TUNISNEWS
8 ème année, N 3232 du 29 .03 .2009
archives : www.tunisnews.net
حــرية و إنـصاف:مصر تمنع قافلة الوفاء للمقاومة من عبور أراضيها إلى غزة
ا ف ب: طلاب تونسيون مضربون عن الطعام منذ 45 يوما للعودة الى جامعتهم
السياسة: »حقوق الإنسان » تحذر السلطة التونسية من أوضاع الطلبة المضربين عن الطعام
راديو سوا: « الجامعة أو الموت » شعار يطلقه جامعيون تونسيون
أ ف ب : الرئيس السابق لحركة النهضة التونسية يؤكد انه ضحية قضية « سياسية » بسبب آرائه
الجزيرة نت:وسط اتهامات بأن المحاكمة سياسية:إرجاء الحكم على الزعيم السابق لحركة النهضة التونسية
السبيل أونلاين :الدكتور شورو يؤكد أن محاكمته لن ترهبه..والحكم يوم 04 أفريل
د.ب.أ:سجن فتاة تونسية بتهمة الإرهاب
ملفات الصباح: سياسيون وبرلمانيون وحقوقيون تونسيون يتحدّثون عن القمة العربية بالدوحة
عريضة مساندة للقضاة أعضاء المكتب الشرعي لجمعية القضاة التونسيين
الصباح: المنذر ثابت الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرّري:المعارضة فوّتت على نفسها المنعرج التاريخي
الاتحاد الديمقراطي الوحدوي:تظاهرة إحياء الذكرى 33 لـ »يوم الأرض »بالمقر المركزي للحزب
واس:الحكومة التونسية تقرر العدول عن العمل بالتوقيت الصيفي
جيلاني العبدلي:تونس: وطن وبوليس ورشوة
بحري العرفاوي:أولاد أحمد « شاعِرُ تونس » التونسي!!
عامر عياد:خنيس: منتزه نموذجي أم مصب للفضلات ؟
الشيخ راشد الغنوشي يكتب عن : الخطاب الاسلامي المغاربي
الجزيرة.نت تونس تحقق الفوز على كينيا في عقر دارها
محمـد العروسـي الهانـي:المحطات الفضائية الشجاعة عليها مسؤولية كبرى لدعم حرية التعبير
محمّد فوزي المهاجر:حقيقة العلاقة بين القرآن والفكر الأسطوري
أبو خولة: لماذا تبنيت خولة و رفضت الطلاق
كرم الحلو :طوباويات الحداثة ورهاناتها الخائبة
د.صلاح بن فهد الشلهوب:تصريح الصحيفة الرسمية للفاتيكان .. هل يؤكد مصداقية المصرفية الإسلامية؟
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
منظمة حرية و إنصاف
التقرير الشهري:حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس
جانفي 2009
منشور على صفحتنا بتاريخ 17 فيفري 2009
فيفري 2009
منشور على صفحتنا بتاريخ 15 مارس 2009 https://www.tunisnews.net/15Mars09a.htm
أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 01 ربيع الثاني 1430 الموافق ل 28 مارس 2009 مصر تمنع قافلة الوفاء للمقاومة من عبور أراضيها إلى غزة
منعت السلطات المصرية مساء اليوم السبت 28 مارس 2009 القافلة التونسية » الوفاء للمقاومة » من عبور أراضيها للوصول إلى غزة، وقد علمت المنظمة أن السلطات المصرية أجبرت المشاركين في القافلة على العودة إلى التراب الليبي بعد أن تمت معاملة البعض منهم معاملة سيئة. و قد أعلن المشاركون اعتصامهم حيث هم للضغط على السلطات المصرية حتى تسمح لهم بإدخال ما لديهم من أدوية إلى قطاع غزة. و كانت قافلة » الوفاء للمقاومة » المتجهة إلى غزة انطلقت على الساعة الخامسة من مساء يوم الثلاثاء 24 مارس 2009 من ميناء رادس بتونس العاصمة عبر الطريق البرية مرورا بليبيا و مصر، و قد شاركت إلى جانب الاتحاد العام التونسي للشغل منظمات المجتمع المدني من أطباء و بياطرة وصيادلة و محامين في حملة تجهيز هذه القافلة المكونة من 6 شاحنات تنقل 80 طنا من الأدوية والأجهزة الطبية و الأغذية و على متنها 9 مشاركين من نقابتي التعليم الابتدائي والثانوي و من قطاع الصحة ومن الهلال الأحمر التونسي.
و حرية و إنصاف:
1) تندد بمنع السلطات المصرية لقافلة » الوفاء للمقاومة » المحملة بالأدوية من عبور التراب المصري و هو إجراء غير مبرر لا يزيد إلا تعميقا لآلام الشعب الفلسطيني المحاصر و لا يستفيد منه إلا العدو الغاصب. 2) تطالب السلطات المصرية بمراجعة موقفها و السماح للقافلة التونسية بالمرور عبر أراضيها نحو غزة المحاصرة. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
طلاب تونسيون مضربون عن الطعام منذ 45 يوما للعودة الى جامعتهم
تونس (ا ف ب) – ينفذ طلاب تونسيون منذ 11 شباط/فبراير اضرابا عن الطعام للمطالبة باعادتهم الى الجامعة بعد طردهم لنشاطاتهم النقابية، بحسبهم، ولقيامهم باعمال عنف، بحسب وزارة التعليم العالي. وصرح الطلاب الذي بدا عليهم الاعياء لوكالة فرانس برس « مطلبنا الوحيد هو اعادتنا الى الجامعة »، وكرروا معا « الجامعة او الموت ». وافترش الطلاب الارض في مقر نقابتهم الضئيل الذي يخضع لمراقبة الشرطة، مؤكدين انهم « استنفدوا كل الوسائل، وطرقوا كل الابواب بلا جدوى »، قبل ان يقرروا تنفيذ اضراب عن الطعام « الى ما لا نهاية ». وتتراوح اعمار الطلاب بين 23 و27 عاما واربعة منهم نقابيون طردوا من كليتهم في تونس والمهدية (غرب وسط). وانضم اليهم في 13 شباط/فبراير شاب آخر يطالب بالافراج عن شقيقه الطالب المسجون بعد اضطرابات شعبية في منطقة قفصة (جنوب غرب). واعرب اطباء عن قلقهم من « التدهور الحاد » لصحة المضربين عن الطعام، واوصوا بتوقفهم عن الاضراب ونقلهم الى المستشفى بشكل عاجل « تحت طائلة مضاعفات غير قابلة للعكس ». واعربت رابطة حقوق الانسان عن قلقها من الوضع وطلبت اعادة المطرودين وحذرت السلطات من « مخاطر تجاهل » القضية. وافادت نقابة الطلاب المضربين التي تشهد بالموازاة مع مؤتمرها الخامس والعشرين نزاعا مع وزارة التعليم العالي، عن وجود 39 مطرودا وخمسة سجناء لنشاطات نقابية. واكدت النقابة ان « جريمتهم الوحيدة هي القيام بواجبهم كنقابيين »، متهمة الوزارة بترتيب عمليات طرد « اعتباطية » من خلال « مجالس تأديبية غير شرعية ». ونفت السلطات « المزاعم التي لا اساس لها » واكدت ان قرار الطرد اتخذته مجالس تأديبية « نظامية »، رافضة اي « احتمال تدخل من طرف الوزارة ». واعلن مصدر حكومي ان الطلاب منعوا من ارتياد الجامعة لارتكابهم « اعمال عنف جسدية وكلامية » واحتجاز عميد كلية ومنع الدخول الى قاعات المحاضرات. واضاف المصدر « لا يسعهم التذرع بمنصبهم النقابي للقيام بنشاطات غير مشروعة ومرفوضة اخلاقيا ».
(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) بتاريخ 29 مارس 2009)
الرئيس السابق لـ « النهضة » أكد أنه ضحية قضية سياسية
« حقوق الإنسان » تحذر السلطة التونسية من أوضاع الطلبة المضربين عن الطعام
« الجامعة أو الموت » شعار يطلقه جامعيون تونسيون
الرئيس السابق لحركة النهضة التونسية يؤكد انه ضحية قضية « سياسية » بسبب آرائه
تونس (ا ف ب) – اكد الرئيس السابق لحركة النهضة الاسلامية التونسية المحظورة صادق شورو الذي يحاكم بتهمة المشاركة في « منظمة غير شرعية »، انه ملاحق بسبب « آرائه » في « قضية سياسية » تهدف الى اسكاته. ودافع صادق شورو عن نفسه مطولا امام محكمة الاستئناف التي بدأت جلساتها السبت، لنقض حكم اول عليه بالسجن 13 عاما اثر ادانته « بالابقاء على منظمة غير شرعية »، في اشارة الى حركة النهضة. وحوكم صادق شورو (61 عاما) اولا امام المحكمة الابتدائية في العاصمة التونسية بتهمة « استئناف النشاط واعادة الاتصال بانصاره والحديث باسم الحركة المحظورة » عقب الافراج المشروط عنه في بداية تشرين الثاني/نوفمبر بعد ان قضى في السجن 18 عاما. وتستند الاتهامات الى تصريحات ادلى بها شورو بعد الافراج المشروط عنه الى موقع « اسلام اون لاين » على الانترنت والى محطة تلفزيون « الحوار » وهي محطة للمعارضة تبث من لندن. وقد تحدث شورو عن الوضع السياسي واشتكى من التعذيب الذي تعرض له اثناء اعتقاله. وقال السبت ان الشرطة منعته من تنظيم حفل استقبال في منزله للاحتفال بخروجه من السجن في تشرين الثاني/نوفمبر 2008. ويحظر انشاء احزاب على اساس ديني في تونس. واكد شورو انتماءه العقائدي الى حزب النهضة المحظور ودافع عن حقه في التعبير. الا انه نفى سعيه الى اعادة بناء الحزب واكد في الوقت نفسه انه يأمل ان يلعب دورا في الحياة السياسية « بطريقة مشروعة ». ودعا حوالى خمسين محاميا الى تبرئته وقالوا انها « قضية سياسية » معتبرين ان موكلهم يحاكم لاسباب « لا اساس لها » ونظرا « لآرائه ». وستصدر المحكمة حكمها في الرابع من نيسان/ابريل. وقاد صادق شورو حركة النهضة بعد ان توجه زعيمها راشد الغنوشي طوعا الى المنفى في 1988 ثم حكم عليه بالسجن المؤبد في 1991 في محاكمات اعقبت حل الحركة. وكان شورو وهو جامعي درس في الكلية الحربية التونسية بين 21 معارضا اسلاميا اطلقت السلطات سراحهم في تشرين الثاني/نوفمبر وهم المجموعة الاخيرة من المعتقلين من اعضاء حركة النهضة. وتقول السلطات ان حركة النهضة « منظمة متطرفة محظورة تدعو الى المساس بالممتلكات والاشخاص لتحقيق اهدافها ». وكان هذا الحزب قد اتهم بالتامر للاطاحة بالنظام الحاكم. (المصدر: وكالة الأنباء الفرنسية)أ ف ب ) بتاريخ 29 مارس 2009 )
وسط اتهامات بأن المحاكمة سياسية إرجاء الحكم على الزعيم السابق لحركة النهضة التونسية
خميس بن بريّك-تونس أرجأت محكمة الاستئناف بتونس أمس السبت النطق بالحكم في قضية الزعيم السابق لحركة النهضة المحظورة الصادق شورو إلى الرابع من أبريل/ نيسان المقبل، وسط آمال بإطلاقه واتهامات بأن محاكمته سياسية. وهذه هي المرة الثانية التي تؤجل فيها المحكمة النظر في الطعن الذي تقدم به أستاذ الكيمياء الصادق شورو بحكم صدر ضده بالسجن لمدة عام، وذلك بتهمة الاحتفاظ بجمعية غير مرخص لها، في إشارة إلى حركة النهضة. وكانت المحكمة قد أرجأت الأسبوع الماضي إصدار الحكم بعدما استجابت لطلب المحامين بتأجيل النظر في القضية لإتاحة الوقت أمامهم لتنسيق المرافعات بين فريق الدفاع. محكمة سياسية وتأتي المحاكمة في وقت تترقب فيه الأوساط السياسية والحقوقية خاصة أنصار حركة النهضة -ومعظمهم في المنفى- الحكم الذي سيصدر على شورو، خاصة مع تأكيد البعض أن المحاكمة « سياسية ». وبالعودة إلى جذور هذه القضية، أعيد اعتقال الصادق شورو في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول الماضي عقب أيام من خروجه من السجن بعفو رئاسي، بعد أن أمضي فيه 17 عاما. وكانت المحكمة الابتدائية أصدرت بعد تسعة أيام من اعتقال شورو -مجددا- حكما يقضي بسجنه عاما طبقا للفصل 30 من قانون الجمعيات الذي يمنع كل مشاركة في الاحتفاظ أو إعادة تكوين الجمعيات غير المعترف بها. وقد عبرت العديد من المنظمات الحقوقية عن رفضها القاطع للحكم الصادر، معتبرة أنها « محاكمة رأي » على خلفية ما صرح به شورو لبعض وسائل الإعلام من أن حركة النهضة لم تتصدع وأنها بصدد العودة إلى الساحة السياسية، وهي آراء يصر شورو على أنها فردية وليست حركية. وفي المرافعات -التي تداولها فريق الدفاع الذي تشكل من عشرات المحامين المنتمين إلى تيارات مختلفة- حاول المحامون إقناع القاضي بعدم سماع الدعوة وإطلاق شورو بحجة أن أساس القضية « باطل ». وبينما يشير التحقيق إلى أن شورو عمل بعد الإفراج عنه على تجديد نشاطه واتصالاته بهذا التنظيم غير المعترف به، تقول مصادر حقوقية عكس ذلك. ويقول مصدر قضائي للجزيرة نت إن « شورو بعد خروجه من السجن كان ما يزال يتحسس الحياة وبالتالي فإنه يصعب تصديق أنه كان لديه أي نشاط لإحياء الاتصالات مع حركة النهضة من جديد ». مرسل الكسيبي تصفية حسابات من جانبه يرى مرسل الكسيبي أحد المنتمين سابقا لحركة النهضة ويعيش حاليا بألمانيا أن « المحاكمة سياسية ومفتعلة وهي تدخل في إطار تصفية الحسابات مع أكبر تيارات المعارضة التونسية »، ويستبعد في تصريح للجزيرة نت احتمال إصدار عفو جديد عنه، ويعترف بأن للرجل رصيدا سياسيا « لا يمكن أن يتخلى عنه بسهولة ». ولا يعتقد الكسيبي أنه ستكون هناك مصالحة قريبة بين السلطة وحركة النهضة الإسلامية، على خلاف الآمال التي يعلّقها البعض في مراجعة السلطة من موقفها تجاه بعض المنتمين إلى الحركة المحظورة. أما عمر قرايدي العضو بجمعية « حرية وإنصاف » الحقوقية، فرغم تأكيده على أن المحاكمة سياسية يعتقد أن كل المؤشرات توحي بأن هناك انفراجا قريبا بملف شورو. ويعلق بعض المراقبين آمالا كبيرة على أن يطلق الصادق شورو، معتبرين أن المبادرة التي قامت بها الحكومة بعد إطلاق جميع مساجين حركة النهضة منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي لا تزال تبعث على التفاؤل. وكانت السلطة قد أطلقت 22 معتقلا -منهم شورو- كانوا آخر من تبقى خلف القضبان من سجناء النهضة، وهو ما أحيا الآمال بفتح صفحة جديدة تهدف للمصالحة.
