15 novembre 2003

البداية

TUNISNEWS

  4 ème année, N° 1274 du 15.11.2003

 archives : www.tunisnews.net


نهضة.نت: الشيخ العكروت ينقل إلى سجن الهوارب

نهضة.نت: نقل السجين السياسي بوراوي مخلوف إلى برج العامري

الجزيرة.نت: محامية تونسية مضربة عن الطعام رغم نقلها للمستشفى فتحي التوزري: أخبار المعارضة وأزمة الصحافة سامي براهم: النخبة وجمود الفكر السياسي في تونس: عوائق ذاتية أم موضوعية ؟ الشيخ راشد الغنوشي: دفاع الشيخ ابن باز عن الاسلام وأهله في تونس سليم الزواوي: يكلموننا من وراء الحجاب والجلباب: هل عادوا؟؟ الأستاذ أحمد نجيب الشابي : أميركا والديموقراطية في العالم العربي الطاهر الاسود: « المطرقة الحديدية » او مقدمات الانسحاب الامريكي ؟ علي أحـمد : الإعلاميون المرئيون


FIDH : Tunisie : Me Radhia Nasraoui hospitalisée

Louza Toscane: Tahar Dhifallah est maintenant menacé de renvoi en Tunisie

Tony Amdouni: Pour une amnistie en Tunisie Tribune de Genéve: Sommet de l’information: les ONG prennent leurs distances Tribune de Genéve:SMSI Les maires de Genève et de Lyon parlent d’une seule voix. Le Monde: La Cour pénale internationale commence sa marche vers la justice universelle


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

مصافحة رمضانية يومية من إعداد الهادي بريك بعنوان :

ميثاق الصائم أو كيف تتأهل للفوز بكاس الجنة لهذا الموسم

 

القربي العاشرة والاخيرة في عشرية المغفرة : هل ذاب فؤادك يوما شوقا الى مكة

 

هل قرات عن محمد عليه السلام شيئا في القران او في السيرة فاحببته حبا قال فيه ابوسفيان قبل اسلامه : » ما رايت احب من اصحاب محمد لمحمد . » اذ من عادة الناس وشمائلهم المعروفة قديما وحديثا حبهم لقوادهم فمن هو قائدك المفدى الذي تتجلى لك فيه كل مظاهر العظمة البشرية والبركات النبوية والخلال الخلقية . اختر قائدك واحبه واسال الله تعالى ان يرزقك الشهادة في وغى الدفاع عن ارثه الذي  اورثك تصب منزلها وان مت على فراشك كما يموت البعير وبادر بعد حبه والتعرف اليه الى المنافحة عنه امام من جعل حماه اليوم كلا مباحا بلسانك وقلمك تكن اولى الخلق طرا بشفاعته يوم القيامة .

 

انت اليوم مدعو الى الاحتفال بذكرى فتح مكة في العشرين من رمضان من العام الثامن للهجرة .

 

انا وانت والناس اجمعون فاتنا ان نكون من الذين جاهدوا وانفقوا قبل الفتح واولئك اعظم درجة من الذين انفقوا من بعد غير ان الله تعالى لم ينسنا بل خصص لنا نصيبا مفروضا قالت فيه بعض الاثار : » لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية . » و » المهاجر من هجر ما نهى الله عنه . » لا بل اننا احبابه عليه السلام من دون اصحابه واحبابه حسبما قال عليه السلام هو الذين ياتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني اجر ا لعامل منهم اجر الخمسين منكم أي من الصحابة أي خمسين اجرا كاجر ابي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبدالرحمان فانت لست هينا عند الله تعالى وليس ثمة زمان سيئ او مكان مشؤوم وما ضاقت بلاد باهلها كما قال الشاعر ولكن اخلاق الرجال تضيق . والله تعالى يوم القيامة بعدله وحكمته ورحمته يراعي اختلاف الزمان والمكان والناس واعوان الخير والشر في حسابه لنا .

 

الدروس من فتح مكة لا تحصى غير ان واحدا منها انسبها الى زماننا طرا وهو ان مكة لم تفتح في الحقيقة يوم فتحها يوم دخلها عليه السلام على ناقته مطاطئ الراس ملتصقا بذروتها مسبحا مكبرا مهللا حامدا شاكرا يوزع صكوك العفو النبوي العام على  الناس اجمعين الذين كانوا بالامس قريبا خصوما الداء حصدت اسيافهم البتارة ظلما ارواحا هي اطهر من الطهر ونفوسا هي ارقى من النجوم السابحات وهو يقول : » اذهبوا فانتم الطلقاء . »

 

اجل ... لم تفتح مكة يومها ولكن فتحت يوم الحديبية أي يوم رفع الحجر عن الكلمة الحرة تعبر حيث تشاء وحيث يسمعها سامع ويحاورها محاور ويعارضها معارض . فتحت مكة بالكلمة الحرة الطيبة الصادقة المفعمة حجة والمملوءة صدقا واخلاصا ورحمة للانسان اذ دخل الناس في دين الله افواجا في عامين فحسب من عمر الصلح بالحديبية بينما ظل الخوف سيفا مسلطا على رقابهم قبل ذلك طيلة عقدين كاملين .

 

واليوم يعيد التاريخ نفسه ايها الصائم الكريم : سلاحك الوحيد خارج كل ارض محتلة كفلسطين لفتح قلوب الناس اينما حلوا وارتحلوا في مشارق الارض ومغاربها هي الكلمة الاسلامية الصادقة المخلصة البليغة الجماعية المعزرة بالصبر والامل وخلق الرحمة والشورى والجماعة والعلم والحلم والجدال بالتي هي احسن والحكمة .

 

تعاون مع الدعاة في ذلك واهل نفسك له قبل ذلك ثم امض جنديا سلاحه لسانه ونصله قلمه ورمحه كتابه وفرسه اعلامه وسرجه صبره .

 

واهمس في اذنك همسا خفيفا : اسال الله تعالى ان يمن عليك بالحج الى مكة والاعتمار وهناك دع الابصار منك والاسماع والافئدة تعمل واسال نفسك بعدها سؤالا واحدا : أي طراز من البشر هؤلاء الذين انشقت عنهم هذه الجبال الصخرية السوداء فصنعت منهم صناع حضارة لا تضاهى واي كبعة هاته التي تهفو اليها المهج باكية ملبية طوافة عكافة ثم اردف ذلك بقولك : ما اشقى من يحارب الاسلام فلا هو بمستطيع اجتثاثه ولا هو بمستريح من عناء وغم ينخره نخرا .


 

 

الشيخ العكروت ينقل إلى سجن الهوارب

 

بعد إضراب عن الطعام خاضه الشيخ محمد العكروت السجين السياسي والرئيس الاسبق لحركة النهضة احتجاجا على ما يلاقيه من تنكيل بسجن الكاف تمت نقلته هذا الاسبوع إلى سجن الهوارب.

 

ومعلوم أن الشيخ العكروت تعرض على مدى ثلاث عشرة سنهة في سجن الكاف إلى حملة من التنكيل والتعذيب فاقت كل تصور , وتولى كبرها مدير سجن الكاف المجرم حمادي بوسيف الذي عمد – بشكل متواصل- إلى الاعتداء عليه بالعنف البدني واللفظي وبعثرة أمتعته وإفساد أكله ومنع دواءه وإزعاج نومه بأن يضع القطط في جناح العزلة الذي بقي فيه ما يزيد عن اثنتي عشرة عاما. و أخيرا قام بتهديده بالقتل بسكين.

 

هذا في الوقت الذي يعاني فيه الشيخ محمد من أمراض عدة منها مرض السكري والضغط والقلب وقد تدهورت حالته الصحية بشكل حاد الأيام الأخير فأصبح عاجزا عن المشي والكلام..

 

(المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 15 نوفمبر 2003 الساعة 9:37:23 بتوقيت غرينيتش)

 

نقل السجين السياسي بوراوي مخلوف إلى برج العامري

 

في إجراء عقابي قامت السلطة التونسية بنقل السجين السياسي القيادي في حركة النهضة بوراوي مخلوف من سجن المنستير إلى سجن برج العامري سيء الصيت.

 

ومعلوم أن السلطة قامت في المدة الأخيرة بنقل مجموعة من مساجين الرأي إلى هذا السجن الرهيب حيث يتعرضون لأبشع أنواع الإهانات والتعذيب النفسي والجسدي إذ يتعرضون إلى عزلة تامة في غرفة صغيرة لا تزيد عن متر مربع بما لا يسمح لهم حتى بالتمدد ويمنعون من الخروج إلى الفسحة اليومية المقررة في قوانين السجن ولا يسمح لهم بالخروج لقضاء الحاجة إلا مرة واحدة كل أربع وعشرين ساعة إضافة إلى التعنيف والمضايقات التي يتعرضون لها من حراس السجن.

 

(المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 15 نوفمبر 2003 الساعة 8:48:04  بتوقيت غرينيتش)

 


محامية تونسية مضربة عن الطعام رغم نقلها للمستشفى

أعلنت المحامية التونسية راضية نصراوي التي تنفذ إضرابا عن الطعام منذ أكثر من شهر، مساء أمس الجمعة أنها لا تزال في المستشفى لتلقي العلاج لكنها ترفض تناول أي طعام.

 

وفي اتصال هاتفي مع مستشفى خاص في تونس، قالت المحامية إنه بسبب ضعفها الشديد وصف لها الأطباء بعض المنشطات لكنها تعتزم مواصلة إضرابها عن الطعام.

 

وقد نقلها زوجها حمة الهمامي أحد قادة الحزب الشيوعي العمالي التونسي المحظور صباح الجمعة إلى المستشفى بناء على توصية من طبيبها. وأوضح الهمامي أن المحامية التونسية الناشطة في مجال حقوق الإنسان « فقدت 11 كلغ لكنها تعتزم مواصلة الإضراب عن الطعام ».

 

وكانت نصراوي التي تشعر بوهن كبير وتعاني من مشاكل في العضلات واضطراب في النوم والذاكرة خضعت لفحوصات يوم 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي في المستشفى.

 

وقد بدأت نصراوي (49 عاما) إضرابا عن الطعام في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي للمطالبة « باحترام كرامتها كمحامية ومواطنة » ووقف المضايقات التي تتعرض لها عائلتها وموكلوها.

 

وفي أول رد فعل على خطوة الإضراب عن الطعام التي قامت بها المحامية رفض مصدر رسمي تونسي الأربعاء الماضي اتهامات نصراوي ووصفها بأنها « مزاعم عارية عن الصحة ».

 

(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 15 نوفمبر 2003 نقلا عن وكالة الصحافة الفرنسية)


Communiqué de la FIDH Fédération Internationale des ligues des droits de l’homme du 14.11.2003

Tunisie : Me Radhia Nasraoui hospitalisée

L’Observatoire pour la protection des défenseurs des droits de l’Homme, programme conjoint de la FIDH et de l’OMCT, et le Réseau euro-méditerranéen des droits de l’Homme (REMDH) sont extrêmement préoccupés par l’aggravation de l’état de santé de Me Radhia Nasraoui, avocate tunisienne en grève de la faim depuis 29 jours. Radhia Nasraoui a du être hospitalisée ce matin à la suite d’un malaise.

Les médecins ont conclu à une grande déshydratation et à des troubles rénaux importants et lui ont prescrit des perfusions, qu’elle a pour l’instant refusées et des examens plus poussés. Me Nasraoui a entamé une grève de la faim le 13 octobre dernier, afin de protester contre les entraves systématiques qu’elle subit dans l’exercice de sa profession d’avocate et du harcèlement constant dont elle, sa famille et ses clients sont l’objet. Me Radhia Nasraoui est la cible depuis de nombreuses années d’actes de harcèlement et d’agression en raison de son activité en tant qu’avocate de prisonniers politiques et en tant que défenseur des droits de l’Homme. Lors d’une conférence de presse qui s’est déroulée ce matin à Paris, en présence d’Hélène Flautre et de Yasmine Boudjenah, députées européennes, qui se sont rendues en Tunisie du 7 au 10 novembre, dans le cadre d’une mission à laquelle a participé Dominique Noguères pour l’Observatoire et le REMDH, les intervenants ont réitéré leur solidarité à Radhia Nasraoui dans son combat pour le respect des droits de l’Homme en Tunisie. Un appel pressant a été lancé à l’attention de Radhia Nasraoui pour qu’elle cesse sa grève de la faim afin de ne pas compromettre sa santé. Nos organisations réitèrent avec force cet appel, elles lui demandent a minima d’accepter de se faire perfuser. Des membres de la mission ont annoncé qu’ils allaient multiplier les initiatives en particulier en direction de la République française et du Parlement européen. Tout en stigmatisant le cynisme des rares commentaires officiels tunisiens au sujet de cette grève de la faim, nos organisations demandent solennellement aux autorités tunisiennes de mettre fin au harcèlement de Radhia Nasraoui, de sa famille et des ses proches, et de lui permettre d’exercer normalement sa profession d’avocat. Nos organisations souhaitent également attirer de nouveau l’attention sur la situation préoccupante de Zouhayr Yahyaoui, le cybernaute dissident détenu depuis juin 2002 et plus généralement sur la dégradation de la situation des détenus politiques et d’opinion en Tunisie dont plusieurs ont observé des grèves de la faim au cours des dernières semaines. Elles demandent que soit mis un terme au harcèlement des défenseurs des droits de l’Homme en Tunisie, conformément aux dispositions de la Déclaration de l’Assemblée générale des Nations unies sur les défenseurs des droits de l’Homme du 9 décembre 1998.

(Source : le site www.liberation.fr, le 14 novembre 2003)

lien web : http://www.liberation.fr/page.php?Article=157883

 


 

Tahar Dhifallah est maintenant menacé de renvoi en Tunisie

Par Louiza Toscane
Arrivé le 18 octobre à l’aéroport de Roissy Charles de Gaulle pour y demander l’asile, Tahar Dhifallah a été renvoyé au Niger (le pays d’embarquement) le 3 novembre, le ministre de l’Intérieur ayant jugé sa demande d’asile « manifestement infondée ». Le Niger a renvoyé Tahar Dhifallah à Roissy le lendemain, mais la police de l’air et des frontières a illégalement refusé d’enregistrer sa demande d’asile jusqu’au samedi 8 novembre. Lors de l’entretien avec le fonctionnaire des Affaires Etrangères, dimanche dernier, il n’avait pu bénéficier de l’interprète qu’il avait demandé. Le ministère de l’Intérieur lui a opposé jeudi un refus d’admission en France, comportant entre autres motivations que sa « sympathie pour un mouvement clandestin ne lui a pas particulièrement valu d’être inquiété par les autorités tunisiennes »… alors que Tahar Dhifallah a subi incarcération, contrôle administratif, harcèlement. Le maintien en zone d’attente, d’une durée maximale de vingt jours fait l’objet, au terme de quatre jours, d’une décision de maintien pour huit jours prise par le tribunal de grande instance dont dépend la zone d’attente. Quant au second renouvellement pour huit jours, il ne peut être pris que pour des raisons exceptionnelles. Déféré aujourd’hui devant le TGI de Bobigny, Tahar Dhifallah a vu son maintien en zone d’attente renouvellé une seconde fois attendu compte tenu de « circonstances exceptionnelles » : que les autorités du Niger « ont refusé son admission » et, plus inquiétant, attendu que « l’administration justifie qu’elle a saisi l’ambassade de Tunisie afin que l’intéressé soit renvoyé en Tunisie ». Tahar Dhifallah a fait appel de cette décision. L’appel n’est pas suspensif et Tahar Dhifallah a été ramené en zone d’attente, où il entame aujourd’hui sa cinquième semaine de privation de liberté, d’isolement et d’attente éprouvante.
Proposition d’action : intervention au niveau du ministère de l’Intérieur
Proposition de courrier : « Monsieur le Ministre C’est avec une crainte extrême que j’ai appris que vous aviez refusé l’entrée en France de Tahar Dhifallah, demandeur d’asile tunisien, actuellement dans la zone d’attente de Roissy, et que vos services avaient saisi la représentation diplomatique tunisienne pour qu’il soit renvoyé en Tunisie. Je vous demande de bien vouloir faire procéder au réexamen de la demande d’asile de Tahar Dhifallah, et que l’intéressé puisse bénéficier du service d’un interprète ainsi qu’il l’avait, en vain, sollicité lors du précédent entretien. Dans l’attente, je vous demande de surseoir à l’exécution de son renvoi vers la Tunisie où son intégrité physique serait menacée, et ce, conformément aux engagements internationaux pris la France, notamment la Convention contre la torture qu’elle a ratifiée. Veuillez agréer, monsieur le Ministre…. » Coordonnées du ministère de l’Intérieur e-mail :DLPAJ-secretariat-directeur@interieur-gouv.fr Fax :01 40 07 68 18 Copie : Coordonnées du ministère des Affaires étrangères Fax : 01 43 17 91 36 (RAPPEL : Tahar Dhifallah venait d’obtenir une maîtrise en physique fondamentale, lorsqu’il a été arrêté le 21 février 1994 et condamné le 3 mars de la même année à huit mois d’emprisonnement en appel par le tribunal de Médenine dans le cadre d’une affaire visant le Parti de la Libération Islamique (clandestin). Il a été accusé de « détention de tracts » avec « intention de les distribuer ». A sa sortie de prison, il a été soumis à un contrôle administratif illégal, car non prévu par le jugement, et a subi l’arbitraire et le harcèlement incessant de la police. Ainsi, il a été obligé d’émarger quotidiennement et en 1997, le pointage est devenu bi-quotidien. Il a été dans les faits assigné à résidence, toute sortie hors de Remada devant faire l’objet d’une autorisation policière préalable. Il était arrivé en provenance du Niger samedi 18 octobre à l’aéroport Charles de Gaulle de Roissy pour y demander l’asile et s’était vu notifier mercredi 22 octobre un refus d’admission en France par le ministre de l’Intérieur, ce dernier ayant estimé sa demande « manifestement infondée ». Il lui avait également été notifié qu’il serait renvoyé au Niger sur un vol en partance vendredi 24. Tahar Dhifallah a été conduit à deux reprises, les 24 et 26 octobre, à l’aéroport et il a refusé par deux fois d’embarquer à bord du vol en partance pour Niamey. Plusieurs associations sont intervenues au niveau du ministère de l’Intérieur. Mardi 28, il a été procédé à un nouvel entretien de Tahar Dhifallah dont le résultat ne lui a pas été communiqué. Mercredi 29, le Tribunal de Grande Instance de Bobigny a prolongé pour huit jours son maintien en zone d’attente internationale. Vendredi 31, il avait été emmené à l’aéroport pour être embarqué à bord du vol de 10H 50 pour le Niger et avait refusé, pour la troisième fois, d’embarquer. Il avait alors été reconduit en zone d’attente). Lundi 3 novembre, il avait été renvoyé au Niger et le Niger l’avait aussitôt renvoyé à Roissy le 4.


