الثلاثاء، 15 أغسطس 2006

Home – Accueil الرئيسية

 

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2276 du 15.08.2006

 archives : www.tunisnews.net


الرابطة التونسية للدفـاع عن حقـوق الإنسان:  من اجل حماية و تطوير مكاسب مجلة الأحوال الشخصية

بترا : أطفال تونس يستنكرون ما يتعرض له أطفال لبنان وفلسطين من اعتداءات

الحياة : تونس تحاول وقف تراجع معدل إنتاجها من النفط والغاز

طالبة تونسية: شهادات عن معاناة المحجباب التونسيات

الامجد الباجي: ابعاد انتصار تاريخي

عبد الحميد الحمدي : طريد تونسي يتألق في لبنان

الحبيب أبو وليد المكني : ولم تتحقق نبوءة أدعياء العقلانية.. الهادي بريك: الحرب العربية الاسرائيلية السادسة : عبر لاولي الالباب
محمد العروسي الهاني: تحية إكبار و شرف و تقدير لرجال المقاومة الإسلامية لحزب الله و للقائد العربي الشيخ حسن نصر الله آمال موسى: الحرب على لبنان وإحباطها لمفهوم الاعتدال

د سلوى الشرفي: قناة الجزيرة وإعلام أصحاب الكهف

د. عبدالوهاب الافندي: عن تمجيد وتبرير وتشجيع الإرهاب

د. برهان غليون: الخسارة الثانية للجولان

د. فيوليت داغـر : قراءة في تداعيات الحرب الإسرائيلية على لبنان


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين »  

حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:

 


مواد شائقة رائقة في « الحوار التونسي » غدا الإربعاء

  

 

   كما هو معلوم تعيد قناة « الحوار التونسي » مساء كلّ إربعاء من الساعة السابعة إلى الساعة التاسعة بالتوقيت المحلّي التونسي ، مساحة برامجها التي تبثّها مساء كل أحد في نفس التوقيت .

 

    و غدا الإربعاء 16 أوت 2006 ، تعيد قناة « الحوار التونسي » بثّ  المواد التالية :  

 

      –  حوار مع لمحامي و الحقوقي المعروف أنور القوصري حول معاناة سجناء الرأي في تونس .
      –  حوار مع الصحفي الحر سليم بوخذير حول  معاناته بعد 4 أشهر من التجويع  و خلفيات طرحه لملفّات أصهار بن علي  في عدد من  المواقع الإعلامية  العربية و منها حكاية  اليخت المسروق .
     –  « الأخبار »  و فيها مواكبة لعديد الأحداث  في الداخل من ذلك صور نادرة من المسيرة التي منعها الحكم في ساحة محمد علي و صور أخرى من منع نشطاء نقابة المعطّلين عن العمل من تقديم ملف نقابتهم إلى مصالح ولاية تونس .
     – برنامج  « آخر ساعة  » و يتضمّن جدل بين السيد الطاهربن حسين و عدد من ضيوفه حول آخر الأحداث في تونس من ذلك الإعتداء على مراسل القناة في تونس توفيق العياشي  بالخطف  من قبل دوائر الأمن السياسي و بالضرب يوم مسيرة إتحاد الشغل لمساندة المقاومة في لبنان  ، و كذلك جدل حول موضوع التمديد لرئيس إتحاد الاعراف  و غيرها من المواضيع .
 
  تابعوا « الحوار التونسي »  على القمر هوتبارد حسب البيانات التالية :

 

الموجة  :  11541
الرمز : 22000
الإتجاه : عمودي


الرابطـــة التونسيـــة للدفـــاع عن حقــــوق الإنســـان تونس في 13  أوت 2006

من اجل حماية و تطوير مكاسب مجلة الأحوال الشخصية

اعتبرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان دوما ومند انبعاثها قبل أكثر من تسعة وعشرين سنة أن قضية حقوق المرأة والمساواة الفعلية بين الجنسين هي من صلب  حقوق الإنسان.
وتحتفل اليوم نساء تونس ورجالها بخمسينية إصدار مجلة الأحوال الشخصية. ويحق لشعبنا أن يفتخر بهذا المكسب بكل جدارة إذ أن هذه المجلة ساهمت دون أدني شك ليس فقط في إطلاق حركة تغيير للعائلة والقيم التي تقودها بل وأيضا في تغيير مجمل العلاقات بين النساء والرجال وكذلك موقع ودور ومكانة المرأة في المجتمع.
وبمناسبة هده الخمسينية التي تحتفل بها الرابطة مع المنظمات المستقلة الأخرى يهم الهيئة المديرة أن تؤكد على ما يلي 
1.  يجب حماية المكاسب التي حققتها المجلة والدفاع عنها كما يجب مقاومة كل جذب إلى الوراء ومقاومته بشدة أيا كان مصدره والداعون إليه.
2.  ينبغي مراجعة المجلة، بعد مرور 50 سنة عن إصدارها، وكذلك مجمل التشريعات ذات العلاقة بحقوق النساء في اتجاه تطويرها وتوسيع دائرة الحقوق المضمنة بها. إنها ضرورة لا يمكن مطلقا التغاضي عنها ،وعلى بلادنا أن تكرس المساواة بين النساء والرجال واقعا ونصا كما إننا لا يمكن أن نقبل عدم المساواة الذي تتعرض له النسوة في حين نرفض التمييز على أساس الأصل والجنس والعقيدة. وفي هدا السياق تتنزل الحملة من اجل المساواة في الإرث بين الجنسين التي أطلقتها عدد من الجمعيات من بينها الرابطة كمطلب ملح من اجل العدالة والمساواة في المواطنة والديمقراطية.
3.  إن تحفظات الدولة التونسية على الاتفاقية الدولية ضد كل إشكال التمييز ضد المرأة لا مبرر لها وهي في تناقض تام مع تطور الزمن و تونس مطالبة برفع هده التحفظات حتى يصبح التشريع التونسي في وئام نصا وروحا مع الاتفاقية وحتى يمكن تحقيق مكاسب جديدة في مجال حقوق النسوة.
أخيرا تحيي الهيئة المديرة بمناسبة خمسينية مجلة الأحوال الشخصية شجاعة وعزم المناضلات والمناضلين الدين يعملون في ظروف بالغة الصعوبة أحيانا من اجل حقوق النسوة والمساواة بين النساء والرجال وتدعو الهيئة المديرة كافة مناضلات ومناضلي الرابطة لكي يجعلوا من المساواة بين النساء والرجال قضية من صلب اهتماماتهم ونضالهم من اجل حقوق الإنسان كما تتوجه بهذا النداء إلى الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني التونسي التي تضطلع بدور طلائعي في هذا المجال.    
                                                                 عن الهيئــة المديــرة                                                                                 الرئيس                                                                       المختــار الطريفـــي
 
 

 

تونس تحاول وقف تراجع معدل إنتاجها من النفط والغاز

تونس – سميرة الصدفي تحاول الحكومة التونســـية، بالتعاون مع الشركات النفـــــطية الدوليــــة، تبني برامج للاستكـــشاف والتنـــقيب من أجل وضع حد للانخــــفاض في مستوى الإنتاج النفطي. إذ تشــــير معلومات منظمة الأقــــطار العربية المصــــدرة للبترول «أوابك»، أن احتــــياط تونس من النفط الخام هو بحــــدود 300 مليون برميل، والانتاج حوالى 72 ألف برميل يومياً، بيـــنما يبلغ احـــتياط الـــغاز الطبيعي 78 بليون متر مكـــعب والانتاج 2.4 بلــــيون متر مكعب سنوياً. وكان انتاج تونــــس من النفط الخام قبل عقدٍ بين الى 90 و 100 ألف برميل يومياً من النفط الخام. وفي هذا المجال، باشرت مجموعة «بي آي ريسورسز» السويدية إنشاء منصة لتكثيف إنتاج النفط في حقل «أليسار» في خــــليج قابس (جنوب) ما سيتيح زيــــادة الإنتاج من 10 آلاف برميل يومياً في الوقت الحاضــــر إلى 35 ألفاً يومياً في السنة المقبلة. وكان رئيس المجموعة راب لاند أعـــلن بعد اجتماعه مع رئيس الوزراء التونــــسي محمد الغــــنوشي الشهر الماضي، أن الحكومة التونسية مددت الفترة التي منحتها للمجموعة للاســــتكشاف والتنــــقيب عن الغاز الطبيعي في حقل «أليسار» سنتين اضافيتين. الى ذلك، أعلنت أمس مجموعة «أو أم في» النمسوية عن ثاني اكتشاف نفطي في منطقة «النوارة» حيث تباشر التنقيب عن النفط بموجب إجازة حصلت عليها من الحكومة التونسية. وأكدت أنها اكتشفت طبقات من النفط والغاز في بئرين رئيسيتين على أعماق تراوح بين 3600 و 3900 متر، وأنها تعتزم بدء الإنتاج التجريبي أواخر الشهر الجاري. وتوقعت الشركة أن يصل حجم انتاج الحقل الجديد إلى ستة آلاف برميل من النفط يومياً و58 مليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي في اليوم. يُذكر أن مجموعة «أو أم في» تشترك مع «المؤسسة الوطنية للنفط» (قطاع عام) في استثمار حقل «جنين» النفطي جنوب تونس بالتساوي. أما مجموعة «بريتش غاز» فاستثمرت 100 مليون دولار في إقامة مشروع لتصنيع مشتقات النفط في مدينة المحرس جنوب تونس، التي لا تبعد كثيراً عن حقول النفط والغاز التي تستثمرها في عرض سواحل محافظة صفاقس. وتأتي «بريتش غاز» التي أنفقت نحو بليون دولار على حقولها التونسية في المرتبة الأولى بين المستثمرين الأجانب في تونس. من جهة أخرى، قال مسؤولون في «الشركة التونسية لنقل النفط بواسطة الأنابيب» (سوترابيل)، إنها باشرت أخيراً مدَ أنبوب بطول 177 كيلومتراً لنقل النفط من المخازن الواقعة في ميناء «الصخيرة» (جنوب) إلى مدن في المنطقة الوسطى بطاقة 2.5 بليون طن في السنة. ويتضمن المشروع، الذي يعتبر أطول خط أنابيب في تونس، والذي يُستكمل تنفيذه في أواخر السنة المقبلة، إنشاء مخازن كبيرة في مدينة مساكن (150 كيلومتراً جنوب العاصمة تونس) بطاقة 45 ألف متر مكعب. واعتمدت «سوترابيل» (قطاع عام) في وضع المشروع على المردود الإيجابي لأنبوب النفط الرابط بين مصفاة بنزرت وضاحية رادس جنوب العاصمة تونس بطول 70 كيلومترا. وأتاح الأنبوب الذي أنشئ قبل عشرين عاماً السيطرة على الخسائر وتوفير حوالى 73 ألف طن مكافئ نفط. وأضافت المصادر أن مستثمرين خارجيين تعهدوا تمويل تنفيذ مشروع الأنبوب الثاني من دون إعطاء تفاصيل. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 15 أوت 2006)

أطفال تونس يستنكرون ما يتعرض له أطفال لبنان وفلسطين من اعتداءات.

   

 تونس/14 آب/بترا/
ندد أطفال تونس المجتمعون هنا اليوم في إطار جلسة استثنائية لبرلمان الطفل بشدة بالاعتداءات الإسرائيلية وما خلفته من دمار شامل وقتل للمدنيين العزل..معربين عن عميق الاستنكار لما ينجم عن ذلك من اعتداءات فظيعة وقتل متعمد للأطفال وتشريد وتهجير لهم وانتهاك لحقوقهم المشروعة في الحياة والنماء والأمن والاستقرار.
وطالبوا في بيان أصدروه عقب الجلسة المنظمة العالمية للطفولة وبرلمان أطفال العالم وسائر الهيئات والمنظمات المعنية بالطفولة إلى الإسراع باتخاذ الإجراءات اللازمة لمساندة أطفال لبنان وفلسطين وتقديم المساعدة اليهم .
ويتكون برلمان الطفل التونسي الذي تم تأسيسه عام 2002 من مجموعة من الاطفال يساوي عددهم عدد أعضاء مجلس النواب التونسي (189 نائبا) وتتراوح اعمارهم ما بين 12 و15 سنة . سسسسسس/بترا/ضحى/قطيشات/س البرماوي.
(المصدر: وكالة أنباء بترا الأردنية بتاريخ 14 أوت 2006)
 

 
 

شهادات عن معاناة المحجباب التونسيات (1 من 4)

هذا نزر قليل من حقائق مؤلمة  

 اللهّم أنصرنا على هاته الحكومة الفاجرة

منعنا حراس الكلية التي ندرس بها بالقوة من تجاوز باب الكلية أيّام الدّراسة و الامتحانات قبل أن ننزع الحجاب , فمنّا من إمتنعت عن الإستجابة لهذا الطلب و فضلت الدخول متسلّقة الجدران بعيدا عن أنظار الحرّاس و منّا من إضطرّت لنزعه,

وقد تعرضت شخصيّا للإجباربالكلية على توقيع إلتزام بخطّ اليد بعدم لباس الحجاب مستقبلا

و ذلك عند التّسجيل في أوّل السّنة الدّراسّية ، كما أنّ إدارة الكلية سحبت من جلّ الطالبات المحجبات بطاقتهنّ الطلابية عقابا لهنّ على إرتداء الحجاب وهذا كان أيضا مصير طالبات أخريات محجّبات بكليات تونسية أخرى في مختلف مناطق البلاد. وعلى إثر انتشار حركة منع الطالبات المحجّبات من مباشرة امتحانات آخر السنة في مختلف الكليات أقام عدد من الطلاب الذكور والإناث ببعض الكليات بالعاصمة التونسية تجمّعات عامة أمام عدد من الكليات كانت تجمّعات تضامن مع الطالبات المحجّبات تحت شعار « 

نصرة لحرية المعتقد

« . وقد صرح أحد الذين قادوا هذه التجمعات وهو الطالب عبد الحميد الصغير لـ »العربية. نت » أنّ قوات الأمن سارعت إلى تفريق المتجمّعين بالقوة وقد تعرض هو شخصيا للضرب والإعتقال لمدة يومين وأن بحوزته شهادات طبية تثبت الإصابات البالغة التي تعرض لها في إطار الضغط عليه حتى يتخلّى عن نشاطه التضامني بالجامعة مع الطالبات المحجّبات ومعلوم للجميع أن الحكومة التونسية تمنع على التونسيات ارتداء الحجاب , وكان وزير الشؤون الدينية التونسي أبوبكر الأخزوري قد برّر في تصريح شهير له في شهر جانفى/ يناير الماضي منع الحجاب في تونس بأنه « لباس طائفي » قادم لتونس من الخارج و يرمز إلى شعارات سياسية واصفا إياه بـ »النشاز »… اللهّم أنصر الإسلام و المسلمين اللهم أنصر عبادك المجاهدين في كل مكان اللهم أكشف الكرب عن نساء تونس و رجالها, و نساء المسلمين و رجالهم أجمعين.. اللهم آمين الإمضاء: طالبة تونسية (نقلها الحبيب مباركى – سويسرا) mbarkiha@yahoo.fr


 

