Home – Accueil – الرئيسية
TUNISNEWS
7 ème année, N° 2284 du 23.08.2006
الحزب الاجتماعي التحررى – اللجنة الشرعية لاعداد المؤتمر الاستثنائي: بـيـان توضيحي الحياة: سهى عرفات تنفي إنباء إسرائيلية عن نيتها الزواج
الصباح: جديد التنقيب عن البترول: 8 حقول جديدة دخلت حيز الإنتاج خلال الخمس سنوات الأخيرة
الصباح: كميات هامّة من زيت الزيتون مازالت داخل المعاصر منذ الموسم الفارط في انتظار التصدير
الحياة: عريضة لمنع مشاركة الدول الموقعة ضد قرار مجلس حقوق الإنسان في القوة الدولية محمد العروسي الهاني: أحياء ذكرى خمسينية إصدار مجلة الأحوال الشخصية و تحرير المرأة نصف المجتمع التونسي الهادي بريك: مشكلة المرأة التونسية مشكلة حرية بالاساس الصباح : الزواج على غير الصيغ القانونية: رأي القانون ومجلة الأحوال الشخصية
الحياة : تونسيات يقبلن على عمليات تجميل مؤقتة … تحسباً لـ «تقليعة» جديدة!
حقائق : العانسات والصيف:فتيات يغفل عنهن »النصيب »ولا يرحمهن المجتمع
حقائق: في أغرب قضيّة متشعّبة بصفاقس:أيّهما الظـالم ومن هو المظـلوم ؟
حقائق: مساءلات صيفيّة حقائق: في حوار مثير: مـحمد مواعدة يتحدّث عن أزمة الواقع العربي وعلاقة الإسلام بالديـمـقراطيّة والـحـياة السياسيّة فـي تونس
حقائق: ورقات من كتاب الرشيد إدريس » خيار العمر »(الأخيرة): ثورة الخبز وملاحظات لدعم الديمقراطيّة بعد 7 نوفمبر 1987
الصباح: أنطوان صفيّر في لقاء بالمرسى حول كتاب: «تونس أرض المفارقات»: أرفض حصر النقاش في ما هو سياسي فحسب
محمد بن رجب: بعض النخب الثقافية العربية صامتة الآن:هل هو «تكتيك» تقليدي أم هو أسلوب في التفكير؟!
الخبيـر الأممـي حاتـم قطران لـ«الصبــاح» «هذه انتهاكات إسرائيل لاتفاقيات جينيف والقانون الدولي الإنساني»
سويس إنفو: العفو الدولية: إسرائيل تعمدت ضرب أهداف مدنية
سويس إنفو : رئيس الوزراء الجزائري يتوقع تمديد مدة عفو في إطار خطة للمصالحة
سويس إنفو : عيون الجزائريين على الوظائف وليس على العدالة
رويترز: الاتحاد الاوروبي يمنح المغرب 67 مليون يورو للسيطرة على الهجرة
الحياة : هاجم «القطط السمينة» التي تُعرقل البناء «تحت شعار حماية الثورة» … سيف الإسلام القذافي: لا دستور في ليبيا ولا صحافة ولا ديموقراطية
منذر اللاوي: بين الزنزانة والمنفي: ما قل ودل من خواطر لاجيء سياسي
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين »
حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:
بعد عملية القرصنة الجبانة والحقيرة التي نفذها « أحدهم » أو « إحداهن » انطلاقا من جهاز كمبيوتر موجود في الجامعة التكنولوجية بمدينة درسدن Dresden بألمانيا (وتابع لبرنامج بحث علمي يتعلق بكيفية إخفاء الهوية على الإنترنت (*)) على الساعة التاسعة و21 دقيقة مساء السبت 19 أوت 2006 ، تتوجه أسرة « تونس نيوز » بالشكر والتقدير إلى كل السادة والسيدات الذين راسلونا
أو هاتفونا للاطمئنان والسؤال والتشجيع.
إن تضامنكم وتقديركم يزيد من خجلنا ويضع أعباء ومسؤوليات إضافية على أكتافنا..
شكرا لكم جميعا ونسأل الله دوام الحفظ والتوفيق وأن نكون دائما في مستوى ثقتكم الغالية.
(*) يمكن الإطلاع على تفاصيل المشروع على الرابط التالي:
Cher(e)s ami(e)s, Je me suis rendu compte hier de l’odieux piratage dont vous avez été l’objet en découvrant qu’au lieu et place de votre bulletin,on avait droit aux résultats de la 1ére journée du championnat anglais de football !! Votre message de ce matin confirme le piratage et j’en suis désolé et scandalisé. Je suis certain que vous parviendrez très vite à réparer le préjudice que vous avez – et que nous avons – subi. Je vous réitère en tous cas l’expression de ma solidarité et de ma sympathie. Bon courage et bonne continuation. Khemaies Chammari Chers amis Une nouvelle veulerie donc de ces criminels. Mais vous vous en sortirez. Amitiés et solidarité. Omar S’habou
إخوتي في تونس نيوز مساندتنا المطلقة لكم في عملية القرصنة لمراسلاتكم عبر البريد الإلكتروني .. الله ينصركم وربيّ معاكم.. سليم بوخذير تغيّبت إرساليتكم اليوميّة، وقد قلقت للأمر خصوصًا عند وصول رسالة ما قبل البارحة في شكل غريب، ممّا يدلّ أنّ « أمرًا دٌبّر بليل ». أرجو لكم النجاح والتغلّب على جميع العراقيل وتجاوز الحواجز مهما كانت. نصر الدين بن حديد الاخوة المشرفين على تونس نيوز يبدو انكم تعرضتم لمحاولة قرصنة ربما هذا السبب في عدم تلقي الصفحة بانتظام أرجو أن الأمر ليس خطيرا وأنه سيكون بوسعكم استئناف نشاطكم الا علامي الهام مع كامل تضامني والشكر لكل ما قمتم به وتقومون في أصعب الظروف. منصف المرزوقي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد فقد علمت بخبر استهداف صحيفتكم الغرّاء من قبل بعض الفاشلين. وإنّي إذ أعرب عن محبّتي لكم أسأل الله أن يحفظكم من بين أيديكم ومن خلفكم وعن أيمانكم وعن شمائلكم وأسأله ألاّ تغتالوا من تحتكم. كما أسأله أن يكسر ظهور هؤلاء وأن يفضحهم بين الخلائق إن لم يسارعوا إلى التوبة والإصلاح. أخوكم عبدالحميد العدّاسي والله إنها خسارة كبيرة ان تغيب تونس نيوز عن قرائها الذين احسوا بقيمتها يوم اختفت فجاة بفعل شيطان ماكر. إن عودتكم نصر للكلمة الحرة وللحق وللحرية الموعودة فلا تخذلونا محمد فوراتي
الحزب الاجتماعي التحررى
اللجنة الشرعية لاعداد المؤتمر الاستثنائي
تونس في 17 أوت2006 بــــــيـــــــــان تـــوضــيــحــي
ان مناضلي الحزب الاجتماعي التحررى في البلديات والمجالس الجهوية والبرلمان ، و كل اعضاء الجامعات و كل من ساهم في الحزب منذ تاسيسه، ينددون بعملية السطو على الحزب من طرف اشخاص مجهولين سياسيا مدعومين بقوى اخرى، و عن تمسكهم بالقيادة الشرعية و بكل من وقع تغييبه عن المؤتمر الذى وقع الاعلان عن نتائجه على اعمدة الصحف. كما يعبرون عن استيائهم لهذا الاقصاء الجماعي والتهميش المتعمد وهو ما يترجم التراجع غيرالمسبوق في ا لاداء السياسي.
كما يعتبرون ان المؤتمر المزعوم فاقد لكل الجوانب القانونية حيث ان المكتب السياسي لم يجتمع للبت في استقالة رئيس الحزب، كما ان المكتب السياسي لم يتفكك فى اى مرحلة حيث تمسك بعقد مؤتمر تصحيحي بمشاركة كل الاطراف دون او تهميش و تاسيسا علي ذلك توصي قيادة الحزب الشرعية بمزيد تفعيل لجنة اعداد المؤتمر الذى سينعقد في شهر سبتمبر و ستنبثق عنه قيادة شرعية ، و بالتوازى تقدمت جميع الجامعات بطعون قانونية من خلال رفع قضايا بالمحاكم للطعن في المؤتمر المزعوم و ابطال نتائجه . كما يؤكدون جميعا على تحميل المسؤولية القانونية لمن يريد تضليل الراى العام بان المؤتمر المزعوم الاقصائي يعتبر مؤتمرا تاسيسيا في حين ان الحزب مهيكل منذ سنة 1988
ومن جهة اخرى فان مناضلي الحزب يعربون عن استغرابهم الشديد لفحوى الاستجواب الذى اجرته جريدة الصباح بتاريخ 13أوت 2006 صفحة عدد 9 اوت مع السيد منذر ثابت والذى دعا فيه هذا الاخير بعض اطارات الحزب الي عقد مصالحة بينه و بين فعليات الحزب الاخرى التي لم تساهم لا من قريب و لا من بعيد في عقد المؤتمر المزعوم الذى مكن السيد منذر ثابت من تنصيب نفسه امينا عاما بصفة قصرية خالية من كل مقومات الانتخاب الديمقراطي الشفاف.
و هنا يتساءل مناضلوا الحزب عن الشرعية التي تخول مثل هذا العرض من طرف امينا عاما لا شرعية له ولم يتم انتخابه في مؤتمر قانوني مستوفى لكل قواعد الانتخاب الديمقراطي. فهل يحق للسيد ثابت ان يحمل خيرة مناضلي الحزب واطاراته العليا على تقديم نقدهم الذاتي في الوقت الذى ينتظر كل ذى عقل و حكمة ان يقوم متحيلا منتحلا صفة امين عام تحديدا بنقده الذاتي والاعراب للراي العام السياسي الوطني عن ندمه على الجريمة النكراء التي اقترفها في حق حزب ما يزال الى اليوم حريصا على شرعيته التي داسها هذا الذى نصب نفسه امينا عاما بارادته هو لا بارادة منخرطي الحزب و مناضليه.
و يعتقد مناضلوا الحزب ان ما قام به السيد ثابت من مناورات سخيفة و لا عقلانية لا تزيدنا نحن اعضاء المكتب السياسي الشرعي المنبثق عن مؤتمر افريل2005 و رؤساء الجامعات في الجهات الا مزيدا من العمل لاماطة اللثام عن المسرحية الهابطة التي الفها و اخرجها هذا الذى سطى على مقدرات الحزب ليسخرها لتحقيق مارب ورهانات هي ابعد مما نصبوا اليه من تصحيح حقيقي للحزب معتقدين ان ذلك لا يتم الا بمزيد من الممارسة الديمقراطية و ترسيخ تقاليد الحوار والتشاور من اجل النهوص بحزبنا حتي يتبوأ المكانة التي هو جدير بها و يشارك مشاركة فعالة في بناء الديمقراطية التي يحلم بها كل وطني غيور. و لعله حان الوقت للسيد ثابت و من لف لفه ان يعدل من ساعته حتى يتسني له مواكبة حركة الاصلاح الديمقراطي التي نريدها لتونس.
و لا يفوتنا ان نحيط الراى العام علما باننا قمنا بارسال اكثر من بيان توضيحي الى مختلف الجرائد الوطنية ، غير اننا نأسف لعدم نشر بياناتنا على أعمدة الصحافة و نحن نتساءل عن أسباب هذا الصمت الإعلامي .
عن اللجنة الشرعية لاعداد المؤتمر الاستثنائي محمد بوكثير عضو المكتب السياسي الشرعي والقانوني المكلف بالجهات
تصحيح تونس في 11 أوت2006 بـــيــان
نحن الممضين اسفله رؤساء الجامعات و ممثلي الجهات للحزب الاجتماعي التحررى، فوجئنا بما صدر على اعمدة الصحف بانعقاد مؤتمر الحزب بتاريخ 15جويلة2006 دون فتح باب الترشحات في الاجال القانونية و لا الاعلان عن تاريخ و مكان المؤتمر و لذلك نؤكد ان قرارات المؤتمر المزعوم لا تلزمنا، و اننانتمسك بمبدا عقد مؤتمر استثنائي ديمقراطي و شفاف طبقا لمقتضيات القانون الاساسي والنظام الداخلي للحزب.
سامي القيطوني : جامعة سليانة هشام العرفاوى : جامعة بنزرت محسن الخالدى : جامعة تاجروين مراد المقرى : جامعة الكاف نزيهة العقربي الجوادى : منظمة المراة التحررية الهادى السليماني: جامعة قفصة جميل السعيدى: جامعة تونس2 معز الباجي : منظمة الشباب الليبرالي محمد بوكثير :جامعة صفاقس2
سهى عرفات تنفي إنباء إسرائيلية عن نيتها الزواج
غزة – الحياة نفت سهى عرفات، ارملة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، مزاعم صحافية اسرائيلية ادعت انها تنوي الزواج من بلحسن الطرابلسي، شقيق عقيلة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، واعتبرت ان مثل هذه المزاعم محاولة لتشويه صورة الزعيم الراحل الذي لا تنوي الزواج من احد من بعده. وافاد بيان اصدره مكتب السيدة عرفات من تونس ونشرت مقتطفات منه وكالة «رامتان» المستقلة للانباء ان سهى «لن تتزوج احدا بعد الرئيس الراحل، وسيبقى الرجل الوحيد في حياتها». واعتبر البيان ان «مثل هذا الخبر يمس الرئيس التونسي وعائلته الكريمة الذين يستضيفون مشكورين ارملة الرئيس الراحل وكريمته زهوة منذ وفاته» في مستشفى بيرسي العسكري في العاصمة الفرنسية باريس في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2004. واكد ان السيدة سهى «ستلاحق منذ هذه اللحظة كل من يحاول تشويه سمعتها وصورة الرئيس الراحل». وجاء رد ارملة الرئيس على نبأ نشرته صحيفتا «يديعوت احرونوت» واسعة الانتشار على صدر صفحتها الاولى، و «معاريف» ذات التوجهات اليمينية على صحفتها الأخيرة. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 18 أوت 2006)
جديد التنقيب عن البترول:
8 حقول جديدة دخلت حيز الإنتاج خلال الخمس سنوات الأخيرة
2006 أكثر السنوات إنتاجا وأهمها على مستوى البحث والتنقيب
تونس ـ الصباح تنامت خلال السنوات الخمس الاخيرة عمليات البحث والتنقيب عن البترول في تونس وذلك لاسباب داخلية تهدف الى تطوير الانتاج من هذه المادة، وخارجية ناتجة عن تطور اسعار المحروقات التي فاقت خلال هذه الايام معدل 70 دولارا للبرميل الواحد. وقد جاء في مجلة الطاقة الصادرة عن وزارة الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة في عددها الاخير لشهر جويلية. ان مجهود الدولة قد تركز خلال السنوات الاخيرة عن البحث والتنقيب في ان واحد، مما جعل اكثر من عشر حقول تعتبر ثانوية تدخل حيز الانتاج او التنقيب على قاعدة هذا العمل تم ايضا اكتشاف حقول جديدة تعتبر واعدة ويجري دخولها حيز الانتاج بشكل تدريجي. فما هي التفاصيل الجديدة بخصوص انتاج المحروقات في تونس وماذا عن تفاصيلها؟ وهل يمكنها ان تقلل من نسبة توريد هذه المادة التي فاقت مقاديرها خلال الثلاثية الاخيرة 1500 مليون دينار؟ خطة التنقيب والبحث وتطوراتها تولت وزارة الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة خلال السنوات الخمس الاخيرة، وضع خطة عملية قامت بالاساس على تعدد الابحاث الميدانية. وقد تم في هذا الغرض تسليم 43 رخصة للبحث عن البترول تميزت سنة 2005 بتسليم 14 منها دفعة واحدة. وبناء على مجمل رخص البحث عن البترول المشار اليها اتسع نطاق البحث حيث بات يغطي 62632 كلم مربعا، وتطورت هذه المساحة تدريجيا لتبلغ 169067 كلم مربعا. 9 آبار تدخل حيز الاستغلال بداية من 2005 مجمل عمليات البحث التي تولتها عديد الشركات افضت سنة 2005 الى دخول 9 ابار جديدة حيز الاستغلال اي التنقيب. وقد افضت هذه العملية الى استغلال محاصيل بئرين جديدين انضافا الى الانتاج التونسي من هذه المادة. وقد طور هذا البرنامج الذي وضعته وزارة الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة قيمة الاستثمار في مجال التنقب عن البترول في تونس حيث بلغت قيمته 150 مليار دولار بعد ان كان في حدود 100 مليون دولار فقط. وتشير التقديرات الى انه بناء على قيمة الاستهلاك السنوي من مادة المحروقات في تونس فان الاحتياطي من البترول يمكن ان يكون لمدة العشرين سنة القادمة. كما ان المجهود المبذول في مجال التنقيب والبحث، خاصة بولاية تطاوين خلال الخمس سنوات الاخيرة قد افضى الى اكتشاف ما يقارب 10 حقول صغيرة من البترول والغاز، غير انه مقابل هذه الاكتشافات يشار الى ان حقولا قديمة مثل البرمة وعشتروت قد بدأ انتاجها يدخل مرحلة العد التنازلي حيث قدرت مصادر الاستغلال بهما تسجيل نقص في الانتاج يقدر بخمس القيمة المنتجة وذلك منذسنة 2002، لكن مقابل هذا فقد تطور الانتاج من خلال التوصل الى اكتشاف 10 حقول صغيرة تساهم في استقرار الانتاج وتطوره. وتشير مصادر مطلعة في وزارة الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة الى ان الحقول المشار اليها هي آدم وحواء وبني خالد، وهي الاكثر اهمية. وقد دخلت هذه الايام حيز الانتاج بداية من سنة 2004. اما بقية الابار المشار اليها فهي تعتبر اقل انتاجا ويبلغ مدى انتاج كل منها ما يناهز 11500 برميل في اليوم. مستوى الانتاج خلال سنة 2006 تشير مصادر الوزارة الى ان 2006 قد مثلت لحد الان تطورا في انتاج البترول يعتبر الامثل. حيث حققت بعض الرخص الممنوحة لبعض الشركات نتائج ملموسة. ويشار الى ان رخصة «وردة» كانت الاجدى في مجال البحث في منطقة «الشعال»، كما ان حقل اوذنة قد حقق هو الاخر بعض النتائج الايجابية الى جانب التحسن الحاصل في حقل عشتار. وفي الجملة فان هناك الان قرابة 30 حقلا بعضها دخل الانتاج والبعض الاخر مازال قيد البحث او التنقيب. ويبلغ مجمل الانتاج التونسي من مادة البترول الخام حاليا 3,4 مليون طن في السنة اي ما يعادل 70 الف برميل الى جانب انتاج 2,3 مليار متر مربع من الغاز. وتمثل قيمة الاكتشافات الحاصلة خلال السنوات الخمس الاخيرة قرابة 30% من جملة الانتاج العام الذي يقدر بما يناهز 26 مليون برميل. وهكذا يمكن القول ان باطن الارض التونسية يحتوي على كميات محترمة من الطاقة لا يمكن تجاهلها، وهذا ما جعل عديد الشركات العالمية المختصة في المجال تحضر باطراد الى تونس ولعل مشروع مصفاة الصخيرة المزمع انجازه خلال المدة القريبة القادمة سوف يدعم هذا التوجه ويزيد من عمليات البحث والتنقيب في البلاد للحصول على الطاقة وتطوير انتاجها. علي الزايدي (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 أوت 2006)
كميات هامّة من زيت الزيتون مازالت داخل المعاصر منذ الموسم الفارط في انتظار التصدير
مخـاوف من قرب الموسم القادم قبل تصريف كميات الزيت المتخلدة من الموسـم الفـارط
تونس ـ الصباح خلافا لما وقعت الاشارة اليه خلال الندوة الاقليمية للتصدير بصفاقس وسيدي بوزيد من تصدير كميات من الزيت تقدر بـ14 الف طن خلال شهر جويلية الفارط، فان كميات هامة من هذه المادة المنتجة خلال الموسم الفارط لا تزال رهن خزانات المعاصر. هذا الواقع اثار حفيظة الفلاحين ورجال الاعمال والمصدرين واصحاب المعاصر وحاز على جزء هام من مداولات الندوة المشار اليها من خلال جملة من التدخلات والاسئلة حول افاق تصدير هذه المادة والاسعار التي تدنت من 6,500 دينار الى 4,200 دينار، خاصة وان موسم الزيتون القادم على الابواب وتعطل عمليات التصدير مازال قائما بما جعل ما يقدر بـ100 الف طن من الزيت بانتظار التصدير. مؤشرات جديدة هامة بخصوص التصدير السيد منذر الزنايدي وزير التجارة والصناعات التقليدية اجاب على اسئلة الحاضرين بشيء من التفاؤل حيث اكد خلال الندوة ان مساع حثيثة تجري الان مع عديد البلدان والاسواق لتصدير كميات هامة من الزيت، واكد ايضا على انه يجري تدارس جملة من المقترحات الخاصة بالاسعار لتصدير هذه الكميات من الزيوت المتخلدة لحد الان بذمة الفلاحين واصحاب المعاصر. كما اشار في سياق حديثه على ان الفترة القادمة التي تسبق الموسم الجديد للزيتون تتسم بحركية هامة في التبادل التجاري مما يؤكد تحريك عمليات تصدير الزيت قبل بداية الموسم القادم، وينتظر ان تكون هامة ومستجيبة لحاجيات اصحاب المعاصر والمصدرين بما ينهي هذا التخوف والترقب الطويل لديهم، ويحرك ايضا الاسعار باتجاه تحسينها. وبخصوص صندوق تعليب زيت الزيتون الموجه للتصدير اشار الوزير الى القرار الرئاسي الخاص بهذا الصندوق قد دخل منذ الاعلان عنه حيز التنفيذ، وقد قطعت خطوات هامة في تنفيذ هذا القرار بوضع الاليات الخاصة به، وبعث مؤسسات التعليب، واكد ان هذا المشروع سيسهم بشكل كبير في تطوير التصدير خلال الموسم القادم، علاوة على ان يكون له انعكاسات هامة في مستوى اسعار زيت الزيتون التونسي المصدر الذي مازال يفتقد الى الماركة التونسية عند التصدير ودخول الاسواق العالمية. وافاد الوزير في معرض حديثه عن زيت الزيتون انه علاوة على بعث الصندوق الوطني لتعليب الزيت ينتظر ايضا اخذ جملة من الاجراءات الاخرى التي نشأت على التصدير كبعث فضاء بميناء صفاقس خاص بهذه المادة مع جملة من الاجراءات الاخرى التي هي قيد الدرس. علي الزايدي (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 أوت 2006)
عريضة لمنع مشاركة الدول الموقعة ضد قرار مجلس حقوق الإنسان في القوة الدولية
بيروت – الحياة وجّهت جمعيات وهيئات حقوقية ومهنية وثقافية وأندية أهلية في لبنان أمس، عريضة الى رؤساء الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء، بعنوان: «ممنوع على الدول التي صوتت ضد قرار مجلس حقوق الإنسان الاشتراك في قوات الأمم المتحدة (يونيفيل)». وجاء في العريضة انه «في 11 آب (أغسطس) 2006 عقد مجلس حقوق الإنسان في منظمة الأمم المتحدة اجتماعاً طارئاً في جنيف للبحث في حال حقوق الإنسان الخطيرة الناتجة من العمليات الحربية الإسرائيلية، وأصدر قراراً بإدانة الانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي في لبنان والقصف العنيف للمراكز السكنية المدنية اللبنانية ولا سيما المجازر في قانا ومروحين والدوير والبياضة والقاع والشياح والغازية وسواها من المدن اللبنانية والتسبب بنزوح مليون مدني، وتدمير البنية التحتية المدنية والأملاك العامة والخاصة. كما قرر المجلس إنشاء لجنة رفيعة المستوى للتحقيق في الانتهاكات والجرائم المذكورة». وبيّنت العريضة انه «صوّت الى جانب القرار كل من أعضاء مجلس حقوق الإنسان الدول التالية: الجزائر، الأرجنتين، أذربيجان، البحرين، بنغلادش، البرازيل، الصين، كوبا، الاكوادور، الهند، اندونيسيا، الأردن، ماليزيا، مالي، موريشيوس، المكسيك، المغرب، باكستان، برو، روسيا، السعودية، السنغال، جنوب أفريقيا، سريلانكا، تونس، أوروغواي، وزامبيا. فاستحقت شكر الشعب اللبناني لقدرتها على التمييز بين الحق والباطل ونصرة الحق»، موضحة أن هناك 11 دولة صوتت ضد القرار المذكور، وهي: كندا، تشيكيا، فنلندا، فرنسا، ألمانيا، اليابان، هولندا، بولندا، رومانيا، بريطانيا، وأوكرانيا. «فأثبتت انها لا تستطيع التمييز بين الباطل والحق». وخلصت العريضة الى اعتبار «أن الدول التي صوتت ضد القرار المؤيد لحقوق الإنسان في لبنان اتخذت موقفاً يؤيد ضمناً انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي التي أدانها القرار. وبالتالي فإنها لم تعد محايدة في هذا الموضوع. ولا يمكن بالتـالي أن يقـبل اشتراكها في قوات الأمم المتحدة «يونيفيل» التي أنيط بها الإشراف على وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان». كما طالب الموقعون بأوسع تحرك شعبي تأييداً لما تقدم. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 23 أوت 2006)
مشكلة المرأة التونسية مشكلة حرية بالاساس
الحلقة الثانية مراهنة بورقيبية ناجحة في الظاهر والمنطلق خاسرة في الحقيقة والنتيجة
:
إعتمد المشروع الثقافي البورقيبي إذن على التشريع القانوني من ناحية وتعزير ذلك بالتطبيق الحثيث الدائب تسخيرا لسائر أجهزة الدولة لخدمة مشروعه . وكانت مراهنته على مشروعه ذاك ثلاثية الابعاد والوسائط : الدولة من ناحية أولى تسخيرا ثقافيا وحراسة أمنية والتعليم من ناحية ثانية نشرا في سائر أنحاء البلاد بميزانية قومية هي الاعلى دوما طيلة عهد حكمه والمرأة من ناحية ثالثة تأهيلا لها لقيادة مشروع » اللحاق بركب الامم المتقدمة » . وهو يسعى إلى ذلك ممتلئا وعيا بأن اللحاق المطلوب لا يتم سوى عبر هدم الهوية العربية الاسلامية لتونس أو إهمالها في الحياة العامة للناس بأكبر قدر ممكن رعاية لتوازنات محلية أو إقليمية وشرقية .
نكسات قاتلة تعترض المشروع البورقيبي :
كانت النكسة الاولى بقيادة المعارضة اليوسفية التي ظل بورقيبة يتتبع جيوبها داخل البلاد وخارجها حتى آل الامر بعد أقل من نصف عقد إلى إغتيال رمزها الاول المرحوم بن يوسف في مدينة فرانكفورت الالمانية في شهر أغسطس من عام 1961 . وبذا إنتهت اليوسفية حركة حية وإستسلم ما بقي من أفرادها طوعا أو كرها . غير أن ذلك لم يمنع من ظهور نواتاة عمل سياسية أو عسكرية على خلفية إحياء الحركة أو الانتقام من عدوها وربما يكون أشهر عمل ضمن ذلك هو ماعرف ب » مؤامرة لزهر الشرايطي » عام 1962 ثم بأحداث قفصة بقيادة عزالدين الشريف وأحمد المرغني وبتوجيه وتمويل ليبي في ديسمبر كانون الاول من عام 1979 . ثم كانت النكسة الثانية بقيادة عضو الاشتراكية الدولية أحمد بن صالح الذي رتب ما يشبه الانقلاب الداخلي ضد التوجه الاقتصادي لبورقيبه المسنود بقوة من فرنسا الرأسمالية وكاد الانقلاب الاشتراكي ينجح لولا التململ الشعبي وعوامل أخرى كثيرة داخلية وخارجية .
وفي الاثناء حمل بورقيبه على ما بقي من فلول الشيوعية وما فرخته من تنظيمات يسارية راديكالية قليلة العدد محكمة التنظيم راقية النفوذ نسبيا من مثل مجموعة آفاق وغيرها.
وبرحيل عقد الستينات طوى بورقيبه ملف الاشتراكية فكرا شيوعيا وتجربة تعاضدية وتنظيمات يسارية ومعارضة يوسفية وزيتونية وتأهل لمرحلة جديدة .
إزداد الاحتقان بما خلفه عقد الستينات فكانت المعالجة البورقيبة لمشكلة الحريات سيئة جدا حين نصب نفسه في كنف مسرحية رديئة التأليف والاخراج معا رئيسا مدى الحياة . وجاءت النكسة التالية من داخل الحزب الذي يقوده متمثلة في خروج عدد من رموزه بما عرف بالتيار الليبرالي بقيادة أحمد المستيري وحسيب بن عمار وغيرهما . إشتدت المعارضة إذن بجناحيها الاشتراكي والليبرالي وفرض قدر أدنى من حرية التعبير لاول مرة على بورقيبة .
وفي الاثناء كانت الحركة الاسلامية تعتمل في صفوف المثقفين من طلبة وتلاميذ ونقابيين ورجال تعليم وغيرهم تستقبل أصداء المشرق الجريح في إثر هزيمة 67 . وفي ذات الاثناء إندلعت قضية الاتحاد العام التونسي للشغل لاول مرة في شكل معارضة نقابية عتيدة وكذا أحداث قفصة الدامية. ولم يجد بورقيبة بدا من معالجة الموقف المنصرم لاول مرة ضد سياساته بصورة فادحة فكانت المحاكمات الاستثنائية وخرق كل مبادئ حقوق الانسان غير أن ذلك لم يزد التونسيين سوى إستهانة بالامر فإندلعت لاول مرة في حكم بورقيبه أحداث جانفي يناير 84 .
