الأربعاء، 1 أبريل 2009

TUNISNEWS

8 ème année, N 3235 du 01 .04 .2009

 archives : www.tunisnews.net


 حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس زياد الهاني:الزميل منجي الخضراوي : يمثل أمــــــــام  المحكمة الابتدائية

حــرية و إنـصاف:اعتقال شادي بوزويتة و بلال الرايس

السبيل أونلاين:الناصر العياري أدلى اليوم بأقوله لدى حاكم التحقيق بقرمبالية

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:الإختطاف و المحاكمة الصورية  بعد!.. التنفيذ حكم ظالم بسجن طارق السوسي ..

السبيل أونلاين:ما حدث لعائلة الوسلاتي بالقيروان يثير السؤال حول تغوّل البوليس

كلمة:فرقة الأمن السياسي تعتقل  مترشح لرئاسية 2009 وتأذن بايداعه مستشفى الرازي

المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية:لا للتضييق على الحقوق والحريات النقابية في المغرب

كلمة: أسبوعية « الطريق الجديد » تصادر من الأسواق

المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية:تضامنا مع عمال الديوان الوطني للتطهير بجندوبة

الوسط التونسية:صهر الرئيس بن علي السيد محمد صخر الماطري يُصبح شريكا في حصص هامة لدار الصباح التونسية

البديـل عاجل: أخبـــــــــــار

البديـل عاجل:في ذكرى 20 مارس 1956 :هل تحققت السّيادة الوطنية؟

صـابر التونسي: ازداد علمنا « زينا » وجمالا

البديـل عاجل:الإضراب عن الطعام والإضراب العام والمؤتمر الوطني والوجه الجديد للاتحاد العام لطلبة تونس

البديـل عاجل:وجهة نظر :الاتحاد العام لطلبة تونس إلى أين؟

البديـل عاجل:محاكمة الحوض المنجمي :كيف أجاب قادة الحركة على أسئلة المحكمة؟

البديـل عاجل:مؤتمر الاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير :تَوَاصُلُ سياسةِ التذيّل للسلطة والأعراف

الحزب الديمقراطي التقدمي:تعزية

مرسل الكسيبي:المشهد الثقافي التونسي أمام جدل حاد !

د ب أ:تراجع صادرات تونس بنحو 17 % خلال الأشهر الثلاثة الماضية

يو بي أي:ارتفاع إجمالي الناتج المحلي التونسي بنسبة 4.56 % في عام 2008

محمـد العروسـي الهانـي:الوعود بالأقوال لابد أن تتبعها أفعال

محمد كريشان:العاقبة للبقية..

عبدالسلام المسدّي :الولايات المتحدة وقراءة التاريخ

توفيق المديني:هل يقود التقارب الأميركي مع إيران إلى الاعتراف بدورها الإقليمي؟

حسن نافعة:معضلة بنيوية في صلب النظام العربي

فهمي هويدي :للكبار حسابات أخرى

ياسر الزعاترة :لماذا سعت الشقيقة الكبرى لإفشال قمة الدوحة؟!

 نصر شمالي :جذور الأصولية العلمانية وأهوالها!

محمد الأمين إسماعيل:الشخصية اليهودية من خلال القرآن والسنّة

 


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


منظمة حرية و إنصاف

التقرير الشهري:حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

 جانفي 2009

منشور على صفحتنا بتاريخ 17 فيفري 2009

 فيفري 2009

منشور على صفحتنا بتاريخ 15 مارس 2009 https://www.tunisnews.net/15Mars09a.htm


أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف
33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 05 ربيع الثاني 1430 الموافق ل 01 أفريل 2009

أخبار الحريات في تونس


1)   تواصل إضراب الطلبة عن الطعام: يواصل الطلبة المطرودون إضرابهم عن الطعام لليوم 49 على التوالي احتجاجا على الطرد التعسفي الذي تعرضوا له و للمطالبة بترسيمهم من جديد لمواصلة تعليمهم العالي. وقد أصبحت حالتهم الصحية تنذر بالخطر نتيجة الهزال الشديد و أصبحوا غير قادرين على الرؤية والوقوف و الكلام. و حرية و إنصاف تطالب سلطة الإشراف بالتدخل لمنع حصول الكارثة قبل فوات الأوان و الاستجابة للمطالب العادلة للطلبة المطرودين. 2)   تواصل حصار منزل السيد علي العريض: يواصل أعوان البوليس السياسي لليوم السابع على التوالي محاصرة منزل السجين السياسي السابق والناطق الرسمي السابق باسم حركة النهضة السيد علي العريض، و قد عمد الأعوان المذكورون إلى مضايقة أفراد عائلته الداخلين إلى المنزل و الخارجين منه و مطالبتهم بالاستظهار ببطاقة تعريفهم الوطنية كما تتم مضايقة الأقارب الذين يأتون لزيارة العائلة و حتى الجيران لم يسلموا من هذه المضايقات. 3)   اقتحام منزل المناضل السياسي رياض لحوار: تعرض منزل المناضل السياسي رياض لحوار يوم السبت 28 مارس 2009 إلى الخلع و السرقة وبالرغم من أن البيت يحتوي على أشياء ثمينة فإن المقتحمين لم يسرقوا إلا وثائق لها علاقة بالنشاط السياسي لصاحب البيت. 4)   ثلاثة أشهر سجنا مع تأجيل التنفيذ لطارق السوسي: قضت محكمة بنزرت يوم الاثنين 30 مارس 2009 على الناشط الحقوقي طارق السوسي بالسجن مدة 3 أشهر مع تأجيل التنفيذ بسبب تصريح أدلى به لقناة الجزيرة حول اختطاف أعوان البوليس السياسي بمدينة بنزرت لمجموعة من الشبان المتدينين و هو ما أكدته عائلاتهم و المنظمات الحقوقية.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


الزميل منجي الخضراوي :

يمثل أمــــــــام  المحكمة الابتدائية


  زياد الهاني يمثــل الزميل منجي الخضراوي عضو المكتب التنفيذي للنقابــــة الوطنية للصحفيين التونسيين الخميس 2 أفريل 2009 أمــــــــام  المحكمة الابتدائية بتونس من أجل مقال كتبه في جريدة الـشروق حول الاشتباه في تورّط شخصية نافذة سابقا في عملية تحيّـــــــل ضحيتها امرأة. المقال تمّ نشره في أكتوبر الماضي. وقد مكّـــــــن الزميل صاحب الشكوى من توضيح وجهة نظره، كما أعطى مجالا للمعنيين بالقضيّة ليوضّح كلّ منهما رأيه. المثير في المسالة أنّــه بعد مرور خمسة أشهر اتجه المسؤول السابق للقضاء ورفــــــــع دعوى ضدّ الزميل وضدّ الشروق وخصيمته يطالبهم فيها بالتضامن بدفع مبلغ يقارب المليار !!!؟ وهو ما يدفع للتساؤل حول الأسباب الحقيقية لرفع هذه الدعوى، وفي هذا التوقيت بالذات؟ الرجاء من الزملاء الحضور بكثافة على الساعة التاسعة من صباح الخميس 2 أفريل 2009 أمام  قصر العدالة بباب بنات بتونس، للتعبير عن تضامننا مع الزميل منجي الخضراوي (المصدر: موقع زياد الهاني الإلكتروني بتاريخ 1 أفريل 2009 )  


أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 05 ربيع الثاني 1430 الموافق ل 01 أفريل 2009

اعتقال شادي بوزويتة و بلال الرايس


اعتقل أعوان البوليس السياسي يوم الثلاثاء 31 مارس 2009 الناشطين الحقوقيين السيدين شادي بوزويتة و بلال الرايس عضوي منظمة حرية و إنصاف و تم اقتيادهما إلى مركز شرطة القصبة حوالي منتصف النهار ثم نقلا إلى منطقة شرطة باب سويقة أين خضعا للاستجواب من قبل أعوان فرقة الإرشاد بالمنطقة المذكورة، و قد تمحورت الأسئلة حول منظمة حرية و إنصاف و مصادر تمويلها و عن علاقتهما بالحزب الديمقراطي التقدمي و لم يطلق سراحهما إلا على الساعة السادسة مساء.

و حرية و إنصاف

1)   تدين اعتقال الناشطين الحقوقيين شادي بوزويتة و بلال الرايس و تعتبر ذلك اعتداء على حرية العمل الحقوقي . 2)   تطالب السلطة إلى وضع حد لمثل هذه الممارسات و المضايقات المسلطة على الناشطين الحقوقيين و تدعو إلى الالتزام بما أمضت عليه تونس من معاهدات تنص على حماية الناشطين الحقوقيين.     عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


الناصر العياري أدلى اليوم بأقوله لدى حاكم التحقيق بقرمبالية


السبيل أونلاين – خاص – تونس على إثر نشرنا تسجل شهادة المواطن ناصر العيّاري ، تلقى اليوم اليوم 01 أفريل 2009 ، إستدعاءا من حاكم التحقيق الأول بمحكمة الإستئناف بقرمبالية ، وقد قابله عند الساعة الثالثة بعد الزوال ، وأخذ عنه أقواله حول ملابسات الإعتداء والأفراد الذين إعتدوا عليه ، ووعده بالتحقيق بشكل جاد في القضية .   فهل ينصف القضاء الناصر العيّاري ويُحاكم جلاّديه ؟؟؟   من زهير مخلوف – تونس   تابع أطوار قضية الناصر العياري التى كنا نشرناها عبر الرابط التالي : http://www.assabilonline.net/index.php?option=com_content&task=view&id=3357&Itemid=26   (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 01 أفريل 2009 )  

 » الحرية للدكتور الصادق شورو  »  » الحرية لجميع المساجين السياسيين  » الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين   نهج الجزيرة تونس   43       e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 31 مارس 2009

..    الإختطاف ..و المحاكمة الصورية  بعد !.. التنفيذ حكم ظالم بسجن طارق السوسي ..3 أشهر مع تأجيل

 


أصدرت الدائرة الجناحية للمحكمة الإبتدائية ببنزرت اليوم الثلاثاء 31 مارس 2009 حكما بسجن الناشط الحقوقي طارق السوسي 3 أشهر مع تأجيل التنفيذ بتهمة ..  » ترويج عن سوء نية لأخبار زائفة من شأنها تعكير صفو النظام العام  » طبق الفصلين 42 و 49 من مجلة الصحافة على خلفية تدخله في النشرة المغاربية لقناة الجزيرة يوم 26 أوت 2008 حول !..اختطاف البوليس السياسي لسبعة شبان بمدينة بنزرت وكان السيد طارق السوسي قد اعتقل من محل سكناه يوم 27 أوت 2008 المنقضي بعد أن قام البوليس السياسي بخلع باب منزله و اقتحامه و ترويع عائلته وأجواره ثم تم إيداعه بسجن بنزرت طيلة شهر كامل تعرض فيه لمعاملة قاسية و مهينة استغلت إعاقته البدنية للتنكيل به و ترهيبه، وإزاء تصاعد الحملة الوطنية و الدولية  للإفراج عنه قررت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف ببنزرت إطلاق سراحه بمقتضى قرار صادر يوم 25 سبتمبر 2008 في القضية المنشورة لديها تحت عدد 5113 بعد أن تجاهل قاضي التحقيق الأول بالمحكمة الابتدائية ببنزرت  السيد أكرم المنكبي مطلب الإفراج المقدم من المحامين ، و إذ تجدد الجمعية التأكيد على  ما تضمنته بياناتها المتعلقة بهذه القضية الملفقة  من رفض لتوظيف القضاء لترهيب النشطاء الحقوقيين و السياسيين  و  اعتبار المحاكمة صورية و الحكم الصادر  عنها ظالما مجحفا و غير عادل  فهي  ، رغم تفهمها ، و مساندتها ، لكل  مجهود يهدف لحماية النشطاء و الدفاع عنهم  ، فإنها كانت  – و لا تزال –  تشعر بالحرج  إذ تلفت النظر لما يتعرض له أعضاؤها من  حملة بوليسية و قضائية شرسة  مما جعل بياناتها شحيحة في تغطية الإعتداءات شبه اليومية التي يتعرض لها مناضلوها في فرع بنزرت أو عضو هيئتها المديرة لطفي العمدوني أو المضايقات الدورية التي يتعرض لها عضو هيئتها المديرة الأستاذ سمير ديلو (  على أيدي أعوان الجمارك ) ،   و اقتصرت على تغطية المحاكمات السياسية  التي تعرض لها أعضاؤها فوزي الصدقاوي و عثمان الجميلي و خالد بوجمعة و نائب رئيسها الأستاذ عبد الوهاب معطر ، إن  مبعث الحرج أن جمعيتنا ليست الجمعية الوحيدة المضطهدة  فكل الجمعيات المستقلة مستهدفة بشكل أو بآخر  – و إن اختلفت الحدة –  ، كما  أن تصورنا  – في الجمعية الدولية للمساجين السياسيين –  لطبيعة النضال الحقوقي الجاد  يفرض علينا الحرص الشديد على  أن لا تتجاوز الأضواء المسلطة على النشطاء القدر الذي يحقق النجاعة للتحركات و الضغوط الإعلامية لخدمة القضايا العادلة  ، و أن الأولوية المطلقة في البلاغات يجب أن تعطى لعموم المضطهدين لا لكاتبيها ..  و أن  التحركات يجب أن تنصب على محاولة رفع الضيم المسلط على  المئات من الشباب المضطهد و الآلاف من المساجين السياسييين السابقين حتى  إن اقتضى الأمر كظم الغيظ و الصبر على المكاره .. و لكن فاض الكيل ..   فإزاء هذا التصعيد في حملة الترهيب التي تستهدفنا ، و جميع النشطاء الحقوقيين ، و التي لم تعد تقتصر على تلفيق القضايا  بل أصبحت توظف القضاء لإسكات من يطالب بوقف الإنتهاكات و باحترام القانون  و اعتباره   » مروجا لأخبار زائفة  » .. فإن الجمعية  : * تعبر عن تضامنها المطلق مع المناضل طارق السوسي  و رفضها للحكم الظالم الصادر بإدانته  و  تعلن  تبنيها الكامل لكل ما ورد على لسانه . * تجدد إصرارها على  مواصلة النضال دون هوادة من أجل احترام حقوق الإنسان و فضح الجلادين و المنتهكين للقانون .. !.. مهما كان الثمن                                                  عن الجمعيـــة                الهيئـــــــــــــة المديــــــــــــــــــرة    

ما حدث لعائلة الوسلاتي بالقيروان يثير السؤال حول تغوّل البوليس


السبيل أونلاين – خاص – تونس   فيديو : تسجيل شهادة المهدي الوسلاتي – الرابط على اليوتوب : http://www.youtube.com/watch?v=0r0cwiy01No جدّت بتاريخ 18 فيفري 2009 ، في مدينة القيروان التى تقع وسط البلاد التونسية ، واقعة مثيرة وخطيرة دللت على الهمجية التى تتعامل بها قوات البوليس التونسي  مع المواطنين ، وكان ضحية الحادثة أربعة أشقاء وقع الزج بثلاثة منهم  في السجن المدنى بالقيروان ، بعد أن إقتحمت فرقة من البوليس السياسي منزلهم العائلى وأعتقلتهم جميعا ، وتخلل عملية الإقتحام الإعتداء عليهم بالضرب والتعنيف .   وتسنى لأحد الإشقاء وهو الشاب المهدي الوسلاتي الإتصال بالسبيل أونلاين ، حيث تمكن من التصوير معه وتسجيل شهادته ، وقد سرد في البداية قصة شقيقه الأصغر ربيع الوسلاتي و التى وقعت ليلة 17 فيفري 2009 ، وذلك عند الساعة السابعة والنصف ليلا ، حيث كان واقفا أمام البيت فقدمت سيارة مدنية ، ترجل منها شخص وطلب منه مرافقته ، فإستفسر منه ربيع عن الجهة التى يتبعها ، فقام الشخص بمعية زميله بجره إلى داخل السيارة بالقوة ، فأبدى ربيع الوسلاتي إستعصاءا  وإستنجد بشقيقه وليد الذى إنضم لأخيه ومنع الشخصان من إرغامه على ركوب السيارة ، وطالبهما بالإستظهار بإستدعاء رسمي والتعريف بالجهة التى ينتسبون إليها ، ولكن الشخصين غادرا المكان ، وقد أصيب ربيع الوسلاتي برضوض خطيرة خاصة في وجهه جراء التعنيف والضرب والجر الذى تعرض له ، مما إستوجب نقله للمستشفى الجهوي بالقيروان  ، وقد منحه الطبيب راحة بـ 21 يوما  .   وفي صباح اليوم التالي (18 فيفري 2009) ، قدمت فرقة من « العدلية » و »المختصّة » وإقتحمت منزل عائلة  الوسلاتي وإعتقلت الأشقاء الأربعة – ربيع – حسام – وليد – والمهدي ، و إستخدمت تلك القوات التعنيف والضرب وأيضا نوع خاص من الغاز لشل حركتهم ، وقامت بنقلهم إلى مركز الإيقاف الواقع بالمقر القديم لولاية القيروان أين تعرضوا للتعذيب والإذلال ، وقد شرح المهدي الوسلاتي في التسجيل الذى ينشره السبيل أونلاين أشكال التعذيب التى مورست عليه وعلى أشقائه .   وقد دفعت المعاملة القاسية التى تعرض لها أبناء عائلة الوسلاتي إلى الدخول في إضراب عن الطعام داخل معتقلهم ، والذى تواصل ستة أيام أحيلوا على إثرها إلى حاكم التحقيق ، وقد أبلغوه بما تعرضوا له من تعذيب ، ومعاملة في غاية السوء .   وأحيل الأشقاء الثلاثة (ربيع – حسام – وليد) على السجن المدني بالقيروان بتاريخ 24 فيفري 2009 ، وأذن حاكم التحقيق بإطلاق سراح المهدي ، الذى تمكن من الإتصال بمراسلنا ليقص عليه الإنتهاكات التى تعرض لها وأشقائه على أيدي الفرقة المختصّة بالقيروان .   وطالب المهدي الوسلاتي بالتحقيق في التجاوزات التى حفت بقضية أشقائه ، ومحاسبة الذين خلفوا لشقيقه ربيع أضرارا بدنية ، وإطلاق سراح إخوته لإنتفاء التهمة.   من مراسلنا في تونس – زهير مخلوف   (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 31 مارس 2009 )


فرقة الأمن السياسي تعتقل  مترشح لرئاسية 2009 وتأذن بايداعه مستشفى الرازي


اعتقلت فرقة من الأمن السياسي بجندوبة يوم السبت 28 مارس 2009  المواطن المهندس الأول المترشح  لرئاسية 2009 علية بن مصطفى الكوكي (44 عام)صفته مهندس اول بعد ان أوقف من قبل عون امن عمومي ذكر له بأنه مطلوب لدى فرقة امن الدولة . وكان الكوكي عائدا من مدينة غار الدماء بعد ان توجه لكل لبلدية بوسالم وبلدية جندوبة ووادي مليز وغار الدماء وذلك في اطار حملته الانتخابية حيث قدم لرؤساء البلديات المذكورة مطالب مرفقة ببرنامجه الانتخابي طالبا التوقيع ومساندة ترشيحه  لرئاسية 2009 . غير ان البلديات المذكورة وعلى ما يبدو وان احسنت استقباله فانها لم تفوت ان تعلم عنه الجهات الامنية المختصة وتطلب اخضاعه للتحقيق.  وقد اقتيد الكوكي يوم السبت 28 مارس 2009 إلى منطقة الامن الوطني بجندوبة واخضع لجملة من الأسئلة ثم اقتيد مرة أخرى إلى المستشفى الجهوي بجندوبة لعرضه على طبيب الصحة العمومية بعد ان اتهم بانه يشكل خطر على النظام العام وقرر طبيب الصحة العمومية الذي باشر وضعية المترشح ضرورة عرضه على طبيب مختص بمستشفى الرازي بعد ان ادعى بانه يحمل علامات تشكل خطرا على الأشخاص.

