الاثنين، 14 أغسطس 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2275 du 14.08.2006

 archives : www.tunisnews.net


اللجنة الدولية للدفاع عن محمد عبو: محمد عبو وزوجته في إضراب جوع رويترز: بن علي يدعو لقمة عربية طارئة للالتزام باعمار لبنان أ. ف. ب: تونس تدعو لعقد قمة طارئة حول الوضع في الشرق الاوسط الصباح: خاص :حادثة طائرة الـ «آتي آر»  : التعويـض لـ 31 مـن مجموع 34 مـن عائـلات الضحـايـا والجـرحـى الصباح: رمضان وتقديم الوقت القانوني.. هل من حل؟ أ. ف. ب: التونسيات يحتفلن بمرور نصف قرن علي قانون الاحوال الشخصية ويطالبن بتحديثه الصباح: مصافحة مع رئيسة الجمعية التونسية للترفيه الأسريغيـاب الترفيـه الأسري قد يـؤدي إلى تفاقـم ظواهـر الانحـراف والاكتئــاب والطــلاق وغيرهـا الصباح: تحقيق :مـوجـودون بيننـا: رجال لكنهم نساء موقع محيط:أمال موسي تفوز بجائزة افضل انتاج اعلامي الحياة: مشروع اتفاقين عربيين لمكافحة الجريمة المنظمة ونقل نزلاء المؤسسات العقابية محمد العروسي الهاني: أحياء ذكرى خمسينية إصدار مجلة الأحوال الشخصية  و تحرير المرأة نصف المجتمع التونسي نصر الدين بن حديد: إلى فضيلة الدكتور خالد شوكات:دماغك « مركّب أمريكي » لترسيخ الأكاذيب وطعن الوطن مواطــن: مشاهد من وراء خطوط النار رشيد خشانة: الحُـلم بـ »الجنّــة الموعودة » توفيق المديني: تشدّد أوروبا في موضوع الهجرة مرسل الكسيبي: الأنظمة العربية بعد معركة لبنان : الوضع والاستحقاقات صلاح الدين الجورشي: قراءة في حرب تشرف على نهايتها هيثم مناع : لا بد من التغيير في واشنطن لوقف دوامة العدوان في المنطقة العربية رويترز:الولايات المتحدة قد تخسر نفوذها بالشرق الأوسط بسبب حرب لبنان نوال السباعي: بعد شهر من العدوان بعض النقاط على بعض الحروف جميل الذيابي: الوزير … في «ورطة»! صلاح النصراوي: مأزق «حزب الله» ومأزق المنطقة


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين »  

حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:

 


 
اللجنة الدولية للدفاع عن محمد عبو

محمد عبو وزوجته في إضراب جوع

الاحد 13 آب (أغسطس) 2006.   http://cprtunisie.net  
علمنا أن الأستاذ محمد عبو، محامي الحرية، الرهينة في سجون بن علي منذ أكثر من سنة ونصف، قد نفذ اليوم إضراب جوع احتجاجا على المضايقات الكبيرة التي يتعرض لها داخل زنزانته من طرف إدارة السجن وبعض مساجين الحق العام الذين ينفذون خطط تلك الإدارة الهادفة إلى تحويل حياته اليومية إلى جحيم لا يطاق.
الأخت الفاضلة سامية عبو زوجة المحامي المناضل أكدت لنا الخبر في اتصال هاتفي وأعلمتنا أنها انضمت إلى زوجها في إضرابه لمساندته وللاحتجاج على ما تتعرض إليه بدورها وأبنائها من مضايقات لا تتوقف.
وعبرت على أن اختيارهما لتاريخ 13 أوت كموعد لهذا الإضراب جاء لإظهار كذب السلطة المحتفلة اليوم بعيد المرأة والمتشدقة « بالحقوق الرائدة للمرأة التونسية في هذا العهد الجديد » في حين تعاني مئات النساء التونسيات من كل أصناف المضايقات والانتهاكات بسبب آرائهن ونشاطاتهن المواطنية أو في أغلب الحالات بسبب الانتماء السياسي لأزواجهن أو أبنائهن.
تحية إكبار وتقدير لمحامينا الصامد في أسره ولعائلته المناضلة، والخزي والعار لمن يكرم المرأة على شاشات التلفاز ويهينها ويستبيح حريتها وكرامتها في أرض الواقع.
شكري الحمروني وعماد الدائمي اللجنة الدولية للدفاع عن محمد عبو
 

(المصدر: موقع المؤتمر من أجل الجمهورية بتاريخ 13 أغسطس 2006)


 

 
بسمه تعالى نتقدم الى سيد المقاومة الاسلامية والمجاهدين الابطال في لبنان البطولة و الصمود باحر التهاني و اعلى التبريكات لانتصارهم العظيم على اعداء الله و رسوله و المؤمنين ان انتصاركم سيدنا مثل ولادة جديدة للعرب و المسلمين معلنا قيام الاسلام المحمدي الاصيل  كقيادة لكل عمل وطني و قومي و نبراسا لكل مقاومة شريفة على امتداد وطننا العربي والاسلامي يا الله يا الله احفظ لنا نصر الله

السيد عماد الدين الحمروني جمعية اهل البيت الثقافية تونس


مأساة مساجين الرأي في تونس التضييقات و العقوبات

شهادة السجين أحمد العماري:

 

نقلت في سبتمبر 92 إلى غرفة 6 G حيث كانت المضايقات على أشدها و منعنا من صلاة الجماعة, كنا 6 إسلاميين وسط 30 من مساجين الحق العام, كانوا يتنافسون على الوشاية بنا, يكادون يحصون أنفاسنا, و كان ينام معي في نفس السرير سجين حق عام, و يوميا يبدلونه بأخر أسوء منه, فهذا أنهكه الجرب و الأخر يكاد القمل يغطي بدنه و الثالث يتبولا ليلا في فراشنا… و ما اخفي كان أعظم. الحبيب مباركي   سويسرا: email:mbarkiha@yahoo.fr


تونس لعقد قمة طارئة حول الوضع في الشرق الاوسط

GMT 12:00:00 2006 الإثنين 14 أغسطس أ. ف. ب. تونس: دعت تونس اليوم الى عقد قمة عربية طارئة حول الوضع في الشرق الاوسط لا سيما من اجل « التزام مشترك » للمساهمة في « اعادة اعمار لبنان وفلسطين ». و افادت وكالة الانباء التونسية الرسمية نقلا عن مصدر مأذون في وزارة الخارجية ان « تونس تدعو المجموعة العربية الى عقد قمة طارئة لتقييم الاوضاع والتنسيق من اجل وقفة تضامنية حازمة والتزام مشترك للمساهمة في اعادة اعمار لبنان وفلسطين الشقيقتين ».
وعبرت تونس عن « ارتياح كبير » اثر اعتماد مجلس الامن الدولي القرار 1701 الصادر عن مجلس الامن والذي يدعو الى وقف الاعمال الحربية. وبحسب المصدر المأذون فان هذا القرار « يفسح المجال امام استئناف المساعي السلمية لايجاد حل تفاوضي لكافة المسائل العالقة في المنطقة من خلال تطبيق جميع قرارات الامم المتحدة ذات الصلة ».
واضاف المصدر نفسه ان تونس « تعرب عن املها في ان تلتزم كافة الاطراف بتنفيذ هذا القرار بما يضمن انسحاب القوات الاسرائيلية من الاراضي اللبنانية ويضع حدا لمعاناة المدنيين الابرياء ».
وقال « تتطلع تونس في هذه الظروف الدقيقة الى ان تتحمل المجموعة الدولية خاصة منها الدول ذات التأثير الفاعل على الساحة الدولية مسؤولياتها كاملة في تعزيز امن واستقرار المنطقة » مؤكدة « الحاجة الملحة لايجاد حل عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية ».
وتاتي هذه الدعوة بعد ساعات على دخول اتفاق وقف الاعمال الحربية بين اسرائيل وحزب الله الشيعي اللبناني حيز التنفيذ بعد شهر من حرب دامية في لبنان. (المصدر: موقع إيلاف بتاريخ 14 أوت  2006)  


بن علي يدعو لقمة عربية طارئة للالتزام باعمار لبنان

تونس (رويترز) – دعا الرئيس التونسي زين العابدين بن علي يوم الاثنين إلى عقد قمة عربية طارئة بهدف الالتزام بالمساهمة في إعادة اعمار لبنان والاراضي الفلسطينية. وقالت وزارة الخارجية التونسية في بيان انها « تدعو المجموعة العربية الى عقد قمة عربية طارئة لتقييم الاوضاع والتنسيق من اجل وقفة تضامنية حازمة والتزام مشترك للمساهمة الناجعة في اعادة اعمار لبنان وفلسطين الشقيقين. » ولم تشر تونس الى امكانية استضافة هده القمة الطارئة في حال عقدها. وكان وزراء الخارجية العرب قد عقدوا اجتماعا في القاهرة الاسبوع الماضي لبحث الوضع في لبنان. وطلب اليمن عقد قمة عربية طارئة لكن اتصالات الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى لم تنجح في الحصول على الاغلبية اللازمة لعقدها. وجاء في بيان الخارحية التونسية « ان تونس تلقت بارتياح كبير اعتماد مجلس الامن للقرار 1701 الداعي الى وقف العمليات العسكرية في لبنان باعتباره خطوة اولى في اتجاه وضع حد لنزيف الدماء. » واعربت تونس عن « املها في ان تلتزم كافة الاطراف بتنفيد القرار بما يضمن انسحاب القوات الاسرائيلية من لبنان ويضع حدا لمعاناة المدنيين اللبنانيين الابرياء. » Reuters (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 14  أوت 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)  


حريق في باخرة اجنبية

تونس 20 رجب 1427هـ الموافق 14 أغسطس 2006م واس

شب حريق في باخرة اجنبية قديمة راسية بميناء تونس منذ عدة سنوات بعد ان تخلى عنها اصحابها . وتفيد المعطيات الاولية ان سبب هذا الحريق يعود الى خلل كهربائي مرتبط بتاكل تجهيزات الباخرة .
وافادت وكالة تونس افريقيا للانباء ان التحريات بدات لمعرفة ملابسات الحادث بعد ان تدخلت وحدات الدفاع المدني لاخماد الحريق الذى تسبب في الحاق اضرار مادية بتجهيزات الباخرة .
//انتهى// 1309 ت م (المصدر: موقع وكالة الأنباء السعودية بتاريخ 14 أوت  2006)


سؤال

رمضان وتقديم الوقت القانوني.. هل من حل؟

من المنتظر كما هو معلوم أن يحل شهر رمضان الكريم في حدود 24 سبتمبر القادم… لكن مفاجأة رمضان لهذه السنة وهي في اعتقادي الاولى من نوعها للتونسيين هي زيادة الساعة للتوقيت القانوني بحيث لن يحل موعد الافطار قبل الساعة السابعة وربع مساء عوضا عن الساعة السادسة وربع إذا لم تتم برمجة التوقيت الصيفي..  نظريا فإن فترة الصوم ستكون هي نفسها أي بمعدل 14 ساعة يوميا تقريبا لكن عمليا فإن فترة الافطار ستتقلص على اعتبار أن المغرب يكون في ساعة متقدمة نسبيا بحيث لن يفسح للصائم المجال كي يستغل الفترة التي يباح فيها الاكل كما يجب.. ثاني الملاحظات التي وجب التوقف عندها هو أن تأخر المغرب سيؤخر سهر العديد الذين رفضوا في أذهانهم تقديم الوقت القانوين وظلوا يتعاملون طبقا لما تمليه عليهم ساعتهم البيولوجية من جهة ومواقيت الصلاة من جهة ثانية ونمط عيش بقية الناس من جهة ثالثة لذلك أصبح السهر لما بعد منتصف الليل أمرا عاديا رغم أن موعد الاستفاقة في الصباح تبعا للالتزامات المعنية لم يتغير.   ويبقى السؤال المطروح هل ينجح التونسي في التأقلم مع تقديم الوقت القانوني في رمضان وهل أخذ المشرع بعين الاعتبار عند إقراره زيادة الساعة شهر رمضان وكيف سيكون الامر خلال السنوات القادمة سيما أن رمضان بصدد التوغل في عز الصيف.. فهل يصمد الناس دون ماء إلى ما يقارب التاسعة ليلا عندئذ؟   تساؤلات تطرح اشكالات لنا متسع من الوقت لايجاد حلول لها.
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 14  أوت 2006  )

 
خاص :حادثة طائرة الـ «آتي آر»

التعويـــض لـ 31 مـــن مجمــوع 34 مــــن عائـــــــلات الضحــــايــــا والجــــرحــــــى

مصانع «آتي آر» ساهمـت بثـلث التعويضات ضمـن صنـدوق خـاص

تونس ـ الاسبوعي: علمت «الاسبوعي» ان شركات التأمين نجحت في الاتفاق مع 31 من جرحى حادثة طائرة «اتي آر» التابعة للخطوط الدولية او عائلات الضحايا قبل موعد حلول الذكرى الاولى لهاته الحادثة التي احييت يوم 6 اوت الجاري عرض سواحل مدينة بالرمو الايطالية..  هذا الاتفاق الذي تم قبل حلول الذكرى الاولى بقليل جاء ليسدل الستار على ملف شائك وفي وقت قياسي اعتبره الايطاليون مثال يحتذى به رغم تصلب جمعية عائلات الضحايا الذي لم تلينه الا الجهود التي بذلها المدير العام للناقلة شخصيا خلال الاشهر المنقضية.    اعتراضات
ولسائل ان يتساءل عن دواعي رفض عائلات ثلاثة من الضحايا الحصول على التعويضات بما يمكن من اغلاق الملف نهائيا… فالمسألة حسب المعلومات المتوفرة لدينا تتعلق بان احد المتوفين في الحادثة لم يخلّف الا عمة ترثه تريد الحصول على نفس نصيب الوالدين وهو ما يمنعه قانون التعويضات الذي ينص على ان التعويض في مثل هذه الحالة لا يمكن ان يكون بنفس القيمة التي حصل عليها البقية.. اما الملف الثاني فيخص اما ورضيعها توفيا وتريد العائلة الحصول على تعويض للرضيع في نفس قيمة الشخص الكبير في حين ترى شركات التأمين ان القانون واضح ولا يمكن لعائلة الرضيع ان تحصل على نفس التعويض الذي حصل بالنسبة لشخص كبير.   ملايين الاوروات   هذا وقد سعت بعض عائلات الضحايا الى تحريض البقية على التضامن لكنهم اقتنعوا فيما بعد بوجهة نظر شركات التأمين وامضوا على الاتفاق الذي سيمكنهم خلال الشهر القادم من الحصول على تعويضات وصفت بالهامة حيث قدرت بملايين الاوروات بعد ان تم بعث صندوق للتعويض ساهمت فيه مصانع «اتي آر» عبر شركة تأمينها بثلث المبلغ المخصص للتعويض.. وهو ما يعني تحملها جزء هاما من المسؤولية في حادث الطائرة التي تسبب تركيب مقياس وقود مماثل شكلا ورقما مع مقياس وقود طائرة من صنف اصغر الشيء الذي قدم معطيات خاطئة عن خزان الوقود انتهت الى توقف المحركات في الجو الشيء الذي اجبر قائد الطائرة على الهبوط اضطراريا على سطح البحر مما اسفر عن موت ركاب وجرح اخرين.   تتبعات عدلية   هذا وكما سبق وذكرنا احيا عائلات الضحايا الذكرى الاولى للحادثة وقد تولت ادارة الناقلة ارسال باقة ورود بالمناسبة.. وتم خلال خرجة بحرية نثر الورود في مكان الحادث.. وغلق ملف التعويضات لا يعني غلق ملف التتبعات الجزائية التي عادة ما تتم في مثل هذه الحالة اذ تولت الجهات الايطالية فتح تحقيق في الغرض للوقوف على ملابسات الحادثة ولئن وجهت بعض الاصوات التهمة للجهات التونسية بالتباطؤ فان مصادرنا تؤكد ان السلطات القضائية الايطالية حصلت على كل ما طلبته من معطيات وان التحقيق في الحادث لا يزال متواصلا رغم ان اللجنة الفنية التابعة لوكالة السلامة الجوية انهت تحقيقها.   استئناف النشاط   لكن ما حصل لم يمنع الخطوط الدولية من استئناف نشاطها على ايطاليا بعد ان برأت ساحتها اللجنة الاوروبية المختصة وهي اليوم تعمل بمعدل يكاد يكون يوميا بطائرة أتي آر على بالرمو كما تنشط في اطار الشارتر على مطارات كاتانيا نابولي وبالرمو دون اي اشكال يذكر. (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 14  أوت 2006  )

التونسيات يحتفلن بمرور نصف قرن علي قانون الاحوال الشخصية ويطالبن بتحديثه

تونس ـ اف ب: تحتفل المرأة التونسية الاحد بذكري مرور خمسين عاما علي مجلة الاحوال الشخصية، القانون الليبرالي المتميز الذي صدر في 1956 لكنها تطالب بتحديثه لمواكبة العصر في هذا البلد الذي تحتل فيه النساء مكانة كبيرة في الحياة العامة.
وقد نص هذا القانون الذي اصدره الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة (1956 ـ 1987) علي منع تعدد الزوجات ومنع التطليق واقر نصوصا خاصة بالطلاق وبالحد الادني لسن الزواج للفتيات. كما اكد علي حق المرأة في التعليم والعمل مقابل اجر.
واستكمالا لهذه الخطوة، ادرج بورقيبة فقرة في الدستور التونسي الذي صدر في 1957 تشدد علي المساواة في المواطنة وامام القانون بين الجنسين، في مبادرة يعارضها الاسلاميون المتطرفون الي اليوم.
وعزز الرئيس الحالي زين العابدين بن علي منذ وصوله الي السلطة في 1987 هذا القانون الذي يري فيه مكسبا وطنيا ملتزمين به ومؤتمنين عليه ، علي حد قوله بمناسبة هذه الذكري.
واعتمدت المرأة علي هذا القانون لتأكيد موقعها في ميادين عدة من الحياة العامة في تونس حيث تشكل النساء حاليا 25% من قوة العمل وخمسين بالمئة من طلاب الجامعات، حسب ارقام رسمية. وتفيد هذه الارقام ان نحو عشرة آلاف تونسية يتولين رئاسة مؤسسات، 43% منها في قطاع الخدمات و24% في قطاع الصناعة و14% في قطاع التجارة وعشرة بالمئة في الاعمال اليدوية.
واعتمدت قوانين جديدة في 2004 يفرض بعضها عقوبات علي التحرش الجنسي الذي اصبح جرما عقوبته السجن، بينما يتوقع ان يصدر قريبا قانون يقر بنظام عمل النساء بنصف دوام مقابل 75% من الاجر.
كما تملك التونسية حق التصويت والترشح وتتمتع بتمثيل كبير في الحكومة ومجلس النواب والهيئات القضائية وفي مناصب مسؤولية في الدوائر العامة، وتحتل مكانة نافذة في التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم وفي صفوف المعارضة. وقد سجلت النساء التونسيات نشاطا واضحا في اوساط حقوق الانسان.
ومع ذلك، تطالب بعض منظمات المجتمع المدني بمزيد من المكاسب للمرأة وتدعو الي مراجعة بعض تفاصيل هذا القانون وكذلك الي تطبيق المعاهدة الدولية للتخلص من كافة اشكال التمييز ضد المرأة، التي صادقت عليها تونس في 1985، بدون تحفظ . وقالت خديجة شريف رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات ان هذا القانون مكسب مهم تحقق للمرأة التونسية وتطمح كثير من النساء في العالم العربي الي بلوغه. لكن ما كان صالحا في 1956 ليس بالضرورة صالحا في 2006 .
واضافت ان هناك كثيرا من النقاط بحاجة الي تحيين لمواكبة العصر ، مشيرة خصوصا الي قانون المواريث الذي فضل الرجل عن المرأة ومنحه منابا يساوي ضعف مناب المرأة في الميراث ، طبقا للمبدأ الشرعي الذي ينص بوضوح علي ان للذكر مثل حظ الانثيين . ورأت شريف ان ذلك يشكل مثالا صارخا لانعدام المساواة .
وقد اطلقت الجمعية منذ اكثر من خمسة اعوام حملة من اجل المساواة في الارث ، تحت شعار متقدمة في الحركة متأخرة في التركة ، بالتعاون مع جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية .
ونشرت الجمعيتان مؤخرا وثيقة تتضمن 15 برهانا دفاعا عن المساواة في الارث . وكان المحافظون التونسيون شنوا حملة عنيفة علي مجلة الاحوال الشخصية عند صدورها مع الاستقلال، معتبرين انها تتنافي مع تعاليم الاسلام وتحد من نفوذهم علي الاسرة .
وشدد ائمة الجوامع ورجال الدين حينذاك علي حق مبدأ تعدد الزوجات ورفضوا حق المرأة في اختيار شريك حياتها ودافعوا عن الزواج بالاكراه والطلاق بالثلاث . وقد تواصلت هذه الحملة من قبل اسلاميين متطرفين تونسيين في الثمانينات، رأوا ان تحرير المرأة اكثر من اللازم (…) من شأنه ان يخل بالاخلاق . واكد الرئيس بن علي انه لا تراجع في ما اتخذته تونس لفائدة المرأة والاسرة من اصلاحات ومبادرات لذلك تصدينا لكل من عاودهم الحنين الي عهود التزمت والرجعية للجذب الي الخلف ومحاولة التشكيك فيما انجزه الرواد والمصلحين والزعماء السياسيين .
وفي الذكري الخمسين لصدور هذا القانون، منحت منظمة المرأة العربية السبت ثلاثة صحافيين من المغرب وتونس ومصر جائزة افضل انتاج اعلامي حول المرأة العربية التي اقرتها زوجة الرئيس التونسي ليلي بن علي عند توليها رئاسة المجلس التنفيذي لمنظمة المرأة العربية. (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 14 أوت 2006)