وصدق تحليل برز في تلك الفترة » سهير بلحسن » يقول بأن مستقبل تونس مرهون بتحالف قوتين من القوى الثلاثة المعتبرة في البلاد ضد الاخرى : السلطة بزعامة بورقيبة والاتحاد بزعامة عاشور والحركة الاسلامية بزعامة الغنوشي . صدق التحليل وحدث التحالف الموضوعي غير المباشر بين الحركة الاسلامية والحركة النقابية فلم يعمر بورقيبة بعد ذلك سوى سنتين وجاء من ينقذ بورقيبه من بورقيبه كما عبر عن ذلك الانقلاب أحد المحللين . لم يكن بوسع المشروع البورقيبي ذات المنبع الغربي القح أن يحقق نجاحات معتبرة والحال أنه لا يكاد يفرغ من قمع » نكسة » حتى تنشأ أخرى . كانت الحرية ضربة لازب لازمة لذلك المشروع ولكنه قام على أنقاضها فكانت النتيجة مخالفة .
أكبر نكسة ضد المشروع البورقيبي كانت : تجذر الصحوة الاسلامية في الشباب .
إيراد سلسلة النكسات ـ أو أهمها على الاقل ـ التي إعترضت المشروع البورقيبي يقصد منه التأكيد على فكرة أساسية في منهج التغيير مفادها أن كل حركة تغيير ـ حتى لو كانت تسير ضمن الاتجاه الشعبي العام فضلا عن مصادمته ـ لا يكتب لها النجاح إلا بقدر تشبعها بمبدإ الحرية الانسانية وتفعيلها لمشروعها عمليا على ذلك الاساس . الامر الذي جعل بورقيبة يتنكب عن ذلك من أول نكسة يعالج آثارها حتى آخر نكسة وهي نكسات مختلفة الالوان من قومية وشيوعية ونقابية وإسلامية وليبرالية .
غير أن أكبر نكسة تعرض لها المشروع البورقيبي عجز بعدها عن تفعيله تمثلت في وجهين :
أولهما ـ وهو الاهم ـ تأبي الشعب بشكل أغلبي عام على قبول النموذج البورقيبي سيما فيما يتصل بالعقائد والشعائر الاساسية للمسلم ومعلوم أن بورقيبة لم يدخر جهدا لضرب كل ذلك تصريحا لا تلميحا ومزاولة لا حثا وتحريضا فمن ذلك مثلا قيامه بنزع » السفساري » بنفسه عنوة عن النساء في بعض شوارع العاصمة التونسية في بداية سنوات حكمه وقيامه بإحتساء كوب من العصير في مجلس وزرائه أمام كاميرات الدنيا في نهار شهر رمضان فضلا عن الدعوة لافطاره بسبب التفرغ للجهاد التنموي بل فضلا عن التهجم على القرآن الكريم ـ عصى موسى مثلا وتناقض القرآن ـ وعلى الانبياء عامة والنبي محمد عليه الصلاة والسلام خاصة ..
ثاني الوجهين : إنتظام قطاعات واسعة عريضة في غضون سنوات معدودة ضمن صفوف الحركة الاسلامية سرا وعلنا بسائر أشكال الانتظام ومستوياته والغريب أن أغلب أولئك هم من خيرة الشباب المثقف ثقافة جامعية عالية حتى قال الهرماسي في دراسة له في بداية الثمانيات عن الظاهرة الاسلامية بأنه كلما كان المستوى الثقافي عاليا كما كان الانتماء للحركة الاسلامية متوافرا وكلما كان موطن السكن في الحضر كان الاقبال على الالتزام الاسلامي عاليا وكلما كان الملتزم أنثى كان الوفاء بأكثر شدة وكلما كان التخصص الدراسي علميا كان الانتظام أوفر إلى آخر ما أحصت دراسة الهرماسي من نتائج أهمها على الاطلاق : المناخ العلمي الذي وفره بورقيبه للناشئة والشباب هو المسؤول عن نشوء حركة إسلامية تقوم على أنقاض مشروعه. أو بعبارة أخرى : لا ينشأ الاسلام إلا في رحم العلم ومن أراد القضاء على الاسلام فعليه بالقضاءعلى العلم .
وبذا كان المعول على الشعب ـ سيما القطاع الشبابي المثقف ـ في إفشال المشروع الثقافي البورقيبي ولم تكن النكسات المذكورة آنفا سوى روافد جانبية مهمة لمهمة النكسة الكبرى التي تحمل مسؤوليتها الشباب المثقف .
على أن ذلك التأبي الشعبي المعزر من لدن الصحوة الاسلامية لم يمنع قيام طبقة علمانية ـ بكل معاني العلمانية مغلظة ومخففة وبسائر إمتداداتها الفكرية ـ ثخينة كبيرة في تونس تميزت بالحركية والنشاط وبالتنفذ إما عبر إستخدام التقية أو عبر وسائط وعلاقات أخرى ومعلوم أن أكبر حركة علمانية في العالمين العربي والاسلامي ـ سيما طردا مع عدد السكان ـ هي الحركة العلمانية التونسية بل ربما تكون الاعرق تاريخيا كذلك وهي قطعا الاشرس ضد قطعيات الاسلام وثوابته بسبب الغطاء السياسي الذي توفره الدولة بقيادة بورقيبة بما يجعلها في كل ذلك متميزة عن نظيراتها في كل من المغرب الاقصى ذات المرجعية الاسلامية الرسمية والسودان ذات التماهي الكبير مع الاسلام ومصر ذات التأثير الازهري نسبيا . أما تركيا فحالة خاصة جدا. ذلك هو أبرز معنى من معاني نجاح بورقيبة في صياغة تونس صياغة جديدة ذات تأثيرمعتبر. سيما أن الحركة الاسلامية التي أوقفت المد العلماني جاءت متأخرة جدا في سياق التطور التاريخي الذي مكن لذلك المد في شرايين البلاد النابضة .
حصاد المشروع البورقيبي لتحرير المرأة : منشور 108 عضلا لحرية المرأة في لباسها.
بمثل ما بدأ بورقيبة حياته السياسية في كنف الحكم المباشر بإرتكاب حماقات غليظة ضد هوية الشعب التونسية في الانتماء العروبي الاسلامي .. إختتم حياته بحماقات أشد وهي حماقات دفعته إليها الحركة الاسلامية التي توجت نضالات ثلاثة عقود من جهود مختلف الالوان التونسية من يوسفيين وزيتونيين وشيوعيين ونقابيين وليبراليين . في الحقيقة حق لبورقيبه أن يحمق إلى أبعد حد إذ رأى بأم عينيه إنهيار مشروعه الثقافي الذي كد وجد وجاهد ونصب لبنائه على أسس صحيحة المنطلق بريئة الظاهر : مساهمة الدولة ـ المراهنة على التعليم ـ المراهنة على المرأة ـ
فإذا به يفاجأ في لمح البصر بإنهيار مشروعه وحلم حياته . لذلك كان عقد الثمانينات عقد نهاية بورقيبة بكل المقاييس ولم تكن حماقاته هي السبب الوحيد في تعجيل نهايته بل يضاف إليها كبر سنه وإعتماده على بطانة فاسدة من أقربائه وغيرهم وأضحى لاول مرة بعد أن كان أسدا هصورا يأمر فيطاع ويتكلم فيخرس الجميع أذنا تسمع وتصغي وتنفذ .
وفي تلك الاثناء وهو يصارع الموت المحقق لمشروعه الثقافي الذي لم يحلم زعيم عربي واحد بتطبيقه في إثر تلون البلاد ـ إجتماعيا ـ باللون الاسلامي مجددا .. لم يجد بدا من مواصلة ذات المعالجة السابقة ـ وكان يملك في عقله غيرها لو أصغى لنداء عقله ـ فكان منشور 108 نهاية المطاف وبيدر الحصاد في مشروع تحريري للمرأة على مدى ثلاثة عقود كاملة .
نهاية بائسة مؤلمة ينتهي إليها المشروع الثقافي البورقيبي القائم على أولوية المرأة ومركزيتها.
أنى للمرأة التونسية ـ سيما المثقفة في شتى المجالات ـ أن تلين قناتها لمعالجة قانونية بوليسية حمقاء ؟ أنى لها ذلك وقد إنحنت طويلا أمام تجارب إشتراكية وشيوعية وليبرالية غير آبهة ببريق الايديولوجيات الفارغة ؟ أنى لها ذلك وقد سلب الاسلام لبها وسحر القرآن الكريم نفسها فباعت نفسها له في صفقة تجارية رابحة ؟ حصاد مر علقمي المذاق بكل المقاييس . راهن بورقيبه على المرأة فظلت ميزانية دولته على مدى ثلاثة عقود كاملة تخدم تعلمها على أمل أن تتأهل لتسلم مشعل مشروعه . ولكن الاقدار الرحمانية التي لا نحسب لها حسابا خططت لامر آخر نبه إليه القرآن الكريم في مواضع كثيرة لعل التاريخ يحمل لنا عبرة . ظل القرآن الكريم يقص لنا سيرة موسى عليه السلام مع فرعون ولكن آذاننا عنه مصروفة . أجل . تماما بمثل ما تربى موسى عليه السلام في قصر فرعون يتخذه له ولدا بارا ثم ثار عليه وكان سببا في إنهيار ملكه .. تربت المرأة التونسية في ظل ميزانية وزارة التربية القومية على مدى ثلاثة عقود ليتخذها بورقيبة رأس حربة ضد الاسلام لحاقا بركب الامم المتقدمة ولكن ثارت عليه وكانت سببا في إنهيار ملكه .
درس يتطلب منا جميعا فقها جديدا متجددا . تلك هي مزية التاريخ علينا . وإلى لقاء تال أستودعكم من لا تضيع ودائعه ودائعه . الهادي بريك ـ ألمانيا
بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين تونس في 13 أوت 2006 بقلم محمد العروسي الهاني كاتب عام جمعية الوفاء ومناضل دستوري
أحياء ذكرى خمسينية إصدار مجلة الأحوال الشخصية و تحرير المرأة نصف المجتمع التونسي
في إطار الإحتفالات الوطنية بخمسينية إصدار مجلة الأحوال الشخصية و تحرير المرأة نصف المجتمع التونسي ألتقى أعضاء مكتب جمعية الوفاء للمحافظة على تراث الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله و رموز الحركة الوطنية وهم السادة – الدكتور المختار الرابحي النائب الأول لرئيس الجمعية و محمد العروسي الهاني كاتب عام الجمعية و عبد الحميد العلاني الكاتب العام المساعد و عمر بن حامد أمين مال الجمعية.
و ثمنوا المكاسب الإجتماعية الرائدة و العظيمة التي حققها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة رحمه الله لفائدة نصف المجتمع الذي كان مشلولا طيلة قرون… و بفضل شجاعة و جرأة الزعيم العملاق الحبيب بورقيبة رحمه الله الذي أقدم يوم 13 أوت 1956 على قرار شجاع ثوري فريد من نوعه في العالم العربي و الإسلامي و أصدر الأمر الرئاسي التاريخي الهام و الثوري إصدار مجلة الأحوال الشخصية و تحرير المرأة التي تعتبر نصف المجتمع التونسي في ظرف دقيق وحاسم و بعد حوالي 143 يوما على الإستقلال التام و الشعب التونسي بكل شرائحه مازال لا يهضم قرار ثوري مثل قرار إصدار مجلة الأحوال الشخصية نظرا للعقليات السائدة و الوضع الإجتماعي و الجهل و التخلف و الحرمان الذي تسبب فيه الإستعمار الفرنسي و حكم البيات طيلة 250 عاما من 1705 إلى 25 جويلية 1957 الإعلان عن ميلاد الجمهورية و إلغاء النظام الملكي الفردي …
وبعد أن إستعرض مكتب الجمعية المكاسب في مجال التعليم و مشاركة المرأة في الحياة السياسية و الإجتماعية و الثقافية و إكتساحها كل المجالات و الوظائف العليا و تألقها في مجال العلم و المعرفة و تطورها في شتى مظاهر الحياة و مساهمتها إلى جانب أخيها الرجل في إطار تجسيم معنى المساوات في عديد المجات الحيوية التي أصبحت للمرأة دور فاعل فيها كالتعليم و الصحة و غيرها و أخيرا أستعرض أعضاء المكتب ما جاء في خطاب الرئيس زين العابدين بن علي يوم 12 أوت 2006 بمناسبة الذكرى الخمسين لإصدار مجلة الأحوال الشخصية و تحرير المرأة و نوها أعضاء المكتب بما جاء في الخطاب الرئاسي
من إشادة بدور المصلح الكبير و رائد حرية المرأة و عملاق الإنجاز الحضاري الثوري الزعيم الحبيب بورقيبة
و معه رموز الحركة الوطنية و المفكرين و المصلحين و كل المناضلين و الوطنيين الذين ساهموا بدورهم في تحقيق المشروع الحضاري قولا و عملا بزعامة الرئيس الحبيب بورقيبة رحمه الله الذي أنجز بصفة فعلية و حقق الطموح الحضاري طبقا لما ورد في النص القرآني
الصريح في سورة النساء فإن خفتم أل لا تعدلوا فواحدة صدق الله العظيم
و بعد التنويه بخطاب الرئيس بن علي المشار إليه أكد أعضاء مكتب الجمعية على ما يلي :
أولا ضرورة الإستجابة لمطاب أعضاء الجمعية الوقتية للمحافظة على التراث الزعيم الحبيب بورقيبة و رموز الحركة الوطنية
ثانيا : التذكير بالرسائل التي وجهتها الجمعية لسيادة الرئيس منذ يوم 13 جوان2005 و الموالية 7 جويلية و 21 جويلية 2005 بواسطة البريد المضمون حسب الوصول البريدية و الفاكس و تم الإحتفاظ بكل الوصول للتاريخ و الرسالة الرابعة بموقع الأنترنات يوم 19 جوان 2006 بعنوان رسالة مفتوحة لرئيس الدولة ، و اخيرا الرسالة الخامسة المفتوحة بتاريخ 26 جويلية 2006 بقلم كاتب عام الجمعية بموقع الأنترنات تونس نيوز هذا الموقع الذي هو موضوع متابعة كل المسؤولين في العالم ، هذا من جهة و من جهة أخرى أستعرض مكتب الجمعية نشاط جمعية الوفاء الممثال بباريس و التي منحتها الحكومة الفرنسية التأشيرة العام المنصرم 2005 و قد ذكر لنا الدكتور المختار الرابحي النائب الأول لرئيس الجمعية نشاط جمعية ذكرى بورقيبة بباريس على هامش الذكرى الخمسين لعيد الإستقلال الوطني 20 مارس 1956 و الدكتور المختار الرابحي متواجد بباريس كطبيب هناك منذ 30 سنة يدرك نشاط هذه الجمعية الفتنية التي يعمل في صلبها شخصيات تونسية و فرنسية معا جمعتهم ووحدت بينهما قواسم الوفاء و الإحترام للزعيم الراحل الحبيب بورقيبة
إسعتراضنا لنشاط جمعية ذكرى الزعيم الحبيب بورقيبة بفرنسا أوحى لنا بالتركيز على دعم جمعيتنا
و قد علمنا أن جمعية ذكرى بورقيبة بباريس تنوي القيام بتوسيع نشاطها و تكوين فروع لها بتونس و في هذا الإطار قلنا في صورة عدم الإستجابة لطلب التأشيرة ربما نسعى للإنضمام لجمعية باريس ، و لو أننا نحبذ إستقلاليتنا في بلادنا نحن أحرار فيها و أسياد في دولتنا .
و في صورة مواصلة الصمت على مطلبنا رغم توجيه 5 رسائل و التلميح في 7 رسائل أخرى نشرت بموقع الأنترنات تونس نيوز فإن الإنضمام يكون هو الحل بتواجد الجمعية و نحن في مكتب الجمعية مازلنا نسعى على للحصول على التأشيرة أفضل و احسن من الإنضمام إلى جمعية باريس … كما نؤكد من جديد إن هدف الجمعية هو إحياء تراث زعيمنا و المحافظة على الإرث الوطني للزعيم بورقيبة و لكل رموز الحركة الوطنية لمساعدة و معاضدة الدولة و نسعى لإضافة إضاءات التاريخ بأخلاق عالية دون أن نمس من سمعة رموز الحركة في طليعتهم الزعيم الحبيب بورقيبة و لا نتجنى عليهم و على التاريخ و لا نتهكم على الزعيم الأوحد حسبما نقرأه في الصحف من إحدى المؤرخين سامحهم الله قال عدة نعوتا تهكما على الزعيم بأسلوب لا يخلوا من الإساءة و التحامل و سعى مثل غيره إلى الإساءة و التحامل حتى أن في حديث أحدهم يوم الأربعاء الماضي 8/8/2006 بمناسبة الحديث على الزعيم الطاهر صفر رحمه الله الذي كان صديقا حميما للزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله ، قال هذا المؤرخ الذي لا يحلوا له الحديث إلا إذا ذكر الإساءة للزعيم الراحل و قد سبق لي أن قمت في شهر جوان 2006 بالرد عليه بموقع الأنترنات تونس نيوز بعد أن حاولت الرد عليه بصحيفة الصباح اليومية التي نشرت تدخله في منتدى التميمي و حسب قانون الصحافة فإن التعقيب يكون في نفس الصحيفة , و لكن مع الأسف الشديد الإنحياز واضح ، و ليس في أمريكيا فقط انحيازها للكيان الصهيوني … بل الإنحياز في بلادنا لشق دون آخر لست أدري لماذا هل هي تعليمات ،،، أم الصمت الرهيب أم الإساءة المقصودة و مع الأسف مرة أخرى الصحيفة تسمح لصاحبنا بالحديث بكل حرية وتمنع الثاني من الرد و التعقيب عليه و حتى موضوع إشارة صاحبنا يوم 8/8/2006 بالتلميح دون ذكر إسمي لسيت أدري بينما
كان ردي عليه بموقع الأنترنات تونس نيوز يحمل توقيعي و إسمي و صفتي لماذا تحدث في الصباح و أتسائل من أعطاه الرد لا شك إن فردا من جريدة الصباح له علاقة حميمة على حساب ثوابت الصحافة و نواميسها و قانونها هذا مع الملاحظة إني بعثت بالرد لصحيفة الصباح و لم تنشره و تم نشره بموقع الأنترنات هذا مع العلم إن جريدة الصباح لن تنشر لي أي مقال أو رد أو تعقيبا منذ سنة 2004 و أعرف جيدا من وراء هذا التعتيم الإعلامي و بدون تعليق… و أخيرا بعد أن نشرت المقالات الثلاثة حول حرية المرأة و خمسينية إصدار مجلة الأحوال الشخصية بموقع الأنترنات على إمتداد أيام 6 و 8 و 9 أوت الجاري 2006 في ثلاثة حلاقات متوالية أردت نشر تلك المقالات بالصحافة اليومية و لكن دون جدوى … تلك هي حالة صحافتنا عفانا و عفاها الله و شفاها من التعتيم الحاصل و البعض يلوم علينا لماذا تكتبون في مواقع الأنترنات و بعضهم يقول لماذا تكتبون في صحيفة لها رأي خاص و بعضهم يقول
لماذا تتكلمون في الجزيرة و العربية و حتى إن أمكن في قناة المنار
و بين قوسين فإن العربية و المنار مغلوقتان و لن نستطيع الوصول إليهما للتعبير عن تضامننا مع حزب الله في المحنة و الحرب السادسة و بقى لنا إلا موقع الأنترنات تونس نيوز المتنفس الوحيد و ربي يستر و ربي يستر و ربي يستر قال الله تعالى : و ما ربك بغافل عما تعملون صدق الله العظيم و قال أيضا و ما ربك بظلام للعبيد صدق الله العظيم
ملاحظة هامة إننا متمسكون بحكم و شعارات قالها الزعيم الحبيب بورقيبة
1- الدوام يثقب الرخام – 2 الكر و الفر – 3- خذ و طالب –4 الأهم قبل المهم –5- الصرامة في المبدأ المرونة في التطبيق –6- الكرامة قبل الخبز –7- لا ضاع حق ورائه طالب –8- بادي على الجبل بقدومة 9- الصدق في بالقول و الإخلاص في بالعمل-10- عش لغيرك –11 لكل مرحلة رجال و خطة –12- أختم الفرصة للتغلب على الخصم –13- لأعتماد على المادة الشخمة –14- سياسة المراحل خطوة إلى الأمام -15- الزعيم الناجح الذي يجنح للسلم عند الضرورة –16- لكل معركة حسابات دقيقة –17- مراعات موازين القوى–18- الإستفادة من اخطاء الخصم –19- صبعين و إلحق الطين –20- لا أخاف على تونس إلا من أبنائها ، ؟ زعيم القرن العشرين يخلد النصائح العشرين .
محمد العروسي الهاني كاتب عام جمعية الوفاء ومناضل دستوري
الزواج على غير الصيغ القانونية:
رأي القانون ومجلة الأحوال الشخصية
يعتبر فصل الصيف الفصل المحبب لدى التونسيين لاقامة افراحهم وخاصة حفلات الاعراس الا ان الزواج اصبح من المسائل التي تتطلب الكثير من المصاريف من تأمين عش الزوجية ومصوغ العروس وتأثيث المنزل وغيرها من المتطلبات وهذه التكاليف المشطة جعلت عدد من الشباب يعزفون عن الزواج ويختارون «العزوبية» كحل للمسألة ولكن غيرهم من اختار الارتباط في الخفاء والزواج بطريقة لا تخضع لضوابط الشرع والقانون. حيث خير عدد من الشباب والشابات اقامة علاقة في الخفاء دون علم عائلاتهم فيتم اللقاء بين الشاب وفتاة احلامه ويعيشان كرجل وامرأة وبرضاء الطرفين وعندما تكشف السلطات الامنية امرهما يصرحان بان الامور المادية هي التي اعاقتهما عن اقامة زواج شرعي فاضطرا للقاء في الخفاء والتعاشر كرجل وامرأة في الخفاء ايضا. وهناك حالات اخرى يوهم فيها الشاب الفتاة بان زواجهما شرعي ويحضر شاهدين وعدل اشهاد ولكن تكتشف في النهاية ان العقد ليس صحيحا وقد حدث هذا في عديد الحالات حيث اوهم احدهم فتاة بانه يرغب في الارتباط بها رسميا وذلك بعدما ربطت علاقة عاطفية معه وعلى الرغم من رفض عائلتها له الا انه تمكن من اقناعها وعقد قرانه عليها وبعد حوالي شهر من الزواج عاد الى مسقط راسه بجهة الجنوب ولم تتمكن هي من الاتصال به فسجلت شكاية ضده وكانت صدمتها كبيرة عندما اتضح وان عقد الزواج مدلسا حيث ان زوجها اخذ بطاقة تعريف وطنية لشخص اخر ووضع صورته عليها ونسخها ثم استظهر بها عند عقد القران. وقد شملت الابحاث الامنية المتهم الرئيسي وعدل الاشهاد والشاهدين وفي كل الحالات فان الفتاة المتضررة هي الضحية في هذه العملية وهذه الحالة التي ذكرناها لم تكن الفتاة على علم بزيف العقد وانما هي ضحية من ضحايا التحيل في الزواج. ولكن هناك حالات اخرى يتم فيها الزواج خلافا للصيغ القانونية وبرضاء الطرفين ومن حسن الحظ اننا لا نجد هذه الحالات بكثرة في مجتمعنا. وبما ان المشرع التونسي يواكب دائما كل الحالات والطوارىء فقد تحدث عن عقود الزواج ورصد عقوبات لكل مخالف لشروط الزواج الشرعي والقانوني. مفيدة (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 أوت 2006)
راي القانون ثبوت النسب ووجوب العدة
اتصلت «الصباح» بالمحامي لطفي الفتني وقد امدنا برأى المشرع التونسي في هــــذه المســـــــألــة والفصــــول المنطبقـــة والعقوبــــات التي حددهـــــا في حـــق مرتكبي هـــــذه الافعال وقـــــد لاحظ ان «المشرع التونسي جرم بالفـــصل 36 بالقانـــون عــــدد 3 لسنة 1957 المؤرخ فـــي 1 اوت 1957 والمتعلــــق بتنظيــــم الحالة المدنيــــة الذي ينص علـــى ما يلى: «يعتبــــر الزواج المبرم باطلا خلافا لاحكام الفصل 31 (الذي ينص على انه يبرم عقد الزواج بالبلاد التونسية امام عدلية او امام ضباط الحالة المدنية بمحضر شاهدين من اهل الثقة ويبرم عقد زواج التونسيين بالخارج امام الاعوان الديبلوماسيين او القنصليين التونسيين او يبرم العقد طبق قوانين البلاد التي يتم فيها) . وهذه هي الشروط والصيغ القانونية الواجب اتباعها لابرام عقد زواج شرعي والتي في غيابها تقوم جريمة التزوج على خلاف الصيغ القانونية ويعتبر الزواج خلافا لاحكام الفصل 31 باطلا كما ذكر ويعاقب الزوجين زيادة على ذلك بالسجن مدة 3 اشهر. ادراج العقد بدفاتر الحالة المدنية: وتجدر الاشارة الى ان قانون الحالة المدنية المذكور (الفصل 31) يوجب في فصله 33 على العدول ان يوجهوا في ظرف شهر من تحرير العقد الى ضابط الحالة المدنية بمنطقتهم اعلام زواج قبل ان يسلموا نسخة من عقد الزواج للزوجين وذلك حتى تسهل مراقبة الزيجات الواقع ادراجها بدفاتر الحالة المدنية الخاص بكل شخص. ومع كل ذلك لا يجب اغفال الشروط الجوهرية لعقد الزواج المتمثلة في تبادل الرضى والاهلية وخلو كلا الزوجين من الموانع الشرعية مع تسمية مهر للزوجة. الزواج على خلاف هذه الصيغ: جريمة الزواج على خلاف الصيغ القانونية جريمة شكلية تقوم بمجرد ارتكاب ركنها المادي وهو فعل الزواج على خلاف ما اقتضاه القانون من صيغ دون البحث عن اي قصد جنائي خاص. ومرتكبو هذه الجريمة لا ينتفعون بظروف التخفيف الواردة الفصل 53 من المجلة الجزائية. ولئن رصد المشرع التونسي عقوبة جزائية تستهدف مرتكبي هذه الجريمة فقد رتب جزاء البطلان للعقد المبرم على خلاف الصيغ القانونية وذلك بالفقرة الاولى من الفصل 36 من قانون الحالة المدنية وفي صورة استمرار الزوجين على المعاشرة رغم التصريح بابطال زواجهما يقع مضاعفة العقاب ليبلغ 6 اشهر سجنا دون انتفاعها بظروف التخفيف. نتائج الزواج على غير الصيغ القانونية اشار المشرع التونسي بالفصل 36 مكرر من القانون المنظم للحالة المدنية والتي تتمثل في ثبوت النسب في صورة وجود مولود اضافة الى وجوب العدة على الزوجة والتي تبتدىء من تاريخ صدور الحكم وهي 3 اشهر كاملة بالنسبة لغير الحامل اما بالنسبة للحامل فعدتها وضع حملها تطبيقا لمقتضيات الفصل 34 وما بعده من مجلة الاحوال الشخصية مع موانع الزواج الناتجة عن المصاهرة وهي عدم امكان الزواج بفصول الزوجات بمجرد ابرام العقد (اي عدم الزواج من امهات الزوجات بمجرد ابرام العقد وعدم الزواج من اخواتهن بمجرد الدخول). مفيدة (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 أوت 2006)
تونسيات يقبلن على عمليات تجميل مؤقتة … تحسباً لـ «تقليعة» جديدة!
