تقرير منظمة هيومن رايتس واتش
سجن أكبر قمع السجناء السياسيين السابقين في تونس ملخص التوصيات منهج التقرير المقدمة استنتاجات المراقبة الإدارية مضايقات وأعمال ترهيب واحتجاز قيود تعسفية على التنقل التوقيع لدى الشرطة المراقبة التمديد التعسفي للمراقبة الإدارية عقبات أمام التشغيل الحرمان من جواز السفر أحكام المحكمة الإدارية التحفظ على السجلات الطبية القانون الدولي شكر وتنويه ملحق ملخص
تُعرّض السلطات التونسية الأشخاص المُدانين على خلفية اتهامات ذات دوافع سياسية لجملة واسعة من القيود التعسفية إثر خروجهم من السجن. يؤدي نطاق هذه القيود بهم جميعاً إلى وصف حياتهم فيما بعد الخروج من السجن بأنها « سجن أكبر ». الإجراءات تشمل مراقبة الشرطة المستمرة ومضايقات وأوامر شفهية من الشرطة تحد من إقامتهم بالمنزل، والحرمان التعسفي من جوازات السفر، والاضطرار للذهاب لأقسام الشرطة يومياً للتسجيل مما يؤدي لاضطراب الحياة اليومية، كما يتعرض أصحاب العمل، حسب التقارير، إلى ضغوط من أجل الامتناع عن تشغيل السجناء السابقين. السجناء السابقون الذين يعترضون على هذه الإجراءات لا يُتاح لهم إلا سبل إنصاف قليلة. فالعديد منهم رفعوا قضايا على وزارة الداخلية لرفضها منحهم جواز ات سفر في خرق للقوانين التونسية. لكن حتى في الحالات التي حكمت فيها المحكمة لصالح مقدمي الدعوى، رفضت السلطات تنفيذ الأحكام. وعاودت المحاكم حبس أولئك الذين سافروا خارج مناطقهم السكنية حتى رغم أن « أوامر تحديد الإقامة » التي يُزعم أنهم خرقوها لم تُقدم لهم كتابةً. ومع منعهم من العثور على عمل أو السفر أو تغيير الإقامة من أجل العثور على وظيفة، أصبح الكثير من السجناء السابقين وأسرهم يعيشون حياة الفقر. وبالإضافة للعوز، فالبعض يقولون إن مراقبة الشرطة المستمرة واستجواب أسرهم وجيرانهم حوّلتهم إلى أشخاص منبوذين اجتماعياً. وتونس، مثل الكثير من البلدان، فيها أحكام قانونية تضبط القيود المفروضة قضائياً على الحريات المدنية بالنسبة للسجناء المفرج عنهم. إذ يحق للمحاكم أن تفرض هذه « العقوبات التكميلية » لدى حُكمها بالإدانة على المدعى عليهم. لكن عملياً، تفرض الشرطة ووزارة الداخلية على السجناء السابقين نظاماً كاملاً يستند بالأساس إلى الأوامر والمحاذير الشفهية، دون عقوبات قضائية، ويبدو أن الغرض من هذا النظام هو سحق هؤلاء الأشخاص وتلقين الآخرين درساً عن ثمن المعارضة والانشقاق. هذه الأوامر كثيراً ما تكون غير واضحة المضامين، مما يجعل السجناء السابقين حيرى إزاء الالتزامات المترتبة عليهم ومن ثم عرضة للاضطهاد. الأغلبية العظمى من الأشخاص المُدانين في جرائم ذات دوافع سياسية في تونس هم أشخاص يُشتبه بأنهم إسلاميون. ومنذ التسعينيات سجنت السلطات التونسية عدداً ضئيلاً من اليساريين ومعارضين غير إسلاميين آخرين، بالإضافة إلى نشطاء حقوقيين. ولدى الإفراج عن الكثير من هؤلاء يخضعون لمراقبة الشرطة والحرمان التعسفي من جوازات سفرهم، لكن بشكل عام فإن القمع الذي يواجهونه يعد أخف بكثير مقارنة بذلك المفروض على المشتبهين الإسلاميين. ومنذ مطلع التسعينيات وحتى أواسطها، كان أغلب السجناء السياسيين التونسيين من الرجال والنساء المشتبه بانتمائهم إلى حركة النهضة، وهي حركة إسلامية شهيرة غير مُعترف بها قانوناً لكن كان هناك تسامح غير رسمي مع وجودها إلى أن حظرتها السلطات وشنت حملة واسعة عليها انطلاقاً من عام 1990. ومنذ أواخر التسعينيات، تمت إدانة الأشخاص المعتقلين على خلفية اتهامات متعلقة بالنشاط الإسلامي – في الأغلب – بالانتماء إلى جماعات أخرى. ومن هؤلاء شبان كثيرون تم اتهامهم بالتحضير للسفر للخارج أو محاولة السفر للانضمام للمنظمات الجهادية التي تقاتل في العراق وأماكن أخرى، أو تحريض الآخرين على ذلك. وسواء أدينوا بموجب المجلة الجزائية (قانون العقوبات) أو « قانون دعم الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب ومكافحة غسيل الأموال » (قانون مكافحة الإرهاب)، فقد تعرضوا للمراقبة بعد الخروج من السجن وقيود تتعدى ما ينص عليه القانون ضمن « العقوبات التكميلية »، مما يصعب عليهم عيش حياة عادية. هذه القيود، لدى فرضها دون سند قانوني واضح، ودون إخطار الأشخاص المفروضة عليهم على النحو اللازم، تعتبر تعسفية. وثمة حاجة لإصلاحات جوهرية في هذا الشأن.
التوصيات إلى وزارة الداخلية
·يجب أن يحصل جميع السجناء السابقين على وصف كتابي بجميع الإجراءات والقيود القضائية في فترة « المراقبة الإدارية » بعد إطلاق سراحهم، وضمان أنه بخلاف هذه القيود وغيرها مما هو وارد صراحة في القانون والذي تفرضه المحكمة لدى الحُكم بالعقوبة، فمن المسموح لهم بممارسة حرية التنقل والتمتع بجميع حقوقهم الإنسانية الأخرى. · يجب إصدار جواز سفر نافذ لكل تونسي يتقدم بطلب جواز سفر أو تجديد جواز السفر، وإلا يحصل المتقدم بالطلب كتابة على حيثيات واضحة والسند القانوني وراء رفض منحه جواز السفر، مما يسمح له بالطعن في قرار الرفض أمام المحكمة، ويجب احترام أي أحكام قضائية تخص جوازات السفر. ·على خلفية نمط الانتهاكات التي تمارسها الشرطة المحلية بحق السجناء المفرج عنهم، يجب إصدار تعليمات علنية بأنه لا يحق لأي شرطي الامتناع عن إنفاذ القيود المفروضة على السجناء السابقين التي يفرضها القانون وتأمر بها المحكمة وتُقدم للسجين كتابة. ·يجب إعداد آلية للنظر بفعالية في شكايات السجناء السابقين بشأن القيود المفروضة على حقوقهم، وضمان التحقيق فيها، وإذا لزم الأمر، تحميل الشرطي الذي يمس بحقوقهم المسؤولية، وتعويض الأشخاص الذين انتهكت حقوقهم عن أي ضرر أو إصابة جراء أعمال تعسفية أو غير قانونية. ·يجب الالتزام بأحكام المحاكم الإدارية عندما تلاحظ هذه المحاكم انتهاك عناصر من السلطات لحقوق مواطنين. إلى سلطات السجون ·يجب إعطاء جميع السجناء نسخة من جميع سجلاتهم الطبية في السجن لدى الإفراج عنهم. إلى الشرطة ·يجب وقف ممارسة إلزام السجناء السابقين بالتسجيل لدى مراكز الشرطة، باستثناء الحالات التي يوجد فيها مثل هذا المطلب بموجب سند قانوني في القوانين التونسية. ·يجب الامتناع عن ترهيب أصحاب العمل لدى تشغيل السجناء الأمنيين السابقين. ·يجب الامتناع عن التمديد التعسفي لفترات المراقبة الإدارية بما يتجاوز ما يرد في الأحكام القضائية.
منهج التقرير
قام باحثان من هيومن رايتس ووتش في شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان 2009 بإجراء مقابلات مستفيضة مع 33 سجيناً سابقاً في تونس الكبرى وبيزرت وصفاقس كانوا قد خرجوا من السجون بين 1997 و2009. هؤلاء السجناء السابقون ينحدرون من المُدن المذكورة وكذلك من أماكن أخرى في تونس، منها منطقة جندوبة والقيروان. فضلاً عن تحدث الباحثين إلى محامين حقوقيين وممثلين عن مختلف منظمات حقوق الإنسان في تونس. السجناء السابقون الذين تمت مقابلتهم تم التوصل إليهم من خلال هؤلاء المحامين ونشطاء حقوق الإنسان الذين اتصلت بهم هيومن رايتس ووتش. كما تفحص الباحثان عينة من الوثائق القانونية على صلة بإجراءات المراقبة الإدارية، ومنها أوامر المراقبة الإدارية وأحكام محاكم وتقارير للشرطة. أغلب السجناء السابقين الذين تمت مقابلتهم – إن لم يكن جميعهم – ينتمون إلى فئة من اثنتين: فهم إما أعضاء سابقون أو حاليون في حزب النهضة المحظور، بين 1990 و1992، أو أدينوا منذ عام 2004 بموجب قانون ديسمبر/كانون الأول 2003 لمكافحة الإرهاب. وأثناء إقامة الباحثين في تونس، كانا في بعض الأحيان تحت رقابة رجال يرتدون ثياباً مدنية كانوا بلا شك من عناصر أمن الدولة. وكانت المراقبة مشددة على وجه خاص في صفاقس، حيث تتبع رجال في ثياب مدنية بشكل صريح الباحثين عن قرب سواء مشياً أو بواسطة سيارة أينما ذهب الباحثان. وفي 2 أبريل/نيسان عرف باحثا هيومن رايتس ووتش أن السجين السابق طاهر الحرّاثي قد تم استجوابه من قبل ضباط شرطة في ثياب مدنية اليوم السابق، فور خروجه من مكتب المحامي سمير بن عمر في تونس حيث قابل الباحثان. وفي اليوم التالي قامت الشرطة في بلدة حراثي – سيدي عمر بوحجلة – باستجوابه طوال الصباح عن لقائه مع هيومن رايتس ووتش وعن سجناء سابقين آخرين كانت الشرطة تعرف أنهم ذهبوا لمكتب المحامي للتحدث للباحثين. وقال حراثي إن الشرطة أخلت سبيله بعد ذلك، بعد أن هددته بزيادة القيود عليه ومضايقته.[1] وفي محاولة للحصول على تعليقات رسمية على القضايا المُثارة في التقرير قبل نشره، بعثت هيومن رايتس ووتش في 14 يوليو/تموز لوزير الداخلية والتنمية المحلية رفيق بلحاج ووزير العدل وحقوق الإنسان في ذلك الوقت البشير التكاري، برسالة تفصيلية (واردة في ملحق التقرير). كما تؤكد الرسالة حرصنا على مقابلة الوزراء لمناقشة هذه القضايا. لكن لم يصلنا أي رد.
