الأربعاء، 19 يوليو 2006

Home – Accueil الرئيسية

 

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2249 du 19.07.2006

 archives : www.tunisnews.net


حركة النهضة بتونس: الشيخ محمد العكروت في خطر الاساتذة المسقطون عمدا في مناظرة الكاباس: بـــــلاغ الحوار نت:مؤتمر اسطمبول للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يستنكر انتهاك حرمة المقدّسات في تونس! المدينة: فتحي النفاتي: تونس أقامت مقاربتها في المجال الديني على مقومي الأصالة والحداثة محيط: النفاتى: تونس تولى الدين الإسلامى عناية متميزة رويترز: تونس تجلي عشرات من رعاياها في لبنان الأستـاذ فتحي نصري:رهائـن الوطــن فــي خطــــــر لحبيب امباركي:الصحة و التغذية:مأساة مساجين الرأي في تونس أقلام أون لاين: أبو غزالة: البطالة ليست قدرا والخيارات التعليمية من أهم أسبابها محمد العروسي الهاني:رسالة خالدة بمناسبة  عيد الجمهورية المجيد 25 جويلية 1957 للذكرى و العبرة و الدرس و مقترحات جريئة الهادي المثلوثي: ثورة البناء والمقاومة علي قاسمي: العدوان الصهيوني تحت المظلة الأمريكية و الأممية… و الدول   العربية الحبيب أبو وليد المكني :حزب الله يخوض معركة الأمة..أين هي هذه الأمة من هذه المعركة؟ د. الطاهر الهمّامي: جولة جديدة من المواجهة بين الامة العربية والثنائي الامبريالي ـ الصهيوني خالد القابسي: يخافون على لبنان عمر  شبلي: نشيد للمقاومة:أخي في الجنوب عبد الحفيظ العبدلي: إمبراطورية الـفـظـا ئــع خميس الخياطي: ضربة زيدان جاءت لا تقرأ ولا تكتب حمدان حمدان: النظام العربي يعمل علي تصفية أمل الامة بالمقاومة د. عبدالوهاب الافندي: تأملات في المخرج لأمة منزوعة السلاح والإرادة الجزيرة.نت: سياسة أميركا لنشر الديمقراطية.. معضلة الإسلاميين الحياة :هنيبعل يعود إلى قرطاج على بساط مسرح «نو» الياباني إيلاف:تونس: عين على ماريا وأخرى على لبنان


 
Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

 لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين »  

حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:

 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

حركة النهضة بتونس

الاربعاء 23 جمادي الاخرة 1427

19 جويلية 2006

الشيخ محمد العكروت في خطر

 

يواصل الأخ  محمد العكروت القيادي والرئيس السابق للحركة إضرابا عن الطعام منذ حوالي الشهر والنصف مما أوصله إلى وضعية حرجة جدا بحسب عائلته وبحسب الجمعيات الحقوقية المهتمة بأوضاع المساجين.

وليس هذا الإضراب إلا واحدا آخر من سلسلة إضرابات متواصلة خاضها الأخ محمد على إمتداد الستة عشر عاما الماضية التي قضاها  متنقلا به بين مختلف السجون التونسية من أقصاها شمالا إلى أدناها جنوبا انتقاما منه ومن عائلته لصموده البطولي المتواصل من حين القبض عليه في العام 1991 إلى اليوم.

شن الأخ العكروت كل تلكم الإضرابات مطالبا بأدنى الحقوق التي يضمنها له دستور البلاد من مثل إطلاق سراحه وسراح إخوانه وتمتعهم بحريتهم التي أخذت منهم وحجبت عنهم ظلما في محاكمة اجمع الجميع على أنها كانت ملفقة وكانت ردا غير متناسب لما طالبت به الحركة من احترام لدستور البلاد وإطلاق الحريات السياسية والمدنية للجميع.

بل يشنها مطالبا بإيقاف المظالم التي تسلط عليه وعلى عائلته طيلة فترة سجنه ومطالبا بالتمتع بها كسجين رأي والتي يتفق الجميع على وجوب احترامها ومنصوص عليها في قوانين البلد وفي القوانين الدولية التي صادقت عليها تونس من مثل الحق في العلاج  والحق في الدراسة والحق في التمكين من وسائل الإعلام والحق في المراسلة وان العقاب شخصي وليس متعديا والحق في السراح الشرطي.

وهذه جميعها ممنوع منها الأخ العكروت مما اضطره إلى خوض الإضرابات المطولة للتذكير بمظلمته والاحتجاج على ساجنيه وسجانيه والتي لم تقابلها السلطة التونسية إلا بمزيد التنكيل إلى أن يصل المحتج إلى حافة الموت – كما حصل للعديدين كان آخرهم الأخ الهاشمي المكي رحمه الله – فعندها يطلق سراحه لأنها وصلت إلى مبتغاها وحتى لا « تتحمل السلطة مسؤولية موته ».

إن حركة النهضة لا يسعها إلا:

·        أن توجه نداءا للأخ محمد لأن يوقف إضرابه حفاظا على صحته وحياته وتفويتا لكل مبتغِ  شرٍّ به وغدا قريبا بآذن الله يكون بين أهله وإخوانه « إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا».« ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله».

·        و تطالب كل القوى والهيئات والشخصيات الوطنية الصادقة بمواصلة العمل والضغط من اجل إنهاء قضية المساجين وجعلها من القضايا التي لا يجوز الاختلاف حولها أو الإتجار و المزايدة بها كما يفعل البعض.

·        كما تدعو كل المنظمات الدولية لزيادة التعريف بهذه القضية وزيادة الضغط على السلطة التونسية للاستجابة لمطلبي إطلاق سراح المساجين وإعلان العفو التشريعي.

·        و تتوجه إلى السلطة التونسية لمطالبتها بالكف عن هذه الممارسات من تضييق على المساجين في ابسط حقوقهم ومن رغبة جامحة في الإيذاء والتنكيل وتدعوها مرة أخرى لإطلاق سراح المساجين / الأسرى مذكرة أن ذلك يصب حتما في مصلحة البلاد ومصلحة الشعب.

·         

                                                            عن حركة النهضة بتونس

                                             الشيخ راشد الغنوشي


 
الله أكبر إنا لله وإنا إليه راجعون

الحاجة زهرة بوكادي والدة السجين السياسي رضا بوكادي في ذمة الله

 
انتقلت اليوم الأربعاء 19/7/2006 إلى رحمة الله تعالى والدة الأخ رضا بوكادي، الحاجة زهرة بوكادي عن سن السبعين عاما تقارب بعد معاناة طويلة مع السرطان ومع البغي والظلم.   وكانت الفقيدة قد وجهت نداءات عديدة عبر مختلف وسائل الإعلام لرفع المظلمة المسلطة على ابنها وعلى أخوانه في السجون التونسية.   تتم مراسم الدفن غدا الخميس عصرا من بيتها الكائن ب رقم 17 نهج أوزباكستان، حي النصر 1 بتونس العاصمة.   نتوجه للأخ رضا بوكادي المحاكم بالسجن مدى الحياة والموجود الآن بسجن برج العامري والى شقيقتيه بخالص العزاء والدعاء أن يرزقهم الله الصبر وان يخلفهم في والدتهم خيرا.   كما نتمنى على العقلاء من السلطة التونسية أن يمكنوا الأخ بوكادي من حضور دفن والدته وإلقاء نظرة الوداع الأخير عليها وليعلموا أن لهذه الدنيا رب عادل يحكم بين الناس وانه ينتقم للمظلوم ولو بعد حين فتفكروا يا أولو الألباب.   صديق لرضا البوكادي وإخوانه.


ايقاف اربعة من الاساتذة المسقطين عمدا في مناظرة الكاباس

 
تم اليوم مع منتصف النهار ايقاف اربعة من الاساتذة المسقطين عمدا في مناظرة الكاباس كما يسمون انفسهم وذلك في شارع بورقيبة في العاصمة تونس ولا تزال اسباب الايقاف مجهولة غير ان الجهة القائمة بالايقاف معروفة وهي السلطة الظالمة الغاشمة. من الاسماء التي وصلتنا

السيد حسين بن عمر والسيد محمد المومني صديق للموقوفين


 

  بـــــلاغ
تونس في 19جويلية2006   نحن الاساتذة المسقطين عمدا في شفاهي الكاباس 2006 و على اثر قيام زملائنا السادة : محمد مومني، الجيلاني الوسيعي و الحسين بن عمر اليوم الاربعاء 19/07/2006 و على الساعة  12 و 30 دقيقة بالتظاهر السّلمي بشارع الحبيب بورقيبة، قبالة نزل أفريكا، مرتدين أقمصة بيضاء تحمل الشّعارات التالية:  » المسقطون عمدا في كاباس2006″ ، » لا للرشوة لا للمحسوبية »  » لا للفرز الامني » و ذلك في اطار مواصلة التعريف بمظلمة فرزنا أمنيا من النتائج النهائية لأكبر مناظرة وطنية مؤهلة لسوق الشغل، حيث هاجمتهم فرق متنوعة من البوليس السياسي و اقتادتهم الى منطقة باب بحر أين تم الاحتفاظ بهم حتى الساعة السابعة مساءا بعد الاعتداء عليهم بكل شراسة و عنف مادي و لفظي و نخص بالذكر رئيس المنطقة نفسه و كذلك المدعو « سامي الردّادي » الذي بالغ في الاعتداء على زميلنا الحسين بن عمر. يهمنا أن نعلم الرأي العام أننا:
– اننا سنواصل مسيرتنا النضالية دون أن تثنينا كل التهديدات الأمنية دأبنا في ذلك عدالة قضيتنا. – نهيب بكافة القوى الحيّة من منظّمات و أحزاب سياسية و نقابات مهنية مساندتنا و ندعوها مجددا لتبني قضيتنا.
الامضاءات:
– البشير المسعودي ( 37 سنة) أستاذية فلسفه 1999 – محمد المومني ( 33 سنة ) أستاذية فلسفة   وباحث في ماجستير الفلسفة. – جيلاني الوسيعي ( 36 سنة) استاذية عربية 1999 – الحسين بن عمر (30سنه )الأستاذية في الإعلامية 2001  وشهادة الدراسات العليا المتخصصة في نظام الإتصالات والشبكات 2003 – علي الجلولي ( 33سنة ) أستاذية فلسفة 2001 – لطفي فريد (32 سنة ) أستاذية فلسفة 2002 – محمد الناصر الختالي (26 سنة ) أستاذية فلسفة 2005 – حفناوي بن عثمان ( 33 سنة ) أستاذية عربية 2005

مؤتمر اسطمبول للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يستنكر انتهاك حرمة المقدّسات في تونس!

مؤتمر اسطمبول للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يستنكر انتهاك حرمة المقدّسات في تونس!  

 
خاص بالحوار نت في يومي 14 – 15 جمادى الآخرة 1427 هج / 11 – 12 يوليو تموز 2006 انعقد بمدينة اسطمبول بتركيا المؤتمر الثاني للجمعية العامّة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي. وقد شارك في هذا المؤتمر أكثر من 300 عالم من أعضاء الاتحاد جاءوا من مختلف أنحاء العالم. استهلّت الجمعية العامة جلستها بحفل افتتاحي حضره عدد كبير من العلماء والرسميين الأتراك يتقدّمهم نائب رئيس الوزراء وزير الدولة السيد محمد شاهين، وفضيلة رئيس الديانة الأستاذ الدكتور علي دره قولي وسعادة والي إستانبول الأستاذ معمّر كولار وممثّل رئيس بلدية استانبول وعدد من أعضاء البرلمان التركي، ورئيس اتحاد الجمعيات الخيرية الأستاذ نجمي صادق أوغلو. كما حضر حفل الافتتاح معالي الأمين العام لمنظّمة المؤتمر الإسلامي الأستاذ الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو. وقد ناقش أعضاء الجمعية العامّة مختلف قضايا الأمّة والموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، وأبدوا فيها آراءهم ومقترحاتهم. كما أقرّت الجمعية العامّة النظام الأساسي ولائحة العضوية للجمعيات والأفراد المقترحين من مجلس الأمناء، وأبدى عدد كبير من الأعضاء ملاحظات تفصيلية عهدت الجمعية العامة إلى مجلس الأمناء المنتخب بأخذها في الاعتبار لتعديل النظام واللائحة المذكورين وعرضهما معدّلين على الجمعية العامة القادمة. وأحيطت الجمعية علما بصدورالميثاق الإسلامي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يعبّر عن الفكر الإسلامي الوسطي الذي يعتنقه الاتحاد، ويدعو إليه ويعمل على توسيع نطاق الالتزام به في الأوساط الإسلامية كافّة. وقد عرضت على الجمعية تقاريرعن عمل الاتحاد في خلال السنتين الماضيتين، عرضها الأمين العام ورؤساء لجان قضايا العالم الإسلامي، والحوار والاتصال، والإفتاء والبحوث. وبعد مناقشات مستفيضة لكلّ ما تقدّم، واستحضارًا لمسئولية العلماء في إسداء النصح للأمّة، حكّاما ومحكومين عندما يصيبها ما يهدّد مصلحتها العليا أو سلامة ديارها أو وحدة أبنائها أو استقرارها، أوجزت الجمعية العامة في البيان الختامي رؤيتها*لأهمّ قضايا الأمة الإسلامية وشؤونها الحاضرة: أولا: في الشأن الفلسطيني. ثانيا: في الشأن العراقي. ثالثا: في الشأن السوداني. رابعا: في الشأن الصومالي. خامسا: في الشأن الإيراني. سادسا: حقوق الأقليات المسلمة. سابعا: الدعوة إلى المصالحة الشاملة. وأعرب الاتحاد في بيانه الختامي كذلك عن قلقه البالغ لما تتعرّض له الأقليّات المسلمة في عدد من دول العالم من اضطهاد جائر، واستهانة بمشاعر المسلمين وشعائرهم ومظاهر حياتهم الفردية والجماعيّة، ويدعو الاتحاد حكومات تلك الدول، والإعلام فيها بوسائله كافّة، إلى ضمان حصول المواطنين المسلمين فيها على حقوقهم الكاملة بما في ذلك حقّهم في التعبير وممارسة الشعائر الدينيّة وحقّ تقرير المصير في المناطق التي يؤلّف المسلمون فيها أكثرية مطلقة. ويقف الاتحاد موقفاً مماثلاً من حقوق الأكثريات المسلمة في بعض البلدان الإسلامية التي تنتهك سلطاتُها حقوق الأكثرية الإسلامية، فتحرم نساءها من ممارسة حقّهنّ الطبيعي في ارتداء اللباس الإسلامي أو تضيّق على الملتزمات به، وتضطهد الملتزمين بدينهم لا لشيء إلاّ أن يقولوا: ربُّنا الله! بل قد يصل الأمر إلى حدّ تدنيس المصحف الشريف، والاستهانة بشعارات الإسلام وشعائره، من قِبل زبانية بعض هذه الأنظمة. ويدعو هذه الدول إلى الالتزام بدساتيرها التي تنصّ على مرجعية الإسلام لقوانينها، والانصياع لرغبات أكثرية شعوبها إن كانت كما تزعم أنظمة ديمقراطية*. هذا وقد قامت الهيئة العالمية لنصرة الإسلام في تونس بإطلاع السادة العلماء على ما جرى ويجري في تونس من مخالفات شرعية وانتهاك لحرمة المقدّسات الإسلامية على يد الحكومة التونسية من حظر للباس النسائي الشرعي وتعطيل رسالة المسجد وتدنيس المصحف الشريف…الخ. وقد أعرب كافّة العلماء عن دهشتهم واستغرابهم من وقوع هذه المخالفات من حكومة مسلمة في بلد مسلم! وأعلنوا عن استنكارهم البالغ لهذه الانتهاكات! وهو ما دعاهم للإشارة إليها في البيان الختامي، وتبنّى عريضة موقّعة منهم بصفة إسمية تضمّنت نداء علماء الإسلام إلى الحكومة التونسية هذا نصّها:
 
بسم الله الرحمن الرحيم عــريضــة
نداء من علماء الإسلام إلى الحكومة التونسية
نحن العلماء المسلمين الموقّعين على هذه العريضة أدناه: اعتبارا لما تواتر لدينا من أخبار بوقوع مخالفات شرعية واعتداءات متعدّدة ومتكرّرة على الدين الإسلامي من حظر للباس النساء الشرعي، مرورا بإغلاق الكتاتيب ومنع الأمالي القرآنية، وتأميم المساجد والجوامع، وتجريم التدريس فيها، إلى تدنيس المصجف الشريف؛ حيث ذكر بيان لفرع رابطة حقوق الإنسان ببنزرت صادر بتاريخ 01 يوينو 2006 أن مدير سجن برج الرومي الضابط (عماد العجمي) اعتدى بالعنف على السجين (أيمن الدريدي) كما أخذ المصحف الشريف وضرب به السجين المذكور، وأثناء الضرب سقط المصحف من يده على الأرض فركله بقدمه! إنّه اعتبارا لكلّ هذا فإننا: – نعبّر عن انشغالنا العميق بوضع الدين الإسلامي وشعائره ومؤسّساته في البلاد التونسية التي ينصّ دستورها على أن الإسلام دين الدولة. فكيف يسوغ أن تقع مثل هذه الاعتداءات على أقدس المقدّسات؟ – نعبّر عن استيائنا البالغ من هذه الاعتداءات الصارخة التي طالت مقدّسات الإسلام في تونس – بلاد جامع الزيتونة – وندعو الحكومة التونسية لاتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية وجزائية عقابا للجناة ومنعا لتكرار مثل هذه الاعتداءات. – نطالب الحكومة التونسية بالتزام مقتضيات البند الأوّل من الدستور؛ وذلك بإلغاء القرار لإداري المعروف بالمنشور108 وسواه من المناشير والقوانين المخالفة للشرع الإسلامي. – كما نطالبها بفتح المساجد والكتاتيب للتعليم الشرعي والأمالي القرآنية؛ فذلك خير ضمانة لأمن المجتمع التونسي وسلامة أجياله من الانحراف والإجرام والتشدّد والغلوّ. وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ. [الحج : 40]

التـواقـيع الإسم واللقب الصفة البلد

1-الشيخ يوسف القرضاوي رئيس اتحاد علماء المسلمين قطر 2-أ. د. حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين العراق 3-أ. د. أحمد محمد العسال مستشار الجامعة الإسلامية مصر 4-الشيخ محمد علي الصابوني أستاذ جامعي سوريا 5-الشيخ أحمد بن حمد الخليلي وزارة الأوقاف مكتب الإفتاء سلطنة عمان 6-أبو زيد المقرئ الادريسي أستاذ جامعي المغرب 7-د. محمد عياش الكبيسي عضو هيئة علماء العراق العراق 8-د. أحمد عبد الغفور السمرائي رئيس الوقف السني العراق 9-د. عائض القرني داعية السعودية 10-الشيخ رضوان بن شقرون داعية المغرب 11-أ. د. عبد الحميد عبد المنعم مصر 12-علي محمد علي 13-أبو عبد الرحمن فلسطين 14-أ. د. الشاهد البوشيخي المغرب 15-محمدعبد الرحيم سلطان العلماء أستاذ جامعي الإمارات 16-السيد عبد الله فدعق داعية السعودية 17-محمد ذاكر جتين عضو جمعية البحوث تركيا 18-د. ثاني عمر موسى أستاذ جامعي نيجيريا 19-د. سراج الدين بلال نيجيريا 20-د. محمد عزالدين توفيق أستاذ جامعي المغرب 21-الشيخ محمد عمار لبنان 22-نزار محمد فوزي يماني مكة المكرمة 23-أرتان آدمراد تركيا 24-يوسف آدم تركيا 25-مفتاح محمد 26-زيد الخالدي اليمن 27-د. هيثم خياط كبير مستشاري الصحة العالمية سوريا 28-عمر فاروق توقات تركيا 30-د. أحمد شيخ حسن أحمد الصومال 31-عبد العزيز محمد السعودية 32-د. حمزة بن خير حافظ المدينة المنورة 33-د. محسن حسين العواجي السعودية 34-د. علي حمزة العمري السعودية 35-د. خالد بن عبد الرحمن العجمي السعودية 36-د.عبد اللطيف محمود آل محمود مفتي البحرين البحرين 37-د. عبد العزيز الجفري طبيب وداعية السعودية 38-عبد الرحمن يوسف السنغال 39-أحمد سليمان موايي أستاذ أوغندة 40-حمدان مرجاء جزر القمر 41-د. صفوت حجازي أستاذ جامعي وإعلامي مصر 42-فاضل سليمان مدير مؤسسة جسور للتعريف بالإسلام مصر 43-محمد سعيد الدين رئيس معهد العلوم الشرعية/ قانسو الصين 44-عمر صالح عمر العراق 45-ياسمين الحصري مديرة أعمال خيرية مصر 46-حسين حسن عبد الله 47-يونس علي جنوب أفرقيا 48-عبد الرحمن محمد ييراني داعية إيران 49-آية الله محمد علي التسخيري أمين عام مجمع التقريب بين المذاهب إيران 50-عبد الرحمن بن عمر النعيمي قطر 51-مبارك الأسعد 52-محمد علي فلسطين 53-داود مصطفى فلسطين 54-طالب الحلي قطر 55-مراد ياسين تركيا 56-عبد الفتاح محمد إيران 57-علي فضل الله 58-الشيخ إحسان هندريكس رئيس مجلس القضاء الأعلى جنوب أفريقيا 59-أ. د. طه عبد الرحمن أستاذ جامعي المغرب 60-عماد أحمد إسبانيا 61-توفيق الغلبزوري المغرب 62-رشيد بوطربوش إسبانيا 63-رانوا الخرساني إيران 64-د. قطب سانو أستاذ جامعي غينيا 65-أنيس قرفاح الجزائر 66-فريد سكري المغرب 67-سيدي المختار جالو مالي 68-عبد السلام مرشاداوعلى تركيا 69-حسن بصري تركيا 70-عبد الوهاب نورولي داعية السعودية 71-محمد مودودي داعية وإعلامي تركيا 72-د. شامل سلطانوف منسق الاتحاد البرلماني روسيا 73-محمد صلاح الدينوف روسيا 74-سليم الله عبد الرحمن 75-جمال الدين سيروان سوريا 76-د. زياد محمود العراق 77 -الشيخ محمد ذاكرجيته تركيا 78 -عادل شكيب المغرب 79-أيوب الأعرج المغرب 80-الشيخ أحمد سيد بنجويني عضو البرلمان العراقي العراق 81-د. محمد عمر الزبير خبير اقتصادي السعودية 82-د.عبد الرحيم محمود آل محمود مستشار البحرين 83-أ. د.علي محي الدين القرهداغي أستاذ جامعي قطر 84-محمد ابراهيم الهستياني كاتب وباحث العراق 85-كامل أوغور يارالي أستاذ جامعي تركيا 86-د. عثمان إسماعيل إمام مسجد إقليم آجه/ اندونيسيا 87-د. ليث سعود جاسم أستاذ جامعي ماليزيا 88-د. محمد سليم العوّا الأمين العام لاتحاد العلماء مصر 89-عالم جان صفروف داعية طاجيكستان 90-أ. د. أحمد أغيرافجة أستاذ جامعي تركيا 91-أ. د. عبد الله بن بية نائب رئيس اتحاد العلماء السعودية 92-محمد عبد الحق أنصاري رئيس الحماعة الإسلامية بالهند الهند 93-أ. د. حسن الشافعي أستاذ جامعي مصر

( المصدر موقع الحوار نت بتاريخ 19 جويلية 2006 )


