السبت، 31 مارس 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2504 du 31.03.2007
 archives : www.tunisnews.net


الصباح: في صفاقس إحباط عملية « حرقان » تضم 90 « حارقا » معا: تونس تحصل على المرتبة الــ35 دولياً بمنتدى « دافوس » حول تكنولوجيات المعلومات في القطاع الاقتصادي محيط: 686 مليون دولار قيمة العجز التجارى لتونس خلال ثلاثة أشهر وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء :قطر للبترول تفوز بصفقة بناء مصفاة نفطية في تونس الشعب:  عميد المحامين يعلن مفاجأة من العيار الثقيل:لن أترشح ثانية للعمادة وسأجعل من الوعد عهدا ! كاشف الغطاء المعري: مضحكات مبكيات كاشف الغطاء المعري (12) د.خالد الطراولي:في ذكرى المولد: عندما تغيب الأمة ويحظر الرجل محمد العروسي الهاني: 26 مارس 1945 ذكرى هجرة المجاهد الأكبر إلى المشرق:الذكرى الخالدة والمغامرة الخطيرة من أجل تحرير الوطن يوم 26/03/1945 مواطــن: حـــوار الطرشـــان برهان بسيّس: تشـريــك النخـــب عامر عياد: يوم الأرض: إنعاش للذاكرة و عنوان للقضية صحيفة « كل العراق » :في تونس.. السينمائيون يشنون حربا والقراصنة يهادنون طارق الكحلاوي :في العلاقة بين صناعة الفن وتاريخ العلم في الاسلام خميس قشة الحزامي: المنظمات الدولية والأهلية قلقة من تنامي العنصرية في أوروبا

قاسم بوسنينة:  قمة الحذاقة في التعاطي مع التحديات القدس العربي : الخلافات الجزائرية ـ المغربية تعصف باجتماع وزراء النقل المغاربيين في الرباط جمال العرفاوي: فرنسا تعيد اكتشاف المغرب العربي منتصر حمادة: أمركة الإصلاح الديني بالمغرب الإسلامي محمد عادل شريح : العودة إلى التصوف … أخطار التوظيف السياسي وضرورة الإنصاف د. رفيق السكري: الاعلام الجديد في العراق.. « شبكة أخبار النجف » مثالا عبدالله الأشعل :من أحق بحق العودة … اليهود أم الفلسطينيون؟ أحمد مثقال قشعم: مسلّة الشّعر


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


في صفاقس

إحباط عملية « حرقان » تضم 90 « حارقا »

تمكنت مصالح الحرس البحري بجهة جبنيانة وتحديدا بمنطقة اللوزة التابعة لها منذ ثلاثة ايام من إحباط رحلة « حرقان » الى السواحل الايطالية.. وقد القي القبض على مجموعة الحارقين والذين بلغ عددهم تسعين شابا ينتمون لمدن الوسط والساحل.  منطلق البحث في هذه القضية والتي تتابعها حاليا فرقة الابحاث  والتفتيش  بصفاقس كان مكالمة هاتفية مجهولة المصدر تلقاها أعوان الأمن أفاد فيها صاحبها ان هناك رحلة حرقان قد انطلقت من شاطئ منطقة اللوزة في ساعة متأخرة من الليل في اتجاه السواحل الايطالية على متن قارب صغير.. وفعلا اولى الاعوان البلاغ الهاتفي اولوية وتجندت مجموعة من الحرس البحري لكشف العملية وتم إحباطها في ظرف وجيز بعد سير قارب الحرقان مسافة لم تتجاوز الخمس كيلومترات.. وقد ألقي القبض على المجموعة التي تضم 90 حارقا رغم محاولة بعضهم الفرار بإلقاء أنفسهم في مياه البحر.. ولاتزال الابحاث جارية في هذه العملية.                                نعيمة عويشاوي
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 31 مارس 2007) 
 


تونس تحصل على المرتبة الــ35 دولياً بمنتدى « دافوس » حول تكنولوجيات المعلومات في القطاع الاقتصادي
 
بيت لحم -معا- قالت مصادر صحفية تونسية، يوم أمس إن تونس جاءت بالمرتبة الأولى إفريقياً والثانية عربياً بعد الأمارات المتحدة، والمرتبة 35 دولياً في تصنيف المنتدى الاقتصادي العالمي « بدافوس » حول اندماج تكنولوجيات المعلومات في اقتصاد 122 دولة شملها التصنيف للعامين 2007-2006 . وأضافت المصادر أن هذا التصنيف أهتم بثلاثة عناصر أساسية وهي المحيط السياسي والاقتصادي للبلاد، ومستوى التطور التكنولوجي، ودرجة استعمال التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال. يذكر أن هناك تقريراً مرجعياً في مجال الاستثمار في التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال تم تقديمه خلال اجتماع إعلامي انعقد بجينيف يوم 26 مارس الجاري، ويرصد التقرير بمقارنة ببعض الدول الأخرى أن تونس تتقدم على صعيدي المغرب العربي وشمال إفريقيا، المغرب (المرتبة 76) ومصر (المركز 77) والجزائر (المرتبة 80)، وفي العالم العربي تأتي تونس بعد الأمارات المتحدة التي جاءت في المرتبة 29 من بين 122 دولة وتأتي تونس قبل دولة قطر التي تحصلت على (36) والبحرين ( 50 ) والكويت (54)، وتتقدم تونس كذلك على دول أوروبية مثل « ايطاليا واليونان وقبرص وبولونيا » وبلدان آسيوية على غرار الصين والهند وبلدان أمريكا الجنوبية مثل البرازيل. وذكرت المصادر الصحفية التونسية أن تونس تحتل مراكز الصدارة على الصعيد العالمي في بعض مكونات القطاع إذ تحتل المرتبة الرابعة على مستوى توفق الحكومة في النهوض بالتكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال والمرتبة السادسة في مجال الاهتمام بقطاع تكنولوجيات الإعلام والاتصال صلب إستراتيجية الدولة التونسية والمركز 12 على صعيد سرعة إحداث المشاريع في هذا القطاع والمرتبة 14 على مستوى جودة مؤسسات التعليم العمومي. وأظهر التقرير الصادر عن المنتدى العالمي لدافوس حول التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال لسنتي 2006/2007 أن تونس صنفت في المركز 30 في مجال حماية الملكية الثقافية و32 في مجال نفاذ المدارس (المصدر: وكالة معا الفلسطينية لأنباء  بتاريخ 31 مارس 2007)


686 مليون دولار قيمة العجز التجارى لتونس خلال ثلاثة أشهر

تونس : ارتفع العجز التجاري لتونس إلى 686 مليون دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي. وذكرت وكالة الأنباء السعودية « واس »، أنه رغم أن صادرات تونس ارتفعت خلال تلك الفترة بنسبة 28%، إلا أن الواردات فاقتها ووصلت إلى 34.4% لتتقلص بالتالي نسبة التغطية إلى 81.5%. وقد شمل تطور الصادرات مختلف القطاعات خاصة النسيج والصناعات الميكانيكية والكهربائية بينما يعود تسارع الواردات إلى المواد الغذائية والحبوب والمواد الأولية ونصف المصنعة. أما على صعيد العجز الجاري فقد بلغ منذ بداية السنة 361 مليون دولار بما يمثل نسبة 1% في الناتج المحلي الإجمالي. (المصدر:موقع محيط بتاريخ 31 مارس 2007)


قطر للبترول تفوز بصفقة بناء مصفاة نفطية في تونس

 
تونس (30 مارس/آذار) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء – أعلنت مصادر صحفية اليوم (الجمعة) في تونس، عن فوز شركة « قطر بتروليوم » بصفقة انجاز مصفاة جديدة لتكرير النفط، ستقام بالمنطقة الصناعية بالصخيرة من محافظة (صفاقس) التونسية. وأضافت هذه المصادر أن حجم الصفقة يقدر بحوالي 1.8 مليار دولار، وأن الشركة القطرية فازت بهذا العرض الدولي على شركة بيتروفاك البريطانية. ووفق ما أعلنت عنه الحكومة التونسية، فإن الشركة الفائزة ستقوم بإنشاء واستغلال هذه المصفاة، التي حددت طاقتها الإنتاجية الدنيا بـ 120 ألف برميل يوميا، كما أن الموقع يحظى ببنية أساسية هامة، لخزن المنتجات النفطية، علاوة على أنبوب للنفط الخام وميناء محمي، قادر على استقبال بواخر نفطية بحمولة 120 ألف طن.
 

(المصدر:وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء  بتاريخ 31 مارس 2007)


الاستاذ عبد الستار بن موسى عميد المحامين يعلن مفاجأة من العيار الثقيل:

لن أترشح ثانية للعمادة وسأجعل من الوعد عهدا !

معهد المحامين سيكون مصفاة

يمكن القول ان تمسك الاستاذ عبد الستار بن موسى عميد المحامين بعدم الترشح ثانية لهذا المنصب رغم وفرة حظوظه في النجاح وتمسك عديد المحامين به، قد أفرز حالتين جديرتين بالاهتمام أولاهما تمسكه بالوعد الذي اطلقه منذ اليوم الاول من حملته الانتخابية بعدم الترشح، وثانيتهما فتح الابواب على مصراعيها امام كل المتناسين الذين كانوا يخشون التراجع عن قراره المذكور..
ولعلّ وراء هذا القرار اللافت للنظر حقا تقف جملة من الاسرار والدوافع والعوامل الموضوعية وربما قدرة على استشراف  مستقبل مهنة المحاماة. وهذا  اللقاء الذي جمعنا بالاستاذ عبد الستار بن موسى سيكشف المستور ويتناول المسكوت عنه فإلى هذا اللقاء الذي يعلن من خلاله عميد المحامين عن مفاجأة من العيار الثقيل…
* قرب موعد عقد الجلسة العامة الانتخابية، هل مازال السيد عميد المحامين عند العهد الذي قطعه على نفسه بعدم الترشح ثانية؟ ـ اذا كان في الاعادة افادة، فإني سأعيد التأكيد على ان قراري بعدم الترشح للانتخابات المقبلة لا رجعة فيه، اذ سبق ان تعهدت بذلك في برنامجي الانتخابي حين قلت بصريح العبارة «يجب ان، نجعل من الوعد عهدا، انما الناس بوعودهم».
* لكن هناك عديد الاطراف داخل المحاماة قد طلبت منك الترشح لمدة نيابية ثانية لماذا لم يستجب السيد العميد الى هذه المطالب؟ ـ نعم، لقد ناشدني عديد الزملاء بالترشح ثانية لاستكمال برنامجي من ناحية ولوفرة حظوظي في الفوز مجددا من ناحية أخرى، الا انني اعتذرت لايماني العميق بأن الديمقراطية لا تستقيم إلا بقاعدة التداول على المسؤولية. ولئن نالني شرف الوصول الى العمادة بفضل ارادة القاعدة الواسعة من زملائي، لكن حرصي على احترام هذه الارادة، يدفعني الى مغادرة المسؤولية لافسح المجال لمن قد يكون افضل منّي أو أوفر حظا.
* يرى بعض المراقبين ان اصراركم على عدم الترشح ثانية يعد الشعرة التي قسمت ظهر البعير والمتمثلة في عدم المصادقة على النظّام الدّاخلي، فما حقيقة هذا التحليل وما مدى موضوعيته؟ ـ كلا، لقد اعلنت  عدم ترشحي للانتخابات القادمة منذ يوم 29 نوفمبر 2006، وقد نشر ذلك على اعمدة الصحف الوطنية، أمّا فيما يتعلق بمشروع النظّام الدّاخلي، فإنّه لا بدّ من التأكيد على انه قد تم عرضه على عديد اللجان التي ترأسها السادة العمداء السابقون، وتم التقليص من حجمه ومن مضامينه حتى كاد يكون مختلفا عن المشروع الاوّل والذي اعددته شخصيا حيث تضمن عديد الاليات لمراقبة المباشرة والكفاءة والتقيّد بالواجبات المهنية وبالتالي فإن المصادقة او عدمها لم تغير في القرار الذي اتخذته قبل وصولي اصلا الى منصب العمادة.
* لئن تقيم غالبية المحامين اداءكم خلال المدة النيابية الماضية بكونه موغلا فيما يسمونه بثنائية الاستقلالية والمهنية الا ان الاجماع حول ما حققتموه للمحاماة ظلّ غائبا.. فما تقييمكم لحصاد السنوات الماضية؟ ـ إلى جانب التكريس الفعلي للديمقراطية داخل القطاع من خلال استشارة مجلس العمداء والمجلس العلمي ومتابعة عمل اللجان، فإن المحافظة على استقلالية المهنة تجاه كلّ الاطراف كانت دائما هاجسي الاوحد وقد تصديت بكل السبل للاغراء والتوظيف، كما سعيت الى صيانة المهنة وحمايتها من كل آفات المجاراة والموالاة. أمّا المسألة المهنية، فقد جعلت منها معبرا لارساء حوار جدّي ومسؤول، متوخيا كل الاشكال النضالية المشروعة. وان كان السيد وزير العدل وحقوق الانسان يؤكد كلّ مرّة شأنه شأن عديد الزملاء «الخلويين» بأن السلطة حققت كلّ المطالب المهنية مثل بعث معهد أعلى للمحامين وتوسيع مجال تدخل المحامي ولم يبق سوى ملف التأمين، فإنه لا يسعني إلا التأكيد على ان الاصلاحات المنجزة كانت ضئيلة ولم تستجب لطموحات المحامين، ولمقترحات هياكلهم، ولم تحقق ما تم الاعلان عنه من اصلاحات من قبل سيادة الرئيس الجمهورية. اذ ان مجال تدخل المحامي لم يتم توسيعه باجراءات جوهرية، ومعهد المحامين سينال من استقلالية مهنة المحاماة وسيكون بمثابة المصفاة على حساب التكوين ومجابهة الاغراق. اما مسألة التأمين، فقد حسمها مجلس الهيئة وارسل تصوّراته المبنية على دراسات فنية قيمة، إلا ان السلطة التي بيدها التشريع لم تر في اصلاح أوضاع المهنة مسألة هامة وملحة.
* إذاما ظلت هذه الملفات عالقة كما تعتقدون، فهل ستكون مقياسا لمدى نجاح هياكل المهنة مستقبلا؟ ـ إن المسألة ليست مرتبطة بالهياكل المهنية، بل بالسلطة وبالتيارات السياسية فكل تيار يسعى الى توظيف القطاع والسلطة تسعى الى تطويعه. فالسلطة إمّا ان تكون بارادتها غير عازمة على اصلاح القطاع او ان تكون عاجزة بحكم الظروف الاقتصادية والاجتماعية.
* الا ترون ان هياكل المهنة بصورة عامة وعميد المحامين بصورة خاصة يتحملون المسؤولية  من حيث عدم رغبتهم الصادقة بالدفع بالحوار الى اقصى مداه مقابل الانزلاق في الفعل السياسي على حساب البعد المطلبي ـ المهني الصرف؟ ـ لابدّ ان أؤكد على ان هياكل المهنة هي الحلقة الاضعف في الحوار اذ انها تنشده وتطالب به آملة ان يكون مسؤولا وجديا لكن وزارة العدل وحقوق الانسان حاولت ان تجعل من الحوار شكلا لاضفاء المشروعية على قراراتها ومشاريعها المعدة مسبّقا، مستندة الى احقية السلطة في التشريع..
* يرى  بعض  المراقبين ان مهنة المحاماة قد عرفت خلال السنوات الماضية حضورا وامتدادا دوليا فهل يعود ذلك الى محاولة الاستقواء ام الى محاولة التشبيك  دوليا؟ ـ بالفعل لقد اتسعت المحاماة وطنيا ودوليا، ولا أدل على ذلك سوى ذلك الكم الهائل من برقيات المساندة التي تهاطلت علينا من مكوّنات المجتمع المدني الوطني ومن قبل نقابات وهيئات المحامين في العالم. اضافة الى ان بلادنا قد اصبحت خلال المدّة الماضية محطة للاتحادات الدولية واطارا للندوات العلمية والملتقيات المهنية حيث زارنا عديد العمداء والنقبا’ء ورئيس الاتحاد الدولي للمحامين ورئيس الاتحاد الافريقي للمحامين والامين العام لاتحاد المحامين العرب ونائب رئيس الرابطة الدولية لهيئات المحامين ورئيس المجلس الوطني لهيئات المحامين بفرنسا.. وقد حلّ جميعهم بيننا بما لهم من كفاءات علمية ومهنية ولم نتلق من اي كان مالا ولا هبات، بل ان كلّ مافي الامر هو خلق حالة من التعاون والتآزر بين المحامين.
* باعتبار ان الانتخابات في قطاع المحاماة ترتبط دائما بالتحالفات السياسية وكثرة البرامج الانتخابية، فهل تعتقدون ان الوضع الراهن للمحاماة مازال يحتمل هذا كله؟ ـ لا شك ان التيارات السياسية بتحالفاتها تلعب دورا في اختيار مسؤولي الهياكل ولكن هذا الدور وان كان موجودا، فانه ليس محددا بصورة حتمية اذ ان هناك عوامل اخرى لعلّ أهمّها تلك المتعلقة بمقوّمات شخصية كلّ مترشح وبما يتميز به من استقلالية وجرأة ونزاهة ومصداقية. أجرى الحوار ـ الحبيب الشابي

(المصدر: صحيفة « الشعب » الصادرة يوم 30 مارس 2007)


مضحكات مبكيات كاشف الغطاء المعري (12)

 
1- هذه دولة القانون والمؤسسات التي تدعمها الأحزاب الكرتونية

إثر التدخل في إحدى جلسات البرلمان الأخيرة الذي قام به السيد إدريس عضو مجلس النواب والممثل حركة التجديد عن إحدى دوائر صفاقس  والذي تساءل عن مصير 350 مليار وهي قيمة  صفقة البيع للجزء الذي عرض للخوصصة من شركة اتصالات تونس والذي آل إلى نصيب الإماراتيين ولماذا لم تظهر ضمن مداخيل ميزانية الدولة المجدولة للسنة المالية الحالية ، فكانت الإجابة على الطريقة البلطجية والمافيوزية،  حيث تعرض بيته بإحدى ضواحي صفاقس إلى مداهمة من قبل مجهولين تربصوا فرصة غيابه هو وعائلته عن المنزل فقاموا باقتحامه وبعثرة محتواه لإيصال رسالة فحواها أن وصولهم للبرلمان كان منة من السلطة وليس بعرق جبينهم أو بتزكية شعبية ولكن بفضل الحصة التي أقرتها السلطة للأحزاب الكرتونية التي ترضى عنها وبالتالي فإن أي ازعاج من ذاك القبيل يدخل في إطار المثال العربي « إن أنت أكرمت اللئيم تمرد »،  فهل فهم الجميع هذا الدرس الديمقراطي العظيم,  2- لماذا اختفت نايلة  شرشور عن الأنظار تفاصيل مثيرة  إثر الغياب المريب للسيدة  نايلة  شرشور عن الساحة الميدانية أو الإعلامية  لفترة مثيرة للانتباه  رأينا إنارة المتابعين للشأن السياسي التونسي عامة وللرأي العام عامة  ببعض خلفيات وأسرار هذا الانسحاب المفاجئ الطوعي والقسري في نفس الوقت ففي  إطار سياسة الانتقام التي تنتهجها السلطة الحاكمة في تونس من معارضيها وعائلاتهم تعرضت عائلة السيدة نايلة شرشور إلى مظلمة جديدة وخطيرة دارت رحاها خلال الربيع الماضي (2006) استهدفت هذه المرة زوجها الذي وجد نفسه بين ليلة وضحاها قابعا في السجن بعد متابعات قضائية ماراطونية مشبوهة.  تتمثل القضية التي دارت رحاها في الربيع الماضي وتسربت تفاصيلها مؤخرا في إقدام السيد خالد الحشيشة زوج السيدة نايلة شرشور وابن الطبيب المشهور الطيب الحشيشة على انجاز تقسيم عقاري لأرض على ملكيته في منطقة سكرة بأحواز تونس. وقد تحركت ماكينة السلطة عندها برفع قضية ضده متهمة إياه بتقسيم أراضي فلاحية – بالرغم من أنه لم يقم ببيع أي جزء – معتمدة على القانون الذي يمنع التفريط في الأراضي الفلاحية.  وقد قام السيد خالد بالاتصال بمحاميه الذي أعلمه أن مثل هذه القضايا تستمر سنوات للبت فيها إلا أنه عندما فوجئ باستدعاء لحضور الجلسة المحددة للبت في القضية بعد ثلاثة أيام من تسلم الاستدعاء، نبهه  محاميه بأن القضية تفوح منها رائحة سياسية كريهة وأشار عليه للالتجاء إلى المحامي الشهير م الطرابلسي   الذي يمكن أن يلعب دورا في مثل هذه القضايا.  وفعلا طالبه الأستاذ الطرابلسي بأجرة مقدارها 30 ألف دينار لنيابته في القضية تسلم منها مسبقا شيكا قابلا للصرف قيمته 15 ألف دينار.  وتمت الجلسة التي صدر فيها حكما قاسيا نافذا ب9 أشهر سجنا وخطية قدرها 50 ألف دينار،  وطالب المحامي الاستئناف، وكان له ما طلب وتمت جلسة الاستئناف بصفة مستعجلة وغير عادية – حتى لا يتمتع السيد خالد الحشيشة  بالسراح المطول- وتم تخفيف الحكم إلى 6 أشهر سجنا نافذة وخطية ب20 ألف دينار.  وقد دفع السيد الحشيشة ما تبقى من أجرة المحاماة للأستاذ الطرابلسي وهكذا كانت قيمة الخطية والأجرة معا 50 ألف دينار وهي القيمة المقرر ابتزازها منذ البداية من الضحية ما دام المصب من نفس الفصيلة.