مصافحة مع رئيسة الجمعية التونسية للترفيه الأسري

غيـاب الترفيـه الأسري قد يـؤدي إلى تفاقـم ظواهـر الانحـراف والاكتئــاب والطــلاق وغيرهـا

 
هناك عائلات تونسية لا تعرف البحر …ولم تغادر بيوتها منذ سنوات تأطير الاطفال يتطلب التعاون مع أطراف أخرى معنية بذلك مباشرة نرمي لبعث مراكز متكاملة للترفيه لفائدة الأسرة التونسية ندعّـم الأسرة التونسية بتوفير %50 من مصاريف الاقامة بالمصائف في البدء ماذات يمكن ان نعرف عن هذه الجمعية وكيف نشأت فكرة بعثها؟
– الجمعية التونسية للترفيه الاسري هي جمعية ثقافية تستند الى الارادة الرئاسية الداعية الى دعم الترفيه الهادف الموجه لكافة شرائح المجتمع التونسي وتنشد إرساء تقاليد وسلوكات ترفيهية منظمة وهادفة في أوساط الاسر التونسية لإيمانها بأهمية الدور التربوي الذي يجب أن تتكفل به الاسرة باعتبارها فضاء التنشئة الاول والاساسي في المجتمع. انشئت هذه الجمعية في أفريل 2003 وفكرة بعثها انطلقت من الوقوف على أهمية الترفيه في الاسرة التونسية إذ لم يعد مظهرا تكميليا وإنما هو حق من حقوق العائلة التونسية وفي ظل قلة المنظمات التي توجه برامجها للترفيه الاسري ارتأيت مع مجموعة من الزملاء المتطوعين ان نعمل على ترسيخ ثقافة الترفيه لدى الاسرة من خلال تنظيم تظاهرات وبرامج موجهة أساسا الى الاسرة التونسية بغاية دعم التواصل والحوار بين افراد الاسرة وتأكيد التلاقي بين مختلف الاسر.
  ما هي الدواعي الاساسية لبعث هذه الجمعية؟
– السبب الرئيسي هو حاجة العائلة التونسية أينما كانت الى الترفيه مقابل تقلص المنظمات التي تعنى بهذا الجانب فقد نجد برامج ترفيهية موجهة الى الشباب واخرى موجهة الى الاطفال لكن الترفيه في اطار العائلة ككل شبه مفقود وكنا قد نظمنا ندوة وطنية حول «الترفيه والسياحة الاسرية» خرجت بعدة توصيات من ضمنها أن العائلة التونسية تفتقد للبرامج الترفيهية لاسيما بعد مرورها بنقلة نوعية على المستوى المعيشي إذ صار الترفيه حقا من حقوق العائلة.
  وهل توصلت الى الحلول للنهوض بالترفيه في الاسرة؟
– بالاساس سعينا لضبط جملة من البرامج الترفيهية التي تمس كامل افراد الاسرة كتنظيم مصائف وطنية من حق كل عائلة تونسية المشاركة فيها وتنظيم رحلات داخلية وخارجية  والمشاركة في انجاز بحوث ودراسات وندوات متعلقة بالترفيه في انتظار الانطلاق في تأسيس برامج اخرى متنوعة.
  لكن المؤكد أن هناك انعكاسات سيئة تنتج في غياب الترفيه الاسري للعائلة؟
– فعلا الانعكاسات قد تكون وخيمة ابرزها التأثيرات السلبية على المستوى النفسي لكل فرد من أفراد العائلة فضلا عن غياب روابط الحوار داخل الاسرة والتأثير السلبي على سلوك الطفل.. فتوفير الترفيه يضمن تماسك العائلة ومتانة روابطها  ولمّ شمل مختلف افرادها وبالتالي  نحن نعمل على تركيز ترفيه هادف غاياته تكوينية وابعاده نفسية اجتماعية للحد من بعض الظواهر المتفشية في المجتمع كظاهرة الانحراف والطلاق والاكتئاب والفشل الدراسي وغيرها هناك ظاهرة اجتماعية تفرض الاهتمام وتتمثل في قضاء العديد من الشباب والاطفال لأوقات فراغهم  في الشارع وما يعنيه ذلك من مظاهر تصل حد التسكع ..
 هل اعددتم برامج موجهة لهذه الشريحة من الاطفال؟
– لدينا عدة برامج  موجهة للطفل من ضمنها برامج  وطنية لتنشيط الاحياء ذات الكثافة السكانية ببعث عدة ورشات وبرامج ترفيهية وتنشيطية موجهة للطفل اساسا.. وان كانت هذه البرامج قد لا تفي بالحاجة فإن تأطير الطفل يتطلب التعاون مع اطراف اخرى معنية بالطفل أساسا.
 ألم تفكروا في بعث فضاءات ترفيهية ذات مرافق متعددة للاسرة التونسية على غرار «النوادي» الموجودة في مصر مثلا؟
الجمعية بصدد الاعداد لبعث مركبات متكاملة ثقافية وترفيهية ورياضية تعمل على تأمين الجانب الثقافي والعلمي.. وسنعمل على تأسيس هذا المشروع بالتعاون مع وزارة شؤون المرأة.. فيكون هذا الفضاء إطارا مناسبا يحتضن الاسرة بمنأى عن بعض الأماكن العمومية والتي قد لا تصلح لتؤمها الأسرة.. بمختلف أفرادها.. والدعوة مفتوحة لكل الاطراف ذات العلاقة حتى تساعدنا في استكمال هذه التجربة الجديدة..
  هل تقتصر نشاطات الجمعية على شرائح اجتماعية معينة وهل وقع تعميمها في كامل الجمهورية؟
– الى جانب المساهمة في تجسيد الابعاد التربوية والثقافية للترفيه الاسري تسعى الجمعية الى تنمية  واثراء المنتوج الترفيهي الموجه للاسرة التونسية كما تعمل على انجاز برامج شراكة وتعاون مع مختلف الاطراف ذات العلاقة بالترفيه. وكل هذه الانشطة موجهة لمختلف شرائح المجتمع التونسي وخاصة للعائلة ذات الاحتياجات الخصوصية ومزيد العناية بالعائلات الريفية حتى يشملها حق الترفيه. وعن تعميم الانشطة على ولايات الجمهورية سعينا الى تأسيس فروع جهوية تشرف على مختلف برامج الجمعية في مختلف الولايات.
يتطلب العمل الجمعياتي الذي يعنى بترسيخ السلوك الترفيهي لدى الاسرة التونسية اعتمادات مالية هامة فهل للجمعية اطراف وموارد  تتكفل  بتمويل نشاطاتها؟
– دون شك..لابد من موارد تثري ميزانية الجمعية.. وقد سعينا الى تأسيس اتفاقيات شراكة مع الوزارات والهياكل ذات العلاقة بالترفيه.. والانطلاقة كانت مع وزارة الشباب والرياضة بدعم قدر بـ 25 الف دينار.. والاتفاق الثاني كان مع الكشافة التونسية وهي منظمة عريقة.. ومؤخرا جمعتنا اتفاقية مع وزارة شؤون المرأة والاسرة والطفولة والمسنين وذلك على اثر تنظيمنا لندوة وطنية بعنوان: «المسنون..أي ترفيه» بمناسبة اليوم الوطني للاسرة.. علاوة على تبني الجمعية من طرف مؤسسة اقتصادية خاصة.
ما هي شروط الانخراط في الجمعية.. وما هي مختلف البرامج  الترفيهية التي أعددتموها للأسرة التونسية؟
– عدد المنخرطين في الجمعية اليوم تجاوز الـ 150 منخرطا وثمن الانخراط  حدد بـ 10 دنانير  لمدة عام واحد. ونسجل معطيات لدينا عن كل المنخرطين ثم نتصل بهم للمشاركة في مصيف أو رحلة ننظمها خارج تونس مثلا والجمعية تتكفل بالحجز والتنقل وتوفير ظروف اقامة طيبة وتوفير إطار مشرف مع التأمين على جوانب مختلفة من ضمنها الجانب الصحي وتوفر الجمعية تسهيلات في الدفع والتكفل بجانب من المصاريف يبلغ نسبة 50% من التكاليف الجملية. وقد تكون تكاليف الإقامة في النزل باهظة فنسعى كإطار جمعياتي الى التنسيق مع دور الشباب لاستقبال العائلات والعمل على توفير ظروف سانحة للترفيه وكذلك للتكوين إذ عملنا على تكوين ورشات في المصيف للاطفال حتى يتمكن الآباء من استغلال الوقت للاستحمام على أفضل وجه. وقد نظمنا مصيفا للعائلات من 10 الى 16 جويلية المنقضي بدار الشباب الحمامات ومن 6 الى 13 أوت بمكز الاصطياف بأغير جربة بمشاركة 50 عائلة من مختلف ولايات الجمهورية وكانت الفرص ملائمة امام  العائلات المشاركة حتى يقع التقارب والتواصل  فيما بينها  وتبادل العادات والافكار والتقاليد.
× من ضمن اهتماماتكم العناية بالعائلة الريفية ومنحها نصيبها من الترفيه الاسري فماذا أعددتم لها؟
– نظمنا مؤخرا وبالتحديد من 19 تالى 30 جويلية المنقضي المصيف الوطني للعائلات الريفية في دورته الرابعة بدار الشباب ببنزرت بمساهمة وزارة الشباب والمستفيدون هم 24 عائلة من مختلف ولايات الجمهورية تتركب من 5 أفراد على الاكثر وتنتمي الى منطقة ريفية شهدت تدخلات الصندوق الوطني للتضامن ويتميز ابناؤها بالتفوق الدراسي..واختيار  العائلات كان عن طريق الولاة.. وهو مصيف مجاني وقد اكتشفنا في هذه العائلات التي تعيش الخصاصة والحرمان أن 90% من افرادها يشاهدون البحر مباشرة لأول مرة ومنهم من يغادر منزله لاول مرة في حياته.
  الى جانب هذه المصائف الداخلية تنظم الجمعية رحلات خارج تونس كم تبلغ نسبة المصاريف التي بإمكانكم توفيرها على الراغبين في المشاركة في هذه الرحلات؟
من برامج الجمعية لصائفة 2006 تنظيم رحلة الناجحين في الباكالوريا الى المغرب من 12 الى 21 أوت ومعلوم  المشاركة 600 دينار الذي سيوفر ثمن التذكرة  ذهابا وإيابا وإقامة كاملة بدور الشباب الى جانب التأمين مع برنامج سياحي متنوع.
أما رحلة فرنسا  التي نُظمت من 29 جويلية الى 7 أوت فقد بلغ معلوم  المشاركة فيها 1500 دينار مقابل توفير ثمن التذكرة ذهابا وإيابا وإقامة كاملة بنزل من فئة 3 نجوم. أما رحلة إسبانيا التي انتظمت من 14 الى 23 جويلية فقد كان معلومها بـ 1800 دينار منها 300 أورو من المنحة السياحية للمشارك مقابل ضمان تذكرة الطائرة ذهابا وإيابا وإقامة كاملة بنزل 3 أو 4 نجوم.
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 14  أوت 2006  )


تحقيق :مـوجـودون بيننـا

رجال لكنهم نساء

عادل: منذ الصغر كنت دائم التعلق بوالدتي وليد: أكره الإناث وأشعر بالوفاء لدى الرجال
تونس ـ الاسبوعي كيف يمكن لرجل ان يعيش في ثوب فتاة او عقليتها وما الذي يدفعه الى ذلك؟ وكيف يرى هؤلاء انفسهم وبماذا يبررون سلوكاتهم؟ هل ان هذا التصرف خلقي ام هو مكتسب.. وماذا يقول العلم وكيف يفسر الطب الامر؟ اسئلة سعينا للبحث عنها ضمن هذا التحقيق وفيما يلي التفاصيل ميل طبيعي للذكور عادل او «صافيناز» كما يطلقون عليه يعمل حلاقا للنساء وعمره 42 سنة وتبدو على عادل علامات الانوثة وحين سألناه عن طفولته قال «منذ صغري كنت دائم التعلق بوالدتي كما لا تحلو لي الجلسات الا مع نساء «الحومة» وشيئا فشيئا بدأت اشعر بميل من نوع خاص نحو الفتيان سألته عن علاقته بعائلته الان  فقال: «هم لا يحبونني وقد هجرتهم منذ مدة طويلة لانهم لا يتشرفون بي» قلت له كيف ترى نظرة الناس لك كشخص شاذ فاجابني: «انا لا ابالي باحد ومقتنع بنفسي كما انا ولا اخجل ابدا من تصرفاتي التي يراها البعض مقرفة وتبعث على الضحك وهذا الشيء المحه في عيون المارة خاصة الرجال منهم والذين يقذفونني بابشع انواع العبارات التي تمس من شخصي لكني احب ان اكون انثى مع الرجال ولئن كانت دوافع عادل لهذا الشذوذ ناتجة عن عوامل جينية وهرمونية فان الامر يختلف مع وليد 23 سنة فبنيته الجسدية وطريقة حديثه تجعله يحمل كل مواصفات الرجولة وهو ما دفعنا الى سؤاله عن اختياره لهذا المنحى فاجابنا «لقد تعرضت لصدمة عاطفية اصابتني في مقتل ونتيجة لخيانة صديقتي لي صرت اكره معاشرة الاناث واحس بالوفاء والحنان اكثر عند الرجال وقد كانت البداية مع بعض الاصدقاء وشيئا فشيئا تعودت على ربط علاقات مع الاولاد ونحن نلتقي مرة او مرتين في الاسبوع في منزل احدنا سألته عن زواجه في المستقبل فقال: «لن اتزوج الا برجل وبحكم عيشي في كندا فان القوانين هناك تجيز مثل هذا الزواج.   واكد لنا وليد انه يعرف توأمين من نفس الجنس الذكوري الاول رجل والثاني شاذ فالامر ليس له علاقة بالامور الوراثية او العلمية بل هو ناتج عن عوامل نفسية على حد تعبيره.   مع ابن الجيران   وهنا يتدخل صديقه نادر او «جوني» كما يحلو له ان يدعى ورغم انه يعمل كطبيب الا ان المستوى العلمي حسب قوله لا دخل له وقد كانت بدايته في اطار علاقة مع ابن الجيران منذ كان عمره 16 سنة وشيئا فشيئا تعود على هذه العلاقة حتى انه كره معاشرة الفتيات.   سألته ان كان ماهو عليه يقلقه فاجاب «الامر لا يقلقني بتاتا»   تقليد النساء  او الـ «travesti»   ايمن وان صنف ضمنهم فانه يحمل طابعا خاصا جدا فقد استطاع ان يستغل ماهو عليه وان يطور هوايته المتمثلة في تقليد الفنانات النساء منهم خاصة او ما يعرف بفن الـ Travesti اما عن ميله للجنس المثيل فيفسر ايمن هذا الامر بدافع غريزي وقد كانت له في السابق صديقة وهو الان يقوم بعروض فنية في دور مختصة.
——————————————- رأي الـطـــب
خلل هرموني والتركيبة النفسية وراء ما يحصل
يعرف الدكتور منذر القرمازي الاخصائي في التوليد وطب النساء ان الشاذ جنسيا هو الشخص الذي يميل الى الجنس المثيل ويؤكد الدكتور ان هذا الشذوذ له عدة عوامل وخاصة العامل البيولوجي للشخص الناتج عن خلل هرموني لدى الذكر او الانثى منذ الولادة فعند الرجل الشاذ تكون الهرمونات المسؤولة عن الاعراض الذكورية منخفضة (التستسترون) وفي المقابل ترتفع الهرمونات الانثوية مما يساهم في بروز بعض العلامات الانثوية لدى الرجال كالثديين او الجهاز التناسلي الانثوي وتنعكس هذه الاعراض على حياة هذا الرجل الذي تصبح لديه ميول للجنس الذكوري وفي المقابل هناك نفور من العلاقة الجنسية مع الاناث وهؤلاء الشواذ يتعاشرون معاشرة الازواج في ما بينهم. تعلق الولد بامه منذ الطفولة
ويحدد الدكتور لطفي البوغانمي الاخصائي النفساني تعريفه للشاذ كالآتي: وهو الشخص الذي يمارس الجنس بطريقة غير طبيعية سواءا في احساسه مع نفسه او في اختياره للطرف الاخر ويؤكد الدكتور ان الشواذ الجنسيين ينقسمون الى اصناف متعددة فهناك المازوشية وهم الاشخاص الذين يثارون فقط بالرؤية. كذلك الـ «ترافستي» وهم الاشخاص الذين يميلون لتقليد النساء والساديين والمازوشيين وغيرها من الاصناف ويشير محدثي ان الشذوذ يوجد اكثر عند الرجال وتكون مسألة اللذة والاثارة هي قطب الرحى  في العملية ككل. وعن العوامل المساهمة في هذا الشذوذ يقول محدثي هناك عوامل بيولوجية وقد ذكرناها اضافة الى العوامل الاجتماعية والنفسية اهمها ارتباط الطفل الوثيق بوالدته ومثلما يقول فرويد «ان الشاذ الملاوط» يحب الاطفال الذكور كما احبته امه بالتالي هو يتماثل مع والدته فيعيش نفس تلك العلاقة الحميمية مع الاطفال ويشير فرويد ان علامات الشذوذ تظهر مبكرا عند الطفل ويمكن ان تتواصل كما يمكن لها ان تزول اما العوامل الاجتماعية فهي ناتجة بالاساس عن شعور بالاكتئاب او الصدمات العاطفية او حتى بدافع التجربة. وبالنسبة لنظرة المجتمع للشواذ يقول محدثي: «هي نظرة قاسية جدا فالشواذ يعيشون غربة داخل مجتمعاتهم وبين اهلهم كما يقلقهم كثيرا هذا الامر ويسعى هؤلاء الى اخفاء سلوكهم قدرالامكان ليتم في منتهى السرية خوفا من افتضاح امرهم عند الناس.. وفي تونس باعتبارنا بلدا مسلما فان هذا السلوك الذي حرمه الدين والمجتمع يسعى الشواذ الى اخفاء هذه الميولات ويتعرضون لحالات من الاكتئاب الشديد ويمارسون علاقتهم بشكل سري كما تصاب امهاتهم بصدمات نفسية ورعب حين تدرك حقيقة ابنائهم وعن الحالات التي عاينها الدكتور لطفي يقول: عموما الشواذ الذين يزورونني في العيادة لا يأتون على اساس كونهم شواذ ولا يفصحون بذلك بل هم يعانون من امراض نفسية كالاكتئاب والقلق والذهان والقليل منهم يبوحون بميولاتهم الجنسية.
آمال الهلالي  (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 14  أوت 2006  )


أمال موسي تفوز بجائزة افضل انتاج اعلامي

 
 تونس : المرأة دائما تثبت جدارتها وتميزها فى أي مجال تقوم به ، ولا شك أن المرأة تستحق أن تكون متواجدة لنيل جائزة “افضل انتاج اعلامي حول المرأة العربية”من منظمة المرأة العربية، حيث حصل عليها ثلاثة صحافيين من المغرب وتونس ومصر من بينهم امرأة وذلك في ختام أعمال الاجتماع العادي الرابع للمجلس التنفيذي للمنظمة في منتجع الحمامات بتونس. ومنحت الجائزة التي تبلغ قيمتها 20 ألف دولار للتونسية أمال موسى “عن مجموعة أعمالها في جريدة الشرق الأوسط” والمصري عبد العال عبد الحميد حافظ عن برنامج “مبدعات عربيات” في اذاعة “صوت العرب” والمغربي عبد الرحيم المغترب عن البرنامج التلفزيوني “مهن ليست حكرا على الرجال”. وسبق لليلى بن علي زوجة الرئيس التونسي أن اقرت هذه الجائزة عند تسلمها رئاسة المجلس التنفيذي للمنظمة قبل سبعة اشهر،كما ذكرت جريدة الخليج . وسلمت الجوائز بمناسبة اليوم الوطني للمرأة التونسية الذي يحتفل به في تونس في 13 أغسطس من كل عام، واحتفالات تونس بالذكرى الخمسين لصدور مجلة “الاحوال لشخصية” عام 1956 الفريدة من نوعها في العالم العربي والاسلامي. ويمنح هذا القانون حقوقا متساوية للمرأة والرجل في تونس ويمنع خصوصا تعدد الزوجات.   (المصدر: موقع محيط بتاريخ 14 أوت 2006)


مشروع اتفاقين عربيين لمكافحة الجريمة المنظمة ونقل نزلاء المؤسسات العقابية

تونس – الحياة     توصلت لجنتان عربيتان منبثقتان عن مجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب، في حضور ممثلين عن الوزارات المعنية، إلى وضع مشروعي اتفاقين، الأول خاص بمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود، والثاني خاص بنقل نزلاء المؤسسات العقابية والإصلاحية في إطار تنفيذ الأحكام الجزائية. وأفادت الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب في بيان، بثته وكالة الأنباء الكويتية، بأن اتفاق مكافحة الجريمة، يهدف إلى تعزيز التعاون العربي في مواجهة هذا النوع من الجرائم، التي ترتدي طابعاً خطراً. وأوضح البيان، أن هذه الجرائم تشمل مجالات كثيرة مثل «غسيل الأموال، والفساد الإداري، والاتجار بالمخدرات، والمؤثرات العقلية، وتزييف العملة وترويجها عبر الحدود، والاتجار بالأشخاص، خصوصاً النساء والأطفال، والاتجار بالأعضاء البشرية. ويهدف الاتفاق إلى مكافحة جرائم «الاستيلاء على الآثار والممتلكات الثقافية والفكرية، والاتجار غير المشروع بها، والاعتداء على البيئة، ونقل النفايات الخطرة والمواد الضارة، وسرقة وتهريب العربات ذات المحرك، والانتاج أو الاتجار غير المشروع بالأسلحة، وتهريب المهاجرين وتقنية المعلومات، والاتجار غير المشروع بالنباتات والحيوانات البرية والأحياء البحرية. وأوضح البيان أنه بالنسبة إلى نقل النزلاء، فقد وضعت في إطار تنفيذ الأحكام الجزائية، انطلاقاً من الحرص على «تعزيز التعاون في مجال العدالة الجنائية، ومن القناعة بأن تنفيذ الحكم على المحكوم عليه في وطنه أو في الدولة التي يقيم فيها بشكل دائم، بدلاً من تنفيذه في دولة اخرى يسهم في إعادة اندماجه في المجتمع خلال فترة اقصر وعلى نحو اكثر فعالية». وأشار البيان إلى انه سيتم عرض مشروعي الاتفاقين على الدورتين المقبلتين لمجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب، للنظر في اعتمادهما.   (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 11 أوت 2006)

بسم الله الرحمان الرحيم

و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين

                                                         

                                                                                                      تونس في 13 أوت 2006

 

                                                                                       بقلم محمد العروسي الهاني

                                                                                       كاتب عام جمعية الوفاء

                                                                                       ومناضل دستوري

 

 

أحياء ذكرى خمسينية إصدار مجلة الأحوال الشخصية  و تحرير المرأة نصف المجتمع التونسي

 

في إطار الإحتفالات الوطنية بخمسينية إصدار مجلة الأحوال الشخصية و تحرير المرأة نصف المجتمع التونسي ألتقى أعضاء مكتب جمعية الوفاء للمحافظة على تراث الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله  و رموز الحركة الوطنية وهم السادة – الدكتور المختار الرابحي النائب الأول لرئيس الجمعية و محمد العروسي الهاني كاتب عام الجمعية و عبد الحميد العلاني الكاتب العام المساعد و عمر بن حامد أمين مال الجمعية.

