TUNISNEWS
5 ème année, N° 1502 du 30.06.2004
الاستاذ عبد الوهاب معطر : النيابة عن : علي الصغيّر بن جفال السعيدي
الموقف: حوادث الطرقات من المسؤول ؟
حسونة المصباحي: مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في تونس – صيف تونسي ساخن أكثر من العادة سفيان الشورابي: إنتخابات 2004 بين المشاركة و المقاطعة حبيب بن أحمد: حدث وحديث : حتى لا نغمط حق جنود الخفاء د.خالد الطراولي: حتى لا نقف عند « ويل للمصلين » – كلمات عتاب للأخ سامي بن غربية
الصباح: في منتدى الفكر المعاصر بزغوان (1-2) : بورقيبة… المجتمع التونسي… الهوية والدين.. محور مداخلات علمية
Voix Libre: Viol et agression d’un prisonnier politique en tunisie
AFP: La reprise de l’économie tunisienne se confirme en 2004, selon le FMI
AFP: Vingt et un millions de maghrébins regardent les chaînes françaisesYahyaoui Mokhtar : Le CPR se tremperait-il d’adversaire ?? Chokri Hamrouni: Si Mokhtar Yahyaoui : à cœur ouvertHouweida Taha: Le président Moubarak à Nile TV : » je suis vivant et .. pas vivant «
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows). |
VIOL ET AGRESSION D’UN PRISONNIER POLITIQUE EN TUNISIE
Pétition
ARSOVIE (AFP) – 18/05/2004 22h17 – L’Institut international de la presse (IPI) a conclu son Congrès annuel mardi à Varsovie en dénonçant vigoureusement les atteintes à la liberté d’informer en Tunisie. L’IPI, qui défend la liberté de presse à travers le monde, a par ailleurs constaté durant ses débats une totale mise sous tutelle des médias de ce pays par la dictature de ben Ali et la répression féroce des quelques journalistes qui tentent de rester indépendants. . Dans une autre résolution, l’IPI demande l’annulation du deuxième Sommet mondial sur la société de l’information prévu en novembre 2005 en Tunisie si ce pays, qui continue à emprisonner, exiler, torturer ses journalistes et tous ceux qui prétendent à la liberté et la démocratie, ne démontre pas son respect pour la liberté de presse et d’_expression et de toutes les libertés citoyennes. Nous citoyens tunisiens libres, nous demandons l’annulation de ce sommet qui servirait les intérêts et les objectifs de propagande et de désinformation de la dictature et de son horrible système répressif , liberticide et tortionnaire.
Pour signer la pétition, envoyer un mail à zinetron2004@yahoo.fr
MAITRE |
الأسـتـاذ |
MAATAR ABDELWAHEB |
عـبــد الـوهــاب مـعـطـر |
Avocat près la cour de cassation |
المحامي لدى التعقيب |
Rue Haffouz imm .Intilaka Esc. B4 Sfax |
نهج حفوز عمارة الانطلاقة مدرج ب 4 صفاقس |
Tél : 74 226 041 Fax 74 212 385 |
الهاتـف : 74 226 041 الفاكس 74 212 385 |
vvvvvvvvvvvvvvvvvvvvvvvv
صفاقس في 26 جوان 2004
استئنـاف قفصـــة النيابة عن : علي الصغيّر بن جفال السعيدي
الدائـــرة الجنائيـة قاطن بجنيف سويسرا محل مخابرته لدى
القضية عــدد 1060 محاميه الأستاذ عبد الوهاب معطر
جلسة 28 جوان 2004 الضــد : الحق العام ومن معه .
ليتفضّــــل الجنـــاب مشكـــورا بتفحّـــص الآتـــي:
حيث تتعهد هذه الدائرة بالنظر استئنافيا في الحكم الابتدائي الجنائي عدد 1214 الصادر في 28 أفريل 2004 والقاضي بثبوت ادانة المتهمين هادية ولطيفة السعيدي وخالد بن الجنيدي طاهر فيما نسب اليهم.
وحيث أنّ المنوّب علي الصغيّر السعيدي وبوصفه شقيق علي السعيدي سبق له في الطور الابتدائي وبواسطة محاميه الأستاذ محمد نجيب حسني أن قدّم طبق القانون ملحوظات شفويّة في خصوص ملابسات القضيّة.
وحيث أنّ المنوّب في هذا الطور يحرّر كتابيّا ملحوظاته ليشفعها بطلبات أصليّة وذلك اسهاما من لسان الدفاع في اظهار الحقيقة ومساعدة القضاء على تبيّنها والنطق بالعدل وفقها تجنبا لتوزير وازرة وزر أخرى واعطاء كلّ ذي حقّ حقّه في كنف احترام رسالة العدل المنشود.
وحيث تبعا لذلك نطمع في رحابة صدور أعضاء هذه الدائرة للتمعّن في الملحوظات أدناه واعطائها ما تستحق من أهميّة سيّما أنها – في اعتقادنا- ذات تأثير حاسم على وجه الفصل في القضيّة.
وحيث لا جدال أنّ الحكم الصادر ابتدائيّا قد استند على الأبحاث المجراة في القضية والتي يستخلص منها أنّ شقيق المنوّب علي السعيدي الواقع تعيينه بمقتضى الأمر عدد 2465 المؤرخ في 27 أكتوبر 2000 مكلّفا بمأموريّة لدى وزير الشؤون الخارجيّة وفي وضعيّة مدير ادارة مركزيّة (الوثيقة عدد1). نقول أنّ علي السعيدي المذكور قد وقع قتله من طرف المتهمتين هادية ولطيفة السعيدي باستعمال مادّة سامّة (الكوخرة) لغرض الحصول منه على توكيل للتصرّف في أملاكه لفائدة المتهمة لطيفة في الظروف والملابسات المفصلّة بمحاضر الأبحاث.
وحيث يفترض في هذه القضيّة أن يكون المجني عليه هو شقيق المنوّب الموظف في وزارة الخارجيّة علي السعيدي وأن الجثّة الواقع اخراجها من الحفرة الموجودة بحديقة المتهمة لطيفة هي جثّة شقيق المنوّب المذكور.
وحيث أن باحث البداية محرّر المحضر عدد 1591/01 المؤرخ في 30 ديسمبر 2001 يظهر أنه كان جازما في ذلك اذ ذكر بمحضر التنقل واجراء المعاينة ما نصّه » وبازالة الساشي البلاستيكي عن وجه الجثّة اتّضح وأنّه يدعى علي بن جفال بن علي السعيدي تونسي مولود في أم العرايس قفصة في 05/08/1948 …الى آخره ». ومن ثمّة وجب التساؤل من أين تأتّى هذا الجزم الى الباحث السيّد محمد الكلاعي في حين أن زميله محافظ الشرطة رئيس الفرقة الجهوية للشرطة الفنيّة والعلميّة بقفصة الحبيب المشّي ذكر في تقريره المؤرخ في 07 جانفــي 2002 أنّ « الجثة المذكورة هي على الأرجح جثّة الهالك علي السعيدي ».
وحيث أكثر من ذلك فقد قام باحث البداية بمحضره عدد 1591/22 المؤرخ في 02 جانفي 2002 بتسخير الدكتورة راضية القسطلي رئيس قسم بمستشفى الحبيب ثامر بتونس لأخذ عيّنة من أعضاء جثّة الهالك المفترض علّي بن جفال السعيدي ومقارنتها بعيّنة من دم شقيقه عمر بن جفال بن علي السعيدي وشقيقته مبروكة بن جفال بن علي السعيدي « قصد اجراء التحاليل البيولوجيّة اللازمة على عيّنات من البصمة الوراثية (A.D.N ) ومدّنا بتقرير مفصل يبيّن هل أن البصمة الوراثية لجثة الهالك هي من نفس فصيلة البصمة الوراثية للمذكورين « .
وحيث تسلمت الدكتورة القسطلي هذا التسخير منذ 02 جانفي 2002 كيفما هو مثبت بآخر المحضر عدد1591/22 الاّ أنّ نتيجة هذا التسخير لا وجود لها أصلا في أوراق الملف
لأسباب ظلّت مجهولة الى حدّ الآن وغير مستساغة سيّما أنّ جميع التساخير الأخرى والاختبارات المتعلقة بالتشريح الطبّي للجثّة أو بتحليل عيّنات من دم وأمعاء الهالك أوبنبتة الكوخرة أو بتدليس التوكيل قد وردت جميعها دون استثناء. وقد ورد ذكرها في نص الحكم الابتدائي في حين بقى التحليل الجيني ثغرة مفتوحة تفتح المجال واسعا للشك الجدّي في نسبة الجثة موضوع قضية الحال الى شقيق المنوّب علي السعيدي.
وحيث مما يزيد في هذا الشكّ هو أنّ الباحث لم يكتف بغضّ الطرف عن نتيجة أعمال الدكتورة القسطلي بل أنّه قد أمسك على غير العادة حتى عن عرض جثة الهالك على ذويه للتعرف عليها وخاصة أنّ شقيق الهالك المفترض عمر بن جفال السعيدي قد وقع تسليمه الأدباش يوم 01 جانفي 2002 بالمحضر عدد 1591/17 كما أنّ زوجة الهالك المفترض أيضا المسمّاة مليكة يحيى قد وقع سماعها في 02 جانفي 2002 بالمحضر عدد 1591/24 أي لما كانت الجثة ببيت الأموات ولم يقع دفنها بعد وعلى الرغم من ذلك فانه لم يقع عرضها للتعرّف عليها ممن ذكر.
وحيث أنّ تصرف الباحث على هذا النحو يبدو غريبا خاصّة اذا ما علمنا أن محضر العرض والتعرّف الوحيد الموجود بالملف كان يتعلق بهاتف جوّال حرص الباحث على تمكين المتهمة لطيفة السعيدي من التعرّف عليه بالمحضر عدد 1591/30 وكأنّ أهميّة التعرّف على الهاتف الجوّال يفوق أهمّية التعرّف على جثّة الهالك.
وحيث يشدّد المنوّب على وجود احتمال شديد بأنّ الجثة موضوع قضيّة الحال لا علاقة لها بشقيقه الموظف السامي بوزارة الخارجيّة ومن ثمّة نتساءل – كلسان دفاع- ماذا يكون الأمر في صورة ما اذا ثبت من التحليل الجيني – في حالة وروده لاحقا – بأنّ القتيل ليس هو شقيق المنوّب.
وحيث نحسب والحالة هذه أنّ المحكمة لا يجوز لها البتّ في هذه القضية دون حسم هذه المسألة الأوليّة المتمثلة في التعرّف على وجه اليقين على صاحب الجثّة.
وحيث أنّه لا مجال للاستناد على « قرائن » للاستعاضة عن التحليل الجيني موضوع التسخير السابق سيما أنّ » هذه القرائن » هي الأخرى مشكوك فيها كما سنبيّن أدناه. ضرورة أنه بتفحّص جميع الأبحاث يتّضح أنها جاءت مختلّة شكلا وموضوعا ممّا كان من شأنه النيل من مصداقيتها وعجزها عن ازاحة العقبات الموصلة للحقيقة (أوّلا) فضلا عن أنّ الهيكل العام للجريمة موضوع قضيّة الحال يفتقد الى المنطقيّة المفترضة لدى الشخص المتوسّط ادراكا وتبصّرا ( ثانيا).
أوّلا: الاخلالات الشكليّة والموضوعية العالقة بالأبحاث.
1- في بعض الاخلالات الشكليّة:
حيث لا جدال أن مسرح الجريمة هو حيّ الدفلة الواقع بمدينة قفصة دائرة قضاء المحكمة الابتدائية بها ممّا يستوجب معه أن تكون الأبحاث والتحريّات والأعمال الأخرى من اختصاص ادارة اقليم الشرطة بقفصة.
وحيث بالرجوع الى جميع أعمال باحث البداية يتضح أن من قام بها هو السيّد محمد الكلاعي ضابط الشرطة أوّل بالادارة الفرعية للقضايا الاجرامية بتونس العاصمة أي أنّه تابع لوكالة الجمهورية بتونس الاّ أنّ ما يلفت الانتباه هو أنّ الباحث المذكور قد قام بتحرير المحاضر من 1586 الى 1586/10 دون أن يكون له الاختصاص الترابي للقيام بذلك باعتبار أنه قام بالأبحاث الأوليّة قبل أن تصدر الانابة العدلية عدد 633 الى الادارة الفرعيّة بتونس وذلك يوم 30 ديسمبر 2001 من طرف السيّد قاضي التحقيق لدى ابتدائية قفصة.
وحيث من جهة أخرى فانّه يظل من غير المفهوم في القضايا العاديّة أن تصدر الانابة العدليّة عدد 633 المذكورة الى الادارة الفرعيّة للقضايا الاجراميّة بتونس العاصمة وحجبها عن الادارة الفرعيّة للقضايا الاجرامية بقفصة بما أدّى ذلك الى مركزيّة جميع الأبحاث استقراءا واشرافا لدى الفرقة المختصّة بتونس.
وحيث أنّ هذه المركزيّة لم تقف عند هذا الحدّ اذ يظلّ من غير المفهوم لماذا وقع اسناد جميع التساخير المتعلّقة بالتشريح والتحاليل وغيرها الى هيئات موجودة بالعاصمة بل لماذا يقع تحويل الجثّة الى العاصمة والاذن بدفنها في مقبرة الجلاّز في حين أنّ ورثة الهالك المفترضين كانوا يتمنّون دفن مورّثهم بأمّ العرايس ؟
وحيث أنّ مركزيّة الأبحاث على هذا النحو المشطّ يجعل وكأن الأمر فيه حرص لدى جهات بالعاصمة يهمّها جدّا الاشراف على قضية اختفاء علي السعيدي والتحكم في ألغازها .
وحيث وزيادة على ذلك فان مركزية الأبحاث على النحو المذكور قد أوقعت الباحث السيّد محمد الكلاعي في أخطاء جسيمة عند صياغة محاضره ونذكر منها على سبيل المثال أنه بمحضره عدد 1586/01 يتولى سماع المدعو نور الدين الرايسي بوصفه الخيط الموصل للجريمـة
ويجعل لهذا المحضر تاريخا وهو 29 ديسمبر 2001 وساعة وهي « الثانية بعد الزوال » ومكانا هو « تونس العاصمة » الاّ انه بالمحضر عدد 1586/02 يتولّى نفس الباحث استنطاق لطيفة السعيدي ليس في تونس بل في قفصة ويكون ذلك يوم 29 ديسمبر 2001 على الساعة الثالثة مما يفترض معه أن يكون السيّد محمد الكلاعي قد تمكّن من قطع مسافة تزيد عن 340 كلم الفاصلة بين العاصمة وقفصة في أقلّ من ساعة بل يخصم من هذا الحيّز الزمني أيضا ما تطلبته « المجهودات المكثفة » التي قام بها في الأثناء على حسب تعبيره للوصول الى معرفة مسكن لطيفة المذكورة.
وحيث نكتفي بهذا المثال دون التبسّط أكثر في هذا المجال لأنّ المتمعّن في صياغة المحاضر يكتشف بداهة اخلالاتها الشكليّة الأخرى.
2- الاخلالات الموضوعية للأبحاث:
حيث أنّنا نزعم انّه باطلاعنا على الأبحاث المجراة في القضية يتّضح وكأنّ البحث يراد به قسرا التوجّه نحو اثبات التهمة على الشقيقتين والتغاضي في الآن نفسه عن الثغرات المتجهة عكسا الى الحدّ الذي يمكن معه القول بأنّ الأبحاث على حالتها تفتقد الى المهنيّة والاحتراف في أحسن الحالات وهي في أسوئها كأنّنا بها تروم حرف الأنظار عن حقيقة ما وقع فعلا لعلي السعيدي.
وحيث لا مندوحة من التذكير بان الجرائد اليوميّة بتونس ووكالة تونس افريقيا للأنباء قد رافقت أطوار البحث في القضية منذ يوم 30 ديسمبر 2001 وقد كانت تشير مع تقدّم الأبحـاث » السريّة جدّا » بأصبع الاتهام (مع الاشارة بالاسم ) الى الشقيقتين لطيفة وهادية اذ كان من الواضح أنّ وسائل الاعلام هذه كانت حريصة على حسم موضوع اختفاء الموظف علي السعيدي بالقول بقتله من قبل طرف محدّد لا غير وهما لطيفة وهادية السعيدي تماما مثلما انساقت اليه مجريات الأبحاث بتهافت واضح.
وحيث أنّ ما يلفت الانتباه بشكل خاص هو أنّ الباحث السيّد محمد الكلاعي يظهر أنه كان يضمر ويصمّم منذ تعهده بالابحاث بوضع الجريمة على عاتق الشقيقتين المذكورتين مهما كلّف الأمر بدليل أنه وبالمحضر عدد 1586/02 المحرّر على الساعة الثالثة مساء يوم 29 ديسمبر 2001 والمتعلق باستنطاق لطيفة السعيدي نقرأ على لسان هذه الأخيرة حرفيّا » بعد اعلامي بموجب استنطاقي لديكم المتعلق بقتل المدعو علي السعيدي « (هكذا) في حين أنّ المحضر برمتّه موضوعه اختفاء وليس قتل عليّ السعيدي. فكيف علم هذا الباحث بالقتل في حين أنّ الأبحاث وقتئذ لا شيء فيها يدلّ على وجود قتل ضرورة أنّ القتل لم يبرز الاّ بعد الكشف عن الجثة.
وحيث أنّ الجثة لم يقع الكشف عنها الاّ يوم 30 ديسمبر 2001 على الساعة الحادية عشرة صباحا أي بعد عشرين ساعة من استنطاق لطيفة فهل أنّ الباحث كان نبيّا ليجزم بقتل علي السعيدي قبل العثور على جثته؟
وحيث أنّ هذا التمشّي المتهافت لاقامة الجريمة على الشقيقتين قد أدّى الى ترك ثغرات عديدة في الأبحاث تجعل الشكّ قائما في الجريمة وفي الجناة ونذكر من ذلك على سبيل المثال ولا الحصر:
1) أنّه عند الكشف عن الجثّة كان الرأس مغطى بساشي بلاستيكي أسود اللون ومحكم الغلق. وعلى الرغم من ذلك فانّ الباحث لم يسأل الجانية المفترضة عن الأسباب التي دعتها لوضع رأس الهالك داخل الساشي البلاستيكي.