من خفايا هذه المأساة أن لأحد أفراد عائلة شرشور  علاقة ودية بشخصية أمريكية مرموقة –يشغل حاليا منصبا بالبنك الدولي – وقد تم إعلامها بمجريات هذه المسرحية،  وقد عبرت الإدارة الأمريكية عن امتعاضها من هذه الممارسات المفضوحة إلا أن رد السلطة كان أن القضية من اختصاص القضاء وحده ولا يجوز التدخل للمس من استقلالية السلطة القضائية – ضحك على الذقون – كاشف الغطاء المعري مارس 2007


في ذكرى المولد: عندما تغيب الأمة ويحظر الرجل

 
لعلك يا سيدي تسأل عن أحفاد حمزة وخالد وعقبة وطارق..، لعلك تسأل عن من خلف بن الخطاب و بن عبد العزيز في حكمهم وعدلهم وسؤددهم، إني لأستحي حياء العذراء عن إجابتك! هل أقول لك عجزت النساء أن يلدن أمثالهم؟ أم أقول لك عجزنا أن نكون أتباعهم؟، هل أقول ظلمَنا الناس وما كنا لأنفسنا ظالمينَ؟، أم أقول لك… بأيد مرتعشة، وألسنة مضطربة… حتى لا تفهم قولي..، حتى لا أجرح مشاعرك..، حتى لا أبخس آمالك فينا..، حتى لا تقول عنا يوم نلقاك سحقا سحقا، فما هم أصحابي، ما هم أحبابي، ما هم من أمتي.. عذرا يا سيدي لن أجيب، لن أجيب، لن أجيب… في ذكرى مولد الرسول الكريم (ص) عندما تغيب الأمة ويحظر الرجل د.خالد الطراولي ktraouli@yahoo.fr
مناجاة الدقائق الأخيرة من الليل الحضاري من وراء اللحود، من وراء الحدود، بعيدا في الزمان والمكان، تفصلني عنك يا سيدي الكريم البحار والأخاديد، ولكن قلبي عنك ما نفصل…أردت مناجاتك أردت مخاطبتك، مساررتك وأنت من أنت في عليائه، وأنا الفقير في أرضه وتحت سمائه، أهنئ نفسي أم أعزيها؟ بماذا أبدأ شكواي وعن ماذا أحدثك، وقد انسدل ليلنا قبل ليلي، وتلألأت النجوم وخاب نجمي… تركتَ يا سيدي بلاد بلقيس واحدة، فصار لعقود طوال اليمن يمنين، وكاد لبنان أن يصبح لبنانين، والسودان في الطريق إلى سودانين، حتى « بلغ الإعجاز لدينا أنّ الواحد منّا يستطيع أن يُكوّن من نفس فرقة ناجية، ثمّ لا يلبث نصفه الأيمن أن يعلن انشقاقه على نصفه الأيسر » !!. هل تعلم يا سيدي أننا أصبحنا كثرة حتى أنك تجد آثارنا في كل ناحية من هذه الأرض، لكننا لم يُجْدِ كمّنا، فالكيف قد انحسر وغاب..، أصبحنا أذلة مستضعفين، نمشي الهوينا، نحاذي الجدران على استحياء، حتى لا نوقظ الجيران أو نستثير غضبهم وويلاتهم..، وضعنا المشانق ومحاكم التفتيش لمن خالفنا الرأي من أبناء جلدتنا، من بين أحفادك، وكثرت جرائمنا، وانتزعنا الرأفة والرحمة من قلوبنا، حتى حفرنا المقابر الجماعية لأبناء وطننا، ورششنا المواد السامة على أطفالنا وعجائزنا، ونسينا ما تركته فينا… حتى قيل فينا « أن امتيازنا الوحيد هو أننا شعب بإمكان أي مواطن فيه أن يكفّر جميع المواطنين، ويحجز الجنة التي عرضها السماوات والأرض..له وحده » !!. يروي أنس رضي الله عنه أن أعرابيا دخل المسجد ثم قام يبول داخله وأصحابك يصيحون به: مه مه (أي اترك)، فقلتَ لهم يا سيدي « لا تزرفوه دعوه » (لا تقطعوا بوله)، فترك الصحابة الأعرابي يقضي بوله، ثم دعوتَه وقلت له برفق ولطف: « إن المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن ». ثم التفتَّ إلى أصحابك قائلا إنما بُعثتم مُيسّرِين ولم تُبعَثوا مُعسّرِين، صبّوا عليه دلوا من الماء. فقال الأعرابي: اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدًا!!!… متفق عليه.
وأرهبنا الناس يا سيدي… حتى ذاقوا ذرعا بنا، ولولا أن دينك سمح معقول، وسهل الاستساغة والقبول، لنبذه الناس من حالنا، فقد فتناهم بضعفنا وفقرنا وتخلفنا، وكادوا يربطون دينك بسلوكنا وتصرفاتنا، ونسينا أننا أصحاب مشروع رحمة ورفق ولطف وإنسانية … قيل لك يا رسول الله أدع على المشركين، فقلت: « إني لم أُبعث لعانًا، وإنما بُعثت رحمة ». رواه مسلم لعلك يا سيدي تسأل عن أحفاد حمزة وخالد وعلي والقعقاع وسعد وعقبة وطارق..، لعلك تسأل عن من خلف بن الخطاب و بن عبد العزيز في حكمهم وعدلهم وسؤددهم، إني لأستحي حياء العذراء عن إجابتك! هل أقول لك عجزت النساء أن يلدن أمثالهم؟ أم أقول لك عجزنا أن نكون أتباعهم؟، هل أقول ظلمَنا الناس وما كنا لأنفسنا ظالمينَ؟، أم أقول لك… بأيد مرتعشة، وألسنة مضطربة… حتى لا تفهم قولي..، حتى لا أجرح مشاعرك..، حتى لا أبخس آمالك فينا..، حتى لا تقول عنا يوم نلقاك سحقا سحقا، فما هم أصحابي، ما هم أحبابي، ما هم من أمتي.. عذرا يا سيدي لن أجيب، لن أجيب، لن أجيب… هذه حالنا يا سيدي ولكن بشائرك لم ننسها ولن ننسها، وهي آمالنا وأحلام يقظتنا، ودافعنا إلى النهوض والتوكل وعدم التواكل… « إن الله زوى لي الأرض – أي جمعها وضمها – فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها. . رواه مسلم حملت يا سيدي هموم الأمة وأردتها عالية بين الأمم، وتركتها وأنت راض عنها، فكان الأجداد وبنوا حضارة، ثم خلف الأحفاد و أضحوا أجلافا إلا من رحم ربك وهم قليل، يتذللون على موائد الغير ويأكلون الفتات ويعيشون مع الأموات.. كان مشروعك مشروع أمة سهرتَ عليه الليالي، كنتَ منتصبا بالليل قائما بالنهار..، وما أنصفناك.. عذرا يا سيدي فقد أنصفك الغير وما أنصفك قومك، وهذا ملاذي وخلاصي فاسمع يا سيدي هذه الكلمات على حياء من تقصيري وجهلي لعلها أن تزيد أملي وتنزع إحباطي وتفتح عيناي على عظمتك ورحمتك.. فهذا الإنكليزي برناردشو يُحيّ ذكراك وهو من غير ملتك، اعتبارا لشأنك واحتراما لمشروعك  » إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضع دينه دائماً موضع الاحترام والإجلال فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالداً خلود الأبد، وإني أرى كثيراً من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة »!!. وهذا الأمريكي (مايكل هارت) يجعلك الأول بين العظام في التاريخ وقد غفلنا عن عظمتك وتجاهلنا مركزك ومكانتك  » إن اختياري محمداً، ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني والدنيوي « !!!. وهذا الفرنسي لا مرتين لا يهضمك حقك ولعله قد هضمناه لما تنكرنا لإرثك واستحيينا من حمله عاليا بين الأمم  » إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أيا من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد « !!!. ولم يسع رجلا في سماحته كغاندي إلا أن يبادلك لطفه وتقديره، وقد تناسينا سلوكك ويومك وليلك ورفقك وزهدك  » : لقد أصبحت مقتنعا كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته « !!! وهذا الروسي تولستوي يتنبأ لك ولمشروعك بالسيادة رغم هناتنا وضعفنا وكأننا قد استبدلنا الله وجعل شرف الحمل لغيرنا  » يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة. « !!!. إرهاصات عذرا يا سيدي على الإطالة، فقد غلب أجفاني نوم الحياة، وبدأت أحس بنداء الفراش، وإني أعلم أنك قد أنصتَّ لشكواي، ولعلها كانت تنفيسا لغلياني، فشكرا على إنصاتك، شكرا على جهدك، شكرا على مولدك!. أعلم أني لم أطيب خاطرك ولكن هذه حالي وحال أمتك… ولكني أود أن أهمس لك بكل لطف بكل رفق بكل محبة وأنا أودعك، بأنه رغم الداء والأعداء، رغم المطبات والأزقة، رغم المنافي والأخاديد..، مازلت متفائلا… وأن إرهاصات النهوض قد غلبت وداعات المثوى الأخير، وأن المارد قد تمدّد، والرماد قد تمرّد، والأفق قد تلبّد، والضمير قد تنهّد، والسيّد قد تسيّد، وإن الصبح لقريب…!
 

المصدر: موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي


 

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين تونس في: 29/03/2007 26 مارس 1945 ذكرى هجرة المجاهد الأكبر إلى المشرق الذكرى الخالدة والمغامرة الخطيرة من أجل تحرير الوطن يوم 26/03/1945

 
بقلم محمد العروسي الهاني أواصل بعون الله تعالى الكتابة حول تاريخ الحركة الوطنية التونسية التي تغافلها القوم وتجاهلها بعضهم وحرفها آخرون وهمشها معارضون وقلل من شأنها مؤرخون ونساها عدد من الجاحدين وبقت راسخة في أذنها الغرباء المناضلين الذين يعترفون لصاحب الفضل والفضيلة وصاحب المغامرة الخطيرة من جاء بعد محنة طويلة وسجون دامت في المحنة الأولى عامين من 1934 إلى 1936 والثانية من 1938 إلى 1944 الحرب العالمية الثانية وبعدها جاءت فكرة الهجرة إلى المشرق مصر العربية عسى أن يلعب الزعيم دوره التاريخي كعادته في التعريف بالقضية الوطنية في مشرقنا العربي الأبي وفعلا بعد تعب شديد وغربة ومنافي وسجون طويلة جاءت فكرة الهجرة إلى مصر في ظروف صعبة وملاحقة من طرف الإستعمار الفرنسي وبعد مكائد ودسائس ونفاق وبعد حل الحزب الحر الدستوري التونسي وشل الحركة الوطنية والبحث عن القائد الزعيم المحنك المدبر ورأس الحكمة وقرر الديوان السياسي للحزب أن يغادر الزعيم أرض الوطن حماية له وحفاظا لتاريخه المشرف وقبل الزعيم قرار مكتب الديوان السياسي للحزب واعتمد على الله وحده وسافر إلى صفاقس ثم جزيرة قرقنة ومنها أعد العدة للسفر بحرا إلى ليبيا في قارب صغير تلاطمه أمواج البحر القوي في شهر مارس 1945 وقطع المسافة بشق الأنفس والفواجع والأتعاب وقصة وصوله إلى ليبيا بعد مغامرة خطيرة شرحتها في المقال الذي نشرته في العام المنصرم وحلوله بمصر كان معجزة ومغامرة كبرى وقصة منعه من دخول مصر معروفة لولا أطاف الله وعونه ودخل مصر بفضل الله وبأسباب والأخذ بالأسباب وكان له دور هام وفاعل وبارز فهو الذي عرف بالقضية الوطنية في المشرق وكان له دور بارز في تكوين مكتب المغرب العربي تونس والمغرب والجزائر وهو الأمين العام للمكتب ونشط الزعيم وقام بجولات وإتصالات داخل مصر وفي كل الدول الغربية للتعريف بالقضية وحصل له  عدة لقاءات مع رجال السياسة والفكر والإعلام والصحافة وبرز بروزا في شتى المجالات وهذا النشاط جلب له الحسد والغيرة وبعد 4 أعوام كاملة عاد الزعيم الحبيب بورقيبة إلى أرض الوطن عام 1949 وبدأ في الجولات والإتصالات المباشرة ودب في الحزب دم جديد وحركية جديدة بعد فتور وعم الوعي من جديد الجماهير الشعبية وتحركت القواعد الحزبية وعم النشاط السياسي وفي عام 1950 شرع الزعيم في سلسلة من الإجتماعات المارطونية في كامل أنحاء البلاد جنوبا وشمالا شرقا وغربا وفي سنة 1951 قرر الزعيم القيام بجولة واسعة النطاق شملت 4 قارات دامت 11 شهرا من 3 جانفي 1951 إلى 2 ديسمبر 1951 إتصل فيها بعديد الوجوه السياسية والإعلامية وشارك في عديد الندوات الصحفية وخطب في عديد المناسبات المتاحة له وكانت جولة كبيرة لها مغزاها العالمي الدولي وأصبحت لدى العالم فكرة واضحة على تونس هذه الجولة المارطونية أخذت منعرجا سياسيا هاما وعاد الزعيم يوم 2/12/1951 إلى أرض الوطن معتمد على الله متوكلا عليه وبدأ جولاته المارطونية كعادته لتهيئة المعركة الحاسمة خاصة بعد رفض مذكرة 15 ديسمبر 1951 من طرف غلاة الإستعمار الفرنسي وحكومة التعنت وفعلا فهم الزعيم نوايا الإحتلال الفرنسي ومقاصد الحكومة والقيم العام الفرنسي فشرع الزعيم في الإعداد للمعركة الحاسمة ونجح القائد في خطته السياسية وكان خطاب 15 جانفي 1952 ببنزرت خطاب شديد اللهجة لتهيئة المعركة في الربع الساعة الأخيرة نعم الربع الساعة الأخيرة وفهم المناضلون خطاب الزعيم المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله وتوفرت الإرادة الصادقة والعزيمة الخالصة وجمع السلاح والعتاد والمال حسب إشارة الزعيم وبعد 3 أيام فقط على خطاب الزعيم ببنزرت عمدت السلطات الفرنسية إلى إعتقال الزعيم من معتقل الزعيم بتونس وهو طريح الفراش مريض وفهم الأحرار المقاصد السيئة والإعتداء على قمة النضال ورمز الصمود فصعد الرجال الأشاوس الجبال لمقاومة الإحتلال والإستعمار الفرنسي يوم 18 جانفي 1952 يوم إعتقال زعيمهم المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة فعمت الإضرابات والإحتجاجات والمسيرات وما كان من الاستعمار إلا مزيد التنكيل بالمناضلين والزعماء والزج بهم في السجون ودامت هذه المحنة الثالثة قرابة عامين ونصف من 18 جانفي 1952 إلى يوم 31/07/1954 تاريخ زيارة منداس فرانس رئيس حكومة فرنسا إلى تونس وأعلن إستقلال تونس الداخلي يوم 31/7/1954 ومنذ ذلك الحين بدأت مرحلة جديدة وعهد جديد وقدمهم لهذا الحدث الزعيم الراحل ونجح في رسالته التاريخية وبدأت المفاوضات التونسية الفرنسية المارطونية حتى جاء الموعد التاريخي الهام وعاد الزعيم الحبيب بورقيبة إلى أرض الوطن يوم غرة جوان 1955 حاملا لواء النصر المبين وبشائر الحرية والإستقلال والسيادة بعد سلبها طيلة 75 سنة مضت نجحت سياسة المراحل البورقيبية التي من أهم شعارها خذ وطالب والمهم قبل المهم والكر والفر واضرب ورخ تلك هي أهم مميزات سياسة المراحل والنتيجة كانت الاستقلال التام بعد 9 أشهر فقط وفي 20 مارس 1956 حصل الاستقلال تام وتشكلت حكومة الاستقلال الوطني 14/04/1956 وجاءت بعدها تونسية الأمن الوطني 18/04/1956 والجيش الوطني 24/06/1956 وتونسة الديوانة 09/12/1956 وإحداث الحرس الوطني بعد إلغاء نظام الجندرمة الفرنسية 06/09/1956 وقبلها تحرير المرأة 13/08/1956 وإنتخاب المجلس التأسيس 25/03/1956 هذه نقطة من بحر زاخر وبعض المحطات التاريخية أسوقها لعل أخواننا الذين شاركوا في الحوار التلفزي بقناة العربية يوم 19/03/2007 خاصة أساتذة التاريخ أن يدركوا أن منهجية الحوار وأدب النقاش وأسلوب ذكر التاريخ وقيم الرجال تفرض علينا جميعا الإقرار والإعتراف بالواقع ولو كان عند بعضهم غير محبذ لأسباب يطول شرحها والمثل يقول إلي يحبك يسقتلك والي يكرهك يلقتلك والمثل يقول معيز ولا طاروا والمثل التونسي يقول المحبة بخوت ومثل أخير يقول رضاء الناس غاية لا تدرك بعد هذا أشير إلى التدخلات التي شاهدناها يوم 19/03/2007 بقناة العربية مشكورة لاحظنا بكل إهتمام ما قاله رئيس جمعية المحافظة على تراث بورقيبة بفرنسا مشكورا على وفائه وصدق أقواله وشهادته التاريخية وقد أعجبنا بأقواله كما تأثرنا بأقوال وشهادة الصحفي الفرنسي في جريدة لومند الفرنسية كانت شهادة حر قال كلمته للتاريخ فشكر لهما على هذه الشهادة المؤثرة التي نقدرها حق قدرها ونثمنها بكل إعتزاز وفخر وعندما نقارن هذه الشهادات الحية من أهلها ندرك الفارق والبون الشاسع بين الذي يقول الحقيقة كاملة وهو فرنسي خصم الأمس وصديق اليوم الودود وبين أبناء البلد الذين يتصدون الإساءة لزعيمهم حتى حرية المرأة يوم 13/8/1956 يعطيها أحدهم مفهوم حسب أفكاره للتهميش والتقليل من شأن الحدث لا حول ولا قوة إلا باله العلي العظيم وحسبنا الله ونعم الوكيل إلى متى هذا الفيض من الإساءة وهل يأتي اليوم المناسب ليقول الرئيس زين العابدين بن علي لهؤلاء كفى كفى كفى إساءة لزعيم الوطن كما قالها عام 1989 عندما قال أحدهم كلام بجريدة الصباح غير دقيق أذن الرئيس البار بالزعيم وقال كفانا تهميش وإساءة وحان الوقت اليوم لنقول لهؤلاء مثل هذا الكلام لأن إذا تمادى هؤلاء في حملتهم فسيكون لها تأثير على المستقبل وكل آت قريب ومن ذم الزعيم الرمز فهو قادر على مواصلة المشوار مع الذين جاء بعده وهكذا دواليك فهل من رجال شجعان مثل محمد حسنين هيكل بمصر وحسين الشافعي رحمه الله لوضع حد للإساءة لرمز البلاد وصاحب مغامرة 26/03/1945. قال الله تعالى: « ولمثل هذا فليعمل العاملون » صدق الله العظيم.

