السبت، 27 فبراير 2010

Home – Accueil

TUNISNEWS

 9ème année, N°3567 du 27 . 02 . 2010

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادق شورو

وللصحافي توفيق بن بريك

ولضحايا قانون الإرهاب


حــرية و إنـصاف:الأستاذ محمد عبو والصحفي لطفي الحيدوري يعودان من المغرب اعتداء لفظي وتفتيش دقيق وحجز وثائق (ويتواصل حفل الاستقبال)

المرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع:اعتداء أمنيّ على المحامي محمد عبّو ومصادرة كتب بمطار تونس قرطاج

حــرية و إنـصاف:الناشط الحقوقي والإعلامي زهير مخلوف من السجن إلى الحصار المادي والإعلامي

البديـل عاجل:البوليس السياسي يمنع أمسية أدبية

حــرية و إنـصاف:رئيس مركز حرس العلا بالقيروان يعتدي على سجين الرأي السابق زياد الفقراوي

البديـل عاجل: »راديو كلمة » في مرمى سهام بن علي

الحزب الديمقراطي التقدمي بلاغ صحفي حول اعتقال حسن بن عبد الله

الصباح:في بيانات المحامين الشبان جمعية تستوعب الجميع ولا يستوعبها أحد!

وجهة نظر من « صوت الشعب » : »نيران صديقة » على العمل المشترك مع « الإسلاميّين

البديـل عاجل:تضامن عمالي في بنزرت

وات:مشاركة تونس في الدورة 13 لمجلس حقوق الانسان للأمم المتحدة فى جينيف من 1 إلى 26 مارس

البديـل عاجل:فـَسَادٌ بطعم السكَّر..!

د.ب.أ :صهر الرئيس التونسي يتخلى عن رئاسة بنك

البديـل عاجل:أحداث الصخيرة:مسمار آخر في نعش النظام

البديـل عاجل:لنتوحّد ضدّ الاستبداد..!

نزار بن حسن:إلى من يهمّه الأمر : الرّسالة الثّـامنة (الصحّة والأمن في الشّـابة)

زياد الهاني:من عليائه.. محمد قلبي يُلقي نظرة على الإحتفال باليوم الوطني للثقافة

أعدّه: ولد الدّار:بالسّواك الحار – 152 –

« الحوار التونسي » تعود من جديد

الصباح:الشيخ حسن الورغي في ذمّة الله

محمد الحمروني :إطلاق أول تأمينات إسلامية في تونس

  عبدالحميد العدّاسي :خاطرة عند الاحتفال بالمولد

الشيخ الهادي بريك:لم لا تكون ذكرى المولد النبوي محطة تعبئة جديدة؟

جمال الدين أحمد الفرحاوي:رحل  الحبيب أب الحبيبة ماضيا

البديـل عاجل:في بلد « الحدّاد » :10 فتيات معظمهن جامعيات يراودن المارّة بالعاصمة!

عبدالسلام الككلي: ردا على سلوى الشرفي كامو و القضية الجزائرية

محمد العروسي الهاني التاريخ الوطني المجيد الحلقة 3 :

صلاح الجورشي:السياسيون العرب: أهدافهم متنوعة وقلوبهم شتى

هيثم مناع:الإسلاموفوبيا والعلمانية الديمقراطية

الشروق أونلاين:القصة الكاملة لاغتيال العقيد علي تونسي

خليل العناني:معضلات التغيير في مصر


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


 منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

 
جانفي 2010
 


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 13 ربيع الأول 1431 الموافق ل 27 فيفري 2010

الأستاذ محمد عبو والصحفي لطفي الحيدوري يعودان من المغرب اعتداء لفظي وتفتيش دقيق وحجز وثائق (ويتواصل حفل الاستقبال)


تتواصل سياسة الاعتداء على المدافعين على حقوق الإنسان في تونس، من خلال مضايقتهم والاعتداء على أبسط الحقوق التي يكفلها لهم القانون، حيث تعرض الناشطان الحقوقيان محمد عبو والصحفي لطفي الحيدوري عند عودتهما من المغرب الأقصى منتصف نهار اليوم السبت 27 فيفري 2010 بمطار تونس قرطاج إلى الاعتداء والمضايقة. فقد وقع الاعتداء بالسب والشتم على الأستاذ محمد عبو والنيل من مهنة المحاماة وتهديده بإعادته إلى السجن من قبل أعوان البوليس السياسي الذين كان حضورهم لافتا، وأخضعوه إلى تفتيش دقيق في غرفة خاصة من قبل أعوان الجمارك، وحجزوا له جملة من الوثائق. وقد وقع الاعتداء أمام عدد من الأجانب، ويبدو أن عملية التفتيش لم تقع بصفة عفوية حيث تم إعلامه بأن لديهم أمرا من الشرطة يقضي بتفتيشه. كما حجزوا للصحفي لطفي الحيدوري مجموعة من الوثائق نذكر منها كتاب المفكر المغربي عبد الله العروي ورواية للأديب علاء الأسواني ونسخة أنجليزية للتقرير السنوي الذي أصدرته لجنة حماية الصحفيين حول حرية الصحافة في العالم وثلاث نسخ ملخصات للتقرير السابق باللغة العربية وصحيفة الأيام المغربية. علما بأن الناشطين الحقوقيين الأستاذ محمد عبو والصحفي لطفي الحيدوري قد شاركا في نشاط حقوقي بالمملكة المغربية نظمته الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير بالدار البيضاء أيام 24 و25 و26 فيفري 2010. وحرية وإنصاف: 1)    تدين الاعتداء على الناشطين الحقوقيين الأستاذ محمد عبو والصحفي لطفي الحيدوري وتستغرب عدم معاملتهما مثل غيرهم من المواطنين وتندد بالإجراءات التعسفية المتخذة في حقهما. 2)    تطالب السلطة بفتح تحقيق في المعاملة السيئة التي تعرض لها الناشطان الحقوقيان وإرجاع الكتب والوثائق المحجوزة لهما، وتدعو إلى عدم تكرار ذلك في المستقبل.       عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


المرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع

تونس في 27 فيفري 2010

اعتداء أمنيّ على المحامي محمد عبّو ومصادرة كتب بمطار تونس قرطاج


قامت عناصر أمنيّة باللباس المدني في مطار تونس قرطاج يوم السبت 27 فيفري بتهديد المحامي محمد عبّو والاعتداء عليه لفظيا أمام مكتب الديوانة، وذلك عند وصوله المطار قادما من المغرب. وقد تم إخضاع محمد عبّو المدافع عن حقوق الإنسان وسجين الرأي السابق لتفتيش بدني خاصّ داخل أحد مكاتب الديوانة مستظهرين بترخيص أمنيّ في شأنه. وتم حجز نسخة من التقرير السنوي لمنظمة لجنة حماية الصحافيين عن حرية الصحافة في العالم لسنة 2009. وبعد إتمام الإجراءات الديوانية قامت عناصر أمنيّة باللباس المدني بتوجيه شتائم وعبارات بذيئة إلى محمد عبّو وتمّ دفعه باتجاه بوّابة الخروج. وجرت هذه الحادثة على مرأى من عدد كبير من المسافرين. وصرّح المحامي محمد عبّو للمرصد بأنّ أحد المسؤولين الأمنيين هدّده بأن يتم إرجاعه للسجن. كما صادرت سلطات المطار أربعة نسخ من التقرير السنوي للجنة حماية الصحافيين وكتابين ونسخة من صحيفة « الأيّام » المغربيّة من الصحفي لطفي الحيدوري الذي كان عائدا من المغرب صحبة محمد عبّو. وفور عودة هذا الأخير إلى منزله تم تشديد الحراسة الأمنيّة حوله وملاحقته في تنقلاته، وذكر محمد عبّو أنّ المراقبة الأمنيّة التي يخضع لها منذ أسبوعين لم يتم رفعها عن محيط منزله وتواصل منع بعض زملائه وأصدقائه من الدخول حتى أثناء فترة سفره بالدار البيضاء. والمرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع: – يدين الاعتداء الذي تعرض له المحامي عبّو وجميع المعاملات الاستثنائية التي تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين بشكل انتقامي خلال تنقلاتهم عبر مطار تونس قرطاج. – يستنكر مصادرة الكتب والصحف التي تتم بشكل تعسّفي عند ضبطها لدى المسافرين من قبل السلطات الحدودية. عن المرصد الرئيس محمد الطالبي


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 13 ربيع الأول 1431 الموافق ل 27 فيفري 2010

الناشط الحقوقي والإعلامي زهير مخلوف من السجن إلى الحصار المادي والإعلامي


 يتعرض الناشط الحقوقي والإعلامي السيد زهير مخلوف منذ خروجه من السجن إلى مضايقات عديدة تمثلت في محاصرة منزله محاصرة مستمرة ومنع الزائرين من الوصول إليه، ومراقبته أثناء تنقلاته مراقبة لصيقة بهدف عزله عن محيطه وعلاقاته ومنعه من النشاط الحقوقي والإعلامي. وفي انتهاك جديد على حق السيد زهير مخلوف الإعلامي عمدت أجهزة المراقبة والحجب إلى حجب صفحته على موقع الفايس بوك حتى لا يتمكن المبحرون عبر الشبكة العنكبوتية من الاطلاع على الأشرطة التي تفضح الانتهاكات والاعتداءات التي تعرض لها عدد من المواطنين وقام السيد زهير مخلوف بتصويرها وتنزيلها على صفحته. وحرية وإنصاف: 1)    تدين بشدة مضايقة السلطة للسيد زهير مخلوف وتدعوها إلى رفع الحصار عن منزله ووضع حد لمراقبته اللصيقة ورفع الحجب عن صفحته بموقع الفايس بوك. 2)    تطالب السلطة بوقف المضايقات المسلطة على المدافعين عن حقوق الإنسان والالتزام بالمعاهدات التي صادقت وأمضت عليها تونس والمتعلقة بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
 


البوليس السياسي يمنع أمسية أدبية

 


منع البوليس السياسي مساء يوم الجمعة 19 فيفري الجاري رابطة الكتـّاب الأحرار من تنظيم أمسية أدبية حول المجموعة القصصية « غربال الضوء » لرضا لبركاتي بفضاء ألتيير بالمنزه الخامس. وقد تواجد عدد غفير من أعوان البوليس السياسي أمام باب المقرّ وأجبروا الوافدين على مغادرة المكان مستعملين التهديد والعنف اللفظي. إن هذا المنع يندرج في إطار التضييق المتواصل على عمل رابطة كتاب الأحرار وعدم السماح لها بالقيام بأي نشاط، وهو يستهدف بالدرجة الأولى الكتاب الأحرار الذين يريدون الحفاظ على استقلاليتهم. وهو يكذب الدعاية الرسمية حول « رعاية » بن علي للكتاب والمثقفين، و »اهتمامه » بالثقافة و »حرصه » على دعمها. فبن علي لا يريد مثقفين مستقلين يعملون بكل حرية وبعيدا عن كل ضغوط، بل يريد مجرد أبواق دعاية تمدح نظامه الاستبدادي وتسكت عن جرائمه في حق الشعب. إن نظام بن علي ماض قدما في مشروعه الاستبدادي وفي قمعه لكل الأحرار في تونس من صحافيين وحقوقيين وسياسيين وطلبة ونقابيين ومعطلين عن العمل ومثقفين… وهذا دليل آخر على الأزمة العميقة التي بات عليها هذا النظام المفلس الذي لم يعد له ما يقدمه للشعب التونسي سوى القمع وأصبح يعتمد على البوليس وعلى القوة الغاشمة في حل كل المشاكل التي تواجه نظامه مهما كانت بسيطة وجزئية. ولا خيار أمام أحرار تونس سوى مزيد من الصمود ومزيد من الاتحاد في مواجهة الاستبداد. فلا أحد بمنأى عن القمع، ولا أحد له مصلحة في تواصل هذا النظام المستبد. (المصدر: « صوت الشعب »، اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي، طبعة إلكترونية، العدد 277 – فيفري 2010)


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 13 ربيع الأول 1431 الموافق ل 27 فيفري 2010

رئيس مركز حرس العلا بالقيروان يعتدي على سجين الرأي السابق زياد الفقراوي


في حلقة جديدة من استهداف السلطة الأمنية في تونس لسجين الرأي السابق الشاب زياد الفقراوي عمد رئيس مركز الحرس بمدينة العلا من ولاية القيروان مساء يوم الجمعة 26 فيفري 2010 إلى اعتقال واقتياد الشاب زياد الفقراوي إلى مقر مركز الحرس والاعتداء عليه بالعنف الشديد. علما بأن الشاب زياد تعرض منذ خروجه من السجن إلى عديد المضايقات والاعتداءات كانت آخرها في شهر ديسمبر 2010 حين داهمت مجموعة من الأشخاص مشروعه الفلاحي بريف مدية العلا واعتدوا عليه بالضرب وأتلفوا المزروعات وأفسدوا كل ما كان بالمزرعة. وحرية وإنصاف: 1)    تدين بشدة هذا الاعتداء الذي تعرض له الشاب زياد الفقراوي كما تدين تعسف رئيس مركز العلا في استعمال السلطة المخولة إليه لتطبيق القانون وحمايته فإذا به هو أول من ينتهكه وتدعو إلى فتح بحث في الموضوع وتقديم رئيس مركز الحرس بالعلا إلى المساءلة القانونية والإدارية. 2)    تطالب السلطة بوضع حد لمضايقة المسرحين وإعادة إدماجهم في المجتمع وفتح جسور الحوار معهم وخاصة مع الشباب وإعانتهم على النجاح في مشاريعهم مثل المشروع الفلاحي الذي يقوم به السيد الفقراوي.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


« راديو كلمة » في مرمى سهام بن علي


كثف بوليس بن علي من اعتداءاته ضد العاملين في راديو كلمة. فقد تعرّض المولدي الزوابي إلى اعتداء يوم 28 جانفي عندما كان في طريقه إلى بوعبدلي، صاحب الجامعة الحرة التي أغلقتها السلطة عقابا له على كتاب كان ألفه ونشره بالخارج بعنوان « اليوم الذي أدركت فيه أن تونس ليست بلدا ديمقراطيا ». وقد صرّح المولدي الزوابي بأنه عندما اقترب من مكان اللقاء وجد في انتظاره عددا غفيرا من أعوان البوليس بالزيّ المدني سرعان ما هاجمه أحدهم وأخذ يصيح مدّعيا أن المولدي اعتدى عليه ومزّق ثيابه. بعد ذلك جاءت سيارة شرطة واقتادت المولدي إلى مركز الأمن بمونبليز وشرعوا في فبركة قضية ضده على غرار ما حصل مع توفيق بن بريك. وبعد 8 ساعات من الإيقاف أطلق سراحه. ويوم 5 فيفري تمّ تسجيل محضر في حق الصحفي معز الجماعي، مراسل راديو كلمة بقابس، بتهمة ملفقة (تعطيل موظف يحمل شارة الضابطة العدلية من القيام بعمله). وقد تعرّض هذا الصحفي إلى اعتداءات متكررة وسرقة وثائقه الشخصية وهرسلة متواصلة. وقد وصل الأمر بأعوان البوليس إلى حدّ مطالبته بتغيير قميصه لأنه يحمل صورة غيفارا… ثم اتهموه بالتدخين في مكان عمومي وغيرها من التحرشات البوليسية التي أصبحت تـُميّز نظام بن علي. ويوم 16 فيفري الجاري تعرّضت الصحفية فاتن حمدي على اعتداء فظيع على يد مجموعة من أعوان البوليس السياسي كانوا بصدد ملاحقتها ومراقبتها وهي بصدد القيام بعمل صحفي مع بعض الطلبة بمدينة الدندان القريبة من وسط العاصمة. حيث طرحوها أرضا وأشبعوها ركلا وضربا على كامل جسمها وسط ذهول المارة ثم افتكوا هاتفها ولوازم عملها. إن هذه الاعتداءات تبيّن أن الحالة الهستيرية التي أضحى عليها نظام الاستبداد في تونس وصلت حدّا قلّما عرفته بلدان أخرى. وما يتعرّض له الصحفيون المستقلون يؤكد أن نظام بن علي يخشى الحقيقة لأنها تفضحه وتكشف وجهه البشع. ونحن في « صوت الشعب » نؤكد تضامننا الكامل مع « راديو كلمة » في نضاله من أجل فرض حقه في عمل صحفي مستقل وهادف. وندعو كل القوى المناضلة في البلاد إلى التوحد وأن يكونوا صفا واحدا وكلمة واحدة لنصرة العاملين في راديو كلمة وكل الصحفيين الأحرار في تونس. (المصدر: « صوت الشعب »، اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي، طبعة إلكترونية، العدد 277 – فيفري 2010)  


الحزب الديمقراطي التقدمي بلاغ صحفي حول اعتقال حسن بن عبد الله

 


فوجئ الرأي العام الوطني بقرار المحكمة الابتدائية بقفصة اعتقال السيد حسن بن عبد الله المحكوم عليه بعشر سنوات غيابيا على خلفية الحركة الاحتجاجية الاجتماعية  التي انطلقت بالحوض المنجمي منذ عامين. وكانت محكمة الاستئناف قررت قبل يوم واحد من هذا الاعتقال تأجيل النظر في الطعن الذي تقدم به محاموه إلى جلسة يوم الأربعاء 17 مارس القادم. وأمام هذا التصعيد الذي يأتي في أجواء من الاحتقان مردها الانتهاكات المتواصلة للحقوق والحريات وتفاقم تردي الأوضاع الاجتماعية وغياب أي مؤشر لوضع الجهة على سكة التنمية والفرص المتكافئة، فإن الحزب الديمقراطي التقدمي: –  يعبر عن استنكاره الشديد لهذا الاعتقال الذي لن يزيد الوضع إلا احتقانا وتوترا ويؤكد تضامنه الكامل مع السيد بن عبد لله،  – يطالب الحكومة بالإفراج عنه فورا وبإيقاف التتبع في شأنه وكذلك في شأن الصحفي الفاهم بوكدوس والمناضل الحقوقي محي الدين شربيب وبإرجاع كل  المسرحين إلى سالف عملهم  وبغلق هذا الملف نهائيا،  – يؤكد من جديد أن السبيل الأوحد لتأمين السلم الاجتماعية وتحصين البلاد ضد كل المنزلقات يمر عبر إطلاق الحريات وانتهاج سياسة الحوار الجدي مع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين حول التحديات المطروحة وفي مقدمتها  ملفات التشغيل والتنمية والحكم الرشيد. الأمينة العامة ميّة الجريبي

في بيانات المحامين الشبان جمعية تستوعب الجميع ولا يستوعبها أحد!