ابعاد انتصار تاريخي

حققت المقاومة في لبنان انتصارا باهرا وتاريخيا لا مثيل له في تاريخ المنطقة الحديث.انه انتصار يعد ذا قيمة مضاعفة لنصف الانتصار الذي ححقته مصر في 73 لعدة اعتبارات. انه انتصار تكتيكي في شكل تحذير استراتيجي فهو يلخص موازنات معركة داخل حرب مرتقبة او واردة.لذلك السبب قال الشيخ حسن نصر الله انه انتصار ستراتيجي لانه سيجبر اسرائيل والامريكان على اعادة النظر في خطتهما المتمثلة في الاعداد لامتصاص الزحف الايراني في المنطقة انطلاقا من لبنان والاكيد ان شطب الدخول من لبنان سيكون نهائيا من تلك الخطة . وهو انتصار تنظيم شعبي على الة الحرب الاسرائيلية و يفتح الطريق امام المقاومة البديلة لانظمة سياسية عربية متورطة في عملية سلام مع كيان يرفض السلام ويعد المنطقة لاحتلال شامل ودائم . وهذا يعني ان هذا الانتصار لن يكون محل مقايضة او ابرام صفقات مع العدو من اية طرف من الطبقات سياسية الانتهازية . فهو انتصار لن تذهب ارباحه الا لشعوب المنطقة ولن تجد اسرائيل اطرافا لرشوتها ولن تتمكن من استعادة هذا الانتصارمن مستحقيه كما فعلت مع المؤسسة العسكرية المصرية. هذا الانتصار العسكري هو انتصار اظهرت فيه المقاومة قدرة فائقة على الاختراع والابداع. لذلك ستدخل هذه المعارك تاريخ السجالات العسكرية من بابها الكبير وستدرس معارك بنت الجبيل وعيتا الشعب وعيترون في المدارس الحربية مثل الدروس الحربية الكبرى . لقد فاجات المقاومة باقحام ومزج عناصر الحرب النظامية بمقاسات حرب العصابات. واضافت الى تقنيات حرب فيتنام التي تعتمد على خنق العدو في بحر من المقاومين الذين لا تراهم العين المجردة بان مارست خطا دفاعيا تماما مثلما تفعل الجيوش النظامية ولكن هذا الخط الدفاعي ايضا هو خط افتراضي لا توجد فيه تحصينات ولا قوة نار ثابتة ولا جنودولا عتاد للمراقبة. بحيث ان الجيش الاسرائيلي اجبر على خوض معارك طيلة شهر كامل على امتداد الخطوط الامامية ولم يتمكن من خلق تلك الثغرة الضرورية لاختراق خطوط الدفاعات المقابلة قصد خلق خط امداد . مما اجبره على دك كل قواه البرية بعد شهر من المعارك دون ان يتمكن من تكوين مساحة امنية لحماية خطوطه الخلفية .فكانت معارك السبت 12 اغسطس وما سمي بمجزرة الدبابات اولى بوادر الدمار الذي سيلحق بتقدم القوات الاسرائيلية دون حماية للخطوط الخلفية. ان الخطة التي وضعتها المقاومة تنهي بصورة لا تدع للشك فعالية ما يسمى بالحرب الخاطفة التي وضعتها عبقرية الجيش الالماني في الحرب الكونية الثانية . وذلك باقحام معطى ستراتيجي وتكتيكي جديد لمقولات النظم الدفاعية . وبهذا ستدخل بنت الجبيل وعيترون وعيتا الشعب التاريخ مثل اسم مدينة( كان) الرومانية التي اخترع فيها حنبعل اسلوب الحرب الخاطفة . وهنا كانما التاريخ يغلق حلقة من حلقاته . فحنبعل الذي تعود اصوله الاولى الى لبنان هو من اخترع اسلوب الحرب الخاطفة وبقيت على مدى الالفين سنة المنصرمة مثالا لكل التخطيطات الحربية . من لبنان يتم اختراع انجع السبل لايقاف فعالية الحرب الخاطفة باسلوب مستحدث ورائع. لبنان اعطت انتصارا باهرا للشعوب المظطهدة سواء كانت عربية اوغيرها . اليوم صار ممكنا هزيمة اعتى الجيوش بوسائل سهلة وبسيطة تحتاج الى مستوى عال من التنظيم والابتكار وتفتح للمنطقة مستقبلا جديدا غير ذلك الذي جاءت به من واشنطن ومن باريس . على المقاومة ان تحاذر من الدور الفرنسي الذي سيكون رئيسيا في المرحلة القادمة فهذه الافاعي المهزومة تعمل منذ سنوات تحت امرة الامريكان واليهود ولا تصدقوا انهم يعارضون الامريكان في شئ .فهم اخطر من تلك المجموعة المتعجرفة التي تحكم البيت الاظلم . علينا الا ننسى الاطفال الذين ماتوا تحت قنابل تلك الاوغاد . علينا ان نحملهم في ذاكرتنا كانما لا يزالوا احياء وان نصنع لهم وحدهم مستقبلا وان نحملهم في قلوبنا كانما فلذة اكبادنا فهم وحدهم ولا سواهم كانوا وراء هذا الانتصار

الامجد الباجي

 

بسم الله الرحمن الرحيم « وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين »

طريد تونسي يتألق في لبنان

عبد الحميد الحمدي ـ الدنمارك بعد أن وضعت الحرب أوزارها وهدأت العاصفة وانجلى دخان الأسلحة وأثبتت الفئة القليلة قدرتها على مقاومة الظلمة والصمود في وجه أعتى آلة عسكرية في الشرق الأوسط ورابع قوة في العالم، فقد تأكد أن الحق منتصر وإن كان أصحابه أقل نصيرا. أوضحت فصول الحرب الإسرائيلية العدوانية على لبنان أن إرادة المقاومة تبقى دوما أقوى من إرادة الظلم والاستعمار فقد خرج المقاومون في لبنان منتصرين رغم فداحة الثمن وأجبروا العدو الصهيوني على الركون إلى التفاوض بعد أن عجز على إجبارهم بالقوة على تسليم الأسرى.. وهي صورة نادرة في عالمنا العربي المعاصر لو قورنت بما قام به قادة العراق الجدد الذين استعانوا على التغيير بالقوى المتربصة وما آلت إليه أوضاع بلادهم بعد أربع سنوات من الاحتلال المدمر الذي استحال إلى حرب أهلية أكلت الأخضر واليابس، أقول لو تمت المقارنة بين عمائم العراق وهي تقبل كولن باول بتذلل وبين خطابات النصر التي عبر عنها صاحب العمامة السوداء في لبنان الشيخ نصر الله، لتأكد الفرق بين من اعتز بغير الله فذل ومن استنصر بالله فانتصر. مضت الحرب ودخلت التاريخ بشخوصها وأحداثها.. واختلفت التقييمات لنتائجها، لكن لا أسرى تحرروا ولا سلاح نزع ولا حربا أهلية قامت في لبنان فمن المنتصر إذن؟ الجواب موجود في تقارير المراسلين والمتابعين الأجانب والمحايدين للحرب منذ اندلاعها بل وحتى داخل الكنيست الإسرائيلي، الذي لم تستطع جثث اللبنانيين الممزقة أن تصنع مجد أولمرت التائه! شخصيا تابعت عن بعد مثل غيري ما جرى للبنان من خراب في بنيته التحتية حتى لكأن عدسات الجزيرة المتألقة على الدوام لم تعد تعرف من لبنان إلا مشاهد الخراب وأطلال المباني وصور اليتامى والثكالى من اللبنانيين واللبنانيات اللاتي نطقت إحداهن وهي ترى الجسور خاوية على عروشها: « ما قيمة هذه الجسور إذا كنت سأمر عليها وأنا فاقدة للكرامة؟ ». حرب لبنان الأخيرة أعادت النظر في مفاهيم العقلانية والواقعية وخطاب الهزيمة الذي رضعناه وشربناه وتذوقنا طعمه المر منذ تعومة أظفارنا على وقع هزيمة عبد الناصر وتلامذته منذ ستينات القرن المنصرم، حتى أننا ـ نحن جيل الستينات والسبعينات ـ خشينا من أن نرحل عن هذه الدنيا ولا نتذوق ولو ليوم واحد طعم العزة والنصر. ومع أنني أسجل هنا اختلافي الفكري والعقائدي مع حزب الله إلا أن المعركة الأخيرة تفرض علي مناصرته لأن عدونا مشترك. ولعل تعاطف الشعوب العربية مع حزب الله في معركته الأخيرة تدفع الكثير من المراجع الشيعية إلى مراجعة موقفهم من أهل السنة، وخصوصا في العراق حيث يتعرضون لأبشع إبادة عرفوها في عصر العمائم السوداء الذين جاؤا على ظهر دبابات الاستعمار. لم تكن الحرب في لبنان بالأسلحة وصواريخ الكاتيوشا وحدها، بل لعبت فيها السلطة الرابعة دورا بارزا في ترجمتها ونقلها للعالم، ولم نعد نحن العرب والمسلمون نتابع أحداث العالم عبر القنوات الأجنبية فقد عوضنا بعض من حكامنا ورجال أعمالنا بوسائل إعلامية أصبحت تنافس أقوى المؤسسات الدولية في النزاهة والموضوعية والشفافية، وأعني هنا بالتحديد قناة الجزيرة في قطر التي يحق للمظلومين أن يتخذوها صوتا لهم ويفخرون بها ويتباهون. ولن أدخل هنا في جدال عن أحقية الجزيرة بهذه المكانة لأنها تنطلق من قطر حيث توجد أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة وهو شيء مدان بكل المعايير. وقد لمع من بين الركام والجثث المتناثرة  وعلى شاشة قناة الجزيرة الموقرة نجم الفارس التونسي المتألق ابن التيار الإسلامي التونسي غسان بن جدو.. كان مقداما وشجاعا وهو يتنقل بين الألغام وعلى مقربة من القنابل الذكية التي حملتها حمالة الحطب لينقل لنا الصورة بدون رتوش ولا ماكياجات … كان دقيقا وصادقا وشفافا وهو يحاور رموز المقاومة ورجالات الدولة في لبنان وينقل من على بقايا المنازل والمؤسسات صورا لا أعتقد أن العرب والمسلمين عامة واللبنانيين بوجه خاص سوف ينسون فاعلها المجرم بسهولة… ومع أن المشهد اللبناني كان مأساويا بكل ما تحمله الكلمة من معنى لكن غسان حول ذلك إلى مبعث للأمل والحياة.. بل إن قصته هو نفسه التونسي الطريد النازح عن الديار بفعل مطاردة خصومه الفكريين وما حققه من منافسة في ميادين الشرف الإعلامي تبعث على الفخر والاعتزاز خصوصا بالنسبة لنا نحن التونسيين المشردين تحت وقع ضربات صواريخ الإيديولوجيا اللقيطة… منذ هزيمة يونيو 1967 والعالم العربي يتلقى الضربات الموجعة للهزائم المتوالية حتى كاد يتحول عالمنا العربي برمته إلى مجرد مشاريع انتحارية لا أمل لها في الحياة ولا هدف، حتى نهض من بينها شباب آمنوا بربهم في أرض أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وفي لبنان الصامد ليربطوا بين القول والفعل ويكتبوا للتاريخ أن إرادة الحياة هي المنتصرة وإن طال الظلم وسادت قواه المتجبرة.. لبنان وقبله غزة بداية ليقظة جديدة تصحح مسار التاريخ وتعيد للعقيدة والدين دوره في فهم الحياة وتوجيهها، وتؤكد أن حروب استبعاد الدين من الحياة العامة ليست إلا مضيعة للجهد والوقت وهي باختصار شديد معارك خاسرة لانها فاقدة للدينامو الحقيقي. لبنان وغزة رسالة للعالم المتحضر مفاده أن العدل أساس العمران وأن الظلم مؤذن بخراب العمران.. لبنان وغزة حياة في جسم قيل إنه مات… وشيعت جنازته في أوسلو ووادي عربة وقبلهما كامب ديفيد. 


ولم تتحقق نبوءة أدعياء العقلانية..

