السبت، 11 نوفمبر 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2364 du 11.11.2006

 archives : www.tunisnews.net


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بلاغ المجلس الوطني للحريات بـتونس: استمرار مضايقات الدكتور منصف المرزوقي الحوار.نت: تجمع حاشد امام مقر السفارة التونسية بمدينة بارنBern بسويسرا الحياة: بن علي سيترشح لولاية خامسة السنة 2009 إسلام أون لاين.نت: اتحاد العلماء: الإصلاح بالدول المسلمة مجرد شعارات السجين علي رمزي بالطيبي: منع الحجاب مصادرة للحريات الأساسية للتونسيين علي بن عرفة: المرزوقي ومعركة فرض الحريات: تكرار تجربة أم انجاز أمل الحبيب أبو وليد المكني: تعقيبا على الخطاب الرئاسي – الكرامة ما زالت عندنا أغلى من الخبز.. علي شرطـاني: التباين بين الإسلاميين والعلمانيين في التعامل مع الإسلام(2) د. خالد الطراولي: امرأتنا… في الحقل السياسي (3/3)الجزء الثالث : الأبعـــاد المنسية ابراهيم عبد الصمد: الشيخ يوسف يفقد صوابه… حسين المحمدي تونس: مؤتمر دولي للتنفيس على الطّغاة بعنوان السلام؟ محمد العروسي الهاني:إلى عناية السيد وزير الشؤون الإجتماعية و التضامن و العملة بالخارج حول طرح المشاغل الاجتماعية عادل القادري: أحزاب آخر زمان غير ايديولوجية الوحدة: تسريب الرمل: الخطاب السلفي في الفضائيات العربية لخميس الخياطي امحمد الجعايبي: بعد 20 سنة: ميثاق وطني جديد ؟ توفيق المديني: قمة بكين تعزز حضور الصين في إفريقيا رشيد خشانة: تجربة تعايش حزبين في حكم أميركا أصعب من مثيلتها في فرنسا


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


 
أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 شارع المختار عطية تونس 1001 الهاتف : 71340860 الفاكس:71354984 11/11/2006
بلاغ
·        دخل المساجين السياسيون السادة عبد الحميد الجلاصي و الهادي الغالي و بوراوي مخلوف ومحمد الصالح قسومة المعتقلين بسجن المهدية في إضراب مفتوح عن الطعام منذ 05/11/2006 للمطالبة بإطلاق سراحهم علما بأن السادة عبد الحميد الجلاصي و بوراوي مخلوف و الهادي الغالي و محمد الصالح قسومة الذين قضوا في السجون التونسية ما يزيد عن خمسة عشر عاما محاكمون في القضية العسكرية عدد 76110 بتاريخ 27/08/2006 ( 1992 التحرير ) بمدى الحياة بالنسبة للثلاثة الأوائل و بثمانية و سبعين سنة (78)بالنسبة للرابع و أنهم يعيشون الآن في عزلة انفرادية محرومين من العلاج و في ظروف سيئة للغاية خاصة المعاملة القاسية التي يمارسها ضدهم المدير الجديد لسجن المهدية .
·        علمت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن سجين الرأي السيد علي بن محمد بن الصادق الشريف  ما زال في إضراب مفتوح عن الطعام منذ ما يزيد عن الثلاثة أسابيع  و قد أخبر والده أنه يطلب نقلته إلى غرفة ليس فيها مدخنين لكن إدارة السجن لم تستجب لطلبه علما بأن السيد علي الشريف الذي سلمته السلطات السورية لتونس معتقل بسجن برج العامري تحت طائلة قانون الإرهاب.
·        مثل اليوم أمام الدائرة أمام الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس كل من غيث المكي وزياد الفقراوي و عز الدين عبدلاوي و وجدي المرزوقي و بلال المرزوقي و الطاهر البوزيدي و نزار حسني و شعيب الجمني و هيثم الفقراوي و منير شريط و فيصل اللافي في القضية المنشورة أمام الدائرة الجنائية الرابعة برئاسة القاضي طارق ابراهم و قد تغيب أحد المتهمين في القضية في القضية لعدم إحضاره من سجن إيقافه و حضر عدد من المحامين و طلبت النيابة العمومية تأخير القضية و هو ما دعا المحامين للمطالبة بإطلاق سراح منوبيهم الذين طالت مدة إيقافهم و كان جو الجلسة متوترا إثر سحب الكلمة من أحد المحامين الذي أراد توضيح لصبغة السياسية للقضية كما طلب المحامون من المحكمة في صورة عدم الإفراج عن منوبيهم الإذن بتقريبهم من دائرة قضاء المحكمة حتى يتمكنوا من زيارتهم والتباحث معهم حول إعداد وسائل الدفاع.علما بأن جل المتهمين معتقلون بسجون نائية لا يتمكن المحامون من الوصول إليها في نفس اليوم الذي يتسلمون فيه بطاقات الزيارة.
* كما مثلت في نفس هذا اليوم أمام نفس الدائرة مجموعة الكرم الغربي لمقاضاتهم كذلك تحت طائلة قانون الارهاب.      رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري  


 
المجلس الوطني للحريات بـتونس تونس في 10 نوفمبر 2006

استمرار مضايقات الدكتور منصف المرزوقي

        توجّه الكاتب العام للمجلس الوطني للحريات السيد عبد القادر بن خميس صبيحة هذا اليوم إلى محلّ إقامة الدكتور منصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية المحاصر في بيته.  وقد عاين ممثل المجلس الوطني للحريات الحصار الأمني المكثّف المضروب على المكان، كما عاين في نفس الوقت مكالمات التهديد التي يتلقاها الدكتور المرزوقي من مجهولين. وكان الدكتور المرزوقي قد قرر الاعتصام في منزله احتجاجا على هذه الممارسات التي تنفّذها الأجهزة الأمنية ضدّه.
ويذكّر المجلس أنّه منذ يوم 21 أكتوبر تاريخ عودته إلى تونس يتعرض منصف المرزوقي إلى مضايقات متعددة كالملاحقة في الطريق العام والاعتداء عليه لفظيا وتهديده بالعنف من قبل مجموعات يتم تحريضها ضدّه. وكانت السلطات التونسية قد فتحت ملاحقة قضائية جديدة ضد الدكتور منصف المرزوقي من أجل « حث المواطنين على خرق قوانين البلاد » وذلك على إثر تصريح صحفي قدمه يوم 14 أكتوبر الماضي لقناة الجزيرة. والمجلس الوطني للحريات يعبّر عن تضامنه الكامل مع الدكتور منصف المرزوقي ويطالب السلطات التونسية بوضع حدّ لجميع أشكال الملاحقات والاستفزازات التي يتعرض لها ووقف كل التتبعات العدلية المفتوحة ضدّه. عن المجلس الناطقة الرسمية سهام بن سدرين

تجمع حاشد امام مقر السفارة التونسية بمدينة بارنBern بسويسرا

 

تجمع حاشد امام مقر السفارة التونسية بمدينة بارنBern بسويسرا و ذلك احتجاجا على الممارسات القمعية التي تمارسها السلطات التونسية ضد ارتداء الحجاب.

 

و قد حضر التجمع مختلف الجاليات المسلمة بسويسرا و كان الحضور الحمد لله اكثر من 200 شخص تعبيرا منهم عن سخطهم و غضبهم لهذه السياسة « الظالمة » التي يعتمدها النظام التونسي خاصة في محاربته للظاهرة الدينية و الصحوة الاسلامية العارمة التي شهدتها البلاد. و قد تجسدت اهم رموز هذه الصحوة في تنامي ظاهرة ارتداء الحجاب الذي عم الشوارع و المدارس و الجامعات. لكن السلطات التونسية ضاقت بدا بهذه الظاهرة فاستجمعت كل قواها للتصدي له بالعودة الى القانون 108سيء الذكر الذي يتعارض شرعا و قانونا مع روح الدستور التونسي فمنعت التلميذات و الطالبات من متابعة دراستهن و اجراء الامتحانات كما عمدت في عديد المناسبات و بتواطئ بعض المسؤولين الاداريين من تمزيق الحجاب علنا من على رؤوس الفتيات و النساء.

 

في مفتتح التجمع انشد المشاركون النشيد الوطني التونسي ثم تلا رئيس جمعية الزيتونة السيد العربي القاسمي بيانا باللغة الفرنسية استنكر فيه الهجمة الشرسة التي يشنها النظام التونسي على الحجاب. فذكر ان ارتداء الحجاب فضلا عن انه واجب شرعي للفتات المسلمة هو من الخصوصيات الفردية والحرية الشخصية التي يجب ان يتمتع بها كل مواطن.

 

كما ردد الحضور شعارات مختلفة اكدوا فيها تضامنهم مع نساء تونس و فتياتها في محنتهن. و نددوا بالممارسات الظالمة للنظام التونسي.

 

عقبت ذلك كلمة للسيد علي بالحاج علي احد اعضاء جمعية الزيتونة اشار فيها الى هذه الفضيحة التي تعتمدها السلطات التونسية امام الاخوة و الاشقاء في دول العرب و المسلمين. و انتهاك صارخ امام انظار العالم للحرية الشخصية في الملبس و التي كفلتها القوانين و المواثيق الدولية. و اهاب بالجميع وبكل شريف في العالم ان يستنكر هذه الاعتدائات بل و يدينها اذ المستهدف في النهاية هي كرامة الانسان و حقوقه المشروعة كما استحث جميع التونسيين لمقاومة هذه التجاوزات كل من موقعه وبحسب مستطاعه.

 

كما تدخلت احدى المشاركات فاوضحت فيها التضييقات التي يمارسها النظام التونسي على المحجبات واجبارهن في بعض الحالات على طلب الطلاق.

 

ثم و بمصاحبة عوني امن التحرك تقدم السيد العربي القاسمي الى مقر السفارة ليسلم بيانا للمسؤولين المعينين, لكن امام رفضهم فتح الباب وضع البيان في صندوق البريد و هذا ما اكده لنا السيد العربي واوضح ان هذا تعبير عن سياسة الصم التي تعتمدها السلطات التونسية.

 

و في اخر التجمع شكر السيد عبد الحميد فياش عضو اللجنة المشرفة على التحرك جميع الحضور على تلبيتهم النداء و عبر لهم عن مواصلة النضال من اجل الحرية و الكرامة .

 

الامضاء: اسماعيل الكوت

 

ارسله الحبيب مباركي – سويسرا

 

(المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 11 نوفمبر 2006)


 

 

بن علي سيترشح لولاية خامسة السنة 2009

تونس – الحياة 

 

أعلن الناطق باسم الرئاسة التونسية عبدالعزيز بن ضياء أمس أن الرئيس زين العابدين بن علي يعتزم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة السنة 2009. وكان بن ضياء الذي يشغل في الوقت نفسه منصب المستشار الخاص لبن علي برتبة وزير، يتحدث أمام اللجنة الأولى لمجلس المستشارين وهي الغرفة الثانية التي أنشئت العام الماضي. وكان بن علي أدخل تعديلا شاملا على الدستور عرضه على استفتاء شعبي ألغى سقف الولايات الرئاسية التي كانت محددة بثلاث، ما أتاح له الفوز بولاية رابعة العام 2004 تستمر خمسة أعوام. واحتفل بن علي (70 عاماً الثلثاء بالذكرى التاسعة عشرة لوصوله إلى سدة الرئاسة بعد تنحية الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة بسبب شيخوخته.

 

وذكرت وكالة الانباء التونسية الرسمية ان اعضاء مجلسي النواب والمستشارين ناشدوا في ختام جلستهم امس بن علي الترشح لولاية خامسة بعد انتهاء ولايته الحالية السنة 2009.

 

من جهة أخرى،اجتمع بن علي أمس مع وزير الخارجية البرتغالي خورخي أماتو الذي أنهى زيارة رسمية لتونس استمرت يومين. وقال أماتو إنهما بحثا في آفاق تعزيز التعاون بين البلدان المتوسطية وتنشيط مسار الادماج الإقليمي على اعتبار أن تونس والبرتغال عضوان في مجموعة «5+5» التي تضم بلدان الحوض الغربي للمتوسط.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 11 نوفمبر 2006)

 


 

اتحاد العلماء: الإصلاح بالدول المسلمة مجرد شعارات

بيروت- أيمن المصري/ القاهرة- عادل عبد الحليم/ إسلام أون لاين.نت

 

أعرب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عن قلقه العميق لما أسماه « خفوت » دعوة الإصلاح في بعض الدول العربية والإسلامية أو توقف جهود الإصلاح التي كانت قد بدأت إرهاصاتها فعلا في عدد آخر من هذه الدول عند حد الشعارات.

 

وأبدى في هذا السياق استهجانه مما يحدث في تونس من منع قانوني لحجاب المرأة،  داعيا في الوقت نفسه الخطوط الملكية المغربية أن تعيد النظر في قراراها بمنع موظفيها من الصلاة في مقار الشركة والموظفات من ارتداء الحجاب.

 

كما أكد الاتحاد في بيانه الختامي لاجتماع مجلس أمنائه الثاني في بيروت في الفترة من 8 إلى 10 نوفمبر 2006 على وجوب دعم الأمة الإسلامية للمقاومة الفلسطينية، وأدان بشدة في الوقت نفسه مجزرة بيت حانون الإسرائيلية الأسبوع الماضي التي أسفرت عن استشهاد 20 فلسطينيا أغلبهم من النساء والأطفال.

 

وأبدى الاتحاد العالمي قلقه العميق « لما يلاحظه من توقف جهود الإصلاح التي كانت قد بدأت فعلا في بعض الدول العربية والإسلامية ومن خفوت الدعوة إلى الإصلاح في غيرها ».

 

وأضاف في البيان الختامي لاجتماع مجلس الأمناء الثاني للاتحاد: « نذكر بضرورة السعي الجاد في هذا السبيل وعدم الوقوف فيه عند إطلاق الشعارات دون العمل الحقيقي » في كافة المجالات.

 

كما نوه بضرورة الإسراع في الإفراج عن المعتقلين السياسيين في جميع دول العالم الإسلامي، واستيعابهم في الحياة العملية، وفي النشاط الدعوي السلمي « استثمارا لطاقتهم، واستفادة من تجربتهم في الحيلولة بين الشباب المسلم وبين الوقوع في براثن دعاة الغلو والعنف والتكفير ».

 

تونس والمغرب

 

كما عبر البيان الذي تقلت « إسلام أون لاين.نت » نسخة منه عن قلق الاتحاد بشأن « ما تورده التقارير المحلية والعالمية عن تدني مستوى الالتزام بمعايير حقوق الإنسان في معظم أقطار العالم الإسلامي ».

 

وفي هذا الصدد أشار إلى ما يحدث في تونس من منع قانوني للزي الإسلامي للمرأة، وما تتعرض إليه التونسيات المحجبات من منع من الدراسة أو العمل، أو مضايقات في الشارع.

 

ودعا البيان الحكومة التونسية إلى تمكينهن من الالتزام بأوامر الشرع، وممارسة الحقوق الشخصية التي تكفلها المواثيق الدولية.

 

كما ناشد الاتحاد جميع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في العالم الإسلامي أن تلتزم بالقيم والضوابط الإسلامية في علاقاتها ومعاملاتها مع المتعاملين معها، داعيا بهذه المناسبة شركة الخطوط الملكية المغربية لإعادة النظر في قرارها الأخير بمنع الموظفين من الصلاة في المحطات والمطارات ومنع الموظفات اللواتي لعملهن علاقة مباشرة بالمسافرين من ارتداء الحجاب. ونوه اتحاد العلماء بأن « مثل هذا الموقف لم تقدم عليه أي خطوط جوية في العالم »!.

 

وفي المقابل، رحب الاتحاد بالجهود المبذولة في بعض الأقطار العربية لتحقيق المصالحة بين جميع الفئات العاملة لخدمة الفكرة الإسلامية، ولا سيما أولئك الذين انتهجوا سبيل العنف والتغيير بالقوة لعدد من السنين، ثم رجعوا عنه.

 

يذكر أن مصر والسعودية شهدتا في الأعوام الأخيرة عودة العشرات من القيادات والعناصر بجماعات مسلحة عن الفكر المتطرف الذي يتبنى العنف وسيلة للتغيير.

 

فلسطين والعراق

 

قضيتا فلسطين والعراق احتلت مكانة بارزة في بيان الاتحاد الذي تلاه أمينه العام الدكتور محمد سليم العوا في مؤتمر صحفي، حيث حذر الاتحاد من « المؤامرة الكبرى » التي تهدف « لنزع سلاح المقاومة في فلسطين، وإجبارها على الاعتراف بالكيان الصهيوني والخضوع لإرادة الولايات المتحدة التي تريد بسط هيمنة الكيان الصهيوني على المنطقة كلها ».

 

وأدان الاتحاد مجددا « الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني الغاشم والانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان (ضد الشعب الفلسطيني)، وآخرها مجزرة بيت حانون البشعة ».

 

كما ندد بـ »المواقف السلبية والمتخاذلة لمواقف وقرارات وتصريحات مجلس الأمن، والصمت العربي والدولي المطبق في وجه الحصار الظالم ».

 

وفي وقت سابق طالب الأزهر بضرورة الرد على الاعتداءات التي قامت بها إسرائيل في بيت حانون بشكل يمنع تكرار ذلك العدوان. وفي تصريحات صحفية الأسبوع الماضي، وصف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي الاعتداءات الإسرائيلية بأنها « جرائم متكررة لا يصح السكوت عليها، ولا بد من ردعها باعتبار ذلك أمرا واجبا شرعا ».

 

وقامت السلطات الإسرائيلية بمجزرة في بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة الأربعاء 8-11-2006، أدت لاستشهاد 20 فلسطينيا معظمهم من النساء والأطفال فجرا وهم نيام.

 

واجب العون

 

على جانب آخر وجه البيان دعوة لـ »الأمة الإسلامية بالمسارعة في مد يد العون الواجب لإخوانهم في فلسطين… ولا سيما في مجال المشروعات الاقتصادية والإعمارية العملية لإسناد الشعب الفلسطيني في الداخل، وخصوصا في مدينة القدس ».

 

كما أكد على « وجوب دعم المقاومة الفلسطينية »، وأن على المقاومة « بجميع فصائلها أن تواصل حرصها على تحريم الدم الفلسطيني بعضه على بعض، وعلى تمسكها بالثوابت الإسلامية والوطنية في الشأن الفلسطيني ».

 

واختص اتحاد العلماء حركة فتح -باعتبارها « كبرى الحركات الفلسطينية »- والمنتمين إليها جميعا بنداء خاص دعاهم فيه إلى « أن يضربوا المثل والقدوة في التعاون لإنجاح مشاورات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية » الجارية حاليا.

 

وثيقة مكة

 

وفي الشأن العراقي ندد الاتحاد « بجميع أعمال العنف والإرهاب والقتل والتخريب والخطف والتفجيرات التي توجه نحو الأبرياء ».

 

كما حذر أطراف الصراع الداخلي الدائر في العراق حاليا سواء من الداخل والخارج « بأنه لن يكون فيها غالب ولا مغلوب بل سيكون الخاسر الوحيد هو الشعب الجريح، ويكون المستفيد الوحيد هو المحتل والمتربصون بالعراق ».

 

ودعا الاتحاد حكومات الدول التي غزت العراق بأن تنسحب انسحابا فوريا، لتمكين الشعب العراقي من إدارة شئون بلاده بنفسه.

 

كما أهاب الاتحاد بالجماعات المسلحة بأن تلتزم بما دعت إليه المرجعيات السنية والشيعية في وثيقة مكة المكرمة، من تحريم الدم العراقي والممتلكات ودُور العبادة، وعدم المساس بها تحت أية دعوى من دعاوى الطائفية أو التكفير.

 

ووقّعت قيادات دينية عراقية من السنة والشيعة يوم  20-10-2006 « وثيقة مكة » التي تحرم سفك الدم العراقي وتدعو لوقف الاقتتال الطائفي.

 

وعقد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الاجتماع الثاني لمجلس الأمناء يومي 9 و10-11 -2006 في بيروت.

 

والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين هو منبر لتوحيد علماء الأمة بجميع طوائفهم، ويرأسه العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، وله ثلاثة نواب، عن الجانب السني الدكتور عبد الله بن بية وزير العدل الموريتاني الأسبق، وعن الجانب الشيعي آية الله التسخيري، وعن الجانب الإباضي الشيخ أحمد الخليلي مفتي سلطنة عمان. أما أمينه العام فهو المفكر الدكتور محمد سليم العوا.

 

 

نص البيان الختامي لاجتماع اتحاد العلماء

بيروت- أيمن المصري- إسلام أون لاين.نت

 

فيما يلي نص البيان الختامي لاجتماع مجلس الأمناء الثاني للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي انعقد بتاريخ 17-19 شوال 1427 هـ الموافق 9 – 10 نوفمبر 2006 في العاصمة اللبنانية بيروت:

 

البيان الختامي لاجتماع مجلس الأمناء الثاني للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

المنعقد في بيروت بتاريخ 17-19 شوال 1427 هـ الموافق 9 – 10 تشرين الثاني 2006م

 

الحـمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الله، وعلى سائر إخوانه من النبيين والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين، وبعد:

 

فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بهيئة رئاسته، وأمانته العامة، ومكتبه التنفيذي ومجلس أمنائه المجتمع حاليا في العاصمة اللبنانية بيروت، وبقاعدته العريضة من علماء الأمة، الذين يمثلون جميع المدارس والمذاهب الفقهية على اختلافها، قد رأى من واجبه في هذه الظروف التي يمرُّ بها العالم عامة والمسلمون خاصة، واستحضارا لمسئولية العلماء في إسداء النصح للأمة (حكاما ومحكومين) إذا أصابها ما يهدد مصلحتها العليا، أو سلام ديارها، أو وحدة أراضيها، أو استقرارها، أن يبيّـن الأمور التالية:

 

أولاً: التأكيد مجددا، على أن ما يصيب الأمة من جرحها النازف منذ نيّـف وقرن، في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس من أرض فلسطين التي بارك الله فيها، يوجب على المسلمين حيثما كانوا أن يعينوا إخوانهم بشتّى أنواع الجهاد: بالمال واللسان والقلم والنفس، وأن يستنفروا القوى المحبّة للخير في العالم للوقوف صفا واحدا لاستنكار جرائم الكيان الصهيوني في حقّ الإنسان الفلسطيني ومسكنه وحرثه ونسله.