المقدمة
الحكومة التونسية غير متسامحة إلى حد كبير مع أي شكل من أشكال المعارضة السياسية الفعلية أو المُتصورة. فجهاز أمن الدولة القوي ينفق الكثير من الوقت والموارد على إسكات أي شخص أو جماعة تُرى على أنها تتحدى الدولة.[2] شمل هذا اعتقالات كثيرة في صفوف من يُتصور أنهم متعاطفون مع الإسلاميين ولم يُنسب إليهم الاتهام بالتخطيط لأعمال عنف أو ارتكابها، مع الاحتفاظ بنظام مراقبة قوي والرقابة على السجناء السابقين الذين أتموا أحكام السجن جراء الإدانة باتهامات ذات دوافع سياسية. وتزعم الحكومة التونسية أن ليس لديها سجناء سياسيون، بل مجرمون حوكموا وأدينوا لخرقهم القوانين التونسية.[3] وقد أعلنت هيومن رايتس ووتش رفض هذا الزعم على أساس أن أي من الأشخاص المعنيين لم تتم إدانته بارتكاب أعمال عنف محددة، بل بناء على محاكمات غير عادلة.[4] الأغلبية العظمى من نزلاء السجون الذين يُطلق عليهم سجناء سياسيين هم من فئتين عريضتين: الأولى، من أدينوا على خلفية صلات مزعومة بحزب النهضة المعارض المحظور، والثانية، من أدينوا بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 2003. وقد تم تأسيس النهضة عام 1988 خلفاً لحركة الاتجاه الإسلامي ( Mouvement de la Tendance Islamique ) التي تأسست عام 1981 لكنها لم تحصل على الاعتراف القانوني. كما حُرمت النهضة من الاعتراف القانوني، رغم أن الرئيس بن علي تسامح معها حتى عام 1990 مع وجود قانون يحظر إنشاء الأحزاب السياسية على أساس الدين. وفي انتخابات 1989 التشريعية، أصبحت النهضة حركة معارضة بارزة عندما ترشح أعضاؤها بعد أن حرمتهم السلطات من الترشح في لوائح حزبية، كمرشحين مستقلين وحصلوا على 14 في المائة من الأصوات. واتسم العامان 1990 و1991 بعنف متفرق على صلة بالإسلاميين، وشهد العامان بداية حملة اعتقالات ضد أعضاء النهضة. وكان مناصرو الحزب متورطين في عدة تظاهرات في الجامعات اتخذت طابع العنف. وفي عام 1991 تم إعلان تورط مؤيدي الحزب في حريق قاتل نشب في مكتب فرعي للحزب الحاكم في تونس، وهو الحادث الذي قدمته السلطات دليلاً على النوايا العنيفة للحزب. وأنكرت قيادة النهضة تصريحها بالعملية، رغم أنها وصفتها بالعملية المفهومة نظراً لقمع الدولة. وحُكم على ثلاثة رجال بالإعدام لدورهم في الهجوم وتم إعدامهم. وبعد أكثر من عام من الاعتقالات في صفوف النهضة، أعلنت الحكومة في سبتمبر/أيلول 1991 اكتشاف مخطط للحزب لاغتيال الرئيس وقلب نظام الحُكم. ثم نسبت الاتهام لـ 279 قيادياً ومسانداً للنهضة، والكثير منهم كانوا في السجن منذ شهور بالفعل، بالتخطيط للانقلاب. وتم اعتقال 8000 شخص مشتبه بالعضوية في النهضة منذ بدء الاعتقالات في سبتمبر/أيلول 1990، حسبما ذكرت منظمة العفو الدولية في مارس/آذار 1992.[5] وكان تعذيب هؤلاء المشتبهين أثناء الاستجواب متشفياً، طبقاً للعفو الدولية ورابطة حقوق الإنسان التونسية. وفي صيف عام 1992، حُكم على 279 شخصاً يُزعم بتخطيطهم للانقلاب في محاكمات جماعية أمام محكمتين عسكريتين في تونس. وتراجع المدعى عليهم عن اعترافاتهم، قائلين إنهم تعرضوا للتعذيب. وأدين 265 شخصاً وتمت تبرئة 14 شخصاً في المحاكمات التي رأى مراقبو حقوق الإنسان أنها غير عادلة.[6]وحُكم على 46 مدعى عليهم بالسجن المؤبد، والكثير منهم خُففت أحكامهم فيما بعد للسجن 30 عاماً. ولم تكن الأحكام قابلة للطعن وأيدتها جميعاً محكمة النقض. ومنذ أواخر التسعينيات تراجعت أعداد سجناء النهضة، مع الإفراج عن بعضهم بعد أن انتهوا من أحكام السجن الصادرة بحقهم أو بعد الاستفادة من أوامر عفو. وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2008، أفرج الرئيس بشكل مشروط عن أخر 21 سجيناً من أعضاء الحزب. ورغم الإفراج عنهم، فإن إجمالي السجناء المحتجزين على خلفية نشاطهم وقناعاتهم السياسية أو انتماءاتهم قد تزايد على مدار السنوات الخمس الأخيرة جراء إدانة المئات من الشبان تحت طائلة « قانون دعم الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب ومكافحة غسيل الأموال » (قانون رقم 75 لعام 2003، بتاريخ 10 ديسمبر/كانون الأول 2003). واتهمت الحكومة قلة من هؤلاء الرجال بالتخطيط لأعمال عنف محددة، وأدين الكثيرين لمجرد مناقشة الجهاد وتنزيل ومشاهدة أو تبادل معلومات يُزعم أنها جهادية وآراء جهادية على الإنترنت، في خرق ظاهر لحق هؤلاء الأفراد في حرية التعبير. هذا التقرير يتناول الأشكال التعسفية وغير القضائية في التضييق على السجناء السياسيين ومضايقتهم من قبل السلطات التونسية، بعد الإفراج عن هؤلاء الأفراد، والمعوقات التي تخلقها السلطات في وجه جهود السجناء السابقين في عيش حياة عادية كريمة. هذه الإجراءات ترقى لكونها بعيدة عن القضاء ومن ثم فهي تمديد متعسف لعقوبات فرضتها المحاكم عليهم أو هي عقوبات جديدة. فضلاً عن أن تعريض السجناء السابقين لهذه القيود المشددة على الحرية، على مرأى من أسرهم ومجتمعاتهم، فهذا يؤدي لخلق الحكومة التونسية لأجواء من الخوف والترهيب تثبط الأشخاص عن الاشتراك في الساحة السياسية. ومن التقنيات المستخدمة من قبل السلطات – من قبيل الشرطة ووزارة الداخلية – لجعل حياة السجناء الأمنيين المفرج عنهم صعبة، هي المراقبة اللصيقة والحرمان من جوازات السفر وترهيب أصحاب العمل المحتملين كي يعدلوا عن تشغيل السجناء السابقين والتهديد بإعادة اعتقال بعض من يتحدثوا علناً عن حقوق الإنسان أو السياسة، وفرض قيود على التنقل تُقدم شفاهة للشخص المتأثر بها، وقد يؤدي خرقها لمعاودة الاعتقال. ومن الملفت أنه فيما تفرض المحاكم المراقبة الإدارية على فئة من المدعى عليهم كجزء من العقوبات الصادرة بحقهم، فإن السجناء السابقين الإسلاميين هم الأهداف الأساسية لهذه الإجراءات، التي لا تُفرض إلا بعد إخلاء السبيل، دون مشاركة المحكمة في الأمر، ومن ثم يدخل هذا في سياق المضايقات والمراقبة غير القضائية. وقد نظمنا التقرير على نحو يعكس أغلب الانتهاكات الشائعة التي تعرض لها السجناء السياسيون السابقون. ونفتتح التقرير بعرض قضيتين تفصيليتين تخصان عبد الكريم الهاروني وعبد الله الزوّاري، توضحان النطاق الواسع للانتهاكات وأنواعها التي نعرضها تحديداً في التقرير. ومن ثم فإن التقرير مُقسم موضوعياً طبقاً لنوع الانتهاك، وتحت كل عنوان قائمة بالأمثلة بناء على المقابلات التي أجريناها. ولأن كل محتجز سياسي سابق يتعرض لباقة مختلفة من هذه الانتهاكات، فهناك بعض التكرار في حالات قليلة في مختلف الأقسام الموضوعية للتقرير. استنتاجات
المراقبة الإدارية
« المراقبة الإدارية » كـ « عقوبة إضافية »، حسب التعريف الوارد في الفصلين 23 و 24 من المجلة الجزائية التونسية، يعطي « للسلطة الإدارية » الحق في تحديد وإعادة النظر في المكان الذي يجب على السجين السابق أن يقيم فيه لمدة محددة وقت إصدار الحكم، وتمنعهم من مغادرة هذا المكان من دون إذن.[7] ولا يحدد القانون الجرائم التي يمكن أن تخضع لأحكام الرقابة الإدارية. في العديد من الحالات التي صادفناها، تجاوزت السلطات التونسية القانون الذي تدعي تطبيقه، مثل مطالبة الأفراد بالتوقيع لدى الشرطة وإلقاء القبض عليهم من أجل ما تدعي الشرطة أنه مخالفات لأوامر الرقابة الإدارية. مضايقات وأعمال ترهيب واحتجاز عبد الله الزوّاري قبل القبض عليه في عام 1991، كان عبد الله الزوّاري مدرساً للغة العربية في مدرسة ثانوية وصحفياً بجريدة الفجر، وهي جريدة موقوفة عن الصدور الآن كانت تابعة لحزب حركة النهضة الإسلامية المحظور. وأدين الزوّاري من قبل محكمة عسكرية تونسية في محاكمة جماعية لقادة وأعضاء حركة النهضة بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم والانتماء إلى منظمة غير شرعية. وحكم عليه بالسجن 11 مع خمس سنوات إضافية من المراقبة الإدارية. الزوّاري كان ولا يزال من أبرز المنتقدين لسياسات الحكومة، لاسيما بشأن قضايا حقوق الإنسان. إن مدة المراقبة الإدارية للزواري على النحو الذي حددته وزارة الداخلية هي فريدة من نوعها حيث إن السلطات المعنية، في الوقت الذي وُضع فيه مئات من السجناء السياسيين السابقين الآخرين في أماكن إقامتهم المعتادة، قامت بنفيه إلى قرية صغيرة على بعد 500 كيلومتر من المكان الذي كان يقيم فيه مع أسرته في تونس الكبرى. وليس للزواري أية روابط أخرى مع القرية سوى أنها موطن أجداد أسرة زوجته. وتونس العاصمة مسجلة على بطاقة هوية الزوجين على أنها مكان إقامتهما، والأطفال يذهبون إلى المدارس هناك. السلطات التونسية من جهتها ذكرت أن المجلة الجزائية تعطي وزير الداخلية السلطة التقديرية لتحديد مكان إقامة الزوّاري كجزء من المراقبة الإدارية.[8] وعلى الرغم من أن السجناء السياسيين المفرج عنهم في تونس عموما يواجهون مجموعة من القيود التعسفية، فإن النفي الداخلي بحكم الأمر الواقع لسجين سابق أمر نادر. عند خروجه من السجن في يونيو/حزيران 2002، قدم الزوّاري استئنافا أمام محكمة القضاء الإداري للطعن في شرعية قرار وزارة الداخلية القاضي بنفيه إلى حاسي الجربي بالقرب من مدينة جرجيس. وجادل بأنه لا ينبغي لأية مراقبة إدارية لما بعد السجن أن تشمل فصله عن أسرته، ومحيطه الاجتماعي وفرص الشغل. وقبل أن تتخذ محكمة القضاء الإداري أي قرار، تم اعتقال الزوّاري في 19 أغسطس/آب، 2002 في مكتب محاميه في تونس، وعُرض على محكمة معتمدية جرجيس، التي حكمت عليه بثمانية أشهر في السجن بموجب الفصل 150 من المجلة الجنائية لمخالفة شروط المراقبة الإدارية. وأفرجت السلطات عن الزوّاري بعد شهرين « لأسباب إنسانية ». ولم تبت المحكمة الإدارية أبدا في استئنافه لقرار نفيه إلى حاسي الجربي. ومنذ الإفراج عنه في يونيو/حزيران 2002، سُجن الزوّاري ثلاث مرات، ووُضع تحت المراقبة على مدار الساعة من قبل رجال الشرطة بزي مدني والذين يمكن التعرف عليهم بسهولة، ومُنع بشكل متقطع من استخدام مقاهي الإنترنت المحلية للتواصل مع الآخرين. وفي يوم 5 يونيو/حزيران 2007، وهو اليوم الذي كانت ستنتهي فيه مدة خمس سنوات من المراقبة الإدارية للزواري، استدعاه قائد الشرطة في حاسي الجربي ليبلغه أن السلطات مددت إقامته في منطقة جرجيس لمدة 26 شهرا. لم يتضح بعد من الذي اتخذ هذا القرار، ولم تقدم المحكمة، أو الشرطة، أو مسؤولو الدولة أي قرار مكتوب للزواري، أو شرحوا له أساسه القانوني. في 29 يوليو/تموز، 2009، أبلغ « مصدر قضائي » مسؤول وكالة فرانس برس أن الزوّاري يمكنه « التحرك بحرية واختيار مكان يعيش فيه » ابتداء من 15 يوليو/تموز. في حين انتهي التمديد التعسفي لمدة المراقبة الإدارية، فإن مضايقات الشرطة للزواري لم تنته. في 13 سبتمبر/أيلول، تبعته سيارة شرطة لحوالي 9 كيلومترات من جرجيس إلى حاسي الجربي ثم أغلقت الطريق المؤدية إلى منزله. بعد ذلك طلب رئيس الشرطة فتحي إبراهيم من الزوّاري اصطحابه إلى مخفر الشرطة لاستجوابه، وهو ما رفضه الزوّاري بحجة أن إبراهيم لم يعرض عليه مستند استدعاء حسبما هو مطلوب قانونا.[9] وفي 15 سبتمبر/أيلول، 2009، اعتقلت الشرطة في زي مدني الزوّاري أمام مكتب بريد في حاسي الجربي، حيث كان يريد إرسال شكوى إلى وزير الداخلية عن المراقبة المتواصلة من قبل رجال أمن الدولة. واحتجزته الشرطة لمدة تسع ساعات واستجوبته حول عمله مع وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان منذ خروجه من السجن في عام 2002. وقال الزوّاري بأنهم هددوه إذا لم يكف عن عمله الصحفي والحقوقي، فسوف يكشفون عن فيلم يزعمون أنه يصوره أثناء ممارسته لنشاط جنسي. وحتى كتابة هذا التقرير، يقول الزوّاري[10] إنه لا يزال مراقبا عن قرب من قبل الشرطة. عبد الكريم الهاروني عبد الكريم الهاروني، مهندس مدني وأمين عام سابق للاتحاد العام التونسي للطلبة ذي الميول الإسلامية، اعتقل في 30 أكتوبر/تشرين الأول عام 1991، وتلقى حكما بالسجن مدى الحياة في محاكمات جماعية أمام محكمة عسكرية سنة 1992 ضد أعضاء وقادة حركة النهضة بتهمة التآمر للقيام بانقلاب. في عام 2002، بعد أن قضى الهاروني أكثر من عقد من الزمان في الحبس الانفرادي[11]، حولت السلطات عقوبة المؤبد الصادرة في حقه إلى عقوبة ثلاثين سنة في السجن. وكان الهاروني قد أُطلق سراحه بشروط يوم 7 نوفمبر/تشرين الثاني، 2007، مما يعني أنه خلال الفترة المتبقية من عقوبته يمكن للسلطات إعادته إلى السجن دون محاكمة بسبب جرائم غير محددة. المحكمة التي حكمت على الهاروني في عام 1992 أصدرت في حقه عقوبة بالسجن مدى الحياة، وبالتالي لم يعد هناك مجال لفرض المراقبة الإدارية. ومع ذلك، وفي محاكمة منفصلة عقدت في 1 ديسمبر/كانون الأول 1995، بينما يوجد الهاروني في السجن، حكمت عليه المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة بخمس سنوات ونصف في السجن وسنتين من المراقبة الإدارية. الهاروني يقول إنه لم يعلم بالمراقبة الإدارية كجزء من عقوبته إلا حين الإفراج عنه من السجن عندما ذهب إلى مخفر الشرطة في الكرم، في ضاحية تونس العاصمة حيث يقيم، لتجديد وثائق هويته. ولما ذهب الهاروني إلى هناك، سلمته الشرطة أمراً بالمراقبة الإدارية الخاص به والذي يستوجب أن يوّقع يوميا لدى شرطة الكرم للسنتين المقبلتين، حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2009. علما منه أن هذه التعليمات لا أساس لها في القانون التونسي، رفض الهاروني التوقيع فلم تُسلمه الشرطة تلك الوثيقة. وأبلغت الشرطة الهاروني شفهياً أنه منفي إلى معتمدية تونس، على الرغم من أن هذا الشرط لم يرد في الأمر بالمراقبة الإدارية. يوم 4 أكتوبر/تشرين الأول، 2008، حاول الهاروني أن يذهب إلى ولاية أريانة المجاورة لحضور جنازة قريب زميل له. أوقفت الشرطة حافلة النقل العمومي التي كان على متنها وأمروه أن ينزل. وعندما رفض، هددوه باستعمال القوة، فأذعن الهاروني في النهاية. كما طلبت الشرطة في الكرم من الهاروني التوقيع على أمر بالموافقة على التوقيع يوميا لديهم لمدة عامين. رفض الهاروني التوقيع، مُصرا على أن مثل هذا الأمر لا أساس له في القانون التونسي، ولم تُسلمه الشرطة نسخة منه. بعد خروجه من السجن، انتخب الهاروني كاتباً عاماً لمنظمة حرية وإنصاف، إحدى منظمات حقوق الإنسان التي لا تحظى بالاعتراف القانوني. وفقا للهاروني، تشددت رقابة الشرطة بعد انتخابه وذلك في محاولة للحد من نشاطاته.[12] يوم 5 أكتوبر/تشرين الأول 2009، ألقت الشرطة القبض على الهاروني أمام مقر عمله مع شركة للبناء واقتادوه إلى مركز الشرطة بضفاف البحيرة. واستجوبته الشرطة هناك لمدة ثلاث ساعات حول ارتباطاته بحركة النهضة والنشاط بمجال حقوق الإنسان. وأطلق سراحه مع تحذير لوقف كل أنشطته السياسية وفي مجال حقوق الإنسان، والامتناع عن أي اتصال مع وسائل الإعلام. حدث هذا بشكل خاص، بعد 20 يوما فقط من القبض على عبد الله الزوّاري (انظر أعلاه)، الذي خضع للاستجواب بطريقة مماثلة، وتلقى نفس التعليمات تحت التهديد بالعنف. في 7 أغسطس/آب، 2009، تم حفل زفاف الهاروني بمسجد الرحمن في منطقة المنزه 6 في تونس العاصمة وسط وجود مكثف للشرطة. سيارات الشرطة تابعت حتى قافلة الضيوف إلى مكان الحفل، وأمكن رؤيتهم يسجلون أرقام اللوحات المعدنية للضيوف، خالقين بذلك جوا من الترهيب. في الساعة 9 مساء، دخلت الشرطة إلى قاعة الاستقبال، وصادرت جميع المعدات الموسيقية، وهددت باستخدام القوة إذا لم تُسلم لهم، وفقا لما جاء في بيان صادر عن هند الهاروني، أخت الهاروني.[13] بعد أسبوع واحد، في 14 أغسطس/آب، نظم حفل ثان على شرف زفاف الهاروني في أريانة والذي حاصرته الشرطة بالكامل، والتي تتبعت العروسين إلى المنزل. ولمدة الأسبوعين التاليين، أبقت الشرطة الهاروني تحت المراقبة المستمرة، وأحيانا إلى درجة أن ثلاثة من رجال الشرطة تمركزوا أمام باب منزله، ويتبعونه وزوجته كلما غادروا المنزل. قيود تعسفية على التنقل من بين 33 سجينا سابقا الذين قابلناهم، تلقى 26 منهم « عقوبات إضافية » في شكل « المراقبة الإدارية » لدى إدانتهم. ينص الفصل 23 من المجلة الجزائية التونسية على أنه « يخوّل الحكم بالمراقبة الإدارية للسلطة الإدارية حق تعيين مكان إقامة المحكوم عليه عند انقضاء مدة عقوبته وتغيير مكان إقامته كلما رأت ضرورة لذلك ». بالإضافة إلى ذلك، فإن الفصل 24 ينص على أنه « لا يسوغ للمحكوم عليه مبارحة المكان الذي حددت إقامته به بدون رخصة ». ومع ذلك، هناك تناقض بين هذه المقتضيات، والطريقة التي تُطبق بها أوامر المراقبة الإدارية. العديد من السجناء السابقين الذين استجوبناهم قالوا إن سلطات الشرطة المحلية قد قدمت لهم أوامر شفهية تُقيد حريتهم، دون أن تقدم هذه الطلبات في صيغة مكتوبة، وبالتالي يُعتمون على الجهة التي تصدر الأوامر ويجعلون المعالجة أكثر صعوبة بالنسبة للسجناء السابقين. هذه التدابير تجعل السجين السابق عرضة لخطر الملاحقة القضائية بدعوى عصيان شروط المراقبة الإدارية في حين أن الشروط التي يُزعم أنها انتهكت لم تُقدم لهم كتابة. على سبيل المثال، أعطت الشرطة المحلية شفهيا أمرا لبعض السجناء السابقين بأن لا يغادروا منطقة جغرافية في كثير من الأحيان، محددة بشكل غامض من دون الحصول أولا على إذن. وفي بعض الحالات التي قدمت فيها الشرطة الأوامر كتابة للسجين السابق من أجل التوقيع، فإنهم لم يقدموا نسخاً من الوثيقة إلى الأفراد المعنيين. من خلال حجب الأوامر الواضحة والمكتوبة التي تحدد كل القيود عن السجناء السابقين، والتي يجب أن يحترموها، فإن السلطات تحتفظ بسلطات واسعة وتعسفية على حياة السجناء السابقين. عبد الكريم الهاروني كما هو مشار إليه أعلاه، غادر الهاروني السجن في نوفمبر/تشرين الثاني 2007، دون علم بأنه سيواجه قيودا على تحركاته. وعلم أنه بصدد حكم بالمراقبة الإدارية فقط عندما ذهب إلى مخفر الشرطة لتجديد بطاقة هويته. في ذلك الوقت، أعطت الشرطة شفهيا للهاروني تعليمات بعدم مغادرة معتمدية تونس على مدى العامين القادمين من دون الحصول أولا على إذن. على مستوى الممارسة، يقول الهاروني، فإن الشرطة قيدت تحركاته بشكل أكثر إحكاما من الأوامر الشفهية، كما أشير إليه أعلاه. صلاح الدّين العلوي
العلوي، من سكان بوسالم في ولاية جندوبة، حُكم عليه بما مجموعه 14 عاما في السجن نتيجة لخمس إدانات مختلفة بتهمة العضوية في حركة النهضة. وفرضت المحاكم، جنبا إلى جنب مع عقوبات السجن هذه، ما مجموعه 16 سنة من المراقبة الإدارية. بعد إطلاق سراحه في عام 2004، قالت استخبارات الشرطة للعلوي شفهيا بأنه يجب عليه طلب الحصول على إذن منهم قبل 3 أيام إذا كان يعتزم مغادرة منطقة جندوبة. في عام 2009، بعد خمس سنوات من الإفراج عنه، لا تزال الشرطة تطلب منه أن يوقع الحضور لديها أسبوعيا. القيود المفروضة على حركة العلوي أعاقت بشكل فعال قدرته على العثور على عمل، من أجل إعالة نفسه وزوجته وبناته.[14] تدرب العلوي كمهندس زراعي، وأُقيل من وظيفته لما سُجن ولم يحصل على وظيفة منذ الإفراج عنه. في خريف عام 2005 دخل إضرابا عن الطعام لمدة ثلاثة أيام من كل أسبوع للمطالبة برفع المراقبة الإدارية عنه حتى يتمكن من العثور على عمل. كما أطلق العلوي عرضا رمزيا لبيع بناته احتجاجا على منعه من إعالتهن. قال العلوي، « أرباب العمل يقولون لي إنهم لا يستطيعون تشغيلي لأن الشرطة سوف تتعقبهم ». وأضاف، « السجناء السابقون عادة يعثرون على عمل من خلال فتح محلات صغيرة خاصة بهم أو شركات. إذا قاموا بأي شيء كبير، مع ذلك، فإنهم سيخلقون مشاكل. ولكن لا أستطيع حتى أن أبدأ مشروعا صغيرا لأنني لا أملك المال ».[15] بعد خمس سنوات، لم يحصل بعد على إشعار مكتوب بالقيود على حركته.