 


تونس ـ الصباح قالت مصادر قريبة من جمعية المحامين الشبان أن عدد المترشحين لانتخابات المكتب التنفيذي للجمعية المقرر عقده يوم 13مارس بلغ 31 ترشحا من مختلف الحساسيات السياسية المؤثرة في القطاع ومن المتوقع أن يبلغ عدد المحاميات المترشحات لعضوية الجمعية نحو 6 محاميات وقد ارتفع عدد الانخراطات الموزعة 1115 انخراطا وذلك إلى حدود السادسة مساء من يوم الخميس 25 فيفري وسيتواصل توزيع الانخراطات إلى العاشر من شهر مارس. وعلمت «الصباح» من مصادر قريبة من المحامين أمس أن عدد الأعضاء المترشحين والمحسوبين على اليسار والقوميين والمستقلين بلغ نحو12محاميا ومحامية وهو ما سيدعم إمكانيات التحالف بين هذه الأطراف رغم الاختلافات الأيديولوجية والسياسية بينهم خاصة في مستوى الممارسة. كما علمنا أن بعض المحامين بدأوا يروجون بياناتهم الانتخابية داخل أهل القطاع، ويشترك المترشحون في عدة هواجس أهمها إعادة إشعاع الجمعية والإحاطة أكثر بالمحامين الشبان لا سيما المتربصين منهم، وتشكل استقلالية الجمعية عن التيارات السياسية والسيطرة الحزبية من ابرز الرهانات الموضوعة على بيانات المرشحين الشبان. استقلالية الجمعية يؤكد الفصل التاسع من القانون الأساسي لعمل الجمعية «أن الهيئة المديرة تتركب من تسعة أعضاء من بينهم وجوبا ممثل عن الأعضاء المنتصبين بدائرة فرع سوسة وممثل عن الأعضاء المنصبين بدائرة بفرع صفاقس، ويتم انتخاب الهيئة من طرف الأعضاء العاملين لمدة سنتين أثناء جلسة عامة». فقد دعا الأستاذ شوقي عبد الناضر مرشح لعضوية الهيئة المديرة للجمعية عن فرع صفاقس إلى أن تكون الجمعية مستقلة في أدائها منحازة لمبادئها كما رفع شعار»جمعية تستوعب الجميع ولا يستوعبها احد». كما كانت مسالة تصحيح مسار الجمعية من بين النقاط التي أشار إليها الأستاذ الحبيب شلبي المرشح لعضوية الهيئة المديرة للجمعية عن فرع سوسة. ونادى جل المترشحين لعضوية الجمعية الذين تحصلنا على بياناتهم الانتخابية إلى حدود يوم أمس بضرورة استقلال منظمتهم حتى لا تتأثر قراراتها بالانتماءات التي من شانها أن تعيق تقدمها. القائمة الإسمية للمترشحين بلغ عدد المرشحين لمكتب الجمعية نحو 31 محاميا وهم: حاتم السميري – جمال مارس – راقية الهرقلي – خالد عواينية – شوقي عبد الناظر- محسن السحباني- كريم قطيب- الصادق بكور- فوزي جاب الله- عبد الناصر العويني- حسني الباجي- هالة الزمرلي- هدى بن حمودة- كريم جوايحية – سالم المومني- عماد قادري- عبد القادر بن سوسي- عادل مسعودي- محمد امين بن يوسف- لطيفة الحباشي- ضياء الدين مورو – زياد الهدار- انور اولاد علي- الحبيب شلبي- اسيا الحاج سالم- نزار الجابري- رفيق بكار- وليد سلامة- نادية الشواشي- منير بن صميدة – شوقي الحلفاوي. خليل الحناشي (المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 27 فيفري 2010


وجهة نظر من « صوت الشعب » :

« نيران صديقة » على العمل المشترك مع « الإسلاميّين »

 


صالح الهلالي ننشر فيما يلي هذا النصّ الذي يتضمن جملة من الأفكار تتعلق بالعمل المشترك مع « الإسلاميين » وما يطرحه من إشكاليات. وهو نصّ لا يعبّر إلا عن وجهة نظر صاحبه، وغايتنا من نشره هي إثراء النقاش وإنارة قرّاء « صوت الشعب » بما يدور من نقاشات حول البيانات الأخيرة التي أصدرتها هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات وما أثارته من ردود فعل متباينة. أصدرت هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات إعلانا أبرزت فيه قواسم مشتركة بين مكوناتها حول العلاقة بين الدين والدولة. ومن المتوقع أن يسيل هذا الإعلان الحبر ويثير الجدل لأهمية المسألة وتوقيت طرحها وخاصة لمشاركة حزب العمال في صياغة هذا الإعلان وتبني بنوده وهو المعروف بمواقفه الحازمة من هذه القضايا. إن التخلي عن الأرض الصلبة بكل ما تعطيه من إحساس بالأمن والرسوخ، والخوض في الرّمال المتحركة مع وجوب عدم فقدان التوازن والحفاظ على الرؤية الواضحة هو من أصعب الاختيارات فكرا وممارسة. هذا هو، حسب رأينا، وضْعُ حزب العمال في هذه المناظرة وما يمكن اعتباره مجازفة بالماضي والحاضر والمستقبل. وبناء عليه سيلقى الانتقاد والتشويه والتشكيك من طرفين رئيسيين: السلطة والإسلاميين. ولن يسلم كذلك من « النيران الصديقة » من علمانيين وتقدميين الذين أصابت بعضهم حالة إرباك ووجد البعض الآخر في هذا الإعلان نقطة ضعف أو زلة قدم ما فتئ ينتظرها من حزب العمال. وفي كل الحالات ربما يكون أحد أهداف حزب العمال هو إثارة هذا الجدل وتحريك المياه الراكدة وإيجاد حركية فكرية وسياسية بين أطراف المجتمع المدني. ما سنطرحه لن يكون رأيا في الإعلان، بمعنى الحكم عليه، بل وجهة نظر في العلاقة بين الدين والدولة في المجتمعات العربية والإسلامية ومدى تطابقها بما جاء في الإعلان. 1 – حول طبيعة النظام وتعامله مع الإسلام السياسي: الفساد، العمالة والاستبداد، هي الركائز الثلاث التي يقوم عليها النظام. وكل هذه الخصائص هي في نفس الوقت سبب ونتيجة. فالفساد يولـّد الاستبداد والعمالة، والاستبداد لازمة الأنظمة العميلة والفاسدة، والعمالة هي الحجر الأساس لإطلاق يد النهب والسرقة والقمع والتسلط. وبعكس ما يتبجّح به النظام الحاكم بأن الدولة هي دولة قانون ومؤسسات، فإن الواقع يقول غير ذلك، فالدولة هي تحالف بين العائلة المالكة والحزب الحاكم وجهاز البوليس والمخابرات. منذ اعتلاء سدّة الحكم كان توجه النظام في عهد بورقيبة أو في عهد بن علي واضحا. فقد عمل على ربط الدين بالسياسة لتثبيت أركان الحكم و »تشريع » الاعتداء على الحريات، فأوجد وزارة وإدارات ومصالح ومدرّسين وأئمة وشيّد المساجد وشجّع الخرافة والعرافة وكوّن الوعاظ والمفتين والأئمة الداعين لولي الأمر بالدوام والصحة والوفاء وتهديد « المارقين » من معارضين وملحدين وغير مسلمين بالويل والثبور. أمّا التعامل مع الإسلام السياسي فهو أكثر التباسا وتعقيدا لخضوعه لعوامل داخلية وخارجية. ومن نافل القول، أن النظام بقمعه للحريات وتعميقه الفقر ونشره لقيم الاستكانة والتدين والخرافة (برامج تعليم، صحافة، قناة الزيتونة، فردوس حنبعل…) قد ساهم مساهمة فعالة في إيجاد أرضية خصبة لنشر الإسلام السياسي ودفـْع أفواج المحطمين والمهمشين الحالمين بـ »الفردوس الضائع » والطامعين في « جنة الخلد » إلى أحضان اللحيّ. ولكن يبقى حجر الأساس بالنسبة للنظام الحاكم في تعامله مع الإسلام هو الحفاظ على السلطة، وما يتطلبه ذلك أيضا من انضباط للتعليمات الخارجية وتشديد القبضة وتضييق الخناق على كل رأي مخالف وإسكات أيّ صوت معارض. ولا بدّ من الإشارة أيضا إلى أن القوى الرأسمالية في المرحلة الامبريالية تنزع منزع القوة الرجعية المحافظة، فهي تعمل على إذكاء النعرات الطائفية والدينية من هذا الجانب وذاك مستخدمة في ذلك ترسانتها الإعلامية وإمكانياتها المادية والعسكرية أحيانا. ففي المجتمعات العربية والإسلامية تعاملت الامبريالية مع الأنظمة الدينية والحركات الإسلامية من أجل ترويضها والمناورة بها، أوجدتها أحيانا ودعمتها أحيانا أخرى وقمعتها إن استوجب الأمر. وكل ذلك بعقلية هيمنيّة لا تراعي سوى مصالحها الاستعمارية والتوسعية، والتي تقتضي بالضرورة خلق مجتمعات منغلقة ومتعصبة ينهشها الجهل والفقر والصراع الطائفي، وشعوب مطواعة وسهلة الانصياع. في نفس الإطار ولخدمة نفس الأهداف استعملت هذه القوى شعار « مقاومة الإرهاب » كحصان طروادة لتشل كل القوى الحية للبلدان التوّاقة للتحرر والحرية والتقدم، ولإذكاء نار العنصرية واستباحة الأوطان وترويض الحكام، المروضين أصلا، وتحويل الصراع من صراع وطني وطبقي إلى صراع أديان وهويّات وطوائف. وهو ما يؤدي في نهاية التحليل إلى دعم الأحزاب الدينية، وإقواء شوكتها. ومن هذا المنطلق فإن موقف النظام العميل لن يناقض البرامج الامبريالية بل سيكون أحد سندتها، ففي ظل انحسار الحركة التقدمية واليسارية مثـّل الحل « الأمني » السلوك الأكثر شيوعا في تعامل السلطة مع الإسلاميين، رغم أنه يمارس خطابهم ويتبنى أطروحاتهم ويوجد لهم ما يحتاجونه من مقومات الرسوخ والانتشار. 2 – أسلمة المجتمع هناك ظواهر اجتماعية استفحلت في الآونة الأخيرة، قد تبدو للبعض مفارقات ولكنها في رأينا تندرج ضمن تسلسل منطقي. فمع تزايد التفسخ الأخلاقي وانتشار المخدرات والخيانة الزوجية والعنف الأسري… وبروز كل علامات التدمير الأخلاقي والقيمي، وبالتوازي مع ذلك نلاحظ تزايد عدد المساجد والمصلين والنساء المحجبات وإطلاق اللحيّ وكل مظاهر التديّن. سنحاول رصد بعض الأسباب والعوامل المنتجة لهذا المجتمع المشوه: – البؤس الاقتصادي والفقر المعرفي وانعدام الحريات وانسداد الآفاق. – البرامج التعليمية والنظام التعليمي بشكل عام لا يحث على البحث والتفكير والنقد والإبداع بل يشجّع على الخرافة والتواكل والكسل الفكري. – الآلة الإعلامية الرهيبة والمتطورة بفعل أموال النفط. فنرى عشرات القنوات الدينية وقنوات الشعوذة والتهييج تغزو البيوت وتنفث سمومها في عقول النساء والرجال والشباب. كما تزايد عدد قنوات الدّعارة والخلاعة والفن الهابط والإعلام الرخيص في خطة مدروسة لتعهير وتديين المجتمع. – الخطاب العنصري والتحقيري للعرب والمسلمين والاعتداء على رموز إسلامية (رسول، قرآن…). هذا التوجه الامبريالي يراد به خلق حالة من التقوقع والتعصب ورفض الآخر. – الهجمة الاستعمارية على أراضي عربية وإسلامية (العراق، فلسطين، لبنان، أفغانستان). – الكيل بمكيالين في تعامل الدول الغربية والمنظمات الرسمية مع القضايا العربية. – النفخ في دور الأنظمة والحركات الإسلامية وإظهارها كأنها المقاومة الوحيدة (إيران، حماس، حزب الله…)، وغض النظر عن ارتباطاتها الخارجية وطبيعتها الطائفية. – التي تنزع عنها صفة الوطنية باعتبار وأن هذه الحركات لا تدافع عن الوطن بل تدافع عن « الإسلام » بالطريقة التي تعتقدها. – تراجع وانحصار الحركة التقدمية والديمقراطية في العالم العربي. – فشل المشروع القومي الوحدوي وسقوط المعسكر الشرقي. 3 – بعض من خصائص الأحزاب الدينية: إن المتتبع لتاريخ وحاضر الأحزاب الدينية سوف لن يجد صعوبة في تحديد بعض السمات المميّزة نورد منها: – مهادنة وتحالف مع قوى استعمارية (الأنجليزي، الأمريكي…) مثلما حصل مع « المجاهدين الأفغان » في أفغانستان أو « الإخوان المسلمين » في مصر أو الأحزاب والقوى الطائفية التي تعاملت مع الامبريالية وسهّلت احتلالها للعراق وهي الآن تحكم هذا البلد تحت الرعاية المباشرة للاحتلال. كما أن الحركات « الإسلامية » بصفة عامة لا تتردّد في التحالف مع الأنظمة العربية، العميلة والاستبدادية، ضد القوى التقدمية إذا ما اقتضت مصالحها الحزبية الضيقة ذلك. – لا تقدّم برامج سياسية واقتصادية واجتماعية محددة. فبرنامجهم « مقدس » وهو « الإسلام » بالطريقة التي تراها هذه الحركة أو تلك. وإن قدمت هذه الحركات برامج فهي خطابات فضفاضة لا تتطرق إلى الإشكاليات الهامة كالحريّات العامة والفردية والمساواة وعلاقات الإنتاج… – ازدواجية الخطاب، وليس بعيدا عنا تناقض آراء الغنوشي مع ما تمّ الاتفاق عليه مع « حركة النهضة » المنضوية في هيئة 18 أكتوبر. – الاندساس واختراق أحزاب الأنظمة الحاكمة وأحزاب المعارضة على حد السواء. – استعمال العنف لإرهاب خصومهم كلما كان ذلك ممكنا خدمة لمصالحهم. – إن الأحزاب الدينية لا تخلو هي الأخرى من الانقسامات والانشقاقات تظهر للعيان أحيانا رغم كل الجهود المبذولة للتغطية عليها ومواراتها. وممّا لا شك فيه أن أحزابا بمثل هذه المواصفات لا يجب التحالف أو التعامل معها إلا بقدر ابتعادها عن ذلك وتوضيح برامجها وتوجهاتها بما يجعلها مناهضة للامبريالية والاستبداد مهما كانت الأغلفة التي يتغلف بها. 4 – ما الفائدة من العمل المشترك مع « الإسلاميين »؟: للإجابة عن هذا السؤال هناك على الأقل أربعة حجج: – إيجاد أرضيّة مشتركة تمكـّن من الصراع الفكري والسياسي وتسمح بتفكيك الخطاب الأصولي وكشف البرامج الرجعيّة ونزع ورقة التوت عنها. فهيئة 18 أكتوبر قدمت ثلاث بيانات في مواضيع كم تفادى الإسلاميون الخوض فيها، المساواة بين المرأة والرجل، حرية المعتقد وعلاقة الدين بالدولة. وهو ما يساعد على الفرز وكشف المستور وقطع الطريق أمام التقارب مع السلطة ومن ورائها القوى الامبريالية. – برغم شرعية مبدأ التقيّة عند الإسلاميين فإن من شأن الجدل الفكري داخل هيئة 18 أكتوبر والبيانات التي أصدرتها أن تثير الجدل داخلهم، وهو ما يساعد على تسريع عملية الفرز بين الرجعي والمتواطئ مع الاستبداد من جهة، وبين من يملك حدا أدنى من النزاهة والاستعداد للانحياز إلى الشعب والقوى التقدمية من جهة أخرى. – إن العمل مع « حركة النهضة » من شأنه أن يحدّ من الخطاب التكفيري إزاء الشيوعيين والعلمانيين بصفة عامّة ممّا يفسح المجال أكثر للتعامل وخاصة في المجالين الاجتماعي والسياسي. – إن العمل مع الإسلاميين لا ينفي بأيّة حال من الأحوال الصراع الفكري والإيديولوجي والتوجه إلى مرجعياتهم بالنقد والتفكيك. أما قواعد التعامل مع الإسلاميين فتعتمد على إبدائهم مواقف واضحة وجلية تتماشى مع مبدأ الحريات وحقوق المواطنة في أربع مسائل أساسية: – علاقة الدين بالدولة – المساواة بين الرجل والمرأة – تطبيق الحدود (الجلد، الرجم، قطع اليد، الإعدام). – الموقف من الديمقراطية، هل هي أسلوب حكم أم هي مطية للوصول إلى السلطة؟ ومن هنا تبدأ قراءة الإعلان الأخير لهيئة 18 أكتوبر حول الدين والدولة. هل جاء البيان منسجما مع المبادئ المذكورة أعلاه أم لا؟ كل ما يمكن أن يقال عن الإعلان من افتقاد للدقة واتخاذ أسلوب اللف والدوران ومن الاحتراز حول عبارات مثل « إيلاء الإسلام منزلة خاصة »، أو تدريس « التربية الإسلامية » أو « الاستبداد باسم الحداثة »، إلخ. كل هذه المسائل فيها نظر، لكن مع تجنب التطبيل للبيان. إلا أن البيان كان واضحا في : – أولوية التحديات التي ينجرّ عنها تحديد المهام والمسؤوليات تجاه السلطة أوّلا، ثمّ يليها الاستبداد باسم الدين ثانيا. – طبيعة الدولة المنشودة. فهي دولة مدنية تستمد مشروعيتها من الشعب. كما أن العمل السياسي شأن دنيوي لا يتمتع بأيّ شكل من أشكال القداسة. – التنصيص على مبادئ المواطنة وحقوق الإنسان ومنها حريّة المعتقد والتفكير. – منع التعذيب وضمان الحرمة الجسدية بالاعتماد على قانون وضعي من أرقى ما وصلت إليه التشريعات الإنسانية. – رفض احتكار وتوظيف الدين. – التأكيد على أن تدريس « التربية الإسلامية » يتأتى في إطار نشر قيم التفكير العلمي والنقد والاجتهاد. ومن المؤكد أنّ صياغة إعلان مشترك بين أحزاب وأشخاص لهم رؤى شديدة الاختلاف يستوجب تجاذبات وتنازلات، لكن كما يقال « الشياطين تسكن في التفاصيل »، لذا وجب عدم إغفال أيّ عبارة أيّ كلمة أو فاصل، كما يجب الارتقاء بمستوى النقاش والتعمق في المفاهيم لوضع النقاط على الحروف والأشياء في أماكنها والأمور في نصابها. 5 – ثوابت حول الدين، العلمانية والهوية: – الدين قناعة شخصية وشأن فردي. وحرية المعتقد يجب أن تصان ويدافع عنها. ونقد الأديان، وليس ازدراؤها، يكون على قاعدة المادية الجدلية والتطور التاريخي والعلمي، ولا يجب أن يُخصّ به دين دون آخر. – لا يجب الخلط بين الدين والسياسة ولا الاحتكام إلى الشرع في الشأن الوضعي كما يجب حفظ الدين من التوظيف السياسي. – نتمسك بالعلمانية لأنها ركن أساسيّ من أركان البناء الديمقراطي وشرط من الشروط الضامنة لحقوق الإنسان والمواطنة وفي ظل غيابها تسود أنظمة الاستبداد وتستفحل الطائفية والقتل على الهوية. – الهوية مفهوم متحوّل ومتطور وغير ثابت، وهي في تشكل دائم وفي حراك وصيرورة لا نهائية، فيها خصائص ومكونات مميّزة فاعلة ومتفاعلة تتشكل عبر مسيرة جدلية في التاريخ، منها اللغة والعرق والدين والجنس والطبقة الاجتماعية والقيم والتقاليد والتاريخ واللباس والأكل والشرب، إلخ. – تتخذ إحدى مكوّنات الهويّة واجهة المسرح بالنسبة للآخر المغاير فالجنس يصبح هويّة المرأة في معركة المساواة مع الرّجل واللون هويّة الأسود في النضال ضدّ التمييز العنصري والدين هويّة المسلم في مقابلة المسيحي، والمذهب هويّة الشيعي أو السني، والطبقة هويّة العامل في الصراع مع البرجوازية، إلخ هذه المقاربة لا تختلف في الأساس عن مقولة أن للإنسان هويات مختلفة، قومية، دينية،عرقية، أو وطنية.. إن السّير في شارع الهوية يستوجب الحذر والدقة لما فيه من مطبّات، فالتمسك بوضوح الرؤية هو وحده الكفيل بحمايتنا من غواية « الهويات القاتلة » أو الاستخفاف بالدور التاريخي في صنع الإنسان الحاضر. إن القوى الامبريالية في زمن العولمة تروّج لصراع الهويّات وذلك في محاولة لطمس جوهر الصراع الاقتصادي ودلالته الطبقية وتهميش نضال الشعوب من أجل التحرّر الوطني. كما أنها ولنفس الغرض تزدري وتحقـّر وتستبعد ثقافة وتراث الشعوب المضطهدة مولـّدة ومفجّرة العديد من الأصوليات دفاعا عن الذات والشخصية الوطنية. وفي واقعنا الحالي نلاحظ خطورة الطرح الإسلامي الذي يختزل الهويّة في « الإسلام » فهو البداية وهو النهاية. إن رائحة التقديس تفوح من هذه الرؤية التي ينجرّ عنها حتما تضخيم الذات المسلمة وتمييز « خير أمّة أخرجت للناس » على غيرها من الأمم. كما أن في صلب الدين مذاهب، وفي المذاهب فِرَقٌ لكل واحدة منها قراءة للدين تنفي وتكفـّر الآخر. وأغلب الحركات الدينية الرجعية تهدف إلى إرجاعنا إلى ماضينا والتأكيد على أن سبب « انحدارنا » هو تخلـّينا عن « ديننا وهويّتنا » وأن الحل يكمن في العودة إلى « الطريق المستقيم » أي بناء دولة دينية ورجعية وخلق وطن لا يسع الجميع واضطهاد المرأة وضرب الحريات الفردية والعامة وصراع طوائف ومذاهب وقتلٍ على الهويّة… هناك انحراف آخر لا يقل خطورة والمتمثل في الطرح العلماني من موقع الاستخفاف بمعطى الهوية الوطنية القومية والاصطفاف وراء المحتل الديمقراطي والمستعمر الحضاري وتبني النقد العنصري والصليبي لديانات الآخرين والإسلام تخصيصا. إن هذا المنطق يقدم خدمات جليلة للامبريالية وأنظمة الحكم التابعة ولأعداء العلمانية لأنه يظهر الأصوليين بمظهر المدافعين الوحيدين عن الهويّة والمناهضين للاحتلال والوصاية الأجنبية والرافضين للإذلال. كلمة أخيرة للتأمل: الامبريالية لا دين لها والإسلاميون لا وطن لهم. (المصدر: « صوت الشعب »، اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي، طبعة إلكترونية، العدد 277 – فيفري 2010)  