2) أنه عند الكشف عن الجثة جزم الباحث بأنّها لعلي السعيدي ونتساءل كيف عرف الباحث ذلك قبل عرض الجثّة للتعرف عليها على أيّ واحد من أفراد عائلة المجني عليه فضلا عن انتظار مآل التحليل الجيني. فهل كان المقصود أن تكون هذه الجثة تابعة لعلي السعيدي في جميع الحالات؟
3) ارتكزت وقائع القضية على التسليم بوجود علاقة غراميّة وعلى قرابة دمويّة ثابتة بين الجاني والمجني عليه الاّ أنّ الباحث لا يقوم بأيّ عمل استقرائي من أجل التثبت في هذا الأمر فلا يقوم مثلا بسماع عمر السعيدي شقيق الهالك المفترض في خصوص هذا الموضوع وهو لو فعل لأمكنه الوقوف على حقيقة يؤكّدها المنوّب من أنه لا وجود لأيّة قرابة دمويّة مهما كانت لعائلته مع عائلة هادية ولطيفة السعيدي المنحدرة عن بسكرة بالجزائر على الرغم من التشابه في اللقب العائلي كما يؤكد أنّ علي السعيدي لم تكن له أيّة علاقة غراميّة مع لطيفة ولا خطبة ولا وعد بالزواج أو غير ذلك بل أنّ الباحث لم يشأ التثبت من صحة الزعم بهذه العلاقة على الرغم من أنّ الشاهد محسن أولاد بالهادي الذي كان باقرار الجميع عشيق لطيفة السعيدي وجاء على لسانه ما نصّه » ربطت معها علاقة غراميّة منذ 1996 وأصبحت أباشرها جنسيّا بمنزلها كلّما سنحت الفرصة لذلك » مضيفا أنّه » خلال مرافقتي لها يوم 24 ديسمبر 2001 – بعد ارتكاب الجريمة- ورغم علاقتي الحميميّة بها فانّني لست على علم بعلاقة لطيفة بالهالك ».
وحيث نتساءل كيف يصبح الوضع في صورة ثبوت انعدام وجود أيّة علاقة مهما كان نوعها بين علي السعيدي الهالك المفترض ولطيفة وهادية السعيدي ومن ثمّة فانّه من غير الجائز البت في هذه القضية قبل رفع القناع عن علاقة القرابة الدمويّة المزعومة وجودا أو نفيا.
4) لتدعيم وجود هذه العلاقة وقع الزعم بأنّ علي السعيدي سبق له أن أعطى توكيلين
للطيفة السعيدي أحدهما لنيابته لدى القضاء في قضيّة تورّط فيها شقيقه المدعو الحبيب السعيدي بالاعتداء على والده الاّ ان الباحث السيّد محمد الكلاعي ولا حتى السيد قاضي التحقيق قد تحرى في هذا الموضوع خاصة وأنّ امكانيّة الحصول على التوكيل القضائي المزعوم هو أمر سهل نسبيّا بالرجوع الى القضية ذات الصلة. ونحن نتساءل كيف يكون الأمر اذا ثبت زيف هذا الادعاء بما يثبت بالنتيجة انعدام أيّة علاقة بين لطيفة والهالك المفترض علي.
5) ذكرت لطيفة السعيدي أنّ الهالك المفترض علي كانت له علاقة خنائيّة مع المدعوّة زينة
السعيدي وأنّ اكتشافها لهذه العلاقة هو الذي أدّى الى رغبتها في الانتقام منه سيّما أنّ الهالك المفترض حسب زعمها قد قضى الليلة الفاصلة بين 13-14 ديسمبر مع زينة المذكورة. والغريب أنّ الباحث وعلى أهميّة هذا الزعم لم يسع الى التحرير على زينة السعيدي أو حتى استدعاءها لسماعها أصلا بل أنّه عمد الى التعتيم عن هذا الأمر كسابقه ريما خشية فتح أبعاد جديدة في القضيّة.
6) بالرجوع الى محاضر استنطاق الشقيقتين لطيفة وهادية يتجلّى أنّ كلّ واحدة منهما قد تقمصّ مرّة دور الفاعلة الأصليّة مقابل تبرئة شقيقتها الأخرى ثم ينقلب هذا الدور بعد ذلك من هذه الى تلك. الاّ أنّ الباحث لم يتجشمّ عناء مكافحتهما على الأقلّ لتحديد الدور الحقيقي لكلّ واحدة منهما بل أنّ ما يلاحظ هو الانسجام المسبق بين الشقيقتين في الدورين معا بما يوحي وكأنّ استنطاق الواحدة كان يتم بحضور الأخرى. انّنا والحالة هذه ازاء باحث كان همّه الوحيد هو الخروج بوفاق بين الشقيقتين على القاتلة منهما بقطع النظر عن أيّ شيء آخر. وكأن الموضوع كان هدفه ايجاد قاتل من بين الشقيقتين مهما كان.
7) يذكر نور الدين الرايسي صانع الحلاق أنّه تناول يوم الخميس 27 ديسمبر2001 بتونس العاصمة العشاء بنزل الباهي مع هادية السعيدي وقد اصطحب معه لهذا العشاء مؤجّره المدعو عبد الرحيم الشريف (المحضر 1591/13) الاّ أنّ الباحث لم يسمع المدعو عبد الرحيم الشريف المذكور وبقي هذا الشخص غير معروف والحال أنه من المحتمل أن يكون له ضلع في تنفيذ السيناريو الموضوع لحلّ مشكلة اختفاء علي السعيدي.
8) ممّا لا جدال فيه أنّ الهالك المفترض كانت بحوزته السيارة الادارية رقـم 123100-04 نوع رينو 19 التي تركها بمستودع منزل لطيفة السعيدي. وما يلفت النظر هو أنه لا وجود لهذه السيارة في سياق الأبحاث التي خلت حتى من سؤال المتهمتين عن كيفيّة عدم تفكيرهما في التخلّص من هذه السيارة الكاشفة لجريمتهما والحال أن حرص المتهمة هادية على محو آثار الجريمة أدّى بها الى حرق بعض أدواتها ومن الغريب أنها لم تفكر في طريقة ما للتخلص من السيارة المذكورة ممّا يجعل من المشروع التساؤل عن القصد من تغاضي الأبحاث عن البحث في شأن سيّارة الهالك الكاشفة للجريمة دون عناء والتي تعلم كلّ من لم يعلم بأن سائقها الموظف بوزارة الخارجيّة موجود هنا أي في محلّ سكنى لطيفة السعيدي التي انطبق عليها المثل « سارق بيده شمعة ».
9) ذكرت المتهمة هادية أنها قامت بحرق البساط والأحذية التابعة للهالك. لكنّ الباحث لم يقم بمعاينة آثار حرق هذه الأغراض للتثبت من وجود هذا الحرق فعلا ضرورة أنّ الأمر سيكون مختلقا اذا كان هذا الحرق لا وجود له أصلا بل وقع الزعم به وحشره لحبك السيناريو المخطّط له مسبقا لا غير.
10) كشفت الصور المأخوذة للجثة وجود آثار دماء عالقة باحدى اللوحتين المغطاة بهما الحفرة الموجودة بها جثّة الهالك (الصورة رقم 14) كما أظهرت الصورة رقم 26 وجود بقايا دماء على رأس الهالك.وعلى الرغم من ذلك فان الباحث لا يعير هذه الدماء أيّة أهميّة فلا يسأل عنها ولا يستفسر الجانية بشأنها متغاضيا عن أهمية هذا الأمر في تحديد طريقة قتل الهالك. اننّا في هذا الوضع نتساءل ان لم يكن للباحث أيضا تصوّرا خاصا بطريقة القتل يريد تثبيتها بالملف مهما كان الأمر تتمثل في التسمّم وابعاد أيّة قرينة عن تعرّض الهالك مثلا الى العنف وربّما الى التعذيب بما يفسّر وجود الدماء برأسه وببدنه بشكل غزير طال حتّى لوحة قبره.
11) بخصوص الأدباش الواقع الاستيلاء عليها من محلّ سكنى الهالك الكائن بالمنزه فقد ذكرت المتهمة هادية السعيدي أنه يوجد من جملة أمتعة الهالك مجموعة أقراص CD تابعة للحاسوب (انظر المحضر عدد 1591/18) وقد وقع تسليم مختلف هذه الأدباش الى شقيق الهالك عمر السعيدي. الاّ أنّه بالاطّلاع على محضر الاحصاء والتسليم عدد 1591/17 يتضح أنه كان خاليا من الأقراص التابعة للحاسوب مما يدلّ على أن الباحث عمد الى الاحتفاظ بها لديه بدليل أن هذه الأقراص غير مدرجة في قائمة المحجوزات.واذا علمنا أنّ الهالك يستعمل الحاسوب والأنترنيت ويخزن وثائقه ومحفوظاته في الأقراص فانه يبقى التساؤل قائما حول الأسباب الكامنة وراء عدم تسليم جميع امتعته الى ذويه.
وحيث أنّ جميع هذه النقاط المبيّنة أعلاه تجعلنا ازاء أبحاث مبتسرة لا تبحث في ابراز الحقيقة بل ربما كان همّما الوحيد هو ايجاد قاتل مهما كان لتفسير اختفاء موظف وزارة الخارجيّة علي السعيدي.
وحيث أنّ ممّا يزيد من وضع الأبحاث فداحة هو غياب أيّ أعمال استقرائيّة من طرف رجال الأمن طوال الفترة الممتدة من 12 الى 29 ديسمبر 2001 فالهالك المفترض هو موظف سام بوزارة الخارجية وقد اختفى مع سيارته الادارية منذ 12 ديسمبر 2001 وهو ما جعل أهله وذووه يرتابون في الأمر وراحوا يمطرون ذوي الشأن في البلاد بنداءات النجدة للبحث عن قريبهم ووصل بهم الأمر الى اشعار المنظمات الدوليّة ووكالات الأنباء المختلفة (انظر الوثائق المرافقة) لكن على الرغم من ذلك والى غاية يوم 29 ديسبمر 2001 لم يظفروا بأيّ جواب ولا حياة لمن تنادي.
وحيث أنّ ما ذكر يتنافى مع ما يجري في القضايا العاديّة اذ تكون المصالح الأمنيّة عادة فيها متيقظة. فلماذا خالفت القاعدة عند اختفاء السيّد علي السعيدي والحال أنّ هذا الاختفاء يتعلق بموظّف سامي معروف جدّا لدى مصالح الارشاد وأمن الدولة على الأقل لكونه كان معارضا للسلطة القائمة طوال العشريّة الماضية. وقد عرف بنشاطاته العديدة في هذا المجال الى حدّ استهدافه بمقرّ اقامته بفرنسا وتعرّضه بها الى اعتداءات جسديّة وحرمانه من جواز سفره قبل رجوعه الى البلاد ودخوله للادارة من بابها العالي.
وحيث نتساءل لماذا لم تفعل المصالح الأمنيّة أيّ شيء لكشف أمر اختفائه طوال أكثر من 15 يوما أي من 12 ديسمبر الى غاية 29 ديسمبر 2001 ؟
وحيث أن جمود المصالح الأمنية قد ترافق أيضا مع جمود وزارة الخارجية ازاء اختفاء احد موظفيها السامين بما يتناقض مع ما جرى به العمل من وجوب التنبيه على الموظف الذي يتخلف بدون ترخيص ومطالبته بارجاع السيّارة الادارية فورا. لكن لا شيء من هذا قد حصل فلماذا؟
وحيث أن السيل يبلغ الزبى في خصوص المصالح الأمنيّة اذ جاء في الأبحاث أنّ هادية السعيدي قد تحولت صحبة مجموعة من الأشخاص الى تونس العاصمة يوم 27 ديسمبر 2001 لافراغ شقتي علي سعيدي من محتواهما وقد تحركت مع مجموعتها من السادسة صباحا حتى منتصف نهار يوم 28 ديسمبر بين المدينة الجديدة ببن عروس والمنزه.
وحيث وعلى الرغم من ذلك فان هذه المجموعة وشاحنة I.V.E.C.O وحمل الأدباش لا تتفطن اليها أعين رجال الأمن الساهرة التي كانت تعلم لا محالة بما تداولته وكالات الأنباء من اختفاء علي السعيدي فهل هذا يمكن استساغته؟
وحيث والحمد لله وبعد غياب أيّ مؤشر على وجود أبحاث في الفترة الفاصلة بين 12 و 28 ديسمبر وعلى حين غرّه يستفيق الأمن فجأة ويتحرك بسرعة البرق يوم 29 ديسمبر ليكشف عن كامل خيوط « الجريمة » في ساعات معدودات ويقع ايقاف الجناة المزعومين في يوم 30 ديسمبر وهو أمر ليس غريبا على باحث قادر على استنطاق شخص بتونس العاصمة ويستنطق آخر بمدينة قفصة في فارق زمني لا يتجاوز ساعة واحدة كيفما أوضحنا أعلاه.
وحيث نتساءل كيف يمكن الاطمئنان الى ماجاء في أوراق هذا الملف لتأسيس أي حكم عليه ومن ثمة فانّ المنوّب يطلب ويشدّد على ضرورة اعادة الأبحاث برمتها من طرف أحد مستشاري هذه الدائرة في كنف الاستقلاليّة وتحت ظلال ميزان العدل الوارفة باعتبار أن ذلك كفيل وحده لاجلاء الحقيقة ونفض الغبار عنها توصّلا لمعرفة الجاني الحقيقي المستفيد فعلا من اختفاء موظف وزارة الخارجية علي السعيدي وقتله ان ثبت أنّ الجثة موضوع قضيّة الحال تعود اليه حقا.
ثانيا: عدم منطقية الهيكل العام للجريمة
حيث أنه بتفحّص ما تضمنته الابحاث بشأن الجريمة يتّضح بتسليط المنطق المجرّد على ملابساتها أنّ المتهمتين فيها يصعب أن تكونا هما الجانيتان حقا اللّهم الاّ اذا ما سلمنا بافتقادهما للادراك المتوسط وكلّ ذلك بقطع النظر عمّا شددنا عليه سلفا بشأن هويّة الجثّة وانعدام وجود العلاقة بين المتهمتين والمجني عليه وغير ذلك ممّا ذكر أعلاه.
وحيث وحسب الأبحاث فان الدافع لارتكاب الجريمة هو تجريد المجني عليه من مكاسبه بواسطة التوكيل المدلّس.
وحيث من نافل القول أن دوافع القتل في هذه الحالة تتضارب مطلقا مع النتيجة المبتغاة منها ضرورة أنّ التوكيل لن يكون له أيّ مفعول سواءا بوفاة المجني عليه في صورة قتله أو بامكانيّة الرجوع فيه من طرف الموكّل الباقي على قيد الحياة.
وحيث جاء في الأبحاث أيضا أنّ هادية السعيدي قد قبلت بتحمّل الفعلة برمّتها وبرأت شقيقتها لطيفة منها معلّلة ذلك حسب الزعم بشدّة تعلّقها بشقيقتها وكانت بذلك مثالا نادرا يصعب تخيّل وجوده في الايثاريّة الناكرة للذاّت بل الناكرة حتى لحقوق أبنائها الصغار عليها وهي المطلقة فخيّرت شقيقتها على أبنائها المحتاجين اليها فضلا عن نفسها وهو أمر لا يمكن لعلماء النفس بل للعلماء في جميع الاختصاصات تصديقه فضلا عن تفسيره. فكيف يكون حالنا ونحن من أيها الناس ؟ اننا نقول فقط أن المراد من ذلك هو استبلاه ذكائنا.
وحيث جاء في الأبحاث أيضا أنّ هادية السعيدي قد قامت بمفردها أساسا وفي الفترة الفاصلة بين الخامسة والنصف صباحا الى الرابعة مساءا أي في حوالي 10 ساعات بحفر قبر للجاني يبلغ طوله 2.40 متر وعرضه 70 صم وعمقه 95 صم كيفما جاء بتقرير الفرقة الجهويّة للشرطة الفنيّة والعلمية بقفصة المؤرخ في 07 جانفي 2002.
وحيث ومهما كانت المعايير فانه من المستحيل واقعيا لفرد واحد انجاز مثل هذا العمل الجبّار في وقت قياسي سيّما ان كان هذا الشخص امرأة غير متعوّدة على الجهد العضلي بحكم اشتغالها معلمة تطبيق ولم تستعمل في الحفر الا المعدّات التقليديّة المبيّنة بالصور الخاصّة بتشخيص الجريمة.
وحيث ورد في الأبحاث بشأن نبات « الكوخرة » أنّ هادية السعيدي متعوّدة على زرعه ليس في محلّ سكناها بل في محلّ شقيقتها بل أنها تقول أنّها غالبا ما تحمل نبات الكوخرة في حقيبتها اليدويّة .فهل هذا معقول أن يتنقّل المجرم بأداة جريمته؟
وحيث أنّ ما ذكرناه من عدم منطقية وعدم معقولية الوقائع أعلاه ينسحب أيضا على عدم تفكير الجناة في التخلّص من السيارة وفي نقل الأدباش من العاصمة الى قفصة وغيرها من الوقائع المضحكة المبكية والتي للأسف الشديد وقع اعتمادها والتسليم بها للنطق بحكم الادانة من طرف قضاة الدرجة الأولى وتسليط عقوبة السجن مدى الحياة على الشقيقتين لطيفة وهادية في حين أنّه حتى اعترافهما بالجريمة جاء متناقضا ومختلاّ كاختلال الأبحاث التي ترسم لنا اهتزاز شخصيّة المتهمتين وضعف ارادتهما وخبطهما العشوائي حتى في التقيّد بالمنطق المجرّد مما يعزز احتمال استغلال وضعيتهما للتغطية على الحقيقة المتصلة بقضية اختفاء موظف وزارة الخارجية علي السعيدي.
وحيث أنّ أوراق هذا الملف على حالته تتظافر لتغرق واقعة اختفاء شقيق المنوّب في ضباب كثيف يعتّم المشهد ويقبر الحقيقة خاصة في صورة انسياق هذه الدائرة الى ما انتهجته محكمة الدرجة الأولى وعدم تصدّيها لاجلاء الموقف وهو ما لا نتمناه لمؤسسة القضاء .
وحيث أنّ اجلاء الحقيقية كل الحقيقة هو أمر لا مناص منه بجميع المعايير وهو حق طبيعي مكفول ليس للمجتمع فقط بل وأيضا للمنوب بوصفه الشقيق الأصغر للهالك المفترض.
وحيث أن ابراز حقيقة ما وقع لعلي السعيدي والكشف عن الجاني أو الجناة الحقيقيين لا يتحقق الاّ بالاعتماد على أبحاث ذات مصداقيّة ينجزها قضاء مستقل وهو ما نطلبه من عدالة الجناب وذلك بتكليف أحد مستشاري هذه الدائرة باعادة الأبحاث من جديد وارجاع الأمور الى نصابها واجلاء الموقف خاصة عن النقاط التالية:
· التعرّف على هويّة الجثّة موضوع قضيّة الحال.