محمد العروسي الهاني


حـــوار الطرشـــان *

 
دخل الجميع القاعة، البعض اصطف على اليمين والبعض اصطف على اليسار…ا قال الأولون تحية طيبة… باسم الشعب نفتتح اللقاء.ا قال الآخرون السلام عليكم… باسم الله نبدأ الكلام.ا قال الأولون أيها الرفاق…ا قال الآخرون أيها الإخوان…ا قال الأولون نجتمع أيها السادة والسيدات في هذه الليلة الحمراء، في هذه القاعة التي تشبه المنجل في تصميمها، لنؤكد على المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة… ولذلك نريد الحوار…ا قال الآخرون نجتمع أيها السادة والسيدات في هذه الليلة الخضراء في هذه القاعة التي تذكرنا بالهلال، لنؤكد غلى المساواة بين الرجل والمرأة ولذلك نريد الحوار…ا قال الأولون إن المرأة أساس البنيان، والمساواة أساس العدل والعمران.ا قال الآخرون إن المرأة أختنا وأمنا وزوجتنا وابنتنا ولا سبيل أن نظلم أولي القربى ببهتان.ا قال الأولون يبدو أننا متفقون فعلينا بنشر البيان.ا قال الآخرون نعم ولا جدوى من الحوار والجدال فالكل سيّان.ا قال الأولون بسم الشعب نبدأ…ا قال الآخرون بل بسم الله نفتتح…ا وتعالى الصياح الكل ينادي على ليلاه وليلى منهم براء، وخرجت من الصف امرأة، قالت على حياء اكتبوها باسم الله باسم الشعب باسم المرأة باسم الإنسان!ا نظر البعض إلى البعض نظرة استغراب واشمئزاز…ا قال الأولون من أين خرجت هذه المرأة وكيف تتعدى سلم المناضلات وصفوف الثوريات ولكلّ منازل ومستويات!ا قال الآخرون من أين أطلت هذه المرأة والرجال قوامون على النساء ولكل درجات!ا قال الجميع باسم الله نبدأ باسم الشعب نبدأ ولا مساواة لا مساواة لا مساواة…ا * حول بعض لقــاءات أطراف من العلمانيين وأطراف من الإسلاميين في وطننا العربي الفسيح بقلم : مواطــن المصدر: ركن خواطــر موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net


تشـريــك النخـــب
بقلـــــــــم: برهان بسيّس
 
أعتقد أن التفكير في مداخل إدماج النخب في خوض قضايا الشأن العام وإعادة صياغة فهم جديد لمعنى تشريكها مسألة ضرورية للاستعانة على رفع التحديات المطروحة على البلاد والمجتمع. فالمتابع لحراك النخب التونسية يمكن أن ينتبه إلى حالة من التراجع والفتور التي ارتقت مع البعض إلى مستوى لافت من اللامبالاة المزعجة الباعثة على الحيرة والقلق خاصة أن الأمر لا يتعلق في حالة النخب الفكرية والثقافية بشريحة عادية باحثة عن توازنها بقدر ما تمثل هي بالذات الرافعة الأساسية التي من المفترض أن يقوم عليها توازن بقية الفئات والشرائح. المسؤولية في هذا المجال مشتركة بين الفاعل السياسي وأفراد النخبة ولكنها أعمق من مجرد المقاربة التفسيريّة الباحثة عن علاقة قطيعة وتضاد بين السياسي والمفكّر لتبرّر واقع الاستقالة النخبوية وانسحابها من الخوض في أسئلة الشأن العام. وهنا لا بد من التذكير بأن النخبة التي نقصدها في حديثنا هي بالأساس صنّاع الأفكار ومنتجو المعرفة القادرة على التأثير في محيطها الثقافي والسياسي والاجتماعي، ولا نقصد الجموع الحاشدة من حملة الشهائد العليا والإطارات المرموقة التي تعجّ بها البلاد ولكنها ترتضي لنفسها دورا تأثيثيا لواجهة الأحزاب والمنظمات دون أن تكون لها القدرة في التأثير على صياغة التوجهات وتقديم المقاربة الناجعة والجريئة والوعي بأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه الانتلجنسيا العضوية في تاريخ بلدها ومجتمعها. الخطاب السياسي السائد لا يفوّت فرصة دون التذكير بأهمية تشريك المثقف وهي دعوة صادقة تنبع من إيمان حقيقي بأن المصير والمستقبل لا يمكن أن ينحت إلا جماعيّا ولكن واقع الممارسة ينحسر أحيانا بفعل تعقيدات الواقع واستحقاقات التعبئة السريعة ولهفة رجال السياسة في علاقة سطحية يتراجع فيها التشريك لفائدة استثمار سطحي أقرب للاستثمار في تزيين الواجهة مما هو لإثراء المضمون خاصة حين يتعلق الامر بإخراج عملية تشريك النخب من دائرة الغرف المغلقة إلى فضاء التأثير العام الذي تتحكم فيه وسائل الاتصال الجماهيري. هنا بالذات يتمظهر الانحسار وتبرز حالة الاستقالة أو الإقالة التي تحيط بواقع النخب المهمّشة إعلاميا دون أسباب مقنعة، عدا لا مبالاة صاحب القرار في الصحيفة أو الإذاعة أو التلفزيون أو المنبر الثقافي، وعدم اهتمامه كليا بأن تكون فضاءاته مجالا لتشريك النخب وتحسيسها بالاندماج بما يفيد صورة الحراك السياسي والثقافي ويعطي لتجربة البناء الديموقراطي حيويتها الضرورية التي لم تعد تقاس في كثير من التجارب بحيوية الأحزاب والجمعيات ونسق تشريكها، بل بحيوية النخب والمفكرين وقدرة النسق على ادماجهم في لحظة قد يحتكر فيها مفكر واحد أو مثقف أو كاتب أو مبدع قدرة التأثير على المجتمع أكثر من كل الأحزاب مجتمعة!!! لا يمكن لنا أن نرتاح حين نعاين اسهام مثقف مثل هشام جعيّط يمر كأنه حشرجة باهتة في واد غير ذي زرع دون أن يلقى اهتمام النقاش والمجادلة من خلال وسائل الاتصال الجماهيري. ولا يمكن أن نرتاح لانسحاب أسماء مثل توفيق بكار أو عبد المجيد الشرفي أو حتى الجيل الجديد من النخب النشيطة مثل الدكتورة رجاء بن سلامة من صورة الترويج الاتصالي الوطني وكأنها أسماء غير تونسية لفرط ما احتكرتها فضاءات ومواقع أجنبية، فهؤلاء قد نختلف معهم، بل من واجبنا ذلك ولكن لا معنى حقيقة لقصة تشريك النخب دون الالتفات إلى مثل هذه الاسماء وغيرها من أصحاب الاسهامات الفكرية الجادة والمحترمة ولن يكون الأمر في نهاية المطاف حتى بمنطق الاستثمار وحساب الربح والخسارة سوى مكاسب لفائدة رصيد الوطن.  


في تونس.. السينمائيون يشنون حربا والقراصنة يهادنون

 
صب منتجون ومخرجون سينمائيون تونسيون، جام غضبهم على محلات نسخ الأفلام او « القراصنة ». ومن جهتها اهتمت وسائل الإعلام التونسية، بهذا الموضوع، الذي اسال ومازال يسيل الكثير من الحبر، دون التوصل إلى نتيجة. وفي خضم هذا الصراع المعلن، بين أطراف هذه القضية، التي وصفها المنتج احمد بهاء الدين عطية، ب »المعقدة ».  ووسط فوضى تنظيمية لقطاع السينما في تونس، لم يعد المتبع للشأن الثقافي، يميز بين صاحب الحق و »المتعدي ». المنتج يقول انه متضرر. و أصحاب قاعات السينما والموزعون، يتهمون القراصنة بأنه السبب وراء غلق صالات العرض. و أصحاب المحلات، يقولون انهم يشجعون التونسي على مشاهدة الأفلام. والمخرج يقول ان تراجع الإقبال على افلامهم ناتج عن القرصنة. لكن شقا آخر يتهم أصحاب القاعات بعدم مواكبة التطورات التكنولوجيات في ميدان العرض، و يرى ان المخرج يختلق الأعذار لتبرير فشل شريطه. وفي النهاية كل يدلو بدلوه.. كنا اجرينا تحقيقا، حول غلق قاعات السينما بتونس » قاعات السينما في تونس مهددة بالانقراض، يوم 7 يوليو 2006″، و تحدثنا مع مختصين في الميدان لنبين الأسباب. نواصل هنا رصد أزمة قطاع السينما في تونس التي تتأزم أكثر فأكثر. منطلق الهجمة الأخيرة على محلات نسخ الأفلام، كانت قرصنة فيلم النوري بوزيد »آخر الفيلم » الحاصل على التانيت الذهبي خلال الدورة الأخيرة لأيام قرطاج السينمائية. الفيلم وقعت « قرصنته » حتى قبل ان ينزل الى القاعات، مما دفع بالمخرج الى الإعلان عبر الصحف، ان النسخة التي تباع في محلات الأفلام، تختلف عن النسخة الجاهزة للعرض بالقاعات.. فيلم المنصف ذويب » التلفزة جاية »، « قرصن » ايضا، و موجود في هذه المحلات بقرابة الدولار. الشريط الوثائقي الذي لقي نجاحا في تونس و خارجها » كحلوشة » لنجيب بالقاضي، موجود ايضا على دي في دي و بجودة عالية. هكذا كان الحال، قبل ان تشن وزارة الثقافة، و تحت ضغط من أهل القطاع، حملة واسعة على هذه المحلات، وتغلق أكثر من سبعين محل. و تصدر 1300 تنبيه، حسب مصادر من الوزارة. ما حصل بعد ذلك انني قمت بجولة بين بعض محلات النسخ، في تونس العاصمة، بحثا عن احد هذه الأفلام، لكن دون جدوى. بل ان هذه المحلات، وضعت لافتات كبيرة، كتب عليها » لا نبيع المنتوج التونسي. نحن نساند الفنان التونسي »… عندما كنت اسأل عن الأفلام التونسية. كنت كأنني اشتم صاحب المحل. « التعليمات كانت صارمة » يقول احد العاملين بوزارة الثقافة. غير ان السبب لم يكن الأفلام التونسية فحسب، بل ايضا، الأفلام الإباحية، و التي تنشر للفكر الظلامي السلفي.
– قطاع السينما في تونس يعيش القرون الوسطى: عقد نجيب بالقاضي، ومجوعة من المنتجين والمخرجين، مؤتمرا صحفيا، لتسليط الضوء، على هذه الظاهرة. صاحب فيلم « كحلوشة » اعترف ان الحملة الإعلانية الضخمة، التي قام بها لترويج فيلمه، لم تكن في الواقع غير حملة دعاية لأصحاب محلات النسخ. ويقول « بعد ثلاث سنوات من العمل، نكتشف الآن ان جهدنا ذهب سدى ». اما احمد بهاء الدين عطية، فيرى ان قطاع السينما في تونس يعيش القرون الوسطى. و يقول في هذا السياق » لا تجد أي شخص يدافع عن المنتج او المخرج ضد القرصنة. تونس لا تدافع عن المبدع بل تحمي المستهلك..” ويقارن المنتج التونسي بين الماضي و الحاضر، حيث كانت تونس تحوي 116 قاعة عرض، في حين لا يتجاوز عدد القاعات الآن 14 قاعة. كما يرى عطية ان « المهنة فقدت تماما ». الإطار العام يجعل من عملية القرصنة، عادية و مقبولة. نجيب عياد، المنتج، رفض من جانبه الحديث عن قرصنة الإنتاج التونسي فقط. بل يؤكد ان الإشكال هو القرصنة بصفة عامة. و تحدث نجيب عياد، عن المحيط التشريعي، الذي يفتقده القطاع. و يقول  » سنة 1984 قدمنا نصا حول الفيديو. صادق عليه مجلس النواب. لكنه للأسف لم يخرج من الأدراج، لأن نصوصه الترتيبية لم تر النور ». و يرى نجيب عياد ان الإطار العام يجعل من عملية القرصنة، عادية و مقبولة من طرف كل هياكل الدولة. ف » محلات الفيديو في الثمانينيات، بعث في الأصل كمشاريع اجتماعية، للعائلات المعوزة ». اما المحامي » رياض التواتي » يرى ان غياب الإطار القانوني هو الذي اوصل القطاع الى هذه الحالة. و ذكر رياضي التواتي، بقانون 1994، الذي جاء بعد شكاوى عديدة. لكنه يرى انه غير كاف. و لا يواكب الواقع، حسب رأيه و يؤكد القانون التونسي المتعلق بالملكية الأدبية و الفنية المؤرخ في سنة 1994 في الباب السادس، في المصنفات السينمائية و السمعية البصرية. الفصل 42″على جميع مستغلي المصنفات السينمائية و السمعية البصرية. من وسطاء ترويج للأشرطة السينمائية و الفيديوغرام عن طريق البيع او الإعارة او التسويغ و أصحاب قاعات السينما و العروض السمعية البصرية، ان يتعاقدوا مع أصحاب الحقوق أنفسهم او من ينوبهم قصد تسديد حقوق التأليف القانونية الموظفة على الاستغلال ». ويعزي رياض التواتي، انخفاض عقوبة القرصنة، الى ان المشرع التونسي يعتبرها مساس بالمصلحة الخاصة و ليس العامة. كما تحدث المحامي، رياض التواتي، عن غياب الضبط الإداري صلب وزارة الثقافة مثلما هو الشأن بالنسبلة لأعوان البلدية. و غياب ما سماه بالتدخل السابق. لغلق هذه المحلات. اما مفاجأة المؤتمر، هي حين أعلن المنصف ذويب، ان أكثر من 70 ألف محل نسخ للأفلام و غيرها موجود بتونس، 35 الف منهم بتونس العاصمة، دون الحديث عن الذي يعملون بصفة غير قانونية، أي في « السوق السوداء ». و تساءل كيف يمكن الحديث، عن منع للقرصنة، في حين يوجد 35 الف محل في تونس العاصمة؟ واقترح المخرج التونسي، اجراء اتفاق مع أصحاب المحلات، لتوزيع الانتاج السينمائي ولم لا بعث مغازات خاصة بالأعمال السينمائية مؤشر عليها بطابع جبائي وذلك للحد من ظاهرة القرصنة… ويكون ذلك تحت إشراف ومتابعة قانونية دقيقة من عديد الوزارات. و ذلك بعد لن يخرج الفيلم لقاعات السينما في حين توكل عملية النسخ، لمؤسسات اخرى، تكون مراقبة:
– إتهامات متبادلة: غير أن أطرافا، أخرى في هذه القضية، ترجع أزمة القطاع، الى الموزعين، الذين يرفضون توزيع الفيلم التونسي، رغم ان القانون يطالبهم بذلك، مثلما حدث مع فيلم « القرصان البدوي » لخالد البرصاوي. و اصحاب القاعات الذي تلقوا دعما من وزارة الثقافة، لإدخال تحسينات على قاعاتهم، لكنهم لم يفعلوا. آخرون، يرون، ان غلق هذه المحلات سوف يحرم المواطن التونسي من مشاهدة الأفلام، في ظل رداءة الأفلام المعروضة بالقاعات، و قدم التجهيزات. و قال متدخلون على امواج اذاعة موزاييك الخاصة، ان المنتج و المخرج التونسي يتلقى الدعم من وزارة الثقافة و التلفزيون، و مؤسسات أخرى، لذلك، فهم يتساءلون » عن أي خسارة يتحدث المخرج او المنتج التونسي، ومثله الموزع؟؟ و يرى، بعض المهتمين بالقطاع، ان اول ما يفكر فيه المخرج او المنتج التونسي، بعد تلقيه الدعم، و الذي يصل الى قرابة 450 الف دولار، هو تغيير السيارة. لا تغيير المنزل. و ما الحديث، عن الخسارة، الا حديث عن خسارة في هامش الارباح. وبين جميع الأراء و الحجج، يبقى قطاع السينما في تونس، المتضرر الوحيد، دون الحديث عن مصير 70 الف محل، و عائلاتهم في حال اغلقت.