 

ثانيا: التأكيد مجددا، على أن المقاومة الفلسطينية الباسلة تمثل واحدة من أنبل مواقف هذه الأمة في القديم والحديث، وأنّ الواجب على كل عربيّ وكل مسلم أن يقدّم لها ما يستطيع من دعم. وهي تستحقّ التهنئة والثناء على ما أبدته ولا تزال تبديه من وعي عميق واتزان في التعامل مع الآخر، وحرص على تجنّـب أي خلاف يشقّ الصف الفلسطيني من الداخل أو الخارج. ويؤكد الاتحاد على المقاومة الفلسطينية بجميع فصائلها أن تواصل حرصها على تحريم الدّم الفلسطيني بعضه على بعض، وعلى تمسكها بالثوابت الإسلامية والوطنية في الشأن الفلسطيني، ولا سيما تحرير كل الأرض الفلسطينية بلا استثناء، وعودة جميع اللاجئين إلى بلادهم وممتلكاتهم، والدفاع عن خيار الشعب الفلسطيني في اختيار حكومته اختيارا ديمقراطيا، وإزالة جميع العراقيل التي توضع في وجه الحكومة المنتخبة للحيلولة بينها وبين الاضطلاع بمسؤولياتها التي ناطها بها الشعب الفلسطيني المصابر المرابط، بما يمثل معاقبةً للشعب الفلسطيني الذي صدّق دعوى الديمقراطية واختار بملء إرادته من يثق فيه ليتحمل مسئولية كفاحه في سبيل حريته، واسترداد حقوقه، واستعادة وطنه المحتل من يد الصهيونية الغاصبة. وإن الواجب على سائر التجمعات والأحزاب والفصائل الفلسطينية، وفي المقام الأول على حركة فتح -كبرى الحركات الفلسطينية- والمنتمين إليها جميعا، أن يضربوا المثل والقدوة في التعاون لإنجاح مشاورات تشكيل حكومة وحدة وطنية وتمكينها من أداء واجبها وتحمل مسئولياتها، فإن قضية فلسطين في البدء والختام هي قضية الأمة جميعا لا قضية جماعة بعينها ولا حزب بذاته. ويدعو الاتحاد الحكومة الفلسطينية إلى الثبات على هذا الموقف حتى يتحقق النصر والتحرير بإذن الله.

 

ويدعو الاتحاد الأمة الإسلامية حكومات وشعوبا، وجماعات وأفرادا، إلى المسارعة بمد يد العون الواجب إلى إخوانهم في فلسطين، فالشعب الفلسطيني يتعرض اليوم لحملة ضارية ظالمة لتجويعه، بل لقتله جوعاً، فضلاً عما يتعرض له منذ سنين بصورة يومية من حملات القتل والاغتيال والهدم والتدمير لأبطاله وشبابه ورجاله ونسائه وأطفاله وأرضه المزروعة ومؤسساته وبيوت أفراده.

 

وهذا الشعب البطل المجاهد المصابر -في الرأي الإجماعي لمجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- يجب إعانته من أموال الزكاة والصدقات والوصايا بالخيرات العامة، وغيرها. بل يجب أن يقتطع المسلمون نصيبا من أموالهم الخاصة، ومن أقواتهم، لدعم إخوانهم في فلسطين فإنه « ليس منا من بات شبعان وجاره جائع ». و »المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ». والقضية اليوم هي قضية تحد بين بقاء مشروع اختاره الشعب الفلسطيني بإرادته الحرّة وبين محاولات إسقاطه وإحلال مشروع آخر يريده الأعداء.

 

ثالثا: يدعو الاتحاد القادرين من أبناء العالم الإسلامي إلى أن يتبنى كل منهم كفالة أسرة واحدة من الأسر الفلسطينية أو واحدا من الجرحى الفلسطينيين أو أيتام شهيد فلسطيني واحد، اقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وتجسيدا لمفهوم الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.

 

رابعا: يدين الاتحاد بكل قوة جميع أنماط الحصار التي تُفرض على الشعب الفلسطيني البطل من الخارج أو الداخل. ويكرر إدانته الشديدة للجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني الغاشم، وآخرها مجزرة بيت حانون البشعة، كما يدين المواقف السلبية والمتخاذلة المتجلية في مواقف وقرارات وتصريحات مجلس الأمن، والصمت العربي والدولي المطبق في وجه الحصار الظالم والانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان، إلا باستثناءات نادرة. ومن هذا الحصار الظالم إغلاق المعابر التي تربط فلسطين بالخارج، وإقامة الجدار العازل، وتجريف الأرض الفلسطينية واقتلاع آلاف الأشجار المعمّرة.. مما لو فعلته أي جهة أخرى غير قوات الاحتلال الصهيوني، لقامت الدنيا ولم تقعد، ولتحركت منظمات حماية البيئة وحماية حقوق الإنسان في كل مكان، ولصارت جميع وسائل الإعلام في العالم تلوك عبارات الإدانة والاستنكار. ولكن بعض القوى الكبرى تكيل بعدة مكاييل وتقف مع العدو الصهيوني المحتل في كل مناسبة ضد الحق العربي في أرض فلسطين.

 

خامسا: يستنكر الاتحاد ما تمارسه قوات الاحتلال الصهيوني من تحدّ للخيار الديمقراطي ومن عدوان متمثل في اعتقال رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني وعدد من نوابه، ويدعون المنظمات الدولية ودول العالم الحر إلى استنكار هذا الخرق الفاضح لحقوق الإنسان وحصانات نواب الشعب المتعارف عليها في جميع بلدان العالم، ويدعون المنظمات الدولية المعنية ودول العالم المتحضر بهذه المناسبة، إلى العمل الجاد لإنهاء آخر شكل من أشكال الاستعمار البغيض في العالم وهو الاستعمار الصهيوني لفلسطين.

 

سادسا: يؤكد الاتحاد على ما سبق أن عبّر عنه مرارا من دعوة المسلمين عامة وعلمائهم خاصة، وذوي المال والسعة بوجه أخص إلى مناصرة قضية القدس بما يستطيعون من قوة، ولا سيما في مجال المشروعات الاقتصادية والإعمارية العملية لإسناد الشعب الفلسطيني في الداخل، وخصوصا في مدينة القدس، وتعميم مشروع المؤاخاة بين العائلات العربية والإسلامية في العالم وبين العائلات الفلسطينية في الداخل، ولا سيما في مدينة القدس وقراها وبلداتها، وتعميم مشروع التوأمة بين المؤسسات والمجتمعات المدنية العربية والإسلامية وبين مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني في الداخل، ودعم المدارس والمستشفيات ودور الأيتام في الداخل الفلسطيني، والعمل على كل ما من شأنه تثبيت الوجود الفلسطيني في الأرض المباركة وعدم النـزوح عنها وتقديم سائر أشكال الدعم الممكنة لهذه القضية.

 

سابعا: يحذر الاتحاد أمة الإسلام من المؤامرة الكبرى المتمثلة في محاولة نزع سلاح المقاومة الفلسطينية في فلسطين تحت أية ذريعة، وإجبارها على الاعتراف بالكيان الصهيوني والخضوع لإرادة الولايات المتحدة التي تريد بسط هيمنة الكيان الصهيوني على المنطقة كلها، ويناشد ضمائر كل أولئك الذين هم في موقع المسئولية، أن يتقوا الله في مواقفهم، وألا ينجرّوا إلى تنفيذ مخططات أعداء الأمة الرامية إلى إيجاد مخرج لقوات الاحتلال، ينقذها من الظهور بمظهر المهزوم، ويحقق مآرب المحافظين الجدد الذين يستمدون مخططاتهم من المشروع الصهيوني ويعملون على إنجاحه.

 

ثامنا: إن ما ترتكبه الجيوش الأجنبية الغازية للعراق، والجماعات المسلحة غير المسئولة ذات التوجه التكفيري أو الطائفي، من فظائع لم يسبق لها مثيل، ومن تخريب للبيوت والمباني والمساجد والكنائس وسائر دور العبادة، والبنية الأساسية، وإهلاك للحرث والنسل: ومن قتل للجرحى في المساجد ومنع الإمدادات الإغاثية عن المنكوبين وقصف المستشفيات ومنع الفرق الطبية من أداء واجبها الإنساني نحو الجرحى والمصابين.. إن هذا كله يمثل وصمة عار في جبين الدول والعصابات التي تقوم بها، والاتحاد يهيب بحكومات الدول التي غزت العراق أن تثوب إلى رشدها، وأن تسترجع إنسانيتها، وأن تنسحب من العراق انسحابا فوريا، لتمكين الشعب العراقي من إدارة شؤون بلاده بنفسه. ويهيب الاتحاد بتلك الجماعات المسلحة أن تلتزم بما دعت إليه المرجعيات السنية والشيعية في وثيقة مكة المكرمة، من تحريم الدم العراقي والممتلكات ودُور العبادة، وعدم المساس بها تحت أية دعوى من دعاوى الطائفية أو التكفير.

 

تاسعا: يؤكـد الاتحاد تنديده بجميع أعمال العنف والإرهاب والقتل والتخريب والخطف والتفجيرات التي توجه نحو الأبرياء… ويحذر أشد التحذير من كل من له يد في هذه الفتنة في الداخل والخارج، وينبه على أن هذه الفتنة لن يكون فيها غالب ولا مغلوب بل سيكون الخاسر الوحيد هو الشعب العراقي الجريح، ويكون المستفيد الوحيد هو المحتل والمتربصون بالعراق. ويدعو الاتحاد الشعب العراقي إلى تحقيق وحدته على أساس المساواة في حفظ الحقوق وأداء الواجبات، وعودته إلى أمته الإسلامية ليقوم بدوره المنشود. وبهذه المناسبة فإن الاتحاد يؤكد على أن العراق اليوم يتعرض لمؤامرة كبرى تهدف إلى تمزيق نسيجه الاجتماعي من خلال إثارة نعرات الطائفية وتضخيم نقاط الخلاف وجعله ضحية لسياسات خارجية، وجعل ساحته ساحة صراع للتصفية بين دولة الاحتلال وأعدائها. وإذا لم يستجب العراقيون إلى نداء الوحدة، وينبذوا كل ما يفرقهم، فإنهم وحدهم سيكونون الضحية لهذه المؤامرة الكبرى. وينبغي أن يشعر العراقيون جميعا أنهم شعب واحد، يجمعهم الإسلام دينا ورسالة، والعربية لغة وحضارة، وأن الواجب الشرعي والوطني يقتضي نبذ خلافاتهم ووقوفهم صفا واحدا من أجل طرد الاحتلال وبناء عراق موحد لجميع أبنائه. ولا يجوز البحث في أي طرح سياسي يتناول مستقبل الدولة العراقية أو شكلها الدستوري، إلا بعد خروج قوات الاحتلال، وتولي الشعب العراقي زمام شئونه بنفسه.

 

عاشرا: يدعو الاتحاد بلدان العالم الإسلامي، ولا سيما دول الجوار العربية والإسلامية، إلى دعم الشعب العراقي والمساهمة في وضع الحلول لإعادة سيادته بالكامل وإخراج المحتل وإعادة الأمن والاستقرار لهذا البلد العزيز، والحرص على إفشال كل محاولة للتدخل في شئونه من أي طرف كان، ولمصلحة أي طرف كان. كما يدعو الحكومة العراقية إلى إعمال مبدأي المساواة والتوازن بين مواطنيها بجميع أعراقهم ومذاهبهم وأديانهم وفي جميع المؤسسات المدنية والعسكرية.

 

حادي عشر: يدعو الاتحاد علماء السنة والشيعة في العراق وبخاصة المرجعيات الكبرى، إلى تحمل مسئوليتهم في الحفاظ على وحدة الشعب والوقوف في مواجهة هذه الفتن، وحقن دماء أهل القبلة وأهل الدار. ويدعو هذه المرجعيات إلى عقد اجتماع حقيقي أو مجازي (من خلال المحادثة الفيديوية)، في سلطنة عُمان أو اليمن، للاتفاق على ميثاق شرف، يحرّم دماء أهل القبلة ومواطنيهم من غير المسلمين، ويجدد العهد على السعي إلى التقريب، ومحاربة أية محاولة من محاولات الفرقة بين أبناء الدين الواحد والوطن الواحد.

 

ثاني عشر: يرحب الاتحاد ببوادر الاتفاق بين جميع الأطراف الصومالية، ويستنكر تدخل الدول الأجنبية في شئون الصومال واقتحام جزءا من أراضيها، ويدعو الله أن يوفق أبناء هذا البلد المسلم إلى التوافق بما يرضي الله، ويحقن الدماء، ويحقق الاستقرار. ويدعو الدول العربية والإسلامية إلى تأييد مساعي الوفاق ودعم هذا البلد ماديا ومعنويا.

 

ثالث عشر: يعرب الاتحاد عن تأييده للجهود التي تبذلها الحكومة السودانية في رأب الصدع الوطني الداخلي الناتج عن أزمة دارفور، والأزمة في شرق السودان، وعن الاختلاف بين فئات السياسيين الجنوبيين، وعن محاولة إحداث الفتنة في شمال السودان، وهي الأحداث التي تتوالى مثبتة أن يدا أجنبية تصر على العمل على تمزيق السودان القضاء على وحدته. ويؤيد الاتحاد التوجه الذي أعرب عنه البرلمان العربي من عدم القبول بوجود قوات دولية في أي جزء من أرض السودان دون موافقة حكومته. كما يؤكد الاتحاد دعوته الدول العربية والدول الإسلامية الإفريقية، إلى تحمل مسئولياتها في قوات حفظ السلام في دارفور، وفي جنوب السودان، بما يقطع الطريق أمام التدخل الأجنبي في هذا البلد العربي الإفريقي المسلم، ويحفظ له استقلاله ووحدة أراضيه.

 

رابع عشر: يعرب الاتحاد عن قلقه البالغ مما تتعرض له الأقليات المسلمة في عدد من دول العالم من اضطهاد جائر، واستهانة بمشاعر المسلمين وشعائرهم ومظاهر حياتهم الفردية والجماعية، ويدعو الاتحاد حكومات تلك الدول، والإعلام فيها بوسائله كافة، إلى ضمان حصول المواطنين المسلمين فيها على حقوقهم الكاملة بما في ذلك حقهم في التعبير وممارسة الشعائر الدينية، وحق تقرير المصير في المناطق التي يؤلف المسلمون فيها أكثرية مطلقة.

 

ويعرب الاتحاد بالمقابل عن ارتياحه وترحيبـه بمبادرة الحكومة الجديدة في تايلاند المتمثلة في إنصاف مواطنيها المسلمين، وحمايتهم من أي مظهر من مظاهر الاضطهاد أو التطهير العرقي أو الديني.

 

خامس عشر: يعيد الاتحاد التأكيد على دعوته إلى إحياء المصالحة الشاملة بين فعاليات الأمة كافة، الحكومية والشعبية، العلماء والدعاة، الهيئات والمنظمات، على أساس من كفالة الحقوق والحريات وتوسيع قاعدة المشاركة والتزام النهج السلمي قولا وعملا.

 

ويعرب الاتحاد عن قلقه العميق لما يلاحظه من توقف جهود الإصلاح التي كانت قد بدأت فعلا في بعض الدول العربية والإسلامية ومن خفوت الدعوة إلى الإصلاح في غيرها. ويلح الاتحاد في التذكير بضرورة السعي الجاد في هذه السبيل وعدم الوقوف فيه عند إطلاق الشعارات دون العمل الحقيقي، في مجالات التربية والتعليم والاقتصاد والسياسة والاجتماع، بما يحفظ على الأمة ثوابتها الدينية والوطنية. ويؤكد هويتها الثقافية، وخصوصيتها الحضارية. ويرحب الاتحاد بالجهود الدائبة التي تبذل في بعض الأقطار العربية لتحقيق المصالحة بين جميع الفئات العاملة لخدمة الفكرة الإسلامية، ولا سيما أولئك الذين انتهجوا سبيل العنف والتغيير بالقوة عددا من السنين، ثم فاءوا إلى كلمة الحق وعادوا إلى منهج الوسطية الإسلامية الذي يتبناه الاتحاد ويدعو إليه. ويؤكد الاتحاد في هذا السياق على ضرورة الإسراع في الإفراج عن سائر المعتقلين السياسيين في جميع دول العالم الإسلامي، واستيعاب الجميع في الحياة العملية، وفي النشاط الدعوي السلمي، استثمارا لطاقتهم، واستفادة من تجربتهم في الحيلولة بين الشباب المسلم وبين الوقوع في براثن دعاة الغلو والعنف والتكفير

 

سادس عشر: يلاحظ الاتحاد مجددا بقلق ما تورده التقارير المحلية والعالمية عن تدني مستوى الالتزام بمعايير حقوق الإنسان في معظم أقطار العالم الإسلامي. ويدعو الاتحاد الدول الإسلامية كافة، إلى ضرب المثل الصالح في مجال المحافظة على حقوق الإنسان فيها وحرياته وحرماته جميعا.

 

سابع عشر: يستهجن الاتحاد ما يحدث في تونس من منع قانوني للزي الإسلامي للمرأة، وما تتعرض إليه النساء التونسيات من منع من الدراسة أو العمل، أو مضايقات في الشارع، جراء ارتداء الزي الإسلامي؛ الأمر الذي يُعـدّ مخالفة صريحة للاتفاقية الدولية لحقوق المرأة (سيداو SIDAW)، وانتهاكا للحرية الشخصية التي كفلتها المواثيق الدولية، ويدعو الحكومة التونسية إلى رفع هذه المعاناة عنهن، وتمكينهن من الالتزام بأوامر الشرع، وممارسة الحقوق الشخصية التي تكفلها المواثيق الدولية.

 

ثامن عشر: يهيب الاتحاد بجميع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في العالم الإسلامي أن تلتزم بالقيم والضوابط الإسلامية في علاقاتها ومعاملاتها مع المتعاملين معها. ويدعو بهذه المناسبة شركة الخطوط الملكية المغربية أن تعيد النظر في منع المصلين من إقامة الصلاة في المحطات والمطارات، التي تـُعـدّ مساجد بنص حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم (جـُعلت لي الأرض مسجدا وطهورا)، لا سيما وقد عـُرفت المملكة المغربية بحرصها على الآداب الإسلامية على مدار التاريخ، وأن مثل هذا الموقف يمثل موقفا مستنكرا لم تقدم عليه أي خطوط جوية في العالم.

 

تاسع عشر: يؤكد الاتحاد على قراره السابق بوقف الحوار مع الفاتيكان إلى أن يظهر ما يبرر الاعتقاد بجدوى استئناف الحوار في جو من الموضوعية والعقلانية والاحترام المتبادل.

 

عشرين: يعرب الاتحاد عن وقوفه إلى جانب الشعب اللبناني، المتحد في مواجهة العدو الخارجي الصهيوني، وفي مواجهة محاولات الوقيعة بين طوائفه وأحزابه، ويعرب عن يقينه بقدرة اللبنانيين على تجاوز أزمتهم والخروج منها واستعادة دور لبنان البنّـاء في حاضر الأمة ومستقبلها.

 

ويعرب الاتحاد عن شكره للبنان حكومة وشعبا لتيسيره عقد اجتماعات الاتحاد فيه وترحيبه الدائم بذلك.

 

وختاما، يدعو الاتحاد أبناء الأمة الإسلامية جميعا إلى الثبات على الحق والاستمساك بهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والقضاء على أسباب الضعف والتخاذل، الفردية منها والجماعية، وإلى الاعتصام بحبل الله، والاستمساك بالعروة الوثقى للإسلام، والله من وراء القصد.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

 

رئيس الاتحاد                                         الأمين العام

أ.د يوسف القرضاوي                                 أ.د محمد سليم العوا 

 

(المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 11 نوفمبر 2006)

 


منع الحجاب مصادرة للحريات الأساسية للتونسيين

بقلم : السجين علي رمزي بالطيبي (عزلة سجن بنزرت المدينة)
منذ إلقاء منوبية الورتاني عام 1924 محاضرة تحت رعاية الاستعمار الفرنسي صرحت فيها بإزالة الحجاب عن المرأة التونسية ومنذ أن لاحت بوادر تحول الاستعمار الفرنسي إلى استعمار بالوكالة ومنذ أن بدأت ملامح سياسة مصادرة الحريات مقترنة بالانسلاخ عن الالتزام الإسلامي– على ما شابه من تشويه خلال فترة الاستعمار و ما قبلها – تتضح في تونس بداية من الـتاسع من جانفي 1929 حين وعد بورقيبة الفرنسيين من ضمن ما وعدهم به بمعالجة فساد الشخصية التونسية وتطويرها  تمزيق الحجاب كرمز لذلك.
 منذ ذلك الحين ونحن نعيش في تونس مهزلة متشابكة الأبعاد. واليوم وبعد تأكيد نظام الجنرال بن علي على منع الحجاب الإسلامي و التهديد بسجن من يتمسكن بارتدائه، نعيش فصلا آخر من فصول هذه المهزلة. إن لموقف نظام 7 نوفمبر الأخير من الحجاب أبعاد متعددة :
–       أوّلا : يأتي ذلك في سياق سياسة مصادرة الحريات الأساسية للتونسيين ومن ذلك أبسط الحريات البديهية وهي حرية اللباس. –        ثانيا : إنّ موقف بن علي  الأخير يأتي أيضا في إطار مشروع الإفساد الإسرائيلي الذي يقوم عليه نظامه.
و لأنّ الإسلام يدعو إلى محاربة الظلم والأخذ على يد الظالم ويدعو إلى العدالة الاجتماعية، كان لزاما على النظام التونسي الديكتاتوري أن يبعد الناس عن الإسلام الحقيقي ليطمئن على استبداده بالسلطة. من جهة أخرى فإن الاستعمال الرخيص للمرأة من طرف نظام ال7 من نوفمبر سيعود بالضرر الحتمي على المرأة التونسية ولله در الشاعر:
 هل إنهن إذا وضعن حجابا    يبلغن من نيل العلى أسبابا كلا فهتك الستر شر مصيبة    يغدو وقصرت ثوابا وتبرجت في السوق سافرة     وقد فتحت لطلاب التغزل بابا
 الحجاب فريضة شرعية بالنسبة للمرأة المسلمة ووجوب الحجاب معلوم من الدين بالضرورة وثابت ثبوتا قطعيا بالكتاب « سورة الأحزاب وسورة النور » وبصحيح السنة. الحجاب رمز للطهر والفضيلة وله دور أساسي في تأصيل كيان المرأة المسلمة كشخصية متكاملة وليس كمجرد جسد للإشباع الغرائز الجنسية أو للعروض الإشهارية. واللافت للنظر أيضا في هذه المرحلة انتقال بن علي من حربه على الحركة الإسلامية كحزب سياسي خط دفاع أول عن الإسلام ، إلى حرب على الإسلام نفسه. لقد قرأت تصريح بن علي الذي يزعم فيه أن الحجاب زيّ طائفي ورمز سياسي وأنه برغم منعه للحجاب فهو يكرس قيم الحياء والاحتشام… نعم تشهد له بذلك أزقة نهج زرقون ودور الدعارة الموجودة فيها ودور الدعارة الأخرى في كل مدينة تونسية ويشهد بذلك إعلامه المتميّع. إنّ تونس التي كانت تشعّ على المغرب العربي وعلى القارة الإفريقية بنور الإسلام من خلال الزيتونة صارت اليوم مثالا للميوعة الفكرية وللتبعية للغرب وللشذوذ عن ثوابت الإسلام وصارت بوابة لتنصير القارة الإفريقية من خلال البعثات والإرساليات التبشيرية ودُجّنت الزيتونة وقُمع العلماء الزيتونيّون الأحرار أمثال الشيخ علي الأصرم المحروم من جواز سفره إلى الآن، و دُنّس القرآن الكريم في السجون التونسية.  