 

FLASH INFOS
 
 www.nahdha.net        

جديد موقع النهضة.نت

أخبار متنوعة  الصفحة الرئيسية

بيانات: حركة النهضة تدين العمليات الإجرامية في الرياض

مقال الجمعة: : دفاع الشيخ بن باز عن الاسلام وأهله في تونس  الشيخ راشد الغنوشي

تعال نؤمن ساعة: في ذكرى غزوة بدر وفتح مكة  الشيخ الهادي بريك

مقالات: الاستاذ أحمد نجيب الشابي

موسوعة نهضة نت لرجال الصلاح الاسلامي: الشيخ البشير النيفر رحمه الله 

صدارات تونسية:  اعد خمس سنوات لن يكون هناك قرآن في تونس عبد الوهاب السديري

 أدب وفنون: قصيدة حائية الإيضاح لشاعر تونس المهاجرة جمال الدين الفرحاوي

صفحات من تاريخ تونس: دولة المرابطين  بقلم الشيخ المجاهد محي الدين القليبي

فكر إسلامي: النص الكامل لكتاب دعاة لا قضاة للشيخ حسن الهضيبي رحمه الله

نظرا لخلل أصاب دفتر العناوين لدينا، فقدنا جزءا من عناوين السادة المشتركين فالرجاء من الاخوة الذين يودون تلقي البريد الخاص بالمشتركين إعادة إرسال عناوينهم مع تعريف بسيط بهم إلى العنوان التالي 

 nahdha@ezzeitouna.org

مع تحيات

المكتب التونسي للتوثيق والإعلام

(المصدر موقع ال قائمة المراسلة تونس 2003 بتاريخ 15 نوفمبر 2003 )
 
 

الرئيس زين العابدين بن علي يشرف على مجلس وزاري حول علاقات تونس الخارجية

متابعة مبادرات تونس الرامية إلى ترسيخ تقاليد التشاور والتنسيق بين البلدان المتوسطية

خصص مجلس وزاري انعقد بإشراف الرئيس زين العابدين بن علي لمواصلة النظر في علاقات تونس الخارجية وتعاونها الدولي على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف وذلك في ضوء المواعيد المرتقبة بتونس بداية من شهر ديسمبر المقبل .

وتابع المجلس في هذا الاطار النظر في سير التعاون التونسي الأوروبي وما تم إنجازه في مجالات الاستثمار وتجسيم المشاريع المشتركة فضلا عن تامين المتابعة المستمرة لأوضاع الجاليات التونسية بأوروبا في اطار الاتفاقيات ذات الأبعاد الاجتماعية المبرمة للغرض .

واستعرض المجلس من جهة أخرى السبل المتاحة لإرساء شراكة مغاربية أوروبية وخاصة على مستوى المنطقة المتوسطية بما يخدم مصالح شعوب المتوسط ويسهم في دعم مقومات التنمية والأمن والاستقرار .

وجدد الرئيس زين العابدين بن علي التأكيد على الاستعداد الأمثل للمواعيد القادمة موصيا بمتابعة مبادرات تونس الرامية إلى ترسيخ تقاليد التشاور والتنسيق بين البلدان المتوسطية خدمة للمصالح المتبادلة وبما يساعد على دعم مقومات التنمية المتضامنة في العلاقات بين بلدان المنطقة .

 

(المصدر: موقع أخبار تونس الرسمي بتاريخ 14 نوفمبر 2003)

     

اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة التونسية الإيطالية تكثيف التعاون العسكري في مجالات التكوين والصحة

أدى السيد الدالي الجازي وزير الدفاع الوطني زيارة رسمية لإيطاليا استغرقت ثلاثة أيام ترأس خلالها الوفد العسكري التونسي في أشغال الدورة السادسة للجنة العسكرية المشتركة التونسية الإيطالية . وأتاحت أعمال اللجنة مزيد دعم علاقات الصداقة القائمة بين البلدين حيث تم الاتفاق بين الجانبين على تكثيف التعاون العسكري في مجالات التكوين والصحة وفي ما يتعلق بتبادل الخبرات والوفود . و أجرى السيد الدالي الجازي بالمناسبة محادثة مع نظيره الإيطالي السيد انطونيو مارتينو . واستعرض الوزيران خلال هذا اللقاء الروابط التاريخية والحضارية التي تجمع البلدين والقائمة على التفاهم والحوار وحسن الجوار مؤكدين ضرورة تعزيز عرى التعاون الثنائي في كافة المجالات . ومكنت هذه المحادثة من إبراز تطابق وجهات نظر الحكومتين في المسائل ذات الاهتمام المشترك وخاصة فيما يتعلق بالسلم والأمن في حوض البحر الأبيض المتوسط.

 

(المصدر: موقع أخبار تونس الرسمي بتاريخ 14 نوفمبر 2003)

 

أصداء نقابية

صدر العدد الخاص بشهر اكتوبر من نشرية أصداء نقابية وتضمن اساسا تقييما لوضعية الاتحاد العام التونسي للشغل بعد ثلاث سنوات من التغيير الذي طرأ على مستوى الامانة العامة للاتحاد، بذهاب السيد اسماعيل السحباني وحلول الامين العام الحالي السيد عبد السلام جراد محله. وتضمن العدد الجديد من النشرية هجوما على ظاهرة المناشير التي لا تحمل امضاء والتي تهجّم بعضها مؤخرا على السيد الحبيب قيزة وهومن الوجوه الناشطة في أرضية العمل النقابي الديمقراطي والذي اعتبر ان المناشير غير الممضاة لا تمت للعمل النقابي في شيء بل هي علامة افلاس ودليل على العجز على تقديم البدائل وعلى خوض صراع فكري من أجل تطوير الاوضاع النقاية.

 

(المصدر: العدد 358 من صحيفة الوحدة الناطقة باسم حزب الوحدة الشعبية الصادرة يوم 14 نوفمبر 2003) 

 

تنقيح القانون الاساسي للمحامين الشبان

تعقد الجمعية التونسية للمحامين الشبان جلسة عامة خارقة للعادة يوم 21 نوفمبر الجاري تخصصها لتنقيح القانون الاساسي للجمعية. ومشروع التنقيح يتضمن تحويرات عميقة من شأنها أن تؤثر على هيكلة الجمعية ودورها خاصة وأنه يتضمن ما لا يقل عن ثمانية عشر فصلا تتعرض الى آليات التسيير وتمنح الجمعية بعدا نقابيا من خلال التنصيص على ان من بين أدوار الجمعية الدفاع عن « مصالح المحامين الشبان ماديا ومعنويا ».

مشروع التنقيح يتضمن أيضا شعارا جديدا للجمعية وهو « استقلالية – حرية – تضامن » ويؤكد على ان الجمعية تسعى الى تأطير المحامين الشبان مهنيا وثقافيا ونشر قيم الاستقلالية والتضامن والحرية وثقافة حقوق الانسان هذا الى جانب دراسة مشاغل المحامين الشبان.

ومن النقاط التي وردت في مشروع التنقيح وستثير جدلا ونقاشا هاما مسألة عدم ضبط الفصل الخامس منه لمسألة تجديد الترشح لعضوية الهيئة حيث لم يتم تحديد عدد المرات التي يمكن فيها تجديد الترشح وهوما يرى فيه بعض المحامين تناقضا مع الفصل الثامن من المشروع الذي ينص على ان رئيس الجمعية ينتخب مباشرة من الجلسة العامة وذلك بالاغلبية النسبية في دورة واحدة ولا يجوز له تجديد ترشحه الا مرة واحدة.

ولا شك ان جلسة يوم 21 نوفمبر ستشهد طرح عديد الاسئلة حول مضمون هذا التنقيح وعلاقته الممكنة بالانتخابات التي ستشهدها الجمعية وخاصة بانتخابات اختيار العميد.

ونشير الى انه في صورة عدم توفر النصاب القانوني في جلسة يوم الجمعة 21 نوفمبر فان جلسة ثانية ستنعقد يوم السبت 13 ديسمبر 2003 وستعتبر صحيحة وقانونية وقائمة النصاب قانونيا بصرف النظر عن عدد الحاضرين.

 

(المصدر: العدد 358 من صحيفة الوحدة الناطقة باسم حزب الوحدة الشعبية الصادرة يوم 14 نوفمبر 2003)

 

قرارات

عقد مجلس الهيئة الوطنية للمحامين اجتماعا في المدة الفارطة تناول بالدرس مآل المطالب المهنية وطريقة احتساب مداخيل طابع المحاماة وأيضا الخلاف بين العميد والأستاذ رضا الاجهوري. ففي ما يتعلق بمآل المطالب المهنية فقد تأكد ان قنوات الحوار ظلت مغلقة بين سلطة الإشراف والعمادة وهو ما يفرض القيام باجتماعات ولقاءات تحسيسية بالقواعد من أجل إيجاد السبل الكفيلة ببلورة الموقف المناسب. وبالنسبة لاحتساب مداخيل طابع المحاماة فان العميد لم يستطع الحصول على معطيات وحسابات دقيقة وواضحة وقد قرر مجلس الهيئة في هذا الصدد اللجوء الى الإجراءات القضائية للوقوف على المداخيل الحقيقية وذلك في صورة عدم التوصل الى حلول مع المصالح المعنية. أما بالنسبة للموقف من الأستاذ الاجهوري فان الأمر قد تم ارجاؤه الى جلسة يوم الاثنين 10 نوفمبر…

 

(المصدر: العدد 358 من صحيفة الوحدة الناطقة باسم حزب الوحدة الشعبية الصادرة يوم 14 نوفمبر 2003) 

 

جلسة مفتوحة

علمت « الوحدة » ان النية تتجه داخل قطاع المحاماة الى تنظيم ما سمي بجلسة محاسبة وذلك للتصدي لظاهرة نقد العميد في وسائل الاعلام. هذه الجلسة ينظر اليها عدد كبير من المحامين على أنها ممارسة لا ديمقراطية خاصة وان المحاماة تعتبر من المهن التي تناضل باستمرار من أجل تكريس الحقوق الاساسية ومن أهمها حرية التعبير. ويعتبر هؤلاء ان في الامر محاولة لمنع حوار تبدو الساحة في حاجة ماسة اليه خاصة وان المحامين مقدمون على انتخابات العمادة ومن حقهم ان يطرحوا كل القضايا للنقاش. الاستاذ رضا الاجهوري المستهدف الاول من هذه الجلسة أكد أن هذه الاساليب لن تثنيه عن عزمه مواصلة انتقاد ممارسات العميد خدمة للمحاماة والمحامين.

 

(المصدر: العدد 358 من صحيفة الوحدة الناطقة باسم حزب الوحدة الشعبية الصادرة يوم 14 نوفمبر 2003) 

 

نفي

علمت « الوحدة » أنه لا صحة لما تردد في أوساط المحاماة حول اعتزام الأستاذ الياس القرقوري الترشح لتمثيل تونس في اتحاد المحامين العرب أو اتحاد المحامين بالمغرب العربي. أفادت مصادر « الوحدة » ان ترويج مثل هذا الخبر هدفه وضع العراقيل والحواجز أمام ترشح الأستاذ الياس القرقوري الذي يتولى حاليا رئاسة فرع صفاقس لعمادة المحامين. واذا كان أمر الترشح للعمادة وللهيئة الوطنية للمحامين لم يحسم بعد فان ما يثير امتعاض عدد كبير من المحامين هو ما أضحى يلجأ إليه بعض المعنيين بأمر العمادة من القيام بحملات تشهير قوامها معطيات كاذبة وأخبار زائفة للتقليص من حظوظ منافسيهم. ويعتبر عدد كبير من المحامين ان هذه الممارسات ليست إلا دليلا على إفلاس أصحابها وممارسة من شأنها ان تزيد في تعميق أزمة قطاع المحاماة لأنها تعد مدخلا للانحياز عن الاختلاف الفكري والسياسي عن موضعه ولأنها تدخل تقاليد غريبة عما يفترض أن يتصف به رجال المحاماة.

 

(المصدر: العدد 358 من صحيفة الوحدة الناطقة باسم حزب الوحدة الشعبية الصادرة يوم 14 نوفمبر 2003) 

 

إشكالية

تمر علاقة جمعية القضاة التونسيين بوزارة العدل بمرحلة دقيقة يبدو ان مردها يتمثل في اختلاف حول تقييم حركة نقل القضاة. المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين اجتمع يوم الاثنين 3 نوفمبر الجاري وأصدر بيانا التمس فيه من رئيس الدولة التدخل لتذليل الصعوبات التي تحول دون تنفيذ قراراته الهادفة إلى تطوير نشاط الجمعية وتسهيل عملها ومزيد تحسين الوضع المادي والمعنوي للقضاة. ونشير في هذا الإطار إلى أن الجمعية قد عجزت عن المشاركة في المؤتمر السادس والأربعين للاتحاد العالمي للقضاة مرده انعدام رصيدها المالي لقلة مواردها. بيان المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين حذر من استغلال قرار عدم المشاركة في أي جهة كانت بإعطائه بعدا غير الذي يعنيه وتوظيفه بغاية تعطيل نشاط الجمعية على المستويين الداخلي والخارجي والتشكيك في علاقة التواصل والحوار التي تربطها سلطة الإشراف.

 

(المصدر: العدد 358 من صحيفة الوحدة الناطقة باسم حزب الوحدة الشعبية الصادرة يوم 14 نوفمبر 2003) 

 

 

Huit tonnes de bananes importées saisies

Des agents de la police ont saisi 8 tonnes de bananes importées illégalement en Tunisie chargées dans sept camionnettes

 

Selon le journal tunisien « Le Quotidien », la police a réussi à démanteler un réseau spécialisé dans la contrebande et arrêté les contrebandiers qui ont profité de la décision des autorités tunisiennes de ne pas importer de bananes. Tout en connaissant l’engouement des consommateurs pour ce produit, ils ont centré leurs activités sur l’introduction, d’une manière illicite, de ce produit sur le marché tunisien, ajoute -t-il. Les conducteurs et les convoyeurs ont été arrêtés et la cargaison a été saisie. Une enquête a été ouverte pour identifier les responsables de ce trafic. Le journal indique que les bananes ne sont pas exposées sur les étals des marchés et encore moins chez les marchands des légumes et fruits, ajoutant que les autorités tunisiennes ont interdit l’importation de ce fruit donnant la priorité aux autres produits de base comme la viande, les pommes de terre et surtout le lait et l’oignon.

 

(Source : le site du journal marocain Le Matin du Sahara d’après l’agence officielle marocaine MAP, le 15.11.2003 à 10h53)

lien web : http://www.lematin.ma/infos/infos.asp?id=14969

 

 

Tunisia’s currency reserves at $2.66 bln on Oct 31

TUNIS, Nov 14 (Reuters) – Tunisia’s net foreign currency reserves stood at 3.326 billion dinars or $2.66 billion on October 31 this year, up 10.2 percent versus the same day in 2002, latest Central Bank’s figures show.

As a result, the country’s import capability expanded to 86 days from 81 days at end of October last year, according to the Bank data.

((Reporting by Lamine Ghanmi, +216-71 787538 fax +216-71 787454; Reuters Messaging:lamine.ghanmi. reuters.com@reuters.net; email: tunis.newsroom@reuters.com))

($1=1.251 dinar)

REUTERS

Tunisia’s key textile exports rise 13 pct in Oct

TUNIS, Nov 14 (Reuters) – Tunisian exports of textiles, clothing and leather rose 13 percent to 381.6 million dinars ($303.5 million) in October this year from September, government figures showed on Friday.

Textiles, clothing and leather exports accounted for 45.53 percent of the total exports of 838.1 million dinars in October.

The government is projecting total exports to expand by 7.5 percent in 2003 after a 1.4 percent increase last year when growth in the economy as a whole slowed to 1.7 percent — its lowest rate in 15 years due to shrinking sales abroad.

Total exports rose 10.8 percent in October from September when they soared 16 percent over August.

Sales of textiles, clothing and leather abroad increased 3.6 percent to 4.094 billion dinars in the January-October period from the same period last year.

Meanwhile, the value of total exports advanced 8.49 percent to 8.010 billion dinars in the first 10 months this year over the January-October period in 2002.

((Reporting by Lamine Ghanmi, editing by Cheryl Juckes, +216-71 787538 fax +216-71 787454; Reuters Messaging:lamine.ghanmi. reuters.com@reuters.net; email: tunis.newsroom@reuters.com))

($1=1.251 dinar)

REUTERS

Kuwaiti-Tunisian Co initiates drilling an exploratory oil well in Tunis

TUNIS, Nov 14 (KUNA) — An initial exploratory oil well started to be drilled here on the eastern coast by a joint Kuwaiti-Tunisian oil exploration company, officials of the company told KUNA on Friday.

The drilling is taking place in the Sidi Ghailani oil field in the province of Almahdiya, which is located on the eastern coast of the country, the officials said. The drilling project is carried out by the Kuwait Foreign Petroleum Exploration Co (KUFPEC) of Kuwait and STKP of Tunisia. Costing between 3.5-4.5 million dollars, the project is scheduled for 45 days, KUFPEC director Jassem Aldoeseri said.

The exploratory well will be dug 2000 meters deep and is expected to produce about 1000 barrels of oil daily whereas its estimated reserves are put at between 4.5-6 million barrels of oil.

KUFPEC is a Kuwaiti company that carries out oil exploration porjects in various parts of the world and has been active in developing oil projects in Tunisia.

