتها أن هذه القضية لا تستحق متابعة لسبب بسيط لأنها تفتح ملف كبير، وهو ملف إحداث الفوضى والتشويش في إستبعاد المحامين، فقد كان هناك عدد من المحامين القريبين للحزب الحاكم حوّلهم النظام من محامين محترمين مدافعين عن حقوق الإنسان إلى مجرد ميليشيا تعمل على منع إنعقاد إجتماعات في ظروف عادية حتى أن هياكل المهنة التي لها سلطة التأديب أصبحت ترهبهم لأنهم أصبحوا قوة بدعم النظام لهم، فكان لابد في بعض الحالات أن يتم إخراج بعض الأشخاص حين يعطلون أعمالنا . ومن هنا جاءت الإدانة التي وجهت لي وهي إخراج أشخاص من بينهم هذه المرأة حتى يتمكن غيرها من عقد الإجتماع و تم إخراجها بطريقة مناسبة و لم تكن بالطبع طريقة عنيفة. بعد ذلك إتصلوا بأطباء وحرروا تقرير إختبار وقالوا إن بها أضرار ، وجاء المحامون وقدموا ما يفيد أن بها أضرار فعلاً ، لكن أضرار سابقة حين تعرضت لحادث مرور، والقضاء لم ينظر في هذه المسألة بل إن هذه المرأة نفسها لم تدعي يوماً حتى بعد ثلاثة سنوات أني عنّفتها بالطريقة التي ذكرها النظام ، قالت : دفعني وهذا فعلا الذي حصل وكان يجب أن أدفعها هي وغيرها حتى ننجز إجتماعاتنا .
وحقيقة الأمر أنه بلغ بالنظام سنة 2002 حدا من التشنج بسبب تدخلنا في مسألة تنقيح الدستور، وكانت المسألة في المحاماة وكأنها مرتبطة بي شخصياً لأني أنا الذي أثرتُ في الدرجة الأولى وجوب التصدي لتنقيح الدستور لأنه لن يفيد المحامين ولن يفيد التونسيين مطلقاً ، كان هذا رأيي ، وكان للنظام رأي أخر، لكن النظام ظل دائماً يتعامل بحذق مع المواطنيين الذين يخالفونه الرأي ، فكان عليه أن يدفع، في البداية ، ببعض المحامين لإحداث هرج وتشويش وبعد ثلاث سنوات عندما تطورت مسألة الإحالة من أجل التحقق تذكروا هذه القضية ، وهكذا أصبح لديّ قضيتين : القضية الأولى قضية صحافة والقضية الثانية هي قضية عنف فحوكمتُ في الأولى بسنة ونصف سجن وفي الثانية بسنتين سجن. وهكذا يتم إستغلال القضاء لضرب الخصوم السياسيين ، وتُستغل كل مؤسسات الدولة من شرطة وحرس وطني وسجون وقضاء وكل الإدارات تستغل لذلك ، ومادام النظام لا يعترف بأخطائه فأنا بصفتي مواطن لا أشعر بالأمان وأتوقع في كل لحظة أن أتعرض لإعتداء دون أن أجد من يحميني. أنا لست عنيفاً حتى أحمل السلاح وأصعد إلى الجبل، أنا محام مصرُ على الدفاع على حقوقي وحقوق أبناء وطني بشكل سلمي وقانوني، وعلى النظام أن يرتفع إلى هذا المستوى ، هذا ما نطلبه بكل بساطة ، وأن يقارع الحجة بالحجة ، هذا ما نطلبه وسيجد منا الإحترام كلما أثبت أنه جدير به .نحن لا نسكت على ظلم الشعب التونسي وليحاسبنا من شاء إذا كنا فضلنا مصالحنا على مصالح الشعب التونسي . وليكن النظام قدوة لغيره ، فنحن لاننازعه السلطة فنحن أناس قنوعون وراضون بما نحن عليه و راضون بمواقعنا لأجل الدفاع عن حقوق الناس.