الحبيب أبو وليد المكني تخوض المقاومة في فلسطين ولبنان حربا شرسة و غير متكافئة  يريد فيها العدو و من يقف وراءه فرض الاستسلام على الآمة و تمرير الحلو ل المرفوضة بقوة السلاح . وتتداعى الشعوب الإسلامية للتعبير عن تضامنها بمختلف الوسائل والأشكال ، و تجبر الأنظمة التي كانت قد ألغت من حسابها واجب الإعداد لمثل هذه المعارك فتنهض و لو متأخرة لاتخاذ المواقف السياسية التي تساير فيها الرأي العام و تعلن دعمها للمواقف اللبنانية . بيد أن بعض النخب العربية و أخص بالذكر منهم بعض التونسيين و التونسيات  » لا يرحمون و لا يتركون رحمة الله تنزل  » فقد صور لهم خيالهم أنهم امتلكوا ناصية العقلانية و الحداثة و أن واجبهم يحتم عليهم ، تنبيه القوم و تسجيل الموقف السياسي الذي به سيعلو شأنهم بين الناس في مستقبل الأيام أو هكذا تخيلوا ؟؟ يعد أن تضع الحرب أوزارها ويأتي موسم الحساب والعقاب … يكتب هؤلاء من موقع عداءهم للحركة الإسلامية ودفاعا عن خيارهم في الانحياز إلى جانب الديكتاتورية ، فيدعون أنهم وحدهم الذين فقهوا ما تتطلبه المرحلة من رؤية متبصرة ، ووحدهم الذين يفهمون حقيقة المعادلات التي تحكم علاقة العرب  بدولة إسرائيل و من ورائها الدول الكبرى ، وما سواهم هم من الرعاع و الدهماء و العامة الذين ينساقون وراء عواطفهم و يتبعون كل مناد حتى و إن كان يناديهم لحتفهم . وهم بذلك قد يدخلون  فيمن تعنيهم الآية الكريمة : »إن تصبك حسنة تسؤ هم و إن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل و يتولوا و هم فرحون « ه . لقد تقطعت قلوبهم و هم يتابعون، كيف تتوجه الأمور من حولهم إلى غير ما يشتهون ، و تأخذ الاتجاه الذي يسفه مقولاتهم و يقيم الدليل على تهافتهم ، فهاهي حماس تحقق نجاحا في الانتخابات  الفلسطينية ،و هاهو حزب الله يطر د العدو من جنوب لبنان ثم يثبت صدق خيار المقاومة وما يجري من أحداث من إندونيسيا إلى المغرب ليس بعيدا عن هذا النمط … هم اعتقدوا أن حزب الله قد دخل مغامرة ستقسم ظهره ــ قد أصابته مصيبة يحق لهم أن يفرحوا بها ــ ولما بينت الأحداث من جديد تفاهة خطابهم « العقلانوي »  تركوا أخبار المعارك التي تجري ـ و انكبوا على الأسباب و المسببات يشبعونها تحليلا  و دراسة لينتهوا إلى أن الضحية ما كان له أن يستفز الجلاد ، و بالتالي فهم يسقطون في تبرير جرائم العدوان و ينتصرون للظالم بما ينسجم مع مواقفهم الجبانة و تطلعاتهم الفاسدة ، فهم يناصرون الاستبداد في  إجرامه و يقفون مع العدو ضد أهلهم . ألحت عليّ هذه الأفكار بعد أن طالعت مقالا للدكتورة رجاء بن سلامة و تعقيبا لسلوى الشرفي و هما نموذجان للفئة المتعقلنة في تونس التي طالما راهنت في الماضي على أن الصحوة الإسلامية ليست إلا ظاهرة عابرة ستزول بزوال أسبابها و أنها ردة فعل وقتية على تيار الحداثة الجارف ، وما إلى ذلك من أطروحات  تبين أنها لا تستوعب حاضرا و لا تستشرف مستقبلا  ، ثم انخرطت هذه الجماعات في  حرب الاستئصال التي شنتها السلطة ضد الحركة الإسلامية بتسويق أفكار مريضة تتلخص في أن دخول تونس عصر الديمقراطية و الحرية سيكون بعد التخلص من الخطر الأصولي … وبعد أحداث  الحادي عشر من سيتمبر  وسقوط حكومة الطالبان ظن هؤلاء أن الحرب على الإرهاب التي أعلنتها الولايات المتحدة و حلفائها الصغار و الكبار ستقضي نهائيا على الإسلام السياسي كما يسمونه . لكن في كل مرة تكذب تطورات الأحداث تحاليلهم و تسفه أحلامهم و تعود بهم من جديد إلى مربع الخيبة و الانتكاس . وهم يرفضون اليوم أن يصدقوا  عنادا ومكابرة أن كل حديث عن المقاومة و الديمقراطية و الحرية بعيدا عن مطالب  الصحوة الإسلامية و تطلعاتها و فعالياتها هو باختصار شديد خروج عن الموضوع . لا أريد أن  أرد على مضمون المقال التي كتبته الدكتورة و قد تصدى لذلك من أعطى فأوفى ولكنني أود أن أؤكد على أن  الرؤية المتفحصة التي يتبناها الكثير من الباحثين العرب وهي أن جزء من الأزمة التي تعيشها الأمة العربية منذ عقود يتمثل في هذه النخبة التي لا  تعي  ما حولها و تتعامل مع أوضاعنا بأدوات مغشوشة و من سوء حظنا أنها قريبة من أصحاب القرار السياسي و بالتالي فهي تتحمل جزء من  المسؤولية في هذه الأوضاع المتردية … لا تراعي هذه النخب أن رجال المقاومة هذه الأيام يخوضون معركة و أن الواجب يحتم على أهل الدار أن يصمتوا إذا كان لهم رأي يقعدهم عن المشاركة و أن الوقت لا زال مبكرا حتى نتدارس الأوضاع التي ستترتب عن العدوان على لبنان ـ ونبحث فيما كان يجب أن يحدث ويكون ، بل تبذل جهودا في التخذيل و بث روح التثاقل و الانتظار بما تعبر عنه من مواقف . . و لا تدرك هذه النخب أن لأيام الحرب منطقها الخاص واستحقاقاتها اللازمة ، التي تجعل من غير اللائق الدخول في مناقشات ستبدو لا محالة في غير محلها لأن هناك مقاتلون يخوضون الحرب و ينتظرون الدعم الكامل منا وعلى كل المستويات المادية و المعنوية ، الإعلامية و التعبوية ، يحتاجون إلى المناصرة اللا مشروطة  ، لأن هؤلاء لا تعنيهم شروط المعركة و استحقاقاتها ،إنهم  لا يحتملون أجواء المعارك حتى وهم خلف مكاتبهم الفاخرة  ، وهم مهزومون ومستسلمون ، لا يفكرون في مقاومة و لا يؤمنون بمبدأ ,  امتلأت بطونهم بالمال الحرام و تمكنت منهم ثقافة الهزيمة حتى لم تعد لديهم إشارة حياة ، فهم الذين روجوا بيننا لأسطورة الجيش الذي لا يقهر ، وهم الذين يروجون اليوم أطروحة هزيمة المقاومة اللبنانية قبل الأوان . ومرة أخرى يكذب الواقع ما ذهبوا إليه ، فالأخبار الواردة من جنوب لبنان تتحدث عن الجيش الصهيوني الذي يجد مقاومة عنيفة على الأرض التي كان يدخلها في السابق دخول المتنزهين فيصل بيروت في اليوم التالي ليفرض فيما بعد كل شروطه ، المقاومة الإسلامية أرغمته عام 2000م على الانسحاب من البلد وهي اليوم تلقنه درسا في الصمود و التحدي و الشجاعة و الإقدام و توقع فيه الإصابات الموجعة … صحيح أن آلة الحرب الإسرائيلية قد دمرت البنية التحتية للبنان و خربت ما شاء لها أن تخرب ،وبالتالي  فمن قبيل المبالغة الحديث عن انتصار  … وهذا لا يعيب المقاومة في شيء لأنها تبقى في النهاية مقاومة شعبية ليس عليها منع التخريب و التدمير فتلك مسؤولية الجيوش العربية التي  تخلت عن الإعداد أولا و امتنعت عن الدفاع عن أرضها لاحقا ، بل لعل المقاومة بقيامها بتلك العملية العسكرية الشجاعة قد كشفت المستور و بينت حقيقة الأمور ، إذ أظهرت أن مسلسل عملية السلام ليس إلا مناورة كبرى تشترك فيها الدول العظمى . وترمي إلى إحكام السيطرة على الثروات و فرض الاستسلام بدون تكاليف ، حتى  اقتنع النظام الرسمي العربي بموت عملية السلام ، مما يترجم عن استفاقة البعض من أصحاب القرار العربي و يبشر بإمكانية إحداث نقلة في أوضاع المنطقة ترجع الأمر إلى نصابها ، و يجمع القوم على أن الإعداد للمعركة الفاصلة في فلسطين هو جزء لا يتجزأ من التنمية الشاملة … لقد كشفت الحرب  في لبنان أن الكيان الصهيوني بشكل خطرا داهما لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهله ، وأنه يجب أن يعاد النظر في كل السياسات الخاطئة التي أتبعت من مختلف الأنظمة العربية و أدت إلى الانخراط في عولمة لا يأتي منها إلا مزيدا من الضعف و التبعية و الوقوع  تحت سيطرة القوى المهيمنة . حزب الله اليوم برهن على أن خيار المقاومة ليس مغامرة ، و نجح في التصدي للجيش الصهيوني ، وسفه دعاة الهزيمة و الاستسلام  و لعلها ستكون بداية النهاية لمشروع إسرائيل الكبرى أو الشرق الأوسط الجديد . » و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون « 
 

 الحرب العربية الاسرائيلية السادسة : عبر لاولي الالباب

الحلقة الاولـــى

 

دورة حضارية جديدة يستعيد فيها الاسلام مشعل القيادة :

 

إستنفدت الدولة العبرية مشروعية وجودها الاغتصابي إذ أتت الحرب السادسة على كسر آخر نجمة من نجمتها السداسية التي تزين بها علمها . هذه هي الحرب الاولى ـ بعد معارك التحرير الوطني أيام الاحتلال في غضون القرن الميلادي المنصرم ـ التي تقاد بإسم الاسلام في سبيل الله تحريرا للارض وللعرض . كانت 48 غدرة غادرة ثم كانت 67 و73 تحت رايات عمية جاهلية صاغتها القومية العربية ذات المضمون المادي غير الاسلامي وكذا كانت 82 علمانية عروبية . لما جاءت الصحوة الاسلامية سيما مع الشهيد البنا كان شعارها تحرير الارض والعرض معا على خلفية إنهيار الفلسفات التحريرية ذات المضمون المادي سواء كانت شيوعية أم قومية . سجلت تلك الصحوة نجاحات غير مسبوقة في عملية اليقظة الثقافية وتمدد الوعي الشعبي العام سيما في النخبة وما يحيط بها ثم دشنت مرحلة المقاومة المسلحة في أكثر من موقع فنشرت الامل مجددا في أوساط الامة وهي اليوم تصارع من أجل بناء الدولة الاسلامية فتنجح هنا كليا أو جزئيا وتفشل هناك . لقد مثل الوعي الحضاري المتنامي لدى تلك الصحوة نقطة القوة الاكبر وذلك عندما عملت بمقولة تجسد تلك الحقيقة  » العالم الاسلامي هو طائر: العروبة قلبه النابض والاسلامية الفارسية الشيعية جناحه الايمن والاسلامية التركية جناحه الايسر « . إنما نجحت أم الحركات الاسلامية قبل أربعة عقود بحرصها الشديد على أبلغ مقاصد الاسلام العظمى : الوحدة الاسلامية الكبرى الجامعة بين طرفيها : الحرية والتنوع .

تدشين دورة حضارية جديدة ـ هي في الحقيقة متجددة ـ لا يعني عدم القابلية للانتكاس بل إن عوامل الانتكاس تعتمل في رحم المشهد وهو في مهده ولعل أكبر تلك العوامل إثنين : هيمنة مشهد القرصنة ضد الطبيعة الحضارية لتلك الدورة من داخل ذات التيار الاسلامي العام و هيمنة النزعات الانفصالية لاسباب عرقية أو مذهبية أو طائفية أو فكرية .

يذهب تقديري إلى أن تلك الدورة غالبت مشاكل الميلاد بنجاح داخليا وتناولت التلقيحات الكافية ضد الاختراق الغربي التي تتأسس على أنقاضه بالضرورة سوى أن حركة توجيه بوصلتها نحو أهدافها الاستراتيجية البعيدة دون تيه أو تسكع يهرق الوقت وتنقيتها من عوامل الانتكاس القاتلة لن تزال تتطلب جهودا نظرية كبيرة .

يذهب تقديري إلى ضرورة تمييز تلك الدورة عن الضرع الشائك الذي خلفه الاحتلال ثم الغزو الفكري لوطننا العربي الاسلامي الكبير وهو تمييز ضروري لضمان حسن إنطلاقة جادة بعد حالة الحصار المفروضة عليها على مدى عقد التسعينات من القرن الميلادي المنصرم . النجاح يتطلب التمييز بالضرورة كما يتطلب شروطا أخرى بطبيعة الحال .

 

أولوية القضية القومية إسلاميا : أولوية فرضت نفسها رغم تجاهلها

 

لقد حفيت أقلام الاستاذ منير شفيق وهو يوجه زعماء الحركات الاسلامية والنخب المؤثرة إلى تلك الحقيقة منذ عقود طويلة . أغلب مؤلفاته تقريبا ينتظمها خيط رفيع عنوانه : التحرر يلد الحرية بالضرورة وهو يؤسس ذلك على تحليل صحيح مفاده إنتقال الوعي الاسلامي من حال الخلافة العثمانية ـ التي شهدت ميلاد الصحوة الاسلامية المعاصرة ـ إلى حال دولة الاستقلال القطرية الجزئية منزوعة السيادة والمشروعية معا ثم الانتقال من هذه الحال إلى ما نعيشه اليوم أي إنتظام الدولة العربية القطرية ضمن المحور الصهيوأمريكي . هذه الحال الاخيرة تؤكد تشييد الاولويات على أساس تقديم التحرر وتأخير الحرية أي التوحد في مواجهة الاحتلال العسكري والسياسي معا وما يقتضيه من إحتلال إقتصادي ولو كان ذلك على حساب المعارك الداخلية المشنونة من أجل الحرية داخل تلك الدولة العربية القطرية الجزئية المستقلة .

يذهب تقديري إلى أن كثيرا من زعماء الحركات الاسلامية والنخب المؤثرة التي تصنع الوعي إما أنها لم تكن جاهزة لوعي تلك الحقيقة التي صدقها الواقع سيما منذ ظهور حزب الله عام 1983 ثم حركة حماس عام 1987 ـ وذلك هو الارجح ـ أو أنها إنهمكت في الشأن الداخلي مكتفية بتزيين واجهاتها بالمقولة التقليدية التي ليس لها أرصدة واقعية  » القضية الفلسطينية قضية مركزية  » . بل إن بناء الشعار ذاته يعكس تخبطا في الوعي بمنزلة المعركة الام فهي حتى عند الاسلاميين قضية من القضايا حتى على فرض أولويتها أو هي قضية فلسطينية تماما كما يردد الذين إغتصبوها دون حياء أي الحكام العرب .

لا بل يذهب تقديري إلى أن الوعي بأولوية القضية القومية لدى الاسلاميين على مدى العقدين الاخيرين ـ ربما لظهور حركة القرصنة الداخلية ـ تراجع كثيرا إذ لا تكاد تعثر حتى على الشعار مكتوبا في أدبياتنا فضلا عن تفعيل الصفوف فكريا وعمليا وماليا لخدمة تلك الاولوية .

ليس كثيرا على صناع التخطيط الاستراتيجي في الدوائر الصهيونية والغربية المساعدة بشتى الوسائل على صرف ذلك الاهتمام على نحو تقديم معركة الحريات الداخلية وتأخير معركة التحرر القومية كما أنه ليس مستغربا أن تنخرط الدولة العربية في ذات الخطة لتوالي الضغوط عليها غير أنه ما ينبغي التقدم أكثر من ذلك لئلا نقع في حبائل التهم الموجهة إلى التجربة التركية الحديثة ـ أردوغان ومن معه ـ إذ تحيط بها بعض الخصوصيات المعروفة .

يجنح كثير من البسطاء منا إلى أيسر الحلول الفكرية حين تختلط الالوان وتتزاحم الخيارات والمصالح وذلك عبر بناء سلم أولويات هرمي الهيكل تراتبي المشهد وذلك تصور مغشوش لفكرة الاولويات ـ فقه مراتب الاعمال كما هي عند إبن القيم ـ .

 

أولوية القضية القومية الاسلامية اليوم تكتسب مشروعيتها من الامور التالية :

 

1 ــ أولوية المقصد الوحدوي الاسلامي شرعيا على أولوية المقصد التحريري وفي ذلك نصوص كثيرة سيما من السنة النبوية والسيرة معا وهو المنهج الذي إلتزمه فقهاء أهل السنة والجماعة برغم أن بعضهم أفرط في إستخدامه حتى لاسباب سياسية داخلية .

2 ــ أولوية درإ المفسدة العظمى على الدنيا حال العجز عن كليهما معا وأولوية تحمل هذه على تلك في ذات الحال وأولوية درإ المفسدة مطلقا على جلب المصلحة حال التعارض . وليس من شك في كون الخطر الصهيوأمريكي ـ واقعيا قبل نظريا ـ أشد من الاستبداد الداخلي . وفي كامل القرآن الكريم ما يؤكد ذلك بشكل جلي جدا وإنه لمما يلفت الانتباه حقا إلى أن عناية القرآن الكريم بالظاهرة الاسرائيلية لم تتقدم عليها سوى عنايته بغرس التوحيد في القلوب وتوحيد الناس ـ كل الناس المسالمين مطلقا ـ على كلمة سواء .

3 ــ توحد الجبهة الخارجية ـ سيما المؤثرة فيها أي أروبا وأمريكا ـ ضد قضيتنا القومية بشكل بارز ولافت يصل حد إلغاء المصالح الفردية لهذه الدولة الغربية مع ذاك القطر العربي ولو يعلم الانسان حجم المبالغ المصروفة سنويا سيما من أغنى بلدان أروبا ـ ألمانيا وفرنسا وهولندا ـ بإسم الهولوكوست لصالح الكيان اللقيط المغتصب لاصيب بالدوار . أما دوليا فإن حق النقض المستخدم أمريكيا على أوسع نطاق تغليبا لذلك الكيان يتحمل مسؤولية الانخرام الدولي الرهيب . توحد تلك الجبهة الدولية ضد قضيتنا القومية ـ قضية التحرير والاستقلال ـ يتطلب بالضرورة أولوية مواجهة ذلك التحدي .