زياد الفرشيشي
زياد الفرشيشي، تاجر مقيم في بنزرت يبلغ من العمر 26 عاما، أمضى ثلاث سنوات في السجن بتهمة الانتماء إلى جماعة إسلامية جزائرية. حكمت عليه المحكمة أيضا بثلاث سنوات من المراقبة الإدارية. أفرج عنه من السجن في عام 2008، وقدمت له السلطات أمرا بالمراقبة الإدارية تمت صياغته بطريقة نموذجية، يحدد مكان إقامته، وطُلب منه إبلاغ السلطات بأي تغيير في العنوان. ومع ذلك، فإن الشرطة أعطته أيضا تعليمات شفهية بعدم مغادرة بنزرت من دون إذن.[16]
محفوظ العيّاري
تحدثت هيومن رايتس ووتش مع يمينة العيّاري في بنزرت[17]، التي روت قصة إبنها البالغ من العمر 27 عاما، محفوظ العيّاري، الذي أعيد إلى السجن مجددا. أحد سكان منزل بورقيبة في ولاية بنزرت، حكم عليه بأربع سنوات في السجن تم تخفيضها إلى سنتين ونصف في الاستئناف، مع خمس سنوات إضافية من المراقبة الإدارية. وكان قد اتهم بموجب الفصل 13 من قانون محاربة الإرهاب ومكافحة غسيل الأموال للعام 2003 الذي يُجرم الانتماء إلى منظمة وُصفت بالإرهابية من قبل الدولة التونسية. العيّاري أطلق سراحه في ديسمبر/كانون الأول 2007. بعد إطلاق سراحه، تلقى العيّاري أمرا مكتوبا بالمراقبة الإدارية الذي يحدد مقر إقامته في عنوان معين والذي لا يمكنه تغييره دون إذن من الإدارة العامة للسجون والإصلاح. وأضافت شرطة منزل بورقيبة أمرا شفهيا بأن يوقّع في دفاتر المخفر يوميًا خلال السنة الأولى بعد الإفراج عنه. خلال السنة الثانية عليه بالتوقيع مرة واحدة في الأسبوع. في 12 مارس/آذار، 2009، ظل العيّاري يُوقع كالمعتاد لدى شرطة منزل بورقيبة. وفي يوم 13 مارس/آذار، سافر إلى قرمبالية في ولاية نابل، واعتقل لأسباب تتعلق بانتهاك شروط مراقبته الإدارية. وخلال محاكمته، زعم الادعاء أن العيّاري قد انتهك شروط المراقبة الإدارية بعدم إبلاغ الشرطة برحلته مسبقا، على الرغم من أن هذا لم يكن محددا له في القرار المكتوب. نموذج القرار المكتوب المقدم لسجناء سابقين تحت المراقبة الإدارية يُلزمهم بالحصول على إذن من السلطات المختصة إذا كانت لديهم برامج لتغيير مكان إقامتهم ولكن لا يوجد أي شرط بإبلاغ الشرطة عن تحركاتهم.[18] قررت المحكمة بأن العيّاري مُذنب وحكمت عليه بستة أشهر في السجن. عائلة العيّاري لم تكن على علم باعتقاله. ولم تعلم إلا بعد ثلاثة أيام، عندما ذهبت والدته إلى مركز الشرطة للاستفسار، ليتم إبلاغها بكونه رهن الاحتجاز الاحتياطي.[19]
عبد الله الزوّاري
أُطلق سراح الزوّاري من السجن في عام 2002. وفقا لشروط المراقبة الإدارية بتاريخ 15 يوليو/تموز 2002، كان مطلوبا منه أن يقيم في حاسي الجربي، في ولاية مدنين. ومع ذلك، في 17 أغسطس/آب، 2003، ألقت الشرطة القبض على الزوّاري بتهمة انتهاك مراقبته الإدارية عندما سافر برفقة ثلاثة زائرين من المحامين الحقوقيين إلى سوق مدينة بنقردان حوالي 40 كيلومترا من منزله. وقال الزوّاري في ذلك الوقت بأنه كان يعتقد أن بنقردان تقع ضمن المنطقة التي كان يُسمح له بالسفر إليها، خصوصا بعد السفر إلى هناك في مناسبات سابقة، تحت مراقبة وثيقة من الشرطة. وعلاوة على ذلك، فإن قرار المراقبة الإدارية لم يحدد بوضوح هذه الحدود. في 29 أغسطس/آب، 2003، أصدرت المحكمة المحلية في حق الزوّاري حكما بتسعة أشهر في السجن لانتهاكه المراقبة الإدارية، بموجب الفصل 150 من المجلة الجزائية. قضى الزوّاري هذه العقوبة على التوالي مع عقوبة سابقة بأربعة أشهر سجنا بتهمة التشهير، وأطلق سراحه في سبتمبر/أيلول 2004. وفي عام 2002، قضى الزوّاري أيضا شهرين من عقوبة سابقة بثمانية أشهر بتهمة انتهاك مراقبته الإدارية، قبل أن يُطلق سراحه « لأسباب إنسانية ».[20]
عبد الباري العايب
العايب، أحد سكان بنزرت، حكم عليه بثلاث سنوات سجنا وثلاث سنوات من المراقبة الإدارية في عام 2005 بموجب قانون محاربة الإرهاب ومكافحة غسيل الأموال. اعتقل العايب وأدين وفقا للفصل 13، والذي يجرم الانتماء إلى منظمة تُوصف بالإرهابية من قبل الدولة التونسية. العايب قال إن الدليل الوحيد الذي قُدم ضده هو تسجيل لحديث كان قد أعرب فيه عن رغبته في محاربة الاحتلال الأمريكي للعراق.[21] عند الإفراج عن العايب يوم 23 مايو/أيار، 2008، أعطته شرطة بنزرت تعليمات شفهية بالتوقيع لديهم كل يوم حسب التوقيت المقرر، وبإبلاغهم قبل 48 ساعة إن كان يريد الذهاب « إلى أي مكان »، وهي الوجهة التي لم يحددوا لها حدودا. وقال، بأنه بعد ذلك، توقفه الشرطة لاستجوابه إذا علموا أنه كان قد سافر 4 أو 5 كيلومترات بعيداً عن منزله. هذا التقييد أثر على قدرته على العمل. وكونه صاحب متجر، يجب على العايب أن يسافر بانتظام إلى تونس، نحو 40 ميلا من بنزرت، لملء مخزنه. وحسب العايب، عندما يبلغ الشرطة قبلا، فإنهم غالبا ما يؤخرون منحه إذنا، مسببين له خسارة اقتصادية كبيرة. وأضاف العايب أنه عدة مرات، بعد منحه الإذن الشفهي بالمغادرة، حذرته الشرطة بأنه عرضة لخطر الاعتقال إذا ما منعه غيابه من التوقيع لدى الشرطة في الوقت المعين، وهو، كما زعموا، ما من شأنه أن يشكل انتهاكا لمراقبته الإدارية. وذات مرة، حسب العايب، حذرته الشرطة من أنه يمكنهم منحه تصريحا شفهيا للسفر ومن ثم إلقاء القبض عليه، لأنه في كل الحالات لن يكون لديه أي دليل على أنهم قد سمحوا له بمغادرة.[22]
خليل عبد السلام غرسلاوي
غرسلاوي، أحد سكان صفاقس، ضابط سابق في الجيش التونسي. في عام 1990، على حد قول غرسلاوي، نقلت السلطات النشطاء من الطلاب الجامعيين الذين اعتقلتهم إلى نوع من مخيم العمل، وأمرت الجنود، بما في ذلك غرسلاوي، بمراقبتهم. وقال غرسلاوي إنه عندما عصى أوامر بضرب الطلاب، انتقلت القوات المسلحة إلى إلقاء القبض عليه. فهرب إلى ليبيا في مايو/أيار عام 1990 حيث مكث لمدة 10 أيام حتى سلمته السلطات هناك لتونس. حُوكم من طرف محكمة عسكرية حكمت عليه بـ 20 عاما في السجن بتهمة تسليم أسرار الدولة إلى دولة أجنبية. لم يتضمن الحكم حكما إضافيا بالمراقبة الإدارية. وقال غرسلاوي إن السلطات تشتبه في كونه عضوا في حركة النهضة، وهو ما نفاه. ومع ذلك، يدعي أن هذا هو السبب الذي جعلهم يحتجزونه في سجن مدني وليس في سجن عسكري. في عام 2007، بعد أن أمضى 17 عاما، أطلق سراح غرسلاوي بشروط. وعلى الرغم من عدم وجود قرار بالمراقبة الإدارية في حقه، فإن رئيس الشرطة في صفاقس أبلغه بأن يُخطره في أي وقت يُغادر صفاقس. وقال غرسلاوي إنه عندما يطلب إذنا بالمغادرة، تقوم الشرطة بتعقيد العملية، مما يضطره إلى الانتظار لساعات قبل السماح له بالمغادرة. بعد أن تحمل هذا لبعض الوقت، رفض طلب الإذن مرة أخرى، على الرغم من أن هذا تسبب لعائلته في استمرار الشرطة في السؤال عن مكان وجوده كلما تبين أنه سافر دون موافقتهم.[23]
الهادي التريكي
في محاكمة جماعية لعام 1992، حكمت محكمة باب سعدون العسكرية بتونس على التريكي بـ 10 سنوات وشهرين في السجن وخمس سنوات من المراقبة الإدارية بعد الإفراج عنه. التريكي، من سكان مدينة صفاقس ومهندس، أفرج عنه في 23 مارس/آذار، 2002. التريكي عضو نشيط في مجموعة حقوق الإنسان (الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين في تونس). ومنذ انتهاء مدة مراقبته الإدارية في عام 2007، لا تزال الشرطة تُقيد حركته بشكل منتظم عن طريق منعه من مغادرة منزله لحضور اجتماعات مع نشطاء ومنظمات حقوق الإنسان.[24] محمد عبّو المحامي الذي غالبا ما يترافع في قضايا تتعلق بالسجناء السياسيين وهو نفسه أحد منتقدي ممارسات الحكومة في مجال حقوق الإنسان، وضع محمد عبّو يوضح القيود المفروضة على السجناء السياسيين السابقين حتى عندما لا يكون هناك حكماً بالمراقبة الإدارية، وهو الأساس القانوني المعتاد لمثل هذه القيود. حُكم على عبّو بثلاث سنوات ونصف في السجن في أبريل/نيسان 2005. وحُكم عليه بـ 18 شهرا بسبب تنديده بالتعذيب في تونس في مقال له نشر على الإنترنت في عام 2004 وبسنتين بدعوى الاعتداء على محامية في يونيو/حزيران 2002. كان قد قضى 28 شهرا من مدة عقوبته، عندما مُنح الإفراج المشروط في 27 يوليو/تموز 2007. انتهت فترة إطلاق سراحه المشروط في أغسطس/آب 2008، لدى انتهاء الحكم الأصلي. خلال فترة إطلاق سراحه المشروط، أُرجع من المطار ثلاث مرات عندما حاول السفر إلى الخارج، على الرغم من عدم وجود أية أوامر مكتوبة بمنعه من مغادرة البلاد. منذ أغسطس/آب 2008 – أي بعد انقضاء فترة الإفراج المشروط – أرجعت السلطات عبو من المطار أربع مرات أخرى. في المرة الأولى التي حدث فيها هذا، طالبته سلطات المطار بالإدلاء بدليل مكتوب على أن مدة إطلاق سراحه المشروط قد انتهت قبل أن يسمحوا له بالسفر. ومع ذلك، وفقا لعبو، هذه الوثيقة ليست من النوع الذي من المعروف أن وزارة العدل تُصدرها. وآخر مرة أُعيد فيها من المطار كانت في 6 مارس/آذار 2009. بالإضافة إلى منعه تعسفا من السفر إلى الخارج، قيدت الشرطة تنقل عبو داخل تونس، في محاولة لخنق نشاطه السياسي والحقوقي. في 14 مارس/آذار، 2009، وبعد انتهاء مدة إطلاق سراحه المشروط بفترة طويلة، قاد عبو سيارته في اتجاه الشابة في ولاية المهدية، حوالي 200 كيلومتر إلى الجنوب الشرقي من منزله في تونس، لإلقاء محاضرة في ندوة حول حرية الصحافة. تتبعه رجال الشرطة الذين كانوا يركبون ثلاث دراجات نارية وسيارة واحدة على طول الطريق، وأحاطوا به في نهاية المطاف، ومنعوه من المشاركة في الندوة، وأجبروه على الرجوع بمبرر أنه « لم يُسمح له بمغادرة تونس ».[25] كما منعوا أيضا محاضراً آخر، الصحفي المستقل لطفي حجي، من الوصول إلى المكان.
