البداية
TUNISNEWS
5 ème année, N° 1466 du 25.05.2004
محمد بوسنـيـنة: بيان إلى الرأي العام الإعلامي -رد على بيان الهيئة المديرة لجمعية الصحافيين التونسيين
الشروق: حافلة الموت أفقدت عائلة واحدة 7 من أفرادها…
قدس برس: الشارع التونسي.. لا ثقة بقرارات القمة
الدستور: خيبة أمل مصرية من قمة تونس: « أعلنت عن ضعف الأمة… والبيانات لا تلبي الطموحات
الخليج الإماراتية: بوادر أزمة بين القاهرة وتونس بعد “محاصرة” المقترح المصري في القمة
محمد جمال عرفة: تونس 2004.. قمة الصفقات العربية الأمريكية!
الشرق الأوسط: الجزائر: زعيم «كتيبة الفرقان» المسلحة يسلم نفسه إلى الجيش
الحياة: الحكومة الجزائرية تلتزم تنفيذ الإجراءات تجاه من « يتخلون عن الإرهاب » رويترز: بوش يدعو اربع دول عربية وافغانستان لقمة الثمانية
صالح كركر: المبادئ العامة لتجديد و ترشيد الخطاب الإسلامي في تونس
الحسن بن طلال: نحو نهضةٍ إسلاميّةٍ متجدِّدة
د. محمد عابد الجابري: المعقول الديني والجدل العقلي…بديلا عن إيديولوجيا التكفير والجبر
Association des droits de la personne au Maghreb: Communiqué
AFP: Un opposant islamiste incarcéré après son expulsion par la France (avocat)
Manifeste de Mohamed Bousnina en réponse à l’AJT
Reuters: L’Egypte décline une invitation au sommet du G8 Reuters: Bush invite huit pays musulmans au sommet du G8
AFP: Plusieurs pays du Grand Moyen-Orient absents de la liste des invités du G8
AFP: Mort de l’orientaliste français Maxime Rodinson AFP: Rodinson, orientaliste français au carrefour des cultures juive et musulmane Le Point: Interview Maxime Rodinson « Ce qui s’est passé à New York n’est pas isolable de la lutte Orient-Occident. »
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )
To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
Aprés 17 mois, les autorités tunisiennes viennent de délivrer le passeport du citoyen Tuniso-canadien M. Béchir Saad
Association des droits de la personne au Maghreb
185, Av Daly Ottawa, ON, K1N 6 E8
Tel: (613) 736 8349 Fax: (613) 237 6201
Ottawa, le 24 mai 2004
Communiqué
L’Association des droits de la personne au Maghreb, tient à vous informer que les autorités tunisiennes viennent de délivrer le passeport de Monsieur Béchir Saad, 17 mois après sa libération conditionnelle.
L’ADPM souligne avec satisfaction ce résultat qui vient grâce au travail de l’Honorable Gaston Labrèche, juge retraité de la cour du Québec, de notre grande amie Francine lalonde, porte-parole du Bloc Québécois en matière d’Affaires étrangères et députée de Mercier ainsi que de Alexa McDonough, porte-parole du Nouveau parti démocratique en matière d’Affaires étrangères et des droits de la personne au niveau international et députée de Halifax.
Nous remercions les membres de la coalition Québécoise/canadienne des ONG comme Amnistie internationale (section canadienne francophone), Alternatives, la Ligue des droits et libertés et le Centre international de ressources juridiques.
L’ADPM, souligne particulièrement les efforts menés par l’honorable Dan McTeague, secrétaire parlementaire au Ministere des affaires étrangères
Nous souhaitons que Monsieur Béchir Saad sera de retour au Canada sous peu.
ADPM
Porte-parole
Jamel Jani
Un opposant islamiste incarcéré après son expulsion par la France (avocat)
AFP, le 25.05.2004 à 06h51 TUNIS, 25 mai (AFP) – Un opposant islamiste tunisien, Tarak Belkhirat, expulsé par la France, a été incarcéré en Tunisie et sera jugé en vertu de la loi anti-terroriste, a indiqué mardi son avocat à l’AFP. Me Samir Ben Amor a ajouté que son client, détenu à la prison civile de Tunis, a été traduit samedi 22 mai devant le doyen des juges d’instrution et inculpé de délits en vertu de la nouvelle loi anti-terroriste. Cette loi, promulguée en décembre 2003, a été critiquée par la Ligue tunisienne des droits de l’Homme qui y a vu une « atteinte à des droits essentiels du citoyen et aux activités pacifiques de la société civile ». Tarak Belkhirat avait fait l’objet le 19 mai d’une mesure de reconduite à la frontière par la police française, après avoir été condamné en 1997 à une peine de prison ferme et à cinq ans d’interdiction du territoire français. Etant resté en France malgré son interdiction du territoire, Tarak Belkhirat s’est retrouvé sans papiers et a fait l’objet d’un arrêté de reconduite à la frontière du préfet de police, avait-on indiqué de source officielle française. Il a été débouté de son recours devant le tribunal administratif et l’Office français pour la protection des réfugiés et apatrides (OFPRA) lui a signifié son refus de lui accorder l’asile politique. Sa reconduite à la frontière a été dénoncée par le « Collectif de la communauté tunisienne en Europe » pour qui cette « extradition constitue un grave et inquiétant tournant historique dans la politique de la France en matière de protection des exilés politiques. »
بيان إلى الرأي العام الإعلامي
إطلعت على البيان الصادر بتاريخ 17 ماي عن الهيئة المديرة لجمعية الصحافيين التونسيين والذي احتوى على مجموعة متكاملة من المغالطات وقلب الحقائق بهدف تشويه سمعتي كصحافي. ولئن كانت الساحة الإعلامية تشهد هذه الأيام هذا الجدل حول حرية الإعلام والصحافة وحقوق وكرامة الصحافي التونسي في ما أعتبره ظاهرة صحية نادرة، إلا أنه من المؤسف أن تكون الهيئة متشنجة إلى هذا الحد وتظهر عليها أعراض الرغبة في التشويه وتلويث سمعة أي صحافي تونسي ليس ضمن شبكتها، تنصلا من المسؤوليات الواجبة عليها، وتأكيدا عمليا على أنها حولت دور الجمعية من الدفاع عن الصحافيين ومصالحهم بقطع النظر عن أي اعتبار أو انتماء، إلى مهاجمتهم وتلويثهم وتدجينهم. علما بأنها أخطأت في تقدير توقيت إصدار بيانها في هذه الأيام.
وفي ما يتعلق بي شخصيا، وبقضيتي المهنية، فإن موضوعها هو حرية الصحفي وحقوقه واعتباره، وساحتها مؤسسة محددة، لكن الجمعية أرادت الخروج بها عن إطارها. ورغم أن القضية وجهت لها منذ 11 شهرا، ولم تعرضها حتى على مكتبها ـ الموقر ـ ولا على أي من جلساتها العامة، لتحدد إن كانت مبدئية أم لا، فقد سارعت إلى إصدار بيانها المتشنج والمغالط، ردا على ما صدر بجريدة » الموقف » ، وكأنها لسعت. لذلك أورد المعطيات والتوضيحات التالية أمام الرأي العام الإعلامي، وهو مؤهل ليميز الكذب من الحقيقة: 1 – إنه من سخرية القدر أن تتحدث الهيئة عن القضايا المبدئية، بما يوحي بدفاعها حقا عن مثل تلك القضايا! وأسأل الهيئة ـ المحترمة ـ أليس منعي ومصادرة حقي كصحفي في الكتابة والتعبير قضية مبدئية في ميدان الصحافة؟ ألا يعتبر منع نشر مقالات الصحفي ومصادرتها قضية مبدئية؟ ألا يعتبر التدخل السافر في مقالاته قضية مبدئية؟ أليس وضع توقيعه على مقال لا يلزمه قضية مبدئية؟ أليس تحوير كلمة في مقال له بما يفسد المعنى أو يمس من اعتباره ويسبب السخرية قضية مبدئية؟ أليست المطالبة بسياسة تحرير واضحة وملزمة للجريدة قضية مبدئية؟؟ الأسئلة كثيرة في هذا دون الدخول في مسائل خرق القانون ودوسه والتعدي على الحقوق المادية والمعنوية… لكن لا ألوم مثل هذه الهيئة التي أشك أنها تدرك حقا معنى « قضية مبدئية ». وإلا فماذا تسمي صمتها وتجاوزها عن نقل مقال كامل بتوقيع جديد بجريدة تونسية بعد أسبوع من نشره بجريدة أجنبية، فذلك لا يخل بميثاق الشرف ولا بالمبدإ ما دامت هذه الهيئة توفر الحماية؟ وكيف تفسر متاجرتها بقضية » الصباح » وانتقاءها لمن تتدخل لانتدابه دون زملائه،أو لمن تمكنه من امتيازات مادية وعينية على حساب غيره؟ 2 – نأتي الآن إلى التاريخ، و الجراح التي نكأتها الهيئة والتي ستعجز عن الناقش فيها إن توسع. 2 – 1 – زعمت الهيئة أنني شطبت من منخرطيها منذ الثمانينات، وهذه أكذوبة وتجنّ على التاريخ والواقع. والحقيقة أنه في حينه من سنة 1983 لا أذكر أي قضية مطروحة للصباح، ولكني أنا من كنت في حالة طرد تعسفي، ورفضت الهيئة التدخل لصالحي وتجديد انخراطي بسبب تحالفات غير مهنية آنذاك، فأعلنت في جلسة عامة انسلاخي منها بعد أن كنت عضوا في مكتب الجمعية السابق لها. وكانت تلك الهيئة ذات التحالفات هي التي أغلقت باب استقلالية الجمعية إلى اليوم. وأطالب الهيئة بأن تنشر نسخة من قرار شطبي أو من أي إعلام وجه لي في الغرض.
2 – 2 – أما انضمامي لنقابة الشرفاء فهذه أكذوبة وتلفيق متعمد بهدف التشويه رغم سذاجته وبساطة تفكير مستشار رئيس الجمعية فيه. فالتحاقي بجريدة الشعب كان بتاريخ 1 جانفي 1976 ، وعملت بشرف الصحفي دون دخول في المناورات النقابية والسياسية، أو انتماء لأي طرف. وتواصل عملي بعد 26 جانفي 78 كصحفي وليس كنقابي، وأتحدى الهيئة ورئيسها أن يثبت لي حالة نضال أو التزام قولا أو عملا مع الشرفاء، علما بأنه كان من بينهم من هو أشرف من بعضهم اليوم. وبهذا التلميح أبقى شامخا وتتهاوى » مصداقية » هذه الهيئة إلى الحضيض!
2 – 3 – يتذكر السيد رئيس الجمعية أنه كان في تلك الفترة مكلفا بمأمورية بديوان وزير الشؤون الإجتماعية، لكنه نسي أن يذكر ما الذي فعله هو من ذاك الموقع للصحافيين وطبيعة تضامنه مع زملائه من جريدة الصباح، كما نسي أن يذكر للمكتب وللرأي العام لماذا أعفاه الوزير نفسه من ذلك الموقع فور عودته للوزارة؟ وأتساءل: هل تدافع الهيئة عن قضيتي كصحفي أم عن تاريخ اتحاد الشغل؟ لذا فمزايدة الهيئة ورئيسها وادعاء الدفاع عن الحركة النقابية غير ذي موضوع، وتعسف منهم على أنفسهم، فلا أحد منهم مؤهل لذلك. 3 – أما بالنسبة لعلاقتي بجهاز الحزب الحاكم، فإن رئيس الجمعية بإقحامه الحزب في الموضوع يفتح بابا لم أفتحه قط وقد يرتد عليه ، لأنه يريد مع هيئته توظيفه سياسيا للمغالطة وللتغطية على عجزه وتخاذله في أداء دوره. وأبدأ أولا بتصحيح المصطلح وتحسين المستوى المعرفي للهيئة و رئيسها الموقّع على البيان. فالحزب الحاكم ليس سلطة ولا يمثل سلطة بمفهومها السياسي والقانوني. كما أنني كنت في حالة الوضع على الذمة، فلم أفقد مطلقا صفتي المهنية، علما بأنني خلال نصف تلك الفترة أنتجت بما هو منشور وموثق أكثر مما نشره كامل أعضاء المكتب خلال حياتهم المهنية، وبعضهم لا يذكر له شيء مطلقا في سفر الصحافة. أما بشأن النسيان فأنا لا أنسى أي حقبة من حقبات تاريخي المهني الذي أعتز به، فلم أعمل بمقولة كلما مات فينا سيد قام سيد، ولا تنكرت لمن عملت معهم، ولا تعاملت بوجه ذي ألوان، وفي ما نشرته جريدة الشعب بتاريخ 9 ماي 2003 كفاية.. وأرد على نقاط جوهرية ذكرت:
* أنني في عملي بالتجمع لم أكن مندوبا عن الجمعية ولا عن غيرها، ولكن ودون التخلي عن واجب التحفظ، فإن زملاء كثيرين ومثقفين ووزراء ومسؤولين في مواقع مختلفة اليوم يذكرون جيدا رأيي في قضية النهوض بالقطاع وأهله، سواء في إطار الحوار الداخلي أو اللجان أو الأدبيات التي أتيحت لي فرصة المشاركة فيها. علما بأن طبيعة الحزب التعبوية لا العقائدية لا تجعل منه الفضاء الأنسب لذلك. أما رئيس الجمعية وهو ينتمي عضويا للحزب، فلم أسجل له أي مشاركة أو مساهمة إيجابية من أي نوع في الموضوع، وكان حضوره المكثف فقط بمناسبة انعقاد مؤتمرات الجمعية بهدف ضمان رئاسته وحضور المآدب الخاصة بتنسيق قائمته – المستقلة – أحيانا مع إداريي الصف الثاني وليس حتى مع السياسيين. ورغم ذلك فماذا قدم لمن منحوه أصواتهم وبعضهم لم يحصل على منح الإنتاج منذ سنوات مثلا؟ أم أن ذلك يدخل ضمن إطار الإستقلالية و القضايا المبدئية؟
* أما عن الإمتيازات فأتحدى هيئة الجمعية أن تثبت أنني حصلت على أكثر من منحة لا تتجاوز 150 دينارا و200 لتر من البنزين، وهو ما يصرف للدرجة السادسة أو السابعة من موظفي الحزب الذي دخلته صحافيا وغادرته صحافيا، وفي حالة الخسارة المهنية إداريا. وعجز الحزب حتى على مساعدتي في الحصول على حقوقي، في حين تنجح هيئة الجمعية، وبقدرة قادر، في توزيع الإمتيازات والعقود على من تشاء.. فالواقع كان عكس ما حاولت الهيئة الإيحاء به، فبينما كان البعض في الحزب يتمتع مثلا بأسطول بثلاث أو خمس سيارات، وتمنح السيارات للعملة، كنت أعاني من مشكل التنقل لأداء واجبي. وأتحدى الهيئة أن تنشر علنا أي امتياز حصلت عليه. وللعلم فقد غادرت الحزب مستقيلا، فهل يستقيل من كان يتمتع ويتشبث بامتيازات كما تدّعي؟ كما أتحداها أن تثبت أن أكون حاولت بأي شكل من الأشكال » مراودة أروقة السلطة ».
ولماذا أفعل؟ هل أسعى مثل رئيس الجمعية للحصول على مقعد في مجلس المستشارين المقبل باسم الصحافيين، أو الحفاظ على مقعد بمجلس بلدي؟ أما الإشارة إلى أن » الموقف » فتحت لي صفحاتها، فهي مشكورة على ذلك، ولكن من أسبابه مساهمتكم المعاشة في غلق قنوات التعبير الأخرى، بما يتعارض ويتناقض مع المبادئ والقيم والخيارات الأساسية للدولة ولأسس المشروع المجتمعي الذي كانت حرية الصحافة محورا مفصليا في بيانه التأسيسي، و حرية التعبير حقا من حقوق الإنسان فيه. ولم يكن ذلك أبدا انزلاقا مني نحو المعارضة كما حاول توظيفه بعض الجهلة والمتزلفين من زعانف صحافة اليوم. فالمعارضة الفعلية والخطرة هي سلوك من يظهر غير ما يبطن ويقول غير ما يفعل من أنماط لأصحاب المصالح الضيقة ممن يقاوم بضراوة حرية الصحافة.
إن الهروب إلى الأمام لن يجدي نفعا، والأفضل حل الإشكاليات المهنية في الداخل بالصحافيين ومعهم ومن أجلهم، وليس بالمناورة عليهم واستغلالهم وتشويههم والقفز على مصالحهم.
محمد بوسنـيـنة
صحافي تونسي تونس في 20 ماي 2004
Manifeste de Mohamed Bousnina ( journaliste tunisien)
en réponse à l’Ajt
Je viens de prendre connaissance du manifeste de l’Ajt paru le 17 Mai, et qui était plein de diffamation et « d’informations » erronées en vue de me dénigrer en tant que journaliste professionnel. J’apprécie ce débat rare dans le pays au sujet de la liberté de la presse, la libre opinion et les droits des journalistes, mais il est impératif de dénoncer les prises de positions injustes et contre des journalistes tunisiens de la part de l’Ajt. Cette association qui vient de prouver une fois de plus qu’elle n’assume pas vraiment, pas du tout les responsabilités qui lui sont confiées par sa nature et son statut. Elle s’est transformée en instance de diffamation et d’injures à leurs encontre.
En ce qui me concerne, mon cas tourne autour de la liberté du journaliste tunisien, de ses droits et son honneur. Son espace est bien connu. Seulement l’Ajt veut faire changer la nature et l’espace du problème ? malgré qu’elle n’’a même pas discuté du problème ni lors des réunions de son bureau directeur, ni lors des réunions générales. En voila la réalité :
1 – L’Ajt nie que mon problème ait aucune nature de cause de principe ! Comme si elle défend vraiment les causes de principes des journalistes ou en a défendu ! Je lui demande : Est-ce que le fait de m’interdire d’écriture et de m’exprimer ne veut pas dire une cause de principe en matière de presse ? L’embargo dont soufre un journaliste à cause du refus de publier ses articles ne forme pas une cause de principe ? l’interventionnisme systématique dans ses écrits n’en forme pas une ? Mettre sa signature sous un article qui ne l’engage pas n’est pas un problème de principe ? Le changement des mots et des sens de ses écrits sans prendre la peine de le consulter n’est pas un problème de fond pour un journaliste ? Sa demander d’exiger une politique rédactionnelle claire, écrite et obligatoire du journal n’est ni un problème de fond ni une cause de principe ? Et défilent les questions dont la non application de la loi, les droits bafoués que l’Ajt ne croit pas former un problème de fond ? Mais quand elle ne réagit pas contre un organe de presse qui vole intégralement un article, en change la signature une semaine seulement après sa parution dans un journal étranger, elle appelle ça un problème de fond, car c’est son protégé ! Ainsi que son intervention pour un seul des journalistes renvoyés d’Essabah, pour le placer dans ce même journal, au dépend de ses collègues.. elle appelle ça une cause de fond ! 2- Venons-en maintenant à l’Histoire.
– Mon renvoi supposé de l’Ajt aux années 80 est un gros mensonge. La réalité est que à ces temps là en 1983, il n’y avait pas de problème de collègues d’Essabah. Au contraire c’était moi qui étais renvoyé abusivement, jugement à l’appui. L’Ajt ne s’est pas rangé à mes cotés, malgré que j’étais membre du bureau prédécesseur, à causes de ses alliances à l’époque. C’est à partir de cette date que l’Ajt commence à perdre son indépendance jusqu’à aujourd’hui. Vu cette dérive, j’ai annoncé publiquement lors d’une réunion générale ma non appartenance à cette association. Je défi ce bureau d’aujourd’hui de publier une copie signée de mon renvoi ou d’une quelconque notification me supposée être envoyée !
– « Achourafa » : Faux et mensonge. J’étais journaliste à Ec-chaàb depuis janvier 76, et travaillé avec l’honneur du journaliste sans appartenance ni parti pris des parties syndicales rivales. J’y restais après le 26 janvier 78 en tant que journaliste et non pas en tant que syndicaliste, ni militant avec ou contre l’une ou l’autre des parties rivales. Je défi le bureau de l’Ajt de prouver le contraire ou l’appartenance à l’esprit militant d’Echourafa, et l’invite à le faire publier !
– Mr le président actuel de l’association oublie par la même occasion de mentionner qu’il était à l’époque chargé de mission auprès du ministre des affaires sociales. Il oublie aussi de nous dire si jamais il avait fait quoi que se soit pour le corps journalistique, ni comment il était au secours de ses collègues d’Essabah pour nous rafraîchir la mémoire. Il oublie aussi de nous expliquer pourquoi était il remercié du même poste par le même ministre immédiatement après son retour au poste de ministre. Je me demande enfin si l’Ajt prend la défense des journalistes ou prend la charge de les humilier, ou bien défend l’histoire du mouvement syndical dans le pays ?
3- Pour ce qui est de mon passage au parti au pouvoir, je ne l’ai jamais mentionner, car ma cause est professionnelle et non pas politique, comme il veut le faire croire l’Ajt. Elle veut utiliser ce coté pour essayer de camoufler le fait qu’elle n’a pas assumer ses responsabilités. Néanmoins, faut il corriger que le parti au pouvoir n’est pas le pouvoir, que j’étais en situation de mise à la disposition, que j’avais mes écrits publiés et que je suis fier de mon itinéraire professionnel.
– A cette position, je n’étais pas représentant de l’Ajt ou autre, pourtant tant de collègues, d’intellectuels, de ministres et hauts responsables actuels savent très bien comment j’ai défendu la cause de l’information et des journalistes. Pourtant, le président de l’association qui appartient au même parti, ne s’est jamais manifesté aux rangs de cette même cause. Mais les seules occasions qui ont vu sa présence devient efficace, ce sont les périodes des congrès de l’Ajt. Là, il vient participer aux réunions pour s’assurer la présidence et coordonner sa liste « indépendante ». Et qu’a-il fait à ceux qui lui ont voté et parmi eux figurent ceux qui n’ont pas reçu leurs primes de rendement depuis des années ! Cela s’appelle bien sur défendre une cause de principe, et indépendance !