(المصدر: صحيفة « كل العراق » الصادرة يوم 31 مارس 2007)

 


يوم الأرض: إنعاش للذاكرة و عنوان للقضية

 
                 عامر عياد تحي الجماهير الفلسطينية و العربية الذكرى الحادية والثلاثين ليوم الأرض الخالد في ظل تصعيد السياسة الرسمية الاحتلالية المنهجية المعادية لها في مختلف مناحي الحياة                في الثلاثين من مارس 1976 كتبت الدماء الفلسطينية العربية في سخنين وعرابة و كفر كنا و الطيبة أسفار التشبث بالثرى ،بملكية الروح والجذور و الجدود ،واندفعت جموع باسلة في المثلث و الجليل و النقب تعلي صرخات الانتماء للوطن ، تعطي في الوافر السخي تضحيات الأرجوان المعافى الحر ، في دفاع للدماء الزكية عن الحق و المساواة ضد التعسف الصهيوني و مصادرة الأرض . كانت الأرض في البلاد تشيع شهداء الأرض ، تحي ذكراهم ، أصبحت الذاكرة لكل الفلسطينيين يوم اعتزاز و افتخار ..صارت الجذور تمشي إلى جذورها..وصار الاحتفال إشارات هادئة لتواريخ الصمود والإحياء وعلامات منيرة على طريق الرجوع إلى الممتلكات و المنازل والحقوق المسلوبة. لقد بدأت المخططات الإسرائيلية لتذويب الشخصية الوطنية لفلسطيني1948 منذ اللحظات الأولى لإقامة دولة »إسرائيل على حساب الحقوق التاريخية المشروعة لشعب فلسطين وأقدمت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على مصادرة أكثر من مليون دونم من أراضى القرى العربية المتبقية في المثلث والجليل فضلا عن مصادرة أراضى النقب ، وذلك عبر العشرات من القوانين و الأوامر العسكرية التي منعت أيضا الفلسطينيين من البناء والتوسع الطبيعي في أرضهم ،كل هذه الممارسات الإسرائيلية دفعت إلى المواجهة الحتمية التي وقعت فعلا وكانت ذروتها في الثلاثين من مارس 1976 ن لكن السبب المباشر وراء انتفاضة يوم الأرض كان قرار وزارة المالية الإسرائيلية الصادر بتاريخ29/02/1976 والقاضي بمصادرة 21 ألف دونم من أراضي فلسطيني الجليل لإقامة ثمانية قرى صناعية يهودية عليها،تطبيقا لخطة الحكومة الإسرائيلية المسماة « تطوير الجليل » الصادرة عام 1975 ولم تتورع وزارة الزراعة الإسرائيلية من الإعلان صراحة أن الهدف الأول من وراء خطة التطوير هذه هو تغيير الوضع الديمغرافي لمنطقة الجليل ، بما يمكن من خلق أكثرية يهودية فيها. إن إعلان وزارة الزراعة الإسرائيلية يفضح ويعري سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة حيال فلسطيني 1948. ولا يمكن أن تمر هذه الذكرى دون أن نستحضر جملة التحديات التي تواجه عرب48   رغم اتساع مساحة المعارك و التصدي مع مشاريع الاحتلال التهويدية التي لا تعرف حدودا أو خطوطا حمراء. وفي هذا السياق وحسب احدث التقارير العربية فان عرب 48 يواجهون في هذه الآونة وفي الذكرى 31 ليوم الأرض تحديات يمكن تصنيفها بالتحديات الإستراتيجية تتطلب وضع تصورات و خطط بديلة لمواجهتها و ابتكار آليات نضالية جديدة و تطوير الآليات الحالية. والتحديات وفق الباحث الفلسطيني مهند مصطفى هي التالية: *التحدي الأول :تنظيم الأقلية العربية فرغم مرور حوالي 60عاما على تهجير الشعب الفلسطيني و فرض المواطنة عليهم و31 عاما على يوم الأرض الخالد وما يحمله من دلالات تاريخية ما زالوا يبحثون عن إعادة  بناء وتنظيم الأقلية العربية رغم أن الدلالة لهذا المفهوم ما تزال غير واضحة لتنوع الرؤى و التصورات لعملية إعادة البناء والية إعادة البناء . *التحدي الثاني الوجود العربي في النقب ..فقضية النقب لم تعد قضية بقاء فقط بل تحولت إلى مسالة وجود ، الوجود العربي في خطر ، نصف سكان النقب يعيشون في 46 قرية غير معترف بها في القوانين الإسرائيلية رغم اعتراف التاريخ والذاكرة بها ، بل هناك عملية تهويد منظمة..تحدي النقب بالنسبة لعرب 48 هو تحدي وجودي بالدرجة الأولى.. ربما لم يواجه العرب تحديا مثله منذ النكبة، بعد عملية التهجير .و يحتاج النقب إلى مواجهة حقيقية وجدية من خلال ابتكار آليات نضالية و عملية تصل إلى مستوى التحدي الوجودي للأهل في النقب. * التحدي الثالث :تهجير في المثلث وهي مسالة يجب أن تكون في صلب التحديات الإستراتيجية للأقلية العربية الفلسطينية.. مسالة نزع المواطنة وفصل الجماهير العربية في المثلث عن امتداداتها الاجتماعية و الثقافية والسياسية في الجليل و المثلث والنقب   والساحل إضافة إلى أن تصفية المهجرين والأرض لم تعد هامشا في الخطاب الإسرائيلي ، فقد طرحت خطة كهذه بشكل عملي ومدروس و علني لأول مرة في مؤتمر هرتسليا في جانفي 2006 . * التحدي الرابع :الخدمة الوطنية و هو تحدي أخلاقي و انتمائي وثقافي و ليس وجوديا ملموسا ، أنها ذروة التشوه الأخلاقي الذي قد يصيب أقلية اصلانية في صلب وجودها و ثقافتها . ولكن هذا المشروع كونه مشروع الولاء مقابل الحقوق ، وهو المشروع الشاروني للحفاظ على يهودية الدولة فهو تحدي إني ويومي لعرب48 ويحتاج إلى آليات موجهة يومية. * التحدي الخامس : العنف والتفكك في المجتمع وهو تحدي داخلي وهو يرتبط بعلاقات الأقلية العربية فيما بينها.    و استتباعا فان الذكرى السنوية ليوم الأرض من ضمن ما تعنيه من معان واسعة عبارة عن إحياء و إنعاش للذكرى والذاكرة   الفلسطينية وتذكير متجدد بتلك الإستراتيجية الإسرائيلية على فلسطيني 48التي تواصل حكومة اولمرت العمل بها عبر المرتكزات التالية : 1لسيطرة الجغرافية الكاملة المطلقة بمعنى تهويد كل الأرض والجغرافيا الفلسطينية 2 السيطرة الديمغرافية السكانية عبر محاصرة السكان العرب و تضييق الخناق عليهم و العمل بشتى الوسائل على إجبارهم على الرحيل عن وطنهم. 3 السيطرة الاقتصادية بمعنى تدمير مقومات الاقتصاد العربي عبر المحاصرة و أبقاء العرب أجراء في العمل الأسود فقط. 4 السيطرة على التربية والتعليم و السياسة والإعلام .   أما مرتكزات السيطرة الإستراتيجية على عرب الداخل فهي اعتماد سياسة التفكيك المستمر و الحيلولة دون وحدة المجتمع العربي و تكريس سياسة التجهيل الإعلامي والسياسي و التعليمي و الثقافي و تكريس هيمنة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على المدن والقرى العربية. وقد ربطت دولة الاحتلال ربطا وثيقا ما بين الجغرافيا و الديمغرافيا في صراعها مع الوجود العربي هناك فعملت من جهة على « عبرنة » و تهويد الجغرافيا و مصادرة الأرض وعملت وما تزال من جهة ثانية على محاصرة السكان و إلغاء حقوقهم و مقومات وجودهم و دورهم ..فكانت عمليا حربا إسرائيلية شاملة على الوجود العربي في الوقت الذي كان أهلنا هناك يسطرون مسيرة صمود وبقاء توجت أولا بانتفاضة يوم الأرض في الثلاثين من مارس سنة 1976 ثم استكملت ثانيا بسلسلة أخرى من الانتفاضات و الهبات الشعبية التي كان أخرها هبة نصرة الأقصى.   و استنادا إلى كل ذالك نقول تبقى الأرض في ذكرى يوم الأرض عنوان القضية و الصراع والمستقبل، و هكذا كانت منذ البدايات للصراع العربي-الفلسطيني/الإسرائيلي على ارض فلسطين..وهكذا استمرت و بقيت العنوان العريض و الكبير و الاستراتيجي لكل ما يجري هناك على ارض فلسطين من صراعات و صدامات و مواجهات دموية أحيانا و غير دموية أحيانا أخرى. فمعركة الأرض حملت معها دائما كل العناوين الأخرى وكل العناصر و الأبعاد المتعلقة بالعقيدة والهوية و الانتماء والتاريخ والحضارة و الجغرافيا و المستقبل ..مستقبل هذا الشعب العربي ..ومستقبل هذه الأمة في العمق والأفق الاستراتيجي ، ذالك أن دولة الاحتلال تشكل بلا شك خنجرا مغروزا في خاصرة الأمة إلى حين. 30-03-2007


في العلاقة بين صناعة الفن وتاريخ العلم في الاسلام

 
طارق الكحلاوي 

أحياناً تأتي الإضافة العلمية من أقل المصادر توقعاً، وربما بالصدفة أيضاً. ينطبق ذلك على بيتر لو الباحث في قسم الفيزياء في جامعة هارفارد والذي كان في زيارة لبعض الجمهوريات السوفياتية السابقة وسط آسيا لعرض بحوثه الخاصة بتصميم تجارب فيزيائية للمحطة الدولية للفضاء لينتهي به الأمر للانبهار بالزخرف المعماري الإسلامي ليس من حيث بعده الاستيتيقي بل من جهة طبيعة علاقته المفاجئة بتصاميم رياضية بدت سابقة لأوانها. كانت البداية مجرد صدفة حيث قادت رحلة استجمامية لو وزوجته لمركب «شاهي زنده» في سمرقند (أوزباكستان) وبعد مشاهدته للوحة زخرفية على الخزف المعماري انتبه لبعض الأشكال الهندسية التي لم يتوقع أن يراها في بناية ترجع لسنة 1405 ميلادية. من هنا بدأت رحلة بيتر لو في ثنايا النماذج الزخرفية الاسلامية والتي استهلكته الى درجة تجاهل معها عطلة أعياد الميلاد الفائتة. نشر لو أخيراً بالتعاون مع بول ستاينهردت، الباحث في قسم الفيزياء لجامعة برنستون، مقالاً في مجلة «ساينس» (علم) لعدد 23 شباط (فبراير) الماضي لخصا فيه في شكل شديد الكثافة استنتاجاتهما. يلاحظ الباحثان أن هناك دلائل على تطور لم يكن معروفاً بين الرياضيين المسلمين وهو ما كان متاحاً من خلال مشاهدة ما يتجلي في سلسلة من النماذج الزخرفية المحفوظة في معالم معمارية إسلامية يقع معظمها في المجال الجغرافي بين وسط آسيا وتركيا ومؤرخة بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر ميلاديين. يتعلق هذا التطور الرياضي بمرحلتين ومن ثمة مسألتين. أولاً، مسألة «التوازي الإلتفافي بين الأشكال العشارية والخماسية الأضلاع» والتي ساد اعتقاد حتى القرن التاسع عشر في الأدبيات الرياضية الأوروبية أنها مسألة «مستحيلة» البرهنة رياضياً ومن ثمة هي أشكال لا تصنع إلا بالتجربة أو الصدفة. غير أن تمعن لو وستاينهردت في لوحة زخرفية في معلم «ماما خاتون» في ترجان (تركيا) ترجع لسنة 1200 ميلادية توضح تحقق عملية «التوازي الإلتفافي» لم تتم بالصدفة من خلال التجربة والخطأ ومن ثمة النقل على نماذج جاهزة بل من خلال الانتقال المنظم من الشكلين الخماسي الى العشاري عبر ثلاثة أشكال وسيطة وهي السداسي والثنائي والرباعي الأضلاع.
المسألة الثانية الأكثر تعقيداً تتعلق بتطور لاحق لمسألة «التوازي الإلتفافي بين الأشكال العشارية والخماسية الأضلاع» ينتج منه تشظيها ومن ثمة تشكل الأشكال «شبه البلورية» والتي تظهر في لوحات زخرفية لاحقة من بداية القرن الخامس عشر محفوظة على جدران مرقد «درب إمام» في إصفهان. المثير أن الأشكال «شبه البلورية» لم يتم البرهنة عليها رياضياً إلا في السنوات السبعين من القرن العشرين في حين يحاجج كل من لو وستاينهاردت أن اللوحات الزخرفية في أصفهان تشير الى أن هناك بالضرورة أساساً نظرياً رياضياً سمح بتحققها. يثير هذا المقال عدداً من الإشكاليات والتي تتجاوز على ما أعتقد ما يمكن أن يتيحه التكوين الأكاديمي لكاتبي المقال وهو طبعاً محدود في علاقة ما نعرفه حول تاريخ العلم والرياضيات عند المسلمين كما أنهما بصدد بداية التعرف فحسب على مسائل الفن الإسلامي. أولاً، في علاقة بما نعرفه من علم الرياضيات لدى المسلمين. حيث يشيران الى مصدر رياضي واحد مكتوب وهو لأبو الوفاء البوزجاني (توفي سنة 980) والذي لا يشير الى أي من المسائل المبرهن عليها. حيث من غير الواضح لمَ لم يكن من الممكن العثور على أي أثر في المخطوطات الرياضية، بخاصة المكتوبة خلال الفترة والمجال المعني بهما المقال أي المكتوبة بالفارسية لمجمل هذه التطورات المذهلة بلا شك. طبعاً الإجابة الأكثر تبسيطاً على ذلك أننا لا نعرف كل المخطوطات الرياضية التي تمت كتابتها في تلك الفترة. وهذا صحيح غير أننا نحتاج لإجابة أكثر إقناعاً لتفسير غياب أي أثر في المخطوطات المعروفة وهي ليست قليلة على إنجاز بهذا العمق وقبل كل شيء بهذا الانتشار التطبيقي. بقي من المؤكد أن الحجج المقدمة من قبلهما حول وجود أساس رياضي نظري سابق للتمظهر الزخرفي في حاجة للتأمل والتعامل معها بجدية من جانب الباحثين القلائل في تاريخ الرياضيات لدى المسلمين وهو للتذكير اختصاص نادر حيث يحتاج لمعارف شديدة التنوع وصعبة الالتقاء في شخص واحد. المسائل التي يثيرها المقال من جهة الفن الإسلامي تتركز خاصة في مسألة انتقال المعرفة الفنية الإسلامية وعلاقتها بالانتاج المعرفي الرياضي. وفي العادة تسود المؤلفات شديدة الضبابية والتي تحاجج على وجود علاقة رمزية ما بين فن الزخرف الإسلامي والروحانيات الصوفية غير أن أياً من هذه الكتابات قد حقق أي اختراق جدي في تحليل الظاهرة الزخرفية. ولكن منذ االثمانينات بدأ بعض المختصين محاولة التعمق في مسألة انتقال المعرفة الفنية وبخاصة علاقة المختصين المسلمين في الرياضيات والهندسة بذلك. ويمكن إعتبار أول مقال تأسيسي في هذا التوجه ذلك الذي نشرته سنة 1988 الباحثة في الفن الإسلامي «ريناتا هولود» والذي يستثمر في شكل ناجع وغير مسبوق مؤلف البوزجاني المعنون «ما يحتاج اليه الصانع من علم الهندسة» لتؤكد من خلاله العلاقة المحتملة بين وسطين يبدوان مختلفين أي صناعة الفن وصناعة الرياضيات. وتلى ذلك مقالات الباحث التركي «ألباي أوزدورال» والذي حاول فيها الدفع قدماً بأطروحات «هولود» من خلال مقاربة تؤطر تاريخياً الأشكال والنظريات الهندسية المحفوظة في كتابات البوزجاني وعمر الخيام ضمن المجال الزخرفي والهندسي في معلم محدد وهو جامع أصفهان المعاد بناؤه من جانب السلاجقة في النصف الثاني من القرن الحادي عشر. وفي الحقيقة يأتي مقال كل من لو وستاينهردت التأكيد هذه العلاقة المحتملة ولكن هذه المرة من دون الاعتماد على مصادر مكتوبة بل فقط على المصادر البصرية. وهو ما لم يكن ممكناً إلا لعين رياضية بامتياز من الصعب أن تتوافر لدى باحث الفن الإسلامي مما يؤكد الحاجة المتزايدة للمنهج المتعدد الاختصاصات في مجال الانسانيات. * باحث تونسي. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 31 مارس 2007)


 

المنظمات الدولية والأهلية قلقة من تنامي العنصرية في أوروبا .

 
* خميس قشة الحزامي –هولندا- بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة العنصرية ، وجهت منظمة العفو الدولية رسالة للبرلمان الأوروبي عبرت فيها  عن قلقها من تنامي العنصرية بحدة ، مذكرة إياه بما خلفه التمييز العنصري  من ويلات في الماضي بأوروبا، وكشفت عن وجود العديد من الناس الذين يعانون من العنف اللفظي والجسدي،  ويعيشون حياة  صعبة لا يجدون عملا و لا  سكنا بسبب اختلاف شكلهم و لون بشرتهم ، وأوعزت ذلك إلى عدم وجود آليات لتطبيق القوانين التي تمنع العنصرية وتدين أصحابها وتحمي المتضررين، و دعت منظمة  « هيومان رايتس ووتش » الحكومة الهولندية إلى المضي قدما في الدفاع عن حقوق الإنسان التي تتعرض لانتهاكات جسيمة منذ انطلاق  الحرب على الإرهاب. تزامن ذلك مع تواصل الجدال حول التصريحات السيئة لعضو البرلمان الهولندي »خيرت فيلدرس » التي طالب فيها المسلمين بالتخلص من نصف القرآن إذا كانوا يرغبون في البقاء بهولندا » ويعتبر فيلدرس زعيما لحزب الحرية ذو الميولات اليمينية المتشددة  ضد الأجانب المسلمين الذين شبـّههم  في تصريحات سابقة له ب « تسونامي « يجتاح هولندا بهدف أسلمتها، وقد استطاع إثارة مخاوف الهولنديين مستثمرا حالة  الاحتقان و الخوف  من الإرهاب التي شملت العالم الغربي بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، واستشرت أكثر  عقب مقتل المخرج السينمائي الهولندي » تيو فان خوخ » على يد شاب هولندي من أصل مغربي، فتحصل حزبه على تسعة مقاعد في الانتخابات التشريعية وخوله نجاحه هذا إلى نقل جداله إلى الساحة السياسية  فطالب بحجب الثقة عن وزيري دولة في الحكومة الجديدة لأنهما من أصول أجنبية (مغربية وتركية) و يحملان جنسية مزدوجة ، مشككا في ولائهما لهولندا، وكذلك فعل مع النائبة البرلمانية خديجة اعريب  المغربية إلتي  انضمت إلى  لجنة استشارية تهتم بحقوق المهاجرين المغاربة في أوربا واعتبره يتعارض مع عضويتها في البرلمان الهولندي، وباءت مطالبه بالفشل و تعرض لانتقادات من الائتلاف الحاكم و أحزاب المعارضة حيث تبرأت الحكومة من تصريحاته المسيئة وأبقت على الوزيرين في الحكومة وسمحت للمغربية  بمواصلة عملها في اللجنة الاستشارية المذكورة . واُتهم  « فيلدرس » صراحة  بالعنصرية من لجنة « معا ضد العنصرية » و طالبته  بالكف عن جميع الأنشطة الدعائية التي تشجع على الكراهية للأجانب، ونفى « فلدرس » أن يكون عنصريا  واعتبر ما  يصرح  به  يعبر عن مشاعر الكثير من الهولنديين. أما في  الندوة التي نظمها مركز الدراسات « كيركبوش » و اشترك فيها عدد من الباحثين البارزين ليتبادلوا تجاربهم  مع بعض المدرسين ورجال الشرطة والمختصين في رعاية الشباب عبروا عن تخوفهم من تنامي ظاهرة التطرف  وأكدوا على توخي سبل الحوار والنقاش عوضا عن التجريح والاستفزاز الذي يغذي العنف ويؤدي إلى  صراعات ليست في صالح المجتمع. و بالرغم من أن هذه  الندوات والمحاضرات عقدت لمناقشة التطرف بكافة أشكاله، سواء الإسلامي منه أو اليميني المعادي للأجانب، إلا أن النقاش انحصر في الغالب حول الجانب الأول فقط وهو ما حصل في  الندوة التي نظمتها وزارة الخارجية الهولندية حول مستقبل الإسلام في أوربا ومخاطر التطرف، والتي جمعت بين المستشرقين الهولنديين « هانس يانسن »( 1 )من جامعة « أوترخت »  اشتهر بنقده الإسلام، و أشارت بعض تقارير أنه من المنظرين  لليمين المتطرف، و السيد « روود بيترس » من جامعة أمستردام وهو خبير في الشريعة الإسلامية، ويعتبر من المدافعين عن الإسلام خاصة عند محاكمة بعض الأشخاص المتهمين بالإرهاب . و لا يرى « يانسن » فرقا بين الإسلام والتطرف  لان الإرهابيين يبررون أعمالهم بالإسلام حسب زعمه، ويعتبر الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدني  للمهاجرين أمرا طبيعيا ، وليس بإمكان هولندا فعل المزيد لتحسين أوضاعهم لأنها بذلت الكثير لإرضائهم ، ويدعو إلى محاربة التطرف الإسلامي و قمعه بقوة و صرامة مقترحا نموذج  الدول العربية و الإسلامية في تعاملها مع المتطرفين، دون التقيد بمعاهدات حقوق الإنسان. .. فيما يعتقد السيد « بيترس » أن أنجع الطرق لمعالجة التطرف تكمن في القضاء على أسبابه، ويقول علينا معالجة مشكلة التأخر الدراسي لدى أبناء المهاجرين المسلمين و أن نتوقف عن وضع المسلمين دائماً في قفص الاتهام، وأشار إلى أن المسلمين يريدون  أن يعيشوا بهدوء وأمان بأوربا وهذا ما لمسناه خلال أكثر من ثلاثة أجيال من المهاجرين.. ويعترض « يانسن » قائلا: إن الإسلام دين ناجح جداً في عملية الفتح والتوسع، و المسلمون   على مر التاريخ  لم يتقيدوا بأصول اللعبة و كانوا دائماً ينتصرون، وها هو الإسلام يتمدد من جديد، وأعتقد أن هناك فرصة ضئيلة جداً بأن تتمكن أوربا من عدم التحول إلى قارة إسلامية  ويتفق مع صاحبه « فلدرس »  زعيم حزب الحرية الذي حذر  من « تسنامي » إسلامي يجتاح هولندا. وبهذا الحدث المعادي للأجانب  لا نستغرب أن تستمر و تنمو العنصرية بأشكالها المتنوعة  وتبقى الأقليات والأجانب  عرضة للاستفزاز  والإساءة ما دامت الحكومات والأنظمة لم  تحسم أمرها وتقم بدورها في  تطبيق القوانين التي تحد من هذه الظاهرة… * مدير المركز الثقافي الاجتماعي بهولندا. 1 – إذاعة هولندا العالمية