الطاهر الحرّاثي
في محاكمة جماعية للمشتبه أنهم قادة وأعضاء حركة النهضة، حكمت المحكمة العسكرية في بوشوشة في تونس، عام 1992، على طاهر الحرّاثي، وهو من سكان سيدي عمر بوحجلة في ولاية القيروان، بـ 21 عاما في السجن وبخمس سنوات من المراقبة الإدارية للمشاركة في مؤامرة مزعومة للإطاحة بالحكومة. في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2005، حصل على إفراج مشروط في إطار عفو رئاسي. طالبته الشرطة مباشرة بعد الإفراج عنه بالتوقيع بانتظام لدى مركز الشرطة في بوحجلة حتى ديسمبر/كانون الأول 2007. وفي سبتمبر/أيلول 2006، طلب إذنا للتوجه إلى تونس لزيارة شقيقته، التي تعرضت لحادث. لما رفضت الشرطة، ذهب على أية حال وبقي هناك لمدة أسبوع. لدى عودته، أُعتقل وحكم عليه بشهرين في السجن لمخالفة أحكام مراقبته الإدارية. وفي ديسمبر/كانون الأول 2007، أوقفته الشرطة لتُرغمه على التوقيع لدى مركز الشرطة المحلية، ولكنهم أخبروه شفهيا أنه لا يزال يتعين عليه إخطارهم إذا كان يرغب في السفر خارج منطقة القيروان. وقال الحرّاثي إنه من أجل زيارة ابنته في سوسة، حيث تدرس، عليه أن يطلب تصريحا من الشرطة، وعادة ما يحصل عليه. وقال، مع ذلك، وعندما يقوم بذلك، فإن شرطة مدينة سوسة يتم إخطارها على الفور بأنه يتجه إلى هناك. في عام 2007، نشر الحارثي مشكلته على موقع تونس نيوز. وعلى الفور استدعته الشرطة، وحذروه، بدعوى أنه يشوه صورة تونس. فتوقف عن الكتابة بعد ذلك.[26]
التوقيع لدى الشرطة
بالإضافة إلى المشكلة التي يُمثلها إعطاء الشرطة أوامر شفهية للسجناء السابقين وليس كتابة، فإن مضمون تلك الأوامر يضع عبئا ثقيلا على السجناء السابقين. مثال على ذلك هو مطالبة السجناء السابقين بالتوقيع لدى مراكز الشرطة وفقا لجدول زمني محدد، على الرغم من أن القانون الذي يحدد المراقبة الإدارية لا يذكر أي شرط بالتوقيع. شروط التوقيع تتراوح ما بين مرة واحدة في الشهر ومرات متكررة تصل إلى أربعة مرات في اليوم (أنظر، على سبيل المثال، قضية محمد عمار، أدناه). بعد فترة وجيزة من الإفراج عن السجناء السياسيين، يخبرهم رجال الشرطة في مدن إقامتهم ,عادة ما يخبرونهم شفهيا, بأنه يجب عليهم التوقيع عددا معينا من المرات يوميا أو أسبوعيا لدى مراكز محددة للشرطة. وقال محامون لـ هيومن رايتس ووتش، لا يوجد أي أساس في القانون التونسي لفرض هذا الشرط. علاوة على ذلك، لم تسلم أية نسخة مكتوبة من شروط التوقيع هذه للطرف المتضرر، وفقا للسجناء السابقين الذين استجوبناهم، ولم تتم الإشارة إليها في أية وثيقة أمر بالمراقبة الإدارية.[27] فرضت السلطات هذا الشرط بالتوقيع على كل السجناء السياسيين السابقين الذين كانوا تحت أحكام قضائية مفروضة بالمراقبة الإدارية، وعلى أولئك الذين ليسوا كذلك. في يوليو/تموز 2009، أرسلت هيومن رايتس ووتش رسالة، مرفقة بهذا التقرير، إلى الحكومة التونسية تطلب منها توضيح الأساس القانوني لمثل هذه الأوامر، ولكن لم تتلق أي رد. شرط التوقيع، في أكثر جوانبه مشقة، يُعرقل جوانب أساسية من حياة السجناء السابقين، مثل القدرة على الحفاظ على عمل أو مواصلة تعليمهم، كما هو مبين أدناه. وهناك عدد من السجناء السابقين رفضوا أوامر التوقيع، بدعوى أن الأوامر غير قانونية. عندما حُوكموا من أجل فعل العصيان هذا، بعض السجناء السابقين حصلوا علي أحكام لصالحهم في المحكمة (انظر أدناه، على سبيل المثال، قضية علي الرواحي)، في حين أن آخرين تمت إدانتهم، وعادوا إلى السجن (انظر أدناه، على سبيل المثال، حالة الهادي التريكي). هناك حالات حيث أوقفت الشرطة أمر السجناء السابقين بالتوقيع بعد أن رفضوا الامتثال على أساس أنه غير قانوني (انظر أدناه، على سبيل المثال، عبد الكريم الهاروني ورضا البوكادي)، أو بعد حصول السجناء السابقين علي أحكام لصالحهم في المحكمة، على النحو المشار إليها أعلاه.
عبد الكريم الهاروني
أمرت الشرطة شفهيا عبد الكريم الهاروني بالتوقيع كل يوم لدى مركز شرطة الكرم حتى تنتهي مدة مراقبته الإدارية في نوفمبر/تشرين الثاني 2009. رفض الهاروني الامتثال، واصفا هذا الطلب بغير القانوني. في حين أنه لم تتم بعد مقاضاته بفعل التحدي هذا، فإن الشرطة قد أبقته تحت مراقبة صارمة، لدرجة أن ثلاثة من رجال الشرطة في كثير من الأحيان يقفون كحراس أمام منزله، ويتتبعونه كلما غادر المنزل.[28] محفوظ العيّاري أمرت الشرطة شفهيا العيّاري بالتوقيع لديهم كل يوم في مركز منزل بورقيبة خلال السنة الأولى بعد الإفراج عنه في عام 2008، ومن ثم أسبوعيا خلال السنة الثانية. ولم يقدموا له أبدا أية نسخة مكتوبة من تعليمات التوقيع، وفقا لأمه، يمينة العيّاري.[29]
عبد الباري العايب
أمرت الشرطة شفهيا العايب، من بنزرت، بالتوقيع يوميا بعد خروجه من السجن في مايو/أيار 2008. العايب أبلغ هيومن رايتس ووتش أن الشرطة استجوبت أيضا الأصدقاء الذين طلب منهم مراقبة متجره حين يذهب لتنفيذ شرط التوقيع، مما جعلهم يشعرون بالقلق من مساعدة العايب حينما يغادر. هذا أدى إلى اضطراره إلى إغلاق متجره لفترات خلال النهار، وبالتالي خسارة التجارة.[30]
أحمد المُقعّدي
قضى المُقعّدي، أحد سكان بنزرت، ثلاث سنوات في السجن من أغسطس/آب2005 إلى أغسطس/آب 2008 في إطار قانون مكافحة الإرهاب للعام 2003، بدأ بعدها ثلاث سنوات من المراقبة الإدارية. تلقى المقعدي وثيقة مكتوبة تفيد شروط المراقبة الإدارية، والتي تحدد عنوان إقامته، وقال إنه لا يمكنه تغييره دون الحصول أولا على تصريح. وأضافت شرطة بنزرت شفهيا تعليمات بالتوقيع يوميا حتى تنتهي عقوبة المراقبة الإدارية في عام 2011.[31]
محمد عمّار
عمّار، مقيم في تونس، حكم عليه بـ 12 عاما في السجن في عام 1994 للعضوية في منظمة غير مشروعة، وهي حركة النهضة، وتكوين « عصابة إجرامية »، وحيازة أسلحة. أفرج عنه في عام 2006، وهو الوقت الذي بدأ فيه عقوبة عامين من المراقبة الإدارية. وقال عمار إن الشرطة طلبت منه شفويا بالتوقيع أربع مرات يوميا، وآخر مرة تتم في وقت متأخر من الليل. وحتى بعد انتهاء مدة المراقبة الإدارية، لا تزال الشرطة تطالبه بالتوقيع مرة واحدة في الأسبوع.[32]
محمد صالح القليعي
ألقي القبض على القليعي، وهو حاليا عامل بمحل للبقالة في السوق المركزي في بنزرت، يوم 13 سبتمبر/أيلول عام 1991 وأمضى شهرين في الاعتقال السابق للمحاكمة. حُوكم وأدين بتهمة الانتماء إلى تنظيم غير مشروع (حركة النهضة)، وحصل على حُكم بثلاثة سنوات ونصف في السجن. وأطلق سراحه يوم 24 أبريل/نيسان، 1995. على الرغم من أنه لم يكن محكوما عليه بالمراقبة الإدارية بعد الإفراج، إلا أن الشرطة أجبرته على التوقيع مرة واحدة يوميا بالقرب من منزله حتى عام 2000. بعد أن وجد عملا، تغير هذا الشرط إلى مرتين يوميا، ما نتج عنه، يقول القليعي، فصله من وظيفته. وقال، بالإضافة إلى ذلك، فإن صاحب العمل في ذلك الوقت تعرض لاستجواب من قبل الشرطة لأنه شغله. القليعي،[33] قال، إن الشرطة لم تعد تطالبه بتوقيع بالتوقيع وأنهم لا يزعجون صاحب العمل الحالي.
الهادي التريكي
عندما غادر الهادي التريكي السجن في مارس/آذار 2002، فإن شروط قرار الخمس سنوات من المراقبة الإدارية تُلزمه بالإقامة في صفاقس. الشرطة في تلك المدينة طلبت منه شفهيا التوقيع هناك، أولا على أساس يومي، ثم أسبوعي في وقت لاحق. كما أخبروه بأنه لا يستطيع مغادرة البلدة من دون إذنهم. ولكن التريكي لديه أيضا ارتباطات في مدينة المهدية، مركز الولاية على بعد حوالي 55 ميلا شمال صفاقس. شرطة المهدية أبلغته بأن عليه التوقيع هناك وكذلك في صفاقس. التريكي قرر الامتثال لأوامر شرطة صفاقس ولكن ليس لأوامر شرطة المهدية. في نوفمبر/تشرين الثاني 2002، حكمت محكمة على التريكي بثلاثة أشهر في السجن بتهمة عصيان أوامر التوقيع في المهدية على الرغم من حقيقة أنه كان يوقع الحضور يوميا في صفاقس. التريكي تمت تبرئته في الاستئناف، بعد الحصول على ورقة من شرطة صفاقس تُؤكد أنه كان يُمضي هناك.[34]
رضا البوكادي
البوكادي، مقيم في أريانة، وعمل سابقا في مجال تكنولوجيا المعلومات. في عام 1992، أدين غيابيا بتهمة العضوية في حركة النهضة في محاكمة جماعية لقادة وأعضاء هذه الحركة في باب سعدون. ألقي القبض عليه في ليبيا في عام 1996، وأُعيد إلى تونس، حيث سُجن. البوكادي أمضى ما مجموعه 13 عاما في السجن، يقول بأنه أُدخل إلى المستشفى خلالها نتيجة التعذيب الذي تعرض له على أيدي ضباط من وزارة الداخلية. البوكادي مُنح الإفراج المشروط في العفو الرئاسي الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2008، وبدأ يقضي خمس سنوات من المراقبة الإدارية. بعد إطلاق سراحه، ذهب البوكادي إلى مركز الشرطة في حي النصر لاستخراج بطاقة الهوية الوطنية. أبلغه قائد الشرطة في ذلك الحين بأنه يجب عليه التوقيع هناك يوميا. البوكادي رفض على أساس أن هذا الأمر لا يمكن العثور عليه في وثيقة المراقبة الإدارية. غادر دون الحصول على بطاقة هويته، لكنه تمكن في النهاية من الحصول عليها في 30 مارس/آذار، 2009. في ذلك اليوم، ومع ذلك، مسؤول أمني مسؤول عن منطقة أريانة أكد من جديد للبوكادي أن عليه التوقيع يوميا لدى الشرطة. وطلب المسؤول من البوكادي التوقيع على بيان مكتوب مفاده أنه وافق على التوقيع لدى الشرطة. ويذكر البوكادي، « قلت لهم إنني رفضت التوقيع على مثل هذا البيان لأنه يحتوي على أشياء لم أقلها. ما قلته هو ‘أني ألتزم باحترام القانون، وأني أُطيع ما هو محدد في قرار قضائي وليس أكثر’. وبعد أن رفضت التوقيع حذروني بأنه يُمكن أن أُحاكم لرفضي الانصياع، ولكنهم سمحوا لي بالرحيل ».[35] وقال البوكادي إن قائد الشرطة في حي النصر أمره أيضا بأن يُخطر الشرطة كلما رغب في السفر خارج تونس الكبرى. وقال إنه سوف يرفض هذا الأمر كذلك طالما أنه شفهي ودون أي أساس قانوني. في وقت استجوابه مع هيومن رايتس ووتش لم يسافر البوكادي خارج تونس الكبرى منذ خروجه من السجن. يزور رجال شرطة بزي مدني بانتظام أقارب البوكادي ويسألونهم عن مكان وجوده ويأمرونهم بأن يقولوا له أن يحضر إلى مركز الشرطة. ولأنهم لم يتركوا أي استدعاء كتابي، رفض البوكادي الامتثال.[36]
علي الروّاحي
في عام 1994، أدين الرواحي، وهو مقاول، بتهمة العضوية في حركة النهضة وحكم عليه بتسع سنوات في السجن، مع خمس سنوات إضافية من المراقبة الإدارية. عندما أُطلق سراحه في عام 2003، أبلغته الشرطة في بنزرت شفهيا أن وزارة الداخلية أمرت بأنه لا يجب عليه مغادرة ولاية بنزرت، وأنه يجب عليه التوقيع بانتظام لدى الشرطة. كما في حالات أخرى، لم يظهروا له أي أمر مكتوب. بعد ما رفض الروّاحي التوقيع لدى الشرطة، اعتقل لانتهاكه شروط مراقبته الإدارية، بعد شهر واحد فقط بعد الإفراج عنه. في النهاية تمت تبرئته، ولكن فقط بعد أن أمضى أسبوعين في السجن في انتظار المحاكمة. وفقا للرويحي، استأنفت السلطات قرار براءته والقضية لم تُغلق قط، ولكن الشرطة لم تعد تلزمه بالتوقيع على الرغم من أنهم لا يزالون يراقبونه عن كثب. في عام 2003، تقدم الروّاحي بطلب للحصول على جواز سفر من أجل السفر إلى فرنسا لزيارة شقيقه المريض. بعد عدم تلقي أي رد على طلبه، عبر الروّاحي بطريقة غير مشروعة الحدود إلى الجزائر، حيث أُعتقل وحُكم عليه بعامين وشهرين في السجن بتهمة السفر بجواز سفر مُزيف. حاول عبثا الحصول على اللجوء السياسي في الجزائر. كما رفضت السلطات الجزائرية السماح له بالسفر إلى مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الجزائر، والتي تتوفر على ملف قضيته. عندما تم ترحيل الروّاحي إلى تونس، أمضى ثلاثة أيام في عهدة وزارة الداخلية. أدين بتهمة عصيان شروط مراقبته الإدارية وحُكم عليه بعقوبة رمزية قدرها 4.8 دينار (حوالي 3.50 دولارات أمريكية).[37] في 8 مارس/آذار 2010، لم يكن الروّاحي قد حصل على جواز سفر بعد.