(المصدر: موقع الجزيرة نت ( الدوحة – قطر ) بتاريخ 29 مارس 2009 )
الدكتور شورو يؤكد أن محاكمته لن ترهبه..والحكم يوم 04 أفريل
سجن فتاة تونسية بتهمة الإرهاب
سياسيون وبرلمانيون وحقوقيون تونسيون يتحدّثون عن القمة العربية بالدوحة
الوضع العربي الراهن.. المصالحة العربية.. حظوظ نجاح القمة واستحقاقات المرحلة المقبلة
عريضة مساندة للقضاة أعضاء المكتب الشرعي لجمعية القضاة التونسيين
أحاديث الصباح: المنذر ثابت الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرّري المعارضة فوّتت على نفسها المنعرج التاريخي من 1987 إلى 1989 برفضها اقتراح القائمات الائتلافية الموحدة خارج نظام «الكوتا» لن يكون ثمة حضور للمعارضة في البرلمان وجب استثمار حضور الرئيس بن علي على رأس الدولة وما حقّقه من أوضاع استقرار سياسي ومن تطوير تدريجي للعملية الديمقراطية العديد من القوى من الداخل والخارج تتربص بالتجربة الديمقراطية التونسية
تونس – الصباح: تعيش الساحة السياسية والحزبية في تونس هذه الايام على وقع تحرك سياسي نشيط، استعدادا لاستحقاقات الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقرر اجراؤها في شهر اكتوبر المقبل. وتنظر مختلف الاوساط السياسية لهذه الانتخابات الرئاسية والتشريعية المرتقبة بكثير من الاهتمام، وتعتبرها من اهم الاستحقاقات التي ستعكس نضج المسار الديمقراطي التعددي في تونس الذي بدأ عوده يشتد وسط اجواء من الامن والاستقرار كان لها كبير الاثر في تحقيق معدلات نمو اقتصادي واجتماعي هامة. حول المشهد السياسي الراهن والاستعدادات للاستحقاقات الانتخابية المنتظرة وخاصة بالنسبة لأحزاب المعارضة التي يرى بعض الملاحظين والخبراء أنها لم ترتق بعد الى درجة المنافسة السياسية والثبات والرسوخ في واقع الحياة السياسية ،كان للـ »الصباح » هذا اللقاء مع السيد المنذر ثابت الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرري الذي حدثّنا عن المشهد السياسي في تونس،واقع المعارضة وإستعداداتها للانتخابات وما بعد الانتخابات.. هذا الى جانب الحديث عن الحزب الاجتماعي التحرري برامجه.. آفاقه ودوره محليا وخارجيا. * ونحن على أبواب سنة حافلة بالتظاهرات السياسية والانتخابية ،كيف تقيّمون المشهد السياسي الراهن وأي صورة تقدمونها عن الواقع السياسي ككل وواقع أحزاب المعارضة بصفة خاصة؟ – هناك بالفعل استحقاق انتخابي لسنة 2009 سيكون هاما من حيث انه يأتي كتتويج لمسار من الحراك السياسي.ولا بد من أن نسجل الديناميكية الخاصة التي ميزت الساحة السياسية الوطنية منذ سنتين على الاقل ،عودة الى الحوار والمنتديات والجدل ووجود مساحة هامة في إطار المشهد الإعلامي أتاحتها هذه الديناميكية وأبرزت العديد من الوجوه والعديد من المواقف وطرحت العديد من القضايا..مشهد تعددي بأتم معنى الكلمة جمع مختلف الألوان السياسية .والشيء الذي يستحق التثمين هو وجود مصالحة غابت منذ مدة بين النخب السياسية والنخب الأكاديمية..هناك عودة المثقف الى الساحة السياسية والفكرية وعودة الى الجدل والصراع الايديولوجي بين مكونات الساحة السياسية والفكرية.وهذا لم يكن على هامش المؤسسات وانما تم في إطار المجالس الإستشارية وفي إطار الدستورية من برلمان ومجلس مستشارين…كانت هناك تقييمات وطروحات متميزة..المعارضة كالعادة برزت في تلونها وتعدد قراءاتها وموضوعيا تكتل الوسط بمكوناته التقليدية (حركة الديمقراطيين الاشتراكيين،حزب الوحدة الشعبية،الحزب الاجتماعي التحرري،حزب الخضر،الاتحاد الديمقراطي الوحدوي) وكذلك تكتّل المعارضة « الراديكالية » برز كذلك من خلال اصداراته ومن خلال مواقفه وتلك هي الصورة التعددية ووضع الحراك السياسي.ونتوقع أن تكون المحطة الإنتخابية المقبلة تتويجا ومحصّلة لهذه الديناميكية الجديدة ونعتقد ان اجراء هذه الانتخابات في اطار الشفافية وفي اطار التنافس النزيه من شأنه أن يحقق مراكمة هامة في اتجاه ما نصبو اليه من ارساء ودعم دعائم مجتمع ديمقراطي ودولة القانون والمؤسسات. * تحدثتم عن التعددية وعن الحراك السياسي ،لكن يبدو أن هذا الحراك السياسي لدى أحزاب المعارضة ظلّ داخليا بمعنى أن حيوية هذه الاحزاب داخلية ولا تتجاوز الصراعات الداخلية والتناحر الذاتي في ظل غياب البرامج الوطنية التي من شأنها ان تنافس الحزب الحاكم مثلا. – شأن طبيعي أن تشهد الأحزاب صراعا داخليا حول قضية الترشحات وحول قضية توزيع القائمات وحول قضية إشباع طموح العديد من الكوادر والمناضلين..لكن المشكل في كل هذا هو مشكل طريقة تسيير وشفافية المعايير والمقاييس والمرجعية التي ترسيها كل قيادة داخل كل حزب لتكون عملية الترشح في آخر الأمر ناجعة.فبالنسبة للتحرري مثلا فان مرجعيتنا هي أولا صورة الحزب وحظوظه للحصول على القدر الأكبر من الأصوات. أكيد أن هناك أوضاعا هشاشة لا نخفيها داخل الأحزاب ،هشاشة متولدة عن مرحلة يطول شرحها من الانكماش السياسي وتراجع اقتحام النخب لدائرة الفعل السياسي والمدني… حالات من الاستقالة لدى الشباب..لكن الآن لا بد من أن نعتبر أن ما تشهده الأحزاب حاليا من زخم ومن مدد شبابي ومن مشاركة نخبوية حتى وان كانت حاملة في ثناياها لبعض التوترات أو لبعض الاضطرابات فهي في مجملها مثمرة.وبكل تأكيد كل الأحزاب تقبل الاختراق من عناصر انتهازية ووصولية.. * تحدثتم عن الانتخابات والرهانات السياسية القادمة،لكن وبالرغم من أن نظام « الكوتا » هو الذي ساهم في دخول بعض الاحزاب السياسية المعارضة للمجلسين النيابيين فان بعض الهياكل أو بعض الأطراف تعلن عن رفضها لهذا النظام وللتعامل بـه..فهل ترى أن بعض الأحزاب قادرة على المنافسة ودخول مجلسي النواب والمستشارين اذا ما تم التخلي عن « الكوتا؟ – لنكن في منتهى الصراحة في هذا المجال.فالمعطى الأول هو أن « الكوتا » ليست بدعة.. بل هي من الآليات المعتمدة لدعم الأقليات وضمان حضورها داخل المجالس النيابية وليست ميزة تونسية وان كانت غالبا ما توظف في اطار ضمان حق المرأة في التواجد داخل البرلمانات أو المجالس الاستشارية بالنسبة للعديد من البلدان الغربية.في تونس هناك فرصة تاريخية تم تفويتها فيما يتعلق بالمنعرج التاريخي من 1987 الى 1989 وهو مقترح القائمات الائتلافية الموحدة التي يمكن ان تضم مختلف الاحزاب.. آن ذاك طرحت فكرة قائمة وطنية موحدة تضم الحزب الحاكم وعدد من الأحزاب الديمقراطية الناشئة في تلك الفترة .وبالطبع رفض المشروع من قبل العديد من الأطراف السياسية المعارضة وبعض الأطراف التي كانت آن ذاك في السلطة. والآن الاشكال هو هل يمكن للمعارضة أن تكون حاضرة داخل البرلمان خارج نظام « الكوتا »..وبالنسبة لنا فرأينا واضح.. نقول أن هذا غير ممكن وذلك لعدة اعتبارات منها قلة الامكانيات المادية والبشرية بالنسبة لأحزاب المعارضة بكل أطيافها ودون تمييز..راديكالية ومعتدلة..باختلاف مشاربها الايديولوجية ونقول أن خارج « الكوتا » لن يكون ثمة حضور يبقى أن هناك طرح آخر لا بد أن نعتبره وهو قضية الغاء نظام « الكوتا » والتأسيس لعملية فرز طويلة المدى من خلال ضمان الحد من التمويل العمومي لكل حزب قانوني معترف به ويراجع النظام الانتخابي وينجز اصلاحات جوهرية في مستوى المشهد الاعلامي وعند ها سيفضي هذا المسار الى عودة المعارضة الى البرلمان والى حضورها الفاعل .وليس من المعقول اليوم أن نسجل غياب المعارضة عن مجلس النواب أو مجلس المستشارين وهذا سيقرأ على أنه انتكاسة للعملية الديمقراطية التي لا نزال نعتبر أنها ما تزال فتية في بلادنا وانها تتم اليوم بفضل إرادة الرئيس زين العابدين بن علي وليست لدينا أوهام من أن العديد من القوى من الداخل والخارج تتربص بهذه التجربة . ويمكن التوفيق بين هذا وذاك في اتجاه إيجاد صيغ قانونية وتشريعية لجعل كل الأحزاب المعترف بها تحظى بدعم وبتمويل عمومي أولا والمعطى الثاني أن الحضور البرلماني من شأنه ان يعزز تمويل هذه الأحزاب. وفي مستوى آخر مراجعة المجلة الإنتخابية لعلّنا نجعل العبور الى التتمثيل البرلماني أكثر يسر وأكثر حفظ لحقوق ولإمكانات الأقليات السياسية.ونعتقد أن تمثيل الأقليات عملية ضرورية فرغم أن الديمقراطية هي حكم الأغلبية لكنها كذلك أولا وقبل كل شيئ قدرتها على حماية الأقليات وعلى صيانة وجودها. * وكيف تنظرون الى الواقع السياسي بعد انتخابات 2009 – ما نرتقبه وما نتوقعه هو التغيير على المستوى المشهد السياسي.وأعتقد أن هناك اتجاها نحو التقارب بين الأحزاب الكلاسيكية والأحزاب التقليدية.وفي تقديرنا هذه الأحزاب سجلت حضورا في الساحة السياسية.. هذه الأحزاب ككل كيان تعبرها عمليات مراجعة واوضاع فتور وهناك قوى جديدة صاعدة في الساحة مرشحة للبروز في المشهد كعناصر اضافية.ونحن نعلم جيدا ان الساحة السياسية في بلادنا ما تزال محكومة بسلوكيات وبردود فعل محافظة والبعض لا يزال يفكر بمنطق الثمانينات ولا يزال يعتقد أن المشهد السياسي لم يتغير نوعيا ونحن نخالف هذا الرأي ونقر بوجود إضافات وبوجود رموز جديدة .ولا يمكن الفصل في الواقع بين الشخصيات السياسية وبين المراكمة الرمزية وبين الأحزاب والرؤى وبين البرامج.. .أعتقد ان كل هذا سيفرض بالضرورة أوضاع جديدة وتحالفات جديدة * وأين حزبكم من كل هذا؟ – كحزب إجتماعي تحرري ومنذ أن تسلمّنا قيادة الحزب رسمنا خط واقعيا ونهجا معتدلا لأننا نعتقد أن عديد الأطراف لا يحرجها التطّرف وانمّا يحرجها الإعتدال لذلك نريد أن نواصل على نفس المسار وأن نؤسس للمفهوم الوفاقي للديمقراطية.فبلادنا لا تحتمل الهزّات ولا تحتمل التوتّرات ولا يمكنها أن تسمح لنفسها في الدخول في مطبّات الصراع لأننا بلد تحكمه الصورة والرسالة الإعلامية والحالة التعددية الثقافية خاصة أنّ بلدنا يفتقد إلى رأسمال طبيعي لكنه يفتخر بوجود الرأسمال البشري وحالة الإستقرار والسلم المدني.ونادينا في حزبنا للعودة الى الحوار المباشر بين الأطراف الوطنية بعد إنجاز الإستحقاق الإنتخابي المقبل وعلينا ان نؤّمن المسار وهذا يتم من وجهة نظرنا في إطار الديمقراطية الوفاقية وفي إطار استثمار حضور الرئيس بن علي على راس الدولة وما حقّقه من أوضاع إستقرار سياسي ومن تطوير تدريجي للعملية الديمقراطية. * بعد تركيزالحزب الليبرالي وهياكله على المستوى الداخلي،تركزّون حاليا على الإشعاع على المستوى الاقليمي والدولي.فأي مشاريع وأي برامج واي طموحات وضعتموها لتحقيق أهدافكم الوطنية والدولية؟ – الحزب الاجتماعي التحرري كحزب ليبرالي يسعى لتطوير علاقاته وتمديدها على المستوى الدولي. وبالفعل نجحنا وفي ظرف وجيز من الحضور داخل قيادة الشبكة الليبرالية الافريقية وداخل الشبكة الليبرالية العربية والآن أنا أشغل خطة نائب رئيس الأممية الليبرالية كذلك الشأن بالنسبة لمنظمة الشباب ومنظمة المرأة مرشحة لقيادة الشبكة الليبرالية العربية للنساء ومفاوضات الكواليس تسعى الى أن تكون تونس هي المركز وأن تكون الرئاسة لمنظمة المرأة التحررية .والغاية الأولى بالنسبة لنا هي الدفاع عن التجربة الديمقراطية التونسية ونؤكد مرة أخرى أننا نرفض منطق الإملاء ومنطق الضغط ونعتبر أن النظام التونسي نظام معتدل وأن هذا النظام حداثي وانه قادر على النجاح في مستوى الاصلاحات السياسية والديمقراطية..وهذا النظام سجل بالفعل عديد النجاحات على المستوى الإقتصادي والإجتماعي رغم ندرة الموارد الطبيعية.وحزبنا يصر على أن النماء والرقي والسلم الاجتماعي والاقتصادي لا يكون الا في ظل الحوار.. في ظل التوتر ومنطق المواجهة لن يكون المجال مفتوحا إلا للتيارات القصوية والتيارات الفاشية وهذه التيارات لن تكون حاملة الا لدمار الشعوب ودمار الدول. حاوره : سفيان رجب (المصدر: جريدة الصباح ( يومية –تونس ) بتاريخ 29 مارس 2009)
حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي – دائرة الإعلام و الاتصال-
تظاهرة إحياء الذكرى 33 لـ »يوم الأرض »بالمقر المركزي للحزب (28/03/2009 )
الحكومة التونسية تقرر العدول عن العمل بالتوقيت الصيفي
تونس 2 ربيع الآخر 1430هـ الموافق 29 مارس 2009م واس قررت الحكومة التونسية العدول عن العمل بالتوقيت الصيفي الذي كان من المنتظر ان يبدأ اليوم ولمدة سبعة اشهر وقررت وفقا لذلك إستمرار العمل بالتوقيت الحالى ـ جرينتش زائد ساعة واحدة ـ. وأرجع بيان صادر عن رئاسة الحكومة ان العدول عن تطبيق التوقيت الصيفى المعمول به منذ سنوات بهدف توفير استهلاك الطاقة يأتي لتزامن شهر رمضان المبارك مع الفترة المعنية بالتوقيت الصيفي.