(Article originally published by Kuwait News Agency (KUNA) 14-Nov-03)


 

’آفاق العراق   افاق العراق هو موضوع برنامج بانوراما الشرق الاوسط لهذا الاسبوع.   يستضيف البرنامج : ممثل عن  المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق ممثل عن اتحاد العاطلين في العراق ممثل عن اتحاد طلبة بريطانيا و مشارك في الحركة المعادية للحرب ممثلة  من اصل لبناني عن الحزب الاشتراكي (بريطانيا) مع امكانية مشاركة عضو من الحزب الشيوعي العراقي و كردي مقيم في لندن

يذاع البرنامج كل يوم ثلاثاء من الساعة الثالثة و النصف الى الساعة الرابعة و النصف ظهرا بتوقيت غرينيتش (لندن). يمكن الاستماع للبرنامج مباشرة على موقع: www.resonancefm.com او على الموجة 104.4 بالنسبة للمقيمين في لندن. كما يمكن المشاركة في البرنامج على الهواء مباشرة عن طريق الهاتف: (0044) 020 7836 3664 لارسال تعليقاتكم و اقتراحاتكم: middleeastpanorama@yahoo.co.uk

 


 

 

Pour une amnistie en Tunisie (*)

Par : Tony Amdouni

 

            Le gouvernement soudanais vient de décréter une amnistie générale, en libérant tous les prisonniers politiques, et en invitant les exilés à regagner leurs foyers et à participer aux affaires de l’Etat.

 

            En 1994, Feu Hassan II, Roi du Maroc, dont le régime est connu pour être peu tendre envers les opposants, a aussi décrété une amnistie générale, libéré les prisonniers politiques et permis aux exilés de rentrer au pays. Il a même nommé Premier Ministre l’un des plus anciens et des plus connus d’entre eux : Abderrahmane Youssefi.

 

            Qu’en est-il de la Tunisie ? Qu’attendent les autorités tunisiennes pour en faire de même ? On annonce pourtant une ouverture politique, on autorise le multipartisme, on reconnaît des partis de l’opposition.

 

            Le nombre de prisonniers politiques n’est pas connu avec précision : il s’élèverait à plusieurs centaines. Le nombre des exilés est plus important. Ils sont dispersés un peu partout dans le monde.

 

            Que reproche-t-on à ces opposants ? Qu’ils soient détenus ou exilés, de quelque tendance qu’ils soient, les opposants tunisiens luttent pour les libertés fondamentales (libertés d’expression, liberté de la presse, etc….).

 

Il s’agit donc de l’expression d’une opinion ou si l’on veut de délit d’opinion, ou délit tout court,  selon  les critères  des pays du tiers-monde et surtout des pays  arabes les moins démocratiques de la planète. Car dans ces pays, avoir une opinion différente est considéré comme un délit. En Occident cela s’appelle : liberté d’expression, principe démocratique, valeur républicaine. Voltaire disait : «je ne suis pas de votre avis, mais je me battrai pour que vous puissiez l’exprimer ».

 

            Peut-on raisonnablement laisser croupir en prison et maintenir en exil ad vitam aeternam des femmes et des hommes parce qu’ils ne partagent pas l’opinion du régime en place et luttent pour les libertés? Or il s’agit d’une lutte légitime, d’une lutte noble. Les opposants sont des patriotes. Ils œuvrent pour le bien de leur pays, de leur peuple. Le fait que leur pays soit pointé du doigt comme étant liberticide les touche profondément. On ne peut leur imputer aucune action illégale ou violente, ni l’esquisse, ni l’intention, ni même l’ombre d’une intention.

 

            Maintenir les choses en l’état, ignorer ce problème, ou s’obstiner à ne pas le résoudre ne peut que donner des résultats négatifs et néfastes ; grossir les rangs de l’opposition, exacerber la haine et les rancoeurs, creuser davantage le fossé qui sépare le régime de la société. C’est «l’impasse politique quand elle se coupe de toute transcendance » selon Spinoza.

 

            Il  serait tellement préférable, logique et judicieux de  tourner le dos aux aléas de l’Histoire d’amorcer un virage heureux, de donner un nouveau souffle à la vie politique du pays et sceller ainsi la réconciliation nationale souhaitée et attendue. Cela créerait une détente bienvenue, apaiserait les esprits (ne serait-ce que les milliers de familles des détenus et des exilés), drainerait des compétences supplémentaires et permettrait d’accélérer le rythme du développement. La Tunisie a besoin de toutes ses forces vives. Tant de problèmes seraient ainsi résolus d’un seul coup.

 

            Parce que, en fait, l’essentiel de la lutte des exilés durant les dernière années est axée précisément et principalement sur… la libération des prisonniers et le retour des exilés. Une amnistie générale réglerait donc tout.

 

            Le 7 novembre prochain aura lieu comme chaque année, la commémoration du changement de régime. Ce serait une occasion propice pour l’annonce d’une telle mesure. Une mesure, positive, raisonnable et intelligente.

 

(*) M. Mondher Sfar qui nous a aimablement fait parvenir ce texte signale que sa première moitié a été publiée dans le quotidien suisse « Tribune de Genève » du samedi 8 novembre 2003.


 

في اتحاد الشغل

 

وصلنا تقييم لأوضاع الاتحاد العام التونسي للشغل من السيد الحبيب بسباس يقول فيه أن الاتحاد يمر بمرحلة متردية. ولخص أهم أسباب هذا التردي في النقاط التالية :

 

– تهميش أغلب الكوادر الوسطى في إطار خطة منهجية تهدف الى إضعاف الاتحاد وتفكيك أوصاله

– العمل على قطع التواصل مع القواعد في ما عدا المؤتمرات مما يفسر التراجع الخطير في عدد الجلسات العامة أو حتى البيانات الإخبارية فضلا عن التجمعات النضالية

– التعامل مع الندوات والمؤتمرات العالمية على انها مناسبات للتسوق والسياحة

– وضع العراقيل القانونية والمادية أمام تولي الشباب المسؤوليات حتى أن معدل الأعمار في الهيئة الإدارية يبلغ تقريبا 57 سنة وان أصغر الأعضاء يبلغ تقريبا 40 سنة

– الضعف الملفت للانتباه لتواجد المرأة في هياكل الاتحاد حتى أنك لا تجد من بين 82 عضوا في الهيئة الإدارية أي إمراة .

 

ويضيف الحبيب بسباس أن قيادة الاتحاد لا تملك رؤية واضحة ولا تسعى الى بلورة مشروع مقنع لمواجهة تداعيات خيارات العولمة . وتتجنب الخوض إلا سطحيا أو عرضيا في القضايا المغبئة الناجمة عن خيار العولمة من تفويت وتسريح ومناولة فضلا عن الحق النقابي وقضايا الحريات وحقوق الإنسان ، فهذه القضايا لا تحضى بما تستحق من عناية .

 

ويؤكد بسباس أن الوضع سيظل على حاله من ضبابية في الرؤيا وقصور في الأداء وتهميش للطاقات وتثبيط للعزائم ومساهمة متردية في معارك التنمية والكرامة ما لم تشهد الساحة النقابية تحولا نوعيا ينقلها من مستوى الغموض والعمل شبه السري الذي لا تشارك فيه القواعد الى مستوى الوضوح والشفافية تعمل فيه كل الطاقات للمساهمة في رفع التحديات التي تواجه الامة .

 

وما لم ترفع أشكال الوصاية على الإتحاد لترتقي علاقة المنظمة مع بقية الاطراف بما فيها السلطة الى مستوى الشراكة الفاعلة والإيجابية في إطار خطة متكاملة تهدف الى تطوير المناخ الديمقراطي وتشمل كافة مكونات المجتمع المدني .

 

(المصدر: العدد 238 من صحيفة « الموقف » الناطقة باسم الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 14 نوفمبر 2003)


أخبار المعارضة وأزمة الصحافة

بقلم: فتحي التوزري

 

تطلع علينا الصحافة التونسية بين الحين والآخر بمقال تحليلي عن وضع الأحزاب المعارضة وما آلت إليه من خراب ودمار وفقر وتناحر. وتتعمد هذه المقالات المزمنة في اغلب الاحيان النظر إلى هذه الظاهرة المأساوية من زاوية واحدة وضيقة لا تعكس حقيقة الأوضاع . وبقدر ما تتلذذ بالخوض في تفاصيل وجزئيات الصراعات الداخلية والشخصية داخل هذه التنظيمات بقدر ما تتعمد عدم الخوض في المحيط والبيئة السياسية التي تحتضن هذه الأحزاب .

 

ما تسكت عليه الصحف التونسية ، ولأسباب معلومة لدينا ، ولديها ، هو ما آلت إليه الحياة السياسية في تونس. والتي تشكل الأحزاب المعارضة جزءا ليس بالضرورة الأهم فيها . فما لا يقع ذكره ، إلا عرضا هو حالة التخلف السياسي والتصحر الفكري ، والذي يعد وضع الإعلام المتردي من أبرز مظاهره. ففي غياب أي هامش للنقد وأمام التعتيم المنهجي على الأحداث وغلق الإعلام المرئي والمسموع في وجه المستقلين والديمقراطيين والمعارضين يبقى المشهد السياسي والثقافي والفكري متردي ومنغلق ومتأزم .

 

فهل يعقل في بلد متحضر كتونس ، بعد نصف قرن من الاستقلال ، وبما تزخر به البلاد من مثقفين وجامعيين ونخب من جميع الميادين  ، أن تظل فيها الساحة الإعلامية على تخلفها الحالي ، مقارنة حتى ببعض دول الجوار التي استطاعت أن تخطو خطوات مرموقة في هذا المجال؟ وهل يعقل أن لا نقرأ على صفحات جرائدنا ومجلاتنا حوارات وسجالات وخصومات ولقاءات حول المواضيع التي تهم البلاد وما أكثرها ؟ والمؤلم أن نرى أصوات مثقفينا ونخبنا في وسائل إعلام أجنبية ، ونقرأ لهم في جرائد عالمية عديدة وهم محرومون من الكتابة في بلادهم .

 

وهل يعقل أن ينظم استفتاء ينقح نصف الدستور ويوسع صلاحيات الرئيس ، ويمدد في ولايته. ولا ينشر في الإعلام المسموع والمقروء والمكتوب إلا رأي واحد. ويقع تعتيم كامل على الآراء المخالفة ؟  وقس على ذلك التعتيم المضروب على النشطاء والمعارضين والجمعيات المستقلة والمدافعة عن حقوق الإنسان.

 

فكيف نفهم تغييب ما يصدر عن زعيم حزب معارض في ندوة صحفية ، ويحضرها الصحفيون ، ويعلن فيها ترشحه ؟  فلا نرى أي خبر في الصحف الوطنية ، ولكننا نطلع على كل ذلك من خلال وسائل الإعلام الأجنبية . كما لا تتجرأ أي صحيفة على إيراد أي خبر عن إضراب ناشطة حقوقية معروفة ، أو انتهاكات ثابتة ضد حقوق الإنسان ، أو عن سجين سياسي يصارع الموت في صمت …

 

نحن لا نطلب من الصحافة المراقبة والمكبلة أن تتضامن مع أحزاب المعارضة والنشطاء فهذا ليس دورها. ولا نطلب منها أن تنشر يوميا صور أو مقالات للقيادات السياسية في البلاد. ونحن نتفهم الظروف الصعبة وأحيانا السريالية لعمل الصحفي في بلد متحضر مثل تونس.

 

لكن ما لا نفهمه هو أن تتسرع هذه الصحف في ترويج وإنتاج « كليشيات » وأنماط فكرية حول المعارضة السياسية بدون أي مبرر صحفي أو مهني. وبعضها يذهب أبعد من ذلك بتصنيف المعارضة وبكل تبسيط و« دمعجة » إلى معارضة موالية للسلطة وأخرى « راديكالية ». أو تحاول أن تخلط الأوراق وتساهم في تعميق القطيعة المفروضة بدون موجب حق بين النخب والمجتمع المدني والسياسي من جهة وبين الشعب من جهة أخرى .

 

الجميع يعيش ظروفا صعبة ، والكل يتألم للمناخ القائم لوضــع الحريات والإعـلام والمشاركة السياسية، والكل يعلم بالعوائق الكثيرة المكبلة للعمل الصحفي والسياسي. لكن على كل الأطراف تحمل مسؤولياتها في تصحيح هذه الأوضاع المعوجّة ، وفي توفير فضاء أرحب للتعبير ، والنقد ، والمشاركة السياسية.

 

فهناك نساء ورجال كثر يعملون بلا كلل ولا ملل ، وفي ظروف صعبة للغاية لكي يُبلغو أصواتهم ، ولكي تثمر جهودهم من أجل أوضاع أفضل.  وهم يقاومون في نفس الوقت التهميش و العزلة و المضايقات والإحباط . فحتى إذا فقدنا الجرأة والالتزام ، يكفي في بعض الاحيان الصمت وهو أضعف الإيمان.

 

(المصدر: العدد 238 من جريدة « الموقف » التونسية بتاريخ 14 نوفمبر 2003)  


 

 

النخبة وجمود الفكر السياسي في تونس: عوائق ذاتية أم موضوعية ؟

بقلم: سامي براهم

 

يلاحظ المتتبع للشأن السياسي في التاريخ الحديث والمعاصر، أن المشاريع السياسية الكبرى تأسست على منظومات فكرية وفلسفات وتنظيرات تجرّد قضايا الواقع ، فتشخص العلل، وتستنبط الحلول، وتستشرف المستقبل وتبشر بالرفاه والخلاص. وليست الأيديولوجيا سوى وسيلة لاستقطاب الجماهير وتعبئتهم قصد الالتفاف حول تلكم الأطروحات، وشعاراتها وعناوينها ، بغاية تنزيلها إلى أرض الواقع.

 

فكانت الثورات والتغييرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية النوعية ، نتاجا لحراك فكري خلخل البنى الثقافية والآليات الذهنية فاستتبع ذلك خلخلة في بقية البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ولسنا نقصد من خلال هذا التحليل البطلان الكلي للمادية التاريخية ، كتأويل لتفسير سيرورة التاريخ بل تأكيد على قصور تفسير الظواهر الإنسانية بالعامل الواحد. والحال أن الجدل حراك متبادل لا يستقر على صورة نمطية مخصوصة ، إلى درجة يستحيل معها إخضاع الاجتماع البشري لقانون كلي صارم صالح لكل الظواهر التاريخية في كل زمان ومكان.

 

ولم يكن المشغل السياسي في الوطن العربي منذ عصر النهضة بمعزل عن عمقه الفكري النظري. فقد كانت جميع المشاريع السياسية الكبرى وحركات التحرير الوطني نتاج جدل فكري قاده رواد الإصلاح من أمثال الطهطاوي والأفغاني ومحمد عبدة والكواكبي وسلامة موسى وشبلي شميل… وغيرهم. وحتى بعد قيام الدولة الوطنية القطرية ، بقيت المشاريع السياسية المتحفزة بفعل التلاقح الثقافي مع الغرب. والى اليوم لا يزال الشأن السياسي في غالب الأقطار العربية شأنا فكريا بالأساس تثار فيه القضايا السياسية والجدل النظري المعرفي.

 

ولعل الساحة السياسية في المغرب الأقصى باعتبارها ساحة متقدمة في هذا المجال مثال بارز على نهوض الفكري بالسياسي والسياسي بالفكري وانخراط المفكر في الشأن السياسي والسياسي في الشأن الفكري ، مما يوفر زخما من الإبداع النظري الموصول بالواقع ، وتعميقا للمفاهيم بعد المراجعة والنقد وذلك في إطار من التدافع بين الأفكار والتناظر والتلاقح والتثاقف . الذي يؤدي إلى التمايز والتفارز على أساس اختلاف الرؤى والقراءات والتأويلات والمقاربات ، ويفرز هذا الزخم الفكري وعيا سياسيا عميقا ، تعبر عنه شعارات ليست سوى اختزالا مكثفا للأفكار ولافتات للرؤى.

 

جمود الفكر وتضخم الشعار

 

والمتتبع للشأن السياسي التونسي يلاحظ جمود الفكر السياسي وضمور الأيديولوجيا التعبوية حتى فقدت الشعارات بريقها ووهجها القديم. فأصبحت الحركات السياسية ذات العمق المعرفي أحزابا وجماعات ، تحكمها إستراتيجيات وتكتيكات ظرفية أكثر من الارتباط بمشاريع مجتمعية ذات عمق فكري متناسق مع أصوله المعرفية أو منسجم مع قضايا الواقع.

 

وأقتصر الفكر السياسي للفاعلين في هذا المجال على لوائح المؤتمرات والكراريس الداخلية أو المقالات المناسباتية ، وبعض الكتيبات لرموز هذه الأطراف ، وهي أقرب إلى الإيديولوجيا التعبوية ذات النزعة الدفاعية أو الهجومية منها إلى الفكر. فتشابهت البرامج وتداخلت المفاهيم وصرنا نشهد الانقسامات والإنشقاقات على أساس لاعلاقة له بالفكر، احتضنت بعض الأحزاب أطرافا من مرجعيات فكرية وسياسية مختلفة.

 

وأصبح السياسي في علاقة مباشرة بتقلبات الواقع ورهاناته ومصالحه ، لا يحتكم إلى عمق فكري واضح. بل إن الساحة السياسية اليوم برموزها وأنصارها تفتقد إلى المبادرة الجدية في فتح حوار موسّع شامل ومفتوح حول القضايا الهامة والمصيرية ، حتى يحصل التلاقح والتثاقف والتدافع والزخم الفكري والتراكم النوعي ، الذي بدوره ينتج طفرة الوعي ويرشد السلوك السياسي وينعش الحياة السياسية فيرتقي بالمجتمعين السياسي والمدني على حدّ السواء وينشئ عقدا حقيقيا بين جميع مكوناتها.

 

وعلى العكس من ذلك تشهد الساحة هروبا من فتح هذا الباب، فتتراكم أسئلة الفكر وإشكاليات الواقع الملحة التي يحسم فيها بجرّة قلم في إمضاء على عريضة أو بيان طبقا لمقتضيات السياسوي المباشر. ولكن تلك الأسئلة الحارقة والإشكاليات تبقى مستقرة في الأذهان تفجّر الخلاف كلما جد حادث يثير الكوامن ويحرك المكبوت الفكري والسياسي.

 

بل إنك تجد نفسك في حيرة وجودية وقلق معرفي وحرج سياسي وأنت تُقدم لك عريضة للإمضاء ، تقفز بين سطور ندائها تلك الأسئلة التي لم تجد المناخ الفكري والسياسي المناسب لتمحيصها وتجذيرها في الوعي دون غبن أو تناقض أو نفاق معرفي أو تقية سياسية. وتغرق في بحر من الهواجس المعرفية أمام قضايا من نوع : السياسة والدين ، الديمقراطية والعلمانية ، العفو عن « أعداء الحرية » ، المساواة في الميراث ، إلغاء حكم الإعدام … وغيرها من القضايا المعرفية التي أصبحت لافتات سياسية .