 

المرزوقي ومعركة فرض الحريات

تكرار تجربة أم انجاز أمل

علي بن عرفة – لندن

 

الاهداء الى المناضل الكبير الدكتور منصف المرزوقي

 

بادر الدكتور منصف المرزوقي قبل عودته الى تونس للدعوة الى الاحتجاج الشعبي السلمي، من اجل فرض الحريات في البلاد, ولقد سبق لقوى المعارضة ان خاضت اشكالا مختلفة من الاحتجاج على السلطة, من اجل توسيع مساحة الحرية  في تونس، غير ان الاعلان عن الدخول في حركة احتجاجية سلمية شاملة, ودعوة الشعب الى الانخراط في هذه الحركة, يكاد ينفرد بها المرزوقي دون غيره.

 ورغم كل ما قيل عن مواجهة التسعينات بين السلطة وحركة النهضة, من حيث اتساع قاعدتها وضراوتها, فانها لم ترق الى المواجهة الشعبية الشاملة . ولكن ذلك لايمنع السؤال عن مدى استفادة الدكتور المرزوقي من التجربة السياسية للمعارضة – خاصة تجربة التسعينات- و الى اي حد يمكن ان تكلل تجربته بالنجاح؟.

 

في البداية لا يختلف المتابعون للشأن التونسي في ان دعوة المرزوقي، تجد مبرراتها في الوضع الذي تشهده البلاد، حيث سدت كل سبل العمل السياسي المعارض، واتسعت دائرة العنف ضد المناضلين، وحوصرت مقرات الاحزاب، و المنظمات الحقوقية، واطلقت يد البوليس على كل فئات الشعب، من الاساتذة العاطلين عن العمل، الى الطالبات المحجبات، الى المصلين في مسجد الحبيب بالضاحية الجنوبية للعاصمة، الى زوجات المساجين المعتصمات في بيت السجين محمد عبو. وارتفعت نسبة البطالة, وتفشت الجريمة باشكال غريبة عن طبيعة المجتمع, واستفحلت مظاهر الرشوة والمحسوبية لتغذي مجتمعة مشاعر الغضب والاحباط لدى المعدمين من الشباب العاطل عن العمل، الذي يشاهد يوميا عبر البرامج التلفزية مسابقات مئات الملايين وانصاف المليارات. ولم يبق له من مخرج سوى الفرار الى الخارج, ومن لم يستطع بقي في حالة من اليأس والغضب على واقع   تتقاسم فيه عائلات النهب مقدرات البلاد، فيما تسحق البطالة غالبية الشباب من أصحاب الشهادات الجامعية.

 و رغم نسب النمو الخيالية التي تتبجح بها السلطة ولا نرى لها اثرا في حياة الناس – سوى تزيين المدن للسواح، وخداع العالم بالمظاهر الخارجية، من اجل مزيد من النهب و الهيمنة على مقدرات الشعب- تزداد الفوارق بين فئات الشعب، بانحسار الطبقة الوسطى، التي كانت احدى الضمانات الرئيسية لاستقرار المجتمع.

 

لا شك ان التونسي يشعر بالمهانة امام الوضع الذي ال اليه حال البلاد, حيث صارت تونس في مقدمة الدول التي تتصدر بيانات وتقارير المنظمات الحقوقية الدولية. بالاضافة الى سياسة الاستهتار بمشاعر المواطنين, اعتدادا بقوة الدولة, واطمئنانا الى طبيعة الشعب المسالمة, فبعد تدنيس القران الكريم في السجون التونسية، وتجاهل السلطة لكل نداءات المطالبة بمحاسبة المعتدين, للنأي بنفسها عن جريمة الاستهداف لمقدسات الشعب – خاصة وان عملية تنديس المصحف في سجون غوانتناموا لا تزال حاضرة في الاذهان- بدأت حملة مسعورة ضد المحجبات، تلاحقهن في الشوارع, وتنزع الحجاب من على رؤوسهن, وتعتدى عليهن بالضرب في الطريق العام, وحتى اختطافهن,- السيدة نضالات الزيات مع ابنتها والطالبة سهير العيساوي- في عملية بربرية لاعقلانية, تؤسس للفوضى، ورفع الاحترام عن المرأة التي حضيت طوال تاريخنا بمكانة لا تسمح لاحد بالتطاول عليها , غير ان العهد الجديد داس على حرمة التونسيات، باسم المحافظة على مكتسباتهن!!!!

 

في مثل هذا الوضع العام ظهرت بوادر احتجاج فردي, فعمد البعض الى بيع شهاداته الجامعية امام تمثال ابن خلدون وسط العاصمة, فيما ربط اخران نفسيهما الى عمود في احدى الشوارع الرئيسية , و أصر الاساتذة العاطلين عن العمل على الاعتصام امام وزارة التعليم العالي, ومواجهة عصى البوليس, واقدم عدد كبير من الطلبة على مناصرة الطالبات المحجبات, وفرض دخولهن الى حرم الجامعة, كما كانت للاولياء وقفات شجاعة في مساندة بناتهم .

وهذه التحركات الفردية, الاخذة في التطور نوعيا وعدديا, تعبر عن حالة غليان شعبي, بات في حاجة الى مبادرة شجاعة تعبر عن مطالب الناس, وتقدم النموذج و القدوة في مواجهة غطرسة السلطة, والاستعداد للتضحية من اجل الوطن, وكسر طوق الانانية الذي غلف سلوك العامة كما سلوك النخبة.

لقد اقدم المرزوقي على العودة الى البلاد رغم كل المخاطر التي تتهدده,لينخرط ميدانيا في معركة الشعب, وهذه احدى اهم عوامل النجاح, لان الجماهير في حاجة الى القدوة والنموذج الذي يتقدمها في معركة الحرية, ويشاركها المسؤولية, ويقاسمها ضريبة المقاومة والتحدي والصمود. وقد كانت هذه القضية احدى اهم نقاط الجذب في مشروع حركة 18 اكتوبر, حين أقدمت القيادات السياسية والحقوقية على التحرك ميدانيا, ومشاركة الناس الامهم وامالهم, وحمل همومهم الاساسية، في صياغة فريدة جامعة لاهم مشكلات البلاد – حرية التنظم – اطلاق سراح المساجين – حرية الاعلام – ولكنها ما لبثت أن انكفأت على نفسها تحت ضغط السلطة والدائرين في فلكها, فتراجع ادائها الميداني لحساب الحوارات والاطروحات النظرية البعيدة عن هموم الناس.

 

لم تثبت تجارب المعارضة في الماضي اخطاءا في خياراتها, بقدر تأكيدها على فشل عملية التنزيل وتحديد التوقيت المناسب. وغالبا ماتتوهم النخبة – بنرجسيتها- انها تمتلك السيطرة الكلية على الواقع، فهي التي تحدد ساعة التغيير وتظبط ايقاعه. ولكن التجربة – ثورة الخبز – أثبتت ان الواقع يتجاوز توقعات النخبة في نسق تطوره, وان الشعب يتجاهلها عندما تتخلف عن الاستجابة لتطلعاته، وهو غير معني بالمرة بتوقيت ساعة المعارضة، التي تظطرها تطورات الاحداث الى اللهاث ورائها، حينما تكتشف تخلفها عنها, وهي التي عاشت طويلا على وهم الريادة, وقيادة التغيير.

 

وبقدر ما وفق المرزوقي في اختيار لحظة المبادرة بالدعوة الى الاحتجاج المدني  في مواجهة عنف الدولة, فان تجاهله لأهمية التنسيق مع اطراف المعارضة ومنها قيادات حركة 18 اكتوبر, يبقى نقطة الضعف الاساسية في هذا المشروع. وهي النقطة التي ساهمت في كارثة التسعينات, حينما انفرد نظام الحكم بحركة النهضة, ونأت اطراف المعارضة بنفسها عن معركة الحريات طلبا للسلامة، او انخراطا في مشروع السلطة, او طمعا في منحة الصمت عن جريمة النظام في حق الالاف من التونسيين, الذين اعتقلوا وعذبوا بابشع انواع التعذيب, حتى قضى منهم حوالي اربعين شهيدا – نحسبهم عند الله كذلك – ولا شك ان المسؤولية الوطنية كانت وراء دعوة المرزوقي الى المواجهة السلمية المدنية، ولكن هذه المسؤولية ذاتها تدعونا الى الحذر، واستجماع  أكبر قدر ممكن من عوامل النجاح، في هذه المعركة المصيرية مع الاستبداد، والتي سيكون لها اثر بالغ على مستقبل البلاد، وتحديد مصير العلاقة بين الشعب والدولة الى سنوات قادمة.

 

واذا كان موقف المرزوقي يجد تفسيره فيما سبق ذكره من انشغال حركة 18 اكتوبر عن واجب الوقت, وانصرافها الى الجدال النظري ترضية لاطراف لا علاقة لها بمشروع 18 اكتوبروانما تجتهد في افشال هذا المشروع عبر الاقصاء، واحداث الشروخ في صف المعارضة باثارة القضايا الخلافية، واعتبارها الاولوية التي تتقدم على عملية التغيير وتنسيق الجهود لمواجهة الاستبداد. فإن ذلك لا يبرر تجاهل قيمة وحدة المعارضة، وضرورة استجماع كل عناصر القوة من أجل تحقيق الهدف. لان تجارب شعبنا المريرة في مواجهة الاستبداد, لا تحتمل اخفاقات اخرى – لا قدر الله- تأتي على بقية أمل, في قدرتنا على مواجهة التحديات التي تواجهنا بها الديكتاتورية. وتجربة التسعينات لا تزال ماثلة امام الجميع, وما كان يمكن لتلك المأساة ان تكون بذلك الحجم, وتستمر الى حد اليوم, لولا العزلة التي عاشتها النهضة طوال العشرية الاخيرة, ضريبة الانفراد بتحمل الامانة نيابة عن الجميع, الذين كانوا بالامكان في الحد الادنى, توفير قدر لا بأس به من الحماية, والتخفيف من غلواء الهجمة الامنية, ووحشية العنف, اذا ما تعذر عليهم المشاركة في معركة الحريات.

 ان سياسة الامر الواقع التي فرضها المرزوقي، قد تنسخ تجربة التسعينات، وربما تأتي على كل ما انجز من تقدم في طريق توحيد جهود المعارضة، اذا نجحت قوى الجذب الى الوراء في استمالة بعض الاطراف المنخرطة في حركة 18 اكتوبر، والتضحية بالمرزوقي لتخلو الساحة من خصم سياسي عنيد، ويعاد ترتيب البيت بما يوافق الأهواء- وهي نفس الاغراءات التي سوقت بها عملية الانفراد بالنهضة سابقا- وستظل لعنة الانانية والرغبة في اخلاء الساحة، وهيمنة المصلحة الحزبية، ترافق العمل السياسي المعارض، ما لم تتصدر المصلحة الوطنية سلم الاولويات.

 وفي هذا السياق يجب على الجميع التعالي عن المصالح الشخصية و الحزبية الضيقة والنظر الى المصلحة الوطنية العليا، وادراج القضايا الحزبية الخاصة على اهميتها – مثل قضية المساجين بالنسبة لحركة النهضة – ضمن القضايا الوطنية الكبرى، كقضية الحريات وما لم يكن ذلك واضحا وجليا في مواقف كل الاطراف وبيانتها، فسيبقى التردد وانعدام الثقة وسوء الظن، عوائق حقيقة أمام فاعلية هذا التجمع التاريخي لقوى المعارضة، مما يجعل حركته تراوح مكانها، ولا تنجح في انجاز شيئ يذكر على مستوى المطالب الرئيسية التي رفعت في لحظة التأسيس.  

 

واذا كانت السياسة هي فن التعامل مع الواقع ومستجداته، فإنه من غير الممكن على كل المهتمين بالشأن العام، من منظمات وجمعيات واحزاب، ان تتجاهل التطورات الاخيرة في البلاد، على اثر عودة الدكتور المرزوقي ودعوته الى العصيان المدني. انه لا خيار امام الجميع، سوى الانخراط الفعلي في معركة الحريات. لان المبدئية اولا لا تسمح بالاستقالة او الانعزال في هذه المعركة المصرية ضد القمع والاستبداد، ولا يسعنا جميعا كتونسيين سوى الانخراط في هذا التحرك، والوقوف في وجه تغول الدولة التي تجتهد في ابتلاع دفاعات المجتمع، الواحدة تلوى الأخرى.

كما ان الاجماع الحاصل حول توصيف واقع البلاد، يدعو الجميع للاسراع الى انقاذها من الفوضى التي باتت تهدد استقرارالمجتمع، فقد رفض النظام نداءات المصالحة الوطنية، ومضى في سياسة الارض المحروقة، فاتسعت دائرة العنف، بما بات يهدد امن وسلامة المواطنين، وانتشرت البطالة، وهيمنت العائلات المتنفذة على مقدرات البلاد، واعرضت السلطة عن المعالجات السياسية للقضايا الكبرى، واستعاضت عنها بالمعالجة الامنية، التي طالت النساء في الشوارع – في حالة لم تشهدها تونس حتى ابان الاستعمار- مما يكشف عن مدى الاهانة والاستهتار بمشاعر المواطنين، ويؤكد غياب العقل كليا في ادارة شؤون البلاد، مما لم يعد يجدي معه استجداء المصالحات، اوانتظار الاصلاحات التي لن تأتي في ظل ما وصل اليه الامر من استهتار بالجميع.

وبالاضافة الى الوضع المحلي فإن الظرف الراهن اقليميا ودوليا، ليس موافقا لمصلحة النظام- على عكس فترة التسعينات –  فالتغييرات الاقليمية، وانطلاق مشاريع المصالحة في دول المغرب العربي،جعل من بلادنا حالة شاذة في محيطها، رغم الغياب الكلي لمظاهر الارهاب، واعتماد المعارضة الوطنية الاساليب السلمية في نضالها.

أما دوليا فقد باتت القوى المتنفذة عالميا ترى في الاستبداد، المستنقع الذي يفرز الارهاب، ويهدد الاستقرار والامن الدوليين. وصار الفرز واضحا بين الحركات المعتدلة وتلك التي تعتمد العنف، ولم تعد تجدي سياسات التضخيم والتهويل من الخطر الاصولي والارهاب الاسلامي، وفي الحالة التونسية الراهنة فان المبادرة للتغيير تتقدمها القوى الديمقراطية والعلمانية، مما يرشحها لعدم الممانعة الدولية.

وفي ظل كل ما سبق، فإن المصلحة الوطنية تدعو الجميع الى خوض معركة الحريات صفا واحدا. وليس من المصلحة انفراد السلطة بأي طرف، لأن المعارضة من دونه تكون أضعف عن الوفاء بشروط التغيير، وهو من دونها أعجز عن تحمل أعبائه، وعلى الجميع الاختيار بين تكرار اخفاقات الماضي اوانجاز الامل.


تعقيبا على الخطاب الرئاسي

الكرامة ما زالت عندنا أغلى من الخبز..

الحبيب أبو وليد المكني
اعتادت البلاد التونسية أن تشهد حركية هامة في نهاية الأسبوع الأول من شهر نوفمبر ليبدو الأمر و كأنه إشارة الانطلاق للسنة السياسية الجديدة يفتتحها الرئيس التونسي بن علي بخطاب يقيم فيه أداء الحكومة و المجتمع بين الماضي والحاضر و يفتح بعض الزوايا عن التوجهات و الخطط المستقبلية  .
و كما جرت العادة  لا بد أن يسبق هذا الخطاب « البرنامج » نبا العفو عن عدد كبير من السجناء و التصديق باسترداد حقوق لآخرين والتخفيف من الأحكام الصادرة على عدد مشابه . وهو حدث بلا شك يدخل السرور على عدد من العائلات التونسية لا نملك إلا الإشادة به و التعبير عن مشاطرتنا هذه العائلات مشاعر الاستبشار و الفرح..
لا نستطيع أن نقول أن الخطاب الرئاسي كان دائما تكرارا للمعاني القديمة بدليل أنه لا زال ينتظره التونسيون بمختلف مواقفهم السياسية عساه يعبر عن مبادرات جديدة تستجيب لتطلعاتهم و تتفق مع رؤاهم ، كما أن الحكومة و الجماعة المتنفذة فيها لا زالت بطبيعة الحال  ترى أن هذا الخطاب يجب أن يتضمن ثناء على نشاطاتها و تهليلا لخياراتها السياسية و إشارات واضحة تستقوي بها على خصومها .
كان بودي أن أعلق على نبأ الإفراج على عدة عشرات من إخواننا المساجين و تخفيف الحكم على عدد آخر منهم على أنه حدث سياسي يمكن أن يشكل محطة جديدة نحو الانفراج و المصالحة الوطنية لكن إصرار الخطاب الرسمي على تجريد هذا لإجراء من كل معنى سياسي و اعتباره إجراء روتينيا جرت العادة أن يتخذ في المناسبات الوطنية الكبرى ، ثم التجارب المتكررة التي أصبحت لنا مع القرارات الرئاسية المشابهة تجعلني أشعر أن الكتابة في هذا الاتجاه قد لا تضيف شيئا ..
بيد أن ذلك لا يمنعني من الإشادة ببعض الأصدقاء الذين تناولوا الموضوع بما يستحقه في نظري من شرح وتعليق دون الانزلاق إلى أسلوب الهجاء و التنفيس الذي لا أظنه يأتي بما نريد ، أذكر من بينهم  الأخوين مرسل الكسيبي  و عبد الرحمان الحامدي  الذين عبرا بوضوح عما يخالج صدري من مرارة لأن حرص الدوائر الرسمية على خيار الاحتقان  و المحاصرة و التعسف لم يتدحرج قيد أنملة رغم وضع الإحراج الكبير الذين تعيش فيه على المستويات المحلية والعربية والدولية نتيجة الضغوط التي تمارسها عليها  أطراف المعارضة وهي تدافع عن حقوقها وتنتصر لمناضليها.
و إن كان الأخوان الحامدي و الكسيبي قد عبرا بمقالين لهما عما يمكن أن أعلق به على نبأ الإفراج عن جزء من المساجين الكرام فإن حديث المهندس حمادي الجبالي لقناة الحوار بمناسبة فقرة أعدتها على هامش الاحتفال بذكرى السابع من نوفمبر قد أفقدني الرغبة تماما في التعقيب على خطاب الرئيس التونسي بالمناسبة رغم ما جاء فيه من فقرات مهمة تتناول المكاسب التي تحققت و التي لا أملك إلا تثمينها  و الاستزادة منها و السياسات القديمة التي يتم التستر عليها بأجمل الشعارات و أحلى العبارات ولكن حصيلتها على الأرض هي تواصل سياسة إطلاق أيدي البوليس لتفعل بالمواطنين  و المواطنات ما يحلوا لها من إهانة و تنكيل ومحاصرة و إذلال وهي تظن أنها بذلك تنتصر لخيارات الحكومة و تعمل من أجل ضمان أمن البلاد واستقرارها .
1 ــالحرية أغلى من الخبز و   البشر أغلى من الحجر
لقد تحدث المناضل حمادي الجبالي عن الحرية و لا شيء غير الحرية وكان واضحا أنه يشعر بالاختناق و المحاصرة و يحمل آثار العدوان و الملاحقة بعد أن تواصلت معه ممارسات التضييق و الهمجية و صارت قدره ، حيث وجد و أينما ذهب ، وتجاوزت هذه الممارسات الدنيئة شخصه لتنال من أفراد عائلته بمناسبة حفل زواج ابنته . فالرجل منا يضحي بنفسه في سبيل المبادئ التي يؤمن بها لكنه سيحس بمرارة أكبر إن تجاوزت التضحيات شخصه لتصل إلى أهل بيته و أحبابه ، و بالتالي فليس من المبالغة وصف ما درجت عليه أجهزة البوليس من ممارسات بالهمجية التي لا تليق بأجهزة رسمية تستمد سلطتها من الدولة و المجتمع . وحتى بالسادية إذا عرفنا أن هذه الممارسات تتواصل بنفس الحدة منذ حوالي عقدين . و بالطائفية لأنها قد تؤدي إلى تنامي شعور الشرائح المستهدفة بهذه السياسة إلى عدم الانتماء للمجتمع الذي تعيش فيه و لولا أن هذه الممارسات قد تعدت الإسلاميين لتشمل كل المعارضين الحقيقيين لصار من الجائز الحديث عن خطة مشبوهة لخلق الطائفية في تونس . و من ذلك ما يتعرض له الدكتور المناضل المنصف المرزوقي من محاولة النيل من معنوياته و تشويه صورته و التقليل من شأنه وإرغامه على الهجرة من جديد ،وكلها ممارسات همجية من شأنها أن تقلل من أهمية الإنجازات الاقتصادية التي يتوسع خطاب الرئيس في وصفها و تعدادها ، إلا أن يكون من أهداف الخطاب إقناعنا بأن هذه الممارسات الهمجية التي تقوم بها أجهزة الدولة واستمرار الصحف الصفراء  في تناول بعض المواطنين بما يشوه صورتهم و يهتك أعراضهم و يوجه إليهم أعظم الإساءات هي شرط لتحقيق تلك المكاسب و عندها يحق لنا أن نعبر عن رفضنا لمثل هذه المكاسب التي تتحقق على حساب كرامة المواطنين و أعراضهم لأن الكرامة عندنا لا زالت أغلى من الخبز…و البشر لا زال عندنا أغلى من الحجر…
2 ــالمفارقة بين الخطاب و الممارسة
جاء في الخطاب الرئاسي في معرض حديثة عن الخيارات الكبرى لنظام السابع من نوفمبر ما يلي : » و عملنا من خلال تلك الإصلاحات و السياسات و البرامج على استبعاد كل أسباب الفرقة و الإقصاء و التهميش لتحصين مجتمعنا ضد التطرف و العنف حتى يبقى مثلما كان  طوال تاريخه المجيد مجتمع التسامح و التفتح، مجتمعا أصيل الثقافة، راسخا في هويته العربية الإسلامية بقيمها الفضلى ، قيم الاعتدال و الوسطية و الاجتهاد . … »
 فأي معنى للاستبعاد كل أسباب الفرقة يبقى ؟  ، ونحن نعيش في تونس منذ قرابة عقدين أجواء الفرقة الحقيقية لأن طائفة من الناس استحوذت على السلطة تريد أن تفرض آراءها على الجميع من أسلوب القطرة قطرة في إرساء المجتمع الديمقراطي إلى قراءة خاصة لتعاليم الدين الإسلامي تنفرد بها دون المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ؟؟؟
و أي معنى لاستبعاد الإقصاء و التهميش يبقى ؟ ونحن نعاين منذ عشريتين كيف تتفنن تلك الطائفة في إقصاء خصومها من الإسلاميين عن كل المنابر الإعلامية و المنظمات الاجتماعية و الأحزاب السياسية معتبرة ذلك خيارا للدولة التونسية و خطوطا حمراء ستعرض كل من يتجاوزها إلى فقدان ما تبقي له من الحقوق الإنسانية وما يحصل لهيئة 18 أكتوبر و حزب المؤتمر من أجل الجمهورية و الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و المجلس الوطني للحريات و حزب العمال الشيوعي التونسي   خير دليل …
و أي معنى لقيم التسامح و الاعتدال و التفتح يبقى ؟ و الناس يرون كيف يقوم بعض أعوان الدولة بجر بعض النسوة المتحجبات من شعورهن في اتجاه المراكز لإجبارهن على الالتزام بما لا يردن الالتزام به من فرض لباس معين عليهن .ناهيك عن مختلف الانتهاكات الأخرى التي تنال الرجال و النساء بدون حساب وما حصل لأم زياد و سهام بن سدرين  و محمد عبو و سعيدة العكرمي و سليم بو خذير ومئات من أمثالهم يبقى بدون تعليق
أي معنى يبقى لنجاح سياسة تحصين المجتمع ضد التطرف و العنف ؟ و المتهمون بأعمال إرهابية من التونسيين ينتشرون في كل بقاع العالم حتى لا تكاد محاكمة لهؤلاء تخلو من عناصر تونسية وكل هؤلاء تربوا في محاضن النظام السابع من نوفمبر بعد أن أعلن القضاء على نشاط حركة النهضة ، و عدد التونسيين في غوانتانامو لا يعلم به إلا الله . و ما زاد عن  ذلك من العناصر التي التحقت بالمقاومة العراقية و منهم الذي اتهم بقتل الصحفية أطوار بهجت لا أعتقد أنه يشكل دعما لسياسة البلاد و لكنه البرهان على فشل هذه السياسة التي لا شك أنها أكبر منتج لأنصار الإرهاب و التطرف و العنف ..
و إن كان واضحا  عجز هذه السياسة في منع عملية جربة الشهيرة و هي العملية التي لا يقف وراءها إلا بضعة أنفار كما بين التحقيق ،فهل كان بوسعها أن  تحقق الأمن و الاستقرار لتونس عندما كان آلاف من أنصار حركة النهضة يبحثون لهم عن ملاجئ للفرار بدينهم و الجبهة الغربية لبلادهم تشتعل حربا أهلية و السلاح في متناول  أيديهم ؟؟ .. و في الأخير لنتخيل شعور التونسيين وهم يتابعون مثل ذلك الخطاب الممتلئ اعتزازا وفخر بإنجازات البلاد حقيقة وخيالا وليس في بلادهم حقا  هذا القدر من الهمجية و الاعتداءات و الانتهاكات و التهميش التشريد و الإقصاء ألا يكون ذلك أفضل للبلاد.. و أهلها.. و حكامها ؟؟؟
benalim17@yahoo.fr