4 ــ حساسية القضية السياسية داخليا وغربة أوطاننا عن معارك الحرية الدامية إضافة إلى دخول معطى القوة المادية في التغيير الداخلي … كل تلك العوامل تجعل من القضية السياسية الداخلية على أهميتها ذات محاذير فعلية قد تفضي إلى خلخلة الحد الادنى من التماسك الداخلي وهو الامر المنشود دوليا أي صهيوأمريكيا لفرض الاحتلال السياسي والاقتصادي دون تدخل عسكري وهو الامر الواقع في بعض مناطقنا . ومن ثم إنطلق الاستاذ منير شفيق ـ غريبا وحيدا في ذلك ـ منذ عقود طويلة يؤسس لفكر المصالحة الداخلية على شقاوتها على النفوس المكلومة وتلك هي دقة الحكمة السياسية التي لا يظفر بها كل من هب ودب من المفكرين والمصلحين . ذلك هو مثال رائع جدا لحسن تفعيل علاقات المصالح والمفاسد بصورة محسوبة بكل دقة .

 

وفي ختام هذه الحصيلة الثانية فإن المطلوب لحسن تفعيل أولوية القضية القومية عمليا هو:

1 ــ إدارة معركة الحريات الداخلية على قاعدة التوحيد الاجتماعي للناس مهما كانت التباينات بينهم ـ سيما طائفيا ومذهبيا ودينيا وفكريا ـ كبيرة . هي أصعب مهمة دون شك ولكنها أيسر سبيل إلى فرض الحرية السياسية داخليا .

2 ــ تعديل البرنامج السياسي داخليا ـ فرضا للحرية أو خدمة للناس إجتماعيا ـ على أساس نبض المعركة الام الدائرة رحاها في مركزنا . ولا بأس من إقتباس نظرية سمير أمين حول المركز والاطراف سوى أنه علينا حسن إختيار مركزنا دون أن يكون ذلك مملى علينا من مركز الاخر. مركزنا هو سرة الارض جغرافيا ـ مكة ـ وما جاورها مما بارك عليه سبحانه من حرمات ثلاث لا يفصلها عن بعضها بعضا سوى ما يفصل كل مركز ساحة وغى عن أطرافها . وهي ساحة الوغى في لحظة حاسمة من لحظات معركتنا القومية بحسب النبوءة الصادقة . نبض مركزنا هناك هو من يحدد ذلك البرنامج السياسي .

3 ــ ضبط ذلك البرنامج ـ في عملية التغيير السياسي ـ على أساس قياس آفاق الضربات الموجهة للمؤسسة الحاكمة بالتفصيل لا بالجملة . تفصيل في الحكام أنفسهم أو أنظمتهم  وتفصيل في المصالح بعيدا عن المبادئ التي يحملها هذا الحاكم أو ذاك وتفصيل في القرب والبعد عن مركزنا المحدد المعروف وتفصيل في الزمن تناسبا مع نبض حركة التغيير العربية الشاملة وتفصيل في القرب والبعد عن الاستجابة للشروط الصهيوأمريكية سيما إقتصاديا وسياسيا وقوميا .

 

وبالخلاصة فإن أولوية المعركة القومية لا تعني إلغاء أو تجميد المعركة السياسية الداخلية بل تعني تأجيجها ولكن وفق ترتيب فكري وعملي يجهض أحلام التوجه الصهيوأمريكي ولو كان ذلك على حساب المصلحة الداخلية لصالح المصلحة القومية .

 

وإلى لقاء تال أستحفظكم من لا تضيع ودائعه ودائعه .

 

الهادي بريك ـ ألمانيا

 


 

بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين
                                      تونس في 14 أوت 2006    بقلم محمد العروسي الهاني    كاتب عام جمعية الوفاء   ومناضل دستوري

تحية إكبار و شرف و تقدير لرجال المقاومة الإسلامية لحزب الله و للقائد العربي الشيخ حسن نصر الله.

أن الشرف و النخوة و الفخر و العزة التي عاشتها أمتنا العربية الإسلامية هذه الأيام وعلى إمتداد الحرب السادسة الشرسة التي شنتها إسرائيل على الشعب اللبناني الشقيق من يوم 12 جويلية 2006 إلى يوم 14 أوت صباحا طيلة 34 يوما لم يكن لها مثيل في الهمجية والعداوة و الحقد و الظلم و الكراهية للإسلام و للمسلمين , وقد دمرت لبنان طيلة 34 يوما و فعلت فعلتها الشنعاء البربرية الوحشية. ضد الأطفال و النساء و العزل و الرضع وهو ما يفعله الجبناء و أقزام الرجال و في المقابل و في المعارك الميدانية أكلت ما  أكل الطبل يوم العيد. و ذاقت الأمرين من رجال المقاومة الأشاوس الأبطال الشجعان و انهزمت أكبر قوة كانت تعتبر قوة لا تهزم و لا تقهر و خسرت . و لكن انهزمت و قهرت و أكلت نصيبها و خسرت على أرض الميدان
أكثر من 125 جنديا و ضابطا و أكثر من 78 دبابة و 5 بوارج و 4 مروحيات و طائرتين و أكثر من1250 جريحا من الجنود و قتل حوالي 50 مواطن و جرح حوالي 1450 آخرين و تدمير البنية الأساسية و الجسور و الفنادق السياحية و المساكن في حيفاء و غيرها من المدن شمال إسرائيل و بث الرعب في صفوف الجيش و الضباط  و المواطنين حسب اعترافاتهم و شاهد اتهم في التلفزة رغم التعتيم الإعلامي و قد هزمت و بكت و قهرت و أدخل الرعب جيشها و ضباطها و قادتها و حكومتها و الحمد لله إن وعد الله حق و ما حصل في صبرا و شتيلا عام 1982 دفع مؤجلا و بكت إسرائيل و رجالها و نسائها و أطفالها كما فعلت عام 1982 و الحمد لله ربي في الوجود و أن شاء الله يتواصل النصر بفضل الانسجام و التعاون والتضامن الرائع الذي شاهدناه في لبنان من كل الطوائف الشعبية و السنية و المسيحية و الدرزية وحقا تستحق لبنان وسام الشرف و وسام الرجولة.
كما أن قناة الجزيرة تستحق وسام الشرف و الشجاعة و الأقدام و أخص بالذكر  الإعلاميين الأبطال إلياس إكرام و بسام القادري و عباس ناصر و السيدات بشرى عبد الصمد و كاتنة ناصر و شيرين أبو عقلة ، على الجهود المبذولة في ساحة الوغى و ميدان القتال.
 و لا أنسى جهود العاملين في قناة الجزيرة و كذلك العربية  وقناة المنار الرائدة إعلام يشرف العرب و يرفع رأس العروبة و الإسلام و كفانا اتهامات للجزيرة و غيرها و قل جاء الحق و زهق الباطل إن الباطل كان زهوقا صدق الله العظيم.

عقد القمة العربية أمر حتمي في بيروت لبنان

تعرضت   في مقالي يوم 4 اوت 2006 الحلقة الخامسة على ضرورة عقد القمة قبل يوم 10 أوت الجاري و أكدت على ذلك في مقالي يوم 10/8/2006 الحلقة السادسة على ضرورة قبول مبادرة المملكة العربية السعودية و عقد القمة قبل يوم الخامس عشر من الشهر , و اليوم أجدد التأكيد على ضرورة عقد القمة العربية حالا و بدون تردد و ذلك يوم 21/8/2006 هذا اليوم  يصادف يوم السابع و العشرين لشهر رجب الأصم ليلة الأسرى و المعراج لرسولنا الأعظم  صلى الله عليه و سلم.
و نرحب بكل اعتزاز و فخر باقتراح الرئيس زين العابدين بن علي رئيس الجمهورية التونسية الذي دعاء هذا اليوم التاريخي و طالب بعقد قمة عربية عاجلة
لآخذ قرارات لإعادة إعمار و بناء لبنان
إنها دعوة صريحة هامة أتمنى لها النجاح و أرجو أن تتظافر جهود القادة العرب و يجتمعوا حالا لأخذ قرارات هامة لأعمار لبنان و مزيد إشعاعه و تألقه و أتمنى في الختام أن يكلل مساعي أمتنا العربية الإسلامية لرفع التحديات و رفع رأس الأمة و إعادة كرامتها و عزتها و فعلا كان القائد العربي بدون منازع الشيخ حسن نصر الله نصره الله قد أعاد فعلا كرامة العرب و شرف المسلمين . قال الله تعالى : و لله العزة و لرسوله و المؤمنين صدق الله العظيم.
ضرورة الوقوف إلى جانب المقاومة الفلسطينية  و حركة حماس و حكومتها
من أوكد الواجبات على القادة العرب و المسؤوليات الملقاة على كاهلهم بوصفهم حكام الأمة العربية و ضميرها الحي .  أن يتحركوا و يرفعوا أصواتهم و يقولوا كلمتهم بقوة و صراحة  لآمريكيا و الغرب و العالم بأن ما تقترفه  إسرائيل و الكيان الصهيوني منذ عام 1948 ضد الشعب العربي الفلسطيني أمر لا  يمكن السكوت عليه و ينبغي إتخاذ موقف عربي مؤحد إزاء مظالم العدو الصهيوني و إعتدائهم المتواصل ضد الشعب الأعزل و إن المقاومة الفلسطينية عن الشرف و الأرض و العرض و الوطن و دحض الإحتلال الصهيوني الظالم و المحتل و ليس المقاومة إرهابا كما يقولون.
يجب الإصداع بهذا الصوت العربي جميعا في القمة العربية حتى يفهم بوش بأن لغة العصر و كلمة الإرهاب كلمة حق أريد بها باطل…
فالمقاومة شرعية و قانونية و وطنية و إسلامية و  لا أحدا يدعي خلاف ذلك و حتى فرنسا عندما خاضت الحرب مع ألمانيا و النازية لم يقل العرب أنها حرب إرهابية  بل هي مقاومة من أجل حماية الوطن .
و الإرهاب الحقيقي هو إرهاب المحتل العدو الصهيوني و من يقف معه و يؤيده سياسيا و عسكريا و يمده بالسلاح ويقف إلى جانبه حتى في مجلس الأمن هذا هو الإرهاب الحقيقي الذي تستعمله إسرائيل و أمريكيا و خاصة في عهد الرئيس بوش الثاني الذي شاذ و الشاذ يحفظ و لا يقاس عليه و إن ما صرح به بوش في المدة الأخيرة يدل على حقد دفين على العروبة و الإسلام فهل فاق قادتنا العرب بهذه المؤامرة و الحرب الصليبية التي يشنها بوش على الإسلام بشتى الوسائل مرة على الشعب العراقي و الثانية على الشعب الأفغانسنتاني و مرة ثالثة على لبنان و أخرى على سوريا و خامسة على إيران و سادسة وسابعة في المستقبل إذا بقى هذا الإرهابي لعام 2009 نتمنى من الله إزالته حتى يرتاح العالم من شره و شر أتباعه .
المقاومة شرعية للدفاع عن النفس و الشرف و الوطن
فعلى قادتنا العرب الإصداع بهذا الرأي بكل شجاعة و جرأة و بدون تخاذل و خوف و أو خشية على الكرسي و مصير العائلة الحاكمة و القصور و السيارات الفخمة ، فالشعوب هي التي تختار و تقرر مصيركم و تؤيدكم و لا خوف من أمريكيا و إرهابها حينما نحترم الديمقراطية في بلداننا و نصونها و نحترم الرأي الآخر و نتحاور بصفاء و وفاء بعيدا عن المكائد و التسلط و الظلم و الإستبداد الذي حرمه الله على عباده و قال في كتابه العزيز و ما ربك بظلام للعبيد صدق الله العظيم.
حان الوقت أيها القادة العرب أن ترفعوا أصواتكم و تعبروا بالإجماع أنه كفى ظلم أمريكيا
و كفى تسلط الكيان الصهيوني الذي تجرأ على عديد الدول منها تونس التي تبعد مسافة كبيرة و لكن لم تسلم من بطش إسرائيل و ظلمها و جبروتها ففي غرة أكتوبر 1985 قصفت مدينة حمام الشط  بدعوى تصفية قيادة جبهة التحرير الوطني الفلسطليني و قائدها المرحوم ياسر عرفات و لكن في الحقيقة هي قصفت تونس و لم تحترم المعاهدات الدولية ،
كما عمدت إلى الاغتيالاات و الاعتقالات لأعضاء حكومة حماس و لرئيس لمجلس التشريعي الفلسطيني الدكتور عزيز تويك ، وهل صدر تنديد من المجالس النيابية العربية في مصر و اليمن و الأردن وغيرها من بلدان الشرق و كذلك من الدول في المغرب العربي الكبير لم نسمع بمحاولة من هذا القبيل و لا بموقف عربي موحد تجاه غطرسة إسرائيل و ظلمها و لم نسمع صوتا من مجلس التشريعي في عالم العربي ليقول لإسرائيل لا للاعتقالات لا للاغتيالات و التجاوزات الخطيرة الممنوعة أخلاقيا و دوليا و لكن ناديته حيا و لكن لا حياة لمن تنادي صمت رهيب خوفا على الكرسي سكوت و سبات عميق من طرف قادتنا الأفاضل لماذا الحقيقة الكرسي و ما أدراك من الكرسي
الخامتة  :  الشيخ العلامة القائد حسن نصر الله نصره الله الذي أتحفنا يوم 14 بحديث الحكمة و العقل و الرصانة في كلمة هادئة قالها بوضوح و صراحة
إن الانتصار الكبير الذي حققته المقاومة الإسلامية يعد مكسبا كبيرا إستراتيجيا للشعب اللبناني و للأمة العربية ، و إن حزب الله حقق النصر بفضل تضامن و إنسجام كل الشرائح و الطوائف اللبنانية بأغلبية ساحقة شيعية و سنية و درزية و مسيحية بإجماع رائع ، ووعد القائد العظيم بإعمار لبنان من جديد و خاصة الجنوب قريبا إن شاء الله و دعى إلى الصبر و التجلد و كل ووعود حزب الله واقعية و صادقة و لا نشك فيها و الرجل صادق و جرب فصح و وعد فصدق و الحمد لله للله رجال في مستوى شخصية السيد حسن نصر الله الذي رفع رأس الأمة العربية و الإسلامية و حقق ما لم تحققه شعوب ودول مجاورة في حروبها مع إسرائيل قال الله تعالى :

نصر من الله و فتح قريب و بشر المؤمنين صدق الله العظيم و قال أيضا يا أيها الذين آمنوا إتقوا الله و قولوا قولا سديدا صدق الله العظيم

. محمد العروسي الهاني كاتب عام جمعية الوفاء   ومناضل دستوري

 

 