 

فإذا كنت منخرطا بشكل مباشر في السياسوي ورهاناته ومصالحه وتحرص على أن يكون لك موطئ قدم راسخة في الساحة، وأن تكون تحت الأضواء فستجاري القيم الغالبة والسوق الرابحة والبضاعة النافقة في سوق السياسة الداخلي أو الخارجي ، وأما إذا منت من المعنيين بالسياسي القائم على تناسق السلوك مع الفكر وتوازن الذات وانسجامها الداخلي والخارجي ، ولاسيما مع الواقع فستشعر بأن ثقل الأسئلة المؤجلة والتابوات المختزلة يجثم على كاهلك الفكري والنفسي بكلكله. فتلكم القضايا التي تتخذ أداة للفرز السياسي والتصنيف والإقصاء بين الفرقاء السياسيين لا يمكن أن تحسم بإمضاء مهما كان الثقل السياسي والتاريخي للممضين أسفلها ، لأنها قضايا تمس المجتمع بكل فعالياته ومؤسساته، وتتعلق بماضيه وحاضره ومستقبله ، ويتداخل فيها العامل الديني والفلسفي والتاريخي والقضائي والحقوقي والاجتماعي والاقتصادي والعقلي والعاطفي والرمزي.

 

فكيف يريد السياسي أن يحسم تلكم القضايا المعقدة في أجواء من العقم الفكري والجدب النظري وغياب جسور الحوار، والانغلاق على المختلف ومصادمة ظواهر الواقع والتناحر بين الفرقاء من أجل السياسي المباشر ، فتشيع أجواء الدسيسة والتآمر وتفقد السياسة أخلاق السياسية ونضارة الفكر. وتكون السياسة حيث لا فكر يسندها ويكون الفكر حيث لا سياسة تجسده.

 

أي أزمة تعيشها الساحة السياسية وكيف تردى الوضع إلى هذا الحدّ ؟ سيقول لك الجميع بكل وثوقية أنه الاستبداد يكبّل العقول ويكمم الأفواه ويكبح جوامح الفكر . لقد أصبحت هذه الحجة الذرائعية ورقة التوت التي نحجب بها عوراتنا

ونعلق على مشجبها قميص عجزنا.

 

الاستبداد والفكر

 

يجدر بنا أن نتساءل ونحن في هذه الحال من جدب الفكر السياسي هل التفكير نتاج آلي للحرية السياسية أم الحرية هي ثمرة التفكير الحر؟ هل هامش الحرية والحقوق الذي يوفره نظام سياسي ما لشعبه هو الشرط الأساسي الحتمي الوحيد الأوحد للتفكير والنهوض ؟ 

 

لو سلمنا بذلك لوقعنا في تناقض صارخ مع مسيرة التاريخ التي نشأت فيها الثورات الفكرية والسياسية وحركات التحرير والتنوير والمقاومة في أجواء من الاستبداد والاحتلال وقمع الحريات . لقد أصبحت حجة الاستبداد ذريعة المهزومين فكريا والمتخاذلين سياسيا . بل كلما تفاقم الضعف الداخلي والعقم الفكري والعجز عن التطوير لدى مكونات المجتمع وفعالياته وقواه « الحية » إلا وصدّرت أزماتها الداخلية إلى الخارج لتلقي بالمسؤولية على عاتق الاستبداد السياسي أو أي عدو خارجي بشكل يرسّخ التفسير التآمري للواقع السياسي الراهن ويفوت فرص الفهم والتقييم العلمي ويعطّل شروط التجاوز ، وتتقمص الأطراف بهذا المنزع الذرائعي دور الضحية والبطل والشهيد دائما وأبدا .

 

 لا يعني ذلك أن أجواء الحرية لا تساعد على نضج البدائل وتجذ ير الرؤى ولكن غياب الحرية وتظافر عوامل الإضعاف الخارجي والتضييق لا تحد من النضال الفكري إلا إذا كان لدى تلك الأطراف القابلية الذاتية للتآكل والتردي والجمود ، وذلك عنوان أزمة داخلية وعوائق ذاتية مزمنة.  ولتأكيد صحّة زعمنا يمكن أن نضرب مثلا بالنخب الرسمية التي لا شك أنها تعيش فوق سقف التضييق الذي تشكو منه النخب غير الرسمية، فهل بلورت فكرا للدولة وفلسفة لسياساتها بعد ما يناهز نصف القرن من قيام دولة الاستقلال؟

 

النخب الرسمية وافتقاد المبادرة

 

تعد هذه النخب نفسها امتدادا للحركة الوطنية وحركة الإصلاح في تونس وبانية الدولة الحديثة ، ولكنها مع ذلك لم تستطع أن تبلور أيديولوجيا للدولة وحزب الأغلبية تعبر عن منظومة فكرية متناسقة. بل بقيت هذه النخب عرضة لتقلبات السياسي المباشر تلاحق التغيير في السياسات وتقتات فكريا وسياسيا من إنجازات أعلى هرم الدولة ومبادراته.

 

فمجلة الأحوال الشخصية مثلا لم تكن بمبادرة من حزب الدولة أو بدفع من نخبه ومثقفيه بل كانت نتاج الوعي الحاد للزعيم الراحل بورقيبة بقضايا المرأة  كما تمثّلها. وقس على ذلك السياسات الرسمية للدولة ومؤسساتها بكل ما حف بها من ملابسات لم يكن فيها غالبا للمثقفين المنخرطين في مشروع الدولة من دور سوى الإشادة والتزكية ، وإضفاء المشروعية الفكرية على تلكم السياسات بشكل بعديّ . فتكون المبادرات إفرازا « للفكر» ولا يكون زخم الفكر إفرازا للمبادرات . فتبقى سياسات الدولة دون سند فكري وعمق نظري رغم محاولات التوفيق والترميق ( bricolage )هنا وهناك.

 

وقد أنعكس ذلك على السياسة الثقافية للدولة التي تشكل خليطا عجيبا من قشور الحداثة والتغريب من ناحية ، وسفاسف الفلكلور الشعبي غير المنقّى ، وثقافة الخرافة والزوايا والأولياء وحضراتهم وخرجاتهم وزرداتهم . فأصبحت الثقافة التونسية تعيش أزمة هوية ، يعيش معها التونسي حالة خطيرة من الامتهان للذات والاحتقار للانتماء.

 

لذلك فإن مثقفي الدولة وحزبها الحاكم مدعوون اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى القيام بدور أكثر فاعلية في تشكيل الأرضية الفكرية والفلسفية للدولة ، وتحديد هويتها الراسمة لسياساتها ، خاصة ونحن في زمن العولمة وصراع الحضارات أو حوارها في مناخ من ثورة الاتصالات وتنقل المعلومة. ونخشى أن يأتي حين من الدهر على التونسي يعيش فيه بجسده في بلده وبعقله وقلبه وروحه وثقافته وسلوكه في أماكن أخرى من العالم ، يحتكم لشرائعها وثقافاتها ومنطقها في التفكير وما يخلفه ذلك من انفصام نفسي معرفي وتصادم وهزات سلوكية وإجماعية وربما سياسية. لقد أوردنا هذا المثال للتأكيد على بطلان القول بالعلاقة الآلية والحتمية بين الاستبداد وجمود الفكر ، ولترسيخ القول بان الحرية التي تصنع الإبداع هي قبل كل شيء في الذات المتفكرة ، ومدى تحررها من العوائق المعرفية كالارتهان إلى القوالب الجاهزة وعقدة الخوف من النقد والمراجعة وتحرير نزيف التفكّر والإنعتاق من الحسابات الضيقة والأنانية السياسية وضيق أفق النظر وفوبيا السلطة.

 

وإذا أردنا أن نشخص الحالة السياسية الراهنة للفعاليات الموجودة على هامش السلطة يمكن أن نلاحظ ما يلي :

 

* الانحسار الكمي وتقلص الإشعاع السياسي

* ضعف التواصل مع الجماهير

* العجز عن صياغة بدائل نظرية متجذرة في عمقها الفكري

* فشل جميع التحالفات واستحالة التوحيد تحت أي سقف كان         

 

ولقد أدى هذا الوضع المتأزم بالناشطين السياسيين إلى تحويل الوجهة نحو النضال الحقوقي ، حتى كاد يصبح الحقوقي واجهة للسياسي وجسرا للعبور إليه فاختلطت الأدوار والخطابات أحيانا وأصبحنا نسمع تصريحات ونقرأ بيانات سياسية تحت لافتات حقوقية، بل اصبح النشاط الحقوقي في بعض المواقف خاضعا للاعتبارات السياسية ومصالحها وتحالفاتها وحساباتها فضاعت بعض الحقوق وهُمّش العمل السياسي . ودون الوقوف عند المعارضة القانونية التي لا تزال تعيش في غالبها أزمة هوية بفعل سياسة الوفاق أو المساندة النقدية…يمكن أن نتحدث عن إستراتيجيتين تسودان الساحة السياسية الراهنة في تونس تشكوان من عوائق ذاتية تحول دون تطوير الفكر السياسي.

 

إستراتيجيا اليسار والعلمانيين الصفويّين

 

لقد عجز هذان التياران عن إيجاد تناسق بين المسلكية السياسية المتبعة والأصول النظرية المتبناة، فقد تبنى اليسار أغلب شعارات الليبرالية التي حاربها في السابق . واستعاض عن شعار الديمقراطية المركبة ودكتاتورية البروليتاريا بشعارات تنتمي إلى قيم سياسية وفضاء فلسفي مغاير دون سابق مراجعة أو إعلام لذلك تراكم القديم على الحديث واختلطت الحقول الدلالية والمعاجم السياسية وأصبحنا نشهد فوضى معرفية تتجسّد في خطاب عجيب تختلط فيه المرجعيات .

 

 أما العلمانية الصفوية التي تتلمذت على المدرسة الفرنسية المتطرفة فلا تقل عن سابقتها تأزما ، فهي تعيش أزمة أخلاقية معرفية جعلتها تنكص على قيم التنوير التي أفرزت الديمقراطية الغربية. واصبح أصحاب هذه النزعة يرفعون شعارات مناقضة لتلكم القيم من قبيل : لا حرية لأعداء الحرية ، وليست كل الحقوق لكل الناس.

 

ويستبطن هذان التياران الخوف الرُهابي من « الغول الإسلامي أو المارد المنتفض من رقاده » ويستشعرون الخطر الداهم الذي يهدد وجودهم لذلك تراهم يطلقون صيحات الفزع والاستغاثة. ويمكن أن نصنّف هذه الحالة العصابية ضمن ما أصبح يسمّى« بفوبيا الإسلام » (islamaphobie ) وهو مرض نفسي أصبح متفشيا في الغرب منذ 11 سبتمبر2001 .

 

 

وتقوم إستراتيجيا اليسار والعلمانية الإستئصالية على إستثمار أخطاء الإسلاميين في الداخل والخارج لتخويف المجتمع والدولة والنخب والمنظمات الحقوقية العالمية وكل من يهمهم أمر تونس من الخطر الداهم الذي يتهدد الحريات وحقوق الإنسان والمكاسب التي حققها مناضلو الحرية . ويجهدون في إقناع نظرائهم بأن ما يدعيه الناشطون والمثقفون الإسلاميون من تبن للنهج السلمي الديمقراطي المدني والانخراط في المسار الإصلاحي التنويري إنما هو قناع سرعان ما ينقشع . فبمجرد أن يتمكن هؤلاء من موقع حتى يسفروا عن  » وجوههم القبيحة ويكشروا عن أنيابهم الزرقاء  » لإعلان الدولة الدينية والحجر على الفكر المخالف، ونصب المشانق والمقاصل وحبس المرأة في غرف الحريم.

 

وهي صور كاريكاتورية كوارثية تكشف عمق الأزمة المعرفية والأخلاقية لهؤلاء الذين يعيشون خارج التاريخ بينما العالم حولهم يتطور بنسق سريع . وتراهم يفبركون الصراعات الوهمية ويفتعلون القضايا المسقطة على الواقع لتهميش أي مسار يمكن أن تستفيد منه البلاد بالإضافة إلى الإسلاميين . وبالتالي نفوت على أنفسنا بسبب هذه العقليات وعلى المجتمع فرص التطوير الفكري والسياسي والبناء المعرفي المتوازن.

 

إستراتيجيا الإسلاميين

 

أما الإسلاميون أو ما يمكن أن نصطلح على تسميتهم بالشتات الإسلامي فلم يعودوا يمثلون كتلة سياسية متجانسة . فقد تحرروا من ربقة التنظم طوعا أو قسرا ، وتزايد لديهم الوعي بالاستقلالية وأصبح الحرص على المشاركة في الحياة العامة لدى بعضهم من منطلق القناعة الذاتية والهم الشخصي.

 

وتقوم إستراتيجيتهم بشكل تلقائي على إبراز الانتهاكات التي تعرضوا لها وذلك برواية تفاصيلها المفجعة وحكاياها المحزنة. ولكنهم يحرصون على إثارة عقدة الذنب لدى نظرائهم الذين بقوا متفرجين أو مشاركين في تلكم السياسات التي استهدفتهم. ويعملون على الإقناع بان ضيق هامش الحريات ومؤامرات الإستئصاليين ونكوص السلطة عن وعودها هو الذي قاد البلاد إلى هذا المصير. وبذلك يصدر الإسلاميون أزمتهم السياسية والمعرفية وعوائقهم الذاتية إلى الخارج، ويستعذبون لعب دور الضحية وينسون أو يتناسون أنهم طرف أساسي في تضييق هامش الحريات ونزوع السلطة إلى الحل الأمني ، وذلك بركوبهم نهج المغامرة السياسية والاستجابة لاستدراجهم إلى المواجهة والصراع العنيف .

 

ويتعلل الإسلاميون كغيرهم بالاستبداد لتبرير الخلود إلى النوم والراحة والقبوع تحت زاوية الظل وعدم تجاوز عقدة الخوف الرهابي للمشاركة من جديد في إثراء الساحة الفكرية بالمراجعة والنقد والتحرر من مخلفات التجارب السابقة بهياكلها ورموزها وخططها . وإقناع الجميع دولة وشعبا ونخبا بجدوى وجود تيار إسلامي وسطي عقلاني وطني وتقدمي يستأنف حركة الإصلاح والتنوير التي توقفت مع خير الدين وسالم بوحاجب والطاهر بن عاشور والثعالبي والحداد وغيرهم.

 

إن الرهان على التيار العروبي الإسلامي الديمقراطي والوطني يزداد يوما بعد يوم.

 

وهو مطلب ملح في عصر أصبح فيه الصراع الدولي حاملا لكل أبعاده الحضارية الثقافية والدينية والتاريخية واللغوية والمعرفية والوجودية . فضلا على أن غياب الإسلاميين ترك الساحة مرتعا لألوان من التفكير الديني الشاذ والغريب عن البيئة الثقافية الإسلامي التونسية وتجانسها المذهبي والعقائدي وانفتاحها الفكري منذ حركة الإصلاح الأولى.

 

فامتلأ الفراغ بنزعات سلفية تكفيرية حرفية في تمثلها للدين ، أو دعوات شيعية عقائدية مذهبية تعمل على إعادة إنتاج صراعات الماضي السحيق بكل ملابساتها التاريخية وإسقاطها على اللحظة الراهنة . أو تنامي التصوف الطرقي الدراويشي الذي حرّف التصوف الإسلامي عن أصوله إلى جانب الجماعات الدعوية التبشيرية (proseletistes ) ذات الخطاب السطحي التبسيطي والوعي اللاتاريخي .

 

إن الرهان على تجديد الفكر وبناء المعرفة يتزايد إلحاحا يوما بعد يوم، خاصة بعد أن تبين أن السياسوي المرتهن إلى المباشر اليومي قتل السياسة والفكر والأخلاق وأصاب الساحة بالجمود والعقم والجدب حتى كدنا نقتنع بما أشار إليه الأستاذ صلاح الدين الجورشي  » من موت للنخبة التونسية » . إن التعلل بالاستبداد والأعداء الوهميين لتبرير العجز مردود بدلائل الواقع . فقد بقيت الساحة طيلة أكثر من عشرية خالية من كل حراك سياسي أو صراع فكري ، وعجزت النخبة التقدمية كل هذه السنوات عن إثراء المكتبة التونسية بالزاد المعرفي في المجال السياسي أو الثقافي وتمسكت فقط بالقــشور. وهي فرصــــة ثمينة ضاعت لا توفرها الأقدار مرات متعددة لأخذ الدروس والعبر.

 

إن الإبداع والتطور لا ينشأ إلا وسط أجواء التدافع والتلاقح والتناظر والحراك. وإذا لم تجد لك منافسا يطارحك السياسة والفكر فعليك أن تصنعه وتٌجده لتبقى على حراكك متجددا ، وتضمن حياتك وإلا فإنه الجمود والموت . لذلك فلتعرض الساحة نهائيا عن دعاوي الإقصاء والتناحر والحقد والكراهية قبل أن تذرو الرياح الجميع على مسار التاريخ المتقدم .    

 

(المصدر: العدد 238 من جريدة « الموقف » التونسية بتاريخ 14 نوفمبر 2003)  

 


بسم الله الرحمن الرحيم

دفاع الشيخ ابن باز عن الاسلام وأهله في تونس

بقلم : الشيخ راشد الغنوشي

الرجال العظام في حياة الامم يشبهون الشمس في امتداد وعمق نفعها. وما من شك في أن  العلامة المجاهد الشيخ ابن باز كان أحد أبرز الشموس التي طلعت على الامة في هذا القرن ليس فحسب بما أحيى من دارسات عقائد الإسلام وشرائعه وآدابه وبما أمات وطارد من بدع وضلالات، فجهده في ذلك معتبر مقدر، غير أن الرجل لم يكتف بالمهام المعروفة للعلماء من تأليف وتدريس وفتيا بل ظل إلى جانب ذلك طوال عمره المديد -أجزل الله له المثوبة- يتابع عن كثب أحوال العالم الإسلامي وما يجري فيه من تطورات وما يدور فيه من صراعات بين القرآن والعلمانية، بين الدعاة والطغاة فينخرط بكل ثقله في كل معركة الإسلام طرف فيها منتصرا للقرآن والسنة داحضا مذاهب الكفر والضلالة على اختلافها ذابا بكل ما أوتي عن الدعاة كلفه ذلك ما كلفه لا يلقي بالا لمنزلة هذا الذي يتورط في النيل من الكتاب والسنة رئيسا كان أم مرؤوسا مشهورا كان أم مغمورا بل إن حملته على المتورط تشتد بقدر ما تعلو منزلته في الرئاسة والشهرة محذرا إياه من غضب الله مهددا ومنذرا، ولكن دون أن يحمله غضبه على النيل من شخص المخالف والحط منه أو تملقه فهو يتلطف ويبالغ في اللطف ولكن في غير أدنى مجاملة أو مواربة. ورغم أن الرجل يعتبر أهم رموز المدرسة السلفية المعاصرة المعروفة بتشدد موقفها العقدي والفقهي في مسائل كثيرة كالبدع وفي النظر إلى المدارس والمذاهب المخالفة إلا أن الشيخ ابن باز اشتهر مع ذلك بالإنصاف وشدة التحري ورفض الاستدراج إلى النكير دون بينة جلية مع الحرص على التماس العذر للمخالف وإقامة الحجة قبل الإعلان والتشهير. وإن مجرد وجود غلبة ظن أو يقين أن للمخالف حجة أو شبه حجة أو تأويل وإن يكن ضعيفا فإن ذلك كاف لحمل الشيخ على احترامه وإيفائه حقوق الاخوة العامة في الدين كالنصح والنصرة والإكرام، وهو ما جعل من الشيخ حصنا للدعوة الإسلامية ومحضنا دافئا لحملتها مهما تباعدت بهم الأمصار وتوزعتهم الاجتهادات. وحتى ندلل على مقالتنا هذه بمثال تطبيقي نكتفي بحديث مختصر عن جهد الشيخ رحمه الله في نصرة الإسلام ودعاته في تونس.