تضامن عمالي في بنزرت

أكّدت لنا مصادر نقابية أنّ جميع عمال ونقابيي مصانع الفولاذ بولاية بنزرت عمدوا اليوم الثلاثاء 23 فيفري إلى حمل الشارة الحمراء تضامنا مع زملائهم في مصنع كوفامات للفولاذ بماطر. وأضافت مصادرنا أنّ هذه الحركة جاءت احتجاجا على ما يقوم به مؤجر كوفامات المعروف في مجلس النواب وعدائه الشديد للعمل النقابي والاتحاد العام التونسي للشغل. المؤجر يقوم منذ مدة بكل المساعي لعرقلة تأسيس نقابة أساسية بالمصنع المذكور ويصرح على الملأ أنه « سيقاوم المخربين ». الحركة التي قام بها عمال الفولاذ بالجهة أتت في إطار نداء وجهه الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت. (المصدر: « صوت الشعب »، اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي، طبعة إلكترونية، العدد 277 – فيفري 2010)


مشاركة تونس في الدورة 13 لمجلس حقوق الانسان للأمم المتحدة فى جينيف من 1 إلى 26 مارس

         


تونس (وات) أصدرت وزارة الشؤون الخارجية بلاغا ذكرت فيه ان تونس تشارك في الدورة الثالثة عشرة لمجلس حقوق الانسان التابع لمنظمة الامم المتحدة والتي تلتئم من 1 الى 26 مارس 2010 فى جينيف. ومن المنتظر أن يناقش ممثلو البلدان الاعضاء في المجلس بهذه المناسبة الاوضاع في مجال حقوق الانسان في العالم بما في ذلك بالخصوص الانعكاسات المترتبة عن الازمة المالية العالمية. كما يتم الاستماع في اطار أعمال المجلس الى عدد من المقررين الخاصين للامم المتحدة الذين سيقدمون تقاريرهم في مجالات اختصاصهم حول عدد من الملفات المتعلقة بحقوق الانسان في العالم. ويذكر أن تونس وهي عضو مؤسس لمجلس حقوق الانسان كانت قدمت تقريرها الوطني أمام هذا المجلس في اطار آلية الاستعراض الدوري الشامل في أفريل 2008. وقد أعربت كافة البلدان الاعضاء لدى مناقشة هذا التقرير عن تقديرها الكبير للمكاسب التي تحققت في تونس بفضل مقاربتها الشاملة في مجال حقوق الانسان وحرصها الثابت على رعاية هذه الحقوق وتطويرها وحمايتها والدفاع عنها. ويمثل تونس في الدورة 13 للمجلس وفد يرأسه السفير المندوب الدائم لدى المنظمات الاممية فى جينيف. (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – حكومية) بتاريخ 26 فيفري 2010)  


فـَسَادٌ بطعم السكَّر..!

 


تمّ في المدّة الأخيرة الترفيع في سعر السكر فأصبح ثمن الكيلو الواحد بـ950 مي فيما كان قبل أقل من سنتين لا يتجاوز الـ570 مي، أي بزيادة قدرها 67%. ومن التعاليق الرائجة هذه الأيّام أن ارتفاع سعر هذه المادة يقترن باقتراب أجل التفويت في الشركة العمومية لتصنيع السكر (معمل باجة) لفائدة، صهر بن علي، بلحسن الطرابلسي، الذي يملك وحدة إنتاج صغيرة بجهة بنزرت. وهكذا فقد يصبح بلحسن الطرابلسي في القريب محتكرا لهذه المادة الأساسية في الاستهلاك العائلي. إن الفساد بدأ يمسّ بصفة مباشرة المواد الأساسية التي لا يمكن للمواطن العيش بدونها مثل الخبز والسكر والحليب والمحروقات والدواء… وهو مؤشر على أن الشعب التونسي سيتحمّل في السنوات القادمة مزيدا من التفقير ومزيدا من الاحتياج في ظل سياسة بن علي اللاشعبية والمرتكزة على ثلاثية الفساد والقمع والعمالة. (المصدر: « صوت الشعب »، اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي، طبعة إلكترونية، العدد 277 – فيفري 2010)  

صهر الرئيس التونسي يتخلى عن رئاسة بنك

تونس – د.ب.أ – تخلى رجل الأعمال الشاب وعضو البرلمان التونسي محمد صخر الماطري صهر الرئيس التونسي زين العابدين بن علي عن منصب رئيس مجلس ادارة بنك الزيتونة الاسلامي، بعد ان طالب صحافي تونسي باقالته من البرلمان تطبيقا لمقتضيات القانون التونسي الذي يمنع الجمع بين عضوية البرلمان وممارسة مهام ادارية في مؤسسة بنكية. (المصدر: وكالة الأنباء الألمانية د ب أ بتاريخ 27 فيفري 2010)  


أحداث الصخيرة: مسمار آخر في نعش النظام

 


من المنتظر أن تـُصدر المحكمة يوم 22 فيفري الجاري أحكامها في حق الموقوفين على خلفية أحداث الصخيرة. وكانت قوات القمع قد أوقفت عشرات الشبان قبل أن تطلق سراحهم وتحتفظ بأربعة منهم، أحالتهم على المحكمة يوم 8 فيفري التي أجلت النظر في القضية إلى يوم 22 من نفس الشهر. وقد اندلعت الأحداث يوم الأحد غرة فيفري عندما خرجت مجموعة من الشباب الغاضب إلى الشوارع احتجاجا على عدم قبولهم في « الشركة التونسية الهندية للأسمدة ». وكان الاتحاد المحلي للشغل بالصخيرة قد اتفق مع هذه الشركة على أن تكون الأولوية في التشغيل بهذه الشركة لأبناء الجهة خاصة وأن هذا المشروع ملوث للبيئة. وقد تم الاتفاق بين الشركة وبين المسؤولين المحليين في الصخيرة على تشغيل 100 عامل من أبناء الصخيرة. لكن الشركة تجاهلت هذا الاتفاق ولم يقع قبول سوى 61 فقط من بين 650 عاملا وقع انتدابهم، علما وأن هذه الشركة تشغل 1240 عاملا من ضمنهم 98 صينيا. وقد خلّف هذا الإجراء استياء كبيرا في صفوف أهالي الصخيرة وخاصة شبابها العاطل، الذي رأى في ذلك ظلما بما أن متساكني الصخيرة لن يكون نصيبهم من هذا المشروع سوى ما يسبّبه من تلوّث وأمراض في حين يتمتع الأجانب والقادمون من جهات أخرى داخل البلاد بالشغل. انطلقت التحركات ببعض العشرات من الشبان الذين اعتصموا أمام الشركة مطالبين بحقهم في الشغل، وأمام تجاهلهم وعدم الاستجابة لمطلبهم قاموا بقطع الطريق الصناعية ومنعوا الحافلات المقلة للعمال من المرور. وقد تدخلت عديد الأطراف لـ »تهدئة » الوضع وامتصاص الغضب الذي اجتاح المدينة بتقديم الوعود الكاذبة والتطمينات المغشوشة. لكن ما كان يجري على الأرض لا علاقة له لا بـ »التهدئة » ولا بـ »إيجاد حل ». فقد كانت قوات القمع بكل تشكيلاتها تعدّ لهجوم شامل وكاسح على المدينة بما يؤكد أن الأوامر قد أعطيت لاستباحة المدينة وأهلها والقضاء على الاحتجاجات في بدايتها بكل وحشية ومهما كانت النتائج. فوقع استقدام تعزيزات كبيرة من الجهات المجاورة وخاصة من صفاقس وقابس وحوصرت المدينة من كل الجهات وأخضعت عملية الدخول إليها أو الخروج منها لإجراءات أمنية مشددة. وبدأت المواجهات بمطاردة الشباب في شوارع وأنهج المدينة وإلقاء القنابل المسيلة للدموع والاعتداء على الجميع بدون استثناء لإلزامهم بملازمة بيوتهم. ورغم ذلك لم يتمكن البوليس من القضاء على التحركات خاصة بعد التحاق أعداد متزايدة من الشبان بالمحتجين وخروج التلاميذ لمؤازرة أبناء بلدتهم. لكنّ إصرار قوات القمع على حسم المسألة بسرعة قبل أن تستعصي عليها جعلها تلقي القنابل المسيلة للدموع بكثافة وتطارد المتظاهرين في كل مكان وتقتحم البيوت وتعتدي على متساكنيها بدون استثناء وتعتقل كل الشبان الذين وقعوا في طريقها. وقد وصل عدد المعتقلين إلى أكثر من 60 وقع الاحتفاظ ببعضهم لتقديمهم للمحاكمة. لقد كانت أحداث الحوض المنجمي حاضرة في هذه التحركات من خلال ثلاثة نقاط:
النقطة الأولى: هو أن سبب التحركات هو نفسه، أي انتدابات للعمل بشركة لم ترض الأهالي. النقطة الثانية: يبدو أن نظام بن علي قد « استوعب جيّدا » الدرس من انتفاضة الحوض المنجمي، فهذه المرة لم يناور ولم يسع إلى ربح الوقت واللعب على تلاشي الحركة من تلقاء نفسها بل سارع إلى التصرّف بوجهه الحقيقي دون قناع: القمع. وهذا يؤكد طبيعته الاستبدادية. وهامش « التسامح » الذي تصرّف به في بداية أحداث الحوض هو بالنسبة إليه غلطة لا يجب تكرارها. النقطة الثالثة: تخلف الوعي السياسي لدى المحتجين، فقد سيطرت عليهم تلك العقلية القائلة بأن « رئيس الدولة لا علم له بما يجري » لذلك « ناشدوه » للتدخل من خلال رفع شعار « بن علي 2010 ». لكن الثابت، وكما بيّن حزب العمال في تحاليله السابقة، فإن تحركات الصخيرة وغيرها من الاحتجاجات الشعبية الأخرى تؤكد أن نظام بن علي دخل، منذ انطلاق انتفاضة الحوض المنجمي، مرحلة جديدة، وهي مرحلة التحركات الشعبية الواسعة. وهذه المرحلة هي مؤشر على أن هذا النظام الاستبدادي دخل مرحلة « بداية النهاية ». لكنّ هذه النهاية لن تكون لصالح الشعب التونسي إذا لم تتحمل القوى التقدمية والثورية في البلاد مسؤولية تنظيم وتأطير نضالات الشعب التونسي. فالطغمة الحاكمة تعدّ لمرحلة ما بعد بن علي وهي تريد أن يتمّ هذا الانتقال في « كنف الاستمرارية والهدوء »، والحركة الديمقراطية تبدو غير واعية تمام الوعي بذلك ومازالت تعاني من التشتت. ومازالت بعض مكوناتها تحمل أوهاما حول طبيعة النظام وحول إمكانية « استيعابه الدرس » واقتناعه بأن له « مصلحة في الديمقراطية ». (المصدر: « صوت الشعب »، اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي، طبعة إلكترونية، العدد 277 – فيفري 2010)  


إلى من يهمّه الأمر : الرّسالة الثّـامنة (الصحّة والأمن في الشّـابة)

يندرج هذا النّص ضمن مجموعة من النّصوص كنتم قد طالعتم بعضها وتواصلون التمتّع بها في الأيام المقبلة لتنقل لكم تفاصيل مثيرة، عايشتها أو علمتها من مصادر موثوق بها، تتعلّق بالشّـابة وبعض ممارسات مسئوليها وبعض نكت هذا الزّمان. ولعلّ هذه الرّسالة امتداد لسابقتها مع محاولة التّأكيد على مشاكل بعض القطاعات الضّروريّة بالمدينة وهي الصحّة والأمن، ويشوب القطاعين مجلّدات سنكتفي ببعضها في هذا النّص مع التزام بالعودة لاحقا لمزيد التّفصيل شكرا يجيبك كلّ من تسأله من أهل المدينة عن الوضع الصحّي بها بعبارة « حدّث و لا حرج »، وأهمّ ما يهتمّ به أهالي المدينة ويؤكدون على ضرورة الخوض  فيه هو وضعيّة الإسعاف، فلا تتنقّل سيّـارات الإسعاف إلى أحد المصابين في حوادث المرور إلا بعد مدّة زمنيّة طويلة و عادة ما تصل السيّـارة حتّى تجد صحّة المصاب قد تعكّرت أكثر أو تمّ نقله من طرف أحد المواطنين دون ضوابط السّلامة الضّروريّة، هذا بطبيعة الحال إن تواجدت سيّـارة إسعاف وقتها، وكثيرا ما ينتقل المصاب إلى مثواه الأخير ولن أدخل في ذكر الأمثلة رغم تعدّدها لدواعي أخلاقيّة. وغالبا ما يضطر المريض إلى اكتراء سيارة خاصّة، في حالات صحيّة خطرة في بعض الأحيان، للانتقال إلى المستشفى الجهوي الطّـاهر صفر بالمهديّة بعد أن يتمّ إرساله من طرف قسم الاستعجالي بالمدينة، وإن طالب بسيارة إسعاف فهو مطالب بدفع ما قيمته 25 دينارا أجرة للنّقل أو حجز بطاقة التّعريف الوطنيّة في إدارة قسم الاستعجالي. لم يعد المواطن بمدينتنا يثق بمراكز الصحّة العموميّة فتراه يثقل كاهله و ميزانيّته بالتوجّه إلى الخواص، ولعلّ مشفى الرّحمة الخاص بالمهديّة صار يعوّض مراكز الصحّة العموميّة. ثمّ لا يمكننا أن ننسى في حديثنا عن الصحّة بالمدينة تعداد الأخطاء الطبيّة الّتي راح ضحيّتها كثيرون، أدوية خاطئة وكشوف خاطئة وغيرها لا تقابل بأيّ ردع من قبل السّلط المختصّة، وتكتفي صيدليّـات المستشفى المحلّي والمستوصفات بتوزيع بعض الأدوية الحياتيّة الّتي تكون قيمتها بخسة في حين يضطرّ المريض إلى اقتناء باقي الأدوية من الصّيدليّـات الخاصّة ليجد تكلفة التّداوي بالمؤسّسة العموميّة أكثر تكلفة من الخواص زيادة على كفاءة الإطار بالمؤسّسات العموميّة في الشّـابة. شهدت حادثة وددت أن أحدّث القارئ عنها، توجّهت مرّة إلى مستوصف الشّـابة الشّمالي لغرض ما، فوجدت ثلاثة أشخاص يتحدّثون عن تمكينهم من نفس الدّواء بنفس الكميّة رغم اختلاف الأمراض الّتي قدموا للمستوصف قصد معالجتها. و لا يمكن المرور عبر المدينة دون التّعريج على الوضع الأمني الّذي تمتاز به على غرار بقيّة المدن الّتي زرتها على الأقل، فتشهد المدينة ارتفاعا في نسبة الجريمة، أصحابها من الشّباب في أغلب الأحيان والأسباب شبه مجهولة إلى حدود نهاية النّص، سرقات بالجملة وتجارة مخدّرات و…إلخ. ورغم اتّساع المدينة وكثرة سكّـانها بقي الطّـاقم البشري القائم  على أمن المدينة محدودا، تواجد 3 أعوان لحماية سكّـان المدينة ليلا عدد قليل للغاية خاصّة ما توفّر سيّـارة شرطة يتيمة، ومركز أمن يغلق ليلا كأيّ إدارة أخرى. كثير هم من اتصلوا ليلا بمركز الأمن طالبين للنّجدة و لا مجيب وأنا أحدهم، منذ سنة ونصف تقريبا قطع أحد المخمورين طريق عودتي إلى المنزل، اتّصلت بالشّرطة فلا مجيب (73643036)، رجعت إلى المنزل وكنت ملاحقا من نفس الشّخص(ص.ب.) فأعدت الاتّصال مرّة أخرى بنفس الرّقم وأجابني الحاجب بأنّ دوريّة في طريقها إلى منزلي لإيقاف هذا المعربد، لن أطيل، وصلت الدّوريّة بعد ساعة ونصف وكنت في وقتها في مركز الأمن أطالب بتحرير محضر، حرّر المحضر وذكرت فيه الشّهود وبقي ذاك الخارج عن القانون إلى حدّ هذه اللّحظة طليقا دون أيّ متابعة، بل تمّت طمأنته بأنّ المحضر انتقل إلى سلّة المهملات كما أفادنا بعض أقارب هذا الأخير. إنّ القصّة الّتي رويتها الآن، وهي من الحقيقة، جزء بسيط من بحر من الانتهاكات المتعلّقة بكيفيّة كتابة المحاضر واعتماد شهادات « غريبة » وعمليّـات تعنيف الموقوفين وتغيير نصوص المحاضر والمعاليم المخصّصة لذلك وهو ما سينشر في القريب العاجل بالتّفصيل وبذكر عدد من المتورّطين والشّهادات عند اتمام تكوين الملفّ الّذي أعدّه للغرض. نزار بن حسن  