بعد ما كتبتموه عن« أبوغريب تونس » زُجَ بكم في السجون التونسية ، فهل عاينتم فعلاً وضعاً مماثلاً لسجن «أبو غريب العراق» ؟
أولاً يجب أن أقول أني لم أذكر يوماً خبرا زائفاً فكل إنسان ينشر خبراً عليه أن يكون متأكداً من المعلومة التي ينشرها ،فشهادات متظافرة كثيرة تؤكد أن ماذكرته في ذلك المقال وهو أمر صحيح بل أكثر منه قد حصل ، فقد كان ذلك يحدث في التسعينات ، لكن هل بقي الأمر على ذلك النحو ، الإسلاميون الذين كانوا في السجن يؤكدون أنه قد حصل تطور بعد سنة 1996، بقي التعذيب لكن الشكل الفضيع للتعذيب الذي ذكرته في المقال إختفى وبقيت أشكال أخرى ، فأنا بصفتي شاهد قضيت سنتين وخمسة أشهر ، لم يكن يُسمح لي الإلتقاء ببقية المساجين، لكنني أعلم أن الغرفة التي أسكنها مع خمسة أوستة سجناء أخرين كان يسكنها خمسون سجين وفي غرفة أخرى كان يسكنها مائة وخمسون سجين ، ولم يكن يسمح لي بالإختلاط ببقية المساجين ، حتى عندما أخرج مرة في الأسبوع للزيارة كانوا يغلقون جميع الأماكن التي يمكنني أن ألتقي فيها مع بقية المساجين . لكن مع ذلك فقد كنت أقيم بالمكان الذي يتم فيه معاقبة المساجين( العزلة) وكنا ليالاً نسمع التعذيب والصراخ وبعضهم يتوسل لكي يتوقفوا عن تعذيبه ، كان ذلك يحدث بصورة مستمرة بل إن التعذيب يحدث بجوار منا بينما نحن نستمع من خلال التلفاز إلى مسؤول كبير يتحدث عن إحترام تونس لحقوق الإنسان .
قلت يوماً لهم لماذا أنا بين خمسة أوستة من السجناء ؟ قالوا لي تلك هي حال سجوننا فارغة كما ترى وتلاحظ . لكنهم أحياناً وفي غفلة عني كانوا يفتحون بعض الأبواب فأكتشف أن هناك سجناء ليس لهم أسرة خاصة وأعاين أن أعدادا منهم بسبب الإكتضاض ينامون أرضاً. إذا هناك ظروف سيئة يعيشها السجناء في تونس كما أنه هناك جرائم تعذيب ولكني أريد أن أذكر أن التعذيب في سجن الكاف منذ شهر أكتوبر 2006 قد توقف. بسبب نضالاتنا.. أو لإقتناع النظام ..؟ لا أدري ولكنه توقف ، والغريب في الأمر أنه في 17 مارس2007 عندما تأكد لدى السلطة أنه لن يكون هناك عفو بمناسبة 20 مارس 2007 (عيد الإستقلال) وكانت تتوقع ردة فعل من مساجين حق العام وغيرهم، أرادت أن تلقن درساً كل من تخوّل له نفسه بالقيام بأي إجراء إحتجاجي ، فسحبوا أحد السجناء وتعمدوا أن يقوموا بتعذيبه بصورة يسمعها جميع من في السجن .إذاً ، فمنذ أكتوبر2006 لم يجري تعذيب أحد غير يوم 17مارس لـيتعض به غيره ممن في نفسه رغبة في الإحتجاج. وما أريد أن أأكده هنا هو أن التعذيب ليس أمرا ضرورياً والقول أنه من غير الممكن ضبطه، قول غير صحيح، والدليل أنه لما صدرت التعليمات في أكتوبر2006 توقف التعذيب ، وهذا ما كنت أقوله ، فليس في تونس ثقافة تعذيب ويكفي أن تصدر السلطة التعليمات ليتوقف التعذيب فسيتوقف فوراً ، بينما الولايات المتحدة الأمريكية لن تستطيع أن تمنع ممارسة العنف إطلاقاً وذلك لأن ثقافة العنف مستشرية بين أبنائها ولكن الدولة لا تحميه ولا تأمر به بينما الدولة عندنا تأمر به و تحمي القائمين عليه في معظم الحالات وعندما تريد أن توقفه يكفي أن تأمر بذلك ليتوقف .