 في عنق كل مسلم تونسي دين لابن باز رحمه الله :

لقد ابتليت تونس بعد قرون طويلة من عز الإسلام وازدهار حضارته في أرضها عبر منارتيها جامع عقبة بالقيروان وجامع الزيتونة وتحولها قلعة لانطلاق فتوحاته في اتجاه أوروبا وإفريقيا، ابتليت بالاحتلال الفرنسي الغاشم الذي صمم على تهميش الإسلام ومؤسساته وزرع البديل الفرنسي عنهما، ولم تلبث تلك السياسة أن آتت أكلها إذ تخرج جيل تونسي الجلد فرنسي الهوى سرعان ما تمهد أمامه السبيل لافتكاك زمام الحركة الوطنية من الأيدي الزيتونية المتوضئة بعد أن نجح في خداع الناس بما أبداه من غيرة دينية مصطنعة.حتى إذا تمكن بزعامة بورقيبة كانت أولى قرارات دولة الاستقلال الإقدام على ارتكاب ما لم تجرؤ عليه فرنسا نفسها من غلق جامع الزيتونة الشهير ومصادرة القضاء الشرعي وتأميم الأوقاف التي كانت تمثل ثلث الملكية في البلاد مخصصة لخدمة التعليم الإسلامي والنفع العام وكذا الإجهاز على شرائع ثابتة في مجال الأسرة كتحريم التبني والتهجم على فريضة الصيام والوعد بإصدار قانون يسوي بين الأبناء الذكور والإناث في الإرث بزعم حق أولياء الأمور أن يطوروا الأحكام بحسب تطور مفهوم العدل ونمط الحياة [تونس، الإسلام الجريح ص49].ولم تتوقف حملة بورقيبة على الإسلام وعقائده وشرائعه عند هذا الحد بل بلغ اجتراؤه وهو يحاضر الطلبة حول تاريخ كفاحه ما كان ينقل على الهواء مباشرة حد رمي القرآن الكريم بالتناقض والسخرية بالجنة والنار وبشعيرة الحج [جريدة الصباح التونسية 21 مارس 1974]

لقد هالت ابن باز هذه الجراءة على أركان الإسلام من قبل رئيس دولة إسلامية طالما صفق له العالم الإسلامي خلال كفاحه لتحرير تونس من الاستعمار وعقد عليه الآمال العراض في استعادة العزة الإسلامية. فلم يلق بالا للاعتبارات الدبلوماسية وجرد قلمه لمجادلة رئيس الدولة الإسلامية المذكور موقفا له أمام فداحة ما اقترف مما هو كفر صريح داعيا إياه في غير مواربة إلى إعلان توبته.

ولم يكتف الشيخ ابن باز من موقعه كرئيس للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بإصدار فتوى في هذا الشأن كما فعل عدد من أهل العلم والفتيا في العالم الإسلامي مثل الشيخ حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية والشيخ أبي الحسن الندوي والشيخ عبد الله بن حميد والأستاذ محمد المجدوب والشيخ عبد الله المطوع والشيخ عصام العطار والشيخ عبد الله إبراهيم الأنصاري الذين اعتبروا تصريحات بورقيبة المذكورة ردة عن الإسلام وترديدا لافتراءات المستشرقين ودعوه للتوبة ودعا بعضهم مثل الشيخ عبد الله المطوع الجامعة العربية إلى تشكيل محكمة لمحاكمته وقطع العلاقات معه،لم يكتف الشيخ بذلك بل أصدر كتابا ناقش ودحض فيه ضلالات بورقيبة واتهاماته للقرآن الكريم بالتناقض والاشتمال على الخرافات ووصفه للنبي عليه السلام بأنه إنسان بسيط يسافر كثيرا في الصحراء ويستمع للخرافات السائدة التي نقلها إلى القرآن، وأن المسلمين ألهّوا النبي!!! .وقد انتهى الشيخ بعد دحضه لهذه الترهات بأدلة العقل والنقل إلى إصدار فتوى بردة بورقيبة وزندقته وأرسل إليه داعيا إياه إلى التوبة النصوح وإعلانها بطرق الإعلان الرسمية وتأكيد الاعتقاد الإسلامي الصحيح.

ثم إن الشيخ رحمه الله تداول الرأي في هذا الشأن الذي أقض مضجعه مع عدد من كبار أهل العلم والفتيا فأجمعوا على خطر هذه الافتراءات على الإسلام تصدر عن رئيس دولة إسلامية فقرروا مراسلة بورقيبة جماعيا لدعوته إلى المبادرة بالتوبة مما نسب إليه وإعلان عقيدته الصحيحة في الله سبحانه ورسوله عليه السلام وكتابه واليوم الآخر. وقد أمضى  الرسالة إلى جانب ابن باز العلامة أبو الحسن الندوي والشيخ حسنين مخلوف وأبو بكر محمود جومي مفتي نيجيريا والدكتور محمود أمين المصري.

ولقد تلقى الشيخ ابن باز رحمه الله من طريق سفير تونس بالمملكة رسالة من ديوان بورقيبة كتبها الشاذلي القليبي يشكر الشيخ على نصحه ويذكره بكفاح بورقيبة من أجل الإسلام وتضمن دستور تونس أن الإسلام دين الدولة، فاعتبر الشيخ أن ذلك لا يكفي وشدد في مطالبة بورقيبة بإعلان توبة رسمية صريحة وأن في عدم إعلان ذلك دليلا على وقوعه والإصرار عليه. لم يكتف الشيخ رحمه الله بهذه المراسلات لبورقيبة داعيا إياه إلى التوبة بل بادر لمّا عرف منه المراوغة والإصرار فلا هو أنكر صدور تلك الضلالات عنه ولا هو رضي بالتوبة منها بادر الشيخ بتأليف كتاب ضمنه تلك المراسلات ومناقشاته الداحضة لتلك الضلالات ثم دفعه إلى الطباعة وأذن في نشره وتوزيعه على الحجاج مجانا في عشرات آلاف من النسخ لتوعية المسلمين بخطر التطاول على حرمات الإسلام وتحصين الأمة من هذه الضلالات وردع أصحابها ومحاصرتهم بسلطة الرأي العام. وذلك هو الواجب الشرعي مع مرتكب الكبيرة إذ يستعلن بها ويصر عليها فلا يبقى غير واجب التشهير به والتحذير من ضلاله. وذلك ما صار إليه الشيخ مع رئيس دولة تتبادل معها المملكة التمثيل الدبلوماسي فلم يبال الشيخ بما يمكن أن يسببه ذلك من إحراجات لا سيما والشيخ الذي يقود هذه الحملة يتبوأ في الدولة موقعا رسميا وقتها:رئاسة الجامعة الإسلامية، ولكن الحق أحق أن يتبع، وإنما ساد الإسلام بمثل هذا الصنف من الرجال الذين نذروا حياتهم لله إحقاقا للحق وإبطالا للباطل.

ماذا أثمرت جهود الشيخ؟

صحيح أن بورقيبة لم يعلن توبة ولا هو تراجع عن ضلالاته ولكن هذه الحملة حالت على الأقل دونه والمضي قدما في نقض المزيد من أحكام الشريعة حتى تلك التي أعلن عزمه على نقضها مثل أحكام الميراث، كما أن حملة الشيخ على ضلالات بورقيبة لا سيما بعد نشر تلك الفتاوى في كتاب وتوزيعه على نطاق واسع خلال موسم الحج كان له أثر هام على صعيد الرأي العام بتونس حيث انتشرت نسخ كثيرة من الكتاب في البلاد وتداولتها الأيدي ودارت حولها أحاديث كثيرة بين الناس ولا سيما في وسط العلماء الذين تقوى جانبهم وتعزز بوقوف كبار علماء الإسلام إلى جانبهم. فلا عجب بعد ذلك أن مثلت تلك الفتاوى بذرة مهمة في الأرض التونسية إلى جانب بذور أخرى لن تلبث أن تتفتق عنها خلال سنين عددا الصحوة الإسلامية المعاصرة في نهاية الستينيات. وهو ما يذكر بالدور الذي تقوم به –وقد تعرض التدين في تونس لاجتياح علماني أشد- دروس الشيخ القرضاوي بارك الله له في عمره. في هذه السنين العجاف بتونس.

ابن باز يرعى النبتة المباركة:الحركة الاسلامية في تونس:

كان من الطبيعي أن لا تمر استهتارات بورقيبة بالإسلام التي بلغت حد تحديه الصيام باحتسائه شرابا في نهار رمضان على ملإ من الناس ودعوتهم للتأسي به بزعمه مقاومة التخلف دون رد فعل في بلد سلخ في الإسلام القرون الطوال قلعة عظيمة من قلاعه بل سرعان ما اهتزت الأرض وربت وأنبتت جيلا من الشباب تربى في قصر فرعون ما عتم أن اكتسح قلاع اللائكية وألجأها إلى أضيق الطريق. وصبر بورقيبة للوهلة الأولى حاسبا الأمر طيش شباب وسحابة عابرة مطمئنا إلى أن عمله قد حسم أمر الإسلام إلى الأبد وما هي الا بقايا يحاصرها التطور، لكنه عندما استيقن أن الأمر جد وأن عدوه لم يقض بل هو في نمو متعملق استدار إليه مغلقا بسرعة ملفات العداوات الأخرى معتبرا إياها ثانوية وأعلنها حربا لا هوادة فيها على الإسلام ودعاته. وكان حصاد الجولة الأولى سنة 1981 حوالي 500 من دعاة الإسلام سيقوا إلى السجون وسيموا العذاب، واستأنف بذلك هجمته على رموز الإحياء الإسلامي التي استهان بأمرها لأمد مثل الحجاب الذي بدأ بورقيبة قصته معه منذ وقت مبكر إذ كتب في الثلاثينيات مدافعا عنه في وجه الاحتلال الفرنسي معتبرا إياه رمزا من رموز الذاتية التونسية حتى إذا جاء الاستقلال قلب ظهر المجن. وفي سياق الحرب على الإسلام وتهميش رموزه جاءت حربه على الحجاب فخطب في جمهور كبير محرضا على السفور ودعا إلى المنصة متحجبة ومزق أمام الملإ حجابها فضجت القاعة بالتصفيق، وبذلك انتهى أمر الحجاب حتى ظهر مجددا في بداية السبعينيات فاستأنف بورقيبة الحرب عليه مع أول مواجهة للحركة الإسلامية إذ أصدر قانونا (رقم 108) يحظر فيه ارتداء الحجاب في المدارس وفي سائر المؤسسات الرسمية. وكان تطبيقه يشتد أحيانا ويتباطأ أحيانا أخرى حتى إذا تولى الأمر خليفة بورقيبة تم تطبيقه بشكل حديدي حتى لوحق داخل البيوت ذاتها وصدت المتحجبات حتى عن دخول المستشفيات للعلاج والوضع وحظر حتى على سيارات الأجرة حملهن.

ولقد وجد طلبة العلوم الإسلامية من التونسيين كما وجد مهاجرو الحركة إلى المملكة أجمل الرعاية من طرف الشيخ ابن باز ولم ييأس من مكاتبة القائمين على السلطة التونسية يذكرهم بحقوق الإسلام عليهم. وعندما استبد ببورقيبة سنة 1987 تعطشه للانتقام والارتواء من دماء زعماء الحركة الإسلامية إذ أعطى أمره خلال المحاكمات التي كانت تجري لقيادتهم (حوالي مائة كما شملت حوالي عشرة آلاف من قواعدهم) بإصدار أحكام إعدام على ثلاثين منهم. لقد كانت أياما عصيبة عاشتها البلاد وعاشها الضمير الإسلامي في كل مكان معلقا بين الخوف والرجاء، وكان مهاجرو الحركة بالمملكة يجأرون بعد الله إلى الشيخ فينقلون له الوقائع أولا بأول حتى إذا كانت ليلة إصدار الأحكام ذهبوا إليه عند منتصف الليل ناقلين إليه خوفهم من صدور أحكام إعدام عند الفجر وتنفيذها حالا وحذروه من مغبة حصول مكروه هو قادر على دفعه لو أنه بذل كل جاهه فحرض المسؤولين على التدخل فلم لا يفعل؟ فامتقع وجه الشيخ ورفع سماعة الهاتف طالبا مخاطبة أحد المسؤولين الكبار في المملكة في تلك الساعة المتأخرة وحرضه على التدخل حالا لدى بورقيبة، مثيرا لديه حميته الإسلامية والعربية فأجابه لبيك. وأعطى في الحال أمره -جزاه الله خيرا- بالاتصال ببورقيبة حتى إذا جاء الجواب أنه نائم ترجى إيقاظه فالأمر جلل.

الثابت أن الشيخ لم يدخر وسعا في الدفاع والذب عن الإسلام وأهله وبذل أقصى الوسع في ذلك أكان ذلك زمن بورقيبة أم زمن خليفته الذي كانت هجمته أشد وأعتى إذ لم تستهدف مجرد إضعاف الكيان أو ردعه كما حصل زمن بورقيبة وانما استهدفت الاستئصال وتجفيف ينابيع الإسلام، فلم يدخر الشيخ وسعا في هذه المرحلة من التدخل لدى أعلى سلطة في البلاد ممثلة في خادم الحرمين ذاته شفاه الله طالبا إليه بإلحاح أن يستشفع لدى حاكم تونس في الدعاة الذين كان يعلم الجميع خلال محاكمات 1992 أن خمسين رأسا منهم  مطلوبة بإصرار للإعدام ولم يخيب خادم الحرمين-شفاه الله- رجاء الشيخ الذي كان يحظى لديه بكل تقدير وإجلال لا يكاد معهما يرد له طلبا. ومرة أخرى يشاء الله أن يمد في عمر الدعاة سواء أكان ذلك لهذا السبب أم لغيره فالآجال بيد الله. ولقد كتب الله لآلاف من دعاة الإسلام أن يمتحنوا بما امتحن به يوسف ولا يزالون في ظروف عصيبة ينتظرون رحمة الله ثم الدعم من الضمائر المؤمنة ضغطا على السلطة لصالح إطلاق سراح الإسلام والمسلمين كرفع الحظر عن الحجاب والمسجد، وذلك كما فعل تلاميذه من العلماء أئمة الحرمين وقادة الدعوة الإسلامية أمثال الشيخ سلمان العودة والشيخ ناصر العمر والشيخ سفر الجوالي والشيخ سعيد ابن زعير والشيخ ابن جبرين وغيرهم من علماء المملكة والجزيرة قلعة الإسلام الأولى -جزاهم الله عن الإسلام وأهله في تونس كل خير- وذلك متابعة لجهود فقيد الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد المحتسب الشيخ ابن باز أجزل الله المثوبة وأسكنه أعالي الجنان وخلف فيه المملكة وذويه وأمة الإسلام ولا سيما شعب تونس خيرا. 

 

(المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 15 نوفمبر 2003)


يكلموننا من وراء الحجاب والجلباب: هل عادوا؟؟

 

بقلم: سليم الزواوي

 

إطلاق اللحى وارتداء الجلباب وانتشار الحجاب يعكس مشهدا سيميولوجيا قابلا لقراءات شتى، ولعله يثير مخاوف عديدة عند البعض بقدر ما يبعث على الابتهاج المكتوم عند البعض الآخر. وهذا التفاعل الاختلافي ازاء الظاهرة يكشف بدوره عن وعي شقي يخترق النخبة والمجتمع وحتى السلطة ذاتها في بعض المستويات.

هل نحن إزاء مد جديد للتيارات الدينية يوازيه تراجع ملحوظ في الوعي التقدمي والسلوك العقلاني والذهنية الحداثية المستنيرة، ألا يعبر ذلك عن فشل وتهافت الخطاب الديني عندنا وكذلك الخطاب العلماني والتقدمي، وأخيرا الا تؤكد هذه الظاهرة قشرية التحديث الذي تعرض له المجتمع في مقابل صلابة البنى الثقافية التقليدية التي ظلت الى حد الآن بمنأى عن مطارق التفكيك وإعادة الحداثة.

الحجاب بلغة الدرس السيميائي دال او علامة قابلتان للتعريف في مدلولات متعددة طبقا لاستراتيجية القراءة ورهانات التأويل، فاذا كانت القراءة تنهل من المرجع السياسي فانها ستذهب حتما الى أن وراء الحجاب اسلام سياسي ينتعش من جديد ويشق طريق العودة الى الساحة التونسية محمولا على مشهد سوسيولوجي ينضح بصوره ويشهد على وجوده ويشرعن لكل الخطابات التي تتخوف منه أو تزدلف اليه.

وبالعودة الى أصل الموضوع، يمكن القول ان الدين مكوّن رئيسي من مكونات المجال الاجتماعي في تونس ويأخذ تعريفه في الواقع أشكالا متعددة. وهذا التعدد في أشكال التدين يعاش في بلادنا بعيدا عن حقول الدراسة الميدانية والاكاديمية والمتابعة التنظيرية والإعلامية أيضا. الأمر الذي تبدو معه للحس المشترك ان تمظهرات التدين العيانية تبرز في أشكال مفاجئة ومثيرة كأنما لا تمر كغيرها من الظواهر الاجتماعية بمسار من التطور الذاتي والموضوعي وتنبثق في المجال كطفرة ناشزة في سياق اجتماعي منصرف عنها لا مبال بها.