النفاتى: تونس تولى الدين الإسلامى عناية متميزة

 
 تونس: نفى الأستاذ فتحي النفاتي الداعية والمستشار التونسي ما اشيع حول اهمال تعاليم الدين الإسلامي بتونس . مؤكدا على العناية المتميزة بالدين الإسلامي الحنيف والقائمين على شؤونه من منطلق أن تونس تعتبره ثابتا أساسيا لتوطيد انتماء البلاد لهويتها الحضارية والثقافية . وارجع النفاتي ما اشيع إلى التهم التى يتداولها البعض حيال المساجد ، مؤكداً على أن تونس تولي اهتماما متزايدا لبيوت الله ترميما وصيانة و تجهيزا. مشيراً إلى أن عدد المساجد قد ارتفع في تونس من 913 سنة 1987 إلى 1214 مسجدا سنة 2005 كما ارتفع عدد الجوامع من 1477 إلى 3066 خلال الفترة نفسها ، : » وهو ما يعني أن ما شيّد من جوامع ومساجد في عهد الرئيس بن علي يفوق ما شيد منذ الفتح الإسلامي ». مضيفاً أن العناية بالمعالم الدينية شملت القديم والجديد على حد سواء « باعتبار هذه المعالم تراثا وطنيا ومن مقومات الشخصية الحضارية لتونس ». كما أشار النفاتي لجريدة المدينة السعودية إلى أن الرئيس بن علي طبع مصحف الجمهورية في طبعة متميزة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد، حيث عهد إلى ديوان الإفتاء بالإشراف على هذا العمل الجليل في مختلف مراحله قصد إنجازه وإخراجه في أحسن صورة، وأنه أحدث منذ سنة 2002 مسابقة تونس الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره بمشاركة مرشحين من دول عربية وإسلامية وهي مسابقة تحظي بإشعاع عالمي. كما تم إحداث جائزة رئيس الجمهورية العالمية للدراسات الإسلامية تشجيعا للعلماء والباحثين التونسيين وغيرهم على بذل الجهود الفكرية اللازمة لتعزيز الصورة المشرقة للدين الإسلامي و دعم ما يقوم عليه من مبادئ التآخي والمحبة والتعايش ومن نبذ لنوازع التعصب والتحجر. ( المصدر موقع محيط بتاريخ 19 جويلية 2006 )

فتحي النفاتي: تونس أقامت مقاربتها في المجال الديني على مقومي الأصالة والحداثة

 
لطفي عبداللطيف – جدة رفض الأستاذ فتحي النفاتي الداعية والمستشار التونسي ما تردد من أن تونس تهمل تعاليم الدين الإسلامي مؤكدا على عنايتها المتميزة بالدين الإسلامي الحنيف والقائمين على شؤونه من منطلق أنها تعتبره ثابتا أساسيا لتوطيد انتماء البلاد لهويتها الحضارية والثقافية وإثراء رصيد إسهاماتها في الحضارة الإنسانية. وأضاف النفاتي بأن تونس أقامت مقاربتها في المجال الديني على مقومي الأصالة والحداثة باعتبار أن الدين الإسلامي قوام حضارة وركن أساسي في المجتمع. مضيفا » وقد أنصرف العمل ضمن هذا المنظور إلى مزيد ترشيد الخطاب الديني بما يجعله مزكيا للحياة الروحية ودافعا لمسيرة التنمية الشاملة و بما يعزز تمسك التونسيين الثابت بقيم الاعتدال والوسطية والتسامح والتضامن والتفتح والاجتهاد وبدعم سعيهم باستمرار إلى إثراء الفكر الديني المستنير وجعله مواكبا لمتغيرات الواقع ومسايرا لمقتضيات التطور والحداثة والرقي ». ودافع النفاتي عن تلك التهم التي يتداولها البعض حيال المساجد وأكد على أن تونس تولي اهتماما متزايدا لبيوت الله ترميما وصيانة و تجهيزا، مضيفا  » ارتفع عدد المساجد في تونس من 913 سنة 1987 إلى 1214 مسجدا سنة 2005 كما ارتفع عدد الجوامع من 1477 إلى 3066 خلال الفترة نفسها وهو ما يعني أن ما شيّد من جوامع ومساجد في عهد الرئيس بن علي يفوق ما شيد منذ الفتح الإسلامي كما أن العناية بالمعالم الدينية شملت القديم والجديد على حد سواء باعتبار هذه المعالم تراثا وطنيا ومن مقومات الشخصية الحضارية لتونس ». وتجسيدا للمنزلة الرفيعة التي يتبوأها كتاب الله العزيز كان قرر الرئيس زين العابدين بن علي منذ سنوات تلاوة القرآن الكريم في رحاب جامع الزيتونة المعمور ليلا نهارا ودون انقطاع على مدار السنة ». وبيّن النفاتي  أن الرئيس بن علي طبع مصحف الجمهورية في طبعة متميزة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد حيث عهد إلى ديوان  الإفتاء بالإشراف على هذا العمل الجليل في مختلف مراحله قصد إنجازه وإخراجه في أحسن صورة، وأنه أحدث منذ سنة 2002 مسابقة تونس الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره بمشاركة مرشحين من دول عربية وإسلامية وهي مسابقة تحظي بإشعاع عالمي. كما تم بقرار من الرئيس بن علي إحداث جائزة رئيس الجمهورية العالمية للدراسات الإسلامية تشجيعا للعلماء والباحثين التونسيين وغيرهم على بذل الجهود الفكرية اللازمة لتعزيز الصورة المشرقة للدين الإسلامي و دعم ما يقوم عليه من مبادئ التآخي والمحبة والتعايش ومن نبذ لنوازع التعصب والتحجر وكل أشكال التطرف وذلك تواصلا مع الاهتمام الرئاسي الخاص بموضوع الحوار بين الحضارات والثقافات والأديان وما اشتهرت به تونس على مر العصور من تفتح وحوار وإصلاح. وفي هذا الباب يكفي التذكير بأن تونس احتضنت سنة 1995 الندوة الدولية حول بيداغوجيا التسامح التي انبثق عنها عهد قرطاج للتسامح.  ( المصدر موقع  المدينة بتاريخ 19 جويلية 2006 )
 

 

تونس تجلي عشرات من رعاياها في لبنان

Wed Jul 19, 2006 12:22 PM GMT
 
تونس (رويترز) – قالت وسائل اعلام محلية يوم الاربعاء ان تونس قامت باجلاء عشرات من رعاياها المقيمين في لبنان بعد تصاعد الهجمات الاسرائيلية هناك. وقالت صحيفة الحرية الناطقة باسم الحزب الحاكم في تونس ان طائرتين للخطوط التونسية هبطتا الليلة الماضية بمطار تونس قرطاج وعلى متنها العشرات بينما قالت صحيفة الصريح ان نحو 30 تونسيا مقيمين بلبنان وصلوا تونس. واضافت الصريح ان سفارة تونس ببيروت استأجرت حافلة لنقلهم الى سوريا قبل تسفيرهم الى تونس.


بسم الله الرحمان الرحيم

رهـــــائـــن الوطــن فــي خطــــــر

 
على اثـر البيان الصادر عن المجلس الوطني للحريات بتاريخ 17 جويلية 2006 والــذي يشير الى تعرض بعض النقابيين الى اعتداء عنيف من طرف رجال الأمن ومن بينهم شقيـقي السيد زهيـــر نصـــري  » عضو الجامعــة العـــامة للصحــة ومســؤول العلاقــات الدوليــة والخارجية فيها  » اتصلـت بشقيقي الذي أفادني أنــه تعرض فعلا لاعتداء وحشي من طــرف رجال أمن بالزي المدني الذين انهالوا عليه بالهراوات والضرب على كامل جسده ، نقل على اثر هذا الاعتداء الى المستشفى في حالة خطيرة ، وبعد التشخيص  تبيــن انه أصيب بكــســر مضاعف على مستوى يديه مما حتم وضع الجبس لمدة ثلاثة أشهر كما أصيب على مستــوى رأسه اصابات بليغة وكذلك كامل جسده ، وهو الآن يلازم الفراش بدون حراك ويأتي هذا الاعتداء الوحشي في ظل تعمد السلطات التونســية التعرض للقـــيادات الحزبيــة والنقابية والحقوقية للتنكيل بهم وتعريض حياتهم للخطر ، مما يستوجب مساندة فرسان الحرية داخل البلاد لكونهــم رهائن في يد السلطة وفـــي أحســـن الحالات  » مساجــين فـــي حالـــة ســـراح مــؤقــت  الأستــــاذ فتحــــي نصـــــري

الصحة و التغذية:

مأساة مساجين الرأي في تونس

 شهادة السجين كمال بسباس : في سجن برج الرومي سنة 1994 كنت مقيما بجناح A  و في أحد أيام شهر جوان أجبرني رئيس الجناح المدعو حسن الصحراوي على حلق لحيتي بدون استعمال صابون حلاقة و بشفرة استعملها قرابة العشرين سجينا و لم تتم الحلاقة إلا و الدماء تسيل من وجهي. شهادة السجين فرج إلجامي في سجن تونس سنة 1992 كان الاغتسال بالغرفة محجرا تماما ولا يكفي الاغتسال الأسبوعي الجماعي لتنظيف البدن نظرا لقصر المدة المخصصة له, و الطريقة المتبعة هي التالية: يتم فتح الماء لفترة وجيزة جدا قصد تعميم البدن, ثم يفسح المجال لاستعمال الصابون و يفتح الماء مجددا للغسل النهائي و لا يكفى الوقت لإزالة رغوة الصابون التي تبقى على أجساد بعض السجناء حتى ارتداء ملابسهم. لحبيب امباركي سويسرا mbarkiha@yahoo.fr  

 

في محاضرة عن البطالة في تونس أبو غزالة: البطالة ليست قدرا والخيارات التعليمية من أهم أسبابها

تونس – أقلام أون لاين

نظم الحزب الديمقراطي التقدمي محاضرة ألقاها الخبير الاقتصادي الدولي الدكتور المنجي أبو غزالة، تحدث فيها عن واقع البطالة في تونس، ومجمل الأرقام والنسب التي تقدمها السلطة. وقام بمقارنة تلك النسب مع عدد من الدول، التي تشبه وضعيتها وضعية تونس. وخلص إلى أن البطالة، وخاصة منها بطالة الشباب، ليست قدرا مقدورا، معتبرا أن من أهم العوامل، التي تساهم في ارتفاع نسب العاطلين التوجهات التعليمية للدولة.

الشابي: البطالة معضلة اجتماعية

قدم الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي أحمد نجيب الشابي المحاضر الدكتور أبو غزالة، قائلا « إن الرجل معروف، وقد لا يتطلب الكثير من التقديم، ولكن من المفيد التذكير بأن الأستاذ أبو غزالة هو عميد سابق لكلية الاقتصاد بتونس، وهو خبير دولي، له العديد من الكتابات في الاقتصاد التونسي بشكل خاص، وتحديدا في ميدان التشغيل ».

ثم قدم الشابي موضوع الندوة، مشيرا إلى أن البطالة هي من ناحية معضلة اجتماعية، لأنها حينما تسيطر على الحياة العامة تغلق الآفاق في وجه الشباب، وفي وجه المواطنين، مشيرا إلى أن البطالة محل تجاذب بين المعارضة والحكومة، فالأخيرة تدعي أن نسبتها في حالة انخفاض، والمعارضة تتساءل هل هذا صحيح أم إن الأمر لا يعدو أن يكون تجميلا للإحصائيات؟ وعلى أي أساس يقع تقدير نسبة البطالة؟ وهل إن سياسات التدخل التي تعتمدها الحكومة هي الطريق السليم لإحداث مواطن الشغل، أم إن إحداث مواطن الشغل في ظروف الخصخصة وفي ظروف اقتصاد السوق وفي ظروف العولمة يتطلب سياسات أخرى تعنى بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة، وتعنى بحالة الاستثمار؟.

أبو غزالة: النسب التي تقدمها السلطة تبقى مرتفعة

قال الدكتور أبو غزالة إن محاضرته ستكتفي بإعطاء « لمحة سريعة عن واقع البطالة بالبلاد، وسأحاول أن أقدّم بعض المعطيات لكي تكون محفزة للحوار بيننا ».

وقام العميد السابق لكلية الاقتصاد بتقديم عرض سريع لواقع سوق الشغل في تونس، قائلا « نحن شعب يتكون من حوالي 10 ملايين مواطن. ¾ منهم في سن العمل، وهذا لا يعني أن ليس هناك أطفال يعملون، أو أن هناك تشريعات تحرم عمالة الأطفال. ومن المجموعة النشطة، التي تقدر تقريبا بـ 7 ملايين نسمة، هناك تقريبا نصفهم يعتبرون من الشريحة النشطة، أي الذين يعملون، أو يريدون أن يعملوا أو عبروا عن رغبتهم في العمل، يعني تقريبا 3.5 مليون. ومن بين هؤلاء نجد تقريبا ¼ من النساء و¾ من الرجال، لأن نسبة الناشطيّة عند الرجال هي في حدود 75 في المائة وعند النساء هي في حدود 25 في المائة. وعلى 3.5 مليون من الناشطين نجد نصف مليون ليس لهم عمل، لتكون النسبة في حدود 14 أو 15 في المائة من العاطلين عن العمل. هذه تقريبا وبصفة إجمالية الأرقام الرسمية على الأقل لواقع البطالة بالبلاد، والسؤال هو لماذا هذه النسبة من البطالة، لأن نسبة 14 أو 15 أو حتى 17 في المائة تبقى نسبة كبيرة بالمقارنة مع الدول، التي تشبه وضعيتها وضعية تونس.

وتابع أبو غزالة قائلا « إن نسبة الناشطيّة لدى النساء هي في ارتفاع، بسبب ارتفاع نسب المتعلمات. وإذا ارتفعت نسب المتعلمات ترتفع نسب طالبات العمل، وبالتالي ترتفع نسب الناشطات، وإذا أضفنا إلى ذلك ارتفاع نسبة النمو الديمغرافي، فمن المنتظر أن نشهد ارتفاعا كبيرا لطالبي الشغل ».

ثم شرح نسب توزع الناشطين حسب المستوى التعليمي، وقال إن ما يجب ملاحظته أو التركيز عليه هو فاعلية النظام التعليمي. فالبلدان التي لوحظت فيها نسب بطالة أقل هي البلدان التي نجحت في توجيه أعداد أكبر من التلاميذ إلى التكوين المهني، فإذا كانت هذه النسبة في بلد مثل ألمانيا مثلا في حدود 60 في المائة، فإنها في تونس في حدود 10 المائة. وشدد المحاضر على أن نسبة البطالة لدى الشباب هي أكبر منها لدى الشرائح الأخرى. واعتبر أن هذا ليس قدرا، والدليل وجود بلدان نجحت في الحد من هذه الظاهرة مثل فرنسا، إذ تتراوح هذه النسبة بين 10 و12 في المائة، وايرلندا وسنغافورة في حدود 6 في المائة.

وختم المحاضر بالتساؤل هل إن نسبة البطالة في تراجع؟ وقال إن الرد على هذا التساؤل يطرح قضية قياس نسب البطالة، التي قد تختلف باختلاف الطريقة المعتمدة، لكن هذا الاختلاف عادة لا يكون كبيرا، فهو في حدود 1 في المائة. وبغض النظر عن الطرق المعتمدة في تحديد هذه النسبة، فإن الأرقام التي تقدمها تونس حول البطالة، والتي تقول إنها تدور في حدود 14 و15 في المائة هي أرقام تبقى مرتفعة جدا، والمهم كذلك حتى لا نحصر أنفسنا – كما قال- في البحث عن أدوات القياس هو أن نبحث في الأسباب وفي الحلول:

– ففي الأسباب تطرح مثلا قضية المكننة وتعصير أدوات الإنتاج. وقال الدكتور أبو غزالة إن هذه المسلمة ليست صحيحة، لأن التطور الصناعي والتقني إلى جانب كونه يؤثر على بعض مواطن الشغل، فإنه يحدث في المقابل أعدادا أكبر من مواطن العمل وكسب الرزق. فالآلة البخارية والقطار البخاري أثّرا ولا شك على عدد كبير من العاملين في مجال النقل، ولكنه في المقابل فتح أبوابا أكبر لإحداث مواطن شغل جديدة.

– أما عن المنافسة وتأثيرها على سوق الشغل فيرى العميد السابق لكلية الاقتصاد أن المنافسة لا تؤثر بالضرورة على سوق الشغل، وأن البلدان التي تأثرت بسبب المنافسة هي البلدان التي لم تستعد كما ينبغي لمواجهة منافسة البلدان الأخرى. وقال إن بعض البلدان نجحت في مواجهة المنافسة الشرسة، التي تتعرض لها، وشدد على التلازم بين الاستثمار والنمو والبطالة.

 

(المصدر: مجلة « أقلام أون لاين »، العدد الثامن عشر، السنة الخامسة / جويلية – أوت 2006) وصلة الموضوع: http://www.aqlamonline.com/nour18.htm
 

 
بسم الله الرحمان  الرحيم و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين 

رسالة خالدة بمناسبة  عيد الجمهورية المجيد 25 جويلية 1957 للذكرى و العبرة و الدرس و مقترحات جريئة

 

الحلقة الثالثة و الأخيرة 
 
  بقلم محمد العروسي الهاني       رئيس شعبة دستورية  سابقا أواصل بروح وطنية عالية الكتابة حول عيد الجمهورية المجيد 25 جويلية 1957 الذكرى 49 و التي تجري مجرى الدم  في الجسم لم و لن ننساها ابدا الدهر و لن أنسى صداها ووقعها وأبعادها و تأثيرها في القلوب و العقول فقد تابعنا و نحن شبان  في سن السابعة عشر (17) أحداث ووقائع هذا اليوم الخالد المجيد الذي غيّر مجرى التاريخ في تونس فقد كان  النظام  فردي نظام البيات هذا  النظام نظام  البايات حكم البلاد 250 سنة كاملة   بكل اسباب الهيمنة و الاستبداد و الظلم و القهر و الاستغلال المادي و  التسلّط على الشعب و هو  نظام يستمد نفوذه من  نظام تركيا وأصل العائلة الحسينية من  الأتراك جاؤا في القرن السابع عشر ميلادي و حكموا تونس بقبضة من حديد إلا  من  رحم ربك رجل واحد مصلح كان وطني غيور المرحوم محمد المنصف باي الذي أظهر مرونة و رجولة و إستعداد لمساعدة الوطنيين الأحرار و الدفاع عن  قضية  الوطن. و ناله ما نال الزعماء الاحرار و أبعد و  سجن و  مات في ديار الغربة رحمه الله و جزاه الله خيرا.   أسباب الحماية الاستعمارية  الفرنسية إنّ حب المال و الإنفاق المفرط و القصور و حب الشهوات و متعة الدنيا و زينتها كان  وراء الحماية و الإحتلال الفرنسي في 12 ماي 1881 عندما شعر الباي محمد الصادق بأنّ الشعب التونسي أصبح عاجزا على  آداء المجبة و غيرها و  أفلس الشعب و  فقد ثروته و ماله. وأصبح عاجزا على الحصول على  لقمة العيش و المسكن. فضلا على التعليم و الصحة في تلك الحقبة التاريخية العسيرة و  المؤلمة فقد الباي و  حاشيته و زروق وأعوانه و القائد و  الخليفة و الكاهية و شيخ التراب و الهواديك في ذلك  العهد الاستبدادي الظالم عندما فقد كل الإمكانيات المادية و  المحاصيل من الثورة الفلاحية و البحرية  و الصناعة التقليدية و  فهم الباي انّ الزنقة مسدودة و مغلقة و  ليس أمامه إلا التفكير في بيع تونس و رهنها للإستعمار الفرنسي بعد أن  وطأ أقدامه في الجزائر الشقيقة منذ نصف قرن 1830 هرول  الباي وأعوانه و حاشيته لبيع تونس و  رهنها  للحماية الاستعمارية مقابل حفنة من  المال تلك هي أسباب الحماية المال وإشباع البطن و  الشهوات و التفاخر بمتاع الدنيا…   المقاومة التونسية  الشريفة بدأت المقاومة التونسية منذ عام 1881 عهد الحماية في كل الجهات بدا من صفاقس و الجنوب و إستمرت المقاومة في ثورات متلاحمة حتى  عام 1954 وأذكر ثورة علي بن غذاهم و محمد الدغباجي  و كذلك ما قام به المناضل النقابي محمد علي الحامي و علي باش حانبة و تكوين الحزب الحر الدستوري التونسي على يد الشيخ عبد العزيز الثعالبي رحمه الله ثم جاء دور التنظيم المحكم و الإرادة السياسية و العزيمة و الإيمان و الحماس   قيادة جديدة حكيمة عام 1934 برزت قيادة شابة متحمسة متعلقة بالوطن  صابرة و صامدة و  عقلانية  و فاعلة و كتب الله لهذه القيادة التوفيق و النجاح و النصر. و منذ يوم 3 جانفي 1934 أول لقاء  تاريخي بين الزعيم الشاب الحبيب بورقيبة 31 سنة و الزعيم الطاهر صفر رفيق الدرب النظالي و بين أحرار قصر هلال في عشية من  ايام رمضان  المعظم أراد  الزعيم إقناع أحرار قصر هلال فرفضوا اللقاء و لم يقتنعوا و  بعد إلحاح أجلوا اللقاء إلى بعد الإفطار و شحوا بشربة ماء في رمضان كان لهذه الشحّ كل الخير و السعادة و النصر. و عاد  الزعيم و خاطب القوم بلغة الحكمة  و العقل فإقتنعوا و رفعوه على الأعناق و في تلك اللحظة اكتشف الزعيم بورقيبة نفسه و تيقّن أنه خطيب ملهم  و جاءت فكرة إنعقاد مؤتمر 2 مارس 1934 الحاسم و كان  الموعد و حسم الخلاف و  تمّ ميلاد حزب جديد عتيد  الحزب الحر الدستوري التونسي الجديد بقيادة شابة تتألف من  خمسة عناصر من  أبرز النخبة المثقفة في عصرها و  هم  الدكتور محمود الماطري،  الحبيب بورقيبة، الطاهر صفر، محمد بورقيبة، و  البحري قيقة قيادة حكيمة مناضله و  ملتزمة ووفية حققت النصر بفضل الله و عونه وواصل الزعيم  الحبيب بورقيبة مسيرة النضال حتى  النصر و جاء التتويج الأول بالإستقلال الداخلي يوم غرة جوان 1955 الذي إقترن بعودة  الزعيم الحبيب بورقيبة إلى أرض الوطن في يوما  مشهودا تاريخيا و  كان  اليوم الفاصل بين عهدين بفضل سياسة المراحل    20 مارس 1956 التتويج الكامل و الاستقلال العام   بنفس القيادة الحكيمة شرعت هذه القيادة في ترتيب البيت التونسي و شكلت حكومة و طنية يوم 14 أفريل 1956 برآسة الزعيم الحبيب بورقيبة و جاء بعدها تونسة الأمن و الجيش و الجندرمة « الحرس الوطني » و  الديوانة وإصدار مجلة الأحوال الشخصية تحرير المرأة. إلغاء النظام الملكي يوم 25 جويلية 1957 و إعلان  الجمهورية   في هذا اليوم تابعنا بكل وفاء و صدق ووهج الوطنية مداولات المجلس التأسيسي الأول حول تحديد معالم  النظام  الجديد في تونس و جاء الإعلان مدويا مرتفعا متحمسا قويا صادقا من  طرف نواب المجلس التأسيسي منادين بإلغاء النظام الملكي و إعلان الجمهورية التونسية لأول مرة في التاريخ و نادى النواب بإنتخاب الزعيم  الحبيب بورقيبة رئيسا للجمهورية و هو رئيس الحزب ووسط الهتاف الحار و التصفيق وقف الزعيم وألقى خطابا طويلا دام  أكثر من  ساعتين أطنب فيه شرحا  وتفصيلا هذا الحدث الوطني مبرزا محاسن  النظام الجمهوري معددا خصاله ذاكرا مساوىء النظام الملكي وتمّ ذلك في كنف الهدوء التام وإنتقال السلطة تم في جو مفعم بالحماس الوطني و بصورة حضارية لم  ترق قطرة دم و لا كلمة و لا شعار مخالف.   العهد الصادق   عاهد الزعيم  الحبيب بورقيبة الله و  عاهد  التاريخ و عاهد الشعب على خدمة البلاد بشعار عش لغيرك و فعلا  عاش بورقيبة طيلة حياته كمحامي و  صحفي من 1927 إلى 1933 و كزعيم  سياسي و قائد من 1934 إلى 1956 و من 1956 إلى 1987 كرئيس للبلاد عاش شريفا نظيفا و جسّم  العهد طيلة 60 سنة و كان  مثالا في السلوك و التضحية. عاش نظيفا و مات و لم يترك حجرة و  لا  شجرة و لا  دينارا و لا رصيد في الخارج   تلك هي قيم  الجمهورية التونسية مواقف خالدة لبعض الدول أذكرها بكل إعتزاز إنّ مواقف المملكة المغربية نحو الزعيم  الحبيب بورقيبة لن ننساها و إنّ المبادرة  الت ي قام  بها السنة الماضية الملك محمد السادس نجل الملك الحسن  الثاني رحمه الله نحو تكريم الزعيم  الحبيب بورقيبة حيث دعا نجله الحبيب بورقيبة الإبن في حفل مشهود وأسند إليه الوسام الأكبر العلوي تكريما لروح الزعيم و دوره في القضايا المغاربية إبّان حركة التحرير كذلك لا ننسى دور الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية الجزائرية الشقيقة و مبادرته الفريدة من نوعها حيث كان أول رئيسا في العالم العربي و الإسلامي ما حرصه على الحضور لتشييع جثمان الزعيم الراحل في خشوع و تدبر كما إنّ السيد عبد العزيز بوتفليقة أبا إلا أن يجتمع بنواب مجلس النواب و عدّد في هذا الخطاب التاريخي الرائع خصال المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة مرارا بحماس و قوة حتى  أنه كررّ قولة الزعيم بورقيبة في خطاب أريحا  و مواقفه التاريخية الخالدة في كل القضايا التي تهم  مغربنا  العربي الكبير و لا ننسى مواقف فرنسا  الصديقة خصم الأمس اللدود الصديقة اليوم حيث بادرت رئيسا و حكومة و شعبا بتنظيم سلسلة من الحوارات الإعلامية في القنوات  الفرنسية و  عددت  خصال رمز هذه الأمة و حضر الرئيس شيراك بنفسه تشييع جثمان الزعيم  الحبيب بورقيبة كما إنفردت فرنسا بتدشين ساحة كبرى بقلب باريس في 6 أفريل 2004 بمناسبة الذكرى الرابعة لوفاة الزعيم تخليدا لذكرى هذا  الرجل العظيم  الذي ترك بصمات في العلاقات التونسية الفرنسية يقدرها  أحرار فرنسا واصدقاء السلم و طبعا يبغضها علاة  الإستعمار و  تلك صفحت قد طويت بدون  رجعة و الحمد لله و ما يذكر في هذا الصدد أنّ الزعيم بورقيبة قال قبل وفاته لا أخاف على تونس إلا من ابنائها و بهذه العبارة  إنه مطمئن  على تونس ولا  يأتيها الخطر من  الخارج   و بمناسبة عيد الجمهورية يوم 25 جويلية  2006 نقترح : أولا :تنظيم مسيرة شعبية من  العاصمة إلى المنستير للترحم على روح مؤسس الجمهورية الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله ثانيا : تخصيص حصة بساعة في التلفزة الوطنية لإبراز خصال هذا الرمز الخالد  التاريخي دون  تهميش أو إدخال أشياء أخرى على  تاريخ و  خصال الرمز ثالثا : تكريم نجله الحبيب بورقيبة  الإبن و دعوته فوق  المنصة و توسيمه بالوسام الأكبر للجمهورية تقديرا لنظالاته و  تضحيات الرمز الاب الحبيب بورقيبة كما تمّ ذلك في باريس سنة 2004 من  طرف السيد ديلانوي رئيس بلدية باريس الكبرى رابعا : تكريم عدد من الولاة و المعتمدين  الذين ساهموا في بناء أركان الجمهورية خامسا: العمل على إذاعة خطاب الزعيم الحبيب بورقيبة يوم 25 جويلية 1957 و مقتطفات من خطاب أريحا يوم  3/3/1965 و مقتطفات من خطاب مؤتمر القمة عام 1979 بتونس سادسا : دعوة المناضلين مساء يوم 24 جويلية 2006 للتلفزة للحديث حول ذكرى  عيد  الجمهورية المجيد سابعا :  تكريم و توسيم نواب المجلس  التأسيسي  الباقيين على  قيد  الحياة و  تكريم عائلات الذين  غادروا الحياة من أعضاء المجلس التأسيسي تلك هي ذاكرة الشعوب الحية  الوفية  المخلصة لرموزها . ثامنا:  الإعلان على  إعطاء التأشيرة القانونية لجمعية الوفاء للمحافظة على تراث الزعيم الحبيب بورقيبة و  رموز الحركة  الوطنية  و ما  هذا بعزيز على حكومتنا و العهد الجديد و الله ولي التوفيق . تاسعا : إصدار ورقة مالية ذات 10 دنانير بمناسبة عيد الجمهورية المجيد تحمل صورة مؤسس الجمهورية الحبيب بورقيبة الحبيب بورقيبة تخليدا للذكرى و عرفانا للجميل لصانع مجد تونس و عزتها قال الله تعالى : و هل جزاء الإحسان  إلا  الإحسان صدق الله العلي العظيم     عاشرا : إصدار عفو شامل على المساجين تكريسا و ترسيخا  لقيم الجمهورية و تجسيما لروح التسامح التي هي من  ثوابت الجمهورية و أصولها إحدى عشر : السعي الجاد لمبادرة السلام  لقضية فلسطين وإحياء مبادرة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة المجسمة في خطابه يوم 3 مارس 1965 بأريحا و هذا فخر لتونس و للشعب التونسي قال تعالى : وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إنّ الله كان على كل شىء حسيبا  صدق الله العظيم   عاشت  الجمهورية التونسية في عنفوان العطاء و السخاء و الهيبة  و الوفاء و المصالحة الشاملة. وذكر بالقران من يخاف وعيد صدق الله العظيم عاش موقع الانترنات ناصرا لكلمة الحق رافعا لراية الاعلام.   ملاحظة :     المقترحات الإحدى عشر تدل على رمزين خالدين الرمز الأول ديني و إخلاقي تمسكا  برسول الله صلى الله  عليه  و سلم  و قدوة بصحابته العشرة رضي الله عنهم.  و الثاني يرمز إلى التعلق بتاريخ ميلاد رمز البلاد 3/8 /1903 