 (المصدر: موقع مجلة كلمة (اليكترونية – محجوبة في تونس) بتاريخ 31 مارس 2009)


المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية البريد الالكتروني marced.nakabi@gmail.com : تونس في 01 / 04 / 2009

لا للتضييق على الحقوق والحريات النقابية في المغرب

 


بلغ إلى علم المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية أن المكتب الوطني للمنظمة الديمقراطية للماء الصالح للشرب في المغرب التابعة المنظمة الديمقراطية للشغل تتعرض إلى تضييقات عديدة على أنشطتها النقابية وصلت إلى حد منعها من تنظيم اجتماع مكتبها الوطني وذلك على خلفية المواقف المستقلة لهذه المنظمة ودفاعها المبدئي عن المصالح المادية والمعنوية لمستخدمي قطاع الماء الصالح للشرب. إن المرصد يأسف على حصول هذه التجاوزات في حق هذه المنظمة النقابية ويعتبر ما وقع يمثل اعتداءا خطيرا على الحريات النقابية وانتهاكا للمواثيق والقوانين الدولية الضامنة للحقوق والحريات النقابية وعلى هذا الأساس يأمل المرصد من السلط المغربية الالتزام بهذه المواثيق وتمكين المكتب الوطني للمنظمة الديمقراطية للماء الصالح للشرب من النشاط  والتحرك النقابي بكل حرية. إن المرصد  سيتابع هذه المسالة بالتنسيق مع  نقابيي المنظمة الديمقراطية للشغل ويأمل أن  تزول هذه العراقيل في اقرب الآجال وذلك حفاظا على السلم الاجتماعية ومنعا لكل احتقان او توتر في صفوف النقابيين وهو مستعد للدخول في كل تحركات احتجاجية على هذه التجاوزات مع كل شركاء المرصد ومناصري الحقوق والحريات النقابية . جميعا من اجل فرض الحقوق والحريات النقابية. جميعا من اجل التصدي للانتهاكات ضد العمال والنقابيين. المرصد فضاء نقابي مستقل  ديمقراطي وهو مفتوح امام جميع النقابيين بدون استثناء ويمكن التواصل مع المرصد على العناوين الالكترونية التالية : http://mountadamarced.blogspot.com       http://nakabi.unblog.fr                                  عن المرصد المنسق محمد العيادي  

أسبوعية « الطريق الجديد » تصادر من الأسواق


نشرة لطفي حيدوري   أفادت مصادر من هيئة تحرير أسبوعية الطريق الجديد لسان حال حركة التجديد المعارضة أنّ عدد يوم السبت 28 فيفري من الصحيفة قد حجب من الأسواق ولم يوزّع دون معرفة الأسباب. وأكّد نفس المصدر أنّ مسؤولي حركة التجديد تلقوا اتصالات من عدة جهات من البلاد للاستفسار حول عدم وصول الجريدة إلى نقاط البيع. وإلى حدود مساء السبت لم يقع إشعار الصحيفة بأي إجراء قانوني اتخذ ضدّها، كما لم يصدر أي إعلام عمومي رسمي في ذلك، مما يدل على أن الأمر يتعلق بعملية حجب مقنّع.  وكانت السلطات قد صادرت يوم 31 جانفي الماضي العدد 113 من صحيفة الطريق الجديد وصدر إعلام رسمي للرأي العام يتهم الصحيفة بخرق قانون الصحافة المتعلق بمنع نشر مضمون الأعمال القضائية قبل تلاوتها على العموم، الأمر الذي نفته إدارة الطريق الجديد وطعنت فيه أمام القضاء الإداري الاستعجالي دون جدوى.
عودة إلى الوضع السياسي العام بالبلاد ومسألة الانتخابات تكاد تجمع كل الأطراف السياسية على تدهور الأوضاع العامة بالبلاد تدهورا خطيرا. وكلما اقتربنا من موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية المبرمجة للخريف القادم، اشتدّت عدوانية نظام الحكم في علاقة بالأحزاب والجمعيات والشخصيات المستقلة من جهة، وبجماهير الشعب التي ترزح تحت كلكل الاستغلال والنهب والفقر من جهة ثانية. وليس خافيا على عاقل أن القمع ولئن كان من طبيعة النظام الدكتاتورية والفاشستية فإن اشتداده في هذا الظرف بالذات، له صلة مباشرة بالموعد الانتخابي المذكور. فنظام بن علي يخشى أن يفسد تطوّر الاحتجاجات السياسية والاجتماعية مخططه الرامي إلى جعل هذا الموعد مناسبة جديدة لمواصلة تكريس سيطرته على الشعب خدمة لمصالح أقلية عميلة وفاسدة متمحورة بالأساس حول حفنة من العائلات المتنفذة (عائلات الطرابلسي وبن علي والماطري…). ولكن بالرغم من وضوح الوضع وخطورته فإن المعارضة تواجهه مشتتة أكثر من أيّ وقت مضى. ومن الأسباب المباشرة لهذا التشتت الموقف ذاته من هذه الانتخابات المهزلة. فمنذ مدة سارعت عدة أطراف من بينها مكونات « المبادرة الوطنية » بإعلان مشاركتها فيها، رئاسية وتشريعية، وهي تعلم علم اليقين أنه لا المناخ السياسي ولا القانون الانتخابي يسمحان بإجراء انتخابات حرّة. كما تعلم علم اليقين أنها لا تملك حاليا من القدرة الميدانية ما يمكنها من زحزحة موازين القوى بمفردها، بل هي تعلم علم اليقين أنها لا تفعل شيئا، وحتى لا نبالغ، نقول لا تفعل ما هو مطلوب منها لتغيير هذه الموازين وأن كل ما في الأمر أنها لا تراهن على صندوق الاقتراع بقدر ما تراهن على الكراسي التي يمنحها بن علي للمعارضة كلّ حسب درجة ولائه. إن محاولة تزيين هذه المشاركة، في مثل هذه الظروف بالادعاء بأنها ستكون « نضالية » وبأن دعاتها يرفضون البقاء في موقع « المتفرّج » وبأنهم يريدون « خوض معركة سياسية » لا يغيّر شيئا من طبيعة هذه المشاركة التي ليست هي الأولى من نوعها. فمن يريد مشاركة نضالية أو خوض معركة سياسية جدية مطالب بأن يعدّ لها سلفا. وعندما يتعلق الأمر بالانتخابات فإن معارضة تحترم نفسها من واجبها أن تخوض أولا وقبل كل شيء معركة من أجل توفير الشروط الدنيا لكي تكون هذه الانتخابات حرّة ولكي تخرج بالتالي مشاركتها عن إطار الديكور. ومن البديهي أنه لا انتخابات حرّة دون أن تتوفر حرية التنظم والتعبير والإعلام والاجتماع والترشح. وإذا لم تكن هذه الشروط متوفرة وأصرّ نظام الحكم على دوس إرادة الشعب، فإنه لا مفرّ من المقاطعة لعزله وعدم توفير الحجة له كي يدّعي أنّ انتخاباته تعددية. وأنّ فوزه فيها شرعي وناجم عن « ثقة الشعب به ». لكنّ بعض الأطراف تعلن المشاركة في كل الحالات ومهما كانت الظروف، بل هي تتخذ من المشاركة موقفا مبدئيا، لا بديل عنه، لا موقفا سياسيا تكتيكيا، مرتبطا بالظروف، موفرة الفرصة لبن علي كي يطمئن مسبقا على أنه سيكون له شركاء في المهزلة الانتخابية التي سينظمها وأنهم سيساعدونه على تشريع التزوير والتزييف. والغريب في الأمر أنه مهما أمعن بن علي هذه الأيام في انتهاك الحريات الفردية والعامة وتشديد القبضة الأمنية على المجتمع بمن فيه هؤلاء المشاركون، فإنهم، رغم أنهم لا يقدرون على فرض اجتماع بقاعة عمومية أو حتى في مقراتهم أحيانا، يواصلون الإعلان أنهم سيشاركون في « الانتخابات » وربّما زايدوا بأنهم « سيفوزون وينتصرون » وكأن الناس سذج، لا يعيشون معهم تحت نفس سقف القمع والانغلاق. ولو كان لهذه الأطراف قاعدة جماهيرية واسعة تمكنها من قلب الموازين ميدانيا، ولو كان لها حتى الإمكانية أو الضمانة للقيام بدعايتها وتقديم مرشحيها بحرية لوجدنا لها عذرا ولقلنا إنها تعي ما تقول، ولكنها في الواقع لا تملك لا القدرة ولا الإمكانية، بل لا يخفى على أحد أنها تعوّل على « سخاء » بن علي، لذلك فهي تعرف أن مقاطعتها للانتخابات ستفقدها ما منحها إيّاه أو سيمنحها من مقاعد في البرلمان وما يعنيه ذلك من فقدان لتمويل يساعدها على الحفاظ على وجودها. وفوق ذلك فإن الشعب التونسي الذي تزعم تلك الأطراف أنها تشارك من أجله، يقاطع في معظمه هذه الانتخابات لأنه يعرف نتائجها مسبقا، وأصبحت لا ثقة له بمن يشارك فيها، لأنه ليس أبله، وليس أدلّ على ذلك النسبة الضعيفة جدا للمشاركة في الاقتراعات السابقة وفقا لعديد المصادر المستقلة ولعدد الأصوات الذي تحصل عليه المعارضات المشاركة والذي لا يتجاوز أحيانا العشرات أو المئات. وعوض أن تعمل هذه الأطراف ما دامت تزعم أنها ديمقراطية ويسارية وتقدمية، على تحويل تلك المقاطعة السلبية لأوسع الجماهير إلى تعبئة من أجل الحريات وبالتالي من أجل انتخابات حرّة، فإنها تعمل على المشاركة « دون قيد أو شرط » وتحاول أن تقنع نفسها بأنّ ما ستقوم به خلال الـ15 يوما المخصّصة للحملة الانتخابية « إنجاز عظيم » رغم أنه محدود بما تفرضه السلطة عليها. لقد دعا حزب العمال منذ خريف 2007 كافة مكونات المعارضة المدنية والسياسية إلى « تمشّ مشترك » لاجتناب تشتت الصفوف وممارسة أكثر ما يمكن من الضغط على نظام الحكم لإضعاف موقفه ودفعه إلى التنازل. ويتمحور هذا التمشي حول النضال من أجل الشروط الدنيا لانتخابات حرّة ونعني بذلك العفو التشريعي العام وحرية التعبير والإعلام والتنظم والاجتماع والترشح، تبعا لذلك يقع إشعار السلطة، بل تحذيرها بأنه لا مشاركة دون الاستجابة لهذا الحدّ الأدنى. وعلى أساس هذا التمشي يقرّر الجميع المشاركة أو المقاطعة. ولكنّ العديد من الأطراف لم تتجاوب مع هذا المقترح، رغم جديته وواقعيته ومضت في تطبيق أجنداتها الحزبية الخاصة، والملاحظ أن البعض منها حتى وإن تكلم عن شروط الانتخابات الحرّة، فإنه لم يحدّدها كهدف للإنجاز ولم يجعل من تحقيقها ولو نسبيا شرطا للمشاركة، وإنما أثارها دون أن يبذل جهدا لتحقيقها. لقد ذهب حزب العمال إلى أكثر من طرح ذلك التمشي، فاقترح على مختلف الأطراف التخلي عن الحسابات الحزبية الضيقة، وخاصة عن المراهنة على « هبات » السلطة المندرجة في إطار الـ25% المخصصة للمعارضة الموالية وتقديم قائمات مشتركة في الانتخابات التشريعية على أن تكون هذه القائمات مستقلة وتراهن على أصوات المواطنين والمواطنات فتخوض معركة سياسية حقيقية من أجل افتكاك الدوائر، فيكون فوزها إذا ما حصل بفضل صندوق الاقتراع وثقة الشعب بها لا « رشوة سياسية » من نظام الحكم، وإذا لم تفز تكون على الأقل خاضت تلك المعركة واقتربت من المواطن. ولكنّ هذا المقترح لم يحظ أيضا بالموافقة لأنّ في الأطراف المعنية، من لا يريد التخلي عن « طمعه » في الحصول على « نصيب » من الـ25% وهو ما يجعله يتمسّك بتقديم قائمات باسمه ويرفض العمل المشترك وحتى إذا قبله فمع أطراف غير معترف بها ولا حق لها أصلا في المشاركة ليستعملها كاحتياطي يعزّز به « حظوظه » في المنافسة، لا مع الحزب الحاكم وعلى الدوائر، بل مع بقية أحزاب « المعارضة » لنيل النصيب الأوفر من الـ25%، علما وأنه واهم لأن التجربة بيّنت أنّ بن علي هو الذي يوزّع الأصوات على مختلف الأحزاب المشاركة، وفقا للنصيب الذي سيقرّر له، كما أنه هو الذي يرتب مرشحي كل حزب وفقا لحساباته، فلا يظفر بالمقعد إلا من يثق بموالاته. ومهما يكن من أمر فإن حزب العمال الشيوعي لن يدّخر أيّ جهد لمواصلة النقاش مع مختلف الأطراف المعارضة أو على الأقل مع الأطراف المتمسّكة بالحد الأدنى الديمقراطي والتي ترفض أن تلعب دور التيّاس أو الديكور في انتخابات معلومة النتائج مسبقا من أجل تعبيد الطريق نحو تغيير ديمقراطي حقيقي يستعيد به الشعب التونسي سيادته.
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 31 مارس 2009)


المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية البريد الالكتروني marced.nakabi@gmail.com : تونس في 01 / 04 / 2009

تضامنا مع عمال الديوان الوطني للتطهير بجندوبة

 


حمل اليوم 01 / 04 / 2009 عمال الديوان الوطني للتطهير بجندوبة  الشارة الحمراء احتجاجا على تعثر المفوضات الاجتماعية في قطاعهم رغم مرور اشهر عديدة على انطلاقتها إضافة إلى تعمد الإدارة العامة  التفويت في نشاط التطهير في معتمديتي فرنانة وغارالدماء رغم وجود اتفاق سابق بين هذه الإدارة والنقابة العامة على عدم التفويت في أنشطة التطهير في المناطق التي يغطيها ديوان التطهير . إن المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية يعبر عن مساندته المطلقة لهذه الحركة الاحتجاجية ويأمل أن تسعى الإدارة العامة لديوان التطهير إلى تسريع نسق المفوضات الاجتماعية وإمضاء اتفاق في اقرب الآجال وان تتوقف عن التفويت في أنشطة التطهير احتراما لتعهداتها في اتفاقية 11 / 05 / 2004 وذلك حفاظا على السلم الاجتماعية ومنعا لكل احتقان أو توتر في صفوف العمال والنقابيين . جميعا من اجل فرض الحقوق والحريات النقابية. جميعا من اجل التصدي للانتهاكات ضد العمال والنقابيين. المرصد فضاء نقابي مستقل ديمقراطي وهو مفتوح امام جميع النقابيين ويمكن التواصل مع المرصد على العناوين الالكترونية التالية : http://mountadamarced.blogspot.com               http://nakabi.unblog.fr                                         عن المرصد المنسق محمد العيادي  


مصادر إعلامية وطنية « للوسط التونسية »:

رجل الأعمال التونسي وصهر الرئيس بن علي السيد

محمد صخر الماطري يُصبح شريكا في حصص هامة لدار الصباح التونسية

رجل الأعمال التونسي ومؤسس إذاعة الزيتونة للقران الكريم وصهر الرئيس بن علي السيد محمد صخر الماطري يشتري 42 % من حصص دار الصباح التونسية. يذكر أن دار الصباح تقوم على إصدار جريدة « الصباح » اليومية باللغة العربية وجريدة « لوطون » اليومية باللغة الفرنسية، بالإضافة إلى صحيفة « الصباح الأسبوعي » الأسبوعية. (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 31 مارس 2009)  
 

أخبـار  


بعلٌ ولو بغـْلٌ؟
صدر هذه الأيام كتاب جديد للشاعر والناقد الطاهر الهمامي بعنوان « بعل ولو بغل » – نبش في المسكوت عنه من واقع مؤسسة الزواج – تناول فيه بالنقد هذه المؤسسة من وجهة نظر تقدمية وتجاوزية من أجل إرساء علاقات زوجية متينة وراقية. ومن المنتظر أن يخلق أن هذا المؤلف جدلا واسعا في أوساط المتابعين لأوضاع المرأة والأسرة خاصة في تهويمه بعيدا عن رؤى زعماء الإصلاح الاجتماعي والسياسي ومدونة الأحوال الشخصية. « الفكرية » صدر الكتاب الأول من سلسلة الفكرية التي يصدرها صاحب « دار صامد للنشر » الأستاذ ناجي مرزوق. وقد خُصّص ملف هذا الكتاب لـ »حدث الساعة » وهو الأزمة الاقتصادية التي تضرب النظام الرأسمالي في العمق وتظهر حدوده وتؤشر لنهايته المحتومة. ساهم في هذا الملف عدة من الكتاب والباحثين من تونس حسين الديماسي والجيلاني الهمامي، ومن المغرب أديب عبد السلام وعلي فقير ومن الأكوادور كارلوس أ. سانتان. وبالإضافة إلى الأزمة المالية أحتوى الكتاب نصوصا أدبية عدة كانت كالتالي:  ليس دفاعا عن اليسار وإنما انحيازا له: حسن خليل  الشاعر الذي برحيله اهتز وجدان العالم: هادي دانيال  خطوات حول الهوية: الطاهر الهمامي  سميح القاسم يرثي محمود درويش:سميح القاسم  وداعا يا فارس الحرية: رضا البركاتي  رحيل قطب اليسار محمود أمين العالم: عن العربية نت البريكي غاضب..! لماذا؟ راجت أنباء في بطحاء محمّد علي، إثر إعادة توزيع المسؤوليّات في جلسة المكتب التنفيذي المنعقدة صباح الثلاثاء 17 مارس 2009 بمناسبة شغور حقيبة العلاقات الخارجيّة بعد مغادرة عضو المكتب التنفيذي السابق السيّد « محمّد الطرابلسي » إلى منظّمة العمل الدولية، مفادها أن هناك خلافات بين أعضاء المكتب المتبقين حول من يتولّى مهمّة العلاقات الخارجيّة، وقيل أنّ السيّد « عبيد البريكي » كان راغبا بعد ذهاب « الطّرابلسي » في الجمع بين مهمّتي التّكوين والخارجيّة!! وبعد أخذ وردّ حافظ « البريكي » على التكوين وأسندت الخارجيّة إلى « محمّد السحيمي » وأضيفت مهمته السابقة إلى عضو آخر . أمّا « البريكي » فقد خرج غاضبا! هنا ينتهي الخبر، لكن لسائل أن يسأل، هل أنّ هذا الصراع على المسؤوليّات داخل هياكل الإتحاد العام التونسي للشغل هو من أجل البحث عن المسؤول المناسب في المكان المناسب أي من أجل الارتقاء بأداء المنظّمة أم من أجل أهداف وغايات شخصيّة؟ إضراب في « ستيا » بسوسة نفذ عمال وأعوان الشركة التونسية لصناعة السيارات « ستيا » إضرابا عن العمل يومي 17 و18 مارس 2009 بسبب تعطل المفاوضات الاجتماعية.وقد كانت نسبة الإقبال على الإضراب مرتفعة وقد هددوا بتنفيذ إضرابات جديدة ما لم تتقدم إدارة الشركات بمقترحات ترضي العاملين فيها. عمّال وعاملات « أكوبان » ببنّان يفرضون مطالبهم خرج صبيحة الأربعاء 18 مارس 2009 عمال وعاملات معمل « أكوبان بنّان » للنسيج في مسيرة حاشدة احتجاجا على مجيء المصفّي الذي يريد بيع السلع بعد طرد العمّال لمدّة طويلة. وطالبوا بتمكينهم من المنحة الموعود بها من صندوق الضمان الاجتماعي وقد أحسنوا استغلال الظرف إذ أن السلط والبيروقراطية النقابية الجهوية تستعد للمؤتمر الجهوي لاتحاد الشغل فسارعت كل الأطراف لحلّ وتقديم التنازلات للعمّال المحتجين وأعطيت الأوامر لصرف المنحة في نفس اليوم حتى لا ينغّصوا عليهم المؤتمر خاصة وأن عبد السلام جراد سيحضر افتتاح المؤتمر بالمنستير. هكذا كسب العمّال والعاملات معركة لأنهم فهموا كيفية توظيف الحدث النقابي لفائدتهم رغما عن إرادة البيروقراطية النقابية والسلط التي لم تحرّك ساكنا طوال المدة السابقة.
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 31 مارس 2009)  