من عليائه.. محمد قلبي يُلقي نظرة على الإحتفال باليوم الوطني للثقافة

 


بقلم: زياد الهاني استلقى محمد قلبي على ظهره متمنيا لو ظل في عمره بقية حتى يشعل سيجارة يسحب منها نفسا عميقا، يطفئ به حرقة صدره. ليس لأن للأرواح ظهرا تستند عليه خاصة عندما يتعلق الأمر بصحفي من أولئك الصحفيين الذين لم يحظوا بظهر في قائم حياتهم، أو لأن لها صدرا يشعرها بالحرقة وهو موطن القلب بأحاسيسه والرئة التي تغذي مكاتب العقل في الدماغ بالأكسجين الموقد للحياة. بل لأنه قد خيّــل له ذلك أو يكاد، فكان كمن تمنى لو يندب وجهه من فرط إعجابه بالحفل المهيب!؟ لأول مرة حضر محمد قلبي الاجتماع الاحتفالي الضخم الذي انعقد بمناسبة اليوم الوطني للثقافة في القيروان عشية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف. حضره دون استدعاء ورغم الداء وسابق الأعداء الذين وضعوا بينه وبين نيل جائزة الهادي العبيدي الحواجز والمتاريس. مرّ بين الحراسات الأمنية هازئا بضعفها أمام قوة الواحد القهار. وتفرس في وجوه عرفاء الحفل الذين لم يدخروا جهدا في ما مضى لإقصائه، وهم يتنقلون كالطواويس في فضاء قدمته الجموع من كل حدب وصوب خشية تسجيل تخلفها عن الموعد. لم يكن محمد قلبي بحاجة لكرسي يجلس عليه فوجوده كان يغطي الفضاء كله. ولم يكن بحاجة لانتظار نتائج التكريم والتوسيم فالأوراق كلها كانت مكشوفة أمامه. ابتسم قلبي وهو يطالع قائمة المحظيين بشرف التوسيم!؟ فالأوسمة الوطنية زادت قيمتها وعلا شأنها بعد أن نال كبير رجال الأعمال الوطنيين بلحسن الطرابلسي أحد أرفعها، تكريما له على الامبراطورية الاقتصادية والإعلامية التي بناها بـ »عبقريته الفذة » بعد عام 1992!؟ وعاود الابتسام عندما رأى أن لجائزة الهادي العبيدي للصحافة المكتوبة فارسها الأوحد بوبكر الصغير، وهو ما يعكس بجلاء أي مستوى أصبح عليه إعلامنا الوطني!؟ تنهد قلبي على هذه الجائزة التي لم يكن يملك الإمكانات التي تخوله نيلها. لكنه سرعان ما تراجع ليكتفي بنشوة تكريم زملاء المهنة له في جمعية الصحفيين في ظل رئاسة الزميل الرئيس فوزي بوزيان. فذلك هو التكريم الحقيقي الذي سيخلده سفر الصحافة التونسية. جال محمد قلبي بين الحاضرين مستمعا إلى تعليقاتهم اللاذعة على التتويج والمتوجين، وعلى واقعنا الثقافي والإعلامي المؤلم. كل ذلك وهم يصفقون احتفاء كلما دعي أحد المتوجين للمنصة حتى يحظى بالتكريم. ارتاح محمد قلبي لوجود الأستاذ منجي الشملي، وبحث بين الحضور عن شاعري القيروان حسين القهواجي ومنصف الوهايبي وعن محمد الطالبي وهشام جعيط وعياض بن عاشور والبشير رجب وعن شباب الصحفيين المتألقين لتحيتهم فلم يجدهم. بحث عن عبد العزيز الجريدي وزينة القصرينية وسمير الوصيف ولطفي جرمانة وغيرهم من رموز الشأن الإعلامي والثقافي في العهد الجديد، لكنه انتبه إلى اقترابه أكثر من اللازم من المنصة، ففضل العودة على أعقابه خشية أن يحصل له مكروه!؟ ولم يفته وهو يغادر القيروان عاصمة الثقافة الإسلامية أن يهمس في أذن سيدها الوهايبي وحيًــا، قد يتجسد في قادم الأيام قصيدة؟ (المصدر: مدونة « صحافي تونسي » (الإصدار رقم 44 – محجوب في تونس) بتاريخ 26 فيفري 2010) الرابط:http://journaliste-tunisien-44.blogspot.com/2010/02/blog-post_27.html

بالسّواك الحار – 152 – أعدّه: ولد الدّار

*تحتفل تونس بالذكرى الرابعة عشرة لإسناد منظمة الصحة العالمية ميداليتها الذهبية للرئيس زين العابدين بن علي يوم 26 فيفري 1996 تقديرا لسياسته في مجالَي الصحة والتنمية البشرية. – جريدة الصباح – هذية طلعة جديد !!أربعطاش سنة وتونس كاملة بتاريخها وجغرافيتها وعبادها ووقتها وبنيانها.. قاعدة تحتفل بميدالية جاملوا بيها جماعة الصحة منذ عقد ونصف بن علي.. الله أعلم علاش؟؟؟ مالا أنتم شيختوها بالمناسبات زيدوا اعملوا لينا احتفال بالذكرى الخامسة لمصافحة سيادته لبوش،، والذكرى السابعة لغرسانو شجرة خوخ في مطماطة،، والذكرى ثمنطاش لتلقيه مكالمة هاتفية من تشارلز.. بما أنّ الاحتفالات نزلت لهذا المستوى عندنا اقتراح.. شنو رأيكم لو كان تبطلوا من هالفضيحة هاذي وترجعولنا احتفالات 3 أوت وصلامبو وجالطا وبرج الباف ويا سيد لسياد.. وكان تكلمنا دكّونا 10 ملايين في الحبس. * »على إثر فوزهم بكأس أمم إفريقيا » أعرب أعضاء المكتب الجامعي لكرة اليد وكافة أفراد الوفد التونسي أكابر وكبريات المشاركون في البطولة الإفريقية للامم عن امتنانهم للرئيس زين العابدين بن علي لما يوليه من دعم متواصل للرياضة عموما ولكرة اليد على وجه الخصوص. – جريدة الصباح- مالا لا!! امتنان ونص، حتى هو مشو شوي سيد الرئيس، خلخل الدفاع المصري وفتح ثغرات سجّل منها صبحي سعيد وزملائه عدّة أهداف حاسمة وتسرباتو على الأجنحة كانت رائعة وخاصة مردده حين يتحول إلى لاعب دائرة ثاني..المهم الولاد الكلّ كانوا في فورمة وخاصة وسام حمام وزين العابدين بن علي وعصام تاج إللي سجّلوا أغلب أهداف المنتخب.. صحّيتوا لولاد إن شاء الله نعاودوها في المونديال… تحبّوا إدَّخلوه في الشقيقة والرقيقة؟ هانا دخلناه ارتاحوا تو. *الاثنين 15 فيفري 2010 الرئيس زين العابدين بن علي يجتمع بالوزير الأول. – جريدة الإعلان- هذا عنوان رئيسي وبالكبير وبالأحمر وبالغامق وتحتو خط!!! هي وبعد؟؟ آخي هوما خروتشوف وكيندي تقابلوا! وإلا هنيّة ونتنياهو! طبيعي رئيس يقابل كل يوم ولعلّ كل ساعة ولعلّ كل دقيقة وزيرو الأول، آخي هو استقبل الغنوشي « R » باش تعملوه خبر رئيسي راهو قابل الغنوشي « M » مــــــــا فيها حتى مشكلة،  فلّست الأخبار لهذه الدرجة؟ ما لقيتوا ما تحطوا! بطلتو من الافلام لمفبركا رجعتو للاخبار النَّيَّة. (المصدر: « الحوار.نت » (ألمانيا – محجوب في تونس) بتاريخ 27 فيفري 2010)
 

« الحوار التونسي » تعود من جديد

 


علمنا أن مدير الفضائية المستقلة « الحوارالتونسي » السيد الطاهر بن حسين سيمضي عقدا مع برنامج « أركواريس » أواخر الشهر الجاري لتعود القناة للبث الفضائي أواخر شهر مارس المقبل. وكانت لـ »الحوار » إطلالة أوليّة سنة 2002، لكن سرعان ما احتجبت لتعود سنة 2006 ثم تنقطع مرة أخرى أواخر 2008. ورغم تواصلها مع برنامج ecot الإيطالي إلا أن التجربة تعثرت من جديد. وقد عرفت هذه القناة في كل تجاربها السابقة باهتمامها بالملفات الاجتماعية: بطالة، فقر، تلوث… فلقيت متابعة من كافة فئات المجتمع تدعّمت بتغطيتها المتميّزة واليومية للاحتجاجات الأهلية بمدن الحوض المنجمي طيلة النصف الأول من سنة 2008، حيث كشفت أخبارُها وتقاريرُها المصوّرة عن الحجم الحقيقي لتلك الانتفاضة وعن هول التعامل السلطوي معها. ولم يكن نجاح القناة ليضمن لها هامشا كافيا من الحرية، إذ كان صحافيوها عرضة دائمة للمحاصرة والمطاردة وحجز المعدات، اكتوى بنارها خصوصا أيمن الرزقي وأمينة جبلون ومولدي الزّوابي وبدر الطرابلسي، حتى أن مراسلها بقفصة الصحفي الفاهم بوكدوس قد كلفته تغطية أحداث الحوض المنجمي حكما غيابيا بـ6 سنوات نزل إلى أربع سنوات في الاعتراض الابتدائي، وما زال معرّضا للحبس في جلسة الاستئناف يوم 23 فيفري الجاري. (المصدر: « صوت الشعب »، اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي، طبعة إلكترونية، العدد 277 – فيفري 2010)
 

الشيخ حسن الورغي في ذمّة الله

 


لبّى داعي ربّه أول أمس الشيخ حسن الورغي الإمام الخطيب بجامع سبحان اللّه بباب سويقة ومدير مدرسة عمر بن الخطاب بسكرة للقرآن الكريم عن سن تناهز السبعة وسبعين سنة. والشيخ الورغي متحصّل على شهادة العالمية في العلوم الشرعية من جامع الزيتونة سنة 1957. لازم الشيخ الأعلام الأفاضل من شيوخ الزيتونة أمثال الشيخ الكلبوسي والشيخ العداسي والشيخ عبد العزيز جعيط والشيخ حسن الخياري والشيخ حبيب المستاوي وتخرج على أيديهم ليتولى التدريس لسنوات عديدة بالاضافة لمهمة الوعظ والارشاد في جامع سبحان اللّه وفي عديد جوامع العاصمة واحوازها. وتتويجا لنشاطه المتميز في مجال الاشراف على الروضات القرآنية العصرية في كامل تراب الجمهورية وخاصة في المناطق النائية. كما كان رئيس الجمعية القرآنية، فرع باب بحر، وكلف من طرف وزارة الشؤون الدينية بالإشراف على الكتاتيب. بادر الشيخ حسن الورغي بتأسيس مدرسة عمر بن الخطاب بسكرة ولم ينقطع الشيخ حسن الورغي عن تعليم القرآن في هذه المدرسة الى حين وفاته. كما عُـرف عنه رحمه اللّه الإيثار ومساعدة ضعفاء الحال. (المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 27 فيفري 2010)

إطلاق أول تأمينات إسلامية في تونس

 


تونس – محمد الحمروني  أعلنت بعض التسريبات الصحافية عن نية رجل الأعمال التونسي محمد صخر الماطري إحداث شركة مختصّة في التأمينات الإسلامية. وأطلق الماطري على شركته الجديدة اسم « زيتونة تكافل » وقد تحصّل نهاية شهر جانفي الماضي على ترخيص من السلطة المعنية. وستكون هذه الشركة الأولى من نوعها في تونس التي تفتقد لمؤسسات مالية تعمل وفق نظام التأمينات الإسلامية. ويأتي تأسيس « زيتونة تكافل » من قبل الماطري بعد تأسيسه لـ « بنك الزيتونة الإسلامي » والذي كان هو أيضا الأول من نوعه في تونس. وفي هذا السياق علمت « العرب » أن بنك الزيتونة سيبدأ نشاطه في غضون الصائفة القادمة خاصة أن القائمين عليه هم الآن بصدد وضع اللمسات الأخيرة على المقر المركزي للبنك الواقع بضفاف البحيرة بالقرب من العاصمة تونس. وإلى جانب مقره الرئيسي ينتظر أن يفتتح البنك في مرحلة أولى 8 فروع تغطي مناطق البلاد الثلاث الشمال والجنوب والوسط، وفي مرحلة ثانية قد تمتد على 5 سنوات، ستغطي فروع البنك كل المدن الرئيسية التونسية. ويقدر رأس مال البنك بـ30 مليون دينار تونسي (نحو 25 مليون دولار أميركي) وتمتلك مجموعة « برنسيس غروب » المملوكة لصخر الماطري %51 من أسهمه. وينتظر أن يقدم البنك خدمات مالية تتماشى مع قواعد التمويل الإسلامي سواء على مستوى التمويل والإيجار المالي والاستثمار، إضافة للخدمات البنكية العادية كإيداع الأموال والإقراض. (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 27 فيفري 2010)  


خاطرة عند الاحتفال بالمولد

الكثير منّا لا يزال يخشى استعمال لفظة « اليهودي »، لأنّ إثارة اللفظة قد تجعل « المسلمين » أمام حرج كبير أوقعهم فيه القرآن الكريم الذي أطنب في الحديث عن اليهود، لمّا كشف حِيلهم وغدرهم وخيانتهم وسفاهتهم وقسوة قلوبهم وعدم أدبهم مع الرّسل عليهم الصلاة والسلام بل ومع الله سبحانه وتعالى… و »المسلمون » لم يتجاسروا بعدُ على التبرّئ من القرآن العظيم لأنّه – وإن واجه اليهود أبناء عمومتهم – يظلّ « قرآنهم » ودليل انتماء لا يكونون إلاّ به لأنّ بقاءهم وإن كرهوا شرط انتماءهم.. ولكنّ بعضا منهم نبغوا فأخفوا من القرآن نصوصا قالوا إنّها تعسّر عليهم الحوار مع الآخر وتبطل حجّتهم وتجعل أصابع الاتّهام توجّه إليهم وإلى « إسلامهم ».. فطمسوا كلّ حديث عن « اليهودي » إلاّ ما فاتهم في الفاتحة التي لو حفظوها لطمسوها فما قامت بعد ذلك لو صلّوا صلاتهم!.. قدم الصهاينةُ إلى فلسطين صهاينةً عنصريين مغتصبين، فاغتصبوا الأرض واستباحوا العرض وقتّلوا الأنفس وهجّروا ورمّلوا ويتّموا وعوّقوا وأذلّوا وأرهبوا ثمّ انتبهوا – وهو يحاورون « مسلمين » ينادونهم بخشية وحذر « السّادة »!.. دون إشارة إلى يهوديتهم أو حتّى إلى صهيونيتهم – إلى أنّهم يهودٌ يريدون استعادة منزلة انتزعها منهم المسلمون أيّام كانوا يعاقبونهم على خيانة عهودهم وعلى التراجع والكذب في عقودهم!.. فلمّا استقرّوا وأمنوا أصدروا المراسيم يضمّون الصروح والمواقع الإسلاميّة إلى تراثهم، و »المسلمون » يمنّون النّفس لو لم تكن أصلا من تراثهم؛ فما جلبت عليهم إلاّ شغب أطفال حجارة أفسدوا عليهم راحتهم وانتسابهم الضروري إلى « تراثهم »!… ضمّ الصهاينة الذين عرّفوا أنفسهم أنّهم يهودٌ الحرم الإبراهيمي إلى ما أسموه تراثهم… وإبراهيم عليه الصلاة والسلام جدّ الأنبياء وجدّنا وجدّهم… فما تحرّك لمنع الضمّ أو الاحتجاج عليه إلاّ حاملو حجارة ورثوها عن صغارهم، أو بعض قوم دفعهم بعض حياء إلى التواجد في ظلّ صغارهم… وقد رفع بعض « المسلمين » تهمة أراد أن يدمغ بها اليهود، فتحدّث عن حرب دينيّة قد تنشب – وهي دائرة منذ مئات السنين – يحسب أنّ إثارة الحديث حولها ستخلط الأوراق مع أناس قد كان ناصر دينهم يوم أبطل في دينه ما يحكي عنهم وعن دينهم!… وحسبت أنّ العرب و »المسلمين » الأشاوس سيقنعون بما قال قائلهم هذا، فيلتزموا الصمت ولا يبالغوا كثيرا في إيذائنا بما ينِزُّ من أفواههم هربا من بشاعة بواطنهم… ولكنّ آخر ذهب إلى أبعد من ذلك فأعلن الجهاد ضدّ دولة كافرة رأى أنّ تحرير فلسطين وحماية القدس والحرم الإبراهيمي لا يكون إلاّ عبر تحريرها من الكفر… وقد كان حاسما إلى درجة أصبحتُ معها أخشى على نفسي الكفر؛ فأنا كثير السفر إلى تلك البلاد ولي فيها ابن وابنة وأحفاد!.. فقد بيّن بلغة « المسلم » الواثق أنّ كلّ مسلم يتعامل مع تلك الدولة الكافرة يُعتبر كافرا… وقد كان – وهو يكفّر دون أن يفقه معنى الكفر والإيمان – يتكلّم بقلب الأب المكلوم وهو يتذكّر ابنه وزوجة ابنه يُهانان من طرف هذه الدولة « المارقة » التي أرادت منعهما من تأديب خادمة لهما بطريقة لم يتوخّاها هو حتّى مع « الكلاب الضاّلّة » لمّا كان ينصب لهم المشانق بالشوارع العامّة!… كان – وهو يعلن الجهاد – يحتفل بمولد الرّسول عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، دون أن يسمع منه قوله: « ثلاث من كنّ فيه؛ فهو منافق وإن صام وصلى وحج واعتمر وقال إني مسلم: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان »… ثلاث تكاثرن بين صفوفنا فشجّعت اليهود على ضمّ الحرم الإبراهيمي وغيره من المقدّسات، وجعلت هذا وذاك يتفوّه بما لا يزيده إلاّ سقوطا في الدنيا وانحدارا في الدركات إن لم يتدارك قبل فوات التدارك!… لمّا حضرت سنة ميلاد الرّسول صلّى الله عليه وسلّم كان أبرهة الحبشي يهمّ بهدم الكعبة الشريفة، وكانت الطير الأبابيل بأمر ربّها ترميهم بالحجارة فتحوّلهم إلى غثاء وغلى تاريخ موثّق بالآي القرآني… وبعد أكثر من ألف وأربعمائة سنة يحتفل المسلمون الغثاء بمولده صلّى الله عليه وسلّم غير مكترثين – وهم يتلون « ألم تر كيف » – بدور الحجارة في هزم الباطل… ولولا فقه أطفالنا وتمسّكهم بالحجارة لما كان لاحتفالاتنا بالمولد ما يجعلنا على خطى ذلك المولود صلّى الله عليه وسلّم!…   عبدالحميد العدّاسي الدّانمارك، 26 فبراير 2010             

لم لا تكون ذكرى المولد النبوي محطة تعبئة جديدة؟

 