· كشف الأسباب الكامنة وراء وضع رأس الهالك في ساشاي بلاستيكي محكم الغلق.
· التثبت منى مدى وجود علاقة سابقة تربط علي السعيدي بالمتهمتين.
· سماع المدعوّة زينة السعيدي بشأن علاقتها بالهالك المفترض علي السعيدي.
· مكافحة المتهمتين لطيفة وهادية لمعرفة أسباب تغيّر تقمّصهما للأدوار.
· سماع مؤجر نور الدين الرايسي المدعو عبد الرحيم الشريف في خصوص علاقته بالأطراف وتناوله للعشاء مع هادية السعيدي.
· سماع المتهمتين بخصوص موقفهما من وجود السيّارة الادارية بمسرح الجريمة.
· الاستقصاء بشأن التوكيلين الذين ادّعت لطيفة أنّ عليّ السعيدي سلّمهما اليها.
· البحث وراء وجود آثار الدماء الموجودة باحدى اللوحتين المغطاة بهما الحفرة والدماء الموجودة على رأس الهالك.
· وعموما تعميق الأبحاث في خصوص ملابسات اختفاء شقيق المنوّب للكشف في صورة ثبوت أنّ الجثّة تابعة له عن القاتل الحقيقي والمستفيد من هذا القتل.
وحيث جاء في الحديث النبوي أنّه » يأتى بالقاضي العادل فيحاسب فيتمنى لو أنه لم يحكم بين رجلين في تمرة واحدة ».
ولهـــــذه الأسبــــــاب
الملتمس من عدل الجناب وقبل البت في القضية التفضّل باعادة الأبحاث على النحو المذكور أعلاه.
ولكم الشكر سلفا والسلام
من محترمكم الاستاذ عبد الوهاب معطر
المحامي لدى التعقيب
Tunisie: sept morts dans un accident de la circulation
Associated Press, le 29.06.2004 à 22h17
TUNIS (AP) — Sept personnes ont péri mardi dans un accident de la circulation survenu à Kairouan, ville du centre tunisien, à environ 160km au sud de Tunis, lors d’une collision entre un véhicule de transport rural et un camion.
Une femme a en outre été grièvement blessée, précise l’agence de presse tunisienne TAP.
C’est le deuxième accident meurtrier survenu sur les routes tunisiennes en l’espace d’un mois. Fin mai dernier, 19 personnes avaient trouvé la mort dans le dérapage d’un autobus à Korbous, à
une quarantaine de kilomètres à l’est de Tunis.
Collision entre un véhicule de transport et un camion: 8 morts
AFP, le 30 juin 2004
Une collision frontale entre un véhicule de transport en commun et un camion a fait 8 morts, tandis qu’une femme a été hospitalisée dans un état grave, mardi à Kairouan (centre), apprend-on mercredi auprès des autorités de région.
C’est le deuxième accident grave en l’espace d’un mois, après celui d’un autobus qui s’était renversé dans un ravin à Korbous (50 km à l’est de Tunis), faisant 19 morts et 31 blessés.
Ce nouvel accident de la route intervient alors qu’une campagne vient d’être lancée en Tunisie sur le thème: « Vacances sans accident ».
Tunis salue le transfert du pouvoir en Irak
Associated Press, le 29.06.2004 à 22h14
TUNIS (AP) — La Tunisie a exprimé mardi sa « satisfaction » à la suite du transfert de pouvoir aux Irakiens.
Dans un communiqué, le ministère tunisien des Affaires étrangères forme l’espoir que ce transfert « constituera un nouveau départ pour la réalisation des aspirations du peuple irakien ».
Il souhaite qu’il lui permettra de « recouvrer les attributs de sa souveraineté, d’édifier ses institutions constitutionnelles et d’assurer la sécurité et la stabilité dans toutes les régions du
pays, dans le cadre de l’unité nationale et territoriale ».
La reprise de l’économie tunisienne se confirme en 2004, selon le FMI
AFP, le 30 juin 2004 à 15h05
La reprise de l’économie tunisienne se confirme en 2004, a estimé mercredi à Tunis Domenico Fanizza, chef d’une mission du Fonds monétaire international (FMI) venue élaborer le rapport annuel sur l’état économique et financier de la Tunisie. Au cours d’une conférence de presse, M. Fanizza a indiqué que la mission du FMI avait eu, avec le gouverneur de la Banque centrale de Tunisie (BCT), Taoufik Baccar et les autorités tunisiennes, des entretiens sur les politiques structurelles en cours et sur les perspectives économiques à court et moyen terme. « La mission juge que l’économie tunisienne se porte bien, grâce à la poursuite de politiques macroéconomiques prudentes », a estimé le chef de la mission du FMI, estimant que « le ralentissement de la croissance mondiale et les difficultés du secteur touristique n’ont pas perturbé les équilibres ». M. Fanizza a fait état d’une « forte production agricole, du retour à un niveau normal du secteur touristique et d’une performance favorable des exportations hors énergie », estimant que « l’amélioration des perspectives de l’économie mondiale -y compris en Europe- est encourageante pour le maintien de la croissance à court terme ». La croissance devrait ainsi dépasser 5,5%. Le déficit du compte courant de la balance des paiements est projetée à 2,5% du PIB, ce qui correspond à une amélioration de près d’un demi point de pourcentage du PIB par rapport à 2003. Ceci, conjugué à d’importantes recettes de privatisation, permettra de réduire la dette extérieure d’un point et demi de pourcentage du PIB (à 52%) tout en maintenant un niveau de réserves couvrant trois mois d’importations de biens et services. S’agissant de l’inflation, bien que son taux ait commencé à augmenter en 2003, il semble provenir des ajustements de prix administrés et de la hausse des prix de certains produits alimentaires non liés à des pressions de demande, selon le rapport. Le FMI relève que « la performance économique tunisienne est l’une des meilleures au Moyen-Orient et en Afrique du Nord » et que la Tunisie « a tous les atouts pour atteindre un palier de croissance plus élevé, (…) améliorer davantage les conditions de vie des ménages et réduire le chomage ». Pour atteindre ces objectifs, le FMI préconise une « ouverture croissante sur l’extérieur » de l’économie tunisienne. Cette transformation est nécessaire au vu de l’expiration imminente de l’accord multifibres, qui pourrait ralentir les exportations des produits textiles. Le FMI note encore deux priorités en matière de politiques économiques: – la poursuite des réformes structurelles avec un nouvel élan, pour améliorer la productivité et établir un climat où le secteur privé pourrait identifier et exploiter de nouveaux créneaux, – Le renforcement des politiques macroéconomiques pour accompagner les réformes structurelles, avec une flexibilisation accrue du taux de change, une plus grande consolidation budgétaire pour réduire le poids de la dette et une stabilité des prix pour préserver la compétitivité. « L’économie tunisienne aura aussi besoin du concours de l’épargne extérieure pour financer les investissements, aussi les autorités tunisiennes comptent-elles ouvrir graduellement le compte capital », conclut le rapport. La mission du FMI était arrivée le 16 juin en Tunisie et son rapport doit être discuté et approuvé par le conseil d’administration du fonds, en octobre prochain.
Année phare pour l’huile d’olive
66% des exportations agroalimentaires et bonne moisson en devises
Le secteur agricole occupe une place stratégique dans l’économie tunisienne dans la mesure où il garantit l’autosuffisance alimentaire basée essentiellement sur la production nationale. Avec la pêche l’agriculture contribue à concurrence de 13,5% en moyenne dans le produit National Brut (PNB).
La Tunisie compte beaucoup, dans ce secteur, sur la production et l’exportation de l’huile d’olive de qualité.
153 pays dans le monde importent cette denrée dont les propriétés nutritionnelles ne sont plus à démontrer.
Pour cela les intervenants doublent d’effort pour tirer encore profit des avantages économiques de l’huile d’olive.
Hier, la Journée nationale de l’huile d’olives tunisienne organisée à la maison de l’exportateur a été une occasion voire même une opportunité de taille pour promouvoir et mettre sur pied un programme promotionnel stratégique sur trois ans qui permet à la fois de maintenir les parts des marchés extérieurs tunisiens , de consolider le pouvoir et les capacités d’exportations et par conséquent d’augmenter le volume de la valeur ajoutée.
M. Férid Tounsi, président directeur général du CEPEX a souligné en parlant au journal « Le Temps » de l’état des lieux et des perspectives d’avenir du secteur, que la Tunisie compte actuellement plus de 75 mille exploitations d’oliviers, ce qui représente 20 millions de journées de travail.
L’huile d’olive, a-t-il précisé, participe à 66% dans les exportations au niveau de l’agroalimentaire.
Cette année, a encore ajouté M. Tounsi, est à plus d’un titre, une année phare puisque les exportations tunisiennes de cette denrée ont été, jusqu’à fin juin, de l’ordre de 160 mille tonnes, ce qui représente des recettes en devises de l’ordre de 525 millions de dinars tunisiens.
M. Tounsi a enfin indiqué que l’objectif de cette journée est de dresser un bilan , une sorte d’évaluation du secteur à tous les niveaux de la production , à la transformation et au conditionnement.
Ce bilan n’est autre qu’un témoin qui nous éclaire dans l’effort soutenu de profiter au maximum des potentialités et en même temps dans la mise en place d’une stratégie prospective pour accroitre et les exportations et la valeur ajoutée, a encore souligné M. Tounsi, qui a encore précise qu’au terme de cette journée les intervenants vont sortir avec des recommandations qui seront adoptées par le secteur privé (fédérations sectorielles de l’UTICA) et les agriculteurs (UTAP) ou le secteur étatique (le ministère de l’Agriculture, du commerce , le CEPEX, et l’Office de l’huile).
F.B
(Source : Le Temps du 30 juin 2004)
MDS-Réconciliation :
Vers un Bureau politique à vingt-deux membres et cinq S.G. adjoints !
Tunis-Le Quotidien Certaines figures marquantes du groupe des dissidents ayant M. Taïeb Mohsni pour chef de file auraient proposé, selon des sources proches de la faction «officielle» du Mouvement des Démocrates socialistes, le recours à un Bureau politique à vingt-deux membres dont cinq secrétaires généraux au cours du congrès unificateur du parti. Cette formule proposée au cours de la réunion de la Commission du règlement intérieur tenue vendredi dernier a suscité un débat houleux et de vives réactions de la part des cadres du parti. Des membres du Bureau politique et du courant dissident refusent, en effet, catégoriquement cette formule semblable au système de «secrétariat» datant du mandat de l’ancien secrétaire général du parti, M. Mohamed Moâda. Ces «contestataires» estiment que le fait de recourir à cinq secrétaires généraux aboutira à l’émergence d’un «noyau qui accaparera la prise de décisions» et fera des dix-huit autres membres du Bureau politique de simples «téléspectateurs». Le débat sur le retour au système de «secrétariat» avait commencé depuis plusieurs mois quand un membre du Bureau politique, en l’occurrence M. Alaya Allani, «l’avait jeté en pâture aux médias». A l’époque, le secrétaire général du parti, M. Ismaïl Boulehya, avait démenti les déclarations de M. Allani. Décidément, le chemin vers le congrès unificateur du MDS semble toujours pavé d’embûches puisque les «frères ennemis» n’arrivent toujours pas à mettre leurs divergences entre parenthèses, notamment au sein des fédérations régionales du parti où les groupes demeurés en dehors des structures du parti seraient en train de mettre les bâtons dans les roues… W.K.
(Source : Le Quotidien du 30 juin 2004)
Les « Plâtres Tunisiens » vendus
Une vente sans grande pompe! En effet, il n’y a pas eu, à notre connaissance, aucun communiqué annonçant la vente de la société «Les Plâtres Tunisiens», à une filiale d’un des plus importants groupes de construction dans le monde, à savoir Krauf. Cette transaction, dont le montant n’a pas été révélé, devrait permettre à Krauf d’introduire sur le marché Tunisien ses nouvelles applications du plâtre, avec l’engagement de les produire sur place à moyen terme précise le communiqué. Krauf est un important groupe mondial de fabrication de matériaux de construction, avec plus de 100 usines dans le monde et 2,5 milliards d’euros de chiffre d’affaires réalisés en Amérique essentiellement, mais aussi en Europe, en Asie et en Afrique. En Europe, où il emploie 2300 salariés, Krauf a réalisé l’année dernière plus de 600 millions d’euros de chiffre d’affaires.
Les Plâtres Tunisiens emploie pour sa part une centaine de personnes et a réalisé en 2003 un chiffre d’affaires de 4,15 millions d’euros. Elle dispose d’une capacité de production de plâtre de 360 tonnes/jour. L’industriel vise de doubler la capacité de production et ce par des investissements devant financer l’installation d’un nouveau four.
(Source: www.webmanagercenter.com, le 30 juin 2004 à 09h00)
Le leader des routes vise la Tunisie
R.B.H.
La filiale du groupe Français Bouygues et le leader mondial de la construction des routes et de leurs entretiens Colas, comptent investir bientôt en Tunisie et au Maroc. Cette joint-venture, devrait produire et commercialiser des émulsions de bitumes et de bitumes spéciaux. Colas n’a pas caché ses intentions Maghrébines de développer ses activités en Tunisie et au Maroc où la construction de routes et échangeurs bat son plein. S’il est clair que le marché Tunisien bénéficiera de son expérience et de son savoir-faire, il risque de concurrencer sérieusement les entreprises locales qui ne verraient pas d’un très bon œil l’arrivée du n°1 mondial à leurs côtés !
(Source: www.webmanagercenter.com, le 30 juin 2004 à 09h00)
Tunisair ouvre une nouvelle ligne aérienne sur Oran
AFP, le 30 juin 2004 La compagnie nationale Tunisair va ouvrir une nouvelle ligne aérienne entre Tunis et la ville algérienne d’Oran à partir de septembre, a-t-on appris mercredi au siège de la compagnie.
Tunisair, au capital partiellement ouvert, gère une flotte d’une trentaine d’appareils et transporte quelque 3,5 millions de voyageurs annuellement.
Elle partage le marché avec deux compagnies aériennes privées, Nouvelair et Carthago Airlines.
Vingt et un millions de maghrébins regardent les chaînes françaises
AFP, le 29 juin 2004 à 12h03
Vingt et un millions de Maghrébins, dont 14,8 millions d’Algériens, soit un taux de pénétration de 29%, regardent chaque jour les chaînes de télévision françaises, a indiqué mardi Hassen Zargouni, président du bureau d’études spécialisé Sigma Conseil.
A l’exception du Maroc, les pays du Maghreb, où le câble n’existe pas, captent surtout les chaînes françaises par le satellite Télécom 2C, qui diffuse en analogique. Selon cette étude, qui porte sur les douze derniers mois, les Maghrébins regardent surtout les chaînes généralistes, y compris TV5 (taux de pénétration: 26%), mais aussi les chaînes thématiques (2,5 millions de téléspectateurs, soit un taux de pénétration de 4%).
Le taux de pénétration des chaînes françaises est particulièrement élevé en Algérie (46%). Vient ensuite la Tunisie, où la télévision française est concurrencée par les chaînes orientales et où les antennes paraboliques sont plutôt pointées vers Arabsat (chaînes arabes) ou Nilesat.
Dans ce pays, le taux de pénétration est de 17%. Au Maroc, où le satellite Hotbird constitue le moyen principal de réception, le taux de pénétration est de 10%.
Le classement des principales chaînes françaises varie selon les pays. En Algérie comme en Tunisie, la chaîne privée TF1 est en tête devant M6, suivie de la chaîne publique France 2, en troisième position.
Au Maroc, c’est TV5 qui est en tête, suivi de TF1, tandis que M6 est en troisième position. Les Maghrébins passent moins de temps en moyenne que les Européens devant la télévision. Mais, souligne Hassen Zargouni, « sur l’ensemble du temps passé devant la télévision, 28% est passé devant des chaînes françaises ».
Ce chiffre varie dans des proportions importantes selon les pays. Alors que les Algériens passent la moitié de leur temps d’audience devant les chaînes françaises, les Tunisiens n’y consacrent que 12% de leur temps et les Marocains 10%.
لأول مرّة ولتأمين عودة المهاجرين
:
الخطوط التونسية تكتـــــري 5 آلاف مقعــد من ناقلتين تـونسيتـيــن
(أي من نوفال آر و كارتاغو، التحرير)
تونس – الصباح
يشهد نشاط النقل الجوي تحسنا ملحوظا بعد فترة تراجع طويلة..
وقد نجحت الخطوط التونسية في تحقيق زيادة بحدود 27% في عدد الركاب المنقولين في
الفترة المتراوحة بين مطلع جانفي و21 جوان الجاري حيث ارتفع هذا العدد الى مليون
و344 الف راكب مقابل مليون و58 الف راكب خلال نفس الفترة من سنة
2003.
وهو ما جعل النتائج تفوق التوقعات المرسومة بفضل الانتعاشة السياحية التي كانت وراء زيادة بــ44% في النقل غير المنتظم (شارتير) بحيث بلغ عدد السياح المنقولين في حدود الــ515 الف خلال الفترة المذكورة آنفا
.
كراء 3 طائرات
ويتوقع ان يتواصل هذا النشاط خلال أشهر الصيف وبنسق أرفع ولتلبية الطلبات المتزايدة علمت «الصباح» ان الناقلة الوطنية قد اكترت 3 طائرات من صنف «آرباص أ320» و«بوينغ 737-300» تتسع الاولى لــ 170 راكبا والثانيتين لــ148 راكبا بطاقم قيادتها وستتسلمها بداية من 3 جويلية القادم لفترة تتواصل الى موفى سبتمبر القادم.
الاعتماد على
الأسطول الوطني
كما علمت «الصباح» انه في اطار مواجهة فترة ذروة رجوع المهاجرين الى اوروبا الممتدة من 27 اوت الى 5 سبتمبر القادمين والتي عادة ما تلتجىء فيها الناقلة الوطنية الى كراء طائرات تقرر ولأول مرة ان تتم الاستعانة بالأسطول الوطني وفقا للامكانيات المتاحة ومن هذا المنطلق قدمت كل من الناقلة الجوية الطيران الجديد «نوفال آر» والناقلة الجوية قرطاج للطيران (كارتغو آرلاينز) برمجتها الجوية خلال الفترة المذكورة للادارة المركزية للمنتوج بالخطوط التونسية بحيث يتم استغلال ساعات توقف النشاط لنقل المهاجرين ومن هذا المنطلق امكن كراء ما قدره 3200 كرسي من «الطيران الجديد» و1650 كرسي من «قرطاج للطيران» وهو ما يمثل ثلث حاجيات الخطوط التونسية في حين ستؤمن الثلثين المتبقيين (10 الف كرسي تقريبا) من خلال طلب عروض دولي في الغرض.