عبد اللطيف بوحجيلة
في نوفمبر/تشرين الثاني 2000، حكمت المحكمة على عبد اللطيف بوحجيلة بالسجن لمدة 17 عاما بتهمة تأسيس منظمة إسلامية، الأنصار، التي تسعى إلى المساس بأمن الدولة. في عام 2002، خفضت محكمة الاستئناف عقوبته السجنية إلى 11 عاما. أطلق سراحه بعفو رئاسي في نوفمبر/تشرين الثاني 2007، وبدأ يقضي عقوبة خمس سنوات من المراقبة الإدارية. بوحجيلة قال إنه عند الإفراج عنه قال له رئيس الشرطة في مقرين، في ولاية بن عروس حيث يقيم، إنه يجب عليه التوقيع لدى مركز الشرطة. وقال بوحجيلة إنه رفض التوقيع لأنه لم يتلق أي أمر مكتوب بهذا الشأن. ثم هدده رجال الشرطة بتقديم التقرير واعتقاله مرة أخرى. في أواخر عام 2008، خاض بوحجيلة شهرين من الإضراب عن الطعام أساسا للحصول على العلاج الطبي لمختلف أمراضه، بل أيضا للحصول على جواز سفر، وإلغاء أوامر بأن يُمضي لدى الشرطة. لم يتلق أي رد رسمي على مطالبه.[38]
المراقبة
خلال فترة المراقبة الإدارية، وفي بعض الحالات حتى بعد أن انتهت مدتها، يواجه العديد من السجناء السياسيين السابقين مراقبة مستمرة ومربكة من قبل ضباط أمن الدولة في زي مدني. هيومن رايتس ووتش تحدثت إلى العديد من المواطنين الذين شكوا من أن الوجود المستمر لضباط أمن الدولة حول بيوتهم وأماكن عملهم أربك حياتهم اليومية. وقالوا إن أرباب العمل المحتملين لم يتشجعوا لتشغيلهم خشية أن تضر مراقبة الشرطة التي يجلبونها بأعمالهم. محامون مثل محمد عبو قالوا إنهم فقدوا زباءنهم الذين كانوا يخشون أن يأتوا إلى مكتبه بسبب رجال الأمن المتمركزين خارج المبنى حيث مكتبه في وسط مدينة تونس. أحد السجناء السابقين الذي فضل عدم الكشف عن اسمه تحدث عن كيف أنه أصبح منبوذا، يتجنبه الجيران وحتى الأسرة بسبب الوجود المستمر والترهيبي للشرطة. في كثير من الأحيان، تستجوب الشرطة أفراد الأسرة والجيران عن السجناء السياسيين السابقين، وتسألهم عن مكان وجودهم أو حالة عملهم. بالإضافة إلى محمد عبو، من بين السجناء السابقين الذين هم عُرضة لمراقبة شبه مستمرة وواضحة جدا، عبد الكريم الهاروني، كبير أعضاء حركة النهضة حبيب اللوز، عبد الله الزوّاري، والصحافي سليم بوخذير.[39] السجناء السابقون لا يمكن لهم التظلم ضد مراقبة مكثفة من هذا القبيل – إذ لا توجد سلطة يمكنهم أن يشتكوا لها، نظرا لأنهم لا يستطيعون تحديد من هو المسؤول عن المراقبة التي يقوم بها عملاء يرتدون لباس الشارع ولا يحملون أي شارات.[40]
التمديد التعسفي للمراقبة الإدارية
في حالة واحدة، علمت هيومن رايتس ووتش أن الشرطة تواصل تطبيق تدابير المراقبة الإدارية على سجناء سابقين حتى بعد انتهاء العقوبة المفروضة قضائيا. هذه هي حالة عبد الله الزوّاري، الذي أطلق سراحه من السجن في يونيو/حزيران 2002، وبدأ يقضي خمس سنوات من المراقبة الإدارية. طبقا لما يمليه الأمر بمراقبته، كان من المقرر أن يُنفى الزوّاري إلى قرية الشمّاخ النائية في ولاية جرجيس. يوم 5 يونيو/حزيران 2007، وبينما تنتهي الخمسة أعوام وهي فترة المراقبة الإدارية، استدعاه قائد الشرطة بمركز شرطة حاسي الجربي وأبلغه شفهيا بأن نفيه إلى جرجيس جرى تمديده لمدة 26 شهرا. ولم يتلق الزوّاري أبدا أي مبرر مكتوب لهذا التمديد ولم يعلم قط أساسه القانوني. انتهى تمديد الـ 26 شهرا في أغسطس/آب 2009، ولكن بالرغم من ذلك تُواصل الشرطة في زي مدني مراقبة ومضايقة الزوّاري.[41]
عقبات أمام التشغيل
من بين أكبر التحديات التي تواجه السجناء السياسيين السابقين هي العثور على عمل. تقريبا جميع الذين عملوا في القطاع العام، بمن في ذلك المعلمون، فقدوا تلقائيا وظائفهم وقت إدانتهم وليست لديهم أية فرصة لاستعادتها. يخرجون من السجن بعد أن تخلفوا في مجالاتهم، ويواجهون سوقا حيث يجب عليهم أن يتنافسوا فيه مع الباحثين عن عمل والذين ليس لديهم سجل السجن كوصمة عار في سيرهم الذاتية. إذا لم يكن الحصول على وظيفة بالفعل صعبا بما فيه الكفاية بالنسبة للسجناء السياسيين السابقين، فإن الشرطة، حسبما ورد، تضغط على أرباب العمل في القطاع الخاص كي لا يوظفوهم. عدد قليل من أرباب العمل على استعداد للتحدث بصراحة عن الزيارات والأسئلة التي تلقوها من الشرطة، ولكن عددا من السجناء السابقين قدموا شهادات متطابقة حول ما أخبرهم به أرباب العمل عن زيارات من عناصر الشرطة الذين نصحوهم بإقالة أو عدم توظيف السجناء السياسيين السابقين . كثير من السجناء السياسيين السابقين يعيشون في فقر مدقع، لإنهم غير قادرين على العثور على عمل، وغير قادرين على إعالة أسرهم. صلاح الدين العلوي، والطاهر الحرّاثي هما من بين الذين يقولون إنهم حرموا من العمل نتيجة لضغط مباشر من جانب الشرطة على أرباب العمل ويعانون من عجز مالي. كثير من السجناء السابقين اختاروا التشغيل الذاتي سواء من خلال فتح محلات صغيرة أو مقاولات تجارية لأنهم مقصيّون من وظائف القطاع العام وغير قادرين على الحصول على شغل من قبل أرباب العمل في القطاع الخاص. لكن الأجهزة الأمنية تدخلت حتى في هذا، كما هو الحال مثلا في حالة الهادي التريكي، أدناه.
محمد عمار
قبل إلقاء القبض عليه في عام 1994، عمل عمار سائقا لسيارة أجرة في تونس. حاول تجديد رخصة سيارته بعد خروجه من السجن، لكنها صودرت منه وتم رفض تجديد الترخيص. على الرغم من إضرابه عن الطعام من 13 يونيو/حزيران حتى 19 يوليو/تموز 2008، رفضت السلطات أن تصدر له الرخصة. وذكر عمار أن الشرطة أبلغته بأن سبب رفض منحه الرخصة هو أنه يشكل خطرا على النظام العام، على الرغم من أنهم لم يوفروا له أي دليل لتبرير هذا الاستنتاج.[42]
الهادي التريكي
عند إلقاء القبض عليه تمت مصادرة كل من الشهادات الهندسية للتريكي ووثائقه الشخصية، وبطاقة الهوية. بعد إطلاق سراحه في عام 2002، أمضى ثلاث سنوات بدون بطاقة الهوية، لأن الشرطة في صفاقس رفضوا أن يصدروا واحدة له. وفي النهاية استطاع تأمين واحدة من مركز الشرطة بالمهدية. غير قادر على العثور على وظيفة بعد إطلاق سراحه، فتح التريكي مشروعا صغيرا لبيع الدجاج في عام 2003. وقال التريكي، إنه لم يمض وقت طويل بعد ذلك، حتى جاء قائد شرطة صفاقس لمتجره وأمره بإغلاقه دون تقديم أي تبرير. خاض التريكي شهرا من الإضراب عن الطعام احتجاجا على ذلك، وبعده تراجعت السلطات.[43]
لطفي بوزيّان
حُكم على بوزيّان بثماني سنوات في السجن في عام 1990 بتهمة العضوية في حركة النهضة. وقال بوزيان إنه أُفرج عنه في عام 1998 وقضى سنتين من المراقبة الإدارية، وخلالها طلبت منه الشرطة أن يُمضي ست مرات في اليوم في أماكن مختلفة، وعرضوه للاعتداء إن وصل في وقت متأخر. مع تكرار مثل هذه التوقيعات، لم يستطع الحصول على أية وظيفة. كان قد فقد وظيفته لدى وزارة النقل بناء على إدانته، وأصبح غير قادر على استعادتها بعد إطلاق سراحه. ولم يتمكن من العثور على عمل منذ ذلك الحين.[44]
الحرمان من جواز السفر
العديد من السجناء السياسيين السابقين يواجهون صعوبة في الحصول على جوازات سفر. البعض، مثل حدّة العبدلي، المقيمة في المروج الرابع بالقرب من تونس العاصمة، كانت تتقدم بطلب للحصول على جواز سفرها منذ عام 2000 من أجل أداء مناسك الحج في مكة. آخرون، مثل سمير قفصي، يريد زيارة الأقارب الذين يعيشون في الخارج. الدستور التونسي يقر بالحق في السفر في الفصل 10، الذي ينص على أن « لكل مواطن حرية التنقل داخل البلاد أو خارجها واختيار مقر إقامته في حدود القانون ». الحق في السفر هو أيضا مكفول في المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صدقت عليه تونس في عام 1969. القانون الرئيسي الذي يُنظم إصدار وثائق السفر هو القانون رقم 40-75 الصادر في 14 مايو/أيار 1975، والذي يجيز لوزارة الداخلية منع جوازات السفر في بعض الحالات.[45] هذا القانون تم تعديله بالقانون رقم 77-98 المؤرخ في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1998 ليعطي القضاة السلطة الوحيدة على جميع القرارات تقريبا بإلغاء جوازات سفر سارية المفعول أو لمنع شخص ما لديه جواز سفر ساري المفعول من مغادرة البلاد.[46] المادة 13 من القانون 40-75 تنص على أن لكل مواطن تونسي الحق في الحصول على وتجديد أو تمديد صلاحية جواز سفره إلا في ظل استثناءات معينة، من بينها « بطلب من النّيابة العموميّة، إذا كان الرّاغب محلّ تتبّعات عدليّة أو مفتّش عليه من أجل جناية أو جنحة، أو يقضي عقوبة بالسجن إثر محاكمة » أو « إذا كان السّفر من شأنه النّيل من النّظام والأمن العامين ومن سمعة البلاد التونسيّة ».[47] لا يوجد أي قانون يحرم السجناء السابقين من الحق في الحصول على جواز سفر. ولا يوجد أي شيء في القانون الذي يحكم المراقبة الإدارية يفيد بأن الأشخاص في ظل هذا النظام لا يحق لهم الحصول على جوازات سفر أو ممنوعين من السفر إلى الخارج، على الرغم من أن صيغة القانون تعني أن هناك حاجة لإذن من السلطات للسفر إلى الخارج من قبل شخص تحت المراقبة الإدارية. ومع ذلك فالمعتاد أن يواجه السجناء السياسيون السابقون عقبات خارج نطاق القضاء عندما يتقدمون بطلب للحصول على جوازات سفر. كما هو مبين في الحالات التالية، أحيانا يرفض ضابط في مركز الشرطة المحلية حتى تسلم طلب السجين السابق. في حالات أخرى، يتم تسلم الطلب ولكن بعد ذلك تكون النتائج إما رفض من وزارة الداخلية أو بدون أي رد على الإطلاق، أو رفض شفوي من ضابط في مركز الشرطة المحلية دون أية إشارة إلى أن الطلب قد أُرسل وبتت فيه المصالح المكلفة بمعالجة طلبات جوازات السفر. الوزارة نادرا ما تقدم تبريرا رسميا لحرمان السجناء السابقين من جوازات سفرهم ما لم يكن مقدم الطلب يتابع هذه المسألة أمام محكمة إدارية. وحتى لو فاز سجين سابق بحكم محكمة إدارية بأن عدم تسليم الوزارة جواز سفر أمر غير مشروع، فهذا لا يضمن أن الوزارة سوف تمتثل للحكم القضائي عن طريق إصدار جواز سفر للمدعي. والنتيجة هي أن هناك عشرات من السجناء السابقين الذين حُرموا تعسفا من جواز السفر لسنوات، وفي بعض الحالات لأكثر من عقد من الزمان. من بين السجناء السابقين الذين أتموا طلب الحصول على جواز سفر لكنهم لم يتلقوا ردا:
عمر الصالحي
أحد سكان بنزرت، أدين الصالحي في عام 1994، بتهمة الانتماء إلى عصابة إجرامية/مؤسسة وحكم عليه بتسع سنوات في السجن. أفرج عنه في عام 2001 بعفو رئاسي، وبدأ يقضي خمس سنوات من المراقبة الإدارية. في عام 2006، بعد انتهاء فترة مراقبته الإدارية، قدم طلبا للحصول على جواز سفر (ملف رقم 276) لدى مركز الشرطة في الروابي في بنزرت. ظل ينتظر ردا لمدة ثلاث سنوات، والشرطة يقولون له بأن يعود في وقت لاحق كل مرة كان يستفسر فيها عن طلبه.[48]
حدّة بنت رمضان بن خالد العبدلي
أحد سكان المروج الرابع في ولاية بن عروس، العبدلي حكم عليها بـ 15 عاما في السجن، الحكم الأطول الصادر في حق امرأة عضو حركة النهضة، بتهمة خلق والمشاركة في مؤسسة إجرامية. قضت خمس سنوات وأفرج عنها في عام 1999. وفقا للعبدلي، استندت إدانتها ليس على أكثر من ما بذلته من جهود لجمع التبرعات لمساعدة أسر السجناء. العبدلي تقدمت بطلب للحصول على جواز سفر أولا في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2000 (ملف رقم 14805)، و لم تتلق أي رد. في 30 مارس/آذار 2006، تقدمت مرة أخرى بطلب كانت له نفس النتيجة. ومنذ ذلك الحين بعثت برسائل تطلب فيها الحصول على جواز سفر إلى الرئيس زين العابدين بن علي وإلى الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وهي مؤسسة حكومية من ضمن مهامها تلقي الشكاوى الفردية. في 7 يونيو/حزيران 2008، وردا على شكوى كانت قد تقدمت بها إلى المحكمة الإدارية في تونس يوم 17 مارس/آذار من ذلك العام، ذكرت وزارة الداخلية أن قضيتها (رقم 14805) « لا تزال قيد البحث » – ثماني سنوات من تاريخ تقدمها بها للمرة الأولى.[49]
سمير القفصي
في 23 أبريل/نيسان، 2006، ألقي القبض على القفصي في مطار تونس لدى وصوله من ألمانيا. وقال، إن محكمة أدانته وحكمت عليه بستة أشهر في السجن، بتهمة عدم إبلاغ الشرطة عن الأنشطة غير القانونية للأشخاص الذين كان يعرفهم والذين أدينوا في وقت لاحق بموجب قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال عام 2003. صادرت الشرطة جوازي سفر القفصي التونسي والألماني على حد سواء عند إلقاء القبض عليه، وبالتالي منعته من العودة إلى ألمانيا حيث عاش وحيث تقطن عائلته. في حين استطاع تأمين جواز سفر ألماني آخر بعد إطلاق سراحه في أكتوبر/تشرين الأول 2006، فإن السلطات التونسية لم تمنحه بعد جواز سفره التونسي، وهو الوثيقة المطلوب الإدلاء بها كمواطن تونسي عند مغادرة البلاد. وهو يقيم حاليا في بنزرت.[50] في مرات أخرى فإن طلبات السجناء السابقين للحصول على جواز سفر رُفضت من قبل الشرطة المحلية شفهيا دون إشعار رسمي، كما هو الحال بالنسبة للأشخاص التاليين:
علي الروّاحي
كما ذكر سابقا، حُكم على الروّاحي بتسع سنوات في السجن بتهمة العضوية في حركة النهضة مع خمس سنوات إضافية من المراقبة الإدارية. بعد انقضاء مدة مراقبته الإدارية في عام 2008، تقدم الروّاحي بطلب للحصول على جواز سفر من أجل زيارة شقيقه المريض في فرنسا. وقال إنه تلقى رفضا شفهيا من الشرطة المحلية دون أي تفسير، ولا يزال لم يحصل على جواز سفر إلى حدود إرسال هذا التقرير إلى المطبعة.[51] لطفي العمدوني العمدوني، أحد سكان تونس، أطلق سراحه من السجن في عام 2005، ويقضي حاليا عقوبة خمس سنوات من المراقبة الإدارية. تقدم بطلب للحصول على جواز سفر في 7 أغسطس/آب 2005 ولكن الشرطة رفضت أن تتسلم طلبه. وبعد شهر تسلموا طلبه للحصول على جواز سفر دون إعطائه إيصالا بذلك، ولكنه لم يتلق أي رد على الطلب على مدى أربع سنوات بعد ذلك. العمدوني يُصر على أن رجال الشرطة قالوا له إنه إذا تخلى عن أنشطته مع مجموعة حقوق السجناء، الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، فسيتم منحه جواز السفر.[52] وثقت هيومن رايتس ووتش أيضا حالات منعت فيها الشرطة طالبي جواز سفر حتى من تقديم طلباتهم.