….يتبع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] لم يكن الأستاذ محمد عبو إلى حدود الساعة العاشرة ليلاً من يوم24 جويلية أي بعد بضع ساعات من الإفراج عنه قد بلغ إلى علمه ، إن كان سجناء سياسيين أخرين قد تم تسريحهم .
تونس تفرج عن 20 سجينا إسلاميا
تونس تعفو عن المحامي المعارض عبو
رئيس الدولة يعفو على عدد من المساجين
تونس: إطلاق المحامي عبو
…ولا بــد لليــل أن ينجلـي!
بيان الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية المزعومة
عبد الرؤوف العيادي حزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة
بــيــــان في الذكرى 50 لإعلان الجمهورية:لا مواطنة بدون شغل
تونس: الطريق الصعب للجمهورية الثانية!
محمد النوري – باريس
لا يمكن أن تمر الذكرى الخمسون للإعلان عن الجمهورية دون مساءلة وتقويم. مساءلة الماضي بكل أبعاده، وقراءة الحاضر للانطلاق نحو المستقبل! حيث أن تونس توجد اليوم في مفترق الطرق على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقيمية مما يستوجب مساهمة الجميع في التفكير الجدي والعميق في تشخيص الأوضاع وتحديد الأولويات واستشراف السيناريوهات المستقبلية.
إننا اليوم في أمس الحاجة إلى مثل هذه الوقفة التاريخية الجادة لتقييم الأشواط التي قطعتها بلادنا على درب التنمية البشرية خلال نصف قرن بنجاحاتها وإخفاقاتها، من أجل استخلاص العبر من اختيارات هذه المرحلة و ترسيخ التوجهات الايجابية وإنفاذ الإصلاحات الضرورية. ويجب أن تتسم هذه الوقفة بكثير من الجرأة والشفافية والنزاهة والموضوعية وان تعبر عن روح وطنية عالية تثمّن الانجازات دون تردد وتنتقد الاختلالات دون مواربة أو تحفظ!
إن مرور خمسين عاما من عمر الجمهورية هو لحظة فريدة لا يكررها التاريخ وافق زمني متميز لانجاز عمل معرفي من اجل الذاكرة والمستقبل وانجاز حوار وطني حول التساؤلات الملحة لتونس اليوم التي تعيش انتقالات حاسمة تزاوج بين انشغالات النمو الاقتصادي والانفتاح السياسي والتماسك الاجتماعي.
حصيلة متداخلة: مكاسب وإخفاقات:
تكاد تكون تونس فعلا بلد المفارقات والثنائيات العجيبة! فهي تجمع بين الانفتاح الاقتصادي إلى حد الانكشاف التام والانغلاق السياسي المثير،بين الثراء الفاحش لفئة من المتنفذين والفقر المدقع لشريحة تتسع يوما بعد يوم من المعدمين، بين المحافظة على التقاليد والتشبث بالتراث والانبهار بالثقافة الغربية إلى حد الاستلاب، بين العودة القوية إلى الدين والدعوة إلى التخلص منه تحت لافتات متعددة تتراوح بين الحداثة العلمانية المتطرفة وظواهر الإلحاد وعبادة الشياطين! بين الانتماء التاريخي والحضاري للشرق والارتماء في أحضان الغرب،بين الإصرار على التمسك بالنظام الجمهوري ودولة القانون والمؤسسات والتخوف من الإصلاح الحقيقي الذي يقود إلى الانتقال إلى الديمقراطية والتداول على السلطة وإرساء الحريات!