إلى عبد عليسة، صبي الكاهنة ومفتون الجازية
(خميس الخياطي)
سي خميس تحية عطرها « فينيقي » ولونها « كهنوتي » وهواها « هلالي » تليق بمقامك لدى عليسة وبجذورك لدى الكاهنة، وبعد فقد اطلعت على ردك « عليّ »(1) وما كنت لأراه لو لا أن صديقا لفت انتباهي إليه، …لا أدري أغيرة منه عليّ أم لهوى نفسه في متابعة السجالات! مرحبا بك بداية وبردودك، خاصة وأنت الصحفي اللامع والناقد السنمائي المشهور الذي يتحلق الناس على برنامجه الشهير، شهرة قناة تونس 7 بين المشاهدين وبقية القنوات! يقال أن لكل من اسمه نصيب ولكني لا أرى لك في اسمك نصيب ذلك أن « الخياط » الحاذق يحسن اتباع « الغرزة » ولا يخبط خبط عشواء فيكون عمله مجرد « تمليخ » وترقيع في غير مواضعه! النقد يتطلب بداية، الدقة والأمانة وأنت لم تكن دقيقا ولا أمينا، فحملك التسرع و « فكرك الحر » ـ من كل الضوابط ـ إلى إصابتي بجهالة، ولكنك لم تصب مني شوى*، كما قال ابن شهيد في توابعه: « وحدسا رميت فما أشويت » (2)!! لستُ المحرّر الوحيد لـ « السواك الحار » ـ وإن كنت في الغالب من يحرّره ـ وإنما هناك محررون آخرون يساهمون أحيانا في إعداده وكلّ يوقّع ما حرر باسمه أو بالإسم الذي يختاره لنفسه! … ولعلك لو لم تتسرع لرأيت فيما وصلك من « تونس نيوز » عن الحوار نت: » سواك حار ، إعداد ولد الدار(3) » وصابر التونسي غير « ولد الدار » ولستُ هنا بصدد رفض ما قال أو تبنيه وإنما أوضح أنه لا يلزمني إلا ما أوقّع عليه! عندها أتفاعل مع من ردّ عليّ بالدفاع عن فكرتي، أو الإعتذار إن تبين لي خطئي، أو أتجاهل محاوري إن كان لا يستحق ردّا. وقد تعلمت من فكري « المنغلق » ما لم تتعلم من فكرك « المتحرر »! وجدتّك في ردّك كصاحب « الفأر الميت » الذي أراد أن يأكل مجانا في المطعم بافتعال مشكلة ولكنه لم يجد أرضية يقف عليها لتحقيق مأربه فقال: « فاري وين باش انحطو »! … فوضعت « فأرك » في غير موضعه! سي خميس كان ذلك مني القول حول ردّك وأما في صلبه فأقول: ألا ترى أن هناك علاقة وطيدة بين مقاومتك لزيارة القرضاوي لتونس ومقاومة « الكاهنة » التي دافعت عن بلادها كما يدافع كل كائن حر عما يعتبره أثمن شيء هدته (أهدته) إياه الطبيعة والثقافة معا وهو الإنتماء الحر » (على حد تعبيرك) وأن دفاع الكاهنة عن « إنتماءها الحرّ هو كدفاعك أنت عن « فكرك الحرّ »؟ … إن اشتركتَ معها في الهوى فإني آمل أن لا تشترك معها في المصير! ما كل هذه الزوبعة حول زيارة الرجل لتونس. وكأنه جاءكم على متن دبابة أو حاملا لقناصة تقنص أصحاب « الفكر الحر » فترديهم؟! هل دعا الرجل إلى أن يُحمل الناس على فكره واعتقاده بالقوة؟ … هل دعا لإبادة من يخالفه الرأي؟ … هل دعا للتغيير بالقوة أو حمل السلاح؟ … ما كل هذا الفزع والرعب من الكلمة ـ وإن كانت « متخلفة » ـ ؟ ومن الفكرة ـ وإن كانت « رجعية »ـ ؟ ومن اللسان ـ وإن كان لا ينطق إلا « سخفا » ـ ؟ ألا ترى أنكم تبنون لأنفسكم حصونا وهمية من « الفكر الحر » و »التقدمية » و »العقلانية » تتحصنون بها دون أن تمنعكم من الفزع؟ … ثم ترمون غيركم بالرجعية والتخلف ومعاداة الفكر الحر! أليس الشعب التونسي حرّا بين أن يختار « جهالات » القرضاوي و »تخلفه » أو يختار نهجكم « التحرري »؟ لماذا تكذبون على أنفسكم بأنكم أنتم الكمال وغيركم النقصان ثم تشرعون لأنفسكم ممارسة الوصاية وحمل الناس بالقوة على ما تعتقدون؟ زعمتم في عريضتكم وفي ردك « عليّ » أن القرضاوي « سبق له ان تهجم على الدولة التونسية والمجتمع التونسي.. داعيا الى اعادة فتح تونس » … وزعمكم ذلك غير مستغرب بناء على نوعية دقتكم والخلط الذي تتعمدونه؟ … وأنا أتحدى أن تأتوني بكلام منطوق أو مكتوب للشيخ القرضاوي فيه دعوة لإعادة فتح تونس! أو تهجم على المجتمع التونسي أو الدولة التونسية! … شرط أن لا تقفوا عند « ويل للمصلين » وأن تأتوا بكلام كامل وغير مجتزء وأن تفرقوا بين الدولة والمجتمع من جهة وبين السلطة وبعض النخب التي نقدها ولم يدع لإهدار دمها كما زعمتم! … وهو تحد لك ولغيرك! القرضاوي دعا لحق المرأة التونسية في اختيار لباسها، أكان حجابا أم « ميني جيب » أم « مكرو جيب » (والذي يعبر عنه أحيانا بالزفت جيب)! فهل توافق أن يكون للمرأة التونسية حقّ لبس الحجاب إن أرادت، وتدعو إلى إزالة المنشور 108 أم أنك تعتبر أن ذلك المنشور من مكاسب تونس « التقدمية »، وتشترك مع صديق لك نصّب نفسه قسيسا للتقدمية وشبه الحجاب ب « شكيمة البهيمة »! القرضاوي أصّل للديمقراطية ودافع عن اختيار الشعب الحر، بل اعتبر العملية الإنتخابية شهادة واجبة لله لا تجوز فيها المحاباة ولا اختيار الناس لمجرد الإتفاق معهم في الميول والهوى! القرضاوي أكثر منكم تقدمية وتفتحا وتطورا وانتماء إلى تونس التي قطعت مع عهد الكاهنة وأدارت له ظهرها منذ أطيح برأسها! تونس اليوم لم تعد بحاجة إلى فتح جديد! … وإنما رأي برأي، وحجة بحجة، والبقاء للأصلح! وأما من فقد قوة المنطق وأراد أن يلجأ لمنطق القوة فتونس لا محالة ستلفظه وإن بعد حين. هذا ردي واعتبره مني هبة لك حتى لا يكون ردك مستقبلا بعيدا عن « العارضة »! سي خميس دمت صديقا « للبرنامج » ومني لك تحية فينيقية كهنوتية، وسلام سلام! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تونس نيوز 21 مارس 2009 (2) أصاب الشوى أي أصاب الأطراف دون المقاتل وصاحبنا لم يصب لا هذه ولا تلك (3) سواك حار (118) إعداد ولد الدار « تونس نيوز 20 مارس نقلا عن الحوار نت » صـابر التونسي 29 مارس 2009 (هذه هي الفقرة التي أعدها » ولد الدار » ورد عليها سي خميس الخياطي) ومن بين الموقعين على العريضة المحامية سعيدة قراش العضوة في جمعية النساء الديمقراطيات والناشط الحقوقي صالح الزغيدي والناقد السينمائي خميس الخياطي والمسرحي توفيق الجبالي والصحافي سفيان الشورابي (القدس العربي) بالنسبة لسفيان اعتقد أنّ اندفاعه المحموم و المحكوم بدماء الشباب حجب عليه الخيط الفاصل بين لوائح النضال و لوائح الأجندات الخاصة التي بعدت عليها شقة الثورة فتحولت لملاحقة الثروة ومن ثمة إلى كيانات مجهرية تمتهن الثرثرة. أما سي خميس الخياطي فله الحق في أن يعبر عن رأيه بكل شفافية لأنّ حرية التعبير للأقليات العرقية والإثنية والدينية في تونس مكفولة بحكم نصوص الدستور الصريحة.ورغم أن مؤسسة الإذاعة والتلفزة تعد من الفضاءات العامة وما يدور فيها أو حولها يعتبر من الشأن العام إلا أنّه ولمكانة سي خميس المرموقة سنعتبره « بالإسعاف » شأن خاص!!ونصمت!! حتى لا ننغص عليه حقده المقدس على نوعية الثقافة التي هبت وتهبّ على القيروان من عقبة إلى القرضاوي (وهذا هو رد سي خميس) أشكر سي صابر « التونسي » الذي من أعلى علياءه، ومن بين كلماته المغلفة بسواكه « الماسط، » من علي بحرية التعبير رغم أصولي العرقية وهو يعلم علم اليقين أني من سلالة العبيد الذين أتوا هذه الأرض الطيبة صحبة « عليسة » الفينيقية قبل أن تثمر سلالته وأن أصولي الإثنية ترمي عروقها، كما يعلم في خلده، بين طيات ذاكرة « الكاهنة » التي دافعت عن بلادها كما يدافع كل كائن حر عما يعتبره أثمن شيء هدته إياه الطبيعة والثقافة معا وهو الإنتماء الحر، وكذلك اعترافه باني من أقلية دينية تؤمن أن الإنسان إنسان بكيانه مهما كانت أصوله العرقية والإثنية والدينية واللغوية وما إلى ذلك مما أحب واشتهى سي صابر… هكذا بلادنا تونس اليوم وكما كانت دائما رغم أن هذا الصابر لم يصبر ولو لحظة، فأتى كلامه صبارا غير مثمر لـ »هندي تالة » ولم يتحلق حوله « الوكالة » كما تحلقوا لسنين عدة أمام برامجي التلفزية بتونس 7 ، برامج لسبب الفكر الحر الذي أنتمي إليه أوقفت بتهمة يعرفها الراسخون في سياسة بلادي الداخلية… سامح الله صابر الذي أظهر بكلامه في شأني أنه اقل رحمة وسعة صدر من الدستور التونسي لأنه يعرف ان الحقد ليس من سماتي لا الشخصية ولا الثقافية، ناهيك إن كان الأمر يتعلق بالقيروان من عقبة إلى « الجازية » التي لو رآها القرضاوي لجن جنونه وطالب بيدها وإلا لأعاد « فتح » القيروان كما دعا إلى إعادة فتح تونس… فليشكر صابر « التونسي » وحده ولا تونسي غيره في هذه البلاد… خميس الخياطي/تونس
تونس: وطن وبوليس ورشوة
بقلم: جيلاني العبدلي من « بئر مشارقة » إلى « جبل الوسط » انتقلتُ ذات مساء إلى مدينة بئر مشارقة أين أمضيتُ ليلتي في مراسم لمأتم عائليّ، وفي الغد أفقتُ في غسق الليل مُستبقا حلول الفجر، وقفلتُ مُتوجّها إلى محطة للنقل العمومي، علّي أفوزُ بوسيلة تُمكّنني من العودة إلى مقر سكناي بالمحمدية. انتظرتُ هناك وقتا غير قصير، حتّى قدمتْ سيارةُ أُجْرة من النّوع « لواج » فيها سائقها وعونُ شرطة في زيه الرسمي برتبة عريف أول، فركبتُها، وحمدتُ الله على تلك الفرصة النادرة للنقل في مثل ذلك الإفجار. منذ صعدتُ السيارة، خلوتُ بنفسي في مقعد خلفيّ تحت ستار الظلام الممتدّ، وشددتُ إلى أذنيّ سلْكا سمّاعا لجهاز راديو بحجم الجيْب كنتُ قد اصطحبتُه معي، لأظلّ مُحيطا بالتطورات الميدانية في سياق الاستعداد الأمريكي البريطاني لغزو العراق، وجعلتُ أُنصتُ إلى بعض الإرسال دون أن يشعُر الراكبان بذلك. وبعد مسافة قصيرة قطعتْها بنا السيارةُ، التفت إليّ عونُ الأمن، وحدّق فيّ مليّا ثم أشاح بوجهه عنّي، ثمّ عاد إليّ يسألُني قائلا: » ما دام تصطحبُ راديو، فما جديدُ الأخبار على الجبهة؟ « . قلت له: » مُتظاهرا بعدم الفهم، عفوا، عن أيّ جبهة تسألُني؟ « . قال: » أعني الجبهة العراقية، وهل لنا من جبهة غيرُها؟ « . قلتُ له وأنا أتحاشي الحديث إليه: » آسف سيدي، ليس لديّ مُعطياتٌ جديدةٌ في الموضوع، وموعدُ مُوجز الأخبار للساعة السادسة لم يحنْ بعدُ حتّى نتبين المُستجدّات « . عندها، جعل يُحدّثنا وقد استدار إليّ، في شأن ما تعرّض له القطرُ العراقيّ الشقيقُ منْ مُؤامرات عبر التاريخ، وعمّا يكنّه الأمريكيون من حقد على الإسلام والمسلمين والعرب والمستعربين، وعن غياب الوحدة الصادعة والقوة الرادعة في وجه الصلف الاستعماري المُتجدد. توسّع في الموضوع بإطناب، وفصّل في التحليل بإسهاب، ولمّا لاحظ أنّي كنتُ أتسامعُ وأتشاغلُ، وأتحاشى ولا أتفاعلُ، صمت بُرهة من الزمن، سرعان ما عاد بعدها إليّ قائلا: » ناولْني من فضْلك سيجارة أُدخّنها على نخْب هزائمنا العربية المتكررة « . فقلتُ له: » آسفٌ يا سيّدي، لستُ من المُدخّنين « . فبدا مُتندّرا، وجعل يقُصّ عليّ قصة وضيعة، استرسل يصُمّ بها أذنيّ، مُفادُها أنّ مُواطنا حين استوطن في جهة من الجنوب التونسيّ(لا داعي لذكرها) سأله يوما بعضُ جُلسائه في المقهى، وهم يستغربون من درجة الاستقامة لديه، إن كان يُدخّنُ السجائر؟، وإن كان يشربُ الخمر؟، وإن كان لهُ في النساء حظوظ ومغامراتٌ؟. ولمّا أجابهم بأنْ ليس له في التدخين أو في الخمر أو في النساء حظٌّ مذكُورٌ، تغامزوا عليه، وتلامزوا، وقالوا له مُتندّرين عليه، مُتهكّمين منه: » إذنْ أنت في مُشكلة، بل أنت في مُشكلة كبرى، فحين يُسألُ المرءُ عن فعاله يوم الحساب، ويستغفرُ ربّه عن زلاّته وهفواته يوم الغُفران، ماذا سيكون جوابُك أنت؟، وعلى ماذا سيكون استغفارُك يا تُرى؟ « . وما كاد يُنْهي وضاعتهُ، حتّى بلغْنا قرية « جبل الوسط » أين توقّف سائقُ السيارة نُزولا عند إشارة بعض الحُرفاء الذين تهافتوا، وتدافعوا لاغتنام الفُرصة النادرة للنقل في مثل ذلك التوقيت. كان في مُقدّمة الصاعدين إلى السيارة رجلٌ تقدّمتْ به السنُّ، ونالتْ منه الحياة، استبق غيره للصعود خشْية وُصوله مُتأخرا إلى العمل. كان يدفعُ بين يديه قُفّة غذائه مُترفّقا بها ترفّق أُمّ رؤوم، إذ فيها ما يُسكّنُ جوعهُ من الإصباح إلى الإمساء. وأمام ما اتّسمتْ به حركاتُه من بُطء، خاطبه عونُ الأمن بصرامة يحُثّهُ على العجلة في الصعود، فتهاوى من الإرباك يهُمُّ بالجلوس في أحد المقاعد الوسطى، لكنّ العون صرخ في وجهه يأمرُهُ بإخلاء مقعده والانجلاء إلى الخلف. كان المغلوبُ على أمره غير راغب في تغيير مكانه بدون مُبرّر، وبدا مُضطربا وهو ينظر إلى صاحب السيارة مُتوقعا تدخُّله لإنصافه وفضّ خلافه، لكنّ حفيظة عون الشرطة بلغتْ مداها، وزاد غضبُه فجعل يتوعّدُه بتهشيم رأسه، إذا لم ينزلْ فورا من السيارة، ويتركْ مكانه لراكب غيره. استشعر منكودُ الحظّ جدّية الخطر، وأخذ في النزول وهو يُتمتمُ، مُعبّرا عن ضيقه بهذه المظلمة. لم يرقْ للعون ما سمعه من امتعاض وتظلُّم، ورأى في ذلك استفزازا له واستهتارا به، فاندفع من السيارة نحو الرجل، وما كاد يقتربُ منه حتّى لكمهُ على وجهه لكمة عنيفة صرخ على إثرها المسكينُ صرخة واحدة، وسقط خائر القوى على الأرض يتمرّغُ في الوحل، وقد تلُف غذاؤُهُ، وتناثر زادُه من وقْع قذيفة أصابتْه، وجعلتْ حدّا لجداله مع بوليس. وبعد أن اكتملتْ فصولُ الجريمة، عاد إلينا بطلُنا مُنتشيا بصوْلته، وانطلقتْ بنا السيارة تطوي المسافات، وكأنّ شيئا لم يكن، وعونُ الأمن يُنشّطنا، يُحدّثنا نحنُ معشر الجمهور في درايته الكبيرة بأولئك الأجلاف النازحين، وما لهُم من طباع هجينة في العناد والمكابرة وقلة الحياء، وما يجبُ في حقّهم من شدّة وتأديب حتى يعتبروا في الحياة، ويلزمُوا حدود اللياقة والآداب. أما ضحيتُنا، فما إن غادرتْ سيارتُنا مسرح الجريمة حتّى جمع شتات جُثّته، واستوى في هيأة الجالس على الأرض ينظرُ في ما أصابه من فضْل البوليس، وما أصاب زاده وعتاده للعمل، ولسانُ حاله يقول: » اللهمّ إنّي فوضتُ لك أمري « ، وظلّ الضعيفُ يُلاحقُ بناظريه سيارتنا من بعيد، كأنّي به يلعنُها ويلعنُ من فيها، من المُجرم إلى الشاهد الصّامت على الجريمة. وأما سائرُ الرّكاب، فقد لاذُوا بالصمت، وظلّوا يتبادلون نظرات الاستغراب والإدانة، دون أن يجرؤوا على الكلام، خشْية أن يمسّهُم السوءُ كما مسّ منْ سبقهم منْ بني قريتهم . وأما أنا، فقد اعتبرتُ نفسي شريكا بالصُّموت في تلك الجريمة، ولو أعوزتني فيها الحيلُ. ولم تشفعْ لي حسْرتي حين لم أجدْ طريقة أنتصرُ بها لذلك المظلوم، ولم يشفعْ لي شُعوري بالانقباض من تلك الفعلة الشنيعة التي اقترفها ذاك العون، في حقّ مُواطن بسيط لم يصدرْ منه ما منْ شأنه أن يُعرّضه لمثل ذاك المصير المشؤوم. وفي نهاية المطاف، أرستْ بنا سيارةُ الأجرة في مدينة المحمدية، فغادرتُ شركائي، وفي باطني ألمٌ يُقطّعُ أحشائي منْ وقْع جُرْم لا أظنُّ الجبال لم تهتزّ له، على مُسنّ بسيط كادح، لم يكنْ له في يومه ذاك غيرُ مُلاحقة رغيف خبز ولوْ مع طُلوع الفجر. يتبع جيلاني العبدلي: كاتب صحفي Blog : http://joujou314.frblog.net بريدك الالكتروني : joujoutar@gmail.com
أولاد أحمد « شاعِرُ تونس » التونسي!!