– Pour ce qui est des avantages supposés octroyés à moi-meme par le parti, je défi l’Ajt à prouver que j’apercevais plus que la maigre prime de 150 TD et 200 l d’essence, ce qui est donné au 7eme rang des fonctionnaires du parti ! Le parti n’a même pas pu m’aider à avoir mes droits administratifs, au même niveau que l’Ajt qui arrive à distribuer des contrats et avantages aux seuls de ses alliés… Je la défi de publier cette preuve.. Pour sa mémoire, je partais démissionnaire du parti. Et qui démissionne s’il est aisé avec ses avantages moraux et matériels ? Et pourquoi est-ce que j’essaie de « côtoyer encore les couloirs du pouvoir » ? Est-ce que j’essai de postuler un siège à la 2eme chambre comme le veut le président de l’Ajt, ou de maintenir son poste de conseiller municipal ? Pour ce qui d’ElMawkaf, je me trouve obligé de m’exprimer sur ses colonnes, vu votre participation efficace à verrouiller tous les autres canaux d’expression. Ce fait de votre part est en contradiction flagrante avec les principes, les valeurs et les orientations fondamentales de l’Etat, dont la liberté de la presse était un élément essentiel, et qui l’a fait publiquement mentionner en tant que partie intégrante des droits de l’homme. Ma cause est donc une cause professionnelle de principe, et non pas un glissement vers l’opposition comme on veut la présenter. L’opposition dangereuse est ce que fait ceux qui font tout pour étouffer la liberté de la presse.
Votre fuite en avant ne vous servira à rien. Essayer seulement d’être avec les causes des journalistes et non pas les exploiter.
«الشروق» تتجول في مستشفيات العاصمة، وتسأل العائلات عن مصابهم:
حافلة الموت أفقدت عائلة واحدة 7 من أفرادها…
تونس ـ الشروق: في حدود الساعة الواحدة من مساء أول أمس الاحد، بلغ خبر حادث حافلة الاطفال الذي جد بمدينة قربص، الى الاهالي في المنستير، الذين هرعوا الى مكان الحادث وانتشروا في مستشفيات ولايات نابل وتونس وأريانة.
«الشروق» توجهت الى مستشفيات العاصمة حيث عاينا المصابين وتحدثنا الى بعض الاهالي، ورغم ان البعض منهم رفض التحدث الينا نظرا للحالة النفسية التي كانوا عليها، الا ان عددا منهم افادنا بأن الروضة التي سجلوا بها اطفالهم قررت القيام برحلة ترفيهية بمناسبة انتهاء السنة الدراسية من المنستير الى قربص، لذلك شارك الاطفال وبعض أفراد عائلاتهم وخاصة من الامهات في الرحلة، وتوجهوا فجر الاحد في أجواء احتفالية صوب مدينة قربص الا انه في الساعة الفاصلة بين منتصف النهار والواحدة مساء نزل الخبر كالصاعقة فهرعت العائلات الى نابل وتونس العاصمة للاطمئنان على أبنائهم.
أحد افراد عائلة من عائلات الضحايا التقيناه ببهو مستشفى عزيزة عثمانة، وأخبرنا بأنه فقد خمسة من أفراد عائلته من بينهم ثلاثة أطفال لم يتجاوزوا السادسة من العمر، وأفادنا بأن عائلة اخرى فقدت سبعة من أفرادها. وقال ان قريبته الموجودة بالمستشفى أصيبت بكسور في مستوى الرقبة، وأضاف بأنهم طلبوا من الاطباء عزلها في غرفة منفردة حتى لا يتم ابلاغها بخبر موت ابنتها الصغيرة وأختها اللتين لقيتا حتفهما في الحادث.
وقد التقينا مسؤولا بمستشفى عزيزة عثمانة أفادنا بأنهم يحتفظون بثلاث نساء مصابات ووصف اصابتهن بالمتفاوتة كما اكد لنا بأن الاطار الطبي تدخل بشكل ناجع وان المصابات الثلاث استجبن للعلاج وانه سيتم تخصيص سيارة اسعاف لنقلهن الى مستشفى المنستير قرب أهلهن. كما توجهنا الى مستشفى شارل نيكول، حيث ترقد ثلاث مصابات في الجناح عدد 14 وقد بدت عليهن آثار الحادث وكان حولهن البعض من الأهالي الذين قدموا أمس من المنستير وحاولنا التحدث الى احداهن وهي الاخف اصابة من غيرها الا انها لم تقدر على الكلام من هول المصاب. **الحافلة متهمة
هذا وقد تحدثنا الى مصدر مطلع طلب عدم ذكر اسمه، قال ان الحافلة غير مؤهلة تقنيا للقيام بالرحلة التي ذهب ضحيتها اكثر من عشرين شخصا من بينهم أطفال، وأضاف بان الحافلة تجاوزت 25 سنة من العمل وانها غير مجهزة، فضلا على انها كانت ناقصة من حيث عد الكراسي مما اضطر بعض ركابها المشاركين في «رحلة الموت» الى استعمال كراسي بلاستيكية (طابورية) وعلمنا ان الحافلة كان تقل 54 راكبا ساعة وقوع الحادث الذي اودى بحياة 19 شخصا حسب مصدر مسؤول بوزارة الصحة. وبالاضافة الى حالة الحافلة السيئة التابعة لشركة النقل بالساحل، فان الطريق التي سلكتها لا تخلو بدورها من المخاطر، فهي شديدة الانحدار وتشق جبلا ويفصل بينها وبين البحر جرف يقارب في عمقه الثمانين مترا، وقد شهدت قبل سنوات حادثة مشابهة في حافلة تابعة لشركة النقل بنابل راح ضحيتها خمسة أشخاص.
وكان المسافرون الى مدينة قربص الساحلية يسلكون طريق سليمان التي لا تبعد غير مسافة 13 كلم قبل ان تتكسر جراء عوامل الانجراف وزحف البحر الا انها ظلت على حالها لسنوات طويلة دون اصلاح وهي الآن بصدد الانجاز مما اضطر المسافرين الى سلك طريق «دوالة» و»البريج» التي تبعد عشرة كيلومترات على مسافة الاصلية، أي ان القاصد قربص من سليمان أصبح يقطع قرابة 23 كيلومترا. اذن حالة الحافلة سيئة والطريق لا تخلو من مخاطر مما جعل دخول العربات الثقيلة الى مدينة قربص أمرا نادرا، بعد وقوع الحادث تدخّل أعوان الحماية المدنية وأعوان الامن وسيارات الاسعاف التي بلغت 50 سيارة ونقل المصابون على جناح السرعة الى مستشفيات ولاية نابل والعاصمة وعلمنا من مصدر مسؤول بوزارة الصحة أنه تم توزيع المصابين كالآتي:
ـ المستشفى الجهوي بنابل: 19 مصابا اثنان منهم في حالة حرجة ـ مستشفى القصاب بولاية منوبة: 4 ـ مستشفى الاطفال بباب سعدون: 3 ـ مستشفى أريانة: 1 ـ مستشفى الرابطة: 2 ـ مستشفى عزيزة عثمانة: 3 ـ مستشفى شارل نيكول: 3 اضافة الى 19 قتيلا ليكون مجموع الراكبين 54 شخصا اثناء وقوع الحادث، ورغم ان بعض الاخبار تفيد وقوع قتيلين آخرين ليصبح العدد الجملي للضحايا 21 الا ان المصادر الرسمية تؤكد ان عدد القتلى لم يتجاوز العدد المعلن عنه وهو 19. منجي الخضراوي
(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 25 ماي 2004)
**المدير التنفيذي للجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات لـ»الشروق»:
الحافلة المنكوبة لها سوابق(!) ومن غير المعقول ان لا توجد ادارة للسلامة المرورية بوزارتي النقل والتجهيز(!)
تونس ـ الشروق: أكد السيد رياض دبو المدير التنفيذي للجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات لـ»الشروق» أنه كان بالامكان تفادي حصول كارثة الحادث المؤلم الذي جدّ أول أمس الاحد بجهة قربص والذي أدى حسب المعطيات الاولية الى وفاة 19 شخصا واصابة 31 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.
وأشار المتحدث الى أن الحافلة التي أقلت مجموعة من التلاميذ والاولياء لم تكن مهيئة للرحلات الطويلة بالاضافة الى أنها نقلت ركابا أزيد من عدد المقاعد المخصصة وقال: «الحافلة غير معدة للرحلات الطويلة وبها كراس غير مريحة…». وقال المتحدث ان التحريات والمعلومات الاولية التي حصلت عليها الجمعية تفيد ان الركاب قد تضرعوا كثيرا من نوعية الكراسي المتوفرة بالحافلة المذكورة…
وأفاد السيد رياض دبّو انه من باب غير الصدف ان تكون الحافلة التي أدت الى الحادث المؤلم والتابعة للشركة الجهوية للنقل بالمنستير هي من نفس النوع الفني للحافلة التي تسببت منذ أزيد من سنتين في حادث مؤلم كذلك بنفس الجهة (قربص) وهي الحافلة التي كانت تابعة للشركة الجهوية للنقل بنابل وأضاف المتحدث: من الناحية الفنية الحافلة AP60 هي مؤهلة للرحلات الطويلة ولا تشتمل على مقاعد مريحة.
وأعرب المتحدث عن تألم الجمعية لتكرار مثل هذه الفواجع المؤلمة والتي تكون الضحايا فيها على متن حافلة نقل عمومي وأبلغ أحر التعازي الى أهالي الضحايا داعيا الله ان يتقبلهم برحمته الواسعة.
وتأسف السيد رياض دبو من التجاهل الذي يلف مسألة حوادث الطرقات اثر وقوعها وقال… المشكل اننا نتحمس في كل مرة تحصل فيها فاجعة من هذه النوع ثم ما نلبث ان نتجاهل كون الموضوع مشكلة عامة وليست خاصة…
وأشار المتحدث الى ان رئيس الدولة كان سباقا كعادته في رعايته وعطفه الانساني لعائلات المصابين واتخاذ عدة اجراءات من شأنها ان تخفف من وطأة هذه الفواجع والحد منها… وذكر المتحدث بقرار الرئيس بتوسيع طريق قربص وتعصيره وهو الطريق الذي شهد حوادث مرور سابقة مماثلة وقال المتحدث: برغم ان الأشغال قد تقدمت بنسبة 60 الا ان الجمعية في هذه المنطقة وأماكن أخرى التي يصعب فيها استعمال بعض أجزاء من الطرقات في بعض الاوقات ومنع استعمالها بتثبيت وتركيز العلامات أو حتى بتركيز دوريات في الغرض. **مشكلة أخرى
وأضاف المدير الفني للجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات لـ»الشروق» أن مسألة تكوين السواق لم ترتق بعد الى ان تكون من أولويات المسؤولين على النقل البري في الشركات الجهوية والوطنية… وقال: صحيح هناك بعض المبادرات والتقاليد التي تم ارساؤها في بعض الشركات لكن لم نسمع بعد بخطة متكاملة واضحة حسب رزنامة ومحاور وأهداف وأكد المتحدث ان الجمعية قد لفتت نظر المسؤولين في أكثر من مرة حول هذا الموضوع وخاصة في حادث قربص الأخير وفي حادث القطار بسوسة.
وألمح المتحدث الى النقص الفادح في تكوين الاعوان التابعين لشركات النقل وقال: من غير المعقول ان يحدث ذلك برغم وجود أرواح بشرية هي بمثابة الامانة المقدسة فان الشركات لا تهتم بحالة السواق الصحية والنفسية والاجتماعية وأضاف: بعض السواق يجبرون على العمل برغم حالتهم الصحية المتدهورة وبرغم الحالة المتردية والاعصاب الموجودة ببعض الحافلات، والتي تجعلها لا تستجيب فنيا مع شروط السلامة والجولان على الطرقات… وقال: ما الفرق بين قائد الطائرة وقائد الحافلة؟ وتساءل ما اذا كان المسافرون الذين يركبون الطائرة أرواحهم أثمن من أرواح المسافرين عبر الحافلات… ثم لماذا تواجه مراقبة مشددة على قائد الطائرة في ما يتعلق بساعات نومه وراحته وصحته وحالته النفسية والاجتماعية التي تنعكس على آدائه ومردوده؟ لماذا لا تنسحب كل هذه الاحاطة على سائقي الحافلات ووسائل النقل العمومي المشترك…
وأفاد المتحدث ان الجمعية طالبت باحداث ادارات للسلامة على الطرقات صلب الادارة العامة للنقل البري والوكالة الفنية للنقل البري (وزارة النقل وتكنولوجيا الاتصال) ووزارة التجهيز والاسكان وقال: مادامت هذه الادارات لم تحدث فهذا يعني بالنسبة للجمعية ان السلامة هي العجلة الخامسة داخل هذه الاطر والهياكل… وان الخطر يبقى قائما على الدوام وقد تتكرر مثل هذه الحوادث المؤلمة، وشدد المتحدث على ضرورة الحرص على مراقبة وبكل صرامة لعمليات الفحص الفني الذي تخضع له الحافلات وقال: كيف تراقب مصالح وزارة النقل نفسها وللظروف المادية للشركات الجهوية وقال ان أعوان الفحص الفني يتنقلون الى مقار الشركات وهذا غير معقول وغير مجد بالمرة… وخطير في آن واحد (!)…
وحرص المتحدث على المطالبة بأن يقع الاعتماد على بعض التجارب الناجحة في البلدان المتقدمة لتشجيع السواق المحترفين في النقل العمومي بشكل عام (أشخاص وبضائع) لحثهم على الاقبال على الدورات التكوينية والتوعوية فنجعل من شروط الارتقاء في السلم الوظيفي المشاركة والنجاح في الدورات التدريبية والتكوين والرسكلة في الجوانب المتصلة بالسلامة لرفع درجة الوعي والنضج التي من شأنها ان تساعد السائق على تقدير الخطر وتوخّي الجوانب الوقائية والسلامة على الطريق. حاوره: خالد الحداد (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 25 ماي 2004)
الشارع التونسي.. لا ثقة بقرارات القمة
تونس – قدس برس- إسلام أون لاين.نت/ 24-5-2004 تراوحت ردود فعل المواطنين في تونس والصحفيين العرب بين التعبير عن الغضب وعدم الاهتمام بنتائج القمة العربية، التي اختتمت الأحد 23 -5-2004، بعد مغادرة معظم القادة والرؤساء العرب؛ إذ اعتبروها ضعيفة ولا تستجيب لطموحات الشارع العربي.
وذكرت وكالة « قدس برس » للأنباء الإثنين 24-5-2004 أن الشارع التونسي لا يبدي كثير اهتمام بنتائج القمة، حتى إن عددا كبيرا من المواطنين رفضوا الحديث للصحافة عن آرائهم وردود فعلهم. وأكد بعضهم أن ثقتهم اهتزت في الأنظمة العربية، التي باتت عاجزة عن اتخاذ قرارات، أو حتى عن تطبيق القرارات التي اتخذتها سابقا.
وقال عماد، وهو مهندس تونسي: إن القرارات الأخيرة التي صدرت عن القمة العربية لو تطبق فربما تزيل بعض الإحباط الذي أصاب المواطن العربي. وأضاف قائلا: « خذ مثلا ما سمي بوثيقة الإصلاح والتطوير، لو يقع تطبيق روحها وإطلاق الحريات وتطبيق الديمقراطية في الأنظمة العربية فإنها ربما تكون نقطة مهمة نحو التحرير والتكامل بين الأقطار العربية، ولكني أعتقد أن هذه الوثيقة المهمة ستبقى حبرا على ورق بدعوى المحافظة على الخصوصيات ». أما المحامية هدى قاسمي فقالت: إنها لم تعد تثق ولا تنتظر أي شيء من القمم العربية؛ لأن التجربة كشفت أنها مجرد اجتماعات احتفالية، تنتهي بانتهاء القمة. وأضافت: « أتمنى أن أكون مخطئة في تصوري، ولكن عليهم كزعماء عرب وأنظمة تحكم منذ عشرات السنين أن يكونوا في مستوى التحديات، أو ينسحبوا بهدوء »، وهو ما لن يتحقق في المدى المنظور، بالنظر لخبرة الأنظمة في فن البقاء في السلطة بلا نهاية.
مقبولة للحكومات وهناك من قال: إنها قمة ناجحة، لأنها حافظت على الأقل على ماء الوجه في ظروف عربية عصيبة، وإنها خرجت بقرارات إذا طبقت فإن حال العرب سيتطور إلى الأفضل. ونقلت « قدس برس » الإثنين 24-5-2004 عن الصحفي التونسي ناصر مطير أن مجرد انعقاد القمة العربية بعد حوالي 6 أسابيع من تأجيلها يعد في حد ذاته إنجازا كبيرا، بالنظر إلى الحساسيات التي تحكم العلاقات العربية. وأضاف مطير: « أنا شخصيا آمل في أن تكون الروح التي سرت في الإعداد للقمة أو في قراراتها بنفس روح كلمة (الأمين العام للجامعة العربية) عمرو موسى التي كانت تحمل في طياتها أكثر من مدلول، والتي تعكس حاجة العرب للإصلاح وللتكامل الاقتصادي ». ولكن صحفيا آخر من المغرب رفض نشر اسمه، قال: إن النتائج مقبولة بالنسبة للحكومات العربية، ولكن « هذه النتائج لا تستجيب لطموحات الشعوب العربية، وخاصة ما يهدد وجود الشعب الفلسطيني، وما يتعرض له الشعب العراقي من قتل ونهب، وهذا ما يدعو الجميع حكومات وشعوبا للعمل بجدية عالية، من أجل النهوض من كبوتنا التي طالت كثيرا »، كما قال. أما الصحفية عبير علام من مصر فقالت: « ربما العالم كان يتوقع معجزات من القمة التي هي مجرد اجتماع لقادة عرب لن تنتج عنه معجزات ». وأضافت تقول: « أنا لست محبطة، أنا متفائلة.. أعرف جيدا سقف التوقعات، ولا أنتظر أكثر مما كان، ولكن الشعوب العربية تتحمل مسئولية كبيرة في البحث عن هذا المستقبل الضائع ».
لا تستجيب للتحديات من جهة أخرى عبر الصحفي رشيد خشانة من تونس عن عدم رضاه على نتائج القمة، التي رأى أنها لا تستجيب للتحديات. وأكد أن هناك 4 ملاحظات رئيسية يمكن أن يخرج بها المرء بعد نشر البيان الختامي للقمة والوثائق الأخرى الصادرة عنها: أولها أن المتابع يندهش لغياب أي مبرر لتأجيلها في مارس 2004، فالقرارات كانت عادية جدا، خلافا لما وعدت به الرئاسة التونسية، كما أن مستوى الحضور لم يختلف عما كان مطروحا في المرة الأولى، وبالتالي فمستوى القمة العام كان متوسطا. وأضاف خشانة أن سقف القرارات تراجع عما كان عليه في القمم السابقة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية؛ إذ اتخذ الزعماء قرارات جديدة بتقديم الدعم للسلطة الفلسطينية، متناسين القرارات السابقة بدعم الانتفاضة، ومن ضمنها إنشاء صندوق للقدس، وصندوق ثان لدعم صمود الشعب الفلسطيني. وتابع خشانة أن القرار الجديد سيبقى على الأرجح حبرا على ورق، وسيصدر قرار آخر عن القمة العربية المقبلة في الجزائر بتفعيله!.
أما النقطة الثالثة فهي أن القمة كرست التطبيع مع الحالة العراقية التي أنتجها الاحتلال، إذ قبلت ممثلي مجلس الحكم الانتقالي الذي عينه الحاكم الأمريكي للعراق في مقعد العراق، ولم تتخذ أي قرار لدعم المقاومة على الأقل سياسيا ومعنويا.