هذه المفارقات الصارخة يراها البعض علامة صحية على حراك الدولة والمجتمع في اتجاه التحول الهادئ نحو الديمقراطية والتعددية السياسية. ويراها البعض الآخر دليلا على استفحال الأزمة واضطراب التوجهات و تكريس الاستبداد!
ولذلك تتراوح مواقف النخبة وتقويماتها لمسيرة التجربة الجمهورية، بين التشاؤم والتركيز على الاخلال والإخفاقات من جهة، و الإفراط في التفاؤل وإبراز الانجازات من جهة أخرى! فالخطاب الرسمي وبعض الأطراف المساندة له (معارضة الموالاة كما يقال!) لا يكاد يحفل سوى بالإشادة بالمنجزات والتباهي بالمكاسب، ولا يكاد ينظر إلى مواطن القصور والسلبيات إلا نادرا أو من باب القصور عن بلوغ الكمال!
ولا يمكن لأي طرف كان إغفال هذه المكاسب والمنجزات أو إنكارها وان كان له الحق أيضا في تقدير حجمها ونواقصها والوقوف عند الوجه الثاني السلبي من المعادلة أي هذه الحصيلة المبعثرة لمسيرة البلاد منذ خمسين سنة!
وبناء على ذلك، تتباين الآراء في أوساط المعارضة بين التشدد والواقعية في التقييم . فهناك من يعتبر أن الحصيلة سلبية بكل المقاييس وان تونس لم تعرف بعد النظام الجمهوري ، من حيث إقرار الحريات والفصل بين السلطات ونزاهة الانتخابات. وبالتالي فان شكل الحكم القائم لا يعدو سوى صورة مشوهة للجمهورية بالمفهوم المتعارف عليه دوليا ،فهو خليط بين النظامين الملكي و الجمهوري خصوصا بعد تعديل الدستور مرارا وتكرارا لمنع التداول واعتماد الرئاسة المؤبدة ولو بشكل غير مباشر.
وهناك من يميل إلى موقف أقل تشددا في تقدير الأمور ويعتبر أن الحصيلة العامة وان كانت تنطوي على بعض المكاسب والانجازات، فهي تعاني في نفس الوقت من العديد من الشوائب و الاخلال التي تبتعد بها يوما بعد يوم عن المواصفات الأساسية للجمهورية. وبالتالي فان التحدي الرئيسي المطروح اليوم بعد هذه المسيرة الطويلة يكمن في كيفية الانطلاق من هذه المكتسبات وان كانت محدودة، للانتقال بالبلاد إلى مرحلة جديدة تكون فعلا في اتجاه إعلان الجمهورية الثانيةّّ! ولن يحصل هذا التحول الحقيقي سوى بالإقدام على الإصلاحات الضرورية وتلبية المطالب المشروعة لقوى المجتمع.
وأيا كان التقدير فان تنامي الطلب على الإصلاح واستمرار نفس المطالب السياسية التي كانت حاضرة غداة الاستقلال لحد اليوم، وغياب الحريات والتداول على المسؤولية وإقصاء المعارضة الوطنية وعدم احترام الحقوق الأساسية للمواطن في كثير من الحالات، كل ذلك يطرح على السلطة أسئلة حقيقية مشروعة حول مدى التزامها بمبادئ الجمهورية ومدى إتاحتها الفرصة لكي يتمتع التونسيون بثمارها طيلة هذه الحقبة الزمنية الطويلة.