تونس – سلام كيالي نشط منذ بعض الوقت أطباء التجميل في تونس وتحولوا مقصد كثيرات ممن يحبذن تغيير ملمح ما في وجوههن أو أجسادهن، عبر عمليات شفط ونفخ وتجميل. مريم، أم لابن واحد, تقول إنها أقدمت على اجراء عمليات عدة للتجميل، لكل واحدة منها مبررها بالنسبة إليها. العملية الأولى هي عملية شفط الدهون في أسفل بطنها المترهل بعد انجابها وحيدها كريم. وتقول إن الحمل والولادة والبقاء في المنزلجعلتها «ناصحة، سمينة», وبقي «كرشها كبيراً» على حد تعبيرها، الأمر الذي أقلقها كثيراً، خصوصاً إن هذا التغير أقعدها عن القيام بأعمال كثيرة وأبعدها عن ارتداء الكثير من الملابس التي تجاري الموضة. وتقول مريم: «تبعات حملي بولدي كريم كانت السبب لعدم انجابي ثانية، خاصة أن جسدي قابل للانفلاش بعد الإنجاب كما تبين لي، وهذا سيتطلب مجهوداً كبيراً لإعادة جسمي إلى ما كان عليه، وهذا صعب جداً». وكانت مريم تتمنى الإنجاب مرة أخرى، خصوصاً أمام إلحاح زوجها وابنها الوحيد, لكنها لا تزال مترددة. وكانت العملية التي أجرتها مريم في احد أرقى مصحات العاصمة التونسية محفزاً لإجراء عملية ثانية وثالثة، خصوصاً بعدما شاهدت النتائج الملموسة والتغيير الجذري في جسدها. فقد كررت التجربة في منطقة الأرداف والفخذين، ولم تيأس، أو بالأحرى لم تكتف بهذا القدر، فهي تنوي أن تقوم بـ «نفخ» صدرها بالسيليكون, «وهو ما سيضفي رونقاً وجمالاً أكثر على جسدي» كما تقول. ناهيك بنيتها نفخ شفتها العليا لاعتقادها أنها صغيرة نوعاً ما. وتعتقد مريم بأن على السيدات الاعتناء بجمالهن وأجسادهن، وأن يبادرن إلى نوع من التجديد المستمر «إرضاء الزوج وكي لا يرفع عينه عني وألا ينطق لسانه بكلمة مديح إلى غيري!» كما تقول. وعند السؤال عن عدم اتباعها بعض التمرينات الرياضية أو نظام صحي لتخفيف وزنها بدلا من عملية الشفط التي أجرتها كان جوابها أنها لا تحب الرياضة، كما أن عملها (لغاية الساعة السادسة مساء بحسب نظام الحصتين المتبع في تونس) واعتناءها بالمنزل (على رغم وجود خادمة) لا يبقيان لها الوقت لمزاولة الرياضة، كما أن وصفات الريجيم لم تأت بفائدة أمام شهيتها المفتوحة على الطعام. صابرين ابنة السبع وعشرين سنة أجرت بدورها عملية لتكبير شفتيها مرتين فمفعول العملية لا يدوم أكثر من ستة أشهر. وهذه العملية جعلتها على حد تعبيرها «سكسي» أو جذابة، فهي تحب الاعتناء بنفسها، وبجمالها، وتفرح بنظرات الشباب وبعض تعليقاتهم، لأنها تزيدها ثقة بنفسها أحياناً. صابرين لم تشأ أن تجري العملية هذه بشكل دائم, وفضلت أن تجريها على فترة قصيرة ولو اضطرت لإجرائها مرات عدة، فمن الممكن في رأيها أن تظهر «تقليعات» جديدة في هذا المجال، خصوصاً أن موضة عمليات التجميل تتبدل بسرعة كما تقول. صابرين لم تخف أنها ستقوم بإجراء عملية لتكبير صدرها إن رأت أنها تحتاج الى هذا الأمر، لكنها معجبة حالياً بشكل جسمها، بخاصة أنها تحافظ على جسم «مشدود وممتلئ». أما نادية، ابنة الخمسة وعشرين ربيعاً، فتريد أن تجري عملية شفط الدهون، خصوصاً أن وزنها غير متناسق مع طولها ( 168 سم، 98 كغ) وهو ما يشكل «مأساة» بالنسبة اليها، مع أنها تؤكد أنها لا تشعر بثقل في حركتها، خاصة أنها تتحرك بسرعة وبشكل مستمر من دون أن تشعر بالتعب. فهي معتادة على وزنها منذ سنوات عدة، كما أنها لا تخجل من ارتداء لباس البحر على الشاطئ، وكل ما تشتهي من ملابس في مختلف المناسبات. إلا أنها ترى أن عليها الإقدام على هذه الخطوة عاجلاً أم آجلاً، فهي ألغت موعد العملية الذي كانت حددته سابقاً، لأنه كان عليها الاختيار بين استثمار نقودها التي كسبتها من عملها في محل البيتزا إما في العملية، واما في اتمام دراستها في فرنسا. وكان الاختيار الاول للدراسة والسفر لما فيه من متعة وفائدة معاً. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 21 أوت 2006)
العانسات والصيف:
فتيات يغفل عنهن »النصيب »ولا يرحمهن المجتمع
» فصل الصيف، أكرهُه، أكرهُه، أكرهُه » صرخت بها ثلاثا ثم وضعت يديها على وجهها المكسوّ بالتجاعيد في محاولة معتادة لإخفاء عينيها عن نظرات الآخر التي طالما التهمتها بأعين الشفقة والحيرة في أمرها. هي فتاة جميلة ومحترمة، يكنّ لها الجميع المحبة والإعجاب لطيبة قلبها ورصانتها ومع ذلك لم تسعفها هذه الصفات بـ »ابن الحلال » ذاك الذي مازالت تنتظره دون يأس منذ أكثر من ربع قرن. »سئمتُ الصيف. وصوت مزامير السيارات بات يؤرّقني، كلمات يُلقيها الجميع على مسمعي تُصيبني كالسهام الحادّة ولا تقتلني : »ماذا ينقصك؟ هل فقد الرجال حاسة البصر؟ متى سنأكل قطعة البقلاوة؟ »…وتدخل الفتاة في هستيريا من الضحك وتقول بمرارة قاتلة : »ابنة أخي ستتزوج وهي في سنّ العشرين، وها أنذا أخيط لها ملابسها..هذه الحياة غريبة وقاسية… وكفى، لا أريد أن أضيف أكثر… ». تلك كانت بعض الجروح التي اكتفت فتاة الخامسة والأربعين بتسريبها إلينا. ولئن غفل النصيب عنها وعن الآلاف من مثيلاتها لأسباب متعدّدة، فإنّ أعين الآخر وكلام الناس لم يغفلا عن انتقاصها أو الشفقة عليها بل قذفاها وقذفا الكثيرات بألقاب بغيضة تعمّق الإحساس بالإحراج والألم. عانس…بائرة… تلك هي السهام التي تخشاها كل فتاة تجاوزت ربع قرن من عمرها يدخلها المجتمع أو الأسرة في تلك الدوامة غصبا عنها فتكون المرارة والألم نصيبها… »حقائق » أرادت ونحن في فصل تكثر فيه حفلات الزّواج والخطوبة أن تُلامس عن قرب هذه الظاهرة وترصد نفسية الفتاة »العانس » بين مزامير السيارات وتعليقات الأسرة والمجتمع…وبين هذا وذاك ينفتح الحديث عن الظاهرة وأسبابها وتنفتح جروح عميقة أبت غصبا أن تندمل في غياب الزوج المنتظر… رغم ما تدّعيه مجتمعاتنا من المساواة بين الجنسين إلا أن هذا الأمر لا يتعدّى أن يكون نظريات تراها بعض النساء بعيدة عن التنفيذ ويستشهدن بالحديث عن ظاهرة العنوسة تجسيدا لهذا التمييز بين الجنسين. فرغم أن هذه الكلمة »عانس » تطلق لغويا على الجنسين إلا أن مجتمعاتنا العربية تجعل استعمالها حكرا على الفتاة والمرأة بينما يفلت منها الرجل. نحن لا نعترض على هذا التحيز لو كانت الكلمة تحمل شحنة ايجابية غير أنها كلمة يصفها البعض بالمستهجنة والبغيضة لما تحمله من معان تقلل من قيمة المرأة وتجعلها في وضعية محرجة اجتماعيا ويفضّل البعض مصطلحا خاليا من كل انطباع كمصطلح تأخر سن الزواج.. ولئن كانت هذه الكلمة لا تعتبر مصطلحا علميا فإنها عند البعض تعتبر مصطلحا اجتماعيا »اتفق » العرب على أن يجعله »يلائم » الفتاة إذا ما تجاوزت سنّا معيّنة مهما كان هذا التجاوز اضطراريا أو قسريا. والجدير بالذكر أن الثقافة العربية بالخصوص تجعل فارقا شاسعا بين الرجل والمرأة بخصوص سنّ الزواج. فالمرأة بتقدّم سنّها دون زواج تصبح مشكلة عند عائلتها وأمام المجتمع وسرعان ما تنعت بالعانس أو البائرة. إلا أن الرجل لا تطرح في مجتمعاتنا القضية بالنسبة إليه فبالعكس كلما تقدم في السن عند بعض العائلات فإنه يكون مرغوبا فيه لمصاهرته. فتقدّمُه في السنّ عنوان على نضجه ورجاحة عقله في حين أنّ ذلك دليل بعيد كل البعد عن هذه المزايا بالنسبة إلى المرأة. ظاهرة عالميّة ملاحظة أخرى نسوقها في هذا الموضوع. إن ظاهرة العنوسة لم تكن مشكلة اجتماعية مطروحة في القديم في مجتمعاتنا بل تكاد تكون هامشية ومحدودة. كما أنها تعتبر ظاهرة عالمية تخص كل المجتمعات دون منازع ولا تُعدّ حالة فردية خاصة إذا ما رجعنا إلى الدراسات الميدانية التي يقوم بها في تونس الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري. فحسب الإحصائيات الأخيرة فإن سن الزواج لدى الفتاة التونسية ارتفع إلى ما فوق 29 سنة ويتراوح في حالات عديدة بين 30 و .39 »لا أحد ينكر أن هذه السنّ متقدمة بالنسبة إلى زواج الفتاة مقارنة بالعقود السابقة. فمن البديهي رغم أن لهذا التأخر أسبابه ان يكون له تأثير ظاهري على الفتاة مهما كانت قدرتها على التجاوز خاصة ونحن نعيش في بلد تكبله العادات والتقاليد » كذا عبرت عن رأيها محدثتنا وهي فتاة تجاوزت سن الأربعين غير أن الأمل في إيجاد زوج لم يفارقها. تعبر لـ »حقائق » بين اللاّمبالاة والتحسّر عن حالتها : » في واقع الامر، لا أهتم شخصيا بمسألة تأخر زواجي. خاصة انه لا شيء يشجع على الزواج اصلا فلا الرجال هم الرجال ولا الظروف هي الظروف. حتى نماذج الأزواج الذين أعرفهم لا يشجعون البتة على الزواج. غير أن مشكلة زواجي أصبحت عند أهلي هاجسهم الوحيد خاصة والدتي فهي لا تنفك عن البكاء كلّما سمعت بزواج إحدى قريباتنا. وصرت بدوري أفكر في الأمر لأتفادى حسرتها علي ». في بعض الحالات تحاول الفتيات تجاوز المشكلة وبعضهن لا يعتبرنها أصلا مشكلة غير أن بعض العائلات لها دور كبير في تصعيد التوتر لدى هذه الفئة الاجتماعية فيجدن أنفسهن بالتالي يدخلن في نفس المنظومة. هناك أيضا من يعانين من نظرة المجتمع إليهن غير أنهن لا يستطعن الانزواء رغم أن بعضهن يجدن راحتهن فيه. إحداهن تعترف »أجد نفسي مضطرّة في أحيان كثيرة لحضور حفلات الزواج، أحاول خلالها تجنّب النعوت القاسية فيكفيني أنهم ينعتونني بالبائرة أو العانس ولا أريد أن يضاف إليّ نعت جديد كأن أصبح في أعين البعض عانسا و »معقّدة » أو »حاقدة » أو »غيورة » فذلك كثير عليّ. هل تتصورين الإحساس الذي أشعر به وأنا أحضر زفاف صبيّة حضرت ولادتها وتناديني بأحد الألقاب؟ كم يلزمني من القوة ورباطة الجأش كي أظهر أني عاديّة؟ وفي حالات عديدة أخرى لا يراعي الناس شعوري فتجدهم يلحّون عليّ كي أرقص أو أزغرد…مواقف صعبة جدّا تضعني أمامها الحياة.. ». تواجه الفتاة »العانس » غالبا بعض الانتقادات من الغير ولربما تستباح أشياء لغيرها من الفتيات اللاتي لم يتجاوزن بعد سن العنوسة لكنهن لا يرحمنهن. إذ تكون الأعين مسلطة عليهن يراقبن تصرفاتهن وقد يصل الانتقاد والرقابة إلى نوعية اللباس وأوقات الدخول والخروج من منازلهنّ. وفي أحيان أخرى تُدفع الفتاة ذاتها إلى انتقاد ذاتها من فرط التعليقات التي توجه إليها لأنها لم تفلح في نيل إعجاب رجل يأتي لخطبتها في حين أفلحت بنات العائلة الأخريات في ذلك. وهناك من ترفض هذه التسمية أصلا وتجعل من تأخر سن الزواج بالنسبة إليها أمرا اختياريا. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ العنوسة ليست دائما أمرا مفروضا على الفتاة . فقد تكون أحيانا أمرا تتخذه المرأة نتيجة اقتناع وأسباب شخصية بحتة مثلما هو حال محدثتنا : »سئمت أسئلة الكثيرين عن عزوفي عن الزواج ونعتي ونعت أمثالي بكلمة عانس..ليكن في علم هؤلاء أنّني لا أعير أيّ اهتمام لهذه الكلمة البشعة ولن أجعلها تؤثّر في اختياراتي، وعلى مردّدي المثل المصري »ظلّ راجل ولا ظلّ حيطة » أن يراجعوا أنفسهم لأن الرجل اليوم أصبح في الظلّ بعد أن استغنى بعضهم عن مقومات رجولته ونخوته حتى صارت الواحدة منّا »أرجل منه » لهذا وبكل صراحة لا أجد نفسي في حاجة إلى هذا النوع »الجديد » من الرجال كما أني أجد أن السبب الرئيسي للارتباط به أصلا لم يعد موجودا ». هذا رأيها طبعا ولم نشأ مجادلتها فيه. خلاف على الراتب… ويطرح فؤاد مسألة ارتفاع تكاليف الزواج والظروف المادية من زاوية أخرى، فيرى أن الفتاة التونسية العاملة ترفض قطعيا المساعدة في مصاريف الزواج وتتصور أن أي حديث عن هذه المساعدة أو مجرد حديث خطيبها عن مالها يعتبر طمعا وسوء نية… »بما أن الحياة صعبة على الشبان مثلي وهم في بداية الزواج أرى من البديهي أن تشارك الخطيبة خطيبها مصاريف الزواج ليتمكنا من العيش في بيت واحد. غير أن الفتاة التونسية تكون رقيقة للغاية لكن بمجرد الحديث عن راتبها والمشاركة المادية سرعان ما تختفي تلك الرقة ويظهر الوجه الحقيقي. فهي تتصور أن الرجل لا يرى منها غير راتبها وهي وإن فكرت بهذه الطريقة فهي تحطّ من قيمتها بنفسها لأنها بنفسها تصرّح للجميع ولخطيبها بصفة خاصة أنها تفتقد كل الخصال الأنثوية والأخلاقية والإنسانية وتجعل من نفسها لا يميزها إلا نقودها. هذه قمة الإهانة الذاتية..لذلك فالفتيات باقيات في منازل أهلهن يحرسن راتبهنّ » كذلك تحدّث فؤاد بكل صراحة وتلقائية وغضب. وليس لنا في هذا المجال ان نستحسن كلامه أو نلفظه غير أن علينا أن نسوق هذه الملاحظة : إن مسألة الظروف المادية والمال بصفة عامة أصبحت من الأسباب الرئيسة في تأخر سن الزواج. فمن ناحية حين نتحدث مع الرجال العازفين عن الزواج نلاحظ منطقية في كلامهم بعض الشيء كما يراودنا نفس الإحساس ونحن نتحدث إلى الفتيات. لذلك نستمع إلى لبنى وهي طبيبة جرّاحة فلها في الموضوع رأي إذ تقول : »هناك من يتقدم للزواج وهو عازم على الزواج بفتاة تساعده ماديا فتجده قبل التعرف إليها يفرض هذا الشرط ويصرح دون أي حرج أنه يريدها صاحبة وظيفة و راتب قار. وهذا ما يؤلم. فمن المفروض أن يترك الرجل العلاقة تسير وفق نسقها الطبيعي لأن المرأة إذا ما تعرفت إلى شخص وتطورت بهما العلاقة إلى الحب ثم إلى الزواج، فمن البديهي أنها ستساعده و تنفق من راتبها أو من راتبه لأن لا فرق بينهما. لكن للأسف فإن الرجل يبني هذه العلاقة منذ البداية على الماديات و ليس من أجل شخص الفتاة. وهذا ما أرفضه شخصيا ». وتواصل حديثها من خلال تجربتها الشخصية : »مرة تقدم لي شخص راتبه لا يتجاوز بعد خصم القروض عشرين دينارا فلذلك هو مضطر ليتزوج فتاة تساعده ماديا و في نهاية الأمر فإن هدفه يتمثل في الراتب و ليس المرأة حيث أنه قبل أن يتحدّث عن الشروط التي يريدها في المرأة يطرح مسألة الدخل القار ومدى استعداد الفتاة لمساعدته. أتصور أن الأمر صعب جدا أن يتقدم لك شخص و أنت تعلمين أنه لا يستطيع أن يعيش بمفرده من الناحية المادية ». بين الظروف المادية الصعبة وغلاء تكاليف الزواج، فإن الشباب التونسي يبقى في تردّد من هذه الخطوة لأن هناك حسب محدثتنا أزمة ثقة فهي تقول »ما أريد أن أؤكّد عليه هنا هو وجود أزمة ثقة بين المرأة والرّجل و يعود ذلك إلى عدّة أسباب منها أنّ المرأة تتأخّر في إنهاء مسارها التّعليميّ و تفضل أمورا على أخرى، وبمجرد تحرّرها اقتصاديّا وماليّا تصبح لها تطلّعات أخرى خاصّة، فلم تعد تدخل في قالب تطلّعات المرأة منذ عشرة أو عشرين سنة خلت ممّا ينقص إحساس الرّجل بسلطته وهنا نقف عند أزمة جديدة وهي السلطة المفقودة ». الفتاة المتعلّمة تُخيف… حسب إحصائيات المصدر المذكور أعلاه فإنّ 34 من الشباب يرى أن التعليم يعتبر سببا كذلك في هذه الظاهرة. كما من الملاحظ أن نسبة تأخر الزواج لدى الفتاة والفتى تتقارب في هذا الجانب إذ تمثل انتظار إتمام الدراسات الجامعية لدى الفتاة 7718 في حين لدى الشبان يمثل 11.21 ويعتبر معدّل عمر الزواج بالنسبة للاتي يتمتّعن بمستوى جامعي حوالي 32 سنة في حين أنهنّ يتمنّين الزواج في 25 سنة ولئن كان انتظار إتمام الدراسات الجامعية هو السبب لدى بعضهم وبعضهن لعدم الإقبال على الزواج إلا أن هذا السبب يجعل من تأخر سنّ الزواج أمرا اختياريا من جهة ومفروضا من جهة أخرى. فالتعليم يأخذ من بعض الفتيات التونسيات أحلى فترات عمرهن ويجعلهنّ يفضّلن إتمام دراستهنّ الجامعية على الزواج. غير أن البعض منهن بمجرد حصولها على الشهادة الجامعية تجد نفسها أمام مشكل الزواج لاسيّما أنّ بعض الرجال التونسيين يبقى متمسكا بموروثه الثقافي فلا يقبل الزواج بفتاة تجاوزت سن 25 من جهة ولا يقبل الفتاة المتعلمة من جهة أخرى. لذلك فإنّ الملاحظة العينية لمؤسساتنا التونسية الممتلئة بفتيات مازلن في انتظار الزوج الموعود قد تؤكّد هذه العقلية والأرقام. كما تفيدنا الإحصائيات أنه كلما تقدّمت الفتاة في التعليم كلّما نقص حظها في الزواج. فمثلا درّة وهي أستاذة جامعية تحدثنا من منطلق تجربتها قائلة : »من خلال تجربتي الشخصيّة وتجربة صديقاتي، اكتشفت أنّ الفتاة المتعلمة لا تجد حظها في الزواج بسرعة، ذلك أن الشاب اليوم مع الأسف ما زال يُفضّل علينا الفتاة ذات المستوى التعليمي المتوسط أو الضعيف، بحجة أن لنا خبرة في الحياة وأننا قادرات على أن نناقشه ونحاوره في حين أنه يفضّل امرأة خاضعة مستكينة يفرض سيطرته الكاملة عليها وعلى الأسرة التي ينوي إنشاءها. وطبيعي أنّ هذا الوضع من شأنه أن يبعده عنّا ويجعلنا تبعا لذلك نفضّل البقاء دون زواج على ارتباط قائم على سيطرة ذكورية متخلفة ». وتضيف كوثر وهي مهندسة معمارية تعرّضتْ أكثر من مرة إلى حالات رفض الرجال الزواج بها فقط لأنها متعلمة : »غير صحيح أن الرجال يحبذون المرأة المثقفة و المتعلمة، فتصريحاتهم كلها لا تتعدّى أن تكون مجرّد كلام في الهواء. فهُمْ عندما يقررون الزواج لا يبحثون عنا، و أنا شخصيا تعرّضت أكثر من مرة إلى مواقف مع رجال من هذا النوع فهم يقولون لي حرفيا : »أنت فتاة ممتازة لكنك تخيفينني والمقصود بـ »تخيفينني » هو أنك تفكرين. فالمرأة المتعلمة تفكر، أي أنها ستشاركه في كلّ قراراته وتحدّ من سيطرته ». وفي نفس السياق تتدخل سلمى وهي أستاذة أدب أنقليزي لتبيّن أن العلاقة الزوجية حسب رأيها »لا تقتصر على السيطرة أو فرض الرأي فقط، بل هي علاقة ترتكز على التوازن حيث من المفروض أن يجد كلّ طرف نصفه الثاني القادر على أن يكوّن معه علاقة متوازنة. غير أنّ الرجال اليوم »يصاحبون » الفتاة المتعلمة المثقفة لكنهم عندما يقررون الزواج يختارون فتاة ترتكز مهاراتها على شؤون البيت أكثر منها على اتخاذ القرارات و تبادل النقاشات ». وترفع درّة الخطأ الكلي عن الرجل وتنصفه قائلة : »في هذه النقطة بالذات من الضروري أن نكون واقعيين و ألا نضع اللوم كله على الرجل. فالمرأة كذلك لها دور في تأخر سن الزواج، و للأسف نرى أن هناك فتيات يُقدّمْن للرجال فكرة خاطئة عن الفتاة التونسية ذلك أنهنّ ما إن يصلن إلى مستوى تعليمي معين أو إلى مستوى مهني معين تجدهن يحاولن فرض سيطرتهن وآرائهن و ينسين أنوثتهنو خاصة دورهن في المجتمع كأمهات ومصدر للحب و الحنان إذ يلجأن إلى فرض وجودهن بالقوة و هذا ما من شأنه أن يبعدهن عن دورهن الأساسي و البديهي كنساء » وتضيف : »بنات اليوم -حسب ما ألاحظه شخصيّا- ابتعدن عن حقيقة المرأة مما جعل بعض الرجال يخاف منهنّ ومن زوال دورهنّ في الأسرة ». هروب وخوف… بعضهنّ يرجعن عزوف الرجال عن الزواج -وهو السبب في تأخر زواجهن- إلى أسباب نفسية واعتقادات خاطئة وهواجس لا أساس لها من الصحة في حين أن الزواج حسب البعض منهن أمر سهل لا يختلف عن الحياة العادية قبله. فالخوف من الزواج ومن المسؤولية حسب الدراسة سابقة الذكر يمثل لدى الشبان 663 في حين يمثل لدى الفتيات 22.6 وهذه الأرقام تغني عن الكلام. سميّة فتاة تبلغ 34 من عمرها تشتغل موظفة بأحد البنوك تتحدث بتمعن عن الظاهرة وتحاول بخجل أن تكون منطقية في تحليلها… »تأخّر سنّ الزواج في تونس كثيرا يعود حسب رأيي لأسباب متعدّدة أهمها أن الرجال في تونس لم تعد لهم الرغبة في الزواج، فهم يتهربون من المسؤولية ويعتقدون أن حملها أثقل من أن يتحملوه. فبالنّسبة إلى الرجل فهو حسب قوله يعيش مرتاح البال مع أصحابه، يخرج برفقتهم دون أن يحمل على عاتقه أية مشكلة،إضافة إلى أنّه لا يشعر بالحاجة إلى الزّوجة لأن بعض الفتيات يقبلن العيش خارج إطار الزواج وهذه الطريقة أسهل بالنسبة إليه وأريح. فهي تعفيه من مصاريف الزواج كما تعفيه من حماة ومسؤولية عائلة وأطفال. لكن لو تزوّج شبابنا عن حبّ ستكون المسؤوليّة و الحياة متعة يتقاسمها مع الزوجة. فالحياة بأكملها فيها أشياء حلوة و أخرى مرّة لكن الزواج لن يحوّل حياته إلى نكد بالضرورة بل بالعكس فإنّهما سيتعاونان على الحياة، فالأشياء الحلوة سيفرحان بها معا و أمّا المرة فإنهما سيتقاسمانها معا. وبالتالي سيخف عبء الحياة على الرجل عوض أن يثقل كاهله. وهذه هي النّظرة الخاطئة لمفهوم الزّواج التي يعتمدها عدد كبير من الشّباب ». و تضيف محدثتنا كوثر وهي فتاة تبلغ 38 عاما قائلة : »أتذكر يوما اقترح عليّ شخص أعرفه الزواج ووافقت لأني أعرفه جيدا لكن بعد ذلك اتضح لي أنه نفسانيا لم يكن مستعدا إذ بمجرد تلفظه بطلب الزواج اندثر ولم اعد أراه لأنه راجع نفسه فوجد أنه غير قادر على تحمل المسؤولية وخائف من المسألة » ورغم المرارة التي كانت تتحدث بها استطاعت محدثتنا في تحليل منطقي أن تثير انتباهنا قائلة : »في مجتمعنا وراء فكرة الزواج نجد فكرة الخوف. وهو في الحقيقة خوف غير موجود على أرض الواقع وإنما هو خوف موجود في الأذهان يُتوارثُ من تربية الآباء والعائلات. ذلك أنه خوف غير مبرر فمسألة الزواج بديهية وسهلة جدا تتصل بفردين يقرران الزواج في إطار قانوني. في بعض الأحيان هذه المسألة تأخذ أبعادا أخرى في ذهن الشخص أكثر من واقع، لأنه في الواقع الحياة ستتواصل على نفس الوتيرة. أريد أن أؤكد أن العديد منا يتصور أن الحياة ستتغير في مؤسسة الزواج ولكن المسائل اليومية التي نعيشها سنواصل عيشها داخل إطار الزواج. ولهذا لست اعرف ما الذي يجعل الشباب خائفا من فكرة الزواج ». وهنا أيضا لا ينبغي أن ننسى دور بعض العائلات التي تمارس ضغوطات تمنع الشّاب أو الشّابّة من معايشة مسألة الزواج بطريقة حرّة و تلقائية ممّا يؤزّم الأمر بالنّسبة إليهم فيصبح الحلّ هو الهروب إلى الأمام.. تجربة خاصة… ولئن جعلت بعضهن الزواج رهين خوف الرجال من جهة وهروبا من المسؤولية من جهة أخرى، فإن البعض الآخر يلقي »التهمة » على عاتق أسباب ثقافية ورؤية معيّنة للحرّيّة ولمؤسّسة الزّواج باعتبارها »تحدّ من الحرّيّة » كما يتصّورها البعض. تقول محدثتنا : »مؤسّسة الزّواج لم تتغير رغم تغيّر النّاس الذين بقدوم فترة الزّواج يصبحون رجعيّين في تصوّراتهم وفي رؤاهم لهذه المؤسسة…المشكل حسب رأيي أنّ هناك ظاهرة التّناقض بين فكرين، نفكّر بطريقة إلى حدّ سنّ معيّنة ثمّ نغيّر تفكيرنا، فالرّجل لم يعد هو نفسه وكذلك المرأة، ومردّ ذلك أن الرّجل يعيش حياته في فترة معيّنة وعندما يقرّر الزّواج تتغيّر طريقته في التّفكير ونفس الشّيء بالنّسبة للمرأة. بالنّسبة لتجربتي الخاصّة، فإنها لم تصل إلى مرحلة ملموسة أي إلى حدّ الزّواج، لأنّني في تجربتي الخاصّة أعيش القصّة والعلاقة وبعد ذلك أقرّر. لا أقوم بالعكس-ففي خضمّ العلاقة أكتشف عن طريق الممارسة اليوميّة إن كانت العلاقة ستوصلني إلى الزّواج أم لا، وفي تجاربي تظهر أمور وإشارات تدلّ على أنّ العلاقة لن تؤدّي إلى الزواج. هناك من يرى بالعكس، لا يدخل في العلاقة إلا بشرط الزّواج، وعلى كلّ حال فإنهما طريقتان مختلفتان في رؤية الأمور من منطلقات مختلفة. وحسب اعتقادي، لا يجب أن يكون الزّواج الشّرط الأوّلي للعلاقة. فعندما ندخل في علاقة يكون شرطها الأول هو الزّواج فإن كلّ ما يليها يكون مصطنعا ذلك أن كلّ طرف في العلاقة يسعى إلى إظهار نفسه في أبهى صورة حتّى تنجح العلاقة و تكلّل بالزّواج. وحسب رأيي تصبح العلاقة بهذه الطّريقة مغايرة للطّبيعة ». في البحث عن حلول… كثيرا ما يكون المجتمع سببا في تأزم حالة الفتاة العزباء مما يجعلها تلتجئ إلى حلول غير صائبة وعادة ما تسقطها تلك الحلول الانفعالية في وضعية أتعس من التي كانت عليها. محدثتنا رغم أن شكلها لا يوحي بأنها في عقدها الرابع فهي لا تجد حرجا في أن تذكر سنها خلافا لأغلب النساء. فرضت عليها الظروف أن تلقي بنفسها في زواج لم يدُمْ طويلا. تحدثنا بكل استسلام لقدرها وعفوية قائلة : »هربتُ من لقب »عانس » فوقعت في لقب مطلّقة وبين الاثنين يا قلبي لا تحزن. كثيرا ما كان كلام الناس يؤرّقني ويؤلم والدتي، أسئلة يطرحها العديد ممّن لهم لا ناقة ولا جمل بأمر زواجي أو عدمه، وهو وراء مصيبتي…إذ لفرط كلام الناس و »زنّهم » على أذني وأذنيْ والدتي قررت أن أقبل الزواج بأوّل من يتقدّم لخطبتي وكان لي أن تزوّجته …كان رجلا يكبرني سنا وكانت الفوارق بيننا كبيرة لكنني صمّمت على الزواج به رغم معارضة أخي… ظننت وقتها أن الحظ ابتسم لي لكن ابتسامته كانت مكرا وخداعا ووجدتني مطلقة بعد 3 أشهر من زواجي. ماذا استفدت؟ طبعا لا شيء لي شخصيّا لكن أضفت موضوعا جديدا للناس ليتحدثوا فيه عني ». تتوقف عن الكلام قليلا ثم تواصل حديثها. كلام الناس لا يرحم، ولست أدري ما ذنبي إن كنت لم أتزوج في سنّ مبكرة أو ما ذنبي إن كنت عانسا أو مطلقة. لست ادري ماذا سيستفيد الجميع من مسالة عنوستي أو طلاقي ؟!.. ليسامح الله الجميع ». تخبرنا متخرجة جديدة في علم النفس وهي فتاة لم تطلها بعد الظاهرة فهي في سن الـ 25 بما يلي : »في تونس تتعدد أسباب زواج »البائرات » هناك من تتزوج بحثا عن وضعية جديدة تخرجها من وضعية العانس. كما أن هناك من تتزوج لان الوقت حان للزواج ومن ثمّة الإنجاب ومنهن من تتزوج لإسكات أهلها أو لأنهن ضجرن من أهاليهن فيكون الزواج هروبا من ضغوطات العائلة. وهنا ندخل في صورة البحث عن شريك يناسب وضعيتهنّ كأن لهن كراس شروط ويبحثن عمّن يوافق الشروط المنصوص عليها في ذلك الكراس ». وتلاحظ محدثتنا أن هناك حالات عديدة تقوم على هذه الأطر الغاية منها الدخول إلى حالة مدنية جديدة أو الدخول إلى الأمومة ». «حلول» عند العرافين ؟! ولئن رضيت بعضهن بالزواج ممن لا يناسبهن للخروج من لقب »العانس » فإن الحلول عند بعضهن كثيرة ومتنوعة. وقد لا نستغرب بعضها ولا نربطها بمستوى بعضهن الاجتماعي أو المهني أو التعليمي. وبالتحدث إلى مجموعة من العرافين وقراء الكف، أمدونا بمعلومات أقل ما يمكن القول عنها أنّها تثير الانتباه. إذ أن أغلب رواد هذه »العيادات » من النساء وخاصة منهن العانسات والأكثر من ذلك أن هؤلاء العانسات أغلبهن ذوات مستوى تعليمي عالٍ أتين بعد يأس من الحلول المنطقية ويأس من مجيء ابن الحلال بالطريقة العادية ليبحثن عن »المكتوب » بطرق تتجاوز العادي والطبيعي. فبعضهن أتين غصبا »تسوقهن » أمهاتهن، وهناك من أتت رفقة صديقة لها كان للشيخ الفضل في خطوبتها، والبعض الآخر أتين في غفلة من رقابة الأهل والمجتمع. كانت أغلب أسئلتهن حسب ما قالته لنا عرافة تحوم حول استغرابهن من عزوف الرجال عن الاقتران بهنّ..وفي محاولة منهن للحفاظ على كبريائهن يجعلن السبب في ذلك ميتافيزيقيّا. ربما الشعوذة وراء هذا »الكساد » أو السحر أو ربما هو عمل من أعمال الجان ». إن ثنائية اليأس والأمل تدفع بعضهن إلى التصرف على غير عادتهن وعلى غير مستواهنّ. تخبرنا زينب بكل إحراج وخجل : »ربما يحتقرني البعض لأني أوكل مأساتي للعرافة، لكن لا احد له الحق أن يلومني لأني وحدي أعاني من هذه المشكلة. فمن الصعب أن أرى للأسف الفتاة التي تعرف الكذب و النفاق مع الرجال تصل إلى هدفها، وأنا لا أصل . فعندما أسمع الفتاة تتحدّث عن الرجال أشعر أن الرجل بالنسبة لها هدف تصل له أو تحد لغايات متعددة مادية أو لينقذها من وضعية عائلية معينة. فالزواج بالنسبة لها ليس سوى وسيلة هروبل. وللأسف فإن بنات العائلات باقيات في ديار أهاليهن في حين من هن أقبح شكلا وأخلاقا هن اللاتي يتزوجن ». وتضيف : »على العموم بمجيئي إلى هنا هناك إمكانية للخلاص من العنوسة الملعونة » …. من الخطير بمكان أن تنزلق المتعلمات من فتياتنا إلى هذا المستوى من اليأس الذي بدوره يوقع كل واحدة منهن في مأزق. فلئن كانت بعضهن تتزوج زيجة سيئة والأخرى تهدر أموالها على العرافين فإن بعضهن يلتجئن إلى الـ »نات » كوسيلة للتعارف. ومعهن حكايات وحكايات…. الفتاة التونسية كثيرة المطالب… »لست أدري لماذا لا تحاول الفتاة التونسية مساعدة نفسها للخروج من العزوبية؟؟ » كذلك تساءل أحد الشبان وهو موظف حكومي. »فهي من جهة تسعى بكلّ جهدها لتتعرف إلى رجل وتقنعه بالزواج. ولكن بمجرد إقناعه بذلك تنقلب شخصيتها وتجدها قبل أيام معدودات من الزواج تقدّم قائمة طويلة وعريضة من الشروط ناسية أن متطلبات الحياة اليوم أصبحت صعبة. فمن المستحيل أن نحقق كل الشروط المشطة وأن نجلب كل الطلبات دفعة واحدة. فالفتيات اليوم أصبحن ماديات جدّا وغير متفهمات. وحتى المتفهمات منهنّ، فشخصياتهن ضعيفة مما يجعلهنّ يرضخن إلى سلطة أمّهاتهن. وبصراحة نيّة الزواج عندي موجودة غير أن الظروف المادية لا تسمح بذلك أمام ارتفاع الأسعار وطلبات العروس وأهلها ». أثبتت الدراسات أنّ الشباب التونسي واقعي وقادر على فهم الأسباب التي تكمن وراء تأخّر سنّ الزواج فهما جيدا إذ أنّ 56% منهم يعتقدون أن الظروف الاجتماعية وانتظار التشغيل وصعوبة الحصول على منزل الزوجية وغلاء تكلفة الزواج كلها أسباب تجعل الزواج يتأجّل عند البعض. هذه الأسباب تجعل من ارتفاع سن الزواج أمرا اضطراريا. فبالرجوع إلى إحصائيات الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري لسنة 2002 نلاحظ أن ارتفاع تكاليف الزفاف يُعدّ من أهم أسباب تأخر سن الزواج والذي يمثل عند الفتيات 9930 أما عند الشبان فهو 99.33 إن بعض العائلات التونسية اليوم مازالت تستند إلى العادات والتقاليد في مراسم الزواج غير عابئة بصعوبات الحياة والظروف المادية البسيطة التي يعيشها شاب اليوم المقبل على الزواج. هذا الشطط في الشروط والإغفال عن هذه الحقائق الجلية للعين يجعل الشبان يعزفون عن الزواج فيتأخر زواجهم إلى سن تتجاوز 34 خاصة بالنسبة إلى الجامعيين في حين ترتفع النسب بالنسبة للمتعلمين تعليما ثانويا فتصل إلى 35 سنة. هذا الـتأخر بسبب التعليم يصاحبه بعد التخرج تأخر بسبب الظروف المادية البسيطة ذلك أن بعض الشبان في بداية حياتهم المهنية يشكون من رفض عدة أسر تونسية مصاهرتهم على غرار أمين وهو محام في بداياته إذ يعترف لـ »حقائق » أنه صدم من طرف عائلة تونسية مثله مثل العديد من أصدقائه كما صدم من الظروف بصفة عامة. »بمجرّد تخرجي وتعييني في أحد المكاتب تعرفت إلى فتاة وكنت جديا للغاية معها، قابلت عائلتها لأجعل العلاقة مقبولة اجتماعيا غير أني قوبلت بالرفض لكوني مازلت في بداية طريقي…وبصراحة منذ ذلك الوقت قرّرت ألا أحرج نفسي… » وها أنا اليوم عندما تحسّنت ظروفي أصبحت محلّ اهتمام عائلات كثيرة تريد مصاهرتي ». زواج الفتاة حسب دراسة ميدانية عن الشباب قام بها الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري سنة 2001، فإن للشباب رؤية مخالفة للواقع في شأن زواج الفتاة. فهم يعتقدون أن معدل سنّ الزواج المرجوّ يتراوح بين 22 و 23 في حين أن معدل سنّ الزواج الحقيقي هو 29 سنة. كما أن 90 % من الشباب يعتبر أن سنّ الزواج يجب أن يكون أقل من 27 سنة كما أنهم يرون أن 99% من حالات الزواج يكون السنّ فيها أقلّ من 31 سنة. وجدير بالذكر أن نسبة الفتيات العازبات اللاتي يتراوح سنّهنّ بين 30 و39 سنة تصل في الحقيقة إلى 23% . هذا الرأي حول العمر الأمثل لزواج الفتاة يدفع عددا كبيرا من الفتيات الشابات العازبات اللاتي تجاوزن هذا العمر لمراجعة طموحاتهنّ ورغبتهنّ في تأسيس أسرة والابتعاد عن الصورة المثلى عن العائلة التي يحلمن بها كي يتمكّنّ من الهروب من العزوبية. في الريف و الحضر العنوسة في الريف تختلف عنها في الحضر، وفي الدول العربية عنها في الدول الأجنبية. وتنخفض سنّ العنوسة عادة في المجتمعات غير المتقدّمة أكثر من المتقدّمة، بمعنى أنه في مجتمع الريف إذا ما تجاوزت الفتاة سن 25 تسمى عانسا فتدخل الأسرة في مرحلة القلق، لكن في المدن يبدأ القلق من سنّ الثلاثين ومع تطور المجتمع ارتفع سنّ العنوسة إلى 33 سنة وهذا أمر طبيعي، إذا ما قارناه بالدول الأوروبية التي تصل فيها إلى 40 سنة. وكما أن النظرة إلى العنوسة تختلف من مجتمع إلى آخر فهي تختلف من أسرة إلى أخرى. فالأسرة تقلق بعد تخرّج ابنتها من الجامعة بعامين دون أن تتزوج ويزداد القلق خاصة في المجتمعات العربية مع ارتفاع سنّ الزواج. كما أثبتت الدراسة الميدانية أن سنّ الزواج بالنسبة إلى الفتاة الحضرية يفوق سنّ الزواج بالنسبة للفتاة الريفيّة. زواج الفتى 27 سنة هو العمر المرجوّ للزواج بالنسبة للشبان والملاحظ أن هناك فارق 5 سنوات بينهم وبين الفتيات. والملاحظ أن 50 من الشبان بين سنيّ 30 و34 مازالوا في فترة العزوبية وأن 20 بين سنّي 35 و 39 وأنّ 36 % يتراوح أعمارهم بين 30 و 39 سنة. نسبة »العنوسة »في بعض المجتمعات في الإمارات العربية المتحدة: أظهرت دراسة حديثة عن أسباب تأخر سن الزواج في دولة الإمارات نشرت في إحدى الصحف المحلية أن نحو 50% من الشباب يرون أن الشروط التعجيزية التي يضعها الأهل تقف حجر عثرة في طريق إتمام زواجهم المبكر، وهي السبب في عزوفهم عن الزواج. في المغرب: كشفت الإحصاءات التي أجرتها اللجنة الخيرية للزواج بجدة على الرسائل والمكالمات الهاتفية الواردة من المغرب أن أكثر من 99% من طلبات الزواج التي تأتي من المغرب لنساء، وأكثر من نصف هذه الطلبات تريد صاحباتها عرسانا يعيشون خارج المغرب، ولا يشترطن شروطا معينة مثل الجنسية، أو كون الشاب لم يسبق له الزواج، أو صغر السن. في الكويت ارتفع إجمالي عدد العوانس والمطلقات والأرامل إلى نحو 40 ألف امرأة كما جاء في الإحصائية الرسمية التي نشرتها اللجنة الاجتماعية لمشروع الزواج بالكويت في جريدة »الأمة الإسلامية ». وتشكل نسبة العوانس والمطلقات والأرامل نحو 40% من إجمالي عدد النساء في سن الزواج »فوق العشرين عاما ». في الأردن: زادت نسبة العنوسة نتيجة العديد من العقبات التي تقف في طريق الزواج كما ذكر عدد من أعضاء مجلس النواب الأردني في جريدة »المسلمون » وأثار النواب الأردنيون موضوع الإسكان كعقبة يشكو منها الراغبون في الزواج. في باكستان: تزداد نسبة العنوسة يوما بعد يوم بسبب التقاليد التي تفرض على المرأة تجهيز بيت الزوجية، وهي عادة قديمة منذ أن كانت باكستان والهند وبنلاديش بلدا واحدا، ورغم حصول الاستقلال لباكستان عام ص1947 إلا أن رواسب التقاليد الهندية مسيطرة على أغلب شعب باكستان المسلم. وقد أظهرت الإحصائيات التي قامت بها إحدى الصحف الباكستانية ارتفاع نسبة الانتحار بين النساء الباكستانيات، والسبب هو عدم قدرة المرأة على تجهيز منزل الزوجية، وإحساسها بالفشل في طريق الزواج. الفة جامي (المصدر: مجلة حقائق، العدد 1077 بتاريخ 17 أوت 2006)
في أغرب قضيّة متشعّبة بصفاقس:
أيّهما الظـالم ومن هو المظـلوم ؟
رغم الأحكام القضائيّة الصادرة في كلا الاتّجاهين، وقرارات التفقديّة العامّة للشغل وتدخّل المركزيّة النقابيّة تعيش جهة صفاقس أغرب قضيّة شغليّة تدور أحداثها بين الاتّحاد الجهوي للشغل بصفاقس ممثلا في الكاتب العام الجهوي السيد محمد شعبان من جهة ومن جهة أخرى الاتّحاد الجهوي للأعراف بصفاقس عبر الإدارة العامّة للمصنع التونسي لأدوات الترتيب »التقدّم »… وقد شدّت هذه القضيّة الرأي العام النقابي في كلتا المنظمتين عمّالا وأعرافا حيث كانت حاضرة في اجتماع الهيئة الإداريّة لاتّحاد الشغل في ربيع 2006 والمجلس الوطني بطبرقة واحتفالات غرّة ماي بتوزر دون نسيان أشغال مؤتمر 26 جويلية للاتّحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة بصفاقس وحتّى بعض الصحف الأجنبيّة. ولئن كان منتظرا أن تخيّم هذه القضيّة على احتفالات 5 أوت 1947 حيث تصّر حوالي 20 عاملة على الاعتصام بمواقع العمل منذ جوان 2005 بسبب تجديد عقود بعضهن لفترة محدودة في ما يصرّ بقيّة العملة على مواصلة الشغل واستئنافه تطبيقا لمبدإ حرّية العمل الأمر الذي كاد يتسبب مرارا في توتّر العلاقة بين الطرفين… أمّا الإدارة العامّة للتقدّم فقد اعتمدت طريقة »الصد عن العمل » في مناسبتين مؤكّدة على أنّ الاعتصام يمثّل اعتداء صارخا على حريّة العمل واحتلالا للمصنع من طرف بعض الغرباء عن المؤسسة » بينما يؤكّد الطرف النقابي »أنّ »الاعتصام يندرج ضمن الوسائل المشروعة للدفاع عن حقوق العاملات الموقوفات عن العمل »… ولئن يؤكّد الطرف النقابي أنّه لا يوجد غرباء ضمن المعتصمات غير النقابيين المتضامنين معهنّ فإنّ الممثل القانوني لهذه المؤسسة يفنّد ذلك معتبرا أنّ العناصر الحاضرة في مؤسسته تفتقر للصفة النقابيّة وتعمل في بعض شركات المناولة وتتولّى حراسة المعتصمات اللاتي انقطعت العلاقة الشغليّة بين ثماني عاملات من ضمنهنّ مع المؤسسة بموجب أحكام قضائيّة، أما العشر الأخريات فإنهنّ محلّ تتبع بمقتضى قضيّة جزائيّة تتعلّق بمنع حريّة العمل ».. وبيّن عرف يعتبر أنّ »مؤسسته تمّ تجميد نشاطها بوسائل غير مشروعة وأنّ ممتلكاته معرّضة للخطر »، وعامل يتمسّك بحقوقه في الشغل، وعاملات يتشبّثن بالاعتصام ظلّت السلطات الجهويّة تتابع المسألة عن كثب ولكن دون أن تتدخل والحال أنّها الحكم بين مختلف الأطراف المتنازعة، وقد يكون والي الجهة الجديد، وخلافا لغيره من المسؤولين المحليين والسابقين، أعار هذه المسألة اهتماما كبيرا حيث شرع في تدارس هذه المعضلة التي استعصى حلّها لأسباب عديدة قد يأتي المرء عليها لاحقا شأنها شأن وضعيّة عدّة مؤسسات أخرى في جانبيها عمّالا وأعرافا.. ورغم أنّ الرأي العام، منظّمات وجمعيّات وأحزابا وشخصيّات، كان ينتظر أن تشهد جهة صفاقس في 5 أوت 2006 تصعيدا بين مختلف الأطراف المذكورة فإنّ روح المسؤوليّة تغلّبت لدى بعض الأطراف احتراما لدماء شهداء ملحمة 5 أوت 1947 وتمكينا للسلط الجهويّة الجديدة من تدارس الملف، فهل تشهد مثل هذه الحالات حلولا عاجلة طبقا للقانون وتأمينا للاستقرار ودفعا للتنمية أم تظلّ دار لقمان على حالها فتتعقّد هذه الوضعيّة وتنعكس سلبا على العمّال والمؤسسة معا في ظلّ التعتيم الإعلامي الذي حفّ بهذه القضيّة واللامبالاة التي طبعت معالجتها؟ محمد باديس (المصدر: مجلة حقائق، العدد 1077 بتاريخ 17 أوت 2006)
مساءلات صيفيّة
أجمع أوراقي وأركن للراحة الصيفيّة بضعة أيّام، لكنّي أحمل مجموعة من الأسئلة أتوقّع مقدّما أنّها سترهق راحتي وستبعثر أفكاري. إذا كان صحيحا ما ذكره السيّد حسن نصر الله من أنّ إسرائيل كانت تخطّط لغزو لبنان في شهر سبتمبر أو أكتوبر فهل كانت الحكمة تقتضي أن يكشف المخطّط لمنع الاجتياح أم أن تقدّم الذريعة لإسرائيل للتعجيل بتنفيذ ما خطّطت له؟ ولماذا لم يبادر رعاة حزب الله بنصرته إذا كانت المقاومة واجبا على الجميع؟ لماذا يكون تطبيق القرار 1559 من الفروض، وتطبيق كلّ القرارات حول الحقوق الفلسطينيّة من باب النوافل؟ لماذا هرولت القوى الغربيّة لدعم الحكومة اللبنانية عندما كان الخصم سوريا وخذلتها أمام إسرائيل وتراخت في استصدار قرار لوقف إطلاق النار يحقن دماء المدنيين ويحمي الأطفال الأبرياء وتركت لبنان يدمّر على رؤوس أهله؟ كيف يسكت العالم المتحضّر على 10 آلاف سجين عربي في السجون الإسرائيليّة ويسمح باستباحة كلّ المحظورات من أجل ثلاثة جنود مخطوفين كان يمكن استرجاعهم بالوسائل السلميّة؟ كم العدد الذي سيبلغه الضحايا المدنيّون في العراق وفلسطين ولبنان (وقد تفتح جبهات أخرى( قبل أن يقوم »الشرق الأوسط الجديد » الذي تبشّر به الإدارة الأمريكيّة؟ أيّهما أكثر ذكاء : الدبلوماسيّة الأمريكيّة في الشرق الأوسط أم القنابل الأمريكيّة الذكيّة التي أرسلت إلى الجيش الإسرائيلي؟ لماذا لم تهتمّ قناة »الجزيرة » بما ذكرته بعض الصحف عن المسار الذي اتخذته القنابل الأمريكيّة الذكيّة لتصل إلى إسرائيل؟ هل كانت بعض المواقف الرسميّة تعبيرا عن رؤى استراتيجيّة أم تملّقا للإدارة الأمريكيّة؟ هل تعلم السيّدة رايس أنّها مسؤولة أخلاقيّا عن مجزرة »قانا » الثانية وموت عشرات الأطفال بسبب تعطيلها الوصول إلى حلّ للأزمة في اجتماع روما؟ كيف يتحقّق السلام بقتل الأطفال وتتقدّم الديمقراطيّة بنشر الخراب؟ لماذا لم تنفّذ الإدارة الأمريكيّة وعدها بقيام دولة فلسطينيّة فتنتهي بها مآسي الشرق الأوسط؟ هل احتفظت عبارة »قانون دولي » ببعض المعنى في عالم القطب الأوحد والإمبراطوريّة الواحدة؟ لماذا يحرص كلّ رئيس وزراء إسرائيلي على أن تكون له مجزرته: شارون في »صبرا وشتيلا »، بيريز في »قانا الأولى »، وأولمرت في »قانا الثانية »؟ من يرهب من في الشرق الأوسط ومن يحتاج إلى حماية ومن يحتاج إلى رادع؟ ماذا كان يحدث لو أنّ حزب الله هو الذي قتل المراقبين الأمميّين الأربعة؟ لماذا يفتي علماء الدين بوجوب الجهاد ولا يتطوّع منهم أحد للانضمام إلى قوافل المجاهدين؟ كنت أتابع الاجتياح السادس للبنان على وقع أغنية أنشدها مارسيل خليفة بعد الاجتياح الأوّل: »كان فيه مرّة طفل صغير عم يلعب بالحارة/ عم بيفتش عن خيطان ليطيّر طيّارة/ واطلع بالجوّ وقال ما أدري شو عم يلمع/ شوفو شوفو الطيارة جاي لعندي الطيارة/ هي طيّارة كبيرة وما بدها خيطان/ وجوانحها أكبر من بيت الجيران/ والهدير تحوّل لدخان كبير/ مدري شو صار ودق النفير/ الطيارة الحاملة قصص وأشعار/ ولعت الأرض وهدمت الدار ». كتبت على هامش الأغنية: هذا الطفل لم يكبر، هذه الطائرة لم تملّ، هذا الدمار لم يتوقّف، هذه الدار هدّمت ألف مرّة وستبنى من جديد. فمن أجل ذلك كان حقّا على الأقلام أن تواصل فضح كلّ ما في الإنسانيّة من وحشيّة وغباء. محمد حداد (المصدر: مجلة حقائق، العدد 1077 بتاريخ 17 أوت 2006)
في حوار مثير:
مـحمد مواعدة يتحدّث عن أزمة الواقع العربي وعلاقة الإسلام بالديـمـقراطيّة والـحـياة السياسيّة فـي تونس
محمد مواعدة رجل ارتبط اسمه بالتاريخ السياسي المعاصر لتونس منذ ثلاثين سنة. وهو من أولئك الذين أصابهم »فيروس » السياسة منذ صغر سنّه ورافقه إلى اليوم. المسؤول الدستوري لم يتأخّر عن معارضة حزبه وزعيمه الكاريزمائي الحبيب بورقيبة إلى حدود الانسلاخ والمشاركة في تأسيس حزب معارض : حركة الديمقراطيين الاشتراكيين سنة 1978، وقد لعب دورا جوهريّا في بناء خلفيّة ثقافيّة نظريّة لحركة براغماتيّة غير عقائديّة.. ثمّ آلت رئاسة الحركة إليه بعد أن قرر الرئيس المؤسس السيد أحمد المستيري مغادرة الحياة السياسيّة سنة .1989 ولقد اتّهمه خصومه منذ ذلك الحين بسرعة التقلّب والتحوّل مع اعترافهم له بالشجاعة الأدبيّة وقوّة الشخصيّة. لقد كان الرجل يتضايق كثيرا من العمل السياسي اليومي ويسعى دوما، تونسيّا وعربيّا، للإسهام في التفكير الاستراتيجي والحضاري. وقليلة هي التنظيمات والمنظّمات العربيّة الفكريّة والسياسيّة التي لا تعدّ محمد مواعدة من بين مؤسسيها وأبرز الفاعلين فيها. ..بعد شدّ وجذب مع القيادة الحاليّة لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين فضّل مواعدة مغادرة الصفوف الأماميّة للعمل الحزبي المباشر » والمساهمة الفاعلة في نقاشات المثقفين العرب حول التحدّيات الداخليّة ومستجدّات الوضع العالمي الراهن. والذي يتابع نشاطات الرجل يدرك أنّ مستشار منظّمة التربية والثقافة والعلوم العربيّة -الألكسو- لم يفقد شيئا من حيويّته وجرأته وإثارة الجدل حيثما مرّ وحيثما حاضر. في هذا الحوار الذي انطلق من الأزمة اللبنانيّة إلى العلاقة بين الإسلام والديمقراطيّة وصولا إلى سيرة الرجل السياسيّة ومرورا بتحليل الوضع العربي والدولي سياسيّا وفكريّا سوف يتجلّى لكم محمد مواعدة كما هو : متابع دقيق لما يحدث وناقد جريء وداعية لإعادة التفكير في كلّ مسلّمات النخبة العربيّة خلال نصف القرن الأخير… ما هي قراءتك للحرب التي تشنّها الآن إسرائيل على لبنان ؟ سوف تمثّل هذه الحرب منعرجا حاسما عربيّا ودوليّا. في البداية أريد أن أشير إلى نقطة بالغة الأهميّة : أعتقد أنّ قيادة حزب الله -وهذا ما نستشفّه بصورة غير مباشرة من تصريحات السيد حسن نصرالله- لم تكن تتوقع أن يكون ردّ الفعل الإسرائيلي على اختطاف الجنديين الإسرائيليين بهذه الصورة. لقد كانت هنالك حالات سابقة أسر فيها جنود إسرائيليون ولم تنجم عنها حرب، لكن كلّ ما سبق يختلف تماما عن الوضع الحالي ويبدو لي أنّ قراءة قيادة حزب الله لم تكن دقيقة. لقد كان معلوما أنّ هنالك خطّة أمريكيّة وإسرائيليّة جاهزة تبحث عن تعلّة وهذا ما وفّره لها حزب الله. وما يؤكّد أهميّة وخطورة هذا المنعرج أنّ الوضع الآن بيد أمريكا وأنّ إسرائيل إنّما هي أداة فحسب. لقد صرّح أحد الصحفيين الإسرائيليين أنّ أولمرت نفسه لم يعد بإمكانه إيقاف هذه الحرب دون إذن أمريكي. لقد انقلب حدث صغير (أسر الجنديين الإسرائيليين) إلى مسألة استراتيجيّة. لاشكّ أنّ هناك دمارا مرعبا لكن هنالك جوانب إيجابيّة سوف يكون لها تأثير في المستقبل. بداية سيكون لهذا الحدث تأثير جوهري على الخارطة الفكريّة والمذهبيّة (سنّة وشيعة). ثانيا لقد فوجئت إسرائيل، ولأوّل مرّة في تاريخها، بصمود جبّار وهذا لا يعود فقط للامكانات التي توفّرت لحزب الله وإن كانت غير بسيطة (آلاف الصواريخ) بل وأساسا للجانب العقائدي، فكرة الشهادة مركزيّة في الفكر الشيعي. لقد قال أحد الساسة اللبنانيين أنّ لبنان هو الآن بين غطرسة إسرائيليّة أمريكيّة وبين حبّ الشهادة. فهذا الصمود الذي أبدته المقاومة والذي كلّف إسرائيل الشيء الكثير سوف يكون له تأثير حاسم في المستقبل. هل سيؤدّي هذا إلى انتصارات ضدّ إسرائيل ؟ لا أعتقد، فالأمر ليس بسيطا بالمرّة. بداية الأحداث ذكّرتني بما حصل للعراق والكلّ يعلم ما آلت إليه مظاهر صمود نظام صدّام حسين في البداية. هنالك ولاشكّ صمود كبير في لبنان لكن الدمار والخسائر لا حدّ لها كذلك. وأمريكا لن تقبل بخروج أداتها، إسرائيل، مهزومة. إلى أين ستؤول الأمور حسب رأيك ؟ كلا الطرفين مصرّ على موقفه لكن الزمن قادر على استنفاد القوّة، وخاصّة وأنّ أمريكا ترى في نتيجة هذه الحرب عنصرا أساسيّا في استراتيجيّتها وبالتالي فأنا لا أعتقد أنّ أمريكا ستقبل هزيمة حتّى لو كانت بسيطة. ثمّ لا ننسى أنّ الوضع الدولي الآن غير ملائم البتّة للقضايا العربيّة وأنّ أمريكا هي اليوم القوّة الوحيدة المسيطرة على العالم والخلفيّة التي تقودها (المحافظون الجدد) ثقافيّة فكريّة، فالصراع مادي في ظاهره، ثقافي فكري حضاري في عمقه. الخطير في كلّ هذا هو الواقع العربي الفكري والسياسي. لقد تابعت العديد من التلفزات العربيّة التي تغطي هذه الحرب بالتحليل وراعني في تغطيتها أمران : إرجاع الأمر إلى المشيئة الإلهيّة وطلب النصر من السماء. أنا لست ضدّ المشيئة الإلهيّة ولكن كما قال عمر بن الخطاب »أعقلها وتوكّل ». هنالك انهيار عربي كامل لا فقط على المستوى الرسمي ولكن -وهذا هو الأخطر- على المستوى الشعبي والتنظيماتي. كيف نواجه القوّة الإسرائيليّة وصواريخها ؟ ببيانات ومقالات وتنديدات ؟! لقد أكّدت هذه الحرب مدى عمق أزمة الواقع العربي الفكري والسياسي والتنظيمي. هل كنت تتوقع عكس هذا ؟ نعم كنت أتوقعه لأنّ الذي يتابع الأزمة التي يعيشها المجتمع العربي حاليّا على جميع المستويات لا يمكنه ترقّب سوى هذا، لكن مع الأسف كثير من أولئك المنتمين لعالم الفكر والثقافة لا يتابعون ولا يطالعون ولا يمحصون والنتيجة »تحليلات » غريبة يطالعنا بها هؤلاء في الفضائيّات العربيّة. يحتاج الوضع العربي الحالي إلى عمليّة جراحيّة عميقة جدّا، ويكون عمق العمليّة بمدى عمق المرض. الفكر العربي الحالي والفكر القومي بالذات يعاني أزمة هيكليّة ولهذا يكون تحميل الأنظمة السياسيّة فقط مسؤوليّة ما يحدث هو خطأ بل هو موقف سطحي لأنّه لو كان الخلل في الأنظمة فقط لما كان الوضع العربي على حالته هذه. أنا متفق تماما مع الأستاذ الشاذلي القليبي (الأمين العام السابق للجامعة العربيّة) الذي يرى أنّ القضيّة حضاريّة وأنّ علاجها لابدّ أن يكون أعمق بكثير من كلّ المحاولات التي نراها هنا وهناك. كيف السبيل للخروج من هذه الأزمة ؟ لابدّ من مراجعة كلّ القضايا. وهذا يتطلّب زمنا طويلا نسبيّا خاصّة وأنّ الواقع العربي يعيش مخاضا داخل مخاض الواقع الدولي. أعود فأقول إنّ كلّ التصوّرات التي كنّا ندافع عنها هي الآن محلّ مراجعة : الاشتراكيّة والقوميّة والهويّة وهي مراجعة عميقة جدّا تلامس كلّ أبعاد هذه الاختيارات… والفكر الإسلامي كذلك يعاني أزمة ليست بالبسيطة وحتّى مفهوم الديمقراطيّة فهو الآن محلّ مراجعة جذريّة. مالفرق بين »الشرق الأوسط الكبير » و »الشرق الأوسط الجديد » ؟ الفرق أنّ »الكبير » كان يطرح قضيّة حقوق الإنسان أمّا مع »الجديد » فقد تمّت تصفية هذا البعد تماما. في الوضع الدولي الراهن أصبحت القضيّة الأمنيّة هي الأساس وتهمّشت بالتالي مسألة الحريّات. الأزمة كما نرى خطيرة والعلاج ليس هيّنا وهو يحتاج إلى بعض الوقت يعادل، على الأقلّ، الفترة التي قضيناها ونحن نعيش هذه الأزمة. ما هي الأفكار التي تسمح لنا ببداية هذا العلاج ؟ لقد قلت في مناسبة سابقة ما يلي : التفكير في الأزمة داخل الأزمة لا يفيد شيئا بل يجعل من هذا التفكير جزءا من الأزمة. لنأخذ مثالا على ذلك : عندما نتابع التوصيات التي قدّمها عمرو موسى (الأمين العام لجامعة الدول العربيّة) لإصلاح الجامعة العربيّة نرى أنّها كلّها توصيات تزيد في عمق الأزمة. ليس من السهل أن تكون جزءا من الأزمة وأن تقدّم علاجا لها. لابدّ أن تكون لديك قدرة على التجاوز. عندما أقول إنّ كلّ مقولاتنا تحتاج إلى مراجعة فأنا لا أقصد بذلك الجوانب الأساسيّة في جذور شخصيّتنا. لكن لابدّ من إعادة قراءة هذه الجذور قراءة تستفيد من واقع الأزمة وتعي بعدها الكوني. ما يزيد في عمق هذه الأزمة هو كلّ تلك التساؤلات التي لا تمسّ النظريّات فقط بل وكذلك العقائد. فالفكر المسيحي يعيش الآن أزمة في داخله وكذلك الحال بالنسبة للفكر الإسلامي. فكتابات الأستاذ هشام جعيط مثلا تطرح تساؤلات لم تكن في السابق محلّ نقاش وهذه مسألة أعتبرها إيجابيّة للغاية وحتّى الفكر الصهيوني يعيش الآن مراجعات عديدة. وهذه كلّها علامات صحيّة، لكن تأثيرها على الواقع يحتاج إلى بعض الوقت. عندما يطرح الأستاذ جعيط مسائل تتعلّق بالسيرة النبويّة فهذا يحتاج إلى فترة زمنيّة حتّى تهضم وتقبل. وهنا نعود إلى الحرب على لبنان والتي ستفرز في اعتقادي تغييرات هامّة على الجغرافيا الدينيّة للمنطقة. كيف ذلك ؟ لقد تغيّر تعامل المجتمعات السنيّة مع الفكر الشيعي. دخل حزب الله من بوّابة المقاومة وهي مسألة عامّة تهمّ كلّ العرب والمسلمين. لكن التفاعل الإيجابي مع حزب الله يؤدّي حتما للتفاعل مع عقيدته الشيعيّة وخاصّة عندما نكتشف أنّ بعض المسائل العقائديّة، كالشهادة هي عناصر أساسيّة في المقاومة. أنا متأكّد من حصول تغيّر في الجغرافيا المذهبيّة. هل يعني ذلك أنّ المذهب الشيعي سيشهد توسعا جديدا ؟ بداية هو الآن بصدد الانتشار بما في ذلك في المغرب العربي. لكن لنأخذ المسألة في جانبها الفكري : الحدود التي كانت قائمة بين السنّة والشيعة سوف تتحرّك في المستقبل. أذكر ذات مرّة أنّ الأستاذ هشام جعيّط ألقى محاضرة في نادي الطاهر الحداد حضرها عدد كبير من وجوه الجامعة الزيتونيّة. وعندما أشار في سياق حديثه إلى أهميّة المذهب الشيعي ثارت زوبعة داخل القاعة. أنا أعتقد أنّ التفاعل بين المذهبين سيحصل وهذا أمر إيجابي في حدّ ذاته وهذا سيكون ضمن محاور المراجعات الأساسيّة التي أشرت إليها آنفا. ما هي المحاور الأساسيّة لهذه المراجعات ؟ هي كلّ المقولات التي كنّا نعتمدها في المرحلة السابقة. عندما نقول إنّ بعض الأسس في الأديان السماويّة هي الآن محلّ مراجعة، والديانة كما تعلم ليست أمرا هيّنا، فما بالك بما سواها من المقولات والنظريّات ؟ وأهميّة هذه المرحلة القادمة تكمن -حسب نظري- في مركزيّة المسألة الفكريّة الثقافيّة ودليلي على ذلك أنّ القوّة الأولى في العالم تعتمد هي بدورها على خلفيّة فكريّة ثقافيّة وأعني بذلك تيّار المحافظين الجدد. وهنا يأتي دور مراكز الأبحاث عندنا. لا يمكن لأيّ شخص مهما كانت قيمته الفكريّة والسياسيّة أن يحدد حلاّ نتيجة عمق الأزمة وخطورتها. إنّ الرجوع إلى الأصول والتعامل معها تعاملا نقديّا أو تحيينها كما يقول الصديق الدكتور عابد الجابري هو عمل جماعي وهنا يأتي دور المؤسسات البحثيّة. الفرق بيننا وبين الآخرين أنّه لديهم مؤسسات بحثيّة جديدة وهنالك كذلك جسور بين مراكز البحث ومراكز القرار. أمّا عندنا فالمراكز البحثيّة هي مراكز اجترار وتكرار إضافة إلى غياب الجسور بينها وبين مراكز القرار. نحن نعيش حالة شبيهة بتلك التي أشار إليها العلامة التونسي ابن خلدون في بداية القرن الخامس عشر حيث قال في مقدّمته »وكأنّي بالمشرق قد نزل به مثل ما نزل بالمغرب لكن على نسبة ومقدار عمرانه. وكأنّما نادى لسان الكون والعالم بالخمول والانقباض فبادر بالإجابة والله وارث الأرض وما عليها. وإذا تبدلت الأحوال جملة فكأنّما تبدّل الخلق من أصله، وتحوّل العالم بأسره وكأنّه خلق جديد ونشأة مستأنفة وعالم محدث (التأكيد للأستاذ مواعدة). فالمطلوب منّا عمل مؤسساتي لا فردي للوعي بعمق الأزمة وللمساهمة في تقديم أفكار مستقبليّة. لقد قلت منذ أسابيع في محاضرة أثارت جدلا إعلاميّا كبيرا إنّ التاريخ الإسلامي لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالديمقراطيّة. فهل من تفصيل لهذه الأطروحة ؟ يتلخّص موقفي في جوانب ثلاثة : أوّلا : الديمقراطيّة نمط في التفكير والإسلام نمط آخر. لقد تأسست الديمقراطيّة في وسط ثقافي مغاير للوسط الإسلامي، وهذا بيّن لا يحتاج إلى تدليل. وكلامي هذا لا يعني استنقاصا من الإسلام بل هو توصيف لواقع. ثانيا : لقد قلت ومازلت مصرّا على قولي إنّ العقيدة الإسلاميّة فردانيّة : الله واحد والرسول واحد والقرآن واحد والقبلة واحدة والإمام في الصلاة واحد… كلّ هذه الأبعاد تدعم الفردانيّة وتكوّن آليّة تفكير تؤدّي حتما إلى التفرّد بالسلطة وهذا يختلف جوهريّا عن فلسفة الديمقواطيّة. إنّ محاولة تحميل الثقافة العربيّة الإسلاميّة أشياء ليست منها خطأ منهجي كأن تقول أنّ الصحابي أبا ذر الغفاري اشتراكي. صحيح أنّ أبا ذرّ كان مناصرا للفقراء ووقف في وجه المترفين ولكنّ الاشتراكيّة نمط كامل ومتكامل في التفكير وليست دفاعا عن الفقراء فقط، أو أن تقول إنّ عمر بن الخطّاب ديمقراطيّ… هو أبعد ما يكون عن ذلك… أنا لا أذهب إلى هذا الحدّ بل أقول إنّ عمر بن الخطّاب هو المؤسس الحقيقي للدولة الإسلاميّة وإنّه كان حازما وعادلا لكن هذا لا علاقة له البتّة بالديمقراطيّة. وثالثا : لا توجد في التاريخ الإسلامي مرحلة واحدة يمكن وصفها بالديمقراطيّة كما نفهمها اليوم وذلك لسببين اثنين : أوّلا لأنّ ذلك اسقاط لمفهوم معاصر على فترات سابقة عليه. وثانيا، وهذا الأهمّ، لأنّ جلّ فترات التاريخ الإسلامي كانت دمويّة. هذه حقيقة لا يمكن لنا أن ننكرها. عندما نرى الأسلوب الذي اعتمده مؤسس الدولة الأمويّة معاوية بن أبي سفيان لتوريث ابنه : (بعد هذا (معاوية) هذا (يزيد) وإلاّ فهذا (وأشار إلى السيف). لكن هل يعني كلّ ما قلته ألاّ نسعى للديمقراطيّة ؟ لا أبدا، ولكن لابدّ أن ننتبه إلى أنّ الديمقراطيّة فكرا وممارسة تعاني أزمة هيكليّة في الوسط الحضاري الذي نشأت فيه. فما بالك في بلداننا. لقد كنت من الذين يتحدّثون كثيرا منذ 15 سنة عن مرحلة الانتقال الديمقراطي في البلاد العربيّة. لكن هذا القول لم يعد ذا جدوى الآن. فعندما نقول »الانتقال » فنحن كنّا نقصد التحوّل من وضع غير ديمقراطي إلى آخر ديمقراطي كنمط متكامل. الآن النمط الديمقراطي بذاته أصبح مهتزّا… كيف نتحدّث الآن عن حقوق الإنسان ونحن نرى ما يحدث في لبنان وفلسطين ؟ أين هي الديمقراطيّة اليوم في البلدان الكبرى ؟ لقد انهار النموذج. ما العمل ؟ إنني أعتقد أنّ هذه المراجعات الفكريّة تنبع من تراكمات داخل الفضاءات الثقافيّة. الثقافة كالجسم لا تقبل الأجسام الدخيلة. كلّ التصوّرات الجاهزة للديمقراطيّة قد فشلت. وحتّى مفهوم »الانتقال إلى الديمقراطيّة » الذي كنت أدافع عنه هو مفهوم خاطئ لأنّ فترة »الانتقال » قد طالت وأصبحت هي الأساس. بل حصلت ارتدادات في مرحلة الانتقال. الحلّ في رأيي هو في التأصيل الثقافي للديمقراطيّة. الديمقراطيّة ليست فقط انتخابات بل ولا تكون الانتخابات ديمقراطيّة حقّا إلاّ بعد سيرورة مجتمعيّة. وهكذا أنت ترى أنّ كلّ الانتخابات في العالم العربي لم تؤت أكلها لأنّها حصلت في تربة غير مهيّأة. ما هو المهمّ في الديمقراطيّة إنّها ولا ريب المشاركة الشعبيّة. فالذي يجب علينا بحثه هو كيف يمكن أن تشارك مجتمعاتنا في الشأن العام. ما هي الطريقة التي يمكن أن نحدد بها طريقة هذه المشاركة ؟ وما رأيك في الذين يقولون إنّ الشورى في الإسلام هي نمط قريب من الديمقراطيّة ؟ الديمقراطيّة والشورى شيئان مختلفان. فالديمقراطيّة تبنى على مؤسسات على عكس الشورى تماما. أنا أعتقد أنّ المهم هو البحث عن أسلوب يمكّن مجتمعاتنا من المشاركة في الأمر العام. لكن وبكلّ صراحة هنالك مجتمعات عربيّة لا يمكننا أن ننظّم فيها هذا النوع من المشاركة. لنأخذ العراق مثلا : تقسيم عرقي (عرب وأكراد) وتقسيم مذهبي (سنّة وشيعة) مع فسيفساء من الملل والنحل، كيف ستنظّم المشاركة المجتمعيّة ؟ لو استعملنا المؤسسات التقليديّة للديمقراطيّة (تنظيمات سياسيّة وانتخابات)، سوف ننتج تنظيمات طائفيّة كما هو الحال الآن. المطلوب في نظري هو إعطاء تصوّر عام يضمن المشاركة بصيغ نستنتجها من طبيعة المجتمعات ذاتها (طوائف، قبائل) ومن خصوصيّات مجتمعاتنا وحضارتنا. إذا أضفنا إلى ذلك فردانيّة الديانة الإسلاميّة كما سبق و قلت، فهل ينبغي علينا الإقرار باستحالة الديمقراطيّة أم أنّ تأصيلها يقتضي قراءة جديدة لمورثنا العقائدي الديني ؟ ينبغي الإقرار بأنّ الأمر ازداد تعقيدا بوجود الحركات الإسلاميّة، أي حركات تعتمد العقيدة كقاعدة إيديولوجيّة. فالتراث في مجتمعاتنا قضيّة حاضرة بل وحاضرة أكثر من الحاضر ذاته. لكن عندما يكون التوجّه هو المشاركة الاجتماعيّة والانطلاق هو من معطياتنا الثقافيّة فهذا من شأنه أن ييسّر العمليّة نوعا ما. كيف تتعاطى التنظيمات الحزبيّة في العالم العربي مع هذه الرهانات التي كنت تذكرها ؟ مع الأسف أغلب هذه التنظيمات غير واعية بهذه المشاكل. وإنّ وضع الأحزاب العربيّة، في العموم هو وضع سيّئ للغاية وليست لها تمثيليّة، ودعنا الآن من الأحزاب الحاكمة، ولكي أكون عادلا ينبغي الإقرار بأنّ الأحزاب في العالم بأسره تعاني أزمات هيكليّة. ففي الغرب هنالك حديث عن ترهّل الأحزاب وتراجع دورها لفائدة المجتمع المدني وتنظيماته الجديدة. ولاشكّ أنّ انهيار الإيديولوجيّات في نهاية القرن الماضي قد زاد في عمق أزمة الأحزاب السياسيّة. وأنا بدوري أعترف بأنني أعيش حالة من المراجعة لا حدود لها. فما كنت أكتبه منذ سنوات لم يعد يقنعني الآن. لقد قلت ذات مرّة لبعض إخواني من حركة الديمقراطيين الاشتراكيين إننا اخترنا عند تأسيسنا لهذه الحركة ثلاثة اختيارات جوهريّة : الديمقراطيّة والاشتراكيّة والهويّة، وكلّ هذه المقولات هي الآن محلّ مراجعات عميقة. أين هي الاشتراكيّة الآن ؟ وكيف نفهم أزمة الديمقراطيّة ؟ وما هو الثابت وما هو المتحوّل في مسألة الهويّة ؟ هنالك أزمة عامّة تخصّ كلّ الأحزاب السياسيّة في العالم تنضاف إليها أزمة خاصّة تهمّ الأحزاب العربيّة. لقد حضرت ذات مرّة اجتماعا لأحزاب عربيّة وعندما ألحّ عليّ الاخوان للتعبير عن وجهة نظري قلت لهم : أنتم هنا قيادات حزبيّة تصدرون قرارات، فهل تنفذ قراراتكم ؟ والوجواب بالتأكيد هو بالنفي. هل تساءلتم لماذا لا تنفّذون قراراتكم ؟ وأنا لا أنأى بنفسي عن هذا النقد.. لكن أحزابنا ليس لها حضور على الساحة وليست لها فاعليّة. هذه حقيقة مرّة لكن لابدّ من الاعتراف بها إذا أردنا بداية الخروج من الأزمة. لو تخصص على وضع الأحزاب في تونس… كلّ الأحزاب السياسيّة في تونس تعيش هذه الأزمة وأنا هنا لا أميّز بين ما يسمّى بالأحزاب الراديكاليّة والأحزاب الموالية. بل أقول لك إنّ بعض الأحزاب التي تدّعي الراديكاليّة قد ندمت على حصولها على تأشيرة العمل القانوني. فعوض التعامل بهذا التوتّر والتشنّج الذي نراه عند بعضهم علينا أن نجلس سويّا وأن نتدارس أسباب هذه الأزمة الهيكليّة بعيدا عن التجريح والتخوين… هل يعني ذلك أنّ محمد مواعدة سيعود إلى العمل السياسي المباشر ؟ لا أبدا. لقد طلب منّى بعض الإخوة العودة إلى قيادة حركة الديمقراطيين الاشتراكيين فرفضت ذلك. أنا من جيل المؤسسين ومن غير المعقول أن أمكث في القيادة مدى الحياة. لقد قلت لرفاقي إنّ الأحزاب التي مازالت لها قيمة في هذا العالم هي الأحزاب التي تولي المسائل الفكريّة والاستراتيجيّة البعد الذي تستحقّ. فهذه الأحزاب تنشئ مراكز دراسات تقوم بمراجعات جذريّة لمنطلقاتها الفكريّة وهذا ما يفيد الحزب والبلاد. بصفة أعمّ. فأنا قد أفيد في هذا المجال لا في المجال الحركي اليومي. خلاصة القول إنّ الواقع الحزبي العربي في مأزق باعتباره جزءا من الواقع الحزبي العام وباعتباره كذلك جزءا من الواقع المجتمعي العربي والمؤسف حقّا أنّ بعض الأحزاب العريقة تكاد تكون اندثرت الآن، هذا دون أن نتحدّث عن الانتهازيّة التي تصيب الآن جلّ هذه الأحزاب. انظر كيف تحول قرار سياسي نبيل بتوفير حصّة 20% لقائمات المعارضة في الانتخابات التشريعيّة إلى نقمة حيث أصبح همّ الجميع هو ترأّس قائمة انتخابيّة وغاية المنى هي الحصول على مقعد انتخابي. لو نواصل ما تقوله : هنالك أحزاب حاكمة وأحزاب سياسيّة معارضة وحركات دينيّة وكلّها تشكو من هذه الأزمة العميقة التي أشرت إليها ولوببعض التفاوت فما هو أفضل سبيل لتنظيم حياة سياسيّة في مجتمعاتنا ؟ إنّ التنظيم المجتمعي في الوطن العربي هو جزأ من هذه الأزمة. نحن نعيش الآن مخاضا عسيرا جدّا ونحن لدينا طريقتان في التعامل معه : إمّا أن نساهم في تطويره أو أن نخضع لتفاعلاته. لننظر الآن إلى الشرق الأوسط، ما هي الأطراف الفاعلة فيه ؟ هي، مع الأسف، إسرائيل وتركيا وإيران، إذن لا وجود لأيّ بلد عربي له وزن جهوي في منطقته المباشرة. ينبغي على الفاعلين في مجتمعاتنا أن تكون لديهم قيمة نضاليّة متفائلة لأنّ ما هو موجود يدعو حقيقة للتشاؤم والتعقيدات التي نعيشها الآن ستزداد عمقا في الفترات القادمة. من المسؤول الأوّل عن عمق هذه الأزمة »عروبتنا » أم »إسلامنا » ؟ أقولها وأنا حزين أنّ أزمة العالم العربي أعمق بكثير من أزمة العالم الإسلامي غير العربي. لو نعود إلى بواكير النهضة التي نسميها عربيّة نجد أنّ أغلب روادها ليسوا عربا… السؤال المخيف هو التالي: هل أنّ تراكمات الثقافة العربيّة الأصليّة تحمل في طيّاتها كلّ هذه المعوقات ؟ هنالك بلدان إسلاميّة آسيويّة تسوسها نساء ونحن مازلنا نتناقش هل يجوز للمرأة أن تقود سيّارة أم لا ؟ بلدان آسيويّة تحصل فيها انتخابات وتنجح فيها المرأة، بينما في الكويت، مثلا، تحصل انتخابات وتفشل المرأة بيد المرأة نفسها. لقد بقينا نراوح نفس السؤال منذ القرن التاسع عشر : لماذا تقدّم غيرنا وتأخّرنا نحن ؟ وكأنّ للتاريخ مسارين الأوّل لغيرنا والثاني لنا. لماذا استفاد الغرب في نهضته من ابن رشد ولم نستفد منه نحن ؟ ربّما هنالك أسئلة لم يحن بعد وقتها، لأنّ السؤال السابق لأوانه قد يثبط العزائم دون جدوى. عادة ما يلام رجل السياسة على خوفه من التغيير والتطوّر حتّى يصيبه الجمود والتكلّس، وأمّا أنت فعادة ما يلام عليك أنّك كثير التغيّر والتقلّب ممّا يذهل أحيانا بعض أصدقائك فما بالك بخصومك ؟ بداية أنا لست رجل سياسة بالمفهوم الحرفي أنا مناضل أومن بمجموعة من القيم الوطنيّة والعربيّة الإسلاميّة وأساهم بنضالي المتواضع في تجسيم بعضها قدر الإمكان. هذه القيم أومن بها منذ نشأتي. أذكر أنّي أدّيت اليمين وأنا في الشباب الدستوري سنة 1954 أمام مناضلين حكما عليهما بالإعدام. ولقد أثّرت فيّ هذه النشأة تأثيرا إلى يوم الناس هذا. عندما تناضل سياسيا في وضع معيّن. الوضع ليس ثابتا. والسياسي الذي لا يتفاعل مع الأحداث ينتهي. أنت لك اختيارات أساسيّة لكن كيف تفعل إزاء هذه التحوّلات ؟ في اعتقادي أنا لم أتغيّر ولكن الظروف هي التي تغيّرت فإمّا أن أتجاهلها أو أتفاعل معها. لقد كنت مناضلا في الحزب الدستوري وأنا معتزّ بهذه المرحلة من حياتي ولقد كانت لديّ عدّة مساهمات في لجنة الدراسات الاشتراكيّة من بينها بحث تجربة التسيير الذاتي في يوغسلافيا وقد صدر آن ذاك في كرّاس. وأذكر كذلك أنني أرسلت إلى مدينة قفصة لأمثّل الحزب فيها لكن قبل ذلك استقبلني المناضل الكبير الطيب المهيري في مكتبه وقد كنت حينها أتممت الإجازة وبصدد التسجيل في الدراسات العليا فقال لي، رحمه الله، أنت بصدد إعداد الدكتوراه في العربيّة ؟ فقلت له نعم فنظر إليّ ثمّ قال : »يا ولدي هنالك صنفان من الدكتوره الأولى دكتوراه الجامعة والثانية دكتوراه الشعب، دكتوراه الجامعة ليست عسيرة أمّا دكتوراه الشعب فينبغي أن تناضل من أجلها وهو يتابعك ويمكنه أن يخلعها عنك متى أراد… » لقد كانت تجربتي في قفصة ثريّة جدّا وهذا النوع من التجارب الحزبيّة يكاد يكون اندثر الآن… ثمّ كان مؤتمر المنستير الأوّل والثاني وكنت أصغر الممضين على النداء الاحتجاجي الذي وجّهناه إلى بورقيبة وكنت كذلك من بين أوائل المطرودين وكان رأيي آنذاك الذي بلّغته إلى كلّ القيادات الدستوريّة : إمّا أنّ الحزب الدستوري قد طوّر المجتمع فينبغي عليه أن يتطوّر وأمّا أنّه لم يطور المجتمع وبالتالي ينبغي عليه أن يرحل، وفي التيّار الذي أنشأناه كنت من أشدّ المناصرين لفكرة تكوين حزب معارض إذ لا يعقل أن ننادي بالتعدديّة في البلاد وأن لا نكون من أوّل مطبقيها. الحياة في حالة مخاض دائم في العمل السياسي هنالك تصوّرات استراتيجيّة واعتبارات تكتيكيّة والعبرة هي أن تكون مفيدا لبلدك. أنا أفضل الذي يبادر ويخطئ على الذي لا يبادر تماما. المهم أن يكون التحرّك نابعا عن حسن نيّة ودون انتهازيّة… لعلّك تقلّبت كثيرا لأنّك لست رجل سياسية أو لنقل أنت مثقف ضاق عليه قميص السياسي.. أنا أشكرك على هذا التوصيف وأعتقد، دون غرور، أنّه صحيح إلى درجة كبيرة. السياسة دون خلفيّة ثقافيّة هي سياسة سياسويّة ولن تؤدّي إلاّ إلى الانتهازيّة. ليس من السهل أن تتخذ موقفا في السياسة وأنا طوال حياتي لم أتوان عن اتّخاذ المواقف التي أرى فيها مصلحة لتونس كلّفني ذلك ما كلّفني. أنا أعتقد أنّه في الوضع العربي الحالي وبالنظر إلى المعادلات الدوليّة الجديدة المعارضة الشعاراتيّة الراديكاليّة لا تفيد شيئا. في الثمانينات والتسعينات كانت المقولات السائدة هي الحريّات وحقوق الإنسان وقد تفاعلنا معها آنذاك بكلّ إيجابيّة، أمّا عندما يصبح في الوضع الدولي الراهن الأمن قبل الحريّة فهذا يتطلّب من المناضل تفاعلا جديدا. إنّها ليست براغماتيّة انتهازيّة بل براغماتيّة لتحقيق الأهداف الوطنيّة.دعنا الآن من الاتّكال على بعض الجهات الخارجيّة، وهو تمشّ لا أوافقه… ماذا أفعل في هذا الوضع الدولي الجديد ؟ نحن نمشي على أرض ملغمة وينبغي أن نتحسس كلّ خطواتنا. لا أحد اليوم يمكنه أن يتنبّأ بما سيحصل حتّى في المستقبل القريب. لو نعود إلى الدراسات المستقبليّة التي أنجزت في ثمانينات القرن الماضي لنجد أنّ أيّا من توقعاتها لم يتحقق وقد تبيّن أنّ كلّ هذه الدراسات لا قيمة لها… أنا وطني أوّلا وقبل كلّ شيء ودوري هو أن أحمي بلادي تونس من كلّ المخاطر المحدقة بها. في ظلّ هذا أتّخذ المبادرات التي أراها مفيدة لبلدي وللقضايا العربيّة عامّة وأتحمّل في ذلك مسؤوليّتي كاملة ولا يهمّني الانتقادات والتجريحات. هل هذا يعني أنّ المعارضات الراديكاليّة في المجتمعات العربيّة أصبحت غير ذات جدوى ؟ هي لا تفيد في شيء، وغير واعية بحقيقة الرهانات الكبرى الداخليّة والخارجيّة إمّا لاعتبارات شخصيّة ذاتيّة أو لقصر نظر فكري. لقد طالبت ذات مرّة أن يلتقي جميع الفرقاء السياسيين في تونس حول طاولة وأن نتناقش سويّا في الوضع الداخلي والخارجي فرفض بعضهم هذا متعللين بوجود أشخاص موالين للسلطة. لماذا لا نتحاور ولا يضع كلّ واحد منّا معطياته بشكل مكشوف ثمّ نرى أي السبل أسلم للبلاد دون تخوين أو تشويه. وكأنّك تقترح عقدا سياسيّا جديدا ؟ تماما. أنا أقترح التخلّص من الاتهامات المتبادلة والنظر إلى واقع وطننا في ضوء الواقعين العربي والدولي الجديدين وتنظيم حوار شامل وعميق بين الجميع حول كلّ القضايا المحليّة والدوليّة. أؤكّد على القول : إننا نعيش مخاضا عسيرا ووضعا شديد الاضطراب والتقلّب ولابدّ من الوعي بهذا الوقاع والعمل بصدق وبروح وطنيّة عالية للمساهمة في الخروج منه… إلى وضع أفضل وطنيّا وعربيّا. زياد كريشان (المصدر: مجلة حقائق، العدد 1077 بتاريخ 17 أوت 2006)
ورقات من كتاب الرشيد إدريس » خيار العمر »(الأخيرة):
ثورة الخبز وملاحظات لدعم الديمقراطيّة بعد 7 نوفمبر 1987