وشدد خشانة في تصريحه لوكالة « قدس برس » على أن الزعيم الليبي معمر القذافي أحدث شرخا في القمة العربية، على تواضعها، بانسحابه المسرحي الذي هز خيمة العرب، ووجه ضربة لمصداقية الإجماع الذي حاولت القمة لملمته، بحسب تعبيره. (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 24 ماي 2004)
خيبة أمل مصرية من قمة تونس: « أعلنت عن ضعف الأمة… والبيانات لا تلبي الطموحات »
القاهرة – مكتب الدستور أصيب الشارع المصري بإحباط شديد وخيبة أمل بعد الجلسة الختامية للقمة العربية في تونس واعلان البيان الختامي لها والتي لم يرض عنها الشارع المصري كما تم الأعلان عنه سابقا في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة والذي قال فيه الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ووزير الخارجية التونسى الحبيب بن يحيى في المؤتمر الصحفي الختامي أن الاعداد للقمة العربية جاء جيدا وسيرضي رغبات الشارع العربي . وأكدت أغلب الآراء أن عقد القمة العربية في تونس كان هو الهدف في حد ذاته وليس الخروج بقرارات فيما رأى البعض الأخر أن الركون الى عقد القمة العربية فقط وأن يكون هو الهدف يعد فشلا ذريعا للامة العربية وأعتبر البعض أن عقد القمة مهم حتى وأن لم تخرج حاليا بقرارات . وصب الشارع المصري جام غضبه على انسحاب العقيد الليبى معمر القذافى في الجلسة الاولى للقمة وأعتبروا أن هذا الانسحاب هو تعبير عن حالة الامة وما تعيشه من وهن . »الدستور« استطلعت اراء مجموعة من السياسيين والمراقبين وافراد من الشارع المصرى حول تداعيات تلك القرارات على الشارع السياسي العربي ونجاح القمة من عدمه في الوصول الى الحد المرضي لرغبات الشعوب العربية من اجتماع القادة العرب . الانعقاد الهدف يقول الدكتور حسن ابو طالب رئيس تحرير »التقرير الاستراتيجي العربي«: نتائج القمة العربية غير مهمة فلم يكن مطلوبا منها أن تخرج بقرارات لان المطلوب منها فقط كان هو الانعقاد ليس إلا ، ومعنى انعقاد القمة العربية في حد ذاته أن هناك إصرارا على استمرار الجامعة العربية واستمرارها ككيان ، كما يدلل على أن الجامعة العربية ما زالت بها الروح التي يمكن أن تجعلها تخرج بقرارات في المستقبل . لم يكن من المتصور أن تتخذ القمة العربية الحالية قرارات أكثر من القرارات التي اعتدنا عليها ولم يكن متوقعا أن تكون ذات مواقف قوية تجاه القضايا الساخنة مثل فلسطين والعراق ، أما الحديث عن نتائج تخرج من القمة تقابل طموحات الرأي العام العربي فيه مغالطة كبيرة. القمة العربية في تونس أحيطت بمجموعة من الملابسات مثل تأجيل القمة والخلافات التي فرضت نفسها إزاء قضايا حيوية تتعلق بالإصلاح ومواجهة المفروض من الخارج . من الإيجابية أن يكون هناك اتفاق على اجتماع القادة العرب ولقائهم وهو الحد الادنى المطلوب منهم ولكن عليهم أيضا أن يقوموا بتحويل القرارات والبيانات التي تصدر عن القمة الي سياسات وبرامج وينتج عنها تغيير في مستوى المعيشة والحريات والحالة الاقتصادية ، اما في حالة عدم ترجمة هذه القرارات الى سياسات فسيعمل هذا على توسيع الفجوة بين الحكام والشعوب وهي متسعة من الاصل … وإذا لم يفعل القادة هذا فستكون تضحيتهم كبيرة بمصداقيتهم مع الشعوب فمن يتصور أنه يمكنه أن يخدع الرأي العام فأنه يكون مخطئا . بالنسبة لفلسطين والعراق فهناك فارق كبير بين التغيير في الموقف التضامني مع القضية الفلسطينية والعراقية والذي يمكن أن نعبر عنه بأنه رد فعل حتى ولو كان انشائيا ، اما الافضل فهو أن يكون هناك خطوات عملية للتغيير من التضامن وعلى سبيل المثال أن تقوم الدول العربية التي لها علاقات مع الولايات المتحدة بالحديث حول فتح قنوات اتصال مباشرة بين سوريا وواشنطن وأن كان هذا يواجه صعوبة حاليا لما تمليه فترة الانتخابات الامريكية من استحقاقات على القيادة الامريكية. ويقول حسين عبد الرازق الأمين العام لحزب التجمع : القمة العربية والمواقف التي تصدر عنها هى محصلة لمواقف الدول العربية الموجودة داخل المنظومة والتي لا يمكن أن تتجاوز حدود هذه المواقف والحكومات والانظمة في أغلب الدول العربية وهي لاتعبر بصورة أو باخرى عن الشارع العربي ومتطلباته لانها في الغالب حكومات استبدادية غير ديمقراطية . ما صدر عن القمة العربية في تونس جاء متوافقا مع تلك الحقائق من الناحية الكلامية والصياغية وهو كلام مقبول، اما من الناحية العملية فلا توجد خطوة واحدة لتحقيق شىء إيجابي في القضية الفلسطينية أو بالنسبة للاحتلال الامريكي في العراق ، كما أنه لايوجد أى شىء ملزم فيما يسمى بالاصلاح السياسي في الوطن العربي . كنا نتوقع من القمة العربية أن تتخذ إجراءات عملية مع اسرائيل بمعنى أن الدول التى تقيم علاقات سياسية وتجارية مع اسرائيل أن تعلن عن تجميد تلك العلاقات أو تعلق مكاتبها في الوقت الحالي على الاقل ، وأن تقدم الدول العربية التي لم تقدم استحقاقاتها المادية التى تم اقرارها في القمم السابقة للسلطة الفلسطينية هذه الاستحقاقات، وهناك قائمة كبيرة من التحركات التي يجب أن تتم . في الوقت ذاته لايجب أن نقلل من قيمة الحفاظ على دورية انعقاد القمة العربية فهى في الوقت الحالي غير فعالة ولكن يمكن أن يتغير الحال العربي وأن يكون انعقاد القمة العربية فعال وايجابي ويخرج بقرارات مؤثرة وهو المطلوب للشعوب العربية. لا جديد ويرى مصطفى بكري الكاتب الصحفي رئيس تحرير صحيفة الاسبوع المصرية ان القرارات التى تم اتخاذها في القمة العربية في تونس لم تقدم أي جديد ولو قام أي مراقب بمراجعة البيانات الصادرة عن القمم العربية الاخيرة فستجد أنها نفس المواقف ، أما الجديد الذي تعيشه المنطقة العربية ألان هو الوضع في العراق وفي رفح وفي غزة وفي رام الله . كان مطلوبا من القمة العربية أن تخرج علينا بعدد من الآليات التي تساعد على تنفيذ القرارات التي تصدر عن القمة العربية وهو الاهم من اصدار القرارات دون توفير الآليات التي تساعد على تنفيذ تلك القرارات . في تقديري أن القمة العربية زادت من احباط الشارع العربي، والجماهير العربية زاد احباطها بعد عقد القمة عن قبلها والتي أكدت أنها لاجدوى منها . ولو كانت الالفاظ تروى ظمأ الشارع العربي لحلت الالفاظ التي تخرج من القمة العربية كل المشكلات التي نعيش فيها ولكن الامر ليس قصرا على الالفاظ والتفسيرات وانما الاهم هو الاليات التي ننفذ من خلالها القرارات التي نخرج بها من القمة . الامر لو وصل الى أن يكون الهدف هو انعقاد القمة العربية فقط فهذه كارثة كبرى لانه لا أحد يدرى بعد ذلك كيف يمكن أن يتصل أي رئيس عربي بنظيره . اما الشارع المصرى الذي استعاد وعيه السياسي مؤخرا بعد الازمات التي عاشتها الامة العربية في الاونة الاخيرة فقد تندر على ايام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والاجتماعات العربية التي كانت تخرج عن القمم العربية حينها والوحدة العربية التي كانت قائمة . أستطلعت »الدستور« آراء بعض ابناء الشعب المصري الذين تابعوا الجلسة الختامية في المقاهي والذين وصلت اليهم نتائج القمة وهم في المواصلات العامة . بيانات سامح إبراهيم – مندوب أعلانات لم تصدر أي قرارات تذكر عن القمة العربية وكل ما صدر عبارة عن بيانات وكان المتصور أن تخرج القمة بقرارات أكثر قوة من هذا خاصة في ظل الاعتداءات الاسرائيلية الاخيرة في فلسطين والتي ارتفعت وتيرتها بصورة تؤكد عدم اكتراث اسرائيل بالدول العربية بالاضافة الى الممارسات الامريكية في العراق وتهديداتها لسوريا . كان من الافضل الا تنعقد القمة العربية وكان الواجب أن ينفذ وزراء الخارجية وعودهم بخروج القمة العربية بقرارات ترضي الشارع العربي وتطلعاته من القمة العربية وهو ما لم يحدث في قمة تونس ، اما مسألة الانعقاد من أجل الانعقاد فهذا تهريج ولايصح أن يحدث من القادة العرب. ويرى علي عابدين انه كان متوقعا الا تخرج القمة بقرارات مؤثرة فالتيار شديد على الدول العربية والضغوط الخارجية كبيرة جدا حتى ولو أنكر القادة العرب هذا. الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ظلم بوجوده في هذ المنصب وكان من الافضل أن يظل وزيرا لخارجية مصر لان هذا المنصب يضيع مجهوده هباء ودون جدوى ، فيكفي أن ننظر الي ما فعله الرئيس الليبى هل كان يجرؤ على هذا اثناء وجود الرئيس عبد الناصر لقد باع كل شيء وانتهت الجامعة العربية تقريبا »الله يرحم عبد الناصر«. اما عمرو ابراهيم : موظف بالتليفزيون فيرى ان القمة العربية كانت اعلانا عن الضعف العربي، وللاسف قمنا بتأكيد أن الدول العربية اضعف من أن تتخذ قرارات أو تقف في وجه التيار الغربى المعادى للدول العربية فكيف يمكن أن نقف في وجه تلك السياسات ونحن لا نستطيع أن نتفق سويا على قرار واحد يمكن تنفيذه . يجب وجود عقوبات على الدول التي لاتنفذ القرارات التي تصدر عن القمم العربية بحيث لا تكون قرارات القمة العربية مجرد حبر على ورق فقط ولا تكون ذات أهمية تذكر … للاسف العالم كله » اتفرج علينا … وضحك علينا كان من الافضل عدم انعقاد القمة خاصة بعد المهزلة التونسية في شهر آذار الماضي. ويقول امين خليل : موظف بشركة كمبيوتر ان الجواب يتضح من عنوانه »اين القمة العربية الم يشاهد العرب القمم الاوروبية وكيف تخرج بقرارات وآليات للتنفيذ فلهذا تمت الوحدة الاوروبية ونحن مازلنا نبحث عن عقد القمة العربية . انسحاب القذافى كان من اجل افساد القمة العربية والتي هى اصلا ضعيفة وهو ضغط امريكي واضح جدا فهى حاولت من قبل مع تونس وقامت تونس بالغاء القمة ثم العودة وعقدها فقامت الولايات المتحدة بزج ليبيا للقيام بنفس الدور . الم يعلم القادة العرب أن الفضائيات العربية تنقل للشعب كل اخبار العالم ونرى كيف يتعامل الاوربيون في أجتماعاتهم ولهذا يتقدمون ونحن نتأخر أو على الاقل نقف »محلك سر« ولهذا طمعوا فينا . (المصدر: صحيفة الدستور الأردنية الصادرة يوم 25 ماي 2004)
بوادر أزمة بين القاهرة وتونس بعد “محاصرة” المقترح المصري في القمة
القاهرة – الخليج أعربت دوائر مصرية أمس عن استيائها البالغ من محاصرة الرئاسة التونسية للقمة المقترح المصري الخاص باعتماد آلية للحوار مع المجموعات الدولية ومتابعة ملف الإصلاحات السياسية في العالم العربي. وحملت الدوائر شبه الرسمية بعنف على الموقف التونسي مشيرة إلى أنه يحمل العديد من علامات الاستفهام في خطوة اعتبرها مراقبون تعكس أزمة سياسية جديدة بين تونس والقاهرة، خاصة اثر مغادرة الرئيس المصري حسني مبارك تونس غاضبا قبل انتهاء أعمال القمة العربية. وكان مراقبون اعتبروا الموقف التونسي من المقترح المصري يأتي كردة فعل متوقعة من تصريحات رسمية مصرية أعقبت الإلغاء المفاجئ للقمة قبل شهرين، وعرض القاهرة حينها استضافة القمة. وكرس عدد من رؤساء تحرير الصحف المصرية أمس مقالاتهم لتوجيه النقد اللاذع للرئاسة التونسية والحديث عن الرؤية الاستراتيجية التي تقف وراء المقترح المصري وما يحويه من تصور لتعزيز قدرة الدول العربية على مواجهة الضغوط الخارجية ومحاولات الاختراق والتدخل في الشؤون الداخلية. واتهموا الرئاسة التونسية باتخاذ موقف غير مفهوم، بإصرارها على عدم عرض هذا الاقتراح في الجلسة المغلقة للرؤساء العرب بحجة عدم المساس من جديد بالقرارات التي ستصدر عنها، وإصرارها على عقد الجلسة العلنية مباشرة مع أن وزراء الخارجية العرب وافقوا بالفعل على الاقتراح المصري. (المصدر: صحيفة الخليج الإماراتية الصادرة يوم 25 ماي 2004)
تونس 2004.. قمة الصفقات العربية الأمريكية!
محمد جمال عرفة (*) من طرائف القمة العربية يومي 22 و23 مايو 2004 في تونس عزوف نصف رؤساء وملوك الدول عن حضورها، ووصل الأمر إلى حد اختتامها بـ8 رؤساء من أصل 22!. وبالمقابل كان هناك حضور عربي كثيف في حفل زفاف ولي عهد أسبانيا؛ حيث إنه من بين 30 عائلة مالكة حضرت الزفاف كان هناك من الجانب العربي أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبد العزيز، والملكة نور والملكة الأردنية رانيا العبد الله، إضافة إلى ولي عهد البحرين الشيخ سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة، ومولاي رشيد شقيق العاهل المغربي وآخرين!. ومن طرائفها الأخرى أن القادة العرب أدانوا -لأول مرة في التاريخ العربي- العمليات الاستشهادية الفلسطينية ضد المحتلين الصهاينة « المدنيين »، ووصفوها بأنها: « العمليات التي تستهدف المدنيين بدون تمييز ». ولم يكتفوا بهذا ولكنهم أدانوا أيضا العمليات الاستشهادية التي تقوم بها المقاومة العراقية ضد قوات الاحتلال، ووصفوها بأنها « إرهابية »؟!
والحقيقة أن هذه القمة التي كان عنوانها الضمني: « إنقاذ ما يمكن إنقاذه » بعد فشل عقدها في موعدها في مارس 2004، كانت أشبه بقمة الصفقات « الضمنية » بين الحكومات العربية والولايات المتحدة الأمريكية، بعدما تحولت العلاقة بين الطرفين مؤخرا إلى علاقة مواجهة بسبب العلو والغلو الأمريكي في التعامل مع قضايا العرب والمسلمين. فقد وضحت الصفقات عموما في صورة اعتدال عربي تجاه أمريكا وإسرائيل ظهر في البيان الختامي والوثائق الملحقة به، مقابل « أمل » عربي في الحصول على مقابل أمريكي وإسرائيلي فيما يخص المضي قدما في قيادة خطط السلام بين العرب والإسرائيليين، وتخفيف الضغوط الأمريكية المطالبة بإصلاحات عربية. ووضحت الصفقات خصوصا في الملفات الساخنة مثل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، والوضع في العراق، ومسألتي إدانة العمليات الاستشهادية في فلسطين والعراق، والقبول بفكرة الإصلاحات الأمريكية بعد تعريبها.
وخطورة هذه الصفقات العربية أنها تمت بلا مقابل واضح أو مضمون، وعلقت تنازلاتها على « أمل » في مقابل أمريكي، لا على تعهد واضح. كما أنها الأولى من نوعها التي تلتزم فيها الحكومات العربية نفسها بموقف جماعي يدين العمليات الفلسطينية التي تستهدف « مدنيين » إسرائيليين تحت شعار أن هذا -كما قال دبلوماسي عربي- يشكل « موقفًا حضاريًا إسلاميًا لوقف العمليات ضد المدنيين من الجانبين »، وتحت مبرر أن هذه العمليات -كما جاء في قرارات القمة- « لا تخلف إلا العنف والعنف المضاد؛ باعتبارها لن تؤدي إلى إقامة السلام الذي تحتاج إليه المنطقة »!!.
والأخطر أنه سيترتب على هذه الالتزامات مواقف سياسية عربية تجاه الفصائل الفلسطينية التي تقوم بمثل هذه العمليات داخل ما يسمى الخط الأخضر الذي هو حدود فلسطين المحتلة عام 1948، وتجاه المقاومة العراقية، وستكون ملزمة حتى للدول العربية التي تؤيد هذه العمليات، وربما تطالب أمريكا وإسرائيل العرب مستقبلا بعدم دعم أو استقبال قادة الفصائل الفلسطينية الذين لن يلتزموا بالطبع بهذه المواقف العربية الرسمية!.
وربما لهذا احتفت الصحف الإسرائيلية بهذه القرارات العربية ونشرتها -مثل يديعوت أحرونوت- تحت مانشيت: « قادة العرب يدينون المساس بالمدنيين أيًا كانوا ». كما اهتمت بها الصحف الأمريكية التي نقلت قبل القمة عن مسئول بالخارجية الأمريكية قوله: إن واشنطن تراقب القمة وتتابع قراراتها مع العديد من الأطراف العربية!. أما القادة العرب فحاولوا تبرير هذا التنازل الخطير -عندما طالب لبنان بحذف عبارة « بلا تمييز » التي ربطت بإدانة العمليات- وعلقوا الأمر في رقبة الرئيس الفلسطيني عرفات، قائلين بأن عرفات أعلن في الكلمة التي وجهها إلى القمة العربية من مقره المحاصر في رام الله رفضه الدائم والقاطع لاستهداف المدنيين، سواء أكانوا فلسطينيين أو إسرائيليين.
وقد ظهر أثر هذه التنازلات والاتصالات الأمريكية مع الأطراف العربية أثناء القمة في صورة خلاف تحدثت عنه مصادر مطلعة بين لبنان وسوريا من جهة، والوفد الأردني من جهة أخرى برئاسة عاهل الأردن (الذي غادر القمة قبل انتهائها)، وأوضحت المصادر أن الأردن طلب خلال اجتماعات وزراء الخارجية العرب بالقاهرة قبل نحو أسبوعين من القمة، أن تتبنى القمة « موقفا معتدلا » يشجع الإدارة الأمريكية على المضي قدما في الضغط على إسرائيل من أجل تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بالصراع، خاصة تنفيذ خارطة الطريق؟!
تنازلات العراق التنازل الآخر الهام من جانب القمة العربية جاء في موضوع العراق؛ ففي اجتماعات وزراء الخارجية العرب بالقاهرة تضمن مشروع القرار المعروض على القمة إدانة ما سمي « جميع الأعمال الإرهابية التي تستهدف المدنيين ورجال الأمن والشرطة العراقية »، ووصل الأمر -بسبب ضغوط وزير خارجية مجلس الحكم العراقي المعين من قبل الاحتلال الأمريكي- إلى حد « إدانة أعضاء الحكم العراقي السابقين.. ومحاكمتهم وعدم توفير ملاذ آمن لهم ».
ويبدو أنه تم التخفيف كثيرا من هذه الصيغة خلال القمة لتصادمها مع كل أعمال المقاومة العراقية، ولأنها تقدم خدمة لقوات الاحتلال، فضلا عن أنها سابقة عربية أولى أن يدين العرب حكومة عربية أسقطها الاحتلال ويطالبوا بمحاكمتها وطرد أعضائها اللاجئين سياسيا إلى دول عربية، ولكن بقي النص على إدانة ما سمي « التفجيرات الإرهابية التي قتل فيها مئات العراقيين الأبرياء »، وهي عبارة مطاطة تصب في خانة اتهام الأمريكان لـ »إرهابيين » بالقيام بتفجيرات في العراق.
ولوحظ في هذا الصدد أن العبارات المتعلقة بالعراق جاءت عامة وسريعة وقاصرة على إدانة « الجرائم والممارسات اللاأخلاقية واللاإنسانية التي ارتكبها جنود وقوات الاحتلال ضد المعتقلين العراقيين في السجون والمعتقلات »، والمطالبة بإحالة مرتكبي هذه الجرائم والمسئولين عنها إلى القضاء، دون تفصيل في مسائل الجدول الزمني لإنهاء الاحتلال أو الاستفادة من الغضب العالمي على الجرائم الأمريكية في الضغط على واشنطن.
كما أن القمة ركزت على إدانة « جنود » الاحتلال رغم تأكيدات المصادر الرسمية الأمريكية تورط القيادات العسكرية العليا وعلم بوش ورامسفيلد وغيرهما بما كان يجري من عمليات تعذيب وجرائم وحشية منظمة ضد السجناء العراقيين.
معركة الإصلاحات الداخلية كما وضحت التنازلات والاستجابة للحملة الأمريكية لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط في صورة تعهد القادة العرب بتنفيذ إصلاحات سياسية واجتماعية في دولهم ونشر الديمقراطية، والتوسع في المشاركة الشعبية في مجال السياسة والشئون العامة. حيث أكد القادة العرب في وثيقة « عهد ووفاق وتضامن » العزم على « مواصلة خطوات الإصلاح الشامل في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة »، و »تصميمهم على تحقيق أسس الديمقراطية والشورى وتوسيع المشاركة في المجال السياسي والشأن العام واحترام حقوق الإنسان.. ومواصلة النهوض بدور المرأة في المجتمع العربي ».
ولكن المقابل العربي -على ما يبدو- كان تعليق هذه الإصلاحات عمليا بقرار مفاده ألا يوقع الزعماء العرب شخصيا على الوثائق الرئيسية في هذه المرحلة، بل وتأجيل بحث مسألة « آلية » تنفيذ هذه الإصلاحات التي قدمتها مصر كي يتم تقديمها إلى قمة مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى في يونيو 2004 بعدما تفجرت خلافات بين وفود تلك الدول العربية التي تريد توجيه « رسالة واضحة » حول النزوع الإصلاحي والاعتدالي في المنطقة، وبين تلك الدول الأخرى التي تريد توجيه « رسالة عامة » حول إجراءات توقيع وثائق الإصلاح وحول ما إذا كانت ستمنح مجموعة صغيرة من البلدان العربية صلاحيات تمثيل العالم العربي أمام قمة الدول الصناعية في سي أيلاند بولاية جورجيا الأمريكية.
وقد ألمحت القاهرة لدور تونس في إجهاض اقتراح مصري حول آليات تنفيذ الإصلاحات في صورة مقال كتبه إبراهيم نافع رئيس تحرير الأهرام يوم 24 مايو 2004 تحت عنوان « موقف غير مفهوم من رئاسة المؤتمر! » قال فيه:
« لقد كان من الغريب حقا ألا تبحث القمة العربية الاقتراح الذي قدمته مصر بإنشاء آلية جديدة للمتابعة تواجه بها الأمة العربية تلك الآلية الأخرى التي تعتزم مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى بحثها في قمتها يوم 8 يونيو 2004 بولاية جورجيا الأمريكية؛ ذلك أن الدول العربية في حاجة إلى تصور عربي لا تترك معه المسألة للدول الأجنبية تقررها للعرب وتكون بمثابة وسيلة للتدخل في الشئون الداخلية للدول العربية، وربما أداة للمحاسبة تشهر في وجه دولة عربية أو أكثر، حسبما تقتضي مصلحة دول غير عربية ».
وقال نافع: « كان من المتصور أنه عندما تبحث القمة العربية موضوع هذه الآلية فهي لا تبحث قضية شكلية أو إجرائية بل تتعامل مع موضوع يمكن أن يمس هويتها ويقفز فوق خصوصيتها؛ فالآلية المطروحة من جانب الدول الثماني الصناعية الكبرى صيغت على نحو يجعلها جزءا من مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يمتد من المغرب إلى أفغانستان ويضم دول وسط آسيا وعددا كبيرا من الدول غير العربية، ومن ثم فالهدف هو تهميش الجامعة العربية وإذابة الكيان العربي في كيان هلامي مبني على أساس جغرافي وربما ثقافي لا محل للعروبة فيه ».
وقد ظهر الدور السوري في رفض الطلب المصري والخلاف حول قضية الإصلاحات في صورة تأكيد الرئيس بشار الأسد: « نحن في سوريا لم نحاور أحدا بالنسبة إلى قضايانا الداخلية، ولن نحاور أحدا في المستقبل، وإذا أراد أي طرف أجنبي أن يحاورنا فيجب أن يتم ذلك من خلال موضوعين أساسيين: الأول أن يتحمل الغرب مسئوليته في إيجاد حل لقضية الشرق الأوسط، والثاني أن يقدم المساعدة في تحقيق التنمية ».