إن المدلول الأصلي للنظام الجهوري يعني سيادة الشعب ومشاركته في تدبير الشأن العام من خلال اختياره لحكامه عبر انتخابات حرة وشفافة والاستجابة لحاجة المجتمع في الحرية والكرامة والرقي. فهل يستطيع احد اليوم أن يقر بتحقق هذه المطالب الأساسية التي تشكل الأسس الأصلية التي تقوم عليها الجمهورية ؟ أم انه لا مفر من الاعتراف بنواقص جوهرية في المسيرة السياسية للبلاد؟ أليست التساؤلات الكبرى التي كانت مطروحة قبيل الاستقلال حول قضايا الحرية والهوية والتنمية لا تزال قائمة في جوهرها لحد اليوم، وربما تطرح الآن بإلحاح أشد وتحديات أعظم؟
سؤال الحرية:
لن نذهب بعيداً عن الحقيقة عند القول أن سؤال الحرية المطروح اليوم لا يختلف كثيرا عن سؤال الأمس رغم اختلاف وجهات النظر في طريقة تناوله، وان تحرر الوطن من الاحتلال منذ نصف قرن لم يفض إلى إرساء الحرية ليتحرر المواطن وليتمتع بحقوقه المدنية والسياسية. إن إعادة طرح السؤال اليوم يكتسي صبغة وطنية إستراتيجية تتعلق بتقويم مسيرة الاستقلال و ما حققته الجمهورية للتونسيين خلال هذه الفترة الطويلة. فهل آن الأوان للانتقال إلى الجمهورية الثانية التي يتطلع إليها الجميع بعد أن قطعت البلاد أشواطا هامة على درب التنمية البشرية بنجاحاتها وإخفاقاتها وانجاز ما ينتظره التونسيون منذ الاستقلال من حرية وكرامة وتعددية ومشاركة سياسية ؟
الناظر إلى الواقع التونسي اليوم لا يساوره شك في أن سؤال الحرية لا يزال عالقا بأتم معنى الكلمة و هو يتراوح بين حالتي الغيبوبة والنقص الفادح تماما مثلما هو شان المجتمعات العربية دون استثناء مع وجود بعض الفوارق التي لا يجب إغفالها.
لقد ظن التونسيون في بداية بناء الجمهورية أن الحرية تعقب تلقائيا عملية التحرر من الاستعمار المباشر والنفوذ الأجنبي وساد الاعتقاد لفترة طويلة بأن أعظم أشكال الحرية هو التحرر من المحتل والمستعمر و لم يلتفت كثيرون إلى أن حرية المواطن تحتاج إلى نفس الجهد الذي بذل من اجل حرية الوطن وربما أكثر ولا أدل على ذلك من غياب الحريات المدنية والسياسية بشكل واضح طيلة العقود الخمسة الماضية وحرمان المواطن من حقوقه الأساسية في التعبير والتفكير والتنظم والمشاركة في صناعة القرار والتدبير للشأن الوطني بما يتناقض تماما مع الدستور من جهة و مع الواقع الدولي السائد المتجه نحو اتساع نطاق الحرية في مختلف مناطق العالم من جهة ثانية، الشيء الذي حرم البلاد من أن تكون تجربة رائدة في المنطقة وأضاع عليها فرصة اللحاق بصف الدول المتقدمة في هذا المجال!