في ذكرى 20 مارس 1956 : هل تحققت السّيادة الوطنية؟

بعد 53 سنة على إمضاء اتفاقيّة 20 مارس 1956 بين سلطات الاحتلال الفرنسي لبلادنا والقيادة السياسيّة لحزب الدستور ممثلة في شخص الرئيس الراحل « الحبيب بورقيبة » ثمّ فيما بعد الرئيس الحالي « بن علي »، هل تحقق الاستقلال الفعلي في تونس؟ هل تحققت السيادة الوطنيّة التي ناضل الشعب التونسي من أجلها طويلا وقدّم التضحيات الجسام للفوز بها؟ بلغة أخرى هل الاقتصاد التونسي اقتصاد وطنيّ مستقلّ في خدمة هذا الشعب؟ ومن الناحية السياسيّة هل من مؤشّرات دالّة على أنّ هذا الشعب سائر في طريق التمتّع بالحرية؟ أم العكس هو الذي يحصل تماما؟ هل حرصت هذه الدولة في عهديها السابق والحالي على تثبيت هويّة هذا الشعب العربية وتجذير أسس ثقافة وطنيّة ؟ 1 – في الاستقلال الاقتصادي: من المعروف في تونس أنّ كلّ من ينتقد أداء نظام الحكم وطرقه الموغلة في الاستبداد يواجه بأنّه لا وطني وخائن وهو ضدّ تونس وبأنّه مغرض ويروّج لأخبار زائفة وهلمّ جرّا من قائمة الاتهامات التي لا تنتهي. لقد اعتاد نظام الحكم على رشق المناضلين في تونس بتهم الخيانة الوطنيّة والعمل لحساب أجندات خارجيّة، وأنّه حتّى إذا وقعت بعض التجاوزات فهي فرديّة وهي ليست أسلوب حكم وأنّ المعارضين لا يرون إنجازات السلطة في الجانب الاقتصادي والاجتماعي أو يتغاضون عنها. ولكن هل هذه هي الحقيقة أم هي عكس ذلك؟ هل تشهد بلادنا تطوّرا اقتصاديّا في خدمة هذا الشعب أم مزيدا من التخلّف والتبعيّة لرأس المال الأجنبي والشركات الكبرى الاحتكاريّة؟ ليس من الصعب تبيان كذب هذا النظام بالإحصائيّات والأرقام التي لا تقبل الطعن، ولكن حتّى الأرقام في حدّ ذاتها قد تكون خادعة إذا قرئت منزوعة من سياقها كالقول مثلا لقد حققت بلادنا نموّا اقتصاديّا بكذا نقطة مائويّة، والمعروف أنّ هذه النسب هي معدّلات لا أكثر ولا أقلّ إذا كان في بلادنا على سبيل المثال حفنة من الأثرياء حدّ التخمة وملايين من الشباب التلمذي والطالبي والعاطلين عن العمل والكادحين والمهمّشين والمعدمين والعاجزين… هل ينفعنا حساب معدّلات النموّ مهما بانت عالية؟!! إنّ الجانب الاجتماعي هو الكفيل بمدى معرفة تطوّر الجانب الاقتصادي من عدمه. الجميع في تونس يعرف ما وقع في الحوض المنجمي بعد أكثر من نصف قرن من تاريخ ما يسمّى بالاستقلال وأساليب التنمية الفاشلة في أغلب ربوع بلادنا –انتفاضة اجتماعيّة على سوء الأوضاع المعيشيّة والفقر والبطالة والفساد في الأجهزة الإداريّة والحزبيّة التابعة للسّلطة– انتفاضة سلميّة يؤطّرها خيرة ما أنجبت تونس، تواجهها السلطة بالقمع وتعتقل قيادتها، التي كانت بالأمس القريب تفاوضها، وترمي بعناصرها في غياهب السجون، ولكنّ الغريب أنّ النظام يتجرّأ ويتحدّث قبل أحداث الحوض المنجمي عن المعجزة الاقتصاديّة التونسيّة فتأتي هذه الأخيرة وتسفهه، أمّا الآن فهو يتحدّث عن مناعة الاقتصاد الوطني وأنّه بمنأى عن تأثيرات الأزمة الماليّة وكأنّه اقتصاد مستقلّ وليس بتابع، بينما نرى انهيار عديد الاقتصاديات المتقدّمة التي تدفع ضريبة أزمات الرأسماليّة الدوريّة والهيكليّة. المعروف أنّ بلادنا تعاني قبل الأزمة الماليّة الحاليّة من عجز في الميزان التجاري ومن تبعيّة غذائيّة. والقطاع الصناعي مازال ضعيفا جدّا واقتصادنا يعتمد على التصدير أساسا (الموادّ الطاقيّة والمنجميّة والمواد الفلاحيّة وقطاع النسيج الذي بدأ يتراجع) والتبادل التجاري يتمّ مع الاتحاد الأوروبّي في أغلبه وخاصّة فرنسا وذلك لأسباب تاريخيّة وثقافيّة ناتجة عن الاستعمار الفرنسي لتونس. هل يعقل أن تعاني فرنسا اليوم من تبعات الأزمة الماليّة العالميّة وعمّالها وكادحوها يخرجون إلى الشوارع يلعنون رأس المال و »ساركوزي » ويبقى الاقتصاد التونسي المرتبط بها وثيق الارتباط سليما معافى؟ !! يقول المثل الدارج « احكوها لغافل » !! إنّ الاقتصاد التونسي قائم على التداين من البنوك والمؤسّسات الماليّة الأجنبيّة وبيع القطاع العام للخواص محلّيين وأجانب حتّى إذا انتهت عمليّة بيع المؤسّسات وتخلّصت الدولة التونسيّة منها وهي وصفات صندوق النقد الدولي وكلّ المؤسّسات الماليّة العالميّة النهّابة (برامج إعادة الهيكلة) التفتت إلى الأرض تبيعها (مشروع البحيرة 2 مثالا). إنّ بعد هذا الوصف الموجز لوضع الاقتصاد التونسي والغير دقيق في الحقيقة لعدم استناده إلى أرقام وجداول ولكن من خلال بعض الملاحظات حول الوضع الاجتماعي يمكن أن نستنتج أنّ بلادنا في ظلّ حكم حزب « الدستور » في عهديه القديم والجديد نجحت بامتياز في تحقيق فشل اقتصاديّ وتنمويّ ذريع عمّق بؤس الطبقات الشعبيّة وكرّس ارتهان تونس للخارج. 2 – في الاستقلال السّياسي: لقد علّمنا التاريخ أنّ التبعيّة الاقتصاديّة لا يمكن أن تنتج إلاّ تبعيّة سياسيّة، أي فقدان القرار الوطني المستقلّ. من المعلوم أنّ البلاد التونسيّة قد تحوّلت منذ 56 إلى مستعمرة جديدة تحت سيطرة الامبرياليّة الأمريكيّة والفرنسيّة منها على وجه الخصوص، وأنّ ما سمّي بالاستقلال في تونس لم يكن في واقع الأمر سوى استقلالا شكليّا نصّب فيه الاستعمار الفرنسي إدارة تونسيّة جديدة تدين له بالولاء حتّى بعد خروجه وتحافظ له على مصالحه، أمّا نضالات الشّعب التونسي من أجل تونس مستقلّة حرّة ومنيعة يطيب فيها العيش فقد ذهبت أدراج الرياح: هل تحقق البرلمان الديمقراطي الممثل الذي سقط من أجله الشهداء؟ هل تحققت أحلام الشعب التونسي والمناضلين في الرخاء والعدالة والحرية السياسيّة؟ واقع سياسيّ تعيس وبائس على جميع الأصعدة: برلمان تعدّديّ شكلا وأحاديّا مضمونا، حزب حاكم مهيمن مع مجموعة من الأحزاب الكرتونية القابلة بالصدقات السياسيّة، تقبل ببعض الفتات، تقبل دور المزيّن للمشهد « التجمّعيّ »: بعض المقاعد في البرلمان، منحة للحزب وكذلك لجريدته على أن لا يتجاوز هذا الحزب الخطوط الحمراء المرسومة له سلفا لأنّ السياسة في بلادنا مسموح بها فقط لبن علي ولحزبه. تتنافس هذه الأحزاب على الـ20 أو الـ25 في المائة من المقاعد التي تنازل عنها الحزب الحاكم، أمّا أن تفكّر هذه الأحزاب في عمل مستقلّ ودعاية خاصّة بها فالبوليس السياسي في الانتظار والقضايا المفبركة جاهزة فما عليها إلاّ أن تقبل بما عرض عليها ذليلة صاغرة. أمّا الأحزاب الجادّة والتي تعمل باستقلاليّة عن نظام الحكم المعترف بها (التكتّل، الحزب الديمقراطي، التجديد) أو غير معترف بها (حزب العمّال الشيوعي التونسي، المؤتمر من أجل الجمهورية…) فهي لا تستطيع حتى عقد اجتماع في مكان عموميّ لأنّه ممنوع عليها وحتّى إن عقدته في مقرّاتها فإنّها تحاصر بمختلف أنواع الفرق من البوليس الذي يتدخّل ليقرّر من يدخل من الزائرين والمشاركين في ندواتها، هذا في الحالة الأولى أمّا في الحالة الثانية أي الأحزاب غير المعترف بها فالبوليس يطاردها من ركن إلى آخر إضافة إلى حرمانها من التنظّم المستقلّ، وحتّى بعض التنظيمات الغير مقنّنة والتي اختارت نهج المهادنة لعلّها تحظى باعتراف من لدن « سيادته » فإنّ مساعيها قد خابت وما عليها إلاّ مزيد تقديم التنازلات لعلّه ينظر لها بعين الرحمة والشفقة!!! إنّ النظام في تونس قد أصبح يضيق ذرعا بكلّ رأي أو نشاط مخالف له ويتوجّس خيفة من كلّ من له علاقة بالنشاط المدني المستقلّ حقوقيّا كان أم سياسيّا، أين الرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان؟ لقد سحقها وقضى عليها ويكذب علينا ساسة هذا النظام صباحا مساء « الرابطة مكسب وطني يجب المحافظة عليه!!! » وكأنّ المجتمع المدني بجمعيّاته وأحزابه هو الذي عرقل عمل الرابطة وليس حزب السلطة وبوليسها!!! لقد وصلت درجة التعفن ببلادنا إلى مستويات غير مسبوقة، لقد وصل الأمر بالبوليس حدّ منع النشطاء من الخروج من منازلهم في بعض الحالات أي إقامة جبريّة غير قانونيّة مرتكزة على التعليمات لأعوان القمع!!! أين جمعيّة القضاة الشرعيّة؟ لقد انقلب عليها النظام. انظروا المضايقات التي تتعرّض لها الجمعيّة التونسيّة للنساء الديمقراطيّات (تشويهات ذات طابع أخلاقيّ). والفرع التونسي لمنظّمة العفو الدوليّة لم يسلم هو الآخر (التضييق على عقد مجلسه الوطني الأخير) واتحاد الطلبة (منع عقد مؤتمره التوحيدي وتصفية مناضليه عبر المحاكمات والطرد من الدراسة). 3 – في الاستقلال الثقافي: لقد بات معلوما أنّ صفقة 20 مارس 1956 بين بورقيبة ونظام الاحتلال جاءت في إطار مواصلة ربط بلدنا تونس بالبلد المستعمر فرنسا وقد ترتّب عن تلك المساومات التي تخدم مصالح الاستعمار في نهاية المطاف أن بقيت تونس تحت الهيمنة الثقافيّة الفرنسيّة في نطاق استراتيجيّة ما يسمّى بالاستعمار الجديد الذي دخلت فيه بلادنا بعد 56 ومازالت بقايا هذه الهيمنة إلى يومنا هذا. إنّ المتفرّس في برامجنا التعليميّة يلاحظ دون عناء أنّ التعليم الأساسي في بلادنا يستعمل اللغة الفرنسيّة كلغة ثانويّة، ولكنّها تصبح الرئيسيّة في التعليمين الثانوي والعالي وخاصّة في المواد العلميّة. إنّ المشرّع البيداغوجي في بلادنا (الدولة) يتحمّل المسؤوليّة الكاملة عن هذا الاضطراب في البرمجة والمناهج واللغات وإنتاج شخصيّة تونسيّة مهزوزة وغير متوازنة وعاجزة عن التفكير. ختاما، هل حققت بلادنا من 56 إلى الآن طموحات الشّعب التونسي في الاستقلال والتطوّر والحرية وبناء ثقافته الوطنيّة؟ يبدو ممّا تقدّم أنّ العائق الرئيسي أمام نهضة هذا الشعب وتطوّره هو هذا النظام الذي يحكمه، وأنّ على الشعب التونسي وقواه الديمقراطيّة والوطنيّة التي لها مصلحة في تغيير الوضع إلى الأفضل أن تكتّل جهودها وتقدّم التنازلات الضرورية لبعضها البعض من أجل اجتثاث جذور الفساد. نقابي من تونس، 20 مارس 2009 (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 31 مارس 2009)


ازداد علمنا « زينا » وجمالا

ما أروعها وأجملها من صورة تلك التي ازدانت بها شوارع بلادنا هذه الأيام! … ونقلتها عدسات المصورين فأقرت أعين قوما وأساءت آخرين! … أعتقد أنه يمكن اعتبارها صورة القرن بالنسبة لتاريخ بلادنا! … لعلكم عرفتموها دون اجتهاد؟! … إنا الصورة التي جمعت علمنا المفدى بزعيمنا المحبوب واختلطت فيها حمرة دماء الشهداء بأناقة الزعماء! جمع علمنا بين الحمرة والبياض والسواد فازداد زينا وبهاء! … اجتمع جميل و « زين » فأنتجا  حسنا وبهاء! هي بلا ريب صورة جميلة وبديعة وإن لم ترق للبعض فتندروا بها ونشروها عل صفحاتهم من باب التشهير وظنوها سقطة لا مقام منها فملؤوا الدنيا ضجيجا « كالعجوز التي أمسكت سارقا »! … ولا أدري ان كان ما يفعلونه من باب الغيرة على علم البلاد أم من باب النقمة على حاكم العباد؟ … وما الفرق بين البلاد وحاكمها؟ … ألسنا في زمن الدمج بين اسم  الحاكم واسم البلاد لماذا قبلتم بـ « مصر مبارك » و « تونس بن علي » …. ولم تقبلوا أن يتّحد رمز البلاد بصورة حاكمها؟   وإذا كنا صادقين ومنصفين، من الذي زاد الآخر جمالا؟ … العلم الذي هو على ماكان عليه من ألوان منذ وجد أم السيد الرئيس الذي تتغير ألوانه بتغير موديلات التسريحات والصبغات؟!   شخصيا أبارك الخطوة وأشكر السيد الرئيس الذي تنازل وسمح بأن تقرن صورته بالعلم على ما في الأمر من مهانة أحيانا فقد تحط عليها الغربان أو قد تقضي عليها « شأنا من شؤونها »! … من يدري فالغربان قليلة الحياء والطيور على أشكالها تقع!!   فقط أود أن أشير ناصحا وأمينا بأن المساحة التي غطتها الصورة كبيرة جدا ومن وضعها كان قصير النظر؟ … فالزمن يمر والبقاء لله وحده! … وإذا جاء ولي العهد سيجد نفسه مضطرا للتضحية بصورة الوالد أو بما تبقى من مساحة العلم! … طبعا البر يقتضي أن تبقى صورة الوالد وتجاورها صورة الولد! … ويصبح بعدها علم البلاد صورتين! … ليست مشكلة، فالأشخاص أهم من الرموز! … إنما المشكلة ستبدأ بقدوم الجيل الثالث للسلطة عندها  سيضحى بصورة الجد ولا ريب! … أو قد يزيدون من مساحة العلم حتى يتدلى على الأرض  وتكون صورة زعيمنا الحالي أول صورة تدوسها الأقدام!! … وهو ما لا نرضاه ولذلك ننصح أن تقسم المساحة الحالية نصفين الأول للعلم القديم والثاني يقسم إلى عدة مربعات يملأ أولها بصورة زعيمنا الحالي وتترك بقية المربعات لمن يأتي بعده من أهله!   أرأيتم ما أجملها من صورة وإن كانت سوداوية جدا !! جدا!!   صـابر التونسي 27 مارس 2007   (أذيع في القديد المالح براديو « كلمة » )  


الإضراب عن الطعام والإضراب العام والمؤتمر

الوطني والوجه الجديد للاتحاد العام لطلبة تونس

بات يفصلنا عن المؤتمر الوطني الموحّد للاتحاد العام لطلبة تونس أيّام قلائل بعد ماراطون من النشاط الحثيث
والنضالات الكبيرة التي خاضها ويخوضها إلى اليوم مناضلات ومناضلو المنظمة الطلابية في كل المستويات، وعلى جميع المواقع من مكاتب فيدرالية ولجنة إعداد المؤتمر ومكتب تنفيذي. وأيضا على مستوى الأطراف النقابية والسياسية الداعمة والمساندة للمؤتمر كخطوة ضرورية في الاتجاه الصحيح نحو تنسيب أوضاع الاتحاد وإعادته إلى السكة المناضلة والسليمة. هذه المحطات النضالية التي انطلقت في الحقيقة بشكل فعلي منذ بداية السنة ساهمت بشكل فعّال في نحت شخصيّة جديدة للمنظمة، وروح جديدة للمناضلين في تعاملهم مع الاتحاد، وتغيير رؤى قديمة وسابقة أضرّت بالاتحاد وجعلته يتخلّف عن إصلاح وتغيير نفسه والتجاوب مع التطوّرات والتحوّلات التي شهدتها الجامعة التونسية والمجتمع بوجه عام. والملفت للاهتمام، أن الأطراف الطلابية التي تنادي بالمؤتمر الموحّد، وإلى حدود الموعد الذي كان مقررا في الصائفة الماضية ثم انتخابات المجالس العلمية السابقة، كانت علاقتها فيما بينها متوترة في بعض الأحيان ولم ترتق إلى مستوى العمل المشترك الصحيح، كما اتسمت كذلك بانعدام الثقة فيما بينها، ولكن بعد الالتقاء الواعي والنضالي خاصة قبيل الإضراب عن الطعام ثمّ خوض الإضراب العام ظهرت جليا إمكانيات كبيرة لدى كل الأطراف المكوّنة للتوحيد النقابي واستعدادات محترمة بتاريخية وأهمية دورها الراهن في تذويب الخلافات والتقارب النضالي ووجوب إنقاذ منظمة طلابية عريقة من براثن المتربّصين بها الذين يريدون لها الموت والنهاية من جهة أو يتمنون أن تكون خلية حزبية تخدم مصالح شخصية وتضرب المصلحة العامة لأكثر من 400 ألف طالب. فجدية هذا المؤتمر تكمن في تمكنه من إنجاح إضراب عن الطعام مثـّّل محطة مضيئة للنضال وكذلك أعطى الدليل في أن الاتحاد عندما يكون مستقلا بحق فإنه بالتأكيد سيحقق أشياء كثيرة. إن ما ينحته الاتحاد العام لطلبة تونس اليوم ليس إلا مواصلة لنضالات خاضها شهداء الحركة الطلابية ورفاقهم من أجل الدفاع عن الاستقلالية والتمثيلية والنضالية، فهؤلاء الفرسان الخمسة الذين قدّموا أجسادهم للموت من أجل حقهم في الدراسة وحق منظمتهم في النشاط الطبيعي، وأولئك القابعون في السجون وأولئك المحالون على مجالس التأديب: كل هؤلاء هم السلاح الذي تـُمسكه المنظمة الطلابية لمحاربة كل من يسعى لإنهائها. هذه المحطات النضالية كانت كذلك خلاصة برنامج مدروس وواضح ولم تكن ارتجالية أو اعتباطية أو مجرّد ردود فعل، بل كانت من أجل اتحاد غير خاضع، واتحاد ينادي بعودة الثقة بين مكوناته وأيضا بينه وبين 400 ألف طالب، وبينه وبين الحركة الديمقراطية، وهذا ما رسمت أسسه هذه المحطات النضالية في اتجاه ترسيخه وتعميقه… لقد ساهمت الأعمال النضالية المشتركة في جعل مكونات التوحيد تتعامل مع مكونات الاتحاد العام لطلبة تونس كمنظمة نقابية مستقلة حقيقية ومؤسسة لها قوانينها الداخلية. والاتحاد الآن سائر في خطواته الأولى الصحيحة نحو الاستقلالية المنشودة لتتلاشى من جهة صورة عضو الهيئة الإدارية الوطنية الذي يتكلم من الموقع الحزبي ومن جهة أخرى لتتلاشى صورة الاتحاد الخاضع لتعليمات الدكتاتورية. إن المطلوب اليوم من الشباب الطلابي المستقل أن يحافظ على هذه المكاسب، وأن يعمّق من استقلاليته. وعلى الهياكل المنتخبة أن ترسم لنفسها البرنامج النضالي الذي سيناقشه المؤتمرون خلال المؤتمر الوطني حتى يعود الاتحاد لموقعه المتقدم في الحركة الطلابية والديمقراطية والشعبية.  جميعا من أجل إنجاح المؤتمر الموحّد  عاش الاتحاد العام لطلبة تونس، موحّدا مناضلا ومستقلا.
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 31 مارس 2009)  


وجهة نظر : الاتحاد العام لطلبة تونس إلى أين؟

قطع الاتحاد العام لطلبة تونس أشواطا هامة في تهيئة الظروف لإنجاز مؤتمره الموحّد الذي سيعيد بلا شك للمنظمة الطلابية إشعاعها وحضورها على الساحتين الطلابية والشعبية. فتدهور الأوضاع المادية والمعيشية وظروف الدراسة بفعل حرمان الأغلبية الساحقة من الطلبة من الحقّ في المنحة والسكن وانسداد آفاق التشغيل بعد التخرّج واشتداد القمع والتنكيل بالنشطاء النقابيين وفبركة القضايا وإقامة مجالس التأديب الكيدية لتصفيتهم… كل هذه الأوضاع وغيرها شكلت دوافع قوية وضاغطة لتجاوز الخلافات والحسابات الفصائلية الضيقة والمضيّ قدما نحو إنجاز المؤتمر الموحّد. لم يعد مطروحا في هذه المرحلة حساب الربح والخسارة لهذا الفصيل أو ذاك بل إنقاذ المنظمة من التلاشي وإيجاد إطار موحّد لعموم طلبة تونس ينظم صفوفهم ويوحّدهم حول مطالبهم المزمنة ويفتح أمامهم طريق النضال من أجل توفير أبسط شروط النجاح والتمكن لاحقا من الحقّ في الشغل والانخراط في قضايا الشعب والوطن باعتبار الحركة الطلابية جزءا لا يتجزأ من الحركة الشعبية خاصة والشباب الطلابي وقودها الحيوي بما يوفره من طاقات نضالية وحماس ووعي. لقد أعادت الحركة النضالية الأخيرة التي شهدتها مجمل الأجزاء والتي توّجت بإضراب عام يوم 26 فيفري إضافة إلى إضراب الجوع الذي يشنّه قلة من المناضلين من أجل الحقّ في الدراسة وما حققه هذا الإضراب من التفاف حول المنظمة، أعادت للنضال الطلابي جذوته وأذكت الروح الانتصارية لدى عموم الطلبة وأنهت فترة الانتكاسة التي عاشتها الحركة الطلابية. إن تجاوز الأمراض الفصائلية بالتخلي الواعي عن كل هواجس الهيمنة والتوظيف والتمعّش من المنظمة ووضع مصلحة الطلبة فوق كل اعتبار هو صمام الأمان والضامن للتقدم نحو الهدف الرئيسي حتى ولو كان على حساب مصالح هذا التيار أو ذاك. إن وحدة كل المكونات الديمقراطية والتقدمية للاتحاد هو الحجر الذي سيتكسّر عليه جبروت السلطة وعنجهيتها وهو الوسيلة الأقدر على فضح نواياها التخريبية تجاه الاتحاد العام لطلبة تونس الذي عملت منذ أن تأسّس على احتوائه وتدجينه. إن ما جرى لجمعية القضاة والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والتعاطي العدائي مع حرية الإعلام والصحافة والتعبير ومحاصرة كل الفضاءات وعرقلة نشاطات الأحزاب والجمعيات وإطلاق يد البوليس السياسي وفبركة القضايا ضدّ المعارضين… يؤكّد أن الجميع مستهدف ولو على مراحل وأن الأوضاع تتجه نحو الأسوأ وأن الوقت قد حان فعلا لتوحيد الصفوف وتجاوز كل الخلافات باعتبارها ثانوية مع ما تتعرض له الحركة الطلابية من مخاطر الإخضاع والتدجين حتى تغدو منظمة ديكورية تزكّي المشاريع الرسمية المعادية المصالح الشعب والوطن. إن إنجاز المؤتمر الموحّد على قاعدة مشاركة وتمثيل كل المكونات الديمقراطية والتقدمية وبلورة لوائح تلامس المطالب الحقيقية للطلبة وضبط الخطط النضالية التي تأخذ بعين الاعتبار موازين القوى وحالة الاستعداد والتعويل على اتحاد يعتمد على مؤسسات ديمقراطية لا مجموعات ضغط وأشخاص واحترام مقررات الهياكل والعمل على تنفيذها مهما كان الموقف الخاص منها مع تمكين الرأي الأقلي من التعبير عن نفسه… هذا المسار بآلياته وأهدافه هو الكفيل بتطوير المنظمة وتجذير عملها وصيانتها من الهزات والأزمات وجعلها قادرة على تحقيق أهدافها الآنية والبعيدة. إن الوقوف ضد مسار إنجاز المؤتمر الموحّد أو محاولة تأخيره مهما كانت التعلاّت والذرائع يشكل مساهمة مجانية في خدمة مخططات السلطة تجاه الحركة الطلابية وتنكّرا لمصالح عموم طلبة تونس. لقد وصلت الأمور إلى نقطة اللاعودة فإمّا الإنجاز وإمّا السقوط من جديد في أزمة التشرذم والتناحر. مراد الذويبي (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 31 مارس 2009)

 