اتفاقيات مشتركة
يذكر ان اتفاقية بين الناقلة الوطنية وبقية الاسطول الوطني تقضي بامكانية استعانة بعضها بخدمات البعض وعادة ما تجيء الناقلتان المذكورتان انفا اضافة للخطوط الدولية الى خدمات الخطوط التونسية غير ان هذه الاخيرة ستعتمد للمرة الاولى على خدمات الاسطول الوطني.
ويؤمل ان يتواصل هذا التعاون حسب العقود المبرمة كلما دعت الحاجة.. حيث يعود النفع بالأساس على الاسطول الوطني طالما هناك امكانية عرض اللجوء الى خدمات اجنبية…للاشارة فان هذا الاسطول ما فتيء يتطور حيث يناهز عدد الطائرات التي تتصرف فيها الناقلتان الــ15 طائرة نصيب الأسد منها «للطيران الجديد
».
فتح خط عنابة تونس
هذا وتجدر الاشارة الى ان شبكة الخطوط التونسية ستتعزز قريبا بخط جديد يربط عنابة بتونس بداية من سبتمبر القادم وذلك بمعدل رحلتين كل اسبوع كل اثنين وخميس.
حافظ الغريبي
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 29 جوان 2004)
Le CPR se tremperait-il d’adversaire ?
Si Mokhtar Yahyaoui : à cœur ouvert.
الجديدة: تراجع النشاط الفلاحي وتزايد العاطلين
سعيد بن حمودة – الجديدة
اعتبر وادي مجردة شريان حياة المدن المحاذية له , كطبربة والجّديدة وكان ثروة طبيعية حقيقية وأساسية بعثت الحياة في تلك الربوع , وكان مبعثا على الازدهار مدى العصور , فروت مياهه العذبة آلاف الهكتارات وأنتجت مناطق سقوية هامة ,اشتهرت بالقنارية البيضاء والحمراء . وقد تمكنت البلاد في الستينات والسبعينات من الاكتفاء الذاتي من هذه المادة , وتصدير كميات هامة للخارج .
وعرفت الجديدة في تلك الفترة ازدهارا اقتصاديا منقطع النظير ,إذ بازدهار الفلاحة ازدهرت التجارة والعمران وبرزت منطقة صناعية للوجود وتحولت الجّديدة في وقت وجيز إلى مقصد للراغبين في العمل من جهات أخرى فحققت قفزة ديمغرافية حتى تجاوزت الثلاثين ألف ساكن ونشطت حركة النقل بينها والعاصمة مما دفع الشركة التونسية للسكك الحديدية إلى مضاعفة الخط الحديدي اعتبارا لكثرة الرحلات .
وشهدت الجّديدة أيضا بداية حياة ثقافية نشطة وبرز مسرح جديد مثل » تونس في المغرب الأقصى وأقطار أخرى » . لكن نتيجة لغياب الحرص الكافي للحفاظ على هذه الثروة الطبيعية ألا وهي الوادي , أهمل هذا الأخير وتوسع مجراه نتيجة تحويل مصب النفايات , ونبتت فيه نباتات من القصب والأشجار أعاقت انسيابه الطبيعي وأجبرته عن البحث عن مسالك أخرى , إضافة لظاهرة تنفيس السدود التي معروفة عند العام والخاص .. فكانت النتيجة فيضان وادي مجردة مرتين في أقل من عامين , وخسائر كبيرة لحقت بالممتلكات والعباد وأتلفت محاصيل آلاف الهكتارات علاوة على ضياع الملايين من الأمتار المكعبة من المياه .
وتمضي الأشهر ويطل ّ فصل الصيف ولا أحد يكترث بالوادي ,وآثار الكارثة ما تزال بادية وتبقى دار لقمان على حالها ويبقى الناموس والروائح الكريهة مسيطرين على ليالي الصيف بالجّديدة ,ولا شيء ينذر بعلاج قريب .. وتفعل الفيضانات فعلها في اقتصاد الجّديدة الذي أصيب بالشلل التام فيما يزداد طابور العاطلين عن العمل طولا وتزداد المقاهي نموّا وتغيب الابتسامة عن شفاه الشباب وتؤجل عودتها لتاريخ غير مسمى . فلماذا لا تخصص الحكومة مجلسا وزاريا لاقرار حلول جذرية لمعضلة الفيضانات وحماية مدينة الجّديدة وتقديم التعويضات وبعث مشاريع تنقذ اقتصاد المدينة من الانهيار وتعيد قطار الأحواز بين تونس وطبربة والجّديدة بنفس تعريفة حمّام الأنف ؟ .
والمواطن بالجّديدة يعتبر أن شركة السكك الحديدية تكيل بمكيالين وإلا فكيف تقرّ تعريفة 700مي لأبناء حمّام الأنف ( 20 كم ) في حين أن أبناء الجّديدة يدفعون ( 2250 مي ) لنفس المسافة , فأين العدالة بين الجهات التي تغنّت بها الشركة ؟.
(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 270 بتاريخ 25 جوان 2004)
حوادث الطرقات من المسؤول ؟
المنستير- المازري بسباس
تكررت في الأسابيع الأخيرة حوادث وسائل النقل بمختلف أصنافها من قطارات و حافلات و سيارات أجرة …الخ. و تسببت في آلاف القتلى و عشرات الآلاف من الجرحى و كانت التهم توجه عادة إلى سائقي هذه الوسائل في تبرير الحوادث ومنها الإفراط في السرعة و في حالة و المجاوزة الخطرة أو قلة النوم و عدم الانتباه، و قلما تذكر حالات السكر و العربدة في الطريق العام …
و لكن ما يغيب عن أذهان البعض في تغطية هذه الأحداث و تحليل أسبابها هي التحاليل العميقة لها و التي تجعل تونس في المراتب الأولى من قائمة الدول المتضررة من حوادث الطرقات نسبة إلى عدد السكان و سواء كانت هذه البلدان متقدمة أو في طريق النمو .
ويعتقد بعض المواطنين أن الأمر يرجع في أساسه إلى ثقافة سائدة في المجتمع و سلوك إداري طبع المجتمع التونسي خلال العقدين الأخيرين … فقد أصبحت الأنانية صفة ملاصقة لشخصية التونسي عموما و التي كرستها ثقافة الاستهلاك والفردانية و الانحطاط و التهور و التسيب و الميوعة متغذية مما تنشره وسائل الإعلام المقروءة و المسموعة و المرئية من سموم جعلت النزعة الفردية هي السائدة كما أن النزعة المادية و الرغبة في تحقيق الربح السريع دفع بالعديد من الأشخاص و الهيئات و المنظمات إلى طرق كل الأبواب المشروعة و غير المشروعة بهدف تحقيق الكسب المادي السهل و السريع .
أما العنوان الكبير لكل ما تقدم فهو الفساد الإداري الذي أصبح يهدد كافة مؤسسات المجتمع حيث لم تعد الكفاءة و الاستقامة و الجدية و التفاني و الإخلاص هي الخصال المطلوبة في الموظف و الاداري أو المسؤول بل فقط الولاء للسلطة و للحزب المهيمن على الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وأحيانا التملق الكاذب والإنتهازية. ولذلك فلا غرابة أن تلحظ التسيب المريع في مختلف المؤسسات وعدم المراقبة والمحاسبة على الأخطاء والتجاوزات باعتبار أن من يتولى المسؤولية أصبحت له حصانة بحيث لا يحاسب على سلوكه وتصرفه في المؤسسة التي يشرف عليها أو يعمل بها.
يعلم الجميع أن أغلب الطاقات والكفاءات لم يعد لها مكان في الإدارة والمؤسسة العمومية التونسية ما عدا من كان يربطه الحبل السري ب »الحزب الحاكم » وهكذا تتكرر المصائب والمآسي الناتجة عن حالة التسيب وعدم المسؤولية. وأصبح ذلك الشعار الذي طالما رددته النخبة » الرجل المناسب في المكان المناسب » شعارا عفى عليه الزمن.
حادثة قربص: حلقة في سلسلة طويلة
لم يعد يخفى على أحد الوضع البائس الذي أصبحت تعيشه العديد من المؤسسات العمومية بسبب التسيب والانتهازية والوصولية التي عششت فيها أو بسبب التخطيط الخبيث والمبرمج لتدميرها وإيجاد مبررات التفويت فيها وبيعها بأبخس الأثمان لأطراف وجهات أجنبية أو باحثة عن الربح السريع/ مما أثر بشكل غير مشروع خلال السنوات القليلة الماضية على مردودية بعض المؤسسات، وذلك في إطار سياسة لا تراعي المال العام أو المصلحة العامة. ولم يشذ قطاع النقل عن هذه الظاهرة بما في ذلك شركات النقل العمومي الجهوية التي أصبح البعض منها يعيش في « غرفة العناية المركّزة » بعد أن نخرها سوس سوء الإدارة والفساد المالي وأصبحت الوسائل الملتوية وغير القانونية ملجأ العديد من مسؤوليها ل »تنمية » مداخيلها ولكن على حساب صحة المواطنين البسطاء وراحتهم الذين لا يقدرون على السفر إلى الخارج أو الإقامة في المنتجعات السياحية… فكان طموحهم أن يحجزوا مقعدا في حافلة بهدف القيام برحلة قصيرة مدة يوم أو أقل من ذلك للترويح عن النفس في إحدى المناطق الجبلية أو إحدى محطات الاستشفاء بالمياه المعدنية… فالدنانير القليلة التي بحوزتهم لا تكفي لأكثر من ذلك وغلاء المعيشة وقلة ذات اليد تطحنهم طحنا…
الرحلة الكارثيّة
كان هذا شأن 54 مواطنا قصدوا المحطة الاستشفائية بمدينة قربص صباح الأحد 23 ماي. كانت انطلاقة الرحلة من مدينة المنستير وتم رصّهم في حافلة قديمة للنقل العمومي لا تتّسع إلاّ لجزء منهم جلوسا وبقيتهم كانوا وقوفا أو على مقاعد صغيرة غير ثابتة بحيث إن حالهم في الحافلة أشبه ما تكون بعلبة السردين. وهي حافلة قديمة غير مخصصة للقيام بسفرات لمسافات طويلة حيث إنّ وضعيتها كانت مزرية لدرجة أن بعض المشاركين في الرحلة ترددوا في امتطائها في البداية بل طالب العديد منهم باستبدالها بأخرى ولكن لا حياة لمن تنادي… وأكثر من ذلك كان سجلّها سيّئا ولها سوابق في الأعطاب وكانت محل تذمّر التلاميذ والطلبة الدارسين في مدينة المنستير بسبب الأعطاب المتكررة التي تحصل لها وقلة العناية بصيانتها وعدم تجهيزها بالعدد المطلوب من المقاعد.
ومن حقّنا أن نتساءل، هل من المعقول – ونحن في القرن الواحد والعشرين – تخصيص حافلة على هذه الشاكلة لقطع مئات الكيلومترات وعلى متنها عشرات الأنفس البشرية وكأننا في قرية نائية من قرى الهند البعيدة أو مدينة من مدن إفريقيا السوداء وسط الأدغال وذلك حسب ما نشاهده في البرامج الوثائقية على شاشة التلفزيون ومن خلال القنوات الفضائية، ألهذا الحد تكون الاستهانة بالنفس البشرية ؟
– لماذا تخصص الحافلات المرفهة المجهزة بعدد كاف من المقاعد وبالمكيفات الهوائية والأجهزة التلفزية وحتى الستائر للفرق الرياضية خاصة فرق كرة القدم والفرق الفنية بمختلف أصنافها في حين لاحظّ
لعموم الناس البسطاء من ذلك.
– لماذا لم تقع مراقبة الحافلة – وخاصة الكوابح – قبل انطلاقها وكلنا يعلم مدى خطورة المنطقة الجبلية التي ستقصدها وهي تتميّز بمنعرجاتها ومنحدراتها التي لا تقوى على تحمّلها سوى وسيلة نقل في وضعية جيدة. ومن سمح لهذه الحافلة بالانطلاق في هذه الرحلة الكارثية؟ و لماذا لم يقم المسؤولون في الشركة بسحبها من الجولان ؟
لا نملك إلا أن نصف هذا إلاّ بالاستهتار بأرواح الأبرياء… ولنقلها بصراحة ووضوح: إذا لم يكن الإنسان هو محور أي عمل أو مخطط تنموي وهدفه فما قيمة البرامج والميزانيات والمخصصات المالية ؟
عندما وصلت الحافلة المنكوبة إلى منحدر » عين العتروس » بمدينة قربص وحاول السائق جاهدا إيقافها مستعينا بأحد الركاب المرافقين له والذي وضع حجرا أمام إحدى العجلات لوقف تقدمها وهي تسير ببطء لم تسعفه الكوابح…. وما هي إلا لحظات حتى انطلقت الحافلة كالسهم تطوي الأرض طيا فما كان من السائق الفقيد إلا أن عرج بها قليلا إلى الشمال تجنبا لسقوطها في هوة سحيقة ( عمقها حوالي 70 مترا) وتفاديا للارتطام بحافلات صغيرة قادمة من الاتجاه المعاكس… فكان الارتطام المدوّي بصخرة جبلية ضخمة… وكانت الكارثة التي أودت بحياة 16 نفرا على عين المكان في حين توفي 3 آخرون عند نقلهم أثناء الطريق أو في المستشفى ولحقت بهم امرأتان بعد صراع مع الموت طيلة أسبوع وهما في حالة غيبوبة.
ولولا مسارعة بعض المواطنين الذين بادروا إلى نقل المصابين والجرحى على سياراتهم الخاصة – حيث لم تكن هناك وحدة للإسعاف السريع على عين المكان رغم خطورة المسالك في المنطقة وتردد آلاف المواطنين عليها طيلة أيام السنة – لربما كانت الخسائر البشرية أكبر من ذلك بكثير…
فالإسعافات لم تأت بالسرعة المطلوبة كما لم يتم إعلام العائلات بالحادث الكارثة بسرعة ولم يتم وضع خط هاتفي على ذمتهم لتمكينهم من الاستفسار عن وضعية أقاربهم وأهاليهم مثلما يحصل في جميع بلدان العالم.
الآن وقد أصبح الضحايا – رحمهم الله جميعا – في ذمة الله ، تاركين وراءهم أبناء وأزواجا وإخوة وأخوات ملتاعين لهذا المصاب الجلل فمن حق هؤلاء أن يلتجئوا بعد إلى القانون لينصفهم ويعوّضهم بعضا من حقوقهم المادية والاجتماعية. وما يجب تأكيده هو أنه لا يجب التذرع فقط بسوءحال الحافلة للتعمية والتغطية على المسؤوليات الحقيقية في هذه الكارثة.
وتبعا لذلك : لابد من تحديد المسؤوليات الجزائية وتتبع كل من له صلة بهذه الجناية و فتح تحقيق قضائي حول هذه الحادثة الأليمة التي عصفت بعائلات بأكملها و تقديم التعويضات الضرورية لعائلات الضحايا المنكوبة في العشرات من أفرادها وعدم الاكتفاء بالكلام المنمق والترضيات المغلفة أو التعويضات الرمزية والوعود المطاطة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
(المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 270 بتاريخ 25 جوان 2004)
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في تونس صيف تونسي ساخن أكثر من العادة
حسونة المصباحي
تأخر حلول فصل الصيف في تونس هذا العام بشكل لافت للانتباه وحتى مطلع الأسبوع الثالث من شهر حزيران /يونيو الذي غالبا ما يكون أول اشهر الصيف بامتياز، تهاطلت أمطار غزيرة في مختلف مناطق البلاد الشمالية والجنوبية والغربية والشرقية والوسطى، وهبت رياح عاتية، وأرعدت السماء بزوابع أفزعت الفلاحين الذين بداوا يتأهبون لجني محاصيلهم الزراعية الوفيرة هذا العام.
ومع ذلك يبدو ان صيف 2004 سيكون ساخنا أكثر من العادة على المستوى السياسي، وليس فقط على مستوى المهرجانات الفنية والغنائية كما جرى العادة. فمعلوم ان الرئيس زين العابدين بن علي وافق العام الماضي خلال انعقاد مؤتمر الحزب الحاكم، أي التجمع الدستوري الديمقراطي في صيف 2003، على ان يكون من ضمن المرشحين للانتخابات الرئاسية التي ستجري في الأسبوع الثالث من شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
والشيء الواضح والمؤكد ان فصل الصيف سيكون الوقت المناسب بل المثالي للاستعداد لها على مستويات متعددة. فالعمال التونسيون المقيمون في الخارج سيعودون كعادتهم الى البلاد بأعداد وفيرة لقضاء العطلة. وتوصيات من الرئيس بن علي ذاته، أولت السلطات التونسية في المجال السياسي كما الأمين والاجتماعي لعودتهم عناية خاصة، وخلال الأسابيع الأولى من شهر يونيو/حزيران سافر الى العديد من العواصم والمدن الاروبية الكبيرة مسؤولون في أجهزة الجمارك وفي تونس الجوية وفي الشركة الوطنية للنقل البحري وايضا شخصيات سياسية كبيرة من الحزب الحاكم للاتصال .
الصيف سينعقد المؤتمر السنوي للعمال التونسيين في الخارج الذي سيكون فرصة ثمينة لأنصار بن علي للدفاع عن سياسته الداخلية والخارجية، وللتحذير من مآرب الأصوليين الذين أصبحوا منذ سنوات عديدة يجدون في الأوساط العربية والمسلمة المهاجرة مجالا حيويا لترويج اطروحاتهم الداعية للعنف والتطرف، وسيكون عيد المراة في الثالث عشر من أغسطس/آب المقبل مناسبة للتذكير بان الرئيس بن علي دعم المكاسب التي حصلت عليا المراة التونسية في عام 1958 من خلال ما سمي ذلك الوقت ب »مجلة الأحوال الشخصية » والتي اتاحت لها ولاتزال تتيح لها المشاركة في بناء البلاد.