إصلاح الجامعة مؤجل أما الأغرب -وإن كان متوقعا- فهو تأجيل القادة العرب قضية تطوير آليات الجامعة العربية إلى عام 2005 رغم نص « وثيقة العهد » التي قدمتها السعودية على الالتزام بتطوير العمل العربي المشترك في كافة المجالات وإصلاح آليات عمل الجامعة العربية، وتعهد القادة في الوثيقة بالالتزام بـ »تطوير الأجهزة والهيئات الإقليمية العربية المتخصصة وبرامج خطط عملها؛ لضمان أداء دورها وفقا لمتطلبات واحتياجات الدول العربية ».
حيث تقرر تقديمها في صيغتها النهائية إلى الدورة العادية (71) لمجلس الجامعة على مستوى القمة برئاسة الجزائر في مارس 2005 لإقرارها، وأن يقوم الأمين العام بالدعوة لعقد دورة استثنائية أو أكثر لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري لهذا الغرض.
قضايا القمة توزعت بالتالي بين:
· أمور حيوية جرى التنازل فيها؛ أملا في تغير الانحياز الأمريكي واعتداله. · وأخرى ثابتة تتضمن قرارات الشجب والإدانة والمساندة المعتادة. · وثالثة تم تأجيلها بالكامل إلى القمة المقبلة، كما سبق أن فعلت القمة السابقة مع الحالية. · وذلك يطرح نتائج سلبية بشأن استمرار مسلسل الضغوط والتنازلات وإلى أين سيصل مستقبلا؟!. (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 25 ماي 2004)
L’Egypte décline une invitation au sommet du G8
REUTERS, le 24.05.2004 à 22h37 DOUBAI, 24 mai (Reuters) – L’Egypte a décliné une invitation à se rendre le mois prochain au sommet du G8, aux Etats-Unis, où un plan de réformes démocratiques dans le monde arabe devrait être lancé, a déclaré lundi dans une interview le ministre des Affaires étrangères, Ahmed Maher. Il a expliqué que l’identité arabe ne devait pas être « dissoute » dans l’Initiative de Grand Moyen-Orient soutenue par les Etats-Unis, ajoutant que les pays arabes assistant à la réunion du G8 insisteraient sur ce point. Cette initiative, destinée à contrer l’islamisme radical grâce à des réformes politiques et sociales, a été critiquée par de nombreux Arabes qui y voient une tentative d’imposer des réformes de l’étranger et regrettent qu’elle ne règle pas des questions régionales primordiales telles que le conflit israélo-arabe. « L’Egypte a été invitée au G8, mais elle n’y assistera pas. Je pense que Tunis s’est également excusé et j’ai entendu dire que le Qatar n’y assisterait pas. D’autres Etats y assisteront », a dit Maher a la télévision Al Arabiya, ajoutant que le président égyptien Hosni Moubarak avait d’autres engagements. Le quotidien al Hayat écrivait dimanche en citant des sources diplomatiques à Washington que des invitations à la réunion du G8, du 8 au 11 juin à Sea Island, en Géorgie, avaient été adressées aux dirigeants d’Arabie saoudite, d’Egypte, de Jordanie, du Yemen et du Maroc. Des responsables américains ont confirmé que certains pays du Moyen-Orient avaient été invités, sans préciser lesquels. Des responsables yéménites ont fait savoir lundi que le président Ali Abdoullah Saleh avait accepté l’invitation. L’agence de presse du Bahrein rapporte de son côté que le roi Hamad bin Issa al Khalifa a été invité et ira à Sea Island. Selon des sources diplomatiques saoudiennes, il est probable que l’Arabie saoudite enverra une délégation, mais rien n’a encore été annoncé officiellement. « Nous refusons de dissoudre l’identité arabe dans une plus grande appelée Grand Moyen-Orient, qui ne tient pas compte du fait qu’il y a un groupe arabe et veut les mettre dans le même panier que des Etats dont la situation est complètement différente », a expliqué Maher. « Ceux qui iront au G8 (…) le souligneront ». Répondant à une campagne américaine pour la démocratie dans le monde arabe, les gouvernement arabes ont promis dimanche, à l’issue du sommet de Tunis, de réaliser des réformes politiques et sociales dans la région.
Bush invite huit pays musulmans au sommet du G8
Reuters, le 25.05.2004 à 04h47 WASHINGTON, 24 mai (Reuters) – Le président américain George Bush a invité les dirigeants de l’Afghanistan, du Bahreïn, de la Jordanie et du Yemen au sommet du G8 prévu le mois prochain afin de discuter avec eux de son plan de réformes pour le « grand Proche-Orient », a annoncé lundi la Maison blanche. Dans un communiqué, le porte-parole de la Maison blanche, Scott McClellan, indique qu’une rencontre aura lieu entre ces dirigeants et le président américain le 9 juin lors du sommet du de Sea Island, en Géorgie. Sa publication intervient alors que circulent des rumeurs sur le refus de plusieurs de ces dirigeants d’y participer. « Il (Bush) souhaite avoir une discussion sur la manière dont le G8 peut soutenir les libertés politiques, économiques et sociales dans le grand Proche-Orient », peut-on lire dans le communiqué. Des responsables de la région ont fait savoir que les dirigeants yéménite et bahreïni comptaient honorer l’invitation. Dimanche, le quotidien en langue arabe Al Hayat citait des sources diplomatiques selon lesquelles la Maison blanche avait adressé des invitations aux dirigeants saoudien, égyptien, jordanien, yéménite et marocain pour discuter du plan de Bush pour la région, que des responsables américains espèrent voir approuvé par le G8. Mais lundi, le ministre égyptien des Affaires étrangères, Ahmed Maher, a déclaré à la télévision Al Arabia avoir décliné l’invitation, ajoutant qu’à sa connaissance la Tunisie et le Qatar avaient fait de même. Ce plan, qui vise à contrer l’islamisme radical, est perçu par beaucoup dans le monde arabe comme une tentative par Washington d’imposer des réformes dans la région sans tenir compte de problèmes-clés tels que le conflit israélo-palestinien.
MO: Casa Bianca, a G8 non invitati Egitto, Tunisia, Marocco
ANSA, le 25.05.2004 à 11h28 WASHINGTON, 25 mag (ansa) Diversi paesi del Grande Medio oriente come Egitto, Arabia Saudita, Tunisia e Marocco non figurano sulla lista dei paese dell’area invitati dal presidente George W. Bush al vertice del G8 di giugno negli Usa dove sarà presentato un piano per promuovere le riforme democratiche nella regione. Lo ha reso noto la Casa Bianca. Secondo la lista resa pubblica, ai lavori che si svolgeranno il 9 giugno a Sea Island, in Georgia, sono stati invitati Afghanistan, Algeria, Bahrein, Giordania e Yemen. «George W. Bush – si legge nel comunicato – è felice di poter discutere dei mezzi coi i quali il G8 puٍ portare il suo appoggio ad una maggiore libertà politica, economica e sociale nel Grande Medio Oriente». Il presidente egiziano Hosni Mubarak non ha nascosto la sua contrarietà al piano americano e ieri il suo ministro degli esteri Ahmed Maher aveva annunciato che per «motivi di tempo» il presidente aveva dovuto declinare l’invito a partecipare alla riunione. Fonti presidenziali avevano detto che il presidente egiziano in realtà non aveva ricevuto nessun invito. Maher aveva aggiunto che anche la Tunisia non aveva accettato di partecipare. Secondo il quotidiano egiziano Al Hayat, l’amministrazione americana aveva mandato gli inviti ad almeno cinque capi di stato arabi, fra cui Egitto, Arabia saudita, Giordania, Yemen e Marocco. Il giornale precisa che ad accettare sono stati solo il re della Giordania Abdallah II e il presidente yemenita Ali Abdallah Saleh.
Plusieurs pays du Grand Moyen-Orient absents de la liste des invités du G8
AFP, le 24.05.2004 à 23h40 WASHINGTON, 24 mai (AFP) – Plusieurs pays du Grand Moyen-Orient comme l’Egypte, l’Arabie saoudite, la Tunisie et le Maroc, ne figurent pas sur la liste des pays du Moyen-Orient invités par le président George W. Bush au sommet du G8 en juin aux Etats-Unis, selon un communiqué de la Maison Blanche. Selon cette liste, seuls les dirigeants de l’Afghanistan, de l’Algérie, de Bahrein, de la Jordanie, et du Yemen ont été invités à rencontrer les dirigeants du G8 à Sea Island (Georgie, sud-est) le 9 juin. Le G8 est composé de l’Allemagne, du Canada, des Etats-Unis, de la France, de la Grande-Bretagne, de l’Italie, du Japon et de la Russie. George W. Bush « est heureux de pouvoir discuter des moyens pour le G8 d’apporter son soutien à une plus grande liberté politique, économique, et sociale dans le Grand Moyen-Orient. Le président espère que ces dirigeants discuteront des efforts pour parvenir à la démocratie et favoriser les réformes dans leurs pays », ajoute-t-on de même source. « Le président s’attend à ce que le G8 réponde aux appels en faveur de réformes venant de la région et offrira des mesures concrètes pour aider les réformateurs à appliquer leurs projets », indique le communiqué. Le ministre égyptien des Affaires étrangères Ahmed Maher avait indiqué auparavant lundi que le président égyptien Hosni Moubarak avait décliné une invitation américaine à participer au G8. Le président égyptien entend ainsi marquer sa méfiance à l’égard du projet de réformes démocratiques pour le Grand Moyen-Orient préparé par Washington et qui doit être présenté à cette occasion. Selon M. Maher, la Tunisie a également décliné une invitation à se rendre à Sea Island. Le président Bush veut présenter au G8 un plan pour apporter davantage de liberté et de démocratie dans le Grand Moyen-Orient et visant à accompagner son souhait d’instaurer un gouvernement démocratique en Irak après l’invasion de ce pays par les Etats-Unis au printemps 2003. Il avait notamment reçu pour en discuter M. Moubarak dans son ranch de Crawford (Texas) en avril. « Cette initiative veut soutenir les efforts en faveur de réformes par les habitants de la région et ne vise pas à leur imposer quoi que ce soit », a indiqué lundi le porte-parole de la Maison Blanche Scott McClellan lors d’un point de presse. Le président Moubarak avait pris la tête d’une fronde contre le projet américain. Il s’était associé à l’Arabie Saoudite pour « rejeter avec force » les « recettes et ordonnances toutes faites » proposées de l’extérieur pour le remodelage politique du Moyen et Proche-Orient après la guerre d’Irak. L’Egypte n’a cessé depuis de répéter que « les réformes sont nécessaires et inévitables » dans le monde arabe, mais qu’elle doivent « émaner de l’intérieur » et « être conformes aux besoins et aux convictions des peuples ».
بوش يدعو اربع دول عربية وافغانستان لقمة الثمانية
واشنطن (رويترز) – أعلن البيت الابيض ان الرئيس الامريكي جورج بوش دعا زعماء الجزائر والبحرين والاردن واليمن وافغانستان لحضور قمة مجموعة الثماني التي تعقد الشهر القادم لمناقشة مبادرة الشرق الاوسط الكبير للاصلاح الاقليمي. وأصدر سكوت مكليلان المتحدث باسم البيت الابيض بيانا بهذا وسط تقارير صحفية قالت ان بعض الزعماء العرب رفضوا بالفعل دعوة بوش. وأعلن وزير الخارجية المصري احمد ماهر في حديث اذيع يوم الاثنين ان مصر رفضت دعوة لحضور اجتماع قمة مجموعة الثماني الذي يعقد في الولايات المتحدة في يونيو حزيران ويتوقع ان تعلن فيه خطة للاصلاح في العالم العربي. وقال ماهر انه ينبغي عدم « تذويب » الهوية العربية في مبادرة الشرق الاوسط الكبير التي تدعمها الولايات المتحدة وان الدول العربية المشاركة في اجتماع قمة مجموعة الثماني للدول الصناعية الكبرى ستوضح ذلك. وقال مكليلان في بيانه ان الاجتماع مع الرئيس الامريكي الجمهوري سيعقد في التاسع من يونيو حزيران في قمة مجموعة الثماني التي تعقد في سي ايلاند بجورجيا. وجاء في البيان ان الرئيس الامريكي « يتطلع لمناقشة كيف يمكن لمجموعة الثماني ان تدعم الحريات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في الشرق الاوسط الكبير. وتوقع الرئيس ان تستجيب مجموعة الثماني لدعوة الاصلاح من المنطقة بعروض تأييد ملموسة ستساعد الاصلاحيين. » وقال مسؤولون من المنطقة ان اليمن والبحرين سيحضران الاجتماع. ونقلت صحيفة الحياة عن مصادر دبلوماسية في واشنطن قولها يوم الاحد ان البيت الابيض كان قد وجه الدعوة لقادة المملكة العربية السعودية ومصر والاردن واليمن والمغرب لحضور قمة مجموعة الثماني التي تعقد في الفترة من 8 الى 11 من يونيو حزيران ومناقشة المبادرة التي تدعمها الولايات المتحدة والتي يأمل الامريكيون ان تقرها مجموعة الثماني. وصرح ماهر لقناة العربية التلفزيونية الفضائية بان مصر دعيت لحضور الاجتماع ولكنها لن تشارك وقال انه يعتقد ان تونس اعتذرت وانه سمع بان قطر لن تحضر وان دولا اخرى ستشارك. واضاف ماهر ان الرئيس حسني مبارك لديه ارتباطات اخرى. وقوبلت المبادرة التي تقول واشنطن انها تهدف للتصدي للتشدد الاسلامي من خلال تغييرات سياسية واجتماعية بانتقادات من جانب كثير من العرب لمحاولتها فرض الاصلاح من الخارج وعدم معالجتها القضايا الاقليمية الاساسية مثل الصراع العربي الاسرائيلي. (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 25 ماي 2004 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
الحكومة الجزائرية تلتزم تنفيذ الإجراءات تجاه من « يتخلون عن الإرهاب »
الجزائر – محمد مقدم اعتبر رئيس الحكومة الجزائرية أحمد أويحيى ان المصالحة الوطنية تعني « الاستمرار في مكافحة الإرهاب والتضامن مع المساعي الدولية لمكافحة هذه الآفة المدمرة », مشيراً إلى أن السلطات مستعدة لأن « تتخذ الإجراءات اللازمة » تجاه عناصر الجماعات الإسلامية المسلحة « الذين يتخلون عن الإرهاب ». وأكد أويحيى خلال عرضه, أمس, برنامج الحكومة أمام أعضاء مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان), توجه السلطات إلى العمل من أجل « الدمج الاجتماعي لأولئك الذين استجابوا قبل اليوم نداء الأمة عبر الوئام المدني » الصادر سنة 1999, والذي مكّن نحو ستة آلاف عنصر من التخلي عن العمل المسلح في مقابل الاستفادة من عفو جزئي أو كلي عن العقوبات. والتزم أويحيى الذي وافقت الغرفة الأولى في البرلمان أول من أمس على برنامج حكومته (280 صوتاً من أصل 312 نائباً حضروا الجلسة), أن تعمل السلطات في الفترة المقبلة على « إيجاد الحل النهائي لمعاناة عائلات المفقودين », وهو الملف الذي كلفت به لجنة تابعة للهيئة الاستشارية لحقوق الإنسان (تابعة للرئاسة) وتقاطعها عائلات المفقودين. وأفادت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أمس ان ثمانية مسلحين استسلموا في جيجل (شـــرق الجزائر), للاستفادة على ما يبدو من تدابير العفو.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 25 ماي 2004)
الجزائر: زعيم «كتيبة الفرقان» المسلحة يسلم نفسه إلى الجيش
الجزائر: بوعلام غمراسة أفادت مصادر أمنية ان زعيم «كتيبة الفرقان» التابعة للجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية سلم نفسه، برفقة ثمانية من رفاقه المسلحين، اول من امس، الى القيادة العسكرية في منطقة جيجل (300 كلم شرق العاصمة الجزائرية). وقالت المصادر ان زعيم كتيبة نور الدين بولفوس، المدعو ابوعلي، ورفاقه اوقفوا النشاط المسلح منذ سبتمبر (أيلول) الماضي ومكثوا في معاقلهم التي ظلوا فيها منذ عشر سنوات، ينتظرون أن تتوصل عائلاتهم التي كانت في اتصال دائم بهم، إلى صيغة تفاهم مع الجيش حول مصيرهم، في حال قرروا القاء اسلحتهم والعودة الى الحياة الطبيعية. وذكرت نفس المصادر، أن قائدا مسلحا آخر يوجد من بين التسعة الذين سلموا أنفسهم، يدعى أبو العباس وكان يتزعم فريقا من المسلحين في منطقة ميلة (60 كلم عن جيجل). وحسب المصادر نفسها، فان ابو العباس التحق بـ «كتيبة الفرقان» في جيجل عندما لاحظ رفاقه في ميلة أنه يميل إلى وضع السلاح، فخشي أن يتعرض للتصفية، بحكم أن القيادة العامة للجماعة السلفية رفضت ولا تزال ترفض وقف نشاطها المسلح. وكان مئات المسلحين المنضوين تحت ما كان يعرف باسم «الجيش الإسلامي للإنقاذ» قد سلموا انفسهم الى السلطات الامنية في جيجل مطلع عام 2000 للاستفادة من تدابير قانون الوئام المدني الذي أفضى إلى صدور عفو رئاسي عنهم. وتقدر السلطات العسكرية عدد أفراد الجماعة السلفية للدعوة والقتال، بـ 450 مسلحا موجودين بشكل اكبر في ولايات الشرق الجزائري والصحراء الكبرى. (المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 25 ماي 2004)
المبادئ العامة لتجديد و ترشيد الخطاب الإسلامي في تونس
صالح كركر قبل كل شيء لا بد من التذكير ببعض التعريفات لبعض المصطلحات الجوهرية التي سيقوم عليها تحليلنا هذا. ماذا نعني بالحركة الإسلامية ؟
ما نعنيه بالحركة الإسلامية في هذا المقال هو كل التجليات و التفاعلات الإسلامية في المجتمع. فمن مكونات الحركة الإسلامية الحركية الفكرية و الثقافية، من منظور إسلامي، التي عاشها أو يعيشها المجتمع في مرحلة زمنية معينة. و من الحركة الإسلامية أيضا كل الأنشطة التربوية الوعظية و الدعوية، و ذلك على جميع المستويات و في كل الأماكن، و بكل الوسائل. فخطب الجمعة، و الدروس الوعظية و التربوية في المساجد، والمحاضرات التكوينية في المدارس و الجامعات، و في النوادي و مقرات الجمعيات الناهضة لهذا الغرض، هي كلها من الحركة الإسلامية. و كل الوسائل التكوينية الأخرى من أشرطة سمعية و أشرطة سمعية بصرية و من برامج إذاعية و تلفزية، و كل ما ينشر على الأنترنات من أدبيات حول الإسلام. كل ذلك نعتبره من الحركة الإسلامية. و من الحركة الإسلامية كل الأنشطة التعليمية و العلمية، التي تحصل في المدارس والجامعات، في القطاع الخاص و الأهلي، و في القطاع الحكومي. و من الحركة الإسلامية أيضا الجمعيات الخيرية و ما تنجزه من أعمال تكافلية جيدة و جبارة داخل المجتمع، و الجماعات الصوفية و ما تقوم عليه، حسب مناهجها و قناعاتها و فهمها للإسلام، من أعمال ترويضية وتربوية. و من الحركات الإسلامية ما اصطلح عليه بهذه التسمية بالذات، أي الحركات الإسلامية القائمة على التنظيم والتي تم تأسيسها عن قصد و وعي، و المتصدرة في نفس الوقت للعمل التربوي و الثقافي و الدعوي من جانب و إلى العمل السياسي من جانب آخر، بغاية أسلمة المجتمع تدريجيا، أو كما يخيل إليها على الأقل. و هكذا فإننا نعني بالحركة الإسلامية، مختلف تجليات الديناميكية الإسلامية، التلقائية و الواعية، و المنبثة في كل أطراف المجتمع، و ليس فقط ذلك المفهوم الضيق و المستحدث الذي يقتصر على معنى الحركة التنظيمية القائمة داخل المجتمع مع شيء من الانفصال عته، بغاية إصلاحه و العودة به إلى المعين الإسلامي الصافي !!! فهذا المفهوم الأخير هو اجتهاد بشري مستحدث على مستوى الوسائل، يعود قيامه إلى رأس الربع الأول من القرن المنصرم. فهل يعني ذلك أن الأمة الإسلامية في كل أرجائها لم تعرف قبل ذلك ديناميكية تجديدية و اجتهادية و إصلاحية ؟ و الجواب عن هذا التساؤل هو طبع لا، ذلك لأن الدينامكية الفكرية والدعوية و التربوية و الاجتهادية و التجديدية و الإبداعية عموما، هي خاصية ملازمة للمجتمعات الإسلامية تنمو و تزدهر أحيانا، و تذبل و تتقلص أحيانا أخرى. وماذا نعني بالخطاب الإسلامي ؟ ما نعنيه بالخطاب الإسلامي هو كيفية فهم الإسلام و تنزيله على واقع الخلق في عصر من العصور، ذلك لأن الخطاب يقوم على الفهم، و الفهم ليس بالعملية السهلة، فهو عملية مركبة، يدخل فيها النص من ناحية، و واقع الخلق من ناحية ثانية، و دور عقل الإنسان في الربط بين الوحي و الواقع و استخلاص العبر و الأحكام لضبط الواقع و تطويره، من ناحية ثالثة. فأما النص كنص كما أنزل من السماء أو كما تفوه به أو طبقه الرسول صلى الله عليه و آله و سلم، أي الوحي، فهو ثابت، و أما الواقع فهو متحرك متطور باستمرار، و أما العقل و قدرته على إنتاج الفهم فهو بين المد و الجزر عبر الزمن. و كلما كان العقل أكثر استعداد لاستيعاب الواقع و لفهم النص على ضوئه، تكون القدرة على التنزيل الصحيح للنص على الواقع أجدى وأبلغ، و تلك هي القراءة المطلوبة للإسلام. و الخطاب الإسلامي الأمثل هو ذلك الخطاب الذي يستجيب لقضايا الخلق و يوفر لها ما تحتاجه من حلول، ومتمشيا مع متطلبات العصر. فإذا عاش الخلق محكومين بخطاب من سبقهم، عاشوا عيالا مقلدين لمن سبقهم متخلفين عن عصرهم، و ما ينتج عن ذلك من تخلف عام في كل مجالات الحياة. أما إذا كان الخطاب الإسلامي عصريا فإن المسلمين إن لم يكونوا بذلك متقدمين عن بقية الخلق، فإنهم سوف لن يكونوا متخلفين عنهم. ماذا نعني بالهوية ؟ الهوية قي نظرنا تتمثل في مختلف العوامل المعنوية و الوجدانية الجوهرية، التي تقوم عليها حياة المجتمع ويشعر بحضورها أفراده بأنهم يحققون بها ذاتهم، تماما مثل شعور من يدخل بيته، بعد ما كان متغيبا عنه لمدة في سفر مرهق. فالعقيدة و الدين و اللغة و الثقافة و العادات و التقاليد المشتركة و الذكريات و التفاعل مع المحيط الذي نشأ فيه أفراد المجتمع و ترعرعوا فيه، كل ذلك من مكونات الهوية، التي لا يعيش أفراد المجتمع متوازنين مطمئنين مستعدين للنمو و الإبداع، إلا بحضورها، و لا يكون أفراد المجتمع أنهم يمثلون جسما واحدا و كيانا واحدا إلا بحضورها. و عوامل و مكونات الهوية هي تلك الأشياء التي يشعر معها الفرد في المجتمع أته جزء لا يتجزأ من جسمه، يعتز معها بالانتماء إليه و إلى ثقافته، كما يعتز بتاريخه وبالحضارة التي بناها. فانظر مثلا إلى أولئك الذين يعيشون في أوطان غير أوطانهم، فإنهم و لئن كانوا يعيشون في أوضاع مادية جيدة، لربما أفضل بكثير من أوضاع الذين يعيشون في وطنهم الأصلي، إلا أنهم لا يجدون ذلك الشعور العميق في داخلهم بأنهم جزء لا يتجزأ من تلك المجتمعات التي يعيشون على أراضيها لأن عوامل ومكونات هويتهم غير متوفرة في تلك البلدان التي هاجروا إليها و اضطروا إلى الإقامة على أراضيها. فالهوية بالنسبة للفرد هي بمثابة الروح من الجسم، فالفرد المحروم من مقومات هويته هو كالجسم الميت الفاقد لروحه. فالفرد أو المجتمع بدون هوية، هو مجتمع أو فرد بدون تعريف و لا نسب و لا أنا، تماما مثل الوليد من سفاح المحروم من النسب. و مكونات الهوية لا تتمثل في كل ذلك التراكم من اللغات و الديانات و المعتقدات و الثقافات و العادات والتقاليد التي ترسبت نتيجة الإقامة على أرض ما منذ الأزل، و لو كان الأمر كذلك لكان مفهوم الهوية مفهوما ساكنا لا يتغير إلا قليلا، و لو كان الأمر كذلك أيضا لكانت البشرية أمة واحدة و مجتمعا واحدا، ما دام الجميع على وجه البسيطة يعودون إلى آدم عليه السلام. إلا أن الأمر ليس كذلك، و الأمة ذات الهوية الواحدة تقوم وتزدهر و تعمر ثم مع الزمن تضعف و تتلاشى ثم تنهار و تغيب عن الوجود، و تترك تلك الأرض التي قامت عليها لأمة جديدة بهوية جديدة. لذلك فإن مقومات الهوية ليست هي سوى تلك التي لا يزال لها تأثير في حياة أفراد الأمة أو أفراد المجتمع، وليست كل ذلك الخليط و التراكم الذي عاشته المجموعة السكانية في مكان من الأماكن عبر تاريخها الطويل، أو بالأحرى ذلك التراكم الذي عرفه مكان ما. فالمكان الجغرافي الواحد تتوالى عليه الأمم المختلفة و هوياتها المتنوعة، الواحدة تلو الأخرى، ثم تضعف و تنهار و تختفي، و تقوم مكانها أمم جديدة أخرى تعوض الأمم الدارسة، كل ذلك يحصل عبر التاريخ الطويل. فمنطقة شمال أفريقيا على سبيل المثال تتالت عليها الأمم الواحدة تلو الأخرى، و الأمة العربية الإسلامية هي آخر الأمم التي تصدرت و لا تزال على ساحة المنطقة، بمعنى أن مقومات هوية هذه الأمة هي التي لا تزال صامدة سارية المفعول و شديدة التأثير في حياة سكان الشمال الإفريقي. و المناوئون للإسلام و للثقافة العربية الإسلامية يعودون بنا إلى الأمم و الحضارات الغابرة، التي كانت قد عاشت في المنطقة ثم انقرضت و قامت على أنقاضها أمم أخرى بهويات أخرى، كان آخرها الأمة العربية الإسلامية، مدعين أن مقوماتها لا تزال تؤثر فينا و تحكم واقعنا الثقافي و الاجتماعي، وهو ما نعتبره مجرد هراء لا أصل له، و لا يقوله أصحابه إلا للعناد و للمزايدات الفارغة. بل إن مواقفهم المناوئة لله و للإسلام و للعروبة هي التي سولت لهم ذلك، ودفعت بهم إلى ذكر مثل الهراء و العبث، و هم يظنون أن الناس سذج و سيصدقونهم. ماذا نعني بالحداثة ؟ نعني بالحداثة تلك الحالة التي يكون فيها أي مجتمع من المجتمعات قد دخل فيها دورة من التجديد المسترسل في جميع الميادين المعرفية و الفنية، المعنوية و المادية، و يكون فيها العقل السائد في ذلك المجتمع هو العقل النقدي، الذي يكون بمثابة المحرك لحركة التجديد و التطور في ذلك المجتمع. فالمجتمعات الحداثية هي في الأصل تلك المجتمعات العقلانية التي لا تحتكم إلا للعقل و لما لا يتناقض مع العقل. و على هذا الأساس فالحداثة ليست عملية كما يتصورها البعض مرتبطة بالزمان و لا بالمكان، و ليست هي بالضرورة عملية مرتبطة بالموقف من الدين سلبا أو إيجابا و ليست هي بالضرورة شكليات و أنماط حياة محنطة. فالحداثة هي بعبارة أخرى حالة من نهضة العقل، و العقل النقدي على وجه الخصوص، و ما يصحبها من تطور في جميع الميادين و على جميع المستويات، و بشكل متجدد و متواصل. و الحداثة التي عرقها الغرب، و التي احتكرت لصالحها الاسم بالكلية، ما هي، في الحقيقة، إلا حالة خاصة من حالات الحداثة، عرفت بنبذ الدين و الانقلاب عليه و رفضه و الادعاء الخاطئ بأنه يتناقض مع العقل، والثورة على الطبيعة واعتبارها عدوة للإنسان، و السعي المتواصل لإذلالها و تحقيق الغلبة عليها و الهيمنة على أسرارها و قوانينها. و التساؤل الذي حصل حوله خلاف كبير و لا يزال هو هل يمكن أن تحصل حداثة، أي نهضة حقيقية للعقل، دون التنكر إلى الدين و القطيعة معه، أو بعبارة أخرى هل هناك تناقض بين الإيمان و العقل؟ هل يمكن للعقل أن ينهض و يزدهر و يتمتع بكل حريته وهو في نفس الوقت متمسك بالدين، محترم لأوامره و نواهيه؟ أصحاب الحداثة الغربية و أنصارها من أبناء المجتمعات الإسلامية، يجيبون عن هذا السؤال بالنفي، و يعيدون التأكيد على أنه لا أمل في أية حداثة في البلدان العربية و الإسلامية ما لم تتمكن هذه البلدان من التخلص من هيمنة العامل الديني عليها. أما مفكري النهضة و المفكرون المسلمون عموما فيجيبون بالإيجاب، و يؤكدون على أنه ليس هناك أي تناقض بين الإيمان و التمسك بالدين و بين يقظة العقل و نهضته، و يعيدون التأكيد على أن المرحلة الطويلة للانحطاط التي مر بها، و لا يزال، كل العالم العربي و الإسلامي، مردها لا يعود إلى التمسك بالإسلام بقدر ما يعود إلى الجهل به و إلى الغرق في التقليد بدلا من توخي الاجتهاد و التجديد، أي إلى يقظة العقل و نهضته. و خير الأدلة على ذلك هو ما عرفته الحضارة الإسلامية من قرون ذهبية، لا تزال آثارها تشع بأنوارها على الإنسانية إلى اليوم، تعاضد خلالها الإيمان مع العقل لإنتاج كل عجائبها. تجديد و ترشيد الخطاب الإسلامي:
1- هل الخطاب الإسلامي هو اليوم في حاجة إلى تجديد و ترشيد ؟ من المعلوم أن كل المعمورة تعيش بكل من هم عليها مرحلة رهيبة من التطور و تسارع الأحداث، فالجديد اليوم، سرعان ما ينقلب إلى قديم، لكثرة ما تتابعت به المستجدات و الأحداث، فصفة الجديد غدت صفة سريعة التجدد، فالجديد لا يبقى كذلك إلا لوقت وجيز، ثم يأت ما يعوضه و يحوله إلى قديم. و هذا التسارع في حركة التحول و التطور، لم يشمل عالم الحسيات فقط، و إنما شمل إلى جانب ذلك عالم القيم و مناهج و أساليب الحياة، و عالم الفكر و النظريات عموما. و حركة التجديد و التطور هذه ليست بنفس النسق في كل مكان من العالم. فهي شديدة السرعة في العالم المتقدم، وهي بطيئة في أكثر البلدان تخلفا، إلا أن هذا البطء، هو بدوره، بصدد التقلص، بسبب ما طرأ على العالم من تطور و سرعة رهيبة في سرعة الانسياب في وسائل الإعلام. و العقبة أمام التجديد و التطور في هذه البلدان المتخلفة لم تعد على مستوى انسياب المعطيات بقدر ما هي بالأساس على مستوى استيعاب العقول للمعطيات و الأخذ بها و الإبقاء عليها و تطويرها لصالح حاجياتها المحلية. و هذا التسارع في التحول في طبيعة حياة الناس على مختلف أنواعهم يتطلب بدوره سرعة لدى المسلمين في إعادة النظر في نص الوحي، أي في نصوص دينهم، بغاية إعادة تدبره على ضوء المستجدات، و توفير الأجوبة على المستجدات من المسائل، وهو ما يجعل من العملية الاجتهادية عملية أكثر دقة و عمق و أكثر إلحاحية من ذي قبل، هذا إذا كنا نريد للإسلام أن يبقى حاضرا حضورا حقيقيا و مؤثرا في حياة المسلمين ومواكبا لتطور المجتمعات البشرية في العالم. فنظام العولمة اليوم يفرض علينا أن نطور فكرنا و ثقافتنا وديننا و نحصن أنفسنا و نؤثر في غيرنا، أو أن ثقافة غيرنا و أنماط حياته ستغزونا و تبتلعنا. و مما يمكن أن يعين على ذلك هو تطوير منهجية العمل الاجتهادي و التجديدي بحسب ما أصبحت تسمح به الوسائل التقنية و الفنية الحديثة من تجميع للمعطيات الإسلامية و تبويب لها بحسب اعتبارات و اهتمامات وموضوعات عدة. و هذه الأعمال المكتبية، كما هو معلوم، ضرورية و مربحة للوقت و للطاقات و مفيدة للغاية في العملية الاجتهادية، قد أصبحت بحمد الله متوفرة في كل مكان، أو على الأقل في أماكن عدة من العالم الإسلامي. و نظرا لتعقد الحياة و كثرة و دقة المتطلبات المتعلقة بها فإن العمل الاجتهادي لم يعد ممكنا أن يكون عملا فرديا يقوم به الفرد العالم بالدين علما واسعا و معمقا، و لا يمكن أن يكون إلا عملا جماعيا وعمل مؤسسات متعددة الاختصاصات. و عمل الاجتهاد في الإسلام لم يعد يكفي أن يكون عملا عفويا، بقدر ما أصبح من الضروري اليوم أن يكون عملا واعيا و مخططا، يخضع إلى برامج معقلنة، حتى يكون مواكبا للتطور و موفرا الحلول لما يستجد من مسائل بدون تأخير في الزمن. و نخلص مما سبق ذكره إلى أن الأمة الإسلامية هي اليوم في أوكد الحاجة إلى العملية الاجتهادية و إلى التجديد في الدين و المواظبة على ذلك، بغاية تأهيل الإسلام للعناية أكثر بحياة المسلمين و توجيهها في الاتجاه الأمثل، اتجاه المراد الإلهي. و المؤهل للاجتهاد ليست الحركة الإسلامية التنظيمية المستحدثة، و لا هو زيد أو عمر من علماء الإسلام، كشخص بمفرده، و إنما المعني بعملية الاجتهاد و التجديد في الدين هو عموم الأمة و عموم علمائها و عموم مؤسساتها المختصة في هذا المجال، و ليست الحركة الإسلامية بمفهومها التنظيمي و السياسي الضيق، فهذه الأخيرة هي أبعد ما تكون عن المستوى العلمي بمفهومه الواسع، الذي يسمح لأعضائها بالاجتهاد في الدين. فهي منصرفة في معظم وقتها للنضال الدعوي و التربوي و السياسي الميداني اليومي، الذي يحرم أعضاءها من العناية بالكسب العلمي و المعرفي الفكري المعمق، الذي يكسبهم الخبرة و الاقتدار و يمكنهم من العمل الاجتهادي في الدين. و قد غدا المفكرون و العلماء الشرعيون و العلماء عموما لا يستطيعون الحياة داخل هذه التنظيمات التي تقيد لهم عقولهم و تسجنها لهم في سجن التنظيم، سجن الفكر الأحادي و أوامر القيادة و التنظيم. فالتنظيمات تضيق ضرعا بالعلماء و المفكرين و بكثرة المستجدات العلمية و الفكرية لديهم، و هم لا يتحملون ضيقها و أحادية الفكر فيها، و ضرورة التزام العقل بخط الحركة و تنظيمها و انضباطه له. و هذا التصرف من شأنه أن يجمد العقول و يعقمها و يجعل منها أرضا قاحلة بالكلية، لا تنبت و لا تثمر. فالحركة الإسلامية التنظيمية هي من هذا الجانب مثبطة لنهضة العقل و دينامكيته و عطائه، و بالتالي هي معرقلة لعملية النهضة أصلا، و أولى بها أن تتحول إلى حزب سياسي عادي، ذي برنامج عام، مثل بقية الأحزاب، من خصوصياته الدفاع عن القيم العظيمة للإسلام و عن ثقافته و عن تطبيق كل ذلك في المجتمع، دون التورط في رفع شعار تطبيق الشريعة. ذلك لأن تطبيق الشريعة لا يحصل بالاسقاط من فوق من أية جهة كانت، و إنما يجب أن ينبع من إرادة الجماهير و رغباتهم، أو لا يكون. فالشعوب اليوم أصبحت ترفض الحلول المسقطة، كما أصبحت ترفض أن يختار الغير لها و تأبى إلا أن تختار لنفسها. أما الحل الثاني الذي يبقى أمام الحركة الإسلامية التنظيمية هو أن تذوب من جديد في المجتمع، و في مؤسساته و جمعياته و مساجده و نواديه، أي أن تذوب في الحركة الإسلامية الواسعة ليعود الأمر في المجتمع إلى وضعه العادي و الطبيعي، الذي عاشه طيلة التاريخ الإسلامي، و تترك مجتمعها يتفاعل مع دينه و يعمق تعامله معه كجسم متكامل مترابط الأعضاء. إن فكرة النجاة بالنفس المتمثلة في فكرة الفرقة الناجية المتمثلة في الحركة التنظيمية، و انعزال المجتمع، لا أحسب أنها من الإسلام في شيء. فلا بد من نبذ هذه الفكرة، و العمل على دفع كل المجتمع ليتصالح أكثر مع دينه و يتفاعل معه أكثر و يعي مقاصده الكبرى و أوامره و نواهيه، و يتجنب شق صفوفه بالإكثار من إنشاء الجماعات و الفرق فيه، و التفريق بين أفراده و التمييز بين الإسلامي منهم و غير الإسلامي، بينما نرى الله تعالى، أي الشارع، ميز بين المسلم و غير المسلم و بين المؤمن و غير المؤمن، و لم يميز بين المسلمين، الذين هم عامة أفراد المجتمع المسلم، و بين الإسلاميين الذين لم يسبق للمجتمعات الإسلامية عبر كل تاريخها أن عرفت هذا المصطلح. 2- ما هو القاسم المشترك بين مختلف القراءات للإسلام ؟ قراءات الإسلام متعددة و متطورة عبر الزمن، و ذلك أمر تفرضه سنة التطور و ضرورة استجابة الإسلام لمستجدات و خصوصيات الزمان و المكان، و لعل ما عرف من تعدد و من تطور في القراءات هو دون الحاجة بكثير، أي أن عملية الاجتهاد و التجديد كانت متأخرة عما كان يجب أن تكون عليه، وهو ما يفسر ما عرفه المسلمون من أحقاب زمنية طويلة من التخلف و الانحطاط، و التخلص من ذلك يقتضي التأكيد على تنشيط العقل و دفعه بقوة إلى العناية و الإسراع بمسألة الاجتهاد و التجديد. و القاسم المشترك و القار بين مختلف القراءات السابقة و حتى القراءات اللاحقة للإسلام يتمثل في مسائل العقيدة و ما يتعلق بها من قضايا تعبدية و تربوية. و هذا مؤشر على أن ذلك الجانب هو الأصل و الأهم في الإسلام. فالأصل في الديانات السماوية، و على رأسها الإسلام، هو ربط العلاقة و تمتينها و توثيقها بين الإنسان و خالقه، و تعبيد المخلوقات إلى الخالق. فمتى قامت تلك العلاقة و توطدت، و أسلم الإنسان وجهه إلى الله و اجتهد و أخلص في عبادته، صلح أمر الإنسان كفرد و كمجموعة، في الدنيا و في الآخرة. و إذا ما اهتزت تلك العلاقة و تنكر الإنسان للتوجه إلى خالقه و إلى الاجتهاد و الإخلاص في عبادته، فلا فائدة كبرى عندها ترتجى من الإنسان و من بقية أعماله. و نحن نعجب كثيرا من حركات إسلامية تنظيمية عديدة، تهمل هذا الجانب و لا يعطي أعضاؤها أحسن الأمثلة عليه، بينما نراها تتهافت على الانشغال بالسياسة باسم الإسلام و قيمه، بل و لا تتردد في رفع شعار تطبيق الشريعة، بينما حال أعضائها و حال المتعاطفين معها، لا يمت إلى شعاراتها التي ترفعها بصلة، لا من جهة الجانب العلمي المعرفي الشرعي و لا من جهة جانب احترام القيم و تعظيمها، و لا من جهة الجانب التربوي و الخلقي و الخشية من الله التي تحصن صاحبها و تعصمه من الزلل. إن تحول المعمورة إلى قرية صغيرة، لا يفصل شعوبها و أممها حدود و لا حواجز، حيث اختلطت كل الثقافات و القيم و المعايير، قد أوجب على كل الشعوب و الأمم، كل من جهته، ضرورة التحصين العقدي والتربوي و الثقافي. فالانفتاح على الآخر أصبح مفروضا، لا مفر منه، و لا يمكن تجنب عواقبه الوخيمة على الذات إلا بتجذير مقومات الذات و تحصينها و تعميق صلة المسلمين بخالقهم و تعميق أصول العقيدة الإسلامية و الآداب الإسلامية في نفوسهم. ففي عالم العولمة إما أن تكون محصنا و مؤثرا في الغير و إما تكون متأثرا بغيرك و مغزوا ثقافيا و قيميا من طرفه. و نعتبر أن الجانب القار في مختلف قراءات الإسلام، أي الجانب العقدي و التعبدي، هو الأساس و الغاية في الإسلام، و العناية به و تثبيته و تعميقه في النفوس يحتل موقع الأولوية، وهو مطلب أشد إلحاحا من مطلب تطبيق المتغير من الإسلام، مثل تطبيق الشريعة، أي الحكم بقوانين الإسلام، تلك القوانين التي لم تتبلور بعد بالقدر الكافي طبقا لمتطلبات هذا العصر المتغيرة بسرعة رهيبة. و هب أن هذه القوانين متبلورة بقدر كافي فإن أساس تطبيقها الصحيح و ضمانة النجاح فيه هو سلامة النسيج البشري للمسئولين على تطبيقها و كذلك للذين ستطبق عليهم، أي في النهاية سلامة النسيج البشري السائد في المجتمع. فالرسول صلى الله عليه و سلم لم يقم الدولة المسلمة إلا بعد أن بنا الفرد المسلم، أي أنه بعد أن وضع الأسس المتينة أقام عليها البناء. أما نحن في هذا الزمان فنحن نريد إقامة البناء بدون أسس، و هذا لا يستقيم. و لست أدري أية فائدة ترتجى من تطبيق الشريعة في مجتمع، لم تستقم بعد علاقة أفراده بخالقهم، و هل سيكون ممكنا ذلك التطبيق للشريعة أم لا؟ كل ما يقوم على الإكراه لا يثمر و لا يعمر
لقد سئمت كل شعوب المعمورة من الطغيان و الحكم الجبري، و أصبحت منذ زمان تتوق إلى الحرية عموما، و إلى حرية تقرير المصير على وجه الخصوص. فالشعوب في كل مكان أصبحت تمقت الحكام المفروضين عليها، و ترفض أن يختار الغير لها أي شيء، وهي تريد أن تختار لنفسها بنفسها، حكامها و ممثليها في البرلمانات، و تجيز الأحزاب السياسية التي تريد، و تحجب ثقتها عن تلك الأحزاب التي لا تريد، و تحدد لنفسها توجهاتها الكبرى في الحياة و خياراتها. فالشعوب سئمت أن تعيش مسحوقة و أصبحت تتطلع لتعيش سيدة عزيزة، صاحبة الأمر و النهي، طليقة، تختار لنفسها ما تراه صالحا لها. وهي لم تعد تتحمل الجبر في شيء، لا في أمور الدين و العقيدة تأسيا بقول الله تعالى: « لا إكراه في الدين » و لا في أمور الدنيا و ما يتعلق بها من خيارات. فالشعب يرفض أن يقاد غصبا إلى أي شيء حتى و لو كانت الجنة ذاتها، فهو يرفض أن يقاد إلى الدولة الإسلامية التي تحكم بالبرامج الإسلامية و تطبق فيها الشريعة، لكنه بإمكانه أن يتطور نحوها بنفسه عبر الزمن حتى تصبح من مطالبه النابعة منه، الملبية لرغباته وآماله. إذن فبرنامج الدولة الإسلامية لا يمكن أن يكون برنامج حركة تنظيمية بقدر ما يجب أن يكون مطلبا شعبيا قاعديا واسعا للغاية، قد ارتقى إليه وعي الشعب و تعلقت به آماله، و صمم الشعب في عمومه على تحقيقه. ومن أجل أن يحصل ذلك أو عكسه فالمجتمع يحتاج إلى المزيد من التعلم و تنوير العقل و تقوية ملكة النقد لديه, كما يحتاج أيضا إلى تعميق و توسيع الحوار السلمي بين أفراده و إذكاء سنة التدافع بينهم. فمتى ستعي الحركات التنظيمية الإسلامية ذلك، و تخرج من عزلتها لتذوب في المجتمع من جديد و تضيف طاقاتها إلى بقية طاقات المجتمع، مفوضة الأمر له ليختار في النهاية لنفسه ما يريد. شق صفوف المجتمع و التمييز بين أفراده يعيق نموه المتوازن و الجماعي المتجانس لا أزال أعتقد أن فكرة الفرقة المتميزة، بل و الناجية، من دون بقية الناس في المجتمع، هي فكرة خاطئة، تضر بالمجتمع أكثر مما تنفعه و ذلك مهما كان المقصد من وراءها حسنا. فالله تعالى خاطب المسلمين آمرا لهم فقال سبحانه: « و أفيضوا من حيث أفاض الناس »، ناهيا عن التميز و الاختلاف بين أفراد المجتمع، مانعا بذلك لما يجلبه التميز من ضرر كبير على المجتمع و من فتن بين أفراده. و الحركات التنظيمية هي نوع من الفرق تقوم بالأساس على فكرة التمييز بين أعضاءها و بقية أفراد المجتمع، وهي نوع من أنواع التزكية الجماعية التي لا ينهض للدفاع عنها دليل نقلي و لا عقلي، فالازدواجية التي أوجدتها، « الإسلامي و غير الإسلامي »، هي ازدواجية بغيضة غير محمودة، قد فرقت بين أفراد المجتمع و أضرت بهم، أكثر مما جمعت بينهم و قوت لحمة الروابط بينهم. زد على ذلك أن أعضاء الحركة الإسلامية التنظيمية، و إن كانوا في غالبهم معافين من إتيان الكبائر و المنكرات، فهم مع ذلك ليسوا بالضرورة دائما هم أكثر الناس استقامة و تقوى و خشية من الله، في المجتمع. فهناك الكثير من أفراد المجتمع العاديين ممن يفوقون أبناء الحركات الإسلامية التنظيمية على جميع المستويات، الخلقية و التربوية و الفكرية. و المجتمعات بطبيعتها هي دائما في حاجة لما يقرب بين أفرادها و يقوي روابط اللحمة و الوحدة بينهم، و ليست هي في حاجة لما يفرق بينهم و يجعل بينهم فرقا و شيعا، خاصة في أمور الدين و العقيدة. إن مسألة التصالح مع الإسلام و التفقه و الاجتهاد و التجديد فيه، ليست من خصوصيات فرقة من المجتمع بمفردها، و إنما هي من خصوصيات كل المجتمع، بل كل المجتمعات المسلمة المكونة للأمة مجتمعة. فكما كان الانحطاط توجه انحدرت بمقتضاه كل الأمة في الانحطاط، دون أن يستثنى مجتمع أو فرقة في مجتمع، كذلك فالنهضة هي الأخرى حركية ذهنية بالدرجة الأولى تتفشى تدريجيا بين صفوف كل الأفراد المكونين لكل المجتمعات المكونة للأمة. فالنهضة إما أن تكون جماعية أو لا تكون، و إما أن تشمل كل أرجاء المجتمعات الإسلامية أو لا تكون. و فكرة الفرقة الناجية التي ستكون بمثابة قارب النجاة لمجتمع بأسره هي فكرة خاطئة، لا تقود إلا إلى الانغلاق و التحجر و الجمود و الفرقة. بينما انفتاح كل مكونات المجتمع على بعضها، ثم انفتاح كل المجتمعات المكونة للأمة على بعضها، من شأنه أن يثري الخبرات، و يسرع في عملية التوعية الجماعية و يزيد من سرعة وتيرة النهضة التي انطلقت بعد في كيان كل مجتمع ككل، و في كيان الأمة مجتمعة. فكرة الفرقة أو الجماعة التنظيمية هي فكرة معرقلة للنهضة إن المتأمل في التاريخ الإسلامي يجد أن العصر الذهبي الذي عاشته الأمة هو ذلك العصر الذي كانت فيه الأمة نسيجا متجانسا خاليا من الشيع و الفرق، و عندما غزت الفرق الأمة و شاعت فيها عقليتها، لم تجد الأمة من بد إلا أن أخذت طريقها إلى منحدر الانحطاط. و لا يمكن أبدا التخلص من الداء بالداء ذاته. فإذا كان تعدد الفرق و شيوعها في الأمة هو سبب الانحطاط، فلا يمكن أن تكون عودة تتعدد الفرق في المجتمع و في الأمة جمعاء، مهما كان حسن المقصد من ورائه، هي السبيل القويم للخروج من الانحطاط. و التساؤل يبقى قائما، لماذا كان انتشار الفرق في المجتمع و الأمة هو سبب الانحطاط، ثم هو عائق أمام تحقيق النهضة ؟
لقد رأينا في ما سبق أن رأس قاطرة النهضة و الحداثة هو يقظة العقل و العقل النقدي على وجه الخصوص. فالاجتهاد في الدين و التجديد فيه و حركة الإبداع و اتباع منهجية الشك، كلها من بنات العقل. فإذا كان غياب العقل هو سبب الانحطاط و أهم ميزاته، فيقظة العقل و انتعاشته و ازدهار سلطانه هو من أهم ميزات الحداثة و النهضة. لكن ما علاقة ذلك بالفرق ؟
الفرق في عمومها مناهضة ليقظة العقل و لتحكيمه على نطاق واسع و جماعي في ما يعترضها من قضايا، حتى تلك الفرق التي قامت على أساس من العقل، مثل فرقة المعتزلة أو فرقة إخوان الصفاء، لم تنج من تلك اللوثة الخطيرة.