 


 

قمة الحذاقة في التعاطي مع التحديات

قاسم بوسنينة (*)      تتطلب المرحلة الراهنة التي تمر بها الأمة العربية قدرا كبيرا من الشجاعة وبعد النظر وروح المسؤولية للتعاطي بحكمة مع التحديات المطروحة، سواء كانت داخلية تتعلق بالعلاقات داخل البيت العربي أم بعلاقة العرب مع محيطهم الإقليمي. وتُشكل استضافة المملكة العربية السعودية للقمة العربية الحالية أهم ضمانة للتعاطي الهادئ مع الملفات السياسية والاقتصادية الشائكة، بالنظر الى ما يتحلى به رئيس القمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز من خبرة طويلة في السياسة العربية والدولية وحرص على المصلحة العربية العليا. ولا شك أن مساعيه من أجل تسوية القضية الفلسطينية تسوية عادلة وشاملة والتي جسدتها «مبادرة السلام العربية»، وكذلك جهوده في مجال إنهاء الأزمة في لبنان، تمنح السعودية دورا مركزيا في دفع سفينة التضامن العربي نحو مرساة الاستقرار، بعد العواصف التي هزتها خلال حروب الخليج الثلاث. من هنا تأتي الثقة التي يبثها في قلوب العرب موقف السعودية التي استضافت قمة هي بحق من أدق القمم وأخطرها في التاريخ العربي المعاصر، إذ أكد وزير خارجيتها الأمير سعود الفيصل أنه «لا تعديل ولا تبديل في أي بند من بنود مبادرة السلام العربية» التي أُقرت في قمة بيروت العام 2002، مما يدل على تمسك دائم بالخيارات العربية الأساسية وثبات على الحقوق العربية وبخاصة الفلسطينية، والتي كانت السعودية دوما في مقدم الحريصين عليها. من هذا المنطلق تعاطت السعودية مع حال العمل العربي المشترك الذي كان قُطب الرحى في قمة تونس، إذ تحدثت الورقة السعودية بكثير من الألم عن العقبات التي ما زالت تعطل انطلاقته الحقيقية التي تنتظرها الشعوب، على رغم قرارات القمم السابقة وآخرها قمتا تونس والخرطوم، وأشارت الورقة إلى كونه «أخذ يتعثر ويتآكل ويتقلص تدريجاً، حتى صار العالم العربي بمثابة الساحة المفتوحة لتدخلات الآخرين ومخططاتهم وسياساتهم، باعتبار منطقتنا تحتل موقعاً متقدماً في استراتيجيات القوى الدولية الفاعلة واهتمامات الأطراف الإقليمية الناشطة». واستناداً الى وجود هذه الرؤية الواضحة نتوقع أن تتصدى القمة لملف الصراع الدولي على المنطقة والتداخلات الإقليمية بالأسلوب السعودي المتسم بالكياسة والحزم في آن معا، والذي بوأ المملكة موقعاً محورياً في المنطقة بوصفها الطرف الوحيد الذي ترك أبواب الحوار مفتوحة مع جميع العواصم العربية وكذلك مع أطراف الملف الإيراني، وحظي بثقة القوى الإقليمية والدولية المؤثرة في الشرق الأوسط. وليس أدل على ذلك من القدرة السعودية البارعة على تحقيق «السهل المُمتنع» الذي لم يستطع أن يأتيه سواها، من خلال جمع حركتي «حماس» و «فتح» على مائدة واحدة (بعدما كنا نضع أيدينا على قلوبنا خوفا من اندلاع حرب أهلية مُدمرة) والتوصل إلى «اتفاق مكة» التاريخي الذي انبثقت منه حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية. وسيتأكد هذا الالتزام مُجددا من خلال الدعم الاقتصادي للفلسطينيين الذي حظي بالأولوية في قمة الرياض، وهو ما شدد عليه وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل عندما قال «إن القمة ستؤيد كل الخطوات المطلوبة لدعم الفلسطينيين وترفض استمرار الحصار المفروض عليهم، كما ستؤكد ضرورة تنفيذ كل ما وُعدوا به من دعم مالي وسياسي». بهذا المعنى يمكن القول إن السياسة السعودية اتسمت بالنجاعة التي لا تهتم بالبريق الإعلامي ولا ترضى بأن تكون أسيرة شعارات جوفاء، وإنما همها الأول هو التقدم نحو تأمين السلام الحقيقي الذي يُنهي الحروب والدمار ويضع حداً لآلام الفلسطينيين واللبنانيين. ولن يتسنى ذلك سوى بإقناع الأطراف الدولية المعنية بعملية السلام بالمبادرة العربية باعتبارها الخيار الوحيد لإقامة السلام العادل والدائم في المنطقة. وطبعا يُرتب هذا مسؤولية كبيرة على الديبلوماسية السعودية من أجل شرح الأفكار الواردة في مبادرة السلام و وتوضيح أهدافها، وهو ما تشجع عليه الأجواء الدولية الإيجابية حتى الآن من المبادرة العربية، والتي ستضع اسرائيل في موقف حرج انطلاقا من سعيها لمنع المجتمع الدولي من تبنيها. (*) رئيس جمعية البرلمانيين التونسيين وسفير تونس السابق لدى السعودية. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 مارس 2007)


 

الخلافات الجزائرية ـ المغربية تعصف باجتماع وزراء النقل المغاربيين في الرباط

الرباط ـ القدس العربي من محمود معروف: انعكست خلافات تقليدية بين الجزائر والمغرب في اجتماعات وزراء النقل المغاربيين التي عقدت بمدينة الصخيرات المغربية القريبة من العاصمة المغربية الرباط واختتمت الخميس.
وظهر الخلاف حول تحرير النقل الجوي بين دول اتحاد المغرب العربي في افق سنة 2008 وهو التحرير الذي يتحمس له المغرب وتبدي الجزائر تحفظا عليه. وتحول الخلافات الجزائرية المغربية دون انعاش اتحاد دول المغرب العربي الذي تأسس في 1989 ويتكون من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا. واتفق المجلس الوزاري المغاربي للنقل في دورته الحادية عشرة التي اختتمت الخميس علي عقد اجتماع في تونس نهاية نيسان/ابريل القادم لدراسة الاقتراح المغربي الهادف إلي اطلاق حريات النقل الجوي بين الدول المغاربية في أفق سنة 2008.
وأوضح بيان مشترك، صدر عقب الجلسة الختامية أنه سيتم خلال هذا الاجتماع تحديد جدول زمني متفق عليه من قبل الاطراف لإطلاق هذه الحريات، تماشيا مع النهج الذي يعرفه قطاع النقل الجوي علي الصعيد العالمي . وأكد المجلس علي ضرورة تحديد خطة ناجعة للتعاون بين الشركات المغاربية للنقل الجوي لتحقيق التكامل المنشود بينها في مجالات الاستغلال والصيانة والتكوين والتدريب والتأمين المشترك ووضع إطار لشراكة فعالة في ما بينها علي المستوي التجاري وذلك قبل نهاية نيسان/أبريل القادم. وأعتبر وزير النقل الجزائري أن تحرير الفضاء الجوي للمغرب العربي يعتبر ضرورة حتمية ينبغي التحضير لها محذرا من الآثار السلبية لمثل هذا الاتفاق . وقال محمد مغلاوي ينبغي التحضير لهذا التحرير وادراك أن المنافسة التي ستشهدها منطقة المغرب العربي تقتضي الاعتناء بمصالح كل بلد . ويتعلق الأمر حسب الوزير الجزائري بـ التكفل بمصالح كل شركة وينبغي ضمان استمرارها في إطار منافسة تخدم المواطنين قصد تخفيض الأسعار وتسهيل النقل الجوي .
وأضاف أنه يتوجب علينا تنظيم تحرير النقل هذا لتفادي ما حدث في افريقيا بعد اختفاء شركة الخطوط الجوية الافريقية مشيرا إلي أن القارة الافريقية لا تتوفر علي وسائل لنقل الأشخاص بين البلدان الافريقية . وأكد أن دور وزراء النقل المغاربيين يكمن في وضع اتفاق ـ سماء مفتوحة ـ لصالح الجميع . وتم خلال اجتماعات وزراء النقل المغاربيين التوقيع علي اتفاقية الاعتراف المتبادل برخص السياقة، والمصادقة علي اتفاقية ثانية تتعلق بالتعاون في المجال البحري التي تهدف أساسا الي تطوير هذا القطاع بما يتماشي ومتطلبات التجارة الخارجية لدول الاتحاد والبحث والتشجيع علي بعث مشاريع مشتركة ومتكاملة. فيما تم وضع مشروع اتفاقية جديدة خاصة بنقل المواد الخطرة علي الطرقات.
وأقر المجلس الوزاري المغاربي للنقل توحيد أساليب التكوين والامتحان للحصول علي رخصة السياقة وإنشاء هيئة اتحاد المطارات المغاربية يكون مقرها بالدار البيضاء. وأتاحت هذه الدورة، إمكانية تحديد الآفاق المستقبلية للتعاون والتكامل المغاربي في عدة مجالات مرتبطة بقطاع النقل، خاصة منها تلك التي ترمي إلي تحسين خدمات القطار الذي يطمح الوزراء المغاربيون اطلاقه ليربط دولهم الي انجاز الطريق السيار المغاربي والعمل علي تحديد وتطوير شبكة نقل مغاربية ذات الأولوية وربطها بالشبكة الأوروبي
 
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 مارس 2007)


فرنسا تعيد اكتشاف المغرب العربي

بقلم جمال العرفاوي قبل أيام قليلة عن موعد إجراء الانتخابات الفرنسية وسط غياب مؤشرات حاسمة عن اسم أو طبيعة من سيظفر بسدة الاليزيه خلفا للديغولي جاك شيراك جددت باريس التزامها الاقتصادي والسياسي والثقافي  تجاه البلدان المغاربية وذلك بتقديم كل ما تحتاجها هذه العلاقة التاريخية من دعم وبعبارات امتزجت بين لغة الارقام والعواطف. دعا وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي بحضور سفراء البلدان المغاربية الخمسة المعتمدين لدى الحكومة الفرنسية  إلى العمل مع باريس على دعم العلاقات التاريخية وتوطيدها أكثر من أي وقت مضى معتبرا أن المنطقة المغاربية « تشكل جزءا أساسيا من الهوية الفرنسية ».
وتمر العلاقات بين باريس والعواصم المغاربية منذ سنوات بحالة من عدم الثبات بلغت إلى حد التصعيد الذي لمسنا أعلى درجاته بين فرنسا والجزائر التي لم تتوقف حكومتها عن المطالبة باعتذار رسمي وعلني « عن مآسي سنوات الاحتلال التي استمرت قرنا ونصف القرن »، ومما زاد الأوضاع غموضا النزعة الشوفينية التي طغت مؤخرا على مفردات الكثير من القيادات الفرنسية التي أصبحت تدعو إلى عملية فرز عرقي واجتماعي داخل البلاد. وللتخفيف من حدة وتأثير ما يطرحه المرشح اليميني للرئاسة الفرنسية نيكولا ساركوزي الذي دعا إلى  تشكيل وزارة للهجرة والهوية الوطنية التي من شانها أن تثير قلق الأقليات بفرنسا لاسيما المغاربة، قال بلازي : « إن المغرب الكبير مصدر ثراء في مشروعنا للمجتمع بفضل ملايين الفرنسيين من أصل مغاربي الذين يشكلون صلة وصل طبيعية بين الضفتين ». ويقيم بفرنسا أكثر من مليوني مهاجر مغاربي يحمل نصفهم الجنسية الفرنسية إلى جانب جنسية بلده الأصلي. وفي هذا اللقاء الذي لم يعلن عنه من قبل والذي دعي إليه رئيس معهد العالم العربي بباريس وإمام مسجد باريس، أعلن وزير الخارجية الفرنسي على أن العلاقات الفرنسية المغاربية « ستقام على أسس جديدة من الثقة وعلى جملة من القيم السياسية ».
وتعتبر فرنسا الشريك الاقتصادي الأول بالنسبة لتونس وللمغرب فيما تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة بالنسبة للجزائر، كما تذهب نسبة 10 بالمائة من المساعدات الحكومية الفرنسية إلى المنطقة المغاربية. ويبلغ حجم التبادل التجاري بين فرنسا والمنطقة المغاربية 20 مليار أورو في السنة وفقا للأرقام الرسمية لوزارة الخارجية الفرنسية. أما على الجانب الليبي فان باريس مازالت تتلمس الطريق لدخول الساحة الليبية ونقلت وكالة رويترز للأنباء الأسبوع الماضي عن المستشار الاقتصادي بالسفارة الفرنسية بتونس تطلع بلاده لاستثمار العلاقات الجيدة بين طرابلس وتونس لاقتحام السوق الليبية المزدهرة : « الشركات التونسية في وضع جيد في ليبيا وبعد الإجراءات التي اتخذت مؤخرا يمكننا تصور اتفاقات شراكة بين فرنسا وتونس من اجل دخول السوق الليبية ». وكانت تونس وليبيا اتفقتا الشهر الماضي على إزالة كافة الحواجز القمرقية بين البلدين وكذلك تسهيل المعاملات المالية.
من جهة أخرى دعا رئيس الدبلوماسية الفرنسية إلى تعزيز اللغة الفرنسية في المنطقة المغاربية خاصة بعد تراجعها خلال السنوات الأخيرة أمام التقدم الكبير للغة الانقليزية التي أصبح يقبل عليها المغاربة بشكل ملفت. ووفقا لتقرير المنظمة الدولية للفرنكوفونية الذي أصدرته هذا العام بمناسبة اليوم العالمي للغات فان اللغة الفرنسية تحتل المركز الحادي عشر دوليا من حيث تداولها في العالم (170 مليون شخص) بينما يدرسها 82 مليون. فيما يتحدث الانقليزية 350 مليون شخص ويدرسها أكثر من 700 مليون شخص، ويدرس حاليا في الجامعات الفرنسية آلاف من الطلبة المغاربة يتوزعون على النحو التالي : 30 ألف من المغرب تليها الجزائر بـ22 ألف وتونس 9.500 طالب. وبخصوص أهمية الدور الفرنسي لردم هذه الهوة قال دوست بلازي أن بلاده ملتزمة بتعليم وتأهيل نخب المغرب -الكبير- المستقبلية لان « طلاب اليوم سيكونون شركائنا غدا ». أما بخصوص الحضور الثقافي الفرنسي بالمنطقة المغاربية فقد أكد دوست بلازي « على أهمية تعزيز ثقافة الصورة من خلال إقامة مشاريع مشتركة في المجال السمعي البصري ». يذكر أن الجمهور ألمغاربي بإمكانه التقاط القنوات الفرنسية التابعة للقطاع العام بكل سهولة وينتظر أن يتم تدعيم شبكة الأخبار الفرنسية الموجهة للجمهور ألمغاربي بقناة إخبارية تقدم خدماتها بالعربية وذلك ابتداء من الثاني من افريل القادم وذلك عبر القناة الإخبارية الجديدة فرانس 24. الوزير الفرنسي أعلن في ختام كلمته على استعداد بلاده لـ »مرافقة الدول المغاربية في تقدمها نحو الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان »، مؤكدا على أن ذلك الأمر يعد « متمما لمتطلبات الكفاح ضد الإرهاب، الذي يتطلب شراكة قوية مع البلدان المغاربية ».
 