 

ثورة البناء والمقاومة

 
الهادي المثلوثي، تونس. نواصل هذه الأيام ونستمر على نفس مبادئ البعث ونستذكر إحدى محطات النضال الكبيرة ثورة السابع عشر-الثلاثين من تموز (جويلية) 1968 ومن قبلها ثورة تموز 1958 التي أطاحت بالعرش الملكي الرجعي صنيعة التاج الاستعماري البريطاني. ثورة تموز التحررية المنبعثة تعد عنوانا مميزا في تاريخ العراق العربي الأبي، أثار جميع أعداء الأمة العربية والمتآمرين عليها من الداخل وفي الخارج. تعود بنا الذكرى إلى بداية المسيرة الثورية للبعث فنزداد إيمانا بأن البعث كان نبراس ثورة وسبيل جهاد وعبور إلى المستقبل. استوعب البعث مبكرا أوضاع الأمة وما تعانيه من تفكك وتخلف واستغلال وفقدان للحرية والكرامة… فصاغ مشروعة النضالي الوحدوي التحرري الاشتراكي على أساس ثوري واعتبر نكبة فلسطين قضية العرب المركزية لاعتقاده أن صراع الأمة مع أعدائها يتلخص في الصراع العربي- الصهيوني وفي مواجهة القوى الرجعية حليفة الاستعمار وصنيعته التي تصرفت بمنطق مصالحها القطرية وليس بحكم المصالح القومية العليا وحقوق الأمة في الوحدة والحرية والعدالة، وتدريجيا تخلت هذه الأنظمة العميلة عن الالتزام بالقضايا العربية وتملصت من واجب المشاركة المباشرة في تحرير فلسطين وتطبيق اتفاقية الدفاع العربي المشترك إثر هزيمة 67 وتخاذلها في إزالة آثار العدوان والثأر للكرامة العربية المهدورة. وهكذا تحولت الأنظمة العميلة والمستسلمة إلى قوى ضغط على الثورة الفلسطينية للدفع بها على طريق التسوية والاستسلام تحت شعار سلام الشجعان الذي مكن الأنظمة من الاعتراف الصريح بالدولة العبرية ثم الشروع سرا وعلنا في سياسة التطبيع والتعاون مع الاحتلال الصهيوني. شكل البعث منذ نشأته سنة 1947 حركة فكرية وسياسية وواجهة نضالية للممانعة والتصدي لهذه السياسة الاستسلامية وأقامت ثورة تموز في العراق مشروعها على أساس الانبعاث المتجدد وتفعيل المقاومة والثورة الشاملة على الصعيد القطري والقومي فأحرج الرجعية والعملاء والأعداء معا وهدد مصالحهم وعروشهم.
قاد البعث ثورته المباركة ليطوي صفحة التآمر والصراعات وليفتح صفحة جديدة للعراق ليكون حرا مستقلا فكان عهدا جديدا للبناء والتقدم والأمن والاستقرار في ظل وحدة وطنية جعلت من العراق منارة للأمة وسندا قويا لقضاياها وردا على حالة الإحباط والهزيمة التي عصفت بالعرب في الخامس من حزيران 1967 وغيرها من النكسات الأخرى. جاء البعث إلى السلطة دون إراقة الدماء وتصفية الحسابات والانتقام من الخصوم بل لبناء صرح الجهاد الحقيقي والنضال البناء ومواجهة التآمر والتحديات والاستسلام والتخاذل العربي، جاء من أجل الجميع ومن أجل التحدي فانفتح على جميع أبناء الوطن فكان الحكم الذاتي للأكراد والجبهة الوطنية والقومية التقدمية للقوى السياسية وكان تأميم النفط والتنمية الشاملة ومشاريع البنى التحية والفوقية والقضاء على الأمية والبطالة والفقر وإقرار التكافل الاجتماعي والتعليم المجاني المفتوح والعلاج المجاني وغيرها من الانجازات التي سيبكي ويلطم من فقدانها كل من عايشوها.  شكل عراق البعث والثورة بإنجازاته وسياساتها التحررية المستقلة قلعة صمود وشموخ وقوة اقتصادية وعسكرية استفاد منها العراقيون جميعا ونالوا مكانة تستحق الاحترام والتقدير بين العرب جميعا وعلى الصعيد الدولي أيضا. فصار العراق بهذه المكانة مثار حفيظة الحاقدين والخونة قبل الأعداء الأجانب.
فبقدر ما كان البناء يعلو في العراق وإشعاع الثورة وإنجازاتها تعم بلاد الرافدين ويمتد صداها إلى أرجاء الوطن العربي كان الأعداء من الداخل وفي الخارج يستجمعون قواهم ويعدون العدة للإجهاز على قلعة الثورة وإسقاط نظامها وتدمير قوتها. تحركت وتحالفت قوى الشر الصفوية الرجعية والصهيونية العالمية المحركة لقوى الاستعمار الغربي وعملائه في المنطقة للحد من تنامي القوة العراقية ومن إشعاعه على المنطقة العربية من خلال تفعيل آليات التآمر  والتمرد وتنشيط قوى المعارضة الحاقدة على البعث وعلى مشروعه الوطني والقومي. البعض اتهمه بالكفر وبالعلمانية والبعض بالعمالة والبعض بالفاشية والبعض بالتهور والمغامرات غير المحسوبة… جاءته التهم من اليمين واليسار ومن الرجعية والتقدمية ومن جميع أعداء الوحدة العربية والتحرر القومي. وحين عجزت الدسائس والمؤامرات عن النيل من الوحدة الداخلية ولم تتمكن من تعطيل النهضة العراقية وانتشار فكر البعث بين أبناء الأمة، لم يجد المتآمرون من بد غير بناء تحالف امبريالي صهيوني فارسي لتدمير العراق وإيقاف مسيرة البعث وثورة تموز المجيدة. فكان التمرد الكردي المدعوم من شاه إيران والكيان الصهيوني عقابا للعراق على تأميم النفط ومشاركته في حرب 1973 ومبادرته بإقرار الحكم الذاتي للأكراد. ثم كان العدوان الصفوي 80-1988 والعدوان الصهيوني بقصف مفاعل تموز النووي ثم العدوان الثلاثيني 91 المرفوق بصفحة الغدر الطائفي الصفوي ثم قرار العقوبات الذكية المتمثلة في الحصار الجائر والظالم لمدة 13 سنة وقرار نزع أسلحة الدمار الشمال العراقية. وحين أثبتت ثورة تموز وحزب البعث اقتدارا جهاديا على الصمود والتماسك والتحاما شعبيا بالقيادة، شهد به الأعداء قبل الأصدقاء، لم يبق في إستراتيجية أعداء عراق الثورة والبعث غير تنفيذ قانون « تحرير العراق وإرساء الديمقراطية »، فكانت الحرب العدوانية الإنجلوأمريكية الصهيونية في 20 آذار 2003 التي أتت على الأخضر واليابس بهدف القضاء الكلي على إنجازات النظام العراقي الوطني وتدمير حضارة العراق ومؤسسات الدولة وتطبيق قانون اجتثاث البعث وتصفية البعثيين وكل الوطنيين الأحرار.
تحول العراق على يد « المحررين والديمقراطيين » إلى مسرح للتنكيل بالإنسان وبالمكان فعاثت الآلة العسكرية الإنجلوأمريكية تدميرا وتخريبا ونهبا ثم أطلقت يد الحقد الصفوي ويد الانتقام والغدر الطائفي السياسي ومكنت يد الخونة والعصابات من إدارة الفساد والنهب المنظم ومن قيادة البلاد إلى هاوية التفكك والفتن وها هم المناوئون يدقون طبولها ويحركون خيوطها عبر نعيق الفضائيات المدعومة طائفيا وأمريكيا. وقع العراق تحت الاحتلال في حرب غير متكافئة ومفتوحة وكان رد البعث منسجما مع خطه الثوري التحرري فلتحق رجال البعث وأنصارهم من الأحرار الشرفاء بخندق النضال والمقاومة لدحر الاحتلال الإنجلوصهيوني ومعاونيه والتصدي لفلول الخونة والغادرين من زعماء الطائفية والساسة المأجورين وعصابات الانتقام الصفوي الصهيوني. انطلقت المقاومة تواصلت ثوريا في سبيل البعث والتعبير عن وجود الأمة وإثبات إرادتها الحية في زمن أسود لا ضوء فيه غير شعلة البعث ونور الإيمان ووهج المقاومة المسلحة وهي روح الأمة وسر بقائها ووجهها الحقيقي. إن الحديث عن ثورة تموز هو بالضرورة حديث عن المقاومة الوطنية العراقية الباسلة بمختلف فصائلها وخلاياها لأن هذه مواصلة لتلك فهي الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي وهدفها الأسمى هو تحرير العراق من الاحتلال وطرد الخونة والعملاء وهي الأجدر والأوفى للحفاظ على سيادة ووحدة العراق وإعادة الأمن وتحقيق الإعمار كما هي دائما مهمات البعث ونضالاته الخلاقة. كم هلل المحتلون والمغرضون والحاقدون وغيرهم من ذوي النفوس المريضة أن البعث انتهى وأن إنجازاته قضت نحبها وصار كل ما له صلة بالبعث من الماضي المقبور لمجرد هدم مؤسسات النظام وحل أجهزته ومنظماته وأسر قياداته ولكن البعث فاجئ الكثيرين من خلال المواجهة المفتوحة وعبر ساحات النضال وخنادق القتال، انبعثت المقاومة من تحت الرماد دون مكابرة وتهريج إعلامي  وأوقعت الاحتلال وأعوانه في مستنقع الهزيمة لترغمه على الاعتراف بأن البعث لا زال يمسك بفنون النضال ويحسن قيادة المقاومة المسلحة في إطار جبهة وطنية وقومية إسلامية لأن معركة البعث ليست معركة حزب سياسي مبتور الجذور والامتداد الشعبي بل هي معركة الشعب العراقي ومعركة أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ما انفك أبناؤها المخلصون يرددون: لما اعتنقنا النضال كنا نعلم أنه الشرف والانعتاق فمهما عظمت التضحيات وطالت فإنا للفداء عشاق ولن يزيحنا عن سبيل الجهاد تاج ولن يثنينا إخفاق كلما سقطتنا غرة ننبعث حتما فالبعث للأمة إشراق ليس نحن من ينحني لغاز وليس غيرنا للعدو ترياق لا نعرف للاستسلام منهجا ولو فصلت منا الأعناق ولن نرضى غير النضال دربا لنا فيه عشق وسباق لم يدرك أعداء الأمة أن البعث ولد من رحم هذه الأمة ليحمل رسالتها ويجدد نضالها تعبيرا عن وجودها وقوة إرادتها وسعيا إلى تحقيق أهدافها وتطلعاتها بمختلف الوسائل المتاحة السلمية وعبر الكفاح المسلح والمقاومة الشعبية التي لا بد من فتح آفاقها. إن الدفاع عن الأمة والتحرر الوطني والقومي ليس حكرا على البعث وإن كان في الطليعة منه وإنما يستمد البعث قوته كذلك من إيمانه بوحدة النضال وقوى الثورة العربية المقاومة مما يجعله رافضا للاستسلام والإحباط مقتنعا بمعركة المصير الواحد وباستمرارية المقاومة وتنوع وسائلها وامتداد ساحاتها، كل ذلك في سياق نهجه القومي والثوري التحرري. وما محاولات محاصرة البعث واستئصال عربيا غير تأكيد على أن البعث لم يسقط بسقوط السلطة في العراق بل إن هذه المحنة قد أعادته إلى ساحة النضال الحقيقية لقيادة المقاومة المسلحة على الساحة العراقية وليجعل الاحتلال وزمرته في حالة من الانهيار والتخبط والعجز عن إيجاد مخرج للنجاة، فتمادوا في جنونهم الهستيري للتنكيل بالمواطن العراقي بحرمانه من الأمن والخدمات والزج به في أتون حرب طائفية توفر للاحتلال إمكانية تفتيت العراق على يد أبنائه (كما يتوهم) وتمكنه من الفرار بقواته ليراقب الوضع عن بعد وتغليب من يريد من الفرقاء على حساب من يعاديهم. ولكن شرفاء وأحرار العراق ورجال المقاومة يدركون جيدا نوايا ومخططات الاحتلال وبقية الأعداء والمتآمرين على وحدة العراق وعلى العروبة والإسلام.
إن أبناء ثورة تموز المجيدة وأنصار البعث وحلفاؤه ممن ساهموا في بناء العراق الموحد والقوي وممن شاهدوا وعانوا من جرائم الاحتلال وجرائم الحكومة اللقيطة يدركون جيدا مغزى المجازر التي ترتكب في حق الشعب العراقي تحت رعايتها ويفهمون مقاصد وألاعيب القوانين « الديمقراطية الجديدة » الخادعة بدءا بقانون تحرير العراق وإنقاذ الشعب العراقي من « الدكتاتورية » ومشروع إعادة إعمار العراق ثم قانون اجتثاث البعث وإعادة كتابة دستور جديد ملغوم والاستفتاء عليه ومهرجانات الانتخابات المفبركة وصولا إلى تشكيل الحكومة الأضحوكة التي دشنت عملها بالخطة الأمنية ومشروع المصالحة الوطنية… كلها سلسلة من الأكاذيب والأوهام للتغطية على الخطة الأهم وهي الاستمرار في نهب ثروات العراق وتفكيك وحدته الوطنية بتقسيمه جغرافيا وطائفيا ومصادرة قوته وهويته وإرادته وسيادته وإلحاقه بركب التبعية والعمالة الذي يحتضن معظم بقية الأنظمة العربية الأخرى بما يجعل السلام مع الاحتلال مطلبا رسميا والاستسلام طريقا للحفاظ على مقاليد السلطة والتطبيع سنة لإثبات حسن النية تجاه القوة الصهيونية والقبول بمشروع الشرق الأوسط الكبير بديلا عن الوحدة القومية والتكامل الاقتصادي العربي وجسرا للشراكة المقامة على أشلاء الأمة وأنقاض أقطارها ومسرحا مفتوحا للهيمنة الصهيونية بزعامة الجبروت الأمريكي الأعظم وحليفته دولة الاحتلال الصهيوني والإجرام الدولي التي كلما توسع إجرامها ازدادت الأنظمة العربية اقترابا منها وابتعادا عن الوحدة والتحرر وعن امتلاك الإرادة وحفظ السيادة الوطنية والقومية. غير أن المقاومة الوطنية والقومية الإسلامية بقيادة أبناء ثورة تموز ما انفكت تثبت أن انهيار الاحتلال في بلاد الرافدين وفشل مشروعه قد يسقط كل أحلام الاستعمار ويحبط أطماع الحركة الصهيونية. ونحن نحيي أبطال ثورة تموز وأبطال المقاومة الوطنية الباسلة، لا بد أن نذكر بأن مسلسلة اغتيال أحرار العراق من مسؤولي وعلماء وكفاءات عراق البعث لم يكن غير دليل على الحقد الأعمى وعلى السياسية الانتقامية العمياء التي أتت على عائلات بأكملها وأبرياء لا ذنب لهم. إن جوقة الخونة والعملاء الدائسين على أشلاء الشعب العراقي والمتكالبين على نهب الثروات واعتلاء المناصب من مصلحتهم القضاء على كل حر شريف وهدر الكرامة والشرف واستئصال الروح الوطنية من الجذور. فقتل الأبرياء وتعذيب المعتقلين واغتصاب الماجدات والتمثيل بجثث المغدورين أصبح هواية لجنود الاحتلال ومفخرة لمسلحي المليشيات للتعبير عن الوفاء الطائفي والنضال السياسي ومسعى لا تراجع عنه إلا بتجريد العراق من قوته وإرادته وعروبته وفرض الوصاية الأمريكية والفارسية عليه. إلا أن هؤلاء قد فاتهم أن البعثيين قد فتحوا من ثورتهم صفحة جديدة كما يقول المرحوم القائد المؤسس « صفحة الذين يجابهون المعضلات العامة ببرودة العقل ولهيب الإيمان، ويجاهرون بأفكارهم ولو وقف ضدهم أهل الأرض جميعا… هؤلاء هم الذين يفتتحون عهد البطولة »، عهد الثورة والمقاومة المسلحة التي انطلقت منذ 68 وعبدت نهج الصمود والتحدي لتستمر بعون الله. وها هي اليوم تذيق الاحتلال وأعوانه ما ذاقه خميني زعيم الثورة المجوسية. قد تصور الاحتلال وأزلامه أن سقوط النظام قد أودى بالبعث وأن القبض على بعض أبطال ثورة تموز وأن أسر الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي والرئيس الشرعي لجمهورية العراق والقائد العام للقوات المسلحة والبعض من رفاقه قد وأد المقاومة في مهدها وأسقط العراق في قبضة الاحتلال وفي متناول الحكومة اللقيطة. ولكن فرحتهم بالنصر النهائي لم تكن غير حدث عابر وسرعان ما ازدادت نار المقاومة اشتعالا بعد اعتقال قائد المسيرة وظل وهجها يحاصر الاحتلال في ثكناته ويطحن تحركاته كما فرضت المقاومة على الحكومة اللاشرعية واللاديمقراطية الإقامة الجبرية في ملاجئ المنطقة الخضراء تحت حراسة الاحتلال. تمر هذا الشهر الذكرى 38 لثورة تموز 68 وبعض قادتها ورموزها في الأسر يقارعون بطش الاحتلال ومكايد الخونة والحاقدين وأثبتوا أن محاكمتهم قد صارت إدانة للمحكمة ومحاكمة لمن يديرها ومن يقف وراءها. تريد هذه المحكمة الانتقامية أن تضع حدا لمهزلتها في هذا الشهر الرمز لثورة البعث بتصفية القائد الرمز صدام حسين ورفاقه الأبطال من خلال قرار مسبق بحكم لا يخشاه المجاهدون المؤمنون على طرق النصر أو الشهادة. هذه صفحة من الصفحات النضالية المشرقة للأمة تنضاف إليها صفحات أخرى على يد المقاومة الجهادية في فلسطين المحتلة وفي لبنان المقاوم. وبقدر ما نقف إجلالا لقوافل شهداء الأمة في كل الساحات ندعو الله أن يفي بما وعد وبشر الصابرين المجاهدين وإن لوعده قريب وإننا فداء لكل جهد مقاوم وعلى العهد ماضون. * فتحية لأبطال المقاومة اللبنانية والفلسطينية المجاهدة والصابرة على هول العدوان والغطرسة الصهيونية. * تحية لكم يا أبناء ثورة تموز المجيدة في ساحة القتال أبطالا وفي الأسر رجالا أوفياء. * تحية العز والكرامة للرفاق الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال أينما كانوا. * فك الله محنة العراق ولبنان وفلسطين ومحنة الأمة جميعها. * وفك الله أسر القائد صدام حسين ورفاقه. * تحية البعث والإيمان، تحية العروبة والإسلام، فإما نصر وإما شهادة. * وليخسأ طواغيت الاحتلال والعدوان والخزي للمتخاذلين القابعين على عروش الذل والهوان. تونس في 17/07/2006. 