و الفرق الإسلامية الحديثة، أو الحركات الإسلامية بالمفهوم التنظيمي، هي الأخرى، بصفتها نوع من الفرق، لم تشذ عن تلك القاعدة. ففي داخل الفرق غالبا ما يؤول الأمر إلى تبني رأي الشيخ أو الأمير أو القائد أو جهاز التنظيم الذي تقوم عليه. فغالبا ما يكون أعضاء الفرقة أو الجماعة مطالبين بتطبيق رأي القيادة و قرارها و الانضباط له و الدفاع عنه، و لا يسمح بنقده و لا بتقديم رأي مخالف له. فالرأي السائد في الفرق و الجماعات، غالبا ما يكون الرأي الأحادي، رأي القيادة و جهاز التنظيم، و ليست الآراء المتعددة و المتقابلة، و العقلية السائدة هي عقلية الاتباع و القبول بالواقع السائد داخل تلك الفرق و الحركات، و ليست عقلية الشك و النقد و الإبداع.
أما الحوار وإعادة النظر في القرارات و الأفكار المتبعة فهي عملية شاذة نادرة الحصول بين صفوف الحركات الإسلامية التنظيمية. و هذا الأسلوب في التعامل، من شأنه أن يجمد العقل و يعقمه، وهو ما يفسر غياب المفكرين و المبدعين داخل التنظيمات عموما، إسلامية كانت أم غير إسلامية، لأنها تضيق ذرعا بالعقل و خاصة بالعقل النقدي، و تضيق ذرعا بالرأي المخالف و بغزارة الأفكار و تنوعها.
و على هذا المستوى تكون الحركات التنظيمية الماسكة برقاب الخلق، و الآمرة الناهية لهم، و المقننة لنشاط عقولهم، إن أبقت لعقولهم نشاط،، تكون كارثة ما بعدها كارثة على ملكة العقل و غزارة قدراته و عطائه. و هكذا فإن الحركات الإسلامية التنظيمية، رغم أن مبرر قيامها هو مبرر نهضوي تجديدي، فإنها لا تستطيع أن تذهب في مبررها ذاك إلى منتهاه بسبب ما تعاني منه من عوائق قاتلة، من أخطرها قصورها على استنهاض العقل عموما، و العقل النقدي على وجه الخصوص. و لهذا السبب بالذات تبقى الحركة الإسلامية التنظيمية بشكلها الحالي، عاجزة على تحقيق نهضة شعوبها، و نهضة الأمة بشكل عام، حتى و لو وصلت إلى الحكم و لقيت فيه بعض الوقت، فإنها سوف لن تجني في الأخير إلا الفشل الذريع.
مقولة في المنهجية المثلى لإنجاز عملية الاجتهاد
بعض المثقفين المسلمين بالانتساب و المشاعر العامة، في بلادنا كما في غيرها من البلدان الإسلامية، يؤكدون باستمرار على ضرورة الاجتهاد بغاية جعل الإسلام مواكبا للعصر. إلا أنهم، و إذا افترضنا فيهم حسن النية، ليس لهم من العلم بالإسلام ما يؤهلهم للخوض في هذه المسألة العويصة، بل للبت فيها. و العملية الاجتهادية بالنسبة لهؤلاء هي في منتهى البساطة و السهولة. فهم يعتبرون أن الأصل في الشيء، و جوهر الحقيقة، يتمثل في ما هو سائد عند الناس من أفكار و أنماط حياة و معاملات، و في المجتمعات الغربية على وجه الخصوص، و عملية الاجتهاد بالنسبة إليهم تتمثل في استصدار فتاوى تحرم أشياء كانت من قبل حلالا و فتاوى أخرى تحل أشياء أخرى كانت من قبل حراما، و إضافة أشياء جديدة و حذف أشياء قديمة، حتى تنتفي القيود و الكوابح و يصبح « الإسلام » مطابقا، كما ذكرنا، لما هو موجود لدى المجتمعات المتفوقة. و من المؤكد أن هذا النمط في الاجتهاد المزعوم لا يمت بصلة إلى الاجتهاد و لا إلى الإسلام مطلقا. و هذه المنهجية ليست شيئا آخر سوى عملية عبثية و مقولة أناس جهلة بالإسلام، سواء حسنت لديهم النية، و هم الأغلبية، أو فسدت نواياهم، و هم الأقلية من أهل اليسار المتطرف، الذين لا يؤمنون بالإسلام إلا مراءا. في المقابل، لا أعتبر أن منهجية الاجتهاد و تدبر الأحكام الفقهية القديمة، القائمة على علم الأصول، لا تزال ناجعة، و ذلك لتعقدها و ثقلها و بطء آلياتها، و عدم تمشيها مع سرعة التطور في طبيعة حياة البشر و متطلباتها المتجددة بشكل مهول. و في المقابل أرى من الأنسب الاعتماد في العملية الاجتهادية على علم المقاصد المستمدة مباشرة من أصل الوحي، تقع مقارنته بعلم وضعي للمقاصد، يستمد من الأصول و الفلسفات التي تقوم عليها النظم الوضعية الراهنة. ذلك لأن هذه الأخيرة و إن لم تكن لها علاقة بالوحي، إلا أنها تبقى من نتاج العقل البشري الذي و لئن بقي قاصرا على إدراك و بلوغ الحقيقة المطلقة، إلا أنه غالبا ما يبقى قريبا من الحقائق النسبية، غير متناقض معها. خاصة و أن نتاج العقل البشري هو غالبا ما يعيننا على فهم الوحي الذي لم ينزل من الله إلا لهداية البشر في اتجاه الحقيقة و ينير سبيله إليها. و الله الذي نزل الوحي للبشر ليهتدي به في حياته و يتجنب به الزيغ عن الحق، إنما أنزله ليفهم و يستوعب من طرف الخلق بواسطة العقل. و على هذا الأساس يصبح تدبر الأحكام أيسر و أسرع من ذي قبل. فكل حكم أو قانون يوضع، يكون مستجيبا لمقاصد الشريعة يكون حكما شرعيا حلالا, و في المقابل، كل حكم أو قانون يوضع، يكون متناقضا. يضاف إلى ذلك، أن العملية الاجتهادية التجديدية، سواء كانت على مستوى تدبر المقاصد العامة ومواصلة البحث فيها و تنضيجها باستمرار، أو على مستوى استخراج الأحكام على أساسها، لم تعد ممكنة على مستوى الفرد كفرد مهما كانت درجة علمه، و أصبح من الضروري أن تقوم عليها مؤسسات، تقوم على العديد من العلماء من ذوي الاختصاص المتجانسة، و كذلك من ذوي الاختصاصات المتنوعة. كذلك العمل الاجتهادي لم يعد يكفيه أن يقوم على العلماء المختصين في المادة الإسلامية فحسب، و إنما أصبح في حاجة ماسة ليقوم على اختصاصات متعددة، مثل المختصين في الاقتصاد و في علم الاجتماع و في الطب و في القانون بكل فروعه، و غير ذلك من الاختصاصات. ذلك لأن متطلبات الحياة تعقدت كثيرا، و أصبح كل
نحو نهضةٍ إسلاميّةٍ متجدِّدة
الحسن بن طلال (*)
قبْلَ أيّام احتفلَ المسلمون في كلّ مكان بذكْرى عَطِرة ومناسبةٍ جليلة، ألا وهي ذكْرى موْلدِ المصطفى صلّى اللهُ عليْهِ وسلّم. وبَعْد أيّام، في 1 و 2 حَزيران )يونيو) 2004، سيُعْقَدُ في إسلامَ باد برعاية وزارةِ الخارجيّة الباكستانيّة ندوةٌ دوليّة حوْل «منظّمةِ المؤتمر الإسلاميّ: التّحدّي والاستجابة، الاعتدالُ المستنير».
فكيف نَسْتَلْهِمُ الذّكْرى العَطِرة لإنارةِ السّبيل وحَشْدِ العزائم وشَحْذِ الأنفس؟ ماذا نفعلُ في هذه الظُّلمة إزاءَ التّحدّياتِ التي تُوَاجِهُ الأمّة؟
أستذكرُ في هذه الّلحظةِ الحَرِجة ما قالَهُ الجَدُّ المؤسّس، عبد الله بن الحسين طيّب اللهُ ثراه، في نعمةِ الإسْلامِ على العرب (المذكّرات): «إنّ انْبلاجَ نورِ الإسْلامِ من بطحاءِ مكّة كان العلامةَ القاطعة لاتّحادِ قبائلِ العربِ المتفرّقة… ولكوْنِهم من عُنْصرٍ واحد ولهم لِسانٌ واحِد، فالعملُ على جَمْعِهِمْ وتأليفِهِمْ، وحَمْلهمْ على عَقيدةٍ واحدة، وتَوْجيههمْ وِجهةً واحدة، يجعلُهُمْ قادرينَ على الظّهور واحتلالِ الموْقعِ العالَميّ الذي هُمْ أهْلٌ له. وهكذا فبنعمةِ الله قد هيّأ الباري لهذه الأمّةِ السّعيدة تلك المزايا، وشرّفَها بخاتمِ الأنبياء والمُرْسَلين. وكان العهدُ النّبويّ قد تمّ فيه اعتناقُ العربِ الدّينَ المُبِين، وتمّ فيه اتّحادُهُمْ للقيامِ بما أوْجَبَهُ عليْهم…».
بهذه الكلمات المعبّرة، وضعَ جَدّي إصبعَه على موْطن دائنا الذي ما زال، مَعَ الأسف، وبَعْد مرور السّنين، على حالِه: الفُرْقة والشّرذمة، وعلى سرّ ارتقائنا: اعتناق الدّين الإسلاميّ الحنيف. وهو يكتبُ بهذه البساطةِ الآسِرة مِنْ مُنْطلقِ النّهضةِ الفكريّةِ العربيّةِ الإسْلاميّة الشّاملة.
تأتي الذّكرى العَطِرةُ سنةً بَعْدَ سنةٍ، ونحن لا نحتفلُ ولا نحفلُ بها إلاّ بالإنشاء والمراسم. كذلك نستقبِلُ المؤتمرَ تِلْوَ المؤتمر بكلامٍ فوْقَ كلام مِنْ دون فِعْلٍ أو عَمل. ألمْ يحنِ الأوان للتّفكُّرِ والتّدبُّر؟ لإيجاد الحلولِ الموْضوعيّةِ المُبْدعة النّابعةِ من إرثنا الحضاريّ وفكْرِنا الهادف؟ الحلولِ التي تُمكّنُنا مِن المشاركةِ في بناء «حضارةٍ إنسانيّةٍ واحدة ترتكزُ على عشرة آلاف ثقافـة» (ميرشيا ماليتسا؛ جامعة البحر الأسود؛ بُخارست، رومانيا)؟لا شك أنّ الاستسلامَ لليأس بحُجّةِ الضَّعْفِ وعدمِ القدرةِ على العطاء الحضاريّ سيؤدّي إلى الأُفولِ والاندثار. فالتّحدّي هو تحدّي البقاء. وعلينا أنْ نستجيبَ بالنّهوض بثقافتِنا بشتّى الأساليبِ والأدوات.
علينا أنْ نُدركَ أن بروزَ الولاياتِ المتّحدة قوّةً عُظْمى وحيدةً في العالَم قد فرضَ علينا – عَرَباً ومُسْلمين – وعلى العالَم بأسره، واقعاً تاريخياًّ جديداً يجبُ التّعاملُ معهُ بذكاء وموْضوعيّة، وبالكثيرِ من الوضوح. فأمامَنا على أرضِ الواقع قضايا حيويّةٌ لا يُمكنُ تجنُّبُها أو التّنصُّلُ منها أو تأجيلُها. هنالك التّطرُّفُ بأنواعِه، ومعه الفَقْرُ والجهْلُ والقَمْعُ والاحتلالُ في العراقِ وفِلَسْطين. وهنالك تعدُّدُ المَرْجِعيّات وتنافُسُها في كلّ شأن، خصوصاً في إدّعائها احتكارَ الحقيقة. وهنالك رفْضٌ للآخَرِ المختلِف والمُعارِضِ والمُتعدِّد، بصرْفِ النّظر عن طبيعةِ مساهماتِهِ ونوْعيّةِ إنجازاتِه. كلُّ واحدةٍ من هذه القضايا كافيةٌ وحْدَها لإثقالِ كاهلِ الأُمّة وتثبيطِ عزائِمها واستنفادِ مصادرِها ومواردِها.
ولمْ يَعُدْ بالإمكان تصديرُ هذه القضايا إلى الأجيالِ القادمة أو حتى التّغاضي عنها، لكي لا نبدِّدَ – بمرور الزّمن – ما نملكُهُ مِنْ سُبُلٍ ووسائلَ لمعالجتِها واستئصالِها. لا بُدَّ أنْ نبدأَ نحن أنفسنا بمعالجةِ أوْضاعِنا وأنْ نُبادرَ إلى الإصْلاحِ الجذْريّ من دون اجترارِ الشّعارات واحتكار الرّؤى: بإرادتِنا نحن، ومن واقعِ تجربتِنا، واستناداً إلى طاقاتِنا وإمكاناتِنا. فلا مجالَ للسّلبيّة بَعْدَ الآن! انظروا كيْفَ أصبحَ التّطرُّفُ مقْروناً بالإسلام والمسلمين.
لقدْ تمَّ اختطافُ رسالةِ الإسلام السّمْحَةِ العادلة على يدِ مجموعاتٍ مُغْرِضة، حوّلت الدّينَ الحنيف إلى أداةٍ للقتلِ والتّدميرِ والتّخْريب لتنفيذِ غاياتها ومآربِها. فهي تحلِّلُ وتُكَفِّرُ مِنْ تشاء، وكما تشاء، من دون حسبان للقواعدِ والأصولِ الإسلاميّة الصّحيحة التي تحاولُ أنْ تستمدَّ شرعيّتَها منها. هذه الفئاتُ لمْ تأتِ مِنْ فراغ ولمْ تُزرع بيْننا زرْعاً. بل نَمَتْ بيْننا وهي تتغذّى على مصائبِ الأُمّة ومِحَنِها، وتستندُ في فكرها إلى الجهْلِ والحِقْدِ والكراهية.
بإمكانِ الأنظمةِ السّياسيّةِ في العالَميْن العربيّ والإسْلاميّ أنْ تُسْهمَ في حَلّ مشكلةِ التّطرُّفِ هذه بالتّفكيرِ الإيجابيّ الخَلاّق، وليس برفْضِ الواقعِ والهروبِ منه. وبتشجيعِ المشاركةِ الفاعلة في الشّأنِ العامّ التي تُغَلِّبُ المصلحةَ العامّةَ على المصالحِ الشّخصيّةِ الضّيّقة مِنْ خلال نَهْجٍ وسَطيّ إسلاميّ عَقْلانيّ راشد يُسهمُ في بناء الواقع الجديد بإرساءِ الأسُس والأُطرِ المستنيرة التي مِنْ شأنِها أنْ تُمكّنَ الإنسانَ العربيّ والمسلم مِنَ التّصدّي للتّحدّياتِ التي تواجِهُ حاضرَهُ ومستقبَلَه. إنّ دعوةَ سيّدِنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم إلى إشراكِ الجميع في العمليّةِ النّهضويّةِ الإنسانيّة تشكِّلُ حافِزاً لنا لنتذكّرَ، ونُذكّرَ، بأهمّيّةِ الحديثِ النّبويّ الشّريف الذي يَحُثُّنا جميعاً على الاستفادةِ القصوى من الوقتِ والعمل، حتى في أسوأ الظّروف وأحلكِها. قال صلّى اللهُ عليه وسلّم: «إنْ قامت السّاعةُ وبِيَدِ أحدِكم فسيلة، فإنِ استطاعَ أنْ لا يقومَ حتّى يغرِسَها فْليَفْعلْ».
واجبُنا أيضاً أنْ نُذكّرَ في جميع المنابرِ الدّوليّة بأن مُجْملَ ما تُنفقُهُ الدّولُ النّامية على التّسلُّح والتّسْليح يُناهزُ 900 بليون دولار، بالمقارنة مع 50-60 بليون دولار فقط تُنْفِقُ على أوجهِ التّنمية! أضفْ إلى ذلك إنفاقاتِ الدّولِ الصّناعيّةِ المتطوّرة على منظوماتٍ أمنيّةٍ متشدّدة لمكافحةِ «الإرهاب »، بالرُّغْم من معرفتِها أنّ الفقرَ وانعدامَ الأمْنِ الاقتصاديّ وذوبانَ الطّبقاتِ الوسطى هي مِنْ أهمّ الأسباب التي تُؤدّي إلى تغذية التّطرُّف. فالتّعاونُ الدّوليّ الوثيق لمكافحة هذه الظّاهرة المتفاقمة يجب أنْ يتجاوزَ الغاياتِ الأمنيّةَ الصُّلبة إلى الأمنِ الإنسانيّ، المستنِد إلى توْفير الحاجاتِ المعنويّةِ والوجْدانيّةِ والرّوحانيّة للإنسان وإلى احترام كرامتِهِ وحقوقِه، وإلى التّعاون الأمميّ الكُلّيّ، بأبعادِهِ العلاجيّةِ والوِقائيّة والثّقافيةِ التّنمويةِ المُسْتدامة. وعالَمُنا العربيّ والإسلاميّ يشكِّلُ «رقعة» شاسعة، جغْرافيًّا وديمُغرافيًّا. فلا بُدّ له أنْ ينهضَ بدورٍ بارز في هذا الصّدد من خلال المساهمةِ في محاربةِ الفَقْر والحِرْمان بأشكالِهِ المختلِفة.