بقلم: الشيخ الهادي بريك     ((( 1 ))). هناك حقيقة إجتماعية في حقول التحضر والتقهقر مفادها أن رصيد كل أمة في أسواق التداول القيمي بين الناس يسبغ بالضرورة على أكثر حركات تلك الأمة لونه. لا تتزحزح تلك الحقيقة الحضارية حتى لو كانت تلك الأمة تشهد صعود نهضة أو ميلاد صحوة حتى تستوي تلك النهضة على سوقها فتستخلص الأمر العام أو تترشد الصحوة فتؤثر في الريح العام. خذ أمثلة على ذلك : 1 ــ ما إن إحتل التتار عاصمة الخلافة العباسية بغداد قبل سبعة قرون فدانت لهم حتى دخل المحتلون في دين أهل بغداد أفواجا بعد ما أسرهم الإسلام بينما كان أهل الإسلام تحت أسر التتار. وهي الحالة الوحيدة في تاريخ البشرية قاطبة حتى اليوم حيث وقع الإستثناء على القاعدة الخلدونية الإجتماعية الشهيرة ( المغلوب مولع بتقليد غالبه أبدا ).. العبرة من ذا هي : مساحات القوة في الأمة يومها ومناطق التأثير أقوى وأبقى وأكثر مما جعل لون الهزيمة العسكرية القاسية جدا يعجز عن تلوين الحياة بلونه الداكن المربد.. 2 ــ أولى من ذلك سالفة تاريخية وثقلا في المعيار القيمي ما جد بين المبشرين بالجنة من الأصحاب الكرام عليهم الرضوان جميعا في الجمل عامة وصفين خاصة. فتنة جامعة مدمرة في زمن مبكر جدا لا يستوعبها العقل المثالي غير الملقح بشروط التفكير العقدي الإسلامي. العبرة من ذا هي : التنازع في الحق ـ لا عليه ـ تأويلات إجتهادية منضبطة بالأصول لا يمزق وحدة الأمة حتى وهو يؤول بالمتنازعين في الحق إلى الإقتتال فإذا خرجت دوائر التنازع عن ثوابت الحق الأبلج مما للأمة فيه من ربها سبحانه ألف برهان وبرهان كانت أدنى الخلافات الجزئية الصغيرة كفيلة بخلخلة الصف المرصوص وزعزعة الأمن المشيد. أي يفشل لون الهزيمة مرة أخرى عن صبغ الحياة بلونه. 3 ــ تمل بباصرة فؤادك ما حدث بالإندلس بين يدي سقوطها في 1492. شيدت الحضارة روحيا بمثل ما شيدت المدنية عمرانيا كأحسن ما يكون التشييد فما إن تسللت ذئاب الهوى وثعالب الشهوة إلى النفوس في قصور السلطان وملإه حتى كانت رقصات القينات ورياح اللهو أسرع فتكا بالأمة الإسلامية الأروبية ـ التي فتحت أروبا يومها على مصراعيها لحضارة الإسلام ومدنية المسلمين ـ من قناطير الذهب المحلى ومياثر الحرير الخالص المصفى مما كانت تفيض به أفنية القصور وأبهية البروج. العبرة من ذا هي : سرعان ما تلونت الحياة السياسية والعسكرية والإقتصادية والإجتماعية بلون الفساد السلطاني بما جعل حضارة مدنية إسلامية عظيمة عريقة كبيرة عمرت ثمانية قرون كاملة تخر منهارة متقهقرة خرا عجيبا سريعا. 4 ــ إنتقل بباصرة فؤادك متمليا إلى عصرنا الحاضر لتلفى بيسر أن الخلافة العثمانية التي كانت آئلة للسقوط حتى لو لم يعاجلها مصطفى كمال بالضربة القاضية عام 1923 .. كانت تحفظ للأمة الإسلامية بعربها وعجمها معا أنفس شيء في ميراث الأمة من مشكاة العقيدة أي وحدتها السياسية ولو وحدة رمزية. فما أن إندك ذلك دكا حتى تحطمت كل أجهزة المقاومة الداخلية وفقد الجسم حصانته بالكلية تقريبا فكان الذي كان من غزو ثقافي وإحتلال عسكري وإفتراس دولي مقنن لمركز الأمة فلسطين وتمزيق الأطراف بتعبير سمير أمين. نحن اليوم على بعد ( 2010 ـ 1923 = 87 عاما ) من ذلك فما هي النتيجة وهل تشهد تقدما أم تأخرا إلا صحوة وطنية ونهضة إسلامية يعالجان ما لا تدري أيهما أشد عليهما : التنافر الداخلي أو الإستهداف الخارجي. العبرة من ذا هي : تلون الوضع العام من كل جوانبه بلون سقوط الخلافة العثمانية فما أغنى عنا قولنا أنها آئلة للسقوط بالضرورة أو غير ذلك مما يردده الحمقى في مادة الإجتماع السياسي. ليس الأحمق من يهمل النظر في المقاصد والمعاني لحساب الحروف والمباني فحسب بل الأشد منه حمقا من يهمل النظر في الرموز التي تؤمن بوجودها قيما عليا عظمى مقدمة. فما كل رمز ومبنى يعرض للتلف بالضرورة. ها نحن 57 أمة إسلامية أغنى عددا وعدة وعلما مما سبق فهل يغني عنا ذلك من شيء؟ وإلى لقاء قابل. (المصدر: « الحوار.نت » (ألمانيا – محجوب في تونس) بتاريخ 26 فيفري 2010)
 


رحل  الحبيب أب الحبيبة ماضيا

 


إلى روح الحبيب أب الحبيبة والدي محمد رحمه الله وأسكنه فراديس جنانه إليه ابأ رائعا أهداني أروع زهرات بستانه له والدا عوضني حنان أبي وكان لي نعم  الأب لنعم الزوجة التي وجدتني وأنا أعزيها أعزي نفسي وما كنت أحسبني يا أبتي أفقدك مرتين ما كنت أحسبك تموت مرتين يا (أحمد  يا  محمد ) يا أنت يا أبي إليك وقد كان آخر عهدك بالحياة التوضؤ للصلاة رحلت ومحياك يقطر ماء طهارة وبقينا بعدك وعيوننا تقطر عليك دمع أسى ولوعة إلى روحه وإلى زوجتي الحبيبة وإلى جميع الأهل أهدي جرحي النازف سائلا الله جل شأنه أن ينزل علينا من بعده الصبر………………………!  
 

رحل  الحبيب أب الحبيبة ماضيا

 

 
العين تدمع والفؤاد كسير        ****     وقضاء ربك نافذ ويسير ورحى الحياة تلفنا بتفالها        ****    وإلى المماة نوجه ونسير أمس وبعضي غافل عن بعضه    ****     جاء النعي بالمماة نذير أمس أتى خبر الوفاة محذرا       ****   أن ّ الزمان عابر وقصير وأنّ الذي كان الفؤاد محلّه        ****  أضحى هناك له التراب سرير بالأمس كان مع الأحبة جالسا     ****  واليوم جاء ملبيا يا قدير (  قد كان شمر للصلاة ثيابه)       ****   وتهيأ نحو الوضوء يسير ما كان يدري أنه به يختم          ****   وأن ذاك هو الوضوء الأخير كان وضوءا لا صلاة بعده         ****    كان ختاما يلفّه التدبير رحل الحبيب أبو الحبيبة ماضيا      ****  والوجه منه بالوضوء ينير رحل وكلّنا سالك في دربه         ****   لكّنها الآجـال والـتقدير أعمارنا للخالق معلومة           ****    يدري بنا وبها  وله المصير قد جاء في القرآن إنك ميت         ****   جاءت لنا الآيات والتحذير رحل الأولى من قبلنا يا سامعي     ****   رحلوا وإن مصيرنا التهجير العابرون جميعنا في رحلة          ****   نمسي ونصبح والمصير عبور ونرّد من فوق الّتراب لتحته        ****  وهناك نرجو عفوك يا نصير ربّي إليك أتى الحبيب « محمد » (*)     ****  متوسلا ووضوءه التبشير فارحمه ربي واعف عنه إلاهي     ****  وارحمنا يوم إلى القبور نصير (*) محمد » إسم والد زوجتي رحمه الله جمال الدين أحمد الفرحاوي لوتن، في 26 فيفري 2010

 

في بلد « الحدّاد » : 10 فتيات معظمهن جامعيات يراودن المارّة بالعاصمة

!


نشرت جريدة « الشروق » اليوميّة بتاريخ الجمعة 5 فيفري 2009 خبرا بعنوان: « إحالة 10 فتيات على المحاكمة بتهمة المراودة ». وقد جاء في الخبر ما يلي: «وتفيد المعطيات المتوفرة أن معلومات وردت على أعوان إحدى الفرق الأمنية المختصة في حماية الأخلاق ومقاومة التفسخ الأخلاقي، مفادها تواجد مجموعة من الفتيات أمام مقهى بالمنار بصدد مراودة أصحاب السيارات من بلد مغاربي. وتحوّلت دوريات أمنية إلى المكان المشار إليه حيث ضبط الأعوان ما بين الساعتين الثانية والرابعة من فجر الأحد الماضي (31 جانفي 2009) عشر فتيات واقفات أمام مقهى شهير في المنارات ويزوره عدد من الحرفاء من بلد مغاربي مجاور، فتم إيقاف الفتيات. وبينت الأبحاث أن من بينهن تلميذة بالباكالوريا وواحدة حاصلة على شهادة « الماجستير » في إحدى الدراسات التكنولوجية ومتحصلات على الأستاذية (…) فأنكرن ما نـُسب إليهن، لكن النيابة العمومية أذنت بإيداعهن سجن الإيقاف وإحالتهن على أنظار المجلس الجناحي…». هذا هو فحوى الخبر الذي أوردته الجريدة، ومن المنتظر أن تصدر المحكمة أحكامها هذه الأيام في هذه القضية. وما تجدر ملاحظته هو أن هذا الخبر لم يثر لا اهتمام الصحافي الذي نقله بدون تعليق ولا اهتمام هيئة التحرير بالجريدة ولا « الاتحاد النسائي » ولا « نواب الشعب » القابعين بقصر باردو ولا الحكومة، بل مرّ الخبر كأيّ خبر عادي رغم أنه يدعو إلى إطلاق صيحة فزع عمّا وصلت إليه أوضاع المرأة في بلادنا وعمّا وصل إليه مجتمعنا من تحلل وانخرام مؤذن بالخراب. ولكن هيهات فإن « حراميها » لا يمكن أن يكون « حاميها ». إن همّ نظام الحكم في بلادنا هو أن يطمس مشاكل المجتمع التي سبّبها، عن طريق القمع والاضطهاد ويحاول تجميل واقع قبيح على كافة المستويات لتأبيد سيطرة حفنة من النهابين ومصاصي الدماء، لا شغل لهم سوى تكديس الثروات بأسرع وقت وبأيسر السبل غير المشروعة. لقد كان البغاء قبل ثلاثة أو أربعة عقود من تاريخ بلادنا موجودا، ولكنه كان يشمل في الأساس فتيات ونساء من أوساط فقيرة جدا وأميات في الغالب وقعن ضحية لاعتداءات جنسية داخل العائلة أو لدى المشغل أو المشغلة (عاملات بالمنازل) أو أثناء تشرّدهن لغياب عائل أو شغل يصون كرامتهن فانجررن إلى عالم البغاء سواء كان ذلك بصفة « سريّة » أو « علنية »، أي بترخيص من الدولة. فالقانون التونسي أباح البغاء و »نظّمه » وألزم متعاطيه/ضحاياه، وفقا لقانون 1941 الذي ظل ساري التنفيذ، بدفع نصيب من « أجورهن » للبلدية في شكل « أداء ». ولكن الجديد الذي عرّته حادثة « المنار » الأخيرة وأبرزته للعيان بشكل صارخ ومفزع هو أن البغاء يضرب في فتيات « النخبة »، إذ لا يمكن اعتبار الفتيات اللواتي وقع إيقافهن غير كونهن من نخبة البلاد الواسعة، المتعلمة التي قد تلتحق بالتدريس في المعاهد الثانوية أو في الجامعة، أو بالشغل في إحدى الإدارات أو المؤسسات. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإذا كان انتشار البغاء في كافة الأوساط الاجتماعية، بما في ذلك في الوسط التلمذي والطلابي، والوظيفي والعمالي، ليس وليد اليوم، بل إنه يعود إلى ما يزيد عن العقدين، فإنه من النادر أن حصلت في السابق حادثة مثل هذه الحادثة الجديدة، إذ أن « كتيبة » كاملة من الفتيات، معظمهن جامعيات، تراود المارة، بشكل جماعي في أحد « أرقى » أحياء العاصمة في ساعة متأخرة من الليل وأمام مقهى كبير، وعلى مرأى ومسمع من المارة!! ولسائل أن يسأل: وماذا بعد؟ وماذا سيحصل في المرّة القادمة؟! قد يقول البعض إن هذا لمن « علامات الساعة »! والواقع أنه من علامات ساعة نظامـ »نا » الدكتاتوري، الرجعي، الاستغلالي الفاسد الذي خرّب هذا المجتمع بسياساته الرأسمالية المتوحشة والتابعة التي سلمت البلاد لحفنة من النهّابين المحليين والأجانب وأنتجت مئات الآلاف من العاطلين عن العمل من بينهم عشرات الآلاف من حاملي الشهادات العليا، ودمّرت العلاقات الاجتماعية ونشرت القيم الاستهلاكية على نطاق واسع وشامل وحوّلت البشر بمن فيهم النساء إلى مجرّد سلعة رخيصة وأفقدت الشباب بالخصوص لذة الحياة ودفعت بالعديد منه إلى عالم الجريمة والمخدرات والكحولية و »الحرقان » وأفرغت روحه من كل القيم النبيلة وخرّبت المنظومة التربوية وصحّرت الحياة الثقافية. وقد أرفقت كل ذلك بقمع بوليسي رهيب ضد كل من « يرفع رأسه » فلا حريّة ولا حقّ في الاحتجاج أو الطموح إلى مستقبل أفضل. وفي مناخ كهذا ما هو حظ طالباتنا مثلا من الحياة حتى لا يندفع جزء منهن إلى البغاء؟ كم عدد اللواتي يحصلن على منحة جامعية لمواجهة مصاريف الدراسة المتزايدة باطراد؟ وكم عدد اللواتي يحصلن على سكن جامعي لتتوفر لهن أسباب الراحة وحتى الطمأنينة على سلامتهن الجسدية والمعنوية؟ وكم هي مدة السكن الجامعي بالنسبة إلى المحظوظات اللواتي يفزن به بشق الأنفس؟ أفليس هو لا يتجاوز السنتين فقط وبعدها تكون الطالبة مجبورة على إيجاد مسكن في مبيتات خاصة مفتوحة على كل المفاجآت أو في شقق معروضة للكراء بأسعار مرتفعة وفي أماكن غير آمنة في الغالب؟ وماذا حصل لطالبات منوبة اللواتي اعتصمن في مطلع هذه السنة الجامعية بدعم من الاتحاد العام لطلبة تونس للمطالبة بسكن لا يعطى في الغالب إلا بشروط سياسية أو عن طريق الرشاوى والابتزاز، بما فيه الابتزاز الجنسي؟ ألم يهجم عليهن البوليس لينكل بهن وبرفاقهن الطلبة ويوقف العديد منهم ويحيلهم على المحاكم ويزجّ بهم في السجن بتهم حق عام؟ وفوق ذلك كله ما هو مصير الحاصلات على شهادات عليا ما عدا البطالة لمعظمهن؟ وكم عدد الفتيات الحاصلات على شهادات عليا وبقين في المنزل عرضة للانهيارات العصبية وحتى لمحاولات الانتحار؟ وما هو مصير اللواتي تدفعهن الحاجة والرغبة في العمل لضمان المستقبل أو مساعدة أب وأم فقيرين؟ ألا يتعرّض العديد منهن إلى ابتزاز في الإدارات والمؤسسات على حساب كرامتهن؟ كل هذا لا يعني شيئا لا لبن علي ولا لزوجته « رئيسة المنظمة العربية للمرأة » ولا وزرائه حيث يعمل الجميع على الحفاظ على مصالحه الأنانية بتشديد القبضة البوليسية على المجتمع. وبطبيعة الحال فإن مصير معظم النساء في تونس لا يختلف عن مصير الطالبات إن لم يكن أفظع. فهن عرضة لكافة مظاهر التمييز والاستغلال والاضطهاد. وكما لاحظ الرفيق حمه الهمامي في كتابه « مطارحات حول قضية المرأة » (منشورات البديل): فإن «تشيئة المرأة وتبضيعها هما إحدى أهم سمات الواقع الاجتماعي في تونس اليوم وتمثل أفظع نتيجة لهذه التشيئة وهذا التبضيع ما يمكن تسميته « سوق اللذة » التي ظهرت إلى جانب « الأسواق الأخرى » إذ أصبح جسد المرأة يباع ويشترى ممّا أدّى إلى انتشار ظاهرة البغاء في كافة الأوساط وظهور شبكات دعارة تشمل الأوساط التلمذية والطالبية والعاملات والموظفات علاوة على المعطلات عن العمل. ومن نتائج ذلك أيضا التكالب على الجنس إذ أصبحت العلاقة بين المرأة والرجل يسيطر عليها الجانب الجنسي، بل إن العلاقات الجنسية ذاتها فقدت جانبا كبيرا من بعدها الروحي، النفسي، العاطفي، الثقافي الإنساني، ليسيطر عليها الجانب الغريزي، الحيواني». إن ما كشفته حادثة « المنار » ما هو في الحقيقة إلا وجه من أوجه الأزمة العميقة والشاملة التي تنخر مجتمعنا. إن كافة أوجه هذه الأزمة تتفاعل لتنزل بمجتمعنا إلى الحضيض وتفقده توازنه وإنسانيته. وهو ما يبيّن بشاعة الدكتاتورية النوفمبرية وفظاعة اختياراتها الرأسمالية المتوحشة والتابعة. كما يبيّن الطابع الديماغوجي لدعاية هذه الدكتاتورية حول النهوض بالمرأة والعناية بها في كافة المستويات. فالغالبية العظمى من نسائنا غارقات في المشاكل، مشاكل الفقر والبطالة وغلاء المعيشة وتردّي الخدمات الاجتماعية، إلخ. وما من شك في أن بعض الأصوات الرجعية ستتعالى بهذه المناسبة لتدين المرأة وتلقي مسؤولية انتشار ظاهرة البغاء مثلا على كاهلها وعلى كاهل الحرية المزعومة التي حصلت عليها وخروجها إلى الدراسة والشغل، واختلاطها بالرجل وسفورها وتطالب بالتراجع في مكاسب المرأة التي هي عرضة للتراجع يوميا. ومن البديهي أن هذا الموقف لا هو صائب في تحليله لأسباب التدهور الاجتماعي والأخلاقي الذي يمثل انتشار البغاء أحد مظاهره، ولا في العلاج الذي يقدّمه لهذا التدهور. فالحرية لا تعهّر المرأة بل ترفع من شأنها وتعطيها كرامتها. وهي غير متوفرة أصلا في مجتمعنا، لا للنساء ولا للرجال. والخروج إلى التعليم والشغل والسفور لا يولدان البغاء وغيره من مظاهر الانحطاط الاجتماعي والأخلاقي، بل هما من شروط تحرر المرأة، واستعادة مكانتها في المجتمع وبعبارة أخرى فإن مواجهة هذا الانحطاط ومن ضمنه البغاء الذي يمثل معرّة للنساء والرّجال على حدّ سواء إن لم يكن معرّة أكثر للرجال منه للنساء، لا يمكن أن تتم بتجريم المرأة وعقابها ولكن بمقاومة الأسباب الحقيقية المولدة لذلك الانحطاط والتي تكمن كما بيّنا في النظام الاجتماعي الحالي الذي لا يضرّ بالنساء فحسب بل بالشعب بأسره. إن حادثة المنار تدعو كافة القوى الديمقراطية والتقدمية في بلادنا إلى الوقوف عند ما وصل إليه مجتمعنا من انهيار والوعي بإلحاحية التغيير الديمقراطي الذي من شأنه أن يخلق الشروط الكفيلة بإنقاذه. إن مستقبل النساء في بلادنا ليس مع نظام بن علي بل في النضال ضده من أجل مجتمع جديد ديمقراطي، حر قائم على المساواة والعدالة الاجتماعية. (المصدر: « صوت الشعب »، اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي، طبعة إلكترونية، العدد 277 – فيفري 2010)
 