 الحرب على لبنان وإحباطها لمفهوم الاعتدال

آمال موسى إن الحروب عندما تكشر عن أنيابها وتطلق العنان للآلة العسكرية، كي تقتل وتهدم وترهب، هي في نفس الوقت تقوم بنسف مفاهيم معينة والتبشير بأخرى جديدة وأحيانا تعيد الاعتبار إلى مفاهيم شملتها مراجعات تاريخية. وبالنظر إلى طبيعة النظام العالمي الجديد، نرى أن العولمة كمفهوم مركزي يديره أظهر الواقع استنادها بدورها إلى طاقة من العنف، وأن الولايات المتحدة هي التي تملك مشروعية استخدام القوة والاستئثار بالعنف الرمزي والمادي. لذا، فإن طاقة العنف هذه لا يمكنها أن تنتج سوى ردات فعل من طبيعتها حتى وإن اتخذت طابعا عشوائيا كأنموذج حرب العصابات مثلا، وهو ما يؤثر في طبيعة الحال على تلك المفاهيم التي اختارت اعتماد العقل والمعقولية والنبرة المتوسطة المدى ومسك العصا من الوسط. وفي هذه الأسابيع التي تعرض فيها لبنان إلى عدوان إسرائيلي شرس، تفتح ذاكرة الصراع العربي ـ الإسرائيلي على مصراعيها ويتذكر الجميع الإرث الهائل من الهزائم والتنازلات. والأمر في الحقيقة لا يتعلق بانفجار الذاكرة فقط، بل أن المشكلة تكمن تحديدا في عملية الإحباط التي تلقاها اليوم مفاهيم اعتقدنا أننا انتهينا من تأسيسها وتجذيرها في العقلية العربية الإسلامية. ومن المفاهيم الأكثر تعرضا للتدمير اليوم وبالتوازي مع التدمير الذي تعيشه البنية التحتية والبشرية والنفسية اللبنانية، مفهوم الاعتدال وثقافته في الفضاء العربي عموما، الذي يجابه بصراخ غاضب وبرفض التواصل معه، أو حتى الإنصات لخطاب أصحابه، مما جعله في موقف العزلة تقريبا. فكيف هو تاريخ العرب الحديث مع مفهوم الاعتدال والمحطات الحاسمة التي أفرزته وأخضعته إلى عدة عمليات جراحية؟! لقد شهد مفهوم الاعتدال أن العالم العربي بعد حرب 67 وهزيمة كل العرب فيها تغيرا ملحوظا فرضته الهزيمة، خصوصا أن تلك الهزيمة التي طالت الأداء العسكري، أظهرت العالم العربي في غيبوبة سياسية وعسكرية، الشيء الذي جعل الهزيمة تتسع لتمس المسألة الجغرافية في أقصى بعدها الرمزي المتمثل في احتلال القدس وأيضا احتلال سيناء. لذلك تعمق الشعور بالقصور على مستوى فهم الذات وفهم الآخر العدو، وحتى فهم العلاقات الدولية. وعلى خلفية هزيمة 67، ظهرت مفاهيم وتصورات جديدة لإدارة الصراع العربي ـ الإسرائيلي أسست لها الهزيمة ذاتها والقراران الدوليان 242 ـ 238. وفي هذه الظروف، بدأ يروج مفهوم الاعتدال وظهرت ما تسمى دول الاعتدال ثم حصلت عدة مخاضات، ركزت مفهوم الاعتدال عمليا وعزّزته كجبهة منفصلة عن جبهة مفهوم الصمود والتصدي. ومن باب الصدفة، أن قائمة دول الصمود والتصدي بدأت تتلاشى انطلاقا من قمة فاس العربية، التي تبنت مبادرة الملك الراحل فهد بن عبد العزيز التي كان من بنودها الدعوة إلى ضرورة التعايش بين دول المنطقة. فقامت تلك المبادرة بتركيز أقوى لمفهوم الاعتدال، لا سيما أن كل الدول العربية صادقت عليها، الشيء الذي وفر لمفهوم الاعتدال دفعا جديدا، حتى وإن حافظت بعض الدول على خطاب شبه متشدد إزاء قضية الصراع العربي ـ الإسرائيلي. ويمكن القول إن منذ مبادرة قمة فاس العربية والعالم العربي يتمحص في وعيه ولا وعيه المفهومين ويتجاذب بينهما صمتا أحيانا، ولغة أحايين أخرى. ولكن الملاحظة الأساسية كانت تتمثل دائما في عملية التحرك السلبي التي تقوم بها أي حرب تستهدف العالم العربي، فتعود مفاهيم الاعتدال والصمود والتصدي إلى الحياة والتداول والتلاسن أيضا. ورغم ذلك، فإن مسيرة الاعتدال لم تتوقف، فكانت حرب «عاصفة الصحراء» وما تلاها سببا في توقيع اتفاقية أوسلو، التي تمثل قمة الاعتدال العربي على مستوى الفعل وقادت أيضا إلى تلك المصافحة الشهيرة بين عرفات ورابين في حديقة البيت الأبيض. نستطيع القول إنه منذ ذلك التاريخ وأصحاب مفهوم الاعتدال في المستويين السياسي والفكري ينظرون لهذا الطريق ويثنون على هذا المسلك الذي سيقود إلى الانتصار الذي عجزت عنه البندقية. لكن الإشكال هو أن مفهوم الاعتدال كان دائما يجد ما يعيقه، بل ما يشير إلى أن النصر الذي يعد به ليس سوى انتصارات ظرفية وشكلية تظهر هشاشتها أمام كل أزمة تطلق فوهات الدافع الإسرائيلية أو تحرك صواريخ أميركية. فرأينا بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، نهاية معلنة لاتفاقيات أوسلو واحتلالا تاما للعراق وقبله أفغانستان، وهو ما أجبر مفهوم الاعتدال العربي على مراجعة تشمل كل المستويات. وفي المستوى السياسي مثلا، أصبحت مرجعية السلام العربي ـ الإسرائيلي غير خاضعة للقرارين الدوليين 242 و238 وشاهدنا أيضا النهاية المأساوية لرجل كان إيجابيا جدا مع كل نقطة ضوء للسلام، ونقصد به الراحل ياسر عرفات، الذي مثل تجربة خاسرة في الاعتدال. من جهة أخرى، تراكمت معوقات التغلغل التام لمفهوم الاعتدال مع احتلال العراق وغزوه من دون قرار من مجلس الأمن يبيح ذلك. لذلك، فإن تتالي هذه التجاوزات مثلت طعنات ضد مفهوم الاعتدال وأصحابه، لأنها تجاوزات تُذْكِي النيران والعنف وتجعل مفهوم التصدي والمقاومة ينمو في الوقت الذي يحاصر فيه مفهوم الاعتدال ويتضاءل. مع الأسف، ها هي الحرب المفتوحة على لبنان تفعل فعلها العميق في مفهوم الاعتدال وحتى في تلك المفاهيم التي استوجبها مفهوم الاعتدال أي مفاهيم التسامح والانفتاح والقبول بالآخر والتعايش معه، وهي مفاهيم كان قد بدأ العقل العربي يتعاطى معها ويتبناها ويمارسها. ولكن الأحداث الأخيرة على لبنان وقسوتها ودمارها، أسقطت كافة الجهود العربية في مجال ممارسة الاعتدال في الماء، بل في الدم كما نرى. ولا شك في أن المسؤول عن إضعاف جبهة الاعتدال العربي اليوم هو تلك الأطراف التي سعت إلى تصدير ثقافة براقة ثم تنقلب بشكل كامل في أول امتحان تجربة. ومع الأسف، أصحاب الموقف المعتدل هم أول الضحايا بعد أن خانتهم الدول العظمى التي وعدت بتوفير ظروف سياسية آمنة لتحقيق الاعتدال و قبوله. لذا، فإن الطاغي في هذه الأيام هو صوت التصدي والمقاومة الذي لا تتدخر الولايات المتحدة وإسرائيل الجهود من أجل أن يبقى عاليا، وأن يصير صوت الاعتدال أخرسَ.

 

(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 15 أوت 2006)

 


قناة الجزيرة وإعلام أصحاب الكهف

 

 

 د سلوى الشرفي سئل مرة الزعيم البولندي « ليش فاليزا » عن السبب الأساسي في انهيار النظام الشيوعي فأشار إلى جهاز التلفزيون قائلا « هذا هوالسبب ». فوسائل الإعلام قادرة إذن، بالرغم من أنها مجرد وسيط وليست منتجة أصليّة للأفكار، على المساهمة بفاعلية في خلق واقع جديد.  وتكمن قوة وسائل الإعلام ونجاعتها في كونها وسيطا لوسيط أخطر منها وهو الكلمة والصورة ومجمل العلامات التي أنتجها الإنسان للتواصل والتأثير. فالتلفظ الذي كان ينظر إليه على أنه واسطة وثانوي جدا أصبح سلطة. ويتمثل سلطانه بالنسبة إلى وسائل الإعلام في فن تحويل المعلوم إلى مجهول والسماح بالتفكير بالأشباح بدل الأشياء من خلال عالم لغوي خالص. وسلطة القول التي تتحول، بفعل هذه الآليّة، إلى تسلط بالقول، لخّصها الجاحظ في حديثه عن القدرة البلاغية في التخلص من الخصم بالحق وبالباطل، موافقا بذلك الفيلسوف الإغريقي أفلاطون الذي حارب السفسطائيّين، إعلاميّي العصر الحديث، لأنهم يسخّرون القول لجعل « الأشياء الكبيرة تبدو صغيرة والأشياء الصغيرة تبدو كبيرة  » وهذا ما فعلته قناة الجزيرة يوم الاثنين 14 أوت ( آب) فقد استفاق اللبنانيون ، وبعد 32 يوما من الدمار والأعصاب المشدودة، على صمت متوتر، ذلك الصمت الذي يعقب المجازر، والذي أيضا يمكن أن يؤدي إليها ثانية، إذا لم يتمكن الإنسان من التسلح بالحكمة أو على الأقل بالصبر. وبدا الإعلام الوطني اللبناني وطنيا جامعا أكثر من أي وقت مضى. تفادى لعبة صراع الدّيكة بين الخصوم السياسيين، وتوجه نحو المؤسسات الاجتماعية التي تجمع ولا تفرق. أعطاها الكلمة لتوجيه الشعب الجريح حول أفضل الطرق الصحية والوقائية لتفادي مآسي مجانية من نوع دخول بناءات متداعية أو التنقل في أماكن موبوءة بالألغام الإسرائيلية. واجتنب الإعلام اللبناني قدر الإمكان التصريحات التي يمكن أن تدفع باللبنانيين داخل دوامة العنف والثأر.