محاكمة الحوض المنجمي : كيف أجاب قادة الحركة على أسئلة المحكمة؟

قدّمنا في العدد الفارط من « صوت الشعب » تحليلا لمحاكمة رموز الحركة الاحتجاجية بالحوض المنجمي. وفي هذا العدد نقدّم حوصلة لإجابات عدد من المناضلين على أسئلة المحكمة. عدنان الحاجي: أشار عدنان الحاجي في بداية ردوده على المحكمة إلى منع المحامين من زيارته في أكثر من مرّة مؤكّدا ما في ذلك من انتهاك لحقوق الدفاع. وبعد ذلك عاد الحاجي إلى أحداث الحوض المنجمي، فذكّر بأنه كان في « لجنة التفاوض » التي تكوّنت على إثر طلب السلطات الجهوية مفاوضين لها حول مطالب الأهالي. وقد شارك فيها بوصفه نقابيا، فهو الكاتب العام للنقابة الأساسية للتعليم الأساسي بالرديّف والكاتب العام المساعد للاتحاد المحلي للشغل بالرديّف. وانطلقت أولى المفاوضات بعد مرور 6 أيام عن اعتصام المعطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا الذين لم يكونوا راضين عن نتائج المناظرة التي تم الإعلان عنها يوم 5 جانفي 2008. وقد اختار هؤلاء دار الاتحاد ليقوموا باعتصامهم. وقد اجتمعت كل النقابات بالرديّف وأصدرت لائحة حول الوضع ووجّهتها إلى المركزية النقابية وطالبت بإرسال عضو أو أكثر من المكتب التنفيذي للوقوف مباشرة على الوضع بالجهة. وذكر الحاجي أن 5 أعضاء من لجنة التفاوض وهم بشير العبيدي وعلي بويحيى ومحمد الخلايفي وعلي الرحيلي وهو ذاته، شاركوا في تلك المفاوضات التي استغرقت عدّة جلسات وكان ممّن حضرها من الطرف المقابل مدير إقليم الشرطة ومدير إقليم « الحرس الوطني » وتمّ التوصّل إلى حلّ وهو أن لا تحدث مناظرات مستقبلا للانتداب بشركة الفسفاط، وأن يكون الانتداب على أساس الملفات وبمشاركة لجنة التفاوض لاجتناب كل أشكال المحسوبية. وأكد الحاجي أن بعض المسؤولين طلبوا منه أن يكون في لجنة الانتداب هذه مستقبلا. وبناء على هذا الاتفاق انتهى إضراب الجوع ثم الاعتصام بمقر الاتحاد المحلي للشغل. لكن بعض الأطراف لم يرضها التوصل إلى هذا الحل. ففي يوم 19 جانفي 2008 ثارت ثائرة عناصر من « الشـُّعب الدستورية ». قالوا « كيف تمكّن هؤلاء المعارضين من القيام بهذا التدخل في إدارة شؤوننا؟ ». وحسب الحاجي فقد جمّعوا عددا من الشبان التجمّعيين ورفعوا شعار: « الزين 2009… بالروح بالدم نفديك يا الزين ». ثم طلبوا منهم أن ينصبوا خياما… أعطيت أموال لهؤلاء الشبان حتى ينصبوا تلك الخيام بحضور الأمن، ورغم ذلك تواصل الحوار مع السلطات. لكن جهود لجنة التفاوض ذهبت سدى. ويستخلص الحاجي من كلّ هذا أنه ورفاقه في لجنة التفاوض كانوا « واسطة خير بين الأهالي والسلطة، لا واسطة تصعيد أو تخريب » وكانوا دائما يؤكّدون لمفاوضيهم أنهم لا يطلبون المستحيل بل يطلبون تلبية مطالب دنيا للأهالي. وذكر الحاجي أن بن علي أقرّ في الخطاب الذي ألقاه في المجلس الجهوي لولاية قفصة بأنّ المسؤولين في الجهة ارتكبوا إخلالات. واعتبر الحاجي ذلك شهادة براءة له ورفاقه إذ « شهد شاهد من أهلها » بأنّ احتجاجات الأهالي كان لها أسبابها الموضوعية، مضيفا أن هذه الاحتجاجات كانت سلمية ولم تخرج عن المعقول ولم تتحوّل في أيّ لحظة من اللحظات إلى مسيرات عنيفة… وذكر أن المسيرات كانت تجري يوم الأحد وهو يوم سوق ومع ذلك لم يمسّ المتظاهرون أيّ شيء ولم يعتدوا على أيّ شيء « حتى كعبة طماطم ما تمستش ». كانت المسيرات تجوب الشوارع ثم يعود الناس إلى مقر الاتحاد حيث كانت تعقد الاجتماعات. وهنا ذكّر الحاجي المحكمة بأن المحامين طلبوا عرض محتوى الأقراص المضغوطة، فلماذا لا تستجيب المحكمة لطلبهم مبيّنا أنها لو فعلت ذلك لتأكّدت من خلوّ الخطابات التي كانت تلقى من أيّ دعوة للعنف. وأشار الحاجي إلى الدور الذي لعبته « اللجنة » في إقناع الشباب بعدم قطع السكة الحديدية أو الطريق لتجنب المواجهات، وأضاف بأنه ورفاقه كانوا يطالبون السلطات بفضّ المشاكل بالرديّف حتى لا تتعطل الأوضاع. فمن 3500 عاملا بالشركة لم يبق سوى 500 بعد مختلف عمليات الهيكلة. الناس في الرديّف ليس لهم الحق في الملكية ولا في الفلاحة فمن أين سيعيشون؟ (إشارة إلى أن الأراضي ما زالت ملكية جماعية، « اشتراكية »، وهو ما لا يخوّل لأصحابها حتى الحصول على قروض فلاحية). وهنا تدخل رئيس المحكمة قائلا: « هذا خارج على الموضوع »، فردّ عليه الحاجي بأن ما يقوله في صلب الموضوع وأن ذلك هو الذي جعل الأمور تتعقد. وعاد ليؤكّد أن المفاوضات كانت جارية مع السلطات حول المشاكل التي كان يعاني منها الأهالي، ولكن كلما تمّ التوصّل إلى حلّ إلا « وتدخلت عناصر معينة وشوّشت على هذا الحلّ » من ذلك أن الشركة دعت « الناجحين » في المناظرة موضوع الاختلاف ومنطلق الاحتجاجات إلى الالتحاق بالعمل يوم 7 أفريل 2008 ولم تأخذ بعين الاعتبار مطلبنا بإلغاء نتائج هذه المناظرة وإعادتها. احتج الأهالي على هذا القرار وعملت اللجنة على إبعادهم عن الحل الأمني والمصادمات. ولكنّ السلطة جاءت بالبوليس من كل صوب وحدب وأعدت قائمة اعتقالات. ولإيجاد ذريعة لتنفيذ مخططها حُبكت مسرحية في الليلة الفاصلة بين 6 و7 أفريل، خرج فجأة البوليس الذي يعدّ بالآلاف من مدينة الرديّف، وحوالي منتصف الليل هاجمت مجموعة من الشبان مركز الشرطة، وبعد ذلك مباشرة عاد البوليس وتذرّع بهذا الهجوم لشنّ حملة اعتقالات. وروى الحاجي كيف تمّ اعتقاله: « وصلت صباحا إلى الرديّف قادما من تونس أين حضرت تظاهرة تضامنية كانت دعت لها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تضامنا مع أهالي الحوض المنجمي، ذهبت إلى منزلي وغيرت ثيابي ثمّ توجهت إلى مقرّ الاتحاد فإذا بالبوليس يعترضني ويسبّني ثم ينهال علي ضربا… تدخل بعض الإخوة النقابيين فضربوهم، عادل جيار تدخل فضربوه… في السيارة التي أخذونا فيها نكّلوا بنا تنكيلا… عذبونا عذابا شديدا… ضرب وسب وشتم وإهانات… أحدهم وضع حذاءه في مؤخرة عادل جيار… في الليل كانوا يأتون سكارى ويتفوّهون بفاحش الكلام. هنا فتح باب العنف من طرف قوات الأمن وليس من طرف الأهالي. زوجتي مريضة، زُرعت لها كلية، خرجت مع إبنتي لمّا علمتا بإيقافي فقطعوا لها عرقا وكادت تموت لو لم تنقلها العائلة إلى المصحة حيث زرع لها عرق من رجْلها. وبعد ذلك ذكّر الحاجي بإطلاق سراحه ورفاقه بعد أيام قليلة (يوم 10 أفريل) من اعتقالهم. وتحدّث عن ذهابه إلى تونس مع زوجته التي نقلت إلى مستشفى شارل نيكول، فقال « عندما ذهبت إلى تونس صحبة زوجتي للعلاج خاطبني وزير الصحة (منذر الزنايدي) والتقيته بمكتبه بالوزارة وشرحت له كل جوانب القضية… ثم قابلت لاحقا « سامي جاء وحدو » وهو مستشار لدى وزير الداخلية… تفاوضت معه حلال 3 ساعات وتوصّلنا إلى حلول ولكنها لم تطبق… » وكشف الحاجي بعض العروض التي قدمها له مستشار وزير الداخلية ومسؤولون أمنيون بالجهة: « سامي جاء وحدو عرض علي إلحاقي بإحدى السفارات التونسية فرفضت… لطفي حيدر رئيس فرقة الإرشاد بالمتلوي ومحمد اليوسفي رئيس فرقة الإرشاد بقفصة عرضا علي مبالغ مالية… رفضت كل ذلك لأنني لست رئيس عصابة… الذين عرضوا علي المال ظنا منهم أنهم سيشترونني هم رؤساء العصابات… عصابات المافيا… طلبت من قاضي التحقيق (…) كما طلبت إحضار هاتفي الجوّال لأن فيه الحجة على ما أقول فرُفض طلبي… » وأضاف الحاجي: « لم أرتكب أيّ جرم. أنا كنت موجودا في منزلي عندما أوقفوني هذه المرّة يوم 22 جوان. حاصروا منزلي منذ الساعة الرابعة بعد الزوال… أرهبوا عائلتي وأجواري. ومع منتصف الليل اعتقلوني… الأعمال التي قاموا بها هي أعمال عصابات وليست أعمال أعوان أمن… تفاوضنا مع السلط المحلية والجهوية والوطنية… مع وزير الصحة ومع مستشار وزير الداخلية… فكيف نتهم بعد ذلك بأننا رؤساء عصابة وبأننا نمارس العنف… البوليس هو الذي بادر بالعنف… البوليس هو الذي بادر بالعنف في الرديّف يوم 5 جوان… عناصر كانوا يتنقلون من حومة إلى حومة ويضربون بالحجارة أرادوا أن يحسبوهم علينا… الشخص الذي أشعل النار موجود الآن في « نانت » بفرنسا… الرديّف كانت في حالة طوارئ غير معلنة… البوليس خلع الدكاكين… أفرغ ما فيها من سلع واستحوذ عليها. فرّقهم البوليس بالقنابل المسيلة للدموع، فازداد غضبهم. كنا نحن نحاول التهدئة إلى حدود الساعة الثانية بعد الظهر. ولكن البوليس عمد إلى إطلاق النار. من قتل الحفناوي المغزاوي؟ ومن أجهز عليه وهو جريح؟ نساء وعجائز « معفّسين » في الطرقات… لمّا أطلق البوليس النار عديد الشبان جُرحوا، ولكن لا إسعاف. تدخلت لدى سامي جاء وحدو مستشار وزير الداخلية فردّ عليّ بأن له ثقة بي وببشير وطلب منّا جردا للأضرار التي لحقت أصحاب الدكاكين على أن تجبر الدولة تلك الأضرار… بعبارة أخرى المفاوضات مع السلطة لم تنقطع، ولم نكوّن نحن عصابة مفسدين بل كنا نسهر على مصالح الأهالي… إذا كانت العصابة جزء من الشعب تدير التحركات الشعبية من أجل الكرامة فنعم العصابة… ولكن في الواقع العصابة الحقيقية هي تلك التي دلـّست المناظرة واعتدت على حقوق شباب الرديّف… نتائج التنمية يجب أن توزع بشكل عادل على الشعب. … وفي الختام إذا كان لديكم ما يثبت أنني قمت بما تقولون فهاتوا برهانكم… البشير العبيدي: سأل رئيس المحكمة بشير العبيدي « ما رأيك في التهم الموجهة إليك؟ هل أنت مريض؟ » فأجاب بأنه مريض وبأن ما قاله عدنان هو الذي حصل تقريبا وأضاف: « قبل إيقافنا ،عدنان وأنا، اتصلت بالجهات الرسمية وقلت لهم: إن كانت لكم نيّة في إيقافي فأنا مستعدّ لذلك ولا موجب في أن تداهم داري 20 سيارة ودراجة نارية ». وذكر بشير أنه غادر منزله ولمّا جاء البوليس ولم يجده اقتحم المدرسة التي يدرّس فيها. وبالنظر إلى حالته الصحية أكد البشير أنه لن يأتي على الجزئيات. وأشار إلى أن العصابة الحقيقية لا تتمثل فيه هو وعدنان ورفاقهما وإنما في تلك « الفئة التي تحكم جهة قفصة منذ ما يقارب 20 سنة، وتتحكّم في مراكز النفوذ السياسي والنقابي والاقتصادي… وهذه العصابة هي التي من المفروض أن تحاكم ». وبعد ذلك ذكّر البشير بالدور الذي قامت به لجنة التفاوض من أجل إيجاد حلول لمشاكل الرديّف عن طريق التفاوض مع السلطات وهو ما أدّى إلى حلّ اعتصام المعتمدية واعتصام شركة الحراسة الذي دام شهرا. ولكن ما أن كانت اللجنة تتوصّل إلى حلّ إلا وتتحرّك العصابة الحقيقية بالجهة لتفسده. وهنا سأل الرئيس: ماهي مصلحة الأشخاص الذين يقصدهم في إفساد الحلول التي تتوصّل إليها المفاوضات، فأجابه بأن هنالك « ملفات فساد كثيرة »، وهم يخشون فتحها. وأضاف البشير: « منذ 20 عاما ليس هناك مشروع واحد لفائدة الأهالي… أموال شركة الفسفاط تُوظف خارج منطقة الحوض المنجمي… نحن أكّدنا على الحالة المزرية التي يعيش فيها الأهالي في الرديّف… الرديّف إذا أُخذ منها الفسفاط والماء ماذا بقي لأهلها سوى المغادرة والبحث عن مكان آخر… العصابة التي ذكرتها تتحرّك في الخفاء لخلق التوتر الأمني وتهميش مطالب الأهالي وإفشال كل مسعى إلى حلّها… وعناصر تلك العصابة لهم علاقة بالأمن… وهذه العناصر معروفة من العام والخاص وكان من المفروض أن تحاكم هي لا نحن… أنا مربّي منذ 34 سنة وعدنان منذ 30 سنة وطارق حلايمي منذ 25 سنة… بعد كل ذلك أتهم بتكوين عصابة مفسدين وتبقى العصابة الحقيقية تنعم بالحرية »… الطيّب بن عثمان: الطيّب بن عثمان، معلم، عضو نقابة التعليم الأساسي، أجاب المحكمة بأنه لا وجود لـ »وفاق » ولـ »عصابة مفسدين »، وأن ما وجد هو لجنة تفاوض وهي لجنة وحيدة لم يوجد غيرها وقد أتى عدنان على ظروف تكوينها وعلى ما قامت به. وعاد الطيّب إلى الأحداث بالحوض المنجمي فذكّر بانطلاقها وبالاعتصام الذي قام به أصحاب الشهائد المعطلون عن العمل إثر إعلان نتائج المناظرة. وبيّن أنه كمسؤول نقابي لم يكن أمامه، حتى يقوم بواجبه ويرضي ضميره، سوى مساندة هؤلاء المعتصمين في مطلبهم المشروع في الشغل. وأشار الطيّب إلى أن نقابات المناجم متهمة بالرشوة والمحسوبية لأن القائمين عليها أدخلوا أبنائهم في المناظرة. وأضاف « بعثنا بمطلب للمكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل ليوفد عضو أو أكثر منه للوقوف على الحالة في الجهة، ولكنه لم يفعل ذلك… تدخل معتمد الرديّف وطلب من عدنان تجميع بعض النقابيين وتشكيل لجنة للتفاوض. وهو ما حصل. وبعد مدّة تمّ الوصول إلى حلول تجاوب معها الأهالي. لكننا كلما وصلنا إلى حلّ تحركت بعض الأطراف لإفشاله ». وتطرق الطيّب بعد ذلك إلى ما حصل في الليلة الفاصلة بين 6 و7 أفريل فأكّد أنه لم تكن له أيّ علاقة بالهجوم على مركز الشرطة وأنه كان وقتها بمنزل صهره. في الصباح سمع بإيقاف عدنان فتوجّه إلى الاتحاد المحلي، فأنهال عليه أعوان البوليس ضربا وسبّا وشتما وأوقفوه. وهنا سأله القاضي: « وجدوا لديك وثائق ». فردّ عليه: « مزّقوا ثيابي ونكّلوا بي وتحرّشوا بي جنسيّا أمام أخي محمد بن عثمان… أحد هؤلاء الذين اعتدوا عليّ هو لطفي حيدر… كسّروا نظاراتي الطبية وسالت منّي الدماء… ثمّ أخذوني إلى قفصة حيث استقبلني الجلاد محمد اليوسفي رئيس فرقة الإرشاد… انهال ضربا على وجهي وكانت يداي مغلولتين إلى الوراء… كنت أصعد إلى الطابق العلوي وهو يضربني على مؤخرتي بحذائه… أثناء الاستنطاق استعملوا معي كل الطرق… مثلا، ضربني محمد اليوسفي على أصابعي كما يضرب المعلم التلاميذ، وعندما كنت أرفض كان يضربني على رأسي… كما أنه وضع العصا في مؤخرتي وهدّدني بإدخالها… عذبني أيضا لأنني ذهبت إلى العراق أثناء حرب 2003… واستنطقني حول القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي انعقدت بتونس عام 2005… كُتبت محاضر ولم اطلع عليها… بقيت ساعة كاملة وأسناني تصطك وأنا ملقى على ظهري أرضا من شدّة الأوجاع والآلام… يوم 10 أفريل أطلق سراحنا… يوم 11 أفريل ذهبت للطبيب الذي أمر بتصوير أضلعي ولكن الممرّض المدعو الطاهر رفض أن يعطيني الدواء والشهادة الطبية ». وبعد أن تحدّث الطيّب بن عثمان عمّا تعرّض له من تعذيب خلال إيقافه الأول في أفريل 2008 عاد ليؤكّد أنه بعد إطلاق سراحه ورفاقه ،كانت هناك مفاوضات ولكن في كل مرّة تتدخّل بعض الأطراف المتنفذة لتفسد ما يُتوصّل له من حلول. وأضاف: « يوم 6 ماي استشهد الشاب هشام العلايمي بصعقة كهربائية في قرية تبديت، كنت أدرّس… درّست حتى الخامسة مساء ولم أعلم بالوفاة إلا في ساعة متأخرة… ذهبت إلى مقهى الاتحاد، وهناك فوجئنا بأعوان البوليس يخرجون من المعتمدية ويستهدفون المقهى دون سبب… إثر هذه الحادثة حصلت مناوشات بين الشباب والبوليس. عدنان وبشير كانا في الليل يتجولان في المدينة ويحاولان تهدئة الأهالي ويحثانهم على عدم السقوط في الاستفزازات… في حيّ الطرابلسية فوجئ الناس بسيارة تابعة لفرق التدخل تهاجمهم وتوقف أحدهم… في اليوم الموالي 7 ماي اقتحم أعوان فرق التدخل المحلات والمساكن… الاعتداءات لم يسلم منها لا الأموات ولا الأحياء، في منزلي وقع الاعتداء على موكب عزاء السيدة عائشة الشريطي… الأعوان اعتدوا على المعزين بالضرب المبرّح… استنجد الناس بالمعتمد ورئيس البلدية ولكن دون جدوى.. وللتذكير فإن المعتمد كان يقول لمن يتوجّه إليه طلبا للشغل « امشوا للاتحاد ». وتحدّث الطيّب بعد ذلك عن مطالب الأهالي فأكّد مشروعيّتها كما أكّد تحمّل النقابيين لمسؤوليتهم والدور الإيجابي الذي قامت به لجنة التفاوض في حلّ عدد من الملفات (إضراب عمال شركة الحراسة، عمال البلدية، عمال شركة نقل الجنوب…). ثم وصل إلى أحداث جوان 2008 فقال: « يوم 5 جوان 2008 درّست من الثامنة صباحا إلى الواحدة بعد الزوال (…) فوجئت بمهاجمة البوليس منزلي ومنازل أفراد عائلتي وأجواري… يوم 5 جوان أفرغ أعوان البوليس محلا تجاريا تابعا لشقيقي محمد وآخر تابع لأخي عمّار من محتوياتهما… واستمرّت الضغوط على عائلتي فقرّرت تسليم نفسي… اليوم ندمت على ذلك لأن كلّ الوعود التي سمعتها اتضح أنها فارغة… حين تم اعتقالي استقبلتني فرقة من تونس من بينها من يدعى « جونيور » و »الشاف »، انهالوا عليّ ضربا وجرّدوني من كامل ملابسي وأجبروني على الجلوس على ركبتي وأنا أرفع كرسيا لمدة ساعة… بعد ذلك ضربوني… على رأسي بالخصوص. قدّموا لي ورقة فيها « هيكلة الحركة الاجتماعية الاحتجاجية بالرديّف » وأرغموني على نقلها بخط يدي على ورقة أخرى والتوقيع عليها… من 4 إلى 7 جويلية 2008 وأنا محروم من النوم… تعذيب وتهديد بالاعتداء الجنسي من طرف المدعو « جونيور » وهو الاسم الحركي لأحد الأعوان القادمين من تونس… وعلى إثر ذلك عاد الطيّب للحديث عن مداهمات البوليس في الرديّف فقال: « في إحدى المداهمات تعرّض ابني للحرق على مستوى الظهر… منازلنا تعرّضت لأضرار جسيمة. تم حجز جميع اللوائح النقابية الموجّهة إلى السلط المحلية والجهوية والمركزية. معتمد الرديّف كانت تصله كل اللوائح. البوليس استولى على 740 دينار بمنزلي مع قائمة انخراطات في الاتحاد لعمال من شركة نقل الجنوب، تسلمتها لتقديمها للاتحاد، وقد فوجئت بحاكم التحقيق لا يضمّن هذا المحجوز في الملف ». وتساءل الطيّب أين ذهبت تلك الأموال والوثائق؟ وختم استنطاقه بالتعبير عن براءته من كل التهم الإجرامية الموجهة إليه وإلى رفاقه. عادل جيّار: أجاب عادل جيّار مباشرة رئيس المحكمة قائلا: « التهم الموجهة إليّ باطلة، أنا ساندت هذه الحركة من منطلق أنني مسؤول نقابي وإيمانا منّي بما ورد في الفصل الثاني من القانون الأساسي للمنظمة الشغيلة من تنصيص على ضرورة الدفاع عن الحريات العامة والفردية ومساندة الحركات الاجتماعية العادلة… اعتصام المعطلين عن العمل على إثر إعلان نتائج مناظرة شركة الفسفاط دام أكثر من شهر والمطلب كان واضحا وهو مراجعة قائمة الانتدابات والرجوع إلى القانون الذي يقضي بإتباع مقاييس محدّدة للانتداب وفتح آفاق التشغيل في المنطقة نظرا للحالة التي تعاني منها الرديّف منذ عقود… تشكّلت لجنة تفاوض بطلب من السلطة. وتواصلت التحركات السلمية ووقفنا ضد كل أشكال العنف، كما أننا اعترضنا على الخيام التي نُصبت وعطّلت الحركة. هناك عناصر كانت تسعى لتمرير قائمة الخزي والعار (قائمة الناجحين في المناظرة). وهذه العناصر لها مصلحة في أن يباشر هؤلاء العمل، فسعت إلى إحداث أزمة. في الليلة الفاصلة بين 6 و7 أفريل 2008 هاجم أشخاص ملثمون مركز الشرطة لخلق ذريعة للهجوم على الأهالي، ونجحوا في ذلك… هاجم البوليس منازل عشرات الشبان ونكلوا بهم… كنت وعدنان الحاجي عائدين من ندوة للنساء الديمقراطيات تضامنا مع أهالي الحوض المنجمي. وصلنا صباح 7 أفريل 2008 ولما توجّهنا إلى مقرّ الاتحاد المحلي اعترضنا مئات الأعوان من البوليس ضربونا وجرونا إلى مركز الشرطة ثمّ نقلونا من الرديّف إلى قفصة. ما أن وصلنا حتى انهالوا علينا ضربا وركلا. هناك من قام بتسخين الكبالات التي كانت تغلّ أيدينا. وهناك من وضع رجله في مؤخرتي وهو يتفوّه بكلام بذيء « … « لهم معجم كبير جدا في الألفاظ البذيئة ». وواصل قائلا: « وجدنا محمد اليوسفي الجلاد، في انتظارنا. قال لي « من عام 2002 وأنا أنتظر مجيئك، ملمّحا إلى نشاطي النقابي. انهال عليّ ضربا. قيّدني في كرسيّ. طلبت الذهاب إلى المرحاض فرفض. في الأخير تبوّلت في ملابسي. ولمّا كان اليوسفي، الجلاد، يضربني دخل ابنه فجأة وهو يدرس بالرابعة أساسي، فارتبك وتوقف عن تعذيبي. كان الابن مندهشا ممّا يفعله أبوه المسؤول الأمني « المحترم » بمربّي. وبعد أيام من الإيقاف أطلق سراحنا جميعا يوم 10 أفريل 2008. فتح التفاوض من جديد مع وزير الصحة ومستشار وزير الداخلية. أفضت المفاوضات إلى فتح شركات مناولة ووعود من السلطة بإيجاد مشاريع أخرى لاستيعاب الكمّ الهائل من البطالين. ثمّ عقدت اتفاقيات مع عمّال الحظائر وشركة نقل الجنوب وشركة الحراسة. وكان هؤلاء أضربوا عن العمل واعتصموا احتجاجا على ما تفعله شركة فسفاط قفصة من توزيع خدمات على بعض النقابيين الذين خلقوا شركات مناولة ولم تعد لهم أيّ صلة بمصالح العمال فقطعوا خبزة عمّال آخرين بالشركات المذكورة ». هنا قاطعه الرئيس. ثم واصل عادل جيار: « بعد تلك الاتفاقيات تمّ الفرح في الرديّف ورقص الشباب في دار الاتحاد المحلي. ولسائل أن يسأل: لأيّ سبب سيعمد هذا الشباب المبتهج بنتائج المفاوضات مع السلطات، إلى العنف؟ الفرح لم يدم… العصابة كانت تتربّص بالحركة. وقد رأت في الاتفاقيات التي توصّلت إليها « لجنة التفاوض » ضربا لمصالح الفساد النقابي وللشركات المرتبطة به. شوّهت العصابة الحركة عن طريق مناشير فيها تهم لا أخلاقية لرموز الحركة… هدّدوا عدنان بالقتل هاتفيا. ولمّا فشلت هذه الأساليب اتخذت العصابة طريقة أخرى لإيجاد ذريعة للتدخّل الهمجي للبوليس ». وأضاف عادل جيّار: « في أواخر شهر أفريل اتصل بي الطاهر بن حسين صاحب قناة « الحوار التونسي » وبعث لي كاميرا مع أحد أقاربه، فصوّرت ما كان يحدث بدار الاتحاد والمسيرات السلمية وبعثت له بذلك لبثه. كنت أتمنّى لو أن الطاهر بن حسين وقناته حضرا مباشرة للتصوير. ولماذا لم تحضر قناة تونس7 ولم تصوّر؟ نحن في السجن شاهدنا الأحداث الاجتماعية باليونان، ونحن في الرديّف أحداث ومسيرات ولا شيء في قناة تونس7. وكأن هذه الأحداث لا تحصل في تونس ! وقبل أن أختم أريد أن أقول كلمة عن محي الدين شربيب، يوم 7 جوان 2008 أي غداة إطلاق النار على المواطنين وقتل الشاب حفناوي مغزاوي، اتصل بي إعلاميون ومناضلو جمعيات لأصف لهم ما حدث. كل من اتصل بي من يومها أصبح متهما. رقمي لم أغيّره. كان مراقبا. البوليس أحضر لي نص مكالماتي في ظرف كتب عليه: « خطير جدا ». ولكن لماذا التركيز على محي الدين شربيب بالذات؟ المهم في النهاية هو أن حركتنا كانت مشروعة وأسبابها واقعية وليست مختلقة، وليس أدلّ على ذلك من أن وزير الاقتصاد صرّح في مقابلة قصيرة مع جريدة « الشروق » بأن الحكومة « ستصوّب » الاختيارات الاقتصادية في منطقة الحوض المنجمي. ما معنى ذلك غير الاعتراف بأن الاختيارات السابقة لم تكن صائبة ».
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 31 مارس 2009)  