سُئلتُ في أكثر من حوار عن موقفي من الشاعر التونسي محمد الصغير أولاد أحمد وكانت إجابتي دائمًا : إنهُ شاعرٌ مُبدعٌ وهو من معدن الجنوب المتمرّد… ولكن يبدو أنه ضحية علاقةٍ غير سليمة بين الثقافي والسياسي. أولاد أحمد : إسمٌ لا يُمكن تجاهلهُ شعريا أو سياسيا وإيديولوجيا … عُرف في الثمانينات وخاصة حين مُنعت مجموعته الشعرية »نشيد الأيام الستة » من التوزيع…(عرف كيف يستحلبُ المنعَ دِعايةً) ثم كانت « شهرتهُ » حين اصطف إيديولوجيا مع المتجرئين على المقدس!! لم ينس الناسُ نصّهُ بمجلة تونسية يومها يُشبّهُ الصّومعة بالصاروخ الذي لا يطير!! ويُساوي بين حرية الإعلان عن الصلاة عن طريق الآذان ـ قال أزعَجَهُ ـ !! وبين حرية الإنتصاب خلف المصدح للإعلان عن الشروع في « التبول » نعم هكذا!!… أولاد أحمد تعمّدَ إيذاءَ الكثيرين في معتقدهم وتطوّع لدورٍ لا أعتقدُ أنهُ من مهام الشعر… ثمة من نصحهُ يومها بأن لا يكون « كبش نطاح » … وثمة أيضًا مِنَ الغاوين مَنْ زيّن لهُ اللعبةَ َ فأغرتهُ… كان حريصًا على أن يكون ضحيّة ً فيُصوّرُ نفسهُ مطلوبًا لجهاتٍ مُعاديةٍ أو مرْصودًا في بيتهِ لا ينظرُ إلا من ثقب القفل!! أوْ مُكفرًا من رجال علمٍ يُسميهم رجالَ دينٍ ويسْخرُ من مقامهم !! كان يتمنى الانخراط في لعبة هزلية أمام القضاء مع الشيخ العالمي الدكتور يوسف القرضاوي ولكن يبدو أن المحاكم التونسية وبحِكمةٍ سياسيةٍ حرمتهُ من تلك النشوة . أولاد أحمد بدأ أفولُ نجمهِ حين انتهتْ مهمتهُ بداية التسعينات!! تغيّرَ المشهدُ وتتداخلت الأولويات والآلياتُ في السّاحةِ يومَهَا. لا يشك مُبدِعٌ في إبداعه الشعري… ولكن لا أحدَ يُصدّقهُ حين يُريدُ تقديم نفسه ِ مُناضلا!! ولا أحدَ يتمالكُ عن السّخرية من وهْمهِ التوْنسيّ!! تونس أكبرُ منا جميعًا وأخلدُ من الأدوار السرّية والعلنية العابرة . أولاد أحمد ليس مؤهّلا ليكون عَدوّا للذين يُعادُونهُ أو يَدفعُهم لمُعاداته، هُو واحدٌ من « الضحايا »… مُؤلمٌ أنْ يقعَ شاعِرٌ بمُستواه الإبداعي بين غبارِ المُتغالبينَ حين اختلطت السّياسة بالإيديولوجيا وبالمال وأحْكمَ الغالبون قبضتهم على مقبض العصا وعلى مخازن الرزق…. كان لا بُدّ مِنْ أن يُفهمَ جيدًا ـ شعْرًا وإنسانًا ـ … وكان لا بُدّ من أن ْ يُدْرِكَ حُدودَ الشعْرِ وحُدُودَ الشرِّ…ليس بين الشعر والشرّ سوى « عيْنٍ » لا ندري متى تنضخُ ماءً زلالا لذةً للشاربين، أو متى يسكنُ نضوبَها فحيحُ الزواحفِ مُدرّبة على فنون اللدغ ! أولادُ أحمد يفيضُ شعرًا وترْكضُ فيه نداءاتُ الإنسان وصرخاتُ المغدورين…. وتضيقُ به مُفرداتُ التشرّد والغرْبَة… هُو ليسَ آمنًا على نفسه منها ولا على لحظته من سابقاتها… والمستقبلُ سؤالٌ : هل الكلماتُ مسؤولة عمّا يكونُ؟! هل الشاعرُ فاقدٌ للأهلية أمامَ التاريخ؟! من قال : أقولها وَ…أمْضِي؟! . في حوار تلفزي ـ على دفعتين ـ بدتْ على شاعرنا آثارُ التعب… بدا واقعيا يُوشكُ أن يُردّدَ عنوانَ مجموعة خصمه اللدود ـ المنصف المزغني ـ « عيّاش »… يُغالبُ كرامتهُ الجنوبية ـ أعتقد دائمًا ـ وهو يُلمِحُ إلى جواز تمتيع الشاعر بمُتع الدنيا وهو مُنتجُ معنى ـ يقولُ ـ … كأن الشاعر بدأ ينكمش في أولاد أحمد ويكتفي بأمنيةٍ أصغرَ منهُ:أن يكونَ شاعرًا تونسيّا !! وكأنهُ يخشى ألا يكون فيستغربُ أن لا أحدَ من النقاد كتب في نصّهِ نصّا… ثم تعاودهُ الأساليبُ القديمة فيفترضُ أنهم يغارون أو يخافون منهُ!! علقَ أحدُ المتابعين معي بالقول »واعْرضْ عن الجاهلين » ـ لم أتفق معهُ ـ لستُ بصدد الاختلاف ولا الاتفاق مع الشاعر أولاد أحمد ولكنني لا أخفي دفاعًا عنهُ أمامَ أشدّ ما صنعَ من خصومٍ… أدافعُ عن الشاعر فيه وأدفعُ معهُ باتجاه الحياة … شاعرٌ محْرُورٌ تحتاجُ الإنسانية المغدورة صوتهُ وشلالاتِ مَعانيهِ وجُرْأة تمرّدهِ على المتوحشين يُبْكون الطفولة ويَجْرَحُون الرّوحَ ويُراكمون الخرابَ… أيها الشاعرُ المبدعُ أنتَ على حُدودِ النارِ لن تستأذنك ألسنتها في لحْسِ مَنْ وما تحِبْ… أنت على مجرى النهر يغرفُ منهُ المشتاقون والذاهبون إلى الحياة… من حقك أن يكون لك في الوطن مكان، ومن حق الوطن ألا يتسعَ لاتساعِكَ فتهيمُ في الشوق وفي الإنسان وفي كل مكان…. الشاعرُ أكبرُ من الحقدِ ومن الخصُومة ومن اليأس ومن القيد. ليسَ لك من أعْداء سوى الذين اجتهدت في صُنعهمْ… وكمَا تنسَاهُمْ ينسوْنكَ. بحري العرفاوي تونس: 12:03:2009
خنيس: منتزه نموذجي أم مصب للفضلات ؟
بقلم : عامر عياد المتنزه النموذجي بخنيس هو احد المشاريع الرئاسية الذي مثل هدية من رئيس البلاد لأطفال وشباب المدينة، مشروع أريد له أن يكون المتنفس الذي يروح فيه الأطفال من عناء الروتين اليومي للإحساس بان تونس للجميع ..خصوصا و أن مدينة خنيس ليس فيها مناطق خضراء أو مستلزمات الترفيه ..هكذا جاءت هذه الهدية الرئاسية السامية لتكون المنقذ لمشاعر المئات من أبناء المدينة و أطفالها ..خصصت لإنشاء المشروع حوالي الأربعون ألف دينار..الرقم و بتضافر الجهود كان كاف لإخراج المنتزه المشروع في حلة تليق بصاحب الهدية ، برمز البلاد ، وكل تهاون أو تقصير في إخراج المنتزه بالحلة و القيمة التي من اجلها اهدي رئيس الدولة مثل هذا المشروع هو استهانة بالقرارات الرئاسية هو استهانة بصاحب الهدية الذي أذن آن يكون المنتزه نموذجيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى ..أي أن يكون مثالا في نوعية إخراجه.. في قيمة تجهيزاته ..في نظافته و دوام الاهتمام و الاعتناء به..حتى يكون في قيمة من أهدى و أعطى .. استبشر الأهالي ..و انتظروا الانجاز..فرحوا لهذه أللفتة الكريمة و هذه الهدية السامية و لكن بعد أن شيد » الانجاز » خاب أمل الجميع ليكون ما سمي ب » المنتزه النموذجي » عبارة عن مجمع زبالة… هو عبارة عن مبنى أقامه احد الخواص من ماله الخاص مقابل استغلاله كمشرب » للمنتزه » و يؤكد المسكين انه من تحمل جميع نفقاته و ما زال إلى اليوم مدينا للبعض خصوصا و أن المشرب تكلف بناؤه حوالي العشرون ألف دينار. أمام المبنى يوجد فضاء يحوي أرجوحتان مكسرتان علت جوانبهما الصدأ ، و في إحدى الجوانب توجد لوحة صدئة مرمية تحت إحدى الشجيرات علها اسم » المنتزه ».كما لا يمكن أن ننسى أن المنتزه يحوى على بيت للراحة هي عبارة عن برميلين كبيرين ؟؟؟؟؟؟ بيت الراحة هذا بدون باب خارجي أي بيت للراحة في الهواء الطلق.. هذه صورة تقريبية عن حالة المنتزه النموذجي بخنيس..هذه صورة عن منتزه تم تخصيص هدية رئاسية لانشاءه بلغت الأربعون ألف دينار… هذا المشروع الرئاسي أضاف نكسة جديدة لسكان و أطفال المدينة الذين استبشروا للهدية و فرحوا للالتفاتة السامية …هكذا اختلست البسمة و سرقت ممن لم يقدر هدية رئاسية و أمرا رئاسيا ..هكذا سقطت مرة أخرى فرحة جديدة من طرف من أساء التصرف في أموال رمز البلاد…فهل كانت كلفة المشروع أربعون ألف دينار خصوصا و أن البناية المقامة يؤكد احد الخواص أنها من ماله الخاص؟ لا نشك في « نزاهة » من اشرف على المشروع و لكن من حقنا التساؤل أين ذهبت أموال رئيس الدولة التي وضعت على ذمة المشروع’ من حقنا أن تساءل هل هكذا نجازي رئيس أراد المنتزه نموذجيا فجعله البعض من المسؤولين ركاما للزبالة . هذا وإننا متيقنون أن هذا » المنتزه » بعيدا عن أنظار السلطة الجهوية خصوصا و أن مكانه مخفي عن العيون و كأنه بناية سريه و نحن متأكدون أنها لو درت و علمت لكان تدخلها حازما لإصلاح ما أفسده من لا يقيم وزنا لقيمة المشاريع الرئاسية.