غير أنّ قناة الجزيرة اختارت مقاربة مختلفة.
ففي برنامج مباشر تم بثه على الساعة السادسة والربع، طلع علينا الصحفي التونسي غسان بن جدّو، مراسل الجزيرة السابق في طهران، محاطا بمجموعة من المواطنين اللبنانيين في الضاحية الجنوبية من بيروت، وهي منطقة كانت تحت سيطرة حزب الله قبل الحرب والتي دمرتها إسرائيل بالكامل. وبدأ صحفي الجزيرة في توجيه المتحدثين نحو وجهة خطيرة. فهو، أولا وكعادته، لم يعطي الكلمة سوى لأنصار حزب الله وميشال عون، الذين طفحوا يشككون في وطنية الحكومة اللبنانية ويطالبون بإزاحتها ويحمّلونها صراحة وضمنيا مسؤولية الخراب الذي لحق بلبنان.  بل أنهم طالبوا بعدم العودة إلى وضع ما قبل 12 جويلية (تموز) أي، حسب قولهم، إلى وضع لا تطالب فيه الأغلبية المنتخبة، بنزع سلاح حزب الله، الذي ظهر وباله على البلد، وبانتشار الجيش الوطني المدعم لسلطة الدولة والممثل لكل اللبنانيين، وباستقلال القرار السياسي اللبناني عن القرارين السوري والإيراني. ويتواصل التضليل لإيهام اللبنانيين بأن مجلس الأمن سلط على بلدهم عقوبة حضر التسلح، والحال أن القرار يخص حزب الله. وهو تضليل عادي بالنسبة لأناس يرفعون علم حزب الله كرمز للبنان بأكمله. هكذا تحث قناة الجزيرة، وبقسوة نادرة، على عودة لبنان إلى الوضع العبثي الذي أوصله إلى هذه الحالة التراجيدية. بل إنها، وربما، من حيث لا تدري تحثه على أبشع من ذلك. تحثه على التناحر الطائفي. فحزب الله المحسوب على الشيعة الذين لا يمثلون سوى أربعين في المائة ديمغرافيا، قرّر بمفرده ودون استشارة بقية الشعب والحكومة التي ينتمي إليها والبرلمان الممثل فيه، الدخول في حرب ضدّ إسرائيل، المدعّمة مباشرة من طرف أقوى دولة في العالم، والتي تساندها أوروبا معنويا وتشجعها الدول العربية والإسلامية بصمتها.  فكانت النتيجة العودة إلى أوضاع ما قبل تحرير الجنوب، وإلى عشية خروج المقاومة الفلسطينية صائفة عام 1982، وليلة اندلاع الحرب الأهلية سنة 1975 مجتمعة. فإذا كانت الحرب الأهلية قد اندلعت بسبب الوجود الفلسطيني في لبنان ومساندته آنذاك من طرف اليسار والعروبيين اللبنانيين من كل الطوائف، فإنها اليوم يمكن أن تندلع بسبب الوجود السوري والإيراني المختفيين تحت جلباب حزب الله الذي لا يمثل سوى الإسلاميين الشيعة. وإذا كانت حرب 1982 وحصار بيروت الغربية من طرف إسرائيل قد اندلعت بسبب وجود منظمة التحرير الفلسطينية كدولة داخل الدولة، فإن حرب تموز 2006 حصلت لنفس الأسباب مع إضافة مهمة تتمثل في أن دويلة حزب الله التي تتصرف باستقلال تام عن الدولة اللبنانية، تضم شقا من المواطنين اللبنانيين. أي أنه إذا كان اللبنانييون قد تمكنوا من تجاوز مخلفات دمار حرب 1982 بمجرد خروج الفلسطينيين، فإنهم اليوم سيجدون أنفسهم وجها لوجه مع طائفة وطنية محسوب عليه دمار هذه الصائفة المروعة الفظيعة. وإذا كانت المقاومة ينظر إليه بعين الرضي بعد تحرير الجنوب سنة 2000، فإنها قد نجحت في تبديد رصيدها هذا بإعادة الجنوب تحت السيطرة الإسرائيلية بطريقة غير مباشرة. أليس من المضحك المبكي المطالبة اليوم بكل سفاقة بالانقلاب على حكومة « فؤاد السنيورة » المنتخبة، لا لذنب ارتكبته، سوى تمثيلها قولا وفعلا لأغلبية اللبنانيين وسوى تنبؤها بالعواقب الوخيمة لتشبث حزب الله بالراعيين السوري والإيراني؟ ويعني هذا الكلام أن اللبنانيين، إذا كانوا قد تمكنوا من تجاوز مآخذهم على حزب الله بعد مجزرة « قانا » وهم يجتهدون لضبط النفس وعدم الدخول في مهاترات ومحاسبات يمكن أن توصلهم إلى وضع « الكنتونات » الذي خبروا قسوته في السبعينات، فإنه يصعب عليهم قبول العودة إلى العيش في وضع أدى بالبلد إلى دمار غير مسبوق في ظرف بضعة أسابيع. أليس من الخطير أن تفتح وسيلة إعلامية منبر حصريا، للذين يتمتعون بمنابر في دولتين خارج بلدهم إضافة إلى منابرهم المتعددة داخلها، لا ليعبروا عن رأي بل ليقولوا كلاما يعتبر قانونا من قبيل الحثّ على التناحر الطائفي في هذا الظرف بالذات؟ وفي الحقيقة فإن قناة الجزيرة قد عودتنا ، وهي ترفع شعار الرأي والرأي الآخر، على تقديم حقيقة وحيدة ممكنة للأحداث الدموية التي يعيشها العالم العربي. وتقوم هذه الحقيقة على مجموعة من الأفكار تخدم أجندة طرف سياسي معين، يتم ترسيخها في ذهن المتلقي بأساليب متعددة، تتلخص في التهويل والترهيب والإلحاح والتضليل والتكفير.  ولا تكتفي الجزيرة بهذا الخطاب لخلق إجماع، بل تسانده بإفراغ فضاءات الرأي، التي تفتحها، من التنوع والاختلاف. فقد لعبت خلال الحرب على لبنان على وتيرة الإجماع، بتجاهل الأصوات المعارضة ونجحت في إفراغ ذهن المتلقي من بذور الشك. وقد تم بهذه الطريقة قولبة فكر المتلقي بطريقة تسمح بالتصريح بأي شيء دون الخوف من السخرية. وسدت كل المنافذ أمام المتفرج ليرى حقيقة واحدة مطمئنة متمثلة في وجود شخص واحد يعرف الحقيقة الحقيقية، وهو »حسن نصر الله » البطل، حامي الوطن ومحرر الشعب اللبناني (من ماذا ومن من؟ ). إنها تقنية فعالة تسمح بخلق إجماع مزيف حول حقيقة اخترعها السياسيون يتم على أساسها قولبة فكر المتلقي في الاتجاه المحدد سلفا. وهي عملية مغشوشة في جانب كبير منها، ومع ذلك يظل سلطانها جبارا وحتى قاتلا. وقد عودتنا الجزيرة على نسج إجماع مغشوش وأساطير لأبطالها اللذين تخصصوا في ذبح شعوبهم. فقد بثت أكثر من مرة خطب « أسامة بن لادن » التي تعترف ب »الضربات المباركة ضد الكفر العالمي » وتزخر بالدعوات إلى « الحرب على الصليبيين » و »الإرهاب المحمود » والتي تدين « الغرب عامة » لأنه « يحمل من الحقد الصليبي على الإسلام ما لا يوصف » (من حديث لأسامة بن لادن بثته قناة الجزيرة بتاريخ 27-12-2001) كما دأبت على النفخ في صورة « صدام حسين » التي صنعت له أسطورة على عجل. ولم تتوانى عن التأكيد باعتزاز على امتلاك العراق أسلحة دمار دون التفطن إلى الانعكاسات الخطيرة لهذه التهمة. فدعمت بذلك الدعاية الأمريكية الهادفة إلى كسب إجماع عالمي بالعدوى والتهويل وتضخيم قوة العدو لتضخيم الإحساس بالرعب والدفع إلى القضاء عليه قبل أن يقضي عليهم. كما عملت قناة الجزيرة خلال الحرب على العراق على تكوين مشهد يظهر أن الإسلام كدين هو الهدف الوحيد لمخططات الحكومة الأمريكية. وقد سقطت بذلك في فخ الدعاية الأمريكية التي تعمل على ترويج فكرة صراع الحضارات كسبب للعنف بين الشعوب وكمحرك للتاريخ، للتغطية على السبب الحقيقي وهي مصالحها البترولية في المنطقة. إن المثير في هذه الظاهرة هو أن الأدبيات الإعلامية لقناة الجزيرة تكاد تتطابق مع أدبيات الفاعلين المهيمنين على الساحة السياسية شرقا وغربا. ورغم ذلك، يعتقد عدد كبير من المتلقين العرب إلى اليوم بأن قناة الجزيرة هي الوحيدة المعبرة عن الحقيقة. ولنا أن نتساءل :حقيقة ماذا؟ وحقيقة من؟ فلنتذكر كيف همشت قناة الجزيرة الوقائع على الأرض، خلال الحرب على العراق، وكيف ركزت وجهتها على نقل مؤتمرات وزير الإعلام العراقي « محمد سعيد الصحاف » المعتمدة فقط على دعاية النظام العراقي التي تعج بشتم « العلوج » وتعاملت مع تضليله كمسلمات.  وعندما كانت المدرعات الأمريكية تتوغل في قلب بغداد، كانت قناة الجزيرة تنقل صور مدرعات أمريكية تحترق، موهمة المتلقي باندحار العدو أمام القوة العراقية التي لا تقهر. وهكذا أعادت قناة الجزيرة اللعبة الممجوجة لإذاعة « صوت العرب » المبشرة بالنصر على إسرائيل خلال حرب 1967، التي نسميها اليوم هزيمة، والتي أنتجت آثارا مدمرة على نفسية العرب. هل تكمن الحقيقة إذن في تصوير بعض العربات المحترقة وأقوال « الصحاف » فقط؟ إنه جزء من الحقيقة البديهية.  ولكن من يعرف اليوم حقيقة المفاوضات السرية المريبة بين الولايات المتحدة الأمريكية وأطراف عربية وإسلامية للتمكن من القبض على صدام حسين ووصول الشيعة إلى الحكم وما ينتج عنه من عنف ودمار يمكن أن يؤدي بالعراق إلى حرب أهلية؟ أما في قضية اغتيال « رفيق الحريري » ومخلفاتها على النظام السوري فقد تجنّدت قناة الجزيرة للدفاع عن النظام السوري التي تقدمه كضحية مؤامرة أمريكية هدفها معاقبة هذا النظام الصّامد، كما تصفه، تجاه السياسة الإسرائيلية.  وهذا جزء من الحقيقة أما الجزء الباقي المسكوت عنه فهو عدم إطلاق النظام السوري خرطوشة واحدة لتحرير الجولان ومساندته لأمريكا في حربها الأولى على العراق مقابل السماح لها بالبقاء في لبنان واستغلاله ما يسمى بالمقاومة الإسلامية « حزب الله » خدمة لمصالحه.  ومن يعرف كذلك معاناة الشعب السوري واللبناني والفلسطيني من فرض للأوامر الأمريكية والقمع والفساد المسلط عليهم طيلة ثلاثين عاما من طرف النظام السوري تحت ذريعة تحرير الأرض المغتصبة بحجة  » لا صوت يعلو فوق صوت المعركة »؟ من يعرف أنّ النظام السوري قدم لإسرائيل خدمات لم يقدمها بعض قادة إسرائيل أنفسهم. هذا النظام قتل ما يزيد عن 100 ألف سوري بدعوى أنهم أخوان مسلمين وقتل من الفلسطينيين في تل الزعتر وطرابلس وصبرا وشاتيلا أكثر مما قتلت إسرائيل منذ نشأتها، ناهيك عن شق الصف الفلسطيني وبعثرة الصف العربي عبر مساندة إيران ضد العرب. كم من عربي يعرف اليوم حقيقة تلك الممارسات الاستبدادية التي كانت تغطيها وتسكت عنها دعاية حلفاء الأمس من فرنسيين وأمريكان والتي أزهقت بسببها آلاف الأرواح والتي تم سحبها اليوم بعد انتهاء دور النظام السوري في المنطقة؟ وتواصل اليوم الجزيرة تجويقها حول الزعماء العرب الصامدين، بحجة معارضة الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة، عوض الكشف عن ممارسات العدوين الداخلي والخارجي. وينتج مثل هذا الخطاب الإعلامي المتخصص في صنع بطولات وهمية للأنظمة الاستبدادية مزيدا من الخداع والتجهيل للشعوب العربية المغبونة. وهوما تسعى إليه الدعاية الأمريكية لإظهار العرب ككل في صورة جنس متخلف ودموي يدافع عن جلاديه ويكمم الأصوات الحرة. وفي الحقيقة فهي لا تجانب الصواب كثيرا. فذهن الشعوب العربية مقولب في جزء هام منه على هذا الأساس بفعل دعاية الأنظمة العربية المحتكرة أيضا « للحقيقة » المتمثلة في « تفانيها من أجل شعوبها » وتعرضها « لافتراءات عملاء الغرب » المعارضين لسياستها « الحكيمة » والمبررة لغلق فضائها الإعلامي خوفا من تسرب جرثومة الخيانة داخل الوطن. وهي تسمح في الحقيقة بذلك بتسريب جرثومة الجهل. لم يتعود العرب إذن، بفعل هذه الممارسات، على وجود خطاب بديل مما حال دون تدربهم على معنى الشك والتساؤل وتنسيب الأحكام. فقد تداولت عليه الأنظمة المستبدة والحركات المتشددة، اليسارية والإسلامية، الحاملة لأفكار مطلقة ولوعي مزيف. وزاد الإعلام العربي الجديد الطين بلة عندما فتح أبوابه أمام مجتمع حامل لمرض احتكار الحقيقة وعمل جاهدا على ترويجها في البلدان التي نجت منها بطريقة أو بأخرى. وهكذا تحالفت على هذه الشعب دعاية وسائل إعلامه ودعاية أنظمته الاستبدادية ودعاية السياسة الأمريكية التي تصب جميعها في نفس الخانة الفكرية المطلقة والمفرملة للمعرفة. ونحن هنا لم نعد تجاه ظاهرة إعلامية وإنما تجاه إعلام ممسوخ اسمه الحقيقي هو الدعاية. وما بين الإعلام والدعاية يوجد تعارض مطلق. فالإعلام وظيفته الإخبار والمساعدة على تكوين الرأي. أما الدعاية فوظيفتها التأثير على العقول بهدف السيطرة على سلوك الأفراد وإخضاعهم إلى أغراضها الخاصة. والدعاية هي حكم القيمة التي تصنع الإضافة تفضيلا أو تبخيسا. وعندما تدخل المعيارية من الباب يخرج الإعلام من الشباك. فالدعاية هي التي صنعت حضارة القيمة التي نعيشها اليوم والتي يتم بموجبها توزيع صكوك الطهارة والخير أو النجاسة والشر على الشعوب، من خلال وسائط الإعلام تحديدا، التي تروج بوعي أو بدونه وعلى مدار الساعة خطابا ثقافيا معياريا لدعاة الصدام شرقا وغربا. والدعاية تخلق تفكير أهل الكهف الأفلاطوني الذي لم يكن لهم بد من الاعتقاد بأن الأشياء المتراقصة على جدران الكهف هي الأشياء الحقيقية.

أستاذة جامعية من تونس salouacharfi@yahoo.fr http://geocities.com/salouacharfi/index.html

 
(المصدر: موقع إيلاف بتاريخ 15 أوت  2006)


عن تمجيد وتبرير وتشجيع الإرهاب

د. عبدالوهاب الافندي (*) عقب الإعلان عن العملية الإرهابية الأخيرة المزعومة في بريطانيا، والتي قيل إنها استهدفت تفجير عدد كبير من الطائرات المتجهة إلي الولايات المتحدة، قامت مجموعة من قيادات الجالية الإسلامية في بريطانيا بتوجيه خطاب مفتوح موجه إلي رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ينتقدون فيه السياسة الخارجية للحكومة البريطانية التي قالوا إنها ساهمت في تشجيع الإرهاب. وقد اشتملت الرسالة التي وقعها ثلاثة من النواب المسلمين في البرلمان وثلاثة من الأعضاء المسلمين في مجلس اللوردات (العدد الكلي للمسلمين في المجلسين هو ثمانية) إضافة إلي ثماني وثلاثين منظمة إسلامية بريطانية، علي إدانة قوية للإرهاب واستهداف المدنيين مهما كان المبرر، ولكنها أضافت إن سياسية الحكومة في العراق وتقاعسها عن المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في لبنان أعطت الانطباع بأن حياة المدنيين ليست لها نفس القيمة في كل مكان. وقد أثار خطاب الجمعيات والشخصيات الإسلامية ردة فعل معادية قوية من الحكومة التي وصفت محتوي الرسالة بأنه تبسيطي وخطير . وقد كرر مكتب رئيس الوزراء ما قاله بلير مراراً من قبل من أن الإرهاب لا علاقة له بغزو العراق، بدليل أن هجمات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) سبقت غزو العراق، كما أن الإرهابيين الإسلاميين (بحسب تعبيره) هاجموا بلدانا أخري كثيرة تختلف سياساتها الخارجية عن سياسة بريطانيا، مثل اندونيسيا والجزائر وروسيا. أما وزيرة الخارجية مارغريت بيكيت فقد وصفت ربط السياسة الخارجية بتشجيع الإرهاب بأنه أكبر خطأ ، مضيفة أن اللوم يجب أن يوضع في مكانه الصحيح، أي علي من يريدون تفجير الطائرات وقتل الأبرياء. من جانبه قال وزير الدولة بوزارة الخارجية كيم هويلز بأن أي دولة تحترم نفسها لا يمكن أن تسمح للإرهاب بأن يملي سياستها الخارجية. وقد اتفق معظم قادة الأحزاب السياسية هنا مع الخط الرسمي ورفضوا الربط بين تصاعد الخطر الإرهابي وبين سياسات بريطانيا الخارجية، وأكدوا أنه في الدولة الديمقراطية، يحق لكل من شاء أن يعترض علي السياسة الخارجية ويعمل علي تعديلها، ولكن بالطرق السلمية وليس بالإرهاب. من جهة أخري اتهم عدد من المعلقين السياسيين قيادات الجالية الإسلامية بأنهم يبررون للإرهاب، كما لو كانوا يقولون لو لم تستمعوا لنا نحن المعتدلين فإن المتطرفين سيأتون لتفجيركم. واعتبروا أن هذا ضرباً من التواطؤ مع الإرهاب أو التعاطف غير المباشر معه، وطالبوا قيادات المسلمين بالاعتراف بأن للإرهاب جذوراً إسلامية، وأنه كما قالت إحدي الصحف مشكلتكم أنتم يا معشر المسلمين. ولكن بالمقابل فإن رئيس الوزراء توني بلير ألقي في مطلع الشهر الجاري خطاباً في لوس أنجليس تطرق فيه كما ظل يفعل منذ سنوات للإرهاب، ووصفه بأنه أكبر خطر يتهدد العالم اليوم. وقد كرر بلير في خطابه ذاك مقولاته المعروفة من أن الإرهاب مصدره التطرف الإسلامي، ولا علاقة له بالسياسة الخارجية لبريطانيا أو غيرها، بل إن قضيته الأساسية هي محاربة الحداثة والديمقراطية. وبحسب بلير فإن الصراع الدائر حالياً في أفغانستان والعراق وغيره هو من جهة صراع بين الإسلام المعتدل والإسلام الرجعي، ولكنه من جهة أخري هو صراع حول القيم التي ستحكم مستقبل العالم. وعليه فإن هدف التدخل الأمريكي البريطاني في العراق وأفغانستان لم يكن مجرد تغيير النظم في تلك البلدان، بل تغيير القيم. فالتدخل يعني الانحياز للأغلبية المسلمة التي تريد الديمقراطية والحداثة في تلك الدول، وهذا بدوره استعدي قوي أخري، خاصة الأنظمة الاستبدادية، مما يستلزم توسيع مفهوم الإسلام الرجعي ليشمل حكومات مثل سورية وإيران التي أخافها هذا التدخل. وأضاف بلير بالقول إن الصراع مع الإرهاب يجب ألا يقتصر علي الجبهة العسكرية والأمن، بل يشمل صراع القيم والأفكار، وخاصة إثبات أن قيمنا أقوي وأفضل وأكثر عدالة من قيمهم، وأيضاً تطبيق هذه القيم بعدالة وإنصاف. وأفضل جهة يمكن أن نثبت فيها هذا هي القضية الفلسطيينة التي توحد المسلمين حالياً. وقد وعد بلير بأن يبذل أقصي جهد في الأشهر القادمة للتوصل إلي حل عادل للقضية الفلسطينية لكي يسحب من الإرهابيين أهم ورقة يتشبثون بها. وهذا يعيدنا إلي قضية خطاب قادة الجالية الإسلامية في بريطانيا الذي اتهموا بتبرير الإرهاب لأنهم طالبوا بإصلاح السياسية الخارجية كأفضل طريق لمحاربة الإرهاب. فها هو بلير الذي سفه رأيهم يقول الشيء نفسه: إن محاربة الإرهاب تحتاج إلي تغيير في السياسة الخارجية. إضافة إلي ذلك فإن الانتقاد الموجه لتعبير قادة المسلمين هنا عن رأيهم في السياسة الخارجية يعتبر نوعاً من العنصرية، لأن نفس الانتقاد لم يوجه لغيرهم من البريطانيين الذين كانوا (وما زالوا) ينتقدون السياسة الخارجية البريطانية تجاه أيرلندا أو غيرها من منطلقات مشابهة. بل إن كثيراً من أولئك، خاصة وسط قوي اليسار، لم يكونوا يتناولون الإرهاب الايرلندي من موقع الاستنكار، كما يفعل المسلمون اليوم، بل من موقع التأييد وإسباغ المشروعية عليه. ولم يقتصر هذا علي حزب شين فين الذي كان يوصف بأنه الجناح العسكري للجيش الجمهوري الايرلندي، بل شمل قطاعات أخري، بما فيها قطاع كبير من حزب العمال. فلماذا يستنكر علي قيادات المسلمين توجيه رسالة مفتوحة لرئيس الوزراء (وهل هناك عمل ديمقراطي أكثر من هذا؟) للتنبيه علي المخاطر التي تشكلها سياسات هي خاطئة في الأساس، بينما يحق لغيرهم التحدث بكامل حريتهم؟ علي سبيل المثال نجد النائب جورج غالواي تحدث الأسبوع الماضي مؤيداً حزب الله، بينما تحدث النائب والوزير العمالي السابق توني بين يوم الأحد مؤيداً حق حماس وحزب الله في مهاجمة إسرائيل، قائلاً إنه لو جاء النازيون إلي لندن فإنه كان سيضربهم بالصواريخ لو وجدها ويفجر المقاهي التي يتجمعون فيها. ولم نسمع من يقول إنهم يقوضون الديمقراطية أو يمجدون الإرهاب مما يوقعهم تحت طائلة القانــــــون الجديد. بنفس القدر فإن تحميل المسلمين المسؤولية في أن يصبحوا خط الدفاع الأول عن بريطانيا والغرب ضد الإرهاب تقوم علي الافتراض القائل بأن من يستهدفون الغرب يتحركون بدافع عقائدي إسلامي يملي عليهم هذا التحرك، وليس بدافع سياسي. ولا شك أن العقائد الدينية تشكل عاملاً مشتركاً بين من يقومون بهذه العمليات، ولكن دراسات عديدة تم إجراؤها أثبتت أن ما يحفز هؤلاء للتحرك هو موقفهم من قضايا سياسية معينة. بن لادن مثلاً ركز في كل خطابه الموجه إلي الغرب علي الوجود الأمريكي في السعودية باعتباره قضيته الأساسية، وإن كان أضاف مظالم أخري فيما بعد. كثير من الشباب الذين اندفعوا للانضمام للقاعدة أو غيرها من المنظمات المقاتلة أكدوا أن ما حفزهم لذلك هو ما كانوا يشاهدونه في الإعلام من فظائع ضحاياها من المسلمين. إذن هناك تضافر في الدوافع بين العقيدة الدينية، والتضامن مع ضحايا الظلم والتأثر بالمشاهد الإعلامية. بلير والساسة وكثير من المفكرين في الغرب يعتقدون أن الأمر يتعلق فقط بالبعد الديني، وعليه يرون أن المسألة تحل بالدخول في جدل فقهي مع هؤلاء المتطرفين هو المدخل لإقناعهم بالتحول إلي الاعتدال. ولكن أي شخص جرب الدخول في جدل مع مؤيدي هذه التيارات يدرك أن أي نقاش يتحول بسرعة إلي جدال حول سياسات إسرائيل وأمريكا وفظائعهما في العراق وفلسطين وغيرهما. وهذا يعني أن هذه المهمة إما أن تتحول إلي حملة إلي الدفاع عن سياسات بريطانيا وإسرائيل وحلفائهما، أو تصبح حوار طرشان. وهذا ما يضع القيادات الإسلامية في الحرج الذي تحدثت عنه. من جهة أخري يجب أن نرحب بالتحول الظاهري في موقف توني بلير من القضية الفلسطينية وإدراكه لأهميتها، وعلي القيادات الإسلامية أن تشجعه علي الاستمرار في هذا الخط. فقد ظل توني بلير وحلفاؤه في واشنطن وإسرائيل يتهربون من مواجهة هذه المسألة عبر التورط في حروب في لبنان والعراق وأفغانستان، وعبر دعم الدكتاتوريات الموالية في البلدان العربية. ولكنهم عادوا فإدركوا إن المغامرات في العراق وغيرها لن تنقذهم من مواجهة هذا الاستحقاق، بل بالعكس، أصبح حل الإشكال الفلسطيني هو رهانهم من أجل حماية وضعهم في العراق والمحافظة علي حلفائهم المعتدلين . ولا شك أن بلير سيواجه ضغوطاً من أصدقائه الإسرائيليين للابتعاد عن هذا المسار. (*) كاتب وأكاديمي سوداني مقيم في بريطانيا (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 15 أوت 2006)