مؤتمر الاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير
تَوَاصُلُ سياسةِ التذيّل للسلطة والأعراف

انعقد يوم الخميس 19 مارس 2009 المؤتمر التاسع للاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير تحت شعار « في وحدتنا ضمان نجاحنا » بحضور كافة أعضاء المكتب التنفيذي باستثناء علي رمضان، وحضور عديد الاتحادات الجهوية والنقابات العامة. افتتح المؤتمر الأمين العام عبد السلام جراد أمام قرابة 110 نائبا بحضور الصحافة المكتوبة (الشعب، مواطنون…) والتلفزة. وكانت كلمته على درجة عالية من الحماس والمزايدة إذ أطنب في « مساندة الرابطة في محنتها لأنها تظمّ أبناء الاتحاد في صفوفها، كما حثّ النقابيين على التصدي للمناولة وغطرسة الأعراف داعيا إلى النضال والإضراب لمواجهة التسريح والطرد في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، مؤكدا أن القيادة ستقف مع العمّال وتتبنى نضالهم. وركّز على المجهود المبذول من طرف الاتحاد في إعداد الدراسات لتقديم الحلول والمقترحات حول الملفات الكبرى التي تهم البلاد مثل قضية التنمية بالمناطق الداخلية كالحوض المنجمي أو حول الأزمة الاقتصادية وسبل مواجهتها، مشيدا بالمكاسب التي أحرزها الاتحاد من زيادات في الأجور إلى مساندة الشعب الفلسطيني… ». أمّا فيما يتعلق بأشغال المؤتمر الذي ترأسه عضو المكتب التنفيذي المولدي الجندوبي فقد أجمع الحاضرون على تدنّي مستوى النقاشات وبرودة الأجواء المخيّمة عليه إلى حدّ اعتبره البعض مِؤتمرا جنائزيا مقارنة بالمؤتمر الفارط الذي احتدّ فيه آنذاك الصراع بين قائمتين. وقد ضمّت القائمة المعارضة مختلف النزعات النقابية المستقلة عن السلطة والبيروقراطية مع حضور مكثف لعمّال وعاملات النسيج المطرودين الذين ردّدوا الشعارات المناهضة للأعراف والبيروقراطية. ونظرا لاستفحال التجاوزات والخروقات انسحبت تلك القائمة ليزكّى سعيد يوسف كاتبا عاما لمدّة يكمل بها ربع قرن من الهيمنة والتذيل للأعراف والسلطة. كما لم تتجاوز التدخلات الـ15 تدخلا اقتصرت الجريئة منها على نيابات قطاعات التعليم وهو أمر طبيعي لمن يعرف واقع الجهة وطبيعة النيابات الموالية لسعيد يوسف والتي فرضت بتدخّل التجمّع الدستوري والأعراف والإدارات الجهوية وحتى البوليس السياسي. في مقابل القائمة الرسمية التي ضمت عنصرين جديدين (عملة التعليم العالي وقطاع الصحة) وُجدت مجموعة ثانية من ضمنها عضو الاتحاد الجهوي المتخلي مختار اللطيف الذي لم يقدر على المحافظة على صداقته بسعيد يوسف فكانت ردّة فعله الترشح مع عنصرين من قطاعه (النسيج) إلى جانب الوجه النقابي المستقل الذي ترشح ضد الكاتب العام وهو عضو النقابة الجهوية للتعليم الثانوي وكاتب عام الاتحاد المحلي بالمكنين وعضو فرع الرابطة المنستير منجي صالح، إلى جانب هذا الرباعي ترشح عنصران بصفة فردية وانسحب عنصران آخران في آخر لحظة. لم يكن الرهان الانتخابي مطروحا بحدّة سوى للسيّد منجي صالح الذي حاز على ثقة 46 نائبا لم تمكنه من النجاح. وبالفعل وقعت تزكية قائمة سعيد يوسف بأكملها وهي قائمة تظم عناصر غير فاعلة وغير مؤثرة في قطاعاتها، تتميّز بالولاء الأعمى للكاتب العام وتأتمر بأوامره وأوامر السلطة. وفي ما يلي أهم الاستنتاجات:  كانت أغلب الترشحات خارج القائمة الرسمية ردود فعل على عدم التواجد ضمن فريق سعيد يوسف.  أغلب العناصر المترشحة عملت في وفاق مع الكاتب العام ولم تبرز بمواقف معارضة للتدليس ولضرب رموز الفساد في المكتب السابق.  لم يقع التنسيق قبل المؤتمر بين مختلف مكونات الساحة النقابية المعادية لتسلّط الكاتب العام والمتمسّكة بالاستقلالية والديمقراطية.  يلاحظ ضعف كبير لمختلف مكونات اليسار على مستوى النيابات والترشحات وهو ما يلقي على عاتق النقابيين الديمقراطيين العمل منذ اللحظة الراهنة على تجاوز عزلتهم وفئويتهم والتوجه للعمل صلب المنخرطين من أجل افتكاك مواقع في النقابات القاعدية.  الاستعداد الجيّد لردّ الهجوم المعاكس الذي سيقوم به سعيد يوسف لتصفية خصومه وكل من تجرّأ على مقاومته، ومن يحاول إرساء عمل نقابي جماهيري ومناضل ومستقل. تمّ إسدال الستار على مؤتمر الاتحاد الجهوي للشغل المنستير بتجديد البيعة للكاتب العام المتربع على العرش لمدة ربع قرن مكرسا الرئاسة مدى الحياة في جهة تحتاج إلى نفس من التعددية والاستقلالية. نقابي ديمقراطي  
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 31 مارس 2009)

الحزب الديمقراطي التقدمي تعزية

فجعت أسرة المحاماة و الديمقراطيين بوفاة الأستاذ المحامي الهادي بن محرز زوج الأستاذة نجاة اليعقوبي إثر نوبة مفاجئة و أمام هذا المصاب الجلل تتقدم الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي و كافة مناضليه إلى الصديقة نجاة و إلى الأخ مراد اليعقوبي صهر الفقيد و عضو اللجنة المركزية للحزب و لكافة عائلتهما بأحر تعازيهم و بالغ مواساتهم مبتهلين إلى الله عز و جل أن يسكن المغفور له فسيح جنانه و أن يرزقهم جميل الصبر و السلوان معز الجماعي


المشهد الثقافي التونسي أمام جدل حاد !


مرسل الكسيبي بين حقيقة أن نروي غلو جزء من النخبة اللائكية التونسية , حين نقف على كتابات البعض التي تقرن بين الدين والشعوذة أو حين نمر على المغتاظين من زيارة الدكتور يوسف القرضاوي لتونس قبيل أسابيع , أو حين نقف على دعوات صريحة للالحاد تصدر عن جزء معتبر من نخب لائكية مغالية تدعو علنا الى مناوئة جذور الحضارة الاسلامية أو تيارات الاحيائية الاسلامية المعاصرة… حين أمر على هذا الجزء من المشهد الثقافي والفكري التونسي لايخفى علي بالمقابل وجود تيار اسلامي عريض وقوي يتوزع مابين رؤية سلفية تتخذ من مشائخ الفضائيات المشرقية ودعاتها مرجعية العودة الى الاحياء الاسلامي , وبين تيار اسلامي حداثي يتخذ من رموز الفكر الاسلامي المعاصر ومجتهديه بوصلة التحديث والتطوير في علاقة الاسلام بقضايا الدولة والمجتمع والفنون ومشاركة المرأة في الحياة المعاصرة … حين أمر على أكثر من  150 تعليقا نشرت على شبكة الفايس بوك ردا على مقالي المعنون ب »على الفايس بوك هذا مااكتشفته : تالله مالدعوات تهزم بالأذى !  » , حين أقف على هذه التعليقات أكتشف عمق الأزمة التونسية , حيث أرصد حجم المناوئة التي يبديها البعض للفكرة الاسلامية أو للواقفين وراءها من الحداثيين الاسلاميين أو غيرهم من دعاة العلاقة المرنة بين الاسلام والدولة … حتما لم تكن كل التعليقات متجاوبة مع أنصار المشروع اللائكي في نسخته اليسارية اليعقوبية , اذ غلبت على التعليقات وجهات نظر محترمة ومعتدلة , الا أن البعض الاخر لم يخف احتفاليته بالالحاد والذود عنه وعن أصحابه …, بل انني قرأت في ثنايا التعليقات حرصا كبيرا على اظهار أنصار الفكر الاسلامي الحداثي بمظهر المعادي لحرية المعتقد أو غير ذلك من طروحات مذهبية أو فكرية تقف على خط العداء للاسلام كدين وعقيدة ومصادر اجتهادية في التشريع … الخط اللائكي العام للتعليقات : عمد البعض من الوجوه الاعلامية البارزة الى الدفاع عن حق الاسلاميين التونسيين في النشاط السياسي والقانوني العلني بموازاة دفاعه عن تأسيس جمعية للدفاع عن اللائكية , وكانت أبرزهن في ذلك الأستاذة ألفة يوسف , التي أردت أن أنقل حرفيا ماكتبت ولكن حين عدت الى مراجعة مداخلاتها الموثقة الى حدود يوم 29 مارس 2009 فوجئت « بحذفها » لها من على الشبكة الاجتماعية العالمية الشهيرة هذا اليوم …( أنتظر منها توضيحا في الغرض أو رفعا للالتباس ) … علق البعض الاخر في غلضة غير مفهومة وشدد في حماسة على انتصاره لللادينية بعد أن سبق له أن كتب مقالا ساوى فيه من خلال العنوان بطريق غير مباشر بين الدين والشعوذة -( رؤية السيد ناجي عاشور ) … اتهم اخر الاسلام ومعتنقيه بسبي النساء واخصاء الأطفال وجز الرؤوس !!! , وحين أردت العودة الى مداخلته قصد النشر فوجئت بحذفها أيضا من على شبكة الفايس بوك …! تألق اخرون في ماكتبوا وحاجوا وان خالفني البعض فيما كتبت وانتصر هؤلاء الى طروحات معبرة عن هواجس لائكية مشروعة , وأذكر منهم الأساتذة : الهادي العبيدي والهادي الوسلاتي وهدى كافي … المنتصرون للاعتدال الاسلامي : أما على مستوى الانتصار للفكرة الاسلامية التنويرية المتساوقة مع الحداثة فقد وقف الى جانب كاتب هذا المقال كل من الأستاذ رزقي عمروش , والأستاذة كاسندرا روتلارغ , والكاتبة الصحفية ليلى العود والكاتب المصري فوزي منصور الذي كتب معلقا على مقالي وتدخلات شريحة من اللائكيين التونسيين مايلي :   » لاأريد أن أتدخل في الشأن التونسي الداخلي ولقد دهشت للضجة التي أثيرت في تونس بسبب زيارة رجل واحد لها ملبيا دعوة موجهة اليه , وهو الشيخ القرضاوي…, …لا أحد دافع عن حق المرأة التي اختارت بمحض ارادتها أن تغطي شعرها بخرقة عندما كانت الشرطة تنزعها من على رأسها ,  ثم ما علاقة المحافظة على حقوق المرأة ومناهضة الدين ؟ وهل اختزل اليسار الاشتراكية في مناهضة التدين والنسوانية؟ «   حيرة وقلق وتحريك للمياه الساكنة : أما السيدة سميرة البلبولي فقد عبرت في خضم مجموعة من تعليقاتها على المقال عن حيرتها وقلقها …, لتبدي انزعاجا من تعصب مدرستين مؤثرتين في المشهد التونسي , حيث كتبت  » شبابنا ياسيدي تائه بين سلفية زائلة ولائكية زائفة .. , كشابة تونسية أدرك حق الادراك ان الاسلام دين حق وكلما تمعنت في معانيه زالت عن فكري عديد الشوائب … » واذا كانت السيدة البلبولي لم تحسم خياراتها على مستوى الاختيار الفكري في نظرتها لعلاقة الدين بالدولة , اذ لازال الأمر لديها موضوعة للبحث , فان المقال كان بمثابة الحجر الذي ألقي في مياه فكرية وسياسية تونسية ساكنة , وقد استطعت من خلال التعليقات الاقتراب أكثر من تلونات المشهد النخبوي وكثير من تفصيلاته الغائبة في ظل تقهقر أو تراجع مناخ الحريات على الصعيد الوطني … جدل غير معزول عن جذور سياسية : كشف الجدل القوي والحاد الذي أثاره مقالي الأخير عن أزمة سياسية تونسية عميقة , ولم يزد هذه الأزمة وضوحا سياسيا عند التعليق الا ماكتبه أستاذ التفكير الاسلامي شاكر الشرفي الذي كتب على مدونتي في موضع تعليقه على تقرير الزميل خميس بن بريك بخصوص محاكمة الدكتور صادق شورو مايلي :  » بقطع النظر عن أخطاء النهضة وتعنت السلطة …,اليسار المتطرف هو من ساهم بقسط وافر في وصول تونس الى هذه الوضعية ,أو ما أسميتهم في مقال لي : المحافظون الجدد سماسرة السياسة … » وفي ظل احتدام الجدل بين الفريقين الاسلامي والعلماني كتب الأستاذ فوزي الصدقاوي في موضع اخر من تعليقه على تقرير الزميل بن بريك مايلي :  » …الجميع يدّعون أنهم محل ثقة ومصداقية لكن يجب أن ألاحظ أن السياسة لا تحاك بالتصريحات وحدها و لا يحدد الموقف من جهة ما بناءاً على التصريحات , فالسياسة تحاك أيضا بإتفاقات ومواثيق والتزامات … ضمن تجاذبات سياسية وفكرية وولاءات حزبية وشخصية ومصالح محلية وإقليمية ودولية، وجميع تلك المفاعيل وغيرها تشكل المشهد السياسي وتعين على تحديد الموقف المناسب … » (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (أليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 30 مارس 2009)
 

تراجع صادرات تونس بنحو 17 % خلال الأشهر الثلاثة الماضية


تونس 31 آذار/مارس (د ب أ)- أعلنت تونس اليوم الثلاثاء تراجع صادراتها خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2009 بنحو 17% جراء الأزمة المالية العالمية الراهنة. وقال عفيف شلبي وزير الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة خلال مؤتمر صحفي بتونس العاصمة: « سجلت صادراتنا بالفعل تراجعا بنسبة 17% حيث بلغت حتى 25 من شهر آذار/مارس الجاري ما قيمته 3 مليارات و805 ملايين دينار » (الدينار يعادل حوالي 3ر1 دولار) وذكرت تقارير صحفية نشرت مؤخرا أن حوالي 30 ألف عامل تونسي بالقطاع الخاص فقدوا وظائفهم بعد أن سرحتهم مصانعهم جراء الأزمة المالية العالمية.   (المصدر: وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) بتاريخ 31 مارس 2009)


ارتفاع إجمالي الناتج المحلي التونسي بنسبة 4.56 % في عام 2008

 


تونس, تونس,  01 نيسان-إبريل (يو بي أي) — أظهرت بيانات إحصائية إن إجمالي الناتج المحلي التونسي بالأسعار الثابتة، سجل خلال العام 2008 نموا بنسبة 4.56 % بالمقارنة مع النتائج المسجلة عام 2007. وبحسب هذه البيانات الإحصائية التي نشرها اليوم الأربعاء المعهد الوطني التونسي للإحصاء (مؤسسة حكومية)، فإن قيمة إجمالي الناتج المحلي التونسي بلغت عام 2008 نحو25.07 مليار دينار تونسي (18.43 مليار دولار). وعزا المعهد الوطني التونسي للإحصاء هذا الارتفاع إلى ما وصفه بالتطور الإيجابي لإنتاج قطاع الخدمات المسوقة الذي يساهم بنسبة 7.97 % من إجمالي الناتج المحلي التونسي. وبلغت قيمة حجم  إنتاج قطاع الخدمات التونسي الذي يتألف أساسا من قطاع النقل والاتصالات وقطاع الفنادق والمطاعم والمقاهي والتجارة وغيرها من المجالات  الأخرى ،خلال العام 2008،نحو 11.22 مليار دينار(8.25 مليار). وقد ساهم قطاع الاتصالات في هذا الارتفاع، حيث بلغت قيمة إنتاجه خلال العام الماضي 2.56 مليار دينار(1.88 مليار دولار)، مقابل 2.18 مليار دينار(1.60 مليار دولار) عام 2007. كما ارتفعت مساهمة قطاع الصناعات المعملية في إجمالي الناتج المحلي التونسي  خلال العام 2008 بنسبة 4.20 %، لتبلغ قيمة إنتاجه 4.20 مليار دينار (3.08 مليار دولار). يشار إلى أن الحكومة التونسية تتطلع إلى ارتفاع قيمة إجمالي الناتج المحلي بأسعار السوق الثابتة خلال العام الجاري بنسبة 5%، ليبلغ بذلك نحو 26.43 مليار دينار (19.43 مليار دولار).   (المصدر: وكالة يونايتد برس انترناشيونال (يو بي أي) بتاريخ 1 أفريل 2009)


          بسم الله الرحمان الرحيم                والصلاة والسلام على أفضل المرسلين الرسالة رقم 580 على موقع تونس نيوز  المصداقية سر النجاح لها ضريبة بقلـم : محمـد العروسـي الهانـي مناضل دستوري – كاتب في الشأن الوطني والعربي والإسلامي