 

العدوان الصهيوني تحت المظلة الأمريكية و الأممية… و الدول   العربية

 

في الثامن و العشرين من ابريل 1993 وقف ادوارد دجيرجيان مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط و جنوب  آسيا أمام اللجنة الفرعية الخاصة بأوروبا و الشرق الأوسط التابعة للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي ليدلي ببيان الإدارة الأمريكية حول المساعدات الخارجية لدول الشرق الأوسط, وبدأ حديثه عن المساعدات الأمريكية لإسرائيل مؤكدا على أن الدعم الأمريكي لإسرائيل ليس قائما على مصالح كما هو الحال مع باقي الدول وإنما قائم على العلاقة الخاصة بين إسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية.ثم أعاد التأكيد على إلتزام الولايات المتحدة الراسخ بأمن إسرائيل و تفوقها العسكري النوعي _ على دول المنطقة _  هو إلتزام يقوم على إدراكنا للتحديات المستمرة لأمن إسرائيل و شراكتنا  الإستراتيجية معها »(1) بوضوح تام وبلا خجل, بل بكل وقاحة و صلافة تعلنها أمريكا أنها إسرائيل و إسرائيل هي, وليشرب المسلمون و العرب من البحر.هذه الشراكة الإستراتيجية تجلت في مواقف أمريكا من العدوان الصهيوني على أرض الأنبياء فلسطين ولبنان, المنحازة بل والآمرة بتصفية المقاومة  اللبنانية  المتمثلة في حزب اللّه, ونعتها بالإرهابية.فقد كشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية  في عددها الصادر يوم الإثنين النقاب عن أن الإدارة الأمريكية أعطت الضوء الأخضر للحكومة الإسرائيلية بالإقدام على تصفية الشيخ حسن نصر اللّه , و قال الصحافي الإسرائيلي كاسبيت الوطيد الصلة مع صناع القرار في تل أبيب و واشنطن أن الإدارة الأمريكية أبلغت بواسطة رسائل رسمية و غير رسمية نظيرتها الإسرائيلية  بأن  حسن نصر اللّه يجب أن يقتل. وأن الرئيس جورج بوش توصل إلى قناعة مفادها أنه يجب التخلص من هذا السرطان_ يقصد نصر اللّه_حسب تعبيره. كما أعلن جورج بوش مرارا و تكرارا أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها, وحماية وجودها المهدد.و ذلك بقتل الأبرياء و الأطفال و النساء و دفنهم أحياء(تم اليوم دفن عشرة أشخاص من بلدة سلعا أحياء ولا تزال جثثهم لحد كتابة هذه الأسطر تحت الأنقاض) كدأبهم في فلسطين, و قصف سيارات الإسعاف(كما حصل أمس مع سيارات الإسعاف التي بعثت بها الإمارات) واليوم مع الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية و المتوجهة إلى الجنوب اللبناني, بل وتم اليوم قصف دار للأيتام كأن اليتم لا يكفيهم . و عقب إجتماعها اليوم19/07/2006 مع نظيرها المصري _أحمد أبو الغيط _ في  واشنطن  صرحت  وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس « بأن الجميع يريد وقفا لإطلاق النار بالشرق الأوسط عندما تكون الظروف مواتية » كما قالت « إنها على إستعداد للتوجه للمنطقة عندما يكون ذلك مناسبا » هدف أميركا هو مزيد إعمال الآلة العسكرية الصهيونية في جسد الأمة تمزيقا وتشريدا(نصف مليون لبناني مهجر في بلده لبنان)حتى يحقق المراد بتدمير المقاومة الباسلة,و البعث برسالة إلى طهران و دمشق نصها »هذا مصير من يتجرأ على إسرائيل و أمريكا »و مزيد التحكم في ثروات الأمة , عندها سيتدخل الوسيط النزيه و راعي السلام و الفارس الهمام أمريكا للمن على الأمة بوقف لإطلاق النار وطبعا بشروط تمرغ ما بقي من شرف الأمة في وحل اتفاقيات إستسلام جديدة يكون المستفيد الوحيد منها العدو الصهيوني وأمريكا و المتصهينين من قادة الدول العربية بمزيد من البقاء جاثمين على صدور شعوبهم بمباركة سيدتهم إسرائيل و كلبها المدلل أمريكا. كما لا ننسى أن أمريكا هي من عرقلت صدور قرار من مجلس الغم عفوا الأمن يوم الاثنين الفارط  وهذا يحيلنا على دور الأمم المتحدة المتواطئ مع العدو الصهيوني و الساكت عن الجرائم التي ترتكب ضد المسلمين و الإنسانية, مجلس الأمن بصيغته الحالية لا يبث الا الكراهية و الحقد و الإرهاب في العالم بدلا من الدور الذي اريد له و هو حل النزاعات بين الدول و إشاعة الأمن و السلام.فالخمسة   الكبار   المهيمنين   عليه  جعلوا منه مطية لتحقيق   أهدافهم و مطامعهم في العالم و تقسيمه إلى مناطق نفوذ.فلا غرابة إذا في تحدي العدو الصهيوني للأمم المتحدة و قرارات مجلس الأمن منذ القرار المشؤوم لتقسيم   فلسطين   إلى دولتين تحت حماية أمريكا و بريطانيا ولا ننسى روسيا التي يظن البعض أنها مدافعة عن قضايانا و دورها في إنشاء العدو الصهيوني و في تدمير العراق.فإسرائيل تدعي اليوم أنها تريد تطبيق قرارات الشرعية الدولية –التي كان يتمسك بها عرفات و من بعده ابو مازن ورؤساؤنا   الأشاوس_على لبنان في حين أنها لم تعترف بقرار واحد من مجلس الأمن. طرح كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة مبادرة خبيثة يشتم منها رائحة الخداع و المكر تنص على إنشاء قوة دولية اكبر من القوة الموجودة الآن تنتشر في الجنوب اللبناني لتمنح   الجيش اللبناني الوقت الكافي لانتشاره في الجنوب اللبناني و بسط نفوذه فيه و نزع سلاح المقاومة   وذلك تطبيقا للقرار الاممي رقم 1559   ,حتى تكون اليد الطولى للجيش الصهيوني في لبنان تنتهك حرمته كلما عن لها ذلك دون مقاومة , هكذا و اللّه. اما رؤساء و ملوك  الدول العربية فقد بالوا على انفسهم خوفا وجثوا على الركب يباركون العدوان اما بمنتقد لهجوم حزب اللّه ومحملا اياه المسؤولية و متغاضيا عن العدوان كما فعلت السعودية و مصر و ما ادراك ما مصر,او بالصمت الرهيب كما فعل البعض الاخر او بالادانة الخافتة كما فعلت باقي االرؤساء و الملوك و الجثة الهامدة المأسوف  على الاموال التي صرفناها على الجشعين فيها على امتداد خمسين سنة جامعة الدول العربية.كان هذه اشارات واضحة للعدو الصهيوني لا لبس فيها ان رؤساء و ملوك سيلبسون النقاب حتى لا يرون الحرائر المسلمات يغتصبن في فلسطين و لبنان و قبلها   العراق حشمة و حياء   , وسيسدون  الآذان حتى لا يسمعون وامعتصماه ,و سيلبسون نظارات شمسية داكنة ليستمتعوا بالبحر و الجواري الحسان و لا ينغص عنهم  بمناظر الشهداء و الايتام و الثكالى و الدمار. (1)من كتاب _ اضواء على السياسة الامريكية في الشرق الاوسط للكاتب احمد منصور –   علي قاسمي _ سويسرا


حزب الله يخوض معركة الأمة..أين هي هذه الأمة من هذه المعركة؟

 
الحبيب أبو وليد المكني ليس من السهل تناول الوضع في فلسطين و ما حولها بالتحليل عندما يكون الجميع بانتظار الكلمة الفصل التي سيعلنها العسكريون من مركز عملياتهم الحربية … و إن الذي يجري من تدمير للبنى التحتية في قطاع غزة و لبنان و قتل للإنسان و الحيوان لا يحتاج إلى تحاليل وافية أو خطب حماسية شافية ، و لكنه يتطلب مواقف حازمة لردع العدوان من القادرين و يحتاج إلى دعم و التفاف و مساعدة من الشعوب الإسلامية ثم من الإنسانية جمعاء، إذا كنا فعلا كما يقال نعيش في قرية أرضية واحدة في زمن عولمة لم تعد تسمح بأن ينفرد طرف باتخاذ قرار حرب أو سلم … هذه المعاني و ما يشابهها تلح علينا و نحن نتابع الأحداث الجارية في المناطق المنكوبة عن طريق القنوات الفضائية التي نجحت في تغطية الحرب المعلنة من طرف واحد بفضل توفر فريق من المراسلين ليس اقل شجاعة من المقاتلين الذين يقومون بواجبهم في مواجهة العدوان بما يستطيعون . وبالتالي فنحن في هذا المقال، نحاول فقط تناول بعض العناصر التي نساهم بها في النقاش الدائر بين المهتمين بهذا الشأن و الذين سيجدون لنفسهم فسحة لمتابعة مختلف الآراء التي تحاول أن تفهم ما يجري … 1 ـ »لا شيء سيمنعنا من بلوغ أهدافنا لإعادة الهدوء لحدودنا الشمالية  » أولمرت كلمات صرح بها رئيس الحكومة الإسرائيلية في اليوم الخامس مند انطلاق العدوان مستندا فيها على الدعم الدولي المباشر الذي تلقاء إسرائيل من » بترسبورغ « حيث ينعقد مؤتمر الثمانية الكبار و لكنه أيضا يعتمد على الأنباء الآتية من لبنان التي تشير إلى حقيقة موازين القوى وكذلك على نتائج اجتماع الجامعة العربية التي رفع الأمر إلى مجلس الأمن .أما نحن فنعتقد أن صدقية هذا التصريح مع الأسف تستند إلى المعطيات الواقعية و التجارب التاريخية التي لا نرى فائدة اليوم من التفصيل فيها لحاجة الظرف إلى تعبئة أكثر ما يمكن من القوى لدعم المقاومة . لكن ذلك لا يجب أن يدفع بنا إلى تبني وجهة النظر التي تعدنا بالنصر القادم على قياس ما حصل في حرب الكويت سنة 1991م و نبدأ بتحليل وجهات النظر المختلفة لأنها في نظرنا ستقودنا إلى إدراك حقيقة موازين القوى و لعلها تبرر حديثنا عن صدقية تصريحات المسؤول الإسرائيلي الكبير إن المتابع لمختلف المواقف الرسمية و التحليلات التي يدلي بها الحكام و الرسميون و المراقبون السياسيون سيخلص لا محالة إلى أن الساحة العربية تتوزع على فريقين يحاول كل منهما فرض وجهة نظره ، ـ الفريق الأول يدافع عن أطروحة الطبيعة العدوانية للكيان الصهيوني الذي لا تنفع معها المواقف الداعية للتعقل و الاستعداد للمضي قدما في مشاريع التسوية التي لن تكون إلا مغشوشة ، و لن تصب إلا في مصلحة العدو الذي سيمضي قدما في تنفيذ مخططاته التوسعية . و يتناول العدوان الحالي على لبنان على أنه جزء من مخطط إسرائيل الهادف لتأبيد هيمنته على المنطقة بشكل عام و فرض نفسها لتتدخل في الشأن اللبناني بما يجعلها صاحبة الكلمة الفصل فيه ، و بالتالي فهذا الفريق لا يعطي أية أهمية للعملية الجريئة التي قام بها حزب الله و أسر على إثرها الجنديين باعتبارها السبب فيما يجري و لكنه يقوم بتثمينها و التنويه بها بما هي النموذج الأمثل للأسلوب الذي يفهمه العدو … و باختصار لا يريد هذا الفريق أن يتحدث عن الأسباب المباشرة باعتبارها موضوعا مضللا و يركز اهتمامه على الفعل من أجل رد العدوان ويمارس خطابا يشيع الثقة في المقاومة و قدرتها على تحمل مسؤولياتها و يبشر بمفاجئاتها التي يمكن أن تحسم نتيجة المعركة لصالحها … ـ الفريق الثاني ، يجد نفسه محرجا ، فيدقق في كلماته و عباراته حتى لا يتصادم مع المواقف الشعبية التي تطالب بالرد الحازم على العدوان ، ولكنه يمارس على أرض الواقع مواقفه التي تحمل المقاومة اللبنانية و الفلسطينية جزءا من المسؤولية في إشعال فتيل الحرب و استفزاز الآلة العسكرية الصهيونية لتنطلق في عمليات استعراضية بما في ذلك من تدمير و قتل و إجراء تدريبات و مناورات حرية واسعة قد يحتاجها الجيش الإسرائيلي لتحسين قدراته و الإبقاء على درجات تأهب عالية قبل أن تكون استجابة لقرار سياسي من حكومته تريد به استعادة هيبتها في أعقاب عمليتين موجعتين نالت من سمعتها و قد تفتح الطريق على النسج على منوالها … هذا الفريق متكون أساسا من الحكومات العربية و النخب التي تسير في فلكها من مستشارين و إعلاميين و مثقفين . وهم في الحقيقة يدافعون عن خياراتهم السياسية الكبرى التي بنيت على أساس التفويت في القضية الفلسطينية إلى أصحابها المحليين و الانصراف إلى البناء و التنمية العمرانية و الاقتصادية و الاستجابة لمتطلبات العولمة ، و ما تفرضه من فتح الأسواق و تتداخل رؤوس الأموال و تشجيع الاستثمار و الضغط على المصاريف العسكرية باعتبار أن ذلك هدر للطاقات و سيب في تخلف جهود التنمية .. كل فريق يعمل على دعم موقفه في إطار المعادلات السياسية القائمة و يعتقد أنه يفهم جيدا ما تفرضه عليه موازين القوى من مواقف و ممارسات . و الحقيقة أن الطرف الأول يعبر عما يجب أن يكون في حين أن الفريق الثاني يتحدث عما هو كائن ، لكن النتيجة واحدة بالنسبة للأمة العربية و قضيتها المركزية وهي أنها ستبقى عاجزة عن مواجهة التحديات الخطيرة التي تعيشها ، و رغم أن الأطراف الأولى لم تعد تكتفي بالمعارضة السياسية و التعبير عن خيارات الشارع العربي بالمظاهرات السلمية و لكنها أصبحت تمارس مواقفها المعلنة كما هو واضح من خلال نشاط المقاومة في فلسطين و لبنان أو من خلال ما تفعله السلفية الجهادية من أعمال على المستوى الدولي ، فإن ذلك لم يفد كثيرا في التـأثير على موازين القوى بل تتسبب فقط في إحراج الأطراف الأخيرة التي تسيطر بالأساس على دوائر القرار و تعتبر نفسها مسؤولة عن الحاضر و المستقبل وهي تعيش أسيرة خياراتها الكبرى من ناحية و تجد نفسها مرتهنة في قرارها إلى القوى الدولية التي ربطت مصيرها بها بإرادة منها أو بدونها … و بالتالي ستجد قوى المقاومة نفسها بدون سند قوي يمكن أن يحمي ظهرها و يؤمن التموين اللازم لمواصلة مشوارها على النحو الذي نراه اليوم في فلسطين ولبنان ، و ستعيش النخب الحاكمة معزولة عن الجماهير التي تطالبها بالوفاء بعهودها في تحقيق التنمية الرفاهية و في نفس الوقت بناء القوة العسكرية التي بدونها لن تقوى عن القيام بمواجهة العدوان و الاستقلال بالقرار . ولعل الحل يكمن في إدماج التصنيع الحربي بالحجم المطلوب في خطط التنمية الاقتصادية ولكنه قرار لم بعد من السهل اتخاذه في ظل المعادلات الدولية الحالية التي تسمح بالتدخل المباشر في شؤون الدول الضعيفة على النحو الذي نشاهده في إيران و رأيناه في العراق … تلك هي بعض جوانب المعادلة التي تعيش في إطارها المنطقة في عصر ما بعد الحادي عشر من سبتمبر: قوى المقاومة المتمردة التي تقرر ما تفعل فتضع الحكومات العربية في موقف محرج لا تحسد عليه و تقدم لقوى الاستعمار الجديد و قاعدته المتقدمة في المنطقة إسرائيل المبررات الكافية لشن العدوان تلو العدوان من جهة و حكومات من جهة أخرى تزداد ضعفا يوما بعد يوم من خلال سياسات الخصخصة التي تفقدها السيطرة على اقتصادياتها وقبولها للتعاون مع القوى الكبرى فيما يسمى بالحرب على الإرهاب و القضايا المتعلقة به بما جعلها تفقد ما تبقى لها من استقلالية القرار و تتحول إلى إدارات إدارة أعمال . وبين هذا القطب و ذاك بقيت الجماهير عاجزة عن توظيف طاقاتها الكامنة فلا هي استطاعت أن تلتحم بقوى المقاومة خشية التعرض لسطوة البوليس التي جربتها طويلا و لا هي تقبل بتنفيذ إرادة حكومات خانعة متواطئة مفرطة في حقوق الأمة و عاجزة عن رد العدوان عنها … حلقة مفرغة يعيش داخلها الجميع و لا يعرف أي طرف على وجه الدقة الطريق الصحيح للخروج منها . تلك هي أهم خصائص المأزق العربي الذي عبر عن نفسه بوضوح أثناء هذا العدوان الصهيوني على لبنان … وهكذا نرى أننا قد استكملنا باختصار شديد توصيف الأوضاع العربية وأتينا على مقدماتها و نتائجها بما يساعد القارئ على إدراك صعوبة الموقف و دواعي التخبط و التريث و العجز . وليس للقوى المناضلة العربية و الإسلامية التي اختارت طريق البناء الهادئ و صنع البدائل القادرة على الخروج بالأمة من مئازقها إلا الانتظار و العمل على كشف السبل التي يمكن من خلالها تقديم العون والمساعدة و القيام بالبحوث اللازمة التي على أساسها سيتم استنهاض الهمم و صنع المستقبل الأفضل .
2 ـ »حزب الله و لبنان يخوض معركة الأمة ، أين هي الأمة الآن من هذه المعركة؟  » حسن نصر الله إذا كان الأمين العام لحزب الله يخاطب الأمتين العربية و الإسلامية بشكل عام فنحن قد حللنا كيف تنقسم هذه الأمة بين فريقين اثنين : الأول وهو الماسك بزمام الأمور و لن يقف معه و الثاني وهو البعيد عن مواقع القرار و لن يستطيع أن يفيده إلا كما أفاد صدام حسين في « أم المعارك » لسبب بسيط ، هو أن قواه الحقيقية تتوزع اليوم بين السجون الكبيرة و الصغيرة و المنافي أو تبحث لنفسها عن الأشكال التنظيمية التي بها تستطيع أن تواجه غطرسة الاستبداد و طغيانه و لتبقى الشمعة المضيئة في هذا النفق المظلم تدعو الجماهير للالتفاف حولها و الاستعانة بأنوارها لتجاوز المحن و الولوج إلى عصر الحرية و البناء و التحرير . إن هذه القوى التي لم يصبر جزء منها على الانتظار فقرر الانخراط في المقاومة المسلحة هي الدليل على أن الأمة لا زالت تملك القدرة على الفعل و رفض الاستسلام و الثبات على نهج الشرفاء ، نرى ذلك اليوم في فلسطين و لبنان و تابعناه في كل بقعة من أوطاننا الممتدة من المحيط الهادي إلى المحيط الأطلسي . و تبقى في النهاية مأساتنا الحقيقية في نجاح العدو في تحييد طاقات الأمة أيام المعارك المصيرية لتحسب بعد ذلك في عداد المهزومين وليتواصل انتشار ثقافة الهزيمة بين الناس ، لم تشأ في هذا المقال أن نتحدث عن المحاور المتصارعة في هذه المعركة الدائرة اليوم على الساحة اللبنانية كما يتردد باستمرار لأننا نستحيي من الحديث عن محاور و نحن نشاهد المعركة تدور بين حزب الله و الجيش الصهيوني بما يملك من إمكانيات عسكرية هائلة . معركة يسيطر فيها العدو على الجو و البحر و يختار في راحة بال المواقع التي ستتعرض للقصف و يجد الدعم السياسي المطلوب لتبرير عدوانه الغاشم . معركة تكتفي فيها الأمة التي يراد استحمارها و إهانتها بالفرجة بينما يتبادل أصحاب القرار فيها على تصريحات الشجب و التنديد و دعوات التعقل و السلام و الحرص على عدم تعريض المنطقة لأخطار الحرب المدمرة و كأن المباني التي تقصف و الجسور التي تدمر و الطرقات التي تتعطل و المصانع التي تهدم و الأرواح التي تزهق في لبنان ليست علامات حرب أو أن لبنان لا ينتمي إلى المنطقة . كلام يقال لعله يملا شيئا من الفراغ الذي تركته الجيوش التي بنيت و جهزت للدفاع عن الأوطان كما نسمع دائما ، لكنها تمتنع عن المشاركة في المعركة بما فيها الجيش اللبناني الذي يعتدى على أرضه وينتهك عرضه . كلام قد يدعو البعض منا للضحك و لكنه ضحك كالبكاء … لا نريد أبدا التقليل من شأن المقاومة التي يشرفنا أن نقف إلى جانبها ولكننا أيضا لا نقبل بالخطاب العربي « المتكرر » الذي يبشر اليوم بأن العدوان لن يحقق أهدافه المعلنة لأنه لن ينجح في إملاء شرط نزع سلاح حزب الله مهما فعل بالبلد الشقيق ويريدنا أن نقتنع بأن حجم التدمير الذي سيلحق لبنان مهما عظم لن يكون هزيمة جديدة لنا لسبب بسيط وهي أننا على يقين أنه بعد أن تضع الحرب |أوزارها سيحتاج الشعب اللبناني لعشرات السنين ليعيد بناء ما دمر فضلا عن المآسي الإنسانية التي ستخلفها هذه الحرب المتكافئة . وليس هذا كما يذهب في ظن المتحمسين خوفا من الحرب و نتائجها المنطقية و لكنه دعوة إلى أن لا تدخل الأمة حربا إلا بعد أن توفر أسباب النصر وهي في قضية الحال و بكل تأكيد.. لم تفعل …
( المصدر موقع الحوار نت بتاريخ 19 جويلية 2006 )
 