بينما الحقيقة تقول بأن التدين ظاهرة اجتماعية وثقافية تنشأ وتتطور وتتحول في سياق اجتماعي وظرف حضاري وصيرورة تاريخية تتطلبها وتفرزها كأي ظاهرة أخرى تنتظمها قوانين وتحكمها محددات وتفرضها اكراهات وتحديات كاستجابة اجتماعية عفوية أو واعية كتحد سالب أو موجب في مواجهة ما تواجهه الكينونة الاجتماعية.

ان المجتمع ليس موطنا للقداسة والطهورية وكل ما يصدر عنه من استجابات في مجابهة المخاطر والتحديات ليس بالضرورة ان تكون مطابقة للحلول الموضوعية، فالحس المشترك ينفعل بالواقع ولا يعقله ويستشعر المشاكل ولا يحيط باشكالياتها وخلفياتها وقد يتلمس الحلول ولا يدركها، فالقصور سمة بنيوية في طبيعة المجتمعات ومن هنا حاجتها الدائمة للنخب والساسة والحكماء.

هذه المقدمات النظرية كانت ضرورية لبلورة رؤية أوضح لمشكلة الحجاب وما يستدعيه من خلفيات وتداعيات مسكوت عنها في الغالب، الامر الذي انجر عنه تطوع الكثيرين باقتراح حلول لمشكل لم يقع تشخيص اسبابه الحقيقية وجذوره الاصلية ومن دون ان يسبق ذلك حوار وطني يستقصي الظاهرة ويحتوي مغذياتها وعواملها التحتية.

فالمقاربة الحقوقية التي تدافع اليوم عن الحجاب من منظور فرداني انما تتجاهل المحمول الرمزي لذلك اللباس وما ينطوي عليه من امكانيات التوظيف الايديولوجي والاستثمار السياسي ولعل جهود أصحاب هذه المقاربة سواء وعوا ذلك أم لم يعو قد يكون مآلها أن تصب في طاحونة التيار الاصولي الذي ينظر الى الحامل الاجتماعي للحجاب او الجلباب كقاعدة اجتماعية محتملة او مرشحة للالتحاق بالتيارات الدينية وحدانا وزرافات.

ومن جهة أخرى فان المعالجة الامنية تبقى كما أثبتت على الدوام وفي كل الساحات محدودية نتائجها لانها تنصب على ملاحقة التمظهرات السطحية للظاهرة من دون النفاذ الى مغذياتها الراسبة في عمق الثقافة الدينية المتخشبة وغير المعرّضة للنقد الجذري والتجديد المطلوب.

ان ما يجعل قضية الحجاب والجلباب مثيرة لكل هذا الجدل هو انطواءها فعلا على أبعاد تتجاوز مجالها الحقوقي الفردي لتشتبك مع حملة الاشكاليات المعلقة والمحفوفة بسياج من الصمت القسري او الطمأنينة الزائفة، فالخطاب الديني الذي ترعاه احتكاريا أجهزة السلطة وأدواتها الايديولوجية أثبت الى حد الآن قصورا فاضحا أمام سطوة الخطاب الوهابي الذي تبثه الفضائيات كما ان عزوف النخب التقدمية وانصرافها غير المبرر عن المساهمة في تفكيك النواتات الصلبة من الثقافة الدينية السائدة والتصدي لمهمة اعادة بناء وعي مستنير للمسألة الدينية ينهي حالة الفصام النكد بين مقتضيات الانتماء للعصر وبين مستلزمات التملك الواعي واليقظ للجوانب المضيئة من تراثنا العريق وتقاليدنا الدينية.

كل ذلك كان من بين العوامل المهمة في ارتكاس فئات متزايدة من الشباب التونسي وتهافتهم ضحايا جدد في قبضة الاستلاب الديني الذي يجدون فيه ما يلبي حاجاتهم للتعبير الاحتجاجي ضد واقع لا يشاركون في صنعه بقدر ما يتعرضون لاكراهاته ويتذمرون من سلبياته وضغوطاته.

هكذا يبدو لنا السلوك اللباسي المتمثل في الحجاب والجلباب مجرد استجابة وهمية وخاطئة لتحديات حقيقية وملموسة. فانجراحات الهوية المشروخة وتصدع أركانها أمام استحقاقات الاندماج في برنامج العولمة، وضعف التنمية الاقتصادية وعجزها المزمن أمام الطلب المتزايد على موارد الشغل من قبل فئات متنامية من الشباب المثقف ونصف الامي، كل ذلك لا يمكن الا ان يدفع الجزء اليائس من شبابنا الى الاحتماء الشكلي بالحبال التي تصلهم بالسماء بعدما فترت دواعي تمسكهم المشروع بالارض والحياة.

ان الوعي بالارضية الاجتماعية التي يخاض على جغرافيتها وفوق تضاريسها الاشتباك الحاصل حول مسألة الحجاب والجلباب وما يستتبعها من حديث حول الموقف من الهوية والمسألة الدينية لا يحجب عنا الانتباه للبعد الثقافي الذي يشكل الاطار الرمزي لكل ممارسة اجتماعية. فالحجاب او الجلباب ليس مجرد لباس حتى من زاوية من يلبسونه ويدافعون عنه. وانما هو رمز لمنظومة قيمية يجسد انحيازا ايديولوجيا ضد منظومة مغايرة. وهذا ما يجعله بالفعل عنوانا صارخا على انقسام اجتماعي وفتنة ثقافية خصوصا وان حاملي هذا النوع من اللباس لا يخفون استبطانهم لنظرة طهورية للذات وتأثيمية للآخر فضلا عما يسكنهم من نزعة تبشيرية تحملهم على دعوة الاخرين لاحتذائهم والاقتداء بهم زيا وسلوكا ومعتقدا.

ومهما يكن من أمر فان كان هذا التدين الشكلي يعبر عن انبثاقة عفوية من قاع المجتمع فان رواج الحجاب والجلباب على هذا النحو انما يعكس روحا محافظة باتت تسري في مفاصل مجتمع اجتاحته مظاهر العولمة واستحقاقات الاندماج في ديناميكيتها اللاهثة والمنفتحة على المجهول فانحازت فئاته الأكثر هشاشة وضعفا الى خيار الممانعة الثقافية باسلوب يعجز عن الاستيعاب والمواكبة فيميل الى المقاومة السلبية لكل وافد وجديد. اما اذا كانت للظاهرة خلفيات غير التي ذكرنا فلا شك انهم هم يكلموننا من وراء حجاب وجلباب. واذا عادوا عدنا.

 

(المصدر: العدد 358 من صحيفة الوحدة الناطقة باسم حزب الوحدة الشعبية الصادرة يوم 14 نوفمبر 2003) 


أميركا والديموقراطية في العالم العربي

بقلم: الأستاذ أحمد نجيب الشابي (*)      

 

تعاملت الأوساط الرسمية في بلداننا مع خطاب الرئيس بوش عن الديموقراطية في العالم العربي إما بالاستنكار أو التجاهل. ومفهوم أن تشعر الأنظمة العربية بالحرج إزاء هذا الخطاب وقد حملها المسؤولية الأولى والأخيرة عن تأخر مجتمعاتها في عالم يتحرك إلى الأمام رافضاً الذرائع الدينية أو الثقافية التي تساق أحيانا لتفسير « الاستثناء الشرق الأوسطي » في مجال السير نحو الديموقراطية، كما رفض الفكرة القائلة بعدم نضوج شعوبنا لإستئهال الديموقراطية مؤكداً بأن الديموقراطية ليست جائزة تستحق بالاستجابة لبعض المقاييس الغربية وان الممارسة العملية هي الطريق المؤدية إلى إقرار الديموقراطية ذاتها.

 

شعرت أوساط المعارضات العربية هي الأخرى بالحرج إزاء هذا الخطاب، فهو يؤكد من جهة حقائق ومبادئ تؤمن بها. أولها أن غياب الديموقراطية هو علة الإخفاق في وطننا العربي وان الظلم والاضطهاد قد حبسا شعوبنا وشلاّ طاقاتها المبدعة وأعاقاها عن اللحاق بشعوب العالم المتقدمة، وثانيها أن الإسلام براء من هذا التخلف، وثالثها انه لم يعد بإمكاننا أن نحمل الاستعمار أسباب فشلنا بعدما رحل عن ديارنا منذ نصف قرن وخلف وراءه مكاسب في ميدان التنمية السياسية أحزاباً ونقابات وصحفاً وجمعيات مختلفة تولت حكوماتنا المستقلة مهمة تصفيتها باسم الوحدة الوطنية والتنمية ومقتضيات تصفية الاستعمار ومقاومة الصهيونية فأقامت نظما تنافست في فنون القهر والإذلال وخلفت العجز والفشل والدمار.

 

ولكن المعارضات تشعر من جهة أخرى بان هذا الخطاب جاء على لسان رئيس دولة مارست من الاستبداد ومن وسائل القهر والانفراد بالقرار في الحياة الدولية ما ينزع كل مصداقية عن كلامه حول مبادئ العدل والمساواة والحرية والحد من سلطة الدولة والعسكر وإتاحة سبل المشاركة لمجتمع مدني متعدد وفاعل وعن ضرورة أن تعبر الحكومات عن إرادة شعوبها لا عن إرادة النخب الحاكمة. ثم أنها تشعر فوق ذلك بأن حال الاحتقان في الشارع العربي تجعل من الديموقراطية مسألة تتعارض مع المصالح الأميركية على المدى المتوسط على الأقل، اذ أن صناديق الاقتراع ستفرز بالضرورة قوى راديكالية تعزز المعارضة الدولية لمصالح أميركا وأن أميركا البراغماتية ستقدم بلا شك مصالحها القومية على يوتوبيا الديموقراطية ومبادئها السمحة. لكن الشعور بالحرج لن يقدم المعارضات كثيراً وهي المطالبة بالتقاط كل جديد وتوظيفه في مسعاها لإقامة الديموقراطية في ربوعنا. والجديد في هذا السياق يكمن في أمرين إثنين:

 

أولهما الإقرار بفشل ستين عاماً من سياسات البلدان الغربية القائمة على التساهل والتغاضي عن غياب الديموقراطية في العالم العربي والإقرار بان هذه السياسة لم تحقق شيئاً في مجال توفير الأمن للغرب، بل أنها ولدت على العكس من ذلك شعوراً بالغبن وعنفاً قابلاً للتصدير،أضحى مع انتشار أسلحة الدمار الشامل يهدد السلم العالمية (والكلام دائماً للرئيس بوش). أما الأمر الثاني فهو التعهد القاطع والمعلن بأن تضع الولايات المتحدة كل ثقلها في إطار استراتيجية جديدة تهدف إلى إقرار الديمقراطية في هذه المنطقة من العالم.

 

ولا تملك المعارضات العربية، في رأيي، سوى أن تسجل هذا الجديد وأن تتعامل معه إيجابياً. فالشعوب العربية لا تضمر أي نوع من الكراهية العنصرية أو الدينية إزاء الولايات المتحدة وموقفها الإيجابي من أوروبا على رغم الحقبة الاستعمارية خير دليل على ذلك، والشعوب العربية لا تسعى إلى تصدير نظام سياسي أو اقتصادي إلى الولايات المتحدة ولا تطمح سوى إلى الحفاظ على خصوصيتها الثقافية والحضارية والاقتباس من حضارة الغرب كل ما من شأنه أن يحقق تقدمها وعلى الأخص النظم الاقتصادية والسياسية التي أثبتت تفوقها ونجاعتها. لذلك تطمح شعوبنا إلى إقامة علاقات تعاون مثمر ودائم مع الغرب ومع الولايات المتحدة بالذات وليس لها من مشكل معها سوى تلك السياسات التي اقر الرئيس بوش بفشلها.

 

ولكن حتى تتوفر لخطاب الرئيس بوش شروط الصدقية وحتى لا تبني المعارضات العربية سياساتها على الأوهام الأماني في وقت اشتد شعور الريبة والشك إزاء السياسات الأميركية يتعيّن أن يتجسد تغيير سياسة الإدارة الحالية في حقول أربعة:

 

– أولاً أن تعطي المثال في مجال احترام حقوق الإنسان وذلك باحترام الحقوق الإنسانية والسياسية لمعتقلي غوانتانامو وكل المعتقلين الذين تحتجزهم في الخفاء داخل الولايات المتحدة وخارجها وان تحترم حقوق مواطنيها من الأصول العربية والإسلامية.

 

– ثانياً أن تكفّ عن التغاضي عن جرائم الحرب التي تقترفها يومياً الحكومة الإسرائيلية إزاء الشعب الفلسطيني والمتمثلة في سياسة الاغتيالات والاعتقالات العشوائية والحجر الإداري وسياسة العقوبات الجماعية وتدمير المساكن واقتلاع الأشجار وجرف الأراضي الزراعية وبناء المستوطنات وإقامة الجدران العازلة وتكف عن تعطيل مؤسسات المجتمع الدولي كلما تعهدت بالنظر في هذه الجرائم وان تتعامل مع المسؤولين الذين اختارهم الفلسطينيون اختياراً حراً وتكف عن الخلط المقصود بين المقاومة المشروعة للاحتلال والإرهاب.

 

 

– ثالثاً أن تنسحب الولايات المتحدة الأميركية من العراق الذي احتلته دون سبب او مبرر مشروع وفي تحد سافر للضمير العالمي وان تسلم إدارة شؤونه إلى الأمم المتحدة قصد إعادة السيادة إلى الشعب العراقي في اقرب الآجال وفي كنف احترام الوحدة الترابية للعراق.

 

– رابعاً أن تقلع الولايات المتحدة نهائياً عن سياسة المكيالين فلا تدين النظام السياسي في زمبابوي حيث يلاقي المعمرون البيض مشكل امتلاك الأراضي الزراعية وتغض الطرف عن هذا النظام الصديق أو ذاك بسبب ما يقدمه لها من تسهيلات عسكرية أو امتيازات اقتصادية أو تنازلات لإسرائيل.

 

وفق هذه الشروط الأربع ووفقها فقط يمكن أن يكون لخطاب الإدارة الأميركية مصداقية دنيا تتيح لقوى التغيير في العالم العربي التعامل معها إيجابياً بما يرسي أسس التعاون الدائم والمثمر بينها وبين هذه المنطقة المهمة من العالم والتي لن يستقر السلم والأمن الدوليين إلا باستقرارها وانخراطها في الدورة الحضارية المعاصرة على أساس من التنوع والاحترام المتبادل.

 

(*) الامين العام للحزب الديموقراطي التقدمي في تونس، ومدير جريدة « الموقف » الأسبوعية

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 15 نوفمبر 2003)

 


 

« المطرقة الحديدية » او مقدمات الانسحاب الامريكي ؟

 

 

بقلم: الطاهر الاسود

باحث تونسي يقيم في الولايات المتحدة

 

« ليست الحرب الا سياسة بوسائل اخرى »

كلوسفيتز (Clausewitz) 

عندما يكون الانسحاب المخرج الوحيد للاستراتيجيا العسكرية الامبراطورية

زحفت مع أوائل صيف 1812 قوات نابوليون بونابارت بأعداد هائلة (500 الف جندي) و بسرعة غير مسبوقة نحو حدود الامبراطورية الروسية الشمالية الغربية, عند نهر نيمن (Niemen). لم تكن اي من الملكيات الاوروبية المخلخلة تتوقع انذاك اي معركة جدية بين الكسندر الاول قيصر روسيا و الذي لم يكن يحضى بمواهب تذكر و الامبراطور الكورسيكي الشاب الذي اصبح في تلك المرحلة بمثابة الكسندر جديد—ذلك النموذج الغربي للامبراطور الكلاسيكي—ألف عنه و لاجله بيتهوفن سمفونيته الثالثة. لم يكن يبدو هناك اي مجال لتوقع اي نتيجة بخلاف سقوط موسكو. وفعلا مع شهر سبتمبر و اثر معارك محدودة و فتوحات فرنسية لمدن خالية دخلت القوات الفرنسية بدون تهليل السكان—غير الموجودين اساسا— الى موسكو فارغة سيُحرق ثلاث ارباعها, امام ذهول بونابرت, اياما قليلة اثر ذلك. لم يمكث الجيش الفرنسي في مدينة الاشباح تلك اكثر من ثلاث اسابيع. و بحلول شتاء مبكر بدأ الجنود الفرنسيون و حلفائهم احد افظع و اشهر الانسحابات العسكرية في التاريخ: تحت ضربات « الجنرال برد » و الهجومات المفاجئة و السريعة للقوات القوقازية من الحرس الملكي الروسي لم يصل الى نهر نيمن بحلول شهر ديسمبر من سنة 1812 الا 20 ألف جندي من اصل النصف مليون الذين بدؤوا الحملة. كانت تلك هزيمة مدوية بدأت مسلسل اندحار الاستراتيجيا الامبراطورية لبونابرت و التي سقطت نهائيا مع هزيمته في معركة واترلو. يمثل الانسحاب الفرنسي من موسكو درسا اساسيا في التاريخ العسكري الغربي. درس اخر من الانسحابات البونابارتية لا يُذكر بكثرة هو الانسحاب من مصر. لم يحرق المصريون القاهرة غير انهم جعلوها مخيفة و مقلقة الى حد كافي لكي يبحر الفرنسيون متقهقرين الى مارسيليا.

 

في المعايير العسكرية لم يكن الانسحاب من روسيا مهما في ذاته بقدر ما كانت اسبابه و الظروف التي احاطت به داعية للاهتمام. كلوسفيتز, احد مؤسسي العلم العسكري الحديث مع بداية القرن التاسع عشر, أولى اهتماما خاصا بالحملة الروسية. كان الدرس الاساسي بالنسبة له انه لا يمكن ان توجد اي قوة عسكرية قادرة على الانتصار في اراضي غريبة دون دعم سياسي محلي. و سواء كانت المدن و المجالات المسيطر عليها عامرة ام غير اهلة بالسكان فانها ستبقى في جميع الحالات في حكم الخالية من الناحية السياسية اذا كانت مناوئة في موقفها السياسي العام للحاكم العسكري الجديد.  ان فكرة الدور الرئيسي للعامل السياسي في المسائل العسكرية هي الاضافة الاساسية التي قام بها كلوسفيتز, و التي جعلته احد المصادر العسكرية الاساسية في الاكاديميات العسكرية الغربية. غير انه لا يوجد مثال واحد يشير الى تعلم الجيوش الاستعمارية الغربية افكار كلوسفيتز من الاكاديميات التي تخرجوا منها: فقد كان على هذه الجيوش على مدى القرنين الماضيين ان تتعلم حكمة كلوسفيتز من حركات المقاومة الوطنية المسلحة. و أخيرا كان عليها, بعد فشل كل مشروع استعماري, ان تجرب انسحابا بونابارتيا مكررا بامجاد ضئيلة و بخسائر متفاوتة.