الوعود بالأقوال لابد أن تتبعها أفعال


في يوم 02 أفريل 2007 تلقيت دعوة حارة لمقابلة السيد رئيس ديوان وزير التربية و التكوين و فعلا تمت المقابلة و لمست العناية و الجدية و الإهتمام بموضوع تشغيل أبناء الجهة شبان من حاملي الشهائد العليا من منطقة الظل التي راهن عليها سيادة الرئيس و فك عزلتها عام 1998 و حسب وعد السيد رئيس ديولن الوزير و متابعة السيد الوزير أكد الأخ السخيري بكل وضوح الإسراع بإصدار برقيات تعيين الشبان الاربعة في بحر 10 أيام في إطار سلك المعلمين بإعتبارهم من أبناء منطقة الظل و رغم مرور نصف شهر لم يتحقق الوعد الصريح  و طبعا كانت المتابعة مستمرة بالهاتف و الوعد محترم و يأكد من جديد بحرص الوزارة على إنجاز الوعد و في آخر أفريل إنخفضت حرازة الوعد و أخيرا تبخر الوعد و إنتهت العناية و الإهتمام بالموضوع و عندما أردت البحث عن هذه القصة و لماذا هذا التراجع رغم المتابعة كان الجواب مضحك للغاية و غير مقنع الأخ الهاني الكاتب نوه بخصال و مواقف الدكتور خالد شوكات على منبر العربية يوم 25-04-2007 في ملف زمن بورقيبة رحمه الله الذي قدمته قناة العربية طيلة 5 حلقات متوالية و قد إستغربت من هذا الخبر و قلت هل التنويه بتدخل الدكتور شوكات الوفي لقيم و ثوابت و خصال الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله يعتبر ذنبا و قد تابع شعبنا هذه الحلقات الممتازة مثلي و بتدخل الدكتور خالد شوكات و قلت هل شكري له يدفع الضريبة لحرمان شبان من منطق ة الظل الحجارة و بدون تعليق و بعد حوالي 16 شهر أي يوم 06-09-2008 بمناسبة حلول السنة المدرسية 2008-2009 جدد الشبان مطالب قصد إمكانية تعيينهم في سلك المعلمين و جددوا المطالب من جديد يوم 10 أكتوبر 2008 و أحدهم وجها ملف عن طريق السيد وزير الوظيفة العمومية و الإصلاح الإداري و ذلك يوم 03-10-2008 و مشكور السيد الوزير المكلف بالوظيفة العمومية أحال مطلب الشاب إلى السيد وزير التربية و التكوين و خلال شهر أكتوبر تقريبا يوم 9 على وجه التحديد وقع إنتداب عددا هاما من المعلمين حتى من المناطق المجاورة للجهة التي ذكرتها و منهم بشهادة البكالوريا لم تحظى بالعناية منطقة الحجارة معتمدية الحنشة التي هي منطقة ظل كما أشرت و لكن رغم المراسلات و الملفات و التذكير و التهاني بمناسبة حلول رأس السنة الهجرية 1430 الموجهة إلى الدكتور وزير التربية و التكوين الجديد لم تبرز أي نتيجة أو أي رد أو على الأقل إعتذار لعدم لتلبية المطالب و في المقابل و حسب الأخبار السارة في الإعلام الرسمي و المرئي الذي يؤكد على العناية بالمناطق الأقل حظا و مناطق الظل و العائلات المعوزة و الفقيرة و عناية الرئيس واضحة و لا بأس فيها و متابعته موصولة لهذه الجهات لكن لا أدري لماذا هذا الصمت ؟ و لماذا هذا الإهمال ؟ و لماذا وعد يوم 2 أفريل 2007 ذهب إدارج الرياح و قد أشرت مرارا بأن مناطق الظل لها أولوية في التشغيل و قد كتبت حوالي 27 رسالة للمسؤولين و ذكرت بعض من الصور و العينات الحية بالأسماء و الجهات و الحالات الإجتماعية الواضحة و إقترحت مؤخرا تكوين لجنة وطنية عليا بإشراف رئاسة الجمهورية و الوزارة الأولى و السيد وزير التشغيل للإشراف على موضوع التشغيل و الإنتدابات لمزيد الشفافية و الــــــــــوضوح في الإنتدابات للقضاء على كل المظاهر و السلبيات و القيل و القال و الإجتهادات و الجهوية و هذا متاعنا و هذا مش متاعنا و لديناا الحجج مثل ما ذكرت في مقالاتي السابقة بالإسم و التاريخ و الحالات . و قلت لو يطلع على الحقيقة سيادة الرئيس و يعلم بهذه التصرفات لن يرضي و لن يسمح بهذه التصرفات و أعتقد أنه يأنن بتسوية وضعية الشبان حالا لأن المصداقية سر النجاح و بدون مصداقية لا معنى للحياة و بدون عدل إجتماعي لا تقدم لأي شعب و قد ذكرت مرار أن الممارسات معزولة و لا يعلم بها رئيس الدولة و أعتقد لو لو يطلع على فحوى الرسالة سوف يأذن حالا بتشغيل الشبان سواء بوزارة التربية و التكوين و هم على التوالي محمد الهادي بوعجيله و هشام المرداسي و محمد الشرودي و محمد الفرجاني . و في وزارة الشباب و الرياضة الشاب سامي عيسى مجاز من سنة 2006 و بعض الطلبة وقع إنتدابهم من المتحصلين على الإجازة سنة 2007 و حتى 2008 أين العدل الإجتماعي يا ترى رغم الوزير الجديد و الطالب السادس حسونة العشي من العائلات المعوزة ملفه بالشركة التونسية للبنك منذ 12-12-2006 دون جدوى لحد اليوم هذه العينات صورة حية لها يحصل في البلاد و في أعماق الريف من إختيار شبان ربما حالتهم ميسورة أكثر و من عائلات ميسورة ماديا و الفقراء و المعوزين مثل الشبان الذين ذكرتهم منذ عام 2006 عاطلون عن العمل إلى يومنا هذا و قد إستحضرت قصة حصلت سنة 1978 بدرا الحزب بالقصبة حيث إتصل شاب من ولاية في الشمال أبن مقاوم و طلب مقابلة الأخ محمود شرشور المدير المساعد للحزب آنذاك و طلب الشباب من الأخ محمود شرشور مساعدته قصد الحصول على شغل و قدم ملف للشركة الوطنية للنقل و طلب مساعدته و دعم ملفه و قد تحمس له المدير المساعد للحزب و إتصل بالأخ المدير العام لشركة النقل الوطني و طلب منه مساعدة الشاب إبن المقاوم و أكد له السيد المدير العام لشركة النقل قبول الشاب بعد شهرين و جاء الموعد و لم يفي المسؤول بوعده و عندما عاد الشاب للأخ شرشور و أعلمه بعدم الإستجابة لطلبه إتصل المدير المساعد للحزب من جديد بالمدير العام و تبدلت اللهجة و قال له السيد المدير المساعد للحزب يعتبر الشاب منذ وعدكم هو مباشر لعمله و عليك إحترام العهد و تقدير المسؤولية و الحرص على تجسيم ما جاء في المكالمة و الحزب الحاكم لا يحبذ المماطلة و التصويف و الوعود الخالية هذه الواقعة حصلت سنة 1978 و أصبحت حديث العام و الخاص في العاصمة فهل نستخلص الدرس و لو يتفضل سيادة الرئيس بعد الإطلاع على هذه الخواطر و الوقائع و العينات من صميم الواقع المعاش أعتقد أنه سوف لا و لن يتردد لحظة في أخذ القرار عاجلا و يأذن بتشغيل أبناء مناطق الظل و أبناء الضعفاء و المساكين و يعطي درسا بليغا لمن وعد و أخلف الوعد أو تجاهل مطالب الناس الغلابة المساكين و قد جربنا الرئيس سنوات 1993-1997-1998-1999 فوجدناه أبا حنونا و عطوفا على مناطق الظل و أعطى تعليماته حالا لفك عزلة المنطقة عندما علم بالإهمال و عدم الإكتراث بشؤون المواطنين و هذا ليس بالعسير على إرادة الخير و العزم و الحزم و أشياء كثيرة مازالت في حاجة إلى عناية و منها قرار عزل مواطن عن عمله لمدة عاما كاملا و لم تراعي الشركة وضعه الإجتماعي و الإنساني وهو أب لخمسة أبناء صغار و رغم المراسلات و الإتصالات لا حياة لمن تنادي و لا من مجيب و اليوم نعود لنطرق باب رئيس الدولة كما طرقناه سابقا لعل الفرج يأتي من أعلى الهرم إن شاء الله ملاجظة هامة : ملف هذا العون المطرود بلقاسم الناصري من رياض بوهلال معتمدية الجم ولاية المهدية علم به الخاص و العام في تونس و كل المسؤولين و رجال الإعلام في الداخل و الخارج و عبر هذا الموقع الذي ذكر هذه المعضلة في 13 رسالة منها 3 موجهة إلى السيد الوزير الأول و 3 موجة إلى السيد وزير الوظيفة العمومية و رسالة إلى السيد وزير الطاقة و المناجم و 5 وجهت إلى المدير العام لشركة الكهراباء و الغاز و رسالة نشرت بجريدة الشعب و رغم هذا التحسيس و المراسلات لم تتحقق النتيجة لماذا يا ترى ؟؟؟ الله أعلم … قال الله تعالى :  » سيجعل الله بعد عسر يسرا  » صدق الله العظيم     محمـد العـروسـي الهانـي مناضل يريد الخير للوطن ويطمح لدعم العدل السياسي والتنموي في تونس الهاتف: 22.022.354 صورة بورقيبة منقوشة في قلبه و لن ينافق وهو دوما على عهد بورقيبة

 

العاقبة للبقية..

محمد كريشان   في شهر آذار (مارس) لوحده سحبت واشنطن من التداول عبارتين هامتين من مخلفات عهد الرئيس السابق جورج بوش، فقبل يومين فقط اعترفت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن عبارة ‘الحرب على الإرهاب’ الشهيرة ‘لم تعد مستخدمة’ و’لم تسمع أحدا يستخدمها ولم تتلق أي توجيه حول استخدامها’ وإن أوضحت في نفس الوقت أن لا ‘تعليمات محددة للتخلي عن هذه الصيغة’. وفي الثالث عشر من نفس الشهر، تخلت الإدارة الأمريكية الجديدة عن وصف ‘المقاتلين الأعداء’ الذي ابتدعته الإدارة السابقة وكانت تطلقه على كل من أيد أو شارك في ما تعتبره عمليات إرهابية والذي على أساسه اعتقلت المئات وأرسلتهم إلى معسكر ‘غوانتنامو’ حيث بقي بعضهم لسبع سنوات دون اتهامات أو محاكمة. ‘الحرب على الإرهاب’ هي التي تصرفت وفقها الولايات المتحدة لغزو العراق خارج قرارات الأمم المتحدة وبعيدا عن أية قرائن مقنعة اتضح لاحقا رسميا كذبها وتلفيقها بعد تدمير بلد بأكمله وقتل وتشريد مئات الآلاف من شعبه، أما ‘مقاتلون أعداء’ فقد كانت امتدادا للحرب الأمريكية على أفغانستان و’القاعدة’ وما أعقبهما من إجراءات. المفردة الأولى لم يعوضها بعد أي تعبير أما الثانية فقد قالت وزارة العدل الأمريكية أنها وضعت أمام المحكمة الفيدرالية معايير جديدة لتبرير استمرار اعتقال سجناء غوانتنامو الذي أمرت باعتقاله في غضون عام. مجرد توصل إدارة أوباما لضرورة التخلص من استعمال هذه التعابير خطوة ذات دلالة رمزية كبيرة. هذه التعابير استعملها بمبالغة مفضوحة مسؤولو الإدارة السابقة ولاسيما الرئيس بوش نفسه مع نائبه تشيني ووزير دفاعه السابق رامسفيلد ولكنها لم تنجح في شيء قدر نجاحها في تأليب معظم الرأي العام الدولي على واشنطن، خاصة بعد ما اتخذت حكومات كثيرة في العالم من ‘الحرب على الإرهاب’ ذريعة لترهيب الناس عوض حمايتهم والتضييق على الحريات والحقوق التي انتزعوها بنضالات عشرات السنين وأجيال متعاقبة. هذا دون أن ننسى أن أغلب النظم غير الديمقراطية في العالم، ونحن في البلاد العربية من بينها طبعا، وجدت في الهستيريا التي رافقت هذه المفردات فرصة ذهبية لتجريم أي تحركات ولو محدودة لما تبقى حيا من خلايا المجـتمع . لكل من يعرف السياسة الأمريكية و’فنيات’ تحركاتها وعباراتها المستعملة المدروسة بعناية في أغلب الأوقات يقدر بلا شك أهمية هذا الذي أقدم عليه فريق الإدارة الجديد وهو يرفع شعار التغيير، لكن ذلك لا يقلل في شيء من أهمية مفردات أخرى ما زالت تلوكها الإدارات المتعاقبة الواحدة تلو الأخرى دون أن يتراءى في الأفق ما يوحي بإمكانية سحبها أو تعديلها لأنها باختصار جزء من السياسة الأصلية الإستراتيجية للبلد برمته بل تكاد تكــون جــزءا من ذهنية المجتمع كله. من هذه العبارات مثلا ‘حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها’ التي لاكتها ألسن كل المسؤولين الأمريكيين، سابقهم ولاحقهم، جمهوريين وديمقراطيين على حد سواء، والتي تستعمل في الغالب في غير سياقها لتبرير أي سياسة إسرائيلية مهما كانت خرقاء أو متهورة ومهما أدت إلى سقوط ضحايا مدنيين. هؤلاء الضحايا الذين كثيرا ما كانت تنظر إليهم الإدارات الأمريكية بنوع من العنصرية المقيتة حيث إن سقوط مدنيين إسرائيليين جريمة لا تغتفر بينما سقوط عشرات أضعافهم من الفلسطينيين مسألة فيها نظر.    (المصدر: جريدة القدس العربي (يومية – بريطانيا) بتاريخ 1 أفريل 2009)


الولايات المتحدة وقراءة التاريخ


عبدالسلام المسدّي (*)  42 رئيسا تعاقبوا على سدة الحكم في الولايات المتحدة الأميركية قبل الرئيس جورج بوش الابن في ولايتيه الرئاسيتين (2000- 2008) وكان لكل من هؤلاء مآثره حسب وجهة البعض، أو مآثمه بحسب البعض الآخر، ولكن بصمة جورج بوش استثنائية جدا إذا حدقنا فيها بمجهر موضوعي تتصاهر فيه عدسة العين الأميركية الخالصة وعدسة العين التاريخية من خارج الحدود الأميركية. يأتي الاستثناء من المنعطف الحاد الذي أنجزه جورج بوش في مسار التاريخ الأميركي، فقد كان هناك إرث محدد تشكل على مدى ثلاثة قرون عاش الأميركيون على قناعاته، وكانت له حيثياته المعقولة، بل كان محددا رئيسا بين محددات الفلسفة السياسية برمّتها لديهم، فحين ظهرت الولايات المتحدة على الساحة الدولية في بدايات القرن العشرين، وفاجأت الجميع بمؤشرات تفوّقها، كان ذلك مرفقاً بقرائن لا هي منتظرة ولا هي مستساغة لدى سادة السياسة الدولية عصرئذ. كان الأميركيون يعتبرون أن تلك الحرب العالمية لم تكن إلا نتيجة طبيعية وحتمية للسياسة الاستعمارية التي انتهجتها أوروبا في القرن الـ 19، فهي في نظرهم نزاع أوروبي- أوروبي، وبناء عليه فقد نأت الولايات المتحدة بنفسها عن الصراع منذ بداياته إلى أن اشتد الخطب فقرر الرئيس ويلسون في (4/4/1917) دخول الحرب ساعياً إلى فرض السلم بعد هزيمة الألمان، وذاك ما هيأ لمؤتمر باريس (1919) الذي أعد ميثاق عصبة الأمم (28/4/1919) ليتم بعثها فعلياً في السنة الموالية (1920) وكان قد تم التوقيع على معاهدة فرساي في (28/6/1919) التي أملى فيها الحلفاء شروطهم على المهزومين. الطريف في الموضوع برمته أن جهود الرئيس ويلسون التي انطلقت في مبتدئها بخطة الـ 14 بنداً قد اصطدمت في خاتمة مطافها بجدار مجلس الشيوخ فأبى أن يصادق عليها، فحصلت حالة فريدة في سجلات السياسة الدولية: أن الولايات المتحدة لم تكن عضواً في عصبة الأمم. إن الولايات المتحدة قد اجتمع لديها إرث جليل في مناهضة السياسات الاستعمارية التي خلفها القرن الـ 19، وستتجلى فلسفتها تلك فيما ستتطور إليه السياسة الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، وخاصة بحل عصبة الأمم، وبعث منظمة الأمم المتحدة (26/6/1945) التي اتخذتها الولايات المتحدة جسرا قويما لمساعدة كثير من البلدان كي تحصل على استقلالها تحت مظلة حق الشعوب في تقرير المصير. ليست الولايات المتحدة بلداً عتيقاً، إنها دولة حديثة جداً إذا قسنا عمرها بأعمار جل الدول الشهيرة في سائر القارات، والذي يعنينا هنا أن تاريخ الولايات المتحدة قد بدأ بحروبها التحريرية من الاستعمار الأوروبي، فقد تعرضت شعوبها -قبل أن تتوحد- لاحتلال متعدد مشترك، هولندي وإسباني وبريطاني وفرنسي، ثمّ احتكر البريطانيون شيئا فشيئا بسط النفوذ الاستعماري فانفردوا بالاحتلال، وتزعم جورج واشنطن (1732- 1799) حرب التحرير التي بلغت أوجها خلال (1775-1781) وكانت فرنسا عندئذ قد تحولت إلى حليف يناصر الأميركيين على البريطانيين ليتحرروا، ثم كان واشنطن أول رئيس للولايات المتحدة لفترة ولايتين (1789- 1797) وظلت ذاكرة الأميركيين كليمة بجراح الحقبة الاستعمارية التي عاشوا مهانتها ودفعوا ضريبة مقاومتها، وبناء على ذلك كله أقدم الزعيم القومي جيمس مونرو الذي أتم توحيد الكيان الأميركي على صياغة ما أصبح يعرف بمذهب مونرو (1823) القاضي بالانغماس الكلي في المصلحة القومية، والإمساك عن أي تعالق مع مشكلات السياسة العالمية. هكذا نفهم كيف أن الإرث الأميركي في مناهضة الحركات الاستعمارية يصدر عن حقائق تاريخية معيشة، وكان يعضده تنظير سخي يرفع لواء حق الشعوب في تقرير مصيرها، وكثيراً ما كان الأميركيون يغيظون بفلسفتهم الأوروبيين الذين انطلقوا بنهضتهم الحديثة من أدبيات الأنوار بعد أن ارتفع صوتها عاليا طيلة القرن الـ 18، فأنجزوا ثورتهم باسم الحرية، ولكنهم انتكسوا حين دفعوا بالمد الاستعماري إلى منتهاه خلال القرن الـ 19، إنها الفلسفة التي عليها أقام الساسة الأميركيون رؤاهم القومية في المجد والعظمة. إن الرئيس جورج ووكر بوش قد كسَر في الأعماق الخط البياني الذي سار عليه تاريخ الولايات المتحدة، وتقيد به 42 رئيسا تداولوا على سدة حكمها الفيدرالي قبله، بمن فيهم أبوه الذي قاد حملة تحرير الكويت ثم امتثل للأضواء الحمراء التي أوقدها له حلفاؤه وهو في طريقه من البصرة إلى بغداد، فكان ذلك منه -في ظاهر الأحداث على الأقل- امتثالاً للإرث التليد: مساعدة الشعوب على التخلص من الغزاة دون الوقوع في فخ التاريخ بالتحول إلى غزاة جدد. وحتى لو راجعنا حضور الولايات المتحدة العسكري بعد الحرب العالمية الثانية فقد كانت ترى له مسوغاً رسمياً قارّاً وهو تجنيب العالم حرباً كونية ثالثة، أو غزواً كاسحاً من الأنظمة الكلّيانية على حد ما تورطت في فيتنام وآل أمرها إلى خواتم كارثية، وربما باسم تلك الفلسفة ذاتها ناهضت واشنطن الاعتداء الثلاثي على مصر (1956) إذ رأت في تحالف بريطانيا وفرنسا يومئذ عودة للنزعة الأوروبية الاستعمارية فضلاً عن استدراج إسرائيل لفصم أمصال الرضاعة الأميركية، وفضلاً عن التوازن الاستراتيجي بين المعسكرين العملاقين، ثمّ فضلا عن كون الأمر قد تم تدبيره من وراء ظهر الأميركيين وهم الذين بدؤوا ينتصبون سادة الشأن الدولي فغضب الرئيس إيزنهاور غضبا شديدا. ما أنجزه الرئيس جورج بوش انعراج كلي على خط التاريخ الأميركي، بل هو انقلاب على المرجعيات الجوهرية من داخل الوعي القومي الذي يمثل إجماع كل الأميركيين، ولا يسع المتأمل -حين يمارس الفحص الهادئ ولا يتنكب عن أشراط التشخيص المنصف- إلا أن ينزل الفعل السياسي في سياقه الزمني الأصغر قبل أن يهاجر به إلى السياق التاريخي الأكبر، فحيثيات زمن الحدث هي البوابة الطبيعية لتأويل أبعاده الممتدة بعده. لقد جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر -تلك التي ستظل نقطة فارقة يعتمدها المؤرخون بعد قرن وبعد قرنين- في لحظة تاريخية كانت فيها الولايات المتحدة تحتسي كؤوس انتصار عجيب لم تكن هي نفسها تتوقع أن يجيئها على تلك الشاكلة. (*) كاتب ووزير سابق من تونس (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 1 أفريل 2009)  