الخسارة الثانية للجولان

بقلم:  د. برهان غليون (*) ليس هناك أي شك في أن الحرب التي شنتها إسرائيل، بالأصالة عنها وبالوكالة عن الولايات المتحدة الأمريكية، مثلت مرحلة متقدمة على طريق حسم المواجهة التاريخية بين العرب وإسرائيل على السيادة في منطقة المشرق بأكملها وفرض قانون إسرائيل، أي سيطرتها فيها. فبعد الانسحاب الشامل لجميع الدول العربية من المواجهة، بما في ذلك تلك التي لا تزال تصدح بالممانعة والصمود اللفظيين، بقي حزب الله الشوكة الوحيدة في خاصرة إسرائيل، لما يجسده من رمزية للمقاومة الناجحة، منذ طرده قواتها في الجنوب عام 2000، ولما يملكه من أسلحة يستطيع أن يهدد بها العمق الاسرائيلي، ولما يمثله من ذراع حماية للنظام السوري، الذي يشكل حلقة الوصل التي لا بديل عنها في قيام محور الممانعة الاسلامية الايرانية. وبالتخلص من هذه الشوكة كانت إسرائيل، ومن ورائها الإدارة الأمريكية المزاودة عليها في الشرق الأوسط، تأمل في أن تستكمل مشروعها الذي بدأ بحرب العراق عام 1991، وتفرض نفسها على العرب كما تريد هي أن تكون، وليس عبر أي تفاهم، أو مفاوضات محتملة تضطرها إلى اقتسام المصالح، أو حتى التفكير بمصالح الشعوب العربية، سواء أكانت مصالح أمنية أو اقتصادية أو سياسية. فقد قامت إسرائيل على مبدأ الأمر الواقع المكرس بالقوة العسكرية، وهي مستمرة في فرض سيطرتها وتفوقها الشامل كأمر واقع، وبوسائل أكثر عنفا من السابق. وفي هذا الميدان لا تقدم حرب لبنان أي مفاجأة أو تغيير في السياسات التي عرفتها البلدان العربية في علاقتها مع إسرائيل. فبهذه الطريقة فرضت الدولة العبرية نفسها على العرب الرافضين لها، وبها أيضا حققت توسعها وتغيير ترسيمة حدودها. وبها أخيرا أرادت أن تفرض واقعها أو أمرها الواقع على الشعب الفلسطيني، وهو ما سعت إليه أيضا في لبنان ومع حزب الله الذي يواجهها. لم تكن المفاجأة في هذه الحرب، لا في العنف الاسرائيلي، ولا في ما تلقته تل أبيب من دعم أمريكي غير محدود، عسكري ودبلوماسي، ولا أيضا في تساهل المجتمع الدولي، أي في الواقع المنظومة الغربية التي تسيطر على مؤسساته، معها. كانت المفاجأة الوحيدة هي صمود مقاتلي حزب الله وبسالتهم. وهو ما فتح نوافذ فرص جديدة وآفاق لم تشأ الدول العربية المعنية، التي يبدو أنها يئست من مواجهة اسرائيل وتعسفها، أن تلحظها، ومن باب أولى أن تستفيد منها. وإذا كان من المفهوم والمنطقي أن لا ترى دول عربية عديدة هذه الفرص ولا تسرع لاستغلالها، وهي التي اختارت طريق التسوية المنفردة، وحققت من خلالها مصالح أساسية، مثل استرجاع سيناء كما حصل بالنسبة لمصر، والاحتفاظ بالعلاقات التفضيلية مع الدولة الكبرى الرئيسية، أعني الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أزمة خطيرة أصابت هذه العلاقات وكادت تقضي عليها بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، كما هو الحال بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فمن غير المفهوم أن تخفق بلدان مثل سورية، كانت ولا تزال تدعو إلى المقاومة، وتبذل جهودا دعائية كبيرة لاستمرارها في فلسطين ولبنان والعراق، في رؤية هذه الفرص، وأن لا تسعى إلى استغلالها. ولا أعني بذلك أبدا أنه كان على النظام السوري أن يدخل المعركة تأييدا للمقاومة اللبنانية الحليفة أو دعما لها. فليس هناك سبب يدعو هذا النظام إلى أن يختلف في سلوكه عن الأنظمة والحكومات العربية الأخرى، التي لا تتذكر التضامن العربي إلا عندما تتعرض مصالحها الخاصة للخطر. وعندما لا تجد كثير صدى لاستغاثاتها تبدأ حملة الردح والندب على عالم عربي لم تبذل أي جهد لبنائه، ثم لا تلبث حتى تجعل من التقاعس العربي ذريعة لتبرير الفشل والتهرب من مسؤولياتها في حماية مصالح شعوبها أمام الرأي العام المحلي والعربي. ما أقصده هو أن المقاومة البطولية التي أظهرها حزب الله، وفرض على الجيش الاسرائيلي أن يعيد بناء خططه مرات عديدة بسببها، كانت المناسبة الوحيدة التي يستطيع فيها النظام السوري، التذكير بوجود الاحتلال الاسرائيلي في الجولان، وإعادة فتح ملف هذا الاحتلال، ودفع مطلب تحريره إلى طاولة المفاوضات من جديد. ولم يكن في حاجة لتحقيق هذا الهدف إلى أكثر من تقديم يد العون إلى لبنان، والانخراط الجدي وراء المقاومة، وترك إسرائيل ترد عليه قبل أن يرد هو في الجولان. ولم يكن من شان ذلك أن يكسر الجليد المتراكم حول قضية الجولان فحسب ولكنه كان سيمكن النظام السوري من استعادة صدقيته تجاه لبنان وعند الرأي العام اللبناني أيضا. بالتاكيد كان مثل هذا الموقف سيجره إلى الحرب مع إسرائيل، وما تعنيه من احتمال تدمير جزء من البنية التحتية السورية، كما حصل في لبنان. لكن كان هذا هو الثمن الوحيد لإعادة طرح مسألة الاحتلال، وخوض الحرب من أجله، في أحسن ظرف يمكن لسورية أن تحقق فيه أهدافها الوطنية المشروعة. فالولايات المتحدة موحلة في العراق، وإسرائيل تخوض حربين واسعتين في فلسطين ولبنان، ولا أمل لها في حسمهما امام قوات غير نظامية، كما تبين ذلك بوضوح اليوم. والرأي العام السوري المعبأ وراء صمود المقاومة اللبنانية، كان مستعدا أيضا لتأييد أي تحرك سوري في الاتجاه نفسه، وقبول التضحيات المترتبة عليه. وكان بإمكان النظام السوري أن يتبع الاستراتيجية اللبنانية نفسها في دفع عناصر مغاوير وكومندوز إلى الجولان، واستخدام ترسانته من الصواريخ، المزودة بشحنات تدميرية تفوق بما لا يقاس ما يملكه حزب الله، لضمان بقاء الحرب في دائرة محدودة، أي لردع القيادة الاسرائيلية ومنعها من المبالغة في تدمير المواقع الاستراتيجية والبنية التحتية السورية، لأن ثمن ذلك سيكون تحقيق الهدف نفسه في إسرائيل. وعلى كل حال هذا هو مضمون المعادلة التي تبرر الاحتفاظ بهذه الترسانة من الصواريخ، والانفاق المستمر على القوات المسلحة. وإلا لا أحد يعرف ما وظيفتها ومتى سيكون من المجدي استخدامها، وما هي الحكمة في ترك إسرائيل تستفرد بالجبهات العربية واحدتها بعد الأخرى. لو حدث ذلك لا ختلفت النتائج العسكرية والسياسية تماما للحرب الدائرة الآن. فمن جهة ما كان بمقدور إسرائيل أن تحقق نتائج على الأرض كالتي حققتها في جنوب لبنان، وهي قليلة على أية حال. أي لكان حرمان اسرائيل من النصر أقوى بكثير مما حصل. وهو ما يعادل تكبيدها هزيمة تضطرها إلى مراجعة جميع حساباتها الاستراتيجية. ومن جهة ثانية ما كان لمثل هذا الانفجار العام حول إسرائيل الذي يشمل سورية وفلسطين ولبنان في الوقت نفسه إلا أن يهز الرأي العام العالمي الرسمي والشعبي، ويعيد طرح مسألة الصراع العربي الاسرائيلي برمتها، أي تصميم إسرائيل على الاحتفاظ بالأراضي المحتلة وتهويدها والدفاع عن حقها في تهويدها بالحروب والدمار، كما لم يحصل في أي وقت خلال العقود الثلاث الماضية، وأن يجعل من إعادة فتح المفاوضات لايجاد تسوية سياسية عامة وشاملة لهذا الصراع أولوية في أجندة السياسية الدولية جميعا. وهو ما نطالب به نحن العرب منذ عقود، والسوريين خاصة، مراهنين في ذلك على حسن النوايا الأمريكية، بينما كان علينا نحن أن نفرضه بجهودنا وتضحياتنا على الأمريكيين والاسرائيليين. بالتأكيد كان هذا العمل سيكلف سورية خسائر كبيرة بالأرواح والأملاك. بيد أنه كان سيحررها أيضا من عبء الاحتلال ويحرر المنطقة من ارتهانها الطويل والقاتل للنزاع غير المتكافيء مع ا سرائيل، أي لطغيان القوة الاسرائيلية، ويعيد بناء الشرق الأوسط بالفعل على أسس مختلفة عن تلك التي تطمح إسرائيل والولايات المتحدة إلى بنائه عليها اليوم، من خلال الحرب في لبنان والعراق وفلسطين معا. لقد رفضت سورية رهان المقاومة في اللحظة التاريخية التي كانت مقاومتها تشكل مفصلا وأداة حسم لوضع متفسخ، يقوض الأسس التي تقوم عليها المجتمعات العربية في المشرق، ويدفعها إلى الغوص والغرق في أوساخه كل يوم أكثر من قبل. وبدل أن يختار النظام السوري أن يكون شريكا في المقاومة وعاملا من عوامل انتصارها، سعى بالعكس إلى أن يظهر استعداده للتعاون والتدخل لإطفاء النيران. لقد اختار في الواقع أن يكون الحفاظ على النظام، من خلال تحسين صورته في نظر الدول الغربية التي قررت عزله ومقاطعته، هدفه الأول بدل تحرير الجولان أو حتى نصرة لبنان. وهكذا ما كان بإمكانه إلا أن ينزع إلى الصمت والسكون، ويظهر الاعتدال والحكمة والهدوء وضبط النفس، في الوقت الذي كانت اللحظة تتطلب منه الحركة والنشاط والحسم. وهو عكس ما اعتاد عليه من إظهار التهور وروح التحدي والاستعداد للقتال في وقت السلم والاستقرار. هكذا لم ينجح النظام السوري في ترميم علاقاته مع الدول الغربية، وبالتالي في استعادة جزء من دوره الإقليمي الزائل في لبنان، كما كان يأمل، وخسر إلى الأبد صدقيته أمام الرأي العام السوري والعربي في ما يتعلق بالموقف من استعادة الجولان. ولهذا، خرج النظام السوري، بعكس ما يقوله بعض أعدائه، الخاسر الأكبر، داخليا وخارجيا، من حرب لبنان. وكما غاب عن ساحة المعارك استبعد أيضا من مائدة مفاوضات وقف النار. فكان منها لا في العير ولا في النفير. (*) أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة السوربون ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر – باريس (المصدر: موقع أخبار الشرق (لندن) بتاريخ 12 أوت 2006) الرابط: http://www.thisissyria.net/2006/08/12/articles/02.html