جولة جديدة من المواجهة بين الامة العربية والثنائي الامبريالي ـ الصهيوني

 
د. الطاهر الهمّامي
هذه لحظة اخري استثنائية وهذا موعد اخر غير عادي تعيشهما الامة العربية المضطهدة وتصنعهما بؤر المقاومة التي ما تزال حية بين جنبيها وفي ضميرها الذي لا يموت. هذه لحظة اخري استـــــثنائية من لحظات الشرف الرفيع عندما يثأر ويثور وينتفض ضــــد الاذلال، وهذا موعد آخر غير عادي مع تاريخ الحرية والتحرر من نير الاحتلال. هذه جولة اخري من جولات المواجهة بين الامة العربية والاستعمار بزعامة امريكا وربيبتها اسرائيل، وهذا مسمار آخر يدقه الاحرار في نعش المشروع الامبريالي ـ الصهيوني، مشروع الشرق الاوسط الكبير . تنهض المقاومة الباسلة في لبنان لتفتح جبهة ثانية امام الالة العسكرية الصهيونية، بعد جبهة فلسطين، ولتحرك البركة الراكدة، بركة السلام ـ الاستسلام ولتضع النظام الرسمي العربي مرة اخري وفي ظروف دراماتيكية لا يحسد عليها، امام المرآة كي يري حاله التي يرثي لها، ويقيس ضغط دمه المتخــــثر المتعفن، وكي يواجه عملية فرز جديدة تجرده من اخر ورقات التوت، وهو يتفرج علي آلة الدمار الصهيوني المدعومة امريكيا تحصد ارواح المدنيين وتسوي المباني بالارض وتضرب ابسط المرافق الحياتية، ولا يحرك ساكنا جديا، ولا يتخذ اي اجراء عملي من شأنه حفظ ماء الوجه حتي ولو كان سحب سفير للتشاور . ويتذرعون بأن المقاومة لم تستشرهم حين اسرت الجندي الاسرائيلي. فهل كانوا سيوافقون علي ذلك وماذا كانوا سيفعلون؟ بل من يضمن انهم لا يسارعون الي اشعار شركائهم الصهاينة بنية المقاومة؟ وبعد، فان الذي يجري الان ما هو الا جولة اخري من جولات الصراع الجوهري بين الامم والشعوب المضطهدة وبين الاستعمار والامبريالية في هذا العصر. والمنطق السياسي السليم كان علي الدوام يقضي بتوسيع جبهة الحرية كي تشمل كافة القوي والفصائل الوطنية، علي اختلاف مشاربها الفكرية ومنازعها العقدية ورؤاها الاستراتيجية مقابل التضييق علي جبهة الاعداء وعملائهم. ان العالم اليوم، وهو يرزح تحت وطأة عولمة ظالمة، في حاجة ماسة الي تشكل جبهة عالمية مناهضة للامبريالية تمتد من فنزويلا الي كوريا الشمالية مرورا بسورية ولبنان وايران وافغانستان، ومن الحزب الشيوعي الي حزب البعث الي حزب الله الي حماس الي آخره، جبهة عابرة للقارات والبلدان والتنظيمات تلتقي داخلها كافة التعبيرات الحزبية والحمعياتية، السياسية والمدنية، داخل الحكم او خارجه، وذات المصلحة في التصدي للهجمة الامبريالية التي تقودها امريكا، وفي حياة آمنة ومؤمنة لجميع الشعوب علي وجه الارض. ومنطق الجبهة والتجبه يقتضي تنظيم اللقاءات والندوات واحكام التنسيق وتبادل الخبرات والاستفادة من تراث الجبهات التي سبق ان قامت ضد الفاشية والنازية مثلا كما يقتضي تبادل المساعدة والعون والتضامن داخل الهيئات الامميــــة وعلي ميدان المواجهات. وعند قيام مثل هذه الجبهة التي نري معطياتها قائمة في الواقع ولا ينقصها الا ارادة ووعي وحبكة، فان الوطن العربي ـ الضحية المفضلة لاطماع الطامعين ومخططات الغزاة ـ سيكون المستفيد الاول، بما سيتوفر له من سند وما سيغنمه من كسب معنوي ومادي، ولن يبقي العراق او فلسطين او لبنان او السودان يستصرخ وحيدا وهو يواجه الضغوط والمؤامرات والاعتداءات. ان الخوف من الدخول المعلن في جبهة مقاومة وعلي اساس برنامج سياسي واضح والتزام نضالي صريح، لا يشفع لضحايا اجندة الخطط الهيمنية، الامبريالية والصهيونية. وان دعوات المدركين لهذه الضرورة الحيوية، سواء القادمة من امريكا اللاتينية او من جنوب شرقي اسيا، ينبغي ان تسمع عربيا وان تستجاب، والامة الواهنة تواجه ارادة اخراجها نهائيا من التاريخ، ومن الجغرافيا. لكن الجبهة بين البلدان المستهدفة تظل في حاجة ماسة الي جبهات وطنية داخل تلك البلدان، وما تقتضيه من تبادل التنازل بين الحكومات ومعارضاتها وهي تجتمع وتجمع علي قضية ام كقضية الوطن حين يكون في خطر. وحين يكون البلد بصدد مقاومة الاحتلال ـ علي نحو ما يجري فلسطينيا وعراقيا ـ فان جبهة التحرير الوطني برايتها وجيشها ونشيدها وسياستها الخارجية والميدانية تكتسي حيوية اكبر، لان المحتل ينتعش من الفرقة ويقوي بالتناقضات التي تشق الصف الوطني حول الاساسيات، فمتي نري الاحزاب والحركات والجمعيات والشخصيات الوطنية في العراق وفلسطين تتجاوز هذه العاهة وتعلن ميلاد جبهة التحرير الوطني، وتعلو علي الانانيات الضيقة، وتنظر ابعد، وتكف عن التبجح بنسبة اي قذيفة تقذفها الي فصيلها وتحفظ بذلك دماء المقاومين الذين رموها، والذين ما ان تعلن عن مسؤوليتها حتي يتعقبهم العدو ويصطادهم؟ متي نري حركة التحرر في العراق وفلسطين وغيرهما تحت قيادة جبهة تحرير وطني وبجيش تحرير شعبي ونشيد رسمي واحد، ولغة موحدة مع العالم حول الاساسيات الوطنية؟ متي يوضع حد للتشرذم والتشظي في مجابهة السيف المسلط علي رقاب الجميع؟ ان المكانة التي يبحث عنها كل فصيل بين جماهير شعبه لا نراها تتحقق وتعمر الا بشيوع الاريحية الديمقراطية داخل الفصيل الواحد وبين مجموع الفصائل المتجبهة وداخل المجتمع قاطبة، وهي لا تنفي الانضباط الحديدي والصرامة في تطبيق التعليمات عندما يتعلق الامر بالمواجهة. واعتقادي ان استيعاب النخب السياسية والثقافية والمدنية مثل هذه المعاني من شأنه ان ينشط عملية التضامن مع فلسطين حماس ولبنان حزب الله، في الشارع العربي، وبين تلك النخب، وان يضع حدا للتردد، والحسابات الانعزالية. ہ كاتب وجامعي من تونس ( المصدر صحيفة القدس العربي  بتاريخ 19 جويلية 2006 )

 

يخافون على لبنان

 
حيوا معي أقواما يخافون على لبنان فقد هاجوا وماجوا وجندوا الإنس والجان وصاحوا: من قتل الحريري؟  من داس على الإنسان ؟ من فجر وأختفى ولم يترك لنا عنوان ؟ من دخل إلى بيروت من أشعل النيران؟ من جلب لنا القنابل من دنس المكان؟ واحمرت الوجوه وارتعشت الأذقان واهتز كل العالم  واستنكر كل صاحب شان                   *  *  * وانعقد كل مجلس للذود على لبنان ورقص بوش وغنى  » إسحبوا الجيش الآن ». ونادا بإلحاح  » هيا أطردوا الجيران » وصار يهدي الشعب للأمن وللأمان وينآى بالأوطان عن الظلم والبهتان فبوش رسول خير للناس في لبنان وسيبحث بكل جد عن قاتل جبان ووقف كل العالم يدافع عن لبنان                   *  *  * ولما حدث أمر وأسر جنديان من جيش معتد محتل للأوطان يهدد الديارويرعب السكان حرفته الحروب والأسر للشبان قتل بقنابله من شعبنا ألفان وسبوا النساء من أمة العدنان وأفسدوا في الأرض النبات والحيوان فعم رعب و موت ..لا ماء ولا أكفان                   *  *  *   فأين القوم وأين بوش وأين نام الأمريكان؟ أين الحق أين العدل أين الأمن والأمان؟ أين النصرة أين الرحمة أين الحق للإنسان؟ أين أنت يا شيراك يا بلير ويا بوتان؟ أين المجلس أين الأمم أين الخوف على لبنان؟ قال الجمع حين سألنا : هل سمعتم بالعدوان؟  » لماذا الظلم لماذا خطف الجنديان ؟ ؟ أنتم ظلمتم أنتم بدأتم بالإرهاب وبالعدوان؟                   *  *  * لماذاتطالب بالحرية لكل أسير وللآلاف من الإخوان؟ ماذا يحصل لو سجنوهم عقد زمان أوعقدان؟ هم في سجن فيه حقوق وفيه سلام للشجعان. هذا عيب يا لبنان هذا ظلم للسجان  ! ! وخطف جنود ظلم أعظم لا تغفره لنا الأديان لا يقبله أي زعيم ولا يرضاه لنا عنان كل ندد كل شجب كل أصدرألف بيان أما الذبح والتقتيل للأطفال وللصبيان نصبر عنه حتى يناقش بعد شهر أو شهران أو نتركه أوننساه فقد يشغلنا الجنديان  » .
 
خالد القابسي  سويسرا 17 جويلية 2006


نشيد للمقاومة أخي في الجنوب

 
أخي في الجنوب عليك السلام      فأنتَ الشهيدُ ، وأنت الإمامْ وأجدرُنا أنتَ حتى تؤمَّ               صلاةً بنا في جنوب « الخيام »                             **** سلامٌ عليك على البندقيــَّةْ           تقاتل  من أجل أسمى قضيــَّةْ سلامٌ على أمـّةٍ أنجبتكَ              فصغتَ لها وطناً وهـُويــّةْ                            **** تقدّمْ وقاتلْ فما فيك ذمْ              فمن جرحك اخضرّ لون العلـَمْ إذا اتهموكَ بقتل العدوِّ             فإنَّ البطولاتِ بعضُ التـُهـَمْ                            **** أخي في الجنوب حملتَ السلاح    وكان شعارُكَ « اللهُ أكبرْ » مررتَ على » القاسميـّةِ » فجراً     فصار المصلـّون خلفك أكثرْ                            **** ثيابك ليست تحسُّ الجراح        على الرغم من أنّ جرحكَ فمْ إذا ضامنا اليومَ قصفُ العدوِّ     فإنّ انتصارَكَ يلغي الألمْ                            **** من النيطية والجسر حتى         مزارع شبعا إلى مروحين بلادك منذورةٌ للجهاد              كأن على النهر جرح الحسين                            **** وخالدُ يكسر عشرين سيفاً        بمؤتةَ وهو يصدُّ الغزاة إذا ما سعت للشهادة نفسٌ         فلا بدَّ أن تستردَّ الحياةْ
 
عمر  شبلي 19/7/2006


 

مجاعات وكوارث وحروب دائمة للحفاظ علي الامتيازات وانهيار للقانون الدولي:

إمبراطورية الـفـظـا ئــع

 
عبد الحفيظ العبدلي (*)   كل عباقرة البشرية تمسّكوا بالحقيقة القائلة: خلق البشر أحرارا ، ومنحوا حقوقا لا تنازل عنها منها الحق في الحياة، والحق في الحرية، والحق في العيش في أمن من الخوف والجوع. وكان هذا اعتقاد الأوّلين والآخرين.   ومن أجل ضمان التمتّع بهذه الحقوق، ابتكر الإنسان النظم الاجتماعية والحكومات التي لا شرعية لها من دون رضاء مواطنيها. وعندما تفشل الحكومات في تحقيق الأهداف التي من أجلها أنشئت، وخاصة تحقيق الأمن وتأمين الطعام، فإنه يحق لمواطنيها نزع الشرعية عنها. ذلك ما يجب أن يكون، أما ما هو سائد في عالم اليوم، فهو شيء آخر تماما: عالم تتحكّم فيه خمس شركات عالمية كبري، تنشط في الصناعة والتجارة والصيرفة والخدمات، وتسيطر علي 52% من المنتوج العالمي الخام (2004). وإن بشاعة العالم الذي نعيش فيه لا تتوقّف عند ما نراه ونسمع من أحداث، بل إن الجوع والظلم والدوس علي كرامة الضعفاء هي اليوم أكثر تفشيا من أي وقت مضي.. ولقد أدت أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 إلي تسريع خطي العودة إلي النظام الإقطاعي البائد.   وأتاحت الفرصة للقوي المتنفّذة للاستفراد بالعالم وبموارده. وتراجعت الدول عن التزاماتها، والأنظمة عن تعهّداتها، وضاقت دائرة الديمقراطيات ومجال حقوق الإنسان حتي أنك لا تري فارقا فاصلا بين الشمال والجنوب، أو الأنظمة الليبرالية الحرة، وأنظمة أخري كثيرا ما وصفت بالفردانية والاستبداد. ويكاد عالمنا المتعدد حضاريا وثقافيا أن يُسلّم بأحادية القطبية. ويزداد التحايل والتعدي علي القانون الدولي حتي كأننا نعيش غابة لا حظ فيها إلا للقوّة والغلبة. وأصبحت المنظمة الدولية رمز السلام والعولمة المتكافئة معبرا لمخططات الهيمنة والاستعمار المتجدد، وبوابة للتهديد والوعيد وتجويع الشعوب المنضوية إليها. وأصبحت الحروب وبعد خمسين سنة من إقرار ميثاق الأمم المتحدة الطريقة المثلي لحل النزاعات. وإليك عزيزي القارئ فصولا من هذه المسارات المزرية التي يعيشها عالمنا في العقد الأوّل من القرن الواحد والعشرين.   الفصل الأوّل: الندرة المبرمجة   لقد عادت الإنسانية إلي العصر الإقطاعي، وأسياد هذا العصر أكثر جشعا، وأشدّ فتكا وشراسة، وأكثر استخفافا بالقيم والقانون. وتتمثّل مؤسسات هذا النظام في الشركات الخاصة المتعددة الجنسيات والعاملة في مجال الصناعة والتجارة والخدمات والتي يديرها أناس لا يشبهون في شيء أولئك المضاربين والسادة المتعارف عليهم في النظام القديم. إن السادة الجدد يتمتّعون بسيطرة وهيمنة تغطيان الكرة الأرضية بأسرها. وإن من العوامل المتحكمة في هذا العالم، ظاهرتي المديونية والمجاعة بالرغم من أن هاتين الظاهرتين ليستا جديدتين. فمنذ غابر الزمن، كان الأقوياء يستنزفون ثروات الضعفاء عن طريق الديون وشروطها القاسية. وفي عصر الإقطاع الذي لم يعرف بعد نظام الأجور، كان السيد يفرض هيمنته علي العبيد من خلال ما يوفّره لهم مسبقا من غذاء وكساء.   في البداية، عاشت البشرية علي جني الثمار البرية والتغذية بالأعشاب، بالإضافة إلي أشكال بدائية من الصيد. ويقول الأنتربولوجيون ان أوّل ممارسة اجتماعية عرفتها البشرية كانت عملية وأد الأولاد للتخلص من الفاقة خاصة في فترات الجفاف، وكان الشعور بالحاجة مصدر انقسام المجتمع إلي فئات وطبقات يُسخّر بعضها البعض. غير أن الندرة قد تكون موضوعية أي أنها حصيلة نقص حقيقي في الموارد نتيجة كوارث طبيعية مثلا، وقد تكون ندرة اصطناعية . وإن توالي الثورات الصناعية والتقنية والعلمية التي شهدتها القرون الأخيرة سرّعت من عمليات الإنتاج، وراكمت الثروات حتي أنه لم يعد هناك مجال للحديث عن الندرة الموضوعية ، وما يبدو اليوم هنا أو هناك من عوز أو فاقة إنما مردّه فقدان العدالة في التوزيع، ونتيجة التكالب علي الربح بكل الوسائل المشروعة وغيرها. وإن مأساة عالم اليوم مفتاحها بيد القوي الاقتصادية الكبري: شركات ودول وقوي نفوذ. فالسادة الأثرياء هم الذين يديرون السوق من وراء حجاب، وهم الذين يحرصون علي الإبقاء علي معادلة الندرة والطلب من أجل تعظيم أرباحهم، وهم الذين سنوا قانونا يربط اطرادا أسعار السلع بالعرض والطلب. فوفرة السلع ومجانية الخدمات تمثلان تحديا ومصدر قلق شديد للسادة الأثرياء، والندرة والحاجة مصدر مراكمة للأرباح والفوائد. ولذلك، فهم يبذلون جهودا خارقة من أجل ضبط وتكييف عمليات الإنتاج، وابتكروا لذلك براءات الاختراع، وأمموا الموارد، وأصبح الشغل الشاغل للسادة الأثرياء وشركاتهم متعددة الجنسيات تنظيم الندرة، وليس تحقيق الوفرة، غير عابئين بما تسببه ندرة الموارد من تدمير لحياة الملايين من النســــاء والرجال والأطفال. ونستطيع الجزم بأن مستوي البؤس الذي بلغته البشرية اليوم لم تبلغه من قبل قط، وبسبب ذلك يمــوت كل عام 10 ملايين طفل دون سن الخامسة، و50% من حالات الوفيات تلك تحصل في الدول الست الأشد فقرا، و90% منها في البلدان النامية.   وتغطي المنتجات الفلاحية نسبة كبيرة من السلع المصدّرة في 86 بلدا، ولكن القدرة الشرائية للمستهلك هي اليوم أضعف من ذي قبل بثلاث مرّات أو يزيد عما كانت قبل 40 سنة. وفي الوقت الذي يستوطن 85% من سكان العالم 122 دولة، فإن حصّة هذه البلدان من التجارة الدولية لا تتجاوز 25%. ويعيش 1.8 مليار نسمة في فاقة شديدة ولا يتجاوز دخلهم اليومي الدولار الأمريكي الواحد، في حين يحصل 1% من السكان الأكثر غني علي 57% من الذي يحصل عليه كل الفقراء. ويبلغ عدد الأميين في العالم اليوم 850 مليون نسمة من البالغين و325 مليون من الأطفال الذين هم في سن التعليم، والذين لم يسعفهم الحظ في تجاوز عتبات المدارس.   أما حظ البـــــلدان الأشد فقرا، والبالــــــغ عددها اثنين وأربعين بلدا، من التجارة العالمية فكان 1.7 % سنة 1970، أما سنة 2004، فهو لم يتجاوز 0.6%. وقبل 400 سنة، كان عدد الذين يعانون من سوء التغذية الدائمــــــة والمزمنة 400 مليون نسمة، وأما اليوم، فقد ارتفع ذلك العدد إلي 842 مليون شخص. ومنذ استهلال الألفية الجديدة، تعرّض العالم إلي انفجارات وكوارث، لا تقل إحداها عن الأخري مأساوية: فمن هجمات نيويورك إلي بغداد، ومن القوقاز إلي منتجع بالي مرورا بغزّة ومدريد، وأدت مجتمعة إلي قتل وإصابة الآلاف من البشر.. وفي بلدان الجنوب، يسقط الآلاف من ضحايا الأوبئة والمجاعة، في حين يزداد عدد العاطلين عن الشغل والمهمّشين في المجتمعات الغربية.   ومن ناحية أخري، تراكم الشركات العالمية الخمسة مائة الكبري الثروات والفوائد التي بلغت 15% في أمريكا، و12% في فرنسا، وتتجاوز المقدّرات المالية المدخرة لهذه الشركات إلي حد بعيد احتياجاتها الاستثمارية، وبلغت نسبة اكتفائها الذاتي في مجال التمويل 130% في اليابان، و115% في الولايات المتحدة، و110% في المانيا. وتعد الشركات الكبري والنظم الاحتكارية أبرز مرتكزات النظم الرأسمالية، ويؤكّد المحللون أن الخوف كل الخوف أن يبلغ ثأثير هذين العاملين حد النيل من استقلالية قرارات وخيارات الدول، فتصبح هذه الأخيرة ممثلة لمصالح الأثرياء علي حساب المصلحة العامة، وواقعة تحت تأثير قوي الضغط.   وتمتلك أبرز الشركات الكبري علي المستوي العالمي مدّخرات تقدّر بـ555 مليار دولار سنة 1999، ثم ارتفعت بنسبة 11% سنة 2003. وتمتلك ميكروسوفت لوحدها 60 مليار دولار، ويزداد هذا المبلغ مليار دولار كل شهر.   ويتساءل أصحاب الضمائر الخيّرة من النساء والرجال: لماذا لا يقع تخفيض الأسعار؟ ولماذا لا يعاد توزيع الأرباح بعدالة بين الناس؟ ثم أمام هذه الأرباح الطائلة، أليس باستطاعة هذه الشركات إحداث المزيد من مواطن الشغل؟ أو الرفع من الأجور؟ ولماذا لا ينشئون مشروعات خاصة لمساعدة المعوزين في بلدان الجنوب خاصة؟ ومقابل هذه التساؤلات يبدي الأثرياء انزعاجا وهلعا كبيرين من كل تدخّل أو مبادرة لضبط السوق وحماية الضعفاء، وبدل أن يفكّروا في إعادة توزيع ولو نسبة قليلة من الثروات التي يراكمون، فهم علي العكس يواصلون إلغاء الآلاف من مواطن الشغل وخفض الأجور، والحد من النفقات في المجال الاجتماعي، وعندما يخططون لتوأمة المشروعات، فإنهم لا يعبأون أبدا بمصالح الموظّفين.   وإن أسوأ ما يمكن أن تصل إليه الرأسمالية المعولمة هو تحقيق النمو السريع والمتواصل من دون حاجة لخلق مواطن شغل جديدة ومن دون تحفيز العمال، ومن دون تحسين القدرة الشرائية للمستهلكين.   وفي سنة 2003، وصل عدد أصحاب المليارات (بالدولار) 7.7 مليون شخص علي المستوي العالمي، ثم شهد هذا العدد ارتفاعا بنسبة 8% بالمقارنة مع 2002 أي بزيادة 0500.00 مليونير جديد خلال سنة واحدة. وفي مقابل ذلك تطحن المجاعة والكوارث بلدانا بإصرها في إفريقيا وآسيا.   إن الضيق الاقتصادي يعـــــد بمثابة السجن بالنسبة للذين يعانون منه، إنه يحشرهم في دائرة مغـــــلقة لا بصيص أمل فيها، ولا ينقطع شقاؤها، فهي هم بالليل ذل بالنـــهار. وقليلون هم الذين يستطيعون كسر القيود والقضبان، وقد يكون المرور إلي شاطئ تحقيق الاكتـــفاء محفوفا بالمهانة والمساومة والتذلل. أما البعض الآخر، مثل الذين يعيشون في الأحياء القصديرية المتناثرة في الربـــاط وفي دكّا، وفي كراتشي… فإن الانفكاك من قبضة الفقر، يظل حلما جميلا يراود الأجيال، فشقاء الحاضر أبدي مستــــمر، وحلم المستقبل مستحيل التحقق.   الفصل الثاني: العنف المنظم   لم تعد الحروب في عالم الفظائع الذي نعيش فيه، والذي تتحكّم فيه الندرة المبرمجة، استثناء عابر بل حالة دائمة، ولم يعد ينظر إليها في عرف تجّار الحروب حالة مرضية، بل اختيار منطقي، ولم تعد مؤشّر أفول التفاهم والتعايش، بل سبب قيام الإمبراطوريات وتوسعها. ونقصد بالعنف المنظم هذه الحالة الناشئة، وهذه الإستراتيجيات التي دخلت حيّز النفاذ منذ عقود قليلة. إنها حالة الفوضي العنيفة التي تتحكم بالعلاقات الدولية خاصة بعد سقوط الإتحاد السوفييتي، واستفراد التحالف الغربي بمقدّرات العالم ومصادر الهيمنة فيه. وعلي عكس الحروب السابقة، تمارس العنف اليوم دول وتحالفات باسم الحضارة والتمدّن، وبإسم حماية القانون الدولي. لقد أصبح العنف أبرز وسيلة للانتشار وللتعبيرات الإيديولوجية والسياسية بيد الإقطاعيين الجدد الذين يرسمون نظام العالم وفق مصالحهم وغاياتهم الضيّقة.. إن واقع الصدام الحالي أعمق من أن يكون مجرّد خسوف للعقل، إنه واقع يصطنع لنفسه مشروعية، ويتخذ له معقولية تتأسس علي حالة من الاستعلاء الذاتي الكونية والتي يُحمل المجتمع الدولي علي التسليم بها. وتشهد المجتمعات الإنسانية تراجعا مخيفا عن قيم الحداثة وعصر التنوير، وتتم اليوم داخل البلدان المبشرة بالديمقراطية وحقوق الإنسان مراجعات خطيرة للمكتسبات في مجال الحريات الفردية والجماعية، وأخطر تلك المراجعات تمس حقوق المقيمين والأجانب وعلي أساس عنصري معلن، وتزامنا مع ذلك، يصنع الإعلام الغربي خاصة صورة نمطية لبقية الحضارات، ووصل تأثيره إلي خلق حالة من الرهاب الجماعي ودرجة من كره الأجانب بلغت أزيد من 30% من عامة المواطنين.   ويمارس هذا العنف أيضا بأشكال تبدو في ظاهرها رحيمة وفي باطنها العذاب، ومنها أن تصاحب المعونات الدولية بشروط إذلال وإخضاع، كالمطالبة بتغيير مقررات التعليم ومسخ هوية الشعوب الفقيرة. وأصبحت العلاقة بين الدول الفقيرة والدول الغنية علاقة ذات اتجاه واحد يغيب عنها أي شكل من أشكال التعارف والتبادل. وأي عنف أكثر من القول من لا يقف معنا في معركتنا، فهو ضدّنا ، وهو ما لا يترك أي مجال للتساؤل عن مشروعية المعركة، وعن مبرراتها وأغراضها، ولصالح من، وبإسم من تشنّ. إن هذا العنف المنظّم ليس مسألة مجرّدة، بل هو يتجسّد في نظام لتوزيع الموارد، وفي رسم لحدود المشروع وغير المشروع، وتوزيع دقيق للقوة وأدواتها الرادعة، وفي لغة يحدد الأقوياء مدلولاتها ومسمياتها، فإيّاك أن تشكك في مفهوم الإرهاب أو أن تفرّق بين العنف المنبوذ و المقاومة المشروعة ، وإياك أن تسمي الاحتلال احتلالا ، بل هي قوافل الخير و رسل السلام وإيّاك أن تمد يد المساعدة لابن الوطن، وابن العم، إذا كان الأقوياء عاتبين عليه، والأعداء ناقمين عليه.   ومن العنف المنظّم أيضا فرض الأوليات وتحديد مضامينها، ويقول رولف بانش أحد مساعدي أمين عام الأمم المتحدة (1959ـ 1971) وحاصل علي جائزة نوبل للسلام في 1950 إن السلام بالنسبة للكثيرين الذين لم يروا إلا الآلام والشقاء في حالات الحرب والسلم علي السواء، يجب أن يترجم إلي خبز وأرز ومأوي ورعاية صحية وفرص تعليم وكذلك حرية وكرامة إنسانية: ذلك هو معني السلام بالنسبة لهم . ولكن الواقع بعيد جدا عن أحلام بانش وتطلعاته، إذ تقدّر النفقات العسكرية في العالم ب1000 مليار دولار، وأزيد من 47% منها حصل في الولايات المتحدة الأمريكية، وازدادت نفقات الأسلحة سنة 2003 بنسبة 18%، ومن المفارقات أن أغلب تلك النفقات حصلت في البلدان دائمة العضوية في مجلس الأمن الذي يفترض بأنه أنشئ من أجل إرساء السلام في العالم.   وتقدّم الحرب العالمية علي الإرهاب التي ترفع رايتها الولايات المتحدة الأمريكية أفضل مثال علي لجوء الدول للعنف للحفاظ علي امتيازاتها، وما لم يكن هذا صحيحا، فكيف نفهم هذا الصبر علي التكاليف الباهظة ماديا وبشريا لهذه المغامرات، ويكفي أن نضرب مثالا علي ذلك الغزو الأمريكي للعراق، إذ أنه في آب (أغسطس) 2004، بلغت نفقات أمريكا في تلك الحرب 134,5 مليار دولار، ويرتفع ذلك المبلغ، ومنذ ذلك الحين بمعدّل 177مليون دولار يوميا أي 7,4مليون دولار في الساعة و122’820 دولار بالدقيقة. فماذا لو تم توجيه هذه الأموال لمكافحة مرض الإيدز وفيروسه المعدي أو مرض شلل الأطفال…. إنه يمكن اشتراء السلام بتخصيص المزيد من الموارد والمقدّرات، كما أنه يمكن مقاومة نزعات العنف بالمزيد من التنمية خاصة في المجال البشري، وبمزيد من العدالة وتجفيف منابع الظلم.   الفصل الثالث: البقاء للأقوي   كيف يمكن تفسير الحرب الاستباقية، والعدوان المستمر والاستبداد المستحكم والعنف المنظم التي يمارسها الطغاة الجدد الذين يحكمون من دون شرعية؟ لقد انهارت كل أسس القانون الدولي، فهل أصبحت الأمم المتحدة مجرّد شاهد زور علي ما يدور في العالم؟   ويذهب روباس بيار في تعريفه الدقيق لمهمة القانون بأنه وجد لتنظيم التعايش في مملكة الحريات . ويشهد القانون الدولي اليوم لحظة احتضاره لكونه قد فشل في تحقيق ما وجد لأجله والمتمثّل في تكييف العنف الاستبدادي الذي تمارسه القوي الدولية، ويعبّر عن الإرادة الأخلاقية للشعوب والأمم. ونجد تعبيرات ذلك في مستهلّ ميثاق الأمم المتحدة نحن شعوب الأمم المتحدة…. ، لكن الحقيقة الأخري هي أن الأمم المتحدة منظمة جامعة وممثلة للدول، وكذلك الأمر بالنسبة للوكالات الدولية الأخري العاملة في فلكها من مثل منظمة التجارة العالمية، والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وإن أحد الأدبيات الرئيسية المكوّنة لأبواب القانون الدولي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 كانون الاول/ ديسمبر 1948، وكان علي كل دولة ترغب في الانضمام إلي الأمم المتحدة أن تقبل بأحكام الإعلان. أما في الواقع الملموس، فهذه الدول ليست ملزمة ما دام ليس هناك محكمة لفرض أحكام الإعلان. وليس لمجلس حقوق الإنسان الذي يتشكل من 53 دولة، والذي يسهر علي احترام هذه الحقوق، سلطة مراقبة أو محاسبة عن الانتهاكات.   المعضلة الثانية لهذا الإعلان أنه يركّز اهتمامه علي الحريات المدنية والسياسية (حرية التعبير والصحافة والحريات الدينية، ومقاومة التمييز العنصري) دون أن يعير اهتماما كبيرا للحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تنشغل بها بعض المنظومات دون غيرها.   ولن يتحقق هذا التكامل إلا في اتفاقية فيينا لسنة 1993 الصادرة عن مؤتمر حقوق الإنسان الذي دعا له بطرس غالي عندما كان أمينا عاما للأمم المتحدة. وبالإضافة لهذا الإعلان، يوجد أيضا القانون الإنساني: قواعد قانونية تضبط سلوك الدول أثناء الحروب، وتحمي المدنيين في فترة النزاعات، ويتعلّق الأمر هنا علي وجه الخصوص باتفاقيات جنيف الأربع وملاحقها.. فإذا كانت لدينا كل هذه النصوص القانونية، فلماذا نشهد انهيار القانون الدولي؟ ولماذا يدخل عالمنا في أتون الفوضي الشاملة؟   الجواب علي ذلك أوّلا: لأن الاقتصاد المعولم موجّه لصالح فئة قليلة تمتلك السلطة والمال: فمن أجل مراكمة الثروة، ومن أجل تعظيم الأرباح، فإن السادة الجدد لا يعيرون اهتماما لا إلي الدول ولا إلي الأمم المتحدة، بل إن سلطة الدول علي هذه المؤسسات الكبري أصبحت مجرّد مسألة اسمية في ظل الاقتصاد المعولم. السبب الآخر لضعف الالتزام بقواعد القانون الدولي، الأطروحة التي دافع عنها كيسنجر عندما كان وزير خارجية بلاده بين 1973 و1977، ويذهب في أطروحته تلك إلي أن العمل الدبلوماسي المشترك لا تنتج عنه إلا الفوضي وأن التمسّك باحترام سيادة الدول وحرية اختيار شعوبها لا يضمن سيادة السلم، وأنه من الضروري أن توجد قوّة عالمية تمتلك من قوة الردع ما يسمح لها بفرض السلام. ولان كيسنجر كان أحد المرتزقة المتعجرفين، فإن نظريته تصدق بعض الأحيان، إذ عندما نسترجع أحداث البوسنه والهرسك، تبدو أطروحته واقعية وعلمية، إذ لولا التدخّل الأمريكي بضرب القوات المحاصرة لسراييفو لبقيت الدبلوماسية الدولية تراوح مكانها، في الوقت الذي يباد فيه شعب البوسنه.   فعندما توفرت الإرادة للتحرّك، فرض السلم علي المعتدي، ووجدت جميع الأطراف أنفسها مجبرة علي تلبية الدعوة لحضور مؤتمر دايتون للمصالحة. وفي الوقت الذي نلحظ أن أطروحة كيسنجر قد تصدق أحيانا إذا توفّرت الإرادة، فإن تلك الأطروحة نفسها قد أصبحت اليوم مرتكز السياسة الخارجية الأمريكية، ولكن ليس من أجل السلام بل من أجل حفظ المصالح وإخضاع الدول المارقة و الداعمة للإرهاب … وكان التدخّل في العراق وفي أفغانستان، والتلويح بذلك في السودان وفي الصومال ترجمة فعلية لهذا التوجّه. إن ما هو أسوأ من ذلك كله أن الاتفاقات والمواثيق الدولية قد أصبحت موضع انتقاء وفقا للمصالح والأهواء، ويتم تفعيلها أحيانا، ويغض الطرف أحيانا أخري، ويثير سلوك بعض الدول الانطباع بأنها مستثناة من تطبيق القانون، وهي محمية بحق النقض الفيتو، ذلك ما يضعف اليوم المنتظم الأممي، ويعطّل جهوده التي من المفترض أن توجه لمحاربة الفقر والمجاعة والأمية والأوبئة التي تعاني منها مجتمعات بأسرها.   (*) كاتب تونسي – أستاذية في الفلسفة وإجازة في الترجمة   (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 17 جويلية 2006)