وصلنا إلى الحلقة الأخيرة من هذا الكتاب الوثيقة ويتحدّث الرشيد إدريس عن ثورة الخبز سنة 1984 وعن تغيير السابع من نوفمبر .1987 ويبدي ملاحظاته لدعم الديمقراطيّة والتعدديّة والإعلام… بعد مرض الأستاذ الهادي نويرة سنة 1980 تولّى الوزارة الأولى السيد محمد مزالي الذي بدأ ولايته منسجما مع الشعب سالكا سياسة تحررية ثمّ انفرط عنه زمام الحكم إذ كان عليه أن يواجه ثورة الخبز بعد أمره بمضاعفة سعر الخبز. تأثّر الناس بهذا الارتفاع في ثمن الخبز ومشتقاته واندفعت الطبقات الشعبيّة والشباب يتظاهرون واضطرب الأمر حتّى أذن الرئيس بورقيبة بالعودة إلى الثمن الأصلي فارتفعت الأصوات بحياة الزعيم المجاهد الأكبر وعاد الهدوء إلى البلاد. لماذا ثار الناس هذه الثورة العارمة وماذا كان من نتائجها ؟ كانت المواد الغذائيّة تسجل ارتفاعا عالميّا عاديّا وكان علينا أن نعدّل أسعارنا لكن رفع الثمن جاء مشطّا لم تقبله الجماهير التي كانت تحركها المعارضة والحركات المتطرّفة المنتهزة للفرصة. كما كان يغذيها كلّ من الوزير الأوّل ووزير الداخليّة اللذين كانا يتنافسان على السلطة وقد دفعت عدّة ضحايا الثمن ومنهم شقيقي عزالدين والي إقليم تونس الذي زجّ به في السجن وتعلقت به قضيّة. تأكّدت من براءة أخي وأبديت تضامني معه فحضرت جلسات محاكمته. تولّى الدفاع عنه الأخ فتحي زهير وكان يرأس المحاكمة القاضي عبد السلام المحجوب الذي أعلن براءة أخي ثمّ منح التقاعد وبقي على هامش الحياة الاجتماعيّة والسياسيّة. وإلى جانب المحاكمة دعتني السيدة وسيلة بن عمّار لمقابلتها في القصر بقرطاج حيث استقبلتني بحفاوة وطلبت منّي أن أقوم بمسعى لدى الرئيس بورقيبة ليعفو عن أخي الذي كان مهددا بحكم الإعدام. أجبتها برفض الطلب إذ لم أكن على يقين من أنّ بورقيبة يقبله فإذا رفض أصبحت مباشرة في مواجهة معه وذلك ما كنت أخشاه. وعلى كلّ فقد كنت على استعداد للاستقالة والدخول في المعارضة إذا وقعت إدانة أخى البريء وصدر الحكم العادل عليه ولم يبق مجال للغضب. وبعد صدور الحكم قال لي بورقيبة في أحد الاستقبالات بالقصر وأنا أحييه : لقد عفونا عن أخيك فقلت له : »أشكركم » واكتفيت بذلك. وكانت صحّة الرئيس تتداعى وقد طلّق زوجته وسيلة وأبعد عنه ابنه الحبيب بورقيبة الصغير وكاتبه الخاص السيد علالة العويتي وبدأ يغيّر وزراءه وكبار المسؤولين وأقال الوزير الأوّل وعوّضه بالسيد رشيد صفر الذي شرع في إصلاح ما فسد في المسيرة الاقتصاديّة. وتوالت الأيّام ثقيلة وكئيبة حتّى حلّ الفرج وأشرق يوم السابع من نوفمبر .1987 السابع من نوفمبر 1987 في ذلك اليوم استمعت قرينتي للإذاعة في الصباح الباكر وانتبهت للخبر ثمّ أخذت تناديني حتّى انتبه وكنت استعدّ للخروج إلى مكتبي. ماذا حدث ؟ استمعت إلى خطاب السيد زين العابدين بن علي الوزير الأوّل الذي كانت له الشجاعة الكافية ليطبّق الفصل 57 من الدستور القاضي بتولّي الوزير الأوّل السلطة الرئاسيّة عند الشغور وفي حالة عجز الرئيس عن أداء مهامه لأسباب صحيّة. استمعت قرينتي للخطاب وهو يعلن التغيير وبفتح المذياع استمعت للخطاب الذي كان يبثّ من جديد ووزنت الكلمات وبيان أسباب التغيير واقتنعت بأنّ التغيير الحاصل كان في صالح الشعب نظرا لما كانت عليه صحّة الرئيس بورقيبة من تداع وانخرام الوضع السياسي وشؤون الدولة ولم أتردد في إعلان مساندتي للنظام الجديد ببرقيّة أرسلتها إلى جريدة »لابراس » وكان الرئيس بن علي يتشاور مع الشخصيّات التونسيّة حول نظام الحكم فوضعت تقريرا مفصّلا عن دعم الحكم الديمقراطي وبقيت أتابع الموضوع إلى أن عهد إليّ برئاسة الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحرّيات الأساسيّة. ومما جاء في التقرير بعنوان : ملاحظات حول دعم الديمقراطيّة إنّ التطوّر الذي عرفته البلاد التونسيّة على ضوء بيان السابع من نوفمبر المنبثق عن روح الدستور التونسي يتطلّب بعد ثلاث سنوات من العمل المتواصل لدعم المسار الديمقراطي مزيدا من الدفع لمعالجة القضايا السياسيّة الحسّاسة حتّى يصان المجتمع التونسي من الانعكاسات ويواصل مسيرته في سبيل الازدهار والتقدّم. وتتلخّص هذه المعالجة في إحكام بلورة ما جاء في البيان التاريخي وما شرحه الميثاق الوطني شرحا مفصّلا من الأهداف والمقاصد وما أكّدته الخطابات الرئاسيّة في كلّ المناسبات من صيانة للمسار الديمقراطي الذي يعتبر الضمان للمجتمع المدني ولدولة القانون. إنّ القضايا التي ينبغي أن تكون لها الأولويّة في الميدان السياسي هي : -دعم التعدديّة. – تمثيل المعارضة في الهيئات المنتخبة. – معالجة قضيّة النهضة. وإلى جانب هذه القضايا مسألتان لا تقلان أهميّة عنها وهي قضيّة الإعلام وقضيّة التربية الوطنيّة. دعم التعددية كان من البديهي أن يرتكز النظام الرئاسي التونسي على تعدديّة في نطاق القانون باعتبار أنّ الجمهوريّة التونسيّة جمهوريّة ذات نظام ديمقراطي ينتخب فيه رئيس الدولة وممثلو الشعب انتخابا حرّا. وتفترض الانتخابات الاختيار بين أفراد واتّجاهات وذلك ما ناضل من أجله الشعب التونسي طوال السنين عندما طالب بالدستور وبضمان الحرّيات. لكن الممارسة حصرت الحياة السياسيّة في حزب واحد بحجّة تعبئة الشعب للتنمية وعدم تشتيت قواه. وقد آل الأمر بالحزب الواحد إلى الاستبداد بالحكم مما أدّى في الأيّام التي سبقت التغيير إلى انخرام في شؤون الدولة. ولئن كان الاعتراف ببعض الأحزاب المعارضة قد تمّ قبل ذلك إلاّ أنّ مباشرتها لنشاطها بصورة مكثّفة لم يبدأ إلاّ في أواخر سنة .1987 ونرى اليوم إلى جانب التجمع الدستوري الذي ورث هياكله عن الحزب الاشتراكي الدستوري (أي الدستور الجديد) ورفع شعار التعدديّة ضمن شعاراته أحزابا معترفا بها وأحزابا تنتظر الاعتراف. وباستثناء وضع حزب النهضة الذي يعالج أمره على حدة فإنّ دعم التعدديّة يقتضي الاعتراف بجميع الحساسيّات وتمكينها من ممارسة نشاطها في نطاق القانون. وفي هذا الاعتراف تثبيت للمجتمع المدني الديمقراطي الذي تمارس فيه الأحزاب السياسيّة نشاطها في أمن وطمأنينة. إلاّ أنّ الاعتراف وحده لا يكفي فلا أقلّ من ضمان التصرّف المتجرّد للإدارة والسلطات المحليّة مع كلّ هذه التيّارات السياسيّة سواء أثناء الانتخابات التي يبرز فيها تنافسها على السلطة أو في حياتها اليوميّة عند مباشرتها لنشاطها الخاضع للقانون. وباعتبار أنّ »التجمع » هو أقدم الأحزاب وأقواها هيكلة وانتشارا وأوثقها اتّصالا بالحكومة وبالسلطة فإنّه ينبغي السهر على سلامة سيره لاسيّما أنّ التزامه بالتعدديّة يفرض عليه سلوكا داخل هياكله وخارجها بحفظ أجهزته من التجاوزات ويجنّبه العودة إلى ممارسات ألحقت الضرر بالنظام وأفرزت حركات أضعفت الحزب ثمّ وإنّه باعتبار الدور الذي لعبه التجمع في ماضيه وما ينتظر منه في المستقبل فإنّه يكون من المناسب دراسة »التجمع » دراسة مجرّدة لمعرفة مكانته لدى الشعب وفي المؤسسات وتقييم نجاعة أجهزته وتصوّر الوسائل الكفيلة بالمحافظة عليه وتنميته حتّى يستطيع أن يضطلع بدوره كباعث للحركة الخلاّقة وأداة لتعبئة القوى الحيّة بالبلاد ويكون دائما الدرع الواقي من انخرام المجتمع المدني الديمقراطي. ويجب أن تكون دارسة وضع التجمع وأجهزته بواسطة لجنة من ذوي الإخلاص والكفاءة يساعدهم خبراء في سبر الآراء واستطلاع خفايا القضايا. ويتولّى أفراد هذه اللجنة مسح البلاد طولا وعرضا يتفحّصون عن كثب أحوال الحزب في كلّ هياكله وفي كلّ جهة من البلاد وبكلّ خليّة من خلاياه. وبديهي أن يتمتّع كلّ واحد من أعضاء هذه اللجنة بحريّة التنقل وحريّة الكشف والاستطلاع والمشاهدة مما يستلزم إصدار أوامر واضحة لهذا الغرض تسهيلا لمهمّة اللجنة وتوضيحا لأهميّة دورها وعند الفراغ من مهمتها تضع اللجنة تقريرا مفصلا عن تنائج دراستها ليبتّ سيادة رئيس التجمّع فيها بعد استشارة من يرى مصلحة في استشارتهم. ومهما يكن من أمر فإنّه ينبغي لدعم التعدديّة في البلاد تحقيق الديمقراطيّة في التجمع على أوسع نطاق وإعادة الاعتبار للشعبة كخليّة تفكير وأداة ومدرسة لتكوين المناضلين وقد يؤدّي ذلك إلى الحدّ من عدد الشعب وخاصّة المهنيّة منها التي تضعف كثرتها الشعب المحليّة الأساسيّة. ومن وسائل دعم التعدديّة أيضا توسيع صلاحيّات الهيئات التمثيليّة مثل البلديّات ومجالس الولايات وكذلك الاستشاريّة مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي وغيره وإعطاؤها مصداقيّة أكثر مما تتمتع به الآن عن طريق الانتخابات ولو جزئيّا خاصّة بالنسبة للمجالس الجهويّة فإنّ مثل هذه الانتخابات المحليّة وتمكين عناصر متعددة من المساهمة في الشؤون الجهويّة قد توفّر من الطاقات والإمكانيّات ما يبعث في الجهة نشاطا وحيويّة يكون لهما المفعول على الحياة الوطنيّة. وإذا اعتبرنا البلديّات خلايا أساسيّة للنظام الديمقراطي فإنّ مجهودا خاصا ينبغي أن يوجّه إليها بتعزيز المجالس البلديّة المنتخبة بلجان استشاريّة فرعيّة تمثّل فيها كلّ الحساسيات ومضاعفة تدخلها في الميدان الاجتماعي الذي يربطها ربطا وثيقا بالطبقات الشعبيّة. ومما قد ينشّط الحياة البلديّة بعث هيكل وطني منتخب يجتمع مرّة كلّ سنة لمدّة زمنيّة محددة ويكون هذا الهيكل منتخبا من طرف البلديّات للنظر في سير الشؤون البلديّة وهي متعددة الجوانب منها ما يتعلّق بسلامة المحيط ومنها ما يتعلّق بالحياة العائليّة والحالة المدنيّة وبالسكن وحتّى بالقوائم الانتخابيّة والتعاون الدولي في الميدان البلدي ومن فوائد الهيكل المذكور تدعيم الوحدة القوميّة. ومن جهة أخرى يمكن للجمعيّات والمؤسسات غير الحكوميّة أن تقوم بدور فعّال في دعم الحياة الديمقراطيّة وصيانة التعدديّة إذ توفّر إلى جانب الأحزاب السياسيّة إطارا صالحا تجتمع فيه الحساسيات المختلفة لعمل اجتماعي أو ثقافي أو اقتصادي مشترك وهذه المؤسسات في حاجة إلى تشجيع ورعاية. تمثيل المعارضة في مجلس النواب وفي الهيئات المنتخبة : يلاحظ أنّه بالرغم من المساعي التي بذلت منذ السابع من نوفمبر 1987لتشريك المعارضة في الحياة السياسيّة وما تقدّم به سيادة رئيس الجمهوريّة من مبادرات ومن تعديل القانون الانتخابي فإنّ الوضع لم يتغيّر في الهيئات المنتخبة إذ بقيت المعارضة غائبة عنها والعنصر الإيجابي الذي حدث بالنسبة لمساهمة المعارضة في الحياة السياسيّة خلال الفترة الماضية مشاركتها في صياغة الميثاق الوطني وحضور بعض الأحزاب في اجتماعات المجلس الوطني للميثاق ومساهمة شخصيّات من المعارضة في وفود رسميّة بعث بها السيد الرئيس إلى دول عربيّة بمناسبة أزمة الخليج. لكن بصورة عامّة يبدو أنّ هناك إحجاما من المعارضة في التعامل مع السلطة. كما أنّ السلطة لها نظرتها في أحزاب المعارضة. ومن الضروري الخروج من الحلقة المفرغة لتحقيق التعامل السليم بين الأطراف وإنجاز الرغبة المشتركة في العمل جنبا إلى جنب حسب النسب التي تفرزها الانتخاب النزيه. وحيث يبدو أنّ الأمر يتعلّق باستعداد الأطراف في التعامل مع بعضها بعضا وأنّ القضيّة من الأساس هي قضيّة ثقة متبادلة وقد تبيّن أنّ المساعي في نطاق المجلس القومي للميثاق الوطني لم توفّر النتائج المرجوّة فلا مناص من البحث عن وسائل كفيلة بتحقيق الغاية المطلوبة. إنّ المشاورات التي تجري في أعلى مستوى مع المسؤولين الرئيسيين عن أحزاب المعارضة قد لا تؤدّي وحدها إلى تحقيق الهدف لذلك يستحسن توسيع دائرة هذه المشاورات إلى أعضاء الهيئات المسيّرة لأحزاب المعارضة ويستحسن أن تتمّ المشاورات على مستويات تصاعديّة لتبلغ في نهاية المطاف عند التأكّد من النجاعة إلى سيادة الرئيس. على أنّه يبدو من المستحسن إعطاء دفع لعمليّة التعاون بين الأطراف. وقد يكون دعم الحكومة لعناصر من المعارضة إذا اقتضى الحال من الدوافع الرئيسيّة لتوفير الثقة المتبادلة مع الملاحظة أنّ مشاركة عناصر المعارضة في الحكومة ينبغي ألاّ تكون مشاركة فرديّة ولكن مشاركة مستندة إلى تأييد حزب أو أحزاب الانتماء وقد تدعم مشاركة بعض العناصر المستقلّة الثقة الموجوة. إنّ المشاورات مع المعارضة وتشريكها في العمل الحكومي قد توفّر جوّا ملائما لمشاركة المعارضة في العمل النيابي. لكن تبقى مع ذلك مسألة الطريقة التي يمكن أن تحقق هذه المشاركة. إنّ الحلّ المثالي يكمن في إجراء انتخابات عامّة لتجديد مجلس النواب لكن هذا يقتضي حلّ المجلس الحالي والدستور لا يسمح بمثل هذا الحلّ إلاّ أن يستقيل كلّ أعضاء المجلس وهذا أمر صعب. بقيت الانتخابات الجزئيّة لسدّ الفراغ الموجود حاليّا أو لسدّ فراغ أوسع يتمّ عن طريق الاستقالة وتكليف البعض بمأموريّة وبمهام تتعارض مع المهمّة النيابيّة. إلى جانب المشاغل السياسيّة يكون من الفائدة العناية بموضوعين لهما علاقة وطيدة بها وهما الإعلام والتربية الوطنيّة. الإعلام إذا كان الإعلام في المجتعمات ذات الأنظمة الاستبداديّة أداة توجيه وتعبئة وتسخير بما يتطلّب ذلك من تكييف للمعلومات وتضليل لضحايا الدفق الإعلامي فإنّ الإعلام في المجتمع الديمقراطي الذي لا يخلو في كثير من الأحيان من تأثيرات سياسيّة وماليّة ينبغي أن يكون أداة تنوير يمكن الناس من معرفة ما يجري حولهم وييسّر لهم عمليّة الاختيار سواء في حياتهم اليوميّة أو في اتجاهاتهم السياسيّة. وقد تطوّر الإعلام ووسائله في النصف الأخير من هذا القرن مما جعل من الضروري الاستفادة بما يوفّره من إمكانات وصيانة من شتّى الممارسات. ولا شكّ أنّ مبدأ الحريّة مبدأ أساسي في الإعلام. والحريّة لا تعني الفوضى أو الاعتداء على حقوق الغير وكرامته. ولخدمة الديمقراطيّة في الجمهوريّة التونسيّة وصيانة حقّ الدولة وحقّ المواطن حقّ من يمارس السلطة ومن يعارضها معارضة دستوريّة نزيهة وحتّى يتمكّن المجتمع التونسي من الانسجام في مصداقيّة متبادلة بين حساسيّاته فإنّه يتحتّم دراسة قضيّة الإعلام دراسة متجددة وإعادة تنظيم هذا القطاع كمّا وكيفا في جميع فروعه. سواء ما يكتب أو ما يذاع أو ما ينشر أو ما يقدّم للمشاهدين عن طريق التلفزة سيما وقد فتحت الأقمار الصناعيّة إمكانيّات عريضة للمشاهدين لكن الإعلام الذي يغزو يهذبه الإعلام الوطني إذا كان مقنعا ذا مصداقيّة. والقضيّة قد تتجاوز المحتوى إلى وجوب ضمان المستوى الرفيع بتوفير المقدرة والكفاءة. ومما قد يساعد على دراسة وضع الإعلام في الجمهوريّة التونسيّة تقييم سلوك الإعلام التونسي منذ الإستقلال إلى التغيير ثمّ وبصورة خاصّة أثناء أزمة الخليج. إنّ وظيفة الإعلام ينبغي أن تكون وظيفة إنارة لا وظيفة إثارة، فالحريّة في الإعلام شرط أساسي للعاملين في قطاعه والتحكّم في وسائل الإعلام بحكمة يحفظ المجتمع من المغامرات. ولاشكّ أن الإعلام سجّل بعض التطوّر الإيجابي في الثلاث سنوات الأخير1ة لكنّه مازال في حاجة إلى عناية وجرأة ليكون في المستوى الضامن للمسار الديمقراطي. (المصدر: مجلة حقائق، العدد 1077 بتاريخ 17 أوت 2006)
أنطوان صفيّر في لقاء بالمرسى حول كتاب: «تونس أرض المفارقات»:
أرفض حصر النقاش في ما هو سياسي فحسب
استضاف الفضاء الثقافي « Mille Feuilles » بالمرسى مساء السبت الماضي الكاتب أنطوان صفيّر لتقديم اصداره الجديد الذي خص به تونس. الكتاب يحمل عنوان «تونس أرض المفارقات» أو Tunisie,terre des paradoxes » بما أن صاحبه كتبه باللغة الفرنسية. مناقشة هذا المؤلف الجديد كانت منطلقا للتوسع في عديد الأسئلة ذات الصلة بالأحداث السياسية الجارية في العالم وكذلك حول توقعات الكاتب لما يمكن أن يؤول إليه مستقبل العلاقات الدولية في الأعوام القليلة القادمة وخصوصا مستقبل منطقة الشرق الأوسط. الجمهور الذي حضر بأعداد كبيرة استغل فرصة وجود «أنطوان صفيّر» الذي يجمع عدة اختصاصات، فهو المحلل السياسي والكاتب والصحفي أيضا وهو يشرف على مرصد حول منطقة الشرق الأوسط بفرنسا ومستشار لدى عدد من وسائل الإعلام الفرنسية، إضافة الى ادارته لمجلة الدراسات حول العالم العربي والاسلامي «كراسات الشرق»، وقد صدرت له عدة مؤلفات في هذا الاتجاه لطرح عدة قضايا لها علاقة مباشرة بالكتاب أم لا كما سبق وذكرنا. أنطوان صفيّر هو من أصل لبناني لكنه يقيم ويشتغل بفرنسا وهو وجه معروف هناك وكثيرا ما نشاهده في التلفزيونات الفرنسية كلما تعلق الأمر بأزمة أو نزاع في منطقة الشرق الاوسط بالخصوص وهي كثيرة كما هو معروف. تولى الأستاذ الحبيب صالحة (جامعي تونسي) تقديم الكتاب وتولى ادارة اللقاء لم يخفى الرجل اعجابه بهذا الاصدار وحاول تقديم فكرة عامة حول المحتوي مع العلم أن عددا هاما من الحضور اقتنى كتابه قبل بداية اللقاء بلحظات… مع العلم كذلك أن الحضور كان مختلطا أي أنه من آفاق مختلفة مما يفسر تشعب الأسئلة والقضايا المطروحة كذلك. لم يتم خلال هذا اللقاء التعرض بالتفصيل لمحتوى الكتاب، بل اقتصر الأمر على التذكير بالأفكار الجوهرية. عنوان الكتاب وخاصة مصطلح المفارقات ألقى بظله على هذا اللقاء… أين تكمن هذه المفارقات وانطلاقا من أي زاوية تمت مقاربتها، ثم ما الذي حدا بالكاتب لتأليف كتاب حول تونس، تلك تقريبا التساؤلات التي دارت بشكل مباشر حول هذا المؤلف. مؤشرات ثلاثة أنطوان صفيّر طرح موضوع المفارقات انطلاقا من زاوية ايجابية، فتونس حسب الكاتب، هذا البلد الصغير الذي يفتقر الى الموارد الطبيعية تمكن من فرض نفسه… وهذا لا يمكن إلا أن يكون موضوع مفارقة عجيبة لكنها مثيرة للإعجاب.. إذن برغم الافتقار الى الموارد الطبيعية والى الثروات من هذا القبيل، تظل تونس بلدا يشق طريقه بثبات واذا ما استعدنا عبارات أنطوان صغيّر « Un pays qui marche ». ثلاثة مؤشرات يرد الكاتب انها دالة على هذه المسيرة وهي تتمثل في فتح المجال أمام الجميع للتعليم وكذلك الصحة للجميع وأخيرا وضع المرأة المتقدم. على مستوى النصوص القانونية، يرى الكاتب أن تونس لا تختلف عن الدول المتقدمة التي تكرس المساواة بين المرأة والرجل في شيء. هناك عامل آخر يرى الكاتب أنه لعب دورا هاما في نجاح تونس وفرض نفسها وهو يتمثل في وجود الدولة… وهو ما دفعه لاجراء مقارنة بين بلده لبنان وبلادنا وقال في هذا الخصوص… في لبنان مثلا توجد أرض ولا توجد دولة. الموضوعية والذاتية بالاضافة للعوامل الموضوعية، هناك عوامل ذاتية حدت بالكاتب لانجاز هذا الكتاب حرص على ذكرها بهذه المناسبة قال، لقد كتبت كثيرا عن تونس في «كراسات الشرق». مما دفع البعض الى انتقاد اعمالي وتم وصفي بأني محام للنظام التونسي في فرنسا هذا الامر دفع الكاتب الذي يصر على انه لا يقضي وقته في الاستماع الى الخطب الرسمية وانه ليس معروف عنه مخالطة الحكام في الدول العربية، دفعه الى اجراء تحقيقه الخاص… وقد اكد على أن عمله تم بشكل موضوعي، حتى ان الارقام التي حصل عليها من تونس لم يتردد في مقارنتها مع ارقام من مصادر أخرى. وقد أعلن أنطوان صفيّر بهذه المناسبة عن رفضه للانتقادات الموجهة لتونس اليوم والتي تجعل النقاش محصورا في الجانب السياسي.. وتحديدا حول مصطلح الديموقراطية.. ويواصل: «الديموقراطية، ماذا يعني هذا المصطلح عمليا… ان كانت الديموقراطية تعني صندوق الاقتراع فان العراقيين قد انتخبوا حكامهم مؤخرا في مرات ثلاث، ومع ذلك هل توجد اليوم ديموقراطية في العراق؟! ان الديموقراطية هي طريق طويلة.. تنتهي بصناديق الاقتراع ولكن قبل ذلك لا بد من وضع القواعد الصلبة لذلك… حتى يثبت البناء ولكن ذلك لا يتم الا حجرا حجرا والكلام له… وقد توقف الكاتب مطولا عند أهمية تنشئة اطفالنا على الديموقراطية…» حرية التعبير، هي شيء هام ومقدس في رأي الكاتب وهو يدرك أهمية هذا المكسب بما أنه وحسب تأكيده منع في الماضي في 22 دولة عربية ومن بينها تونس كان ذلك سنة 1984 حين قال أنه أعلم أنه غير مرغوب فيه في بلادنا.. غير انه يستدرك قائلا: «أن الامور نسبية» ويقدم دليلا على ذلك ما وقع في الولايات المتحدة الامريكية من رقابة متشددة على الاعلام خلال الحرب على العراق… ملاحظا أنه ليس غريبا أن تكون البلدان الاسكندينافية هي اكثر البلدان تقدما في مجال الديموقراطية لأن ذلك في رأيه هو نتيجة تاريخ طويل من النضال من أجل هذه المكاسب التي تتمتع بها اليوم شعوب تلك البلدان. لم يفوت أنطوان صفيّر الفرصة دون الحديث عن أن الكتاب قد صالحه مع جذوره اللبنانية، فقد كان يستمع منذ طفولته المبكرة الى أنه فينيقي الاصل… حيرته حسب تعبيره زالت عندما تأمل عن قرب دور البحر في التقريب بين البلدين وكذلك او بالخصوص العلاقة بين صور وقرطاج. إيران وحلفاء أمريكا دار الحديث الذي تواصل حوالي ساعتين مع أنطوان صفيّرحول عدة قضايا لها علاقة بالخصوص بالمنطقة العربية وبالدور الامريكي في الشرق الاوسط… لا يظهر تفاؤلا بهذا الشأن وقد أعلن أن أمريكا حققت نجاحا في مشروعها الهادف الى تقسيم الدول العربية المحيطة باسرائيل للدويلات حسب الانتماءات الطائفية والدينية، ويرى ان ايران ستلعب دورا هاما في المنطقة وانه متأكد وقد شهد الحضور على ذلك أن ايران ستكون خلال أعوام ابرز حليف استراتيجي لأمريكا بمنطقة الشرق الأوسط، الى جانب اسرائيل طبعا.. في مقابل ذلك دعا العرب الى المقاومة ولكن ليس المقاومة عن طريق السلاح…، علينا ان نعلم أطفالنا التاريخ وخاصة تاريخ الأديان حسب قوله.. وخلافا لما يمكن أن نتوقع، لم يتردد أنطوان صفيّر في الاعلان عن انتمائه للقومية العربية،.. مشددا في اجابة عن سؤال حول ضياع كرامة العرب في هذا الطرف العالمي على انه لا ينبغي لنا ان نخجل من عروبتنا لانه ليس هناك ما يدفعنا الى ان نحمر خجلا. وللتذكير فان كتاب «تونس، أرض المفارقات» صادر عن «دار اوشيبال» للنشر بفرنسا وهو يحتوي على خمسة فصول تحمل العناوين التالية: «ارث بن علي»، «بن علي»، «المجال الاجتماعي»، «السياسة الاقتصادية» و«تونس والديموقراطية» وقد وشح الكتاب بصورة لضريح الزعيم الحبيب بورقيبة. حياة السايب (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 أوت 2006)
بعض النخب الثقافية العربية صامتة الآن:
هل هو «تكتيك» تقليدي أم هو أسلوب في التفكير؟!
بقلم: محمد بن رجب اختص بعض المثقفين العرب الذين يحلو لهم وصفهم بالمفكرين في جلد الذات واهانة بني جلدهم بشتى النعوت بدعوى نشر الوعي الجديد في المجتمعات العربية من اجل اخراجها من تخلفها الحضاري وهزال فكرها الذي، في رأيهم، يرفض الانخراط في الحداثة وتبني العقلانية. هذه «النخبة» تختفي اثناء الازمات التي تتعرض لها الامة العربية، وتغيب مقالاتهم واقاويلهم وتحاليلهم واذا ما سئلوا عن اسباب صمتهم فانهم يجيبون بكونهم غرقوا في عملية التفكير والتأمل وانه يحسن بنا الانتظار حتى يخرجوا بنبوءاتهم التي تعيد الى الاذهان اساليبهم في جلد الذات والاهانة ومن جديد يؤكدون ان العرب عاطفيون لا يفكرون ويتصرفون بعيدا عن الحكمة والعقل.