هل يقود التقارب الأميركي مع إيران إلى الاعتراف بدورها الإقليمي؟


 
توفيق المديني انتظر الرئيس الأميركي باراك أوباما عيد النيروز الذي يمثل أحد رموز الحضارية الإيرانية، وهو رأس السنة الفارسية، ليوجّه رسالة تهنئة مصورة مدتها ثلاث دقائق وزعها البيت الأبيض بالفارسية إلى الشعب الإيراني وقادته. الرئيس الأميركي حسم أمره هذه المرة، وتوجه مباشرة إلى قيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، المقطوعة علاقتها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأميركية منذ ثلاثين سنة، والتي أخضعت لحصار اقتصادي وعقوبات دولية، وأخيرا للتهديد بالخيار العسكري لمنعها من امتلاك السلاح النووي، أسوة بجاراتها الإقليمية (الهند، باكستان، وإسرائيل).. في هذه الرسالة المصورة، قال أوباما: «أريد أن أتكلّم مباشرة مع الشعب الإيراني وقادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية» مُدَغدغاً بذلك المشاعر القومية الإيرانية، حين نوه بأهمية الثقافة وتاريخ الحضارة الإيرانية، من الموسيقى إلى الفنون، التي «جعلت العالم أكثر جمالا»، ومُبدياً استعداداً لطي صفحة الماضي. واعترف الرئيس الأميركي بأنه منذ ثلاثين سنة كانت العلاقات بين أميركا وإيران متوترة، لكن مع مجيئه إلى سدة الرئاسة في البيت الأبيض، الأمور تغيرت، إذ قال: «أريد أن أتكلم بوضوح إلى قادة إيران: نحن لدينا خلافات عميقة كبرت مع الزمن، لكن إدارتي التزمت بانتهاج دبلوماسية تقوم على معالجة مجمل المسائل المطروحة أمامنا، والبحث عن إقامة روابط بناءة بين الولايات المتحدة وإيران والمجتمع الدولي. هذا المسار لن يتقدم عبر التهديدات. نحن نبحث على النقيض من ذلك عن علاقة قائمة على النزاهة و الاحترام المتبادل».. أضاف أوباما قائلا في رسالته: «إن الولايات المتحدة الأميركية تريد أن تأخذ جمهورية إيران الإسلامية مكانها المناسب في المجتمع الدولي. أنتم تملكون هذا الحق، لكنه يأتي بمسؤوليات حقيقية، ولا يمكن شغل هذه المكانة بالإرهاب وبالأسلحة، بل بالتحركات السلمية». في المقابل ردّ المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي على عرض أوباما، من مدينة مشهد المقدسة، في خطاب له يوم العيد، أعرب فيه: «عن الاستعداد لتغيير الموقف من أميركا إذا غيّرت هي مواقفها حيال إيران بالأفعال وليس بالأقوال». جعل الرئيس أوباما من إرادته فتح حوار مع إيران أحد محاور حملته الانتخابية. وقد قام بـ«مراجعة» السياسة الأميركية تجاه إيران التي حركت الخطوط. وعلى الرغم من تأكيد الرئيس الأميركي أن شيئاً لم يتغير في الهدف المتمثل بمنع إيران من امتلاك السلاح النووي، وبأن مسار العقوبات المتفاوض عليها مع الأوروبيين، والصين، وروسيا، يظل قائماً على جدول الأعمال، فإن المسؤولين الأميركيين التزموا بدبلوماسية متماثلة في الظاهر، مع دبلوماسية الخطوة- خطوة العزيزة على قلب كيسنجر. وتريد إدارة أوباما التعامل مع قضايا الشرق الأوسط المختلفة على أساس أنها مترابطة بعضها ببعض، وليس ممكنا إيجاد حل حقيقي لأي منها بشكل معزول عن القضايا الأخرى. ولذلك تعتمد إدارة أوباما «مقاربة إقليمية» تقوم، من جهة، على مناقشة مختلف قضايا المنطقة العالقة مع دول المنطقة الصديقة وكذلك المعادية لأميركا كسورية وإيران. ومن ضمن هذه المقاربة، وجّهت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون دعوة إلى إيران لحضور مؤتمر دولي حول أفغانستان سيعقد في لاهاي يوم 31 مارس الجاري، والذي سيسبقه انعقاد اجتماع مجموعة شنغهاي (التي تضم روسيا، والصين، وكازاخستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان) يوم الجمعة 27 مارس، إذ أنه من المتوقع أن تشارك فيه إيران والولايات المتحدة الأميركية، بناء على دعوتين روسيتين موجهتين إليهما. وخصوصا أن المسألة تتعلق بأفغانستان، ولاسيما أن واشنطن تريد من طهران مساعدتها لوقف تهريب الأسلحة إلى أفغانستان، وتعاونها المكثف في ملاحقة عناصر حركة «طالبان»، علما أن التحالف في جانبه الموضوعي كان قائما بين أميركا وإيران، لجهة إسقاط نظام «طالبان» في حرب أفغانستان 2001 أولاً، ولجهة أيضا إسقاط نظام صدام حسين في حرب العراق 2003 ثانياً، الذي أخل بالتوازنات نهائيا في المشرق العربي، ما أفسح في المجال للتمدد الإيراني سياسيا وطائفيا في العراق، خصوصا بعدما استلمت الأحزاب العراقية الحليفة لها السلطة في بغداد تحت غطاء أميركي، ولاتزال المصلحة قائمة أيضا لجهة الرفض المشترك لعودة حركة «طالبان» هذه إلى السلطة من جديد في كابول، ثالثاً. يعتبر المحللون الغربيون أن مبادرة الرئيس الأميركي أوباما في اتجاه فتح الحوار مع إيران بمنزلة الحركة التاريخية، لأنها تؤكد على بدء إذابة الجليد بعد ثلاثين سنة من القطيعة في العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، أي منذ احتجاز الرهائن في السفارة الأميركية في طهران، الذي مكّن إيران من الانتقال إلى موقع العدو لواشنطن في الشرق الأوسط. يبدو أن الدبلوماسية الأميركية مستعدة للقيام بانعطافة كبيرة، من خلال تجسيد القطيعة مع القرار الذي اتخذه الرئيس السابق جورج بوش في 29 يناير 2002، حين صنف إيران، وعراق صدام حسين، وكوريا الشمالية، في «محور الشر» الداعم للإرهاب. هذا الانقلاب الكامل إذا ما تأكد، يستحضر سابقة لا تزال حاضرة في الذاكرة التاريخية، إذ قام الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون بأول زيارة تاريخية للصين الشيوعية التي كانت معادية للولايات المتحدة، والتقى بزعيمها آنذاك الراحل ماوتسي تونغ، وأقام علاقات دبلوماسية مع بكين. كانت الولايات المتحدة الأميركية في ذلك الوقت تبحث عن مخرج مشرف للانسحاب من الحرب في فيتنام، وتوسيع رقعة التحالفات الدبلوماسية في «الحرب الباردة» ضد الاتحاد السوفييتي السابق. وعشية الرحلة إلى بكين، كان الرئيس نيكسون قد كتب على عجل عناوين القضايا التي سيناقشها مع الرئيس ماوتسي تونغ، الأولى: تايوان باعتبارها القضية المركزية للصين، التي ربطتها بتخفيض الوجود العسكري الأميركي في المنطقة.. والثانية: الأكثر خطورة، فيتنام. ليس من شك، أن تلك الظروف التي سادت أجواء الحرب الباردة في عهد نيكسون مختلفة كليا عن الظروف الراهنة التي يعيش فيها الرئيس الأميركي أوباما. ومع ذلك، فإن القضية المركزية للقيادة في طهران تتمثل في الضمانات الأمنية للنظام الإيراني، الذي يريد أن يتأكد أن واشنطن كفّت عن التخطيط لتغييره، إضافة إلى الاعتراف بإيران كقوة إقليمية صاعدة تمتلك المقومات الأساسية للعب دور إقليمي فاعل في المنطقة من كتلة بشرية ضخمة (73 مليون نسمة، مقابل 30 مليونا) للعراق، الذي لم يوجد كدولة مستقلة إلا في العام 1922، ومن الثروة النفطية والغازية الهائلة، حيث يصل الناتج المحلي الإجمالي للفرد 5310 دولارات. ويقوم المشروع الإيراني على فرضية مفادها أن توازن الرعب في الخليج، والحضور الإيراني المكثف الذي يمتد من غرب أفغانستان إلى سورية ولبنان سيضغط على واشنطن لقبول إيران كشريك إقليمي أبرز، وبالتالي تقاسم المصالح والنفوذ في العالم العربي، في جغرافيته ونفطه وموارده. وفي المقابل تريد واشنطن من طهران التعاون معها للخروج من مأزقها في كل من أفغانستان والعراق وملاحقة الإرهابيين، ومنع إيران من امتلاك السلاح النووي، مقابل سلة من الحوافز لإيران بينها ضمانات بعدم تغيير النظام، وبدائل للبرنامج النووي مثل تخصيب اليورانيوم بكميات تكفي لإنتاج الطاقة النووية السلمية خارج الأراضي الإيرانية (روسيا) على أن يباع لطهران بسعر تشجيعي أقل من السوق. وتظل الأولوية لإيران تكمن في تحقيق طموحاتها النووية التي تخدم بالضرورة دورها الإقليمي الفاعل في منطقة الخليج العربي، والشرق الأوسط عموما، مستغلة غياب الدور الإقليمي العربي، وانتهاجها استراتيجية «الممانعة»، أي مواجهة إسرائيل عبر الحركات الإسلامية الجهادية في لبنان وفلسطين في ظل انسداد مسارات التسوية للصراع العربي- الصهيوني الذي تنخرط فيه الدول العربية الرئيسية بأشكال متفاوتة، ومواجهة أميركا عبر حلفائها في العراق، الأمر الذي يظهر إيران في أعين الشعوب العربية كقوة «تغيير» في مقابل عجز الدول العربية. علماً أن إيران ليست قوة متصادمة مع المصالح الأميركية في المنطقة، ولكنها «قوة براغماتية » تعارض النسق الحالي لهذه المصالح وموقعها في إطاره. ولذلك يمكن رؤية الصراع المحتدم بين إيران وإسرائيل على أنه- في أحد وجوهه- تنافس على دور الوكيل الوحيد لواشنطن في منطقة منزوعة المشاريع العربية، على حد قول مدير مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية في القاهرة، الدكتور مصطفى اللباد. فهل ستقبل واشنطن بدور إقليمي لإيران؟ المنطق والعقل يقولان إن احتمالات التغيير في ديناميكية العلاقة بين أميركا وإيران ممكنة من دون التخلي عن الثوابت والهواجس للبلدين. 
(المصدر: صحيفة أوان (يومية – كويتية)، رأي، بتاريخ 1أبريل 2009)

معضلة بنيوية في صلب النظام العربي

 


حسن نافعة   حين انعقدت قمة دمشق، والتي التأم شملها بصعوبة بالغة في مثل هذه الأيام من العام الماضي، بدت الجامعة العربية حينئذ وكأنها دخلت في حال موت سريري ولم يعد أمام الدول المتناحرة تحت خيمتها الممزّقة سوى وقف العمل بأجهزة التنفس الصناعي التي تصلها بعالم لم تعد قادرة على البقاء فيه! ويبدو أن الدول المتحلقة حول الجسد المسجى بلا حراك أدركت أنها غير قادرة حتى على اتخاذ قرار حاسم من هذا النوع. فقطع أجهزة التنفس الصناعي عن جسد حرصوا طويلاً على إبقائه نابضًا بلا حراك لا بد أن تتبعه سلسلة أخرى من القرارات ربما كان أهمها: وماذا بعد؟ هنا اكتشف الجميع أنه لن يكون أمامهم سوى واحد من بديلين: الأول، أن يمضي كل إلى حال سبيله باحثاً عن خلاصه بنفسه، والثاني: أن يضربوا خيمة أو مظلة أخرى تقيهم شر عواصف الصحراء المتجمعة في الأفق! وعندما بدأت الدول المتناحرة في حساب المكسب والخسارة، تبين لها أن الكلفة هي أكبر من قدرتها على حملها؛ لذا اختارت الحل الأسهل وقررت ترك أجهزة التنفس الصناعي تقوم بمهمتها إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا. هكذا بدا لي حال الأمة عشية قمة دمشق. ولأن دوام الحال من المحال، فبعد قمة دمشق لم يكن باستطاعة الدول التي آثرت القعود ولم تذهب أصلا أن تعود للتحصّن من جديد داخل خنادقها القديمة. فسرعان ما هبت على العالم وعلى المنطقة رياح عاتية وصلت ذروتها مع الأزمة المالية العالمية، والتي أتت على مدخرات الأغنياء منهم، وبالحرب العدوانية على غزة، والتي سفكت دماء الفقراء منهم. وبدلا من أن يفيق الزعماء العرب من غفوتهم ويتنبهوا إلى حقيقة ما يدور حولهم ويتناسوا خلافاتهم ويتضامنوا لمواجهة الأخطار الزاحفة نحوهم والمحدقة بهم، راح كل منهم يسعى عبثاً للنجاة بنفسه. وإذا كانت تأثيرات الأزمة المالية راحت تتسرب في الأخاديد العربية الغائرة فإن دماء ضحايا الحرب على غزة راحت تسيل أنهاراً وتصل عبر القنوات الفضائية إلى داخل غرف نوم الجميع. وحين طالت الحرب الإجرامية الى أكثر مما توقع الكثيرون، نتيجة الصمود البطولي المذهل وغير المتوقع للمقاومة الفلسطينية، بدأ الشارع العربي يتحرك مطالباً بوقف المجزرة الرهيبة، وراح يضغط على الموقف الرسمي إلى أن انفجر من داخله في شكل «حرب قمم» اندلعت مع انعقاد قمة الدوحة وامتدت نيرانها إلى شرم الشيخ إلى أن وصلت ألسنة لهبها إلى الكويت والتي لم يستبعد البعض أن تنتهي قمتها بإعلان وفاة الجامعة العربية رسميّاً. غير أن تحركاً مفاجئاً وغير متوقع من جانب خادم الحرمين الشريفين نجح في وقف الاندفاع نحو الهاوية السحيقة في اللحظة الأخيرة. لم يدر بخيال أحد أن يتمكن التحرك السعودي من إحداث تغيير درامي في نمط التفاعلات العربية، والذي كان قد وصل ذروة حالته الصراعية، وإنما كان أقصى ما تطلع إليه أكثر المتفائلين جنوحاً أن ينجح في وقف الاندفاع نحو الهاوية، وأن تتواصل الجهود لترميم ما تهدم قبل أن يحين موعد انعقاد قمة الدوحة، وهو ما حدث بالفعل. فبعد نجاح السعودية في التوصل إلى ما يشبه الهدنة في قمة الكويت، سعت لتنقية الأجواء في علاقاتها المتوترة مع سورية أولا، ثم راحت تحاول تخفيف حدة الاحتقان في العلاقات المصربة السورية الأكثر توتراً ليصبح الطريق ممهداً لانعقاد قمة رباعية في الرياض، شاركت فيها الكويت مع السعودية ومصر وسورية. وهنا فقط بدأ الأمل يراود الكثيرين في إمكانية التئام حبات العقد العربي مرة أخرى خصوصاً أن المثلث المصري السعودي السوري، والذي لعب دوماً دور القاطرة في النظام العربي، بدا وكأنه يعود إلى الحياة من جديد. لذا توقع الكثيرون أن تصبح قمة الدوحة هي «أم القمم»، كما أطلق عليها البعض، وأن تشهد انطلاقة جديدة على طريق العمل العربي المشترك. صحيح أنه كان واضحاً أن القمة الرباعية لم تتمكن من تنقية الأجواء العربية بالكامل بعد، خصوصا بعد أن راح البعض يحاول صك مصطلحات جديدة على الطريقة الأميركية ويتحدث عن «إدارة الخلافات»، غير أن ذلك بدا أمراً طبيعياً بالنسبة الى عملية «ولادة متعسرة» لمصالحة عربية تجري في ظروف بالغة التعقيد. لذا لم يدر بخلد أحد أن مفاجأة سيئة من العيار الثقيل تنتظر قمة الدوحة. فقد لاحظ الجميع على الفور عدم مشاركة وزير الخارجية المصري في الاجتماع التحضيري للقمة العربية واكتفائه بإرسال مدير مكتبه لينوب عنه في الاجتماع، وما هي إلا ساعات قليلة حتى تبيّن أن الرئيس حسني مبارك لن يأتي إلى الدوحة وأن وفداً برئاسة وزير الشؤون البرلمانية والقانونية سيمثل مصر في القمة. كنت، مثل كثيرين غيري، أدرك أن الأجواء ليست صافية بين القاهرة والدوحة، وأن الرئيس مبارك غاضب من قطر ويحس «بعدم ارتياح» للطريقة التي تصرفت بها إبان العدوان الإسرائيلي على غزة. غير أنني تصورت أن لقاء الرجلين وجها لوجه في قمة الكويت وحضورهما جلسة المصالحة التي رعاها خادم الحرمين الشرفين، قد خفف من حدة التوتر بينهما. وحتى مع افتراض أن ذلك لم يتم، فلم أتصور قط أن يصل الأمر إلى حد امتناع الرئيس مبارك عن المشاركة في قمة الدوحة، بل وتعمّده تخفيض مستوى تمثيل مصر في هذه القمة.  لا أريد هنا أن أدخل في تحليلات تتعلق بالأسباب التي أدت إلى امتناع الرئيس مبارك عن المشاركة في قمة الدوحة، فلهذا مكان ومقال آخر، لكنني أودّ أن أقول إن هذا القرار يشي بما هو قادم من عظائم الأمور. فخلف الأسباب المعلنة، والتي تبدو لي قليلة الاهمية بالنظر إلى خطورة القرار وحساسية اللحظة، والتي تبذل فيها جهود مضنية للمّ الشمل العربي، وهي جهود تقوم مصر نفسها بدور مهم للغاية فيها من خلال مساعيها للمّ الشمل الفلسطيني، توجد أسباب خفية لا مجال للخوض فيها الآن. لكنني أود هنا أن ألفت النظر إلى أمر يبدو لي بالغ الأهمية وهو عدم اتساق هذا القرار مع المفهوم الصحيح لمصطلح «إدارة الخلافات» والذي حاولت الجامعة العربية أن تؤكد أن العرب اتفقوا عليه. فمفهوم «إدارة الخلافات» يعني في أحد أبعاده المهمة أن لا تأخذ الخلافات طابعاً شخصياً وأن يتم الاحتكام إلى قواعد عامة وإلى آليات مؤسسية لحسمها. لكن إذا اعتبر كل زعيم دولة أن خلافه مع زعيم دولة أخرى هو مبرر كاف لمقاطعة المؤسسة المنوط بها أو التي يفترض أن يتم الاحتكام إليها لمناقشة وحسم الخلافات، فمن شأن هذا الموقف أن يضعف من آلية حسم الخلافات نفسها، بدلا من تقويتها. لا أريد أن أقلل من أهمية أجواء المصالحة التي سادت في قمة قطر، أو من الجهد المبذول للوصول بهذه المصالحة إلى المستوى الذي يسمح بالشروع في بناء نظام عربي أكثر قدرة وفاعلية، وأتمنى من كل قلبي أن تنجح الجهود الرامية لتصفية وتنقية الأجواء بين الرئيس مبارك والشيخ حمد بن خليفة، وبين العقيد القذافي وخادم الحرمين الشريفين، وبين جميع القادة والزعماء الذين لا يمكن للنظام العربي أن ينطلق من دونهم. غير أنه يجب أن يكون واضحاً أن المصالحة بين القادة ليست هدفاً وإنما وسيلة لتحقيق هدف، وهو تحصين مناعة الأمة لتمكينها من مواجهة المؤامرات الخطيرة التي تحاك لها ليس من خارجها فقط ولكن من داخلها أيضاً. ومع ذلك فالأمانة تقضي أن نتجنب خداع النفس وأن نعترف بوجود معضلة بنيوية في صلب النظام العربي. فلا يمكن «إدارة الخلافات» من دون «مؤسسات» أو «آليات» منضبطة تدار وفق قواعد واضحة ومحددة ومقبولة من الجميع وملزمة لهم. لكن كيف يمكن لدول عربية ليست لديها مؤسسات ولا تعرف حكم المؤسسات في الداخل أن تقيم مؤسسات تحتكم إليها على مستوى الإقليم؟ للأسف لن تكون هناك مؤسسات عربية فاعلة قبل أن تكون هناك مؤسسات قُطرية أو وطنية فاعلة. لذا يبدو لي أننا نشهد «نهاية» مرحلة لكنني لا أرى بعد معالم أي «بداية» لمرحلة جديدة! —————- * كاتب مصري   (المصدر: جريدة الحياة (يومية – بريطانيا) بتاريخ 1 أفريل 2009)  
 


للكبار حسابات أخرى

فهمي هويدي (*) الغياب المصري عن قمة الدوحة صدم كثيرين وحير آخرين. ليس فقط لأن الأسباب التى تحدثت عنها بعض الصحف المصرية بدت غير مقنعة، ولكن أيضا لأن غياب «الشقيقة الكبرى» تم في الوقت الذي يتحدث فيه الجميع عن «المصالحة العربية»،حتى ذهب التفاؤل بوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل حدا جعله يعلن في وقت سابق أن الخلافات العربية «دفنت». وإذا أردنا أن نكون أكثر دقة فسوف نجد أن جسور التفاهم والصفاء امتدت بصورة نسبية بين سوريا والسعودية وقطر وليبيا، لكن تلك الجسور مازالت قاصرة عن تحقيق نفس القدر من الصفاء بين القاهرة ودمشق، وبينها وبين قطر. وهو ما ترتب عليه مقاطعة الرئيس مبارك للقمة العربية في دمشق التي عقدت خلال الصيف الماضى، ومقاطعته وسعيه لإفشال القمة التي دعت إليها الدوحة بعد العدوان الإسرائيلي في غزة. وإذا صحت التقارير التي أذيعت مؤخرا، فإن الرئيس مبارك أبدى تحفظا على مشاركة قطر في القمة الرباعية التي دعت إليها السعودية وعقدت بالرياض في أوائل الشهر الحالي. ولم يحضر وزير الخارجية المصري مؤتمر وزراء الخارجية العرب الذي سبق قمة الدوحة الأخيرة، كما لم يحضر وزير التجارة المصري اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي انعقد بالعاصمة القطرية في ذات الوقت. وغياب الرئيس المصري عن القمة العربية أدى إلى غيابه عن القمة العربية اللاتينية التي عقدت مباشرة بعد القمة العربية. هذا الغياب المصري المتكرر عن أكثر من محفل عربي مهم خلف فراغا شغله آخرون، وأعطى انطباعا للمعنيين بأمر العمل العربى المشترك بأنه ينبغي عليهم أن يتكيفوا مع هذا الوضع، بحيث يواصلون السير في غياب مصر. التي ما برحت تتحدث في بعض المحافل عن دورها «الريادي» في العالم العربي. غياب الرئيس المصري عن قمة الدوحة لم يقدم له أي تفسير رسمي، باستثناء ما قاله السفير حسام زكي المتحدث باسم الخارجية المصرية من أن الذين يخاطبون مصر باعتبارها «الشقيقة الكبرى» عليهم أن يخاطبوها بصورة تتناسب مع الاحترام الواجب لمقامها. وهو ما أعطى انطباعا بأن مصر الرسمية مستاءة من أسلوب تعامل الدوحة معها. وهو المعنى الذي عبرت عنه اجتهادات متعددة ظهرت في الصحف القومية، تحدثت عن تخطي قطر لمصر في عدة ملفات، يتقدمها الملفان الفلسطيني والسوداني، كما تحدثت عن دور قناة «الجزيرة» والآراء الناقدة للسياسة المصرية التي تبثها على ألسنة ضيوفها، خصوصا تلك التي صدرت أثناء العدوان على غزة، وسببت ضيقا وإحراجا شديدين لمصر. هناك أيضا من أشار إلى استضافة قطر للدكتور سعد الدين إبراهيم الذي لا يكف عن التنديد بالسياسة المصرية حيثما ذهب.. قلت لأحد الدبلوماسيين المخضرمين إن مثل هذه الأسباب ــ إذا صحت ــ فلا ينبغي أن تمنع دولة كبيرة بحجم مصر من حضور القمة العربية، وأن الكبار حقا ينبغى أن يستعلوا فوق الأمور الفرعية والصغيرة، بحيث ينطلقون في مواقفهم من تقديرهم للمصالح الاستراتيجية العليا لبلادهم. وهو ما يذكرنا بحكاية الشارع في طهران، الذي مازالت اللافتة المعلقة عليه من أسباب تعطيل «تطبيع العلاقات» بين مصر وإيران. حينئذ رد علىّ صاحبنا قائلا: إن بعض المحللين يقعون في الخطأ حين يبحثون عن أسباب موضوعية للتوتر الحاصل بين الزعماء العرب. فى حين أن الأسباب الشخصية، التي من بينها عدم «الاستلطاف»، قد تكون فاعلة في توتير تلك العلاقات وربما قطعها. وهو ما حدث في عهد الرئىس السادات الذي لم يتوافق مزاجه مع العقيد القذافي، فكان ذلك سببا لقطع العلاقات بين البلدين لمدة تجاوزت عشر سنوات، وحين سألته عما إذا كان ذلك حاصلا الآن مع قطر، قال: إنه خارج الصورة ولا يعرف، ولا يريد أن يصدق أن ثمة سببا موضوعيا للخلاف بين مصر وقطر.  (*) كاتب ومفكر من مصر (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 1 أفريل 2009)


لماذا سعت الشقيقة الكبرى لإفشال قمة الدوحة؟!