 ردا على سلوى الشرفي كامو و القضية الجزائرية

 


تقول الأستاذة الشرفي في جدالها لنا إن ألبار كامو » يدعو إلى الأنسنة ويستثني منها الإنسان الجزائري ». وبقطع النظر عما في هذا الكلام من عزف على وتر الأحاسيس الوطنية الجياشة المندفعة التي حسبنا أن مجادلتنا تتعالى عنها نادرة متفردة في حسها النقدي فانه يجدر بنا في هذا السياق أن نقدم بعض الملاحظات في موضوع شائك يحتاج في الواقع إلى كلام كثير: هناك مرحلتان في حياة هذا المفكر. لقد أدان بكثير من الشدة وبصوت عال جدا العمليات التي كان يسميها هو إرهابية ويسميها غيره فدائية ضد المدنيين. كان يقول » لا أريد لهذا المدني المقتول أن يكون أمي » ليس هناك في هذا الكلام-في رأيه على الأقل- أي شيء ضد ما هو إنساني  . إنها نظرية  » الإنسان الثائر التي شرحها في كتابه المعروف بهذا الاسم ولكن الرجل توقف عن الكلام عندما أحس أن مقاله يمكن أن يخدم طرفا ضد طرف. لقد أحس كامو بعمق الفيلسوف الإنساني انه سجين نظريته. لماذا لا يكون كامو عظيما في تناقضه ؟ لماذا يبحث البعض لديه عن انسجام لم يدعه ابدا؟ أليس هذا الانسجام اعتداء على ثرائه من قبل من يدعون العمق وهم يقفون على عتبة الأشياء ويستسهلون الأحكام في خفة المزهو بنفسه. نحن نريد أن نفهم هذا الرجل لا أن ندينه فقط ولسنا بالضرورة معه أو ضده ولكن من حقه علينا ومن حق الفكر أيضا أن نربط موقفه من الجزائر بفلسفته العامة .لقد كان كامو يقول » انه في اللحظة التي يأخذ فيها المظلوم السلاح باسم العدالة فانه يقطع خطوة تؤدي به إلى الانتقال إلى معسكر اللاعدالة الذي يحاربه  »  لقد كانت المشكلة الكبرى لديه هي مشكلة الشر في العالم وكان عالم الأخلاق عنده فوق عالم السياسة.وإنه ليفهم ذلك كل من قرأ  مسرحيته  » العادلون ». التي رأى فيها أكثر النقاد وعيا بالمنحى المأساوي الذي اتخذه النظام السوفياتي من خلال تشريع القتل باسم منطق تاريخي مجرد. كما رأى فيها اغلب النقاد عالما مليئا بشخصيات مركبة على طريقة دستويفسكي ممزقة بين مثاليتها وحاجتها الى القتل والموت. كان كامو يشعر شعورا مشابها لشعور القديس اوغسطين قبل اعتناقه المسيحية حين قال » كنت ابحث عن مصدر الشر فلم اخرج من ذلك بطائل » لكن لم يكن في وسع كامو وهو العاري من الإيمان أن ينتهي إلى ما انتهى إليه أوغسطين. فمثله محروم من نعمة الرؤيا الخارقة .لهذا أصبحت المشكلة الرئيسية للإنسان عنده هي كيف يحارب الشر دون أن يرفع رأسه إلى السماء حيث الله الصامت كما قال ذلك في روايته « الطاعون. »وكما شرح المسالة عبد الرحمان بدوي في كتابه عن الوجودية. لقد كان أدب كامو في تناقضاته الخصبة التي أكب عليها الإخصائيون وحللوها من جميع جوانبها تعبيرا موجوعا عن استحالة أن ننتهي من قضايا شائكة ومعضلات مؤلمة من جنس مشكلة الوسائل والغايات: هل تبرر الغاية الوسيلة؟ هل يبرر الظلم القتل؟  إنها مشكلة العنف  بشكل عام. ورغم ذلك  فمن يجهل الدور الذي لعبه كامو في الثلاثينات حين اشتغل صحافيا فقد كتب سلسلة من التقارير عن المجاعة والفقر في منطقة القبائل وتعتبر هذه التقارير من بين أولى المقالات التفصيلية التي كتبها أوروبي جزائري يصف فيها ظروف الحياة البائسة التي يعيشها السكان الأصليون. لقد كتب كامو » اذا كان لا بد من تبرير الاستعمار فان ذلك لا يكون إلا في حدود ما يقدمه الاحتلال من مساعدة للشعوب الخاضعة للاحتلال للحفاظ على شخصيتها وإذا كان ثمة واجب علينا تجاه هذه الأرض فهو السماح لشعب هو من أكثر الشعوب كبرياء وإنسانية في العالم بالبقاء مخلصا لنفسه ولمصيره ».بل تفيد إحدى الروايات انه شكل فريقا للمقاومة في منطقة وهران وتفيد رواية أخرى أن المقاومة هي التي أرسلته إلى فرنسا وهو في الثلاثين من عمره وأن سفره إليها لم  يكن فقط من اجل  التداوي من مرض السل  الذي أصابه ( انظر رونالد اروندسون: كامي وسارتر)                                                                                                                                                                                &nb sp;    في الأخير أليس من الخفة بمكان ان نحسم في قضايا متشعبة بجرة قلم من نوع مساهمة كامو في الحركة ضد الاستعمار. لقد كان  أنصار » الجزائر الفرنسية » يهددونه بالقتل في حين كان » حملة الحقائب » porteurs de valises يتهمونه بأنه لا يفعل ما يكفي من اجل الجزائر . ولكن من يجهل النداء الذي أطلقه الرجل سنة 1956 من اجل الهدنة.؟ وحتى لو سلمنا انه لم يكن ملتزما بالقدر الكافي بقضية الجزائر فانه يبقى رغم ذلك هو وإيمي سيزار وجهين من الوجوه البارزة التي عرفت بمقاومتها للاستعمار . وان جوهر التيار الذي انتمى إليه وتعريفه لللامعقول يشهدان على ذلك، هذا اللامعقول الذي ينشا من الصراع المرير بين النداء الإنساني وبين صمت العالم المجنون. في الأخير فلتسمح لنا مجادلتنا بان نتردد بعض الشيء قبل الحكم على   عباقرة الفكر الإنساني وتصنيفهم إلى هذا أستسيغه وهذا لا أستسيغه. لقد حسبنا أن الحوار أعلى بكثير من هذا ولكن يبدو أن البعض أجنحتهم لا تحملهم أبعد من أبراجهم العاجية . لقد توسعنا في الحديث عن كامو رغم انه لم يكن في الأصل موضوعنا لنجعل ذلك نوعا من المشاركة في الاحتفال بخمسينية وفاته ثم لنبين للقارئ أن البعض من الذين يصدّعون رؤوسنا بلا انقطاع بفكرهم النقدي وحسهم المرهف ومفارقتهم » للعامة الغبية السطحية » ليسوا في بعض الأحيان أكثر عمقا ممن جعلوا منهم ضحايا لنبالهم التي أخطأت موقعها  وسارت في غير ما يحتاجه الفكر حقيقة ولا ما يستحقه النقد إذا كان مخلصا حقا لمبادئ التحري والإنصاف.  ولكن لعل الأستاذة الشرفي في حالة الغضب التي اعترتها اثر ردنا قد خلطت بيننا وبين كامو -وهو شرف لا ندعيه- فحسبت أنها بالحط من منزلته تحط من قدرنا نحن الذين استشهدنا به وما كان لنا أن نفعل لأن الأستاذة لا تستسيغه. وسنتناول في حديث قادم بعضا من المسائل  الفكرية والسياسية التي كانت جوهر نقاشنا. عبدالسلام الككلي الموقف العدد بتاريخ 26 فيفري 2010
 

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام  على أفضل المرسلين  تونس في: 22/02/2010 
بقلم محمد العروسي الهاني مناضل و كاتب في الشأن الوطني و العربي و الإسلاميالرسالة 746 على موقع الأنترنات

التاريخ الوطني المجيد   الحلقة 3 :

   

قراءة التاريخ غذاء روحي و شحذ لأصحاب العزائم الصادقة و النوايا الصافية و رد على المتنكرين و الانتهازيين   


  أواصل على بركة الله الكتابة حول مراحل هامة من التاريخ التونسي المعاصر.. و قد شرعت في إضاءة و فتح ملف التاريخ.. عسى أن يستفيد منه الأجيال و الطلبة و الشبان.. في تونس و في العالم العربي.  

يوم 31 مارس 1957 :

غادر الجيش الفرنسي ثكنة القصبة بتونس بعد احتلالها 75 سنة.. و اثر ذلك تم هدم تلك الثكنة حتى تبقى في الذاكرة مظالم الاستعمار و اثاره و بصماته.  

يوم 25/03/1957 :

بارح الرئيس الحبيب بورقيبة تونس مع ستة من الوزراء التونسيين إلى المغرب الأقصى لإجراء محادثات مع جلالة الملك محمد الخامس و حكومته لدعم أواصر الأخوة.  

يوم 26/03/1957 :

أبرمت تونس اتفاقية تعاون اقتصادي مع حكومة أمريكا .  

يوم 30/03/1957 :

أبرمت اتفاقية صداقة تونسية مغربية بالرباط أطلق عليها اسم معاهدة الأخوة و التضامن   افريل 1957 التفتح على الخارج  

11 افريل 1957 :

اجتمع المجلس المالي للحزب الحر الدستوري التونسي و اتخذت عدة قرارات هامة   ماي 1957  

غرة ماي 1957 :

أعلن المجاهد الأكبر عن قرار إنشاء بنك إصدار النقد التونسي لأول مرة في التاريخ.. و أصبحت لتونس المستقلة عملة تونسية خاصة بها.  

يوم 5 ماي 1957 :

اقبل الشعب التونسي اقبالا عظيما على صناديق الاقتراع لانتخاب المجالس البلدية التي فازت فيها قائمات النهوض الاجتماعي التي زكاها الحزب بالأغلبية.  

يوم 8 ماي 1957

:أبرمت الحكومة التونسية مع الحكومة الليبية اتفاقية تعاون ثقافي.  

يوم 17/ماي 1957 :

سافر الرئيس بورقيبة إلى ليبيا لتبادل وثائق المصادقة على معاهدة 6 جانفي 1957.  

يوم 20 ماي 1957 :

تم تنصيب الزعيم علي بلهوان رئيسا لبلدية العاصمة تكريما لنضاله الوطني و كفاحه و شجاعته.  

يوم 23 ماي 1957 :

صرح الرئيس الحبيب بورقيبة على اثر نقض الحكومة الفرنسية لبعض عهودها الخاصة بالقروض اثر موقف تونس من القضية الجزائرية و دعمها للثورة المباركة.   قال الرئيس بورقيبة   بأن تونس في حل من القيود المرهقة التي تفرضها عليها الاتفاقية الاقتصادية و المالية مع فرنسا.. و دعا الرئيس بورقيبة الشعب للوقوف صفا  واحدا مع الحكومة في المعركة الاقتصادية و الاعتماد على الذات.  

يوم 27 ماي 1957 :

صرح الرئيس بورقيبة أمام المجلس التأسيسي بوجوب العودة إلى التفاوض بشأن اتفاقية 3 جوان 1955 الاقتصادية مع فرنسا للتحرر من قيودها المجحفة.  

يوم 31 ماي 1957 :

أعادت القوات الفرنسية الهجوم على حدودنا و قتلت سبعة جنود تونسيين و أصابت 14 بجروح.. من بينهم الأمين العام لوزارة الخارجية السيد خميس الحجري الذي توفي بعد ذلك متأثرا بجروحه رحمه الله.   أمر هام   و في اليوم نفسه صدر أمر من الحكومة التونسية إلى الجيش الفرنسي بأن لا يبارح الثكنات العسكرية.. قرار تاريخي هام في إطار دعم سيادة تونس .  

يوم 7 جوان 1957 :

قامت الجيوش الفرنسية باعتداءات أخرى تسببت في حدوث اشتباكات دامية بقابس أسفرت على استشهاد 6 مواطنين.  

يوم 28 جوان 1957 :

اعتدت وحدات من الجيش الفرنسي على حدودنا بعين دراهم و أصابت جنود بجروح نتيجة دعمنا للثورة الجزائرية.   إعلان الجمهورية  

يوم 1 جويلية 1957 :

دشن الرئيس الحبيب بورقيبة بورصة الشغل.. بحضور رجال السلك الدبلوماسي و قادة المنظمات القومية و نواب عن المنظمات الشغيلة العالمية من مختلف أنحاء العالم في اجواء وطنية.  

يوم 04 جويلية 1957 :

صرح الرئيس بورقيبة في بيانه الأسبوعي الإذاعي بأن فرنسا قدمت عروضا مقبولة لترتيب مراحل الجلاء العسكري عن بلادنا.  

يوم 5 جويلية 1957 :

افتتح الرئيس بورقيبة المؤتمر الخامس للجامعة العالمية للنقابات الحرة في بورصة الشغل بحضور منظمات عالمية في مؤتمر يعتبر عالمي.   8 جويلية 1957 :تم الجلاء العسكري عن ولاية توزر.. و هي ضربة البداية.  

11 جويلية 1957 :

بدا الجلاء العسكري عن ولاية القيروان.. و في نفس اليوم ألقت الحكومة الفرنسية القبض على الأخ المناضل عبد المجيد شاكر مدير الحزب الحر الدستوري التونسي عند وصوله إلى باريس للاتصال بالزعماء الجزائريين بتهمة الاعتداء على امن الدولة الخارجي.. ثم أطلق سراحه سريعا.  

يوم 17 جويلية 1957 :

صادق مجلس الوزراء على إلغاء نظام الأوقاف.. و تحرير نظام الأراضي الاشتراكية.. و نظام الوصاية عن القصر و المحجورين.  

يوم 22 جويلية 1957 :

تم الجلاء عن ولاية سوق الأربعاء جندوبة حاليا.  

يوم 24 جويلية 1957 :

عقد الديوان السياسي للحزب الحر الدستوري التونسي اجتماعا درس فيه نظام الحكم الجديد.  

يوم 25 جويلية 1957أ:

علن المجلس التأسيسي إلغاء النظام الملكي و قيام النظام الجمهوري في يوم مشهود.. و اجمع نواب المجلس والشعب بأسره على مبايعة المجاهد الأكبر رئيس الحزب الحر الدستوري التونسي رئيسا للجمهورية و رئيس الحكومة.. و قد جرت المناقشات طيلة يوم كامل.. و كانت الإذاعة التونسية تنقل أثناءه تفاصيلها مباشرة و بحرية.. دون أن يتسبب ذلك في أية حوادث.. فتم إبدال النظام بدون أن تراق قطرة دم واحدة ا وان تجري أية إضرابات.  

يوم 29 جويلية 1957 :

شكل الرئيس الحبيب بورقيبة أول حكومة للجمهورية التونسية.. أطلق على أعضائها كتاب الدولة عوضا عن وزراء.. و قامت الحكومة الجديدة بكل الإصلاحات.. ووضعت التشريعات الاجتماعية الرائدة .     إلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله.   قال لله تعالى {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ} [سورة الذاريات: 55] صدق الله العظيم محمد العروسي الهاني  مناضل كاتب في الشأن الوطني والعربي و الإسلامي  22.022.354  


السياسيون العرب: أهدافهم متنوعة وقلوبهم شتى

صلاح الجورشي 2010-02-27 السياسيون أنواع أو أصناف، إنهم بالتأكيد، ومنذ أن وعى الإنسان بأهمية السياسة، لا تحركهم ذات الأهداف والدوافع، إذ لكل سياسي ظروفه الخاصة التي حولته إلى مشارك في هذه الحلبة، التي غالبا ما يكون محورها الوصول إلى السلطة أو المحافظة عليها أو السعي للتأثير فيها واستثمارها لصالح غرض شخصي أو عائلي/فئوي/قبلي/مجتمعي، أو غير ذلك من أشكال العصبية. من بين هذه الأصناف صنف شائع ارتبطت عنده السياسة بقيمة أو رؤية أيديولوجية، وغالبا ما يحصل هذا الأمر في مرحلة الشباب، حيث تشتد الرغبة في إحداث التغيير، نتيجة الإحساس الحاد بالظلم وعدم المساواة، ولهذا ترى الأحزاب والحركات السياسية تتوجه نحو الأوساط الطلابية والتجمعات الشبابية لتستقطب أفضل عناصرها، وتجدد بهم هياكلها وقدرتها على التجييش والتعبئة، لكن بقدر ما تقوم الأيديولوجيات بشحن أصحابها بقوة معنوية تجعلهم يُسقطون من قاموسهم كلمة المستحيل ومشتقاتها بفضل الحلم الذي تمنحهم إياه والقوالب النظرية الجميلة والبسيطة التي توفرها لهم، فإنها في المقابل تفرز نوعا من الغمامة التي قد تحول دون رؤية الواقع كما هو، أو توهمهم بأن تغييره بصفة جذرية أمر سهل وخاضع للإرادة فقط. ليس في هذا القول رفض مطلق للفكر الأيديولوجي عموما، الذي له مزايا كثيرة رغم عيوبه وثغراته، لكن الخطر الأساسي يكمن في الأنساق الأيديولوجية المغلقة التي تجنح بأصحابها نحو التعصب للفكرة، إلى درجة نفي حق الآخرين في الوجود والتعبير، وهو ما من شأنه أن يهيئ الأرضية لممارسة أقصى درجات الاستبداد في حالة وصول هذا الصنف من السياسيين إلى دفة السلطة بأية طريقة كانت، عندها يغلقون كل المنافذ أمام خصومهم وأمام مجتمعاتهم، ويتورطون في تجارب وسياسات قد لا تبقي ولا تذر من مقومات الحياة السياسية المدنية، أما الذين لم تسعفهم وسائلهم وظروفهم للوصول إلى السلطة، فيصاب الكثير منهم بالتعثر ويكونون عرضة لإخفاقات متتالية بعضها شخصي وآخر حزبي، وقد ينتهي الأمر ببعض منهم إلى أسوأ الاحتمالات، بما في ذلك وضع إمكاناتهم وأحقادهم ومعلوماتهم تحت تصرف الأنظمة التي كانوا يحاربونها من قبل، مقابل موقع بأحد أجهزة الدولة أو فتات من الحياة الدنيا. صنف آخر من السياسيين العرب اقترنت السياسة عندهم بالمنفعة، فنشاطهم السياسي يعلو أو يتراجع بقدر حجم المنافع المترتبة عن ذلك، وخلافا للصنف السابق، فإن هؤلاء لا يهتمون بعالم الأفكار والقيم، أو على الأقل لا يعطونها الأولوية عندما يقررون الانخراط في هذا الحزب أو ذاك، والمهم بالنسبة إليهم هو نوعية المكاسب التي سيحصلون عليها، ودرجة النفوذ الذي سيتمتعون به من وراء ذلك. قد لا يكون الانتفاع المالي هو الذي يحتل الدرجة الأولى في حساباتهم، بقدر ما يتصفون برغبة جامحة في أن يحكموا ويتحكموا في توجيه الآخرين وفي تحديد مصائر أوطانهم وشعوبهم، وخطورة هؤلاء في أن إيمانهم بالمصلحة العامة أو بعلوية الدولة والقانون ضعيف جدا، وهو ما يجعلهم يضعفون الدولة ومؤسساتها دون أن يشعروا بذلك، يأخذون منها أكثر مما يعطون، ويحولونها إلى مزرعة خاصة لا يسمحون بالدخول إليها إلا لمن يكون في خدمتهم. الصنف الثالث والأخير من الساسة العرب هم الذين دخلوا إلى السياسة من باب المال أو من أجل الحصول عليه، ومن المفارقات أنه بقدر ما يحتاج العمل السياسي إلى المال، فإنه يتحول إلى مفسدة مطلقة إذا تحولت الوسيلة إلى غاية، وانشغل السياسيون بتكديس الثروات على حساب إقامة العدل وحماية مصالح الناس، وإذا كانت الرأسمالية في السياق التاريخي الغربي قد قامت بثورات في أوروبا وأميركا أدت إلى تحقيق التراكم السلعي والمالي مع الاحتفاظ بخصوصيات كل من القطاع الخاص والفضاء الحكومي، فإن الأثرياء العرب عموما بقوا يرون في الدولة حامية لهم، وداعمة لمشاريعهم سواء عند الأزمات أو في حالات النماء، وإذا كانت حالات استثراء البعض، بفضل وجوده في صلب أجهزة الدولة أو بحكم قربه من أصحاب النفوذ فيها، كثيرة وشائعة في كل الدول العربية تقريبا، فإن وجود بعض السياسيين الأثرياء على رأس مؤسسات حكومية حساسة، لم يجعلهم قادرين على التمييز بين مشاريعهم الخاصة ومشاريع الدولة، لهذا نصح أحد الحكام العرب أبناءه بعدم الجمع بين التجارة والمسؤوليات السياسية، لما في ذلك خراب للعمران. خلاصة القول، أن السياسة في العالم العربي لا تتقدم كثيرا، لأن قسما مهما ممن يشتغل بها، سواء في الحكم أو المعارضة، لا يرون فيها أداة لخدمة الآخرين، بقدر ما يعتبرونها مجالا للصراع من أجل كسب النفوذ والمال وتحجيم المخالفين والمنافسين، أي الحكم من أجل الحكم، ولذلك قيل بأن « السائس يجري من المسوس مجرى ذي الظل من الظل، ومن المحال أن يستوي الظل وذو الظل أعوج، ولاستحالة أن يهتدي المسوس مع كون السائس ضالاً » (« الذريعة إلى مكارم الشريعة » للراغب الأصفهاني بتحقيق د. أبو اليزيد العجمي ص-92، 93 طبعة دار الوفاء. مصر). (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 27 فيفري 2010)  