تونس تحقق الفوز على كينيا في عقر دارها
الخطاب الاسلامي المغاربي
الشيخ راشد الغنوشي بدءا ليس من اليسير إقامة فواصل واضحة بين المشرق والمغرب فيما يتعلق بشؤون الفكر والثقافة ومنها مسألة الخطاب الإسلامي، فهناك حالة انسياب للأفكار على امتداد المنطقة وتبادل التأثر بما ييسّر تلمس مؤثرات مشرقية في كل تيارات الفكر الإسلامي القائمة في المنطقة المغاربية سواء أكانت هذه المؤثرات إخوانية تنتمي لتيار الوسطية الإسلامية أم كانت سلفية بكل ألوانها ومنها السلفية الجهادية وبالمقابل يمكن أن تتلمس مؤثرات للفكر الإجتماعي والسياسي المغاربي الذي أسسه العلامة ابن خلدون وأعادت إحياءه مدرسة خير الدين التونسي في القرن التاسع عشر وتولى الأستاذ مالك بن نبي الجزائري تطويره، أو للفكر المقاصدي الذي أسسه الفقيه الاصولي الاندلسي أبو اسحاق الشاطبي في موسوعته الشهيرة »الموافقات »، وتولى تطويره علمان مغاربيان معاصران: التونسي الشيخ محمد الطاهر بن عاشور والمغربي علال الفاسي، وتابع جهدهما تونسي آخر هو الدكتور عبد المجيد النجار ومغربي آخر هو الدكتور أحمد الريسوني،فعمّقا البحث في المقاصد وربطاها بمتطلبات العصر، لتكون اساسا للعلوم الاجتماعية الاسلامية المعاصرة وحقوق الانسان وقد تكون حركة النهضة التونسية و »العدل والاحسان » و »التوحيد والاصلاح في المغرب الأقصى ومدرسة جمعية البناء الحضاري في الجزائر وريثة فكر مالك بن نبي كما بلوره صفوة تلاميذه من مثل الأساتذة رشيد بن عيسى ومحمد السعيد والطيب البرغوثي و « حركة مجتمع السلم » و »الإصلاح » في الجزائر- على نحو ما- قد أفادت من ذلك التراث -بدرجات متفاوتة- بعد إقامة نوع من التفاعل بينه وبين الواردات المشرقية من جهة وبينه وبين أمواج الحداثة الغربية التي تعصف بقوة في هذه الثغور المواجهة لأوروبا… ويمكن اعتبار أن هذه المدرسة المقاصدية الإجتماعية السياسية قد سبقت مثيلاتها إلى هضم آليات الديمقراطية المعاصرة وتأسيسها في الثقافة الإسلامية والترحيب والإلتزام بها سواء أكان ذلك على صعيد منهج التغيير رفضا لكل طرائق العنف فعلا أو رد فعل، ودعوة الى حكم اسلامي ديمقراطي تعددي، بتعددية كاملة لا تقصي أي تيار أو صاحب فكرة، وذلك على أساس مبدإ المواطنة وما يخوله لكل المواطنين من حقوق متساوية بما يرفع كل دعوى وصاية على الناس ولا يبقى للسلطة ولتداولها من مصدرغير الإقتراع العام والقبول بنتائجه باعتباره المترجم الوحيد عن إرادة الشعب. ورغم أن حركة الأفكار بين المشرق والمغرب تبدو ذات اتجاه واحد غالبا من المشرق إلى المغرب وأن المغاربة منذ القديم طالما تصاعدت منهم الشكوى من إخوانهم المشارقة أنهم لا يكادون يعلمون عنهم شيئا بينما أهل المغرب يتابعون بدقة كل ما يستجد في الساحة المشرقية، رغم ذلك فلا يبعد أن تكون التوجهات المغاربية التي ذكرت والتي دأب أحد كبار الدارسين للإتجاهات الفكرية في أمة العرب والمسلمين وهو الباحث المغربي محمد عابد الجابري على وصفها بالعقلانية مقابل غلبة التوجهات العرفانية على نظيرتها في المشرق … لا يبعد أن تكون لهذه التوجهات « العقلانية » أصداء في المشرق العربي، قديما وحديثا تحتاج إلى تتبع دقيق للوقوف على تفاصيلها، وذلك بصرف النظر عن مدى عمق ودقة التمييز المذكور الذي استخلصه الأستاذ الجابري من دراساته واستقراءاته. وفي الجزائر مثل خطاب الشيخين عباسي وبالحاج الزعيمين المؤسسين للجبهة الاسلامية للانقاذ تطورا نوعيا في خطاب الحركة الإسلامية السنية من حيث وضوح الخطاب وبساطته وقوته التحريضية للجماهير وتشبعه بالثقة فيها وفي قدراتها الهائلة على إزاحة كل عقبة في الطريق كتشبّعه بعمق الإحساس بحاجاتها المعيشية وصبه جام الغضب على مصاصي دمائها ونهابي أرزاقها، مع وعدها باسترداد المغصوب وبسط العدل.. فالتفت حول الخطاب والزعامة الملايين من الشعب المقهور وريث تاريخ عريق من الثورات تتقدمه عشرات الآلاف من الشباب الذي تربى في المساجد في مناخات الدعوة الإسلامية العامة. لم تتلبث الدولة بالشيخين طويلا حتى زجت بهما في غياهب السجون على إثر الإضراب العام. تولت قيادة الجبهة بعدها وجوه شابة ذكية أشرفت على تنظيم الانتخابات التشريعية أوائل 1992حيث حققت الجبهة فوزا كاسحا منذ الدورة الأولى فاستصرخت أصوات الاستئصاليين من اللائكيين المتطرفين والشيوعيين مؤسسة الجيش للتدخل بزعم إنقاذ الديمقراطية ورغم أنها كانت فضيحة وجريمة موصوفة اقترفتها الجماعات العلمانية المنسوبة ظلما للحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان إلا أن الاستجابة كانت سريعة فخرجت الدبابات لتسحق صناديق الاقتراع في محاولة لإعادة عقارب ساعة الجزائر إلى الوراء إلى ما قبل حدث 5 أكتوبر الأمر الذي فتح الباب على مصراعية لخطاب التشدد والتكفير وإباحة الدماء ليجتاح الجزائر رغم غربته عن هذه البيئة. وعلى كل حال فالواضح اليوم أن نار الفتنة تتجه إلى قدر من الخمود بعد أن تعب الطرفان المتقاتلان، وأن مشروع « المصالحة الوطنية « » الذي بشر به الرئيس بوتفليقة وكان برنامجه الانتخابي لم يكن بغير طحن، فقد أفضى حتى الآن الى إطفاء الأجزاء الأكبر من الحريق فاتحا طريق السلم أمام حملة السلاح في مشهد نادر في دنيا العروبة التي لا تكاد تسمع فيها غير صقور الامن يصمون كل معارض جاد بالارهاب معنين أنه « لا حوار مع الإرهاب »، حتى ولو كانوا مسالمين من نوع اخوان مصر أوونهضويي تونس، وهو ما يجعل الجزائرمهيأة، ربما أكثر من غيرها لحياة ديمقراطية متطورة، عودا لفكر مالك بن نبي وجمعية العلماء الذي اجتاحته مذاهب التشدد الوافدة على المنطقة من المشرق، ففقد فاعليته في توجيه الأحداث وهو ما يفتح – فيما لو تم- الباب مشرعا لطي صفحة فكرة التشدد الإسلامي في المنطقة ويجهز على خطاب التشدد والاقصاء على حد سواء باسم الاسلام أم باسم العلمانية بعد أن يكون قد تم احتواؤه على نحو يقترب مما حصل في المغرب الأقصى الذي أفاد أيما إفادة من تجارب العمل الإسلامي في المنطقة وبالخصوص في تونس والجزائر،،، فحتى جماعة العدل والإحسان وهي الجماعة الأكبر والتي وإن نسب فكرها إلى التشدد أحيانا إلا أنها ظلت أبدا رافضة بشكل مبدئي معمق اللجوء إلى أساليب العنف في كل الأحوال، وذلك جزء من فكر العلامة الشيخ عبد السلام ياسين مؤسس هذه الحركة ومرشدها، ففي فكر هذا الرجل عمق وتركيب يعسر معهما على فكر التشدد والعنف اجتياحه، ففكر التشدد هو أبدا فكر بسيط أحادي البعد، بينما فكر المرشد مركب تتمازج فيه مواريث المغرب الفقهية والصوفية مع الاصلاحية الاسلامية المعاصرة مع فكر الحداثة الغربية، يلتقي كل ذلك مع متابعة دقيقة لتاريخ المنطقة وتراثها وما يمور فيها من أحداث المنطقة والعالم من حولها . أما جماعة « التوحيد والإصلاح » فقد قادت عملية نوعية واسعة لتطبيع علاقة الحركة الإسلامية في المغرب مع العرش العلوي الذي يتميز – خلافا للتجربتين التونسية والجزائرية شديدتي التاثر بالثقافة الفرنسية وما تحمله من تطرف علماني إزاء الدين جملة- بحرصه على استمداد شرعيته من الإسلام والإنتساب إلى العائلة النبوية الشريفة. إن خطاب « التوحيد والإصلاح » كما تبلور في الحزب السياسي الذي غدا يعبر عنه سياسيا « العدالة والتنمية » خطاب إسلامي وطني حداثي ديمقراطي، انغرس بقوة في ثنايا الطبقة الوسطى وفي المدن وحتى الأحياء المرفهة، ولذلك كان حصاده في المدن المغربية الكبرى وفيرا اكتسح أحزاب « الحداثة والتقدمية » التي لم يكد يجد خطابها الحداثي من سامع في غير الأرياف، وذلك بأثر ما يعبر عنه خطاب « العدالة والتنمية » من أصالة إسلامية معتدلة وحداثة تنهل من ينابيع الإسلام وتستوعب كل ما يتساوق مع الإسلام من حضارة العصر. صحيح أن هذا الحزب لا يزال هو الحزب الثالث في البرلمان من حيث عدد النواب ولكن الجميع يعلمون أن العدالة والتنمية الحزب الأقوى في واقع مغرب اليوم أمام ترهل الأحزاب التقليدية ولا سيما أحزاب اليسار التي تشهد انهيارا مريعا واتجاها متصاعدا صوب العزلة عن هوية الشعب الإسلامية بما يكاد يجعل ما تبقى من مشروعها التقدمي لا يجاوز الإندراج في الحرب العالمية ضد الأصولية، حتى أنها لم تدخر وسعا في محاولة دفع الأحداث المؤلمة، أحداث الدار البيضاء في اتجاه إلباسها منافسيها الإسلاميين طمعا في الإلقاء بهم تحت عجلات « بلدوزر » الحرب العالمية على الاسلام تحت لافتة الحرب على الإرهاب وتحميل التيار الإسلامي مسؤوليات هذه المجموعات المتشددة المعزولة إلى حد كبير عن المجرى العام، بينما يشهد الجميع أن هذه المجموعات الصغيرة إنما انطلقت من أحزمة الفقر ومن الحطام الذي خلفته البرامج التنموية التي قادتها الإحزاب التقليدية « الحداثية » فهي مسؤوليتهم الأولى عند التحقيق، وهو ما تنبه إليه الملك الشاب فرفض عملية الإستدراج هذه إلى نفس المستنقع الذي قاد إليه الإستئصال الحداثوي واليسراوي في القطرين المجاورين: الجزائر وتونس، بل وجه إصبع الإتهام إلى برامج التنمية وإلى الأكواخ التعيسة التي أنتجت هذا النوع من الشباب اليائس والفكر البائس الذي وجدت فيه بضائع التشدد الواردة من بئات عربية منغلقة، تربة صالحة للنمو… إن الحركة الإسلامية في المغرب حبلى بالكثير من الآمال الواعدة والبشائر الصالحة التي قد تمس بطيبها مجمل المنطقة، لتثري عموم التجربة الإسلامية بما توفر لها من إطار سياسي مستقر معقول مؤسس على شرعية إسلامية لا تحتاج إلا إلى تطوير يبدو أن « العدالة والتنمية » قد شرع فيه مصمما على المضي اليه حتى النهاية، تطوير متدرج جسور يمكنه أن يستوعب مطالب المجتمع في إطار الإسلام والشرعية والتحديث، بعيدا عن التلظي بنيران الصدام التي أضرمتها إيديولوجيات التطرف الحداثوي التي غلبت على نخب الحكم والتوجيه في القطرين المجاورين.. وعن الرد عنها: التطرف والعنف باسم الاسلام. ويبقى التحدي الأكبر الذي يواجه المغرب وقد استوى على أرضية فكرية أصيلة للتطور متمثلا أولا في التحدي الدستوري وفحواه: هل يمكن لمنظومة إمارة المومنين الحديثة التي مثلت إطارا للحركة الوطنية التحريرية المغربية ثم قادت دولة الاستقلال وسط صدامات غير قليلة يسعى الملك الشاب لتصفية مخلفاتها المؤلمة هل يمكن أن تتطور الى ملكية دستورية متحررة من تراث وظلال حكم الاطلاق؟ أما التحدي الثاني فطبيعته إجتماعية،متمثلا في الفوارق الشاسعة بين قلة تكاد تمتلك كل شيء وكثرة لا تكاد تمتلك شيئا لا من سلطة ولا من ثورة، هل يمكن لعدل الاسلام أن ياخذ طريقه الى هذا البلد العريق، فيتجنب الهزات الاجتماعية المنذرة؟. المغرب يستشرف انتخابات تشريعية قد يكون الحزب الاسلامي « العدالة والتنتمية » أكثر المرشحين للفوز فيها، هل لو حصل ذلك سيمثل فارقا معتبرا على صعيد مواجهة التحديين المذكورين ؟ أم سيكون الامر مجرد تغيير الصورة دون المحتوى كما حصل مع الاشتراكيين عندما اختبروا؟ أما تونس فلا تزال تشهد أفدح المفارقات بين خطاب حداثوي رسمي يغرف بسرف من قواميس الحداثة، فلا يفتؤ يسبح ليل نهار بالتقدم والديمقراطية وحقوق إنسان والمجتمع المدني، وذلك في سياق نظام سياسي يعد من أكثر الأنظمة العربية تحجرا وجمودا على نموذج الحزب الواحد والزعيم الملهم ولغة الخشب، فاقدا لكل إحساس بالخجل وهو يكرر منذ نصف قرن الاعلان عن فوزه في كل المناسبات الانتخابية بنسب خيالية لم تتخلف قط عن التسعة والتسعين بالمئة التي يحصل عليها الرئيس والديكور التعددي المكون من هياكل حزبية مصطنعة، حدد لها نسبة ثابتة 20% يوزعها عليها بالمجان ،وهي نفس النسبة في حدها الادنى التي اعترف بها للنهضة في انتخابات 1989، فكان ذلك مبررا لقرار الاجهاز عليها،في أعقاب اكتساحها لتلك الانتخابات في إلغاء صارم كل إمكانات للمنافسة مع نظراء أكفاء، عهد لأجهزة القمع مهمة التعامل معهم، بما جعل التداول الوحيد المتاح في البلاد ليس على السلطة وإنما على السجون: نقابيون، يساريون، إسلاميون .. حتى عد تاريخ البلاد الحديث هو تاريخ المحاكمات السياسية، وهو ما جعل تونس ــ بكل أسف ــ مصدر انشغال المنظمات الإنسانية المحلية والدولية، فتكرر فوز نظامها أكثر من مرة بأكثر تقارير أمنستي طولا، على حد تعبير حازم صاغية.. أما المفارقة الأخرى فتتمثل في سبق تونس إلى تجارب الإصلاح منذ النصف الأول من القرن التاسع عشرإلى جانب شقيقتها مصر على الضفة المقابلة في المشرق العربي- حيث كانت أول بلد إسلامي يصدر دستورا سنة 1861 / وأول بلد إسلامي يحظر1964 الرق وأول بلد عربي نشأت به منظمة حقوقية1977 وأول بلد مغاربي نشأت به حركة نقابية1924 وحزب سياسي1920 ومع كل ذلك فالنظام السياسي القائم اليوم في تونس هو في مؤخرة بلاد العرب تتقدمه اليمن والأردن والبحرين وبالتأكيد لبنان والمغرب والجزائر وموريتانيا،ناهيك عن دول افريقيا ما تحت الصحراء.. وهذا أمر شائن لتونس ولمثيلاتها..