الهادي التريكي
حاول التريكي التقدم بطلب للحصول على جواز سفر في عام 2004 لدى مركز الشرطة في سوق الزيتون في صفاقس. الشرطة هناك طلبت منه عدم ترك طلبه لأنه سيُرفض. وفقا للتريكي، فإن الشرطة هناك أبلغته أنه ليس له الحق في الحصول على جواز سفر. منذ ذلك الحين حاول تقديم الطلب ثلاث مرات وحصل على نفس النتيجة.[53]
إبراهيم السعيداني
السعيداني، من سكان تونس، حُكم عليه بعشر سنوات في السجن وخمس سنوات من المراقبة الإدارية خلال محاكمة باب سعدون لعام 1990. أُطلق سراحه من السجن في عام 2000 وطلب الحصول على جواز سفر لأول مرة في عام 2004. بعد أن تقدم بطلبه، استدعته الشرطة وطلبوا منه التوقيع على ورقة والتي يتعهد فيها بأن لا يتقدم أبدا بطلب للحصول على جواز سفر. وقالت زوجته إنه وقع عليها ولكنه حرم من نسخة من هذه الوثيقة.[54]
عبد اللطيف بوحجيلة
أفرج عنه عام 2007 مع خمس سنوات من المراقبة الإدارية، تقدم بوحجيلة بطلب للحصول على جواز سفر في 9 أبريل/نيسان 2008 و لم يتلق أي رد. وفقا لبوحجيلة، قال له رجال الشرطة شفهيا إنه لن يحصل أبدا على جواز سفر ولكنه لم يتلق أبدا ردا مكتوبا.[55] أحكام المحكمة الإدارية المحكمة الإدارية هي جهة قضائية تفصل في الخلافات الإدارية وفي المزاعم التي تتورط فيها الإدارة، كما في شكايات المواطنين ضد إساءة استخدام السلطات والطعن لإلغاء الأحكام الإدارية. ومن المقصود أن تكون آلية لإنصاف المواطن ضد سوء استخدام السلطات الإدارية للسلطات. من المقلق بشكل خاص لـ هيومن رايتس ووتش أحكام أصدرتها المحكمة الإدارية لصالح الحق في جوازات السفر ثم رفضت وزارة الداخلية تنفيذها. مثل هذا الرفض لقرارات المحكمة يقوض من الزعم بأن المواطنين التونسيين يتمتعون بآليات إنصاف لدى اعتقادهم بخرق الدولة لحقوقهم.
حسين الجلاصي
أمضى الجلاصي – من سكان باردو – 8 أعوام و3 أشهر في السجن بعد إدانته عام 1995 على خلفية اتهامات بالخضوع للتدريب العسكري في باكستان بنية العودة لتونس لارتكاب أعمال إرهابية، وبتهمة استخدام جواز سفر مزور. يعترف الجلاصي بأنه استخدم جواز سفر مزور للخروج من تونس، موضحاً أن السلطات التونسية منذ عام 1989 ترفض إصدار جواز سفر له. محاكمته وإدانته جاءتا بعد رفض الولايات المتحدة طلبه باللجوء إليها وإعادته قسراً إلى تونس. بعد خروجه من السجن، أمضى الجلاصي خمس سنوات رهن المراقبة الإدارية. وبعد التقدم بطلب جواز سفر عام 2004 وعدم تلقيه رداً، تقدم بشكوى في المحكمة الإدارية عام 2006. وعندما طلبت المحكمة أن توفر السلطات الإدارية الدليل على أن سفر الجلاصي خطر على الأمن الوطني بموجب قانون الجوازات، ردت الإدارة بأن لها الحق في اتخاذ القرار ولم تقدم أي تبرير. ورداً على ردها، قضت المحكمة في 6 مايو/أيار 2006 بأن الجلاصي حُرم من صدور جواز سفر له بشكل غير ملائم. [56] وفي 29 يوليو/تموز، طعنت وزارة الداخلية في الحُكم على أساس أن لها الحق في اتخاذ مثل هذا القرار بصفتها السلطة المسؤولة عن إصدار الجوازات. وفي 11 ديسمبر/كانون الأول 2007 أيدت المحكمة الحُكم الأصلي لصالح الجلاصي، وأكدت أنه لا يحق لوزارة الداخلية حرمان الجلاصي من السفر ما لم تُظهر بالدليل أن سفره يشكل تهديداً على الأمن الوطني. [57] ورغم هذا النصر في المحكمة الإدارية، فما زال الجلاصي بدون جواز سفر بعد أكثر من عامين. [58]
منصف بن سالم
منصف بن سالم، أستاذ الرياضيات السابق بجامعة صفاقس، أمضى 4 أعوام ونصف العام سجيناً على مرتين. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 1987 تم اعتقال بن سالم واحتُجز لمدة عام ونصف تقريباً، واتهمته الحكومة التونسية بالنشاط في تنظيم الاتجاه الإسلامي المحظور، رغم عدم نسب اتهامات رسمية إليه. وفي عام 1990 تم اعتقاله وحُكم عليه بالسجن ثلاثة أعوام بتهمة « نشر معلومات كاذبة عن قصد » على خلفية مقابلة أجراها مع صحيفة جزائرية اتهم فيها الحكومة التونسية بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان والعدوانية إزاء الإسلام. ومنذ خروجه من السجن في عام 1993 وبن سالم مستهدف بالمراقبة اللصيقة والمضايقات التي امتدت إلى أفراد أسرته. كما فقد منصبه الجامعي جراء حبسه. ورُفض تعسفاً منح بن سالم وابنته مريم جوازي سفرهما بعد التقدم بطلب جواز السفر عدة مرات منذ عام 1995. وبعد عدم تلقي رد على الطلبات، تقدم بن سالم بشكوى للمحكمة الإدارية في 18 أبريل/نيسان 2006. [59] وردت وزارة الداخلية في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2006 على المحكمة، ذاكرة أن الطلب « ما زال تحت الدراسة ». وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2006 تقدم المحامي عبد الوهاب معطر بالنيابة عن بن سالم بطلب ذكر فيه أن هذا التأخير غير مقبول. وورد رد ثانٍ من وزارة الداخلية في 28 ديسمبر/كانون الأول 2007، جاء فيه أن منصف بن سالم حُرم من جواز السفر بما يتفق مع المادة 13 من قانون رقم 75 – 40 لعام 1975، الذي يمنح السلطة للدولة في رفض تقديم جواز سفر بناء على أسباب منها « اعتبارات النظام أو الأمن العام أو إذا كان الشخص المعني يضر بسمعة تونس ». [60] ولم تخرج الوزارة بتبرير جديد لهذا القرار ولا هي ردت على طلب مريم بن سالم بجواز السفر. وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول 2007 قال معطر بأن الإدارة تجاوزت سلطاتها بإخفاقها في إصدار جوازات سفر لمقدمي الدعوى دون إبداء أسباب. وتم تأجيل القضية حتى 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2007 للتداول، وقررت المحكمة إحالة القضية لمزيد من التحقيقات. وأصر معطر على أن ترد المحكمة على الأقل على الشق المتعلق بطلب مريم بن سالم الخاص بجواز السفر، لكن بلا جدوى. [61] وأخيراً، في 11 يونيو/حزيران 2009 حكمت المحكمة بأن السلطات حرمت منصف بن سالم بالخطأ من جواز سفره. وفي 23 سبتمبر/أيلول 2009 تقدم بطلب جواز سفر جديد، لكن حتى كتابة هذه السطور لم يكن قد حصل عليه. [62]
التحفظ على السجلات الطبية
بعض السجناء السابقين يشتكون من أن السلطات ترفض منحهم نسخاً من سجلاتهم الطبية في السجن. يؤدي هذا لعرقلة قدرة السجناء المفرج عنهم من معتلي الحالة الصحية على تلقي الرعاية الصحية الملائمة، وهو خرق واضح لحقهم الأساسي في الصحة. ولا يوجد أي مبرر قانوني لهذه الممارسة على الإطلاق. ودعت هيومن رايتس ووتش السلطات للتعليق على هذه المزاعم لكن لم يصلنا أي رد على الرسالة (انظر ملحق التقرير). السجناء السابقون الذين طلبوا سجلاتهم الطبية لدى خروجهم من السجن ولم يتلقوها هم:
وحيد السرايري (تم الإفراج عنه في 2008) رضا البوكادي (تم الإفراج عنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2008) [63] حدّة العبدلي (تم الإفراج عنها في 1999) القانون الدولي
صدقت تونس على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. والميثاقان يطالبان تونس باحترام وحماية حقوق حرية التنقل داخل الدولة واختيار المرء لمكان سكناه بحرية،[64] والحق في الخصوصية،[65] والحق في حرية مغادرة البلاد والعودة إليها.[66] ومن المبادئ الأساسية لقانون حقوق الإنسان أنه لا يمكن للدولة التدخل في مثل هذه الحقوق إلا بشكل غير تعسفي، بمعنى أن أي قيود على مثل هذه الحقوق من قبل الحكومة التونسية يجب أن تكون مستقاة بشكل واضح من القانون التونسي، وألا تكون خاضعة لأهواء المسؤولين، كما هو الحال غالباً فيما يخص القيود على السجناء السياسيين
شكر وتنويه
يستند هذا التقرير إلى بحوث أجرتها رشا مومنة، الباحثة، وإريك غولدستين، مدير البحوث، وكلاهما من قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش. كتبت رشا مومنة التقرير وراجعه إريك غولدستين. قدم كلايف بالدوين، مستشار قانوني أول، المراجعة القانونية، وراجع التقرير آيان ليفين، مدير قسم البرامج. نسق ترجمة التقرير إلى العربية عمرو خيري، منسق الترجمة ومحرر الموقع الإلكتروني العربي. وجهز التقرير للنشر كل من برينت غيانوتا وناديا برهوم، المنسقان بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وساعد في الطباعة غرايس شوي، مديرة المطبوعات، وفيتزروي هوبكنز، مدير البريد. فيليكس لغراند، المتدربة في هيومن رايتس ووتش ، تقدم المساعدة في مجال البحوث. ونقدم الامتنان والشكر للسجناء السابقين الذين أطلعونا على ما تعرضوا له من تجارب، ومنهم من لم يتسن ذكر تجاربهم في هذا التقرير. كما نود شكر المحامين والناشطين الذين ساعدونا في الأبحاث، ومنهم ممثلين عن المنظمات التونسية التالية: الجمعية الدولية للتضامن مع السجناء السياسيين، حرية وإنصاف، المجلس الوطني للحريات في تونس، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وكذلك لويزا توسكان، ناشطة حقوقية مستقلة مقرها باريس. ملحق
14 يوليو/حزيران 2009 وزير العدل وحقوق الإنسان، السيد بشير التكاري وزارة العدل وحقوق الإنسان 31، نهج باب بنات 1030 تونس العاصمة، تونس وزير الداخلية والتنمية المحلية، السيد رفيق بلحاج وزارة الداخلية والتنمية المحلية نهج الحبيب بورقيبة تونس العاصمة، تونس معالي الوزير بشير التكاري، معالي الوزير رفيق بلحاج،
تعكف هيومن رايتس ووتش في الوقت الراهن على إعداد تقرير عن معاملة السلطات للسجناء المفرج عنهم والذين أنهوا مدة محكوميتهم بسبب تهم ذات دوافع سياسية (والذين ستتم الإشارة إليهم للتيسيير بمسمى « سجناء أمنيين » سابقين)، مع إيلاء اهتمام خاص لتطبيق تدابير المراقبة الإدارية. وخلال زيارة لتونس في مارس/آذار وأبريل/ نيسان 2009 ، تحدث فريق بحث هيومن رايتس ووتش إلى أكثر من 25 من السجناء الأمنيين السابقين الذين زعموا بأن السلطات فرضت عليهم تعسفاً تدابير قمعية، بما في ذلك قيود على تحركاتهم، والمراقبة من قبل رجال شرطة بزي مدني، والحرمان من جوازات السفر، ومتطالبتهم بتسجيل الحضور مرات كثيرة لدى الشرطة، والضغط على أصحاب العمل المحتملين بغية عدم تشغيلهم . نود ضمان أن يكون تقريرنا حول هذه المسألة دقيقاً، و أن يعكس وجة النظر والمعلومات الرسمية على حد سواء. ونعرض أدناه الخطوط العريضة لعدد من المشاكل التي يقول السجناء السابقون إنهم يواجهونها، مع حالات توضيحية. ونتطلع إلى تعليقاتكم وتفسيراتكم. وجميع المعلومات ذات الصلة التي سنتلقاها منكم حتى 30 يوليو/تموز سوف تظهر في تقريرنا. كما أننا على استعداد للقدوم إلى تونس لمناقشة هذه المسائل شخصياً معكم في الموعد الذي ترونه مناسباً. 1- تقييد حرية التنقل . عقوبة الرقابة الإدارية الاضافية، وفقا للتحديد الوارد في الفصلين 23 و24 من القانون الجنائي، فإن للسلطة الإدارية الحق في تحديد وتغيير المكان الذي يجب على السجين السابق أن يقيم فيه، ويحظر عليهم مغادرة ذلك المكان من دون إذن . والسجناء الأمنيون السابقون الذين التقينا بهم والذين يواجهون مقتضيات المراقبة الإدارية في مرحلة ما بعد الافراج، جميعهم واجهوا نفس الأوامر الكتابية الأساسية، والتي تحدد مقتضيات تلك الرقابة. وفي كل حالة، فإن الأمر الكتابي يقتصر على تحديد العنوان الذي كان يجب عليهم أن يقيموا فيه ويمنعهم من تغيير مكان إقامتهم دون الحصول على ترخيص من الشرطة . وبالتالي، فإن هذا الأمر الكتابي لم يُخضِع السجين السابق للإقامة الجبرية، بل طالبه بالإقامة في مكان معين ولكنه لم يمنعه من مغادرة محل الإقامة ذاك . أحد جوانب تطبيق المراقبة الإدارية الذي يعنينا هنا هو أن جميع السجناء السابقين الذين استجوبناهم تقريباً قالوا إن سلطات الشرطة المحلية أعطتهم أوامر شفهية تقيد حريتهم، دون أن تقدم قط هذه الأوامر في صيغة مكتوبة. وهذا جعل السجناء السابقين عرضة لخطر المقاضاة بتهمة « عصيان المراقبة الإدارية » في حين أن المقتضيات التي يزعم انهم انتهكوها لم تقدم لهم قط كتابة. على سبيل المثال، أعطت الشرطة المحلية تعليمات شفهية للسجناء السابقين بأنهم ممنوعون من مغادرة منطقة جغرافية محددة من دون الحصول أولا على إذن منها. وفي كثير من الحالات أخبرت الشرطة المحلية السجناء السابقين بأنه يجب عليهم تسجيل الحضور لدى الشرطة وفقا لجدول زمنى محدد – على الرغم من أن القانون الواردة فيه » المراقبة الإدارية » لم يشر إطلاقاً إلى هذا الشرط. ومن الأمثلة على ذلك : عبد الكريم هاروني، من سكان كرام، أفرج عنه من السجن يوم 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2007، و أخبر شفهيا بأنه لا يستطع مغادرة تونس الكبرى من دون الحصول على إذن . · جمال الدين العلوي، من بوسالم، في محافظة جندوبة، أخبرته شرطة الاستخبارات أنه يحتاج الى إذن لمغادرة منطقة جندوبة؛ وأفرج عن العلوي سنة 2004، ويواجه ما مجموعه 16 سنة من الرقابة الإدارية . · زياد فرشيشي، من سكان بنزرت، أفرج عنه من السجن سنة 2008، وأخبر بأنه لا يستطيع أن يغادر بنزرت من دون الحصول على إذن . وفي الحقيقة علمنا بالعديد من السجناء السابقين تمت مقاضاتهم مجدداً بتهمة عصيان أوامرهم الإدارية بينما الأحكام التي يزعم أنهم انتهكوها لم تقدم لهم قط كتابة. ومن الأمثلة على ذلك : ·محفوظ العياري، من سكان منزل بورقيبة، أفرج عنه من السجن في ديسمبر/كانون الأول 2007، وحُكم عليه بالسجن لمدة 6 أشهر في مارس/آذار 2009 على أساس انتهاك شروط رقابته الإدارية بسفره ليوم واحد من منطقة منزل بورقيبة إلى غرومبالية . ·عبد الله الزواري، أفرج عنه من السجن سنة 2002 وأُمر بالإقامة في الشماخ، في محافظة مدنين. في عام 2003، حكم عليه بالسجن لمدة 9 أشهر لانتهاكه حكمه بالمراقبة الادارية بسبب سفره مع ثلاثة زوار محامين مدافعين عن حقوق الإنسان إلى سوق بلدة بن غردان على بعد حوالى 40 كيلومترا من منزله. نرجو منكم أن تزودونا بتوضيح طبيعة ونطاق القيود المفروضة على حرية التنقل التي تسمح عقوبة » المراقبة الإدارية » للسلطات بفرضها على الشخص المعني بالأمر، وأحكام القانون التونسي التي تحدد هذه السلطات. كما يرجى توضيح ما إذا كانت السلطات مُلزمة بأن تخطر كتابة الشخص المعني بالأمر حول الطبيعة الدقيقة للقيود التي تفرضها على حركته . 