 

التباين بين الإسلاميين والعلمانيين في التعامل مع الإسلام(2)

 

       بقلم: علـي شرطــاني

أما الأنظمة الحديثة والتي جعلت من الحداثة شعارا مغريا استقطبت به اهتمام الجماهير المتعطشة إلى الرفاه والتقدم والتطور، والراغبة في امتلاك أسباب القوة والتفوق والمماثلة الحضارية مع الغرب، فإن حكايتها مع الإسلام تتراوح اقترابا وابتعادا واتفاقا واختلافا أكثر مما هي عليه الحال مع الأنظمة التقليدية، وهي ليست في الحقيقة أنظمة حديثة أو أنظمة ومناهج أصيلة مبتكرة لأن القائمين عليها لم يحدثوها وما كانوا يوما قادرين على إحداث شيء في هذا العصر الصهيوني اليهودي الصليبي الذي أصبح فيه هؤلاء الذين اختاروا في النهاية أن يكونوا حداثيين، بعد أن عملوا في ساحات كثيرة ولعقود كثيرة من منطلقات مختلفة وعلى أرضيات مختلفة كذلك، على مواجهة الإسلام عقيدة وشريعة ومنهجا للحياة تحت طائلة العلمانية والتغريب. فها هم اليوم وقد أخذوا يدفعون عن أنفسهم صفة العلمانية والتغريب، ليستبدلوها بشعار الحداثة والتحديث، وكان ذلك شيئا مخالفا، وهو الأخطر في الحقيقة، لأنهم جعلوا لأنفسهم موقعا على الأرضية الإسلامية ليتحقق لهم من الأهداف ما فشلوا في تحقيقه منذ عقود من الزمن مضت على أرضية العلمانية والتغريب « وما نضال الحركات السياسية والنقابية في هذا الإطار » (إطار الدعوة إلى عدم الإلتزام بالأحكام القرآنية التزاما حرفيا) بل وقبول التشريعات الوضعية والعمل بها إلا خير شاهد على أن هؤلاء المفكرين ولئن كانوا مفكرين هامشيين إلى حد ما فذلك لا يعني البتة أنهم منبتون عن بيئتهم الروحية والثقافية رغم قلة عددهم المعبرون على الإسلام الحي في عصرنا » (1)

 

فهم من المحدثين الذين يقول فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد » (2) وفي حديث آخر »… وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة »(3) وهم ليسوا في الحقيقة من الحداثيين والتحديثيين بل هو من الإستنساخيين مع إضافة بعض المساحيق والديكور على ما يستنسخونه ليوهموا الرأي العام وحتى أنفسهم أحيانا أنهم إنما جاؤوا بشيء حديث. والحديث هو في الحقيقة الجديد الذي لا قبل للناس به من قبل. وإذا كان الأمر كذلك فعن أي حديث أو حداثة يتكلم هؤلاء العلمانيون التغريبيون وهم من لم يأت يوما للأمة بجديد، وليس ذلك ممكنا لهم، وإن كل الذي يتحدثون عنه ويمارسونه ويطبقونه من مناهج هو من قبيل البضاعة المستوردة الجاهزة للإستهلاك كغيرها تقريبا من المواد الإستهلاكية التي تلتهمها مجتمعات الإستهلاك التي أحدثتها كل من الأنظمة التقليدية والأنظمة العلمانية التغريبية على حد سواء.

 

إن الأنظمة العلمانية الحديثة ومن حولها طابور الإنتهازيين وعصابات اللصوص وقطاع الطرق وكل فرق المافيا الإقتصادية والسياسية والثقافية والإجتماعية وجماعات الزندقة والفكرية والفنية وحتى الصادقين المستفيدين من الأوضاع المساهمين في إقامتها والمدافعين عنها والمقتنعين بها ويعملون على إقناع الآخرين بها من خلال كل منابر الإعلام المتاحة، والتي لهم عليها السيطرة الكاملة تقريبا. ومن خلال جعل العلمانية أمرا واقعا لا خيار للرأي العام الشعبي في القبول أو الرفض في المشاركة فيه أو المقاطعة له، لم تستطيع أن تعلن علمانية الدولة صريحة بالتنصيص على ذلك في دساتيرها العرفية أو المكتوبة مثلما فعل كمال أتاتورك في تركيا بعد أن استكمل المرحلة الأخيرة من إسقاط « الخلافة » وأعلنها تركية طورانية علمانية، ولكنها اختارت طريق التحايل على الرأي العام الشعبي تجنبا لردة فعله حين يعلم أن هناك من يريد أن ينال من حسه الإسلامي ومن عقيدته الإسلامية ومن انتمائه الإسلامي. ووشحت تلك الدساتير والمواثيق المنظمة للحياة السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية بدبائج وصياغات تقر فيها بإسلامية الدولة وعروبية اللغة في البلاد العربية طبعا. وتكون بذلك قد أمنت غضب الجماهير واستبعدت احتمال ثورتها عليها، وحتى مجرد شعورها ذات يوم بعدم شرعية قيادتها لها بخصوص هذه المسألة البالغة الحساسية، خاصة في المراحل الأكثر قربا من عهود الإحتلال الغربي لبلاد المسلمين قبل أن تتقدم العلمانية الموروث الشرعي للغزاة الصليبيين خطوات نوعية في تبليد الذهن الإسلامي وإضعاف الحس الاسلامي عند أبناء الشعوب الإسلامية والعربية في البلاد  العربية والاسلامية على حد سواء، على اعتبار أن الروح المعنوية المستمدة من الإسلام وحده  في تلك العقود من التاريخ كانت السلاح الأنفذ في مواجهة الغزاة الغربيين. وقد بدأ ذلك كاف لهذا الرأي العام الشعبي المخدوع الجاهل فعلا بحقيقة الإسلام وبحقيقة هذه الأنظمة أن هذه القيادات صادقة في التعامل معه وفي التعاطي مع الإسلام ولغته العربية. ويكون العلمانيون بذلك قد نجحوا في تمرير لعبتهم القذرة مستفيدين من الجهل والخوف والطمع والثقة المودعة فيهم وهم الذين ليسوا في الحقيقة أهلا لها وإقامة واقع حياة علمانية لا يكاد يكون للإسلام المشار إليه عندهم أي تأثير على التفكير والسلوك والنظام العام لحياة الشعوب والنظام الخاص لحياة الأفراد الذي يجب أن يكون في مجمله منضبطا للقوانين والتشريعات والمناهج الوضعية العلمانية المنظمة لكل أنواع ومختلف المناشط اليومية للأفراد والمجموعات، إذا استثنينا بعض المؤسسات والمناشط التي تبدو نشازا داخل المنظومة القانونية المنظمة لها هي نفسها وداخل البرامج التعليمية والإعلامية والإقتصادية والسياسية والثقافية والإجتماعية الجاري بها العمل والسارية المفعول والنافذة في مناشط المجتمع تفكيرا وسلوكا. ووجب أن تكون هذه المؤسسات وهذه المناشط عندهم تنفيذا لتلك الديباجة المزخرفة للبند الأول من الفقرة الأولى من الفصل الأول من الدستور العرفي أو المكتوب عادة. فهم يزعمون أن العناية يجب أن تقع من خلالها بالدين الحنيف على حد قولهم غالبا. وهي التي تأخذ شكل إدارة تهتم بالشؤون الدينية ملحقة بإحدى الوزارات تارة أو تشكل وزارة في البناء الهرمي العام للتركيبة الإدارية لمؤسسات الدولة طورا. فهي تتراوح بين التضخيم والتقزيم بحسب تقلب الأحوال واختلاف موازين القوى.

 

ولكم يكون حرص هذه الأنظمة شديدا على اختيار من يتولون الإشراف عليها وعلى وضع برامجها وعلى متابعة إنفاذها بما يعود بالنفع للأنظمة العلمانية الحديثة الرافعة أو الملوحة بشعارات الديمقراطية والحرية والحداثة والتطور والعدالة الإجتماعية والأصالة وإثبات الهوية الإسلامية إلى ما هنالك من الشعارات المسيلة للعاب الجماهير والبانية عليها أمالا عريضة ولعقود من الزمن لم تزداد فيها أحوالها إلا سوءا. وقد كانت هذه الأنظمة قادرة دوما على إنتاج طائفة من العلماء على الشاكلة التي تريد أن يكون عليها العالم المسلم في نظرها ليكون عالما حقا، وليكون جديرا بحمل هذا الاسم وبإطلاقه عليه. وإذا كان سدنة الأنظمة العلمانية الحديثة المنظرين لها والداعين إليها والمتمسكين بها والمدافعين عنها يصبون عادة جام غضبهم على فقهاء البلاط وأئمة السلطة تاريخيا، ويحملون الإسلام من خلالهم مسؤولية المظالم والجرائم التي يرتكبها الحكام والملوك في حق الشعوب والمخالفين والأحرار، فها هم اليوم يحلون لأنفهم ما يجرمونه على من سواهم ممن سبقهم، وحتى ممن يمكن أن يليهم ويأتي من بعدهم. ويكلفون الأوطان والشعوب من النفقات والأعباء المادية والمالية والبشرية ما لو وقع توجيهه وصرفه إلى مجالات أخرى أكثر نفع لكان خيرا وأجدى.

 

 أرأيت لو أن الإعتمادات المالية التي تهدر في شكل مرتبات للطاقم الديني الرسمي وامتدادته في أرجاء الوطن طولا وعرضا، وتلك التي تبنى بها المساجد الفاخرة الشاسعة وتقع العناية الفائقة أحيانا بتجهيزها،لتكون بعد ذلك وفي فترات طويلة وفي مراحل وقبل بداية الصحوة الإسلامية الحديثة مهجورة أولا يؤمها إلا القليل النادر من بعض الكهول والمسنين، وضعت في مجالات التنمية الفلاحية والصناعية والتجارية وتعزيز البنية التحتية وتوجيه العناية بها للفقراء والمعدمين وفاقدي السند لتمكينهم من حقهم في الشغل والصحة والتعليم والسكن. يقول وزير ما سمي في تونس بوزارة الشؤون الدينية أن  « دعم الدولة لخيار المصالحة الوطنية مع الهوية العربية الإسلامية وذلك من خلال تطور عدد المساجد والجوامع عدديا والتحسين الكيفي لبيوت الله (وصفها الوزير باللؤلؤة) التي تترجمها التجهيزات الحديثة التي أدخلت على المساجد بدءا بالمعمار والزخرف ومرورا بالمكونات الرئيسية ووصولا إلى المكيفات ووسائل التسخين … »(4) وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم « لتزيننها تم لتهجرنها…. » لتكون منابر تقع الدعوة من خلالها للطاغوت والدعاء له وهو يتنكر علانية وصراحة لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وتنصب اللعنة من خلالها على الصادقين من المفكرين والعلماء والدعاة أو على الأقل الأكثر صدقا مع الله ورسوله، مثلما كانت عليه الحال على عهد الإنقلاب الأموي لما استتب الأمر للطلقاء أبناء الطلقاء وأخذوا يسارعون لاعتلاء المنابر لإنزال اللعنة على رابع الخلفاء الراشدين الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه وكرم الله وجهه ومن والاه. ومثلما هي عليه الحال في كثير من البلاد الإسلامية في هذا العصر : يقول جلول الجريبي وزير الشؤون الدينية التونسي »…إن تونس تجاوزت هذه المعضلة (موضوع ما يسمى التطرف الديني) ليس باعتماد تطرف مضاد وإنما عبر خدمة الدين الإسلامي الحنيف … الأمر الذي أغلق الأبواب أمام هذه الجمعيات المتسترة بالدين » ونفى أن تكون ثمة علاقة بين الخطاب الديني والمجال السياسي « (5)

 

وكذلك الأموال الطائلة التي تهدر في بناء المؤسسات اللازمة و حجزها وتسخيرها وجعلها في خدمة هذه المناشط الدينية والتجهيزات اللازمة لذلك، وغير ذلك مما لا تستطيع له حصرا من الإمكانيات والطاقات المهدورة في ما لا يحقق للأوطان المثقلة بالديون والمرتهنة لدى المؤسسات المالية الدولية ولا للشعوب الرازحة تحت نير الفقر والبطالة والجهل والمرض والإستبداد كثير نفع.

 

 أرأيت لو وقع توجيه هذه الإمكانيات الهائلة المرصودة في ما ليس فيه من النفع إلا ما كان تعزيزا لمواقع الظلم والظالمين والإستبداد والمستبدين، إن كان يمكن أن يكون في ذلك نفع، إلى مجالات التنمية الحقيقة التي تتعدد فيها فرص معالجة مشكلة البطالة ببعث المشاريع الصناعية والفلاحية والتجارية المستوعبة لأكثر عدد ممكن من العاطلين عن الشغل، وتعزيز المقدرة الشرائية للفرد، وإضافتها لبعض ما يمكن رصده في كل مرة لمعالجة أزمة السكن وغيرها من المشاريع ذات الصبغة الإجتماعية والبيئية كالمستشفيات والمستوصفات ودور الحضانة والمدارس والحدائق العمومية والمساحات الخضراء. وتوفير المياه الصالحة للشرب والكهرباء وشبكة الصرف الصحي والطرقات والجسور وغير ذلك مما يرتقي بالمستوى الصحي والغذائي والنفسي والفكري للفرد، وما يقلص من حجم المديونية المقدرة بعشرة آلاف مليون دولار لسنة 1990 « (6) أو يزيلها ويعزز المكتسبات الوطنية بما يزيد الأوطان تحررا ومناعة. ولست بذلك ضد بناء المساجد ودور العبادة، ولا ضد العلوم الدينية الإسلامية، ولا ضد هؤلاء العلماء ولا هذا الطاقم الديني الرسمي وإن كان كل ذلك ليس منزلا في إطاره الطبيعي الصحيح. ولكني ضد أن يصبح الإسلام هياكل رسمية على شكل الهياكل الكنيسة ومراتبها الدينية وهي هياكل غريبة عنه ولا يعترف بها، وما وجودها إلا ضمن الفهم العلماني للدين كما فهمه ويفهمه الغرب وليس للإسلام، وكما هي عليه حقيقة المؤسسات الدينية الكنسية الغربية. ولست ضد بذل الأمة من أموالها وإمكانياتها وقدراتها في سبيل دينها، ولكني ضد أن تهدر ثروات الشعوب الإسلامية في الأوطان الإسلامية الخاضعة للأنظمة التقليدية والأنظمة العلمانية سواء، في سبيل الإساءة للإسلام وتدميره بإثقال كواهل شعوب الأمة بنفقات هائلة ليس الغرض منها في الحقيقة إلا توفير الأنظمة لمزيد الضمانات لنفسها. فهي من قبيل الإنفاق الذي تتعزز به قبضت الأنظمة على الشعوب المقهورة، وتحكم به الطوق على الأوطان والشعوب بما لا يبقي مجالا لتحرك الأحرار والغيورين حقيقة على الإسلام والحاملين الحقيقيين لهموم الشعوب والأوطان ومن خلال ذلك لهموم الأمة قاطبة.

 

يبدو أن همة الأنظمة المستبدة لا تتجه إلا إلى تبديد ثروات الشعوب وصرفها في أغلب الأحيان في مصالحها الخاصة نظرا لطبيعتها المادية النفعية المعادية لطموحات الجماهير. وحتى ذلك الذي يتبجحون به من انجازات ومشاريع فلا يعدو في الحقيقة أن يكون الحد الأدنى المطلوب لتدعيم الوجود ولضمان البقاء والإستمرار لنفسها فقط.

 

أفليس من باب أولى وأحرى أن تترك هذه الأنظمة وخاصة الأنظمة العربية منها هذا الدين وشأنه. وإذا كانت الأنظمة التقليدية تعتمد عليه في استمداد وجودها منه أكثر من استمداده من غيره، فإن الأنظمة العلمانية الحديثة إنما تعتمد في الحقيقة في استمداد وجودها من غيره أكثر مما تستمده منه. إي أنها تعتمد في ذلك اعتمادا كليا على الثقافة الغربية ومن كل مكونات الحضارة الغربية بحلوها ومرها، إن كانت قادرة على التفريق بين ما فيها من حلو وما فيها من مر بل إن كانوا يعلمون أو يعترفون أو يحسبون أن فيها ما هو مر ولو وقفوا عند هذا الحد لهان ربما الأمر. بل هم يذهبون إلى أبعد من ذلك، وأنهم ليقلون ويعتبرون أن العقلية السائدة لدى الشعوب الإسلامية والتي هي من رواسب التربية الإسلامية والعقيدة الإسلامية والشريعة الإسلامية والأخلاق الإسلامية على ما عليه هذه الأبعاد من انحرافات وأخطاء في أذهان الكثير من المسلمين قياسا لما هي عليه من صحة ووضوح ونقاء ورفعة وسمو، تأتي على رأس المعيقات التي تؤثر سلبا في البرامج التقدمية التي توضع لتطوير المجتمع ومحاولة إخراج الشعوب من حالة الإنحطاط والتخلف إلى حالة التقدم والترقي. ولذلك كان من الأمانة والصدق والوضوح مع النفس ومع الغير أن تحذوا حذو من تعترهم مثلها الأعلى من الأنظمة الغربية، وأن تلتزم بما التزم به الغربيون من القيم والمبادئ والقوانين والمفاهيم والأساليب والآليات التي استقرت عليها حياة المجتمعات المدنية الغربية، وهي التي حسمت في صراحة ووضوح وجرأة في الدين مطلقا من خلال الكنيسة المسيحية وأخرجته من هياكلها ومؤسساتها ومن مختلف أنظمتها، وتخلصت من تدخل   رموزه في الشأن العام ومن مؤسساته إلا ما كان من محافظة على الوجود والكيان والإستمرار الذاتي بما هو استقلالية تكاد تكون تامة في النشاط والهياكل والتمويل، أو ما كان من تنسيق بين الدولة الغربية الحديثة والكنيسة أو النظام الكنسي المنهار في الحملة الإستعمارية التي قادها النظام الحضاري القيصري الغربي الصليبي الجديد ضد مختلف شعوب الأرض، مع تركيز خاص مازال متواصلا على شعوب المنطقة العربية خاصة، والتي جعل الكثير من قياداتها الكثير منها في ذلك الوقت حليفا له، والشعوب الإسلامية عامة، والتي ربما لعدم عروبتها كانت أكثر وفاء لأعرافها وقومياتها وأوطانها وشعوبها وإسلامها.