و ثمنوا المكاسب الإجتماعية الرائدة و العظيمة التي حققها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة رحمه الله لفائدة نصف المجتمع الذي كان مشلولا طيلة قرون… و بفضل شجاعة و جرأة الزعيم العملاق الحبيب بورقيبة رحمه الله  الذي أقدم يوم 13 أوت 1956 على قرار شجاع ثوري فريد من نوعه في العالم العربي و الإسلامي و أصدر الأمر الرئاسي التاريخي الهام و الثوري إصدار مجلة الأحوال الشخصية و تحرير المرأة التي تعتبر نصف المجتمع التونسي في ظرف دقيق وحاسم و بعد حوالي 143 يوما على الإستقلال التام و الشعب التونسي بكل شرائحه مازال لا يهضم قرار ثوري مثل قرار إصدار مجلة الأحوال الشخصية نظرا للعقليات السائدة و الوضع الإجتماعي و الجهل و التخلف و الحرمان الذي تسبب فيه الإستعمار الفرنسي و حكم البيات طيلة 250 عاما من 1705 إلى 25 جويلية 1957 الإعلان عن ميلاد الجمهورية و إلغاء النظام الملكي الفردي …

وبعد أن إستعرض  مكتب الجمعية المكاسب في مجال التعليم و مشاركة المرأة في الحياة السياسية و الإجتماعية و الثقافية و إكتساحها كل المجالات و الوظائف العليا و تألقها في مجال العلم و المعرفة و تطورها في شتى مظاهر الحياة و مساهمتها إلى جانب أخيها الرجل في إطار تجسيم معنى المساوات في عديد المجالات الحيوية التي أصبحت للمرأة دور فاعل فيها كالتعليم و الصحة و غيرها و أخيرا أستعرض أعضاء المكتب ما جاء في خطاب  الرئيس زين العابدين بن علي يوم 12 أوت 2006 بمناسبة الذكرى الخمسين لإصدار مجلة الأحوال الشخصية و تحرير المرأة و نوها أعضاء المكتب بما جاء في الخطاب الرئاسي

 من إشادة بدور المصلح الكبير و رائد حرية المرأة و عملاق الإنجاز الحضاري الثوري الزعيم الحبيب بورقيبة

و معه رموز الحركة الوطنية و المفكرين و المصلحين و كل المناضلين  و الوطنيين الذين ساهموا بدورهم في تحقيق المشروع الحضاري قولا و عملا بزعامة الرئيس الحبيب بورقيبة رحمه الله الذي أنجز بصفة فعلية و حقق الطموح الحضاري طبقا لما ورد في النص القرآني الصريح في سورة النساء فإن خفتم أ لا تعدلوا فواحدة صدق الله العظيم

 

و بعد التنويه بخطاب الرئيس بن علي المشار إليه أكد أعضاء مكتب الجمعية على ما يلي :

أولا ضرورة الإستجابة  لمطاب أعضاء الجمعية  الوقتية للمحافظة على التراث الزعيم الحبيب بورقيبة و رموز الحركة الوطنية

ثانيا : التذكير بالرسائل التي وجهتها الجمعية لسيادة الرئيس منذ يوم 13 جوان2005 و الموالية 7 جويلية و 21 جويلية  2005 بواسطة البريد المضمون حسب الوصول البريدية و الفاكس و تم الإحتفاظ بكل الوصول للتاريخ و الرسالة الرابعة بموقع الأنترنات يوم 19 جوان 2006 بعنوان رسالة مفتوحة لرئيس الدولة ، و اخيرا الرسالة الخامسة المفتوحة بتاريخ 26 جويلية 2006 بقلم كاتب عام الجمعية بموقع الأنترنات تونس نيوز هذا الموقع الذي هو موضوع متابعة كل المسؤولين في العالم ، هذا من جهة و من جهة أخرى أستعرض مكتب الجمعية نشاط جمعية الوفاء الممثال بباريس و التي منحتها الحكومة الفرنسية التأشيرة العام المنصرم 2005 و قد ذكر لنا الدكتور المختار الرابحي النائب الأول لرئيس الجمعية نشاط جمعية ذكرى بورقيبة بباريس على هامش الذكرى الخمسين لعيد الإستقلال الوطني 20 مارس 1956 و الدكتور المختار الرابحي متواجد بباريس كطبيب هناك منذ 30 سنة يدرك نشاط هذه الجمعية الفتنية التي يعمل في صلبها شخصيات تونسية و فرنسية معا جمعتهم ووحدت بينهما قواسم الوفاء و الإحترام للزعيم الراحل الحبيب بورقيبة

إسعتراضنا لنشاط جمعية ذكرى الزعيم الحبيب بورقيبة بفرنسا أوحى لنا بالتركيز على دعم جمعيتنا

و قد علمنا أن جمعية ذكرى بورقيبة بباريس تنوي القيام بتوسيع نشاطها و تكوين فروع لها بتونس و في هذا الإطار قلنا في صورة عدم الإستجابة لطلب التأشيرة ربما نسعى للإنضمام لجمعية باريس ، و لو أننا نحبذ إستقلاليتنا في بلادنا نحن أحرار فيها و أسياد في دولتنا .

و في صورة مواصلة الصمت على مطلبنا رغم توجيه 5 رسائل و التلميح في 7 رسائل أخرى نشرت بموقع الأنترنات تونس نيوز فإن الإنضمام يكون هو الحل بتواجد الجمعية و نحن في مكتب الجمعية مازلنا نسعى على للحصول على التأشيرة أفضل و احسن من الإنضمام إلى جمعية باريس … كما نؤكد من جديد إن هدف الجمعية هو إحياء تراث زعيمنا و المحافظة على الإرث الوطني للزعيم بورقيبة و لكل رموز الحركة الوطنية لمساعدة و معاضدة الدولة و نسعى لإضافة إضاءات التاريخ بأخلاق عالية دون أن نمس من سمعة رموز الحركة في طليعتهم الزعيم الحبيب بورقيبة

 

و لا نتجنى عليهم و على التاريخ و لا نتهكم على الزعيم الأوحد حسبما نقرأه في الصحف من إحدى المؤرخين سامحهم الله قال عدة نعوتا تهكما على الزعيم بأسلوب لا يخلوا من الإساءة و التحامل و سعى مثل غيره إلى الإساءة و التحامل حتى أن في حديث أحدهم يوم الأربعاء الماضي 8/8/2006 بمناسبة الحديث على الزعيم الطاهر صفر رحمه الله الذي كان صديقا حميما للزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله  ، قال هذا المؤرخ الذي لا يحلوا له الحديث إلا إذا ذكر الإساءة للزعيم الراحل و قد سبق لي  أن قمت في شهر جوان  2006 بالرد عليه بموقع الأنترنات تونس نيوز بعد أن حاولت الرد عليه بصحيفة الصباح اليومية التي نشرت تدخله في منتدى التميمي و حسب قانون الصحافة فإن التعقيب يكون في نفس الصحيفة , و لكن مع الأسف الشديد الإنحياز واضح ، و ليس في أمريكيا فقط انحيازها للكيان الصهيوني … بل الإنحياز في بلادنا لشق دون آخر لست أدري لماذا هل هي تعليمات ،،،  أم الصمت الرهيب أم الإساءة المقصودة و مع الأسف مرة أخرى الصحيفة تسمح لصاحبنا بالحديث بكل حرية وتمنع الثاني من الرد و التعقيب عليه و حتى موضوع إشارة صاحبنا يوم 8/8/2006 بالتلميح دون ذكر إسمي لسيت أدري بينما

كان ردي عليه بموقع الأنترنات تونس نيوز يحمل توقيعي و إسمي و صفتي

 

لماذا تحدث في الصباح و أتسائل من أعطاه الرد لا شك إن فردا من جريدة الصباح له علاقة حميمة على حساب ثوابت  الصحافة و نواميسها و قانونها هذا مع الملاحظة إني بعثت بالرد لصحيفة الصباح و لم تنشره و تم نشره بموقع الأنترنات هذا مع العلم إن جريدة الصباح لن تنشر لي أي مقال أو رد أو تعقيبا منذ سنة 2004 و أعرف جيدا من وراء هذا التعتيم الإعلامي و بدون تعليق… و أخيرا بعد أن نشرت المقالات الثلاثة حول حرية المرأة و خمسينية إصدار مجلة الأحوال الشخصية بموقع الأنترنات على إمتداد أيام 6 و 8 و 9 أوت الجاري 2006 في ثلاثة حلاقات متوالية أردت نشر تلك المقالات بالصحافة اليومية و لكن دون جدوى … تلك هي حالة صحافتنا عفانا و عفاها الله و شفاها من التعتيم الحاصل و البعض يلوم علينا لماذا تكتبون في مواقع الأنترنات و بعضهم يقول لماذا تكتبون في صحيفة لها رأي خاص و بعضهم يقول

لماذا تتكلمون في الجزيرة و العربية  و حتى إن أمكن في قناة المنار

و بين قوسين فإن العربية و المنار مغلوقتان و لن نستطيع الوصول إليهما للتعبير عن تضامننا مع حزب الله في المحنة و الحرب السادسة و بقى لنا إلا موقع الأنترنات تونس نيوز المتنفس الوحيد و ربي يستر و ربي يستر و ربي يستر قال الله تعالى : و ما ربك بغافل عما تعملون صدق الله العظيم و قال أيضا و ما ربك بظلام للعبيد صدق الله العظيم

 

ملاحظة هامة إننا متمسكون بحكم و شعارات قالها الزعيم الحبيب بورقيبة

1- الدوام يثقب الرخام – 2 الكر و الفر – 3- خذ و طالب –4 الأهم قبل المهم –5- الصرامة في المبدأ المرونة في التطبيق –6- الكرامة قبل الخبز –7- لا ضاع حق ورائه طالب –8- بادي على الجبل بقدومة 9- الصدق في بالقول و الإخلاص في بالعمل-10- عش لغيرك –11 لكل مرحلة رجال و خطة –12- أغتنم الفرصة للتغلب على الخصم –13- لأعتماد على المادة الشخمة –14- سياسة المراحل خطوة إلى الأمام -15- الزعيم  الناجح الذي يجنح للسلم عند الضرورة –16- لكل معركة حسابات دقيقة –17- مراعات موازين القوى–18- الإستفادة من اخطاء الخصم –19- صبعين و إلحق  الطين –20- لا أخاف على تونس إلا من أبنائها ، ؟ زعيم القرن العشرين يخلد النصائح العشرين  .

 

محمد العروسي الهاني

 كاتب عام جمعية الوفاء ومناضل دستوري


إلى القراء الكرام: كان صاحب هذه الأسطر ولا يزال من دعاة القول بأنّ الكلام لا يقارعه سوى الكلام وبالتالي لا وجوب لمنع مثل هذه المقالات، بل يأتي الهمّ الأوّل في وضع الأصبع على السرطان، وترك كلّ منّا يتحمّل المسؤوليّة… من حقّ فضيلة الدكتور أن يردّ، بل نأمل أن يردّ، من باب أن يحصل القارئ على الحقيقة!!! حقيقة المقاومة طبعًا!!!
نصر الدين بن حديد  
 

من هو المقاوم في العراق؟

 
د خالد شوكات
وأنا أتابع أخبار العراق الدامية، وهذه التفجيرات اللعينة التي تحصد أرواح العراقيين البسطاء الأبرياء في الأسواق والمساجد والكنائس والشوارع والساحات العامة، أسأل نفسي كل يوم ذات السؤال: هل هذه مقاومة؟ لست أدري لماذا انقلبت عند العرب مفاهيم الأشياء؟ ولماذا يصبح مجرم سفاك متعطش للعق الدماء بطلا وشهيدا، بينما الباني المشيد خائنا وعميلا؟ أم أن عقلي أنا « مركب شمال » على حد قول إخواننا المصريين؟ في العراق الجديد، المقاييس مضطربة تماما، وخلاصات العرب ونظراتهم إلى الواقع العراقي مدعاة للتساؤل والحيرة والتعجب، أما الأسئلة فيمكن أن تكون عجيبة غريبة فريدة من نوعها: ـ من هو المقاوم في العراق، الذي يقتل غيلة الأطفال والنساء والشيوخ والعمال البسطاء بتفجير نفسه بحزام ناسف طلبا للشهادة كما علمه شيوخه الأفاضل لعاقي الدماء، أم من يسعى لإنقاذ الأنفس ببناء المستشفيات والمراكز الصحية والعمل على مد المحتاجين والفقراء بالدواء؟ ـ من هو المقاوم في العراق، الذي يدمر ويخرب ويغتال أعوان الأمن وقوات الشرطة والحرس المدني ويزرع الرعب والهلع في صفوف العراقيين المدنيين ويعطل المرافق الإدارية والحياة العامة والمدارس والجامعات، أم الذي يساهم في زرع الأمل في نفوس العراقيين ويعمل على تأمين الخدمات الضرورية لهم من غذاء وكساء ودواء؟ ـ من هو المقاوم في العراق، الذي يفجر محطات الكهرباء ويقطع الطرقات ويقصف المطارات ويخرب مجمعات التلفونات والاتصالات ويسمم خزانات المياه ويدمر البنى التحتية للبلد، أم الذي يسعى جاهدا إلى إصلاح هذه المرافق جميعها ويتطلع إلى تأمين المزيد من خدمات الرفاهية لعموم العراقيين الذين لم يغمض لهم جفن منذ أربعة عقود جراء مغامرات الأخ القائد وفلوله الإرهابية المتواصلة؟ ـ من هو المقاوم في العراق، الذي يغتال السياسيين والإداريين والعلماء ويذبح الصحفيين والكتاب والأدباء، أم الذي يشارك في تنظيم الانتخابات وإقامة مؤسسات الدولة التعددية الديمقراطية وتنمية تقاليد الحياة الحرة الجديدة في السياسة والإعلام والحياة العامة؟ ـ من هو المقاوم في العراق، هذا الذي يسعى لإخراج المحتل من البلاد، أهو الذي يهدد بإقامة نظام على شاكلة الطالبان أو البعث زمن صدام، بزرع الموت والخراب والدمار في كل مكان، ويوفر المزيد من الحجج والأعذار للإبقاء على القوات الأمريكية إلى ما لا نهاية، أم الذي يعمل ما بوسعه لبناء المؤسسات العسكرية والأمنية الوطنية، من جيش وشرطة، ويقيم أسس دولة تعددية ديمقراطية حديثة، بما يقصر من عمر الاحتلال وينزع مبررات وجوده؟ ـ من هو المقاوم في العراق، الذي يصدر فتاوى القتل الجماعي في حق الشيعة باعتبارهم عملاء وخونة ورافضة، أم هو الذي يناضل من أجل دولة يكون صندوق الانتخاب الشفاف والنزيه فيها هو المحدد، وتكون فيها العملية السياسية شراكة وتمثيلا لكل الحساسيات والطوائف والأحزاب والجماعات؟ هذه الأسئلة المفارقة لا يمكن بطبيعة الحال إلا أن تكون عربية محضة، لأن بقية أمم العالم لم تسعفها عقول نخبها بعد إلى أن تبلغ هذا الحد من الولع بقلب الحقائق وازدرائها في مقابل الكلمات، وجعل الشعارات مقدمة على الوقائع والانجازات، فالعرب على سبيل المثال يعدون قادتهم الأبطال هم الذين يقودون شعوبهم إلى الهزائم المدمرة المتكررة، أما قادتهم الخونة فهم بنظرهم من يربح المعارك العسكرية ويستعيد الأراضي المسلوبة! والعرب على خلاف شعوب الأرض جميعا، لا يقيمون ساستهم بالأعمال والإنجازات، إنما بالنوايا والشعارات، فالذي يطلب من الأمريكيين مثلا مغادرة البلاد وإخلاء القواعد العسكرية، ليس إلا عميلا وخائنا ومتآمرا كبيرا على الأمة، أما الذي يوفر لهم أسباب المجيء أو يمنحهم نصف البلاد قاعدة فليس سوى بطلا مغوارا وقائدا قوميا عظيما! الذي ينفق على التربية والتعليم وبرامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية، هو في عيون العرب سفيه وخائن وعميل، أما الذي ينفق على العساكر المنهزمة دائما وعلى شراء الأسلحة الخربة ومشاريع المفاعلات النووية المفترضة وتمويل الثورات والانقلابات في كل أنحاء الدنيا، فليس سوى بطلا عظيما وقائدا أمميا ثائرا خذله شعبه الذي لم يفهم عبقريته جيدا وتكالبت عليه قوى الاستعمار والرجعية والامبريالية! وأخيرا، لا يسعني إلا أن أتساءل: لو أن العراق لم يقاوم على الطريقة الزرقاوية، وقاوم على الطريقة « الإدنهاورية » (نسبة إلى إدنهاور الزعيم الألماني بعد الحرب العالمية الثانية)، كم تراه وفر من أرواح وأموال وبنى تحتية، وكم تراه ربح من الوقت والجهد والثروة الوطنية، وكم درجة تراه ارتقى في سلم التنمية المستدامة؟ الأمريكان وحدهم من يدرك عظم الخدمات الجليلة التي تقدمها المقاومة الحمقاء لهم!
 (المصدر: موقع إيلاف بتاريخ 12 أوت  2006)
 