يتساءل العديد من التونسيين بهذه المناسبة عن ماذا تحقق من مطالب الاستقلال وشعارات الجمهورية بعد خمسة عقود كاملة؟ لقد تحرر الوطن من الاستعمار المباشر ولكن هل منح الحرية لمواطنيه؟ وهل يكفي التذرع بتحسن الأحوال المعيشية وانتشار التعليم وتطور العمران لتبرير الكبت ومحاصرة الحريات وإقصاء شرائح هامة من المجتمع من حقها في المشاركة في الشأن العام؟ وماذا بقي من معاني النظام الجمهوري إذا وئدت الحرية وحرم الفرد من حقه في التعبير؟
إن من ابسط معاني الجمهورية مشاركة الجمهور في تدبير الشأن العام والمسؤولية المشتركة في ذلك! فهل يشعر التونسي اليوم بهذا المعنى ؟ أم أن تأبيد الوضع ولّد حالة من التعايش مع الكبت وانعدام الحرية؟
وللأسف الشديد، ليست تونس شاذة في هذا المجال إلا في مستوى التضييق على الحريات ودرجة الانتهاك للحقوق الفردية والجماعية إذا ما قورنت بسائر الأقطار العربية خصوصا. فقد كشفت تقارير التنمية البشرية للأمم المتحدة عن حالة خطيرة ومزرية وتدني فادح لمستوى التمتع بالحرية في سائر الأقطار العربية دون استثناء. وإذا حدث هذا الاستثناء فإنما يتعلق بدرجة القهر المسلط على المواطن العربي وغلو السلطات في خنق مساحات الحرية والحقوق الأساسية للفرد والمجموعات! فالإنسان العربي يعيش بين الحصار والإقصاء وبينهما يسلط عليه ألوان من الانتهاك المعمم لحرياته وحقوقه السياسية والمدنية.
ومن المؤلم أيضا أن تونس مثلما يشار إليها ايجابيا على صعيد التطور الاقتصادي والاجتماعي من حيث الحصيلة العامة للتجربة الاستقلالية، مقارنة بباقي دول المنطقة العربية والإفريقية، يشار إليها بالأصابع سلبيا على صعيد الحريات وحقوق الإنسان بشهادة المنظمات الإقليمية والدولية المحايدة!
سؤال الهوية:
هناك إجماع بين الباحثين والمثقفين في البلاد على أن المجتمع التونسي، كسائر المجتمعات العربية الأخرى، يمر بأزمة ثقافية حادة تكاد تتحول إلى حالة من الفتنة التي تفقد الكيان القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ ، تتمحور حول سؤال الهوية الذي يتنازعه تياران : تيار الحداثة الغربية وتيار المرجعية الإسلامية .
ومن الملاحظ أن هذا التنازع والصراع الثقافي حول موضوع الهوية بدأ بمشروع البحث عن الذات والدفاع عن الهوية في مواجهة المحتل واستمر طيلة هذه الحقبة الزمنية في محاولة التخلص من محاولات التغريب والعلمنة والهيمنة الثقافية التي ازدادت وطأتها باكتساح العولمة والغزو الثقافي للقيم الغربية عبر ثورة المعلومات الشئ الذي زاد من مخاوف الشعوب على ضياع الهوية وساهم في المزيد من العودة إلى الدين كملاذ وحيد لمنع الاغتراب والذوبان الثقافي.
يعكس سؤال الهوية اليوم في تونس وغيرها نوعا من القلق الاجتماعي يستفز كل الأطراف ويساهم في تغذية ثقافة الخوف والإقصاء والدفاع عن الثوابت من قبل الجميع. فالطرف العلماني المتشدد يرى في تنامي الظاهرة الدينية بشقيها السلمي والعنيف بالإضافة إلى حفاظ الدولة على علاقة وثيقة بالدين ، خطرا على ما يعتبره توجه حداثي وعلماني وان كان بشكل مقنع للجمهورية.
ولذلك ارتفع صوت هذا الطرف بشكل لافت في الفترة الأخيرة معبرا عن رؤية اقصائية مغالية في مناكفة أنصار الهوية دون تمييز وصلت إلى حد التبشير بنهاية الحضارة العربية الإسلامية والدعوة جهرة إلى مزيد التعلق بقيم الحضارة الغربية الصاعدة حسب زعم أنصار هذا الطرح التغريبي وهي بالمناسبة استنساخ واضح لنظرية اليمين الجديد بأمريكا التي تدور حول مقولة النهايات: نهاية التاريخ والإنسان الأخير !. ولا يستنكف أصحاب هذه المقولات الشاذة عن الدعوة الصريحة إلى علمنة الدولة والمجتمع ؛ دون مراعاة لثوابت الوطن وهوية المواطن بنص الدستور.