(المصدر: صحيفة الجريدة »  إلكترونية العدد 68 الصادرة يوم 30 مارس 2007)    http://www.gplcom.com/journal/arabe/article.php?article=1664  


أمركة الإصلاح الديني بالمغرب الإسلامي

 
منتصر حمادة  (*) وزير مُكَلَّف بالإشراف علي هيكلة الحقل الديني (في المغرب الإسلامي) في حقبة ما بعد تفجيرات الدار البيضاء 16 ايار (مايو) 2003، وقبلها تفجيرات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، يُعيِّن موظفا أمريكيا للإشراف علي المناهج الدراسية في إحدي مؤسسات الإسلام الرسمي (دار الحديث الحسنية)، وفي دولة تتميز عن باقي الدول العربية والإسلامية بالثقل الديني والسياسي لمنظومة إمارة المؤمنين . ليست هذه كذبة نيسان (أبريل)، لأن الأمر فعلا كذلك، واتضحت الأمور بشكل علني للرأي العام المغربي علي اثر انفراد يومية مغربية بنشر الخبر، فيما اعتبر صدمة أو مفاجأة بالنسبة للرأي العام، ونحن، من باب حسن النوايا، نفترض جدلا أن صناع القرار السياسي/الديني في هذا البلد يحترمون الرأي العام. افتضح أمر الضجة أو الصفقة، عندما نشرت يومية المساء المغربية خبرا ملفتا جاء فيه أن الأكاديمي الأمريكي كامبيز كانيباسيري يشرف شخصيا علي التأطير الأكاديمي للمناهج الدراسية في دار الحديث الحسنية (يومية المساء ، عدد 26/2/2007)، فيما اعتبر سابقة من نوعها، لأننا ـ ما دمنا نعيش في حقبة ما بعد تفجيرات نيويورك وواشنطن ـ أمام المناسبة الأولي التي يتم فيها تعيين موظف من جنسية أمريكية لتولي الشؤون الأكاديمية في مؤسسة دينية رسمية في المغرب. نقرأ في نفس المقال خبرا موازيا حول لقاء مغلق بمراكش تم ما بين 23 و26 شباط (فبراير) الماضي ضم باحثين أمريكيين ومغاربة لدراسة سبل مراجعة برامج دار الحديث الحسنية، وأن الموظف إياه الذي يشغل منصب مدير الشؤون الأكاديمية بدار الحديث الحسنية، هو الذي تولي شخصيا توجيه دعوات إلي الشخصيات التي شاركت في الندوة التي نظمت تحت عنوان البحث عن سبل تطوير البرامج التعليمية ومناهج التدريس بدار الحديث الحسنية ، (بما في ذلك الدعوة الموجهة إلي مدير المؤسسة الدينية التي يشتغل فيها، فيما اعتبر إحراجا لهذا الأخير، وسوف نُعَرِّج علي دلالات هذا الفعل فيما بعد). لم يتردد المعنيون بالضجة في تزكية حيثيات الخبر والدفاع عنه في عز الظروف الزمنية القلقة التي تشهدها العلاقة بين الإدارة الأمريكية والشعوب العربية الإسلامية حتي ندقق أكثر في تسمية الأمور بمسمياتها الحقيقية. ولنبدأ بالمعني الأول في الضجة، ونتحدث عن الموظف الأمريكي الذي أقر في مقال نشر علي موقع جامعة ريد الأمريكية التي يعمل بها بأن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق هو الذي عرض علي الأمريكي المذكور تولي مهمة إصلاح منهاج الدراسة في دار الحديث الحسنية ، وأنه تعرف عليه عندما كان التوفيق (وزير الأوقاف المغربي) طالبا زائرا في جامعة هارفرد . وجاء في المقال، أن ما سيقوم به كانيباسيري في دار الحديث أهم بالنسبة للولايات المتحدة من أي شيء يمكن أن يقوله لوكالة المخابرات الأمريكية، لأن ذلك يدخل في إطار جهود المغرب لمحاربة المتشددين ، وقد سبق للطالب/الموظف أن درس في معهد كارينجي، وحصل علي منحة قيمتها 100 ألف دولار لإتمام دراسة حول تاريخ الإسلام في أمريكا. ( المساء ، عدد 8/3/2007). وجاء في المقال الذي وقعه ميتشال هارتمان إن كانيباسيري بصفته مديرا أكاديميا لدار الحديث الحسنية سيعمل علي وضع منهاج دراسي جديد يقوم علي أساس منهج دراسة الأديان في جامعة هارفرد ، وأنه سوف يعمل علي وضع برامج جديدة في دار الحديث من خلال إدخال دراسة أديان أخري غير الإسلام، ولغات أخري مثل الفرنسية والإنكليزية، إضافة إلي العلوم الاجتماعية والفلسفة . وورد في المقال أن كانيباسيري قد اعترف بشكل علني بأن ما يقوم به في المغرب هو أمر سياسي بامتياز، إنه في الواقع أمر مركزي بالنسبة لحملة الملك محمد السادس للحد من التطرف خاصة بعد تفجيرات الدار البيضاء ، يضيف الموظف/المُؤَطِّر. وأمام إشاعات ودلالات القيل والقال التي تسبب فيها الكشف عن الخبر، كان النفي والتقزيم سمة أول تعليق عابر صادر عن وزير الأوقاف، حيث صرح أولا بأن الندوة التي تم عقدها بمراكش حول مراجعة برامج دار الحديث الحسنية، شملت علماء من مختلف الجنسيات، من بينهم أمريكيون ، وأن اللقاء المغلق يعتبر لقاء أكاديميا، ولا يحتاج إلي تسليط الأضواء أو حضور وسائل الإعلام ، وكون المهم هو الاشتغال، وليس إثارة أخبار حول الندوة .. مضيفا في الأخير بأن كل ما ينبغي معرفته بخصوص الندوة (اللقاء المغلق) تم ذكره في بيان توصلت وكالة المغرب العربي بنسخة منه . ( يومية الناس ، عدد 27/2/2007). أما بيت القصيد في رد الوزير علي نشر الخبر، فقد قوبل بصرف النظر، حيث رفض بالكلية مجرد التعليق علي الخبر المؤرق الذي يتحدث عن موظف أمريكي تم تعيينه من الوزير شخصيا بهدف الإشراف علي المناهج الدراسية في دار الحديث الحسنية. بالعودة إلي أرشيف وكالة المغرب العربي للأنباء، يتبين أن الوكالة بثت فعلا خبرا مقتضبا عن اللقاء المغلق إياه، حيث الحديث عن لقاء أكاديمي تطرق لـ مضامين الدراسة بدار الحديث الحسنية في إصلاحها الذي انطلق منذ السنة الماضية علي أساس التعليمات الملكية السامية القاضية بربط دار الحديث بالوزارة المذكورة وبإجراء إصلاح يمكن هذه المؤسسة العريقة من تخريج علماء ذوي رسوخ في العلوم الشرعية مع إلمام بوسائل التواصل اللغوية وأدوات التفكير المنهجي الحديث ، و قد اشتغل المشاركون في أربع ورشات هي: ورشة العلوم الشرعية وورشة الفكر والتاريخ الإسلاميان وورشة العلوم الإنسانية والاجتماعية وورشة الأديان المقارنة . ما لم ولن تتطرق إليه القصاصة الإخبارية، أن الموظف الأمريكي (الضيف) هو الذي تولي شخصيا توجيه دعوات إلي الشخصيات التي شاركت في اللقاء المغلق، بما في ذلك الدعوة الموجهة إلي أحمد الخمليشي، مدير المؤسسة الدينية التي يشتغل فيها الموظف، وسبب علو كعب الموظف الأمريكي أمام مديره في المؤسسة ـ كما لخص ذلك بدقة أحد طلبة دار الحديث ـ هو أن الموظف مرتبط بشكل مباشر بوزير الأوقاف (أسبوعية لوجورنال إيبدومادير ، عدد 24/3/2007)، ويملك حرية مبادرة تسمو علي أي قرار افتراضي/اعتراضي يمكن أن يصدر عن مدير المؤسسة، بل إن الموظف الأمريكي رفض الإدلاء بأي تصريح لأي منبر إعلامي إلا إذا حصل علي إذن رسمي من الوزير. ( التجديد ، عدد 16/3/2007). علامات الإحراج الكبير كانت بادية في تصريحات مدير المؤسسة، خاصة وأنه أعلن يوم 8 حزيران (يونيو) 2005 عما سمي آنذاك مشروع إصلاح دار الحديث الحسنية ، ويستهدف المشروع إصلاح المؤسسة بشكل تستعيد فيه دورها الطبيعي الذي أُسند لها في البداية، بحيث إنها لن تعود مقتصرة في مقرراتها علي الفقه والتفسير والحديث بل ستشمل المنطق والفلسفة والتاريخ والأديان والنقد التاريخي والعلوم الاجتماعية . فالرجل، وفي معرض الرد علي نص الخبر الذي يتحدث عن وجود موظف أمريكي في المؤسسة التي يديرها هو، وليس الموظف، ردَّ بالحرف: لا أنفي، ولا أؤكد .. مضيفا أنه بالنسبة لـ قضية الارتباط بالأشخاص والجهات وإدماجهم في عملية الإصلاح تبقي داخلية ينبغي أن تحل داخل المؤسسة، ولا ينبغي حلها عن طريق الصحافة أو النشر ، و أعتقد أنه ـ ويقصد نشر الخبر ـ إذا لم يضر فهو لن ينفع … لا فائدة إطلاقا في نقل الموضوع إلي النشر والتجاذبات الصحفية .. المهم هو المؤسسة وليس الأشخاص، والمصلحة هي قبل ذلك مصلحة الوطن ومصلحة المغرب . (التجديد. عدد 16/3/2007). وواضح أن المدير يريد إقناع المتلقي والرأي العام بأن أي مؤسسة محترمة، أيا كانت في بقاع الأرض، تحترم نفسها كثيرا، عندما يتصرف موظف بالشكل الذي يتصرف به موظفنا الأمريكي المحترم، لولا أنه ـ من باب الألطاف الإلهية ـ أن الرأي العام ليس بالسذاجة التي يتوقعها البعض. ويبدو أن جرعات السذاجة التي يفترض أن يتوفر عليها الرأي العام المغربي أكبر من الجرعات التي يتصورها مدير دار الحديث، فهذا الأخير، يبقي في نهاية المطاف موظفا لدي وزير الأوقاف، وله بعض العذر في التبرير والمراوغة وعدم تسمية الأمور كما هي، لأن المسألة، كما يعلم جيدا، أكبر من دار الحديث وباقي مؤسسات الإسلام الرسمي في مغرب إمارة المؤمنين، إن لم نقل أنها أكبر من الوزير نفسه، بالصيغة التي جسدتها حيثيات حوار أجري مع هذا الأخير في موقع وزارته علي شبكة الإنترنت. هذا الشاب المسلم ـ والكلام هذه المرة لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ـ من أذكي الناس الباحثين الذين لقيتهم أثناء إقامتي أستاذا زائرا بكلية الأديان بجامعة هارفارد. وقد كان مساعدا لي في التدريس وسبق أن نشر له كتاب عن المسلمين في شيكاغو. وساعدته في بحثه للدكتورة في موضوع: فكرة العدل عند ابن الباقلاني ومسكويه ، وقد التحق بالتدريس في كلية بولاية أوريغان إلي أن استدعيته ليقيم مدة سنة علي أساس عقدع لكي يعينني خلالها في بعض المهام التي يتطلبها إصلاح دار الحديث في المرحلة الراهنة . (يومية ليكونوميست عدد 14/3/2007). وفي التقليل من صدمة الإفراج عن الخبر، أكد الوزير أنه من بين مهام دار الحديث الحسنية ـ كما جاءت في ظهير شريف ـ ربط هذه الدار بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وإمكانية الاستعانة بالخبرات الأجنبية لتطويرها ، وأننا، يضيف أحمد التوفيق ـ سنضطر في هذا الإصلاح إلي جلب الخبرات من خارج الدار وطنيا ودوليا في كثير من الأحيان ، وكون الإدارة هي التي تدير، ولكن أعذرها إذا لم تنخرط إلا بقدر تصورها واقتناعها بالإصلاح ، والإحالة هنا علي الإحراج الذي سقط فيه مدير المؤسسة من جهة، وعلي أي اعتراض يمكن أن يصدر عن هذا الأخير، والإحالة أيضا علي العديد من الأساتذة الإسلاميين الذين عارضوا هذا التعيين في الكواليس، دون أن يقدروا علي تصدير تصريحات مسؤولة لوسائل الإعلام، لأسباب ترتبط بقطع الأرزاق. فيما يتعلق بالمهام التي كُلِّفَ بها الموظف من طرف الوزير، فقد لخصها الحوار في النقاط التالية: ـ بناء قاعدة معطيات لإنشاء مكتبة متخصصة باللغات الأجنبية بدار الحديث التي أعرفها وإياه في هارفارد؛ ـ إعطاء درس اختياري حول مداخل فكرية في الدراسات الإسلامية لطلبة السنة الثانية بعد الإجازة بدار الحديث باللغة الإنكليزية لكي يستأنسوا لما ينتظر منهم في السنة الموالية من تلقي بعض الدروس بالفرنسية أو بالإنكليزية. ـ تخصيص ساعات في مكتبه لنصح الطلاب إذا طلبوا توجيهات . وأخيرا، وهذه جزئية دقيقة جدا، ما دامت تترجم العقلية التي يفكر بها العديد من المسؤولين العرب، ولو أنها تتعلق برد الوزير علي فعل نشر الخبر، ليس إلا، وليس علي التعليقات والقراءات التي صدرت في حق الضجة، حيث أعرب الوزير عن عدم استغرابه من التشككات التي صدرت في بعض الجرائد ، والسبب أننا نعيش في أزمة فكرية تتسم بفقدان الثقة في النفس، وبالتالي فقدناها في الآخرين ، وأن هنالك من عَبَّرَ عن أفكار شخصية لا علاقة لها بمنصبه عندما سمع بقصة الأمريكي ودون معرفة بالمشروع لا من حيث أسباب النزول ولا من حيث المضمون. وقد أشفقوا علينا لأننا قصرنا في الإعلام، كما لو أن كل توظيف في مؤسسة تعليمية يقتضي إقامة ندوة صحافية، سيما إذا كان الموظف أمريكيا، والتوظيف بدار الحديث الحسنية. إن فائدة كل ما ذكر ونشر هو أن عددا ممن لم يعلموا بهذا الإصلاح قد صار ببالهم أننا بصدد القيام بشيء نتحمل فيه مسؤوليتنا الكاملة ونستعين في تدبيره بمن تظهر لنا فائدة الاستعانة به .. إن أمثال هؤلاء يؤلهون أمريكا عندما يحسبونها تتدخل في كل شيء وتصنع كل شيء، ولا سبيل إلي تخلصهم من هذه العقدة إلا بامتلاك الثقافة الكونية، وهو التحرر الذي ننشده لطلبة دار الحديث الحسنية. ولعل في الحملة الحالية بعض امتداد لذلك الإرجاف وإن كان الدافعون إليها من أطراف متشاكسة. إنا لله وإنا إليه راجعون . وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية يستشهد بآية قرآنية ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) في معرض دحض أخبار اكتفت بنشر الخبر، ولم تتطرق البتة إلي التبعات الفكرية والمذهبية لحقبة ما بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001، ولم تعرج علي الحديث الشهير لوزير الدفاع الأمريكي الأسبق، دونالد رامسفيلد، عن حرب الأفكار ، المفروض أن تخوضها الإدارة الأمريكية ضد العقل الإسلامي المعاصر، كما أن ذات الأخبار والقصاصات ـ وهي نادرة أصلا ـ لم تتجاوز سقف نشر الخبر، دون الوصول إلي مرتبة نشر قراءات نقدية في الحدث، وبالرغم من ذلك، اختزل الوزير فعل نشر الخبر في الإرجاف و إنا لله وإنا إليه راجعون . ولنا أن نتصور طبيعة تعقيب الوزير علي بعض المقالات التي صدرت بعد صدور استجوابه، منها حديث البعض عن كون الطريقة التي أديرت بها ندوة مراكش والغموض الذي لف تعيين الموظف الأمريكي في ذلك المنصب الحساس، بالإضافة إلي ما نشر عن طبيعة المواد التي أقحمت في منهج التدريس بدار الحديث، والجو العام الذي يسود المنطقة.. كل هذا لا يمكن إلا أن يعمق الشكوك في طبيعة الإصلاح المنشود (سعاد فتيحي. من يبدد شكوكنا حول حقيقة الإصلاح الديني في بلادنا؟ المساء، عدد 23/3/2007)، أو أن حوار الوزير ردا علي صدور الخبر زاد الأمور ضبابية (أسبوعية لاغازيت دو ماروك ، عدد 19/3/2007)، أو ما صدر هذه المرة عن أساتذة دار الحديث، حيث أكد أحد هؤلاء ـ رفض ذكر اسمه طبعا، حتي لا يتعرض لعقوبات جزرية قد تمتد إلي طرده ـ لقد أهاننا الوزير، وأعتقد أن إصلاح المؤسسة يمكن أن ينجز بهذه الطريقة، والإصلاح لا يفرض بل يتم من الداخل، ولم يسبق للوزارة أن استشارت الأساتذة واجتمعت معهم من أجل الحسم في طبيعة الإصلاح . (لوجورنال إيبدومادير. عدد 24/3/2007). بقي أن نلقي بعض الضوء علي ردود الفاعلين السياسيين، حيث اصطدم نفس الرأي العام بصمت مريب لأغلب الأحزاب السياسية، مقابل خروج محتشم لبعض إسلاميي الساحة، حيث صدر بيان عن حزب البديل الحضاري ، مُعلِنا استنكاره ورفضه لانتهاك حرمة مؤسسة دينية تقوم بدور حيوي لتخريج علماء المغرب ، ومهيبا بكل القوي الوطنية بالتصدي لكل المؤامرات التي تستهدف مقوماتنا الحضارية ومقدساتنا (17)، في حين صدر بيان عن المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح (نواة حزب العدالة والتنمية )، تطرق للعديد من ملفات الساعة، ومنها الجدل الدائر حول تكليف باحث أمريكي بالإشراف علي مشروع لإصلاح دار الحديث الحسنية ، مؤكدا أن إصلاح مناهج التعليم الجامعي الديني هو في الأصل مطلب شرعي وضرورة واقعية تفرضها الحاجة المتواصلة إلي تأهيل الخريجين ، وأن مثل هذا الانفتاح اللازم علي العلوم العقلية ينبغي أن لا يكون علي حساب متانة التكوين الشرعي في علوم القرآن والحديث كما وكيفا، وأن من ضمانات إصلاح من هذا الحجم اعتماد مقاربة تشاركية وتشاورية من المعنيين بالإصلاح إدارة وأساتذة وطلابا وأهل الاختصاص باعتبار ذلك من أهم ركائز أي إصلاح ناجح . وبَدَهِي أن المقاربة التشاركية التي يتحدث عنها البيان في هذا الصدد كانت غائبة بالمرة، في مبادرة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، كما أكد علي ذلك مدير وأساتذة المؤسسة. بالنسبة لجماعة العدل والإحسان ، فإن الدائرة السياسية للجماعة في غني عن إصدار بيان توضيحي بخصوص الضجة، لاعتبارات عدة، يختلط فيها ما هو جلي ومضمر، فالجماعة غير معترف بها رسميا، ولكن، عدم الاعتراف بها يغذي الانتقادات التي تحررها ضد الدولة ككل، وضد مؤسساتها، ومنها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. فيما يتعلق برموز الطرق الصوفية، وحتي تحرير هذه الكلمات، فقد انفردت يومية الأحداث المغربية المقربة من الدوائر الأمنية بنشر خبر عن مذكرة تاريخية وجهها النقيب المحامي علي بن الغالي الريسوني، أحد رموز الزاوية الريسونية في المغرب، إلي وزير الأوقاف حول الشأن الديني بصفة عامة، وحول ما تم فضحه أخيرا من تعيين أمريكي مديرا أكاديميا لدار الحديث الحسنية. وقد وجهت النسخة الأصلية من المذكرة للمستشار الملكي عباس الجراري . ( الأحداث المغربية ، عدد 22/3/2007). يبقي التساؤل عن صمت الأحزاب السياسية الذي يبعث علي الدهشة بحق، ولا تخرج أسباب هذا الصمت عن حسابات ساس ويسوس ضد الحركات والأحزاب الإسلامية، والمثير، أن نفس الأحزاب، ومعها الأقلام المقربة من الدوائر الأمنية ومؤسسات صنع القرار (في القصر الملكي) أقامت دنيا الإعلام ولم تقعده علي هامش ضجة فتوي الشيخ يوسف القرضاوي الشهيرة التي أفتي فيها للمغاربة بـ جواز الاقتراض الاضطراري من أجل السكن من البنوك الربوية في المغرب ، وكانت إحدي أدلة هذه الأقلام في معرض التهجم علي الشيخ القرضاوي، رفض تدخل فقهاء مشارقة للإفتاء في شؤون مغربية. حدث هذا مع شيخ ومرجع فقهي كبير في العالم الإسلامي، واليوم، طبق جميع هؤلاء الصمت مع باحث أمريكي أقر أمام الملأ أنه جاء بناء علي طلب من الوزير المغربي ، واعترف علي الخصوص بأن ما يقوم به في المغرب هو أمر سياسي .. لأنه أمر مركزي بالنسبة لحملة الملك محمد السادس للحد من التطرف خاصة بعد تفجيرات الدار البيضاء . شاءت الأقدار الإلهية أن يتزامن تاريخ الضجة مع صدور ملف في أسبوعية لوجورنال إيبدومادير يعالج ما وصفته بالعداء المغربي للإدارة الأمريكية، ولعل المتتبع المغربي يتذكر أصداء المعارضات الشعبية التي قوبلت بها زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الأخيرة لبعض دول أمريكا اللاتينية. ومعلوم أن رموز المعارضة الأمريكية في دول أمريكا اللاتينية محسوبة علي التيار اليساري وما تبقي من أتباع الثوري تشي غيفارا، ومُمَثِّلي العولمة البديلة ، فكيف يكون الحال مع رأي عام في دولة عربية إسلامية، من جهة، وفي قطاع يهم الحقل الديني من جهة ثانية، والأدهي، في بلد يتميز عن باقي الدول العربية الإسلامية بوجود منظومة إمارة المؤمنين. بالعودة إلي ما جاء في ملف الأسبوعية المغربية، نقرأ مثلا مطالب بضرورة إعلان الحرب علي العدو الأمريكي حسب خالد السفياني، منسق المجموعة الوطنية لمساندة المقاومة في العراق وفلسطين وأن الشعوب العربية تشعر بنوع من الاحتقار من جراء ممارسات الإدارة الأمريكية ، بتعبير عبد الحميد أمين، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (لوجورنال إيبدومادير. عدد 24/3/2007)، وهناك تفكيك رصين لمفهوم الاحتقار، نطلع عليه في الكتاب القيم الذي أصدره الفيلسوف المجدد طه عبد الرحمن، والذي يستخلص أن الفكر الأحَدي فكر بلا أمة و فكر بلا أخلاق و فكر بلا إنسان ، وأنه أخيرا، فكر مبني للمجهول، إذ يَدَّعي الانفراد بإفادة جميع الأمم من غير وجود أمة محدَّدة تنسبه إلي نفسها . (انظر: طه عبد الرحمن. الحق العربي في الاختلاف الفكري. المركز الثقافي العربي. بيروت. الدار البيضاء. 2005 هامش ص 190). وأخيرا، وقطعا ليس آخرا، لأننا بصدد مفارقة مثيرة، لأن تاريخ صدور الخبر لأول مرة في المنابر المغربية (يوم 26 شباط (فبراير) 2007)، كان أيضا تاريخ صدور مقال للباحث المغربي يحيي اليحياوي علي صفحات هذا المنبر بالذات، وجاء تحت عنوان السفير الأمريكي بالمغرب… حاكما مدنيا؟ ، ونقرأ في المقال أن السفارة الأمريكية بالمغرب إنما باتت تتصرف في البلاد والعباد، علي شاكلة ما كان يقوم به المقيم العام طيلة سنين الحماية الفرنسية علي المغرب ، مستشهدا بالعديد من الأمثلة التي تُزَكِّي ما ذهب إليه، منها ما صدر عن السفيرة الأمريكية السابقة مارغريت تيتويلر، والتي، وفي أعقاب أحداث 11 أيلول (سبتمبر) من العام 2001، مارست ضغوطا موازية بجهة دفع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلي لجم خطباء الجمعة، وثنيهم عن مناهضة السياسات الأمريكية والإسرائيلية بفلسطين والعراق وأفغانستان، فتتحول ذات الخطب، بالمحصلة، إلي مواعظ في الدين، ونصائح مكتوبة من بين أروقة الوزارة، دون الخطباء ودون اعتمادها الطرد والتشريد… وقد تم طرد العشرات ممن لم يرضخوا في عهد الوزير السابق . نحن لا نتهم الوزير بالانصياع للمقررات/الأوامر الأمريكية، ونؤمن أشد الإيمان ـ كما أشار في الحوار الذي أجري معه ـ ببؤس الفكر الذي يكاد يؤله الإدارة الأمريكية، ولكننا في المقابل، نورد هذه الملاحظات من باب المسؤولية ـ ما دام الصمت سيد مواقف أغلب المثقفين والباحثين ـ ومن باب التنبيه من أن يأتي اليوم الذي تصبح فيه دار الحديث الحسنية في مغرب إمارة المؤمنين، دار أمريكا للحديث . العاقبة للمتقين، ولمن يؤسس عملا ينفع الناس. (*) كاتب من المغرب (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 مارس 2007)