وأما الجامعات الصيفية التي باتت تقليدا سنويا يستهوي أعدادا كبيرة من الطلبة والطالبات فيمكن القول أنها ستكون خبرا لإبراز الجوانب الايجابية في سياسة بن علي التربوية. تلك السياسة التي وضعت حدا لموجات العنف والفوضى التي عرفتها المؤسسات التعليمية بمختلف أصنافها ودرجاتها خصوصا خلال السبعينات والثمانينات ومطلع التسعينات من القرن الماضي والتي كادت تحولها الى ميدان للصراعات القاتلة، من تيارات سياسية وأيديولوجية متطرفة، يسارية وأصولية، وفي الجامعات الصيفية ستقع الإشارة حتى الى ان الإصلاحات التي ادخلها نظام الرئيس بن علي على مختلف البرامج التربوية كانت ناجحة وضرورية لكي تنشا الأجيال الجديدة على قيم التسامح والاعتراف بالآخر، واحترام الثقافات الإنسانية بمختلف ألوانها، ذلك ان الحرفة هي في الأصل دعوة الى نبذ الكراهية والعنف والتطرف ومن المستبعد ان تجد مختلف حركات المعارضة آذانا صاغية عند انتقادها لسياسة الرئيس بن علي لأسباب عدة منها عمدت وتعمد دائما الى سياسة الكلام وليس الى سياسة الفعل. وحتى هذه الساعة هي لم تقدم للشعب التونسي برامج سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية يمكن ان تقنعه باتباعها والدفاع عنها. أنها حركات لا تزال تعيش على فتات الأيديولوجيات القديمة التي تهاوت مثل ….من الرمل، مقطوعة عن الواقع الحقيقي للبلاد والشعب لذا يمكن القول أنها همشت نفسها بنفسها.
ومن غير المتوقع ان يجد الرئيس بن علي وأنصاره صعوبات للحصول على تأييد الشعب التونسي برمته التي اتبعها في المجالين الداخلي والخارجي خلال السبعة عشرة عاما الماضية ذلك أنها سياسة تدافع عن نفسها بنفسها. فالرجل الذي فاجأ التونسيين جميعا وبمختلف مشاربهم السياسية والعقائدية عند تنحيته لأقوى زعيم سياسي عرفته تونس خلال تاريخها المعاصر، اعني بذلك الرئيس الحبيب بورقيبة، اثبت مع مرور الأيام والسنوات ان حاكم بعيد النظر، براغماتي وصاحب رؤية سياسية واضحة، وقائد عارف بأطوار البلاد والعباد وبالتالي هو قادر على فرض الاستقرار والأمن والنظام والضرب على أيدي من يحاولون النيل من ذلك في زمن موسوم بالاضطرابات والتقلبات خصوصا في بلدان العالم الثالث، وبفضل السياسة التي اتبعها في المجال الاقتصادي تمكنت تونس من ان تحقق لنفسها تقدما هاما اتاح لمناطق الظل، وللمناطق المنسية والمهملة التخلص من مظاهر الفقر والتخلف، مدللا بذك على ان الثورة الحقيقية هي في تحسين أوضاع الناس المعيشية والاجتماعية، وبالتالي تمكينهم من حياة أفضل، وعلى المستوى الخارجي حرص الرئيس بن علي على المحافظة على سياسة الحوار والتشاور مع دول الحوار، أيضا مع بقية الدول العربية والإسلامية الأخرى، مادا الجسور مع الدول الغربية، المتوسطية منها بالخصوص، وأخذا بعين الاعتبار التطورات الجديدة التي عرفها العالم برمته مطلع الألفية الجديدة. وقد استطاع الرئيس بن علي ان يبلور سياسته الخارجية هذه من خلال القمتين اللتين انعقدتا في تونس خلال الأشهر الماضية، اعني بذلك قمة 5+5 والقمة العربية.
بمثل هذه السياسة الحكيمة المتبعة على المستويين الداخلي والخارجي كسب الرئيس بن علي التفاف الشعب من حوله، وفرض نفسه كواحد من المع الزعماء السياسيين الذين عرفتهم تونس.
(المصدر: موقع إيلاف، الأربعاء 30 يونيو 2004 الساعة 05:20 بتوقيت غرينيتش)
محمد علي الحلواني يعلن انه المرشح الوحيد للمعارضة خلافات وتراشقات بين أحزاب المعارضة التونسية حول الترشيح للانتخابات الرئاسية
حسونة المصباحي من تونس
قبل أربعة اشهر من موعدها، دخلت أحزاب المعارضة التونسية الحملة الخاصة بالانتخابات الرئاسية والتشريعية وهي في حالة من الارتباك الواضح ، مرد ذلك إلى الخلافات التي تشق كل حزب، والى الصراعات الداخلية، التي أدت في بعض الأحيان الى استقالة البعض من قادتها وأنصارها الذين فضلوا الانضمام إلى صفوف المستقلين. في صفاقس، عاصمة الجنوب التونسي، أعلن محمد بوشيحة الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية الذي أسسه في السبعينات من القرن الماضي احمد بن صالح عقب فشل تجربته الاشتراكية التي أمضى بسببها سنوات في السجن بتهمة الخيانة العظمى قبل ان يفر الى سويسرا عن طريق الجزائر، ان حزبه شرع في إعداد تفاصيل خطة للحملة الانتخابية الرئاسية والتشريعية تشتمل على العديد من الأنشطة واللقاءات الفكرية والثقافية. وفي مدينة صفاقس أيضا، نظم الاتحاد الديمقراطي الوحدوي اجتماعا حضره أنصاره بهدف إعداد الترتيبات المتعلقة بالحملة الانتخابية الرئاسية والتشريعية وايضا لوضع حد للخلافات والصراعات الداخلية التي عرفها الحزب خلال الأشهر الماضية وأدت الى حصول فراغ في الأمانة العامة. أما حركة التجديد فاختارت هي أيضا مدينة صفاقس لتنظيم ندوة فكرية حول رسالة المدرسة التربوية والتثقيفية والعلمية. ويشرف على هذه الندوة الدكتور عبد المجيد الشرفي . ويعتقد الملاحظون ان مدينة صفاقس ستشهد خلال الصيف العديد من الاجتماعات واللقاءات والندوات التي ستنظمها وتشرف عليها مختلف أحزاب المعارضة. كما يعتقد الملاحظون أيضا ان المستقلين سيكونون منافسين أقوياء للأحزاب المعارضة وربما سيأخذون منهم عددا كبيرا من الأنصار في مختلف مناطق البلاد. وربما يكون ذلك مرده الى ان المستقلين يمتلكون تجربة سياسية طويلة وبما ان اغلبهم كانوا انتموا في السابق الى أحزاب المعارضة، ثم انفصلوا عنها، فانه بامكانهم الاستفادة من الخلافات والصراعات الحالية. وظهرت داخل أحزاب المعارضة التونسية التي لا سند جماهيريا لها، خلافات بشأن الترشيحات، فأعلن محمد علي الحلواني، مرشح حركة التجديد والمبادرة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية انه « المرشح الوحيد للمعارضة » غير لم يلبث ان تراجع ليعلن انه لن يكون كذلك وجاء تراجعه عقب احتجاجات عدة عبرت عنها أحزاب المعارضة الأخرى التي وصفت التصريح الأول للحلواني بأنه « تجن » عليها و »محاولة لإقصاء وطمس وجوه مرشحيها ». ورد محمد بوشيحة الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية ومرشح حزبه للانتخابات الرئاسية المقبلة بان تصريح الحلواني يعكس « عقلية قديمة » لم تعد مقبولة في تونس عقب التحولات التي عرفتها البلاد منذ السابع من تشرين الثاني (نوفمبر) 1987 أي عندما ازيح الرئيس الحبيب بورقيبة عن السلطة. وأما منير الباجي رئيس الحزب الاجتماعي ومرشح حزبه الصغير للانتخابات الرئاسية فقد ندد باحتكار محمد علي الحلواني لصفة « المعارض والمناضل الديمقراطي » . وقال منير الباجي انه لن يقبل ان يكون مرشحا « ستالينيا » وطالب ان تكون هناك مواجهة علنية. بينه وبين محمد علي الحلواني حتى « تتضح الحقيقة »،حسب تعبيره.
وأعلن جلال الأخضر الناطق باسم حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ان حركته ستكون حاضرة في الانتخابات الرئاسية وستقول كلمتها في الوقت المناسب. وندد بموقف محمد علي الحلواني وقال: »ان حركة الديمقراطيين الاشتراكيين تلعب دورها في تأمين التعددية في البلاد ولها رحابة الصدر التي تجعلها تتفاعل مع أي اختلاف في الرأي معها لكن دون إقصاء، أو محاولة لاحتكار صفة النضال أو المعارضة » واعتبر جلال الأخضر ان « الاحتكار » المقصود لن يخدم حركات المعارضة التونسية ولن يتقدم بها.
(المصدر: موقع إيلاف، الأربعاء 29 جوان 2004 الساعة 19:00 بتوقيت غرينيتش)
إنتخابات 2004 بين المشاركة و المقاطعة
سفيان الشورابي – طالب – تونس
في خضم جدال دشن منذ فترة سنته الأولى، بين من يدعو إلى توحيد الصف الديمقراطي خلف برنامج لمرشح قانوني، إستطاع أن ينفذ من ثقب غافل النظام التونسي، الذي أحكم تصفية خصومه، و إنتقاء حلفائه. و موقف آخر، لا يختلف عن الأول من حيث الدعوة إلى ضرورة الإنخراط في المعركة الإنتخابية القادمة. و لكن بشكل آخر يقوم أساسا على فضح إقصائية و تهميش النظام السياسي لمعارضيه الحقيقيين و الفعليين. و ذلك من أجل إخراج مسرحية إنتخابية منمقة، تكون إضافة جديدة لملفه « الديمقراطي » القائم منذ 17 سنة.
في ظل هذين الإتجاهين، تصدر مجموعة من المناضلين و الديمقراطيين التونسييين مبادرة جديدة تسبح على عكس التيار، و تدعو بالخصوص إلى مقاطعة نشيطة لانتخابات أكتوبر 2004، معددة أسباب هذه الدعوة و مستندة على أفق تاريخي معاصر و على تطورات ميدا نية حا لية. تثبت لنا بوضوح مقومات و أسس هذا النداء الموا طني. و قبل الوقوف على بعض النقاط التي تضمنتها هذه المبادرة. و تمحيصها لبيان مدى سلامتها. يجدر بنا قبل كل شيء، التعريج إلى ما وصلت إليه « المبادرة الديمقراطية » لاستنباط حدودها و نقائصها و « طوبويتها ».
لقد قام نظام 7 نوفمبر، منذ نشأته على وعود بحياة سياسية متطورة، قاطعا مع الممارسات اللاديمقراطية لسلفه، و التي جلبت الفوضى و الإضطراب للبلاد. و كان من الضروري على الرئيس الجديد، بأن يقوم بالتقرب إلى الحساسيات السياسية الموجودة حينها. و تلطيف العلاقة المتوترة مع المعارضة. و قد إستغل لتحقيق ذلك التناقض الحاصل بين أطراف المعارضة و إنتهازية بعض الشخصيات الوطنية. و لكن، بمرور الوقت، تأكد جليا للجميع، بأن النظام اليافع، لا يحمل سوى أكاذيب و أراجيف أكدتها السياسة الدموية التي إعتمدتها السلطة للتخلص من جميع معارضيها.
هذا، و لئن راهن نظام بن علي، على مسك الأجهزة السياسية بيد من حديد، و تفريخ عشرات الآلاف من البوليس و المراقبين لبث حالة عارضة من الخوف و الرهبة و لتحييد الشعب من أي تحرك قد يزعج السلطة. فإنها بقيت منزعجة و متوترة من بعض الضغوطات التي قد تأتي من حلفائها الرئييسيين. و محاولة منها للإلتفاف على هذه الإشكالية و لتلميع صورتها في الداخل و الخارج، أخرج لنا نظام بن علي، مسابقات إنتخابية، تحرك من خلالها أجهزة وزارة الداخلية دمى متحركة تلبس رداء الديمقراطية و المعارضة. و تستدعى وقت الطلب، ترضى بالفتات التي يقدم إليها، مهللة مكبرة متمعشة من بركات السلطة. و لتأكيد حقيقة إدعائنا هذا، نورد بإختصارأهم المحطات الإنتخابية منذ تولي بن علي سدة الحكم.
|
إنتخابات 92 |
إنتخابات 94 |
إنتخابات 99 |
|||
رئاسية |
تشريعية |
رئاسية |
تشريعية |
رئاسية |
تشريعية |
|
الحزب الحاكم |
|
80.84% 141 منعقد |
|
97.73% 144 منعقد |
|
80% 148 منعقد |
المعارضة مجتمعة |
|
19.16% (تحصل الأسلاميون في بعض الدوائر على 30%) |
|
2% 19 منعقد |
|
20% منة من السلطة 34 منعقد |
تبين هذه الأرقام، كيفية سير العملية الانتخابية في تونس حيث:
– يستحوذ الحزب الحاكم على نسبة المطلقة في الإنتخابات. فهو الحزب الجماهيري الكبير، الذي ليس بمقدور أحد مزاحمته. وهو ما يعيد إلى أذهاننا النظام السياسي الستاليني الذي تحول إلى مزبلة التاريخ.
– معارضة ضعيفة ليست لها القدرة على التأ ثير و الفعل و الوقوف للند أمام الحزب – الدولة. وهو ما يجعلها تستعطف رضا السلطة و تلين مواقفها، و تساهم برغبة منها أو بغفلة عنها في تعفن النظام السياسي في تونس.
و على هذه الشاكلة، لا تختلف الديمقراطية في بلادنا، عن الأوليغارشية الزبائنية
Les oligarchies clientélistes لدكتاتوريات أمريكا الشمالية. أين تتحكم المافيا السياسية و العائلات النافذة في خيوط اللعبة و تنسج العلاقات داخل السلطة و خارجها قائمة على الولاء لهذا الجناح أو ذاك و على درجة الطاعة و الولاء، مع السماح لبعض الموالين و الأقرباء بإنشاء أحزاب سياسية تستعمل كواجهة لديمقراطية خاوية و كوسيلة للضغط و المزايدة. و لعل قضية عبد الرحمان التليلي ما تزال حاضرة في الأذهان.
إستحقاقات 2004 و الأوهام المعلقة عليها
حيث أن الجرد السريع لأهم الإستحقاقات الإنتخابية سابقة الذكر، كانت قاصرة عن التطرق للظروف السياسية و الإقتصادية التي حفت بها. فإن أهم مانستنتجه هو وهم الإعتماد على نظام بن علي،و فشله في جميع هذه الإمتحانات. بطريقة تتحول السلطتين التنفيذية و التشريعية من محك إختبار و مسائلة جماهرية حقيقية إلى موعد لاستبلاه الشعب و الإستخفاف به. و كيف لا تكون هذه الحال بهذه الكيفية، و الأموات عندنا ينتخبون.
إن ما يطرحه المتحمسون للمشاركة في إنتخابات الخريف المقبل، نذكر منهم من إجتمع حول ما يسمى بالمبادرة الديمقراطية: من أتباع حركة التجديد و تيار الشيوعيين الديمقراطيين و عناصر قلة مستقلة، رأوا بأنهم أمام فرصة تاريخية لإستغلال ثغرة قانونية لترشيح عضو عن التجديد تتوفر فيه الشروط الموضوعة في هذا الصدد، و توجيه نذاء للحركة الديمقراطية لكي تلتف وراء هذا المرشح « الفرصة » و إستثمار هذا الموعد « لكسب معركة الوجود و إثبات الهوية أمام الرأي العام التونسي الواسع » (1)
من دون الإنزلاق في نقاش بيزنطي لتحديد مفهوم « الرأي العام التونسي » الخرافي، و من دون التقارع حول توقيت « الفرص » هل هي نابعة من ذاتنا و وفقا لبرنامجنا، أم هي لحظة تسمح لنا السلطة بها من حين لآخر. و من دون فائدة تذكر للغوص في ماضي حركة التجديد، المنقلب و المتمايل مع الريح، أو إلى إنتهازية و لا مبدئية تيار ا لشيوعيين الديمقراطيين. و لكن من الملح و الواجب – لإن التاريخ لا يرحم – بيان الخيط الأبيض من الأسود في ما جادت علينا به قريحة واضعي هذه المبادرة.
أولا:
إن الحديث عن الثغرة القانونية التي تناساها المشرع التونسي، و وجب إستغلالها لتسجيل بعض النقاط أمام السلطة هو في الحقيقة إفتراء و ضحك على الذقون. فكلنا نعلم، أنه ليس من السذج و الغباء بمكان، أن يسمح نظام بن علي لمن قد يقلق راحته أو يترك له الفرصة لإفشال أو إرباك برامجه. فهل من المنطقي – وهو الذي أحكم السيطرة على الوضع في البلاد – أن يترك مجالا لمعارض « راديكالي » بأن ينزل للشارع و يخاطب المواطنين وهو الذي لم يرض و لو بهامش صغير من حرية التعبير و التظاهر؟ أو – و تساؤلي بريء – لماذا هذه الإزدواجية في التعامل ما بين الأحزاب المستقلة
FDTL, PCOT, PDP)) و الأحزاب المنخرطة في مسار الإنتخابات (التجديد و الشيوعيين الديمقراطيين.) ؟
إنه من المؤكد بأن السلطة تتعامل بذكاء و حنكة لتجاوز موعد أكتوبر 2004 عن طريق:
1- إستغلال تحمس ا لتجديديين و أتباعهم للمشاركة في هذه الإنتخابات و تقديمهم لمرشح يختلف في خطابه عن السلطة. و يجمع إلى جانبه الكثير من المشاكسين و الناقمين و ما يستتبع ذاك من جر أكثر ما يمكن من المواطنين للتوجه نحو صناديق الإقتراع، خاصة بعد أن أحست السلطة درجة خطورة تغيب الجماهير عن المشاركة في الإنتخابات.
2- لم يعد يخفى على أحد شدة الضغوط الخارجية التي أصبح يتعرض لها نظام بن علي من أجل توسيع هامش الحرية في البلاد و فسح المجال أمام المعارضة للتحرك بهدوء. و ليست، من هنا، الإنتخابات القادمة سوى شهادة رضا من قبل البلدان المتقدمة و الدوائر المالية قد تسلم إليه فكيف سيكون موقف المتمترسين وراء هذه المبادرة، بعد أن يتمكنوا من تحسين صورة دكتاتورية بن علي أمام أسياده في الخارج؟
ثانيا:
جميل أن تدعو المبادرة، الحركة الديمقراطية التقدمية إلى « بلورة مهامها السياسية و شعاراتها بالتوافق مع واقعنا الموضوعي و قدراتنا الذاتية » (2). و لكن، الأجمل منه، لو وضعت الاصبع على الداء و عددت أسباب عجز الأحزاب الوطنية و اليسارية منها بالخصوص. و هي التي تعرف مدى قدمها و إنغراسها في التاريخ السياسي لتونس المعاصرة. و ما فائدة الحديث عن الإشتراكية و رفض الملكية الخاصة و العدالة الإجتماعية في حين تعرف هذه الأحزاب فقرا جماهيريا و تصحرا شعبيا؟ ثم لماذا ينحصر العمل الجبهوي و العمل الجماعي في المواعيد الانتخابية و يكاد ينعدم في مواعيد و محطات و مطالب أخرى؟
أسئلة حارقة تنتظر إجابات قد لا تأتي. و لكن بعيدا عن المغالطات و الإفتراءا ت التي أفحمتها بها المبادرة، يتأكد اليوم إنعدام الظروف المناسبة للمشاركة في الإنتخابات، و تتأكد بأن الآمال التي ستعلق على بن علي و فريقه في امكانية التغيير هي أوهام يتمسك بها الكثير من الغارقين في وحل الاندثار و الاضمحلال. و قد ننعت بالعداوة للديمقراطية و الاستخفاف بالشعب التونسي، و لكن لن ننعت باللاوطنية و الإنتهازية و الديماغوجية التي تسند ذراع النظام المنهارة لا محال.