2- ضرورة تسجيل الحضور لدى مراكز الشرطة. بعد وقت قصير من إطلاق سراح السجناء الأمنيين، تقوم سلطات الشرطة في المدن التي يقيمون بها بإبلاغهم شفهياً بأنه يجب عليهم أن يوقعوا (يسجلوا) الحضور عدد معين من المرات يومياً أو أسبوعياً لدى مراكز محددة للشرطة. لقد وجدنا أن فرض هذه الشروط لا أساس له في القانون التونسي. وعلاوة على ذلك، لم تسلم للأطراف المعنية أية صيغة مكتوبة من توقيعات الحضور هذه، حسب قول السجناء السابقين الذين قابلناهم. وقد صادفنا اشتراط توقيع الحضور سواء في صفوف السجناء الأمنيين السابقين الذين كانوا تحت طائلة أحكام المراقبة الإدارية المفروضة قضائيا و في صفوف الذين ليسوا تحت طائلة تلك الأحكام . وضمن الأمثلة على هذه الحالات : · عبد الكريم هاروني، من كرام، تلقى تعليمات شفهية بتوقيع الحضور لدى الشرطة كل يوم حتى تنتهي مدة حكم رقابته الإدارية نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2009. ·محفوظ العياري، من منزل بورقيبة، أفرج عنه من السجن في 14 ديسمبر/كانون الأول 2007. تلقى تعليمات بتوقيع الحضور لدى الشرطة كل يوم خلال السنة الأولى بعد الإفراج عنه، وبعد ذلك أسبوعياً خلال السنة الثانية . ·عبد الباري العايب، من بنزرت، أفرج عنه في 23 مايو/أيار 2008. تلقى تعليمات شفهية بتوقيع الحضور لدى الشرطة كل يوم . ·أحمد مقعدي، من بنزرت، أطلق سراحه في أغسطس 2008. تلقى تعليمات شفهية بتوقيع الحضور يوميا في أوقات مختلفة محددة من قبل الشرطة حتى انتهاء مدة حكم مراقبته الإدارية سنة 2011 . · محمد عمار، من بنزرت، أفرج عنه سنة 2006، وهو التاريخ الذي بدأ فيه عقوبة سنتين من المراقبة الإدارية. تلقى تعليمات شفهية من الشرطة بتوقيع الحضور أربع مرات يومياً. وحتى بعد انتهاء مدة حكم المراقبة الإدارية، فإن الشرطة تصر على أن يوقع الحضور مرة واحدة في الأسبوع . ونرجوا من معاليكم أن تتفضلوا بتوضيح السند القانوني في القوانين التونسية، الذي بُلزم السجناء الأمنيين السابقين بتوقيع الحضور لدى مراكز الشرطة وإذا ما كانت السلطات مُلزمة بإعطاء الشخص المعني بالأمر شروط ومدة توقيع الحضور كتابة . 3- الحرمان من جواز السفر. كثير من السجناء السابقين يواجهون صعوبة في الحصول على جوازات سفر. فيما يلي قائمة بأسماء بعض السجناء السابقين سواء الذين قدموا طلبات للحصول على جواز سفر ولم يتلقوا أي رد، أو الذين رفضت السلطات المحلية حتى أن تتلقى منهم طلباتهم بالحصول على جوازات سفر. أحيانا انتظر المتقدمون بطلب الحصول على جواز سفر لعدة سنوات دون أن يتلقوا أي رد على الإطلاق . ·عمر الصالحي، من بنزرت، تقدم بطلب للحصول على جواز سفر في أبريل/نيسان 2006 (رقم الملف 276) بمركز الشرطة بالرويبي ببنزرت، وظل ينتظر لمدة ثلاث سنوات من دون إجابة . · حادة بنت رمضان بن خالد عبدلي، من مروج الأربعة في ولاية بن عروس، تقدمت بداية بطلب للحصول على جواز سفر في نوفمبر/تشرين الثاني 2000 (ملف رقم 14805). وقامت منذ ذلك الحين ببعثت رسائل إلى اللجنة العليا لحقوق الإنسان والرئيس بن علي تطالب من خلالها بالحصول على جواز سفر. في عام 2008، ذكرت وزارة الداخلية، في ردها على الدعوى التي أقامتها السيدة حادة لدى المحكمة الإدارية، بأن القضية « لا تزال قيد الدراسة »، ثماني سنوات من طلبها الأول . ·سمير القفصي، له جنسية مزدوجة، تونسية وألمانية، ولديه جواز سفر تونسي وجواز سفر ألماني، تمت مصادرتهما أثناء اعتقاله خلال زيارة قام بها لتونس في أبريل/نيسان 2006. وبينما استطاع تأمين جواز سفر ألماني آخر بعد إطلاق سراحه في أكتوبر/تشرين الأول من نفس السنة، فإن السلطات التونسية لا تريد منحه جواز سفر تونسي وترفض السماح له بمغادرة البلاد للعودة إلى ألمانيا. وهو يقيم حالياً في بنزرت . وأحيانا أخرى يتلقى السجناء السابقون رفض جواز السفر شفهياً دون إشعار رسمي، كما هو الحال بالنسبة للحالات التالية : ·علي رويحي، من بنزرت، أفرج عنه من السجن سنة 2003، تقدم بطلب للحصول على جواز سفر سنة 2008 وتلقى الرفض شفهياً، دون تفسير، من الشرطة المحلية، ولم يصله من الشرطة أية توضيحات أخرى. · لطفي عمدوني، المقيم في تونس العاصمة، أفرج عنه من السجن سنة 2005، تقدم بطلب للحصول على جواز سفر في 7 أغسطس/آب 2005، ولكن الشرطة رفضت تسلم طلبه . لدينا أيضا حالات موثقة حيث منعت الشرطة طالبي جواز سفر حتى من تقديم طلباتهم، منهم على سبيل المثال : · هادي تريكي، من سكان صفاقس، أفرج عنه من السجن سنة 2002، حاول تقديم طلب للحصول على جواز سفر سنة 2004 لدى مركز الشرطة بسوق الزيتون. وأخبرته الشرطة بألا يترك طلبه هناك لأنه سيُرفض . · إبراهيم السعداني، المقيم في تونس العاصمة، أفرج عنه من السجن سنة 2000، تقدم بطلب للحصول على جواز سفر لأول مرة سنة 2004. وقال السعداني بأنه بعد أن قدم طلبه، استدعته الشرطة، وطلبت منه التوقيع على ورقة يلتزم فيها بأنه لن يتقدم أبداً بطلب جديد للحصول على جواز سفر. فوقع ولكنه لم يحصل على نسخة من تلك الوثيقة . وفي بعض الحالات التي رفعها طالبو جواز السفر، قضت المحكمة الإدارية بأن السلطات قد تجاوزت سلطاتها عندما رفضت النظر في طلب الحصول على جواز السفر. ولكن حتى بعد صدور هذه الأحكام، فإن وزارة الداخلية لم تنظر في الطلبات. كان هذا هو الحال بالنسبة لحسين الجلاسي، مقيم في تونس العاصمة، الذي حصل على حكم من محكمة الاستئناف الإدارية بتونس العاصمة في 11 ديسمبر/كانون الأول 2007 (رقم الملف 25859)، ولكن لم يتلق بعد أي رد على طلبه للحصول على جواز سفر . نرجوا منكم توضيح السند القانوني لحرمان – ما يبدو على أنه الغالبية العظمى من السجناء الأمنيين السابقين – من الحصول على جوازات السفر، وبغض النظر عما إذا كانوا تحت المراقبة الإدارية عند تقديم الطلب، وما إذا كانت السلطات ملزمة بالرد على الطلب في غضون فترة محددة من الزمن؛ واذا ما كان يتعين على السلطات تقديم تبرير مكتوب عند رفض طلب الحصول على جواز السفر، وعما إذا كان للسلطات المحلية سلطة رفض حتى تسلم طلبات الحصول على جوازات سفر الأفراد . ونود أيضا أن نفهم التداعيات القانونية المترتبة عن قرارات المحاكم الإدارية في تونس. هل صدر حكم قضائي بأن السلطات تجاوزت صلاحياتها عندما لم تقدم أية إجابة لطالب جواز سفر يجبر السلطات على النظر في طلب ذلك الشخص؟ نرجوا منكم تزويدنا، في حالة كل واحد من الأفراد المذكورين أعلاه، و الذين تقدموا بطلبات للحصول على جوازات سفر ولم يتلقوا أي جواز سفر أو أي رفض كتابي، بوضعية طلباتهم بالحصول على جواز سفر والأسباب التي دعت السلطات لعدم الرد . 4- التمديد التعسفي لمدة المراقبة الإدارية . لدينا حالات موثقة حيث يزعم أن الشرطة تواصل تطبيق تدابير المراقبة الإدارية على السجناء السابقين حتى بعد انتهاء العقوبة التي فرضت عليهم قضائياً. وهذه هي حالة عبد الله زواري، الذي أفرج عنه في يونيو/حزيران 2002 وبدأ يقضي خمس سنوات من المراقبة الإدارية، وهو يقيم قسراً في الشماخ، في منطقة زرزيس. وفي يوم 5 يونيو/حزيران 2007، اليوم الأخير من فترة مراقبته الإدارية، استدعاه رئيس الشرطة بمركز الشرطة التابع لمقاطعة حاسي جربي، وأبلغه شفهيا أنهم مددوا إقامته 26 شهراً بمنطقة زرزيس. ولم يتلق أي تبرير كتابي لهذا التمديد الذي لا يزال ساري المفعول اليوم . نرجو من معاليكم بيان الأساس القانوني لتمديد عقوبة الخمس سنوات من المراقبة الإدارية التي فُرضت على عبد الله زواري لمدة 26 شهراً في يونيو/حزيران 2007 من قبل مسؤول إداري . 5- الامتناع عن تزويد السجناء السابقين بنسخ من ملفاتهم الطبية بالسجن. بعض السجناء السابقين زعموا لنا أن إدارة السجن إما أنها رفضت منحهم سجلاتهم الطبية خلال فترة السجن، أو ببساطة لم ترد على طلبهم بالحصول على هذه السجلات؛ مما يعيق قدرة السجناء السابقين ذوي المشاكل الصحية على البحث عن العلاج المناسب . · وحيد السرئيري، المقيم في تونس العاصمة، أفرج عنه من السجن سنة 2008. طلب الحصول على ملفاته الطبية في يناير/كانون الثاني 2009 ولم يتلق ردا . · رضا بوقادي، من سكان حي النصر في تونس العاصمة، أفرج عنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2008. ويقول بوقادي إن سلطات السجن لم تستجب لطلباته بالحصول على نسخة من السجلات الطبية . 6- عقبات في طريق الحصول على عمل . لقد أدهشنا عدد الذين يبدون قادرين من السجناء السابقين العاطلين عن العمل منذ أن تم الإفراج عنهم. الذين عملوا في القطاع العام قبل سجنهم فقدوا نهائيا وظائفهم و لم يتمكنوا من الحصول على عمل في القطاع العام منذ الإفراج عنهم. العديد منهم، والذين يعيشون في مناطق مختلفة من البلاد، قالوا لنا إنهم لم يتمكنوا من العثور على عمل في القطاع الخاص بسبب ضغط السلطات على أرباب العمل بهدف عدم تشغيلهم. وهم يعرفون ذلك، كما يقولون، لأن أصحاب العمل أخبروهم سراً بأن السلطات العمومية كانت قد اتصلت بهم أو زارتهم وحذرتهم من تشغيل سجناء سابقين محددين. ولئن كان من الصعب علينا العثور على أرباب عمل على استعداد للحديث عن هذا الموضوع، فإن مالك متجر في بنزرت أخبرنا بأن ضباط الشرطة أمروه بطرد سجين أمني سابق كان قد شغله . هل لدى الحكومة سياسة عدم تشجيع أرباب العمل عن توظيف السجناء الامنيين السابقين؟ هل هي على علم بأسلوب مزعوم بموجبه يقوم مسؤولون أمنيون بزيارة أرباب العمل وتقديم المشورة لهم ضد توظيف السجناء الأمنيين السابقين، أو لصالح طرد الذين سبق تشغيلهم؟ إننا نتطلع إلى قراءة تعليقاتكم على القضايا المذكورة أعلاه، وكذلك أي تعليقات أخرى ترغبون في أن تضيفوها على قضايا الرقابة الإدارية ووضع السجناء الامنيين السابقين . كما ذكر أعلاه، سنعكس في التقرير المقبل جميع المعلومات ذات الصلة التي تقدمونها لنا في موعد أقصاه 30 يوليو/تموز. ونؤكد من جديد أيضاً رغبتنا في اللقاء بكم شخصياً لمناقشة هذه المساءل، قبل وضع الصيغة النهائية لتقريرنا . شكرا لكم . مع بالغ التقدير والتحية،