إلى فضيلة الدكتور خالد شوكات: دماغك « مركّب أمريكي » لترسيخ الأكاذيب وطعن الوطن

 
نصر الدين بن حديد nasrbenhadid@yahoo.fr   علوم الفلسفة والمنطق واللغة والكلام، كلّها تشتغل ضمن مدى البحث عن قاعدة يسلّم بها الجميع أو على الأقلّ الغالبيّة العظمى أو في أسوأ الحالات أن يجتمع كلّ من الباثّ والمتلقّي على جملة من المفردات وكمّ من المفاهيم، وفي غياب توافق أو حدّ أدنى منه يصير الحديث كمن يصرخ في الصحراء أو من يحدثّ من لا يفقه… يزداد الأمر غرابة أو هو في صميم «العجب» [إن لم نقل أكثر من باب الحياء] أن ينزل علينا فضيلة الدكتور خالد شوكات بمفاهيمه وما يحمل من قناعات، ليس من باب المناقشة والبحث أو الجدل [وهذا أمر مقبول في أصله]، بل حين نصّب نفسه ـ في ثوب النسّاك ـ ناصحًا ومبشّرا ونذيرًا… لم نجد في مقاله سوى عظة على شكل ما يقدّمه قساوسة اليمين المتصهين في الولايات المتّحدة حين يتمّ سحق الحقائق و«سحل» الواقع لتكون «التثنية» [أيّ جعلها ثنائيّة] سواء على مستوى تشخيص الواقع أو طرح المعالجات أو حتّى تقديم الحلول… يكون من الغباء [إن لم نقل أكثر من باب الحياء] أن نسوّي لفظ «المقاومة» في العراق ونجعله حصرا أو هو حبيس الدلالة التي أسقطها فضيلة الدكتور، هذا إذا تجاوزنا ـ إجرائيّا أو منهجيّا ـ المعنى الأصلي واللغوي لهذا اللفظ!!! قد يرى البعض أنّ الأمر لا يعدو أن يكون من أبواب حسن النيّة وصفاء السريرة وصدق القول، وقد تغفر هذه النيّة وهذه السريرة وهذا القول، لكنّ فضيلة الدكتور ليس ـ لا قدّر الله ـ من الرعاع أو الجهلة أو من لا يفقهون من الأمر كنهه أو ممّن يعالج الأمور من باب العاطفة أو مدخل الغريزة، لنجعل بذلك كلامه يعبر بين المقالات العابرة؟؟؟ فضيلة الدكتور ـ كما قلنا ولا نملّ من القول ـ يحمل فكرًا ويتلبّس موقفًا ويركب أديولوجيا [أو هي تركبه!!!] وبالتالي يتحمّل المسؤوليّة التاريخيّة ـ وخصوصًا الأخلاقيّة ـ بخصوص قوله…   يعلن فضيلة الدكتور:«هل هذه مقاومة؟ لست أدري لماذا انقلبت عند العرب مفاهيم الأشياء؟ ولماذا يصبح مجرم سفاك متعطش للعق الدماء بطلا وشهيدا، بينما الباني المشيد خائنا وعميلا؟»… من هذه الجملة نفهم ما يلي: ـ ضمن السؤال «هل هذه مقاومة»، يحاول فضيلة الدكتور طرح المعادلة ليس في علاقة الواقع بالمفهوم المتّفق عليه لغة ومفهومًا للفظ، بل ـ وهنا تكمن «اللعبة» ـ في البحث عن ترسيخ معاني «المقاومة» من خلال صورتها «النقيضة» التي يطرحها في ما تلا من كتابته، حين يحاول النسخ والنقض والفسخ وغيرها من أدوات العدم، بحثًا عن ترسيخ صورة «شيطانيّة» عمّا ترسّخ في عقول الناس وقناعاتهم من «المقاومة». ـ السؤال لا يمسّ المعنى والدلالات ضمن وضع معادلات جديدة أو طروحات أخرى، بل من خلال «انقلاب الصورة» أو بالأحرى قلبها، ليكون الخيار [لدى المتلقي] بين الصورتين أو هما الخيارين المطروحين!!! الحقيقة «الحقيقيّة» ضمن هذا المنطق الطهراني الصهيوني تأتي كالتالي ضمن إعادة التركيب : ـ أن يكون المجرم السفاك المتعطش للعق الدماء خائنا وعميلا!!! ـ أن يكون الباني المشيد بطلا وشهيدا!!! من هنا تبرز الصورة «الطهرانيّة» التي يحاول فضيلة الدكتور طرحها وفرضها سواء من حيث الطرح أو التأسيس ضمن تبسيط «مرضي» [إن لم نقل أكثر من باب الحياء]، حين لا يعقل أن ينزل من يحمل شهادة «الدكترة» في علم القانون إلى هذا الحضيض، ونحن نعلم أنّ هذا العلم يتوخّى دقّة التوصيف ومنتهى التعريف، بل يجعل صفاء اللفظ ووضوح المعنى أساس العلم وقاعدته… يعرف الجميع من خلال الدلائل والبيّنات وما تأكد من مصادر محايدة وموثوقة أنّ العديد من «الجهات» دخلت على خطّ المقاومة وصارت تمارس من العنف ما أرادت به «تشويه الصورة»، وقد يطلع علينا فضيلة الدكتور [إن خرج عن صمته طبعًا] محاولا الدحض من خلال الإدّعاء بأنّ كاتب هذه الأسطر يعاني «من عقدة المؤامرة الدائمة»، فنحيله ـ من باب المثال والاستدلال ـ إلى صورة الجنديين من رعايا صاحبة الجلالة حين تمّ ضبطها في البصرة وهما يرتديان ملابس عربيّة وقد اعترفا بأنّ المهمّة كانت تنفيذ «أعمال إرهابيّة بإسم المقاومة»!!!! يهدف فضيلة الدكتور من خلاله بحثه عن «قلب الصورة المعرفيّة» إلى تبييض صورة العدوان الأمريكي، وهذا الفعل يشبه تبييض أموال الدعارة والجريمة والمخدرات، حيث الهدف ـ في الحالتين هو ذاته ـ «الحفاظ على المسمّى» و«قلب التسمية»!!! حين نلاحظ من خلال هذا المقال «تدنيسًا كاملاً» لأيّ فعل مقاوم عبر «خلط الصورة وقلبها»، ومن ثمّة «تقديس» أيّ فعل أو ممارسة أو دور أو موقف يعترف بالعدوان ونتائجه وينخرط تبعًا ضمن معادلة العمالة وأصول الخيانة!!! نودّ من باب «تعميق الحوار وترسيخ النقاش»، أن نطرح على فضيلة الدكتور سؤالا يحمل بعدًا «إبستميلوجيّا» صرفًا في معزل عن أيّ فوارق أو مواقف، لنقول:«هل أنّ رأيه هذا يخصّ الواقع العراقي حصرًا أم أنّه يجرّم جميع المقاومات بدءا بالمقاومة الهولنديّة « الخجولة » في مواجهة القوات النازيّة، وهل يعتبر ثروة المستعمرين البيض في وجه القوّات الانجليزية من النمط « الزرقاوي »؟؟؟؟» نعلم أنّ المرجعيات الغربيّة التي ينتمي إليها فضيلة الدكتور ليس فكرًا فقط بل مواطنة أيضًا، ترفض مجرّد طرح مثل هذه الأسئلة «الإرهابيّة»، فالقول في مقارنة الاستعمار النازي بغيره من الأشكال الغربيّة هو كقول «بولتون» حين رأى أنّه: «لا يجوز لأسباب أخلاقيّة أن نقارن بين الضحايا الصهاينة والضحايا اللبنانيين» من ثمّة يبرز جليّا أنّ فضيلة الدكتور لا يجعل شرعيّة فعل المقاومة حاملا لشرعيته في ذاته، بل ـ وهنا تكمن الخطورة [إن لم نقل أكثر من باب الحياء] ـ في «هويّة» و«شكل» و«أصل» و«شاكلة» من يمارس الاحتلال الذي يأتي ـ ضمن الحالة الأمريكيّة القائمة راهنًا في العراق ـ منقذًا ومبشّرا ونذيرًا، كما تزخر بذلك كتابات كلّ من اليمين الجديد واليمين الديني المتصهين على وجه الخصوص، ليلاحظ القارئ العزيز مدى التلاقي أو الخنوع والتبعيّة والعمالة!!! وجب أن نسأل عن سبب إصدار فضيلة الدكتور في هذا الوقت بالذات، حيث سبق وقلنا أنّه لا شيء يأتي مجانًا ولا يذهب «بدون مقابل»، لنرى أنّ من نتائج «العمليّات الإرهابيّة» في العراق أن صار صاحب العدوان يضع نفسه مصدر أمان!!! لنسأل السؤال «البوليسي» العريق: «من المستفيد الأوّل من الجريمة»!!! ليصير الجيش الأمريكي «ملائكة رحمة»!!!   لا يأتي فضيلة الدكتور منفردًا ضمن هذا المسعى أو هذه الخطة، بل ـ على سبيل المثال ـ من يشاهد قناة «العربيّة» يشاهد ومضة إشهاريّة يتمّ من خلالنا إفهامنا أنّه من الأفضل تقطيع بنادق الكلاشنكوف وصهرها لنصنع منها حديدًا للبناء، يفهم أنّ «الشرق الأوسط» الذي وعدتنا به السيّد رايس يتأسّس من خلال مقالات فضيلة الدكتور ومن لفّ لفّه!!!! انتصار المقاومة الإسلامية الباسلة في لبنان أعطى لمفهوم «المقاومة» أعلى درجات النبل وأرفع مقامات الرجولة المفقودة لدى بعض الكتّاب الذين صارت مهمّتهم البحث عن التأسيس أو «التبشير» بـ«الويلات» التي جلبتها هذه المقاومة… المقالات القادمة ستحاول البحث عن «عرقنة» أو «تعريق» لبنان [أيّ جعله على شاكلة العراق]، حيث هناك من يحاول طرح موضوع «سلاح المقاومة» في وقت لا يزال العدوان الصهيوني/الأمريكي قائمًا، ليكون نزول الجيش إلى الجنوب من باب البحث عن صدام مع المقاومة!!!   المعادلة في العراق [عودًا إلى مقال فضيلة الدكتور] واضحة والشعب هناك يحسن الفرز بين كلّ من يحاولون «تصريف فعل المقاومة» بدءا بالخونة والمرتزقة وعملاء الموساد ومن نصّبوه أنفسهم حماة الديمقراطيّة من جهة وبين من نذروا أرواحهم للوطن، حيث يؤمنون جميعهم أنّ فاقد الشيء لا يعطيه ولو كان دكتورا في علم القانون يحمل الجنسيّة الهولنديّة!!!

 


مشاهد من وراء خطوط النار

(الجزء الرابع)

المشهد الأول :
اقرأوا ما يلي واملكوا أنفسكم عن الغضب، أدعوكم أن تربطوا أنفسكم بالحبال إلى مقاعدكم، أن تجعلوا كأس ماء بجانبكم، أن تبتعدوا عن أي جسم جارح على مرمى من أيديكم! أما إذا كنتم من أصحاب ضغط الدم أو من مرضى القلب، فأرجوكم أن لا تواصلوا القراءة وتنسوا حديثي إليكم، فقد أعذر من أنذر، قد أعذر من أنذر، ولا أريد أن أحمل على يدايا هلاك أحد…
هذه أسطر من مقال كتبه هذه الأيام أحد أبناء جلدتنا، وصاحبنا في حارتنا، ويعيش يومنا وليلنا، وهو ليس الوحيد في القائمة ولكنه أفصح بيانا وأحط أفكارا وأوضح هدفا.. يقول صاحبه :  » والحرب الشجاعة التي تشنها إسرائيل ضد قوى الإرهاب الإجرامية…، فإسرائيل ليست عدوة العرب والمسلمين… كل مواطن عربي شريف يجب عليه أن يفرح ويساند إسرائيل على جهودها النبيلة… يجب عليه أن يشكر الله ويساند جهود إسرائيل…(خضير طاهر دعوة لمساندة إسرائيل لسحق الارهاب! صحيفة إيلاف 18 جويلية 2006)
أتمنى أنكم أتممتم القراءة وأرجو أني لم أتسبب في كوارث، هذه الكلمات المسمومة خرجت من فوهة « رجل  » ذيّل مقاله بعربي ومسلم متدين، وكأنه نقصته الرجولة فأراد أن يواري سوءته بغطاء قومي وديني لعله لا ينكشف أو لعله خاف وخز الضمير… هذه الأصناف من الكتّاب الذين وجدوا مرتعا لأقلامهم لإخراج دفائنها، توحي بمدى ما وصلنا إليه في بعض الثنايا من حضيض وذل وهوان، وأن حقيقة التغيير الذي نسمو إليه لم يبدأ بعد ولم يخط طريقه، حيث أن مركّب النقص والهوان والتذيّل والانبطاح وجلد الذات قد تجذر عند البعض من أفرادنا، وأنه على درجات متباينة، وهذه أقصاها وأمرّها.
فحالنا اليوم من تخلف وضياع وترصد لموائد اللئام، إنما ينبع من هذه الهزيمة النفسية التي استوطنت نفوسنا وتعلقت بسلوكنا واستبطنتها كتاباتنا وخطاباتنا من أننا قوم ضعاف لا نقدر على شيء، وأن منافسينا وأعدائنا على بعد أميال من شاطئنا، وأنه لا قدرة لنا عليهم ولا على منافستهم. كُتب علينا الصَّغار والهوان في جيناتنا، حتى وإن نسينا الأيام الطوال للشهود الحضاري لبعض الأجداد والآباء في تاريخنا.
إن النقلة السليمة في مسلسل الانطلاق والوقوف تبدأ مع الذات في كسر هذا الحاجز النفسي المستميت والذي ساهم فيه على السواء أعداءنا و مرتزقة بيع الأوطان في تجذيره في ثقافتنا وعقليتنا حتى نبقى نعيش في الصحراء دون نبت ولا زرع إلا السراب. واليوم الذي يسقط فيه هذا الحاجز نكون قد قطعنا نصف مسافة التقدم والتحضر وأعلنا على الملأ عالميتنا الإنسانية الثانية.
المشهد الثاني :
طيور مهاجرة تشوش على الرادارات الإسرائيلية، خالتها هذه الأخيرة صواريخ للمقاومة فتعالت صفارات الإنذار تدوي بين الحين والآخر رغم أن الصاروخ اختبأ وراء الطائر المسالم… كما أن أسرابها أصبحت تزعج الطائرات الحربية في مساراتها داخل وخارج المجال الجوي الإسرائيلي…
قال بعضهم أنها آية من السماء، وعناية ربانية، طيور أبابيل تعين المظلوم وتزعج الظالم، بعد أن تخلف بعض الأهل وساندوا الجلاد وأنّبوا الضحية، طيور تشوّش على الظالم بعد أن عجز حكامنا على التشويش على المواقف والممارسات والمواقف! دعونا نحلم قليلا فنحن كالغريق نتمسك بأي عود للنجاة ولو كان من سراب، ولو كانت طيورا مهاجرة لا شأن لها بظلم الناس لنا!
 وقال آخرون أنها طيور مدينة إلى الأرض التي أطعمتها وروتها ولم ترد التنكر لجمائلها، فكانت صاحبة مروءة ورجولة وسعت إلى المساهمة في الدفاع عنها وعن أهلها فهي طيور وطنية حتى النخاع وإن كانت مواطنتها غير كاملة، وناقصة عقلا ووجدانا ومشاعر وإنسانية!
وعقّب بعضهم أنها علامة من علامات الساعة فقد تكاد تشرق الشمس من المغرب وينزل المسيح ويولد المهدي ويُقتل المسيح الدجال وتمتلأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا… وفي انتظار هذه الآيات ونهاية العالم، يظل الظالم ظالما ومعربدا لا يعض على يديه ندما، ولا تهمه القرارات والاجتماعات والتنديد والاستنكار، ويظل المظلوم مظلوما من بعض أهله وذويه و في ظل واقع دولي غير مبال أو مهادن!
وإذا كانت الطيور على أمثالها تقع، فيبدو أن المثل في حالنا قد تغير، فكانت طيور السماء هذه المرة مظلومة غير ظالمة ولم تقع على أشباهها، تغدو خماصا وتعود بطانا إلى أوكارها، كانت هجرتها قد سبقت دوي المحركات في السماء حيث كانت مستفردة بها، كان السلم والعدل يملأ ثناياها حتى جاء الغصب يطرق أبواب السماء والأرض، فلم يترك إنسا ولا طيرا إلا لمسه شره واستيطانه، وغدت الأرض غير الأرض ولا السماء، وأضحي الإنسان حيوانا في بعض معاقله، حتى وإن زعم أنه يحمل ألواح السماء وبركة الملائكة والرسل!
المشهد الثالث :
فينيزويلا تسحب سفيرها من تل أبيب وشافيز يستنكر الفضائع المرتكبة في لبنان..، استحيا الرجل وأراد أن يكون رجلا وأن لا يكون شاهد زور على ظلم بواح تعالت أصواته من بين الأنقاض ومن أفواه صغيرة لم تبلغ الحلم بعد. ماذا عسانا أن نردد حياء؟
هل نقول رمز جديد يزداد إلى رموزنا وكأننا نعيش ندرة الرموز، وقد مرت من أمامنا قوافل من الرموز الفضفاضة التي كانت جوفاء وانتهت بانتهاء موسم التطبيل؟ أم نقول رمز جديد وجده اليسار العربي بعد طول انتظار ونهاية أسطورة غيفارا، فغيفارا مات كما ينشد الشيخ إمام ولم يجد الوجدان العربي اليساري بديلا ورمزا لثائر عالمي جديد يخرج من بين أحشائه، بعد أن هيمن على المشهد المقاوم فعلا وحركة ولا يزال التيار الإسلامي منذ عقود؟
أم نقول زادت تعرية حكامنا وسقطت ورقة التوت أو ما بقي منها، وافتضحت النوايا والتكتيكات الفاشلة والحسابات الضيقة والوطنية المهزوزة وغياب الاستراتيجية والمخططات الواعية، وأصبحت الجماهير ترى حقيقة السلطان وحقيقة حاشيته وأتباعه، ووعت أخيرا إلى أنها تحتاج إلى استقلال ثاني وتحرير جديد للأوطان!
بقلم : مواطــن يمكن مطالعة المزيد من خواطر  » مواطن  » على موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net

 

الحُـلم بـ »الجنّــة الموعودة »

swissinfo  13 آب/أغسطس 2006 – آخر تحديث 20:20     في أواخر الشهر الماضي، استطاع مركب صيد تونسي صغير إنقاذ مائة مهاجر إفريقي كانوا يُصارعون الموج في مضيق صقلية، الفاصل بين تونس وإيطاليا أملا بالوصول إلى جزيرة بانتاليريا. لكن كثيرا من المهاجرين التونسيين والأفارقة كانوا أقل حظا من هؤلاء وقضوا في البحر قبل وصول النجدة في حوادث أليمة تكاد تكون يومية. حوادث الغرق التي تملأ صفحات الجرائد كل صباح ليست سوى الجزء العائم من جبل الثلج الذي لا يُطل برأسه إلا في الصيف، إذ يشكل تحسن أحوال الطقس أهم حافز على تكثيف الهجرة غير الشرعية. أما الجزء المتواري من الجبل، فيتمثل في الأوضاع الاجتماعية المعقدة التي تحمل آلاف الشباب من البلدان المغاربية ومن منطقة جنوب الصحراء على المخاطرة بحياتهم أملا بالوصول إلى « الجنة الموعودة » في أوروبا. ولوحظ أن حوادث غرق المهاجرين غير الشرعيين في السواحل التونسية بسبب جنوح مراكبهم تكاثرت خلال الأسابيع الأخيرة، لكن لم يُعرف حتى الآن ما إذا كانت هذه الظاهرة تفاقمت قياسا على الأعوام السابقة أم أنها حافظت على نسقها « المعتاد ». وتتكتم المصادر الرسمية في تونس وليبيا على الإحصاءات الخاصة بتدفق المهاجرين غير الشرعيين من إفريقيا، والذين يتّـخذون من البلدين محطّـةً لعبور المتوسط. وتُعتبر السواحل التونسية المطلة على مضيق صقلية أحد « الجسرين » الرئيسيين، إلى جانب مضيق جبل طارق، اللذين يعبر منهما المهاجرون غير الشرعيين من العدوّة الإفريقية إلى الجزر الإيطالية. وتشكل جزيرة بانتاليريا، التي هي أقرب للساحل التونسي من ساحل إيطاليا، المقصد الرئيسي للزوارق وسُـفن الصّـيد التي تعبُـر البحر تحت جُنح الليل، محمّـلة بعشرات المهاجرين. أما نقاط الانطلاق، فتمتد من طبرقة القريبة من الحدود التونسية – الجزائرية شمالا إلى جرجيس القريبة من الحدود التونسية – الليبية جنوبا، وتشمل أيضا السواحل الواقعة غرب العاصمة الليبية طرابلس، وخاصة زوارة ومصراطة. لكن تواضع المراكب التي يستقلها المهاجرون غير الشرعيين من ليبيا، بالإضافة لطول المسافة بين السواحل الليبية وأقرب جزيرة إيطالية، فرضا على الربّـان أن يسيروا بمُـحاذاة السواحل التونسية، الأمر الذي ساعد على إنقاذ حياة كثير منهم لدى جنوح مراكبهم في عرض البحر. وطالما أن قطع المسافة الطويلة إلى جزيرة صقلية يستغرق وقتا مديدا، مما يُعرض المراكب لانكشاف أمرها من خافرات السواحل، يُفضل ربان المراكب « إلقاء حمولتها » على بعد نحو مائتي متر من شاطئ بانتاليريا، كي يُقفلوا عائدين قبل طلوع الفجر، هذا إذا ما نجحوا في اختراق الحراسات في الجانبين التونسي والإيطالي. ضحايا « السّـماســرة » ويوجد في الجزيرة الصخرية الصغيرة مركز اعتقال كبير يتسع لألف ومائتي معتقل من المهاجرين غير الشرعيين تمهيدا لإعادتهم من حيث أتوا. ويمثل قريبا أمام القضاء في تونس مهاجران غير شرعيين أعادتهما إيطاليا إلى بلدهما بعد ضبطهما على سواحل بانتاليريا. والطريف، أنهما بحاران كانا غادرا ميناء سيدي بوسعيد في الضاحية الشمالية للعاصمة تونس في رحلة صيد عادية، لكنهما لم يلبثا أن قيّـدا صاحب المركب وكسّـرا جهاز الرادار وأقفلا جهاز اللاسلكي وأطفآ الأضواء، ثم اتجها إلى سواحل بانتاليريا، وهناك تسللا إلى الجزيرة وتركا المركب وشأنه. غير أن الأمن الإيطالي تفطّـن لوجودهما قبل انقضاء أربع وعشرين ساعة على وصولهما إلى الجزيرة. لكن كثيرا من الشباب المهاجر على جناح الظلام واجَـه مصيرا أكثر مأسوية، طبقا لما تنشره الصحف المحلية منذ أسابيع، إذ هلك شبان عديدون كانوا ضحية سماسرة الهجرة السرية، فهؤلاء يجمعون مبالغ تتراوح بين 800 دولار وألف دولار من كل مرشح للهجرة، ويشترون زورق صيد أو مركبا مطاطيا مع محرك، ثم ينسحبون من المسرح. ولا تكون هذه الصفقة مربحة إلا عندما يكون العدد كبيرا، لكن كثرة العدد هي التي تؤدّي إلى انهيار الزورق أو إصابة محركه بعطل، مما يحوّل الرحلة إلى مأساة. قبل أيام، أفادت صحيفة محلية أن ربّـان خافرة سواحل تونسية لاحظ على شاشة الرادار مركبا في أعماق البحر، فتوجه نحوه لكنه فوجئ بصيحات الاستغاثة تتعالى من ركّـاب الزورق الذين كانوا يُلَـوّحُـون بأيديهم وقُـمصانهم لطلب النجدة. ولاحظ العسكريون أن الزورق كان مملوءا ماءا ويكاد يغرق في الأعماق، فانتشلوا الشبان السبعة وسلّـموهم إلى قوات الدرك في ميناء بنزرت، واتضح أنهم غادروا أحد السواحل القريبة من بنزرت في منتصف الليل، لكن بعدما قطعوا 15 ميلا في طريقهم إلى الجزر الإيطالية، بدأت المياه تتسرّب للزورق وباتت حياتهم مهددة. زوارق الموت وفي سواحل المهدية (260 كيلومترا جنوب بنزرت)، عثرت دورية لحراس السواحل على مركب كان يضم 25 شخصا أبحروا قبل ثلاثة أيام من الشاطئ الليبي لكنه جنح، مما أدّى إلى غرق 17 مهاجرا سريا وتم إنقاذ ثمانية فقط من جنسيات إفريقية مختلفة. وعلى رغم تجنيد قوات الدفاع المدني وزوارق حربية وطائرة استطلاع للمشاركة في عمليات التفتيش، التي استمرت يوما كاملا، تعذّر العثور على ناجين. وفي سواحل المستير، القريبة من المهدية، تم انتشال 11 شابا يراوح سنهم بين 18 و25 سنة كانوا اشتروا زورقا مطاطيا من طراز زودياك وتوجهوا نحو الجزر الإيطالية القريبة، لكن بعدما أمضوا 14 ساعة في البحر، نفد الوقود فتوقّـف المركب، وسرعان ما مرّت باخرة نفط إيطالية فاتصلت بحراس السواحل التونسيين لإشعارهم بوجود المركب، وفعلا تم ضبطهم ونقلهم إلى ميناء المستير. وأفاد الشاب باسم، الذي كان على متن الزورق أن الشرطة أخلت سبيلهم بعد التحقيق معهم « بسبب صغر سنهم ونقاوة سجلهم من السوابق »، كما قال لصحيفة محلية. لكن مهندس الرحلة، وهو عامل في ميناء المستير، أُحيل على القضاء. وكانت محكمة مدينة نابل (جنوب العاصمة تونس) أكثر تشددا، إذ قضت مؤخرا بسجن أربعة شبان لمدة ستة أشهر بعدما ضُبطوا في عرض البحر وهم يصارعون البحر أملا بالوصول إلى جزيرة بانتاليريا. وأمضى الشبان الأربعة يومين وليلتين في عرض البحر، بعدما انطلقوا من سواحل تاكلسة قبل أن يتم كشف أمرهم. أما المهاجرون غير الشرعيين السبعة الذين ضُبطوا بعد إبحارهم من ساحل الهوارية، فغرق مركبهم في البحر وانتشر البنزين فوق سطح الماء، مما عطل محاولاتهم للعودة إلى اليابسة. ومع ذلك، نجح خمسة منهم بعد 8 ساعات من السّباحة في الوصول إلى الشاطئ، لكن اثنين قضيا في عمق البحر، وأحيل الخمسة، رغم جروحهم، على المحكمة التي قضت بسجن كل واحد منهم عامين. انتشار الظاهرة بشكل كبير والأرجح أن هلاك بعض المهاجرين يشكّـل عُـنصرا مُعقّـدا للملف القضائي، ويدفع بالقضاة إلى إنزال أقصى العقوبات التي تضمنها قانون جديد لمكافحة الهجرة غير الشرعية والصادر عام 2004، نزولا عند ضغوط الأوروبيين وبخاصة الإيطاليين، وهذا ما يفسر أن محكمة في العاصمة تونس قضت في أواخر الشهر الماضي بالسّجن شهرا واحدا في حق أربعة عشر مهاجرا غير شرعيين، فيما قررت سجن منظم الرحلة المتواري عن الأنظار 12 عاما. ومنظم الرحلة نموذج لفئة جديدة من المتاجرين بالبشر الذين احترفوا إرسال الشباب إلى موت محقق. فإبراهيم كان يجلس في مقهى في « حي التضامن »، أكبر الأحياء الشعبية في ضواحي مدينة تونس، و »يلتقط » ضحاياه واحدا بعد الآخر فيطلب من كل « مرشح » ما يعادل ألف دولار بالعُـملة المحلية، ثم يضرب له موعدا في قرية على الساحل الشمالي للعاصمة. وفي الموعد المحدّد، أي بعد المغرب، جاء السمسار على متن شاحنة نقلت الزورق والمحرك فأنزلهما، ثم أشعر الشباب أنه ذاهب للبحث عن قائد الرحلة، لكنه توارى عن الأنظار فلما يئسوا من عودته قرّروا الإبحار وتداولوا على قيادة الزورق، وفي غالب الحالات، يُضبط الضحايا ويَفلت المدبّـرون من القضاء، أما المهاجرون غير الشرعيين فتنْـحدر غالبيتهم من أوساط شعبية، فهم إما عاطلون عن العمل أو يعملون في قطاعات هامشية لا تسد رمق أسرهم. ولوحظ في الفترة الأخيرة أن أرباب أسَـر لهم أبناء صاروا يُـغامرون بحياتهم، أملا في تحسين وضعهم الاجتماعي، كما لوحظ أن سيّـدات وفتيات أصبحن يُـشاركن في عمليات الهجرة غير المشروعة، غير عابئات بخطر الموت أو السجن. وأظهر تحقيق، نشرته مؤخرا جريدة « الصباح » من منطقة توزر الجنوبية الفقيرة، أن الهاجس الأول للشباب في المنطقة هو الهجرة للّـحاق بمن وصلوا إلى أوروبا بطُـرق غير شرعية، طالما أن الحصول على التأشيرة أمر مستحيل. وأكّـد التقرير أن الأسر باتت تحرص على توفير المال اللازم للسَّـماسرة لتشجيع أبنائها على الهجرة غير المشروعة. وأشار إلى أن بعض الشباب الآخرين الذين يلاقون اعتراضا، يهدّدون أسَـرهم بالانتحار في حال لم يوفّـروا لهم المال الضروري للرحلة. وانتشرت الظاهرة نفسها في مناطق الشمال الغربي الزراعية، التي تُصنّـف على أنها « مناطق ظل »، طبقا للمصطلحات الرسمية، وهي المحافظات التي لم تنل نصيبها من التنمية. والثابت، أن هاجس الهجرة السرية صار تيارا قويا يجرف عشرات الآلاف من الشباب الحالمين بـ »ّالجنة الموعودةّ »، والذين ينتهي بهم المطاف إلى السجن في بلدهم، إذا ما أنقذهم القدر من الموت في أعماق البحر. رشيد خشانة – تونس
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 13  أوت 2006 )