لكن لماذا نقاطع؟
تتفق جميع الأحزاب السياسية و هيئات المجتمع المدني بجميع أشكالها على سقوط ورقة التوت عن نظام بن علي. و لا أحد – حتى من المقربين – بمقدوره البرهنة الحقيقية على وجود نظام سياسي ديمقراطي في تونس.
ثم إن جميع الظروف الموضوعة و الذاتية المتداخلة و المؤثرة في الشأن السياسي تنبث بوضوح عدم جدوى المشاركة في الإنتخابات القادمة. و الأنكل من هذا، إفتقار البلاد لأحزاب سياسية معارضة متجذرة و لها إمتدادات جماهيرية بمقدرتها قيادة شعب و وطن بأكمله، أحزاب عجزت حتى عن إدارة توجهات و مواقف حزبية متبا ينة، فما بالك بملايين من المواطنين؟
إن التوافق مع واقعنا الموضوعي و قدراتنا الذاتية، مثلما دعت إليه المبادرة الديمقراطية، يدفعنا إلى مقاطعة الإنتخابات المهزلة، و فضح إنتهاكاتها و مؤامراتها. فلا إمكانيات لدينا تسمح بمقارعة و معاندة الند للند حزب متغول، و لا وجود لرأي عام بمقدوره التزول إلى الشارع و إعلان عصيان مدني لفرض ممثليه و مرشحيه.
…خلاصنا في المقاطعة.
أولا:
– إن الدعوة إلى « مقاطعة نشيطة » تستدعي ضرورة الإحتكاك الفعلي مع النظام و بوليسه، و ما قد ينجر عنه من ممارسات قمعية و إستفزازية عودنا بها دائما، و هي فرصة أخرى لتذكير التونسيين و العالم من حولنا، بأن سياسة بن علي داخليا لم تتجاوز مرحلة الإستبداد و القهر و التسلط. و ليس حديثه عن الديمقراطية سوى ذر الرماد على العيون.
ثانيا:
فضح العلاقة العضوية بين الدكتاتورية السياسية و الإستبداد الإقتصادي و هو حسب رأيي، عين الصواب. فجوهر النظام التونسي هو كما ذكرنا سابقا لا يتعدى لعب دور الواجهة و الحلي لنفوذ و إمتيازات بعض الفئات الإجتماعية القليلة التي سمحت لها الظروف و إعتمادا عن الطرق الملتوية و نمط التفكير المافياوي بتحقيق ثروات ضخمة تثير الإندهاش و التعجب في بلد مثل تونس، لا يتجاوز فيها معدل الأجور شهريا بين 400 و 600 د. فمعظم الإجراءات الإقتصادية و السياسات المتبعة في هذا االشأن تحمل هاجسا واحدا أوحد و المتمثل في البحث عن أوفر السبل لتكديس أكثر من أموال في جيوب المستكرشين و المستفيدين من السلطة. و يقتصر دور السلطة و الهياكل التابعة لها حماية مصالحهم و الذو د عنهم و قمع أي صوت يدعو إلى محاسبتهم و سؤالهم من أين لكم هذا؟ »
لعل في أخذنا لأمثلة إضرابات الجوع المتتالية لعمال وقع طردهم من مراكز عملهم أولحاملي شهادات عليا أو صدت جميع الأبواب في وجوههم و إنهارت جميع أحلامهم و تطلعاتهم في برك أوهام صندوق 21-21 و بنك التضامن… خير تعبير و أحسن دليل على صدى البرامج اللاإجتماعية للسلطة في دولة « المعجزة الإقتصادية ».
من هنا نتوصل إلى إستنتاج يتبادر إلينا بعد فحص هاتين المبادرتين، مساندة نظام بن علي الجائر و شرعنته و تقديم العون له ليقدر على الإنفلات من مأزقه، أو التموقع في الجانب الحقيقي للمعارضة المستقلة و الوطنية؟ موقف يتطلب شجاعة عظيمة و تضحيات جسيمة لا نخال أبناء هذا الوطن يفتقرون إليها.
و لنا عودة في هذا الموضوع.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده
حدث وحديث : حتى لا نغمط حق جنود الخفاء
بِقلم :
حبيب بن أحمد
كل من حضر احتفالا من الاحتفالات التي كان ينظمها الاتجاه الإسلامي في الجامعة التونسية يشعر بالروعة والإبداع في الأداء العام ، فكلما أردت أن تقيم جانبا من جوانب الحفل ، إلا ووجدت داعي الإنصاف في نفسك يقول لك أنه حسن. والذي يزيدك احتراما وتقديرا للمنظمين للحفل الواحد ، أنك تجد كل مساهم فيه ـ بأي دور ـ يبذل كل جهده لإتقان دوره. فإذا نظرت إلى فرق الإنشاد وجدت كأنها فرقة عريقة في الاحتراف ، كذا بالنسبة لفرق التمثيل المسرحي ، ومنشطي الاحتفال … ومما يقوي شعورك براحة البال ، ويزيد تمتعك بالمحتوى المعروض ، ملاحظتك لعناصر من فريق النظام العام الخاص بالاحتفال المبثوثة في كل مكان ، ساهرة على خدمة الحضور وتقديم كل مساعدة لهم وتنظيم سير أمور الحفل من أوله إلى آخره.
إن أكثر ما يبقى في الذاكرة بعد عشرين سنة أو يزيد من تلك الاحتفالات الرائعة ، هو ذلك التناغم بين فرق مختلفة في وظيفتها متحدة في هدفها ، ولا يسعك إلا أن تحيي كل من عرفت ومن لم تعرف من الرجال الذين كانوا نماذج في إتقان أدوارهم.
لقد ساهمت فترات الرخاء الأمني التي عاشتها الحركة في تقديم لوحات رائعة من الأداء المتناغم والمنسجم بين مختلف فرق العمل التي كانت تشرف عليها الحركة.
والذي أريد لفت الانتباه إليه ـ في هذه السطور ـ مما هو أروع من ذلك ، وهو ما لاحظته من تناغم وانسجام عناصر الكون مع الفئة المؤمنة في حالة عجز هذه الأخيرة عن أداء مهامها بصورة طبيعية، وعدم تكافئ الفرص مع أعدائها الذين يريدون إقصائها عن الفعل.
وأذكر هنا بعض الأمثلة الدالة على روعة الانسجام بين جند الله تعالى من البشر وجنده من الكائنات الأخرى والتي أغفلتنا الأحداث والوقائع عن الاستمتاع بها. وأنا على يقين من أن عددا من الاخوة عاشوا أو سمعوا عن وقائع ومشاهد قريبة توازيها أو تفوقها روعة.
وضعت الحركة في يوم من الأيام اللمسات الأخيرة لمسيرة سلمية تجوب شوارع العاصمة، معبرة عن رفضها لسياسة الإقصاء التعسفي التي تتوخاها السلطة ضدها ، وكان لا بد من مقتضيات التحضير الأساسية: حفظ عدد من الشعارات تعبر عن مطالب المتظاهرين وكتابة لافتات في نفس السياق ، ترفع أثناء عبور المسيرة الشوارع الرئيسية ، وكان لابد من توزيع ورقات تشرح لقارئها ـ من المتفرجين ـ بعد رجوعه إلى البيت وقراءتها بهدوء ، الأسباب التي دعت هذا العدد الهائل من الشباب للتظاهر في الشوارع. ومن المنطقي أن يكون عدد الورقات هذه، متناسبا مع عدد المتظاهرين المفترض حضورهم في هذه المناسبة.
طلب منا أن ننسخ عشرة آلاف نسخة من نموذج الورقة المزمع توزيعها. وهذا العدد الهائل من النسخ، لا يمكن توفيره في ساعات معدودة، إلا باستخدام آلة طابعة لا تتوفر إلا في دور النشر والطباعة ، ولم يكن لدينا ساعتها إلا آلة ناسخة اشترتها الحركة قديمة مستعملة كنا نخشى دائما أن يصيبها أي عطب، لأن عملية الإصلاح يمثل لنا تحديا أمنيا لا يستهان به، فكنا نحافظ عليها محافظة الأم لرضيعها ، ولا نستعملها إلا للازم ولا نزيد ، ولم يكن أمامنا ساعتها ـ والوقت يحاصرنا ـ والإخوة ينتظرون النسخ، إلا أن نتوكل على الله تعالى ونطلب منه العون.
تناوبنا ليلتها على نسخ المطلوب، لا نوقف آلة النسخ عن العمل إلا لحظة شحنها بأوراق جديدة أو بالحبر . بعد مدة من الاستعمال المتواصل بدأت حرارة الآلة تتصاعد، ولكن واصلنا العمل ولم نلبث طويلا حتى بدأ الدخان يتسرب من بعض جوانبها ولم نتجاوز نصف العدد المطلوب إلا والدخان يتصاعد من أغلب أركانها، بشكل مخيف يشعرك بأنها ستنفجر في لحظة من اللحظات، لأننا لا نشتم إلا رائحة المطاط العازل لخيوط بكرة المحرك تحترق. كل ينظر إلى هذا المشهد العجيب، ولكن الذي كان يشغلنا بالدرجة الأولى هو إنجاز المهمة في الوقت المطلوب أو قبل ذلك. كنا ساعتها بين ناسخ، ومرتب للأوراق ، ومقسم لها بأعداد معينة في كراطين وحامل لها إلى النقاط التي ستوزع فيها ومتابع للأمر بالهاتف. وكنا نشعر حقيقة بأن الآلة الناسخة التي بين أيدينا جندي يشتغل معنا ويريد أن يساهم من جهته في إنجاح مسيرة الخير .
لقد كان كل واحد منا يقوم بما طلب منه في حدود استطاعته ولكن هذه الآلة العجيبة المسخرة أدت مهمتها فوق طاقتها المعهودة . فلا أحد من المتخصصين في النسخ من يقول بإمكانية نسخ 10000 نسخة بطريقة شبه متواصلة بآلة ناسخة قديمة.
لقد بتنا ليلتها وكلنا يخشى أن تكون الناسخة قد لفظت أنفاسها الأخيرة مع آخر نسخة قدمتها لنا كاملة غير منقوصة. ولكنها استمرت بعد ذلك شهورا تشتغل بلا كلل ولا ملل مستجيبة للأوامر كلما طلبت منها.
وشاء قدر الله تعالى أن يقع الإحاطة بها وتعتقل في مكان ما، وكنت يومها في حالة شديدة من الإعياء، دخلت مطعما قبل نشرة الساعة الثامنة للأخبار بدقائق بقصد متابعة الأخبار لعلمي بما حصل. كان في مقدمة النشرة مشهدا ـ مع تعليق ـ يظهر عددا من الأجهزة الإدارية المحتجزة، ـ كأدلة إثبات على إدانة الحركة ـ ومن بينها تلك الآلة التي ألفتنا وألفناها، وحين وقع نظري عليها انسكبت على وجنتي دمعة ساخنة إلتقفتها بسرعة قبل أن تنزل وينزل غيرها حتى لا يلاحظ أحد علاقتي بالموضوع.
نعم أحسست بأنها جندت لخدمة الدعوة حينا من الزمان ثم أحيط بها، واعتبرتها كذلك لأنها خرجت بكل المعايير التقنية عن طاقة مثيلاتها في التحمل والأداء المتقن.
لقد لاحظت قريبا من هذا الأمر في عدد من سيارات الحركة التي سخرت لخدمة الدعوة.
أفلا يشعر الإنسان بجلال وعظمة الذي جعل هذا الإنسجام والتناغم التام بين كائنين مختلفين خلقة ووظيفة ليحققا هدفا واحدا؟
استخلاصات:
ـ إن اهتمامنا بالأسباب التي يسرها المولى عز وجلنا لنا لكي تشاركنا مسيرتنا الدعوية ضعيف، وأحسب أن ذلك يعود لطغيان جزء واحد من الفعل السياسي على غيره، والله سبحانه هيا لنا أسبابا كثيرة وبارك لنا في كثير من الأسباب التي وفقنا لامتلاكها، وطلب من المسلمين الاهتمام بهذا الفضل والكرم الممنوح منه، أكثر من اهتمامنا بالأشخاص وتاريخهم وفعلهم ونضالهم، لأن الإنسان إذا تحرك وفعل وذاع صيته يشعرك في بعض الأحيان بطريقة أو بأخرى أن له فضلا على مسيرة الدعوة ، أما ما سخر المولى عز وجل من إمكانيات من أسباب غير بشرية، فإن الغفلة عنها يمثل السلوك المعتاد من أغلبنا. وهذا الأمر ليس خاصا بالعاملين في إطار الدعوة في تونس بل هو عام. وهذا ما يدعونا إلى مزيد التأمل في قوله تعالى: «
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً » . فالإنسان إن ذكر نعم الله تعالى عليه وإنه سرعان ما ينساها، ولكنه لا ينسى فضل البشر لأن وجودهم الدائم أمام حواسه تجعله يتذكرهم باستمرار.
ـ عطاءات المولى عز وجل لا تنقطع على عباده، سواء أكانوا عاملين للإسلام أو محاربين له. ولكن البركة والتفضيل لا يكون إلا من حظ المسلمين. فقد كان لي علاقات بالإدارات الخاصة والعامة ولاحظت إمكانيات التجهيزات والنفقات الطائلة التي تنفق عليها. ولا بد للمسلم في هذا المقام أن يذكر قول المولى عز وجل: » كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ». والبعض هنا جاءت عامة.
ـ حين يقتصر نظر الإنسان على معاملات البشر فيما بينهم ويجد الشدة والقسوة والغلظة، ينتابه شعور بالقلق والخوف والوحشة، ولكنه حينما يمد نظره إلى دائرة أوسع من ذلك يجد كل الكائنات حوله تناصره وتتفاعل معه وتحاوره بطريقتها، معبرة له أنها عابدة لله تعالى وأنها أفضل من أولئك الذين باعوا ضمائرهم لشهواتهم ونزواتهم فقست قلوبهم، حتى أصبح الواحد منهم يتمتع بتعذيبه لأخيه بل بقتله. حين ضرب أحد قناصة النظام الأخ بوبكر القلالي برصاصة في عينه، هرع إليه أحد الأخوة لإسعافه وصاح بالبشر الذي فعل ذلك ـ ولا أقول الحجر حتى لا أظلمه ـ فما كان من هذا الأخير إلا أن أطلق رصاصة من مسدسه الخاص بالدولة في رأس الأخ فقتله ثم انصرف وكأن شيئا لم يحصل.
حين تنظر إلى مثل هذا الصنف من البشر تضيق بك الدنيا ولكن حين تلتفت إلى الجماد على أن له مشاعر رقيقة وعاطفة جياشة، تخرج من هذا الضيق وتشعر بالأنس.
نعم
قد يعجب الإنسان من خبر النبي صلى الله عليه وسلم عن مشاعر صخور صماء لا تتحرك، والتي تشكل في مجموعها جبلا وهو جبل أحد، مشاعر محبة للمؤمنين ، أحُـد جبل يحبنا ونحبه (صحيح البخاري) وقد يتساءل فهل للجماد مشاعر تعبر عنها ؟هل لغير الكائنات الحية مشاعر؟ نعم بل هي أفضل بشكل لا يقارن بقلوب بعض البشر يقينا بدليل كتاب الله تعالى : » ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ
لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ».
ـ فإن قيل: إن لنا هموما سياسية ولا حاجة لنا إلى الالتفات إلى الجماد لإعادة الاعتبار له، أقول وهل تحسم المعركة النهائية وينتهي أمر الصراع بين الحق والباطل نهائيا بدون الدعم الفعلي من الحجارة: » لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود.(أخرجه مسلم) ثم انظر صيغة الخطاب: « يا مسلم يا عبد الله. » خطاب فيه إشارة واضحة إلى الصفة المشتركة بين الإثنين (الإنسان والجماد)
ـ قضية التوكل من أهم القضايا التي أستخلصها من قضية الناسخة. فلو كان حاضرا معنا إنسان مختص في آلات النسخ ساعة طلب منا نسخ 10000 نسخة لأطرقنا بمحاضرة حول درجة حرارة الطنبور الذي يلتقط الحبر، والسلك الالكتروني الذي ينقل الحبر إلى الطنبور. وسرعة المحرك…. ولضاع الوقت في الجدال ولحال التخوف دون تحقيق ما نريد. إلا أن اتخاذ قليل من الأسباب مطلوب ولكن لا بد من التعويل أكثر على التوكل ولنا في قصة مريم عليها السلام عبرة. « وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً » فمن من الرجال الأقوياء من يستطيع تحريك جذع النخلة ولكن المرأة الخائفة النافس التي خرجت لتوها من الوضع طلب منها اتخاذ الأسباب ليتهاطل عليها الرزق. وهي التي كان يأتيها رزقها في المحراب دون أي سعي منها.
تحية طيبة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حتى لا نقف عند « ويل للمصلين »
كلمات عتاب للأخ سامي بن غربية
د.خالد الطراولي
أحيّ الأخ سامي على كتاباته القيمة وأهنيه على موقعه « نواة » وأتمنى له ومولوده كل النجاح والتوفيق في خدمة هذه الأرض الطيبة وأهلها الطيبين.
وددت من خلال الكلمات المستعجلة والمختزلة التالية لفت انتباه الأخ الفاضل سامي في مقاله حول المقاطعة، عند حديثه عن الليبرالية الجديدة قوله :{ الليبيرالية الجديدة التي دعا إليها كل من السيد مختار اليحياوي و السيد خالد الطراولي خلال عرضه لمبادرة « و لم لا نرشح سجينا سياسيا؟ « . حيث رفع شعار « الحرية أولا ودائما » بل نادى إلى « انفتاح اقتصادي معمق »}[[1]]..
في الحقيقة مع احترامي الكامل واللامتناهي للحوار الحر والرأي والرأي الآخر، غير أن قليلا من الأمانة الفكرية وتدقيق الاستشهاد والقراءات، وعدم إخراج الكلمات والمصطلحات من سياقها، تلزمنا ببعض التأني في اقتباساتنا وفي كتاباتنا. إن النقد والمراجعة والتناظر والحوار وضرب الرأي بالرأي يبِنْ منه وجه الصواب، لكن النقد البناء عملية معقدة تتأسس على التمكن العلمي والمعرفي وعلى التجرد والموضوعية وعلى كثير من الأخلاق، ولا نخال أخانا الكريم بعيدا عن شواطئها!