بما جعل خطاب السلطة في واد والخطاب المعارض في واد آخر. أما المفارقة الثالثة فهي بين خطاب الحركة الإسلامية التونسية وبين خطاب السلطة فبقدر ما مثل خطاب الأولى سبقا معتبرا على صعيد الحركة الإسلامية في تبني نهج التحديث السياسي والديمقراطي من دون لبس ولا إقصاء ولا تردد ولا تلعثم، إذ أن « حركة الإتجاه الإسلا مي » سلف « النهضة » الحالية منذ بيانها الاول معلنة الدخول إلى حلبة السياسة باعتبارها حزبا سياسيا1981 قد التزمت التزاما كاملا بكل مقتضيات العمل الديمقراطي والقبول بحكم صناديق الإقراع حتى ولو أفرزت خصومها الشيوعيين، وانطلقت تؤصّل هذا النهج وتخرّجه على أصول الإسلام وقيمه وتراثه. غير أنه بقدر ما أوغلت الحركة في هذا المنهج الحكيم والوسطي السلمي بقدر ما اشتطّت السلطة في رفض الإعتراف بها في أي صورة من الصور بل راهنت على استئصالها حتى انتهت إلى أن تجعل من ذلك إيديولوجية شاملة للدولة أعانتها أجواء الحرب التي شنتها كل من الولايات المتحدة والدولة الصهيونية على ما يعتبرانه العدو الرئيسي المهدد لمصالحهما ألا وهو الإسلام السياسي أو الإرهاب، في خلط خطير بين الاسلام ممثلا في تيار الإعتدال الاسلامي – وهو المجرى الرئيس في الحركة الإسلامية الرافض للعنف والباحث بكل جدية عن سبيل تمكنه من الإندراج في أطر العمل السياسي المنظم وفق القوانين والضوابط المعمول بها بل والرضى بكل ما يتاح من فسحة للعمل السلمي- وبين مقاومة التطرف والارهاب والدفاع عن الديمقراطية والمجتمع المدني، فشنت حربا شاملة على « النهضة » وعلى كل ما له بها علاقة من أشخاص وأفكار ومؤسسات ورموز مثل الحجاب والصلاة.. ولم يتردد قطاع واسع من أهل خطاب الحداثة والتقدم في وضع كل خبراتهم وخطاباتهم على ذمة المجهود الحربي. ولكن كل أساليب القمع والإستدراج إلى مستنقع العنف التي استخدمها خطاب الحداثة المغشوشة لم تمنع الإسلاميين النهضويين من العضّ بالنواجذ على خطاب الإعتدال والدعوة إلى تحول ديمقراطي لا يستثني أحدا يبدأ بمصالحة وطنية شاملة، تصلح ما بين الدولة والمجتمع وتعيد للسياسة اعتبارها عبر أدوات الحوار والتفاوض والبحث عن الوفاقات والحلول الوسطى بدل التعويل على أجهزة الأمن والدعاية الفجة تشويها للخصوم واستدراج الرشاوي عل ذلك من الخارج. في تونس مفارقات عجيبة بين شعب يستنكف من التعانف ويميل إلى المسالمة وتحتل الثقافة عنده مكانة متميزة بديلا عن الحرب وبين سلطة ليس لها من الحداثة وهي الإيديولوجية الرسمية للدولة غير الخطاب الخاوي من كل مضمون إذا ما استثنينا أساليب الحكم الظالمة والمستبدة … ليس الحزب الحاكم الذي بعد أن أفسدته تجربة نصف قرن من حكم الانفراد وجردته من كل قيمة وخلق، تحول الى جهاز للقمع البوليسي والتهريج الاعلامي والتغريب الثقافي والتمييع الاخلاقي والنهب للثورة العامة عبر تحويل الدولة والبلاد لخدمة العولمة الراسمالية وخططها الامنية، ليس هذا الحزب ولا دولته المافيوزية قدرا لتونس، فهي تستحق حكما أفضل من ذلك بكثير أو في الاقل أقل سوء. لقد أخذت جماعات النخبة العلمانية التي تحالفت مع سلطة القمع في اغلبها، تحت لافتة الدفاع عن الحداثة والتصدي للخطر الاصولي_ تدرك حكمة « أكلت يوم أكل الثور الابيض » وأنه في غياب الاسلاميين يختل التوازن الضروري للديمقراطية بين الدولة والمجتمع ولا يأخذ طريقه الى التعدل إلا بحضورهم وعودة نهج الحوار والتوافق والعمل المعارض المشترك بين الاسلاميين والجماعات العلمانية وهو ما أخذ يحدث منذ بضعة سنوات أفضت في أكتوبر2005 الى تشكيل « هيأة الدفاع عن الحقوق والحريات جمعت ممثلي مختلف المدارس الفكرية السياسية العاملة في الساحة من الاسلاميين الى الشيوعيين واللبراليين وجماعات في المجتمع المدني، وذلك على أساس النضال من أجل أهداث ثلاثة شتركة :حرية التعبير للجميع، وحرية تاسيس الاحزاب والجمعيات، وإطلاق سراح المساجين، وقد سهل عملية اللقاء أن مطالب الاسلاميين منذ دخلوا المعترك السياسي سنة1981لم تتجاوز المطلب الديمقراطي، فلم يطالبوا بتطبيق شريعة ولا إقامة حكم اسلامي رغم أن شعب تونس سائر بقية شعوب المغرب العربي مسلمة كلها على مذهب مالك، تقديرا بأن هذه ليست الاولولية،الحرية هي الاولوية ، ثم يختار الناس برنامجا لحكمهم. نستطيع أن نقول باطمئنان إن تونس تشهد نهايات مرحلة لا سيما بعد أن أعلن الرئيس عن عزمه عن الترشح لانتخابات 2009، بينما هو يحكم دون انقطاع منذ انقلابه على سلفه سنة1987 ، غير عابئ بمطالب التغيير وبوضعه الصحي الذي يعد من الاسرار العليا للدولة، بينما هو حديث المجالس. وزاد الامر تعقيدا بعد كسر المعارضة العزلة التي ضربت على النهضة انبعاث صحوة اسلامية ازدحمت بها المساجد بعد جدب وعادت فيها موجة تحجب الفتيات قوية رغم استمرار حظر الحجاب بل رغم التصدي الرسمي ومطاردة حاملاته، بما زاد الدولة عزلة.غير أنه ضمن مناخات القمع المحلية وضروب العدوان الدولة على الامة وفشو تيارات العنف العابر للقارات فشا في أوساط الشبية التونسية المتدينة تيار من فكر العنف والجنوح أثمر بداية مصادمات في أواخرسنة2006وبدايات التي تليها بين عشرات من هؤلاء وبين المؤسسة العسكرية والامنية سقط فيه ضحايا من الطرفين، ليفتح ذلك الباب أمام موجة جديدة واسعة من الاعتقالات وممارسة أشنع ضروب التنكيل وإحالة المئات على محاكم مصطنعة لتصدر عليهم أثقل العقوبات. وهكذا لم يزل نظام القمع بالبلد الذي عرف باعتداله وحداثة حركته الاسلامية واعتدالها، يوالي الكبت والقهر، حتى نجح في إلحاق البلاد فعلا بقوس العنف والارهاب، ليتمتع عن جدارة بميزات اللحاق بمعسكر الدول المقاومة للارهاب. أما في الأقصى المغاربي « موريطانيا » فالإسلام هنا بلا منافس إيدولوجي. التراث الإسلامي -هنا- ومؤسساته وقيمه من العمق والاتساع الى حد لا تقوى معه الخطابات الحداثية الاستئصالية على المجاهرة، وما لها من سبيل غير الانضواء على نحو أو آخر تحت عباءة الإسلام. هنا يتنافس الجميع على التقرب- ولو الشكلي- من الاسلام سحبا للبساط من تحت أقدام الحركة الاسلامية التي لا تجد لها سندا قويا فقط في مؤسسات الحداثة كالجامعات والثانويات بل نفوذها واسع في مؤسسات الاسلام التقليدية القوية بتراثها وعلمائها ذوي النفوذ الشعبي الواسع، حتى أن بعض قياداتها البارزين مثل الشيخ محمد الحسن الددو معدود- مع حداثة سنه- من بين علماء الاسلام البارزين داخل موريطانيا وخارجها. ويتعزز هذا السند التقليدي للحركة الاسلامية باستيعابها لتراث الحركة الاسلامية المغاربية وبالخصوص التونسية والمشرقية كذلك، باعتبارها قريبة من حركة الاخوان، فتراها حاملة لواء الدفاع عن حقوق الانسان والمطالبة بالديمقراطية وخوض المعارك الانتخابية متحالفة مع هذا الطرف الوطني أو ذاك كما فعلت في الرئاسيات الاخيرة إذ تحالفت مع أقوى منافس لولد الطائع « ولد هيدالة الرئيس السابق، وهو ما جعل المنافسة جادة وكادت تطيح بولد الطائع لولا ما – نقل – من وقائع تزويرية فاضحة، إلا أن استمرار التحركات الشعبية المعارضة التي كان للحركة الاسلامية إسهام معتبر فيها مهد الاجواء للاطاحة بحكم ولد الطائع على يد « مجلس عسكري » تعهد تحت ضغط المعارضة بإجراء انتخابات حرة يشارك فيها الجميع عدا العسكر لانتخاب برلمان حكم مدني، بدأ مساره بانتخابات برلمانية وبلدية جرت خلال (نوفمبر2006) برز فيها الاسلاميون قوة أساسية تحت لافتة قائمات مستقلة بسبب أنهم غير معترف بهم بعد.ولكنهم شان معظم الاسلاميين هم صورة ناطقة بالظلم السياسي المسلط على الاسلاميين يتجاهلهم القانون الظالم رغم أنهم قوة الشارع الاساسية ، ولكنه وضع لا بد أن يتعدل ، وهو ما بدأ في مناطق كثيرة.ورغم أنهم تحالفوا في الرئاسيات الاخيرة مع زعيم المعرضة الذي حقق نجاحا كبيرا إلا أنه قعد به قليلا عن الفوز بالاغلبية إلا أن وجودهم في المنتظم السياسي برلمانا وصحافة ونشاطا في الشارع بارز. تجربة موريطانيا في التحول الديمقراطي مرشحة لتقدم نموذجا يشهد على فساد كثير من المقولات التي قدمت مبررا لكبح التحول الديمقراطي وربطه بارتفاع مستوى التعليم أو الدخل الفردي. هنا في موريطانيا أدنى مستويات التعليم والتنمية والدخل الفردي في دول المنطقة ولكنها وضعها السياسي بالتاكيد متقدم على دول عربية كثيرة ذات مستويات تعليمية وتنموية مرتفعة نسبيا مثل تونس، مما يسفه كل تنظير يربط التحول الدديمقراطي بمستوى معين من التعليم أو من الدخل الفردي. ليس يحول بيننا والديمقراطية غير عصابة متسلطة على شعوبنا بدعم دولي غاشم، في ظل غياب إجماع وطني اسلامي علماني لإماطة أذى وفضيحة استمرار هذه الدكتاتوريات المتخلفة. أما ليبيا فالحالة الثقافية فيها هنا تشبه على نحو ما الحالة الموريطانية من حيث أن البلدين لم يشهدا قطيعة بين التراث والحداثة، فحتى الوثيقة المرجعية للدولة « الكتاب الأخضر » يحتل فيها الإسلام موقعا مهمّا، واللافتات في كل مكان تعلن عن أن « القرآن هو شريعة المجتمع »، بما يؤهل البلد – لو عزم أهله على ذلك- أن يشهد تصالحا مهما جدا بين « ثورة الفاتح » وبين الحركة الاسلامية ممثلة في حركة الاخوان بالخصوص، التي يمتد عمرها هنا لأكثر من نصف قرن ولا تزال الحركة الأساسية في بلد وشعب ليس فيهما من الثقافة – عند التحقيق – غير الإسلام. ورغم ما حاق بهذا الفصيل المهم من محن وما مر به البلد من حصار واستهداف دولي وما جدّت به من أحداث عنف على يد بعض الفصائل الاسلامية الصغيرة المتأثرة في خطابها بواردات التشدد من الجوار المشرقي والجزائري ، فقد حافظ الاخوان على اتزان خطابهم رافضين كل استدراج صوب محرقة العنف مادين يدهم بالمصالحة دون كلل شأن إخوانهم بتونس. وخلافا لما وجده أولئك من أبواب موصودة في وجه كل حوار أو تفاوض فقد نشبت هنا خيوط للتصالح والحوار، قادها من جانب السلطة نجل القذافي: سيف الاسلام ، أفضت الى إطلاق سراح كل مساجين الاخوان بعضهم قياديون محكوم عليهم بالاعدام وإعادتهم الى مهنهم والبحث معهم عن صيغة لنشاطهم غير الحزبي، فالاحزاب هنا لا مكان لها ضمن « نظرية الديمقراطية المباشرة ونظام المؤتمرات الشعبية ». وفي سياق التصالح كما أخذ اسلاميوا المهجر يلتمسون طريقهم عودا الى بلادهم. والبحث مستمر عن تصالح مع جماعات اسلامية أخرى سبق أن اندفعت الى العنف ثم استبانت خطل هذا النهج..كل ذلك يتم ضمن مشروع للانفتاح والتصالح الوطني بعد أن تم رفع الحصار والاستهداف الدولي الذي مرت به ليبيا . وفيما إذا نجح مشروع الانفتاح الذي يقوده ابن القذافي، فتغلب على ما يقوم في طريقه من معارضة قوية من الحرس القديم، ووضع البلد على طريق الاصلاح والتصالح بين ثورة الفاتح وبين التيار الاسلامي يكون البلد قد توفق الى فتح صفحة داخلية جديدة موازية لما تم على الصعيد الخارجي من كسر الحصار الخانق والعود الى الوضع الطبيعي.. ويكون عندئذ المشهد العام للخطاب الاسلامي في المغرب العربي في علاقته بالخطابات الأخرى ولا سيما الرسمي يبدو فيه الأكثر تنافرا ومفارقة هو القائم في تونس من حيث استمرار السلطة التزامها بخطاب الاستئصال وسياسات الاقصاء المدعومة بخطاب حداثوي استئصالي، يبلغ في الشذوذ عن منطق العصر أقصاه فيصادر حتى حق المواطن في اختيار ملابسه،إذ يحظر القرار الاداري الشهير ب108على التونسية غطاء الراس، بما يشكل فضيحة على السواء لشعارات الحداثة المرفوعة ومنها حرية المراة، ولدستور دولة لا يزال يتصدره وصفها الاسلامي. وعلى العموم فإن المنطقة المغاربية تعيش أحزابها الحاكمة والعدد الاوفر من زعاماتها التي قادت إلى الإستقلال حالة متقدمة من الشيخوخة. كما بليت مؤسساتها وعقمت بعد أن أفرغ العنف والإستبداد خطاباتها من كل مضمون بما ينذر أو يبشر بتحولات قادمة حتمية حتى وإن ساهم في تأخيرها إلى حين الضغط الدولي، وذلك ما لم يقدم هؤلاء على مراجعات عميقة لمواقفهم من هوية البلاد العربية الاسلامية والانتهاء عن سياسات الاقصاء والقمع تجاه الحركة الاسلامية الاكثر تمثيلا اليوم للرأي العام ومطالبه في العدل والحرية والوحدة وتحرير فلسطين والعراق وتطهير السياسة من لوثات الفساد والعداء للاسلام . وما يبدو في الساحة السياسية من أحزاب الحركات الوطنية الشائخة (الدستور في تونس والإستقلال والإتحاد في المغرب وجبهة التحرير في الجزائر والحزب الجمهوري الديمقراطي الموريطاني الذي كشفت الانتخابات الاخيرة أنه انتقل من حزب حاكم متفرد الى حزب هامشي …) ما يبدو من بديل عنها مهيأ لإعادة تشكيل إجماع وطني جديد يتأسس عليه الحكم والإستقرار والنظام الديمقراطي ما يبدو من بديل غير الحركة الإسلامية وحلفائها، ولك أن تقول غير تحالف جاد بينها وبين القوى الوطنية والقومية الاصيلة . إن مما ينبغي به أن يعيه التيار التيار الاسلامي أنه العمود الفقري لقوة المستقبل واستعادة الاجماع المفقود الى شعوبنا من خلال انفتاحه على كل التيارات وقيامه على مهمة تشبيب عالم النخبة وتعبيره عن أشواق الامة الى العدل والحرية والطهر وتحرير فلسطين واستعادة عزة الاسلام والمسلمين، فهل يرتفع بخطابه وسلوكه إلى القيام بما تقتضيه تلك المهمة من بعد نظر ورحابة صدر ووسطية مطلوبة دينا وواقعا وبحث عن الجامع المشترك الذي يعبر عن عدل الإسلام ورحمته تأصيلا لحقوق متساوية للمواطنة ومشاركة لا تقصي أحدا واستيعابا للتراث الإنساني المعاصر من حقوق للإنسان وديمقراطية ومجتمع مدني، وهل تحقق الحركة الإسلامية المغاربية تلك المهمة التاريخية المجهضة التي نادت بها الحركة الاستقلالية المغاربية في مواجهة موجة الاحتلال الفرنسي العاتية، وهي مهمة توحيد المنطقة المغاربية وتعزيز عرى التكامل بين أقطارها على انقاض ما ينخرها من انقسامات حدودية وخلافات هامشية، باعتبار ذلك حلقة لازمة في مسار وحدة وتكامل الكيان العربي الجامع -بجناحيه المشرقي والمغربي- هل تنجح الحركة الإسلامية المغاربية في التقدم على جبهتين متعاضدتين ولازمتين لنهضة الأمة ودفع ما يتهددها من مخاطر داخلية وخارجية، أعني بذلك جبهتي الحرية والوحدة. ذلك هوالتحدي ..ذلك هو المأمول..وهي على الدرب.. والله المستعان … (موقع سراج الاخباري ( موريتانيا) بتاريخ 29 مارس 2009 )
المحطات الفضائية الشجاعة عليها مسؤولية كبرى لدعم حرية التعبير
حقيقة العلاقة بين القرآن والفكر الأسطوري
بقلم: محمّد فوزي المهاجر(*) حضرت بكليّة العلوم الإنسـانيّة والإجتماعيّة، بتـونس يومي 12 و13 مارس الجاري، ندوة فكريّة دوليّة، نظّمتها وحدة بحث: « في قراءة الخطاب الديني ». وكان عنوان هذه الندوة التي إلتأمت احتفاء بالمفكّر « محمّد أركون »: « قي قراءة القرآن ». وقد تخلّلتها عدّة مداخلات قدّمها أساتذة تونسيّون، إلى جانب مداخلة للأستاذ محمّد أركون، ركّز فيها الحديث على بيان مشروعه الفكري، المركّز على الإسلاميّات التطبيقيّة. ولكن ما جلب إنتباهي خاصّة، مداخلة قدّمها رئيس وحدة البحث المنظمة لهذه الندوة، وهو الأستاذ « وحيد السعفي » تحت عنوان: « في بعض شؤون القصّ القرآني أو ..