الإسلاموفوبيا والعلمانية الديمقراطية

هيثم مناع ´
« الطريق سالكة لتقود العنصرية العالم الغربي للخسارة، ومن ثم الحضارة الإنسانية برمتها. لا يهم ما بإمكان العلماء المحنكين أن يقولوه، فالعرق ليس بداية البشرية بل نهايتها، ليس أصل الشعوب بل مؤشر انحطاطهم، وهو لا يشكل الولادة الطبيعية للإنسان بل موته المناهض للطبيعة ». عندما أطلقت حنا أرندت هذه النبوءة لم يخطر على بال أحد أن أوروبا المتعافية من نزيف النازية والفاشية يمكن أن تكون ضحية الغلو العنصري مهما كان شكله وطبيعة من يستهدف. ولكنها تبدو لنا اليوم نبوءة مخيفة في عالم غير مستقر تقوده قوة عظمى تخلت عن أهم مرتكزات بنائها الليبرالي (الولايات المتحدة الأميركية) وروسيا المجهولة الحاضر والمصير، وكتلة هائلة من البشر تسعى عبر حزب شيوعي لبناء رأسمالية جبارة (الصين) وعالم إسلامي يحمل كل فيروسات الموت وبكتريا صناعة الحياة في آن. من هنا يشعر المرء بحاجة ماسة للتجربة الأوروبية والاعتدال الأوروبي كجزء من حماية السلام والجنس البشري في هذه الحقبة الانتقالية المضطربة. من هنا مسؤولية أوروبا عن نفسها ومسؤولية المسلمين والعرب التاريخية فيها عن عملية تأصيل الحريات الأساسية والحقوق الفردية والجماعية. ذلك باعتبارها الضمانة المشتركة للحفاظ على مكانة هذه القارة، ليس فقط كقوة جيو سياسية، بل أولا وقبل كل شيء كحاملة لقيم التنوير التي حجّمت من فظائع الرأسمالية والاستعمار بمختلف أشكاله. تحوّل الإسلام في أقل من نصف قرن من دين له وجود في أوروبا إلى إحدى الجماعات الاعتقادية الأساسية. ولم يكن هذا المشروع يجول بخاطر أحد: لا رجال الأعمال الذين استقدموا قوة العمل الرخيصة، ولا الحركات الإسلامية التي لم توجه أساسا نشاطها السياسي أو التبشيري للعالم الغربي. لكن في أية ديمقراطية شكلية، تسري قوانين الديالكتيك بشكل أسرع من المجتمعات المحنطة بنظامها الاستبدادي. فلا تلبث أية جماعة كمية أن تتحول إلى قوة نوعية. وهذه القوة في طور التكوّن تشكل دون شك المادة الأكثر خصبا لتقوية الخوف من الإسلام. فهي مطمع لكل الحركات الإسلامية السياسية، ومادة ضغط وضغط مضاد لكل الدول التي ضخت جاليات كبيرة، ومصدر خوف لكل الذين تقاسموا الكعكة السياسية والثقافية والإعلامية من لاعب جديد ليس بالضرورة خاضعا للسيطرة. فالمواطنة تشبه نظام الأرض المشاع، كلما تغيرت التركيبة السكانية احتاج الأمر لإعادة القسمة، ولو أن هذه الإعادة في أزمنتنا المعاصرة لا تتم بالضرورة بشكل عادل، بل وغالبا ما تكون جائرة. هل من الضروري التذكير بأن الاندماج اليهودي في أوروبا قد احتاج لعقود طويلة سبقت قيام دولة إسرائيل؟ وأن الجاليات الآسيوية ما زالت جاليات اقتصادية أكثر منها جاليات مشاركة سياسية ومدنية؟ وأن صورة الإسلام الشمولي هي مصدر خوف لدى المثقفين الأوربيين، بمن فيهم المدافعين عن الحقوق والحريات الأساسية للمهاجرين؟ يعزز ذلك أزمة الجيل الأول من الإسلاميين الذين ناضلوا طيلة عمرهم ضد العلمانية في بلدانهم باعتبارها بضاعة غربية تستهدف الإسلام. وها هم يكتشفون أن النظام العلماني هو الأنسب لأية أقلية دينية في أوروبا، بما في ذلك الأقلية المسلمة. مع ذلك، يتابعون نضالهم السياسي من أجل دولة إسلامية في دار الإسلام، ويشنون هجوما منهجيا ومستمرا، ليس بالضرورة منصفا أو عقلانيا، على العلمانية. من الضروري التذكير بأن الجمهورية، وليس العلمانية، كانت العدو الأول للكنيسة (التي تحالفت تاريخيا مع الإقطاع والملكية ضد الطبقة البرجوازية الجديدة والنظام الاقتصادي الرأسمالي الوليد). هذه الجمهورية التي زرعت، ومنذ الأيام الأولى لولادتها الأوروبية في القرن الثامن عشر، مجموعة مبادئ أهمها الحرية والمساواة والإخاء والتضامن والأمن وسيادة الشعب ومبدأ فصل السلطات. ثم أغنت فكرة فصل الدولة عن الكنائس في القرن التاسع عشر، بانتظار عام 1905 تاريخ صدور أول قانون علماني أساس في فرنسا ينص على فصل الكنائس عن الدولة. وقد كان في صلب نقاشات ذاك العام رفض فكرة أن يُفرض على المجتمع قواعد منبثقة من عقيدة أو دين واحد. في حين تعززت مبادئ الجمهورية مع جان جوريس، وبعده مع الجبهة الشعبية، بمفهوم الجمهورية الاجتماعية. لتشهد نهاية القرن إضافة التنمية البيئية لهذه المبادئ عند قوى اليسار بشكل أساسي. ليست العلمانية قيمة أو عقيدة، بل هي مبدأ، أي اقتراح ينطلق من محاكمة عقلية تحتفظ بالفكرة انطلاقا من النتائج المترتبة عليها. وهي بهذا المعنى غنية ومتنوعة في تعريفها وتطبيقاتها. يرفض المثقفون الديمقراطيون العلمانيون أية فكرة استئصالية لمن يخالفهم الرأي. وهم يعادون الستالينية باعتبارها نظاما شموليا نصّب الإلحاد دينا. كما يناهضون التيارات المحافظة الجديدة لتوظيفها الدين في معركة الإغاثة والعمل الخيري كبديل لحقوق اقتصادية أساسية، وفكرة التضامن البشري القائمة على التكافؤ لا على الشفقة. إنهم يتفقون على ثلاث مواصفات للعلمانية: – الحرية المطلقة للضمير والرأي. – عالمية الحقوق. – مبدأ الفصل بين الكنائس والدولة. لكن ما هي الفضاءات الواجب الفصل فيما بينها، وهل تشكل العلمانية عائقا أمام أي نشاط ديني؟ للإجابة عن هذا السؤال، من الضروري التذكير بنظرية الفضاءات الأربعة التي يدافع عنها تيار واسع من العلمانيين في فرنسا: الفضاء الخاص، الفضاء المدني، السلطة السياسية، وفضاء بناء الحريات. إن كان الفضاء الخاص يغطي ما يعرف بالحريات الشخصية، فإن الفضاء المدني يشكل الحيز الأكبر للنشاط المجتمعي. ولا ضير أن نجد أعلى نسبة مشاركة في الجمعيات الدينية في الدول العلمانية، التي تسمح لكل التعبيرات الدينية بالنشاط وتكفل حرية العبادة والتبشير والشعائر. وثمة إجماع عند العلمانيين على عدم منع أية علامة دينية في الفضاء المدني. أما تعبير السلطة السياسية، فيغطي السلطتين التشريعية والتنفيذية والإدارات. في حين يعني فضاء بناء الحريات كل ما يسمح ببناء المواطنة كالمدرسة والحماية الاجتماعية والصحية والقطاع العام.. من هنا وقف المثقفون العلمانيون ضد العلامات الدينية في المدرسة الابتدائية التي هي المكون بامتياز للمواطنة المشتركة وزراعة الحريات. ومن المأثور أنه عندما دخلت مليشيات حليفة للألمان إحدى المدارس وطلبت الأطفال اليهود منها أجاب الناظر: « ليس لديّ أطفال يهود، عندي تلاميذ ». في حين وقف المثقفون هؤلاء أنفسهم مع حركة حقوق الإنسان ضد صدور قانون يحظر النقاب في الأماكن العامة لعدم وجود أية علاقة بين حظر النقاب والعلمانية. هناك من يتحدث عن لاحقة يجمّل بها العلمانية (المفتوحة، التعددية، الإيجابية، علمانية الاعتراف..)، في حين يرفض أكثر المثقفين الديمقراطيين لاحقة كهذه. في رأيي يمكن الحديث عن العلمانية من وجهة نظر التكون التاريخي. فهي في ألمانيا وبريطانيا تتميز بالحس العملي البراغماتي، بينما في فرنسا يمكن وصفها بالمناضلة، وما تحمله جنوحات الاستئصال التي تولدها حالات الصراع والمواجهة. هذه التيارات العلمانية الفرنسية، التي حرصت على أن تكون في صلب الحركة الحقوقية أو أن تنهل مرجعيتها من مواثيق حقوق الإنسان، قد أخفقت في أكثر من امتحان. خاصة مع تصاعد جماعات ضغط مناهضة للمسلمين في داخلها، سواء كان ذلك من أنصار الحركة الصهيونية أو المحافل الماسونية أو الليبراليين الجدد. لذا لا نستغرب أن نجد معنا، في قضية غوانتانامو والسجون السرية والقوائم السوداء، شيوعيين وخضرا واشتراكيين وتروتسكيين وأنصار بدائل العولمة، وقلما نجد جمهوريا يمينيا. كذلك الأمر في قضايا إغلاق المعابر والحصار والجدار والعدوان على قطاع غزة، حيث تقف نخبة من العلمانيين اليساريين في مقدمة الحملة لرفع المنظمات الفلسطينية عن القوائم السوداء والتعامل الطبيعي مع حركة حماس. لا يمكن الاكتفاء بقراءة الإسلاموفوبيا من وجهة نظر اجتماعية نفسية، نابعة من التوظيف الإعلامي والسياسي والإيديولوجي لعدة أطراف مستفيدة. ومن الضروري متابعة آليات إدارة المواجهة معها والأسلحة الناجعة للقدرة على التأثير في الرأي العام وفرملة الاستعمال الشعبوي الرخيص. لذا يفترض امتلاك الجرأة للنظر إلى التجمعات الإسلامية المنظمة وأساليب عملها ودعوتها. فهناك أطراف إسلامية سياسية تخوض معركة شيطنة الآخر بنفس الوسائل ونفس الخطاب الإسلاموفوبي معكوسا. وهي تضع نفسها في عزلة عن الحركة المدنية والحقوقية المناهضة للإسلاموفوبيا، خوفا على هويتها الخاصة أو دورها كتنظيم سياسي غير أوروبي. والعديد من الأصوات والحركات يتصرف على أساس أن الجاليات المسلمة في أوروبا ليست مربط الفرس وإنما المجتمعات الإسلامية الأم. وبالتالي فهو يضحي بكل الجسور الإيجابية والبناءة التي يخلقها النضال المشترك من أجل الحقوق في أوروبا، في سبيل ما يعتبره « الهدف الأساسي ». ففي أكثر من حلقة نقاشية، لم يمتنع أكثر من سياسي عن القول: « في كل معركة خسائر، وبكل الأحوال الجالية الإسلامية مرفوضة، فلماذا نضيّع الوقت؟ ». ولا شك في أننا ندفع غاليا ثمن ازدواجية الخطاب عند عدد من الإسلاميين الذين يقولون بصوت منخفض « العلمانية هي النظام الأفضل للأقليات المسلمة في أوروبا » ويكررون بصوت عالٍ: « الإسلام هو الحل »، يدافعون عن النقاب باسم حرية الملبس، ولا يقولون كلمة عن حرية الملبس في البلدان الإسلامية. أخيرا وليس آخرا، الهجوم الدائم من عدد من السلفيين على الديمقراطية، وكأنها السبب الرئيس للفسق والفحشاء والجنس المثلي والسفور. برز ذلك في آخر المعارك ضد الإسلاموفوبيا (استفتاء منع المآذن في سويسرا ومشروع قانون النقاب في فرنسا). ووقعت في الفخ كبريات القنوات الفضائية العربية حيث وضعت وجها لوجه يمينيا متطرفا مقابل إسلامي. فإذا بنا أمام مسلم يتوجه للآخر بآيات قرآنية، وعنصري أوروبي يلعب دور الفقيه. في حين أن المعركة كانت على أرض أخرى مختلفة، في خلل نظام الاستفتاء وسهولة خضوعه لدكتاتورية الأكثرية. وضرورة الدخول في مناظرة جدية حول الديمقراطية التوافقية والديمقراطية المباشرة. وأخيرا غياب أي دور للمنظمات والدول الإسلامية في الدعوة لبروتوكول ملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، يتناول بشكل محدد مجالات التدخل في قضايا حرية الاعتقاد والواجبات الدينية. نفس الإشكالية نجدها في قضية النقاب، حيث عاد الهجوم الشرس على العلمانية والغرب، بل على إحدى المحطات الفضائية على « منظمات حقوق الإنسان ». يتم ذلك بشكل ديماغوجي غالبا، عوضا عن قراءة خارطة المواقف الحقيقية، وعدم وجود اصطفاف عقلاني، والاختلاف في داخل العائلة السياسية الواحدة. مع ذلك ورغم أن الأمين العام لأكبر اتحاد للعلمانيين الفرنسيين، برنار تيبير، قال بوضوح: « منع النقاب في الشارع ليس علمانيا ولا يجوز منع العلامات الدينية والحجاب في الأماكن العامة »، لم نلحظ أي تغيير في الخطاب. يجدر بالذكر أنه في 21/1/2010 أوضحت اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان في فرنسا، بأغلبية 34 صوتا ضد صوتين فقط، رأيها حول الحجاب الكامل أو النقاب. جاء ذلك في توضيح لوجهة نظر حركة حقوق الإنسان في فرنسا. وقد رفض هذا القرار الممتاز من حيث المبدأ سن أي قانون يمنع النقاب بشكل عام ومطلق. ذلك مع التأكيد على حرية الاعتقاد، ورفض أي شكل من أشكال التمييز، وضرورة التعامل مع كل الظواهر المشابهة وفق حوار مدني ونقاشات عامة خارج أية قوننة أو أساليب قسرية، وضرورة تعزيز ثقافة حقوق الإنسان في الجهاز التعليمي. بالطبع، لم نسمع أو نقرأ في أية صحيفة عربية أو وسيلة إعلام سمعية بصرية باللغة العربية عن هذا القرار الهام. خاصة أن العديد من المحطات كانت قد أطلقت حكمها مسبقا بنفس الطريقة التي يطلق بها العنصريون الفرنسيون حكمهم المطلق على الإسلام والمسلمين. لا يمكن اعتبار هذا الوضع صحيا، وأنه في خدمة الجالية العربية والمسلمة في أوروبا. كما لا شك في أن خوض معركة جدية ضد الإسلاموفوبيا يتطلب خطابا أكثر عقلانية وأقل دوغمائية، يحترم حقوق الإنسان والحريات الأساسية بشكل مبدئي لا بشكل انتقائي. ويعتمد إستراتيجية إعلامية ومدنية وتشبيكية قادرة على الفعل المجتمعي والتأثير المتوسط والبعيد المدى، وليس فقط الفائدة الحركية المباشرة لهذا التنظيم أو ذاك الداعية. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 23 فيفري  2010)