العودة إلى التصوف … أخطار التوظيف السياسي وضرورة الإنصاف

محمد عادل شريح      يمثل التصوف الإسلامي ظاهرة عميقة وممتدة ومتعددة المظاهر والتجليات في تاريخنا الفكري وواقعنا الاجتماعي والحضاري، لكننا مع ذلك لا نراها تحتل مكانتها الطبيعية في سلم أولويات البحث العلمي والجهد الثقافي، ويعود هذا إلى أسباب عدة. من أهمها أن الخطاب النهضوي الذي أعاد صوغ أولويات الثقافة العربية الإسلامية، كان في معظمة خطاباً متعلمناً متعقلناً ينأى بنفسه بعيداً مما سماه البعض خطاباً «أسطورياً عجائبياً» وهكذا فقد تم الرفع من شأن الاعتزال والمعتزلة، هذه الظاهرة التي انتهت واقعياً وأصبحت مرحلة تاريخية، في حين تم القفز من فوق التصوف والمتصوفة على رغم كون التصوف يشكل نسقاً معرفياً اجتماعياً بل وسياسياً مستمراً وفاعلاً.
عندما ننظر في ثقافتنا العربية الإسلامية الحديثة والمعاصرة نجد أن التصوف قد تعرض إلى أشد حملات التشويه والتغييب بل وحتى السخرية والازدراء، فهو في الفكر النهضوي يمثل ثقافة الانحطاط وثقافة ما قبل النهضة، وهو في الدراسات الاجتماعية نمط من أنماط التدين الشعبي، وهو لدى التيارات الإصلاحية السلفية بدعة وضلالة، وهو في الدراسات الأكاديمية نمط أسطوري عجائبي من التفكير مقابل الثقافة العقلانية.
أن المعضلة الحقيقية تبرز أمامنا عندما نقترب أكثر من تراثنا – بروح الباحث المنصف – لنكتشف أن مفردات تراثنا وثقافتنا عبر رموزها وأشخاصها الفاعلين في الفقه والعقائد والعلوم الكونية والعلوم التطبيقية وفي الطب والصيدلة وحتى في الجغرافيا والتاريخ هم شخصيات لها علاقة بالتصوف في شكل مباشر أو غير مباشر من خلال أشياخها ومعلميها، ولن يفيد التعالي العقلاني للثقافة العربية المعاصرة في تغييب هذه الحقيقة، كما لن يفيد امتهانها كذلك، لأن جدلاً من نوع الذي دار بين الجابري وجورج طرابيشي حول انتماء أبو حامد الغزالي إلى عصور الانحطاط، أم أن عصور الانحطاط تبدأ من بعده مباشرة، هو جدل أقل ما يقال عنه أنه مغرور أشد الغرور بعقلانية مزعومة تختزل تاريخ الفكر بتاريخ الفلسفة العقلانية فقط، أما من ناحية مستوى الإحساس بالواقع، فإن حواراً من هذا النوع يبدو لي وكأنه يجري على القمر بعيداً من تضاريس الفكر الإسلامي «الأرضي» والواقع الإسلامي.
تجدر الإشارة إلى أن نوعاً من الاهتمام قد عاد لينصب حول التصوف والمتصوفة، وهذا الاهتمام يأتي من طرفين، الطرف الأول هو الطرف الأكاديمي العربي الذي كثيراً ما يُفاجأ بتوجهات العديد من المؤسسات الأكاديمية والجامعات في الغرب نحو إنجاز ندوات أو مؤتمرات مشتركة خصوصاً بالتصوف ورموزه، كالمؤتمرات الكثيرة التي تعقد عن ابن عربي والسهروردي وغيرهم، وعلى رغم أهمية هذا التوجه لكنه لا يزال يعاني من ثغرات منهجية عدة، أهمها محاولة قراءة التصوف عبر إخضاعه لمقولات فلسفية هو في الأصل لا ينضوي تحتها بأي شكل من الأشكال. أو من خلال مقولات وجمل قياسية مكررة حول الحلولية ووحدة الوجود. ويستطيع القارئ المتتبع أن يستذكر عشرات المقالات والدراسات التي تتحدث عن وحدة الوجود عند المتصوفة، ابن عربي وغيرة، وكأن التصوف الإسلامي لا يمكن أن يُقرأ إلا من خلال هذه المقولة ذات الخصوصية المسيحية الخالصة Pantheism التي ادخلها رينان في التداول وتأبى ثقافتنا المعاصرة أن تتجاوزها!
أما الطرف الآخر الذي بدأ يبدي اهتمامه بالتصوف فهم صناع السياسة المحليون والدوليون، ذلك أن التصوف في عالم الإسلام اليوم يمثل النموذج الأكثر راحة لصناع السياسة المحلية والعالمية، وقد دعت الدراسة المشهورة لمؤسسة «راند» الأميركية «الإسلام المدني الديموقراطي» إلى دعم التصوف مقابل الحركات السلفية الجهادية، وهناك الكثير ممن يعكفون اليوم على دراسة التجربة التركية وبعض الشخصيات المهمة في السياسة التركية الحالية والتي لها علاقة بالتصوف وهي تمتاز بالواقعية الشديدة، أمثال نجم الدين أربكان وتلميذه رجب طيب أردوغان.
بالطبع ليست هذه هي القراءة المطلوبة للتصوف وهي من دون شك قراءة خاطئة، لأن الثغور والرباطات هي أصلاً مهد الصوفية، كما أن تاريخنا القريب يؤكد أن الصوفية هي التي لعبت الدور الأكبر في معارك وثورات التحرر الوطني ضد الاستعمار الأوروبي، إذ ليس التصوف دروشة وسلبية كما يرغب الكثيرون أن يروه، وبالتالي فإن هذه المقاربة أيضاً غير سوية.
إن قراءة التراث الصوفي تتطلب منا قراءته كما هو وبمكوناته الحقيقية، وبمنهجيات مناسبة، وعندها سنكتشف أرثاً فكرياًَ وروحياً فريداً من نوعه، ومخزوناً معرفياً قادراً على قراءة العالم المعاصر بكل تعقيداته وقادر على المساهمة في تقديم حلول معرفية واجتماعية وأخلاقية لمعضلاته. إن أشد ما يثير الاستغراب في الثقافة العربية المعاصرة أنها وعلى ولعها الشديد بكل ما يأتي من الغرب، تأبى حتى يومنا هذا أن تتعرف الى أسماء عدة صارت من ممثلي النخبة الثقافية في الغرب ممن دخلوا عالم الفكر من باب التصوف والتراث الصوفي الإسلامي أمثال رينيه غينون وفريتجوف شون وهنري كوربان وسيد حسين نصر ومارتن لينغر وتيتوس بوركهارت وعشرات غيرهم من نخبة المفكرين الغربيين الذين أسسوا لتيار فكري متكامل صار يعرف في الغرب باسم التقليدية Traditionalism، هؤلاء المفكرون الذين عبروا عن إحساسهم العميق بما تعانيه البشرية اليوم من تفكك وضياع نتيجة فقدان الإيمان وفقدان البعد الروحي للحضارة الحديثة، وقد عالجوا هذه المسائل بمستوى راق جداً وأسلوب عميق أخّاذ، ومع أن رواد هذا لاتجاه هم مفكرون بارزون وأساتذة لهم مكانتهم المرموقة في أكبر جامعات العالم لكن ثقافتنا العربية اليوم تأبى أن تتعرف اليهم.
أما الجهود الرامية لقراءة واقع التصوف اليوم كظاهرة دينية وكحالة اجتماعية، فهي مطالبة برؤية الظاهرة بشمولها، إذ كثيراً ما نرى تركيز الباحثين والمهتمين لا ينصب على ظاهرة التصوف نفسها، بل يتركز على ما يرافق التصوف من ممارسات طقوسية مشبوهة وإبراز لما يدور في فلك التصوف من شعوذات، مع إغفال للجانب المهم في هذه الظاهرة، ألا وهو المخزون الأخلاقي والجهد السلوكي التربوي الكبير الذي تقوم به هذه المؤسسة الدينية الاجتماعية الفكرية الضخمة والتي تساهم عبر جهودها في الحفاظ على التوازن الاجتماعي والأخلاقي لمجتمعنا العربي المعاصر.
* كاتب فلسطيني – سورية.
(المصدر: صحيفة  » الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 مارس 2007)


  

الاعلام الجديد في العراق.. « شبكة أخبار النجف » مثالا

 
د. رفيق السكري (*) بعد اسقاط النظام الوطني في العراق في نيسان (ابريل) 2003، من قبل القوات الامريكية وبدعم مباشر او غير مباشر من قبل اغلب الانظمة العربية الرسمية، عمت في العراق موجة اسمها الفورة الاعلامية. عرفت الساحة العراقية وجود عشرات وحتي المئات من الصحف والمجلات وشبكات الاخبار وكذلك البث. اوجدت هذه الموجة انطباعا لدي البعض ان هذه الوسائل الاعلامية تمثل بارقة امل للعراق الجديد المحتل. اعتقد البعض الآخر ان وجود هكذا وسائل قد يمثل خطوة جديدة لوجود المنابر المتعددة الحرة والمنفتحة وغير المقيدة برقابة صارمة كما كان في السابق. ولكن الراصد والقارئ والمشاهد والمتابع لاغلب هذه الوسائل الاعلامية الجديدة في عهد الديمقراطية الامريكية يصاب بالدهشة والاحباط وحتي بالغثيان ازاء ما يقرأه او يشاهده عبر هذه الوسائل الاعلامية. فالكثير منها، ان لم نقل اغلبها، يحمل بصمات طائفية وتحريضية. ويتعامل مع وجود القوات الامريكية وغيرها كأمر واقع. وان حصل بعض النقد ضدها فانه يكون لطيفا ومهذبا. وهي اخيرا، اي هذه الوسائل الاعلامية ومهما قيل عن حسناتها وايجابياتها تخضع وترتبط، في النهاية، بطرفين اساسيين هما: ـ قوات الاحتلال الامريكي والمتعاونين معها من العراقيين القابعين في المنطقة الخضراء الامريكية. ـ المرجعيات الدينية. فالاولي، اي قوات الاحتلال، تقف وراء العديد من هذه الوسائل الاعلامية عن طريق الدعم المادي المباشر او غير المباشر او الدعم التقني. كما انها انشأت العديد من الصحف المحلية باقلام عربية ولكن بمضمون واهداف امريكية. تمثل المرجعيات الدينية، خصوصا الشيعية منها، مكانة هامة بالنسبة لوسائل الاعلام الجديدة في العراق الحالي لا يمكن تجاوزها علي الاطلاق. فاغلب ما يُفسر ويكتب ويبث في هذه الوسائل يخضع، من قريب او بعيد، الي تأثير وتوجيه هذه المرجعيات. فالعداء للعروبة، والارتباط بايران علي اساس مذهبي، وضرورة التعامل مع المحتل الامريكي وعدم مقاومته سمات ترتبط باغلب المرجعيات الدينية الشيعية والوسائل الاعلامية التي تدور في فلكها (وما اكثرها). ولكن سبحان مغير الاحوال لقد كانت اغلب المرجعيات الدينية الشيعية، قبل الاحتلال الامريكي، تنأي بنفسها عن كل ما هو سياسي. حتي انها كانت حتي الامس القريب، ترفض حتي ذكر الديمقراطية في اغلب احاديثها. لان الديمقراطية، حسب بعض هذه المرجعيات، مفهوم غربي اجنبي لا يتماشي مع الاسلام. والآن وبعد تواجد قوات الاحتلال الامريكي في العراق اضحت هذه المرجعيات المدافعة الاولي عن الديمقراطية، خصوصا الامريكية منها، حتي انها، اي هذه المرجعيات، اخذت تحث الشيعة من العراقيين الي ضرورة ووجوب مشاركتهم في العملية الانتخابية والا ذهبوا الي جهنم! تمثل شبكة اخبار النجف الاشرف مع غيرها من الوسائل الاعلامية (نشير هنا علي سبيل المثال، موسوعة النهرين، نهرين نت، اذاعة الهدي الاسلامية، شبكة كربلاء للانباء، فضائية اهل البيت الخ) مثالا واضحا علي ما ذكرناه سابقا. فشبكة اخبار النجف الاشرف تقوم بهذه المهمة وعلي اتم وجه وبدعم كامل مع بعض المرجعيات الدينية الشيعية في العراق. ولنقرأ معا ما كتبه السيد حسن هاني زاده (اسم مستعار علي ما اعتقد) علي صفحات اخبار النجف الاشرف في مقاله المعنون: الهلال الشيعي الحل الامثل لأزمات العالم. يبدأ الكاتب بنقد السياسة الامريكية في المنطقة العربية لاعتقاده ان الولايات المتحدة الامريكية لا تعرف الي حد الان مصالحها وحتي اصدقاءها الحقيقيين. بهذا الصدد يقول: ثمة خطأ استراتيجي في السياسة الامريكية ما زال قائما حيث جلب الويلات والكوارث للمنطقة وامريكا بالذات الا وهو عدم معرفة الادارة الامريكية من هو الصديق ومن هو العدو لها . الا ان الشيء المهم بالنسبة للسياسة الامريكية اليوم وحتي للعالم اجمع هو الارهاب وامكانية محاربته (حسب رأي الكاتب). فبيت القصيد هو كيف تحارب الارهاب والارهابيين. بتعبير آخر السؤال الاساسي، في النهاية، هو اين يوجد الارهاب ومن يقف وراءه. فيجيب الكاتب حسني هاني ويقول: فبيت القصيد يكمن هنا في وجود الكيانات العربية التي ترعرع فيها الارهابيون بسبب فقدان الحضارة والديمقراطية في مثل هذه البلدان. فالكيانات العربية خاصة الدول العربية المتخلفة فكريا وثقافيا رغم ازدهارها الشكلي والمبني علي الموارد النفطية اصبحت نبتة خبيثة تهدد الحضارة الغربية والامريكية حيث ينبغي اجتثاث هذه النبتة الخبيثة من الجذور . ولكن هذا الوضع المأساوي والمتخلف لدي اغلب الدول العربية او الكيانات العربية (حسب رأيه) يقابله وضع متميز ومتطور في الطرف الآخر، ولكن ماذا يقصد او ما هو المقصود بالطرف الآخر؟ يوضح السيد حسني هاني ويكتب: وبينما محاولات علماء الشيعة المتنورين لتصحيح الطابع القبلي لدي العربان باءت بالفشل، والعصبية الجاهلية والتي وصفها الامام علي بن ابي طالب عليه السلام بانها آفة العرب ما زالت راسخة في عقولهم، فلا بد للشيعة ان يضعوا حدا فاصلا بينهم وبين النواصب بعيدا عن المجاملات والتحفظات السياسية . ويتابع ويقول: فعداء النواصب لآل بيت رسول الله ص بدأ منذ وفاة الرسول الاعظم ص حيث ارتد بعض المحيطين بالرسول ص الي جاهليتهم وناصبوا العداء للإمام علي عليه السلام الذي ظل وفيا لمبادئ خاتم الانبياء ص والقيم الاسلامية حتي يوم استشهاده في مسجد الكوفة عام اربعين للهجرة علي يد النواصب . لم يكتف كاتب هذا المقال بهذا القدر من الطائفية البغيضة والتحريض الواضح بل يذهب الي ابعد من ذلك فيكتب: فقد كان اللعين ابن تيمية شيخ الارهابيين والمهرج المتجول السخيف ابن بطوطة من رواد الدعاة النواصب الذين كرسوا خطبهم الرنانة ضد شيعة آل رسول الله ص آنذاك حيث اصدر ابن بطوطة فتوي لحرق العلويين الشرفاء في جبل حوران بالشام في عام سبعمئة وخمسة وستين للهجري بسبب انتمائهم الي المذهب الشيعي . فالحقيقة ان الحرب النفسية والاعلامية التي يشنها النواصب الانجاس ضد خير امة اخرجت للناس اي الشيعة هي دائرة منذ اكثر من الف عام وحتي يومنا هذا فقد كشفت الساحة العراقية هذا الحقد الدفين . وازءا مواقف النواصب المعادية لاهل البيت يري الكاتب ان علي الشيعة اتخاذ القرار المطلوب ومجابهة الواقع بشجاعة وبدون خوف وتردد. فيقول بهذا الشأن: فلماذا يتستر الشيعة وراء بعض التسميات المثالية مثل المصلحة الاسلامية والوحدة العربية ومواجهة الاخطار التي تحدق بالامة العربية؟ اي مصلحة هذه؟ دماء شيعة الحسين ع تسفك في ارض السواد والارهابيون العرب يسرحون ويمرحون في هذا البلد وتغدق عليهم اموال طائلة من قبل قادة النواصب لقتل شباب العراق . وبعد ان يستعرض الكاتب اسباب العداء المستحكم بين الشيعة والنواصب ويحث علي ضرورة محاربتهم لانهم (اي النواصب) اعداء وارهابيون (حسب رأيه) يطرح السؤال التالي: ما الحل اذن؟ ويجاوب علي ذلك ويقول: الحل الوحيد هو اولا تشكيل هلال شيعي لمواجهة الارهاب العربي الناصبي. ثانيا تشكيل جيش من المتطوعين من انصار الحسين ع كقوة حماية للشيعة ودحر هؤلاء النواصب اينما كانوا وطردهم من العراق. ثالثا تشكيل حلف اقليمي ومحلي مع كل شيعة المنطقة والاستعانة بخبرة الاكراد الاشاوس في العراق لمواجهة الارهابيين العرب. رابعا تشكيل اعلام شيعي موحد يكون علي رأسه خيرة الاعلاميين من الشيعة لكشف حقيقة خطر النواصب العرب التي تهدد الغرب والعالم برمتها وتأسيس قناة تلفزيونية لاظهار الفرق الموجود بين حضارة المذهب الشيعي وبشاعة النواصب من خلال كشف العمليات الارهابية التي قام بها اصحاب الافكار المتطرفة من النواصب في امريكا والغرب واماكن اخري في الشرق الاوسط. خامسا توفير الامكانيات اللوجستية والامنية لكل الشيعة في العالم لزيارة العتبات المقدسة في العراق لبحث اوضاعهم وعقد مؤتمرات دورية في النجف الاشرف لطرح معاناة الشيعة من التمييز العربي الجاهلي في البلدان العربية وحل هذه المشاكل سواء بالتي هي احسن او من خلال السبل التي يرونها مناسبة. سادسا منع دخول كتب النواصب مثل كتب ابن تيمية اللعين وابن بطوطة المهرج الي الدول الواقعة ضمن الهلال الشيعي ردا علي منعهم دخول كتب نهج البلاغة والصحيفة السجادية ومفاتيح الجنان . ويتمني السيد حسني هادي، في نهاية مقاله، ان يقرأ السيد زلماي خليل زاد سفير قوات الاحتلال الامريكية في العراق كلماته هذه، حتي يحث القيادة الامريكية علي اعادة النظر في استراتيجيتها الشرق الاوسطية، عسي ولعل ان تقوم هذه القيادة (حسب رأيه) باطاحة كل الانظمة العربية في المنطقة ووضع ادارة شؤون هذه البلدان تحت سيطرة الشركات النفطية الامريكية والبريطانية. كما كان الامر سائدا في اوائل القرن الماضي لان الانظمة العربية الجاهلية ليست مؤهلة للحكم . لانه بدون هذه الاستراتيجية المقترحة من طرف الكاتب الي القيادة الامريكية فان الارهاب والنواصب سيحرقون الاخضر واليابس وسيقضون علي الحضارة الانسانية بكاملها. (*) كاتب عربي مقيم في المانيا (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 مارس 2007)