Fragments d’un discours religieux « . لقد ركّز الأستاذ السعفي على مسألة اعتبرها مهمّة ومفصليّة في الحديث عن القرآن، وهي كما يقول: » أنّ النصّ القرآني ذي بنية أسطوريّة.. » Structure Mythique منتهيا إلى أنّ هذا النصّ (القرآن) لم يكن بوسعه القفز على ذلك الواقع الفكري الذي » نشأ فيه »، موضّحا أنّ المجتمع الجاهلي الذي وجد فيه القرآن، هو مجتمع يغلب عليه التفكير الأسطوري، أو الفكر الميثي. لقد قامت هذه المداخلة – التي دامت قرابة 45 دقيقة، رغم استغناء الأستاذ عن جانب كبير منها، يتعلق بملاحظات حول تدوين القرآن – على طرح مجموعة من الأسئلة/الإشكاليات، إنّها لم تقدّم إجابات بقدر ما طرحت أسئلة، حول واقعيّة القصص القرآني، وعلاقته بالبيئة الثقافيّة العربيّة والأجنبيّة المتاخمة، التي كانت على صلة بالمنطقة،… جميل أن يجتهد المرء، في مسائل كانت تعدّ من المحرّمات في أزمنة قديمة، ولكنّ الأجمل أن يأتي بأمثلة عمليّة تؤيّد ملاحظاته. ولكن ما يثير الإنتباه أنّ الأستاذ السعفي كان يتحدّث بصفة عامّة، فهو لم يفصّل القول بخصوص هذه « البنية الميثيّة » كما يقول. صحيح أنّه أورد عديد الأمثلة حول بعض القصص القرآني وصولا إلى حادثة الإسراء والمعراج، لكنّه لم يأتينا بأمثلة دقيقة تؤيّد ملاحظاته. كان من الواجب في مثل هذا المقام تطبيق المنهج المقارن، لأنّ المقارنة تمثل شكلا من أشكال توضيح الرؤى والتصوّرات، ورسم معالمها رسما يسهّل استيعابها، وهو السّبيل الأسلم إلى بيان حدود كلّ مقالة، ثمّ إنّ المقارنة تمكّننا من إدراك المسيرة التي قطعتها كلّ فكرة. أي كان على الأستاذ أن يقارن بين القصص القرآني وهذه الأساطير التي كانت منتشرة في الثقافات المحاذية للمنطقة العربيّة التي نزل/أو وجد فيها القرآن حسب رأيه، حتى يبرز وجه التشابه بين القصص القرآني وهذا الفكر الميثي الذي كان سائدا زمن نزول القرآن كما كان يرى. ولكن يبدو أنّه غاب عن الأستاذ أنّ النصّ القرآني في حدّ ذاته قد انتقد الفكر الأسطوري، إذ برجوعنا إلى القرآن الكريم نجد أنّه يورد لفظ « أساطير » بصيغة الجمع، كما تجدر الملاحظة أنّه يستعمل هذا اللفظ/أساطير، دائما مقترنا بكلمة « الأوّلين » إشارة إلى الماضي، كقوله تعالى: .. حَتَّى إِذَا جَاؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (الأنعام 25) أو كقوله تعالى: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ(الأنفال 31). ثمّ قوله تعالى أيضا: إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (القلم 15). والأسطورة لغة مشتقّة من السطر، والسطر هو الصفّ من الشيء كالكتاب والشجر والبناء وغيرها،.. سطر: كتب، كما في قوله تعالى: ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (القلم: 1) وسطر لا تختلف في معناها عن المعنى الأصلي للكلمة البابليّة « شطّر » فقد وردت في قوانين حمّورابي بمعنى « كتب ».(1) وقد ورد ذكر كلمة أسطورة في القرآن الكريم « أساطير الأوّلين » بمعنى الحكاية الكاذبة، والأحاديث الملفقة التي لا أساس لها في الواقع، وبذلك تكون الأسطورة قد ابتعدت عن المعنى الأصلي للكلمة، وهو الصفّ من الشيء. ونحن بدورنا نستخدم كلمة سطّر في لغتنا اليوميّة بمعنى كتب، فنقول سطّرت له كتابا أي كتبت له رسالة. وقد أوضحت الدراسات الميثولوجيّة(2) أنّ الأسطورة تفسّر على أنّها مرآة تعكس نفسيّة مؤلفيها الذّين كانوا عاجزين عن الإفصاح عمّا يجول في خواطرهم من أفكار بلغة مبنيّة، فهم لم يدركوا الوجود إدراكا سليما، فجاءت الأسطورة مفسّرة لذلك الإدراك الناقص، وتأويلا لشعائر دينيّة انقرضت. ورغم ذلك فقد أوضح « جوزيف كامبل » (مفكّر وعالم وأستاذ الميثولوجيا المقارنة لمدّة ثمانية وثلاثين سنة في سارا لورانس بالولايات المتّحدة الأمريكيّة)، أنّ الأساطير تمثل المفاتيح التي توصلنا إلى أعماق قوانا الرّوحيّة، وهي قادرة في الوقت نفسه على أن توصلنا إلى الفرح والاستنارة وحتى الغبطة الرّوحيّة.(3) بناء على ذلك، نفهم بداية أنّ القرآن الكريم يورد كلمة « أسطورة » بمعنى الحكاية الكاذبة، أو الأحاديث الملفقة التي لا أساس لها في الواقع. كما أنّ القرآن بإشارته إلى أنّ هذه الأساطير الماضية كانت لدى الأوّلين، يرشدنا إلى الواقع الثقافي الديني لدى هؤلاء السابقين، الذين طغى عندهم انتشار الأساطير. ثمّ نلاحظ أيضا أنّ القرآن يتحدّث من ناحية أخرى عن أساطير حقيقيّة، فذكر في قوله تعالى: أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (الصافات125). و »بعل » كما هو معروف في الحياة الدينيّة الكنعانيّة القديمة اسم/لقب للإلاه. كما يعني اسم « بعل » في كل اللغات السامية الملك والسيّد والزوج، وهو في كنعان لقب آلهة الخصب المحليين. (4) ويرتبط إسم « الإلاه » بعل أيضا بأسماء المدن والبلاد والمواقع مثل بعل حازور، وبعل فعور، وبعل لبنان… ويعتقد أنّ هذه التسميات تشير إلى أماكن عبادته المحليّة… والاعتقاد السائد حتّى اليوم أنّ اسم بعل كان يطلق على كل إلاه باستثناء (بل) الرافدي، ولم يتحول إلى اسم علم إطلاقا. وممّا لا شكّ فيه أنّ الاسم كان في الأصل فعلا هكذا، وبهذا المعنى استخدمه كتّاب العهد القديم/التوراة، في تدوين أسفارهم حيث كانوا يضيفون إليه (أل) التعريف، ويقصدون به إلاه الكنعانيّين الرئيس. ورغم ذلك كان بعل يظهر كاسم علم بين أسماء الأعلام للآلهة الأخرى في العهد القديم وفي كتابات أخرى ويلقّب الفرعون نفسه (بعليّا أديّا) أي (يا بعلي ويا أدي) ممّا يشير إلى أنّ الإسمين (بعل وأدو لمسمّى واحد). وكان الإسم المحبّب لدى الأوغاريتيين (5) هو بعل حيث يرد مرارا وتكرارا في النّصوص، ويقصد به إلاه الطقس والخصب، وعرف بهذا الإسم أيضا في مصر… والجدير ذكره أنّ وصف بعل في ملحمة كرت (بالعلي) جاء مرّتين على اللوح الثاني الذي اكتشف عام 1941، وقد أثبت الأستاذ (هـ.س. نيبرغ) في دراسته التي قام بها عام 1935م وعام 1938م عن سفر هوشع، وأسفار أخرى من الكتاب المقدّس/التوراة أنّ اسم الإلاه بعل الملقب بالعليّ يرد في النصوص المقدّسة كما كان يقرن بأسماء الأعلام البابليّة والآشوريّة، وأسماء الأعلام العربيّة الجنوبيّة…(6). ومن خلال هذا التعريف لأساطير « الإلاه بعل » يمكن ملاحظة ما يلي: – انتشار هذا الإسم في أكثر من مكان وموقع تدلّ على أماكن عبادته. – ارتباط هذا « الإلاه »/الأسطورة بأسفار العهد القديم/التوراة. ومن هنا يحقّ لنا التساؤل عن العلاقة بين التوراة وهذه الأساطير البابليّة والكنعانيّة القديمة، وليس عن علاقة القرآن بها ؟ إن كلّ هذا يرشدنا دون شكّ إلى أنّ كتّاب أسفار العهد القديم تأثروا تأثرا بالغا بأسطورة انتصار بعل على إلاه البحر، إذ يأخذ « يهوه » (7) دور الإلاه بعل في كثير من النصوص، تشهد على ذلك هذه المواضع في نصوص الأسفار التالية: – أشعياء 27 : 1، 30: 7، 51: 9، وما يلي ذلك. – حزقيال 29: 3- 5، 32: 2 – 6. – ناحوم 1: 3- 4، 8- 9، 12. – حبقون 3: 8. – مزامير 74: 13 وما يلي ذلك 89: وما يلي ذلك 93، 104. – أيوب 3: 8، 7: 12، 9:13، 26:12 وما يلي ذلك. وقد دبّج أحبار اليهود مفاهيم أساطير « بعل » وفق ما تقتضيه حاجاتهم الدينيّة الدعائيّة. فأيّة علاقة إذن للعهد القديم بهذه الأساطير؟ إذا كان الأجدر بالأستاذ السعفي أن يتحدّث عن التوراة وليس عن القرآن. لأنّه وبالعودة إلى القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ميلادي، نجد أنّ عديد العلماء بدأوا يشكّكون في إبطال القصص التوراتيّة. ومنهم من لاحظ أنّ من هؤلاء الأبطال من يبدو وكأنّه شخصيّة مركّبة من عدّة عناصر تاريخيّة/أسطوريّة، ولكن هؤلاء لم يستطيعوا في البداية إقامة الدليل والبرهان الكافي على ما لاحظوه. ولكن بمرور الزمن، ظهر جيل جديد من العلماء والباحثين، وظهرت نتائج علميّة وتاريخيّة اعتمدت على حفريّات ميدانيّة في مناطق عديدة استقرّ فيها بنو إسرائيل، فشدّدوا على وحدة الشخصيّة التاريخيّة والأسطوريّة أو الخرافيّة لأغلب أبطال التوراة. لقد لاحظ هؤلاء أنّ النصّ التوراتي « تتشابك فيه الحقيقة والأسطورة والخرافة والخيال. وعلى كثرة ما فيها من شعائر وطقوس سحريّة، وأساطير وممارسات فإنّ بعض ما جاء فيها لا يتفق والعقل السليم والمنطق، وفيها ما هو مناف للعدل والإنصاف وقواعد الأخلاق، لما فيها من شدّة المبالغة ».(8) إذن القرآن بريء من الفكر الميثي، الذي وصفه به الأستاذ السعفي، بل إنّ القرآن ردّ على هذا الفكر الذي كان سائدا آنذاك، وانتقده، وجاء لتصويبه. وإذا كان القرآن ذي بنية ميثيّة كما يقول الأستاذ السعفي، فما حقيقة آياته المنتقدة لهذا الفكر أصلا ؟ وما حقيقة الآيات التي اعتمدت أسلوبا علميّا، فتحدّثت على ظواهر كونيّة، أثبتها العلم الحديث، وتحدّثت عن ظواهر فيزيولوجيّة أثبتها الطبّ الحديث، كمراحل تكوين الجنين في بطن أمّه على سبيل المثال (سورة المؤمنون 12 -13 – 14)، وغيرها من الأمثلة العديدة التي، يكتشفها العلم تباعا.. إنّ كلّ هذا يبرز دون أدنى شكّ أنّ الأستاذ السعفي، حاول تطبيق المنهج النقدي الذي اعتمده علماء الغرب مع كتبهم المقدّسة (التوراة والإنجيل)، على القرآن. لكن غاب عليه أنّه ثمّة خلاف جوهري بين الكتاب المقدّس بعهديه القديم والحديث، وبين القرآن، ثمّ إنّ الأستاذ، من الواضح أنّه لم تكن له دراية كافية بموضوع اهتمامه/القرآن، في حين أنّ مثل هذا الاختصاص، يستوجب منه الإلمام بالنصّ القرآني الذي يشتغل عليه. إذن من خلال كلّ هذا نفهم أنّ علاقة النصّ القرآني بالفكر الأسطوري، علاقة تقاطع، وليس تواصل كما، ادّعى الأستاذ. ــــــــــــــــــــــــ الهوامش (1) ادزارد . د: قاموس الآلهة والأساطير في بلاد الرافدين (السومريّة والبابليّة)، دار الشرق العربي، سوريا، ط 2، 1420هـ/200 م، ص 9. (2) علم الأساطير، وكلمة ميت MYTH هي كلمة يونانيّة الأصل انتقلت إلى بقيّة اللغات الأخرى، ولا نعرف لها جذورا في اللغات السامية القديمة التي انبثقت عنها اللغة العربيّة، وهي تؤدّي إلى نفس معنى كلمة Story ولكن تشمل أيضا رواية الحكاية القديمة ومجموعة الأحداث التاريخيّة المتناقلة عبر الأجيال بما في ذلك الخرافات والقصص والفلكلور بقالب شعري جميل. والميثولوجيا اليوم علم قائم بذاته لم يكن معروفا عند العرب القدماء، وتأسّس في الغرب في أواخر القرن الثامن عشر ويعنى بدراسة نشوء الأساطير والنظريّات المتعلقة بها، وتناقلها، ومحاولة تفسير مضامينها. (ادزارد.د، بوب.م.ه، روليغ.ف، قاموس الآلهة والأساطير في بلاد الرافدين »السومريّة والبابليّة » في الحضارة السوريّة « الأوغاتيّة والفينيقيّة »، تعريب محمد وحيد خياطة، دار الشرق العربي، لبنان، سوريا، ط2، 1420 هـ/2000م، ص 10. (3) كامبل جوزيف، قوّة الأسطورة، ترجمة حسن صقر، دار الكلمة، سوريا، ط 1، 1999، ص 17. (4) كورتل آرثر: قاموس أساطير العالم، ترجمة سهى الطريحي، المؤسّسة العربيّة للدراسات والنشر، بيروت، ط 1، 1993، ص 30. (5) أوغاريت Ougarit مدينة رأس شمرا Cap duFenouil على بعد 12 كلم من مرفإ اللاذقية في شمال سوريا، التي جرت مقارنتها بمدينة أوغاريت. نصوص أوغاريت الأسطوريّة هي أشعار، يخضع شكلها وتأليفها لقواعد الشعر السامي القديم، ونجد بعض آثارها في التوراة..(خليل أحمد خليل، معجم المصطلحات الأسطوريّة، دار الفكر اللبناني، بيروت، ط 1، 1996، ص 28.) (6) ادزارد . د: قاموس الآلهة والأساطير في بلاد الرافدين، ص 238 – 239 -240 . (7) يهوه اسم إلاه إسرائيل، كما أوحي به إلى موسى، بحسب التقليد الإيلوهيّ (خر 3/13 ت)، مع أنّ التقليد يرقي عهد عبادة يهوه إلى ما قبل الطوفان (تك4/26). أمّا اشتقاق هذا الإسم، فهو موضع نقاش بين العلماء. » (الأب صبحي حموي اليسوعي، معجم الإيمان المسيحي، دار المشرق، بيروت، ط 1، 1994، ص 551). (8) ناصر إبراهيم، التوراة بين الحقيقة والأسطورة والخيال، دار الحوار للنشر والتوزيع، سوريا 2005، ص 10. ———————————- (*) أستاذ جامعي، مختصّ في الأديان بالمعهد العالي لأصول الدين، جامعة الزيتونة (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس ) بتاريخ 29 مارس 2009 )
لماذا تبنيت خولة و رفضت الطلاق