 

ليس العراق روسيا القرن التاسع عشر, و لا يملك العراقيون « الجنرال برد » و لم يهجروا مدنهم, كما لا يجرؤ احد على الادعاء بانه يشاهد ملامح الرئيس الامريكي في الصورة البونابارتية الساحرة, مثلما لا يمكن مقارنة « سرعة » هجوم نصف المليون جندي مشاة من الجيش الفرنسي مع السرعة الالكترونية لفرق الجيش الامريكي. غير ان هناك نقطة أساسية  تشترك فيها الحملة الروسية مع الحملة العراقية: مادامت القوى المحتلة مهزومة سياسيا فان هزيمتها العسكرية ليست مستحيلة.

 

ارجاع مركز القيادة الى قطر و « المطرقة الحديدية »: توتر الاستراتيجيين العسكريين الامريكيين

 

بعد راحة  قصيرة لم يجف خلالها حبر مذكرات الجنرال فرانكس رجعت القيادة المركزية للقوات المسلحة الامريكية من مقرها الدائم في تامبا-فلوريدا الى القاعدة المؤقتة في قطر. مثٌل هذا الحدث الصامت هو تأكيد لمؤشرات تكاثرت في الايام الاخيرة يمحي جميعها الاعلان الامريكي بالانتصار و يشير الى اعادة توزيع موازين القوى العسكرية. فبهذا القرار أظهر الرئيس الامريكي, بوصفه القائد العام للقوات المسلحة, ان شعار « المهمة أُنجزت » (Mission Accomplished)  الذي رفع بحضوره على احدى حاملات الطائرات الامريكية في افريل الماضي هو غير صحيح في الظرف الراهن. « المهمة » لم تُنجز: هذا هو الدرس الرهيب الذي أفاقت علي دويه الادارة و القيادة العسكرية الامريكية في الايام الاخيرة. كان تسريب تقرير المخابرات الامريكية من بغداد الى الواجهة الاعلامية و الذي يتحدث عن ايمان العراقيين المتزايد بامكانية هزم القوات الامريكية, عنوان اضطراب القيادة الامريكية.

 

هناك عنوان اخر لتوتر و اضطراب اصحاب القرار في واشنطن هذا الاسبوع: « المطرقة الحديدية ». لقد كان ذلك اشارة للرجوع الى وضع ليس له علاقة بما بعد سقوط بغداد. لقد بات من البين ان العسكريين الامريكيين بصدد التعامل مع مدن رئيسية بما فيها بغداد كمدن معادية معرضة للعقاب الجماعي من خلال القصف المدفعي و الجوي (أنظر: الطاهر الاسود « ملاحظات عامة عن الصراع العسكري في العراق » (Tunisnews) عدد 1272 بتاريخ 13 نوفمبر 2003). يعني ذلك أمرا جوهريا: لقد اصبحت بغداد, من جديد, خارج السيطرة المطلقة للاحتلال الامريكي.

 

لكي نعاين اجواء « المطرقة الحديدية » دعنا نقرأ مقتطفات من التقرير التالي الهام للمراسلين المحليين في  بغداد و نواحيها لصحيفة الزمان العراقية لهجمات وقعت ليلة الخميس-الجمعة (14 نوفمبر). نشير هنا ان هذه الصحيفة بالذات لا يمكن ان تعمل على تضخيم مكانة المقاومة العراقية بفعل مساندتها و رئيس تحريرها (سعد البزاز) الدؤوبة للسلطات الامريكية:

 

 « الزمان- بغداد تعيش أسوأ لياليها بسبب معاودة القصف-المروحيات الامريكية تمشط المناطق المحيطة بمطار بغداد و سجن أبوغريب

عاشت العاصمة العراقية ليل الخميس الجمعة أسوأ لياليها فقد استمرت المروحيات و الطيران الحربي الامريكي بالتحليق و قصفت اهدافا منتقاة في شرق و غرب بغداد. و واصلت القوات الامريكية مهاجمة اهداف قرب المطار الدولي, حيث تقع اكبر قاعدة لها و مواقع قريبة من سجن أبو غريب يفترض ان موالين للرئيس المخلوع قد استخدموها في هجمات ضد جنودها, و ذلك في اطار عملية جديدة اطلق عليها اسم « المطرقة الحديدية ». وترددت اصداء انفجارات و زخات الرصاص في ارجاء العاصمة و اضاءت طلقات كاشفة السماء ليل الخميس الجمعة (…) قالت الفرقة المدرعة الامريكية الاولى في بيان ان مروحية حربية للقوات الجوية من طراز سبوكي استخدمت مدفعا من عيار 150 ملليمترا و رشاشا من عيار 40 ملليمترا لتدمير مبنى سابق للحرس الجمهوري في حي الفرات ببغداد. و قال البيان ان مقاتلي المقاومة استخدموا في الاونة الاخيرة المبنى لتنفيذ هجمات على القوات الامريكية. و هاجمت القوات الامريكية ايضا موقعين يشتبه انهما لاطلاق نيران المورتر و القذائف الصاروخية في بغداد و اعتقلت ثلاث اشخاص بعد ان تعرضت لنيران اسلحة خفيفة. و دمرت نيران طائرة هليكوبتر من طراز ايه سي- 130 يوم الاربعاء مستودعا في بغداد قال الجيش الامريكي انه كان يستخدم للتخطيط لشن هجمات على قواته (…) »

(الزمان 14 نوفمبر 2003)

بالاضافة لللمسات الدعائية لهذا التقرير و للطابع الانتقائي ضرورة لحقيقة ما يجري على ارض الواقع, فانه يحوي معطيات اساسية لا يمكن عدم ملاحظتها, و هي كالتالي:

– اننا بصدد حرب فعلية مفتوحة تستعمل فيها القوات الامريكية قواتها الجوية و البرية ضد مقاومة تبدو كانها تتموقع في مجالات واضحة و تتحرك بشكل مجموعات صغيرة و بسرعة.

-ان المواجهات لم تعد تقع فقط في مزارع نائية او حتى على اطراف مدن ثانوية كما كانت الحال في الاشهر الفارطة (الفلوجة مثلا), بل اصبحت تشمل و تتركز في مواقع وسط العاصمة بغداد (حي الفرات). اكثر من ذلك توجد بعض مواقع المقاومة العراقية جوار مراكز عسكرية امريكية حصينة و شديدة الحراسة (المطار و سجن ابو غريب), و حسب التقرير اعلاه فإن القوات الامريكية لم تكتشف هذه المواقع سوى في الايام الاخيرة (؟؟!!!)

-لا تتعلق مواقع المقاومة العراقية بمنازل صغيرة او مزارع نائية و انما مخازن كبيرة تحرص القوات الامريكية على عدم الاقتراب منها عند مهاجمتها حيث تستعمل الطائرات المروحية و المدافع المحمولة جوا. و كما نقلت تقارير تلفزية مختلفة فإن القوات الامريكية قد اجلت الليالي الفارطة احياء بكاملها لمحاصرة هذه المواقع.

-أخيرا لا توجد مصادر مستقلة تؤكد سلامة المعطيات الاستخبارية التي تبني على اساسها القوات الامريكية هجماتها و بالتالي لا يوجد ما يمنع ان القتلى من العراقيين يمكن ان يكونوا ضحايا لقصف عشوائي او لقصف متأخر لمواقع غادرها عناصر المقاومة قبل ان يتاح للقوات الامريكية اكتشافها.

 

ان عملية « المطرقة الحديدية » ستكون عنيفة كما يبدو واضحا من معطيات كثيرة. غير ان دقة « الطرق » امر غير مؤكد, بل يبدو ان احتمالات « طرق » القوات الامريكية لاصابعها كبيرة, كما تشير الى ذلك ملامح القصف عشوائي اضافة للاعتقالات الجماعية. و لتفادي ذلك لا يكفي الجيش الامريكي انتقال قيادته المركزية من تامبا-فلوريدا الى قطر.

 

استراتيجيا عامة تهدف لانسحاب أسرع بكثير مما كان متوقعا ؟

 

اصبح من الواضح الان ان المشروع الراهن الذي أطلقته الادارة الامريكية ل »العرقنة » او »تسريع تسليم السلطة للعراقيين » و بغض النظر عن الصيغة التي ستتم بها, تعني التقليل من الهيمنة الكمية للقوات الامريكية لصالح قوات عسكرية عراقية و دولية. و اصبح رائجا ان ذلك يعني في النهاية انسحابا بشكل استعجالي للقوات الامريكية من العراق. فحسب مقال صادر امس في صحيفة الواشنطن بوست (14 نوفمبر: ص A  1 و 22) هناك مؤشرات عن ان « العرقنة » العسكرية تعني بقاء القوات الامريكية لمدة لا تزيد عن البضع اشهر حتى الترفيع في عدد قوات عراقية جديدة حليفة للقوات الامريكية. و لاحظت بعض هذه المصادر التي قارنت الوضع بمحاولة اقامة الولايات المتحدة اقامة حكومة موالية في جنوب الفيتنام ان هذه الفترة لا تزيد عن « الستة أشهر », و هو ما يلتقي تقريبا مع الاعلان الرسمي الذي قام به بريمر اليوم (15 نوفمبر) من اقامة لحكومة مؤقتة بحلول شهر جوان 2004. و بالتالي فإن ملامح المشروع الامريكي في هذه الايام—و ليس هناك ضامن انه لن يتغير— في العراق تتجه في الاتجاه التالي: انسحاب كامل او جزئي للقوات الامريكية و الدفع بقوات عراقية لمواجهة المقاومة العراقية بدعوى انها « تفهم بشكل أفضل بلادها ». مما يعني ببساطة العمل على تعويض الوضع الراهن للاحتلال بوضع حرب اهلية فوضية. غير ان مفارقات المأزق الامريكي في حال اختيار هذا النهج بارزة. حيث تستنجد الادارة الامريكية في هذه االحالة بنموذج الوضع الفيتنامي, و الفرق الوحيد هو أن افاق الوضع العراقي تتجه في وجهة معاكسة لتطور الحالة الفيتنامية: فبينما بدأ التواجد الامريكي في الفيتنام بأعداد قليلة معتمدا على قوات أكبر من القوات المحلية الحليفة ليتجه نحو التزايد السريع لحجم القوات الامريكية الى حد تحجيم شبه كلي لقوات محلية حليفة, فإن الوضع العراقي يتجه حسب المصدر أعلاه من وضع الاحتلال الكامل الى وضع تعاظم دور القوات المحلية الحليفة. المسألة الرئيسية –رهن العراق بالاحتلال— يتم تجاهلها هنا. الاهم من ذلك حسب مقال الواشنطن بوست هناك شكوك قوية داخل الاوساط الرسمية الامريكية و تلك المقربة منها في النجاح بفرض حكومة موالية خاصة اذا تمت انتخابات حقيقية. كما هناك شكوكا معقولة تماما من ان اي توجه سريع لتكوين الجيش العراقي يمكن ان تسللا اسهل لعناصر النظام السابق و ينتهي الامر بذلك الى اعادة تهيئة الظروف لعودة أنصار الرئيس السابق الى السلطة. إن كل هذه المعطيات تؤكد مرة اخرى سوء الوضع الامريكي في العراق, و الذي يجعل الادارة الامريكية ببساطة شديدة, و كما يعبر عن ذلك المثل العربي الفصيح, « تستنجد في الرمضاء بالنار ».

 

 مؤشرات على بداية توتر العلاقة بين اقطاب المحافظين الجدد على خلفية الوضع في العراق

سبق ان تعرضنا في مقال سابق الى مؤشرات عن الوحدة الهشة لمجموعة المحافظين الجدد, الامر الذي يبرز خصوصا بين العناصر التي تتقلد مناصب تنفيذية في الادارة الامريكية و اولائك الذين برزوا بشكل خاص كمنظرين لهذا التيار. و كنا أشرنا على سبيل المثال الى التهجم العلني أسابيع قليلة قبل احداث 11 سبتمبر الذي قاده قطبي منظري المحافظين الجدد (كريستول و كاغان) على مجموعة وزارة الدفاع (رامسفيلد و وولفويتز) عندما توجهت الاخيرة بميزانية للدفاع اقل بكثير من الارقام التي طالما نادى بها المحافظون الجدد (أنظر: الطاهر الاسود « نشأة و تطور استراتيجيا الحرب الاستباقية » في (Tunisnews) عدد 1270 بتاريخ 11 نوفمبر 2003).

و في إطار الازمة الحالية في العراق فإن توترا مماثلا يبدو في الافق. فاليوم (15 نوفمبر) نُشر على صفحات الانترنت مقال مشترك كالعادة لكريستول و كاغان سيصدر في عدد 17 نوفمبر القادم لدورية (The Weekly Standard) عنوانه « استراتيجيا خروج أم استراتيجيا انتصار؟ » يهاجم بشكل مكثف ما يسميهم ب »جماعة البنتاغون ». (أنظر المقال على الرابط التالي)

http://www.ceip.org/files/publications/2003-17-11-Kaganwklystandard.asp

و يتهم كل منهما بوضوح وزارة الدفاع بتبني استراتيجيا تتهرب من الزيادة في عدد القوات المسلحة الامريكية مقابل تسليم العراق الى جيش عراقي مشكوك في ولائه. و يوجهان خطابهما الى الرئيس بوش واصفين إياه بأنه يعبر عن الموقف الصحيح من خلال تمسكه بالخطوط العامة لسياسته المعروفة ب »عقيدة بوش » و يناشدانه بالتدخل بسرعة ضد خطط وزارة الدفاع. و الحل للوضع الراهن حسب الكاتبين هو الزيادة في عدد القوات المسلحة لكي « يفهم العراقيون جدية التزامنا في بلدهم », و من ثمة التصعيد المسلح الى اقصى الحدود ضد المقاومة العراقية.

سنرجع لهذا المقال بشكل أكثر تفصيل لاحقا, و سنكتفي الان بالقول أن مقال (كريستول و كاغان) يؤكد ان خيار الانسحاب (كلي او جزئي) في مدة زمنية قريبة يبدو جادا. ومن غير المعروف إن كان سيكون أكثر احتمالية في حالة تبنيه من قبل الطرف الذي كان دائما يتميز بالتشدد (رامسفيلد و وولفويتز), لكن من المثير أن يختار وزير الخارجية الامريكي كولن باول هذا الوقت بالذات لفضح هزال « مجلس الحكم » (« لا يوجد فيه كرزاي ») في وقت تحتاج فيه « خطط وزارة الدفاع » للترويج له و الاعتماد عليه اكثر مما مضى.

 

في هذا الاطار نريد إضافة الملاحظة التالية: في بداية التورط الامريكي في الفيتنام كان وزير الدفاع الامريكي ماكنمارا يدافع بشكل مستمر من اجل الدفع بالقوات الامريكية في المستنقع الفيتنامي و كان يمثل بذلك الطرف الاكثر تشددا داخل الادارة الامريكية مقابل مسؤولين كبار في وزارة الخارجية الامريكية كانوا يفضلون الامتناع عن الذهاب بعيدا في المغامرة الفيتنامية. المفارقة انه مع تأكد الادارة الامريكية من استحالة القضاء على المقاومة الفيتنامية انقلبت المواقف بشدة: فقد أصبح ماكنمارا مع انسحاب سريع و باي ثمن في حين اصبح مسؤولو وزارة الخارجية الامريكية و مجلس الامن القومي مع سياسة التمسك بالبقاء الى حين استعداد هو شي منه للقبول بصيغة تحفظ ماء وجه القوات الامريكية, و هو التوجه الذي تمسكت به الادارة الامريكية.

 

 النتيجة نعرفها جميعا: مقاومة فيتنامية الى النهاية, و انسحابا امريكيا يحتل مواقع الصدارة مع الانسحاب البونابارتي في الانسحابات العسكرية الاكثر إذلالا في التاريخ. فالقليلون هم الذين لم يشاهدوا صورة السفير الامريكي على سطح السفارة الامريكية في سايغون معلقا مع ملفاته المبعثرة و العلم الامريكي باخر هليكوبتر امريكية مغادرة من الفيتنام. في حالة ما اذا تذكرت الادارة الامريكية المورطة الان في العراق تلك الصورة, خاصة في ظل انبعاث كوابيس الفيتنام مع تصاعد المقاومة العراقية, فلربما تسعى لتفادي… تصوير بريمر معلقا في هليكوبتر جديدة.

 

15 نوفمبر 2003    


الإعلاميون المرئيون

بقلم: علي أحـمد *

           فـي عصرنا الـحالي ، عصر العولمة ، لو نظرنا إلـى مـهمة الإعلاميـيـن فـي الدول المـتـقدمة حضارياً ، فـي فرنسا على سبـيل المـثال ، لوجدنا أن مهمتـهم ليست مهمة إيصال الفكرة إلـى المشاهد وحسب ، بل هي فـي الأساس لتـثبـيتها وتركيـزها فـي ذهـنه لـتـصبح بالنسبة له رأياً ثابتـاً لا يـمكن أن يتـحول بسهولة .

          وقد يكرر الإعلاميّون عرض تلك الفكرة فـي أكـثر من برنامج بأساليب مـخـتلفة وطرق متـنوعة بعبارات قصيـرة ، أو طويلة ، مشـحونة بالعلم والمعرفة ، ويلبسونـها فـي كل مرّة لباساً جديداً لإثارة الـتـحفز فـي نفس المشاهد ، وهي واسطة مـثلى للإعلام والـتـثقيف معاً ، حـتـى يطمئنوا إلـى أن المشاهد ـ المواطن ـ قد وعاها وتـمـثلها وآمن بـها .

          فالمشاهد ـ المواطن ـ متـى آمن بفكرة ما أصبح مصارعاً فـي سبـيل تـحقيقها وانـتـصارها ، وهكذا ، بالإيـمان المترافق بالعمل الـحيّ الفاعل قامت الـحركات الـجبارة فـي الـتاريخ ، والنـهضات فـي الدول المـتـقدمة حضارياً .