وأنا لا أعرف توجهات القاضي الجليل ولن أفتي بغير علم، ولكن إلحاق البطاقات والعناوين بهذا اليسر وهذه السهولة فيه كثير من الظلم والتجني ولا شكوى إلا إلى ضمائرنا ونوايانا. خوفي أن نطلق العناوين والنتائج ولعله « التهم » ثم نلهث بحثا عن تبريرها وتدعيمها، دون مراعاة أبجديات العمل الفكري الصائب ودون تبين آثارها السلبية الممكنة على الشخص المعني! إني أتساءل بكل لطف وكلي حيرة كيف تمكن الأخ الفاضل من حشري في تيار فكري له ماهيته وأهدافه ومدارسه وأجنحته، وذلك عبر التقاطه لشعار يتيم « الحرية أولا ودائما » تنزّل في إطار مبادرة سياسية تحمل هما وطنيا أكثر منه فكريا أو اقتصاديا. ثم وقف عند نصف جملة « انفتاح اقتصادي معمق » وحشرني سامحه الله في الليبرالية الاقتصادية المتوحشة ولم يواصل الجملة كاملة وهي كالآتي » انفتاح اقتصادي معمق، ومقيد بتدخل الدولة وحالة المجتمع والوضع العالمي« . وسأعود إلى كل هذا بالتفاصيل لاحقا.
حديثي عن الحرية
إن اعتباري كبير لقيمة الحرية في كل كتاباتي والتي تشكل العمود الفقري والأساسي لكل مشروع تغييري وإصلاحي أؤمن به وأرعاه، لقد رأيت سابقا [
[2]] ولا زلت أرى أن هذا المشروع التغييري الصالح المصلح يُبنَى على رباعية وهي الحرية والمرجعية الأخلاقية والروحية والعدل الاجتماعي والاقتصادي. ولقد جعلت من الحرية أساس كل هذا البناء، ينهدم إذا انهدمت، وينعدم إذا انعدمت، ويعلو شأنا إذا علا شأنها.
وكما ذكرت في مقال سابق [
[3]]
لن نمل الحديث عن الحرية حتى وإن تكرر الكلام، ولقد اصطبغت الحضارة الإنسانية أيا كانت مشاربها بهذا البعد في أيام ازدهارها، وطفقت منتكسة منكسرة هائمة لمّا شابها انعدام أو ذبول للحرية في ديارها.
قيل لأجدادنا يوما متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا، وسبق مُقدّسنا وحفل بإشارات حملت روح الحرية والكرامة ، « ولقد كرمنا بني آدم »… فكانت حضارتنا أيام عزها مليئة بمشاهد الحرية رغم بعض الهنات والانتكاسات التي مثلت بذرة السوء النائمة وبداية النهاية… كان الخليفة العباسي المأمون يجمع مناظرات علمية بين أصحاب الديانات المختلفة ويقول لهم: ابحثوا ماشئتم في ميادين العلم غير أن يستدل أحدكم بكتابه الديني!.
ولما انهارت حضارتنا كان لاستبعاد الحرية دور في سقوطها وتهميشها..، غابت الحرية السياسية، والاقتصادية، وغابت قبل ذلك حرية الكلمة والرأي والفكر، وليس غلق باب الاجتهاد يوما إلا تعبيرا لهذا المنزلق، فالحرية التزام، والحرية إبداع، والحرية إحسان وإتقان…
غابت حرية الكلمة والقلم في السياسة، فكان الضمور والفقر في الفكر السياسي الإسلامي لقرون حتى أن أبا الحسن الماوردي صاحب الأحكام السلطانية يوصي أتباعه بعدم نشر كتابه إلا بعد وفاته!.. وغابت الحرية في الفكر الاقتصادي إلا من بعض العناوين النادرة والمعروفة فكان الترهل الاقتصادي فكرا وممارسة وفاتتنا الثورات الفلاحية والتجارية والصناعية… في المقابل تحررت الكلمة وسال القلم في الطقوس والشعيرة فكان الإبداع والإتقان وكان التعدد حتى الاختلاف وكانت الوفرة حد التضخم في فقه العبادات، وامتلكنا تراثا فقهيا يندر وجوده في الزمان والمكان…
وحاول التنظير في مهب هذا الظلام وفي بعض لحظات الوعي أن يرجّ التنزيل، فكانت ومضات بعض الفقهاء والعلماء، غير أنها بقيت مهمّشة منسية لطول الليل الحضاري ولعمق السبات، فقد أفتى الفقيه الحنفي الشهير ابن عابدين في حاشيته، بأنه إذا اختلف مسلم وغير مسلم في ادعائهما لطفل، حيث طلب المسلم ملكيته والآخر أبوته، فإنه يُحكم لصالح غير المسلم لأن تنشئة الولد على الحرية وإن كان غير مسلم أفضل من تربيته على العبودية وهو مسلم! وهو لعمري موقف مدني وحضاري عجيب حدّ الغرابة، حيث غلّب الفقيه إنسانية المرء من كرامة وحرية على المعتقد والدين.
هذه المشاهد وغيرها ترشد على عمق قيمة الحرية في مقدّسنا وفي حضارتنا، وليست حرية الفكر والقلم إلا جزء هاما ومعبرا عنه، ومالتقت الفكرة الحرة والخطوط المستقلة إلا وكان الإبداع وكان النهوض وكانت الحضارة، وما قُبرت الكلمة وسجنت وغُيبت، إلا وغاب الوعي وكان السقوط وكان الفناء…وسواء كان المقبر صاحب عمامة أو مرتدي قبعة!
وإذا غابت الحرية اليوم في الكثير من معاقلنا ومواقعنا فهي نتيجة وسبب! سبب يحمله الشعوب والرعية لقابليتهم العجيبة للتأقلم مع الجور والظلم والاستعباد، وهي نتيجة لعقلية الأنا والاستفراد والاستكبار ورفض الآخر التي أصابت أكابرنا وقوادنا حتى اختلقنا الجمهوريات الملكية والوزارات بدون وزارة! ولن ينس التاريخ إبداعاتنا في هذا المجال راع ورعية.
ولم يكن غياب الحرية في بعدها السياسي الكابوس الوحيد الذي يقض مضاجعنا، ولكنه جزء من كل ، ظلمات ازداد بعضها فوق بعض حتى إذا مددت يدك لم تعد تراها. غابت الحرية في البيت وغُلقت الأبواب وقيل للرجل هيتَ لك، يفعل ما يشاء، كيف يشاء، متى يشاء حتى قيل ظلما وعدوانا « رحم الله عهدا كانت المرأة تخرج فيه مرتين، مرة عند التحاقها ببيت زوجها، ومرة عند لقاء ربها »!!!! يقول قاسم أمين : » فانظر إلى البلاد الشرقية تجد أن المرأة في رق الرجل والرجل في رق الحاكم، فهو ظالم في بيته مظلوم إذا خرج منه »[
[4]]
غابت الحرية في العقول فالتمسنا العقل في الحرية، فما وجدنا الحرية، فغابت عقولنا وارتجت نقولنا فكان الفراغ أو ما يشبهه، بضاعة معرفية وعلمية زهيدة لا تسمن ولا تغن من جوع. فغابت ذواتنا عن الفعل وغابت الأمة عن الثورة الصناعية والثورة التكنولوجيا والثورة المعلوماتية وبقينا في غفوتنا نبحث عن بصيص الحرية، وأمل زائف في المشاركة في ركب التحضر والتمدن.
غابت الحرية في مجموعاتنا فكانت الأحزاب، إن وُجدت، والحركات والجمعيات تنابز أطرافها وتستحوذ على حق الكلمة والتفرد بتمثيل الجميع في كيانها وسُحبت البُسط عن بعضها بدعوى الكفر أو الإيمان من ناحية، أو لعدم ديمقراطيتها من ناحية أخرى، إذ لا ديمقراطية لأعداء الحرية!، وكأن الجميع أصبح وصيا يملك صكوك الغفران وحقوق الكرامة والحرية. يرفض الحرية لغيره وهو منبوذ في مجتمعه يطمح من باب خفي إلى الحرية من سلطانه وهو له من الكارهين.
إن تأكيد بعد الحرية وقيمتها في عقولنا وتصرفاتنا، في تنظيرنا وتنزيلنا، مهمة الفرد والمجموعة، والحاكم والمحكوم حتى تتعدد الرؤى والمنافذ، وتختلف الأطروحات والبدائل، وتجتمع التصورات القومية والإسلامية والليبرالية والاشتراكية وغيرها… همها الأوحد المساهمة في بناء الفكر الحضاري للأمة وتشكيل العقل الحر والمبدع لأفرادها تحت شعار: اختلافنا لا يفسد للود قضية! وإذا كان العدل أساس العمران كما يراه ابن خلدون، فإن الحرية أساس بقائه وعماد دوامه وعربون فلاحه وتطوره نحو الأسلم والأفضل.
ماذا عن الليبرالية الاقتصادية أو حين نُقَوَّل ما لم نقل!
لقد اعتمد الأخ الفاضل على نصف جملة لم تنته، وأخرجها من سياقها واعتبرها تأكيدا على تبنّ قلمي للبرالية الاقتصادية المتوحشة، فقد قال كما ذكرت سابقا، دعوتي إلى انفتاح اقتصادي معمق، في البرنامج الانتخابي للسجين السياسي في المبادرة المعروفة، قلت حرفيا في البند الرابع لهذا البرنامج المبسط » انفتاح اقتصادي معمق، ومقيد بتدخل الدولة وحالة المجتمع والوضع العالمي. » لم أفهم في الحقيقة لماذا وقف الأخ الفاضل عند البداية التي لم تتنهي حتى بنقطة، بل كان هناك فاصل لإظهار تواصل المعنى وعدم اكتماله إذا وقفنا عند بداية الحديث، والسياق من أعظم القرائن كما يقول الفقهاء المفسرون. لقد قلتُ أخي العزيز أن هذا الاقتصاد المتعمق انفتاحا محاط بثلاثية ملزمة وليست مخبرة، وهي تدخل الدولة وحالة المجتمع ومتطلبات الوضع العالمي. وبين حديثك الذي بنيت عليه اقتطاعك لهذه الجملة وبين ما عنيته في حديثي المقتضب هذا، يظهر البون شاسعا ويصبح الكثير من الحديث ملغى ولا فرضية يرتكز عليها. فهل حديثي هذا يعني أخي الفاضل أني مع هذه الليبرالية الزاحفة والمتوحشة والتي فشلت في ديارها حتى نريد استيرادها في بلداننا؟، هل حديثي هذا على اقتضابه لا يعني أن هذا الاقتصاد المنفتح الذي أصبح محسوما أمره بعد سقوط الاشتراكية سياسة واقتصادا، والذي أثبت الآن عدم إمكانية أو جدوى غلق الحدود وحبس الأسواق والاكتفاء بالسوق الداخلية إنشاء وتسويقا وتوزيعا واستهلاكا، أن هذا الاقتصاد المنفتح إجبارا أو خيارا، وحتى لا يتوحش ويأكل القوي فيه الضعيف، حشرناه في هذا المثلث المتساوي الأضلاع وقيدناه بها: حق الدولة (الخاص والعام)، وحق المجتمع (في مستواه الفردي والجماعي، ملكية وحقوقا)، وضرورات أو إكراهات السوق العالمية.
غابت الحرية في أسواقنا، والعالم تتقارب أسواقه وتهيمن منشآته ومجمّعاته، وحظرت الجماعة وهيمنت المجموعة، واحتكرت الدولة كل الميادين إنتاجا واستهلاكا وتوزيعا. فغيبت المبادرات الفردية، وتعلم الفرد التواكل والأكل على موائد الأيتام إذا وجُدت هذه الموائد رغم قلة المرق، وذاب الفرد في الجماعة إلى حين… ثم تراء لنا بعد لأي ونصب، أن نفتح الأبواب على مصراعيها ونتبع نصائح الصديق والعدو، فكانت سياسات الانفتاح المنفلت والشراكات وحذف الجمارك وتنحية الحدود، وادعينا الليبرالية الاقتصادية وتجاهلنا مرتكزاتها الأساسية والتي تمثلها الليبرالية السياسية ورأس حربتها: الحرية. فكان تقليدنا أعرجا، وممارستنا منقوصة، وغاب المنطق في التنزيل واستهوتنا سهولة التأويل، وأردنا تعايش الأضداد، وتعدد الأضرار فكان اقتصادنا هجينا تابعا لا يُعرف سمته ولا يُفقه وصفه وكان السقوط…[
[5]] ومن النقيض إلى النقيض، من دولة مهيمنة واشتراكية زاحفة أذابت الفرد وضخمت الجماعة، إلى استفراد باغ للقوي والكبير، فردا أو قلة أو لوبي، على حساب الضعيف والصغير والجماعة، وبين هذا وذاك كتبت قصة تجاربنا الاقتصادية المأسوية، حيث ظللنا مخابر تجارب لنماذج تنموية حُبكت وراء الحدود على أوراق بيضاء وسوداء وأُسقِطتْ على اقتصاداتنا دون وعي بخصوصياتها ولا تفهم لنسيجها ولا رأفة بذويها.
ورغم صعوبة الحديث باقتضاب في هذه المسألة وخوفي من الإجابات الفضفاضة لضيق الوقت والمجال، اسمح لي أخي الفاضل أن أتوقف هنا عسى أن أتحدث في مداخلة قادمة إن سمحت الظروف بذلك عن البعد الاقتصادي في بعض آرائي الفكرية المتواضعة، والتي أطمئنك أنها بعيدة كل البعد عن ما أسميتها بالليبرالية الجديدة.
يقيني أن الأخ الكريم سامي لم يتعمد الإساءة في كتابته واستشهاداته، وكانت فلتة يشفع له فيها جهده واجتهاده وعمله الدؤوب من أجل خير هذه الأمة وخير هذه البلاد، وقد التمس له الرسول الكريم كل الأعذار « التمس لأخيك عذرا إلى سبعين عذر »!..
والله أعلم
سامي بن غربية « في الحوار و المقاطعة والقطيعة » موقع تونس نيوز نشرية عدد 1495، 23 جوان 2004.
خالد الطراولي « ضرورة المرجعية الأخلاقية والروحية في المشروع التغييري الإجرائي والحضاري » مجلة « مرايا » السنة الثانية العدد السادس ربيع 2003.
خالد الطراولي « الحرية وبداية المشوار الحضاري » صحيفة « الزمان » اللندنية 19_20 أكتوبر 2002.
قاسم أمين « المرأة الجديدة » في بن رمضان فرج « قضية المرأة في فكر النهضة » دار الحامي تونس 1988 ص :25.
خالد الطراولي المقال السابق أكتوبر 2002.
فــي مــنــتـدى الـفـكــر المــعــاصر بــزغـوان (1-2)
بورقيبة… المجتمع التونسي… الهوية والدين.. محور مداخلات علمية
تغطية: سعيدة بوهلال
زغوان ـ الصباح: محاضرات هامة ألقاها مفكرون وباحثون وجامعيون من تونس والاردن والجزائر وليبيا والمغرب وفرنسا على منبر مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات بزغوان ايام 23 و24 و25 جوان الجاري خلال المؤتمر العالمي الرابع عشر لمنتدى الفكر المعاصر حول «الدولة والمجتمع والدين في المغرب العربي المعاصر».
وتعرض المشاركون في هذا المؤتمر المنتظم بالشراكة مع مؤسسة كونراد اديناور بتونس الى اشكاليات عديدة ومقاربات جديدة حول العلاقة بين السلطة السياسية والسلطة الدينية وحراك المجتمع المدني المغاربي تجاهها، والتنشئة التربوية الاولى كمفتاح للاصلاح والحداثة وتحديات العولمة المعرفية وانعكاساتها على مؤسسات الدولة في المغرب العربي، واليات الحكم في المغرب العربي والذهنية العربية الاسلامية، وحتمية تملك التفكير العقلاني النقدي. ومتابعة لما ورد في هذا المؤتمر تتولى «الصباح» مواصلة نشر تفاصيل بعض المداخلات في هذه الورقة.
بورفيبة والفكر الوهابي
تحدث الدكتور علية العلاني من قسم التاريخ بكلية الاداب منوبة عن «بورفيبة والفكر الوهابي» وبين ان «دولة الاستقلال حينما قامت في تونس سنة 1956 وبثت مشروعها التحديثي لم تجد مناخا فكريا مناهضا بشكل حاد ماعدا معارضات متفرقة لاوساط محافظة جدا لم تكن تمثل تيار الاغلبية.. فالمشروع التحديثي متصل مباشرة بتطور الفكر الاصلاحي في تونس حتى قبل ما يعرف باصلاحات خيرالدين.. ومنذ عام 1814 تحدث ابن ابي الضياف في كتاب «الاتحاف» عن رفض حكام تونس وعلمائها ونخبتها للدعوة الوهابية المقامة على تشييد اركان الدولة والمجتمع وفقا لما حصل في عهد الرسول والخلفاء والتشبث حرفيا بظواهر النص لا بدلالاته ورفض كل اضافة واجتهاد في الدين باعتبار ان الحل هو اسقاط نموذج عهد الرسول والخلفاء على كل الازمنة.
ويفسر المؤرخ ان موقف ابن ابي الضياف المدعوم بافكار النخبة الاصلاحية في القرن 19 المؤيدة بشهادة علماء المشرق مثل محمد عبده الذي زار تونس في مناسبتين (1885 و1903)، لا يرفض الثقافة الغربية.. ولم يفت الشيخ محمد عبده ان يستغرب وجود جماعة في تونس امنت بأفكاره وان الزيتونة متقدمة على الازهر..
ويقول العلاني ان بورفيبة ـ عندما تسلم الحكم لم يجد تضاربا جوهريا بين افكاره التحديثية والخط الفكري السائد في المجتمع التونسي رغم وجود بعض التيارات الموغلة في المحافظة، وتحدث بورفيبة في خطاب 30 نوفمبر 1959 عن مشروعه الاصلاحي الذي يعتبره امتدادا للفكر الاصلاحي منذ القرنين 18 و19 واستشهد بما قام به الافغاني ومحمد عبده ثم خيرالدين وقبادو ومحمد بيرم..
ويقوم المشروع الاصلاحي البورفيبي على حد ذكره على الاعتماد على العقل اساسا في قياس الافكار وقبولها، وعلى رفض منطق اعادة مراحل تاريخية سابقة وتكرارها واسقاطها على وضع راهن، وعلى فتح باب الاجتهاد وتقديم نماذج منه من خلال مشروع مجلة الاحوال الشخصية.