 

لقد كانت هذه الأنظمة العلمانية في المنطقة العربية أنظمة هجينة. فلا هي استطاعت أن تحافظ على البناء الهيكلي للإسلام التقليدي، أي للفهم التقليدي للإسلام على ما هو محمول عليه من مآخذ وما انتهى إليه من تخلف، ولا هي استطاعت أن تجتهد في بلورة نظام إسلامي جديد تتحقق من خلاله الملاءمة بين تنزيل الأحكام الشرعية في التصور الجديد لذلك النظام والواقع الجديد المتجدد لتقيم عليه الحياة المعاصرة لشعوب الأمة، ولا هي نجحت فيه في التوفيق بين الأصالة والمعاصرة في غير إلغاء لنصوص الوحي أو تعطيلا لأحكامه وتوفيقا لمواكبة العصر واستيعابا للواقع الحضاري المتطور في غير انسلاخ ولا جمود وتقوقع، ولا هي استطاعت أن تنقل الصورة الكاملة للمناهج والأنظمة والتصورات والآليات الغربية. وما هي بمستطيعة ذلك في الحقيقة لأن هذه المكاسب التي انتهت إليها الشعوب الإفرنجية كانت نتيجة ثورات مختلفة ومتعددة، ونتيجة صراعات مريرة على كل أصعدة ومستويات الحياة امتدت إلى عقود من الزمن، أزهقت فيها الأرواح وأهرقت فيها الدماء وأهدرت فيها الثروات والأموال الطائلة. وتنقلت فيها الجماهير والشعوب من بلاء إلى بلاء. واستمات فيها الأحرار في المطالبة بالحرية وافتكاكها من مغتصبيها منهم، وفي النضال من أجل تحقيق العدل. وفي بذل كل غال ونفيس من أجل المساواة حتى انتهي بها المطاف إلى ما انتهت إليه من حرية وعدل ومساواة ونظم وتشريعات ومناهج وتصورات ورخاء ورفاه وتكديس للثروات ومخابر وأفران وورشات وهياكل وتقنيات ومؤسسات.

 

فأين هذه الأنظمة في المنطقة العربية والعالم الإسلامي بل وحتى هذه الشعوب من كل ذلك ؟ فإن كان ذلك ليس من طبيعة هذه الأنظمة التي هي من طبيعة القائمين عليها، ولا من قناعاتها، وبالتالي ليس ذلك  من قناعات النخب المثقفة ثقافة الغرب وشديدة التأثر به مواصلة الحياة الإسلامية الحقيقية والصحيحة، فإننا نعتبر أن مجرد التزامها بما يلزم أساتذتها وجلاديها أنفسهم به ستجد نفسها على مقربة كبيرة من الإسلام، وستتقلص بذلك حدة الخلاف وينقص التوتر بين طرفي الصراع، العلماني والإسلامي لما في الإسلام من سبق لكثير مما انتهي إليه العقل الغربي والفكر الغربي، ولما في الفكر الغربي من الحكم والحقائق والأفكار التي يقبل بها الإسلام ويجد المسلمون أنفسهم في حاجة إليها، ولما في الإسلام من حكم وحقائق وأفكار وشرائع وأخلاق مازال الفكر الغربي والنظام الغربي في حاجة إليها، وقد يصل إليها في تطوره وقد لا يصل إليها. وبحكم هذا الإضطراب وهذه الإزداوجية التي تقوم عليها هذه الأنظمة الهجينة، جاءت جامعة بين النقيض ونقيضه، ومنتهجة سياسات تلفيقية مضفية عليها طابعا علميا وهميا، وطابعا دينيا خرافيا فولكلوريا، في غير استناد إلى النصوص الشرعية، وفي غير رجوع إلى أهل الذكر والإختصاص الذين أصبح يراد منهم دائما تصريحا أو تلميحا إبداء الموافقة على كل ما يحدثونه من خطوات في كل المجالات وعلى كل الأصعدة، وإظهار الرضى بكل ما يقولون وما يفعلون.

 

إن مثل هؤلاء العلماء الذين يصب عليهم التغريبيون جام غضبهم حين يقرأون التاريخ بعين المقيم الناقد ويحملون أمثالهم مسؤولية مظالم الحكام الذين عاصروهم، ويعتبرونهم متورطون فيها معهم سواء بموافقتهم على ذلك أو بالسكوت عنهم فيها خوفا أو طمعا، وهم الذين يضفون بهم كذلك على أنفسهم شرعية وقداسة ما كانت لتكون لهم بدونهم، وكانت النتيجة أنهم يحرمون على الآخرين ما يحلون لأنفسهم، ويسمحون لأنفسهم بما لا يسمحون به لغيرهم. ولسائل أن يسأل أين العقلانية وأين الموضوعية والعلمية والتجرد والنزاهة في كل ذلك، في عصر أصبح أهله يعتبرون أن هذه الوسائل وهذه المناهج وهذه المقاييس قد أصبحت حكرا عليهم ولم يسبقهم إليها أحد، وهي تمثل قمة التطور الإنساني ؟ذلك أن لهؤلاء « العلماء » عندهم إجلال وتقدير ولكن إلا بقدر ما هم قابلون بأن يكونوا ممثلين لمؤسسة رسمية تنتهك من خلالهم بها الحرمات ويساء إلى عقيدة الإسلام وشريعته. وبذلك فقط هم عندهم من العلماء الإجلاء الذين يفهمون الإسلام فهما صحيحا، ولا ينازعون السياسة أهلها، وينأون بالدين عن كل ما يسيء إليه ويقلل من شأنه ويذهب بقدسيته وصفائه ونقائه وطهارته، ويتركون السياسة للسياسيين والثقافة للمثقفين والإبداع للمبدعين، والحداثة للحداثيين والمعاصرة للمعاصرين والإقتصاد للإقتصاديين « وكل ميسر لما خلق له »، وكل هؤلاء المختصين وأهل الذكر في ميادينهم وفي ما يبدعون فيه وفي ما خلق كل منهم ميسر له من مختلف الإختصاصات لهم أن يفعلوا في الإسلام ويقولوا فيه ما شاءوا ولهم أن يفهموه كما يحلو لهم أن يفهموه وكما قبل أولئك العلماء أن تكون عليه الحال، فضلا على أن يكون لهم رأي في ما زاد على ذلك من الإختصاصات التي يعتبر أنه لا علاقة للإسلام بها، ولا يمكن أن تكون لهم فيها آراء أو مواقف أو إسهامات.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الاسلام والحداثة عبد المجيد الشرفي

(2) البخاري ومسلم

(3) أبو داود والترمذي

(4) الصباح : السبت 9 ديسمبر 2000 . 

(5) الصباح : السبت 9 ديسمبر 2000 .

(6) نشرية ملامح العالم الاقتصادية سنة 1999.

 

                                                                         بقلم: علـي شرطــاني

                                                                              قفصـــــــة

                                                                              تونـــــــس

 


امرأتنا… في الحقل السياسي (3/3)

الجزء الثالث : الأبعـــاد المنسية

د. خالد الطراولي

ktraouli@yahoo.fr

إن الرفق والليونة و التدرج وعدم الحسم الآني أحيانا التي عالج بها النص المقدس والفعل النبوي  قضية المرأة وفعلها السياسي يؤكد على الأبعاد التالية:

1/

أن السياسي في جانبه المقدس بقي خطوطا عريضة ومبادئ سامية ورئيسية، وترك مجال تنزيله إلى اجتهادات الفقيه والعالم من مصلحة وحاجة وضرورة يفرزها الواقع المتغير. وما حوار السقيفة الساخن إلا تأكيد على غياب الحسم وترك المسألة لاجتهاد المجتهدين،وليس دور المرأة في المجال السياسي إلاّ بضع هام وضروري من هذا الاجتهاد.

2/

أن الفعل السياسي للمرأة لا يمكن معالجته بمنحى عن الحالة الاجتماعية والاقتصادية للجماعة، وأن الفضاء السياسي يبقى عنصر تأثير وتأثر بالفضاءات الأخرى. وقد تساءل مالك بنبي منذ ربع قرن »هل يجب نزع الحجاب؟ أو هل يُسوَّغ للمرأة التدخين أو التصويت في الانتخابات؟ أو هل يجب عليها أن تتعلم؟ فينبغي ألا يكون جوابنا عن هذه الأسئلة بدافع مصلحة المرأة وحدها بل بدافع من حاجة المجتمع وتقدمه الحضاري.. إن إعطاء حقوق المرأة على حساب المجتمع معناه تدهور المجتمع.. فالقضية ليست قضية فرد وإنما هي قضية مجتمع »[[1]]. لذا يجب النظر إلى العمل السياسي للمرأة ليس فقط من زاوية الحقوق ولكن أيضا من زاوية المصلحة العامة وفي إطار التكوين المؤسساتي للمجتمع وهذا يبعدنا عن مفهوم المطالبة والصراع بين الجنسين ويقربنا من التصور الإسلامي للمساكنة والعدالة في أوسع مظاهرها ويصبح السياسي حقلا اجتماعيا بالأساس. كما يجعل من مفهوم  » الأمن  » هدفا جوهريا للشريعة حيث تتحقق لجميع أفراده عوامل الاستقرار والطمأنينة ويغدون أجزاءا حيوية في المجتمع. فيصبح من مصلحة المجتمع العليا واستقراره وأمنه وازدهاره مساواة المرأة في الحقل السياسي ناخبة ومنتخبَة.

3/

أن العمل السياسي للمرأة لا يمكن عزله عن وضعيتها كأم وبنت وزوجة وكامرأة تعبر عن مجموع جنس له خاصياته وتطلعاته. ففي كنف هذا المربع، ومع احترام أولي لدورها وحقها وواجبها وقدرتها وكفاءتها فيه، يُفهم المشوار السياسي للمرأة وهو توافق وانسجام تبدأ معالجته وتفهمه في وسط المحيط العائلي (النواة والممتد) ليصل إلى أروقة المجتمع وثناياه. فحمل الهم العام ينطلق من ثنايا البيت الصغير في أم مربية وساعية من أجل توعية أبنائها وتأصيل خدمة المصلحة العامة، إلى المنازل الكبرى للسياسة ومنابرها العامة.

4/

أن النشاط السياسي هو جزء من عبادة الله التي كثيرا ما تغيب عن الذهنية الإسلامية، حيث يغلب الدافع السياسي والهمّ السياسوي والأفق الضيق والحسابات المقيتة في تبنّي رأي أو تقديم حجة. فالسياسة رغم نزعتها أللاّأخلاقية التي أورثها لنا تاريخنا في بعض مراحله الحالكة، والتي زادها الفعل الغربي تقززا واشمئزازا، تبقى مظهرا عبوديا إذا روعيت فيه الأخلاق والقيم الإسلامية والنصوص الصحيحة (سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله ..منهم إمام عادل. وأفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر). فهل يبقى هذا الفضاء رجوليا وتبقى المرأة معزولة عنه؟ وهل من العدل حبسها عن ارتياده وطرق باب العبادة فيه إرضاء لربها وخدمة لمجتمعها؟، ففي عودتها تخليق للسياسة وإعادة الاعتبار لبعدها العبادي.

5/

إن حالات الاعتداء والإعصار التي واجهت الدولة الإسلامية في الكثير من فتراتها أوجب الجهاد الذي هو فرض كفاية عند الجمهور، وقد أوجبوه على المرأة في حالة دخول العدو ديار المسلمين، بل يمكن للمرأة عدم استئذان زوجها فيه. وقد عايشت المرأة المسلمة في العهد النبوي هذه المراحل الصعبة وساهمت حسب قدرتها في التواجد في ساحات الوغى مسعفة ومؤزرة للرجال.

إن الحالة التي يعيشها العالم الإسلامي اليوم من شتات وتخلف يفرض تنزيل مفهوم الجهاد في مستواه  اللاعنفي، فقد دخل الفقر والبؤس والمرض ديار المسلمين واستوطنوها، حيث أصبحت قضية التنمية والنهوض محورا جهاديا يوجب التقاء المرأة والرجل على نفس المستوى في التعبئة والنفير العام في الفضاءات كلها، باعتبار التنمية ظاهرة ومسار متعددا الأبعاد، وما الفضاء السياسي إلا جانب هام ومُكمل لنجاحها أو كسوفها.

6/

إذا كانت البيعة تحمل طابعا عقائديا والتزاما للمبايِع بالشريعة وتوفر شروط العلم والاجتهاد في المبايَع له، فإن الانتخاب يعتبر حالة جديدة أوجدها غياب الخلافة الإسلامية، وهو ما يوجب اجتهادا آخر وميثاقا سياسيا مختلفا يلتزم فيه الرجل والمرأة على السواء وحسب مقتضيات الاستخلاف والمساواة بين الجنسين. 

ختاما :  امرأتنا بين سياسة الظلّ و ضلال السياسة!.

 تبقى امرأتنا تتجاذبها أطراف، بين الظل في حراكه وتبعيته فهي فاعلة نشطة، تابعة لمجتمعها تدور حيث دارت حوائجه ولوازمه، وبين سياسة فهمها أهلها أنها ضالة مُضلة جعلت صوت المرأة منبوذ ورأيها مرفوض، إن استشرتها فخالفها فذلك عين الرشاد، وإن عارضتك فقوّمها فذلك غاية المراد.

إن سياسة الظل رغم إيجابيتها في تفعيل المرأة غير أنها تبقى محدودة، لأنها تفرض تبعية كاملة للرجل و للمجتمع، وهذا إن كان دافعا في حالة ازدهاره فإنه يلغي دورها في حالات الأزمة والانكماش، وهو ما يفسر غيابها المفروض في الفترات المتردية من تاريخ الأمة. ففعالية المرأة يجب أن تكون مبدئية وقائمة آناء الليل الحضاري و في كل أطراف نهاره، وهي أشد وألزم في ساعات العسرة والانهيار. إن الدور السياسي المنشود للمرأة في ظل التخلف والفقر الذان يضربان المجتمعات الإسلامية حاليا يتمثل في أكثر من باب، فمن توعية أسرية وتربية للأجيال، إلى مشاركة سياسية مباشرة، إلى تواجد جمعياتي على مستوى عال.

خوفي أن لا نكون مضطرين إلى كل هذا العناء في البحث الدائم عن التبرير في مجال حقوق المرأة وأدوارها وواجباتها، والأمر يبدو أكثر بداهة وأيسر فهما وتفهما!، وقد صدقت بنت الشاطئ في قولها  » لسنا في  حاجة إلى شئ من هذا التكلف (في التوفيق بين أصول الإسلام ووضع المرأة) إذا صحّ وعينا لشخصية المرأة في الكتاب والسنة وموضعهما في تاريخه « [

[2]]، ولن يكون الحديث متماسكا نقلا وعقلا، وأمينا لهذا المقدّس الذي نحمله إذا غابت المرأة « الإنسان » وحظرت المرأة « الأنثى » وهيمنت.

ـ انتهى ـ

المصدر : موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي

www.liqaa.net


[1] مالك بنبي  » شروط النهضة  » دار القلم دمشق ط4 1987 ص: 125.

[2] وضع المرأة في العالم الإسلامي. بحوث ندوة عقدتها الايسيسكو في القاهرة 19_21 أوت 1991. ص :134.


الشيخ يوسف يفقد صوابه…

  

 
 ابراهيم عبد الصمد   في خطبته المأثورة بجامع عمر بن الخطاب بقطر يوم 3 نوفمبر الجاري كشف الشيخ يوسف القرضاوي زعيم الإخوان ومرشدهم ومرجعيتهم عن جهل مدقع بتونس وشعبها وتفتح رجالها ونساءها والمستوى الثقافي والعلمي لشبابها.. وكان يتصور انه يتحدث عن إحدى إمارات الربع الخالي او إحدى قبائل الجزيرة العربية في العصر الوسيط.. اغتاض الشيخ يوسف وفقد صوابه وارتعدت مفاصله وهو يتحدث عن الخوارق التي صنعها التونسيون في غفلة منه ومن مرجعياته الدينية الشرقية.. ولان يوسف يعتبر نفسه إماما منتظرا وجبت علينا طاعته فقد جعل تونس موضوع خطبته العصماء وكال لشعبها تهم الردة عن الدين والمروق والزندقة وعدم احترام الشرع الإلهي ..وكان الرسول أوصى يوسف هذا  على أمته قبل ان يتوفاه الله… زندقة التونسيين في ذهن الإمام المنتظر انهم  الغوا تعدد الزوجات من قوانينهم دون استشارة يوسف..مروقنا عن الدين ان قانوننا ألغى نهائيا ودون رجعة التلذذ بأربعة نساء وتطليق المرأة بيمين الحرام وكرس المساواة بين الزوجين لحد كبير نعمل على جعله اكبر.. اما الجريمة الكبرى التي اقترفها التونسيون فهي قانون التبني الذي أتنقذ آلاف  الصبيان من الضياع وخلق لهم إمكانية الحياة الكريمة.. كل هذا لا يعجب يوسف الذي شيخه البعض في الشرق وذاع صيته خصوصا عن طريق قنوات النفط… وطبعا  صعب على  يوسف ان يكون الحجاب محل صراع مجتمعي ورفض وقبول بين التونسيين لينتصب في 3 نوفمبر وفي جامع عمر بقطر مكشرا عن انياب زعيم سياسي يتكفن بالدين ليستعمر المجتمع ويعيد لنا امجاد  ابنه الحجاج… نقول فقط للشيخ القرضاوي ان شعبنا بكافة اطيافه كفيل بحل  مشاكله الداخلية ولا ينتظر دروسا…فنحن رفضنا دروس اوروبا والغرب المتمدن والمتحظر والمتقدم ولذلك لن نقبل دروسا من شرق المتوسط حيث  النقاش مازال لم يحسم حول سياقة المراة للسيارة ودخول البنت لمعاهد الرياضة ان وجدت معاهد رياضة اصلا…. ولسنا ندري  لماذا يهتم  يوسف بنا  لحد العشق ويتناسى بل ويشرع وجود الاستعمار العسكري في الجزيرة العربية..هل نسي الشيخ ان قواعد الامريكان على بعد    عشرات الامتار من مقر   قيادته المركزية بالدوحة..ام ان سعر سكوته وصمته على ما يدور هناك  سعر   باهض وبالعملة الصعبة..هل ان قبول قواعد الجيش الامريكي هناك  اقل كفرا وزندقة  ومروقا من قانون الاحوال الشخصية التي اعطى للمراة جزءا من حقوقها وهي تناضل من اجل استكمال نواقص ذلك القانون. وبلادنا التي انجبت حشاد ومحمد علي الحامي والدغباجي والمسعدي وابو القاسم الشابي وبشيرة بن مراد وقلاديس عدة والحبيب بورقيبة ونور الدين بن خذر وغيرهم كثير ..بلادنا هذه عزيزة علينا ولا يمكن ان يجعل منها يوسف القرضاوي سوقا لتجارة الرق السياسي وخطب الردة.


 

مؤتمر دولي للتنفيس على الطّغاة بعنوان السلام؟

حسين المحمدي تونس

فرنسا وايطاليا واسبانيا…والحرية في جنوب المتوسط

.أوروبا وتحديدا فرنسااليمين وأسبانيا اليسار واليمين وايطاليااليسار والوسط واليمن..لا يريدون الحرية جنوب المتوسّط..لا يريدون ذهاب أيّ طاغية..جهرا يتحدّثون عن حلول في الشرق الأوسط وسرا العكس تماما…من اجل مصنع للاسمنت نموت نحن…أو حفنة من رجال المافيا الهاربين في تونس..نموت نحن…أو سيارات شعبية مزرية وبأثمان مرتفعة…نموت نحن…وحديث عن حرية ومدنية..هناك من يجمع بين نفاق المعارضة والسلطة…

.يقولون نفس الأمر في خصوص إسرائيل واليهود..وهذا منذ سنوات وقبل أن يولد بن لادن…

.ليت اليهود عبرالعالم ومسئولوا دولة إسرائيل والفلسطينيون يدركون مرة واحدة أنّ الكل يتاجر بهم وانّ مشاكلهم لن تحل إلا إذا جلسوا مع بعضهم…ليت عقلاء العرب يدركون هذا..بؤر التوتر لن يقل انتشارها وخطرها إلا إذا جلس اليهود والفلسطينيون والأمريكان لوحدهم…وطبعا هذا يكون بقرار إسرائيلي فلسطيني..وحصر الوساطة في الأمريكان حتى تنتفي الحاجة للطغاة…

أن يقول اليهود عبرالعالم..أن يقول الفلسطينيون عبر العالم…لأمريكا…نحن شبعنا موتا..واكتوينا بنار المتاجرة بنا…تعالي فنحن قررنا أن نجلس وان نتحدث في كل شيءوبعيدعن أية وصاية أخرى…يعني هذاالموضوع محرّم على أيّ كان الانشغال به…نفس الأمر للعراقيين…ولا يمكن أن تحل مشكلة العراق إلا من العراقيين والأمريكيين ودون واسطات من أي طرف ومهما كانت نزاهته ذلك أن وضع العراق الحالي فيه كسب لباقي الدكتاتوريات على جميع الواجهات وبالتالي الحل الآني غير مستحب عربيا عكس الكلام مع الأمريكان.وبالنسبة للأمريكان الخروج دون تحقيق نتائج انتحار سياسي وعسكري…المتحاربان وحدهما يقرران..وقرارهما عراق ينطلق من جديد..