أبو خولة قوبل مقالي الأخير عن تشريع التبني كأحد أعمدة عملية الإصلاح البورقيبية الكبرى في تونس ما بعد الاستقلال باهتمام كبير من طرف قراء « إيلاف » بدليل ملاحظاتهم التي أبدوها عن الموضوع، من خلال الموقع و كذلك عن طريق رسائل البريد الالكتروني التي حصلت عليها. و تعميما للفائدة، رأيت انه من الأفضل الرد على هذه التساؤلات من خلال مقال جديد موجه لعامة القراء. عود على بدء، أود التنويه بان قصتي بدأت بزواج في سن متأخرة نسبيا. كانت زوجتي آنذاك في الثلاثينات من عمرها. و مع مرور الأيام، بدأت تحرص على الإنجاب، الذي لم يكن يمثل بالنسبة لي أولوية تذكر. و عندما لم يأتي ذلك بالرغم من تأكيد الأطباء انه لا وجود لعائق من حيث المبدأ لدينا، بدأت ألاحظ بعض الارتباك لدى زوجتي، وكانت المفاجأة عندما صارحتني في يوم من الأيام بأنه بإمكاني الطلاق و محاولة الإنجاب من إمرة أخرى، إذ كان القانون التونسي يمنع منعا باتا تعدد الزوجات منذ صدور مجلة الأحوال التونسية غداة حصول الدولة على الاستقلال عام 1956 على يد الزعيم الفذ الحبيب بورقيبة. خلافا لما يروج له فقه التخلف، كنت أرى في الطلاق –في مثل هذه الحالات كما في غيرها- عن طريق المحكمة، مع توفير الحقوق اللازمة للمرأة الحل الأفضل مقارنة بالإبقاء على الزوجة الأولى كخادمة بينما يضاجع زوجها امرأة أخرى دخيلة على بيتها باسم الشرع. كما كان رفضي للطلاق بدعوى عدم قدرة الزوجة على الإنجاب مبدئيا لأنه يطبق على الرجل فقط، إذ لم اسمع في حياتي بزوجة طلقت زوجها بهدف محاولة الإنجاب من رجل اخر. يمثل مثل هذا « الكيل الشرعي بمكيالين » مظلمة كبرى في حق المرأة التي لا ذنب لها إذا لم تمنحها الطبيعة القدرة على الإنجاب، ناهيكم عن ان الزواج من وجهة نظري هو التزام أخلاقي قبل كل شيء، و ليس صفقة تجارية لإنتاج الأطفال. ثم انه يوجد حل إنساني بسيط للذين يرغبون في ذلك و هو حل التبني. فإذا كانت الرعاية للأطفال الطبيعيين هي واجب قبل كل شيء، فان خيار التبني عمل انساني ينقذ طفلا يتيما من وضعية لم يكن مسئولا عنها بالأساس. و شجعتني على ذلك احد قريباتي التي كانت تعمل ضمن جمعية للعمل التطوعي بالمركز الوطني لحماية الطفولة، الذي تأسس على يد المجاهد الأكبر بعيد الاستقلال لتمكين الأطفال اليتامى صغار السن من الرعاية اللازمة، و تسهيل عملية التبني للعائلات التونسية التي تود ذلك. بدأت زياراتي المتكررة إلى هذا المركز –بضاحية تونس العاصمة- في العام 1999 و سرعان ما وفقت بمساعدة المتطوعات للعمل الجمعياتي الإنساني على التعرف على المولودة « خولة » التي تبنيتها و لم يتجاوز عمرها آنذاك الثلاثة أسابيع، بقرار صادر من المحكمة و بناء على توصية للمرشدة الاجتماعية التي قامت بزيارتنا في المنزل المرار العديدة لمعاينة ظروف عيش الطفلة و قدمت تقريرا في ذلك للمحكمة التي وافقت على طلبنا، و من ثم أصبحت خولة بنتا شرعية لنا، بعد الحصول على كافة الأوراق القانونية التي تثبت ذلك. بعد تبني خولة بأشهر قليلة حملت زوجتي و أنجبت طفلة. و إلى حد اليوم أتذكر الجريمة الكبرى التي كنت قد ارتكبتها لو قمت بطلاق زوجتي، حتى لو كانت هي موافقة على ذلك. و بصراحة حتى في حالة المرأة العاقر لا أرى منطقا إطلاقا لتحميلها مسؤولية وضع لم تكن مسئولة عنه و معاقبتها بالطلاق، خصوصا و أن الحل سهل للغاية و متوفر دون عناء للجميع و هو حل التبني. يمكن الاطلاع على مقالات الكاتب بارشيف صحيفة ايلاف الالكترونية(www.elaph.com). بريد الكتروني: Abuk1010@hotmail.com
طوباويات الحداثة ورهاناتها الخائبة
كرم الحلو الحياة – 29/03/09//
اتسمت الحداثة منذ بدايات عصر النهضة الى الآن بالتعاقب الدوري بين الطوبى والخيبة، بين الاندفاع والانكسار، التقدم والتراجع. ينطبق ذلك على السواء على الطوباويات الأنوارية والماركسية والليبرالية في صيغتها الأقرب والأكثر حداثوية. فبعد قرون وسطى مظلمة سادتها رؤية مأساوية للعالم كبَّلت الإنسان بما لا يطاق من الأغلال، وبما لا حصر له من القيود على العقل والفكر والإرادة، صاغ علماء عصر النهضة وفلاسفتها رؤية جديدة انسانية تقدمية للعالم كان من نتائجها الحاسمة الإيمان المطلق بالعقل والعلم والعمل وحقوق الإنسان الطبيعية وحرياته الأساسية التي لا تقبل التفويت أو المساومة، ما أفضى الى فك ارتباط بينه وبين اليقينيات القروسطية المتعالية والمستبدّة التي تحيله الى تابع لا قرار له ولا خيار. لكن الحروب القومية في اوروبا القرن التاسع عشر واندلاع كومونة باريس 1871 وما أعقبها من خراب في قلب باريس، فضلاً عن القهر الذي أصاب الفقراء، على رغم كل ما تحقق في عالم الاختراع والصناعة والانتاج، أحاط بالشك والريبة طوبى الأنوار في المساواة والحرية الإنسانية والتقدم والعقلانية، حتى ان النهضوي العربي فرنسيس المراش الذي وقف في ستينات القرن التاسع عشر مبهوراً بعقل الغرب وتمدنه وحرياته، ما لبث أن ارتد خائباً مندِّداً بما آلت اليه الحضارة الغربية من تناقض بين الطوبى والواقع. وهو ما جعل أيضاً النهضوي الآخر فرح أنطون يُعرب عن تمنياته أول القرن العشرين بأن يكون ذلك القرن خيراً من سلفه فيحقق لبني البشر ما أخفق القرن التاسع عشر وطوبى الأنوار في تحقيقه. ازاء هذا الإخفاق الذي عرفته طوبى الأنوار تقدمت طوبى الماركسية مبشرة بعالم آخر جديد يضع حداً نهائياً للصراع الطبقي واللامساواة بين البشر، ليتحول الصراع الى العالم المادي لتطويعه من أجل سعادة الإنسانية أجمع. وقد لقيت هذه الطوبى أصداءً واسعة في فكرنا العربي الحديث. وبدورها لم تلبث الطوبى الماركسية أن بانت خيبتها وانكسارها المدويان، إذ عوض أن تحقق «ديكتاتورية البروليتاريا» رفاه المجتمع ورخاء الفقراء، تحولت الى «ديكتاتورية على البروليتاريا» لتضيف الى بؤسها التاريخي، بؤساً وقمعاً جديدين. وعوض أن تؤمن الماركسية الحرية للجميع، بوصفها، كما صاغها وأرادها ماركس، فلسفة الحرية الشاملة، والفكر الليبرالي الأكثر تقدماً، غدت هي الأخرى عقيدة دوغمائية متخشبة. بيد ان انكسار الطوبى الليبرالية وخيبتها يبقيان الأشد دويّاً والأكثر إرباكاً للعقل الإنساني في دأبه التاريخي من أجل حياة أفضل وأقل تناقضاً مع مسلماته وبداهاته ومقتضياته. ففي نهاية الثمانينات من القرن الماضي صدرت أطروحة «نهاية التاريخ» لصاحبها فرنسيس فوكوياما. وليس بالإمكان الإنكار أن ثمة تطوراً فعلياً باتجاه الديموقراطية والاعتراف بحقوق الإنسان قد تحقق في عالمنا. فوفقاً لتقرير التنمية البشرية لعام 2000 كان 33 بلداً فقط قد صدقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عام 1975، وبحلول عام 2000 ارتفع هذا العدل الى 144 بلداً، وهو في اطراد مستمر الى الآن. وكان من التطورات الرئيسة في التسعينات ازدهار المنظمات غير الحكومية وشبكاتها العالمية التي ارتفع عددها من 23600 منظمة عام 1991 الى 44000 عام 1999. إلا أن ذلك لم يحل دون حرمان فئات واسعة في عالمنا من حقوقها الإنسانية، السياسية والاقتصادية والمدنية، التي نصَّت عليها مواثيق حقوق الإنسانية، السياسية والاقتصادية والمدنية، التي نصَّت عليها مواثيق حقوق الإنسان، منذ الإعلان العالمي لهذه الحقوق عام 1948. لكن على رغم كل التطورات الإيجابية، ان العالم كما يبدو اليوم، يندفع في غير الاتجاه الذي تصوره فوكوياما لنهاية التاريخ مع الطوبى الليبرالية، وتأكيده أن الدولة العالمية الليبرالية لن تعرف تناقضات كبرى، ورغبات الإنسان ستعرف الإشباع الكلي، وأنه لن يكون هناك صراعات حول أسئلة كبرى تهم مستقبل البشرية، كما لن يحدث أي تطوّر نوعي في ما يخص القيم الأساسية المتحكمة في المجتمعات الليبرالية. فعلى الضد من هذه الطوبى المغرقة في التفاؤل، نرى أن عالم بداية القرن الحادي والعشرين يعاني من أزمات جوهرية تتفاقم تدريجاً، تهدده في الصميم وتنذره بـ «الهبوط في هاوية التوحش» بتعبير لمراش في استشراف عبقري لأزمة المدنية المعاصرة منذ ستينات القرن التاسع عشر. فعلى المستوى البيئي ينبِّه تقرير التنمية البشرية لعام 2008 الى أننا قد نكون على شفا كارثة فعلية في غضون السنوات القليلة القادمة، نتيجة التغيرات المناخية التي ستؤدي، إن لم تواجه بجدية، الى انتكاس التقدم الذي تم احرازه عبر الأجيال، والى التشكيك في أحد أهم المبادئ التنويرية، مبدأ أن الإنسان يتقدم بإطراد نحو الأفضل. وعلى المستوى الاقتصادي يبدو عالمنا وكأنه يصارع معضلات مستعصية ومصيرية، لدرجة أن رئيس البنك الدولي وصف سنة 2009 بالنسبة الى الاقتصاد العالمي بـ «السنة الشديدة الخطورة»، فثمة مؤسسات مصرفية تُقفل، وثمة أسواق مال تتدهور قد تصل خسائرها الى ألف بليون دولار، وثمة 214 مليون عاطل من العمل في العالم، منهم عشرات الملايين في العالم المتقدّم
– 11 مليوناً في الولايات المتحدة و17 مليون وظيفة في الاتحاد الأوروبي – وقد أعلنت منظمة العمل الدولية ان نحو 51 مليون وظيفة في شتى أنحاء العالم قد تتلاشى نتيجةً للتباطؤ الاقتصادي. فضلاً عن ذلك تتفاقم الفجوة بين أغنياء العالم وفقرائه، فقد زادت الفجوة بين هؤلاء من 30 الى 1 عام 1960 الى 114 الى 1 مطلع هذا القرن. وفي وقت لا زال فيه أكثر من بليون جا ئع وأمي في عالمنا تندلع الأصوليات المتشددة الرافضة لكل قيم الحداثة والتنوير، مهدِّدة إياه بإعادته الى القرون الوسطى الظلامية. رأى اينشتاين عقب اكتشاف الطاقة الذرية أواسط القرن الماضي أننا سنحتاج الى أسلوب جديد وجذري في التفكير، إذا كان المراد للبشرية أن تبقى. ونرى الآن أنه لا بد من التفكير ملياً في ابتداع طوبى جديدة تطرح أمامنا أفقاً خلاصياً آخر غير ذلك الذي راهنت عليه طوباويات الحداثة المخفقة، والتي بدا أنها لم تُخرج الإنسان المعاصر من نفق إلا لتدخله في نفق آخر. وها هي تدعه اليوم مع رهاناتها الخائبة، ازاء مجهول محفوف بشتى أشكال المخاطر. * كاتب لبناني.
تصريح الصحيفة الرسمية للفاتيكان .. هل يؤكد مصداقية المصرفية الإسلامية؟
د.صلاح بن فهد الشلهوب
من المعلوم أن الفاتيكان هي أكبر سلطة دينية للكنيسة الكاثوليكية, ويتبع هذه الكنيسة عديد من الكنائس في العالم، سواء على المستوى الأوروبي أو مختلف دول العالم. كما جاء في صحيفة « الاقتصادية » في عددها رقم 5626 وتاريخ 10 ربيع الأول 1430هـ الموافق 7 آذار (مارس) 2009 « أكد الفاتيكان، في أحد أهم التحولات البارزة التي تشهدها صناعة المال الإسلامية، أنه يجب على البنوك الغربية أن تنظر إلى قواعد المالية الإسلامية بتمعن من أجل أن تستعيد الثقة وسط عملائها في خضم هذه الأزمة العالمية، بحسبما نقله مراسل وكالة بلومبرج لورينزو توتارو ». وقالت صحيفة الفاتيكان الرسمية المعروفة باسم « أوسيرفاتور رومانو » .. « قد تقوم التعليمات الأخلاقية، التي ترتكز عليها المالية الإسلامية، بتقريب البنوك إلى عملائها بشكل أكثر من ذي قبل، فضلاً عن أن هذه المبادئ قد تجعل هذه البنوك تتحلى بالروح الحقيقية المفترض وجودها بين كل مؤسسة تقدم خدمات مالية ». هذا التصريح وإن كان قد ورد من صحيفة لا يمكن أن نعتبرها مرجعا في الأحكام الشرعية ولا نحتاج إليها لتؤكد صحة ما جاء في أحكام الشريعة الإسلامية ولكن في الوقت نفسه لا يمكن أن نتجاهل مثل هذا التصريح, خصوصا أنه صدرت تصريحات مشابهة من صحف معروفة في أوروبا وأمريكا كلها تؤكد هذا المعنى. نحن هنا نعلم أن الفاتيكان تعتبر الدين الإسلامي منافسا لها في الانتشار, فكما هو معلوم أن الإسلام اليوم يعد أكثر الأديان انتشارا داخل أوروبا، وينتشر بشكل واسع حول العالم رغم الضعف العام في الدول الإسلامية على المستوى السياسي. هذا التصريح يعطي انطباعا ظاهرا بأن المصرفية الإسلامية بتطبيقاتها المعاصرة, وإن كانت لا ترضي كثيرا من العلماء وطلبة العلم والمختصين بالدراسات المتعلقة بالمصرفية الإسلامية, إلا أن هذه التطبيقات كانت تمثل شيئا من الحصانة لهذا النظام، خاصة أن الواقع يشهد أن المصرفية الإسلامية بوضعها الحالي ومع انتشار الآراء المختلفة التي يعدها بعض العلماء أشبه بالحيل لتسويغ الأدوات المالية في النظام الرأسمالي، إلا أن المصرفية الإسلامية في الغالب لم تتورط في الأدوات المالية المتعلقة بالرهن العقاري في أمريكا أو ما تسمى الأصول السامة التي كانت سببا في الأزمة المالية العالمية، كذلك نجد أن التأثير الذي حصل للمصرفية الإسلامية لم يكن بشكل مشابه للأزمة التي حصلت للمصارف التقليدية, بل هو شبيه بالأزمة التي مرت وستمر على القطاعات الاقتصادية المختلفة في العالم، التي لم تكن طرفا في أزمة الرهن العقاري. وهذا يؤكد أمرا مهما وهو أن المصرفية الإسلامية حتى إن كان وضعها الحالي غير مرض بالشكل الكامل الذي يطمح إليه المسلم إلا أنها أفضل بلا شك من المصرفية التقليدية من الناحية الشرعية, وبالتالي لمصلحة المجتمع الإسلامي والبشري بشكل عام، ويؤكد هذا أيضا أنه حتى مع الأزمة العالمية وتصريحات البنك الدولي بأن الاقتصاد العالمي سيشهد انكماشا بمقدار 1 في المائة، إلا أن التوقعات تشير إلى أن المصرفية الإسلامية ستنمو هذا العام بنسبة 10 في المائة خلافا لما كان متوقعا في السابق بأن المصرفية الإسلامية ستشهد نموا يتجاوز 15 في المائة، فالتأثير هنا في حجم النمو مع اتفاق التوقعات بأن المصرفية الإسلامية ستنمو، خصوصا نحن نعلم أن الطلب على المصرفية الإسلامية يتزايد يوما بعد يوم. ما سبق لا يمثل أبدا نوعا من الرضا الكامل عن المصرفية الإسلامية اليوم، فما زالت التحديات قائمة أمام نمو متكامل للمصرفية الإسلامية من عدة نواح, منها: موافقتها للشريعة الإسلامية، كذلك ابتكار الأدوات التي تحقق أهداف الاقتصاد الإسلامي من تحقيق العدل، وتحقيق التنمية في المجتمعات المسلمة، وتوفير الفرص للجميع لتحقيق معنى قوله تعالى: « كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم »، وأن تكون هذه التطبيقات تجتذب غير المسلمين، سواء على مستوى التمويل أو الاستثمار لوجود جدوى وتميز على المستوى الاقتصادي. كما أن هناك تحديا كبيرا وهو القدرة على إيجاد مراكز علمية تدعم نمو هذا القطاع وتوفر الدراسات والاستشارات الكافية له. أود هنا أن أشير إلى قضية مهمة وهي أن الربا محرم في الأديان السماوية جميعا، سواء اليهودية أو النصرانية، وما وجد من التطبيقات في العالم اليوم ما هو إلا تحايل وتجاوز وتحريف للتعاليم الموجودة في تلك الأديان، وأول ما دخلت الفائدة أو الربا على المجتمعات النصرانية كان على أساس أن الفوائد هي الزيادة البسيطة, وكانوا يسمونها فائدة interest، وذلك بخلاف النوع الثاني الذي يشتمل على الفائدة الكبيرة أو المبالغ فيهاexcessive interest ويسمونها ربا usury ، وبالتالي فالفائدة البسيطة أو القليلة أخف, وهي جائزة بخلاف الربا، وبناء عليه كثر استخدام كلمة interest بدلا من كلمة usury، وذلك لتسويغ التعامل بها بين الناس.