تشدّد أوروبا في موضوع الهجرة

 
توفيق المديني أعاد تدفق المهاجرين غير الشرعيين على السواحل الجنوبية لأوروبا إيطاليا- إسبانيا- مالطا – تسليط الضوء من جديد على استحالة البلدان الأوروبية تجنب التدفق الهائلين للوافدين الجدد من المهاجرين.فهذه الموجة من المهاجرين ليست الأولى. فبعد موجة هجرة اليد العاملة في عقد الستينات من القرن الماضي، التي تم استقطابها من المغرب العربي وتركيا بشكل أساسي، كان لسقوط جدار برلين في عام 1989 الذي قسم أوروبا إلى شطرين بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وحروب البلقان 1999 -1995-1991، دور كبير في تدفق حركات جديدة مكثفة من السكان القادمين من الشرق وبلدان يوغوسلافيا سابقا، باتجاه ألمانيا والنمسا بشكل رئيسي.
وقد أفسحت هذه الحركات في المجال أيضا لطرق جديدة لدخول هجرة بعيد قادمة من الشرق الأوسط وآسيا.
 وقد دفعت التوترات الناجمة عن هذه الهجرة في كل البلدان، الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى البحث عن أجوبة مشتركة. فكان ذلك المسار الطويل، الذي بدأ مع توقيع اتفاقية شينجن عام .1985 ولعل من أبرز نتائج اتفاقية شينجن أنها حدّت بقوة من منح تأشيرات الدخول إلى أوروبا، الأمر الذي ترك في أوساط الراغبين في الهجرة إليها شعورا بالإحباط. وقد أدى ذلك إلى تنشيط حركة الهجرة غير الشرعية إلى القارة الأوروبية عبر وجهات مختلفة مثل البوابة الشرقية المتمثلة ببولندا وروسيا وأوكرانيا وبوابة البلقان وصولا إلى الخيار المفضل لدى العديد من الأفارقة والمتمثل بالبوابة الإسبانية المغربية عبر مضيق جبل طارق.
ويعتبر الوصول إلى أوروبا عبر البوابة الأخيرة مغامرة بالغة الخطورة، لا سيما أن العبور إلى السواحل الأوروبية يتم بواسطة قوارب مطاطية صغيرة أو مراكب صيد ضعيفة أمام تحدي مخاطر الإبحار. ويزيد من حدة المشكلة سلوكها طرقا أطول من أجل تجنب المراقبة المتزايدة التي يخضع لها المضيق من قبل شرطة خفر السواحل. وشهدت السنوات الأخيرة تغييرا في النقاشات حول موضوع الهجرة. ذلك أن الانخفاض المقلق لعدد سكان أوروبا قد أدرك الأوروبيون أن لا مصلحة لأحد لإغلاق حدوده كليا، بصرف النظر عن ارتفاع معدلات البطالة في بعض البلدان. وفي الوقت عينه، كان لأحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية إسقاطات مدمرة وخطيرة بشأن الاندماج، لا سيما المهاجرين المسلمين.
وقاد هذا الإدراك التناقضي ظاهريا كل البلدان لبلورة شروط جديدة حول “الهجرة المختارة” وسياسات الاندماج. إنها الشروط التي نجدها في مشروع قانون وزير الداخلية الفرنسي نيقولا ساركوزي، الذي راجعه مجلس الشيوخ يوم 6 يونيو/حزيرن الماضي. إلا أنه علاوة على قناعاته الإيديولوجية، هناك اعتبارات أخرى تحرك الوزير تتعلق بطموحاته الرئاسية، وما ينتمي إلى جملة التكتيكات التي سيتبعها لرفع نسبة المصوتين له في الانتخابات التي تبقّى على موعدها أقل من عام. وهو عبر تقدمه بهذا القانون المتشدد والذي يطور فكرة “الأجانب” الذين يسرقون لقمة عيش المواطنين ويستنزفون إمكانات مؤسسات الخدمات الاجتماعية كالضمان الصحي والتعويضات العائلية، يطمح إلى استقطاب أصوات اليمين الداعم لليبرالية القصوى، والأوساط العنصرية التي تتطابق مع مواقفه، وإنما أيضا كل الفئات المصابة بالرعب من تفاقم الأزمة المعيشية. والقانون الجديد يقيم جسرا مع أقوال وممارسات للوزير يبقى أشهرها ذاك الذي يعلن فيه نيّته تنظيف الضواحي بالمبيدات.
لفترة طويلة كانت إسبانيا وإيطاليا بلدي هجرة.
 وإذا طلبتا مساعدة الاتحاد الأوروبي لمواجهة تدفق المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين على سواحليهما، فإن البلدين أظهرا، خلال السنوات الأخيرة، قدرة كبيرة على استيعاب المهاجرين القادمين في أكثريتهم من شرق أوروبا.
في إيطاليا تضاعف العدد الرسمي للمهاجرين خلال خمس سنوات، متجاوزا سقف 3 ملايين في نهاية عام .2005 وكانت إحدى وعود الحكومة الجديدة: يسار الوسط، هي مراجعة القانون حول المواطنة: وهكذا، فإن مليون أجنبي يعيشون، أو ولدوا في إيطاليا- ما يقارب 50000 مولودا في عام 2005- سيتمكنون من الحصول على الجنسية الإيطالية. و في الوقت عينه، ترغب روما في مراجعة سياسة كوتا الدخول، المشيدة من قبل قانون يسمى بوسي فيني، في عام .2002 وعلى الرغم من الطابع القمعي لهذا القانون، فإنه لم يمنع من تدفق العمال الجدد غير الشرعيين.
وفي عام ,2005 تم منح 100000 بطاقة إقامة لعمال غير شرعيين، بينما الطلبات المقدمة، والمرفقة بعقود عمل نظامية، كانت في حدود. 250000 في الوقت الحاضر، لا تفكر الحكومة الجديدة في اتخاذ إجراءات جديدة لتسوية أوضاع العمال غير الشرعيين بصورة مكثفة، كما قامت به حكومة برلسكوني عندما شرعنت إقامة حوالي 680000 عامل غير شرعي.
في إسبانيا، حيث انتقل عدد الأجانب من مليون في عام 2000 إلى 7,3 مليون في عام ,2005 قدمت الهجرة غالبا كدعاية جيدة عن النجاحات الاقتصادية لإسبانيا.
 ومنذ سبتمبر ,2005 دفع تدفق المهاجرين غير الشرعيين من إفريقيا جنوب الصحراء الحكومة الاشتراكية إلى تقديم ثلاثة مخططات لمكافحة الهجرة غير الشرعية. بيد أن عدد الأفارقة الذين دخلوا بطريقة غير شرعية منذ سبع سنوات ما يقارب 100000- لا يزال بعيدا عن تمثيل الهجرة الضخمة المسيطر عليها من قبل المغاربة ,(500000) والإكوادوريين (500000) والرومانيين .(317000) ولم تتراجع حكومتا أزنار اليمينية وجوزيه ثباتيرو الاشتراكية عن تسوية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين. وكانت التسوية الكبيرة شملت 700000 أجنبي في عام. .2005
ولم تعد المملكة المتحدة الجزيرة المفتوحة لأولئك الذين يرغبون في الحصول على لجوء إنساني أو اقتصادي.
 فقد اعتمدت حكومة طوني بلير سياسة تقييدية جدا ضد الهجرة المختارة في إطار القوانين التي ستدخل حيز التطبيق في سنة .2008 فقد قررت استقبال -بذراعين مفتوحين- العمال الذين يمتلكون كفاءات مهنية متطورة جدا، أصيلي البلدان غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وانتقاء بعناية العمال المتوسطي التأهيل الفني، وردع بقوة وصول الآخرين.
 وقد خدمت سياسة الهجرة المختارة هذه مواطني البلدان الجديدة التي دخلت مؤخرا إلى الاتحاد الأوروبي، والتي تستفيد منذ ,420 من دخول حر إلى سوق العمالة البريطانية.
خلال سنتين، استقر 300000 شخص، منهم %60 من البولنديين في بريطانيا. ثم إن الانفتاح على عمال أوروبا الشرقية هو متأسس على قناعة أن هؤلاء يقومون بأعمال صغيرة منجزة حتى هذا الوقت من قبل مهاجرين قادمين من بلدان بعيدة، حيث إن دخولهم أصبح مقيّدا جدا.
 إنه من بين هؤلاء الأخيرين نجد العمال غير الشرعيين، الذين يقدر عددهم بنحو .500000
أما في ألمانيا، فإن النقاش حول الهجرة الذي عادة ما يترافق معه اعتداءات عنصرية ضد الأجانب القادمين من البلدان العربية والإسلامية، تركز حول السياسات المتبعة لتحقيق اندماج أفضل.
 فالأعضاء المرشحون للحصول على الجنسية الألمانية يتوجب عليهم أخذ دروس تعليمية للتكوين المدني، وتمويله من قبلهم، على أن يخضعوا في النهاية لامتحان قبول. إضافة إلى الالتزام بالولاء للدولة الألمانية، وإجراء اختبار لغة إجباري.
في هولندا، كان يوجد إجماع بين الأحزاب السياسية الرئيسية منذ مدة طويلة، حول مفهوم الاندماج “مع المحافظة على الهوية”. ومع ذلك، فإن هذه السياسية التي ترجمت على الأرض من خلال بناء المدارس الإسلامية والجوامع أو من خلال التعليم سواء باللغة العربية أو التركية، لم تقد إلى اندماج حقيقي.
بل إنها أثارت لامبالاة متبادلة وحافظت على التمييز العنصري الموجود في المعاهد التعليمية، والأحياء السكنية، وسوق العمل.
واليوم، لا تزال العلاقات متوترة بين الهولنديين من أصل أوروبي والهولنديين “الجدد”، لا سيما من الجالية المسلمة التي تعد مليوناً من أصل 16 مليون هولندي.
وتظل السياسية المشتركة لمنح اللجوء والهجرة المطبقة من قبل الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الأخيرة جزئية وقاصرة.
* كاتب اقتصادي  
(المصدر: صحيفة الخليج الإماراتية يوم 14 أوت 2006)

 

الأنظمة العربية بعد معركة لبنان : الوضع والاستحقاقات

 
14-أوت2006 مرسل الكسيبي*:

بعد أن وضعت معركة لبنان أوزارها بفشل اسرائيلي ذريع في استئصال حزب الله اللبناني والقضاء على قوته العسكرية الضاربة في العمق الاسرائيلي,بدى المشهد السياسي العربي والاسلامي أمام حالة فشل رسمي ذريع في مواجهة متطلبات العدوان الخارجي وتحديات استحقاق الاصلاح الداخلي,فلا الأنظمة العربية جيشت الجيوش للتصدي للعدوان على لبنان ولا هي بادرت الى توفير امكانيات الدعم المباشر للمتصدين لبطش الجبروت العسكري ولا هي استطاعت الحفاظ على بقايا ماء الوجه بعقد القمة العربية ولو من باب ذر الرماد في عيون الشعوب المحتقنة أمام مشاهد الموت والدمار والعبث بالعمران وعموم الكائنات الحية. لقد كانت الحرب السادسة والتي أفضل تسميتها بالمعركة السادسة دلالة على يقين بمعاودة اسرائيل الكرة مستقبلا في حق دول الجوار وعلى رأسها سوريا ومصر ولبنان و…,كانت هذه المعركة رافعة أسقطت اخر ورقات التوت التي تغطت بها عورة الأنظمة في مواجهة حر وقر غضبة الجماهير التي كثيرا مامنت نفسها برؤية فلسطين محررة وسائر مناطق الاحتلال. لقد كانت أنظمة الكرباج العربي تشنف أسماع شعوبها على مدار عقود سابقة بضرورات الوحدة الوطنية وماتتطلبه من صرامة وحزم سياسيين تجاه المعارضين من أجل التصدي للعدوان الخارجي وتحرير فلسطين ,أما اليوم فقد دخلت هذه الأنظمة اسطبل الطاعة والخنوع في مواجهة العدو الخارجي متجردة من شرعية تحرير فلسطين وعارية من مقولات الاصلاح الداخلي بعد أن تنادت كلها أو جلها الى تزييف الانتخابات والانقلاب على صناديقها والزج بالمعارضين في السجون والمعتقلات وتشريد أبناء الوطن الواحد في المنافي وأقاصي القارات. لقد خسرت الأنظمة العربية بعد معركة لبنان شرعية القضايا القومية والدينية على اعتبار ماتمثله فلسطين والقدس من ابعاد روحية ودينية في ضمير العرب والمسلمين وأضافت لمصيبتها هاته مصيبة فقدان التمثيل السياسي الحقيقي منذ أن أجهضت هذه الأنظمة أول تجربة ديمقراطية حقيقية في أكبر بلدان شمال افريقيا. ان الواقع العربي والاسلامي اليوم سينقل الشرعية في التمثيل كما نقلها بعد نكبة سنة 1967 من الطروحات اليسارية والقومية الى الطروحات المنبثقة من أرضية الهوية مع فارق مميز اليوم وهو اضافة البعد الحزبي والحركي والتنظيمي في مواجهة تحديات الداخل والخارج. واذا لم تواجه الأنظمة الرسمية تحدي الشرعيات السياسية الخارجية والداخلية بمصالحات وطنية حقيقية واصلاحات سياسية جادة تستوعب هذه القوى الطامحة للتغيير على أرضية الشراكة لا المغالبة فانها ستجد نفسها اجلا أوعاجلا أمام حالة اللاستقرار السياسي العام ,وذلك على خلفية ماحققه حزب الله اللبناني من نجاحات ميدانية في مواجهة واحد من أقوى خمسة جيوش في العالم وفشل أنظمة مزودة ببعض من أكبر جيوش العالم تعدادا كما هو حال الجيش المصري في الحد من مجازر يومية يتعرض لها شعبي لبنان وفلسطين.. ان معركة لبنان الأخيرة أعطت شرعية جديدة لنظامي دمشق وطهران على اعتبار تغطيتهما على نقائص الدمقرطة والحريات بدعم علني وواضح لقدرات حزب الله والشعب اللبناني في مواجهة الاعتداء الدموي غير المسبوق ,مما جدد لهما في مشروعية الحكم لفترة لاتقل عن عقد أو عقدين ,في حين أن أنظمة مصر والأردن ستجد نفسها لاحقا أمام أكبر تحدي جماهيري ومدني وذلك نظرا لما خلفته هذه المعركة من احراجات سياسية ومعنوية لانظمتها وجيوشها وخاصة أمام بعض المواقف المعلنة التي أدلى بها مبارك لوسائل الاعلام. ولعل تحديا اخر سيواجه قريبا النظام السعودي وسيكون موجها الى مذهبية الدولة وتسننها كما شرعية الحكم وأدوات استمداده وذلك على خلفية مواقف هذا النظام وبعض علمائه الرسميين من طبيعة المواجهة على أرض لبنان. أما أنظمة ليبيا وتونس والمغرب وموريتانيا فستشهد هي الأخرى احراجات سياسية على خلفية تبني بعضها لأطروحات التطبيع مع الدولة العبرية ولو أن بعضها بات يناور عبر اخفائه لعمق هذه العلاقات ومدى تطورها ,غير أنه ليس بالخافي على شعوب المنطقة مانسجه بعضها من أواصر القربى والمودة على حساب قمع وهرسلة القوى السياسية الممثلة لشرائح واسعة من الرأي العام. أما عن أنظمة الخليج الأصغر حجما من السعودية فانها ستحاول بلا شك المساهمة في اعادة اعمار لبنان من باب الرغبة الشديدة في احتواء بعض الشكوك المراودة لشعوبها فيما يخص التواجد العسكري المباشر لقوى وصفت بالحليفة فوق أرضها وسمائها وربما أيضا للالتفاف على شبهات تحوم حول مدى تقدم بعضها في ملف التطبيع. وخلاصة القول ان معركة لبنان الكبرى ستضع المنطقة أمام حراك سياسي جديد قد تكون فيه ايران وسوريا الرابح الأكبر ,كما ستكون فيه أنظمة مصر والسعودية والأردن الخاسر الأوفر حظا في مواجهة معارك الاحتجاج السياسي الداخلي ,غير أن المجتمعات المدنية العربية وقواها المستندة لشرعية الأخلاق والضمير الانساني العالمي ستكون الرابح الأوفر في تجاذبات الاصلاح السياسي الداخلي على أن هذا سيضاعف من حجم مسؤوليتها الداخلية والخارجية في مواجهة امال متعاظمة من الشعوب وضغوطات واكراهات ستكون أكبر من القوى النافذة في السياسة العالمية. تم نشر المقال على صحيفة الوسط التونسية http://www.tunisalwasat.com بتاريخ 14 أوت 2006 *كاتب واعلامي تونسي- reporteur2005@yahoo.de

 