مؤتمر دولي للسلام؟أم تنفيسة على الطغاة؟   

      أمثلة حية

.أوروبا تتحدث جهراو توعز للطغاة بالدعوة إلى مؤتمر دولي متوسطي للسلام؟هذا دليل على روح المتاجرة ومحاولة إثبات الذات الاقتصادية لا غير…ونحن نذهب إلى الجحيم…

.إشارات قوية جدا في هذا المعنى أطلقها رئيس إيران نجادي..مرارا..من خلال الحديث عن زوال لإسرائيل برمّتها.وعن محوها من الخريطة.وعن كونها سرطان خبيث…وهو ليس بهذيان ولا بمجرد خطب عاطفية…الرجل عارف بما يقول وبنوعية الحاكم العربي وهزاله ولؤمه…وما جرى ويجري تحت الطاولات…وهو في تقديري ما تفطن له بوش أخيرا…؟

.الرجل درس جيدا العقل العربي خاصة الأجيال الجديدة التي منذ ولدت وكبرت(من له من العمر 60سنة)وجدت الطغيان والفساد والرشوة والمحسوبية من جهة والإسلام السياسي كنتيجة طبيعية لهذا..كما اكتمل لدى هذه الأجيال افتضاح الغرب في ما كان يدّعي من قيم…بل اليوم انظر خطاب المدنيين والعلمانيين والإسلاميين وعبر البلدان العربية..هو نفس المضمون..والحاكم أيضا…

.كل الأفكار والخطب والبلاغات الحزبية والجمعياتية العربية أجمعت مع ضرب أفغانستان على موت بن لادن ثم مع أول ضربة في العراق قيل صدام توفي…بل دار الأنوار التونسية المختصة في شيطنة التونسيين والتونسيات ورجال العالم…قالت قبيل إلقاء القبض على صدام..أن الرجل يتنقل عبر تاكسي ويرتدي ملابس رثة…ويوم القي القبض عليه كان بملابس عين ماوصف لنا صاحب القلم الذي كان انتقل إلى العراق؟يوجد لديّ التحقيق ويوجد لديّ المقال بعد إلقاء القبض على صدام..؟وصحفيوهذه الدار يتلقون دعوات لزيارة الولايات المتحدة على سبابها وأحكامها على كل معارض جدي في تونس؟إلى جانب أن كل الكتابات المحرّضة على الكراهية والتطرّف والأجناس والأديان هي من أقلام حليفة إلى ابعد الحدود للنظام؟والنظام يأتيه خصيصا برودي ليقول لنا نحن هنا؟واتصالات سرية أخرى للتركيح على السلطة؟وتهيئة الأجواء لتمريرما سيكبّلنا لعقود أخرى..

.مثل آخر الحجاب… كنت تحدثت عنه في6جانفي و28جانفي2006…وكان حرفيا ما ورد..

 وليسمح لي رجال النهضة…فهو ليس موجّه إليهم كلامي..بل للسلطة ولمن يحميها..

الحديث عن الحجاب أفضل من الحديث عن الفساد والسجون والرشوةوالتزويرو2009..وكنت بتاريخ 6جانفي2006كتبت عبر تونس نيوزبعنوان حركة الأيدي والعقول النظيفة مايلي حرفيا…

.بالتوازي مع هذاالطرح؟تحرّك وزيرالشؤون الدينية في تونس وهواليوم في السعودية مترئس وفد الحجيج التونسيين؟من النّاحيةالدبلوماسية سيستقبله الملك عبدالله؟ولماذااختارهذاالتوقيت للإدلاء بهكذا تصريح علماوانه غيرجديد بالمرة؟إحياء شبح جعل تونس بين النظام من هناوالنهضة من هناك؟لم نعد بلهاء.هل زوجة وزيرالشؤون الدينيةلا ترتدى الحجاب؟الزي الطائفي؟ وكم من مسئول ترتدي زوجته الزي الطائفي؟ومن كبار الرجال؟يعني الموضوع قديم وأثارته الجزيرة وغيرها..ولم تقطع العلاقات…

فريق بنعلي هدف تذكيربوش بانخراطه في الحرب على الإرهاب؟وتهييج المشاعروالعواطف في محاولةلإخراج رجال التوجهات الدينية حتى البعيدين عن تسييس الدين؟وهكذا يجد وليمة؟بوش تحدث اليوم عن الجزيرة والسلطة أخذت القرار من الغد وكان لا بد من سبب …فكانت كلمة الدكتور المرزوقي…يعني رأيت شخصيا قطع العلاقات منذ 6جانفي2006…

.شبح سنوات 84و85و86و 87 يخيم من جديد وهوأمرطبيعي جدا. فريق هذه السنوات هو عينه من يحكم اليوم مع تقدم في العمرب22سنة؟حامد القروي يعرفه جيدا رجال النهضة؟وعبدا لعزيز بن ضياء والتيجاني الحداد و…هم عينهم قبل7نوفمبر1987وهم اليوم مع الفارق الزمني وما كبّل ويكبّل… رأينا هذا منذ…وقلت بالشهر وبالسنة منذ 6جانفي2006متى سترفع العصا…

الوسيلة هي دفع وزيرالشؤون الدينية-اعتبارا لحساسيةالموضوع-لان يقول ما يثيرالمشاعرفيكون الحديث عن النظام في مسالةالحجاب؟فعلا كان أن طلب الوزير من الحكومة التحرك وفي سبتمبر2006ونحن قلنا حرفيا انه سيطلب الأمر في 6جانفي2006…وهذا منشور للعموم وليس تخيلات…

وإستنتاجي هنا مبني على ماكان يتردّد عندما كان عبدالوهاب عبدالله داخل القصربانه رجل الانغلاق؟هاهوخرج من القصروالأمرازداد سوءا؟المسالة مسالة سيستام وليس شخصا بعينه مثلما هو حال وزيرالشؤون الدينية. ليس الاخزوري بشحمه ولحمه المستهدف بل شخص الوزير.

وشخصياأعرف مباشرة وزيرالشؤون الدينية منذ كان عضوا بهيئة الدفاع عن المستهلك (وشخصي رئيس دائرة بمركزية التجمع مكلف بالعلاقات مع المنظمات والجمعيات سنة1995 وقبلها منذ1992زمنها كنت كاتبا عاما للجنة تنسيق بنعروس..وهو من سكان الزهراء؟) ولا يمكن أن تكون أبدا أفكاره تلك؟وقولها يضاعف من المسئولية عليه.وربّماهكذا طلب منه يهدف إخراجه من الوزارة إذ جرت العادة أن يخرج الوزير بمصيبة حتى لا يفتح فمه؟

.النظام يرتعد عند حديثنا حول النظافة وتحويل فكرة الحديث عن الرشوةوالفسادوالتزوير من مجرد كتابات ونقاشات وإفادات إلى تيارسياسي حقيقي يواجه العفن ويجعل من كل قضية فساد وتزوير برنامج عمل وحلقة تكمّل أخرى وموضوع يكمّل آخر…صدق هذا مع كلمة الدكتور المرزوقي اواخراكتوبر2006…ربنا أنعمت فزد…هذا وشخصي كما يقولون محاصر ومعزول…لهذا الحصار…

النظام يحلم بخروج النهضة وغيرها.ولو كان يمكنه تمريرعمليات ماعلى غرارالتي وقعت قبيل7 نوفمبر وخلال 90لفعلها.النظام برمته لا يمكنه العيش لمدة وجيزة أخرى إلا من خلال صناعةعدوّا وهميا تحاربه النوعية التي عادت مؤخّراالى شعب وجامعات الحزب الحاكم والشيوعية المنكسرة وأخرى من هناوهناك أعماهاالعطش المالي والأخلاقي…وصاحب المنحة يوثّق ولا يرحم ولا ينسى..هذا كان يوم 6جانفي2006…انظروا اليوم ماذا يجري…وبالتحديدمع منتصف2007وقلت هذاعبرتونس نيوز بتاريخ 28جانفي2006…

الشجاعة وحدها تخرجنا مما نحن فيه

.إذا تواصلت الثنائية من هنا إلى ملايين السنوات ستكون أوضاعنا ذاتها.طيب لتكن لدينا الشجاعة فنخرج من هذه الأشباح المقيتة.وأقول هنا وأعيد القول أن التخويف من الإسلام السياسي بدعة.

الإسلام السياسي لا يخيف بتاتا عندما تخرج الانتخابات من دائرة وزارة الداخلية وعندما تولد الأحزاب الحقيقية والجمعيات الحقيقية وعندما لا يكون البوليس من يصنع الأحزاب والمستقلين.

الإسلام السياسي اليوم في تونس سيكون وطنيا وجميل لدى رجال السلطةعندما يقبل بالمساهمة في إعادة إنتاج7نوفمبرجديد يحافظ على القروي وبن ضياء والحداد و…ودون هذافهو مجرم ونحن معه يعني فركيشة جديدة تأتي براس جديدوهذاالجديد يبتلع الحيويةالمدنيةوالتغييرالذي يحقق التداول..  وهكذا تعود تونس إلى نفس الشبح…وهذا ليس بكلام…

.العالم العربي اليوم ينمو فيه وبه المد الاسلامي.والغرب يحارب الإرهاب.يعني حلقة مفرغة.من هنا واحد يحكم ويخسر يوميا المواطن الفرد ومن هناك إسلام يربح.الحل؟الليبرالية عبر العالم العربي تخرج كل حين من التاريخ..

فرنسا وايطاليا واسبانيا…تعقد الصفقات…وإيران تكسب العقول..

.نجادي انطلق من هذه النتيجة.ومن انتشار الإسلام السياسي والذي من أهدافه تحرير القدس..

كما انطلق من عوامل ومعطيات وحقائق على الأرض تقول بان الإسلام السياسي هو صاحب الريادة والزعامة بعد طغيان رجال السلطة العرب لمدة لا تقل عن 60سنة وبحليف من استنجاب الغرب..

دليل عملي على منتوج عقلية الصفقات وعلى استفادة رجال الإسلام..ونيقروبونتي اليوم في إسرائيل؟

.نأخذ الحلفاء العرب المجاورين لإسرائيل بعد 60سنة من لؤمهم وفسادهم وتربيت الغرب على أكتافهم ..مصر أنتج الإخوان..إذن مستقبل إسرائيل القريب مهدد..

 الأردن الملكية أنتجت الإخوان..إذن مستقبل إسرائيل مهدد..لبنان الديمقراطي والمتمدن وصاحب الطوائف المتعددة يحكمه حزب الله..وهذا خطر على إسرائيل…سورياالمتمردة؟أنتجت إخوان  وإخوان…والحليفة لإيران…هذا خطر على إسرائيل..هذا فقط في دول المحيط…وهكذا في كل الدول العربية الأخرى.أليس فشل رهيب لحيف جثم منذ60سنة؟الحل؟حروب في كل دولة عربية يقودها رجال الطغيان؟هذا لب الشرق الأوسط الجديد..موقع الطغيان مستقبلا…

وهذا ما جعل نجادي يستخلص أن إسرائيل إلى الزوال..والعيب ليس فيه هنا.ولا في رجال الحركات الإسلامية..وجدواالفراغ فزحفوا..وسيزحفون اكثرطالماان الغرب يفلس ومع الإفلاس يمسك بالفساد…الطبيعة تأبى الفراغ…وأحسن مثال هناهو حزب الله…كيف تمكن في ظرف وجيز من ان يصبح على ماهوعليه من قوة.

واهم عوامل انتشاره إيمان رجاله برسالتهم وبالمحافطة على المال.وهذان العنصران يغيبان عن عن رجال اليسار والأحزاب الحاكمة…همّ هؤلاء المال والسلطة واللّهو والصّياح غدا..زحف الإسلام السياسي…الزبالةلا تنتج وردا..كما أن لرجال الإسلام الجوامع والمساجد..ففي تونس هذا العدد يتجاوز بكثير مقرات الحزب الحاكم وكل ما يقال عنها مقرات لأحزاب..ونفس الأمر في مصر ما يفوق10الاف ؟اللعبة غير متعادلة على كل المستويات…

هنا كيف ستكون المعادلة؟هناالغرب الذي يقال انه يدعم الأحزاب الليبرالية(مثلما تدعم ايران والسعودية وكل دول الخليج الاحزاب والتيارات الإسلامية وهو مشروع.ليست تهمة)ماذا فعل؟

مرتب لهذا وذاك؟النتيجة صفر بعد60سنة وسيظل الصفر يتضخّم وينتفخ ومهما فعل فهو صفر هنا كانت كتاباتي…وهنا كان هميّ..ولكن…عندما تتعادل الأمور يزول الخوف..ويكون التنافس السياسي الحقيقي.أماوالحالةعلى ماهي عليه فنفس الأشباح ستتواصل..إفلاس من الحاكم ومن منتوجه..مقابلهمااسلام يتعملق…وهذا من حقوق مناضليه..وهكذا حلقة مفرغة..

.باقي الدول العربية وبدون استثناء…الإسلام السياسي ينمو ويكبر…إذا من الطبيعي أن يقول نجادي كلامه ورجليه على الأرض..

.وسط هذاالانتشار للإسلام السياسي تتحدث أوروبا عن معتدلين وعن مؤتمر دولي للسلام؟وهذا وصف للأوضاع كما هي وليس حكمة من عندي.إذن أي سلام؟وأي قصد من مطلقي هذه الحكمة؟

وأي قيم أوروبية زرعت في تونس منذ 1957؟

المقصود بالمؤتمر الدولي؟

 أولا

.محاربةالإرهاب أساسيةفي آسياوأوروباودول الشرق الأوسط بهدف استبعاد ما أمكن من مكبلات عملية السلام.لكن ما نراه بعد 5سنوات غير مشجع.الطغيان هو الاعتدال؟الحرب على من إذن؟

ثانيا

القرار في النهاية لا يوجد لدى الدول المتوسطية ولا فرنسا ولا ايطاليا ولا أسبانيا ولا من هو من حولهم من تحالفات مصلحية ظرفية لا غير’ولا حتى داخل اسرئيل لوحدها’بل عند يهود أمريكا.

وبالتالي ملهاة ومضيعة للوقت…

ثالثا

أمريكاوبعيد عن الشطحات والمباريات الإعلانية والإعلامية والخطابية لمن له انتخابات على غرار فرنسا أو لرجال السلطة من العرب الغائبين تماما عن العالم(البحث عن فتحات)ستترك لإسرائيل وحدها حرية القراءة والتعريف للدعوة والحكم عليها…

رابعا

المؤتمرهوبكل المعاني’من وجهة نظري’الدعوةإليه والتي تأتي مباشرة بعد أن حزم رجال السلطة امتعتهم وذهبوا إلى مجلس الأمن لمناقشة موضوع فلسطين هو في تقديري إسفاف دبلوماسي ومتاجرة رخيصة جدا بالدم…وهو كشف لأمريكا عن نوعية حليفها’دون أن يعي الحليف هذا’ وبالتحديد لبوش(وحدث هذا ايضا زمن ريغن)انه العقبة الكبرى وهو الحاجز العدائي الذي لا يرد لأوروبا دورا ولا للسوفيات عودة إلى الشرق الأوسط؟وهو من همّش المعتدلين العرب؟وكان هذا زمن الانتخابات النصفية..يعني انتهازية منقطعة النظير…هؤلاء هم المعتدلون والأوروبيون دعنا من إيران وحماس وحزب الله…إنها الأمية السياسية العربية واكبر مستفيد بوش والاسرائليين وهذا سيخدمه انتخابيا إلى ابعد المجالات…الحاكم العربي لم يفرق بعد بين خصوصيات المعارك الانتخابية الأمريكية الداخلية…وبين الموقف المبدئي للناخب الأمريكي منا ومن قضايانا ومن كيفية وزمن طرحها وأين وعلى من؟

خامسا

هذاالرأي والتخمّر العربي(الموصى بها…)قاصر وقصيرلانّ مثل هذا الطّرح يعني أنّ الحاكم العربي بعدأن استنفذزرع الخراب داخل كل دولة عربية’هاهو يبحث في إعادة الفوضى وإحلال الخراب(نقل بضاعته)إلى الشرق الأوسط؟

سادسا

ألا يعني هذاالغباء الدبلوماسي والدعائي أنّ الحاكم العربي لم يعد بالحليف الجيد للأمريكان؟ألا يعني هذاأن إسرائيل هي الحليف الوحيد لأمريكا؟

سابعا

هذاالتلوّن الحرباوي عند رجال السلطة من العرب وعند أحزابهم ومعارضيهم هو ما جعل حكم الأمريكي ليس لصالح العرب..وهو في تقديري الخاص ما يعني أن الراي العام الأمريكي قدلا يعشق إسرائيل ولكنه بالتأكيد لا يأبه بنا ولن يعطي أيّ وزن للعراق ولا لأيّ مكان آخر…تأثير الوضع في العراق لن يكون له يوم الاقتراع ما نراه من تهويل..لا يوجد خوف واحد حقيقي يستفز الناخب..

هناك الإرهاب..ها هو رئيسه والجندي الأمريكي والعقول القانونية الأمريكية تحارب مجتمعة لحماية ما أمكن أمريكا…الأمور الكبيرة تركتها ل2008.

 أختم…نموذج من حلفاء أمريكا واليهود؟لااستشهد بإيران ولا بسوريا..سلطة برمتها…

 وأضيف تدعيمالهذه الاستنتاجات…أنّ السلام عقليةونهج واليات وجديد يختلف عن 1991و1993

.بقول احدالكتاب انه زارالاتحادالسوفييتي سنة1965وحدّثه..شوان لاي..عن النمر الأمريكي المصنوع من ورق(..)وذلك حرفيا بما يلي…

     -…هذه أمريكا مجرد نمرمن ورق.وقد يكون صعبا على أية دولة في العالم أن تصرع أمريكا أو تغلبها في حرب عالمية.ولكن أمريكا في النهاية ستغلب نفسها بنفسها عندما يبدأ السوس ينخرفي عودها من الداخل.

وعندما يصاب المجتمع الأمريكي بالفساد والانحلال وعدما تضيع العائلة الأمريكية في دخان المخدرات وعندما ينسى الأمريكي كلّ شيء إلا نفسه وجيبه…

ويضيف الكاتب انه تذكّرهذاالكلام سنة1986 وهو يزورواشنطن..ورأى صدق هذاالكلام..كماأورد استغراب شخصية أردنية(لا فائدة من ذكراسمها لان هذارأيها..)القائل…أليس ممّا يدعو إلى الحزن والألم بل والى اليأس والمرارة أن تبقى مثل هذه الدولة هي الحليفة لأكثر من 15دولة عربية؟وان تصبح وحدها هي القوة التي تحمي التيجان المهتزة وتضمن الاستقرار الضائع…

   .هذا الكلام لشوان لاي سنة 1965وضعه رجال السلطة في تونس(هم من حلفاء اليهود والأمريكان ومن رموز الاعتدال ومن العاملين للسلام و…) حرفياكمقرر تربوي لأولاد تونس منذ2001؟

ورغم كتاباتي حوله مرارا منذ2004وحديث عبدالعزيز بن ضياء ومهني وجل الوزوراء والمسئولين في القصروالدولة والحزب الحاكم في يوم العلم الماضي(جويلية2006) على تغييرات تمسّ المقررات…فانّ كتاب النصوص حافظ على المقرر..وهو مقرر من مقررات أخرى…نوردها زمنا آخر…وكلامي من جديد عن المقرريقول بمن هم رجال السلام والإرهاب؟ومن هو في نظرهم السفير الأمريكي وكل من هو من حوله في تونس؟مثلما هو الحال لبوش ولمساعديه وأي مسئول أمريكي تطأأقدامه هذه البلاد...؟

.وكلام شوان لاي سنة1965اخذه عن نيتشة حرفيا…

وعباقرة سلطتنا مثلهم  نيتشةفي نهاية2006؟

.يقول نيتشة وكأنه يصف مدينة نيويرك أو لنقل حالة أمريكا برمتها..أنّ التفتت والانحلال هما طابع هذاالزمن.وكذلك الجهل والمجهول.ولا إنسان قادر على أن يقف بمفرده فوق قدميه أو يستند إلى قوة عقيدته.والناس تعيش من اجل غدها فقط.لأنها تخشى ما بعد الغد.والجليد الذي نقف فوقه ويسندنا أصبح رفيعا كالخيط..وكلنا نشعر بالهواءالساخن من ريح مسمومة تلفح وجوهنا..ومازلنا نسير..وغدا لن يقوى احد منا على المضي في السير…

.ومقرر حامد القروي وعبدالعزيز بن ضياء وعياض الودرني(وزير تربية سنة2000)ووزير التربية الحالي وكل من تداول على الوزارة منذ7نوفمبر1987الاغر والذي جاء بأصدقاء اليهود وأمريكا ورجال حقوق الإنسان والأحزاب السياسيةالتي تنادي بالمجتمع المدني(حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ..)والديوان السياسي للحزب الحاكم منذ تحديدا2001…

المقرر التربوي

…عين السائح غير عين المقيم حتى في أمريكا.فبعد بضعةاشهر من إقامتك في إحدى مدنها أو أريافها تبدألتكتشف عيوبها وبشاعتها.

فمسيح أمريكا أتعس مسيح في العالم.بل ابعد مسيح عن المسيح في التاريخ والجغرافيا.لم يبق مسيح أمريكا سيرة إلهية أو حتى مثالا إنسانيا متالّها.صار علامة من العلامات التجارية التي يسوّق لها على الشاشة الصغيرة بين ألف كنيسة وكنيسة أو قل ألف متجر وآخر.

.وكما ترتكب جميع الخطايا باسم المسيحية في الولايات المتحدة الأمريكية.كذلك ترتكب جميع الآثام باسم الديمقراطية والحرية.أنت حر أخلاقيا حتى الوقوع في اللااخلاق وحرّ جنسيا حتى التقاط مرض الإيدز.وحرّ اجتماعيا حتى السقوط في أخطار المخدرات المميتة(في تونس من هم رجال المخدرات؟من يحميهم؟كم هي أموالهم؟من الإيطاليين الهاربين من بلادهم هل يوجد بتونس وفي الأحياء الراقية؟وفي ضيافة من؟وسنة1997كم من شخصية تورطت وماذا وقع وعلى من حكم؟..لهذا ولغيره الطليان يحمي الفساد في تونس…كما رأينا ابن باسكوا…وغيره من رجال اليمين الفرنسي..ويتكلمون عن السلام بعقلية الطغيان وتبييض الأموال…).ولكنك في المقابل لست كائنا سياسيا حراإذلا يمكنك أن تدين الحرب في زمن الحرب.(نحن في تونس يمكننا محاكمة رجال المخدرات والنهب؟)

.الأمريكيون الجدد أبناء جيل لا يعرف معنى العائلة وتضامنها مفككون مبعثرون بين أم ثانية أو أب ثان أو إخوة وأخوات من أم أخرى ومن أب آخر.