 

ضربة زيدان جاءت لا تقرأ ولا تكتب

 

 
خميس الخياطي أعتذر من القراء كوني لا أعرف شيئا في الكرة إلا التطفل، وأني لم أكن يوما وحتي هذه الساعة من المدمنين علي متابعة مباريات كرة القدم ولا حتي الكرة اليدوية أو كرة السلة وأخواتها، وبالتالي فرحت لإنتهاء المونديال الألماني وقلت غصرة وعدت لتعود حليمة إلي عادتها القديمة. لمدة ثلاثين يوما ومع انقطاع بث القنوات الرقمية التابعة لباقة تي بي أس الفرنسية التي كانت تمنحك حرية الخروج عن جاذبية الواقع المعاش، وتجوالك بين القمرين الإصطناعيين هوتبورد و تيليكوم ، الأول للهروب من الكرة والثاني للعودة إليها بضغط من فضولك أو رغبة من أقاربك، طيلة ذاك الشهر أكلنا كرة، شربنا كرة، تنفسنا كرة، حتي تكورنا وسيسنا الكرة ونسينا أن الأرض مكورة وفلسطين لم تحرر والعراق مازال يعيش الدمار والموت المعلن، والهجرة السرية للغرب عبر المغرب تتكثف، والخصومة المغربية/الجزائرية علي حالها في شأن الهجرة و تندوف إلخ مما جاد به الله علينا من مآس لا أول ولا آخر لها. هذا ولن ننسي احتكار الشيخ للمونديال الذي قال سياسيونا الكبار أنه غذاء الفقراء والمساكين من العرب المحرومين، فرد أنه ليس مسؤولا عن أحلام من لم تحقق حكوماتهم ونخبهم أحلامهم. استنجد الشيخ بفتوي من صنيعته تحرم قرصنة قنوات ايه آر تي ومشاهدة المباريات علي القنوات الغربية. أضاف الشيخ في دريم 2 أنه لم يحتكر، بل جلب وفي الجلب خير وبركة … قلت فرحت لعودة الأمور إلي حقيقتها، علي الأقل من زاويتنا العربية، حقيقة المنتخبين السعودي والتونسي وخروجهما من الموعد الكروي في تصفياته الأولية بلا حمص ولا دقيق . كانت العودة السريعة للديار السالمة وبعد ثلاثة لقاءات لكل منهما المرادف الملموس والحقيقي للواقع العربي سواء في البلدين المرشحين أو في باقي بلدان الأمة الواحدة التي طالما تغنت برسالتها الخالدة. ولكن وقت يجد الجد، ما تلقي حد … وحال فلسطين اليوم، أمام الهجمة الإسرائيلية ليس فقط للإفراج عن الجندي شاليط ، يعبر تعبيرا مجسدا عن هذا المثل العربي الصميم. فلسطين علي التماس بالمناسبة، تحية صادقة للتلفزة الفلسطينية التي رغم امكانياتها المحدودة جدا جدا ورغم الحصار المفروض عليها حدا حدا، ورغم قطع التيار الكهربائي، تمكنت من فتح الكوة علي شمال وجنوب غزة، علي بيت حانون وبيت لاهيا وغيرها من البيوت الفلسطينية وأظهرت لنا عارية الجنازات والجرافات والدبابات والطائرات علي مدي البث غير المنقطع. في ذات الوقت وبعد نشرات الأخبار والتنديد الرسمي، كانت التلفزات الأخري وخاصة العربية منها وبالأخص الحكومية تركز علي العرس الكروي في عملية تخديرية لعقول المتفرجين الذين اصطفوا علي الأرصفة العمومية وأمام المقاهي حيث حجزوا لهم كرسيا وقهوة أمام جهاز تلفزيون مرة ينطق بالخليجي وأخري بالمغربي وثالثة بالفرنسي علي النطق السويسري… لم نشاهد، علي سبيل المثال، لاعبا تونسيا أو سعوديا، وفي غفلة من اللاعبين الآخرين استخرج من جرابه علم فلسطين ليبين للعالم أجمعين أن الشعب الفلسطيني ليس وحيدا في محنته وأن شعرة من فلسطيني تساوي المونديال (كما حدث في ميونيخ) أو حجرة من الأقصي لها ثقلها الكروي… لماذا فعلها اللاعب التوغولي أمام كاميرات تلفزات العالم دفاعا عن إسرائيل التي في الحيز نفسه تقتل المدنيين الفلسطينيين ولم نفعلها نحن؟ أعرف بأن السؤال غبي لأن الوعي انقرض وحرية الرأي لو توجد بعد… لو فعلها لاعب تونسي لطرحوا عليه سؤالا واحدا : آش دخلك؟ ولماذا تسيء لصورة بلادك… ولو فعلها لاعب سعودي لما سئل أصلا، بل يرمي في قلب الربع الخالي… إرفع الرايات؟ اثناء وجود المنتخبين العربيين بألمانيا، شاهدت التلفزة السعودية والبعض القليل من باقة الشاشات المنبثقة عنها أو الموالية لها وهي أكثر من أن تحصي، فاكتشفت الحس الوطني السعودي والإنتماء الخليجي إلي حد النعرة الشوفينية في كليب إرفع الرايات لعبد المجيد عبد الله من إنتاج روتانا والمخصص للمنتخب السعودي، وفي اللقاءات المتلفزة وفي التعاليق الرياضية حيث تمتزج الإنجازات السياسية والايديولوجية بالحضور المونديالي، ولا يوجد في الكليب وجه فتاة أو صبية او امرأة… شاهدت التلفزة التونسية، فلم أجد في برامجها جديدا يذكر في هذا الباب أو في غيره. هي هي والله غير مبدل الأحوال التلفزية. كانت تبث الأغاني الوطنية كما لو كانت تونس تحتفل بعيد استقلالها… أغان جديدة تم تسجيلها، منها واحدة تقول بالوزن البليد والشعر الحلمنتيشي les aigles de Carthage, allez-y, the game is very easy ، بمعني إندفعوا يا نسور قرطاج، فاللعبة سهلة للغاية وكانت اللعبة حقا سهلة حتي أن الناس خشوا أن يرتفع سعر البنزين أو أن يعلن عن شيء لا تحبونه وهو خير لكم … وحينما جاءت الخيبة، ذهبت التلفزة في تعاليقها إلي أن خصت رياضة كرة القدم بملف تلفزي رتبت فيه الأمور إلي البياض العذري وسلت الشعرة من العجين الشعيري وعفي الله عما سلف من السياسة الرياضية للحكومة التونسية ومن الجامعة التونسية لكرة القدم ومن رؤية مدرب المنتخب ومن سلوك اللاعبين بين بعضهم البعض… وهكذا أعارت التلفزة التونسية ورقة تين لتغطية عورة الرياضة الكروية التونسية حتي أنه في اليوم الموالي، تندر الشارع التونسي قائلا: لقد أكدوا لنا طويلا أنه لا توجد أنفلونزا الطيور، لا توجد أنفلونزا الطيور… وها هي تظهر عند النسور … وأعترف للقارئ، ولي الآن من العمر عتيا، أني لم أشاهد قط نسرا يحلق في السماء التونسية. النسر التونسي الوحيد الذي أعرف هو سجين حديقة الحيوانات بالبلفيدير… لماذا إذن هذه التسمية التي لا محل لها من التونسة؟ من خلال هذا ودلالات أخري منتشرة علي الفضائيات الخاصة كما الجامعة، يتراءي للذهن أن السياسة متملكة بكرة القدم أيما تملك ولا داعي لغض الطرف عن هذه الحقيقة من أننا عرب وعاربة لسنا من أهل الكرة ولا من أصحابها. قال أحدهم: بالله عليكم، أضربوا الأندية الأوكرانية باللاعبين المتواجدين بها وأضيفوا الي ذلك النمط الإجتماعي الذي يعيشون به وقد خرجوا لتوهم من الضغط الروسي وما بعد الثورة البرتقالية والجرائد التي يقرأونها والحرية التي ينعمون بها وقارن ذلك بما تعيشه الرياضة في بلد ليس فيه الحق للمرأة في قيادة السيارة… وتريد للمنتخب السعودي أن يسجل أكثر من الهدف الصفر؟ أضربوا الأندية الإسبانية باللاعبين المتواجدين بها وأضيفوا الي ذلك النمط الإجتماعي الذي يعيشون به والنظام السياسي الذي هم به والحرية التي يعيشون تحت سقفها وقارن كل ذلك بحلم لاعب تونسي لا يتعدي رخصة تجارية لفتح مقهي في حي سكني جديد… وتريد أن تبيض النسور أكثر من البيضة اليتيمة؟ حقيقة الكرة العربية كانت في التعادل بين السعودي والتونسي تعادلا بين السياسي والذهني والإجتماعي مع فوارق طفيفة في الشكل في حين ان الجوهر كان يشير إلي عمق الهوة بين المشروعين العربيين المتواجدين في مونديال برلين… زيدان ورأسيته وحينما ضرب المايسترو الكروي واللاعب الفرنسي من أصل بربري/جزائري زين الدين زيدان الهداف الإيطالي ماتيراتزي برأسية أطاحت به أرضا كادت ترديه، وحينما نقلت كاميرات العالم الحدث وسجلت كاميرات التحكيم الحركة وطلعت البطاقة الحمراء ولم تبق من المبارات إلا الدقائق المعدودات، شعر المشاهد المتطفل مثلي أن هناك شيئا حقيقيا علي شاشة التلفزة من وراء التعليقات الشوفينية والتعابير الحماسية… أحسست أن بعض الصدق لون التلفزة… من المؤكد أن كابتن المنتخب الفرنسي الممزوج بين البيض والسمر والزنوج لديه من النعرة البربرية التي قد تفسد للكرة قضية وله من السوابق في الورقة الحمراء اثتني عشرة واحدة منها مع السعودية… إلا أن ما حدث منذ أيام لا مثيل له إلا في تلفزة الواقع إذ شاهدنا الإثنين (ماتيراتزي وزيدان) يمشيان الواحد جنب الآخر ويتكلمان بدون تشنج بائن وكأنهما يتحادثان عن ايام اليوفنتوس أو الريال ، ثم يسرع زيدان الخطي وكأنه ذاهب لقضاء أمر وبرهة يعود كالثور الهائج ليعطيه رأسية لا تقرأ ولا تكتب كما يقول أهل تونس، أي جاهلة والجهل مصيبة. ماذا حدث حتي يفســد إله الملعب إيقــاع خطواته الأخيرة؟ من المؤكد أن ما تفوه به اللاعب الإيطــالي تعــدي حدود الليــــــاقة والأخلاق العرفية حتي يهيج الثور البربري… آخر المعلومات تقول أنه حينما توجه زيدان للعب، سمع ماتيراتزي يقول meritate tui cio, voi gli enculato di musulmani, sporchi terroristici ومعناه تستحقون ما يحدث لكم، أنتم المسلمين الـ(كلمة قبيحة)، الإرهابيين الوسخين . إن كان الأمر حقيقيا ـ والبعض ممن يعرف أجواء اللاعب الإيطالي يقول بحقيقة الأمر ـ فإن زيدان ودون أن يدري ورغم عدم اللياقة وقلة الأخلاق وغير ذلك، رفع التحدي الذي لم يرفعه لا المنتخب السعودي ولا التونسي في المونديال الألماني. في غياب النجاح الرياضي، ها نحن العرب المسلمين نأخذ ثأرنا بأيدينا… وصفق الجمهور العربي في العالم العربي والمهجر لأنه، أمام الظلم والقهر والكبت والدونية التي يشعر بها علي المستوي المحلي كما الدولي، تنفس، أخذ نفسا واحدا قبل أن يعود إلي الحلم باليقظة… شكرا زيدان ولك الإحترام. ولكن هل هذا هو الحل؟ قلت بأني متطفل علي كرة القدم وقد أكون متطفلا علي العروبة كذلك… ناقد وإعلامي من تونس khemaiskhayati@yahoo.fr
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 13 جويلية 2006)


بعد انجازه في تسهيل احتلال العراق:

النظام العربي يعمل علي تصفية أمل الامة بالمقاومة

حمدان حمدان (*)   لا نبتغي ان ننشيء خطابا مكرورا عن اسرائيل، ولا خطابا مكرورا عن انظمة عربية جعلت من اسرائيل كيانا خرافيا وقدرا لا راد له، ولا خطابا ثالثا عن تاريخ الولايات المتحدة ومواقفها في مكاييلها المختلة مع تشطير عنصري ولااخلاقي للعالم، بين محوري خير وشر.. فالخطاب من هذا النوع، او ما هو علي شاكلته، بات غاية في الممجوجية، طالما ان الشكائيات في التوصيفات وفوقها دموع العالم، لا تنصر مظلوما، ولا تنتج لأمة اقرأ غير الكلام. فاسرائيل هي هي من جابوتنسكي الي اولمرت بوسيط شارون، والانظمة العربية هي هي، منذ ضياع الثورة العربية الكبري، الي ضياع العراق مرورا بفلسطين، اما مواقف الولايات المتحدة، فتاريخها جاهز، اذ يكفي القول بانها الدولة الثانية في الاعتراف بوعد بلفور، بعد بريطانيا بالطبع، والدولة الاولي في اعترافها بالكيان الاسرائيلي لحظة قيامه.
لا مجال لاعادة انتاج اللغة ذاتها، فطالما اننا نعيد عجن هذه اللغة ولوكها، فاننا نراوح في المكان المهزوم، فيما اعداؤنا يتقدمون علينا بالقرون، فما من مواجهة خضناها، الا وكانت الطامة الكبري فوق رؤوسنا، وما من حرب دخلناها، الا وكانت نتائجها في الموقع المعكوس لاهدافها، فيما يمنح وسام الظفر لاسرائيل التي لا تقهر! وفي الحقائق الموضوعية، ان ظفر اسرائيل في كل مرة، كان يجيء من ضعفنا، وارتجالنا وعدم استعدادنا في ذرائعنا وتلاوين التضليل علي شعبنا، باظهار المشهد غير ما هو عليه، ففي كل حالة بعد النكسة، كانت تقدم لنا، تحليلات واستنتاجات ما انزل الله بها من سلطان، وعلي سبيل المثال، فان اسرائيل في حرب العام 1967 الكارثية، (لم تنتصر لان غايتها اسقاط النظام السياسي.. ولم تستطع)!
وفي دراسة اكاديمية محترمة، فقد تم تصوير حالة النظام العربي وهو يخوض حربا بجملة من عناصر: (الاتكالية، والانفعالية، وسلوك التقليد، والكلام دون التنفيذ، واحتكار القرار، والمستوي المهني للقادة، والثقافي لاصحاب القرار..) والمشكلة ان ما ظل يوضع علي كاهل الاخطاء، ظل هو نفسه في حالة ولادة برجعة ثاينة دون تعديل او تصويب، فما هو وصف الناس الذين لا يستفيدون من تجاربهم؟!
ما يحدث في فلسطين ولبنان اليوم، هو ان فئة نوعية قليلة مؤمنة من مئات ملايين، تصارع العتو الاسرائيلي بالظفر والناب، وهذه الفئة القليلة المؤمنة، في فلسطين والعراق ولبنان، اسمها المقاومة، وقد خلقت هذه المقاومة، علي قليل عديدها، وتواضع امكانياتها، حالة ذعر لا في اسرائيل فحسب، بل والعالم الضامن لامنها وتفوقها، ففي ايام قليلة من المجابهة مع حزب الله، ظهرت حقيقة من حقـــــائق الدولة التي لا تقهر، ففيما كانت تسرح وتمرح بغير حساب، فانـــها تعد الي العشرة قبل اية خطوة عسكرية او سياسية، فاذا كان حزب الله مع مقاومة فدائية فلسطينية محاصرة، قد اقلقتا الامن الاسرائيلي المدجج منذ عقود، الي هذه الدرجة، فكيف اذا كان الحال مع انخراط حشود عربية جرارة من سورية والاردن ولبنان ومصر والسودان واليمن.
ولماذا لا يفتح النظام العربي الطريق لدعم هذه المقاومة وتعزيزها بالمال والسلاح وكل ما يلزم لتوسيع دائرة المجابهات، بحيث يمكن تشتيت القدرة الاسرائيلية، فلا يعود لاسرائيل قيمة الشريك المحاصص لامريكا في المنطقة بكامل الجدارة والاهلية. ان توسيع دائرة المجابهات، بفعل ارادي قومي شعبي ورسمي، هو ما يعطي صك الغفران، لنظام عربي، ظل يعيش عار الاستعانة بالخارج، فيما هو النكال علي امته ومصير شعبه.. فالمواجهة مع اسرائيل اليوم، تدرجية وتصاعدية، وهو تكتيك يرمي لاخفاء الاستراتيجية ما بعده، اذ قبل احتلال بيروت في العام 1982، كان الشعار في حملة اصبع الجليل هو (اربعون كيلومترا خلف الحدود الدولية لابعاد العمل الفدائي الفلسطيني)، فاذا هم بعد ثمانين يوما من القتال، يتجولون في شارع الحمرا في قلب بيروت.. ولما كانت المقاومة الوطنية اللبنانية، هي عامل طردهم الاساس من لبنان، فانهم لن يكرروا الخطأ في البقاء، بل انهم سيعمدون الي استراتيجية اخري تقوم علي الاكتفاء بتحقيق هدفين، تدمير البنية التحتية، مع محاولة ضرب المقاومة المتمثلة في حزب الله، باستثمار التفوق الجوي مدعوما بالقرار 1559، الداعي لتجريد المقاومة من سلاحها، لكن التداعيات علي ارض المعركة، تشير الي تطورات مفاجئة من شأنها قلب المعادلة التي خبرتها اسرائيل وظلت تعمل عليها من خلال انكسار التوازن المفرط بينها وبين مجموع القوي العربية النظامية منها وغير النظامية، فاليوم تضرب المقاومة اللبنانية مواقع لم تكن في الحسبان، من نهاريا الي صفد فجبل الجرمق وصولا الي عكا، بل وربما حيفا الي ما بعدها، كما ان المفاجأة الاخري، كانت في قدرة حزب الله، علي اصابة بارجة حربية اسرائيلية في عرض البحر قبالة شواطيء بيروت، وهي ابعاد جديدة لها وزنها الاستراتيجي في المعركة، فطوال ثمانية وخمسين عاما، لم تعهد اسرائيل حربا مع الجيوش العربية، كان من شأنها الوصول الي قلب الكثافات السكانية للدولة العبرية، كما ان هناك فجوة عميقة تمثلت في قلب الجهد الاستخباراتي الاسرائيلي، وهو يدفع بقوته العسكرية الي مواجهة، لا يعلم ما الذي يملكه الطرف الاخر فيها، فاسرائيل طوال وجودها، ظلت تعرف عن الجبهات العربية، ما لا يعرف قادتها عنها، من مطارات وطائرات وقواعد وتحصينات وتجمعات وآليات ومراكز قيادة ومضادات جوية.. وسواها، اما هي الان، مع حزب الله، فانها اقرب ما تكون الي العماء، وهي ميزة عظيمة لصالح الجهد الحربي لاعمال المقاومة، ومع ان المعارك في بداياتها الايجابية، الا ان انظمة عربية متمثلة في السعودية ومصر والاردن، وبدلا من استثمار الوضع الاسرائيلي المضطرب، للضغط علي امريكا، باظهار لامعقولية الاستخدام المفرط للقوة ضد المدنيين في غزة والضفة ولبنان.. فانها راحت تضع المسؤولية علي كاهلي حزب الله وحماس، ووصف ما يجري بانه مغامرة غير مسؤولة، بل ومقامـــــرة من حزب الله باتجاه المجهول.
وهكذا، فانه اضافة لهذا النوع من النظام العربي، في (انجازه التاريخي) بالتحريض وتسهيل احتلال العراق، فانه يعمل اليوم، من اجل تصفية ما تبقي للامة من آمال، فهو يقترح من باب الحكمة، اعادة الاسري الاسرائيليين دون قيد او شرط، اما المقابل المطلوب من اسرائيل، فهو وقف اطلاق النار، وهو طلب امريكي ـ اسرائيلي بامتياز، ويعكس هذا الموقف، دلالات صريحة وواضحة، وهي ان هذا النوع من النظام العربي، لا يتحدث بارادته، بل بما يملي عليه، ولا حاجة لتكرار الشواهد الدامغة منذ ما قبل احتلال العراق الي يومنا هذا، اذ لولا فتح الارض والسماء والماء لقوات الغزو، لما كان بمقدور امريكا ان تطأ العراق، اما اليوم فان السيناريو يتكرر من اجل شرعنة الغزو الامريكي ـ الاسرائيلي للبنان، وربما الي ما بعد لبنان باتجاه سورية وايران، فالتدرجية في توسيع دائرة العدوان، سمة عسكرية اسرائيلية، اما ضربة الصدم والترويع، فسمة عسكرية امريكية اخري.
لقد طال صبر شعبنا علي مواقف، ظل يظن بقابليتها للاصلاح، وكان يمكن ان يكون ذلك، لو ان الامر اتصل باخطاء غير متعمدة او مقصودة، لكن حال هذا النوع من النظام العربي، كحال الدهر الذي لا يصلحه العطار، فقد استمد اسباب نشوئه وبقائه وحمايته.. من سادة القرن البريطاني وصولا الي سادة قرننا الراهن، فهم ووعود التغيير كماء السراب، والشاهد انهم اغلقوا افواههم علي كثير، انهم في مقبرة الصمت لما يسيل في العراق من دماء، وهم في عار التلطي تجاه ما يجري لشعب فلسطين من ابادة، اما عقيرتهم في ضجيج اصواتهم، فقد ارتفعت علي مقياس ريختر الامريكي، فيما يتعلق بتحميل المسؤولية علي ظهر حزب الله، فكل ما جري قبل الاحداث اللبنانية ومعها، من محمد الدرة الي هدي غالية وصولا الي عبير العراقية فميادة اللبنانية (قتل عشرون من عائلتها في قرية مروحين اللبنانية بالقصف الجوي الاسرائيلي المتعمد)، لا تهتز لها جلود التماسيح في القصور، فكيف بوجوههم وهم يرطنون بحكمة الجزوع الخائف علي ضياع ملكه واملاكه!
فالنظام العربي من هذا النوع، يعلم يقين العلم، بانه يحكم شعبا لا علاقة له به، ويستصدر قرارات اقل ما فيها، انها للخارج وليست للداخل، اذ من هو المستفيد من تحميل حزب الله المسؤولية سوي امريكا واسرائيل، ومن هو المستفيد من تحميل حماس المسؤولية، كي يجري عقاب جماعي لشعب فلسطين، الي درجة الموت تحت اشعة الشمس علي المعابر المحروسة من اسرائيل، وهل يجهل هذا النوع من النظام العربي كل هذه الحقائق، فاذا كان يجهلها فهو جاهل بكل شيء، بل ان الجاهلية قبل الاسلام، افضل منه، واذا كان لا يجهلها فلماذا يقدم عليها، بكل الصفاقة والمروق؟ فالسعودية تتحدث عن مقاومة شرعية واخري غير شرعية، ونحن ابناء الامة، لم نصادف مقاومة سعودية رسمية، شرعية او غير شرعية، منذ ان اعلن الملك المؤسس حربه علي القبائل في الجزيرة العربية، فاذا كانت السعودية الرسمية، هي مستودع التشريع، فلماذا لا تشرعن، للجهاد ضد العدو الصهيوني، وهو فريضة عين علي كل مسلم ومسلمة، لماذا لم تفتح فمها، فيما العدو الاسرائيلي يمزق اوصال غزة والضفة دون حسيب او رقيب؟!
لماذا تتفلسف، وكأنها في محكمة عدل كونية، فتلقي بالمسؤولية علي كاهل طرف عربي اسلامي مقاوم، لصالح طرف يهودي غاصب والغ بدماء العرب والمسلمين. فهل الحكم بالمسؤولية كان بطلب العدالة لذاتها، ام بطلب الاسترضاء من السادة ما فوق السيادة؟ فاذا كانت العدالة لذاتها، من مقاصد النظام السعودي او المصري او الاردني.. اذا فلننتظر قيام الساعة!   (*) كاتب من فلسطين يقيم في سورية   (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 18 جويلية 2006)  

 تأملات في المخرج لأمة منزوعة السلاح والإرادة

د. عبدالوهاب الافندي (*)   كان مشهداً غنياً بالدلالات ذلك الذي وقف فيه الرئيسان الأمريكي والروسي في مؤتمرهما الصحافي المشترك عشية قمة الثماني في سانت بيتسبيرغ (لينينغراد سابقاً لمن لا زالوا يحنون لتلك الأيام) ليؤكدا بلسان واحد ما سبقهما به الزعماء العرب، وهو أن إسرائيل علي حق، ولها أن تدافع عن نفسها وأن حزب الله هو المعتدي الذي ينبغي عليه أن يوقف عدوانه ويطلق أسراه حتي توقف إسرئيل دفاعها عن نفسها. ذلك أن استضافة روسيا لقمة الثماني لأول مرة هذا العام تعني عملياً نهاية حقبة كانت بداياتها في لبنان قبل قرابة ربع قرن. فقد شهدت لبنان في حربي إسرائيل في لبنان في الأعوام 1978 و1982 عملياً بداية الهزيمة الماحقة للاتحاد السوفييتي. ذلك أن الأجراس كانت أخذت تدق للسوفييت مع بروز التفوق العسكري الساحق للآلة العسكرية الإسرائيلية الذي أثبتته تلك الحروب، حين فشلت الطائرات المقاتلة السوفييتية والمضادات في إسقاط طائرة إسرائيلية واحدة، بينما أسقطت إسرائيل ثمانين طائرة سورية سوفييتية الصنع خلال يومين، وأخرجت سورية تماماً من المعركة.   الروس وقتها كابروا وزعموا أن المشكلة لم تكن في سلاحهم، وإنما في الجندي العربي، إلا أنهم كانوا يعلمون في قرارة أنفسهم أنهم تخلفوا كثيراً وراء أمريكا في مجال السلاح والتقنية المتطورة. وكان رجال المخابرات، مثل أندروبوف الذي تسلم السلطة في تلك الحقبة أول من يعلم. ولهذا رأي الزعماء السوفييت أنه لم يعد أمامهم مهرب من إصلاح نظامهم المتداعي قبل أن يتداركهم الوقت، ففشلوا في الإصلاح كما فشلوا من قبل في الإفساد، وانهار الاتحاد السوفييتي تماماً وتحولت روسيا إلي دولة عالم ثالث تتسول المعونات والقروض.   مساهمة العرب والمسلمين في إسقاط الاتحاد السوفييتي كانت كبيرة، حيث قتلوه بالحب كما قتلوه بالبغض. فالدول التي تحالفت مع الاتحاد السوفييتي مثل مصر وسورية والعراق وليبيا كانت دعاية سيئة للنظام السوفييتي ونظامه التسلحي. إضافة إلي ذلك فإن عدداً من الدول العربية التي كانت حليفة للسوفييت، مثل السودان ومصر والصومال (وإلي درجة أقل الجزائر والعراق) انقلبت عليه وتحولت إلي المعسكر المعادي، مما شكل ضربة مبكرة للنفوذ السوفييتي عالمياً. أما الدول المعادية فقد لعبت دوراً كبيراً في هزيمة الاتحاد السوفييتي الماحقة في أفغانستان والتي سرعت بدورها انهياره. ببساطة يمكن أن نقول ان العرب ساهموا أكثر من غيرهم في خسارة الاتحاد السوفييتي للحرب الباردة وتفرد أمريكا بالعالم فأصبحوا من النادمين.   الاتحاد السوفييتي جني علي نفسه جزئياً، لأنه بخل علي العرب بأفضل أسلحته، وكان يمسك العصا من نصفها، بحيث لم يكن يريد لحلفائه العرب أن يحققوا نصراً كاسحاً، كما أنه كان يصانع الغرب عبر تحجيم دعمه للعرب. مهما يكن فإن اعتماد الأنظمة العربية شبه الكامل علي التسليح الأجنبي كان مشكلة في حد ذاته، إضافة إلي العجز الذي أظهروه في المجال العسكري وفي كل مجال. وفيما عدا حرب أكتوبر التي أوشك المقاتلون العرب أن يبلوا فيها بلاءً حسناً قبل أن يعودوا إلي عادتهم القديمة في الانهزام، فإن الجيوش العربية كانت تتصرف تماماً كما وصف المتنبي بني كلاب حين صبحهم سيف الدولة فكان:  
من في كفه منهم قناة    كمن في كفه منهم خضاب
وبحيث أصبح من الصعب في الحقيقة التفريق بين الجنود الأشاوس وبين النساء والأطفال. بل إن الجيوش أصبحت كثيراً ما تحتمي بالنساء والأطفال. وفي لبنان لم يقتل حتي الآن سوي عدد قليل من الجنود (بالخطأ) بينما قتل في القصف أضعاف ذلك العدد من المدنيين جلهم من النساء والأطفال، وذلك في بلد في حالة حرب. وعندما خطب رئيس الوزراء في الشعب (بعد ثلاثة أيام من بدء القتال) وأبلغ الأمة والعالم بأن البلد يواجه عدواناً لا سابقة له، لم يوجه جيشه الهمام بالتصدي للعدوان، بل تحدث عن الإغاثة والإسعاف، كأنه مبعوث الصليب الأحمر أو رئيس منظمة أوكسفام. ولم يكن أمامه خيار آخر، فما يسمي مجازاً جيشاً عنده، وجنرالاته وبقية ضباطه وجنوده لن يغني عنه شيئاً إلا كما تغني الدمي التي يلعب بها الأطفال.   وهكذا تستباح البلاد، ويحلق الطيران منها حيث شاء، ويتخير الأهداف المدنية (وهل هناك أهداف غير مدنية في بلاد بلا جيش يدافع عنها؟) كما يفعل الطفل علي شاشة لعبته الألكترونية، ثم يتصيدها وهو آمن غير متعجل. وقد كان حدث الأمر نفسه في العراق الذي ذاب جيشه مثل فص الملح، ولم يكن قادراً علي كل حال أن ينكأ عدواً لو بقي. فبقاء جيوشنا وعدمه واحد. وكما هو الحال في غزة المحاصرة المنزوعة السلاح، فإن الطيران الإسرائيلي يحدد أهدافه بدقة، حيث يمتلك معلومات مخابراتية عن منازل ومكاتب الزعماء اللبنانيين، والقدرة الفنية علي إصابتها متي شاء. ويبدو أن الجيش الإسرائيلي قد أكمل ضرب كل الأهداف الحيوية، بحيث تحول الآن إلي إعادة ضرب الأهداف التي دمرها سلفاً، مثل مقرات حزب الله والمطار (وأيضاً مقر وزارة الخارجية الفلسطينية في غزة)، أو إلي ضرب أهداف هامشية كما هو الحال في صور وغيرها.   عملياً إذن لبنان يواجه العدوان وهون بلد منزوع السلاح، ليس فيه سوي مدنيين وأهداف مدنية. بقية الدول العربية ليست أحسن حالاً ولو غزيت فإنها لن تصمد ساعة نهار. نحن في واقع الأمر أمة من المدنيين العزل، وهذا يعني أن ما يسمي عندنا دولاً لا تستحق الإسم، لأنها كلها عاجزة عن الدفاع عن نفسها منفردة ومجتمعة. وبعض هذا العجز يعود للإرادة السياسية (أو فقدانها إن شئت الدقة). فهناك دول عربية كبري وصغري أخرجت نفسها من المعادلة السياسية والعسكرية طوعاً، وقررت قياداتها اتباع سياسة الاستسلام لكل غالب، وألا ترد الماء إلا عشية. وهذا الموقف هو الذي سهل الانفراد بالباقين. فإسرائيل ما كانت لتأمن علي نفسها حين غزت لبنان في صيف عام 1978 لولا أنها كانت قد فرغت لتوها من توقيع اتفاقية كامب دايفيد التي حيدت مصر، وما كانت لتعيد الكرة في عام 1982 لولا أنها كانت قد حيدت سورية بعد أن أكل الطيران السوري العلقة إياها، فاختار السوريون السلامة.   وقد نجحت إسرائيل وحلفاؤها العرب والأجانب في ضرب وعزل العراق وإخراجه من المعادلة، لينضم إلي الدول التي خرجت منها طوعاً، ولكنها لم تبق علي الحياد، بل وقفت داخل معسكر العدو بالفعل والقول، وبالقلب واللسان.   ولكن جوهر الأزمة يتعدي مجرد فقدان الإرادة السياسية إلي العجز عن اللحاق بركب العصر في مجال التقنية المتطورة. فالعرب عاجزون عن منازلة إسرائيل حتي لو ملكوا الإرادة، لأنهم يقيمون خارج العصر ليس في المجال العسكري فقط، بل في كل مجال حيوي آخر: العلوم، الصناعة، التطور السياسي، الثقافة. الجيوش العربية وحكوماتها مهووسة بالتصدي للمدنيين العزل الذين يخشي أن يعترضوا علي فساد وقمع الأنظمة، وبالطبع فشلها في التصدي للعدو والحفاظ علي كرامة الأمة. هذه الجيوش بدورها تخضع لمراقبة لصيقة من الأجهزة الأمنية، ويتم اختيار قياداتها علي أسس ليست الكفاءة من أولوياتها. ولأن الصناعة والتجارة والتعليم كلها رهينة في يد الفساد، فإن تخلف الأمة في كل هذه المجالات أصبحت نتيجة حتمية للسياسات القائمة التي ترفع من شأن الفساد والمفسدين، وتبعد الكفاءة والنزاهة، وتقتل الإبداع.   وكنتيجة لازمة لهذا الوضع فإن الأمة من محيطها إلي خليجها أصبحت منزوعة السلاح، كشأنها عشية أن زحف عليها الاستعمار في القرن التاسع عشر وبدايات القرن الماضي، فاكتسحها من أقصاها إلي أقصاها، سوي أن البعض استبق النيات الاستعمارية بأن تطوع أن يكون مقاولاً للاستعمار، يقوم بواجب إدارة البلاد بما يخدم المصالح الأجنبية دون تكليف قوي الاستعمار مشقة القصف والضرب وإرسال الجنود.   الخروج من هذا المأزق يتطلب مشاريع تنمية شاملة، أو علي الأقل تنمية في المجال الصناعي ـ العسكري، كما فعلت الصين والاتحاد السوفييتي وحتي الهند والباكستان. المشاريع العربية والإسلامية المماثلة منذ بدايات القرن التاسع عشر أجهضت مراراً وتكراراً، إما بتدخل أجنبي، أو بأخطاء داخلية، أو بالاثنين معاً، كما حدث مثلاً عندما تهورت تركيا العثمانية وأدخلت نفسها في أتون الحرب الأهلية الأوروبية المسماة حرباً عالمية، فحصدت الخراب. وبقية القصة معروفة، وتتلخص في فشل ذريع لمشاريع النهضة العربية من يسارية ويمينية، كما نري في المنطقة من العراق إلي الجزائر مروراً بمصر.   ولعل المفارقة اليوم هي أن المعركة القائمة اليوم تمثل من جهة اختباراً لأسلحة إيرانية الصنع، مثلما كانت معارك 1967 وما بعدها اختباراً لأسلحة سوفييتية الصنع. أي أن العرب ما زالوا بعد نصف قرن علي هزيمة حزيران ضيوفاً علي التاريخ. أيضاً فإن الذي يقود المقاومة ويتولي القتال علي كل الجبهات (من العراق وفلسطين إلي لبنان) ليس هو الجيش أو الدولة، بل عناصر ومنظمات مدنية تقوم بمهام كان ينبغي أن تتولاها الجيوش والدول، التي لا تكتفي بالوقوف متفرجة، بل أحياناً تقف في خندق العدو. تطور هذا النوع من المقاومة هو تعبير عن الفشل المزدوج للدولة، التي تطالب مثل هذه المنظمات أن تتولي دورها، ثم تعود، كما هو الحال في لبنان اليوم، لتحتج بحق الدولة في احتكار العنف الشرعي. هذا مع العلم بأن الدولة (أو السلطة المجازية في فلسطين) لو حصل لها ما تريد من احتكار للسلاح لما تحرر جنوب لبنان ولا انسحبت إسرائيل من غزة. الدولة العربية تقبع إذن خارج الفعل وخارج التاريخ معاً، ودورها الوحيد هو سلبي، إما كمقاول للاستعمار أو معوق للتحرير.   الأمة الآن أمام خيارين: إما إعلان الاستسلام الكامل، وإلغاء الجيوش علي طريقة كوستاريكا، خاصة وأن هذه الجيوش تكلف العرب ما لا يطيقون وتستخدم ضدهم أو للدفاع عن العدو (بحيث أن إسرائيل تطالب بوجود الجيش المصري والجيش اللبناني علي حدودها!) وإذا كان هذا هو القرار فإنه قد يكون من المستحسن أن تقوم هذه الجيوش (بداية من الجيش اللبناني) بتسليم أسلحتها لحزب الله وحماس وبقية الفصائل المقاتلة، وأن يخلع ضباطها وجنودها بزاتهم العسكرية، ويعودوا لموقعهم الطبيعي مع القواعد من النساء والأطفال. الحل الآخر هو ثورة عربية شاملة، تكنس الفساد والاستبداد، وتطلق طاقات الشعوب العربية المقيدة حتي تعيد بناء الأمة وقدراتها للنهضة والدفاع عن نفسها. ذلك أن الخذلان الماثل الآن هو عرض لا مرض. وما يتعرض له اللبنانيون والفلسطينيون من قمع وإذلال لا يختلف عما يتعرض له بقية العرب من إذلال واستعباد. بل إن الفلسطينيين واللبنانيين هم اليوم أحرار أكثر من إخوانهم العاجزين حتي عن التظاهر لنصرتهم. وهذا يفسر تسابق أنظمة القمع العربي علي دعوتهم إلي القنوع والمذلة أسوة ببقية إخوانهم البعيدين كل البعد عن المغامرة والتهور حتي يأمنوا القصف والحصار. سوي أن القصف والحصار أفضل بكثير مما فيه معظم العرب اليوم. فالأمة التي تقبل مذلة العيش تحت أنظمة عاجزة وفاشلة من هذه النوع لا تصلح للبقاء، وتستحق أن تغزي وأن تستعمر، بل تستحق الإبادة.   (*) كاتب ومفكر من السودان   (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 18 جويلية 2006)

 

سياسة أميركا لنشر الديمقراطية.. معضلة الإسلاميين

عرض/علاء بيومي

 

– الكتاب: سياسة أميركا لنشر الديمقراطية بالشرق الأوسط.. معضلة الإسلاميين

– المؤلف: جيرمي شارب

– عدد الصفحات: 31

– الناشر: خدمة أبحاث الكونغرس، واشنطن

– الطبعة: 15/6/2006

 

تنبع أهمية هذا التقرير من رافدين: أولهما كونه صادرا عن « خدمة أبحاث الكونغرس » وهي هيئة أبحاث غير حزبية تابعة للكونغرس الأميركي أسست عام 1914 للعمل على إمداده بالأبحاث العملية التي يحتاج أعضاؤه لاتخاذ قراراتهم.