قراءة في حرب تشرف على نهايتها

 
صلاح الدين الجورشي (*)   مرت الآن أربعة أسابيع وأنا غير قادر على استكمال مقال عن الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على لبنان. وكلما حاولت أن أتوغل في التحليل والاستنتاج، خانني قلمي ولم يسايرني على المضي في الكتابة. لعل ذلك يعود إلى سؤال طرحته على نفسي: لمن سأكتب؟ هل أتوجه إلى مقاتلي حزب الله لكي أشد من أزرهم في هذه الملحمة التي يخوضونها من دون توقف طيلة شهر بكامله؟ لكنهم لا يقرأون، لأنهم مشغولون بحرب اختلفت بكل المقاييس عن الحروب الخمس السابقة التي دارت بين العرب والإسرائيليين، والشجاعة التي أظهروها مع حسن إدارتهم للمعركة دفعت الجميع، بمن فيهم خصومهم، إلى إظهار الإعجاب بصمودهم المدهش.   هل أتوجه بالكتابة إلى القادة والحكومات العربية، أنتقدها على مواقفها، وأتساءل عن الأسباب التي قد تفسر أو تعلل تأخرها حتى عن مجرد إصدار بيان تنديد، يعلم الجميع أنه لن يكون له أي جدوى أو تأثير على مجريات الأحداث، قبل اجتماع وزراء خارجيتهم في بيروت؟ لكن متى كانت الأنظمة العربية تهتم بما يكتبه الصحافيون والمثقفون وبقية أصناف المواطنين! فهذه الأنظمة تعتقد بأنها الأكثر اطلاعا على خفايا الأمور، والأبعد نظرا من النخب والشعوب، وبالتالي الأكثر دراية بمصالح الأمة والأوطان. بمعنى آخر، سواء كتب الناس أو صرخوا أو احتجوا أو غضبوا، فلن يكون لكلامهم في العالم العربي أي معنى أو صدى.   أم أتوجه بالكتابة إلى الرأي العام العربي؟ وما الذي يمكن أن يقال لهؤلاء الملايين من المواطنين، الذين كلما حلت بالأمة مصيبة أو اندلعت حرب تسمروا أمام المذياع سابقا، وأمام التلفزيون حاليا، يبحثون عن انتصار ولو رمزي أو مغشوش. ولكن في هذه الحالة يخشى أن يتورط الواحد منا في تضخيم الوقائع والتوقعات والآمال، فيساهم مع الآخرين في ترويج الأوهام.   بعد كل هذا التردد الذي استمر شهرا، توقفت عند الملاحظات التالية:   المنطقة العربية حبلى بالحروب   فلا تكاد تنتهي حرب حتى تولد أخرى. وإذا كانت مناطق عديدة من العالم معرضة في كل مائة عام أو في نصف قرن لهزة كبرى، فإن ما يطلق عليه بالشرق الأوسط، مرشح باستمرار لهزة تلو الأخرى، وهو أشبه في هذا السياق بالمناطق التي رشحتها الطبيعة لتكون أكثر عرضة من غيرها للهزات الأرضية. ويطلق أهل الاختصاص على تلك البقاع وصف « مراكز النشاط الزلزالي ». ويشرحون ذلك بقولهم أن تلك المواقع تعتبر بمثابة « مخارج تنفس من خلالها الأرض عما يعتمل داخلها من طاقة قلقة تحتاج للانطلاق ». وهذا التعريف أو التعليل ينطبق تماما على تاريخ الشرق الأوسط، وحاضره. فموقعه الاستراتيجي، وتداخل مصالح الدول الكبرى والإقليمية في المنطقة جعل منه ركنا لإدارة الصراع بين كل هذه الأطراف. لكن العنصر الجديد الذي أضيف إلى هذه اللعبة الرهيبة، وزاد من تغذية العنف، هو تأسيس دولة إسرائيل العام 1948 على حساب الشعب الفلسطيني، وحقوقه الأساسية. ومنذ ذلك التاريخ، أصبحت وتيرة الحرب أقصر زمنيا، وأكثر دموية، وأشد وطأة في تداعياتها ونتائجها.   إنها حرب وليست مجرد رد فعل   هذا هو الإطار الطبيعي والمنطقي الذي تندرج ضمنه الحرب المزدوجة التي يشنها الجيش الإسرائيلي على الفلسطينيين من جهة، واللبنانيين من جهة أخرى. وإذا كان البعض يريد أن يقف عند التحليل الجزئي، فيعتبر أن سبب الحرب التي نعيش تحت وقعها المدمر يعود إلى أسر الجنود الثلاثة الإسرائيليين، فإن هؤلاء يسقطون من حسابهم المقدمات الرئيسة التي أدت إلى بقية التفاصيل. فأنا شخصيا، لا أزال أتساءل حول دلالات التوقيت الذي اختارته المقاومة اللبنانية لتنفيذ عمليتها، والجدوى من ذلك مقابل الحجم الضخم للخسائر. وبتعبير آخر، لو كان السيد حسن نصرالله، المعروف بحنكته وبعد نظره، يملك معطيات دقيقة حول حجم الرد الإسرائيلي، والتكلفة الباهظة لعملية أسر الجنديين، لاعتبر أن مصلحة الشعب اللبناني تقتضي تأجيل عملية « الوعد الصادق » إلى ظرف آخر، يكون فيه الجنود الإسرائيليون داخل الأراضي اللبنانية وليس خارجها. لكن مع ذلك، سيكون من السذاجة الاعتقاد بأن مخطط الحرب الذي نفذته القيادة الإسرائيلية بكل حقد وإصرار هو مجرد رد فعل ظرفي على ما قام به مقاتلو حزب الله.   إسرائيل حريصة على سد المنافذ   كنت في جلسة هادئة مع الشهيد « فتحي الشقاقي » بالعاصمة الليبية طرابلس، قبل أن يغتاله الموساد في مالطا. ومن جملة ما سألته: ألا تعتقد بأن كل جهاد لا بد من سقف سياسي له، وأن شعار تحرير فلسطين كل فلسطين، لا يمكن أن يشكل برنامجا واقعيا؟ لم يعترض هذا الزعيم التاريخي لحركة « الجهاد » على الإشكالية، لكنه لم تكن له ثقة في الطبقة الحاكمة في إسرائيل. بمعنى آخر، لا يوجد أحد، بمن في ذلك أكثر الذين خبروا قادة الدولة العبرية، وخالطوهم، وصادقوهم، وتفاوضوا معهم، يمكن أن يجزم بإمكانية إقامة اتفاق سلام دائم، مهما كانت طبيعة هذا الاتفاق ومحدوديته. هناك اعتقاد بدأ يسود لدى كثيرين ممن يوصفون عادة بـ »المعتدلين » داخل الصف الفلسطيني أو خارجه، مفاده أن طبيعة الدولة الإسرائيلية طبيعة عنفية، وأن المجتمع الإسرائيلي قائم على ثقافة حربية عدوانية مضادة للسلام. لقد أعلن مؤخرا المثقف المصري المعروف ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب، مصطفى الفقي « أعترف بأني كنت أعتقد بإمكانيات التعايش السلمي مع إسرائيل ». هده الظاهرة أو المعضلة يرفض الغربيون الاعتراف بها، رغم تعدد الأدلة والتجارب على صحتها. وبدل التوجه لمحاولة فهم هذه البنية السياسية والثقافية، والعمل على تغييرها أو تعديلها، تتوجه الأطراف الغربية نحو ممارسة كل الضغوط من أجل القضاء على كل مظاهر الممانعة والمقاومة أو تفكيكها، بحجة تجنب الانفجار، وتوفير الشروط المساعدة على تحقيق السلام. وهو أمر مستحيل، لأنه مضاد لطبائع الأشياء، ومناف لحركة التاريخ وسنة التدافع.    إن التاريخ يستند إلى التراكم، واللحظة الراهنة ليست وليدة اليوم، حتى وإن بدت كذلك في الظاهر. فحزب الله الذي تريد أطراف كثيرة التخلص منه بأي شكل وبأي ثمن، صنعه مخاض اجتماعي وسياسي وثقافي طويل عاشه شيعة جنوب لبنان، وكان قائما على الحرمان والتهميش، وتحددت ملامحه وتوجهاته في ظل الوجود الإسرائيلي المحتل للجنوب اللبناني. وإذا كان العامل الإقليمي قد تدخل بعد ذلك، ممثلا في الدعم الإيراني الثابت لهذا الحزب، فإن محاولة تحويل المسألة إلى مفاضلة بين الخطر الإسرائيلي والخطر الإيراني جهد يصب في حذف الذاكرة، وانغماس كامل في مخاوف اللحظة، وعدم الأخذ بعين الاعتبار الأهداف الاستراتيجية لإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية في هذا الظرف بالذات.   التحدي يتجاوز بكثير ثنائية شيعة-سنة   لا شك في أن هناك أطرافا لبنانية وعربية لها خلافات عميقة مع حزب الله، خاصة بعد أن كشف هذا الأخير عن قوة استثنائية، وبراعة في إدارة حرب مع عدو يملك أضخم ترسانة عسكرية في المنطقة. فلأول مرة تجد الأنظمة العربية نفسها أمام تنظيم سياسي وعسكري يتمتع بكل مقومات القدرة على كسب تعاطف الشعوب. لا يمكن بكل المقاييس القيام بمقارنة بين حزب الله وبين تنظيم القاعدة في أفغانستان؛ إنهما مشروعان مختلفان شكلا ومضمونا. أما السؤال فهو: كيف استطاع هذا الحزب، الشيعي المذهب، أن يكتسب كل هذا الحضور، وأن يجد كل هذا التأييد من حركات وجماهير سنية واسعة؟.   لن تفهم المسألة في عمقها إذا ما بقي السنة والشيعة حبيسي الإطار المذهبي الضيق. فحزب الله لن يحكم لبنان، ولم يطرح هذه المهمة على نفسه. ولو فكر لحظة في هذا الاختيار لانتهت شرعيته، وخسر مستقبله. أما الذين يعتقدون بأن المذهب هو الذي صنع الحزب، وبالتالي فإن مجرد تغيير مذهب بآخر سيكون بمثابة العلاج السحري لأوضاع الأمة، إنما هم واهمون ومخطئون في التحليل والتشخيص والاستنتاج. وتكفي الإشارة إلى وجود أطراف أخرى مثلا في العراق، تشترك مع حزب الله في المذهب، ولكنها تقف على النقيض منه في السياسة، وفي ترتيب الحلفاء والخصوم. وبالتالي، لا خوف على العقائد والمذاهب، فهي باقية على حالها، وإن كان جميعها ينتظر إعادة البناء والمراجعة حتى تكون في خدمة التحرر والنهوض، لا عامل فتنة وشد إلى الخلف. أليس هدا الظرف يشكل فرصة تاريخية لتحقيق مصالحة بين الطرفين، يتجاوز بها الإسلاميون تداعيات الفتنة الكبرى التي لا تزال تلاحقهم حتى اليوم.   لقد سبق أن قام الشعب الإيراني بثورة ضخمة، وانتصبت في إيران دولة مرتكزة على نظرية ولاية الفقيه، ورفع يومها شعار « تصدير الثورة » الذي فهمه البعض بأنه يعني تصدير النمودج. وظنت أطراف شيعية مذهبية شديدة المحافظة والانغلاق أن ما حدث يشكل فرصة لنشر المذهب وتعميمه. وقد نتج عن ذلك ظهور مجموعات شيعية محدودة هنا وهناك، لكن الأحداث بينت أن الخط السائد داخل علماء الشيعة كان مدركا بأن التحدي مختلف. كما أثبتت الوقائع بعد ذلك أن التحولات السياسية والاجتماعية هي الأساس في الحكم على الأحزاب والتيارات والدول.   نعم إنه انتصار رمزي لكنه مكلف   هل انتصر حزب الله؟ سؤال من الصعب الإجابة عنه بكل يسر وسرعة. الأكيد أنه صمد، ولم تنجح الآلة العسكرية الإسرائيلية في شطبه وإلغائه من الوجود. وكما قال الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بطرس بطرس غالي، فإن « صواريخ حزب الله قد غيرت من استراتيجية الشرق الأوسط، فليست العبرة بضم أراض جديدة، ولكن العبرة هي بناء السلام وبناء الثقة ».   لكن في المقابل، الأكيد أيضا، أن حالة لبنان قبل بداية الحرب أفضل بكثير مما هي عليه الآن. ويعلم العارفون بأن قادة الأحزاب والحركات الوطنية والدول يعتبرون أن أصعب القرارات التي تواجههم في تجاربهم هي قرار إعلان الحرب، وقرار اختيار السلم، خاصة إدا كان السلم تتحكم فيه أطراف دولية معادية. ومع ذلك، فإن الجميع ينتظرون التوجهات السياسة التي سينتهجها حزب الله بعد توقف المعارك. هل سيتحمل النقد الذي سيوجهه له البعض؟ وهل سيثبت بجدارة -مثلما فعل في المواجهة- قدرته وانضباطه على تعزيز إقامة دولة ديمقراطية حقيقية في لبنان؟ وهل سيعمل بنفس الإصرار على المحافظة على صيغة التعايش اللبناني، فيسقط بذلك رهان البعض الذين قالوا بأن لبنان مقبل على حرب أهلية بعد أن تحول حزب الله إلى « دولة داخل الدولة »؟   (*) كاتب وصحافي من تونس   (المصدر: جريدة الغد الأردنية بتاريخ 11 أوت 2006)

 

الولايات المتحدة قد تخسر نفوذها بالشرق الأوسط بسبب حرب لبنان

 
القدس (رويترز) – قد يكون نفوذ إدارة الرئيس الامريكي جورج بوش في الشرق الاوسط احدى خسائر الحرب في لبنان الامر الذي يعطي ايران الفرصة لتعزيز نفوذها في المنطقة.   ويقول محللون انه بالرغم من الهدنة التي تدعمها الولايات المتحدة والتي بدأ سريانها بين اسرائيل وحزب الله يوم الاثنين فان واشنطن تواجه تراجعا في مصداقيتها في المنطقة فضلا عن توتر علاقاتها مع المعتدلين من العرب وهو ما قد يقوض مسعاها الذي بدأ بعد أحداث 11 سبتمبر ايلول لنشر الديمقراطية في المنطقة.   ويغلي العالم العربي بالغضب ازاء عدم قيام بوش الذي شجع اجراء انتخابات حرة في لبنان بأي جهد لمنع اسرائيل من اضعاف الحكومة اللبنانية الجديدة بتدمير جزء كبير من البنية التحتية للبلاد في محاولة لشل حركة حزب الله.   لكن حالة من عدم الارتياح تنتشر أيضا بين الاسرائيليين بسبب جدل محتدم في واشنطن بشأن قيمة الدولة اليهودية كحليف استراتيجي ضد ايران بالنظر الى فشل جيشها المزود بأحدث الاسلحة والمعدات الامريكية في محاولته قهر جماعة مسلحة تدعمها ايران بعد شهر من القتال.   وقالت جوديث كيبر خبيرة شؤون الشرق الاوسط بمجلس العلاقات الخارجية في واشنطن « ايران ستخرج من هذا أكثر قوة بفضل المجد الذي حققه أداء حزب الله. »   وقال محللون ان رد فعل بوش الاولي الاعرج ازاء الصراع كان رد فعل ادارة منهكة بالفعل بسبب مشاكل السياسة الخارجية التي تعانيها والتي تتنوع بين حرب في العراق لا تحظى بتأييد وتحديين نوويين من قبل ايران وكوريا الشمالية.   وقالت كيبر « الادارة لا تؤدي أداء دبلوماسيا جيدا. »   وأوضح مسؤولون امريكيون منذ البداية أن بوش يريد أن يمنح لاسرائيل اطول مدة ممكنة للاضرار بحزب الله الذي كان تسبب في اندلاع هذه الحرب حين أسر جنديين اسرائيليين في غارة في 12 يوليو تموز.   وحين شنت اسرائيل هجمات جوية وبرية ورد حزب الله بامطار شمال اسرائيل بالصواريخ سارع بوش الى وضع المعركة في سياق صراع الخير ضد الشر في اطار الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد الارهاب وأنحى باللائمة على ايران وسوريا اللتين تدعمان الحزب.   وكان المسؤولون الامريكيون يأملون في أن يكون تسديد ضربة ساحقة لحزب الله بمثابة رسالة قاسية لطهران التي تنكر على اسرائيل حقها في الوجود والتي تحدت الجهود الدولية التي قادتها الولايات المتحدة لكبح جماح البرنامج النووي الايراني.   لكن بوش والاسرائيليين لم يتوقعوا صمود حزب الله. وتبنى المسؤولون الامريكيون وجهة نظر اكثر واقعية حيث اضطروا الى التخلي عن المطالبة بوضع جدول زمني لنزع سلاح حزب الله بشكل كامل في قرار وافق عليه مجلس الامن التابع للامم المتحدة يوم الجمعة.   ويدعو القرار الى نشر قوات لبنانية قوامها 15 الف فرد الى جانب عدد مماثل من افراد قوات حفظ السلام الدولية لاقامة منطقة خالية من مقاتلي حزب الله في جنوب لبنان.   وأدى اصرار الولايات المتحدة على السماح للقوات الاسرائيلية بالاستمرار في مواقعها لحين وصول قوات حفظ السلام الى تعزيز رؤية العالم العربي بانحياز واشنطن لاسرائيل التي تتلقى مساعدات عسكرية امريكية قيمتها مليارا دولار سنويا.   وقال معين رباني وهو محلل بالمجموعة الدولية لمعالجة الازمات مقره عمان « ايا كانت المصداقية التي كانت باقية للولايات المتحدة في المنطقة فقد قلت بدرجة كبيرة. »   وأثارت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس غضبا عربيا جما الشهر الماضي حين تحدثت عن الحرب واصفة اياها بأنها الام المخاض لميلاد شرق اوسط جديد خلال جولة دبلوماسية في المنطقة.   وكانت ردود الفعل على تصريحاتها انعكاسا للشكوك المتزايدة بشأن الغرض الاساسي لسياسة الادارة الامريكية لنشر الديمقراطية في المنطقة وهو الامر الذي ما زال كثيرون ينظرون اليه بارتياب بعد اكثر من ثلاثة أعوام من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق.   وما زال العراق فريسة صراع طائفي بعد الانتخابات التي شهدها فيما جاءت الانتخابات العامة الفلسطينية التي ضغطت واشنطن من أجل اجرائها بحركة المقاومة الاسلامية (حماس) الى رئاسة الحكومة الفلسطينية ورسخت انتخابات لبنان حزب الله كشريك صغير في الحكومة اللبنانية.   وطغت حرب لبنان على الصراع بين الاسرائيليين والفلسطينيين وحتى اذا صمد وقف اطلاق النار بين اسرائيل وحزب الله فمن المستبعد الى حد كبير أن تستأنف ادارة بوش جهودها المتوقفة منذ فترة طويلة من أجل السلام بين اسرائيل والفلسطينيين والتي تعتقد أنها لن تأتي بنتيجة تذكر.   وبالرغم من هذا فان المحلل الاسرائيلي يوسي الفر يقول ان الخطوات الخاطئة التي اتخذتها الولايات المتحدة تفتح الطريق امام دور ايراني اكبر في المنطقة كما أن رفض واشنطن أي اتصالات دبلوماسية مع طهران يحد من قدرتها على الرد.   ويعتقد أن ايران تنظر الى لبنان على أنه وسيلة لتذكير واشنطن بمدى تعرض مصالحها للخطر اذا سعت الادارة الى فرض عقوبات من الامم المتحدة على طهران بسبب طموحاتها النووية.   وأثار هذا جدلا بين بعض المنتقدين في واشنطن الذين عبروا عن خيبة أملهم لفشل اسرائيل في تسديد لطمة أقوى لحزب الله حيث أشاروا الى أن هذا أضر بقدرة الدولة اليهودية على لعب دور الرادع الاستراتيجي لايران.   لكن البريجادير جنرال الاسرائيلي يوسي كوبرواسر دافع عن أداء الجيش بقائمة تحت عنوان « ما قدمته اسرائيل للولايات المتحدة في الاونة الاخيرة » تشمل ما قال انها أدلة على حصول حزب الله على شحنات من الصواريخ من سوريا وايران.   من مات سبيتالنيك   (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 14 أوت 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

 

هيثم مناع لـ(آكي):  لا بد من التغيير في واشنطن لوقف دوامة العدوان في المنطقة العربية