هذا التفتت داخل العائلة الأمريكية الواحدةيحمل في طياتها بذارالتقهقرلأمريكا من حيث تدري أو لا تدري…

ورد النص في مقال لي

.في السابق أوردت هذا النص.وقلت لاحقا اذكر من أين اخذ.هل يمكن تصوّر سلطة تونس(بنعلي لا يدرك هذا واجزم انه لم يسمع بهذا وان سمع فعلى طريقة القروي وبن ضياء والودرني…)

المتيمة بحب اليهود والحليفة التاريخية لأمريكا أن يكون رائدها في التدريس لناشئتها شوان لاي؟أو نيتشة؟ماذا تركنا لإيران وسوريا وليبيا والسودان وحماس وحزب الله والجهاد وبن لادن وغيرها من حركات القوة والتطرف؟

.هذه عينات صغيرة من أخرى أهم.وهذه ليست مقالات صحفية.بل رسميات ولعقود من الزمن باعتبارها ربت وتربي أجيالا…

أتمنى أن يأخذ أي باحث محايد ما كتبت وتكتب الصريح منذ وجودها وتحديدا منذ أن جاء نجادي..نعم .سترون المهدية والمهدي وغمزات شيعية…هنا لا ننسى أن بن ضياء قال خلال الجامعة الصيفية في الحمامات.. بالحرام.بالحرام.بالحرام.الشيعة ستأكلنا؟هو كان قصده أن يخرج هذا الكلام لا غير؟

لأنه ببساطة في الحكم؟نحن ننقد أو نشتكي..أما أنت في الحكم…ذهن سياسي تراهن عليه فرنسا…

أنت تركت الفراغ فجاء من ملاه وتريدنا اليوم ان نتحارب مع رجاله من اجل ماذا؟من اجل الفساد؟

ابحث عن أغبياء في غير هذه الدّيار…أمس عبر افتعال هذه المعارك أزحتم بورقيبة ورأينا بعد19 سنة من عهدك الزاهر ما قتلنا…البشر يضحي من اجل القيم..دلونا على قيمة واحدة..

.تونس رأينا يوم الاثنين31اكتوبر2006كيف تألق منتخب كرة اليد.وكيف جرى الاحتفال به؟وكيف حاولت السلطة توظيف ذلك؟أليس أهلا للحكم الرشيد والتداول السلمي على السلطة هذا التونسي الذي به نحتفل جميعا؟في الرياضة متفوق وفي الانتخاب لا يعرف مصلحته؟لماذا عندما يهاجر التونسي يبدع؟لأنه يستنشق نسمات الحرية..ورأينا نسمات الحرية ما فعل بها وسام حمام وبوسنينة وعصام تاج و…وقبلهم صبحي صيود…

أليس هذا صدمة وصفعة لكل من أهان ويهين تونس واعتبار رجالها  حزمة من التخلف؟

.في الختام أتمنى أن يذهب كل تونسي وتونسية وكل باحث إلى مقارنة هذا مع ما ورد في كلمة بنعلي التي ألقاها حامدالقروي يوم 3نوفمبر2006 وخطاب 7نوفمبر2006لنقف عند نقيض هذا الكلام…

…وجميعنا في حاجة إلى تربية ناشئتنا على فضيلة الحوار والتعرف على حقيقة الآخر والتعايش معه؟وحديث حول التطرف والإرهاب؟وجعل السلام بندا قارا في عمل الأحزاب؟يعني كلام وإعلان للتسويق الخارجي لتكتب صحفا في العالم…ويذهب بعض التافهين بهذا إلى جهات غربية حماية للسلطة من الحرية؟…يفعل الجاهل بنفسه…وانصح الرئيس بنعلي بعدم قراءة أي كلمة مكتوبة…

والانتباه إلى ما يقدم إليه عند استقباله هذا الوزير وذاك أو غيره وعند إشرافه على هذا المجلس الوزاري وذاك وما يخرج لاحقا في شكل بيان…إنها تتكرر وكل ما نشر موجود…وحيث هناك الأرشيف فلا يمكن القول بان الغير يكذب..

حسين المحمدي تونس

7نوفمبر2006.

_mhamdi@yahoo.fr


بسم الله الرحمان الرحيم

و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين

                                                                                                                                                 تونس في 11/11/2006 

  بقلم محمد العروسي الهاني

  مناضل دستوري

  كاتب عام جمعية الوفاء

 

الرسالة رقم 163 على موقع الحرية تونس نيوز الديمقراطي الذي لا يخضع للتعليمات

الحلقة الثانية 

إلى عناية السيد وزير الشؤون الإجتماعية و التضامن و العملة بالخارج حول طرح المشاغل الاجتماعية

بعد الحديث في الحلقة الأولى على وضع العائلات المعوزة و الإشارة إلى المنحة العائلية نتحدث اليوم على المحاور التالية.

المحور الثالث : الخصم من جراية التقاعد

 

إنّ المتقاعد عمل طيلة 35 سنة أو أكثر و احيانا 40 عاما و كامل فترة العمل و النشاط يخصم عليه من الجراية للضريبة الشخصية و بعد الإحالة على المعاش هؤلاء الشيوخ الكرام الذين غرسوا الشجرة و لقموها و خدموها و إعتنوا بها حتى أثمرت و ضحوا عندما كانوا يناضلون من أجل إسترجاع الأرض و عمروها و غرسوها و جاء اليوم من جنى الثمار…

على الاقل في هذه المرحلة هؤلاء الشيوخ الأكارم يجدون الراحة و المتعة كغيرهم من المتقاعدين الاجانب بلدانهم و حكوماتهم و المجتمع المدني و المنظمات تهتم بهذه الشريحة و ينظمون لهم الرحلات لزيارة العالم و التمتع عند كبرهم و يعفون من الخصم من الضريبة الشخصية أو يدفعون شىء قليل

نقترح أن يكون الخصم في بلادنا  لا يتجاوز 5 بالمائة على أقصى تقدير مع إعفاء الشريحة التي دخلها أقل من 250 دينار في الشهر أي معدل 3 آلاف دينار سنويا تعفى من الآداء و ما فوق ذلك يخصم عليه 5 بالمائة عوضا عن 10 بالمائة حاليا . نرجوا الحرص على هذا الموضوع و إبلاغه لرئيس الدولة بأمانة و صدق كما قسمتم على القرآن الكريم في يوم التسمية في خطة الوزير و الله الهادي إلى سواء السبيل و أنّ منحة البنزين للمباشرين و التي تصل إلى 800 لترة في الشهر لبعض المسؤولين حتى في صحف التجمع يمكن أن تغطي نصف الخصم على المتقاعدين أو منحة المعوزين فضلا على السيارات الإدارية التي تصل إلى 3 سيارات على ذمة المسؤول  تتجول حتى في الشطوط ربما هي مستحقة للإستحمام و هذا قلته في الرسائل المشار إليها بكل شجاعة و إقدام و بحرية و صراحة المناضل الغيور على مصلحة البلاد و بعضنا من المناضلين لا يملك دراجة عادية.

أما المحور الرابع: فهو يهم السكن الاجتماعي و القروض المتعلقة بالسكن.

لا يخفاكم سيدي الوزير العارف بوضع السكن الاجتماعي و قد أشرفتم سنوات في عهد حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة على حظوظ قطاع السكن بالشركة العقارية للبلاد التونسية طيلة أعوام و كنتم تشرفون على الإدارة الخاصة بالبيع و بقيتم سنوات في صلب الشركة و لكم خبرة و معرفة و إطلاع على الوضع السكني و قطاع السكن بصفة عامة و الأثمان و الاشغال و ثمن التكلفة و كل ما يتعلق بموضوع السكن و في تلك الفترة كنت أتردد على الشركة لإنجاز مشاريع سكنية لفائدة موظفي و أعوان و إطارات و الصحافيين بشعبة الصحافة الحزبية و قد ربطت علاقات مع كافة الأخوة العاملين بالشركة بفضل الدعم الموصول من قبل الحزب و السيد و زير الإسكان و الاشغال العمومية السيد لسعد بن عصمان و مدير الحزب الأخ محمد الصياح و خلال الفترة تعرفت عليكم و كان التعاون مثمر للغاية … و بعد فتح هذا القوس أعود للحديث عن موضوع السكن الاجتماعي فقد فكرت الحكومة آنذاك بعث الشركة الوطنية للنهوض بالسكن الإجتماعي لفائدة العمال الأجراء و كانت الاثمان مقبولة و معقولة و في متناول العمال و الأجراء ذات الدخل المتواضع الأجر الأدنى المضمون مرتين و المسكن الضحوي بحوالي 4000 آلاف دينار و الشقة بنحو ستة آلاف دينار و الفائض على القروض المخصصة للأجراء بـ3 بالمائة بإعتبار دخل الأجراء الذين دخلهم الأجر الأدنى المضمون مرتين هذا عام 1973 إلى 1983 ثم ارتفع ثمن المسكن الضحوي إلى 7 آلاف دينار و كامل فترة سياسة الوزير الأول المرحوم الهادي نويرة رحمه الله ثم ارتفع الثمن في عام 1983 إلى قرابة 70 بالمائة من الثمن المعمول به في عهد حكومة الهادي نويرة و في عام 1994 تطور الثمن إلى 17 ألف دينار أي 150 بالمائة على عام 1984 و في عام 2004 أصبح المسكن الضحوي بـ37 ألف دينار أي تطور إلى 120 بالمائة على عام 1994 و الشقة من 6 آلاف دينار إلى 60 ألف دينار أي تطور الثمن 10 مرات على عام 1984 فهل الاجور و المرتبات تطورت 10 مرات من عام 1984 إلى اليوم و هل بقت أسعار المواد الغذائية على مستوى 1984 أم إرتفعت 10 مرات و الملاحظ أنّ الدينار كان يعادل دولار و نصف و اليوم الدولار يساوي دينار و نصف و المقترح و المطلوب الضغط على اسعار تكلفة المسكن الضحوي و الشقق الشعبية مع المحافظة على أن يكون الفائض لشريحة الأجراء لا يتجاوز 3 بالمائة.

المحور الخامس : القروض المسندة من طرف الصناديق الاجتماعية لشراء الأراضي الصالحة للسكن أو شراء المساكن القديمة أو للبناء الحديث هذه القروض تسند بفائض 8 فاصل 25 مثل قروض بنك الإسكان أو 7 فاصل 25 و لأإجراء بفائض 5 بالمائة من طرف بنك الإسكان و المقترح أن تسند قروض الصناديق الاجتماعية بفائض لا يتجاوز 3 بالمائة سواء لشراء الأرض المعدّة للسكنى أو البناء و لا يعقل أن يرهق العامل الأجير بالفائض المعمول به حاليا حيث أنّ العامل أو الموظف متواضع الدخل الذي يقترض لشراء الأرض و البناء مبلغ 20 الف دينار بعد 10 أعوام أو 15 عاما يرجع حوالي 30 ألف دينار أي زيادة بـ50 بالمائة أما البنوك حدث و لا حرج

المحور السادس : صندوق النفقة

هذا الصندوق اثقل كاهل الصناديق الإجتماعية و المتقاعدين و المساهمين بأموالهم في الصناديق فلا يعقل أن تموّل الصناديق الاجتماعية نفقات المفارقات و المطلقات نتيجة عدم إلتزامات أزواجهم قبل الفراق و لا بد من وضع حدّ لهذا النزيف المادي و بذلك تعود النسبة للمتقاعدين الأجراء خاصة المنتمين لصندوق الضمان الاجتماعي حتى يتمتعوا بالزيادة كاملة كما هو الشأن لزملائهم المنظوين في الصندوق الوطني للتقاعد و الحيطة الاجتماعية.

نرجو الحرص على إدخال هذه الملاحظات و المقترحات ضمن الإصلاحات الجديدة للوضع الإجتماعي الذي يعتزم سيادة الرئيس إدخالها في الذكرى العشرين إذا أطال الله في أعمارنا.

و للحديث بقية

قال الله تعالى :  و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون على المنكر و أولائك هم المفلحون صدق الله العظيم.

ملاحظة : هناك مواضيع أخرى سأخصص لها مقالا آخر بحول الله تخص الشؤون الإجتماعية.

مداخلات الاخ فاضل الحميدي المحامي عضو اللجنة المركزية للتجمع قلتم في ردكم أنها مضحكة فما قولكم بمقالاتي المبكية

  

  بقلم محمد العروسي الهاني

   مناضل دستوري

 كاتب عام جمعية الوفاء

الجوال 22.022.354

 

 


 

 

**اصدارات**

تسريب الرمل: الخطاب السلفي في الفضائيات العربية لخميس الخياطي

بقلم: سفينة

 

هل قتلوا فينا حياتنا وجمّدوا عقولنا..؟

 

صدر أخيرا عن دار سحر للنشر كتاب تسريب الرمل: الخطاب السلفي في الفضائيات العربية للناقد والاعلامي خميس الخياطي الذي تمتد تجربته الاعلامية على مدى أكثر من ثلاثة عقود من الزمن فبعد أن أتم دراسته الجامعية في فرنسا في اختصاصي علم الاجتماع والأدب العربي عمل لفترة طويلة في الحقل الاعلامي بإذاعتي France culture و RF1 والقناة التلفزية FR3 كما كان عضوا في هيئة تحرير ـ اليوم السابع ـ وبنقابة نقاد السينما بفرنسا وفي لجنة اختيار الأفلام لأسبوع النقاد بمهرجان كان… إلى جانب عديد المهام الاعلامية والنقدية والمؤلفات والدراسات باللغتين العربية والفرنسية في المجال السمعي البصري…

 

 

تسريب الرمل أو الخطاب السلفي للفضائيات العربية الذي تولى التقديم له المسرحي الفاضل الجعايبي وقدم له الاستاذ عادل الحاج سالم هو بمثابة ـ قراءة في حاضرنا التلفزي والسمعي ـ بصري لكنها قراءة متفاعلة مع الحاضر العربي في مختلف مظاهره، وهي إذ ترتكز على المرئي لا تغفل الفكري ولا السياسي حتى لا تسقط في فخ السهولة وهي إذ تحفّز في القارئ عينا ثالثة تجعله يرى في مرئية ما لم يألف رؤيته، فإنها تخاطب عقله أيضا بمساءلته عن قضايا عصره وأمته: قضايا الحرية وحق الاختلاف وحقوق الانسان على حد قول الأستاذ الحاج سالم.

 

هذا وقد نشرت أغلبية مواد هذا الكتاب في صيغتها الأصلية بصحيفة « القدس العربي » وقد قام المؤلف بمراجعتها وتوليفها بعد تحيينها بعديد الهوامش بالاشارة إلى مدوناتها وكشف مرجعياتها مساهمة في استكشاف بعض معالم المشهد الاعلامي الفضائي العربي اليوم مع التركيز على مضمون الرسائل التلفزية والكيفية الشكلية التي قد يلتقطها المتلقي العربي في خارطة الفضائيات العربية، وهي نصوص قائمة على العين الثالثة تلك العين التي لا تنساق وراء بهرج المؤثرات الخاصة ولا بريق الهدايا ولا خلفيات المواضيع المطروحة باسم المرجع الديني الأساسي (الاسلام) فهي عين ناقدة يقوم نقدها على المعرفة والتمييز ولا يلغي متعة المشاهدة ولا يشي الذوق ولا يسطّح المعرفة أو يسلّم بالبديهيات هي عين محدقة، كما كتب ميشال فوكو لا تتورع عن تسمية الأشياء بمسمياتها والاشارة إلى ما تراه من الوهن في الطرح أو العرض، من منطلق الرأي الحر هذا إلى جانب الرمل الذي تسرّبه بعض القوى السلفية المتطرفة إلى عقلية الانسان العربي كبديل للكائن السياسي المتشبث بالسلطة في أوطاننا رغم اخفاقه في تحقيق التوازن المعيشي والاكتفاء الاقتصادي والنهضة الفكرية ولم يؤسس المواطنة وللديمقراطية مما جعل الخطاب السلفي يعرض نفسه كبديل حتمي لهذا الوضع المأزوم وهو ما أوجد بعض الصدى لدى بعض الشرائح التي فقدت الثقة في حكوماتها وفي مثقفيها وحتى في مخزونها الذاتي وراء ـ سراب الصحاري ـ غير أن هذا الخلاف الاتصالي البراق لا يخفيان جوهره كبديل توتاليتاري ينشر ثقافة محنطة ويقوّض الرأي المخالف ويحبس نبض الحياة في شبكة من المحرمات ترعب الانسان العربي لتدجن عقله الذي هو الحضانة الأولى والأخيرة التي نمتلك لنكون من أبناء هذا العالم بدونه يستمر الاستبداد باسم شرعية الفكر الخرافي.

 

كما خاض الخياطي أيضا في كتابه هذا في المشهد الاعلامي الوطني خاصة مع انطلاق بعض القنوات الاذاعية والتلفزية الخاصة التي جاءت بعد عقود لتغير من جوهر الفضاء السمعي البصري التونسي هذا مع الكشف على مظاهر الوهن في هذا القطاع الاعلامي ـ السمعي والمرئي الخاص الجديد الذي لم يكن بمنأى عن نواقص المشهد الاعلامي العمومي الذي يكتفي بالسائد والتقليل أن أمكن من مواطن الوهن لتأمين البث لا غير بحسب رئيس سابق للمؤسسة وعارف بدواليبها هذا إلى جانب أن مؤسسة الاذاعة والتلفزة قد ألفت الأزمات المالية إلى حد أنها لا تقدر في بعض الأحيان على صرف رواتب موظفيها في مواعيدها لتلجأ إلى استلافها من مؤسسات عمومية أخرى هذا مع غياب تصور مستقبلي وسياسة انتاجية مدروسة قبل انطلاق كل شبكة وكذلك في عدم التقيد بالموازنة إذ أن عديد البرامج يتم الشروع في انجازها دونه النظر إلى تكاليفها وقابلية الموازنة لتحققها…

 

تسريب الرمل أو الخطاب السلفي في الفضائيات العربية أثر على درجة كبرى من الأهمية جدير بالمتابعة والاهتمام وبمزيد الدرس والتحليل لأهمية طرحه لمسألة هامة أهمية حضورها في الفكر والمجتمع العربي وهي مسألة الاعلام المرئي العربي الذي وجب دق ناقوس الانذار تجاهه قبل فوات الأوان.

 

(المصدر: صحيفة « الوحدة » الأسبوعية، العدد 523 بتاريخ 11 نوفمبر 2006)


 

أحزاب آخر زمان غير ايديولوجية

عادل القادري

 

حين نفقد الإيمان بالعقل والمنطق تسقط السماء على رؤوسنا وتختلط علينا السبل ويصيبنا الحول فنرى اليمين يسارا وقد يتجرأ اليميني على اليميني ويعارضه بشدة ليأخذ مكانه ولكنه يبقى يمينيا.

أحد أبرز المعارضين التونسيين ( الحقيقيين ) أراد أخيرا أن يحسم الموقف نظريا وينهي الجدل ويعطي الملامح الأساسية المميزة لهوية حزبه وهو على أبواب مؤتمر. فتقدم وتأخر ثم رفع صوته الديمقراطي التقدمي عاليا ليجزم بأنه يقف في نفس الموقع السياسي مع الحزب الحاكم وأطلق على هذا الموقع المشترك صفة ( يسار وسط ) ضاربا عرض الحائط كل اتهاماته الصاخبة لبعض المعارضين الآخرين بقرب مواقفهم المعلنة من السلطة . وقد تبيّن من زواج ( ميزاته الأربع ) ـ وأجملها الانفتاح الاقتصادي التام أو الموت الزؤام ـ أنه أقربهم جميعا من السلطة في مستوى البرامج. وهذه في الحقيقة ليست مفاجأة ولا مفارقة لمن يدرك بأن الشتائم و روح الزعامة الشخصية و المزايدات والمناورات والتحالفات السياسوية لا تصنع حزبا معارضا أصيلا ولا برنامجا بديلا ولا مستقبلا مغايرا.

 

و لا يمكن لذلك الزعيم الديمقراطي أن يعترض بالقول إنه يقصد الموقع الايديولوجي ما دام قد استحضر كل ما في جعبته من نظريات وأفكار ليثبت أن حزبه بلا منظومة أفكار وليس حزبا ايديولوجيا بل حزب برامج له طبيعة سياسية ( كذا) !! وهذا أيضا ما نستمع إليه في السنوات الأخيرة من منظري الحزب الحاكم عندنا وقد ألفوا فيه الكتب. وهم يريدون أن يقولوا بطريقة مهذبة أنهم انزاحوا من يسار الوسط إلى يمين الوسط و هذا في حد ذاته ليس جرما لأن التمييز بين اليمين واليسار لا علاقة له بالتمييز الأخلاقي القديم بين الخير والشر كما أن الإيمان بالتقدم ليس حكرا على اليسار وقد كان من الأفضل الإعلان عنه بوضوح. ولكننا نعلم أن من أوجه التمايز الشكلية بين اليمين واليسار أن أهل اليسار يعلنون بافتخار واعتزاز عن انتمائهم إلى اليسار أما أهل اليمين فيتحرجون كثيرا قبل الاعتراف بانتمائهم إلى اليمين وقد يرفضون أصلا هذا التقسيم الثنائي المهيكل لأي خارطة سياسية و الوظيفي للفهم والتحليل والتقييم وقبل ذلك للتأطير الحزبي والتلاحم النضالي وتشكيل الرأي العام وعقد التحالفات .

 

ولعلمنا القيم والمبادئ ثابتة أما البرامج السياسية فمتحولة ومتغيرة. وكذلك البراغماتية التي لم يتم النطق باسمها ـ وربما تكون الأنسب للعرض الباهر و الصحن التونسي المختلط الذي تم تقديمه ـ فهي أيضا فلسفة سياسية وايديولوجيا معروفة الموطن والمنشأ .