سارة ليا ويتسن الهوامش [1] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع طاهر حراثي، 2 أبريل/نيسان 2009. [2] انظر: Human Rights Watch, Tunisia: Crushing the Person, Crushing a Movement, April 2005 http://www.hrw.org/en/reports/2005/04/19/tunisia-crushing-person-crushing-movement [3] السابق. [4] السابق. [5] انظر: Amnesty International, Tunisia: Prolonged Incommunicado Detention and Torture (London: Amnesty International, March 1992), p. 8. [6] انظر: Middle East Watch (now Human Rights Watch) and the International Human Rights Law Group, “Tunisia: Military Courts That Sentenced Islamist Leaders Violated Basic Fair-Trial Norms,” A Human Rights Watch Report, vol. 4, no. 9, October 1992, http://hrw.org/reports/pdfs/t/tunisia/tunisia.92o/tunisia920full.pdf; Amnesty International, “Tunisia: Heavy Sentences after Unfair Trials,” September 1992, MDE 30/23/92; International Federation of Human Rights, “Missions d’observation judiciaire devant le Tribunal militaire de Tunis,” No. 160, October 1992; Lawyers Committee for Human Rights, “The Mass Trial of Islamists before Military Courts in Tunisia,” August 21, 1992. [7] المجلة الجزائية التونسية [8] رسالة من وزير الداخلية التونسي إلى هيومن رايتس ووتش، 28 يناير/كانون الثاني 2005 [9] مكالمة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع عبد الله الزواري،17 سبتمبر/أيلول 2009 [10] نفس المصدر [11] تقرير هيومن رايتس ووتش، تونس – سحق الإنسان لسحق حركة بأكملها، الحبس الإنفرادي للسجناء السياسيين، أبريل/نيسان 2005 http://www.hrw.org/ar/reports/2005/04/19 [12] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الكريم الهاروني، الكرم، 30 مارس/آذار 2009 [13] الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، http://www.anhri.net/tunisia/makal/2009/pr1005.shtml (تمت زيارته في 5 مارس/آذار 2010) [14] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع صلاح الدين العلوي، تونس، 1 أبريل/نيسان 2009 [15] نفس المصدر [16] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع زياد الفرشيشي، بنزرت، 31 مارس/آذار 2009 [17] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يمينة العيّاري، بنزرت، 31 مارس/آذار 2009 [18] الفصلين 23 و24 من المجلة الجزائية التونسية [19] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يمينة العيّاري، بنزرت، 31 مارس/آذار 2009 [20] مكالمة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع عبد الله الزواريـ سبتمبر/أيلول 2009 [21] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الباري العايب، بنزرت، 13 مارس/آذار 2009 [22] نفس المصدر [23] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع خليل عبد السلام غرسلاوي، صفاقس، 3 أبريل/نيسان 2009 [24] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الهادي التريكي، صفاقس، 3 أبريل/نيسان 2009 [25] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد عبو، تونس، 30 أبريل/نيسان 2009. أنظر أيضا رسالة هيومن رايتس ووتش إلى السيد التكاري، وزير العدل وحقوق الإنسان، 14 مارس/آذار 2005 http://www.hrw.org/en/news/2005/03/14/letter-m-bechir-tekkari-tunisian-minister-justice-and-human-rights وأيضا، « تونس: سجن محام بسبب المعارضة على الإنترنت » http://www.hrw.org/en/news/2005/04/28/tunisia-lawyer-imprisoned-online-dissent. [26] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الطاهر الحراثي، تونس، 1 أبريل/نيسان 2009 [27] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد عبو، تونس، 30 مارس/آذار 2009 [28] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الكريم الهاروني، الكرم، 30 مارس/آذار 2009 [29] هيومن رايتس ووتش مع يمينة العيّاري، بنزرت، 31 مارس/آذار 2009 [30] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الباري العايب، بنزرت، 31 مارس/آذار 2009 [31] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد المقعدي، بنزرت، 31 مارس/آذار 2009 [32] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد عمار، تونس، 1 أبريل/نيسان 2009 [33] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد صالح القليعي، بنزرت، 31 مارس/آذار 2009 [34] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الهادي التريكي، صفاقس، 2 أبريل/نيسان 2009 [35] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع رضا البوكادي، تونس، 1 أبريل/نيسان 2009 [36] نفس المصدر [37] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي الروّاحي، بنزرت، 31 مارس/آذار 2009 ومكالمة هاتفية مع الروّاحي 8 مارس/آذار 2010 [38] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد اللطيف بوحجيلة، تونس، 1 أبريل/نيسان 2009 [39] هيومن رايتس ووتش، « تونس: تونس: الرئيس الذي شجعته نتيجة التصويت يقمع المعارضين »، 23 ديسمبر/كانون الأول 2009، http://www.hrw.org/ar/news/2009/12/23-0 [40] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد عبو، تونس، 30 مارس/آذار 2009 [41] مكالمة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع عبد الله الزواري، 26 يونيو/حزيران، 2009 [42] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد عمار، تونس، 1 أبريل/نيسان 2009 [43] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الهادي التريكي، صفاقس، 2 أبريل/نيسان 2009 [44] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع لطفي بوزيان، تونس، 1 أبريل/نيسان 2009 [45] القانون عدد 40 المؤرخ في 14 مايو/أيار 1975 المتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر [46] نفس المصدر [47] نفس المصدر [48] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عمر الصالحي، بنزرت، 31 مارس/آذار 2009 [49] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حدّة العبدللي، المروج الأربع، 30 مارس/آذار 2009 [50] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سمير القفصي، بنزرت، 31 مارس/آذار 2009 [51] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علي الروّاحي، بنزرت، 31 مارس/آذار 2009، ومكالمة هاتفية، 8 مارس/آذار 2010 [52] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع لطفي العدوني، تونس، 1 أبريل/نيسان 2009 [53] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع الهادي التريكي، صفاقس، 2 أبريل/نيسان 2009 [54] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع جميلة، زوجة إبراهيم سعداني، تونس، 1 أبريل/نيسان 2009 [55] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الله بوحجيلة، تونس، 1 أبريل/نيسان 2009 [56] قضية رقم 14487. [57] قضية رقم 25859 [58] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع حسين الجلاصي، 4 مارس/آذار 2010. [59] قضية رقم 1/15656 [60] قانون الجوازات ووثائق السفر التونسي: http://www.jurisitetunisie.com/tunisie/codes/passeport/passeport1015.htm (تمت الزيارة في 5 مارس/آذار 2010). [61] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع منصف بن سالم وعبد الوهاب معطر، صفاقس، 3 أبريل/نيسان 2009. [62] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع عبد الوهاب معطر، 5 مارس/آذار 2010. [63] مقابلة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش، 5 مارس/آذار 2010. [64] العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، أقرته الجمعية العامة في 16 ديسمبر/كانون الأول 1966 بموجب قرار 2200A (XXI), 21 U.N. GAOR Supp. (No. 16) at 52, U.N. Doc. A/6316 (1966), 999 U.N.T.S. 171 دخل حيز النفاذ في 23 مارس/آذار 1976، صدقت عليه تونس في 18 مارس/آذار، 1969. مادة 12. والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، تم إقراره 27 يونيو/حزيران 1981، منظمة الوحدة الأفريقية وثيقة رقم: CAB/LEG/67/3 rev. 5, 21 I.L.M. 58 (1982), دخل حيز النفاذ في 21 أكتوبر/تشرين الأول 1986، صدقت عليه تونس في 16 مارس/آذار 1983، مادة 12. [65] العهد الدولي، مادة 17. [66] العهد الدولي، مادة 12، الميثاق الأفريقي مادة 12.
سيدني- أعلنت استراليا الأربعاء انها تنتظر نتائج التحقيقات التي تقوم بها قبل اتخاذ إجراءات، وذلك غداة طرد بريطانيا دبلوماسيا إسرائيليا على خلفية استخدام المجموعة التي قتلت القيادي في حماس محمود المبحوح جوازات غربية مزورة. وقال وزير الخارجية الاسترالي ستيفن سميث في حديث إلى الاذاعة الوطنية، نتعاطى مع هذه المسألة بكثير من الجدية الا أن مقاربتنا لها ستكون منهجية. وكانت بريطانيا أمرت الثلاثاء بطرد دبلوماسي إسرائيلي بعد أن تأكدت من وجود أسباب مقنعة تدعو للاعتقاد بمسؤولية إسرائيل في استخدام جوازات سفر بريطانية مزورة في عملية اغتيال المبحوح في كانون الثاني/ يناير الماضي في دبي. وتابع الوزير الاسترالي: اننا بالطبع نأخذ بعين الاعتبار الإجراءات التي اتخذتها دول أخرى، وبريطانيا ليست البلد الوحيد الذي أقحم بهذه المسألة بل للأسف هناك أيضا فرنسا وايرلندا والمانيا. واضاف: الا اننا سنتحرك على مراحل وساطلع على تقرير الشرطة الاسترالية ونتخذ عندها القرارات التي نعتبر انها تدخل في نطاق أمننا القومي. وأعلنت السلطات الاسترالية، التي أرسلت فريق تحقيق إلى إسرائيل، انها كشفت حتى الآن استخدام أربعة جوازات سفر استرالية من قبل المجموعة التي قتلت المبحوح. وكان عثر على المبحوح، القيادي في حركة حماس، مستشهدا في أحد فنادق دبي في 20 كانون الثاني/ يناير. واتهمت شرطة دبي جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) بإغتياله وأصدرت لائحة بأسماء 26 شخصا يحملون جوازات سفر اجنبية مزورة بينهم 12 بريطانيا. وفي السياف، ذكرت الاذاعة الإسرائيلية العامة الأربعاء أن الدبلوماسي الإسرائيلي الذي طردته لندن كان يعمل في السفارة لحساب الموساد وسيستبدل بمسؤول آخر في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي. وردا على قرار بريطانيا، أعلن مسؤول إسرائيلي أن إسرائيل لن تطرد دبلوماسيا بريطانيا. وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، ليست لدينا أي نية لطرد دبلوماسي بريطاني ردا على قرار لندن. واضاف في تصريح لوكالة فرانس برس إن تهدئة الوضع تحتل الاولوية بالنسبة لنا. وقالت الاذاعة العامة وصحيفة (يديعوت احرونوت) إن الدبلوماسي المطرود كان ممثلا للموساد في لندن وسيستبدل قريبا بعضو آخر في هذا الجهاز. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 مارس 2010)
أنقرة ـ (وكالة الأنباء الألمانية – د ب ا): قال خبراء قانونيون بارزون في تركيا إن رئيس أركان الجيش التركي الجنرال إيلكر باسبوج وضع نفسه مجددا في موقف ‘التدخل’ في أعمال السلطة القضائية والتأثير على القضاة وممثلي الادعاء العام في عدد من التحقيقات الجارية ضد أعضاء في الجيش عبر مقابلة أجراها مع صحيفة يومية في تركيا. ونقلت صحيفة ‘توادي زمان’ على موقعها الإلكتروني امس الثلاثاء عن ساسيت كاياسو مدع سابق قوله ‘القانون الجنائي العسكري لا يسمح لأفراد القوات المسلحة التركية بالإدلاء ببيانات عن قضايا سياسية وتصريحات تنطوي على تدخل في أعمال السلطة القضائية. وربما يرفع ممثلو الادعاء العام قضية ضد رئيس أركان الجيش’. وذكرت الصحيفة أن باسبوج أعرب مجددا في مقابلة مع صحيفة ‘فاتان’ يوم الأحد الماضي عن تأييده القوي لقائد الجيش الثالث الجنرال سالدراي برك الذي يواجه اتهامات بالتورط في أعمال ‘إرهابية’ رغم عدم إسقاط أي من التهم بحق المشتبه به حيث يتواصل التحقيق في القضية. وأضاف كاياسو ‘الجيش فقد سلطته السابقة (على المجتمع) ولذا فإن العسكريين يواجهون أوقاتا صعبة حيث يحظر على أفراد الجيش الإدلاء بمثل هذه البيانات. ويحتمل أن يرفع ممثلو الادعاء العام قضية ضد رئيس أركان الجيش وتحويلها إلى المدعي العام العسكري’. الى ذلك أظهر استطلاع للرأي حديث نشرت نتائجه امس الثلاثاء أن غالبية الشعب التركي يؤيدون إجراء تعديلات دستورية وحزمة إصلاح بسيطة صاغتها الحكومة بينما يعارضون بوضوح وقوع الانقلابات العسكرية وإغلاق الأحزاب. وأفادت صحيفة ‘توادي زمان’ امس الثلاثاء على موقعها الإلكتروني إن المسح يحمل عنوان (بحث الأجندة السياسية) وأجرته مؤسسة (بول مارك) وشمل 5039 أشخاص وجرى تقديمه إلى رئيس الوزراء رجب طيب آردوغان. وذكرت الصحيفة أن 58′ ممن شملهم المسح يعتقدون أن تركيا بحاجة إلى دستور مدني وهو ما عارضه 20′. وطلب من المشاركين إبداء أرائهم في حزمة الإصلاح الدستوري التي أعدتها حكومة حزب العدالة والتنمية التي نشرت للرأي العام الاثنين. وتقول الصحيفة إن الحكومة تريد تمرير تعديلات دستورية لإعادة هيكلة المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستورية وتهدف إلى ضمان اختيار أكثر ديمقراطي وعملية الترقية في الهيئات القضائية العليا لتكون متاحة أمام مراجعة برلمانية. وأظهر المسح ان 41.5 ‘ من المشاركين سيصوتون بـ’ نعم’ لصالح حزمة الإصلاح الدستوري التي تقترحها الحكومة حال طرحها في استفتاء بينما قال 2ر28′ إنهم سيقررون وفقا لمحتوى الحزمة. وقال 8ر13′ فقط إنهم سيصوتون بـ ‘ لا’ على الحزمة في استفتاء محتمل بينما نفى 8ر16′ وجود فكرة لديهم عن حزمة الإصلاحات. وتؤكد الصحيفة أن هذه الأرقام تشير إلى أن أكثر من 50′ من الشعب التركي يؤيدون حزمة الإصلاح الدستوري. وأظهر المسح تراجع الثقة بشكل كبير في القوات المسلحة التركية والتي أظهرتها استطلاعات رأي سابقة بأنها أبرز مؤسسة تنال ثقة المواطنين في البلاد. ويرى 3ر64′ من المشاركين إدارة الشرطة أبرز مؤسسة ناجحة في البلاد تعقبها القوات المسلحة التركية بنسبة 4ر60′ والرئاسة بنسبة 3ر51′. كما كشف المسح أن أقل من 26′ من المشاركين يعتقدون أن الحكومة تشن انقلابا مدنيا في تركيا وفي المقابل قال 70′ إنهم لا يؤيدون وقوع انقلاب عسكري قد ينفذ ضد حكومة حزب العدالة والتنمية. كما قال 63′ إنهم يعارضون رفع قضية لإغلاق حزب العدالة والتنمية. (المصدر: « القدس العربي » (يومية – لندن) بتاريخ 24 مارس 2010)