وقد برزت هذه الدعوات المناهضة للهوية من خلال موجة من الكتابات المستهترة بالدين والأخلاق والقيم والتشكيك في مسائل كثيرة تعد من أصول الدين وثوابت المجتمع في نظر الأغلبية الساحقة من الشعب التونسي (مثل الاعتراض على عدد الصلوات المفروضة واعتبارها مسالة قصصية لا علاقة لها بأصول الدين، الدعوة إلى إلغاء وظيفة الإفتاء لتناقضها مع علمانية الدولة، اعتبار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مبدأ تمييزي يكرس الوصاية على الآخرين، الاستهتار بالرسول عليه الصلاة والسلام وكبار الصحابة، التهكم بالدستور وكيفية تنصيصه على أن الإسلام هو دين الدولة!!…) .
أليست هذه هجمة منظمة بتواطؤ جزء من النخبة الفكرية والسياسية في محاولة واضحة تستهدف ضرب الموروث الديني والحضاري لعموم الشعب التونسي من قبل أقلية لائكية ناطقة بثقافة استلابية هجينةَّ !
أمام هذه التحديات والملاحقات الفكرية الواضحة، ألا يستوجب الأمر من أنصار الهوية التفكير في سبل التصدي الفكري والإعلامي للدفاع عن ثوابت البلاد وتحرير السؤال من سجن التعصب والتوظيف الإيديولوجي الذي تمارسه السلفيات العلمانية والدينية على حد سواء!
سؤال التنمية:
هل نجحت التنمية في تونس بالشكل الكافي حتى لا يكون هناك داع لطرح هذا السؤال أصلا؟ أم أن المسألة بعيدا عن الجانب الدعائي، ليست بالشكل الذي يروج له؟ هل أن الانجازات التنموية التي حصلت طيلة العقود الخمسة الماضية من تطور في العمران والتعليم والإدارة والبنية التحتية والانفتاح على الخارج، كافية لطي صفحة الأزمة والتغلب على المصاعب الاقتصادية من بطالة ومديونية وفجوة مالية وغذائية وتراجع الاستثمار وهجرة الأدمغة والكفاءات التي تحتاج إليها التنمية باطراد؟ أم أن أزمة التنمية قد توسعت وتعمقت وأضحت من الجسامة والتعقيد وتشابك الجوانب بالشكل الذي لم تعد فيه الإنجازات الجزئية، والتطورات الظرفية، مهما تعددت، كافية لتجاوز هذا السؤال الاستراتيجي الهام؟
أليست هناك، بالإضافة إلى المشاكل الأساسية المذكورة، تحديات أخرى جديــدة، لا تزال تعترض عملية التنمية وتعيق النهوض الاقتصادي الفعلي مثل مشكلة المياه والغذاء و ظاهرة الفساد الذي استشرى كالسرطان في المجتمع والدولة ، واستتبا عات الخوصصة و تداعيات العولمة والآثار السلبية لاتفاقات الشراكة ؟
هذه التساؤلات وغيرها تعكس وجها آخر من المفارقة التي شهدتها مسيرة الجمهورية منذ الاستقلال والتحرر من الاستعمار المباشر. وهي حالة تكاد تكون معممة على الدول النامية التي تعيش أزمة مزدوجة من انتعاش ظرفي للنمو وتعثر التنمية الشاملة التي تعرقل عملية البناء والنهوض الاقتصادي.
لقد حققت تونس أشواط أساسية لا تخطئها العين ، على مستوى التطور الاقتصادي و النمو رغم الكثير من التقلبات التي رافقته وساهمت في هشاشته وضعف كفاءته في ملاحقة المشكلات الهيكلية وتحجيمها.وهي خطوات هامة مقارنة بالعديد من البلدان في المنطقة العربية والإفريقية بوأت البلاد مركزا رئيسيا في قائمة البلدان النامية المهيأة للإقلاع.