          وأثر هذه الطريقة لا ينـحصر فـي فئة واحدة من المشاهدين ، سواءً أكانوا من ذوي الكفاءة العلمية والـثـقافية أم الأميـيـن ، بل يـمـتد ليشملهم جـميعاً مهما كانت وظيفـتـهم الإجـتماعية أو درجـتهم الفكرية ، فالمرتكز الأساسي فـي هذه الطريقة هو نشر الوعي ليـحيا المشاهد ـ المواطن ـ قضاياه ويعي مـهمـته ويعمل بـموجبـها .

          أما فـي دول عالمـنا العربـي ، فـي قطر على سبـيل المثال ، نـجد أنـه لدينا تـخمة من الإعلاميـيـن المتـعلمين الذين درسوا فـي أرقـى جامعات العالم المـتـحضر .

          ولكن ، مع الأسف الشديد ، ما تـزال شاشاتـنا المرئية بأشد الـحاجة إلـى إعلاميـيـن مـتـعلمين ، مـثـقـفين ، مـتـنورين ، يفـتـحون أعينـنا إلـى قضايا العصر ، ويوجهونـنا نـحو مصالـحـنا الـحقيقية فـي الـحياة العزيزة المـتـحضرة .

          فبالرغم من تعاطيهم مع أحدث الوسائل الـتـقـنية ، وتـخطيهم إلـى ما بعدها أحياناً ، ما يزالون يتـجاوزون عن قصد ، أو عن غيـر قصد ، عن القيام بدورهم فـي الـتـحريض على نشر الوعي وتـجميل الـحياة ، وحراسة حلم الـتـغيـيـر نـحو الأفضل فـي عالمـنا .

          امتلاكهم لأدوات الفعل والـتـغيـيـر فـي مسائل حياتية مصيـرية جعلوا منها أدوات لإعلام دعائـي ، عمومي ، زائل ، اكـثر مـنه إعلام لـتأهيل المشاهد ـ المواطن ـ فكرياً وحضارياً .

          لقد دخلوا كل بـيت وفرضوا على عقول المشاهدين حالات فكرية سطحية تـخضع بالضرورة لسياسة المؤسسة المـنـتـجة ، أو لسياسة الـنظام الـحاكم ، فهم كما يظهر مـتـعلقون فـي الوظيفة ، ومعلقون فـي الـهوامش والفراغ ، حـتـى ولو شاع على ألسنـتـهم ألفاظاً تـتـقاطع مع القضايا المصيـرية الكبـرى إلا أنـها لا تـنـطبق عليها إطلاقاً .

          طروحاتـهم مـحدودة مع أنـهم من أصحاب الشهادات العليا … برامـجهم بلا مناهج وبلا مشاريع … لا يغمسون أقلامهم فـي حبـر القـضايا الـحياتية العميقة … ولا يستمدون أفكارهم من شرايـين الـحياة النابضة … مأزقهم أنـهم يعيشون خارج حقول الإنسان المعاصر فـي العالم العربـي .

          نـجاح برنامج إعلامي واحد ، مهما بلغ من العظمة ، لا يـمكن أن يدل على حيوية إعلامية مستمرة بقدر ما يدل على فورة إعلامية ناجحة ، ولا يـمكـنه أن يعطي نـتائج حاسـمة فـي الوصول إلـى أعـماق المشاهد ـ المواطن ـ لاسيما فـي غياب مشروع كبـيـر يـجعله يعمد إلـى تغيـيـر قـناعاتـه بـهدف النـهوض والـتـقدم .

          هـناك مؤامرات عدائية على عالمنا العربـي ، تـنفذ على مراحل ، وتـعـتمد إلـى جانب غزواتـها العسكرية ، الإقـتـصادية والسياسية ، أسلوباً أدهى وأشد خطراً من كل عمليات الاغـتـصاب والاجـتياح والاقـتلاع والقـتل والـتدميـر ، إلا وهو ، أسلوب الاخـتراق الفكري الذي يؤدي إلـى البلبلة والمزيد من الـتمزق وضياع ما تبقى من قيم حياتية فـي عالمنا العربـي .

          فهل يـمكن للإعلاميـين المرئيـيـن فـي دولنا أن يتـخذوا من هذه الأزمات المـتلاحقة مدار بـحث لـهم  دون مغالطات فكرية وسياسية بـهلوانية ؟!…

          وهل بإمكانـهم أن يعللوا الأسباب العميقة الكامـنة خلفها ، من فـقدان الوعي القومي والـتـجزئة السياسية والإجـتماعية مع مـخـتصين لإيـجاد الـحلول المناسبة من دون عـجالة أو إحراج أو قطع حديث المـخـتص مرّات عديدة  قبل أن يكمل مداخلـتـه ؟!…

          أسأل نفسي أحياناً ، هل يكفي أن يكون الإعلامي المرئـي الناجح صاحب مظهر جيد وصوت مؤثر ليتـحدث فـي أي موضوع دون دراستـه ومعرفة أدق تفاصيله ؟!…

          الإعلامـي المرئـي الـحقيقي عليه أن يكون مـثـقـفاً بالدرجة الأولى ، وأن يكون متميـزاً بـمواهبه العقلية وقدراتـه العلمية وكـفاءاتـه المهنية ، وأن يستسقي مواد برامـجه من ينابـيع قضايانا التـي لا تـنضب ، ومن أنوار ثـقافـتنا التـي لا تـخبو ، وعليه أن يكون بـمـثابة مشعل الـنور فـي دياجيـر الـجهل والـتـخلف ، وإذا بُطل أن يكون كذلك ، فهو ليس بإعلامي ولو حشى رأسه ورؤوس المشاهدين بـمـخـتلف الالاعيب الكلامية المـنمقة والعبارات الفـخمة .

* ناشط فـي النهضة القومية الإجـتماعية   


Sommet de l’information: les ONG prennent leurs distances

La «dernière» réunion préparatoire débouche sur pas grand-chose.

 

Comment pourrions-nous souscrire à un tel document! Deux ans et demi de négociations n’ont pas suffi aux diplomates pour décider s’ils allaient faire référence ou non à la Déclaration universelle des droits de l’homme. De nos jours, ça ne devrait même plus faire débat! Les gouvernements hésitent même à faire un effort financier pour connecter à l’internet tous les villages du monde. Un comble! N’est-ce pas justement l’objectif du Sommet mondial sur la société de l’information? »

Karen Banks et Wolfgang Kleinwaechter en sont encore tout retournés. Hier à Genève, au terme de la dernière et très infructueuse réunion préparatoire au Sommet prévu du 10 au 12 décembre dans notre ville, les deux porte-parole ont annoncé que la société civile prenait ses distances. Les ONG vont-elles claquer la porte? « Non. Mais nous nous dissocions des négociations et élaborerons une déclaration politique séparée. »

Ouf! La Suisse a eu chaud. Organisatrice pour la première fois d’un grand Sommet onusien, la Confédération avait réinventé le processus de négociation, en y associant formellement aussi bien les entreprises que la société civile. Craignant une rupture définitive avec les ONG, un entretien a été organisé dans l’après-midi entre ces milieux et le président de la Confédération Pascal Couchepin, son prédécesseur Adolf Ogi ainsi que le directeur de l’Office fédéral de la communication Marc Furrer. Ils ont, visiblement, limité les dégâts.

Contre la montre

Pour autant, les représentants de la Berne fédérale ne jubilaient pas hier devant la presse internationale, alors que les négociations se poursuivaient au Centre international de conférences de Genève (CICG). Nommé « facilitateur » pour le Sommet, Adolf Ogi s’est voulu pédagogue: « Dans une négociation, il y a toujours trois phases: le conflit, la crise puis le compromis. Nous avons dépassé les deux premières, mais sommes loin d’avoir franchi la troisième. Il nous reste cependant trois semaines pour faire le tour des délégations. » Et décrocher des concessions.

« Nous avons obtenu un accord sur plus de 80% du texte en discussion. Ce n’est déjà pas si mal », remarque Marc Furrer, qui a dirigé les travaux préparatoires. « Mais c’est évidemment sur les sujets les plus difficiles qu’un compromis fait encore défaut. A nous maintenant de conclure un marché. C’est donnant, donnant. Certains pays sont arrivés avec des objectifs irréalistes. On ne peut pas, par exemple, réclamer des financements et refuser de garantir la liberté de presse. » L’heure est donc aux discussions informelles, conclut l’ambassadeur suisse Daniel Stauffacher. Et aux concessions, qu’il faudra bien entériner lors d’une ultime « dernière rencontre », probablement du 7 au 9 décembre, avant l’arrivée des 56 chefs d’Etat et de gouvernement qui ont confirmé leur présence.

Quand l’internet menace

Mais au fait, quels sont au juste ces dossiers qui fâchent? La liberté d’expression et en particulier celle des médias hérisse bon nombre de régimes autoritaires, parmi lesquels la Chine se pose en porte-parole intransigeant. Quant au bloc africain, il réclame des fonds supplémentaires pour connecter à l’internet tous les villages du monde d’ici à 2015. Les pays industrialisés, cependant, ne sont pas pressés de débourser. Enfin, malgré la multiplication de sites pédophiles ou encore néonazis, les Etats-Unis refusent un contrôle accru sur les contenus circulant sur le web.

Difficile, dans ces conditions, de faire adopter à l’unanimité, c’est obligatoire! une déclaration politique et un plan d’action qui ne se résume pas au plus petit dénominateur commun.

« J’aimerais être aussi optimiste que les Suisses, mais je ne vois pas se dégager de volonté politique pour élaborer une conception commune », lance Wolfgang Kleinwaechter. Le problème des ONG, confient en coulisses plusieurs observateurs, c’est qu’elles ne peuvent transiger sans trahir leur cause. Jamais auparavant elles n’avaient pu intervenir à ce point dans les négociations. Mais comment faire pour ne pas y perdre son âme?

(Source : Tribune de Genéve, le 15 novembre 2003)

Les Villes veulent une place au Sommet de l’information

Les maires de Genève et de Lyon parlent d’une seule voix.

LINN LÉVY

La société civile, invitée à se faire entendre dans le cadre du Sommet mondial de l’information (SMSI), n’a pas l’intention de laisser passer sa chance. Les Villes sont fermement décidées à prendre leur place dans l’enceinte du grand forum prévu du 10 au 12décembre prochain. Pour préparer cette union sacrée, les maires de 1000 villes mondiales vont se réunir à Lyon les 4 et 5décembre. « Cities-e-world » sera donc le premier Sommet mondial des Villes et pouvoirs locaux sur la société de l’information.

C’est sous l’égide de la Déclaration de Lyon que les conclusions du Sommet seront présentées à Genève aux chefs d’Etat et de gouvernements, le premier jour du SMSI. Comme le relève le maire de Genève Christian Ferrazino: « Les pouvoirs locaux ont un rôle de plus en plus important à jouer sur la scène internationale et nous voulons nous faire entendre. Ce d’autant que nous avons plus de facilité que les Etats à trouver notre dénominateur commun. »

Le magistrat qui a coorganisé l’événement avec le maire de Lyon, Gérard Collomb et Pierre-Alain Muet, son adjoint ajoute: « Notre but est d’amener une réflexion sur le contenu de l’information. Notre responsabilité sera d’intégrer des notions sociales, économiques et politiques dans un débat qui sera très technique. Il est essentiel de répondre aux questions suivantes: qui a accès à l’information et quel est son contenu. » Selon Pierre-Alain Muet, l’éducation est l’enjeux central d’un Sommet sur la société de l’information. L’adjoint au maire de Lyon assure également de la solidarité des pouvoirs locaux par rapport à la « fracture numérique » existant entre les pays du Sud et ceux du Nord.

Si les maires de Genève et de Lyon espèrent se faire entendre lors du SMSI, rien n’est encore acquis. Les Etats tiendront-ils vraiment compte des vélleités de quelques 300maires? « Notre déclaration devra être la plus claire possible, explique Christian Ferrazino. Il est probable que face à la multitude, notre message risque d’être noyé. Mais notre rôle ne s’arrêtera pas au Sommet de Genève, nous participerons à la préparation de la deuxième partie du SMSI à Tunis en 2005. »

La Ville de Genève participe au budget du Sommet mondial des villes à hauteur de 568 000 francs. La Ville de Lyon, où les débats se dérouleront, apporte 1 300 000 euros (soit 2,138 millions de francs).

(Source : Tribune de Genéve, le 15 novembre 2003)

 


 

La Cour pénale internationale commence sa marche vers la justice universelle

 
A La Haye, cette juridiction unique en son genre et permanente, créée en dépit de l’opposition américaine, n’est pas encore en état d’inculper ou d’enquêter, mais six cents requêtes lui ont été adressées. La question de son efficacité est déjà posée La haye correspondance La Cour pénale internationale (CPI), première juridiction pénale internationale permanente, se met progressivement en place à La Haye, aux Pays-Bas. En prenant ses fonctions au début de l’été, son premier procureur, l’Argentin Luis Moreno Ocampo, l’avait présentée comme l’héritière d’une histoire judiciaire internationale qui prend sa source au procès de Nuremberg et s’est accélérée, dans les années 1990, avec la création par l’ONU des tribunaux internationaux ad hoc sur l’ex-Yougoslavie (TPIY) et le Rwanda (TPIR). La CPI saura-t-elle faire fructifier l’héritage et tirer utilement profit de l’expérience engrangée ces dernières années par les deux TPI ? Lorsqu’ils fermeront leurs portes à une échéance que l’ONU a fixée aux alentours de 2010, ces deux tribunaux auront jugé plus de 300 personnes, dont quelques-uns des plus hauts responsables du génocide rwandais et des crimes commis dans les guerres de l’ex-Yougoslavie. Mais la justice qu’ils rendent est, entre-temps, devenue quasi confidentielle. Même le procès vedette du TPIY, celui de Slobodan Milosevic, qui dure depuis près de deux ans, semble se perdre dans d’indéchiffrables méandres. Le souci de porter sur l’héritage des TPI un regard constructif est manifestement très présent chez tous ceux qui s’installent dans le bâtiment de quinze étages de la banlieue de La Haye, en cours d’aménagement, où la Cour a élu domicile. « Nous devons tirer les leçons du travail des deux tribunaux internationaux », souligne le pragmatique greffier de la Cour, Bruno Cathala, qui fut précédemment responsable du greffe au TPIY. « Il faut corriger les erreurs du passé », entend-on fréquemment dans les couloirs de la CPI. « Il faut donner envie de la justice internationale »,déclare, encore plus directement, l’un des juges, bien décidé lui aussi à tirer les leçons des TPI. Un système juridique inadapté. Une grande partie des difficultés auxquelles se sont heurtés les deux tribunaux ad hoc tient à la procédure de type anglo-saxon, en vertu de laquelle l’instruction se déroule dans le prétoire. Les juges sont censés être vierges de toute connaissance du dossier et ne donner foi qu’aux documents et témoignages présentés à l’audience par le procureur et la défense. Un journaliste croate, Mirko Klarin, qui suit les activités du TPIY depuis sa création, évoque avec ironie cette « vertu de l’ignorance »: pour expliquer le système constitutionnel yougoslave ou les antécédents de l’histoire rwandaise, les mêmes témoins-experts sont ainsi appelés à la barre à chaque nouveau procès. Même chose pour l’établissement des faits ; Claude Jorda, qui fut juge au TPIY pendant dix ans avant de le devenir à la CPI, évoque, par exemple, le procès du général croate Tihomir Blaskic, « où il a fallu vingt témoins pour démontrer qu’un village des Balkans qui avait brûlé… avait brûlé » . Des accusations trop larges . Devant les TPI, le parquet a opté pour des actes d’accusation très larges, accumulant les charges, les scènes de crimes pour un même inculpé, et appelant de ce fait de multiples témoignages (dans le procès Milosevic, près de 250 témoins ont été cités par l’accusation ; l’accusé peut ensuite disposer à son tour du même temps et du même nombre de témoins s’il le souhaite). « Au TPIY, dit un juge, le procureur peut vous sortir soixante chefs d’accusation, qu’on va traîner comme des boulets au procès et que les juges ne peuvent pas contester car ils ne disposent pas des informations pour le faire. » Des procès excessivement longs. Les procès des TPI durent souvent plus d’une année et sont émaillés de questions juridiques compréhensibles uniquement par les initiés. Devant le TPIR, basé en Tanzanie, des problèmes de logistique viennent alourdir des procédures déjà trop longues. Le procès des militaires, considéré comme le plus important du tribunal, a démarré en avril 2002 alors que le colonel Bagosora, l’acteur central de cette affaire, qui concerne quatre officiers, vient d’entamer sa huitième année en détention préventive. Il est décrit par le procureur comme « le cerveau du génocide ». Le premier témoin dans ce procès, l’historienne Alison DesForges, a comparu pendant près de trois mois. Des procès trop éloignés des victimes. L' »œuvre de justice » est considérablement amoindrie, notamment du fait que ces procès se déroulent à plusieurs centaines de kilomètres des lieux où les crimes ont été commis. Dès les premiers pas de la CPI, en juillet 2002, le responsable du greffe a envisagé la tenue de procès près des lieux des crimes, donc des victimes ; une « délocalisation » qui suppose la coopération des Etats concernés. Les difficultés de la coopération judiciaire. La coopération internationale est nécessaire en tout à la justice internationale : pour mener les enquêtes, recueillir les éléments de preuve, arrêter les suspects, protéger les témoins. Elle a manqué au Tribunal d’Arusha, avec lequel les autorités de Kigali collaborent de façon discrétionnaire. Elle a souvent manqué au TPIY, de la part de la Serbie ou de la Croatie mais aussi des Occidentaux, notamment pour l’arrestation de Ratko Mladic et de Radovan Karadzic. Cela n’atténue qu’en partie un autre des reproches fréquemment adressés au TPIY, à savoir l’éparpillement des inculpations sur des hommes qui n’étaient pas, loin de là, les principaux responsables des drames. La CPI ne tombera pas dans ce travers qui, étant donné sa compétence géographique beaucoup plus large, signerait d’emblée sa perte. « Si nous voulions commencer par tous les Tadic -le premier inculpé, de petite envergure, jugé par le TPIY-, il nous faudrait des milliers de personnes ici, dit-on dans l’entourage du procureur. Nous devrons nous concentrer sur les crimes les plus graves et les responsabilités les plus élevées. » Sa réussite n’en dépendra pas moins de la coopération internationale, dont l’histoire des TPI a montré qu’elle est très liée à des considérations politiques. Cette expérience fait aussi partie de « l’héritage » et n’est sans doute pas la moindre des préoccupations pour la CPI. S. Ma.
 
(Source: Le monde du 16-11-2003)

البداية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.