يجدرُ بنا أنْ نبدأ كما أرادَ لنا رسولُ الهُدى والإيمان: مِنْ أنفسِنا، من داخلِ البيْتِ العربيّ الإسلاميّ. عليْنا أنْ نتذكّرَ أنّ الغالبيّةَ العُظْمى من الضّحايا، من متضرِّري الحروب، من الّلاجئين والنّازحين في العالم، هم من العربِ والمسلمين. لقد آنَ الأوان لتفعيلِ الأغلبيّةِ العاقلة في مجتمعاتِنا (الصّامتة حتّى الآن إلى حَدّ بعيد) لتقولَ كلمتَها المُدويّة في وجْهِ دُعاةِ التّطرُّفِ والعصبيّةِ الدّمويّة التي تُضْعفُ نسيجَنا وتماسُكَنا الدّاخليّ، ولتَحْفِزَنا على التّعاونِ وتفعيلِ جهودِنا من خلالِ منابرَ وسطيّةٍ شعبيّةٍ مُسْتنيرة تعكسُ مكامنَ قوّتِنا وقدرتِنا الحقيقيّة على التّعامُلِ مَعَ مشكلاتِنا وأزماتِنا.
يا حبّذا لو استطعْنا أنْ نوحِّدَ مرجعيّاتِنا الدّينيّةَ لما هو خيْرُ هذه الأمّةِ والعالَم أجمع، وأنْ ننضويَ نحن، ونُشجِّعَ على ثقافةِ الانضواء، أفراداً وجماعات، تحت خيْمة شريعتِنا السّمْحة الدّاعيةِ إلى العدالة والسّلام وبناءِ الحضارة العالميّة الإنسانيّة الواحدة المتعدِّدةِ الثّقافات. لقدْ دعوْتُ غَيْرَ مرّة من على منابرَ عدّة إلى ضرورة سموّ الدّين على السّياسة، من خلال العمل على رفْعِ قِيَمِنا الدّينيّة المقدّسة فوْقَ الاعتباراتِ السّياسيّةِ الدّنيويّة. إنّ هذه الدّعوةَ تستلزمُ احترامَ المكانةِ الجليلة للسّلطةِ المعنويّةِ لمدنِنا المقدّسة:
القدس الشّريف ومكّة المكرّمة والنّجف الأشْرف وغيْرِها، لتساهمَ بفعاليّةٍ في نهضتِنا المأمولة. وهذا يَقتضي بدوْرِه تفعيلَ الحوار بيْن المذاهبِ الإسلاميّة، الحوارِ الذي يدعو إلى التّكافُلِ والتّلاقي والتّكامُلِ في ما بيْننا.
دعونا نعمل من الدّاخل لإصلاحِ أحوالِنا، لدعم إخوتِنا في العراقِ وفِلَسْطين. إنّ الجرحَ النّازفَ في العراق، نتيجةَ ظُلْمِ مَنْ تحمّلَ المسؤوليّة والاحتلالِ الأجنبيّ سواء بسواء، يتطلّبُ تدخّلاً قوياً وسريعاً من هيئة الأممِ المتّحدة لتتحمّلَ مسؤوليّاتِها وتعملَ على إعادةِ السّيادةِ إلى الشّعبِ العراقيّ. وقد كتبْتُ وناديْتُ مِراراً بضَرورةِ أنْ نُصغيَ باهتمامٍ أكبر إلى ما يريدُه الشّعبُ العراقيّ. فهل من المعقول أنْ يُعيَّنَ نظامُ حكْمٍ للعراق بإنابةٍ لا يُجمعُ عليها أهلُ العراق أنفسُهم؟ أين ذهبَ حقّ تقريرِ المصير؟ أُكرّر: ليس هنالك من بديل عن استعادةِ الشّعبِ العراقيّ لسيادتِهِ على كاملِ بلدِه، واختيارِهِ نظامَ الحُكْم الذي يريدُهُ لنفسه.
أمّا أهلُنا وإخوانُنا في فِلَسْطين، فلا بُدّ من إيجادِ حلّ لمُعاناتِهم الطّويلة. هم يستصرخون الغوْثَ من عالَمٍ احترفَ الكيْلَ بمكياليْن؛ فيكادُ لا يَبْزغ فجرُ نهارٍ جديد دون شَهيدٍ أو فقيدٍ أو جريحٍ أو أسير. إنّ السّلامَ العادلَ والشّامل هو مبتغانا، هو السّلامُ القائمُ على العدْلِ والإنصاف، وعلى حقّ تقريرِ المصير لأهلِنا هناك ولجميعِ الشّعوبِ المظلومةِ في العالَم.
إنّ المصيرَ المُظْلمَ الذي يتهدّدُنا يتطلّبُ منّا جميعاً إعادةَ التّفكير في مفاهيمِ وجودِنا وثوابتِ قضايانا العربيّةِ والإسلاميّة. ولعلّ من أهمّ أسباب فُرْقَتِنا وتشرْذُمِنا وتحوُّل مِنْطقتِنا إلى ساحةِ صراع غيابَ منظومةٍ للأمن والتّعاونِ الإقليميّ فيها، في وطننا الإسلاميّ الكبير، على غرارِ الأقاليمِ الأخرى في العالَم.
السّؤالُ الذي يطرحُ نفسَه هو: كيْف لنا أنْ نتحرّك من أجل الإقليمِ الإسلاميّ الكبير الذي يمتدُّ من المحيطِ الأطلسيّ إلى تخومِ الصّين؟ والجواب: لا بُدّ من العمل ضمنَ منْظومةٍ مُتكاملة تُوحِّدُ الجهود للقضاء على عواملِ الوهِْن والفُرْقة، فنتمكّن من القضاء على الفتنِ الدّاخليّة وما يؤججُها من أسباب: ما ظهَرَ منها وما استَتر. عُدْنا، إذاً، إلى الفكْرِ التّعدُّديّ، بكُلّ إيحاءاتِهِ وإيماءاتِه.
وحتّى لا نُسرفَ في اللّهاثِ وراء آمالِ «التّعدُّديّة» أو وراء ارتقاء سلطةِ الأمم المتّحدة إلى الدّرجة التي تستطيعُ معها السّيْطرةَ على مواضعِ الخَلَلِ المتناميةِ في النّظام الدّوليّ، يجبُ أنْ نعترفَ أنّ التّعدُّديّة المنشودة واجهتْ صعوباتٍ كبيرةً منذ البداية، ولا تزال.
ولمّا كان تخطّي مثلِ هذه الصُّعوبات أمراً عسيرَ المنال، فقد رأيتُ أنّ التّقدّمَ ربّما يتحقّقُ خطوةً خطوة، بمراحلَ ومقارباتٍ متعاقبة. في الإطارِ الشّرق أوسطيّ، مثلاً، كرّرْتُ غيْرَ مرّة الدّعوةَ لتوجُّهٍ تعدُّديّ من أجل معالجةِ القضايا الإنسانيّةِ والاقتصاديّةِ والأمنيّة، على غرار سيْرورة (عمليّة) هلسنكي؛ لكنْ بفارقٍ واحد، هو أنّ دعْوتي استندتْ إلى مبدأي الحِوارِ والتّعاون بيْنَ شركاء بهدفِ التوّصُّل إلى مفهومٍ مشترَك لحقوقِ الإنسانِ وللازدهارِ والأمْن، وأنّها لمْ تكن كسيرورة هلسنكي مبادرةً تستهدفُ خصماً، أي تعريةَ الاتّحادِ السوفييتيّ وإحراجَه عبْرَ حقوق الإنسان. إنّ مشكلاتِنا الرّئيسيّةَ في الشّرق الأوْسط هي النّزاعاتُ المسلّحةُ والفَقْر. من هذا المُنطلق، كانت دعْوتي إبّانِ حربِ الخليج الثّانية العام 1991 لعقد مؤتمرٍ حول الأمن والتّعاون في الشّرقِ الأوْسط. وكرّرْتُ هذه الدّعوة العام 1993 على شكلِ مقترَحٍ محدّد قُدّمَ إلى رئاسةِ مؤتمرِ الأمن والتّعاون الأوروبيّ التي كانت آنذاك للسويد. ولا أتردّد هنا في تكرار أنّ التّعدُّديّةَ المطلوبة لمِنطقةِ الشّرق الأوسط يجب أنْ تمضيَ يداً بِيَد مَعَ محاولاتٍ جادّة تأتي مِنَ الدّاخل لترسيخِ مبادئ الدّيمقراطيّة وحقوقِ الإنسان والأمنِ والتّقدُّم.
وتجدرُ الإشارةُ في هذا المقام إلى مبادرةٍ أخرى جاءت العام 1995 على شكل سيرورةِ برشلونة الأوروبيّة المتوسطيّة. وما زالتْ هذه، بالرُّغْم من كلّ شيء، الإطارَ الشّاملَ لمعالجةِ قضايا الأمنِ والتّعاونِ الثّقافيّ والاقتصاديّ والتجاريّ بيْن دولِ الاتّحادِ الأوروبيّ والشّركاء المتوسّطيّين.
أما بالنّسبةِ الى الحديثِ الدّائرِ عن إصلاح «الشّرق الأوْسط الكبير (أو الأكبر)»، فإنّني أُكرّرُ أنّ ما نحتاجُهُ للشّرق الأوْسط هو سيرورةٌ أو عمليةٌ مِنَ الدّاخل وليس «حصانَ طروادة». فعلى هياكلِ الحاكميّة Governance أنْ تتطوّرَ سلميًّا إلى أشكال أكثرَ تمثيلاً. وقد يكمنُ الجواب في مبادرة تأتي من المجتمع المدنيّ في هذه المِنطقة الشّاسعة الممتدّة من إفريقيا الغربية إلى الباكستان، وتنطلقُ من حركةٍ إسلاميّةٍ وسَطيّةٍ غيْرِ منحازة من أجلِ السّلام، أي من منبرٍ أو منتدى إسلاميّ عالَميّ يستندُ إلى شبكةِ مكوّنةٍ من كلّ مؤسّساتِنا المعنيّة، ويُخاطبُ العربيّ وغيْر العربيّ من خلال دراسةِ كلّ ما يتعلّقُ بتاريخِ الجانبِ الآخَر وتُراثِه.
يبقى السّؤال: هل في استطاعتِنا في العالَمِ الإسلاميّ أن نُعيدَ «هيكليّتَنا الثقافيّة» من أجل المشاركة مع أميركا وأوروبا، أو مع الثّمانية الكبار، بحيث تتحوّلُ الخطوطُ الأماميةُ إلى ميادين تلاقٍ وتلاقُحٍ في الأمن والتّعاونِ والتقدّم؟ مرّةً أخرى أقول إنّ المنتدى الإسلاميّ العالَميّ المنشود قد يتكفّلُ بذلك.
هذه دعوةٌ لأخْذِ زمامِ المبادرةِ بأنفسِنا، وبسرعة قبْلَ أنْ تضيقَ بنا السُّبل. فلا تبقى لدينا خيارات، على قلّتِها ومحدوديّتِها الآن. لنخرجْ من دائرةِ التّلقّي والتّأثُّر إلى حراكِ العملِ والتّأثير.
(*) رئيس نادي روما ورئيس منتدى الفكر العربي. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 25 ماي 2004)
المعقول الديني والجدل العقلي…بديلا عن إيديولوجيا التكفير والجبر
د. محمد عابد الجابري تطلق عبارة « الفتنة الكبرى »، في الاصطلاح العربي الحديث، على الصراعات السياسية/القبلية والمواجهات العسكرية التي أعقبت الثورة على الخليفة الراشدي عثمان بن عفان سنة 35 هجرية والتي استمرت إلى ما سمي بـ « عام الجماعة » عندما تنازل الحسن بن علي بن أبي طالب لمعاوية بن أبي سفيان سنة 40 هـ عن حقه في الخلافة. وإذا كانت الصراعات المسلحة لم تنتهِ بهذا التنازل، إذ استمرت الثورات على الأمويين إلى أن سقطت دولتهم سنة 120 هـ، فإن ما ميز عهدهم عن سابقه هو قيام جدل فكري حول قضايا سياسية بمفاهيم دينية (سمي فيما بعد بـ « علم الكلام »)، جدل عقلي لم يسبق له مثيل أدى في نهاية المطاف إلى كسر التطرف القبلي واللامعقول الموظف للدين، مما أفضى إلى قيام كتلة تاريخية بين الفئات والتيارات المختلفة المتواجدة على الساحة، كتلة كانت هي الجسر الذي مر عبره ذلك التحول التاريخي المتمثل في الانتقال من العهد الأموي إلى العصر العباسي، من منطق القبيلة والتكفير الإيديولوجي إلى منطق المعقول الديني والتفكير العقلاني. ويهمنا هنا أن نلقي بعض الضوء على دور « الثقافي » في هذا التحول. خلال المدة الفاصلة بين قيام الثورة على عثمان وانتصار معاوية لم تطرح أية قضية فكرية تعكس الصراع أو تعبر عنه. كانت مآخذ الثوار على عثمان تتركز على كونه جعل مستشاريه وعماله من قبيلته، بني مروان وأبناء عمهم بني أمية، الذين تصرفوا بمنطق قبلي، فاستأثروا بالحكم وامتيازاته… الخ. أما معاوية الذي كان عاملا على الشام والذي خرج على الخليفة الرابع علي بن أبي طالب فلم يرفع سوى شعار واحد: « الثأر لدم عثمان »! أما القضية الفكرية الأولى التي طرحت خلال هذه « الفتنة الكبرى » فقد جاءت على لسان جماعة قاتلت إلى جانب علي بن أبي طالب، ثم خرجت عليه (فسموا خوارج)، احتجاجا على قبوله اقتراح معاوية بـتعيين حكَمَين يمثل أحدهما علياً ويمثل الآخر معاوية لينظرا في الخلاف ويحكما لصاحب الحق. ومع أن هؤلاء الخوارج كانوا ممن أيد فكرة التحكيم بإلحاح فإنهم لما رأوا العملية قد انتهت لصالح معاوية، حمّلوا صاحبهم علياً بن أبي طالب مسؤولية ذلك باعتبار أنه قبل أن يحكم البشر في أمر كان محسوما شرعا لصالحه، فهو الرجل الذي تمت له البيعة بدون منازع. ومن هنا رفعوا شعارهم الشهير « لا حكم إلا لله ». « لا حكم إلا لله »، ذلك هو أول شعار إيديولوجي رفع زمن الفتنة الكبرى. وقد وصف علي بن أبي طالب هذا الشعار بأنه « كلمة حق أريد بها باطل ». قال ذلك لأنه كان يعرف أن الدافع الحقيقي الذي دفعهم إلى ذلك هو من قبيل منطق: « إذا مُتُّ ظمآناً فلا نزل القطر ». لقد اكتشفوا أن حصر التحكيم في الاختيار بين معاوية وعلي معناه حصر الخلافة في قريش، وهم لم يكونوا من قريش، بل كان معظمهم « أعاريب » من وسط الجزيرة وشرقها. أما معاوية فقد رفع شعاراً آخر دينياً يصدق عليه هو أيضا قول علي: « كلمة حق أريد بها باطل ». لقد خطب معاوية في جنده فقال: »وقد كان من قضاء الله أن ساقتنا المقادير إلى هذه البقعة من الأرض ولفت بيننا وبين أهل العراق فنحن من الله بمنظر ». وهكذا روج هو وأشياعه ومسايروه من « أهل السنة والجماعة » لفكرة أن ما حدث كان بقضاء الله وقدره. وأكثر من ذلك روجوا أحاديث تعفي معاوية ورجاله من العقاب يوم القيامة باعتبار أن ما أتوه من الكبائر كان بقضاء وقدر. وبالتالي فهم غير مدانين، لا في الدنيا ولا في الآخرة. كان من الطبيعي أن يثير هذا التبرير الذي يكرس اللامعقول ويتعارض مع المعقول الديني، ردود فعل من أكثر من جهة. وكان أبرز من تصدى لهذه الجبرية العمياء أولئك الذي أطلق عليهم خصومهم اسم « القدرية »، أي الذين قالوا بقدرة الإنسان على إتيان أفعاله، الشيء الذي يعني أنه غير مجبر، بل مخير. لقد استند هذا التيار العقلاني إلى النقل والعقل معا. فمن جهة احتجوا بآيات عديدة في القرآن تؤكد حرية الإنسان واختياره وقدرته على إتيان أفعاله. ومن جهة أخرى ناقشوا مناقشة عقلية فكرة الجبر ذاتها وما تفضي إليه من نتائج تتعارض مع العقل والنقل معا. من ذلك أن القول إن كل ما يفعله الإنسان هو مجبر عليه، قول يلغي المسؤولية؟ والقرآن يحمل الإنسان مسؤولية أفعاله، وعلى أساس المسؤولية كان الوعد بالجنة لمن آمن وعمل صالحاً، والوعيد بجهنم لمن كفر… ومن هنا أثيرت مسألة « الوعد والوعيد »: هل وعد الله ووعيده، كما هو منصوص عليه في القرآن، سيطبق في الآخرة ولابد، أم أن الله حر مختار يعفو عمن يشاء ويعاقب من يشاء، وبالتالي يمكن أن يستثني منه من يشاء. لقد روج إيديولوجيو الحكام الأمويون لهذه الفكرة فكرة أنهم مستثنون من الوعيد الإلهي، فقالوا إنهم لن يدخلوا النهار في الآخرة! أما الخوارج فقد كان رد فعلهم مركزا لا على فكرة الجبر ذاتها بل على سلوك الأمويين الذين « ارتكبوا كبائر »، من قتل وعسف بغير حق. فقالوا إن « مرتكب الكبيرة » كافر يجب قتله. ثم ما لبثوا أن عمموا هذا الحكم على كل من خالفهم. لقد كان موقفهم يتلخص في: »أنا وحدي مسلم ومن ليس معي كافر ». وهكذا أثير نقاش واسع حول حكم « مرتكب الكبيرة »، وحول حقيقة الإيمان وحقيقة الكفر. هل الإيمان هو مجرد « القول » أي التصريح بالاعتقاد في « الله وكتبه ورسله واليوم الآخر » كما في القرآن، أم أنه لابد، إضافة إلى ذلك، من العمل بما في الكتاب والسنة من أوامر ونواهٍ؟ سنترك مسألة « الإيمان والكفر » وحكم مرتكب الكبيرة إلى المقال المقبل، لنركز هنا على ذلك الدور الرائد الذي قام به من سموا بـ »القدرية » في التأسيس لنوع من المعالجة العقلانية لهذه المسائل التي حصرتها إيديولوجيا « التكفير الخارجي »، وربيبتها « الجبر الأموي » في منطق « إما… وإما »، المنطق الذي يلغي العقل والجدل والتجاوز وجميع القيم الوسطى. تجمع المصادر على أن أهم شخصية في صفوف القدريين الأوائل هو غيلان الدمشقي وتنسب إليه دورا أساسيا في نشر فكر تنويري واجه به إيديولوجيا الجبر الأموي وإيديولوجيا التكفير الخارجي. كما تبرز مصادرنا كونه استطاع أن يستقطب أتباعا كثيرين من مختلف الأوساط، بما في ذلك حاشية الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان الذي كان قد اختاره مؤدبا لولده سعيد. كما تبرز مصادرنا أن عمر بن عبدالعزيز قد قربه واستمع إلى مواعظه واعتمد عليه في تنفيذ بعض إصلاحاته. على أن تواجده وسط حاشية بعض الملوك الأمويين لم يمنعه من نشر أفكاره التنويرية، بل لقد عرف كيف يبثها وسط هذه الحاشية نفسها ويستقطب فيها أنصارا ومؤيدين. أضف إلى ذلك أنه لم يقتصر على « الكلام » في الإيمان و »القدر » (حرية الإرادة)، بل تعدى ذلك إلى قضايا سياسية أساسية، وعلى رأسها قضية القضايا، قضية الخلافة. كان الأمويون قد روجوا (من خلال حديث نبوي رواه معاوية) لفكرة أن « الإمامة في قريش »، وهو حديث يستبعد بكيفية مباشر المعارضين للأمويين من غير قريش وفي مقدمتهم الخوارج. أما غيلان الدمشقي، وكان مولى لبني مروان، فقد قال بالعكس من ذلك: إن الخلافة « تصلح في غير قريش، وإن كل من كان قائما بالكتاب والسنة كان مستحقا لها، وإنها لا تثبت إلا بإجماع الأمة ». وهذا موقف متميز ومتقدم جدا: فهو يعارض الأمويين الذين يحصرون الخلافة في قريش وحدها، ويخالف الشيعة الذين يجعلونها في علي وذريته فقط، ويختلف مع الخوارج باشتراطه « الإجماع ». ومعلوم أن الخوارج لا يعترفون بـ « الإجماع »، بل يضعون جميع مخالفيهم من المسلمين في « دار الكفر ». إن اشتراط الإجماع في اختيار الخليفة موقف متقدم جدا لأنه ينطلق من الاعتراف بالرأي المخالف، ويجعل مسألة الحكم من اختصاص الأمة وليس من احتكار « القبيلة » ولا من حق « الورثة » و »الأوصياء » وحدهم. أما موقفه من إيديولوجيا الجبر الأموي فقد عبر عنه في عدة رسائل لم يصلنا منها سوى رسالة يعظ فيها عمر بن عبدالعزيز، وقد جاء فيها: »ولن تجد داعيا –يقصد الله- يقول : تعالوا إلى النار! إذن لا يتبعه أحد! لكن الدعاة إلى النار هم الدعاة إلى معاصي الله. فهل وجدت يا عمر حكيما يعيب ما يصنع، أو يصنع ما يعيب، أو يعذب على ما قضى، أو يقضي ما يعذب عليه؟ أم هل وجدت رشيدا يدعو إلى الهدى ثم يُضِلُّ عنه، أم هل وجدت رحيما يكلف العباد فوق الطاقة ويعذب على الطاعة؟ أم هل وجدت عدلا يحمل الناس على الظلم والتظالم؟ وهل وجدت صادقا يحمل الناس على الكذب أو التكاذب بينهم »؟ أما اعتراضات غيلان على الاحتكار والاستغلال الذين عرف بهما رجال الدولة الأموية فلقد كانت من الجذرية إلى درجة التحريض على « الثورة ». وكمثال على ذلك ما تذكره مصادرنا من أنه عندما عرض عليه عمر بن عبدالعزيز أن يسند منصبا إليه طلب أن يتولى وظيفة « بيع الخزائن ورد المظالم »! تولى غيلان هذه الوظيفة بالفعل. وتذكر المصادر أنه أخرج يوما « خزائن » بعض رجال أهل الدولة وهي مما وقعت مصادرته، فأخذ يهتف في الناس : « تعالوا إلى متاع الخونة، تعالوا إلى متاع الظلمة، تعالوا إلى متاع من خلف في الرسول أمته بغير سنته وسيرته، من يعذرني ممن يزعم أن هؤلاء كانوا أيمة الهدى… وهذا متاعهم، والناس يموتون جوعا ». وتقول الرواية إن هشام بن عبدالملك، الذي لم يكن قد أصبح خليفة بعد، مر به وسمع ذلك فقال: »إن هذا يعيبني ويعيب آبائي، والله إن ظفرت به لأقطعن يديه ورجليه ». بالفعل كانت نهاية غيلان على يد هشام بن عبدالملك عندما صار خليفة. « لقد قطع يديه ورجليه، لكن غيلان استمر في انتقاد الأمويين فأمر هشام بقطع لسانه، فمات ». مات غيلان الشخص، ولكن أفكاره بقيت حية تزداد انتشارا وعمقا… فجعلته من الخالدين حقا. (المصدر: ملحق « وجهات نظر » بصحيفة الخليج الإماراتية الصادرة يوم 25 ماي 2004)
Mort de l’orientaliste français Maxime Rodinson
AFP, le 25.05.2004 à 10h08
MARSEILLE (France), 25 mai (AFP) – L’historien et sociologue français Maxime Rodinson, spécialiste du monde arabe et musulman, est décédé dimanche à Marseille (sud-est) à l’âge de 89 ans, a annoncé mardi sa famille.