ياسر الزعاترة (*)  إضافة إلى حضور الرئيس السوداني عمر البشير لقمة الدوحة (دعك من قنابل القذافي لأنها تقليدية)، كان الغياب المصري هو الحدث الأبرز الذي ألقى بظلاله على القمة، لاسيما بعد تهبيط مستوى التمثيل إلى درجة منخفضة جدا، الأمر الذي بدا نوعاً من الإهانة المقصودة للدولة المضيفة، والتي يتوقع أن ترد بطرق مختلفة بعد اختتام القمة. لا حاجة إلى القول إن موقف النظام المصري قد جاء رداً على مواقف قطر من حرب غزة والملف الفلسطيني (إفشال قمة الدوحة المخصصة لحرب غزة كان بتوقيع مصري أيضاً)، وكذلك السوداني، وربما الصومالي أيضاً (مواقف الجزيرة حاضرة بقوة في السياق)، وهي مواقف يرى فيها ذلك النظام مزايدة عليه وسرقة لدوره، من دون أن يكلف نفسه عناء السؤال عن السبب الحقيقي لتراجع دوره وحضوره. هكذا وجد النظام المصري نفسه مرة أخرى في دائرة الاتهام، وكما نظرت الجماهير إليه بوصفه شريكا في الحرب على القطاع، ها هي تراه عنوانا لإفشال العمل العربي المشترك في لحظة بالغة الحساسية من تاريخ المنطقة. لا يعني ذلك أن الجماهير كانت تعوّل كثيرا على هذه القمة، ولكن الثابت أيضا أن المرحلة السابقة قد شهدت تباينا في المواقف العربية الرسمية على نحو لم يعد يسمح بوضع جميع الأنظمة في سلة واحدة. صحيح أن سقف المواطن العربي يبقى على الدوام أعلى بكثير من سقف أي نظام عربي، لكن ذلك لا ينفي صعوبة وضع مواقف النظام المصري خلال السنوات الماضية في ذات السلة مع مواقف سوريا أو قطر على سبيل المثال. من المؤكد أن العمل العربي المشترك، تحديدا في المنطقة الأكثر سخونة في العالم العربي، لا يقوم إلا أعمدة ثلاثة هي مصر والسعودية وسوريا، وعندما تماسك هذا المحور إثر قمة الإسكندرية الثلاثية نوفمبر 1994، تمكن من التصدي لمحاولة اختراق إسرائيلية شرسة عبر اتفاق أوسلو استغلت التفوق الأميركي الدولي إبان ولايتي كلينتون الأولى والثانية. لكن الموقف ما لبث أن انقلب مع ملامح احتلال العراق، والسبب الأكثر وضوحا لهذا الانقلاب يتمثل في ملامح التوريث في مصر، فضلا عن إرادة التخلص من الضغوط المتعلقة بالإصلاح. وفي السعودية كانت صراعات أجنحة الحكم تجعل البلد عرضة للضغوط، لاسيما إثر المخاوف التي ترتبت على هجمات سبتمبر وما ترتب عليها من اتهام للمملكة بتصدير الإرهاب. في قمة الدوحة، وفي وقت كانت فيه العلاقة السعودية القطرية تمر بمرحلة نادرة من الدفء خلال السنوات الماضية، فإن الموقف المصري كان متفرداً إلى حد كبير، من دون أن يعني ذلك أن حضور الرئيس المصري للقمة كان سيغير في قراراتها، وعموماً فإن اتخاذ القرارات شيء وتنفيذها شيء آخر. من دون تغير حقيقي في بوصلة الموقف المصري، فإن الوضع العربي لن يقلع، بصرف النظر عن أية قرارات عابرة هنا وهناك, والمؤسف أن التغير المذكور لا يلوح في الأفق رغم توفر أجواء دولية مواتية، وبالطبع في ظل تخبط الولايات المتحدة في أزماتها المالية، وقبل ذلك وبعده في الوضع العراقي والأفغاني. الأسوأ بالطبع أن التراجع العربي يأتي في ظل مجيء نتنياهو إلى السلطة في الدولة العبرية بخطاب مختلف ينطوي على قدر كبير من الاستخفاف بالعرب والفلسطينيين، وبالضرورة بالشقيقة الكبرى. لو كان بؤس الموقف المصري منحصراً في الملف الفلسطيني لقلنا إنه الرفض لإمارة إسلامية في القطاع يرأسها «إخوانيون» من ذات اللون المطارد في مصر، لكنه تراجع يشمل الملف السوداني والملف العراقي والصومالي، بينما يركز على تناقض مع إيران، ليس بروحية التصدي العملي لطموحاتها، وإنما بروحية ترويج خطاب أميركي هدفه حصارها وعزلها وشطب مشروعها النووي لحساب الأجندة الإسرائيلية. أياً كان أمر هذه القمة الجديدة، فقد فعلت قطر ما عليها ووفرت أفضل أجواء النجاح، وهو ما كان على الصعيد الشكلي، وبدرجة أقل على صعيد بعض القرارات، لكن التحول الحقيقي في الموقف العربي لن يحدث من دون تغير الموقف المصري. أما حالة الانقسام القائمة بين من يسمون دول محور «الاعتدال» وبين محور المقاومة والممانعة، فهي إيجابية في غياب الاتفاق على بوصلة صائبة، ألم تشكل سداً أمام مزيد من تدهور الوضع العربي، في ذات الوقت الذي تمكنت فيه من إفشال الكثير من المخططات الأميركية الإسرائيلية في المنطقة؟ (*) كاتب فلسطيني (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 1 أفريل 2009)  


جذور الأصولية العلمانية وأهوالها!

نصر شمالي تحدّث جنود إسرائيليون مؤخّراً عن تعليمات أعطيت إليهم بقتل النساء والأطفال في غزّة وإن من دون مبرّر، كذلك شاهدنا شعارات إسرائيلية مرفوعة علناً تدعو صراحة إلى قتل الأمهات الفلسطينيات الحوامل تحديداً! وفي الحالتين، بل في جميع الحالات التي تحضّ على إبادة الجنس العربي الفلسطيني، لم يكن واضحاً أنّ الدعوة لارتكاب مثل هذه الجرائم مصدرها المتديّنين اليهود وحدهم، أو أكثر من غيرهم، فقد دعا العلمانيون الإسرائيليون لارتكابها ومارسوها أكثر بكثير من المتديّنين، منذ ما قبل إقامة الكيان الإسرائيلي وحتى يومنا هذا، وبما أنّ الحكم على مجتمع آخر أو شعب آخر بالاستئصال والإبادة هو أقصى وأخطر ما يمكن توقعه من الأصولية والأصوليين فإنّ ما يحدث في فلسطين اليوم، كما في جميع الأزمنة والأمكنة، يقطع بأنّ الأصولية ليست وقفاً على المتدينين من أتباع أيّ دين، بل هي تشمل العلمانيين أيضاً، وقد سمعنا عن الباحث الإسرائيلي العلماني الدكتور أمنون رازكوراكشين قوله: ‘الربّ غير موجود، لكنّه وعدنا بالأرض’! ونحن نعلم أنّ وعداً قطع للمستوطنين الصهاينة باستلام فلسطين خالية من السكان، وكان ذلك يعني بالطبع السماح لهم مسبقاً بتطهيرها لاحقاً من سكانها! وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحيم بيغن قد خاطب جنوده قائلاً: ‘أنتم الإسرائيليون لا ينبغي أن تكونوا رؤوفين حين تقتلون عدوكم، وينبغي أن لا تشفقوا عليه ما دمنا لم نقض بعد على ما يسمّى بالثقافة العربية ولم نبن على أنقاضها حضارتنا نحن’! فإذا كان بيغن حيروتياً ليكودياً يمينياً فقد رأينا ما فعله المعراخي العمالي العلماني اليساري شمعون بيريس في قانا اللبنانية تحديداً، وعلى سبيل المثال لا الحصر! إنّ الأصولية في تعريفها هي ادعاء طرف واحد أنّه يملك الحقيقة لوحده، وأنّ من حقّه احتكار المعرفة، وممارسة التقريب والإقصاء والتحليل والتحريم والعفو والقتل تجاه الغير، فهل يمكن اقتصار هذا التعريف على المتديّنين وحدهم وعلى الأديان السماوية وحدها؟ في الواقع إنّ العلمانية السائدة اليوم، سواء في مراكز إنتاجها شمالاً أم في أسواق اقتنائها جنوباً، هي في جوهرها الصورة الحديثة لتلك الأصولية الأوروبية الامريكية القديمة التي تطوّر خطابها من ديني إلى علماني، ولعلّ جذورها تعود إلى الحركة اللوثرية الإصلاحية الدينية، فاللوثرية هي التي وضعت الأسس المتينة للعلمانية الإنكليزية/الامريكية خصوصاً والأوروبية عموماً، أي للديانة الدنيوية ‘المالية’ وآلهتها ورموزها في لندن وواشنطن، وفي بقية العواصم غير البروتستانتية أيضاً! ونحن لا ندري إن كان المؤسس مارتن لوثر (1483-1546) قد تنبّأ أو أدرك ما سوف يترتّب على انتصار مذهبه من اجتهادات علمانية وسياسات ربوية دولية مدمّرة، لكننا نعلم أنّه أكّد على أنّ الملكية (التملّك) هي المعيار للتفريق بين الإنسان والحيوان، من دون أن يحدّد لها سقفاً، وأنّه اتّهم القديس فرنسيس الأسّيزي باختلال العقل والطيش والحمق، وبأنّه شرّير، وذلك بسبب دعوته أتباعه إلى التخلّي للفقراء عن بعض ما يملكونه! في أواسط القرن السابع عشر، بعد ظهور لوثر واللوثرية بحوالي قرن من الزمان، ظهر القائد اللوثري الإنكليزي الكبير أوليفر كرومويل الذي أسس للدولة العلمانية الليبرالية الديمقراطية البريطانية، والذي في عهده، في العام 1649، ظهرت أول وثيقة إنكليزية مكتوبة تعد اليهود باستيطان فلسطين (مقابل انخراطهم في عملية بناء الإمبراطورية البريطانية طبعاً) أمّا في أمريكا الشمالية فقد ظهر القائد اللوثري الإنكليزي الآخر جورج واشنطن (1732-1799) الذي أقام عاصمته واشنطن على ركام وجثث مدينة ‘هندية’ أبيدت عن بكرة أبيها في العام 1623، لكنّه لم يتردّد في القول أنّ عاصمته تنهض على أرض موحشة عذراء كانت مغمورة بالمستنقعات! وهو لم يكن يقول الحقّ، فالمدينة ‘الهندية’ كانت تعجّ بالحياة الاجتماعية والاقتصادية، حيث المساكن الجميلة والأسواق الحرفية والتجارية النشطة. وكان جورج واشنطن قد أصدر أوامره، في العام 1779، إلى الجنرال جون سوليفان بأن يحيل مدن شعب الأوركوا العامرة المزدهرة إلى خراب، وأن لا يصغي إلى نداءات السلام حتى تمحى مدنهم وقراهم وآثارهم عن وجه الأرض! وبعد أن نفّذ الجنرال التعليمات كتب إلى قائده يبشّره: ‘تحوّلت المنطقة الجميلة من حدائق بديعة إلى أطلال مهجورة تثير الرعب والمقت’! وقد وصف جورج واشنطن ذلك بأنّه: ‘الأضرار الهامشية التي ترافق انتشار الحضارة’! تماماً كما هو الحال في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها اليوم! أمّا توماس جيفرسون، القائد الأمريكي الإنكليزي اللوثري العلماني الآخر، رسول الحرية الامريكية وصاحب وثيقة الاستقلال الأمريكي، فقد كتب يقول أثناء عمليات الإبادة الشاملة للشعوب ‘الهندية’ التي كانت تعدّ عشرات الملايين: ‘نعم، إنّهم قد يقتلون أفراداً منّا، لكنّنا سنفنيهم ونمحو آثارهم عن وجه الأرض، فنحن مجبرون على قتل هؤلاء الوحوش أو طردهم إلى الجرود مع وحوش الغابات’! إنّه الكلام الإسرائيلي والفعل الإسرائيلي في فلسطين بالضبط! وإنّ قول جيفرسون بأنّ الهنود سوف يقتلون أفراداً من جماعته لا يعني أنّهم سيفعلون ذلك وهم يهاجمونه، بل وهو يطاردهم لإفنائهم سواء قاوموه أو لم يقاوموه! ما هي الأصولية الرهيبة الحقيقية السائدة اليوم إن لم تكن هذه التي تمارسها العواصم العلمانية الليبرالية الديمقراطية؟ هل هي أصولية الضعفاء المحرومين، شبه العزّل، الذين يمارسون ردود أفعال مفهومة ومتوقعة، والذين تجري مطاردتهم على مدار الساعة سواء قاوموا أم لم يقاوموا وهاجموا أم لم يهاجموا، حيث أحفاد وأتباع كرومويل وواشنطن وجيفرسون يصرّون على إفنائهم، خاصة في فلسطين، ويرون في ما يترتّب على ذلك مجرّد ‘أضرار هامشية ترافق انتشار الحضارة’! ‘ كاتب سوري  

بسم الله الرحمن الرحيم

الشخصية اليهودية من خلال القرآن والسنّة


كتبه : د/ محمد الأمين إسماعيل السبيل أونلاين – خاص من اليسير جدا التعرف إلى الشخصية اليهودية من خلال القرآن الكريم، ذلك أن القرآن الكريم فصّلها وبينها بيانا دقيقا لم يبقى بعده لبس ولا إشكال. لقد عاش بنو إسرائيل في مصر منذ استقدم يوسف أبويه إليها قال تعالى: {اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ } (يوسف93) وقال عز من قائل{فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ } (يوسف99). ومدينة مصر التي دخلها يعقوب وأبناؤه هي قاعدة مصر السفلى التي يحكمها قبائل من الكنعانيين عرفوا عند القبط باسم ( الهيكسوس ) أي الرعاة. وكانت مصر العليا المعروفة اليوم بالصعيد تحت حكم فراعنة القبط. وكانت حكومة مصر العليا أيامئذٍ مستضعفة لغلبة الكنعانيين على معظم القطر وأجوده. وكانت معاشرة الإسرائيليين للمصريين حسنة زمناً طويلاً غير أن الإسرائيليين قد حافظوا على دينهم ولغتهم وعاداتهم فلم يعبدوا آلهة المصريين، ومكث الإسرائيليون على ذلك نحواً من أربعمائة سنة تغلّب في خلالها ملوك المصريين على ملوك العمالقة وطردوهم من مصر حتى ظهرت في مصر العائلة التاسعة عشرة وملك ملوكها جميع البلاد المصرية ونبغ فيهم رعمسيس الثاني الملقب بالأكبر، فحدث سوء ظنون بالإسرائيليين حيث خشي فرعون أن يكون الإسرائيليون أعواناً لأعدائه عليه أولعله اطلع على مساعدة منهم للعمالقة فأمر باستئصالهم وكلفهم أشق الأعمال وسخرهم في خدمة المزارع والمباني، كما كان يأمر بقتل أبنائهم وسبي نسائهم وتسخير كبارهم. والحاصل أن التاريخ يفيد على الإجمال أن عداوة عظيمة نشأت بين القبط واليهود آلت إلى أن استأصل القبط الإسرائيليين. وقد أجملها القرآن إذ كانت تفاصيلها لا يتعلق بها غرض ذي بال، قال تعالى: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ }( البقرة49) وسوء العذاب أشده وأفظعه وهو عذاب التسخير والإرهاق وتسليط العقاب الشديد والاستعباد، قال تعالى على لسان موسى: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ } الشعراء22. وقال على لسان آل فرعون: { أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ }المؤمنون47.   وقد نشأت في بني إسرائيل من طول فترة الاستعباد أخلاق سيئة جدّا، ولقد وصفهم المولى عز وجل بأوصاف عديدة، منها: نقض المواثيق، الغرور ودعوى الأفضلية، والعصيان، والسفاهة، وإيذاء الأنبياء وقتلهم، وقلة الأدب مع الله ورسله، والتحريف، والعدوان، وقسوة القلب، والدعوة إلى الفتنة وإيقاد نيران الحروب، والفسوق والغدر، والجبن. ـ نقض العهود: { أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } (البقرة100-101) والمراد بالعهد عهد التوراة وما اشتملت عليه من أخذ العهد على بني إسرائيل بالعمل بما أمروا به أخذاً مكرراً حتى سميت التوراة بالعهد، قال تعالى: {وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ } (آل عمران187)وقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ } (البقرة83) وقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ } (البقرة84). الغرور ودعوى الأفضلية: قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ } (المائدة18) فالله – سبحانه – لم يجعل تفضيله لأحد من خلقه جزافاً ولا محاباة؛ ولا كرامة شخصية منقطعة عن أسبابها وشروطها عنده، إنما هو عقد مبناه على شرط وجزاء.   العصيان قوله تعالى: { وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}(البقرة61). ذكر المولى عز وجل في الآية ثلاثة عقوبات هي: الذلة والمسكنة والغضب. استحقوها بأربعة أوصاف هي: كفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء وعصيانهم و اعتدائهم. عبادة الأوثان: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ }(لمائدة60) ففي هذه الآية ذكر الله جملة عقوبات هي: اللعنة، والغضب، وأن جعل منهم القردة والخنازير بالمسخ، وعبادة الأوثان. وبذلك استحقوا أن يكونوا شر خلقه، وأضل خلقه عن سواء السبيل. (أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) السفاهة: قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ } (البقرة13) والسفاهة خفة العقل وقلة ضبطه للأمور. والعرب تطلق السفاهة على أفن الرأي وضعفه.   قتل الأنبياء: قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }آل عمران21 وقال تعالى {وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }آل عمران112. وقوله : { بغير حق } لتأكيد عبثية القتل إذ لا يكون قتل النبيّئين بحق. إيذاء الأنبياء قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى }( الأحزاب69)وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ }(الصف5) والمراد بالأذى عدم توخي طاعته ورضاه والوقوع في شخصه بالانتقاص.   قلة الأدب مع الله ورسله: من ذلك قوله تعالى على لسانهم: {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ }( البقرة93)وقولهم لموسى: { فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ }(لمائدة24)ا وقوله تعالى: { وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ } (المائدة64)وقولهم: { إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء} آل عمران181. التحريف: قال تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ}(البقرة59) وقال:{فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً} ( البقرة79)، وقال: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }(البقرة75)، وقال: { يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِه}(المائدة41) العناد: ومن ذلك قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ…} البقرة:(68ـ69ـ70) ترك المعالي وطلب السفاسف: قال تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا} (البقرة61) وفي الآية بيان لسوء اختيارهم في شهواتهم، مع ما في صيغة طلبهم من الجفاء وقلة الأدب مع الرسول ومع المنعم .   الذل والمسكنة: قال تعالى: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ) (البقرة61)، وقال: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاس}آل عمران112 الاعتداء: قال تعالى:( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ) (البقرة61)وقال تعالى:{وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }البقرة61}آل عمران112 وقال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ } (المائدة78) قسوة القلب: قال تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ الله}( البقرة74) إيقاد نيران الحروب والسعي في الأرض فسادا: قال تعالى{ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ } (المائدة64). وقال تعالى: {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ }( البقرة12)   الجبن: قال تعالى:{ {لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ }( الحشر13ـ14) وما تزال الأيام تكشف حقيقة الإعجاز في « تشخيص » حالة اليهود حيثما التقى المؤمنون بهم في أي زمان وفي أي مكان، وتبقى الملامح النفسية { بأسهم بينهم شديد} { تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى } على خلاف المؤمنين الذين تتضامن أجيالهم، وتجمعهم آصرة الإيمان من وراء فواصل الزمان والمكان، والجنس والوطن { ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } . والمظاهر قد تخدع فنرى تضامن الذين كفروا من أهل الكتاب فيما بينهم ، ونرى عصبيتهم بعضهم لبعض في معسكر واحد . ولكن الخبر الصادق من السماء يأتينا بأنهم ليسوا كذلك في حقيقتهم؛ إنما هو مظهر خارجي خادع. وبين الحين والحين ينكشف هذا الستار الخداع، وينكشف الحال عن نزاع في داخل المعسكر الواحد ، قائم على اختلاف المصالح وتفرق الأهواء ، وتصادم الاتجاهات. وما صدق المؤمنون مرة ، وتجمعت قلوبهم على الله حقاً إلا وانكشف المعسكر الآخر أمامهم عن هذه الاختلافات وهذا التضارب وهذا الرياء.   (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 31 مارس 2009 )  

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.