 
دمشق (14 آب/ أغسطس) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء –
رغم معرفة وجهة نظر أهم الفاعلين السياسيين في القرار الدولي وأهم الأطراف السياسية في منطقة الشرق الأوسط اليوم، إلا أن القراءات الحقوقية والقانونية المتعلقة بـ (الحرب العربية ـ الإسرائيلية السادسة) التي وقفت آخر طلقاتها صباح اليوم (الاثنين)، لم ولن تجف قريباً. وفي سعي لمعرفة إن كانت قد تبلورت لمنظمات حقوق الإنسان وجهة نظر أم لا؟ وهل هناك خلاف في الوسط الحقوقي كما هو الحال في الوسط السياسي؟ وهل يمكن الحديث عن فتح جبهة القانون الدولي بعد وقف العمليات الهجومية. قال الدكتور هيثم مناع المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان في تصريح مطوّل لـ (آكي) يتعلق بالجانب الإنساني والنفسي لمعايشته لهذه الحرب قبل الوصول لحقوق الإنسان « لم أعش حالة استرجاع في الذاكرة واستحضار للمخزون الذهني ومكونات الذات الثقافية في عملية مراجعة ذاتية كالتي عشتها أثناء الحرب إلا يوم وصولي لمنفاي الباريسي عام 1978. أحسست بحالة اشمئزاز من السياسة العربية الرسمية لا سابق لها. أحياناً كنت أغلق الهاتف حتى لا أجري مقابلة لا أجد من الكلمات في قاموس الهجاء ما يلبي لاستعمالها بحق « رؤساء وملوك التعليمات العرب » الذين لم يعد الفعل السياسي كلمة موجودة في قاموسهم. فجأة شعرت بمدى العزلة التي يعيشها المواطن العربي المحروم من التعبير والتجمهر والتنظيم والخبز والتعليم فلا يجد للتنفيس سوى وضع جهاز التلفزيون في بيت ليس فيه من الحضارة الحديثة إلا شريط كهرباء يسمح لضحية فشل مشاريع النهضة والتنمية والتغيير بالتواصل مع العالم.. لذا لم أستغرب أن تغني شابات سافرات في ساحة التحرير لحزب الله، أو أن يصرخ باسمه علمانيون وشيوعيون. الحرب وضعتنا أمام النهاية المنطقية لما سمي بالحرب على الإرهاب، ما يسميه الفيلسوف الإيطالي جيورجيو أغامبن Giorgio Agamben (هشاشة الجسم القائم بالحرب على الإرهاب) ليتحول هو نفسه إلى إرهابي. الأمن حل محل الحرية، الحالة الاستثنائية محل القانون الدولي، احترام القانون الدولي أصبح نقيصة في ذهن صناع القرار الدولي والدولة الأقوى في الشرق الأوسط. لأول مرة أشعر بجسامة ما يمكن أن يترتب على احتقار وزير الدفاع الإسرائيلي لحقوق الإنسان وحق الآخر في الوجود. وما آلمني أكثر اعتبار المجتمع المشهدي الغربي لهذا أمراً عادياً ودفاع طبيعي عن النفس. لم أكن أتصور أن البشرية بعد أن منعت أكل لحم البشر يمكن أن تقبل في القرن الواحد والعشرين بإطلاق النار على جنازة فيتحول المشيع إلى تابوت، وأن يعتبر الأمر مجرد خطأ فني. أن تحدث أكثر من مجزرة قانا ولا يجرؤ مجلس الأمن على طلب لجنة تحقيق؟ الأمم المتحدة لا تجرؤ على المحاسبة في قضية مقتل جنودها، نحن نعيش حالة احتضار في الشرعية الدولية التي أنجبتها الحرب العالمية الثانية وبحاجة لإعادة النظر في أسس العلاقات الدولية من جديد ». وعن سبب تسميتها بنهاية حقبة وجيل أضاف مناع « لأن جيل المثقفين الذي لم يعد لديه قضية لم يعد لديه دور أو مكان. نحن أمام جلسة تحليل نفسي لكل من يكتب ويفكر. منذ 11 سبتمبر، عند عدد كبير من المثقفين تحوّل التأمل reflexion إلى منعكس reflex ، وصرنا نعيش حالة خلط بين العقل النقدي ولطم الذات وشتم الغير. نبحث عما يسميه الفرنسيون الجمل الصغيرة التي تستهوي الصحافة لنقول بأننا ما زلنا في صلب الأحداث. هناك جيل استنفد ذخيرته الفكرية والنضالية، وللأسف فهو لا يملك الجرأة لا على وضع تجربته على مشرح النقد أو الاستقالة بشرف. ويزيد في تعقيد حالته، أن السلطات التي همشته، هي التي حطمت ليس فقط مشروعه وطموحات شعوبها، بل كمون الطاقات الذاتية للمجتمع. اليوم هذه السلطات ليست فقط مطالبة بكشف حساب بل هي موضوع محاسبة على الأقل في الوعي الجماعي للناس. مئات آلاف الشبيبة الذين زجت بهم هذه الحرب للاهتمام بالشأن العام لن يتعرفوا على أنفسهم في أي حاكم عربي ». وفيما لو كانت حركة حقوق الإنسان قد دفعت ثمناً لما حدث، وتأثير ذلك عليها دولياً وإقليمياً، أوضح « الحركة تدفع ثمناً لتراجع الزخم الذي عاشته في 1993 إلى أدنى درجة على صعيد التزام الدول والتعبئة في المجتمعات المدنية على الصعيد العالمي. لا شك بأن عدم اكتراث الإدارة الأمريكية بالمظاهرات المليونية التي سبقت احتلال العراق قد ترك جرحاً عميقاً عند أنصار السلام وإحباط كبير لمن آمن بالاحتجاج السلمي. انتهاكات حقوق الإنسان في غوانتانامو وأبو غريب وتحول التجربة العراقية إلى مصنع للموت اليومي أعاد الثقة لمناهضي السياسة الأمريكية وجعل قطاعات مدنية واسعة تقول: نعم كان معنا كل الحق في مناهضة الحرب. ولكن هناك ما يمكن تسميته حالة استعصاء في جبهة مقاومة السياسة الأمريكية على الصعيد الحقوقي. الإدارة الحالية تلاحقنا في كل ما نبادر له، تهدد الدول التي نقيم فيها دعاوى قضائية، تجبر من وقع اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية على توقيع اتفاق ثنائي معها يضعها فوق المحاسبة. تلاحق النسيج المدني للجمعيات الإنسانية والحقوقية الذي يعزز مقاومة المجتمعات في وجه التسلط. نحن نعيش عولمة حالة الطوارئ ونحاول أن نواجهها بعولمة العدالة الدولية. المعركة غير متكافئة ولا بد من خلق وعي أممي بضرورة الوقوف في وجه بربرية القوة وفي معسكر العدالة. لذا واجبنا توثيق جرائم الحرب والاستفادة من الهامش الذي تسمح به قوانين بعض الدول الأوربية لإقامة دعاوى قضائية ضمن الاختصاص الجنائي العالمي universal jurisdiction لكي نعيد بناء الجسور بين المجتمع المدني الأوربي والعربي، بين منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية. نحن في مواجهة أشرس معركة ضد ما أنجزته البشرية منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. الإدارة الأمريكية الحالية لا تريد أن تسمع تعبير حقوق الشعوب أو القانون الإنساني الدولي. عندما يرد وزير العدل الأمريكي على قرار المحكمة الدستورية العليا الأمريكية حول غوانتانامو بأن هذا السجن سيبقى للأبد كيف يمكن أن ننتظر منه قراراً عادلاً حول لبنان ». وأخيراً اعتبر مناع الناشط العربي المعروف أن لبنان « حلقة في الحروب المدمرة التي تعتبرها الإدارة الأمريكية جزءاً من عملية مخاض شرق أوسط جديد ». وأعرب عن قناعته بأن هذه الإدارة « غير قادرة على وقف التدهور الإقليمي والدولي لأنها مقتنعة بأنه جزء من إستراتيجية أمنها القومي »، مشدداً على أنه « لا بد من التغيير في واشنطن من أجل وقف دوامة العدوان في المنطقة، ولا بد من مقاومة مجتمعية واسعة النطاق في المنطقة والعالم من أجل ضمان هذا التغيير في واشنطن ».
 
(المصدر: موقع وكالة « آكي » الإطالية للآنباء بتاريخ 14 أوت 2005)
http://www.adnki.com/index_2Level_Arab.php?cat=Politics&loid=8.0.330311030&par=0

 

 

بعد شهر من العدوان بعض النقاط على بعض الحروف

 

نوال السباعي (*)   مر شهر على عملية العدوان الهمجي الوحشي الذي تشنه دولة الكيان الإسرائيلي على لبنان, لم يكن أحد يتوقع أن تستمر هذه المعركة شهراً وهي تنذر بأن تتمخض عن معارك متطاولة في المنطقة.   المنطقة العربية تمور بغليان فكري وسياسي وعقدي, والأنظمة الحاكمة فيها باتت مِنسأة متآكلة تنذر بسقوط مدَوٍ لولا أنه لا بدائل في الساحة، والعالم يتفرج متحالف بصمته تارة وبمنع وصول الحقائق إلى شعوب الأرض تارة أخرى.   والنتائج السياسية والعسكرية والجغرافية بل والتاريخية التي ستترتب على ما يحصل اليوم في لبنان ستكون مدوية على كل الصعد, وخاصة فيما يتعلق بوضع الولايات المتحدة الأميركية وموقعها في الإمساك حتى الساعة بما تظنه كل خيوط اللعبة.   إسرائيل ومن ورائها « وليّة أمرها حالياً » الولايات المتحدة الأميركية كانت تظن أن قوتها الباطشة وقدرتها على التدمير والسحق والذبح سوف تمكنها من ردع المجاهدين في الجنوب اللبناني خلال أيام.   وقد تصورت أنها بتنفيذ مشروعها الإجرامي الذي كانت قد أعدت له بدقة متناهية وخلال وقت ليس بالقصير سترغمهم على الاستسلام وتسليم الجنديين الأسيرين.   أما الذين أشاعوا أن الجيش الإسرائيلي كان قد تفاجأ بقدرة هؤلاء المقاومين على الصمود, فقد كانوا يروجون لمقولة كاذبة وما ذلك إلا لمآرب في نفوسهم تتبدى مع الأيام لكل مراقب، فجيش إسرائيل « الذي لا يهزم » لا يمكن أن تفاجئه قدرة المقاومين اللبنانيين على الصمود.   ومعروف أن هذا الجيش خبر قدرة المجاهدين الفلسطينيين ستين عاما على الرباط والقتال بأبسط أنواع الأسلحة, وعشق الشعب اللبناني للشهادة حين يمتحن بها لا يختلف في شيء عن عشق الشعب الفلسطيني من قبله لها, وقدرة شعب الجنوب اللبناني على الصبر وتحمل الألم والجراح والمأساة مطابقة لقدرة الشعب الفلسطيني على المصابرة.   الجديد الذي فاجأ الجيش الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية وربما حكومة الولايات المتحدة ومن ورائها كل حلفائها من جهة وكل التابعين لها من جهة أخرى, هو صمود الجبهة اللبنانية الداخلية, هذا الموقف الوحدوي المذهل حتى الآن.   وهذا الالتفاف الوطني الكامل الذي لا يكاد يشق عصا الطاعة فيه إلا بعض الأصوات الشاذة هنا وهناك. هو الذي فاجأ إسرائيل التي كانت قد خططت مسبقاً وبدقة كبيرة لشن هذا العدوان على لبنان, وكان أحد أهم المحاور التي رجتها في تخطيطها ذاك ضرب الصف اللبناني الداخلي, وزلزلة الوحدة الوطنية في هذا البلد الاستثنائي بكل المقاييس.   هذا الموقف الوطني المصيري كان المفاجأة الحقيقية لكل قوى الاستكبار في الأرض التي أقامت كل مخططاتها الإستراتيجية في هذه المنطقة على مبدأ التفتيت والتشتيت الذي راهن دائما على الخلافات الطائفية والدينية والعرقية.   صمود المقاومة كان مدعوماً ومدعما بصمود وطن من ورائه, وطن فسيفسائي لكنه استطاع أن يقف كمارد في وجه الإعصار في زمن عجزت فيه كل حكومات المنطقة مجتمعة عن وقفة شريفة مماثلة.   لقد تعلم لبنان الدرس القاسي الرهيب الذي غرق في مستنقعه سبعة عشر عاما منسيا في لجج حرب أهلية قذرة ككل الحروب الأهلية.   لكن أمرا آخر كان مسببا للإرباك بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، بل ولكل حلفائها من الغربيين وكل أتباعها من حكام العرب, موقف جعل كل مخططات القوم هباء منثورا في هذا العدوان، موقف تاريخي لن ينسى ولن يذهب سدى, وهو موقف الشارع العربي الذي وقف جبهة واحدة ملتحمة مع المقاومة اللبنانية كما كانت وقفته بالضبط مع المقاومة الفلسطينية ومازالت, بكل فئاته, بكل انتماآته, بكل أطيافه.   سبق الشارع العربي ساسته وكبراءه ومفكريه والنخبة الثقافية والقيادات الاجتماعية والدينية فيه بألف سنة ضوئية من الوعي السياسي والديني بوقفة مشرفة مع كل من يقوم بواجب الجهاد الحقيقي في وجه كل هذا الحقد الاستعماري الاستيطاني في بلادنا, مواقف أجمعت على التسامي على كل الخلافات: التاريخية منها, والدائبة, وحتى القائمة اليوم جروحاً تنزف في بغداد وغير بغداد.   وقد رفد هذا الموقف موقف رجال الفكر والسياسة من النخبة التي سارعت لتلقف الإرادة الشعبية في المنطقة العربية فصدرت عن موقف موحد من المقاومة ومما يجري على الأرض اللبنانية اليوم.   إصرار قادة العدو من كبار مجرمي الحروب من عسكر ومدنيين وإعلاميين على تأجيج الفتنة الطائفية في المنطقة العربية, أجهضته شعوب المنطقة وهي تصر على أن هذه المقاومة إنما تنافح عن شرف الأمة في هذا الوقت العصيب.   أسر الجنديين لم يأت من منطلق مخطط « شيعي جهنمي » ولكنه أتى من ضرورة إستراتيجية فرضتها المذبحة القائمة في غزة والقطاع على الشعب الفلسطيني الأعزل الذي تسومه إسرائيل سوء العذاب بتواطؤ مكشوف مباشر أو غير مباشر مع الأنظمة الحاكمة في المنطقة العربية.   بعضها يحمي حدود إسرائيل بتشكيله ذلك الطوق الجغرافي العسكري الذي لم تكن مهمته خلال أربعين عاما إلا الضغط على أعناق الفلسطينيين إلى درجة الاختناق, وينبطح بعضها الآخر دون حياء بين يدي الولايات المتحدة إلى درجة سقط معها لحم الوجوه ولكن لم يسقط فيها الحياء، ويغض بعضها الآخر الطرف متخبطا في فقره أو تخلفه أو استشراء الفساد في جميع هياكله.   الإصرار الإسرائيلي الإعلامي والرسمي والعسكري على توريط بعض الأنظمة العربية في التواطؤ مع هذا العدوان لم يكن إلا كذبا صراحاً, كذبا إعلاميا من قبل قادة مغرقين في الغباء, إحدى مشكلات الذين خططوا لهذه الحرب من الإسرائيليين أنهم لم ينتبهوا إلى أن نسبة الأمية في المنطقة العربية اليوم تتجاوز 70%.   هذه الأمية لم تكن سلاحاً في يد العرب كما هي عليه اليوم في هذه المعركة بالذات, لأنها كانت السبب المباشر في تطهير الشارع العربي من جراثيم تأجيج الأحقاد الطائفية المستعرة نيراناً سوداء تأكل قلوب الآلاف من مدمني الإنترنت من كلا الطائفتين السنية والشيعية، خاصة في بلاد الخليج العربي.   وهذا ما أخر القوم في قبول موقف الشارع العربي, لكنهم في النهاية قبلوه وكفروا عن ذنبهم بطريقة اعتبرها الشارع العربي مشرفة على الرغم من مواقف بعض الفضائيات التي أحبت أن تعزف على هذا الوتر المؤلم.   وإن كان هناك من مشروع « إيراني مزعوم » في المنطقة, أو مشروع « إسرائيلي-أميركي ظاهر للعيان » فلقد تأكد الجميع اليوم بأن كلا المشروعين يمكن إجهاضه والوقوف في وجهه بسبب هذه الوقفات الشعبية الواعية الشريفة, الوطنية في لبنان, والجماهيرية في الشارع الناطق بالعربية الممتد من الدار البيضاء في المغرب وحتى المنامة في البحرين.   ولا بد من أخذ بُعد الشقة بين المشروعين بعين الاعتبار, فالأول -إن سلمنا بوجوده- ينطلق من بعدٍ عقدي بصير يتعلق بمصير القضية الفلسطينية التي فشل « العرب » بكل مشروعاتهم القومية والثورية والوطنية في خدمته كما ينبغي.   ويستند إلى تخطيط واع وعمل دؤوب لاستلام الراية ممن دنسوها بتخاذل بعضهم, وقعود البعض الآخر, وتخبط آخرين في ادعاءات جهادية غير صائبة لم تجلب على المسلمين إلا الويلات في طول الأرض وعرضها.   وليس الوقت وقت معالجة الأزمة الإيرانية العربية المستعصية منذ قرون, هناك عدو مشترك متربص بالأمة كلها, ولابد والحال هذه من التصرف بحكمة وحنكة وجمع الجهود لا تشتيتها.   من المثير للجدل والشفقة في هذه الأيام انكشاف كل هذا الحجم المؤلم من العجز العربي على كل الصعد, فلا وجود للأنظمة العربية إلا في كراسي السلطة وداخل ترسانات عسكرية لم تعد إلا لحماية هذه الأنظمة وقهر وقمع أي تطلع لدى شعوبها إلى الحرية والكرامة, لكن الأدهى والأمر هو غياب البدائل السياسية في المنطقة.   في سبيل الوصول إلى السلطة دون التفكير في إعادة تربية المجتمعات, انشغلت الحركات الإسلامية واليسارية في المنطقة العربية خلال نصف قرن بصراعات مريرة بينها من جهة ومع النظم البوليسية القمعية التي تضاهي الكيان الإسرائيلي نفسه في توحشه وهمجيته لدى التعامل مع معارضيها من جهة أخرى.   وهذا ما ترك الساحة خالية تماما من الكوادر القيادية القادرة على إنقاذ الموقف في مثل هذه المحنة المزلزلة, وانكشفت المجتمعات عن ملايين لم تتلق خلال قرن كامل أية توجيهات تربوية جماعية تمكنها من الاستعداد لمثل هذه المحن, ملايين لا تحسن ولا حتى الكلام، لا إعداد ولا استعداد ولا قدرة على التفكير السليم ولا الفعل المؤثر.   غياب الإستراتيجيات المستقبلية لم يكن مرض الحكام فحسب, ولكنه مرض أحاط بقيادات المجتمع السياسية والدينية والفكرية والثقافية –مع الاعتذار لكلمة قيادات- إنه مرض فتك بالجميع, وقد تجلى أثناء هذا الشهر من العدوان على لبنان بعجز كامل مفضوح ليس من أكثر مظاهره إيلاما ادعاء كل هذه العنتريات عبر الفضائيات.   ثلاثة بلدان عربية فقط يمكننا استثناؤها من هذا الواقع, وهي لبنان وفلسطين والمملكة المغربية, لبنان وفلسطين بسبب هامش الحريات التي يفرضه عليها قدر المواجهة المباشرة مع العدو, أما المغرب فبسبب تماسه المباشر مع الحضارة الأوروبية ووجود نوع من المواجهة غير المعلنة الثقافية والاجتماعية والإنسانية في تلك المنطقة بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط عبر المضيق.   ليس فيما نقول جلد للذات، إنه تقرير واقع ما لم نعترف به لن نهتدي قط إلى سبل الخروج منه، حتى لو امتد صراعنا مع العدو إلى يوم القيامة.   ليست مشكلتنا اليوم في الآخرين بقدر ما هي في أنفسنا, إن الولايات المتحدة التي تريد امتلاك المنطقة بثرواتها وإنسانها وحاضرها ومستقبلها, لا تستطيع بكل إستراتيجياتها أن تفلح في وجه شعوب تمتلك رؤية واضحة.   ولا يستطيع جيش على وجه الأرض أن يهزم أمة مهما بلغ جبروته وقوته وسطوته وتوحشه إلا إذا كانت هذه الأمة مهزومة من داخلها, وإن أرغمت هذه الأمة في مرحلة من المراحل على التراجع والانسحاب من بعض المواقع وإعلان فشلها في كسب بعض السجالات.   أحد أعظم مقومات هزيمتنا اليوم هو عدم وضوح رؤيتنا للموضوع الطائفي, ولئن استطاعت مقولات القومية العربية امتصاص النزاعات الدينية بين المسلمين والنصارى في عامة البلدان العربية –إلى حين- فإنها لم تستطع القضاء على الأحقاد التاريخية بين السنة والشيعة.   هذا الشقاق الطائفي الذي يمتد إلى أكثر من ألف وأربعمائة عام بالغ الخطورة ومؤجج من كلا الطرفين على حد سواء, ولكنه قابل لأن يوظف لمصلحة الأمة وقوتها ومنعتها, بدلا من أن نتخذ من إيران عدوا لدودا وهي إحدى أكبر الدول الإسلامية في المنطقة.   كان ينبغي أن تكون إيران حليفا إستراتيجيا لحكام المنطقة, إذ كانت إحدى أهم بل أبرز المخططات الاستعمارية التي أُعدت لإنهاء القضية الفلسطينية هي سلخها عن لحمتها الإسلامية, قبل أن تنزع منها صبغتها العربية, لتصبح في أيام « أوسلو » شأنا فلسطينيا محليا بل بندا على قائمة اهتمامات الحكومة الفلسطينية المحلية في حينه.   لكن ثبات الفلسطينيين في انتفاضتهم الأخيرة وراء سيد شهدائنا اليوم الشيخ أحمد ياسين بوعيه الاستثنائي المتميز, أعاد القضية إلى لحمتها العربية, وانتشار الصحوة الإسلامية في طول العالم وعرضه أرجع فلسطين وقضيتها إلى بعدها الإسلامي الذي ما كان ينبغي أن تنسلخ منه أبدا.   إيران بدورها, لم تقم بكبير جهد، بعد ولا قبل الحرب العراقية الإيرانية، يطمئن العرب من حولها إلى صدق نواياها تجاههم ومن ثم تجاه القضية الفلسطينية.   والأزمة الطائفية اليوم في العراق لم تصنع إلا تثبيت المخاوف على كل صعيد, إذ كان الأجدر بهؤلاء الملطخة أيديهم بدماء إخوانهم من جميع الفرقاء في العراق أن يعلموا أن معركتهم ليست حول دجلة ولكن في الليطاني، وأن هذه المذابح التي تجري في العراق على أيدي مدعي الجهاد من الطرفين إنما هي هدايا ممتازة تقدم رؤوسنا على أطباق من ذهب لهؤلاء الذين يجلسون في البيوت البيضاء ينتظرون جني كل المكاسب ممن لا يفقهون أن مصائرهم جميعا في هذا الاقتتال الطائفي إلى جهنم الدنيا والآخرة.   في الواقع لا نعجب كثيرا لهذا الوضع الإعلامي الغربي الذي يقلب كل الحقائق ويشوهها, ويمنح البعض حقوقا يمنعها عن الآخرين, ولكن عجبا لمن يندد من العرب باستخدام حزب الله صواريخ إيرانية للدفاع عن الأرض والعرض.   كيف لا يعجب بالطريقة ذاتها لاستخدام إسرائيل أباتشيات أميركية للاغتيال والقتل والذبح والترويع والقضاء على كل من يفكر في المقاومة؟   لقد كان التزام « روح المقاومة » أكبر « جريمة » ارتكبها حزب الله كما ارتكبها من قبله الشعب الفلسطيني المصابر الصامد, و »إرادة المقاومة » هي السبب الوحيد الكامن وراء اعتبار إسرائيل معركتها اليوم في لبنان معركة وجود.   ذلك أن انتشار بذور المقاومة في الأمة هو الأمر الذي تقاتل دونه إسرائيل اليوم قتال المستميت وتقف معها في سبيله وبكل ثقلها الولايات المتحدة.   والقضاء على روح المقاومة التي ظهرت أعراضها متمكنة من اللبنانيين هو السبب الرئيس الذي يدعو الغرب للتواطؤ بالصمت سياسيا وإعلاميا, وبكل أطيافه وقواه وتوجهاته من أجل اجتثاث هذه الكلمة -المقاومة- حتى من قاموس التداول اللغوي العالمي لاستبدالها بكلمة « الإرهاب » الهيولية المعنى والمآرب.   إن القوم ليسوا مستعدين لاحتمال انتشار هذا « الجرثوم المعدي » عبر الجغرافيا العربية، بل العالمية, لأنهم يعرفون أن العدوى به بالغة الخطورة على مصالحهم ومدنيتهم ووجودهم.   ولعل ظهور حقيقة ما يجري في أرضنا من مقاومة سيجعلنا نرى في الجنوب اللبناني مقاومين من مواطني الدول الأوروبية نفسها من الشرفاء الذين يرفضون الظلم وانتهاك حقوق الإنسان بهذه الطريقة الوحشية, لا من إيران كما تدعي إسرائيل كذبا وجورا وتأجيجا للفتن.   قلب الحقائق وتشويهها في الإعلام الغربي والتعمية المنظمة المدروسة المتعمدة لما يحدث في لبنان جريمة تاريخية إنسانية كبرى، وبكل معنى الجريمة، ترمي إلى تغييب المواطن الأوروبي عن المذابح التي يندى لها جبين البشرية.   ولكنها جريمة يشارك فيها أصحاب الملايين العربية المزهقة على موائد الخمر والقمار والفضائيات الفضائحية, دون أن يفكر أحد منهم بإنفاق أمواله على وسائل الإعلام العالمية لا لتتخذ مواقف تناصر الحق العربي, ولكن فقط لاتخاذ مواقف تدعم الحق والعدل والحقيقة في هذا العالم الكئيب.   الفكر الأصولي الاستعماري الصهيوني الإمبريالي, الذي لم يعد يرمي إلى السيطرة على المنطقة العربية فحسب، وإنما تفجيرها من داخلها بعوامل التفتيت الديني والطائفي ليمتلك ثرواتها وحياتها وموتها, لن يجد لنفسه من سبيل في ديارنا إذا نحن استطعنا مواصلة الصمود والالتحام مع المقاومة التي لن تكون ولا ينبغي أن تكون وقفا على مجاهدي حزب الله وحماس.   المقاومة يجب أن تصبح عقيدة ثابتة في قلوب شباب الأمة, والأمة بكل انتماءاتها الدينية والطائفية والعرقية والمذهبية والسياسية والفكرية يجب التفافها لتبني المقاومة, سياسيا وماليا وإعلاميا.   عندها سيوقف مد كل الإستراتيجيات الأميركية التي تريد إشاعة « الفوضى الخلاقة » في أرضنا, فوضى ترجو من ورائها « خلق » أجواء تقضي على كل المُقومات الضرورية لوحدة هذه الأمة.   نهاية الحلم الإمبراطوري الانتحاري الأميركي ستكون في المنطقة العربية عندما تنبذ شعوب المنطقة الطائفية المقيتة وتحول اقتتالها الفئوي نحو عدوها المتوحش المتربص بها.   وعندما تقوم بواجبها في إعادة صياغة رؤاها التربوية الإنسانية والإعداد العسكري والإعلامي والاجتماعي الذي يردع العدو ويتركه في مكانه الحقيقي والطبيعي مشلولا رغم كل جبروته العسكري عن مواجهة إنسان لا يتردد في الموت في سبيل أن تحيا أمته, بعد أن سدت في وجهه كل السبل التي تمكنه من الحياة الحرة الكريمة الشريفة.   سيكتب التاريخ أنه لدى بدء العدوان الإسرائيلي الوحشي الهمجي على لبنان في مطلع القرن الحادي والعشرين الميلادي استطاعت هذه الأمة أن تقلب معايير النصر والهزيمة المتعارف عليها حتى الساعة, وأن تقف وقفة رجل واحد ضاربة عرض الحائط بكل خلافاتها الشيطانية لتدافع عن حقها في الحياة وفي الوجود وفي قول كلمة « لا » للمستعمر الذي يريد أن يمتص دماء أطفالها التي تنزف.   سيكتب التاريخ أن نهاية الولايات المتحدة وأداتها الضاربة في أرضنا والتي تسمى « إسرائيل » كانت على أيدي من بقي من أطفال « قانا » الذين زحف نحوهم كل أطفال هذه الأمة الذين لم يترك العدو لهم من طريق آخر للحياة إلا طريق الوحدة والمقاومة.   (*) كاتبة سورية   (المصدر: ركن « المعرفة » بموقع الجزيرة.نت بتاريخ 13 أوت 2006)