من أحق بحق العودة … اليهود أم الفلسطينيون؟

 
عبدالله الأشعل (*) في أواخر عام 2003 أكدت المتحدثة باسم الخارجية الإسرائيلية أميرة أرون في أحد برامج هيئة الإذاعة البريطانية الذي كنت اشارك فيه عندما كنت مساعداً لوزير الخارجية المصرية أن حق العودة ليس موجوداً في القانون الدولي وحاولت أن تشهدني على ذلك، ولكني أدليت بشهادة علمية وبكل أمانة بأن حق العودة في القانون الدولي معترف به في حالتين: الأولى إذا أجبر المواطن على مغادرة بلده فمن حقه أن يعود وليس من حق الحكومة الوطنية أن تحرمه من هذا الحق، بل ان القانون الدولي لحقوق الإنسان بدأ يفرض نفسه على دساتير العالم وأن يؤكد حق المواطن في أن يغادر وطنه بحرية تامة وأن يعود إليه بحرية تامة ولا يجوز لأي دولة أن تبعد المواطن أو أن تحرمه من العودة إلى وطنه لأن حق المغادرة والعودة من الحقوق الأصلية أو من حقوق الجيل الاول. ولسوء الحظ فإن بعض أحكام القانون الدولي استقرت نتيجة ظروف تتعلق بأوضاع اليهود، ولذلك يحسن بنا ألا نكترث بظروف نشأتها وإنما أن نستفيد من هذه القواعد. وتكفي الإشارة إلى أن أحكام محاكم نورمبرغ هي التي وضعت اللبنة المعاصرة لقواعد القانون الجنائي الدولي الذي ترفض إسرائيل تطبيقه على غير اليهود. كذلك فإن اليهود كانوا يجادلون بأن من حق اليهود السوفيات أن يغادروا الأراضي السوفياتية من دون موافقة الحكومة وأن يعودوا إليها رغماً عنها كما تجوز هجرتهم الجماعية وذلك في إطار المشروع الصهيوني حتى يتجمعوا في بلد ثالث ينقلون بعده ومنه إلى إسرائيل. أما الحالة الثانية لحق العودة التي يعترف بها القانون الدولي فهي حالة الخروج الطوعي للمواطن من بلده والعودة الطوعية فلا يرغم على المغادرة كما لا يرغم على العودة وهو حق أسهل بكثير من الصورة الأولى لهذا الحق. إذا انتقلنا إلى القضية الفلسطينية وخصوصية وقائعها فلا بد أن نحذر من المواءمة بين القاعدة القانونية الدولية وخصوصية الوضع في فلسطين. لقد بادرت إسرائيل عام 1950 إلى إصدار قانون العودة، وذلك بعد مضي عامين فقط على صدور قرار الجمعية العامة رقم 194 بأغلبية ساحقة في كانون الاول (ديسمبر) من ذلك العام، وهي الدورة نفسها التي صدر فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما أنه العام نفسه الذي نشأت فيه إسرائيل، فكأن قيامها عام 1948 وهو إهدار لحق شعب مستقر أعقبه القرار المذكور الذي يجب أن يفهم بمنطق ذلك العصر وهو أن اغتصاب فلسطين بقرار دولي صدر عام 1947 عن الجمعية العامة نفسها وهو القرار 181، أضيف إليه قرار آخر لجبر الكسور الخطيرة التي أحدثها قرار التقسيم باعتباره القرار الفريد في تاريخ القانون الدولي وهو معالجة قضية اللاجئين من فلسطين إلى الأراضي المجاورة بعد أن اضطرتهم أعمال الإرهاب والمذابح اليهودية إلى النزوح، ولكن هذا القرار تضمن ثغرة خطيرة وهي حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة أو التعويض، وهذا خطأ فادح لأن مجال الحقين وموضعهما مختلفان، فحق العودة يتعلق بالوطن الذي خرج منه اللاجئ وأما حق التعويض فله علاقة بممتلكات اللاجئ التي فقدها بسبب نزوحه. الحق الأول، أي حق العودة هو حق معنوي لا يمكن المساومة فيه، وأما حق التعويض فهو حق مادي ومن الظلم، بل ومن الإسفاف، أن يوضع الحقان على قدم المساواة وعلى سبيل التخيير. ان الظروف التي صدر فيها القرار 194 كانت بالغة الدقة لأن المجموعة العربية في الأمم المتحدة كانت قليلة وتأثيرها على غيرها كان محدوداً وحاولت اسرائيل بكل الطرق أن تمنع صدور مثل هذا القرار، لأنه يتفق عضوياً ويقترن مادياً بالقرار 181، فقرار التقسيم فتح الباب لإقامة دولة يهودية على الاراضي الفلسطينية، أما قرار التعويض فهو يذكر بأن هذه الدولة حديثة النشأة وأن الذين يراد تعويضهم أو إعادتهم إلى وطنهم هم أصحاب الأرض. ومن خلال متابعة ما كتب عن القرار 194 منذ صدوره يتبين أنه اتخذ لنفسه مكاناً بالغ الأهمية في الكتابات الصهيونية في الوقت الذي انشغل فيه العالم العربي بقضاياه الداخلية وتمكنت هذه الدراسات من أن تؤسس لسياسة إسرائيلية ثابتة تقوم على فصم كل علاقة بين الفلسطينيين وأرضهم وطمس كل ذكر لظروف قيام إسرائيل والتأكيد على أن فلسطين كلها لليهود ومن يبقى من الفلسطينيين فيها هم أقلية ممن تبقى من احتلال تاريخي لهذه الأرض، فقد قلبت إسرائيل الحقائق رأساً على عقب في غياب الاهتمام القانوني العربي. لقد ركزت الدراسات الصهيونية على فكرة التعويض وتجاهلت حق العودة تمامًاً كما ركزت السياسات الإسرائيلية على فكرة التعويض في مقابل فكرة التوطين. ويضيق المقام عن تفصيل التدابير الداخلية والدولية التي اتخذتها إسرائيل لتقويض حق العودة تماماً، وهي لا تدرك أن هذا المسعى الإسرائيلي يتناقض مع مسعى إسرائيلي آخر وهو تأكيد حق العودة للمغتصبين اليهود. ومعنى ذلك أننا يجب أن نجري مقارنة بين حق الفلسطينيين الأصيل في العودة إلى وطنهم وحق من يرغب منهم في الحصول على تعويض عن العودة وعن الممتلكات وبين الحق المزعوم لليهود في اللحاق ببني جلدتهم في فلسطين تحت مسمى حق العودة. فقد زعم القانون الإسرائيلي المذكور الذي استظهر وثيقة اغتصاب فلسطين التي تسمى بوثيقة استقلال إسرائيل أن اليهود كانوا أصلاً في فلسطين وأنهم تبعثروا خارجها وأن من بقي منهم في المهاجر هم يهود المنفى أو «الدياسبورا» ما دام الأصل هو فلسطين والاستثناء هو الاضطرار إلى المغادرة فكأن اليهود أحلوا نفسهم في هذا السيناريو محل الفلسطينيين. انطلق القانون من هذه الفرضية الوهمية إلى التأكيد على حق كل يهودي يولد في أي بقعة في العالم في أن يعود إلى «وطنه الأصلي» (فلسطين) على أساس أن إسرائيل التي قامت عام 1948 سوف تلتهم كل فلسطين وعلى أساس أن إسرائيل بالمعنى التوراتي المزعوم سوف تكون «الكومنولث اليهودي» أو «وطن الأجداد» كما تقول الأدبيات الصهيونية. وفي هذا المجال إذا كانت التسوية تتسع لدولتين كما يقول الرئيس بوش، فإن النظرية الإسرائيلية لا تسمح لغير اليهود بالإقامة في فلسطين وهذه التسوية التي يتم تخدير العالم العربي بها لن تتحقق لأنها تتناقض مع المنطق الإسرائيلي. وحري بالفلسطينيين أن يصدروا قانوناً يؤكد حق عودة أي فلسطيني وفقاً للأرض التي خرج منها. ولكن وزيرة الخارجية الإسرائيلية تؤكد أن عودة اللاجئين إلى إسرائيل أمر غير منطقي والأكثر قبولاً هو عودتهم إلى أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية. فإذا افترضنا جدلاً سلامة هذا المنطق لكان معنى ذلك أن كل الفلسطينيين وعددهم خارج فلسطين يربو على 5 ملايين نسمة من حقهم أن يعودوا إلى أقل من 8 في المئة من أرض فلسطين التاريخية أي أن أكثر من 10 ملايين نسمة سوف يوجدون على 27 ألف كيلو متر مربع وهو أمر غير منطقي ولا يمكن تصوره. مقابل ذلك تفتح إسرائيل الهجرة لأكثر من 3 ملايين يهودي خلال السنوات القليلة المقبلة بحيث يصبح عدد اليهود في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المرشحة للانضمام إليها حوالي 9 ملايين نسمة من أصل 13 مليون يهودي في العالم. إننا يجب أن ننظر إلى المواقف الإسرائيلية في كلياتها وأن نتجنب تبعيضها لأن إسرائيل تقدم لنا الحقائق مجزأة حتى يسهل ابتلاعها ولذلك يجب على العالم العربي أن يرفض رفضاً قاطعاً التساهل في هذا الجزء الحساس من القضية الفلسطينية لأن إسرائيل تريد كل فلسطين، وتنازل العالم العربي عن حق إقليمي يتصل بالأرض والوطن جناية خطيرة لا يتحمل أحد من القادة العرب مسؤوليتها أمام الله وأمام التاريخ وأمام هذه الشعوب. وهكذا ومن خلال مقابلة حق العودة الأصيل في القانون الدولي للفلسطينيين في مقابل حق العودة العكسي لليهود يظهر أن من حق اليهود الذين يتمتعون بجنسية أي دولة في العالم أن يخرجوا أو يعودوا إليها كمواطنين ولكن عندما يتعلق الأمر بفلسطين فإن طبيعة المشكلة يجب أن تلزمنا الحذر في تناول القضية وألا نستسلم للتعميمات القانونية. ويجب أن نحذر من مثال آخر لمثل هذه التعميمات وهو تأكيد إسرائيل أن القدس هي عاصمتها الأبدية والدائمة وتأكيدها أيضاً أن الدولة عندما تختار لها عاصمة من دون سائر مدنها الأخرى فهذا حق لها لا يجوز المجادلة فيه. وتغفل إسرائيل أنها مغتصبة لهذه الأرض بل إن اغتصابها للقدس هو حلقة مركبة من حلقات اغتصاب الأراضي الفلسطينية والمقدسات وانتهاك مباشر للشرعية الدولية التي قامت عليها إسرائيل نفسها، ذلك أن قرار التقسيم هو شهادة ميلاد إسرائيل ولكن إسرائيل مزقت هذا القرار حتى لا يستفيد منه الفلسطينيون وحتى لا يؤسس للوضع القانوني لمدينة القدس وهو موقف يعني قانونا عودة إسرائيل إلى مرحلة ما قبل قرار التقسيم أي المرحلة التي لم تكن موجودة فيها أصلاً. وفي الوقت نفسه فإن إسرائيل تؤكد أن الدولة عندما تختار عاصمتها فإن البعثات الديبلوماسية ملزمة وفقًا لاتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية أن تنتقل إلى هذه العاصمة، ولم تلتفت إسرائيل إلى أنه ليس من حقها أن تختار القدس عاصمة لها انتهاكا لأحكام القرار 181 وقرارات مجلس الأمن الأخرى الخاصة بالقدس وبشكل أخص القرار 478 الذي اعتبر قانون ضم القدس قانونا باطلاً وحذّر دول العالم من نقل بعثاتها من تل أبيب إلى القدس. (*) كاتب مصري (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 مارس 2007)


 بسم اللـه الرّحمن الرّحيم  السّيّد محمّد الهاشميّ رئيس قناة المستقلّة المحترم:  السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته… أرسل لكم أبياتاً من الشّعر اعترافاً بفضلكم وجميلكم الذي أسديتموه للفكر والشّعر راجياً أن تكون هديّةً

لبرنامجكم: شاعر العرب.

 
 مسلّة الشّعر  شيّـدَ الشّعـرُ مسلّـهْ في قنـاة   المستقـلّـهْ  يعتليـهــا هاشمـيٌّ مسرجاً للشّعرِ   خيلـهْ  مربدُ الشّعـرِ تجلّـى فتسامت ألـفُ  نخلـهْ  ها هيَ الخنساءُ عادت تنقـدُ الشّعـرَ وفحْلـهْ  وتغنّـى  قيسُ ليلـى عنترٌ يسمـو  وعبْلـهْ  زيتُ مشكاتي مضيءٌ فاستنارت  ألـفُ شُعْلهْ  وتولّــى القوسَ بارٍ ينتقـي النّبْـعَ  ونَبْلـهْ  وتناغى الشّعرُ  يَرْقى خاليـاً من كـلِّ علّـهْ  يا قناةَ الخيرِ  هاتـي واغدقي خيراً وغلّـهْ  وأعيدي الرّوحَ فينـا فبحورُ الشّعـرِ  ضحْلهْ اثقبي  صمتَ القوافي صارت  الرّؤيا  مملّـهْ  قد تمادى  كلُّ غـرٍّ ناشراً في الأرضِ جهْلهْ  يا شداةَ الشّعرِ عودوا غادرَ  الشّعـرُ  محلّـهْ  فبغاثُ الشّعرِ  عاثت ولها في الطَّولِ  صولهْ  باركوا الحاديْ ونُبْلهْ ما رأينا  قــطُّ مثْلـهْ  
 
 الجمهوريّة العربيّة السّوريّة – محافظة حمص – مدينة تدمر – الجمعيّة  السّكنيّة – أحمد مثقال قشعم – رئيس المركز الثّقافيّ العربيّ في مدينة تدمر.


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.