والواضح الان ان الامة العربية تتعرض لأشرس هجمة عليها في تاريخها، فهذا العراق قد دمروه.. وهذا لبنان قد عمدوا الى تفكيك اوصاله وتلك الصومال قد انتهوا منها وتركوها للموت والخراب.. وتلك السودان قد فعلوا فيها ما يجعلها تعاني من الموت البطيء لخمسين سنة قادمة، وهذه فلسطين التي احتلوها منذ ستين سنة وشردوا ابناءها.. واليوم تعاني الامرّين من الاحتلال الاسرائيلي الصهيوني من التواطؤ الغربي بزعامة الولايات المتحدة وها هي سوريا مهددة في حاضرها.. ومهددة في مستقبلها. ذلك ما يحدث في الامة العربية دون ان نتحدث عما يحدث في الامة الاسلامية فأمامنا افغانستان المحتلة من قبل اكثر من 20 دولة.. اما ايران فانها مهددة بضربة قد تكون اليوم او غدا، ولا احد يتحدث بعقل او بعاطفة عن الدمار الذي يلحق بالشيشان في تلك المناطق النائية من روسيا. كل هذا الدمار.. وكل هذه المآسي مبرمجة تحت عناوين مختلفة.. والسادة «النخبة» لا هم لهم في الكتابات التي تصدر بشكل او بآخر الا القول بان العرب غير عقلانيين، اي ان هذه النخبة تستحق ما تتجرعه كل حين وتستحق ما يحدث لها من موت ومن خراب. والغريب ان هذه «النخبة» لا تتحدث عن اسرائيل كدولة محتلة، وكدولة معتدية، ولا نجد في كتاباتها المختلفة تنديدا بما تفعله ضد العرب، وما تقترفه من جرائم في حقهم وكأن اسرائيل عندها هي النموذج العقلاني الذي تبحث عنه في تحاليلهم، وكأن الاحتلال والاستيطان والحرب المنظمة، والتدمبر المبرمج، والتآمر الذي لاينتهي هو العقل بعينه. والاغرب ان «الجماعة» كلما تحدثت عن العرب كالت لهم كل الاوصاف المربكة. وفي الاثناء يقيمون مقارنة بالغرب العقلاني، دون وصفه بالغرب الاستعماري والغرب الاستغلالي المقر العزم على منع العرب من التمكن من التكنولوجيا وتبني الحداثة العلمية واقتحام العصر عن جدارة، ألم يوقف الغرب بزعامة الولايات المتحدة الامريكية تطور العراق التكنولوجي والعلمي؟ والان ماذا يفعل الغرب ضد ايران؟ ألا يسعى الى منعه من التطور واكتساب القوة والنفوذ؟! يمكن ان نتهم النظام العراقي السابق بالديكتاتورية، ويمكن ان نصف صدام حسين بالديكتاتوري.. ولكن ابدا لا يمكن ان لا نعترف بانه كان نظاما علمانيا حاول بكل الطرق ان يبني دولة قوية وان يستعمل ثروته في بناء مجتمع ثري ديناره كان من ارفع العملات في العالم. واليوم فان العراق الذي أرادوه ديموقراطيا اصبح يعتمد على الطائفية التي تسحق كل يوم 100 مواطن اي ان الديموقراطية الامريكية المفروضة تذيقهم الموت كل حين.. وقد مات في العراق منذ الحرب والى اليوم اكثر من 250 الف مواطن؟! فهذه الديموقراطية التي ارادتها الولايات المتحدة الامريكية للعراق ساندها المثقفون العراقيون الذين كانوا يعيشون في الغرب وبعضهم ولدوا هناك.. وعادوا على ظهور الدبابات وعلى الطائرات العسكرية الامريكية والبريطانية واذا بهم يلحقون بوطنهم افضع الاضرار التي لم يتوصل اليها المغول! وما لا يعرفه الكثير ان النخبة العربية التي تعيش في الغرب، راذنابها من الذين يعيشون في اوطانهم بنفس الافكار كانوا ينتصرون للاتحاد السوفياتي وكان العديد منهم يساريين واتعبوا بلدانهم بالتحاليل والاراء والايديولوجيا ونجدهم اليوم يقفون الى جانب الولايات المتحدة ومع الغرب بكل اختلافاته ونجد اصواتهم عالية في الفضائيات وفي الجرائد والمزعج انهم فرخوا في الجامعات التي درّسوا فيها او مازالوا يدرسون فيها تلاميذ اخذوا منهم المشعل.. اوانضموا الى زمرتهم للتطبيل للغرب وارباك العرب، وبعضهم يزور اسرائيل بانتظام ويلقون المحاضرات في جامعاتها ومعاهدها مقابل مبالغ مالية مزرية وان كانت عالية في جيوب المحاضرين وهي لا تساوي في مجملها وعلى مدى السنوات الطوال ثمن طائرة يتم بها الهجوم على لبنان.. وعلى سائر العرب؟! صحيح ان الامة العربية تمر بجملة من المشكلات والقضايا وان الحريات تنقصها وانها لا تمارس الديموقراطية المطلوبة وهو امر لا ينكره احد. ولكن هذه المشكلات وهذه القضايا لا يمكن حلها بالاتهامات وبالارباك ولا يتم حلها باستدعاء الغرب ضد العرب، او لنقل باستعداء كل الغرب عليهم. وما تفعله هذه النخبة انما هو غير مختلف تماما على ما يفعله المتطرفون الاسلاميون من قبيل جماعة «القاعدة» فاذا كان المتطرف الاسلامي مساهما في نشر الفكر المتخلف.. فان هذه النخبة التي يحلو لها ان توصف بالمفكرة.. والواحد منها اصبح يحب ان يوصف بالفيلسوف وبالمفكر الكبير لا تحقق غير التدمير الداخلي. اننا في حاجة الى فكر بناء.. الى فكر ايجابي لا يتهم.. ولا يدمر ولا يستدعي الغرب بفكره وعولمته وعسكره وعتاده بل يؤمن بالشراكة والاصلاح الداخلي ولو نال هذا الفكر واصحابه بعض العنت، ولو نال هذا الفكر حتى الاضطهاد فانه سينتصر وما ضاع حق وراءه طالب.. اما الحديث في الكراسي عن الكراسي لا يؤدي الا الى الدمار والحجج امامنا ماثلــــــــة. ان «النخبة» التي تتهمنا بغياب العقل لدينا، وباننا لا نستحق الحياة مطالبة بان تبين بوضوح كيف يكون العقل.. وكيف نتبناه، وهل ان غياب الديموقراطية يعني غياب العقل؟ وهل ان الغرب بريد ان نكون ديموقراطيين فعلا؟ وهل ان العقل الغربي هو العقل «الصحيح»؟! وهل ان العقل الامريكي هو العقل المطلوب بما انه حقق لامريكا بان تكون اعظم قوة في العالم واعظم دولة ذات نفوذ واكثرها ظلما واستغلالا وهل ان الصين ذات عقل ام لا؟! اسئلة كثيرة لا بد للنخبة بان تجيب عليها حتى لا يضيّع العرب سبيلهم وحتى تزدهر لديهم الحرية والقوة. وقبل كل شيء: هل يمكنهم ان يجيبوا لماذا يسكتون لما تكون اسرائيل تفعل آلياتها في الجسد العربي وفي العقل العربي وفي الارض العربية ما لم يفعله هتلر طوال حياته الديكتاترية والعنصرية؟! (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 أوت 2006)
الخبيـر الأممـي حاتـــم قطــــــــران لـ«الصبـــــــــاح»
«هذه انتهاكات إسرائيل لاتفاقيات جينيف والقانون الدولي الإنساني» «صور أطفال إسرائيل في مخازن الصواريخ تحريض مفضوح على العنف والإرهاب»
تونس ـ الصباح هل يمكن تبرير جريمة قتل أكثرمن ألف و300 مدني لبناني جلهم من الاطفال والنساء والعجائز؟ وكيف يمكن التعليق على الانتهاكات الاسرائيلية لحقوق الطفل اللبناني من وجهة نظر القانون الدولي الانساني والشرعية الدولية لحقوق الانسان وحقوق الطفل؟ وما ذا ينبغي للمجموعة العربية القيام به لفضح انتهاكات السلطات الاسرائيلية للقانون الدولي الانساني والقرارات الاممية الخاصة بحماية حقوق الانسان؟ وماذا تقول بنود اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الانساني بالضبط؟ لمحاولة الاجابة عن هذه التساؤلات كان هذا اللقاء مع الاستاذ حاتم قطران أستاذ بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس (جامعة 7 نوفمبر بقرطاج – تونس) وعضو لجنة حقوق الطفل بمنظمة الأمم المتحدة والاستاذ حاتم قطران عضو بالهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الأساسية (منذ سنة 1991) والمستشار القانوني والعلمي للمعهد العربي لحقوق الانسان (منذ سنة 1999) وخبير متعاون لدى مكتب العمل الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) والمقرر العام في الاجتماع الاقليمى التشاوري لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الخاص بدراسة الأمم المتحدة حول «ممارسة العنف ضد الأطفـــال»، القاهرة 2005 * أستاذ حاتم قطران.. أولا كيف تنظركخبير أممي لدى الامم المتحدة عضو في لجنة حقوق الطفل الى ما حصل في لبنان (وما يتواصل في فلسطين المحتلة) من استهداف للاطفال والمدنيين والنساء؟ ـ ان حرب اسرائيل الجديدة على لبنان حرب ابادة وتدمير، لا يميز الجيش الاسرائيلي فيها بين المدنيين والمقاتلين حيث طالت هجماته البربرية الأطفال والنساء والشيوخ والعجزة والمعوقين… وقد بلغ عدد القتلى اللبنانيين أكثر من (1300) ضحية ثلثهم من الأطفال. كما أن الجيش الاسرائيلي قام باستهداف البني التحتية من طرقات وجسور ومباني سكنية ومستشفيات ومراكز دفاع مدني ومدارس ومراكز عبادة، بصفة مخالفة لكل المواثيق والقرارات الدولية التي تحمي المدنيين وقت الحرب، بما يجعل الهجمات الحربية الاسرائيلية من قبيل الهجمات العشوائية المحظورة، ضرورة.. وحتى لا يبقى العدوان الاسرائيلي على لبنان يتجاهل بعجرفة وسخرية تامة المعاهدات الدولية والاعلانات العالمية وكل قرارات الأمم المتحدة وكل الأخلاقيات المتصلة بالنزاعات والتي تهدف الى كفالة احترام المبادئ العامة للانسانية والكرامة الانسانية والحقوق الأصيلة للشعوب في الحياة والبقاء، تتأكد الضرورة اليوم لمواصلة الجهود الرامية الى فضح انتهاكات حقوق الطفل من قبل اسرائيل من خلال الحرب على لبنان، وذلك عبر صنفين من الانتهاكات هما: × استهداف الأطفال مباشرة عبر عمليات القصف العشوائي على المدن والقرى اللبنانية، يمثل جرائم حرب مرتكبة ضد الانسانية ويعد خرقا صارخا للقانون الدولي الانساني × تكريس أشكال من التعبئة الحربية للأطفال الاسرائيليين يؤسس للحقد والكراهية ويمثل خرقا صارخا للشرعة الدولية لحقوق الانسان وحقوق الطفل استهداف الأطفال مباشرة عبرالقصف العشوائي للمدن * ماذا يقول القانون الدولي واتفاقيات جنيف خاصة عن حماية المدنيين والاطفال أثناء الحروب؟ ـ لقد كان تعريض الأطفال في لبنان للاعتداءات الاسرائيلية انتهاكا صريحا لعدد من الاتفاقيات والقرارات الدولية، من بينها اتفاقيات جنيف الأربعة لحماية ضحايا الحرب الموقعة بتاريخ 12 أوت 1949، وخاصة الاتفاقية الرابعة منها والخاصة بحماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب والتي تلزم، (في حال قيام نزاع مسلح في أراضي أحد الأطراف المتعاقدة)، كل طرف بأن يعامل في جميع الأحوال الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال «معاملة انسانية، دون أي تمييز ضار يقوم على العنصر أو اللون، أو الدين أو المعتقد، أو الجنس، أو المولد أو الثروة أو أي معيار آخر» (المادة 3) ولهذا الغرض، تحظر حسب مقتضيات المادة 3 عدة أفعال من بينها خاصة «الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب…». وتضيف اتفاقية جنيف الرابعة أنه «يعمل أطراف النزاع على اقرار ترتيبات محلية لنقل الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال والنساء النافسات من المناطق المحاصرة أو المطوقة، ولمرور رجال جميع الأديان، وأفراد الخدمات الطبية والمهمات الطبية الى هذه المناطق» (المادة 17). كما تضيف الاتفاقية أنه «لا يجوز بأي حال الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال والنساء النفاس، وعلى أطراف النزاع احترامها وحمايتها في جميع الأوقات..» (المادة 18) وأنه على كل طرف «أن يكفل حرية مرور جميع رسالات الأدوية والمهمات الطبية ومستلزمات العبادة.. وعليه كذلك الترخيص بحرية مرور أي رسالات من الأغذية الضرورية، والملابس، والمقويات المخصصة للأطفال دون الخامسة عشرة من العمر، والنساء الحوامل والنفاس… » (المادة 23). * الملاحظ أنه خلال الحرب الجديدة على لبنان ركزت اسرائيل هجماتها على أهداف مدنية لبنانية بينما ركزت المقاومة على ضرب الاهداف العسكرية الاسرائيلية ؟ ـ تتأكد الانتهاكات الاسرائيلية للقانون الدولي الانساني على أكثر من واجهة منها من خلال خرق القوات الصارخ لمقتضيات البروتوكول الاضافي الملحق باتفاقيات جنيف والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية (البروتوكول الأول)، المعتمد في 8 جوان 1977 من قبل المؤتمر الدبلوماسي لاعادة تأكيد القانون الانساني الدولي الواجب التطبيق في المنازعات المسلحة، والذي أعلنت فيه الأطراف المتعاقدة في ديباجته عن «رغبتها الحارة في أن ترى السلام سائدا بين الشعوب» وأقرت أنه «من واجب كل دولة وفقا لميثاق الأمم المتحدة أن تمتنع في علاقاتها الدولية عن اللجوء الى التهديد بالقوة أو الى استخدامها ضد سيادة أية دولة أو سلامة أراضيها أو استقلالها السياسي، أو أن تتصرف على نحو مناف لأهداف الأمم المتحدة…». وقد أقر البروتوكول المذكور «قاعدة أساسية»، تقضي بوجوب أن «تعمل أطراف النزاع على التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، ومن ثم توجه عملياتها الى الأهداف العسكرية دون غيرها، وذلك من أجل تأمين احترام وحماية السكان المدنيين والأعيان المدنية» (المادة 48). ويتمتع السكان المدنيون والأشخاص المدنيون، وفقا لهذا البروتوكول «بحماية عامة ضد الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية»، يدخل من ضمنها منع استهدافهم عبر الهجمات العسكرية وحظر جميع «أعمال العنف أو التهديد به الرامية أساسا الى بث الذعر بين السكان المدنيين» وخاصة الأعمال الناتجة عن «العمليات العشوائية» ويقصد بها، حسب صريح المادة 51 من البروتوكول المذكور، «تلك التي لا توجه الى هدف عسكري محدد»، أو «تلك التي تستخدم طريقة أو وسيلة للقتال لا يمكن أن توجه الى هدف عسكري محدد»، أو «تلك التي تستخدم طريقة أو وسيلة للقتال لا يمكن حصر آثارها على النحو الذي يتطلبه هذا البروتوكول. ومن ثم، فان من شأنها أن تصيب، في كل حالة كهذه، الأهداف العسكرية والأشخاص المدنيين أو الأعيان المدنية دون تمييز… » (المادة 51). * وماذا عن الحماية الخاصة للنساء والاطفال؟ ـ تتأكد الانتهاكات الاسرائيلية للقانون الدولي الانساني أيضا من خلال خرقها الصارخ لمقتضيات الاعلان بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة الصادر عام 1974 والذي أعربت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة عن «قلقها للآلام التي يعانيها النساء والأطفال من السكان المدنيين، الذين يقعون في ظروف مفرطة الكثرة، في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة أثناء الكفاح في سبيل السلم وتقرير المصير والتحرر القومي والاستقلال، ضحايا لأفعال لا انسانية فيصيبهم منها أذى شديد…». وأشارت الجمعية العامة في الاعلان المذكور أيضا «لما يعانيه النساء والأطفال من الآلام في كثير من مناطق العالم، وخصوصا في المناطق المعرضة للقمع والعدوان والاستعمار والعنصرية والسيطرة والتسلط الأجنبيين»، والى «ضرورة توفير حماية خاصة للنساء والأطفال من بين السكان المدنيين…»، يدخل من ضمنها التزام الدول بـ«حظر الاعتداء على المدنيين وقصفهم بالقنابل، الأمر الذي يلحق آلاما لا تحصى بهم، وخاصة بالنساء والأطفال الذين هم أقل أفراد المجتمع مناعة…»، والتزامها أيضا بــ«بذل كل ما في وسعها لتجنيب النساء والأطفال ويلات الحرب». ويخلص الاعلان الى أنه «تعتبر أعمالا اجرامية جميع أشكال القمع والمعاملة القاسية واللاانسانية للنساء والأطفال، بما في ذلك الحبس والتعذيب والاعدام رميا بالرصاص والاعتقال بالجملة والعقاب الجماعي وتدمير المساكن والطرد قسرا، التي يرتكبها المتحاربون أثناء العمليات العسكرية أو في الأقاليم المحتلة…». وتجدر الاشارة أيضا الى أن خرق القوات الاسرائيلية الصارخ لمقتضيات البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة لعام 2000 والذي ينص صراحة أن «حقوق الأطفال تتطلب حماية خاصة، وتستدعي الاستمرار في تحسين حالة الأطفال دون تمييز، فضلا عن تنشئتهم وتربيتهم في كنف السلام والأمن». كما يدين البروتوكول المذكور بوجه خاص «استهداف الأطفال في حالات المنازعات المسلحة والهجمات المباشرة على أهداف محمية بموجب القانون الدولي، بما فيها أماكن تتسم عموما بتواجد كبير للأطفال مثل المدارس والمستشفيات،…». من جهة أخرى يتناقض تعريض الأطفال في لبنان للاعتداءات الاسرائيلية واستهدافهم مباشرة عبر عمليات القصف العشوائي على المدن والقرى مع عدد من القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، ومن بينها خاصة: ـ القرار رقم 1261 الصادر عن مجلس الأمن عام 1999 بخصوص الأطفال المتأثرين بالصـراعات المسلحة والذي عبر فيه مجلس الأمن عن «قلقه الخطير تجاه الانتهاكات واسعة الانتشار التي تؤذي الأطفال خلال الصـراعات المسلحة والتي لها أثرها على المدى البعيد على السلم والأمن والتنمية». كما يشجب القرار المذكور بقوة «استهداف الأطفال في حالات الصـراعات المسلحة وتعريضهم للقتل والتشويه والابعاد والتهجير»، ويؤكد على أن «تعريض الأطفال في الصراعات المسلحة هو انتهاك صريح للقانون الدولي، بما في ذلك مهاجمة الأماكن المشمولة بالقانون الدولي كالمستشفيات والمدارس وأماكن تجمع الأطفال…». ـ والقرار رقم 1612 الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته الـ5235 المعقودة في 26 جويلية 2005 بخصوص الأطفال المتأثرين بالصـراعات المسلحة والذي يشير خاصة الى «المسؤوليات التي تقع على عاتق الدول في ما يتصل بوضع حد للافـلات من العقاب ومحاكمة المسؤولين عن الابادة الجماعية والجـرائم المرتكَبـة ضـد الانسـانية وجـرائم الحرب وغير ذلك من الجرائم النكراء المرتكَبة في حق الأطفال…». ـ والقرار1674 / 2006 الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته 5430، المعقودة في 28 أفريل 2006 والذي يشير خاصة الى «شدة وطأة الصراعات المسلحة على النـسا ء والأطفـال، بمـن فـيهم نـساء وأطفال اللاجئين والمشردين داخليا، وعلى غيرهم من المدنيين الذين قـد تكـون لـديهم مـواطن ضــعف بعينــها…»، ويؤكــد علــى «حظر التشريد القسري للمدنيين في حالات الصراع المـسلح في ظـل ظروف تشكل انتهاكا لالتزامات الأطراف بموجب القانون الانساني الدولي…» ويدين «جميـع الهجمـات الموجهـة عمـدا ضـد مـوظفي الأمـم المتحـدة والأفــــراد المرتبطــين بها المشاركين في بعثـات انـسانـية، فـضلا عـن العـاملين الآخـرين في مجـال المـساعدة الانسانية…»، ويلاحـــظ أن «تعمـــد اســـتهداف الـــسكان المـــدنيين وغيرهـــم مـــن الأشـــخاص المشمولين بالحماية، وارتكاب انتهاكات منتظمـة وسـافرة وواسـعة الانتـشار للقـانون الانـساني الدولي وقانون حقوق الانسان في حالات الصراع المسلح، قد يشكلان تهديدا للسلام والأمن الدوليين»، ويؤكد من جديد في هذا الصدد «استعداده للنظر في تلـك الحـالات واعتمـاد تـدابير مناسبة عند الاقتضاء». * هناك ظاهرة جديدة وخطيرة كشفتها وسائل الاعلام الاسرائيلية نفسها هي صور الاطفال وهم يكتبون عبارات ورسائل كره للاطفال اللبنانيين على الصواريخ التي ستقتل اللبنانيين وهو تكريس عملي لأشكال من التعبئة الحربية للأطفال الاسرائيليين يؤسس للحقد والكراهية؟ ـ ان مظاهر الحقد والعنصرية والتطرف والعدوان الذي تمارسه اسرائيل على عموم الشعب اللبناني والذي يتجلى بالابادة الجماعية، يعبر عن نفسه في الداخل الاسرائيلي بأشكالٍ ووسائل مختلفة وهو ترجمة لسنوات طويلة بل لعقود من التربية على الحقد والكراهية والتعصب والتمييز العنصري دأبت اسرائيل على تربية وتنشئة أطفالها ومواطنيها عليه. وان سوق مجموعة من الأطفال الاسرائيليين الى مخازن الأسلحة والذخائر التابعة للجيش الاسرائيلي واستخدامهم لكتابة رسائل الكراهية والحقد (من أطفال اسرائيل الى أطفال لبنان) على الصواريخ والقنابل تتضمن اشراكا وان كان غير مباشر للأطفال في النزاعات المسلحة وهو بالتالي يمثل عملية تجنيد نفسية وعقلية وعاطفية لن يؤدي الا الى انتاج أجيال قائمة على التعصب والحقد، مما يشكل انتهاكا لكافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية. وهنا موضع الاشارة خاصة الى اتفاقية حقوق الطفل المعتمدة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 20 نوفمبر 1989 والمصادق عليها من قبل اسرائيل نفسها من ضمن 192 دولة في العالم، وهي أعلى نسبة من التصديق تحرز عليها واحدة من اتفاقيات الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الانسان. وتؤكد اتفاقية حقوق الطفل في ديباجتها على أنه « ينبغي اعداد الطفل اعدادا كاملا ليحيا حياة فردية في المجتمع وتربيته بروح المثل العليا المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة، وخصوصا بروح السلم والكرامة والتسامح والحرية والمساواة والاخاء…». * كيف يمكن ربط ما يجري بالاعلان العالمي لحقوق الانسان وغيره من القيم الديمقراطية الحديثة التي صادقت عليها الامم المتحدة وكل دول العالم تقريبا؟ ـ نستنج الانتهاكات الاسرائيلية للشرعية الدولية لحقوق الانسان من خلال خرقها الصارخ لمقتضيات الاعلان العالمي لحقوق الانسان، والذي يدعو الى «تعزيز احترام حقوق الانسان» ويؤكد في الفقرة 2 من المادة 26 منه على أنه «يجب أن يستهدف التعليم التنمية الكاملة لشخصية الانسان وتعزيز احترام حقوق الانسان والحريات الأساسية. كما يجب أن يعزز التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الأمم وجميع الفئات العنصرية أو الدينية، وأن يؤيد الأنشطة التي تضطلع بها الأمم المتحدة لحفظ السلام»، ـ وعقد الأمم المتحدة للتثقيف في مجال حقوق الانسان 1995- 2004 ـ واعلان وبرنامج عمل فيينا الصادر عن المؤتمر الدولي لحقوق الانسان 1993 * ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الدول العربية وتونس بصفة خاصة لكشف انتهاكات اسرائيل للمواثيق الاممية ومنها خاصة الاعلان العالمي لحقوق الانسان واتفاقيات جنيف؟ ـ بالفعل نشير هنا بكامل الاعتزاز الى الموقف الذي اتخذته تونس بوصفها رئيس المجموعة العربية في مجلس حقوق الانسان ومبادرتها بدعوة هذا المجلس لعقد جلسة طارئة وخارقة للعادة بهدف فضح هذه الاعتداءات الصارخة على القانون الدولي الانساني وما نصت عليه المواثيق والاتفاقيات الدولية والشرعة الدولية لحقوق الانسان. وقد صدر قرار مجلس حقوق الانسان بالأغلبية فأدان الاعتداءات الاسرائيلية وقضى ببعث لجنة تقصي الحقائق لرصد مختلف أشكال انتهاكات حقوق الانسان عبر هذه الحرب الغاشمة. ويتأكد بذلك من جديد موقف تونس الثابت لنصرة قضايا الحق والعدل، ودعم مبادئ الحرية والكرامة واستقلال الشعوب واحترام سيادتها الكاملة على ترابها. وهو عين الموقف الذي التزمت به تونس ولا تزال للدفاع عن الشعب الفلسطيني الباسل ومؤازرته بكل الطرق المتاحة في نضاله من أجل استرجاع حقوقه المغتصبة ووقف عمليات الابادة الجماعية التي يتعرض لها يوميا في غزة والضفة الغربية من قبل القوات الاسرائيلية الغاشمة بمرأى ومسمع من كل دول العالم، بما في ذلك الدول التي لا يتشدق أحد مثلها بمبادئ حقوق الانسان والحرية واستقلال الشعوب أجرى الحوار :كمال بن يونس (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 أوت 2006)
العفو الدولية: إسرائيل تعمدت ضرب أهداف مدنية
لندن (رويترز) – اتهمت منظمة العفو الدولية اسرائيل يوم الاربعاء بأنها استهدفت عن عمد المدنيين خلال حملتها على حزب الله في لبنان وقالت ان الدولة اليهودية قد تكون مذنبة بارتكاب جرائم حرب. وقالت العفو الدولية ان متاجر الاغذية لم تكن وحدها التي دمرت عن عمد بالقصف المدفعي والغارات الجوية فقد تعرضت قوافل الاغاثة للعرقلة عن عمد وأعطبت المستشفيات ومرافق الخدمات العامة مثل محطات المياه والطاقة لإجبار الناس على ترك ديارهم. وقالت المنظمة « الادلة توحي بقوة ان الدمار الواسع للاشغال العامة وشبكات الطاقة ومنازل المدنيين والمصانع كان متعمدا وجزءا لا يتجزأ من الاستراتيجية العسكرية لا مجرد ضرر غير مباشر. » وتقول اسرائيل انها لم تستهدف المدنيين وكانت تحذر غير المقاتلين لمغادرة جنوب لبنان. واتهمت ايضا مقاتلي حزب الله باطلاق صواريخ من مناطق مدنية. ودعت العفو الدولية الامم المتحدة الى المسارعة لتشكيل لجنة تحقيق مستقلة في انتهاكات القانون الانساني الدولي التي تقول ان الجانبين كليهما ارتكباها. وقال المنظمة « في سياق الهجمات على البنية الاساسية في لبنان فان اسرائيل انتهكت على وجه التخصيص الحظر على الهجمات العشوائية وغير المتناسبة. » وأضافت قولها « قد تكون اسرائيل انتهكت ايضا محظورات اخرى منها حظر على الهجمات المباشرة على الاهداف المدنية. وهذه الانتهاكات جرائم حرب. » وفي تقريرها المعنون « اسرائيل-لبنان: دمار متعمد أم ضرر عارض » قالت العفو الدولية انه بين 12 من يوليو تموز و14 من اغسطس حينما بدأ تنفيذ هدنة نفذت اسرائيل اكثر من 7000 غارة جوية على 7000 هدف. وفي الوقت نفسه نفذت القوات البحرية الاسرائيلية 2500 عملية قصف اخرى واطلقت قطع المدفعية الطويلة المدى عددا غير معروف من القذائف على جنوب لبنان. وقتلت الهجمات اكثر من 1100 شخص ثلثهم اطفال واصيب اكثر من 4000 بجراح واضطر 970 الف نسمة او ربع السكان الى الفرار الى شمال البلاد. وقالت العفو الدولية « كثير من الانتهاكات التي تناولها هذا التقرير هي جرائم حرب تستوجب مسؤولية جنائية فردية. » واضاف التقرير ان الحكومة اللبنانية تقدر ان 31 منشأة حيوية من المطارات الى محطات الطاقة ومحطات المياه والصرف الصحي دمرت تدميرا جزئيا او كاملا وكذلك 80 جسرا و94 طريقا بريا. وضرب اكثر من 25 محطة وقود و900 مؤسسة اخرى وسويت اكثر من 30 منزلا ومكتبا ومتجرا بالارض. وقالت العفو الدولية « يصر المتحدثون باسم الحكومة الاسرائيلية على انهم كانوا يستهدفون مواقع حزب الله ومنشأت دعمه وان الضرر الذي لحق بالبنية الاساسية المدنية كان عارضا او نتج عن استخدام حزب الله السكان المدنيين درعا بشريا. » واستدركت بقولها « غير ان نمط الهجمات ومداه وكذلك عدد الاصابات بين المدنيين ومقدار الضرر الناشيء يجعل التبرير يبدو أجوفا. » وتقدر الاضرار الاجمالية بنحو 3.5 مليار دولار ملياري دولار للمباني و1.5 مليار دولار لمرافق البنية الاساسية. من جيريمي لوفيل (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 23 أوت 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
فتوى سعودية بـ تكفير الشيعة وإدانة حزب الله