ولكن لم تفلح هذه الخطوات لحد الآن في تحويل النمو الاقتصادي إلى تنمية شاملة لأسباب عديدة من أهمها:
ـ تذبذب الخيارات خلال الخمسين سنة الماضية وغياب إستراتيجية تنموية واضحة الهوية والمعالم حيث شهدت البلاد تحولات في سياسات التنمية من النقيض إلى النقيض مما أدى إلى إهدار الكثير من الجهود والإمكانات والفرص .
ـ اعتماد دالة إنتاج رأسمالية معكوسة لفترة طويلة تقوم على أولوية عنصر رأس المال الذي نفقده على عنصر العمل ـ الرأسمال البشري ـ الذي نملكه وننفق الجهود تلو الأخرى لتكوينه وتأهيله، وبناء الخطط المتتالية على هذا الأساس الخاطئ مما حول الاقتصاد الوطني إلى ما يشبه المخبر الذي تجرب فيه نماذج التنمية المستوردة !
ـ غياب مناخ الحرية والمشاركة المجتمعية لكل الفئات والقطاعات والجماعات بشكل متناسق وعدم توفر بيئة ملائمة للحكم الراشد باعتباره الضامن الوحيد لتفعيل الرأسمال البشري والاجتماعي لإحداث النقلة المطلوبة لتسريع عملية التنمية.
لقد أصبحت العلاقة بين مفهوم الحكم (الراشد) والتنمية الإنسانية المستدامة علاقة عضوية ومحورية باعتبار أن الحكم الراشد أو الصالح كما أضحى متعارفا عليه، هو لضامن الوحيد لتحقيق التنمية الإنسانية. و لا سبيل لإرساء الحكم الراشد إلا بإقامة دولة الحق والقانون، وتطبيق مبادئ الجمهورية وترسيخ التعددية وإرساء دعائم حرية الرأي والتعبير والقضاء على الفساد وملاحقة المفسدين.
فهل آن الأوان للإجابة على هذه التحديات ومواجهة المصاعب والمعيقات في طريق الحرية والهوية
والتنمية؟ أم أن قدر تونس والتونسيين الانتظار خمسين سنة ثانية للوصول إلى الجمهورية الثانية؟
بمناسبة عيد الجمهوريـة
طلبة تونس
بمناسبة الذكرى الخمسين لـ » إعلان الجمهورية «
دعـــوة
كفانا تجنيا على قيم الجمهورية
أردته نداءا هادئا إلي حكومتنا الطيبة الصالحة و هي تستعد للاحتفال بخمسينية ما يسمى قيام الجمهورية في وطننا الحبيب منذ الاستقلال
ليعلم العالم بأسره ماذا تعني الجمهورية في منظور الحكومة التونسية
خطاب سيادة الرئيس زين العابدين بن علي بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية
رئيس الدولة يعطي إشارة انطلاق أشغال مشروع المطار الجديد بالنفيضة
كيف نشأ النظام الجمهوري بتونس؟ تضحيات الشعب لم تذهب سدى والباي ينحني أمام إرادة الوطنيين
في الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية
الظروف التاريخية لإلغاء الملكية… وإعلان الجمهورية (1 من 2)
بيان للرأي العام الوطني الخروج عن الشرعية مفسدة سياسية : انقلاب على الشرعية في الحزب الاجتماعي التحرري يتزعمه منذر ثابت
الجامعة الصيفية لجمعية نادي محمد علي للثقافة العمالية
نهاية البورقيبية تمخضت البورقبية فولدت الطحين والحلوى بالحليب.
بعد إنتقاد من «الإخوان» وترحيب من الأقباط والحقوقيين …
دار الإفتاء المصرية توضح الموقف من حرية المسلمين في تغيير دينهم