 

والغريب أن يعود منظرنا الكبير ليعلن أن حزبه لا يشكو من أزمة هوية بل ينبني على (فكر سياسي مميز وفعال). وكيف يتناسب هذا الفكر السياسي المميز والفعال مع إيمانه بموت الايديولوجيا بدعوى أن الايديولوجيا تساوي الشيوعية والشيوعية تساوي الاشتراكية وجميعها دفنت تحت حائط برلين. وهذه معادلة مركبة كاذبة تاريخيا وساقطة فكريا وسياسيا وهي مما تحكى لحفاري القبور، لأنها من الأساطير الرأسمالية التي يرويها عبيد الواقع على إيقاع القنابل الحارقة والرساميل والاتصالات الخارقة للدول الوطنية منذ تسعينات القرن الفارط. و ليس سرا أن الليبراليين والمحافظين الجدد هم الذين يروجون هذه الإشاعة السوداء (أي موت الايديولوجيا ) وهي عبارة عن ايديولوجيا الموت ولهم مصلحة في ذلك .

 

فأي مصلحة في بلد صغير لحزب معارض صغير ـ ليس في السلطة وإكراهاتها الدولية ـ أن يتبنى معهم بالتوازي الأدنى تلك الرؤية الأحادية الملساء الشمولية و أن يتحدث بمنطق الحكام الذين ألمّوا من كل شيء بطرف، اللهم إلا إذا كان يتخيل أنه أصبح مؤثرا فعلا وقريبا جدا من الوصول إلى السلطة وعليه أن يعدّ العدة لحركة برتقالية نعرف جميعا من يشرب عصيرها في الأخير معرضا عن أحد أهم أوجه المعركة السياسية وهو الصراع الايديولوجي . ولماذا يجهد نفسه بعد أن حرق ورقته الايديولوجية كي يجد له موقعا مميزا على الخارطة السياسية التونسية التي غطاها بالورود من كل جانب ( مع الاعتذار لظلام هيجل وبقراته) رغم تأكيده أن حزبه المائع فكريا والمتعدد المصادر بلا مكان محدد . ثم يزعم بعد ذلك كله أنه يمثل ( يسار الوسط ) وصوت المعارضة الصالحة غير الطالحة.

 

وهذه قصة أخرى لا بد أن نعود إليها لاحقا بأكثر تفصيل لأنها تعنينا ولا تعنيه .

 

(المصدر: صحيفة « الوحدة » الأسبوعية، العدد 523 بتاريخ 11 نوفمبر 2006)


 

بعد 20 سنة

ميثاق وطني جديد ؟

بقلم امحمد الجعايبي

 

الخطاب الذي ألقاه الرئيس بمناسبة الذكرى التاسعة عشر للسابع من نوفمبر 1987 جاء بعدد هام من الإصلاحات والقرارات الجديدة التي من شأنها أن تعزز « الجبهة الداخلية » وأن تدفع من جديد الحوار الوطني.

 

رئيس الدولة أراد أن يؤكد « أن خيار التعددية خيار لا رجعة فيه وان الأحزاب السياسية في الحكم وفي المعارضة هي أطراف المعادلة الديمقراطية والتنافس النزيه ولا بد لها أن تكون في مستوى من الفاعلية يخول لها الاضطلاع بأدوارها على أفضل الوجوه ». ولقد بين الرئيس بن علي أنه يعتبر أن حركية المنظمات الوطنية ومختلف مكونات النسيج الجمعياتي هي « مؤشر صحة للمجتمع » ويمثل « عامل توازن وتفاعل بين مختلف مكوناته » مانحا للمجتمع المدني « دورا أساسيا في معاضدة جهود الدولة » و »دورا مهما في النقد والتصويب وتوسيع مجال المشاركة في الحياة العامة ».

 

وقد أعلن رئيس الجمهورية أنه سيغتنم في العام القادم فرصة عشرينية السابع من نوفمبر « لمزيد التأمل في مسيرتنا والتخطيط لمستقبل أجيالنا القادمة » مذكرا أنه جمع إثر التغيير السياسي سنة 1987 الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والحساسيات الفكرية لوضع « ميثاقا وطنيا مشتركا نعمل بقيمه ونتمسك بمبادئه ». قال الرئيس بن علي « فإنني اليوم بعد قرابة عشرين سنة من الانجازات والمكاسب والنجاحات أدعو في إطار مبادئ الدستور وقيم الجمهورية الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والحساسيات الفكرية إلى تعميق التأمل في حاضرنا وتوجهات مستقبل بلادنا ومدنا بآرائها ومقترحاتها لنستأنس بها بمناسبة احتفالاتنا القادمة بالعيد العشرين للتحول ». وأضاف رئيس الدولة أن « تفعيل الحوار الوطني ودعم المجتمع المدني وتطوير دور الأحزاب السياسية لا يتوفر إلا في ظل إعلام حر نزيه قادر على النقد والتقويم والمساءلة » وقد دعا الصحافيين « إلى مزيد من الجرأة » وإلى التحلي بأخلاقيات المهنة و »السعي إلى تكريس النقد النزيه وكسب مواقع أكثر تقدما على الساحة الإعلامية الإقليمية والخارجية في عصر العولمة وغزو وسائل الاتصال الحديثة ».

 

ولهذا الغرض دعا رئيس الجمهورية الصحافة وأجهزة الإعلام إلى »مزيد التفاعل مع مشاغل المواطنين والتعبير عن تطلعاتهم في كنف مراعاة أخلاقيات المهنة والحوار المسؤول ».

 

وقد أكد حرصه على مزيد تعزيز آليات حماية حقوق الإنسان، وصرح الرئيس بقراره دعم صلاحيات الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية « بتمكينها من قبول العرائض والشكايات الصادرة عن المواطنين » و »تمكين رئيس الهيئة من القيام دون سابق إعلام بزيارات إلى المؤسسات السجنية والإصلاحية ومراكز الاحتفاظ والهياكل المعنية بذوي الاحتياجات الخصوصية ورفع تقاريره حول نتائجها ». كما سيتم تكليف رئيس الهيئة العليا من قبل رئيس الجمهورية بالقيام كلما دعا الأمر، بمهام بحث وتقص للحقائق في مسائل وأوضاع تتصل بحقوق الإنسان والحريات الأساسية.

 

صحيح أن بذكره للميثاق الوطني لم يتعرض رئيس الجمهورية حرفيا لاحتمال تكرار الحقبة الهامة من الحوار الوطني والوفاق التي عقبت التغيير السياسي لسنة 1987 ولكنه يجب الإشارة على أن دعوة الرئيس للتفكير والنقد والاقتراح تمثل بلا شك دعوة إلى تعهد جماعي جديد مدعو لوضع ركائز مرحلة جديدة في البناء الوطني.

 

وبين الرئيس أن « تحقيق طموحات شعبنا ورفع التحديات المرتقبة يقتضيان تعبئة كل القدرات والطاقات وتعميق وعي التونسيين والتونسيات بواجباتهم الوطنية للمشاركة في تنمية البلاد والتقدم بها والحفاظ على أمنها واستقرارها ومكاسبها بكل إخلاص في مناخ يميزه السلوك الديمقراطي والقيم الحضارية الراقية ». أليست هذه أركان مشروع مجند فعلا شبيه بـ »ميثاق وطني جديد ».

 

ثم إن إطلاق سراح 55 سجين من الحركة الإسلامية المحظورة النهضة » والتطورات التي يشهدها الحوار والمبادرات في داخل مختلف الأحزاب السياسية والمنظمات منها خاصة المركزية النقابية للشغالين ومنظمة الأعراف اللتان ستعقدان مؤتمريهما، تمثل ظروف سانحة لانطلاق نقاش واسع دون استثناء في اتجاه هذا الميثاق الجديد من أجل التنمية والديمقراطية والمواطنة في سبيل رخاء تونس وإشعاعها.

 

(المصدر: صحيفة « الجريدة » الالكترونية، العدد 48 بتاريخ 11 نوفمبر 2006)


قمة بكين تعزز حضور الصين في إفريقيا

توفيق المديني* انتهت قمة بكين، التي لا سابق لها بين الصين وإفريقيا، إذ تأمل الصين أن تقدم نفسها على أنها الشريك الصادق للبلدان الإفريقية الفقيرة، في خضم جدل في نيات العملاق الآسيوي للوصول إلى الموارد الطبيعية والحلفاء السياسيين في منطقة تضم دولاً لديها سجل سيئ في مجال حقوق الإنسان. وستقدم الصين نحو عشرة مليارات دولار في شكل قروض وائتمانات لإفريقيا وإعفاءات جمركية خلال السنوات الثلاث المقبلة، وستزيد المساعدات إلى الضعفين بحلول عام 2009. يذكر أن التجارة بين الصين وإفريقيا ارتفعت إلى نحو 50 مليار دولار هذا العام من 11 مليار دولار عام 2001.
العلاقات الحقيقية جاءت منذ تأسيس الصين الشعبية بقيادة الزعيم الراحل ماوتسي تونغ في عام 1949. ومنذ ذلك التاريخ ما انفكت العلاقات الصينية ــ الإفريقية تتعمق في شكل كبير.
في زمن الحرب الباردة حين كان الصراع الدولي محتدماً على إفريقيا، كان دور الصين الشيوعية في إفريقيا مُحَجّماً، بسبب تأييد واشنطن والأنظمة الإفريقية التي تدور في فلكها للصين الوطنية التي انتقلت إلى تايوان الحالية. ومع بداية السبعينيات من القرن الماضي، عملت الصين على تقديم نفسها إلى شعوب بلدان العالم الثالث بوصفها حلقة مهمة في النضال لمقاومة الاستعمار والهيمنة ونموذجاً لقدرة حركة تحريرية شعبية على تأكيد الهوية الوطنية والاستقلال.
وفيما كان الاتحاد السوفياتي سابقاً يقدم الدعم لحركات التحرر الوطني في القارة الإفريقية، كانت الصين تدعم حركات وطنية أخرى، ولا سيما في جنوب إفريقيا وزيمبابوي ومناطق إفريقية لا تتبنّى الإيديولوجيا السوفياتية، وترفض سياسة الهيمنة، التي تعني في القاموس الصيني آنذاك، رفض سياسة النظام الدولي الثنائي القطبية، باعتباره نظام هيمنة مضاد لمصالح الشعوب النامية.
في العقد الأخير من القرن العشرين، وبعد انتقال الصين إلى ما يشبه النظام الرأسمالي في الاقتصاد والانفتاح الكبير على العالم، تخلت الصين عن سياسة إقامة المشروعات الكبيرة في إفريقيا، وأصبحت تركّز على العلاقات التجارية. ولذلك شهدت الصادرات الصينية إلى إفريقيا طفرة قوية في السنوات الأخيرة. فكان الحجم الإجمالي للتجارة البينية الصينية ــ الإفريقية في عام 2000 حوالى 10،6 مليار دولار، وقفز في عام 2002 إلى نحو 12،39 مليار دولار، ثم بلغ 13،4 مليار دولار في عام 2003، إلا أن هذا الحجم شهد طفرة قوية في عام 2004، إذ بلغ نحو 29،46 مليار دولار بنسبة زيادة بلغت 58،9% عن العام السابق.
لا جدال في قوة الصعود الصيني: فما بين عامي 2002 و2003، ازدادت التجارة الصينية ــ الإفريقية بنحو 50% و60% في العام اللاحق. فقامت الصين في الفترة من منتصف عام 2004 إلى أيار 2005 بتقديم مساعدات مالية لنحو 46 دولة إفريقية، تقدر قيمتها بنحو 1,690 مليار دولار، بزيادة بلغت 167 مليون دولار عن العام السابق، لتنفيذ مشروعات تعاون تكنولوجي في 27 دولة، وتقديم سلع وبضائع لنحو 26 دولة إفريقية. وأبرمت الصين عقود إقراض مع أربع دول إفريقية بإجمالي 1،458 مليار دولار لتنفيذ مشروعات في مجالات: رصف الطرق، وبناء المدارس، والمستشفيات، والرعاية الاجتماعية، ومحطات المياه والصرف الصحي في المناطق الريفية النائية، وذلك بفائدة سنوية لا تزيد على 1،5% مع سماح عشر سنوات لهذه الدول لتسديد هذه القروض.
إفريقيا الوسطى وإفريقيا الغربية تقدمان مثالاً حياً على التغيير الحاصل. فقبل بضع سنوات كانت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا تقفان خلف فرنسا، وكانوا الممونين الأوائل لبلدان المنطقة. بيد أنه في عام 2003، تجاوزتهما الصين وظلت فرنسا في المقدمة، لكن لا مؤشر إلى أنها ستظل تحافظ على مركزها. ويلخص نائب وزير الخارجية الأميركي للشؤون الإفريقية وولتر كاسبتنر لصحيفة وول ستريت «الوجود الصيني انفجر بكل بساطة». وفي نيجيريا، يشارك الصينيون في التنقيب عن النفط على طول الساحل بقيمة ملياري دولار. وفي موريتانيا يجري أيضاً التنقيب عن النفط… وفي السودان يديرون مصنعاً للبتروكيمياويات.
وأحياناً تأخذ الصين مكان الدول الغربية بعد حصول أزمة كما هي الحال في زيمبابوي في عام 2002 عندما بادر الزعيم روبرت موغابي إلى القيام بإصلاح زراعي شامل لإعادة توزيع الأراضي الزراعية على السود، بعد طرد البيض منها. فعندما أقرت الدول الغربية عقوبات على نظام موغابي، ظهر الصينيون في العاصمة هاراري ومعهم المشاريع المتعددة. وبعد أربع سنوات: النتائج تتحدث عن نفسها، الصينيون موجودون في قطاعات المناجم والنقل وإنتاج الكهرباء وتوزيعها والاتصالات. وتجسيداً لهذه العلاقات فقد أُقيم خط جوي مباشر بين العاصمتين.
في أثيوبيا، السيناريو مشابه. فبعد نهاية الحرب بين أثيوبيا وإريتريا في عام 1990، فرّ الأنكلوساكسونيون من البلاد، وحلّ الصينيون محلهم. وكانت النتيجة تقديم قروض، وإرساء تعاون. واحتلت الصين مركزاً مهماً في اقتصاد أثيوبيا، سواء في صناعة الأدوية، أو التنقيب عن النفط، أو بناء الأوتوسترادات. وفرضت الشركات الصينية نفسها في أديس أبابا، إذ تم بناء أكبر ســــــفـــــارة صينية في القارة الإفريقية.
الصين تريد أن تنقب عن النفط الإفريقي من الغابون إلى موريتانيا مروراً بأنغولا ونيجيريا لتغذية نموها الاقتصادي. ومنذ سنوات أصبحت الصين المستورد الأول للنفط السوداني، والأمر عينه بالنسبة إلى النفط الأنغولي. وتستورد الصين ما يقارب 30% من حاجياتها النفطية من إفريقيا وهذا ما يجعلها ربما في تصادم مع الولايات المتحدة الأميركية، التي تريد أيضاً تقليص تبعيتها لنفط الشرق الأوسط، والتي أصبحت ترى في النفط الإفريقي بديلاً منه، ولا سيما نفط نيجيريا وأنغولا مروراً بغينيا الاستوائية وهي مناطق استراتيجية غنية بالنفط.
الحضور الصيني أصبح مقلقاً للقوى الغربية، لأنه لم يعد مقتصراً على شراء المواد الأولية أو تزوّد النفط، بل إن الشركات الصينية دخلت حلبة المنافسة الدولية مع الشركات الغربية، وبدأت تفوز بعروض قوية.
*كاتب تونسي المصدر: صحيفة الأخبار اللبنانية  العدد ٧٤ الخميس ٩ تشرين الثاني) http://www.al-akhbar.com/

 

 

تجربة تعايش حزبين في حكم أميركا أصعب من مثيلتها في فرنسا

تونس – رشيد خشانة       كـتب هذا المقال في ضوء حوارات بالأقمار الاصطناعية مع محللين أميركيين في واشـنـطن نـظـمـهـا الـمـركز الإعلامي الأميركي في تونس بمشاركة أربعة إعلاميين.   يصف خبراء أميركيون العام الحالي بكونه «عام الرغبة الجامحة» إذ يتزامن مع مرور ست سنوات على إدارة الرئيس بوش الابن، ويتيح للناخبين التعبير عن ضجرهم من آثار سياسته الخارجية في منتصف الولاية الثانية، وهو يُقارن بما جرى في العام 1958 عندما خسر الجمهوريون 48 مقعداً في مجلس النواب و13 مقعداً في مجلس الشيوخ، بعد ست سنوات من فوز مرشحهم دوايت أيزنهاور بالرئاسة. ويمكن الإشارة أيضاً إلى خسارة مماثلة للديموقراطيين في العام 1966 بعد ست سنوات على فوز الرئيس جون كينيدي، وأخرى للجمهوريين في العامين 1974 و1986. لكن المحررة في «تقرير كوك السياسي» جينيفر دافي رأت أن الحال الاستثنائية الوحيدة كانت في العام 1998 عندما كسب الديموقراطيون مقاعد في الكونغرس في منتصف ولاية الرئيس كلينتون الثانية.   عنصر حاسم   غير أن المحللين الأميركيين يركزون على السياسة الداخلية ويعتبرونها أهم عنصر في تحديد مواقف الناخبين، فعلى رغم التزامن المدروس بين الانتخابات الأميركية النصفية وإصدار الحكم بإعدام صدام حسين استبعد كثير من المحللين أن يحصد الجمهوريون تفوقاً كبيراً على منافسيهم الديموقراطيين من تلك الحيلة الدعائية.   وطبقاً للخريطة التقليدية للناخبين الأميركيين يشكل ثلث الأصوات القاعدة الأساسية للحزب الجمهوري والثلث الآخر قاعدة الديموقراطي، أما الثلث المتبقي فموزع بين جناح قريب من الجمهوريين وآخر أميل الى الديموقراطيين وثالث متردد هو الذي يحسم عملياً مصير الانتخابات. وهذا معناه أن 10 في المئة فقط من الهيئة الناخبة هي التي تحدد مصير المنافسة الانتخابية. ورأت نانسي رومان المحللة في مجلس العلاقات الخارجية أن غالبية الانتخابات التي تجرى في منتصف الولاية الرئاسية تركز على القضايا المحلية مثل فرص العمل والضرائب والتأمين على المرض والتعليم وحال الطرق السريعة، إلا أنها أكدت أن قضايا السياسة الخارجية ألقت بظلالها على انتخابات الكونغرس الأخيرة في صورة أكبر من أي وقت مضى، وتحديداً منذ حرب فيتنام في نهاية الستينات ومطلع السبعينات من القرن الماضي.   ومعروف أن الكونغرس مؤلف من غرفتين إذ يضم مجلس النواب 435 نائباً في ما يشتمل مجلس الشيوخ على مئة مقعد فقط (بحساب مقعدين لكل ولاية بغض النظر عن عدد السكان). وطاولت الانتخابات النصفية ثلث تلك المقاعد أي 33 مقعداً. ويتم تجديد ثلث مجلس الشيوخ كل سنتين ما يعني أن العضو يبقى في مقعده ست سنوات وأن المجلس يتجدد بالكامل في فترة مساوية.   وفي مجلس النواب شملت الانتخابات جميع المقاعد (435 مقعداً). ورأى المحلل ستيفن رودي إيكوفتش المدرس في جامعتي كاليفورنيا وباريس أن مناطق التماس الساخنة بين الحزبين تقتصر على خمس ولايات أهمها ميسوري ونيوجيرسي وتينيسي. ومع فوز الديموقراطيين بالأكثرية تنتقل أميركا إلى حال تعايش بين أكثرية رئاسية بأيدي الجمهوريين وأكثرية برلمانية يسيطر عليها الديموقراطيون، أسوة بتجربة التعايش الفرنسية السابقة بين رئاسة اشتراكية في عهد ميتران وغالبية يمينية (ديغولية) في البرلمان بزعامة شيراك.   واعتبر إيكوفتش أن السيناريو الفرنسي صعب التحقيق في أميركا لثلاثة أسباب رئيسة، أولها أن النظام الأميركي رئاسي إذ يستطيع الرئيس أن يستمر بالحكم حتى في ظل وجود غالبية معارضة له، وثانيها أن مشاغل المواطن الأميركي لصيقة بحياته اليومية وليس بالسياسة الدولية. وطالما أن الانتخابات تجرى في دورة واحدة وأن الاقتراع يتم على المقاعد وليس على لوائح فإن الحصول على أكبر عدد من الأصوات يؤدي الى الفوز بأكبر عدد من المقاعد.   ويتفق محللون على أن القضايا المحلية هي العنصر الحاسم في قرار الناخب الأميركي قبل القضايا الدولية، بما في ذلك التذمر الحالي المتزايد من التورط الأميركي في العراق. ويعترف المحللون بأن الرأي العام الأميركي بات مرهقاً من الحرب في العراق وأفغانستان في ظل سوء إدارة الرئيس بوش الابن، واستثمر الديموقراطيون هذا التقصير جيداً في حملاتهم، لكنهم لم يعطوا بديلاً يحدد طريق الخروج من الورطة مع محافظة الجيش الأميركي على ماء الوجه. وفي هذا الإطار أكدت المحللة ميشال أوستاين أن تأثير القضايا الخارجية في مجريات الانتخابات يبقى ثانوياً، عدا حال واحدة هي عندما يكون البلد في حرب مع بلد آخر. وهنا لا يتردد ستيفن إيكوفتش عن اعتبار أميركا اليوم غارقة في حربين استنزافيتين في العراق وأفغانستان.   ويعتقد محللون أن الجمهوريين تفوقوا في ثلاثة أمور يعتبرها المواطن الأميركي أساسية هي ضمان التطبيب والمحافظة على نسق النمو والسيطرة على البطالة، غير أنهم رأوا أن قضايا من نوع تمويل صناديق الضمان الاجتماعي والهجرة التي اعتمد في شأنها بوش الابن مواقف مرنة لم تعد تتمتع بدعم حزبه. وعلى هذا الأساس توقعت نانسي رومان قبل الانتخابات أن يلجأ الناخبون الأميركيون إلى فرض ضوابط على الرئيس الجمهوري بوش بجعل الديموقراطيين غالبية. وهناك سابقة في هذا المجال عندما سعى الناخبون لكبح الرئيس الديموقراطي كلينتون في انتخابات العام 1994 فانتُخب أعضاء جمهوريون ليكرسوا السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ للمرة الأولى منذ العام 1954. غير أن رومان لا تتوقع أن يكون لنتائج الانتخابات الحالية وقع كبير على السياسة الخارجية خلال العامين المقبلين.   وفي كل الأحوال فإن نتائج الانتخابات ستؤثر في الانتخابات الرئاسية بعد سنتين، وهي ظاهرة معروفة تقليدياً في الولايات المتحدة.   (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 11 نوفمبر 2006)


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.