Ce grand orientaliste français, très connu pour ses nombreux ouvrages et articles, notamment une biographie du prophète Mahomet, était né le 26 janvier 1915 à Paris.
Ancien communiste, il s’était fait connaître par plusieurs livres sur l’Islam; outre « Mahomet » (1961), il avait écrit « Islam et capitalisme » (1966), « Marxisme et monde musulman » (1972), « La Fascination de l’Islam » (1980).
Fils d’un ouvrier en confection, Maxime Rodinson, docteur ès lettres, diplômé de l’Ecole des langues orientales et de l’Ecole pratique des hautes études, devient boursier de recherches à la Caisse nationale de la recherche scientifique en 1937.
Il est en poste au Liban de 1940 à 1947, comme professeur au collège musulman de Saïda pendant un an, puis comme rédacteur et bibliothécaire à la Mission archéologique permanente de France au Levant, à Beyrouth. Il est ensuite pensionnaire de l’Institut français de Damas et chargé de cours à l’Ecole supérieure des lettres de Beyrouth (1946-47).
A partir de 1948, l’orientaliste poursuit sa carrière à Paris. Il est bibliothécaire à la Bibliothèque nationale, avant d’être nommé en 1955 directeur d’études (section des sciences historiques et philosophiques) à l’Ecole pratique des hautes études, où il est parallèlement chargé de conférences de 1959 à 1971.
Auteur également d’ouvrages sur Israël, « Israël et le refus arabe » (1968), « Peuple juif ou problème juif? » (1981), Maxime Rodinson avait publié en 1993 deux recueils d’articles: « De Pythagore à Lénine » et « L’Islam, politique et croyance », puis en 1998 un livre d’entretiens « Entre Islam et Occident ».
APF
Rodinson, orientaliste français au carrefour des cultures juive et musulmane
par Catherine RAMA
AFP, le 25.05.2004 à 14h03
MARSEILLE (France), 25 mai (AFP) – Issu d’une famille juive de l’immigration russo-polonaise, l’orientaliste français Maxime Rodinson, décédé dimanche à Marseille (sud-est) à 89 ans, occupe une place particulière au carrefour des cultures juive et musulmane, selon un historien, Gérard Khoury.
Linguiste, spécialiste d’une trentaine de langues et dialectes, et écrivain prolifique, Rodinson fut aussi un homme engagé, notamment en faveur de la cause palestinienne.
« Ses points forts, c’étaient une formation exemplaire et une rigueur qui lui ont valu une entrée dans le monde des sciences à part entière, et enfin des prises de position politiques courageuses à partir de sa connaissance des arcanes des deux cultures », a déclaré à l’AFP M. Khoury, chercheur à l’Institut d’études du monde arabe et musulman d’Aix-en-Provence, près de Marseille.
Né dans une famille modeste à Paris le 16 janvier 1915, d’un père russe et d’une mère polonaise, qui périront tous deux à Auschwitz, Rodinson travaille comme coursier à l’adolescence.
Autodidacte, il réussit à 17 ans le concours d’entrée à l’Ecole des langues orientales et passera ensuite son baccalauréat. En 1937, il se marie, entre au Centre national de la recherche scientifique (CNRS) et au Parti communiste, et commence ses recherches.
« C’était quelqu’un d’extrêmement méticuleux et de très encyclopédique », raconte M. Khoury qui connaissait Maxime Rodinson depuis une trentaine d’années. En 1997, les deux hommes débutent des entretiens publiés sous le titre « Entre islam et occident ».
« Ses ouvrages, reconnus par les milieux scientifiques, sont en même temps très accessibles au grand public », explique M. Khoury, selon lequel l’oeuvre majeure de Rodinson est « Mahomet » (1961), lecture marxiste documentée de la vie du prophète.
« Rodinson a contribué à modifier la lecture sectaire de l’islam qui, affirmait-il, n’est pas incapable d’entrer dans la modernité. Il s’agit d’une contribution majeure, aux antipodes de ce à quoi nous assistons aujourd’hui, c’est-à-dire une méconnaissance de l’islam », poursuit M. Khoury.
Maxime Rodinson qui oeuvrait pour le rapprochement des deux rives de la Méditerranée, par le pluralisme et le dialogue des cultures, prend position en 1968 sur la question palestinienne. Il crée avec l’orientaliste français Jacques Berque un Groupe de recherches et d’actions pour la Palestine. « Cela lui a valu, en tant que juif laïque et anti-sioniste, toutes les critiques et menaces possibles. Mais il ne s’est jamais départi de cette position », souligne M. Khoury.
« Il ne prenait jamais position sans prendre toutes les précautions, explique-t-il. Il craignait de blesser à la fois la réalité scientifique et les autres. Il se situait au carrefour des valeurs juives et de celles du monde arabe et musulman, dans un rapport d’entente et non d’exclusion ».
AFP
Maxime Rodinson, un marxiste face à l’islam
Mohammed Harbi historien, ancien dirigeant du FLN
Auteur de nombreux livres qui ont marqué la sociologie de cette religion, l’historien est mort à Marseille dimanche 23 mai, à l’âge de 89 ans. Il s’est plus intéressé aux univers sociaux qu’à l’exégèse des textes.
La mort de Maxime Rodinson, survenue à Marseille dimanche 23 mai, à l’âge de 89 ans, représente non seulement une grande douleur pour ses amis, qui garderont le souvenir de sa disponibilité, de sa modestie et de son affabilité, mais aussi une perte considérable pour la recherche.
Dans notre espace culturel, il aura été celui qui, doué d’une connaissance incontestable du monde musulman, acquise d’abord sur le terrain, a voulu ensuite l’étudier en sociologue. A cela s’ajoutait sa sensibilité de juif, une sensibilité qui n’était pas religieuse et qui jamais ne s’est inscrite dans une perspective communautaire, pour cet homme qui justement dénonçait « la peste communautaire ».
Son itinéraire, qui l’a amené à l’Ecole des hautes études au poste de professeur d’éthiopien classique (section des sciences philologiques et historiques), lui a valu d’être couvert d’honneurs internationaux comme, par exemple, être nommé correspondant de la British Academy. Son parcours intellectuel est atypique par rapport au cursus universitaire traditionnel.
Fils d’un ouvrier juif russe émigré à Paris et mort avec sa femme à Auschwitz, Maxime Rodinson s’est imposé à la société savante et a gagné une audience auprès de l’intelligentsia du monde musulman, au grand dam de quelques penseurs qui voyaient menacé leur pré carré.
Fils de communiste, Maxime Rodinson adhéra au PCF en 1937 pour des « raisons morales ». Il en sera exclu en 1958 – avec l’autorisation des dirigeants du Parti à être réintégré sur sa demande. Cette demande, il ne la fit jamais. Réfléchissant à ces vingt ans de vie partisane, il s’étonnera lui-même qu’en tant que sociologue des religions il n’ait pas vu que, d’une certaine façon, il était entré, lui aussi, en religion…
Comme il l’écrira plus tard, « lorsqu’on entre dans une lutte privée ou publique, on se laisse mener par la logique de la lutte. (…) Lorsqu’on adhère à une organisation, on voit s’opérer un glissement qui tient de la logique de l’organisation, et cela d’autant plus qu’elle est contredite et combattue, d’autant plus aussi que cette organisation est liée à une idéologie qui en canonise toutes les déterminations. »
Indépendamment de ces aléas propres à ses engagements, il est une chose sur laquelle il ne variera jamais : son adhésion aux idées de Karl Marx comme penseur des sociétés et analyste des relations entre les structures économiques et politiques et les idéologies.
Maxime Rodinson est l’auteur d’une œuvre riche, tant par la variété des thèmes qu’elle aborde que par le nombre d’ouvrages qu’elle comprend. De ceux qui jalonnent sa pensée, on retiendra d’abord son Mahomet, qui a été traduit en arabe et a connu plusieurs rééditions. Cette biographie se distingue des livres que d’autres chercheurs ont consacrés au Prophète par la façon dont elle met en relation le texte sacré, son contexte social, politique et culturel et les événements de l’époque ; autant de paramètres qui permettent de « sociologiser » la vie de Mahomet sans heurter la foi musulmane.
Citons aussi, parmi ses travaux d’historien, La Fascination de l’Islam, dans lequel Maxime Rodinson étudie la perception de cette religion par les chrétiens au Moyen Age et la persistance de ces origines historiques jusqu’à nos jours. Ensuite, Islam et capitalisme, dont le titre n’évoque pas involontairement le livre de Max Weber sur l’éthique protestante et le capitalisme.
Enfin L’Islam : politique et croyance, dont quelques têtes de chapitre sont significatives : « Les schismes politiques de l’islam comme niches idéologiques », et, plus liés à l’actualité, « Réveil de l’intégrisme musulman », « A propos du terrorisme, l’islam comme prétexte ». On retrouve une constante dans ces écrits : ne pas sacrifier aux thèses de Samuel Huntington sur le « choc des civilisations », schéma trop réducteur pour cerner une réalité multiple et vaste synthèse qui ne saisit rien à vouloir trop saisir.
Il serait très restrictif de limiter Rodinson au statut d’historien. Son œuvre s’inscrit dans les débats publics, ce qui correspond bien à son tempérament et à ses convictions. Mais cet engagement, s’il est parfois polémique contre ce qu’il jugeait être des erreurs, est toujours appuyé sur une érudition admirable et une grande sensibilité à l' »autre », façon pour lui d’éviter toute fermeture sur des a priori idéologiques.
Première remarque : Rodinson parle des musulmans et peu de l’islam, façon pour lui de rappeler qu’on a affaire à des univers sociaux et non pas à des exégèses de textes. Son interrogation, en effet, ne porte pas sur une quelconque herméneutique du Coran, mais sur une prise en considération de la façon dont la lettre est reçue, entendue, interprétée, contournée ou oubliée.
Seconde remarque : le conflit israélo-palestinien le situera dans un enchevêtrement de positions, lui qui est à la fois juif français, marxiste et ouvert à la culture arabo-musulmane.
Les textes sont nombreux dans une situation d’exacerbation du conflit (en 1967, pendant la guerre de six jours, par exemple) qui verront Rodinson affirmer à la fois le droit d’Israël à exister comme Etat et celui des Palestiniens à avoir le leur dans des frontières qui en garantissent l’indépendance. Ainsi maintiendra-t-il les valeurs d’universalité qui étaient au cœur de ses convictions les plus profondes… Il suffit de relire à ce sujet Juifs et Arabes. Et s’il reçut injures et menaces, il n’en fut nullement intimidé.
Maxime Rodinson est mort, pas son œuvre. Celle-ci, si riche et si ouverte, à la fois actuelle et permanente, ne restera pas livrée à la poussière des bibliothèques et à la critique rongeuse des souris. Elle accompagnera tout aggiornamento musulman. Elle demeure partie prenante dans le mouvement progressiste du monde arabe.
Bibliographie
Mahomet, Club français du livre, 1961, rééd. Seuil.
Islam et capitalisme, Seuil, 1966.
Israël et le refus arabe, 75 ans d’histoire, Seuil, 1968.
Marxisme et monde musulman, Seuil, 1972.
Les Arabes, PUF, 1979.
La Fascination de l’islam, Maspero, 1980, réédité, augmenté du Seigneur bourguignon et l’Esclave sarrasin, La Découverte, 1999.
Peuple juif ou problème juif ?, Maspero, 1981.
L’Islam : politique et croyance, Fayard, 1993, et Pocket.
De Pythagore à Lénine, Fayard, 1993, et Pocket.
Entre islam et Occident, entretiens avec Gérard D. Khoury, éd. Les Belles Lettres, mars 1998.
Quatorze siècles de fascination
« La « fascination » peut opérer dans plusieurs sens. Depuis quatorze siècles, d’une certaine façon, l’Occident est fasciné par l’islam, parce que celui-ci a été longtemps son rival, son concurrent, son ennemi souvent, le plus proche au niveau des mondes culturels globaux. L’islam s’est présenté, dès ses débuts, comme le grand rival de l’Europe chrétienne, en lui enlevant la domination sur un grand nombre de régions dans le monde. (…)
« Dans une histoire qui a été en grande partie une histoire de luttes, on peut comprendre que la tradition, la conscience collective aient surtout véhiculé des représentations d’hostilité. Et, comme dans toute lutte, on voit surtout le mal chez les adversaires. (…)
« Il y a toujours eu dans les masses musulmanes une foi fervente et, plus qu’une foi d’ailleurs, ce que j’appelle le patriotisme de la communauté, c’est-à-dire une forte adhésion à celle-ci, indépendamment du contenu de ses dogmes. Cet attachement se trouve renforcé par un ensemble de pratiques communautaires : le salt (prière), le ramadan (jeûne), le hadj (pèlerinage à La Mecque)… »
Entretien avec Ahsene Zehraoui, Le Monde daté dimanche 7-lundi 8 février 1982.
(Source: “Le Monde” daté le 26.05.04)
Interview Maxime Rodinson (*) « Ce qui s’est passé à New York n’est pas isolable de la lutte Orient-Occident. »
Jérôme Cordelier avec Marie-Sandrine Sgherri
Maxime Rodinson, 86 ans, l’un des plus grands orientalistes contemporains, a dédié sa vie à l’islam et aux civilisations arabes (sa biographie de Mahomet fait référence). Historien des religions, il parle l’arabe, l’hébreu, le turc et le guèze (éthiopien ancien).
Le Point : Dans « La fascination de l’islam », vous présentiez déjà – en 1980 – l’islam comme le grand rival de l’Occident chrétien, bien avant Huntington. Pensez-vous, comme lui, que nous vivons aujourd’hui un « choc des civilisations » ?
Maxime Rodinson : On peut y déceler une origine de cette sorte. Il existe une concurrence entre l’Orient et l’Occident, c’est évident. Mais le phénomène est complexe. On ne peut pas affirmer globalement que tel événement ressort de la civilisation et que tel autre, non…
Le Point : Aviez-vous constaté des signes avant-coureurs ?
Maxime Rodinson : La guerre entre les pays de l’islam et les pays chrétiens sous leurs étendards religieux respectifs dure depuis le début de l’islam, il y a plus de quatorze siècles. Le conflit a même parfois été plus dur qu’aujourd’hui. Prenez les croisades, les guerres coloniales, entre autres… Actuellement, la tendance est à tout réduire au facteur national. Mais c’est une erreur. Un exemple : le film du cinéaste égyptien Youssef Chahine sur l’expédition en Egypte de Bonaparte en 1799. Chahine nous présente les choses avec la vision nationaliste contemporaine : les Arabes qui habitaient l’Egypte se révoltèrent contre l’intrusion des étrangers. En vérité, c’était davantage une indignation de musulmans. De musulmans, plus que d’Arabes… Le fait national agissait de manière complexe, caché, mais les contemporains considéraient les événements d’un point de vue religieux : les infidèles viennent nous attaquer.
Le Point : Cette dimension religieuse, la retrouve-t-on dans le conflit actuel ?
Maxime Rodinson : Naturellement. C’est ainsi depuis le début : l’islam fut considéré dès sa formation au VIIe siècle comme une hérésie chrétienne. Des individus sous la direction d’un faux prophète proclament des faussetés sur la nature de Dieu, les obligations des fidèles, le rôle de Jésus…
Le Point : Qu’est-ce qui arme le bras des terroristes musulmans ? L’islam ?
Maxime Rodinson : D’une certaine manière, oui. En tout cas, l’islam tel qu’ils le comprennent. C’est l’idéologie principale qui gouverne leurs actes.
Le Point : La religion est-elle l’unique facteur ?
Maxime Rodinson : Evidemment, non. Quand deux mondes s’affrontent, tout joue. L’argent, le pouvoir, la foi… Quelle motivation l’emporte sur l’autre ? C’est indémêlable. Ce qui s’est passé à New York n’est pas isolable de la lutte Orient-Occident dans sa globalité.
Le Point : Comment expliquer cette haine de l’Occident ?
Maxime Rodinson : Qu’est-ce que l’Occident pour les musulmans ? Un monde chrétien, donc un monde d’infidèles, d’incroyants, de gens qui disent des horreurs sur le prophète Mahomet. Ils doivent être combattus par la parole si c’est possible, et sinon, dans certaines circonstances, par le glaive. Cette haine a aussi une dimension patriotique si l’on peut dire. Tant que l’Occident ne vous dérange pas, ça va. Mais aussitôt qu’il veut ou paraît vouloir imposer ses valeurs… Au nom de ses valeurs à soi, le spectre resurgit. Aujourd’hui, on regarde les choses avec plus de modération, mais depuis une cinquantaine d’années à peine. Le concile Vatican II, en 1965, a considéré qu’il y avait des valeurs précieuses dans l’islam. Mais les papes récents ont eu beaucoup de difficulté à imposer cette version des choses.
Le Point : De quelle manière cette haine a-t-elle été nourrie par les ressentiments, les frustrations ?
Maxime Rodinson : Le décalage de la prospérité joue évidemment un grand rôle. Les musulmans subissent l’influence des modes et des représentations européennes, non sans humiliation.
Le Point : Les ressentiments des musulmans sont-ils liés à la colonisation ?
Maxime Rodinson : Cela a commencé bien avant. Dès le… VIIe siècle. Les musulmans n’en ont pas toujours conscience, mais ils se sont imposés les premiers en Europe comme concurrents, avec des aspirations dominatrices. La plupart des pays musulmans actuels étaient alors chrétiens – l’Egypte, la Syrie, la Turquie… Pendant longtemps, les musulmans ont été les plus forts, les plus riches, les plus civilisés.
Le Point : Comment l’Occident a-t-il fini par l’emporter ?
Maxime Rodinson : Au bout de plusieurs siècles, par la force, mais aussi par les idées et le commerce. Ce processus a commencé dans les années 1300-1400. L’Occident chrétien a définitivement emporté la partie quand, à partir des années 1800, sa domination technologique a été écrasante. En fait, quand les canons et les fusils occidentaux se sont mis à tirer plus vite…
Le Point : Pourquoi, comme vous l’avez analysé, l’islam a-t-il toujours suscité autant de ferveur chez les masses ?
Maxime Rodinson : C’est une religion aux préceptes assez simples et convaincants. Un seul Dieu, qui ordonne toute chose dans le monde… Pour adhérer à l’islam, il suffit de prononcer une formule : « J’atteste qu’il n’y a de divinité que Dieu et que Mahomet est son prophète. » Avec cela, vous êtes musulman. Il est de coutume de circoncire les nouveaux fidèles. Mais ce n’est pas obligatoire. Si les soldats de Napoléon ne se sont pas convertis à l’islam, c’est que les savants musulmans, en fait très ennuyés par la perspective d’une conversion aussi massive, ont imposé deux conditions : la circoncision et l’interdiction de boire du vin. Cette dernière était inacceptable. Et voilà pourquoi les Français sont chrétiens et pas musulmans.
Le Point : Les uns soutiennent que l’islam prône la paix, les autres qu’il porte en germe la violence. Peut-on en fait être catégorique ?
Maxime Rodinson : Aucune religion n’est totalement pacifique ou totalement belliqueuse. On trouve dans le Coran des sourates qui prônent l’amour, d’autres, la violence. Les prédicateurs citent tel passage du Coran ou tel autre, suivant leurs préférences et les besoins du moment. Le texte comprend des choses tout à fait contradictoires. Parmi les versets les plus anciens du Coran, il est indiqué par exemple que l’on peut boire du vin, d’autres, à la suite, l’interdisent. C’est pourquoi les ouvrages classiques musulmans ont élaboré la doctrine dite de l’ « abrogeant et de l’abrogé ». Il y a contradiction ? C’est que Dieu a changé d’avis.
Le Point : Pourquoi l’islam ne parvient-il pas à donner une meilleure image de lui-même en Occident ?
Maxime Rodinson : Peut-être parce que les musulmans n’ont pas compris les rouages de l’opinion européenne. Ils gaffent en permanence. Le problème, c’est l’ignorance. Des musulmans vis-à-vis des chrétiens. Mais aussi des chrétiens vis-à-vis des musulmans
(*) Historien des religions, auteur d’une biographie de Mahomet
(Source : Entretien publié dans « Le Point » en octobre 2001 et repris dans “Le Monde” daté le 26.05.04)
البداية