الوزير … في «ورطة»!

 

جميل الذيابي       لم يجرؤ احد على المطالبة، باسم جامعة الدول العربية، دولة قطر كونها أحد أعضائها، بعدم السماح للطائرات الأميركية بنقل القنابل الذكية من أراضيها إلى إسرائيل، لتقتل اللبنانيين وتدمر لبنان، وهو عضو في الجامعة العربية أيضاً. لكن منظمة العفو الدولية «أمنستي إنترناشيونال» لاحظت الصمت العربي والعالمي أمام نقل القنابل الذكية من الدوحة إلى تل أبيب، فسارعت الى البعث برسالة إلى السلطات القطرية تطالبها بمنع إقلاع الطائرات الأميركية لإمداد الجيش الإسرائيلي بـ «القنابل الذكية»، ضمن جهودها لوقف إطلاق النار في لبنان، وتأمين منع إرسال السلاح لإسرائيل و «حزب الله» من أجل وقف القتال بينهما.   ولم تكتف بذلك، بل اعتبرت منظمة العفو، وبحسب القانون الدولي، أن مجرد إقلاع الطائرات من الأراضي القطرية محمّلة بالقنابل الذكية، يأتي في سياق المشاركة في جرائم الحرب.   وحددت المتحدثة الإعلامية للمنظمة نيكول شويري، بالاسم، كلاً من الولايات المتحدة، كونها مصدر السلاح الأول في العالم لإسرائيل، وقطر وبريطانيا، خصوصاً بعدما أشارت التقارير إلى تسهيل الدولتين الأخيرتين مرور الأسلحة المتجهة إلى إسرائيل.   الغريب أن وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر، لم يجد مبرراً ليقوله، عندما سُئل في حوار تلفزيوني على قناة «الجزيرة»، عن نقل «القنابل الذكية» من بلاده لإسرائيل وخروجها، فأجاب وهو مرتبك كالآتي: «ما أدري إنها خرجت، ولكن سنحقق في الموضوع لنتأكد من ذلك»!!!   وفي الأسبوع الماضي تساءلت، كيف يجيب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري بمثل هذه الإجابة الفضفاضة، وهو في منصب يجب عليه معرفة كل ما يدور في أروقة بلاده.   كان وصف الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، الذي سحب سفيره من تل أبيب احتجاجاً على قتل المدنيين في «مجزرة قانا»، دقيقاً عندما دعا قطر الى إغلاق المكتب التجاري الإسرائيلي لديها.   إن ما يحاول وزير الخارجية القطري القيام به في عباءة المتدثر بالحرص على الشعوب والمصالح العربية، بات مكشوفاً على المستويات كافة، وإلا لماذا لا يرد على تساؤلات «منظمة العفو»، التي استفسرت عن سماحه للطائرات بنقل أسلحة إلى إسرائيل؟   وفعلاً، كما يُقال، يأتي الحق أولاً ثم الباطل أخيراً، وما وقع فيه وزير خارجية قطر من وصف المقاتلين اللبنانيين بـ «الإرهابيين» في الأمم المتحدة، هو الواقع الذي يقوله سراً بين أصدقائه الأميركيين والإسرائيليين. فعلى من يحاولون إيجاد المبررات له، على اعتبار أن تصريحاته كانت «زلّة لسان»، النطق بالصدق وقول الحقيقة وعدم استسهال مثل هذه الأقوال، خصوصاً أنه تحدث أيضاً عن «مشروع حرب أهلية لبنانية» خلال حضوره اجتماع وزراء الخارجية العرب في بيروت أخيراً، وهذا خروج عن الاسلوب الديبلوماسي من فوق الأراضي اللبنانية، ومحاولة لتكريس فشل التعايش السلمي اللبناني بعد دخول «حزب الله» في حرب اعلنت حكومته أنها لم تكن باختيارها.   وما أدعو وزير خارجية قطر إليه، إن كان منصفاً، أن يبلّغ الشعوب العربية كافة، والجامعة العربية، وعلى الهواء مباشرة، بفحوى ما دار بينه وبين نظيره الإسرائيلي السابق سلفان شالوم، خلال اجتماعات قمة الأمم المتحدة في نيويورك العام الماضي، وتحديداً يوم الثلثاء 13-9-2005. وماذا قال له شالوم، وبماذا ردّ استجابة لتلك المطالب.   أؤكد لكم لو قال كل الحقيقة سيكون في «ورطة» في كل البلاد العربية من المحيط إلى الخليج، وأولها عند إخوتنا في قطر… لكن لا أعتقد أنه قادر على التحدث عمّا دار في تلك الجلسة العلنية السرية.   (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 14 أوت 2006)


مأزق «حزب الله» ومأزق المنطقة

 

صلاح النصراوي (*)   تدور رحى حرب الشرق الأوسط الجديدة على جبهتها العربية تحت راية «حزب الله»، وفي ذلك دلالات أكثر من رمزية، الحرب الأولى دارت تحت رايات الأنظمة العربية والحربان اللتان تلتاها دارتا تحت راية القومية العربية بطبعتيها الناصرية والبعثية، ثم دارت حرب أخرى تحت راية ياسر عرفات التي اصطفت وراءها التيارات التي أفرزتها مرحلة انكسار المشروع القومي.   أما هذه الحرب فقد كان طبيعيا، في زمن المد الأصولي، أن تخاض تحت راية «حزب الله»، مما يطرح سؤالا عما إذا كانت دائرة الصراع الآن قد استكملت دورتها حول كل الرايات السياسية والعقائدية المرفوعة في عالمنا العربي منذ أكثر من ستين عاما، مما يفتح باب التكهنات واسعا ليس حول مستقبل هذا الصراع القاسي والمرير فقط، بل عن مستقبل المنطقة برمتها، في ما إذا أثبت واقعها المزري أنه أكثر حضورا من التوقعات، من نوع اعتبار «حزب الله»، أنه يخوض «آخر حروب إسرائيل»، والمعنى هنا واضح.   تتطلب الإجابة عن هذا السؤال ومحاولة استكشاف التوقعات الناتجة عن هذه الحرب العودة إلى شيء من تاريخ الصراع، خصوصاً ذلك الجزء الذي عايشته الأجيال العربية الحالية، وبالخصوص تلك التي تمتلك القدرة على أن تنظر إليه الآن متجردة من الافتتنان المفرط في أساطيره ومن عادة التحديق النرجسي في الصورة القومية، وكذلك من خلال الرغبة في التعلم من تجارب الماضي الأليمة بهدف إعادة اكتشاف الذات، على اعتبار أن القراءة النقدية للتاريخ هي من الضروريات الأساسية للخروج من نفق التراجيديا الكبرى الذي دخلت فيه المنطقة منذ أكثر من ستين عاماً. فالمشكلة الحقيقية في ما يحدث الآن هي أن التاريخ يعيد نفسه، كما ظل يفعل منذ ذلك الحين، بينما يغيب النقاش الجوهري باسم الضرورات المختلفة، وكأن تاريخ الصراع الطويل هو مجرد قصة من قصص النوم التي تروى للأطفال، وليس وعاء للذاكرة القومية وعملية تعلم ضرورية، يتحمل المنخرطون فيها مسؤوليتهم تجاه الحاضر والمستقبل.   لا يجادل أحد أن العرب منذ عام 1948 هم ضحايا أكبر عملية افتئات جرت في التاريخ البشري الحديث، وأن إسرائيل – مهما حاول المرء أن يزين هذه الحقيقة بدعاوى أخرى – تصرفت منذ ذلك الحين بأسلوب المنتصر، الذي يحاول أن يقهر ضحيته ويسحق كل محاولة لديها للنهوض والتحدي. غير أن الحقيقة هي أيضا أن الكارثة التي حلت على العرب يومئذ، والمستمرة لحد الآن، كانت نتيجة سلسلة من الإخفاقات والعجز والتخبط والسياسات العشوائية والتناحر وكذلك التبريرات التي تحاول أن تعفي العرب من أية مسؤولية وتلقي بتبعات هزيمتهم التاريخية على عدوهم.   ملخص القراءة المتفحصة لتاريخ الصراع منذ فوزي القاوقجي وعزالدين القسام وأمين الحسيني مروراً بنوري السعيد والملك عبدالله الاول والملك فاروق وجمال عبدالناصر وأنور السادات وصدام حسين، حتى خالد مشعل وحسن نصرالله وسائر قادة المواجهة الحاضرة، هو افتقاد العرب لرؤية واستراتيجية موحدة، الأمر الذي يعني أنهم بغض النظر عن الرواية المتداولة، لم يكونوا يحاربون إسرائيل على جبهات مختلفة، بل ومتناقضة، فقط، بل كانوا فعليا يحاربون بعضهم بعضاً.   فالحقيقة المرة أنه ومنذ الحرب الأولى والأنظمة والجماعات العربية، كانت تخوض الحروب مع إسرائيل، أو تدفع نحوها، باسم الأهداف القومية الكبرى، إلا أن الوقائع التاريخية تشير، بعد أن يجري تمحيصها وإزالة الشوائب عنها، إلى أن هذه الأنظمة والحركات كانت غالبا مدفوعة في مسعاها ذلك بمصالح خاصة وغايات قطرية أو ذاتية ضيقة، والأمر كان دائما يتعلق بالبحث عن أو ترسيخ شرعية مفقودة أو مهزوزة أو تعزيز أدوار تخبو ويعفو عليها الزمن. هذا ما حصل في الحروب الخمس الأولى على رغم كل الشعارات القومية التي غلفت الخطابات الرسمية والنخبوية السائدة يومها، والتي أنتجت بعدها سلسلة من الانقلابات العسكرية والسياسية، جاءت بالأنظمة المتتالية التي جاهدت كي تحافظ على التوازن بين متطلبات الكفاح المشترك ضد العدو الواحد، اسميا، وبين حاجات ومتطلبات البقاء، عمليا.   بعمليته التي أطلقت شرارة الحرب فإن «حزب الله» جاء يحاول القضاء على الحالة الراهنة أو كما قال قادته تدمير قواعد اللعبة التي بنيت خلال ستين عاماً من إدارة الصراع مع إسرائيل. فالحزب، من وجهة النظر هذه، هو مجرد حركة سياسية تسعى للحفاظ على شرعية ودور اكتسبته في مرحلة غابت فيها الدولة اللبنانية عن مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وكان ذلك مقبولا ما دام الأمر لا يتناقض مع الشرعية التي اكتسبها النظام الرسمي العربي ولا يتحدى أسلوب إدارته للصراع. إلا أن إطلاق «حزب الله» لهذه الحرب السادسة كان أكثر من محاولة لاختبار قدرة النظام العربي على التورط في حرب جديدة لم يكن مستعدا لها، بل اعتبر ما قام به مسعى لاختطاف قرار دولة عضو في هذا النظام، مما اعتبر محاولة تدمير نهائي للمنجز التاريخي الأكبر لهذا النظام.   غير أن الأمر لم يقتصر على هذا فحسب، بل إن عملية «حزب الله» هددت بتدمير النظام العربي نفسه من خلال ثلاث قضايا أساسية ارتبطت بما قام به، وهي:   1- اعتبار الحرب التي شنها حربا بالوكالة نيابة عن أطراف بعضها غير عربي، وربما تحمل أجندات مغايرة أو حتى معادية للنظام العربي.

 

2- أنه حزب أصولي سيسمح انتصاره في هذه الحرب بيقظة أصولية تهدف أساسا الى تحطيم هذا النظام.

 

3- الحزب حركة شيعية قريبة من ايران وسيخلخل انتصاره، بأي شكل من الأشكال، حالة التوازن الهشة القائمة في المنطقة وينمي جملة الهواجس والمخاوف المذهبية الناتجة أساسا عن تجليات الوضع في العراق.   من هنا يأتي هذا الأحساس بأن «حزب الله» أساء في تقديراته التي قام على أساسها بتأجيج الحرب الأخيرة من دون تحليل صائب للوضع اللبناني والاقليمي والدولي الذي يقوم على حسابات سياسية واستراتيجية أعقد كثيرا من حسابات البازار وعقلية الدكاكين والثنائيات المبسطة. لم يكدر «حزب الله» الوضع الراهن ولا حاول توريط العرب بحرب جديدة فقط، بل كان خطؤه الأكبر أنه وضع العالم العربي الذي يمر بمرحلة قلقة أمام تحديات ناتجة هذه المرة عن موقف صعب يتعلق باعتبارات مذهبية ذات طبيعة جيوسياسية تمس توازنات إقليمية فائقة الحساسية. ومن الطبيعي أن تكون هناك إرادة في الصمود والمقاومة والكفاح من أجل الحقوق طالما هناك إحساس شديد بالظلم الناتج عن الاحتلال الغاشم وقهره، ومن المؤكد كذلك أن النظام العربي أثبت فشلا ذريعا في مواجهة التحدي الاسرائيلي، لكن التخبط والخطوات الأحادية وانعدام الجدية في التعامل مع الواقع وخلط الأمور تؤدي إلى المزيد من التشوهات في القضية وتعقد طرق حلها.   لقد كشفت كل حرب عربية – إسرائيلية منذ عام 1948 عن علل الأنظمة العربية الكثيرة التي كانت وراء إخفاقاتها وهزائمها، بل إنها كشفت أيضا عن العيوب التي تمتاز بها الشعوب العربية وعلى رأسها الضعف والاتكالية والاستسلام أمام الأمر الواقع، والتي جعلت من هزائمهم معا شمولية عميقة الأثر. غير أن ما يميز الحرب الجديدة هو أنها سلطت الأضواء على واحدة من أخطر العلل التي يعاني منها الجسد العربي، وهي الانقسامات المذهبية التي ظلت بعيدة عن مجرى الصراع مع إسرائيل حتى أطلت برأسها الآن بسبب التفاعلات في المنطقة الناتجة عما أصبح يعرف في الأدبيات السياسية بنمو النفوذ الشيعي نتيجة تطورات الحرب في العراق.   هناك أسئلة جوهرية لا بد من طرحها ضمن إطار تحليلي لمستقبل المنطقة والتحديات الأمنية والسياسية التي تواجهها إذا نجح «حزب الله» فعلاً في تغيير قواعد اللعبة فيها. ما هي القواعد الجديدة التي ينوي «حزب الله» فرضها وهل يسعى ان يكون هو فيها لاعباً رئيسياً وبالطريقة نفسها التي يدير بها قواعد لعبته في لبنان، أي اختطاف قرار الدولة، والانفراد باتخاذ القرار الاستراتيجي، والهيمنة على باقي القوى السياسية في البلاد؟ ما هو مستقبل علاقة «حزب الله» الاستراتيجية مع إيران في الوقت الذي ترى فيه بعض الدول العربية أن إيران التي تسعى لاستخدام أزمتها النووية مع الغرب لتعزيز موقعها الإقليمي تشكل أيضا تهديداً خطيراً للأمن القومي العربي؟   لقد كان على «حزب الله» أن يدرك الإشارات العديدة التي أطلقها قادة في المنطقة منذ الحرب الأميركية على العراق عام 2003 حول الدور الشيعي المتصاعد والمخاوف من تنامي العلاقات بين الشيعة العرب وإيران وفي ظل الطموحات الإيرانية المتصاعدة في المنطقة. كان عليه ان يدرك أيضا أنه في ظل الدعوات المتجددة لبناء شرق أوسط جديد فان لبنان بتجربته التاريخية، ورغم عثراتها، لا يزال يقدم نموذجا جيدا للتعايش بين المذاهب والطوائف والأديان، وهي تجربة لا ينبغي تدميرها بل صقلها وتنميتها لكي تقدم لباقي دول المنطقة. لقد كان على «حزب الله» أن يدرك كذلك أن العمل، في هذه المرحلة البالغة الخطورة، على إعادة تأصيل التشيع العربي، كعنصر تاريخي وروحي وثقافي أساسي في المنطقة هو أهم بكثير من تحقيق أهداف جزئية في مجرى الصراع الجاري في المنطقة وعليها.   ها هو تاريخ المنطقة إذن يعيد نفسه، ولكنه يعيده، كما في كل مرة، تراجيديا، وبغض النظر عن الرايات التي تخفق فوقها. قد يكون «حزب الله» في مأزق، نتيجة رد الفعل غير المتوقع لإسرائيل، كما أقر قادته، ولكن المنطقة كلها في مأزق دائم. هل هناك ديناميكية خفية، كما كان يسأل إدوارد سعيد، نقوم من خلالها بتكرار أخطائنا وكوارثنا من دون أن نتعلم من ماضينا أو حتى نتذكره؟ لقد انتجت حرب الـ1948 خريطة جديدة للمنطقة، وها هي حرب الـ2006 تبشر بشرق أوسط جديد. إننا دائما، حسب سعيد، عند نقطة البداية نبحث عن حل «الآن»، حتى لو كان هذا «الآن» يحمل كل علامات ضعفنا التاريخي ومعاناتنا الإنسانية.   (*) كاتب عراقي.   (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 14 أوت 2006)


Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.