القصة الكاملة لاغتيال العقيد علي تونسي

تعددت الروايات في حادثة اغتيال المدير العام للأمن الوطني وتناقضت فيما بينها، وقد أدت التفاصيل الشحيحة التي قدمتها وزارة الداخلية في بيانها إلى نسج العديد من السيناريوهات حول الحادثة، وأخرجها البعض من إطارها المعزول إلى قصص أخرى عن عمليات تناحر بين كبار المسؤولين، وكانت الشروق سباقة عبر موقعها الالكتروني إلى تقديم تفاصيل الحادثة في إطارها الأقرب إلى الواقع من خلال سلسلة من الاتصالات الحثيثة مع شهود عيان، وفيما يلي القصة الكاملة لحادثة الاغتيال. البداية، كانت من حالة الغضب التي أصابت الجاني وهو المدعو ولتاش شعيب جراء إطلاعه على مقال منشور بإحدى الصحف يتناول خبر تجميد صلاحياته من قبل المدير العام للأمن الوطني، العقيد المتقاعد من الجيش ولتاش شعيب البالغ من العمر( 64 سنة) والذي يشغل منصب مسؤول على وحدة الطائرات العمودية التابعة لجهاز الشرطة، استشاط غضبا من تسريب معلومات للصحافة حول تورطه في قضية فساد، ومن الواضح أنه اعتقد أن الراحل كان وراء هذه المعلومات على اعتبار أنه هو الذي أمر بالتحقيقات وتجريده من الصلاحيات، وعلى هذا الأساس طلب لقاء خاصا مع المدير العام للأمن الوطني وكان له ذلك، باعتباره واحدا من المقربين منه، فضلا على أنه من بين أهم معاونيه، وبالتالي يمكن فهم سهولة الدخول إلى مكتب علي تونسي دون التعرض لتفتيشه أو تجريده من السلاح.الجاني استبق اجتماعا كان سيعقد في مكتب علي تونسي ودخل معه في مشادات كلامية، دارت حول العقوبات التي تنتظر الجاني جراء تورطه في صفقة مشبوهة لتموين المديرية العامة للأمن الوطني بأجهزة إعلام آلي، ويكون المدير العام للأمن الوطني قد واجهه بالأدلة التي تثبت تورطه، مما جعل الجاني يفقد توازنه، في حالة وصفها بيان لوزارة الداخلية بالجنون، وأشهر مسدسه في وجه مسؤوله وأرداه قتيلا بعدة طلقات نارية. مصدر من الداخلية يشكك في رواية « محاولة الانتحار » كانت أول رواية تداولتها عدة جهات، أن الجاني حاول قتل نفسه بعد اغتيال الراحل علي تونسي، لكن سرعان ما تطابقت المصادر بما فيها مصادر بالداخلية التي نفت محاولة الانتحار، مؤكدة لـ »الشروق » إن القاتل قام بفعلته دون أن ينتبه له أحد بسبب طبيعة جدران مكتبه الكاتمة للصوت، حيث وبعد إصراره على لقاء تونسي لأمر مستعجل، استقبله الضحية قبل لحظات من انعقاد الاجتماع مع مديرين مركزيين، هناك طلب الجاني من علي تونسي توضيحات حول من سرب للصحافة نتائج التحقيق حول صفقات مشبوهة تورط فيها الجاني، فرد عليه – حسب نفس المصادر – علي تونسي بأنه إذا كان يملك ما يثبت براءته فليقدمه أو ينتظر ما تحكم به العدالة، ليقوم اثرها ولتاش شعيب بتصويب مسدسه إلى رأس علي تونسي ويطلق عيارين، يسقط بعدها الضحية غارقا في دمائه. واضافت المصادر التي أوردت هذه الرواية ان الجاني خرج يرتعد من شدة الغضب وطلب من السكرتير والمسدس بيده استدعاء مدير الشرطة القضائية ومدير الإدارة العامة والمفتش العام، وكانت تبدو نيته في ارتكاب نفس الجريمة معهم، لكن في تلك الأثناء وصل مسؤول أمن العاصمة عبد ربو، ويدخل في عراك بعد ارتمائه على الجاني انتهى بإصابة قاتل علي تونسي برصاصتين، واحدة في الرجل اليسرى واخرى على مستوى الكتف اخترقت الصدر، فيما كانت جروح مسؤول أمن العاصمة جروحا خفيفة على مستوى الجبهة. وفسر مصدرنا هذا السلوك من قبل الجاني بأنه كان ينوي ارتكاب مجزرة في حق كل من اعتقد أنهم كانوا وراء قضيته بعد انتهائه من المدير العام، غير أن الظهور المفاجئ لرئيس أمن العاصمة أجهض المخطط، حيث أن هذا الأخير تنبه لحالة الهستيريا التي كانت ظاهرة على القاتل. مدير أمن العاصمة جنب « مجزرة » في صفوف الإطارات لكن الرواية الأقرب إلى الواقع، والتي لا تختلف مع الرواية الأولى كثيرا  باستثناء بعض التفاصيل التي تفك اللغز وهي رواية أجمع عليها ثلاثة مسؤولين كبار بالمديرية العامة للأمن الوطني، سردوا للشروق تفاصيل العملية، هي أن الجاني طلب لقاء المدير العام ثلاث مرات من السكرتير، وأن هذا الأخير كان في كل مرة يتحجج بضيق الوقت، لأن الإطارات حضرت للاجتماع الذي كان مقررا، والذي خصص لعزل الجاني من منصبه كرئيس للجنة الصفقات بالمديرية العامة للأمن الوطني، ترك المدير العام يتخبط في دمائه وتوجه إلى السكرتير طالبا منه استدعاء الإطارات الثلاثة، حيث كان ينوي ارتكاب مجزرة في صفوفهم، في هذه الأثناء ارتمى عليه رئيس أمن العاصمة، حيث تلقى ضربة من عقب السلاح على رأسه ـ كانت بادية بوضوح لما حضر إلى جنازة الفقيد ـ ودخل الرجلان في عراك انتهى بإصابة الجاني برصاصتين واحدة في الكتف والأخرى في الرّجل، وتقول الرواية التي بحوزتنا أن أحد الحراس الشخصيين للمدير العام هو الذي أطلق الرصاصتين في جسد الجاني. هذه الرواية تدعمها رواية أخرى مصدرها عاملون بالمديرية العامة للأمن الوطني كانوا بمحيط قسم الإنعاش بمستشفى « مايو »، حيث يخضع القاتل للعناية المركزة، تقول إن الجاني لم يحاول الانتحار، لكنه تلقى طلقات نارية من أحد الحراس الخاصين للمدير العام للأمن الوطني الفقيد علي تونسي مباشرة بعد تنفيذ الجريمة، حيث تدخل ضابط من الحرس الخاص للمرحوم بعد سماعه صوت إطلاق الرصاص موجها مسدسه تجاه الجاني، وحدث تبادل لإطلاق النار أصيب خلاله الجاني برصاصتين واحدة في الصدر وأخرى في رجله اليسرى، بالمقابل تعرض الحارس الخاص للإصابة نقل على إثرها للمستشفى على غرار الجاني. ومن هنا يمكن التوفيق بين كل تلك الروايات التي بدت متناقضة، لكنها تلتقي في العديد من التفاصيل، فإطارات الشرطة كانوا بصدد عقد اجتماع، لكنه لم يعقد بسبب الحادثة، كما أن الجاني أصيب أثناء العراك، مما جعل البعض يعتقد أنه حاول الانتحار، بينما في الواقع أصيب بطلقات من أحد الحراس. تحقيقات في قضية فساد تنتهي بالقتل هي سابقة في تاريخ الأمن الوطني، حيث انتهت تحقيقات في قضية فساد شبيهة بكل القضايا المثارة في باقي القطاعات على غرار سوناطراك والأشغال العمومية والفلاحة وقطاعات أخرى، حيث تشير المصادر إلى أن التحقيقات التي أمر بها المدير العام للأمن الوطني أفضت إلى نتائج تدين الجاني بشكل واضح، وأن هذه التحقيقات أثبتت ضلوعه في صفقات مشبوهة حول اقتناء قطع غيار الطائرات العمودية وعتاد الصيانة واقتناء أجهزة إعلام آلي بأسعار خيالية لا تتناسب مع أسعارها الحقيقية. ويعتبر الجاني المسؤول الأول عن هذه الصفقات باعتباره رئيسا للجنة الصفقات التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، وهو ما دفعه لاستباق اجتماع كان مخصصا لعزله من منصبه، وحدث ما حدث… وبين الروايتين فإن تحقيقا قضائيا وأمنيا سيكشف التفاصيل قريبا وهي أولى مهام المدير العام بالنيابة الحالي الذي كان لكفاءته في هذا النوع من التحقيقات عاملا عزز تمكينه من المنصب مؤقتا.. والى حين الاستفاقة الكلية للجاني الذي نجا من الموت بعد خضوعه لعملية جراحية ناجحة ستكشف ألغازا هي محل استفهام الجميع في الوقت الحالي . (المصدر: « الشروق أونلاين » (يومية – الجزائر) بتاريخ 26 فيفري 2010)  


معضلات التغيير في مصر


خليل العناني (*) لا تخلو السياسة في مصر من الإثارة، حتى وإن بدت أحداثها وتفاعلاتها مكررة ونهاياتها معروفة سلفاً. فحديث الجميع عن التغيير بات طقساً ثابتاً تلوكه الألسنة في المنتديات العامة والخاصة، ويبدو البلد كما لو كان بانتظار المخلّص الذي ما أن يظهر سوف يملأ الدنيا عدلاً، أو هكذا يعتقد كثيرون. وهي حال تكرّست طيلة السنوات الخمس الماضية بفعل الشيخوخة التي أصابت النظام القائم وتآكل قدرته على تجديد شرعيته، مقابل ظهور لاعبين جدد يحاولون مناكفة النظام بعيداً من قواعد اللعبة المعروفة، ومستفيدين من تعاظم حال احتقانٍ اقتصادي واجتماعي باتت همّاً مشتركاً لكثير من المصريين. بيد أن معضلة المطالبين بالتغيير والمتحمسين له، أنهم أنفسهم باتوا مادة للتغيير وليسوا أداة لإنجازه. فمن المفارقات، وهي هنا كثيرة، أن المعارضة المصرية، جديدها وقديمها، باتت في حاجة إلى تغيير جذري في مفاهيمها ومشاريعها التي تطرحها للتغيير. ولا يبدو كافياً، في بلد بتعقيدات مصر، أن يصبح تغيير رأس النظام هو الهدف الوحيد من أجل إنجاز تحول ديموقراطي ناجع. فقد شهدت بلدان عربية أخرى مثل الجزائر ولبنان وتونس والأردن وسورية والمغرب على مدار العقد الماضي تغييرات في قمة الهرم السياسي من دون أن يؤدي ذلك إلى تغيّر ملموس باتجاه الديموقراطية الحقيقية. تشترك معها في ذلك تجارب دولية أخرى، كما هي الحال في روسيا والصين وفنزويلا وبوليفيا وكولومبيا وأوكرانيا، التي غيرت رؤساءها من دون أن تتغير أوضاع شعوبها نحو الأفضل اقتصادياً واجتماعياً. بل إن مصر ذاتها شهدت ثلاثة رؤساء خلال نصف قرن خلا، بيد أنها لم تشهد أية تغييرات جوهرية في بنيتها السياسية وهيكل نظام الحكم. صحيح أن النظام الحالي لعب دوراً مؤثراً في تعطيل عملية تحول ديموقراطي كان يمكن لها أن تنجح لو صاحبتها إرادة سياسية واعية، بيد أن الضعف والهشاشة اللذين أصابا البنية التحتية للمجتمع، وعياً وفكراً، يجعلان من الصعب التعويل على شخص واحد لإنجاز التغيير المنشود. حالة «العطش» السياسي التي تعيشها مصر لن يرويها شخص واحد، ولو بوزن الدكتور القدير محمد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي ما أن لمح، على استحياء، الى احتمالات خوضه الانتخابات الرئاسية في مصر، حتى سارعت المعارضة لتنصيبه مرشحاً فعلياً. ويبدو أن الرجل تورّط في الأمر، ولم يعد قادراً على العدول أو التراجع عنه، ما دفعه لوضع شروط للترشح يعلم كثيرون أنها شبه مستحيلة. ولا يخلو الاستقبال الذي لاقاه البرادعي عند عودته للبلاد من كوميديا حزينة، فقد شبه البعض عودته بعودة الزعيم الراحل سعد زغلول من منفاه عام 1923، كما طالبه البعض بالنأي عن الارتباط بالمعارضة الحزبية، وأن يبحث لنفسه عن «طريق ثالث» يضمن به تحقيق التغيير المأمول. منهج التغيير في مصر، كما في غيرها من النظم السلطوية، لا يتم من خلال البحث عن مرشح رئاسي، مهما كانت مؤهلاته الأكاديمية والدولية، بمقدار ما يتم من خلال حركة شعبية واسعة تمتلك القدرة على تحدي النظام القائم، وتكون مستعدة لدفع الثمن من حريتها وحياتها. وهو ما يسميه علماء السياسة بـ «الكتلة التاريخية» التي يمكنها دفع النظام نحو الاستسلام لإرادة الجماهير، وإجباره على القيام بتنازلات حقيقية لتغيير بنية الحكم وآليات نقل السلطة. ولا يمكن لأحد المجادلة بوجود هذه الكتلة السياسية في مصر حالياً، وذلك مهما جرى الحديث عن أشواق التغيير والولع بإمكانية تحقيقه. صحيح أن مصر تمر بإحدى اللحظات الفارقة في تاريخها المعاصر، حيث أنها المرة الأولى التي يصل فيها النظام إلى هذه الحال من ضعف الأداء والترهل الإداري، ما انعكس سلباً على المستوى المعيشي والحياتي للمواطنين، بيد أن إدراك جموع المصريين لقدرتهم على تغيير هذا النظام، واستعدادهم لدفع الثمن لا يزال محل ريبة، وإلا لفعلوها خلال العقود الثلاثة الماضية. وإذا كانت الأعوام الأخيرة قد شهدت هبّات وانتفاضات شعبية مقلقة، إلا أنها لم تخرج عن إطارها الفئوي والمهني، ولم ترفع مطالب سياسية تستهدف تحقيق تغيير نوعي في هيكل النظام السياسي أو مصادر شرعيته، وهو ما كان سبباً رئيساً في سهولة احتوائها وتكميم أفواه اصحابها. كما أن النزوع الطاغي للمعارضة الجديدة (حركات الاحتجاج الشعبي ومجموعات الشباب الساخط) باتجاه استبدال النظام الحالي فقط لمجرد التغيير، يبدو مؤشراً إلى مراهقة سياسية لن تنجز تغييراً ولن تحقق مأرباً. وهي حال أشبه بما حدث في الولايات المتحدة قبل عام ونيف حين كان التخلص من جورج دبليو بوش أحد الأسباب القوية في اختيار باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة. فلا البرادعي هو أوباما، ولا مصر هي الولايات المتحدة، ناهيك عن انعدام قدرة المؤسسات السياسية والسيادية على تبديل ولائها من راعيها الأول إلى شخص جديد لم تختبر دوافعه ولا تعرف قدرته على احتواء مصالحها وامتيازاتها. ربما تكون إحدى حسنات عودة البرادعي الى مصر وتلميحه للترشح للرئاسة، هي تعقيد وإرباك مخطط التوريث الذي كان يتم الإعداد له على قدم وساق خلال الشهور القليلة الماضية، من خلال تحركات بعض رجال البيزنس والمال. وهو ما لمح إليه مؤخراً بعض المتنفذين في تصريحات صحافية (جريدة «الشروق» المصرية 20 شباط / فبراير) بالقول بأن مبارك الأب قد حسم أمره بالترشح لفترة رئاسية سادسة بعدما دخل البرادعي مربع اللعب. وإذا كانت المعارضة الجديدة جادة في المضي قدماً باتجاه إنجاز تغيير حقيقي في مصر، فعليها أن تدرك أن هناك خمس معضلات يجب التعاطي معها بجدية حتى لا تفقد الحركة زخمها وحتى لا يُصاب المصريون بالخيبة وفقدان الأمل في التغيير، حتى لو كان محمد البرادعي هو مرشحها الرئاسي: أولها البحث في إمكانية تفكيك العلاقة الوثيقة بين مؤسسات الحكم السيادية والمنصب الرئاسي. فلسوء الحظ، يظل المصدر الفعلي للشرعية في مصر منذ ثورة يوليو 1952 وحتى الآن هو المؤسسات السيادية التي احتفظت، ولا تزال، بكلمة السر في عملية نقل السلطة في مصر. ولم تكن الإرادة الشعبية سوى ديكور مكمل لهذه العملية. صحيح أن ثمة غموضاً يحيط بموقف هذه المؤسسات من عملية نقل السلطة مستقبلاً، بيد أنها قطعاً لن تقبل برئيس يأتي من خارجها، إلا إذا أصرّ الشعب (بالأحرى الكتلة التاريخية) على تحقيق ذلك. المعضلة الثانية هي البحث في إمكانية إحداث شرخ أو انقسام داخل النخبة الحاكمة وحزبها المهيمن، وذلك من أجل تحقيق اختراق حقيقي في تحالفات الثروة والسلطة، وتفكيك العلاقة النفعية بين البورجوازية وطبقة رجال الحكم. وهو أمر قد لا يبدو مستحيلاً فى ظل حال السخط المتزايدة تجاه الحزب وسياساته. بيد أن المعضلة تكمن فى غياب الأطر الموازية للحزب الحاكم، وانعدام قدرة المجتمع المدني على توفير بديل يمكنه من اجتذاب عناصر البورجوازية الجديدة باتجاه مشروع منافس للتغيير. وهو ما حدث في تجارب أخرى نجحت في إنجاز التحول الديموقراطي من خلال مؤسسات المجتمع المدني كما كانت الحال في رومانيا وبولندا في أوائل التسعينات من القرن الماضي. الثالثة هي معضلة تكوين ائتلاف سياسي مسؤول لديه رؤية براغماتية للتغيير واستراتيجية واضحة للتحرك في مواجهة السلطة من خلال اللجوء إلى كل الوسائل السلمية للاحتجاج والمعارضة، وأن يكون قادراً على الثبات أمام قمع السلطة ومستعداً لدفع ثمن ذلك. وهو أمر لا يزال محل جدل وشك كبيرين على رغم ما قد يبدو ظاهرياً من حماسة بعض الشخصيات العامة والمهتمين بالشأن السياسي لفكرة التغيير. فمنذ الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2005 نشأ أكثر من تحالف وائتلاف سياسي بيد أنها جميعاً انتهت إلى لا شيء بسبب تشرذمها واختلافاتها البينية. وائتلاف كهذا لا بد أن يجيب على تساؤلين أساسيين: هل ثمة مجال للالتقاء والائتلاف بين الإسلاميين والعلمانيين والليبراليين والناصريين إضافة إلى دمج الجيل الجديد من النشطاء والسياسيين فى مركّب سياسي واحد؟ وهل الهدف هو تغيير الرئيس أم تغيير الشعب كي يصبح هو المصدر الأصيل للشرعية؟ المعضلة الرابعة تتمثل في القدرة على تحريك الكتلة الصامتة من المصريين ودفعها نحو تجاوز إرثها الثقيل من السلبية السياسية واللامبالاة. وهي مهمة عسيرة في مجتمع اعتاد أن يستمع ويثق بمؤسسات السلطة ومن يدور في فلكها، أكثر من سماعه وثقته بالمعارضة. صحيح أن هناك ارتفاعاً في معدلات السخط العام والرفض لسياسات النظام القائم، بيد أن الخوف من المجهول وغياب التواصل بين المعارضة والجماهير يظل عائقاً مهماً على طريق التغيير. خامسها، معضلة الإجابة عن السؤال المحوري: وماذا بعد؟ وذلك بافتراض إيجاد حلول للمعضلات الأربع السابقة. فالهدف من التغيير فى مصر لا يجب أن يكون لمجرد تغيير الأشخاص والأسماء فحسب، وإنما لبناء نموذج ديموقراطي كفوء يمكنه تحقيق التوازن بين السلطات، ويكون قادراً على توفير ضمانات بعدم العودة الى الوراء. وهو ما يغيب عن كثير من حوارات المعارضة التي تبدو مشغولة بالمقعد الرئاسي أكثر من انشغالها بقضية التحول الديموقراطي في مصر. ومن دون النظر في هذه المعضلات ستظل محاولات التغيير في مصر أشبه بمخاض كاذب سرعان ما سينتهي بتكريس الوضع القائم، وضياع فرصة نادرة للتغيير ربما لا تتكرر. (*) أكاديمي مصري – جامعة دورهام، بريطانيا. (المصدر: « الحياة » (يومية – لندن) بتاريخ 24 فيفري 2010)  

Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.