 

أبحاث الهيئة موجهة بالأساس لأعضاء الكونغرس بناء على طلباتهم، لذا يتم تجديدها باستمرار، كما تتميز بقدراتها العلمية الكبيرة وبموضوعيتها وعدم ترددها في نقد سياسات الحكومة الأميركية، وبسعيها للوصول إلى الحقائق وتوعية أعضاء الكونغرس بما يجري حولهم وبما يمكنهم القيام به.

 

الرافد الثاني هو موضوع التقرير نفسه الذي يشغل الرأي العام العربي والأميركي، إذ يحاول التقرير أن يشرح لأعضاء الكونغرس حقيقة الالتزام الأميركي بنشر الديمقراطية في العالم العربي.

 

كما يحاول أن يبين تأثر هذا الالتزام بأحد أهم الظواهر السياسية العربية وهي ظاهرة صعود الحركات الإسلامية واستفادتها سياسيا من التحولات الديمقراطية التي جرت ببعض الدول العربية مؤخرا.

 

ويوضح التقرير ما إذا كان صعود الحركات الإسلامية في العالم العربي بصفة عامة -وفي فلسطين بصفة خاصة- سيثني أميركا عن الالتزام الذي قطعته على نفسها بخصوص نشر الديمقراطية في العالم العربي، وحقيقة موقف الجماعات الإسلامية تجاه السياسة الأميركية كما يراه المسؤولون والخبراء في واشنطن، وما يمكن لأعضاء الكونغرس فعله في ضوء ما سبق.

 

كما يحاول تحديد طبيعة ومستقبل موقف أميركا الحالي من الجماعات الإسلامية غير العنيفة في العالم العربي في ضوء الظروف السياسية المستجدة في المنطقة، دون أن يتعرض لسياسة أميركا تجاه الجماعات الإسلامية المسلحة.

 

تعريف الجماعات الإسلامية

 

يحاول التقرير في بدايته أن يشرح لأعضاء الكونغرس طبيعة الجماعات الإسلامية العربية، حيث يذكر أنها صعدت في المرحلة التالية لهزيمة النظم القومية عام 1967 رافعة شعار تطبيق الشريعة الإسلامية في مختلف جوانب حياة المجتمعات العربية بدرجات مختلفة، مستفيدة من الخلفية الإسلامية المتدينة والاجتماعية المحافظة للمجتمعات العربية.

 

وبمرور الوقت باتت تلك الجماعات تمثل قوى المعارضة الجماهيرية الرئيسية في عدد كبير من الدول العربية.

 

ويصف التقرير علاقة الجماعات الإسلامية غير العنيفة بالنظم العربية بأنها علاقة « غامضة » لأن الدول العربية عادة ما « تضخم تهديد الإسلاميين لاستقرار الدولة »، ولكنها في نفس الوقت تسمح للجماعات الإسلامية بممارسة ما يسميه التقرير « بالمعارضة المحدودة » لتخفيف الضغوط التي تتعرض لها النظم العربية في أوقات الأزمات الاقتصادية والسياسية الداخلية والضغوط الدولية الكبيرة.

 

ويرى أن بعض الحكومات العربية تستخدم صعود المعارضة الإسلامية « المحدودة » بهدف « منع جماعات المعارضة العلمانية من تحدي الحزب الحاكم ».

 

علاقة أميركا بالإسلاميين

 

يقول التقرير إن علاقة أميركا بالإسلاميين في الشرق الأوسط قامت منذ عام 1979 على أساس معارضة صعودهم، لما سيترتب عليه من تحد لمصالح أميركا وعلى رأسها حماية إسرائيل والنفط والتعاون العسكري مع دول المنطقة.

 

وانطلاقا من هذا الموقف ركزت أميركا في ضغوطها الإصلاحية على الحكومات العربية على قضايا تحرير الاقتصاد وتحرير التجارة بدلا من قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان.

 

وفي المقابل اكتفت النظم العربية -كما يرى التقرير- بإجراء إصلاحات ديمقراطية رمزية بهدف « تشتيت الانتباه الدولي الموسمي لنقص الحريات السياسية ».

 

ويقول التقرير إن الرؤية السابقة استمرت مسيطرة على السياسة الأميركية تجاه الديمقراطية العربية حتى أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 حيث بدأ الرئيس الأميركي جورج بوش استخدام مبدأ يرى أن قيام « شرق أوسط ديمقراطي سيكون أقل هشاشة أمام قوى التطرف ».

 

وبهذا أصبح نشر الديمقراطية في العالم العربي أحد ركائز الحرب على الإرهاب، إذ رأى بوش أن نشر الديمقراطية وإشراك الشعوب المسلمة والعربية -بما في ذلك قوى المعارضة- في الحياة السياسية سيسحب البساط تدريجيا من تحت أقدام الجماعات العنيفة والراديكالية وسيزيد قوى المعارضة العربية واقعية.

 

وجاءت الحرب على العراق لتؤكد الالتزام الأميركي بنشر الديمقراطية في العالم العربي حيث استخدم بوش مبدأ نشر الديمقراطية لتبرير الحرب على العراق، موضحا أن الحرب تصب في النهاية في صالح الديمقراطية العربية ومن ثم في صالح الحرب على الإرهاب.

 

ويقول التقرير إن إدارة بوش قطعت على نفسها التزاما يصفه التقرير بأنه « التزام خطابي » بتغيير « الوضع القائم » في الشرق الأوسط، وسعت لتطبيق هذا الالتزام من خلال عدة أساليب أساسية يأتي على رأسها:

 

– إعطاء قضية الإصلاح العربي مزيدا من الموارد والأهمية.

 

– الدبلوماسية الثنائية والاستمرار في مطالبة المسؤولين العرب بالإصلاح عند اللقاء معهم.

 

– التصريحات الرسمية المطالبة بالديمقراطية العربية والقادمة من كبار قادة الإدارة كخطاب وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في يوليو/تموز 2005.

 

– إطلاق عدد من البرامج والمبادرات الأميركية والدولية لدعم برامج نشر الديمقراطية في العالم العربي، مثل مبادرة الشراكة الشرق أوسطية التي تدعم من خلالها الخارجية الأميركية بعض منظمات المجتمع المدني العربية، ومبادرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابعة لمجموعة دول الثماني والساعية لدعم الليبرالية السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط.

 

المعضلة وكيفية التعامل معها؟

 

يقول التقرير إن التزام الإدارة بنشر الديمقراطية في العالم العربي بدأ يواجه معضلة تمثلت في أن استمرار الضغط من أجل الديمقراطية قد يدعم صعود الجماعات الإسلامية سياسيا، وهي جماعات معارضة في أغلب مواقفها للسياسات الأميركية.

 

كما أن صعودها سيؤثر سلبيا على علاقة أميركا بالنظم العربية، وبالتالي على تعاونها في الحرب على الإرهاب.

 

وقد ترتب على هذه المعضلة ظهور جدل قوي حول قضية التعامل مع الجماعات الإسلامية الشرق أوسطية في واشنطن، وحول ما إذا كانت « المخرجات السياسية » لأي عملية « إصلاح سياسي حقيقي » بالشرق الأوسط ستكون مفضلة لدى صانع القرار الأميركي.

 

ويقسم التقرير هذا الجدل إلى ثلاثة مواقف رئيسية، وهي مواقف قادمة من مراكز الأبحاث الأميركية ومن المسؤولين بواشنطن على حد سواء.

 

ويلاحظ هنا أن التقرير تعامل مع الخبراء ومراكز الأبحاث بأهمية لا تقل عن أهمية مواقف مسؤولي الإدارة.

 

وقد يعود ذلك إلى غموض موقف الإدارة، ما دفع التقرير إلى التركيز على آراء الخبراء الساعية لشرح مواقف المسؤولين غير الواضحة. وقد يعود إلى أهمية مواقف الخبراء وأنهم يمثلون عاملا هاما في صياغة الرأي العام والسياسة الأميركية.

 

الموقف الأول يرى أن جميع الإسلاميين « مشكوك فيهم »، وهو موقف خبراء مثل مارتين كرايمر ودانيال بايبس كما يسميهم التقرير.

 

والمعروف أن الكاتبين السابقين من أكثر الكتاب المساندين لإسرائيل تشددا، إذ يرى الأول أن « كل الإسلاميين أصوليون معادون للديمقراطية وللغرب بطبيعتهم »، ويرى الثاني أن « تسهيل مشاركة الإسلاميين السياسية » نوع من « مساعدة الأعداء »، وبالتالي يرى أصحاب هذا الاتجاه أن الحل يكمن في تقوية المجتمع المدني والحركات العربية العلمانية.

 

الاتجاه الثاني ينادي بالعمل مع الجماعات السياسية غير العنيفة، ويقول التقرير إن هذا الاتجاه يسانده العديد من الخبراء والأكاديميين بأميركا، وهو اتجاه يرى أن مشاركة الإسلاميين في الحكم ستزيدهم واقعية وستحرم الراديكاليين تدريجيا من الأتباع.

 

التيار الثالث يرفع شعار البراغماتية ويطالب الإدارة الأميركية باتباع منهج « التعامل الانتقائي » مع الجماعات الإسلامية غير العنيفة، وعدم الاهتمام بالاتهامات الخاصة بازدواجية المعايير ما دامت الانتقائية ستخدم مصالح أميركا دون الإضرار بعلاقتها مع شركائها الأساسيين بالمنطقة وهم النظم.

 

تحديات الديمقراطية وعلاقة أميركا بالإسلاميين

 

بعد ذلك يدرس التقرير ثلاث حالات وهي المغرب ومصر والأردن، كما يحاول أن ينصح الكونغرس بخصوص ما يمكنه القيام به في كل حالة بصفة خاصة وتجاه العالم العربي بصفة عامة.

 

ومن خلال قراءة هذه الحالات وقراءة التقرير عامة، يمكن القول إنه في مجمله يقود قارئه إلى خلاصتين:

 

الخلاصة الأولى أن المساعي الأميركية لنشر الديمقراطية في العالم العربي فقدت الزخم الذي اكتسبته في عهد ولاية بوش الأولى، وهو زخم قد لا يعود في المستقبل المنظور لأسباب مختلفة.

 

تلك الأسباب على رأسها قصر عمر الالتزام الأميركي بنشر الديمقراطية في العالم العربي، وكونه يتناقض مع سياسات أميركية راسخة تعود إلى عام 1979، ولأن الجدل الراهن حول سياسة نشر الديمقراطية العربية وتأثيرها على صعود الإسلاميين جدل ضخم لن يحل بسهولة في وقت تمر فيه الإدارة بتحديات داخلية وخارجية ضخمة.

 

والخلاصة الثانية تتعلق بعلاقة أميركا بالإسلاميين، وهنا يشير التقرير في مغزاه إلى أن هذه العلاقة تمر بتحديات أربعة رئيسية:

 

الأول هو توقعات الإدارة الأميركية التي تريد جماعات إسلامية ومعارضة عربية لا تعارض سياستها، خاصة في فلسطين والعراق.

 

وتنظر الإدارة إلى مظاهر معارضة هذه السياسات على أنها رسائل سلبية موجهة ضدها، مع أن هذه السياسات تلاقي معارضة قوية داخل أميركا ذاتها وعبر العالم، ما يثير التساؤل حول إمكانية عثور أميركا على المعارضة العربية التي تنشدها!؟

 

التحدي الثاني يتعلق بموقف الحكومات العربية ذاتها من تعامل الإدارة الأميركية مع الإسلاميين، إذ تعارض الحكومات العربية تقارب الأميركيين مع الإسلاميين معارضة تختلف درجاتها باختلاف الدول العربية.

 

فهي أكبر -كما يرى التقرير- في حالة مصر التي تعارض بقوة اتصال الأميركيين بالإسلاميين، وهي أقل في حالة المغرب الذي سمح -في بعض الأحيان- لبعض قادة الجماعات الإسلامية المغربية بزيارة أميركا ضمن برامج ترعاها الخارجية الأميركية.

 

ويرى التقرير أن قوة معارضة الحكومات العربية لاتصال الأميركيين بالحركات الإسلامية لا تمنع هذا الاتصال على المستوى غير الرسمي، ولكنها تحد منه بشكل كبير على المستوى الرسمي.

 

التحدي الثالث يتعلق بموقف الحركات الإسلامية ذاتها، حيث ينظر التقرير إيجابيا إلى موقف بعض قيادات الحركات الإسلامية بالمغرب التي اعترفت في تصريحات علنية بالنفوذ الأميركي وبالحاجة إلى بناء حوار تعاوني مع المسؤولين الأميركيين حول هذا النفوذ.

 

ويعطي التقرير انطباعا بأن بعض الجماعات الإسلامية ما زالت تقتصر في علاقتها بالمسؤولين الأميركيين على الاتصالات الفردية غير الرسمية.

 

التحدي الرابع الذي يوجد عبر التقرير هو القرب من الصراع العربي الإسرائيلي، فالواضح أن قرب أي دولة عربية جغرافيا من الصراع العربي الإسرائيلي ونشاط تلك الدولة في المباحثات الفلسطينية الإسرائيلية يزيد من تعقيد موقف الإدارة الأميركية من الجماعات الإسلامية فيها.

 

ويزداد ذلك في ظل التزام أميركا القوي بحماية أمن إسرائيل، ونظرا لنشاط اللوبي الموالي لإسرائيل في معارضة علاقة أميركا بالإسلاميين في العالم العربي كما ظهر في أسماء ومناصب الخبراء الذين عاد إليهم التقرير دون أن يربطهم بلوبي إسرائيل.

 

أما بالنسبة لدور الكونغرس المحتمل فهو الضغط على الإدارة لتوضيح سياستها الغامضة تجاه الديمقراطية العربية والإسلاميين، ومعارضة المعونات الاقتصادية التي تقدمها أميركا لبعض الدول العربية، ووضع شروط تربط تلك المعونات بالإصلاح السياسي، وهي مواقف لن تتبلور في المستقبل المنظور للأسباب التي شرحناها سالفا.

 

(المصدر: ركن « المعرفة » بموقع الجزيرة.نت بتاريخ 12 جويلية 2006)


 

هنيبعل يعود إلى قرطاج على بساط مسرح «نو» الياباني

 
تونس – سميرة الصدفي     الحياة     يعود القائد الفينيقي هنيبعل إلى مدينته قرطاج التي غادرها إلى صور في السنة 143 ق. م. في أعقاب هزيمة جيشه أمام الجيش الروماني في موقعة جاما (شمال تونس)، لكن على بساط مسرح «نو»Nô الياباني المتخصص بتقديم سير شخصيات تاريخية بارزة. وتفتتح مسرحية «هانيبال» الدورة الجديدة لمهرجان قرطاج الذي تنطلق فعالياته مساء اليوم الأحد في مدرجات المسرح الروماني الذي يتسع لأكثر من 15 ألف مشاهد. بدأت فكرة المسرحية بنص شخصي كتبه السفير التونسي لدى اليابان الدكتور صالح الحناشي بالإنكليزية ولم يكن يقصد إعداده للمسرح، إلا أن المثقفين اليابانيين والتونسيين الذين اطلعوا على المخطوط شجعوه على نقله إليه. وتطور المشروع إلى عمل متكامل مع مسرح «نو» المتخصص بالأعمال التاريخية. ويُعتبر «نو» مساهمة يابانية أصيلة في التراث الفني الإنساني أسوة بالأوبرا لدى الإيطاليين والباليه لدى الروس، وهو لا يعتمد على ديكور معقد وإنما يُركز على إحياء أحداث كبيرة أو أبطال ما زال صداهم يتردد في الخيال الاجتماعي إلى اليوم. –> ولا يُخفي الحناشي أنه تأثر بأسلوب المسرح الياباني الذي أسره منهجه الفريد في التعاطي مع الشخصيات التاريخية المعروفة أسوة بشخصية غانجي مونوغاتاري التي كان نقلُ سيرتها إلى المسرح الياباني من أعظم إنجازات «نو». ومن هذه الزاوية فإن المسرحية تشكل نموذجاً طريفاً للقاء فني بين حضارتين على رغم تباعد المسافات واختلاف الذهنيات بين العرب واليابانيين. ويمكن وضع هذه المسرحية في خانة المسرح التجريبي كونها تشكل درساً تطبيقياً في تطويع شخصية هنيبعل كي تتماهى مع تقنيـات مســـرح «نو». وفي مقدم تلك التقنيات اعتماد الجملة الشعرية. وقال الحناشي لـ «الحياة» إن ما لفته في جميع الترجمات التي قرأها بالإنكليزية أو الفرنسية لمسرحيات «نو» هو طغيان الإيقاع الشعري، ورأى أن هذه الشعرية الطاغية تُعوض عن تجريدية الديكور لدى عرض المسرحيات. غير أن الجمهور يجد صعوبة في إدراك مضمون المسرحيات بمن في ذلك اليابانيون أنفسهم، بسبب استخدام لغة عتيقة، ما يفرض الإطلاع على النص سلفاً لسبر أغواره والتفاعل معه لدى العرض. وهذا ما يفسر نجـاح نقل مسرحيات عالمية أسوة بـ «الملــــك لير» لشكسبير على نمط مســـرح «نو»، ما منحها نكهة جديـــدة وقدمهــــا برؤية مُغايرة عكست مزجا إبداعياً بين حضارتين. ولم يُركز الحناشي على العبقرية العسكرية للقائد هنيبعل الذي تُدرَس خططه في الكليات الحربية إلى اليوم بقدر ما اهتم بسيرته كرجل دولة استطاع أن يُعاود تنظيم مؤسسات قرطاج وترتيب مصادر الدخل والضرائب على نحو أتاح للدولة تسديد الديون والتعهدات المستحقة لروما قبل حلول ميقاتها. كذلك ركز على هنيبعل المثقف الذي كان يتكلم اليونانية ولغات أخرى ويدرُس تاريخ الحروب وبخاصة سيرة الإسكندر الأكبر كي يقتبس منها. –> وفي هذا الإطار اكتشف الحناشي الآصرة التي تربط البطل القرطاجي بالقادة اليابانيين في القرون الماضية «الشوغون» والذين نهض على أكتافهم بناء الدولة العصرية واجتراح التحديث. وما لفته في سيرتهم هو اعتمادهم على الطريقة التأملية «الزان» للمحافظة على أدائهم الجسدي واتقاد أذهانهم، بالإضافة الى تعاطيهم الفنون مثل الرسم والموسيقى لشحذ العقل. مع ذلك يُصر المؤلف على أن عمله غير مكتمل ويعتبره مجرد محاولة فردية، وهو يأمل بأن يستفز المسرحيين التونسيين والعرب عموماً كي يجولوا في عوالم مسرح «نو» الساحرة ويأخذوا منه ما من شأنه أن يضخ دماء جديدة في المسرح العربي. ( المصدر صحيفة الحياة  بتاريخ 16 جويلية 2006 )

 

 


 

تونس: عين على ماريا وأخرى على لبنان

 
إيهاب الشاوش من تونس: خطف العدوان الإسرائيلي على لبنان، الأضواء من سهرتي ماريا كاري المقرر إحيائها يومي 22 و 24 يوليو الجاري. و رغم التحضيرات الضخمة للمنظّمين، والحملة الإعلامية العملاقة، التي لم تستثن أية وسيلة إعلامية أو ترويجية، فإن التونسيين بدوا مشغولين بما يحدث على الساحة اللبنانية. لبنان هذه الأيام، حديث الشارع والمثقف والعائلة، و خبر مقتل جندي اسرائيلي هو زفاف يضاف إلى موسم الأعراس، الذي يميز الصيف التونسي. ماريا كاري سوف تصاب بانهيار عصبي آخر تتوقع مريم(طالبة) و تضيف » لسوء حظها التوقيت غير مناسب لإقامة مثل هذه السهرات الضخمة ». أما مراد (تلميذ) فيقول » أنا أحب ماريا كاري كثيرا لكن ما يجري الآن في لبنان و فلسطين سيخيم على سهرة ماريا كاري ». آخرون يرون ان بيع التذاكر انطلق منذ مدة أي قبل اندلاع الحرب، لكن ذلك لن يمنع من ان تؤثر الحرب على اجواء السهرة، في وقت لا يمكن التراجع عن تنظيمها نظرا للخسائر الكبيرة التي سيتكبدها المنظمون وحدهم.  فضلا عن تأثر السياحة بذلك. كما تفيد مصادر من وزارة السياحة التونسية ان سهرة ماريا كاري سيكون لها تأثير ايجابي على السياحة في تونس… من جهة أخرى إمتلأت الشوارع التونسية بقرابة 30 ألف معلقة، و صورة ضخمة. وانتشرت في تونس منذ مدة صور ماريا كاري. فستان ابيض. و ابتسامة عريضة. يبدو انها لن تجد من يبادلها اياها.  في التلفزيون تقول ميمي، كما اردات ان تسمي نفسها » انا متشوقة إلى جمهور تونس. انتظروني ».  لكن الجمهور التونسي، متشوق الى رؤية لبنان كما كان و أحسن. فما عساه ينتظر. الأمم المتحدة. الدول العربية. حزب الله. سوريا. ايران… Iheb_ch@yahoo.fr ( المصدر موقع إيلاف بتاريخ 19 جويلية 2006 )


Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

1 février 2010

Home – Accueil TUNISNEWS 9 ème année, N° 3541 du 01.02.2010  archives : www.tunisnews.net  Liberté et Equité: Le contrôle administratif,

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.