2006/08/23 لندن ـ القدس العربي ـ من احمد المصري: اطلق الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلي وعضو هيئة كبار العلماء السعودية فتوي جديدة كفر فيها الشيعة. ووصم اللحيدان الشيعة بأنهم رافضة يكفرون كل أهل السنة، واتهم اللحيدان الشيعة بأن ولاءهم لايران. كما أشاد بموقف الرئيس المصري حسني مبارك الذي اتهم الشيعة في العالم قبل أشهر بالولاء لإيران علي حساب ولاءاتهم الوطنية حسب ما ذكرت وكالة الانباء السعودية المستقلة (معارضة سعودية مقرها واشنطن) علي موقعها بالشبكة الالكترونية. وقال اللحيدان ان حزب الله اللبناني هو حزب الشيطان وهو جزء من ايران. (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 23 أوت 2006)
رئيس الوزراء الجزائري يتوقع تمديد مدة عفو في إطار خطة للمصالحة
الجزائر (رويترز) – قال عبد العزيز بلخادم رئيس وزراء الجزائر في تصريحات نشرت يوم الاربعاء ان بلاده التي خرجت من سنوات من الصراع قد تمدد برنامجا للمصالحة مدته ستة أشهر يشمل عفوا عن المتشددين الاسلاميين حين ينتهي في الاسبوع القادم. وتعد تصريحات بلخادم الاكثر وضوحا بين عدة تلميحات رسمية في الاونة الاخيرة تفيد بأن الحكومة قد تمدد البرنامج وبنود العفو الاساسية به بعد انتهائه المنتظر في 28 اغسطس اب. وتتم مراقبة العفو عن كثب في أنحاء المنطقة لان استقرار البلاد ينظر اليه على نطاق واسع على أنه ضروري لمنطقة البحر المتوسط. والجزائر مصدر اساسي لامداد اوروبا بالغاز. وعلى الرغم من أن حركة المتشددين في تراجع منذ فترة طويلة فان عدة مئات من المقاتلين الاسلاميين ما زالوا يقاتلون لتحويل تلك الدولة الكبيرة الواقعة في شمال افريقيا والمصدرة للنفط والغاز الى دولة اسلامية. واستسلم ما يصل الى 300 مقابل الا تتم محاكمتهم منذ 28 فبراير شباط حين بدأ سريان العفو. ونقلت صحيفة المجاهد الحكومية عن بلخادم قوله ان المصالحة الوطنية « لها قيمة كبيرة بحيث تستثنى من كل الحدود الزمنية. » وقال بلخادم متحدثا بصفته كرئيس لحزب الاغلبية بالبرلمان ان جبهة التحرير الوطني « لا ترى اي عائق لتمديد المدة الزمنية لتطبيق » اجراءات المصالحة. وأضاف أن المصالحة الوطنية « مسألة لا يمكن تحديد قيمتها بالزمان او المدى حيث ان الهدف هو تثبيت هذه المصالحة في قلب المجتمع. » والقرار الاخير في يد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. كانت الجزائر قد غرقت في صراع في اوائل عام 1992 بعد أن ألغت السلطات التي كان يدعمها الجيش انذاك انتخابات برلمانية كان الاسلاميون الاصوليون سيفوزون بها. وأودت أعمال العنف بحياة 200 الف شخص وسببت خسائر اقتصادية تبلغ 20 مليار دولار نتيجة لحملة تخريبية شنها المتشددون الاسلاميون. وأمهل العفو المقاتلين الاسلاميين ستة أشهر ليستسلموا ويتم العفو عنهم شريطة الا يكونوا قد شاركوا في مذابح او حوادث اغتصاب او تفجيرات لاماكن عامة. كما يمنع العفو محاكمة أفراد قوات الامن لاي مخالفات ارتكبوها خلال الصراع ويحظر الانتقاد العلني لتصرفات اي شخص شارك في الصراع. وفضلا عن هذا أطلقت الحكومة سراح 2200 مقاتل اسلامي سابق كانوا يقضون عقوبات بالسجن بسبب أعمالهم خلال الصراع. وتقدم خطة المصالحة تعويضات مالية لضحايا العنف وذويهم كما ستحاول في بعض الحالات مساعدة المقاتلين السابقين في العثور على عمل. وأمهلت الحكومة الراغبين في الاستفادة من هذه المزايا ستة أشهر للتقدم والمطالبة بها. (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 23 أوت 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
عيون الجزائريين على الوظائف وليس على العدالة
رايس (الجزائر) (رويترز) – ما زال بالإمكان العثور على آثار القتل الذي أساء لسمعة هذه البلدة الجزائرية لفترة وجيزة. في أحد الازقة لا تزال الحوائط المبنية من الطوب والاسمنت تحمل آثار الحريق وثقوب الاعيرة النارية. عائلات مقتولة بأكملها ترقد في مقبرة قريبة. الجدات بجانب الابناء والحفيدات. لكن بعد تسع سنوات من ذبح المهاجمين 300 رجل وامرأة وطفل ورضيع في عملية استمرت اربع ساعات ونصف الساعة فان أصعب ما يمكن كشفه اليوم في رايس هو أي توقع لتحقيق العدالة. مثل المجتمعات المحطمة في أنحاء هذه الدولة الواقعة في شمال افريقيا يشعر سكان المستوطنة البائسة في سهول جنوب الجزائر أن المحاسبة القضائية لسنوات الصراع في بلادهم حلم بعيد المنال. وقال بوثلجة خيثر وهو عاطل عن العمل فيما كان يحتسي قدحا من القهوة في كشك على جانب الطريق « رايس مكان منسي ». وأضاف « لا يوجد شيء هنا… لا عمل ولا ترفيه ولا رياضة… لا شيء. انه مكان حزين يسكنه حزانى. » وقبل أيام من انتهاء مهلة للعفو عن مقاتلين اسلاميين والامل في طي صفحة الماضي الوحشي فان أجواء الجزائر قانطة اكثر منها مفعمة بالامل فيما تتطلع الى المستقبل. لقد تحسنت الاوضاع الامنية بشدة منذ بلغت ثورة اسلامية ذروتها حين جاب اكثر من 27 الف مقاتل البلاد. كان العنف قد تفجر عام 1992 حين ألغت السلطات انتخابات كان من المفترض أن يفوز بها اسلاميون أصوليون. وكانت الحكومة تخشى من ثورة على غرار الثورة الايرانية. وأطلق سراح نحو 2200 مقاتل اسلامي سابق من السجن بموجب عفو مدته ستة أشهر بهدف مصالحة البلاد التي يعد استقرارها ضروريا للامن في منطقة البحر المتوسط. ويمنح العفو الذي بدأ سريانه في 28 فبراير شباط المقاتلين الذين ما زالوا يقاتلون ستة اشهر لتسليم انفسهم والعفو عنهم شريطة الا يكونوا قد شاركوا في مذابح او حوادث اغتصاب او تفجيرات أماكن عامة. ويقول مسؤولون إن ما يصل الى 300 من جملة ما يقدر بنحو 800 متشدد اسلامي ما زالوا يقاتلون سلموا أنفسهم. لكن بدلا من كشف الحقائق وروايتها بشأن أعمال العنف وإراقة الدماء على غرار ما فعلته جنوب افريقيا فان خطة الجزائر السارية للمصالحة تأمر بالتزام الصمت اذ تحظر الانتقاد العلني لتصرفات أي شخص شارك في الصراع. ويقول مسؤولون ان المشاعر ما زالت جريحة بحيث لا تستطيع البلاد تحمل محاسبة علنية. كما تحظر الخطة محاكمة أفراد قوات الامن على أي مخالفة ارتكبت خلال الصراع الذي راح ضحيته ما بين 150 الفا و200 الف معظمهم من المدنيين. في رايس لا يتوقع أحد في هذه الايام رواية مفصلة للهجوم الذي أنحى مسؤولون باللائمة فيه على الجماعة الاسلامية المسلحة التي كانت تقاتل لاقامة دولة اسلامية. وعقب الغارة اختفى القتلة في بساتين قريبة. وقال خيثر « فيما يخص ما حدث خلال تلك الليلة فانه يصعب نسيانه. ما زلنا مجروحين. » لكنه أضاف مبتسما « اذا أردت معرفة الحقيقة يمكن أن ينتهي الامر بموتك. » الوظائف اكثر أهمية من العدالة في الوقت الراهن في « مثلث الموت » السابق بالجزائر وهي منطقة تضم رايس التي صنفت على أنها الاكثر عنفا خلال سنوات الصراع. كم هي خاوية أيام خيثر وكم هي ضئيلة موارده فهو يجلب قدح القهوة الذي يحتسيه من منزله ويرتشفه في المقهى الواقع على جانب الطريق محاولا الحصول على الراحة من وهم الرخاء. ومما يزيده احباطا معرفته أن الحكومة جمعت ثروة طائلة من النفط والغاز الذي تصدره مؤسسة الطاقة المملوكة للدولة لانحاء العالم. ويقول مسؤولون انه لا يمكن توفير وظائف الا من خلال توسيع نطاق القطاع الخاص وتحرير الاقتصاد. محمد دريش صديق خيثر لا يستطيع أن يفهم لماذا لم تأت الثروة بعد. ويضيف « نحن لا نعيش بل نحاول البقاء على قيد الحياة. نقضي معظم وقتنا في بيع الملابس وأشياء أخرى في أسواق مجاورة حيث ليس لدينا سوق هنا. » وقال صاحب متجر في رايس رفض ذكر اسمه ان من الواضح أن الاوضاع الامنية تحسنت لكن هذا ليس كافيا. وأضاف « نستطيع تجاذب أطراف الحديث مع أصدقائنا في وقت متأخر من الليل. هذا جزء ايجابي من سياسة المصالحة لكن مشكلتنا هنا وربما في أنحاء البلاد هي إعطاء الامل للشباب. حتى الان ليس هناك شيء ملموس. » ويقول مسؤولون ان معدل البطالة بلغ 15.3 في المئة عام 2005 منخفضا عن 17.7 في المئة عام 2004 و23.7 في المئة عام 2003. لكن من المعتقد أن معدل البطالة غير الرسمي يبلغ نحو 30 في المئة. ويقول كثير من مقاتلي الجماعة الاسلامية المسلحة السابقين الذين أطلق سراحهم انهم يريدون العيش في سلام وانهم سيستخدمون وسائل سلمية للترويج لاقامة دولة اسلامية. لكن نشطاء في مجال حقوق الانسان يتهمون كثيرين من المقاتلين السابقين الذين أفرج عنهم بالتصرف بغطرسة مشيرين الى أن لا أحد من زعماء المقاتلين اعتذر عن قتل المدنيين. وقال العديد من قيادات المقاتلين السابقين منذ الافراج عنهم انهم ما زالوا يريدون اقامة دولة اسلامية وألمح واحد منهم على الاقل الى أن العنف لن يتوقف ما لم تقم تلك الدولة. وعلى النقيض فان مهدي فلاح القائد السابق بالجماعة الاسلامية المسلحة الذي شمله العفو لم يتردد في الاعتراف بارتكابه خطأ. ويعيش فلاح مع زوجته وابنيه في منزل من حجرتين بمنطقة عين طاية الساحلية في شرق الجزائر ويقول انه سعيد لانه اختار السلام. وأضاف « انني نادم على ما فعلت. نادم للغاية وآمل أن يمن الله علي بزيارة بيته حتى تغفر خطاياي. » من الامين الشيخي وعبد العزيز بومزار (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 23 أوت 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
الاتحاد الاوروبي يمنح المغرب 67 مليون يورو للسيطرة على الهجرة
الرباط (رويترز) – قال الاتحاد الاوروبي يوم الاربعاء انه منح المغرب 67 مليون يورو (86.16 مليون دولار) لمساعدته على السيطرة على الهجرة غير المشروعة وتعزيز أمن حدوده واتخاذ اجراءات صارمة ضد تهريب البشر. وقالت المفوضية الاوروبية وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد الاوروبي في بيان « هدف برنامج الطواريء هذا الذي يستهدف تحسين ادارة تدفقات الهجرة وتعزيز القدرة على محاربة الهجرة غير المشروعة سيلقى دعما للموازنة. » وأضاف الاتحاد الاوروبي أن الاموال ستساعد الاجهزة الحكومية المغربية على محاربة الهجرة غير المشروعة بكفاءة أكبر وتعزيز مراقبة الحدود وتحسين الاطار القضائي. وسيجري تخصيص المزيد من الموارد للتحقيقات الجنائية ولتوعية الناس بمخاطر الهجرة غير المشروعة. ووافق وزراء أوروبيون وأفارقة في الشهر الماضي على خطة موسعة لدعم الهجرة القانونية والتصدي لتهريب البشر وجعل المساعدات لافريقيا أكثر فاعلية. لكن جماعات الضغط شكت من أن الاتحاد الاوروبي يعطي أولوية للقضاء على الهجرة غير المشروعة بينما لا يفعل شيئا يذكر للتعامل مع الفجوة المتزايدة في الثروة التي جعلت أوروبا مصدر جذب للافارقة الفقراء العاطلين عن العمل. ويقول المغرب انه قلص بالفعل عدد المهاجرين غير الشرعيين بنسبة 65 بالمئة في العامين الماضيين وأعاد الاف المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء الى بلادهم لكن هذا لم يؤد فيما يبدو الا الى نقل المشكلة لمكان اخر. ونجح أكثر من 17 الف مهاجر في الوصول الى جزر الخالدات المملوكة لاسبانيا قبالة الساحل الشمالي الغربي لافريقيا هذا العام بعدما غامروا بالابحار في زوارق مكتظة ولقي كثيرون حتفهم في المحاولة. (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 23 أوت 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
هاجم «القطط السمينة» التي تُعرقل البناء «تحت شعار حماية الثورة» …
سيف الإسلام القذافي: لا دستور في ليبيا ولا صحافة ولا ديموقراطية
طرابلس (ليبيا) – محمد عبعوب أطلق نجل الزعيم الليبي سيف الإسلام معمر القذافي، رئيس مؤسسة القذافي للتنمية، من مدينة سرت (شرق طرابلس)، مساء اول من أمس، مشروعاً لإعادة بناء ليبيا من جديد، وحض الشباب على المبادرة بتنفيذه لتحقيق نقلة نوعية للبلاد من وضعها الحالي الذي وصفه بـ «المزري» في الميادين كافة إلى وضع متقدم يوازي ما حققته دول نفطية أخرى. ووجه انتقادات شديدة إلى طريقة تطبيق الحكم في ليبيا، قائلاً إن البلاد بلا دستور ولا صحافة ولا ديموقراطية. وأعرب سيف الإسلام في الملتقى الأول للمنظمة الوطنية للشباب الليبي (منظمة أهلية تضم نحو 15 ألف عضو)، عن قلقه لعدم وجود دستور في البلاد يكون مرجعية لاعادة البناء. وقال: «لا توجد عندنا مؤسسات دستورية ثابتة ومعروفة، ولا العلاقات بهذه المؤسسات مربوطة بقوانين ومحمية بدستور (…) الأمور غير واضحة الآن، ولكن جاري العمل على تثبيتها وتوضيحها حتى نستطيع مباشرة البناء (…). لا بد من وضع خطة لمئة عام قادمة من أجل بناء ليبيا، لا بد من السير في خطوط متوازية لاعادة البناء والتخطيط للمستقبل اعتباراً من الغد». ولم يفصح سيف الإسلام عن الآلية أو الأدوات التي سينفذ من خلالها مشروعه الطموح، خصوصاً إنه انتقد في شدة أركان الدولة الحاليين وحمّلهم جزءاً من المسؤولية عما تعانيه البلاد من تراجع في بنيتها التحتية واستنزاف لمواردها في مشاريع متعثرة أو خاسرة. وهو هاجم في شدة من سماهم بـ «القطط السمينة» والتكنوقراط الذين أصبحوا يُشكّلون ما يعرف بـ «المافيا الليبية» الذين تحالفوا لجني المكاسب والأرباح على حساب «مصالح الشعب وعرقلوا اعادة البناء والإعمار تحت شعار حماية الثورة»، وحمّلهم مسؤولية الأخطاء الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية التي واجهتها ليبيا خلال العقود الماضية. وقال رئيس «مؤسسة القذافي للتنمية»، في سياق تحليله للأوضاع الحالية في ليبيا التي تحتفل بعد أقل من أسبوعين بمرور 36 عاماً على «ثورة الفاتح من سبتمبر»: «بكل شفافية وصراحة لا توجد حرية صحافة في ليبيا، بل لا توجد من الأصل صحافة، ولا توجد ديموقراطية شعبية مباشرة على أرض الواقع. هناك سوء تطبيق للتجربة الديموقراطية، وهذا ما يردده كل الليبيين من أفراد ومسؤولين. والناس متفقة على انه لا توجد ديموقراطية في ليبيا»، في انتقاد لتطبيق مفهوم الديموقراطية الشعبية المباشرة المستمدة من «الكتاب الأخضر» الذي ينص على أن الجماهير هي المصدر الوحيد للقرارات والقوانين في البلاد. وأوضح أنه يُطلق مشروعه الإصلاحي بصفته أحد أبناء ليبيا الغيورين على مصالحها والحريصين على نقلها الى مصاف الدول المتطورة وليس بصفته «ولي عهد»، في إشارة إلى ما تثيره الصحافة الأجنبية عن أنه مرشح لتولي ادارة البلاد في المستقبل المنظور. وأعاد إلى الأذهان انه وبالتعاون مع مجموعة من الشباب الليبيين هم من قاموا بإنهاء حال الحصار التي كانت مفروضة على ليبيا بسبب قضية لوكربي وهي قضية قال إنها «كانت مجالاً لتربّح الكثير من السماسرة والمحتالين المحليين والأجانب الذين جنوا من ورائها أموالا طائلة وساهموا في إطالة عمرها». وقال إن مشروعه الإصلاحي هو بلورة لأفكار عُرضت في لقاءات عقدها مع فاعليات شبابية على مدى أكثر من سنة في مختلف المناطق، إضافة إلى نتائج استطلاع للآراء أجرته «مؤسسة القذافي للتنمية» شمل 15000 شاب وشابة أيدت غالبيتهم العظمى النقاط الواردة في المشروع، كما انه ترجمة لقرارات سابقة للمؤتمرات الشعبية الأساسية (أعلى سلطة في ليبيا) أُهملت أو تم التغاضي عنها ولم تجد طريقها إلى التنفيذ. ويستهدف مشروع سيف الإسلام «معاً من أجل ليبيا الغد» والذي وصفه مراقبون في ليبيا بأنه «ثورة جديدة»، إعادة بناء البلاد من جديد وإصلاح ما أفسدته البيروقراطية على مدى سنوات. وانتقد سيف الإسلام في شدة الأوضاع الحالية للاقتصاد والتعليم والصحة والإعلام والأمن وغيرها من القطاعات ووصفها بـ «المتردية»، معلناً بدء تنفيذ مشروعه للإصلاح اعتبارا من بداية الشهر المقبل. وأعلن في سياق مشروعه لإصلاح التعليم خططاً لتوفير مليون جهاز حاسوب لمليون طفل ليبي، وقال إن الولايات المتحدة تعهدت التبرع بـ 500 ألف جهاز منها، إضافة إلى تقديمها لخدمات الانترنت المجانية لمدة عام كامل للمؤسسات الليبية. وأضاف أن «القائد»، أي الزعيم الليبي معمر القذافي، استقبل قبل أيام مسؤولاً أميركياً أبلغه بهذه الرغبة الأميركية في تطوير التعليم في ليبيا. وفي قطاع الصحة، أشار نجل الزعيم الليبي إلى مشروع لربط 20 مستشفى ليبياً بمستشفيات أجنبية متطورة لم يحددها، بهدف تسهيل نقل الخبرة والمعرفة الطبية الى ليبيا وتطوير الخدمات الطبية فيها. كما أعلن خططاً لتحسين دخول الأطباء والطواقم الطبية لتمكينها من أداء مهماتها على أكمل وجه. وأشار، في سياق نقده للأوضاع الصحية، إلى انتشار الأمراض السرطانية في شكل واسع في ليبيا، وهي المرة الأولى التي يتم فيها التعرض لهذه الظاهرة المثيرة للقلق. وهو أرجع انتشار الاوبئة إلى غياب الرقابة الصحية الصارمة على البضائع والمواد الغذائية والادوية المستوردة والتي عادة ما تكون منتهية الصلاحية. وفي قطاع الاقتصاد، أعلن خططاً لإلزام 750 شركة أجنبية تعمل حالياً في البلاد بإشراك ليبيين في مشاريعها، إضافة إلى إقامة مليون شركة على مدى عقد من الآن يملكها ليبيون، مطالباً بضرورة المساواة بين المستثمرين الليبيين والأجانب في ما يتعلق بالاعفاء الضريبي الذي يتمتع به حالياً فقط المستثمرون الأجانب. كما أعلن منع دخول أي سلع إلى البلاد إلا عن طريق وكيل ليبي، منبّهاً الى ضرورة اتباع سياسة شفافة وعادلة في الحصول على التوكيلات التجارية، منتقداً سيطرة مجموعة محدودة من الأشخاص في الوقت الراهن على معظم التوكيلات التجارية في السوق المحلية. وأعلن جملة من الإصلاحات الأخرى في مجال الخدمات المصرفية والاتصالات وقطاعات الزراعة والسياحة والصناعة والطرق والكهرباء والمياه والشباب تتمحور حول إعادة بناء هذه القطاعات من جديد وفق رؤية مستقبلية تعتمد على خصخصتها ونقل ملكيتها الى القطاع الخاص الليبي من أفراد ومؤسسات وانهاء ملكية الدولة لها. كذلك أعلن خططاً لرفع انتاج ليبيا من النفط ليصل بعد ثمانية شهور من الآن إلى مليوني برميل من النفط يومياً. وأوضح إن خططه لهذا القطاع تعتمد على تمكين الليبيين من السيطرة على الصناعات النفطية ولن يُسمح لشركات أجنبية بالانفراد بتملك أي مشروع بتروكيماوي في ليبيا. ودعا إلى إعادة النظر في مرتبات الموظفين. وقال: «اعتبارا من الآن سيكون الحد الأدنى للأجور في ليبيا هو 200 دينار في القطاع العام و250 ديناراً في القطاع الخاص (الدولار يساوي 1.28 دينار). وطالب بتحويل الدعم السلعي الذي يقدر بأكثر من تسعة بلايين دينار ليبي في العام، لدعم المرتبات، مشيراً إلى وجود حالات احتيال ونهب لهذه المخصصات عن طريق ما يعرف بـ «ظاهرة السكان الوهميين» الذين قدرهم بأكثر من مليون شخص. وأعلن خططاً لمعالجة ظاهرة البطالة في البلاد وقال إنه وفقاً لما هو معمول به في كثير من الدول المتقدمة سيتم صرف منحة مشروطة لكل ليبي عاطل عن العمل الى حين حصوله على فرصة عمل لمنع ظاهرة الجريمة وتوفير حياة كريمة للعاطل تبعده عن الانخراط في نشاطات تتعارض وقيم المجتمع. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 22 أوت 2006)
بين الزنزانة والمنفي:
ما قل ودل من خواطر لاجيء سياسي
منذر اللاوي (*) مت اسلاميا او شيوعيا في الزنزانة او في المنفي لا اعارضك فهو حظك، انت مسؤول عنه في الاخر، سواء جاء موتك بحبل المشنقة او برصاصة وسط مظاهرة، المهم ان دمك لن يجف من ذاكرة السنة الناس سواء مدحوك او ذموك في فعلتك تلك.
ولكن حين يتعلق خبر الموت بأحد من اهلك واشد الاقربين اليك فهناك وقفة او وقفات تخفي وراءها حكاية:
تقتاد من بيتكم ذات فجر بين افراد عائلتكم وهم في حيرة من امرهم لا حول ولا قوة لهم سواء السكرة علي عيونهم، وامك تقسم بأقدس شيء عندها وعندهم ان كانوا يؤمنون به ان يأخذوها مكان ابنها المحاط بعشرات رجال المخابرات وهو حافي القدمين لا يعرف الي اي مكان هو ذاهب ولكن بالتأكيد ليس للمسرح او الحديقة او للعب الكرة.
وترمي الي زنزانة تزورها لاول مرة وتدخل الي عالم السياسة التطبيقية بعيدا عن شعارات المهرجانات الثقافية وتخرج من حلم المراهقة السياسية الي عالم لا تعرف كم ستظل بين جدران زنزانته المتواجد بداخلها اناس لم ترهم من قبل تختلف معهم في كل شيء الا في السياسة وحسب وتصير الزنزانة كتابا يكتبه سكانها من خلال الشعر والحكم والاغاني. وتظل انت معهم وينقطع الجميع عن العالم الخارجي. وتخرج بعد دهر وسنين معدودة فتجد الجدة فارقت الحياة وهي طالبت ذات مرة ان لا تلتحق بالمظاهرات خيفة عليك! غير عارفة بسقوط الشهداء وعدد الجرحي! ويتجنبك الصديق بعد الخروج مخافة عيون الرقيب التي تتناوب عليك وعلي غيرك ممن اختار ذاك الطريق. امك المسكينة كل مساء تبلل وجهك بدموعها البريئة الحارة: يا ولدي خذ عكس هذا الطريق وحدك لا تستطيع ان تقيم امة! وحدك تموت كالغريق! تزوج، انظر الي اقاربك وابناء الحارة والبعيد، الكل يملك المال والولد وبقيت وحدك المتخلف في كل شيء!
في الاخير تختار سفينة الهروب من تلك (الزنزانة الكبيرة) فتودعك امك ذات جمعة مع تباشير الفجر وتقبل رأس ابيك وتغيب طويلا كما غابت الشمس عن زنزانتك وربما اكثر. ولكن رجال المباحث لا يغيبون عن ملاحقة امك وابيك صباح مساء نفس الحكاية (نريد عنوان ابنكم) حتي في مأتم اخيك الذي صادف موته يوم استشهاد الشيخ احمد ياسين، اخوك شاهد علي الهواء مباشرة جنازة الشيخ ياسين ثم اخذته المنية اثر حادث فصار شهيدا ايضا لكن بتفاوت في النية والمسؤولية مع تلاحق الارواح عند بارئها هناك التحقت ارواحهم بكل الذين سبقوا الي هناك الي عالم الخالدين من شهداء الفلوجة وجنين وبعقوبة وحماه وصبرا وشاتيلا وتدمر.
غياب جدتك واخوك وابوك ليس بالحمل الثقيل مثلما حدث للاخرين ممن استوت بهم الارض وقد لا تخرج اجسادهم الا مع جملة الاثقال يوم الدين.
ويزداد ألم الغربة وتحصل علي جنسية هذا البلد (فتخبر تلك الام المذبوحة بمصيبة فقدان ابنها لعل احزان الزمان تذهب عنها) لكن تلك الاخيرة ترجوك الا تعود اليها فتقرأ بين سطور رسالتها الهاتفية المستعجلة ان دار لقمان هي علي حالها وربما ازدادت سوءا! خاصة بعد ان رزق ذلك الحاكم بولد! وجاءت لحظات تنفس الصعداء لتري امك وأباك بعيدا عن الوطن بعد فراق دام سنين وسنين وكنت تطمح ان يكون اللقاء مفاجئا وتقبل ايديهما ولم لا ارجلهما! واقترب موعد زفاف اخيك الصغير وزفافك انت الذي لا وقت لتأخيره اكثر! ولكن فجأة هكذا يغادر ابوك الحياة تاركا وراءه شريطا (يصف عذاب القبر) دون اي شيء آخر، راحت روحه الطاهرة لتنام عند ربها ليلة الجمعة بعد ان كانت اخر مكالمة بينك وبينه انه توضأ (منتظرا صلاة العشاء)، الموت هذه المرة اخذ منك ابوك، ابوك الذي عاش اغلب الحروب العالمية! تجاوز سنه التسعين لم يشهد انه أحب اي نظام في تلك البلاد او في غيرها، عشق فلسطين والشيخ كشك وعلماء الامة العاملين دفن علي بعد متر من قبر اخيك الذي لم تفارق صورته سماء قلبك الذي غبت عن جنازته وقد تكون انت المغسل له الامام عليه، هو الموت اذا! جاء في الزمن المنسي، طرق بوابة الاحزان رمي بكل ما تمنيته عرض الحائط كان حلمك ان تصلي مع ابوك بالقدس الشريف! ان يبلغ ابوك المئة عام ان يزور مكتبتك الضخمة بلندن فهو الذي اشتري لك وانت لم تبلغ السابعة عشرة تفسير (في ظلال القرآن ـ للشهيد سيد قطب) وهو الذي ارسل لك قبل شهرين من رحيله مجموعة كتب نادرة عن تاريخ ذلك البلد قصد مساعدتك في تأليف كتاب تهديه لابيك وامك واخوتك الراحل منهم والباقي لاجل مسمي.
جدتك اخوك ابوك وكبار العائلة سبقوك الي الدار التي لا بد منها. دع عنك حسناتهم وسيئاتهم فأمرهم مفوض لربهم! لكنهم لم يشاركوا في تشريد امة لم يقدموا ارواح شعبهم فريسة للحيتان الجائعة علي اطباق ـ قوارب الموت! ابوك لم يستطع ان يمنع الغزاة من اسقاط بلد الرشيد بغداد في التاسع من نيسان (ابريل) 2003 اكتفي بالدعاء في الصلاة علي الافرنجة وذلك ـ اضعف الايمان، امك المسكينة ايقظتك فجر قصف العراق سنة 1991 وهي متحسرة القلب عكس دول عربية شاركت في تلك الجريمة النكراء. احد اخوتك انضم لقوات الثورة الفلسطينية عكس جيوش دول عربية كانت متسابقة في دك مخيمات الفلسطينيين ارضاء لامريكا والصهيونية وما تبقي من اللقطاء من غير الجنس الادمي!
رحل اخوك وابوك ورحل ادوارد سعيد وروبن كوك والشيخ احمد ياسين والرنتيسي وابو علي مصطفي الي العالم الاخر بعد ان ضحوا المواقف التي عاشوا من اجلها!
والقضية يا صاحبي يا اخي الذي لم تلده امي:
ان يرحل ذلك الزعيم الي خلف البحار حيث قصوره او ان يباع في سوق الاطمار البالية يفعل العالم الراحل (العز بن عبد السلام) مع امراء عصره حين ظلموا شعوبهم. لن يندم جرح فراق الوطن وفقدان الاهل الا بتحقيق هذا الشرط والي حين نهاية الساعة المظلمة! فليعد من شاء من النافذة او من الباب مع الفجر او عند الظهيرة من البحر او من الجو. فاللاجئون من بين وطني هم ثلاثة لا اقل ولا زيادة، منهم من خان الطريق وتناسي جراح الاخ والرفيق ومنهم من فارق الحياة ودفن في مقابر الغرباء عند فجر دامس دون بكاء الاهل وحضور الصديق، ومنهم من ظل يعيش علي مقولة سيدنا عمر بن الخطاب متي استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا رافضا التوقيع علي صك طلب الغفران من نافذة سفارة بالغرب هنا وهناك. ولكن حتما سيعود هو ومن ظل علي خط النضال وما اقلهم. سيعودون الان او عند المشيب او نعوشا او عظام رميم، او سيعودون من خلال كتابة تاريخ شعب قدره حتي الان انه لا يستطيع ان يرفع رأسه حتي كبقية افراخ الوز وسط براكين المياه. دماء الشهداء امانة في اعناق اهل البلد ليست قنطرة عبور لمن هب ودب! خذوا عنا احزابكم وخطاباتكم لا نريد صورا لزعماء، لا نثني بعد الله علي احد، سوي علي الدماء والجراح ورحيل الاخوان والاباء. كفانا زعامة ومنافع هيا ارحلوا عنا جميعا لم نعد مخبرا لتجارب الافكار والسياسات الفاشلة. (*) باحث من لندن (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 23 أوت 2006)
Home – Accueil – الرئيسية