ولعل ما كان يهم بورفيبة هو الدولة وبقاؤها واستمراريتها وتماسكها وليس الدين، ولانه يدرك ان الدين عنصر هام في توحيد الشعب لذلك لم يقم بفصل نهائي بين الدين والدولة كما فعل اتاتورك.
وأشار المؤرخ الى ان بورفيبة قام بانجازين هامين لعقلنة التوجه الديني وهما اصدار مجلة الاحوال الشخصية وتحديث التعليم بارساء تعليم عصري بدل التعليم الزيتوني.. ورفض بورفيبة ما طرحته النخبة في جريدة لاكسيون (1958) عندما نادت بفصل الدين عن الدولة، وحرص على ان يتضمن الفصل الاول من الدستور تأكيدا على ان الاسلام هو دين الدولة.. ولكن في المقابل كان يستعمل نفوذه الادبي لاقرار اصلاحات (حذف تعدد الزوجات، مسألة الطلاق، توريث البنت الحساب الفلكي عوض رؤية الهلال…).
ومن هذا المنطلق اصطدم بورفيبة مع الفكر الوهابي في مناسبة اولى سنة 1959 عندما هاجم صراحة الاسلوب الوهابي في نمط الحكم والقائم على الرجوع الى عهد الرسول والخلفاء الراشديين (في خطابه 30 نوفمبر 1959) وفي مناسبة ثانية (خطاب مارس 1974 عندما طالب بالمساواة في الارث.. وبذلك فان بورقيبة يطرح مشروعه التحديثي كنقيض للفكر الوهابي ولكن كمتمم للفكر الاصلاحي الذي جاء به الافغاني وعبده وخيرالدين..
المجتمع والهوية
مداخلة هامة قدمها الدكتور سالم لبيض من المعهد العالي للعلوم الانسانية بتونس وتحدث فيها عن المجتمع والهوية في تونس. وبين الدكتور لبيض ان الهوية في تونس ترتكز على مقومين رئيسيين هما اللغة العربية والدين الاسلامي.. وجعل ذلك من هذه المسألة موضوع جدل فكري وايديولوجي وسياسي.. حيث انزلق الدارسون والسياسيون في كثير من المناسبات الى اعتبار هذه العناصر بمثابت المعوقات التي حالت دون الانخراط في الحداثة..
وادت مسيرة ما يمكن تسميته «بصراع الهوية» مع المستعمر عندما عملت ادارة الاحتلال الفرنسي عبر احداث الجلاز والمؤتمر الافخارستي، على طمس الذاتية التونسية انذاك.. واستمر هذا الوضع في صورة كثير ما اخذت شكلا كاريكاتوريا مع الفترة البورفيبية الى طرح قضية الهوية باعتبارها تمثل اشكالا تاريخيا.
ولاحظ الباحث ان بورفيبة مثلا كان يستعمل كثيرا العامية وكانت خطاباته للشعب التونسي بالعامية، وليست باللغة العربية، اما موقفه من الاسلام فيتصف بالازدواجية، اذ يبدو الموقف الاول وهو تلقائي (الدعوة الى افطار رمضان، والى التخلي عن الحج وفي المقابل شجع الناس على زيارة مقام ابي زمعة البلوري..) اما الموقف الثاني الذي يبديه خلال البروتوكولات او عند زيارته لدول اسلامية فهو مؤيد للدين..
ولكن كيف انعكس هذا النوع من الهوية على الشعب التونسي؟
حاول الدكتور لبيض الاجابة عن هذا السؤال بالاشارة الى ان ان صراع الهوية انعكس على برنامجي الاصلاح التربوي لسنتي 1958 و1991 وعرف الاول باصلاح المسعدي والثاني باصلاح الشرفي، وتزامن اصلاح المسعدي مع فترة الصراع اليوسفي والبورفيبي وهويتحدث عن عموميات ولا نجد فيه خصوصيات واضحة للهوية التي يهدف اليها.. اما اصلاح 1991 فقد تزامن مع فترة الصراع بين السلطة والحركة الاصولية ورغم ان الغايات التي يصبو هذا المشروع الى تحقيقها تتنزل في اطار الهوية العربية الاسلامية، ورغم ان البرامج التربوية تشير الى ضرورة الاعتزاز بالوحدة القومية والاسلام والعالم العربي والاسرة العربية فان هناك ضبابية تحيط بمكونات الهوية الوطنية.. ويفسر الباحث هذا الامر اعتمادا على جداول اوقات التلاميذ ويبين ان الكثير من البرامج كانت تدرس باللغة الفرنسية وتخصص لها فترة طويلة يشير الى انه في ظل هذا النظام التربوي يبدو ان كل ما ينتمي للهوية معرقل للحداثة، وان هناك هوية ثانية يستبطنها المجتمع وهو ما يمكن ملاحظته لدى نسبة كبيرة من الشعب الذي مازال متشبثا بالكتاتيب والمدارس القرآنية والصوفية.. اي انه بالتوازي مع تأثيرات الاصلاحات التربوية وافكار بعض النخب الجديدة التي نشأت في ظل هذا المناخ، كان المجتمع التونسي ينتج هوية بمقوماتها سالفة الذكر (أي اللغة العربية والدين الاسلامي) عبر اطر تنشئة موازية وخطاب سياسي ونقابي مغاير يحتل فيه الانتماء العربي الاسلامي مركزا متميزا..
بورفيبة.. والدين
قدم الاستاذ حامد الزغل مداخلة عنوانها: «بورفيبة والدين» وبين ان موقف بورفيبة من الدين اثار ردود فعل متباينة من قبل كتاب من الشرق والغرب، الى درجة ان احد المفكرين المقربين من الزعيم ذهب الى القول ان بورفيبة قادر على التخلص من الاسلام بجرة قلم..
ولتبين مدى صدق هذا القول، حاول الباحث تقصي مواقف بورفيبة من الدين منذ العشرينات من القرن الماضي.. ففي سنة 1929 ابدى بورفيبة تحمسا في الدفاع عن الحجاب خلال لقاء ألقيت خلاله محاضرة تدعو الى التنديد بالحجاب، وبين وقتها ان الحجاب يمثل عادة متأصلة في المجتمع التونسي.
وفي سنة 1930 تاريخ المؤتمر الافخارستي المسيحي المنتظم بقرطاج احتفالا بمرور مائة عام على احتلال الفرنسي للجزائر، وهو مؤتمر شارك فيه شيخ الاسلام احمد بيرم، والباشا مفتي، لم يبرز فيه موقف بورفيبة واضحا لانه كان محاميا متربصا لدى احد الفرنسيين ولعل ذلك منعه من ابداء اي موقف.. ولكنه بعد شهرين فقط من دخوله الى التربص وقع طرده.. وبين الباحث ان بورفيبة كان متجاوبا مع افكار الطاهر الحداد في كتابه «امرأتنا في الشريعة والمجتمع». اما في قضية التجنيس فقد ابدى تصديا لهذه الحركة وشهر في مقالاته بالمتجنسين.. واثر الاستقلال بادر باصدار مجلة الاحوال الشخصية واصلاح التعليم وتوحيده وتعريبه.. ولم يجد معارضة كبرى نظرا للشعبية التي يتمتع بها لكنه حينما دعا الى افطار رمضان لم يتجاوب معه الشعب كثيرا…
السياسة.. الدين.. الثقافة
تحدث الدكتور البشير العربي من كلية الاداب بصفاقس عن علاقة السياسي بالديني والثقافي في ظل العولمة، وبين ان المتتبع لهذه العلاقة يجد ان التنظيرات العالمية تقف على قطبين هما قطب الماركسية الذي يضع الديني والثقافي في سلة واحدة باعتبارهما يوجدان ضمن البناء الفوقي للتشكيلة الاجتماعية، بينما يضع القطب الليبرالي، الديني والثقافي ضمن المجتمع المدني مقابل المجتمع السياسي اي الدولة، ذلك ان الجمعيات والاحزاب يمكنها ان تلعب دورا هاما في الحياة المجتمعية، عندما تكون الدولة في مستوى الدولة الامة، اي ان تكون قادرة على شد المجتمع بأكمله ومراقبته وتسيير شؤونه في جميع المجالات الحياتية.
ويضيف الباحث قائلا «أما وقد صارت الدولة في ظل العولمة ضعيفة.. فانها ستصبح «دولة الحكم» تقوم بالمراقبة لكنها لا تتدخل في الحياة الاقتصادية والخدماتية كما في السابق نظرا لان هذه المسائل بيد الخواص.. كما انها دولة لا تتحكم في حدودها نظرا لانفتاح الحدود بين دول العالم وانتفاء المراقبة الجمركية ودخول البضائع دون استئذان.. وستكون علاقتها بما هو ثقافي وديني على نفس النحو وينتهي ولاء المثقفين والدين للدولة وبالتالي يكون الفصل بين الدين والدولة مسألة ضرورية حتى لا تكون معادية للاقليات الدينية الاخرى اذا ما كانت تتبنى احدى الديانات.. او ان ما تمارسه العولمة من انحياز ديني وثقافي باسم الحضارة سيعيد الاعتبار لما هو ثقافي (هوية) وديني (معتقد روحي) سيحيي في العالم الحروب الدينية وسيدخله في دوامة العنف الذي لا ينتهي بالرغم من ان الاسباب ماتزال اقتصادية تراوح بين استغلال الثروة البترولية في انحاء العالم واحتكار التكنولوجيا باسم مقاومة اسلحة الدمار الشامل وابقاء الدول الفقيرة اسواقا هامة لترويج البضاعة المادية والبضاعة المعلوماتية الثقافية وبالتالي اخضاع كل من السياسي (كيانات سياسية) والثقافي والديني (كل الديانات الرافضة للصهيونية) الى مشيئة العولمة واصحاب القرار في العالم المعاصر..
فالعولمة على حد قول الاستاذ العربي نمطت المواطن.. وهي تؤسس لثقافة كونية قائمة على الاستهلاك لاتباع الموضة..
وتناول الدكتور يحيى بشلاغم من كلية الاداب والعلوم الانسانية والعلوم الاجتماعية بجامعة ابي بكر بقايد من تلمسان بالجزائر العلاقة بين الثقافة التنظيمية والفعالية من خلال دراسة تأثير القيم السائدة لدى العمال بالجزائر على فعاليتهم او مردوديتهم في العمل.. وبين ان التعرف على طبيعة القيم السائدة لدى العمال يشكل قانونا تنظيميا جديدا يتمثل في حصر قيمهم المشتركة بهدف توجيهها نحو تحقيق الاهداف التنظيمية.. وذكر ان المدرس مثلا مثله مثل بقية العمال ترتبط مردوديته اساسا بطبيعة القيم التي يحملها (قيم اقتصادية، دينية، سياسية، اجتماعية، نظرية، جمالية..).
التصوف.. والسلطة
واثار الدكتور عبد الحميد حاجيات من جامعة تلمسان بالجزائر مسألة تطور الخطاب الديني الصوفي بالمغرب العربي المعاصر وعلاقته بالسلطة.. وبين ان شعوب المغرب العربي المعاصر تعيش فترة تتسم بتحولات هامة في العقليات وانماط العيش نتيجة عدة عوامل منها استقلال الدول المغاربية في اواسط القرن العشرين، وذيوع ايديولوجيات جديدة لا تتلاءم مع اوضاع المجتمع المغاربي وانعكاسات العولمة في المجالات الثقافية والاخلاقية، والاقتصادية ولاشك ان لذلك اثرا ملحوظا في الخطاب الديني، والخطاب الصوفي خاصة.. فالتيار الصوفي بالمغرب العربي على حد ذكره، مر بمراحل تماشيا مع تطور الحضارة الاسلامية والاوضاع السياسية السائدة في العالم العربي وترتكز دراسة التيار على منهجية علمية وفهم انتاج كبار الصوفية مع الحذر من استعمال كتب تكتسي طابعا اسطوريا قد يحيد عن الحقيقة العلمية.
ويبدو جليا ان التيار الصوفي الاسلامي يشمل نظريات يجمع بينها الزهد في ملذات الدنيا والتمسك بالعبادة والتحلي بالقيم السامية، وفيما يخص الخطاب الصوفي بالمغرب المعاصر، يتسم في الظاهر بردود فعل مختلفة ومواقف متنوعة امام القضايا المطروحة الناجمة عن ازمة الحضارة الانسانية في القرن العشرين.
ويبدو ان بعض الطرق الصوفية ماتزال متمسكة بالممارسات القديمة دون مراعاة التحولات الاجتماعية المعاصرة، فهي تعيش في فضاء يكاد يكون منعزلا عن المجتع ولا تحاول ان تساهم في بنائه على اسس متينة وملائمة للاوضاع الحضارية الحالية في ظل علاقات سليمة مع السلطة والنخبة الثقافية، مما جعل ممارستها تكتسي في اغلب الاحيان طابعا فولكلوريا يطغى على الجانب الديني..
ولاحظ الباحث ان التيار المحافظ الذي يتسم بالجمود والتأثر بالاساطير والبدع، تعرض للانتقاد من طرف رجال السلطة وبعض الهيئات العلمية والاصلاحية مما احدث في بعض الاوساط الصوفية نوعا من التفتح على الاوضاع الجيوسياسية.
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 29 جوان 2004)
Le président Moubarak à Nile TV : » je suis vivant et .. pas vivant «
Houweida Taha (*)
Je pense que l’Egypte est le seul pays au monde à connaître, en ce début de 21ème siècle, une expérience unique. C’est l’expérience du jeu du chat et de la souris entre les gens et le Raïs. Chacune des parties (le Raïs et les citoyens) envoie à l’autre le message suivant : » je suis là pour rester, que ça te plaise ou non « .
Après la propagation, ici et là, de l’information de la maladie du président – et l’impossibilité de la cacher (à l’interne et à l’international) à la curiosité des médias audiovisuels et écrits – et après que les prétextes classiques pour expliquer l’impossibilité pour le président d’assumer ses fonctions (tel le prétexte de » l’influenza » ou celui de la » fatigue due au jeûne « …) soient devenus non convaincants, on a été obligé d’annoncer que la vieillesse du président est une fatalité.
Et c’est ainsi qu’a commencé le jeu qui fait rire les gens (et les divertit). Si on ne tient pas compte des histoires sur les luttes fratricides pour hériter le pouvoir en Egypte, les Egyptiens (que les historiens qualifient faussement d’hypocrites) suivent, avec intérêt, les nouvelles du président. Pas forcément à la manière de » qu’en en finisse, de grâce » ! Mais, peut-être que » le voyage d’Allemagne » leur apparaît tel un dernier espoir d’autant plus que la couverture de cet événement, par les médias égyptiens, est très » tarifa » [NDLR : le terme arabe tarif peut être traduit par » sympathique » ou bien » original « . L’auteure joue probablement sur les mots en choisissant sciemment ce terme à double sens].
Le chaîne Nile TV a réalisé, via satellites, une entrevue avec le président sur son lit d’hôpital. Même si ce dernier revêtait une robe bleue et qu’il cherchait à cacher sa fatigue, la rencontre fut vraiment » délicieuse » ! Comme si le Raïs entonnait la chanson de Amr Dhiab : » je suis vivant et…pas vivant » ! La speakerine répétait que : » les cœurs de tous Egyptiens sont avec vous, monsieur le Président. Ils espèrent que vous allez vous rétablir et rentrer « . Et ce dernier répondait : » Moi aussi, je m’occupe de la gestion du pays. Mais considérez que c’est une semaine de repos. N’y ai-je pas droit ? De toutes façons, saluez les citoyens de ma part et in’challah, je reviendrai. Si les médicaments ne font pas effet, ils auront juste à opérer le disque. Sinon, je serai de retour « .
Ce qui est sympathique est que le speakerine sait qu’elle ment, que le président sait qu’elle ment, qu’elle sait que le président sait qu’elle ment et que les téléspectateurs savent que tout ce beau monde leur ment ! Et les autres chaînes satellitaires arabes ont diffusé une partie de l’entrevue de Nile TV alors qu’elles préparent toutes des dossiers spéciaux pour le grand événement qui ressemble à un cri de naissance après un accouchement difficile !
Mais même si le président s’entête, où peut-il bien aller ? C’est une affaire contre laquelle la puissance de la police, de la » sécurité centrale » et des bombes lacrymogènes ne peuvent rien ! Le fait est que le président souffre de l’impuissance de la vieillesse et des hommes mûrs même s’il emmène avec lui, en Allemagne, sa teinture pour cheveux. L’Allemagne pourrait, selon certains, entrer dans l’histoire de l’Egypte par la grande porte. La porte que nous appelons – nous Egyptiens – » porte de la délivrance » !
C’est juste une question de temps. Et nous en Egypte, contrairement au reste de l’humanité, méprisons le temps ! Et avons même baptisé notre façon de réagir vis-à-vis de lui de ce nom moche : la patience !
Mais l’autre anecdote, qui est venue de la télévision égyptienne – où travaillent des milliers d’Egyptiens – fut le vox populi réalisé pour connaître la réaction des gens de la rue au sujet de la maladie du président et de son voyage pour se soigner. Ceci m’a rappelé le film : » le début » où on se moquait de la façon avec laquelle on faisait apprendre leurs partitions aux citoyens simples. Des paroles qu’ils répéteront une fois que la caméra aura commencé à tourner. C’est Ahmed Zaki qui avait superbement joué le rôle du pauvre travailleur affamé qui, au moment du début du tournage, commençait à répéter, tel un perroquet, une litanie de louanges pour le gouvernement et pour le président décrit tel le dieu du pain et de la prospérité !
Bref, les citoyens ont commencé à donner leur avis (et à répéter les paroles apprises auparavant) sur la maladie du président et lui ont souhaité prompt rétablissement et bonne santé sans parler d’autres » facéties » telles : » l’Egypte sans toi n’est rien du tout. Sans toi, nous sommes perdus, etc.… « . Mais, le plus joli et le plus éloquent commentaire est venu d’un homme aux allures modestes. On dirait bien que le producteur de l’émission n’a pas compris son message – ou qu’il l’a compris mais l’a diffusé puisqu’il peut être sujet à interprétation et que le producteur pourrait sauver sa peau en jouant à l’imbécile. Le citoyen simple a dit : » Le Raïs…que dieu le garde…que dieu le garde…Il a déjà survécu à toutes les tentatives infructueuses auparavant… Mais cette fois-ci…in’challah…in’challah…Dieu s’occupera de lui ! !
(…)
(*) Ecrivaine de l’Egypte
Al Quds Al Arabi, 30 juin 2004, traduction de l’arabe