قراءة في تداعيات الحرب الإسرائيلية على لبنان

د. فيوليت داغـر (*) الي شهداء لبنان أطفالا ونساء ورجالا وقفة اجلال. الي من دفعوا حياتهم فداء لوطنهم وغادروه علي حين غرة من دون موعد، في يوم لم تشرق الشمس عليهم، تحية اكبار، علّ لبنان الغد يخلد ذكراهم ويستحق موتهم. مشاهد الدمار والمجازر التي ترتكبها اسرائيل في لبنان، منذ أن بدأت بتاريخ 12تموز (يوليو) 2006 شن هجومها العدواني علي أراضيه، تعدت ما يمكن أن يتصوره العقل أو تقوي طاقات البشر علي احتمال فظاعاته. صراخ الأمهات والأطفال يملأ الآذان وصور اشلاء الضحايا، التي تنقلها لنا بالخصوص وسائل الاعلام المرئية والفضائيات العربية التي ما زالت تصل لعين المكان، لم تترك أحدا محايدا. الكثيرون من خارج لبنان لا يقوون علي مفارقة التلفاز لمتابعة ما يجري. آلاف مؤلفة تخرج للشارع للتظاهر والتنديد بجرائم الحرب الاسرائيلية واسماع الصوت، علّّ العالم اللاهي في عطلة صيف لم يسمع بعد دوي الانفجارات فيه. هناك من عني بجمع المساعدات والأدوية لأهل هذا البلد وآخرون توجهوا اليه رغم صعوبات العبور للتضامن مع شعبه علي الأرض ومعاينة الواقع عن كثب. للتعرف علي وجهه الجديد بعد العدوان البربري الذي تعرض له، وهناك من عزم النية علي القيام بمتابعات قضائية لنقل شكواه للمجتمع الدولي، ومطالبة الهيئات المختصة بتعويضه علي خسائره ورفع دعاوي ضد المسؤولين الاسرائيليين عن الجرائم التي طالته. لقد مضي اكثر من شهر منذ بدء العمليات العدوانية وما زال جيش الكيان الصهيوني يوسع هجماته البرية والبحرية استكمالا لمخطط القتل والتدمير والتهجير ضد لبنان وشعبه. ذلك بقرار ودفع أمريكي وتواطؤ دولي وتخاذل رسمي عربي، حيث لم يفض تضامن الأخوة بعد مرور 27 يوما من بدء العدوان لأكثر من انعقاد اجتماع علي مستوي وزراء خارجية دون كبير جدوي. هذا التقاعس أو التواطؤ يتم تغطيته بارسال مساعدات طبية وغذائية ارضاء لأزمة ضمير أو لاسترداد ماء وجه أمام شعوب لم تعد تجد في غير قائد المقاومة رمزا لها. في طلعات شبه يومية، ما برحت الآلة الحربية الاسرائيلية تغير علي الجسور والطرق التي تربط المناطق والمدن والقري، مقطعة أوصال لبنان وامكانية التنقل بين ربوعه. استهدفت البني التحتية ودمرت بيوتاً ومباني ومناطق سكنية بكاملها. كما ضربت قطاعات مدنية وعسكرية للجيش اللبناني وهوائيات بث ووسائل اعلام بطاقمها وبنيانها وسيارات اسعاف ودفاع مدني. اعتقلت وخطفت وشنت حربا نفسية علي المدنيين بالقاء المناشير التحريضية وتخريب السلم الأهلي والتحريض الطائفي والمذهبي. باختصار، ارتكبت اسرائيل بسادية لا مثيل لها جرائم حرب جسيمة حسب أحكام اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة والبروتوكولين الملحقين بها. كما لم تعر أهمية لمبدأ تناسب القوة أو التمييز بين المدنيين والمسلحين أو احترام قوافل الاغاثة والطواقم الطبية أو توفير الامدادات الغذائية والدوائية او ضمان المستلزمات الأساسية. هذا التدمير والقتل الوحشي لم يقابله تحرك مواز من المجتمع الدولي لايقاف جرائم العدوان الاسرائيلي ـ الأمريكي. أفكار ومشاريع وتحركات دبلوماسية واختلافات اوروبية ـ امريكية حول أولوية وقف اطلاق النار قبل البحث بحل أو العكس، لكن دون التوصل لحل. فالمعتدي يريد الوصول الي مجري الليطاني، أو علي الأقل تكوين منطقة عازلة بعمق عدة كيلومترات من الناقورة غرباً وحتي كفركلا شرقاً يتم تسليمها فيما بعد للقوات الدولية المقترح تشكيلها. اسرائيل تنتقم ممن تفترض أنهم يدعمون المقاومة في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية. ومن وراء استهدافها لمناطق لا وجود فيها لمقاومي حزب الله تهدف لضرب وحدة الشعب اللبناني واثارة النعرات الطائفية وجعل المجتمع اللبناني ينفض عن المقاومة ويحملها المسؤولية فيما يجري. لكن هذا لم يحصل، بل تآزر اللبنانيون فيما بينهم واستقبلت المنطقة المسيحية مهجرين من الجنوب، كما وانعقدت قمة روحية اسلامية ـ مسيحية لكافة الطوائف اللبنانية في مقر البطريركية المارونية. في هذه القمة عبر المجتمعون عن وحدة الموقف اللبناني واعتبروا حزب الله شريحة أساسية من المجتمع اللبناني وأحد مقومات مقاومة الاحتلال. كل ذلك علي خلفية معارك ضارية علي الأرض من قبل المقاومين الذين استطاعوا أن يكسروا مرة أخري أسطورة الجيش الذي لا يقهر. لقد هزموا عنجهيته بقصفهم لمدنه ومواقعه العسكرية وتكبيده الخسائر التي يتكتم في الكشف عنها بابعاد الصحافيين عن أماكن عملياته واستهدافهم وتهديدهم. في بنت جبيل ومارون الراس ويارون وعيناتا والخيام والعديسة والطيبة وكفركلا وبعلبك وغيرها، سمحت المقاومة لأبناء الوطن والأمة برفع الرأس شامخا. جموع غفيرة من الوطن العربي تقتدي بمثلهم بعدما شربت الذل والمهانة حتي الثمالة علي أيدي حكام جاثمين علي صدورها لا يمثلون سوي طاقمهم. لقد تجاوز عدد القتلي الألف شهيد، يضاف لأكثر من 3000 جريح، علاوة علي ما يقرب من المليون نسمة نزحوا من مناطق سكناهم هربا من القصف. من هؤلاء 400 ألف نازح الي بيروت توزعوا علي 350 مركزا وبقي 750 في العراء، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء في أماكن عامة، مع نسبة كبيرة من أطفال لم يفتقدوا الحماية فحسب، بل الغذاء والدواء وبراءة الطفولة.. أما الذين هجروا أو هاجروا خارج الأراضي اللبنانية فنسبتهم كبيرة. هناك منهم من سيعود بعد وقف الأعمال الحربية أو استرداد السكن، ومنهم من سيبقي في الموطن الذي قصده عن قصد أو مكرها. بكل الأحوال، وان اختلفت الحالات وتعددت التصنيفات يبقي القاسم المشترك هو ما اختزنته الذاكرة من عنف وما ذخرت به النفوس من شعور بالغبن وانتهاك للحقوق. وحيث أنه من الضروري دراسة تأثير هذا الانسلاخ المفاجئ عن الوطن وبظروف قاهرة من هذا النوع علي مخزونات الفكر والنفس وعلي عملية انتقال ذلك للأجيال القادمة، لا بد من التوقف عند هذه الاشكالية ولو قليلا. خاصة وأن البعض لا ينظر اليها بأبعد من التخلي عن الواجب الوطني. هذا الانسلاخ عن الوطن، أكان لفترة زمنية محددة أو أكثر، يضع الانسان بمواجهة الخسارة كمفهوم، مهما كان نوع هذه الخسارة. بمواجهة ذلك سيكون مطلوبا من اللبناني المهاجر التصدي لما فقده بالقيام بعملية الحداد . ربما يمر البعض بمرحلة يشوبها نوع من الغبطة لفترة زمنية قصيرة، بعدما تخلص من الجحيم الذي عاشه ومن الشعور بالانتصار علي الظروف القاهرة التي لم ينج منها الآخرون. كما ويمكن للبعض أن يتصور البلد المستقبل بشكل ايجابي وأحيانا مثالي. لكن مع استمرار الأعمال الحربية والقتل والتشريد ومع مرور الوقت والتعرف علي هذا الجديد، من المؤكد أن الصورة الايجابية للبلد المضيف ستبدأ بالتراجع لتحل مكانها حالة بعلاقة أكبر مع الواقع المعاش. صحيح أنه لا يمكن تعميم المثل حيث كل حالة تبقي حالة خاصة، لكن هناك عوامل ستؤثر علي تعاطي هذا المهاجر مع البلد المستقبل، من مثل سياسة البلد المضيف تجاه المهاجرين عامة أو اللبنانيين خاصة وفي هذه الظروف بالذات. حيث أن عملية احتضانهم والترحيب بهم بما يوفر لهم الشعور بالأمان ستخفف بالتأكيد من وطأة أيامهم ومن شعورهم بالذنب تجاه ذويهم والذين تركوهم لمصيرهم. قد يكون هناك مؤسسات رسمية تعني بهم لتسهيل عملية التعارف علي المجتمع الجديد وثقافته والتفاعل معه دون صعوبات خاصة ان كان عامل اللغة عائقا في تحقيق ذلك. لكن ذلك قليل قياسا بما يفترض. وقد نجد أحيانا أطرافا من جمعيات المجتمع المدني يمكن أن تلعب دور الوسيط أو المسهل لعملية التأقلم وفهم الواقع الجديد وتعترف بالصدمة التي يعيشها المهاجر. لكن هذه الجمعيات تبقي عملة نادرة اجمالا. علينا الاتكال علي عامل الوقت لتتم عملية انتقال البلد ـ الحلم من البلد المستقبل للبلد الطارد. فالأرض الموعودة ستترك مكانها في الذهن والوجدان للأرض الضائعة، بما يؤكد علي الدخول في مرحلة الحنين والأسي علي موضوع الخسارة. هذه المرحلة المؤلمة والمكلفة نفسياً يمكن أن نشهد فيها سلوكات من نوع الهرب للأمام وترجمة المعاناة عند الأطفال أحيانا بأعمال عنفية، وبكل الحالات ما يمكن أن يسمح بالهرب أو التخفيف من الانتظارية اللامحتملة. فآلام الزمن والمكان كبيرة وهي تراوح بين طرفي الحاضر في المكان الحالي والماضي في المكان الضائع، خاصة عندما يكون هذا الماضي محملا بذكريات مؤلمة ومعاناة قاسية، بما سبب هذا التشرد والانسلاخ عن الوطن الأم، خاصة لو تضاعف بخسارة قريب أو حرمان من عزيز أو طرد من منزل أو اجبار علي هجر الوطن. هذا اللبناني المنسلخ حديثا عن الأرض التي أنجبته وبظروف قاهرة من هذا القبيل ستترافق معاناته مع الحنين للزمن الغابر حين كان طفلا يقبل علي الحياة ويحلم بمستقبل واعد ببراءة وثقة بالغد. هذا الجانب النفسي الذي هو بعلاقة مع المكان الجغرافي يترافق ببعد آخر ذي أهمية كبيرة، ألا وهو لغة التخاطب مع الآخرين في البلد المستقبل والتي قد تختلف عنها أو لا تكون سهلة الاستعمال أو حتي غريبة. انها من المسائل التي ستترك تأثيرات علي الذاكرة وعلي صورة الذات التي تشكلت بجزء منها مع لغة الأم. كذلك مع اللغة الأم التي هي بالتأكيد الشكل الأشد التصاقا بصورة الذات وبالتعبير عن الذات وتقديمها للغير. لا ننسي أيضا أن هذا المهاجر لن يعاني من خسارة المحبوب أو الأهل أو الوطن أو كلاهما فقط، وانما سيواجه معضلة من نوع آخر. عليه أن يقبل أنه بات خسارة لذويه، بما قد يضاهي رمزيا فعل اللاعودة أو الوفاة. فالي أي حد سيتحمل من هاجر مواجهة هذه المعادلة؟ مع انقضاء الوقت والتأقلم شيئا فشيئا مع المحيط المستقبل سيصبح هذا اللبناني الذي كان في البداية غريبا عن البلد الذي استضافه، غريبا من جديد في بلده لو عاد لقضاء عطلة أو للعيش فيه. حيث أنه تغير بنظر الغير كما تغير الآخرون بالنسبة له، والمسافة بين الطرفين قد تكون كبيرة. بما يجعله يطرح تساؤلات عن هويته وانتمائه لبلده الأم وجدوي العيش فيه. فهو قد جاوز الآخرين الذين تركهم ربما بشق طريق أفضل مما كان متوقعا له لو بقي معهم. اضافة الي ما كسبه من خبرات وثقافة سمحت له باغناء شخصيته وبانفتاحه علي العالم الواسع انطلاقا من هذه الهجرة. مما غير مثله وقيمه وصورته عن نفسه وطريقته في التعامل مع الحياة. لكن العكس قد يكون صحيحا أيضا، أي أن يشعر هذا اللبناني المغترب بأنه بات أكثر وطنية أو التصاقا ببلده الأم وبكل ما يعني ذلك من التزام بقضاياه. فتسقط الأقنعة عن الأوهام التي كان يحملها عن الآخر وبلد المهجر والعالم. ربما هو بحاجة للتأكيد علي أنه لم يخن أهله ووطنه ولم يقترف خطيئة عندما تركهم لمصيرهم وهاجر بعيدا عنهم. انه غيض من فيض مما ستعيشه هذه الفئة من اللبنانيين التي تشردت في أوطان الاغتراب. وهذا لا يعني أن المغترب سينسي واجبه في معركة التعريف بما يحدث في بلده. لقد لوحظ أن الشعور بأهمية الوطن يزداد قوة بعد الاغتراب عنه. والأمل كبير بأن يصبح من هاجر من اللبنانيين سفراء لبلدهم ملتزمين باعادة بنائه. (*) رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان – باريس (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 15 أوت 2006)


Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.