TUNISNEWS
7 ème année, N° 2469 du 24.02.2007
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بـــلاغ الحزب الديمقراطي التقدّمي التكتّل الديمقراطي من أجل العمل والحرّيات:بيـــــــان الحوار.نت:الدورة السّادسة لمساندة المساجين السيّاسيّين في تونس رويترز: صحيفة: الجزائر تفكك شبكة لإمداد فرع للقاعدة بالسلاح مراسل « الوسط التونسية » من أوروبا الشرقية: في تغطية لمأساة عائلة تونسية سي أن أن :نحو « وحدة » اقتصادية بين ليبيا وتونس أم.بي.سي: انتخابات الاتحاد التونسي في الأول من إبريل مرسل الكسيبي: العلامة المنصف بن سالم وصمة عار على جبين دولة « الاستقلال » محمد العروسي الهاني:الرجل المناسب في المكان المناسب د. خـالد الطــراولي: قراءة في شرعية الاستثمار في البورصة عبدالباقي خليفة: قراءة في كتاب: « المستقبل الثقافي للمغرب الإسلامي » للدكتور عبدالمجيد النجار الصباح: كتاب جديد لدار الجنوب للنشر: «علــى خطــى ابــن خلــدون» محمد بوشيحة :في قوة المعارضة قوة لدولة وضمانة لقيم الجمهورية الوحدة: التلفزة ومقص الأخلاق الحميدة !! الجريدة:آخر لحظة: فضيحة هزت مدينة سوسة الجريدة: أعطوهم فرصة الجريدة: ندوة حول انتشار العنف في المغرب العربي الشعب: الحلّ في الاقرار بإستقلالية الرابطة! الشعب:وزارة التربية والتكوين:«اشرب ولا طيّر قرنك»!! الشعب: على وقع الحدث :ضرورة توسيع التفكير الصباح: العزوف عن المطالعة:لماذا لم تعد للتلاميذ رغبة في المطالعة؟ الشروق: متحف لـ «بورقيبة» في القرية الفرعونية بمصر القدس العربي:تراشق اعلامي متبادل يكشف عن عمق الخلافات الجزائرية المغربية القدس العربي:محللون يتوقعون تقدم الإسلاميين بالانتخابات النيابية المقررة الخريف المقبل بالمغرب يحيي اليحياوي: السفير الأمريكي بالمغرب… حاكما مدنيا؟ القدس العربي: مقرر الامم المتحدة الخاص يشبه الاحتلال بنظام الفصل العنصري:تقرير أممي يدعو لوضع الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية أمام محكمة العدل الجزيرة.نت: ا لاعتقال الإداري للفلسطينيين انتهاك إسرائيلي لقوانين العالم إبراهيم عبد المجيد: شجرة البؤس.. إسلام أون لاين: ماذا دار في لقاء مشعل و20 مفكرا مصريا؟ الحياة: نوال السعداوي فرّت من مصر بعد شعورها بأنها مهدّدة
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
الحزب الديمقراطي التقدّمي التكتّل الديمقراطي من أجل العمل والحرّيات تونس، في 23 فيفري2007 بيـــــــان
عمدت قوّات الأمن إلى محاصرة مكثّفة للمقرّ المركزي للحزب الديمقراطي التقدّمي حيث كان من المقرّر أن ينعقد اجتماع عام دعا إليه الحزب بالاشتراك مع التكتّل الديمقراطي من أجل العمل والحرّيات حول موضوع « العفو التشريعي العام واطلاق سراح المساجين السياسيّين ». ومنعت هذه القوّات العديد من رموز الحركة السياسيّة والمدنيّة حضوره، من بينهم السادة حمّة الهمّامي وعلي العريّض ولطفي حجّي ومحمّد النوري وهم وجوه بارزة في هيأة 18 أكتوبر للحقوق والحريات وعدد آخر من المواطنين.
و يعبّر الحزبان عن شديد احتجاجهما على التدخّل السافر في نشاطهما القانوني ومنع شخصيّات وطنيّة من ممارسة حقّها في النشاط السياسي السلمي، يعتبران أن هذا الإجراء يمثّل استمرارًا في نهج الانغلاق الذي دأبت عليه السلطة في وقت أثبتت فيه الأحداث العنيفة لشهري ديسمبر وجانفي الفارطين ضرورة الإصلاح، وفتح فضاءات العمل أمام الهيئات المدنيّة والسياسيّة.
إن الحزبين إذ يرفضان عقد هذا الاجتماع تحت ضغط المحاصرة الأمنيّة المكثّفة فإنّهما يقرّران تأجيله إلى موعد قريب تتوفّر فيه شروط حرّية الاجتماع، ويؤكّدان أن هذا المنع لن يثني المعارضة الوطنيّة الديمقراطيّة عن التمسّك بمطلب إطلاق المساجين السياسيّين العفو التشريعي العام . عن الحزب الديمقراطي التقدّمي عن التكتّل الديمقراطي من أجل العمل والحرّيات
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين
33 نهج المختار عطية 1001 تونس
هاتف/ فاكس : 71.354.984
تونس في 23/02/2007
بـــــــــــلاغ
· منعت قوات البوليس السياسي الندوة المقرر انعقادها اليوم الجمعة 23 فيفري 2007 بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي و التي دعت لها هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات بمشاركة الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين تحت شعار : » يوم السجين السياسي في تونس: من أجل سن عفو تشريعي عام » إذ عمدت أعداد كبيرة من البوليس السياسي إلى محاصرة مقر الحزب مانعة بعض رموز حركة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات من الدخول إلى المقر في حين حضر عدد كبير من المدعوين من بينهم عائلات المساجين السياسيين الذين أتوا بكثافة متحدين كل المضايقات.
و كان من المقرر أن يلقي الأستاذ محمد النوري كلمة يتحدث فيها عن معاناة المساجين السياسيين و عائلاتهم و كذلك ما يلقاه المسرحون من المساجين السياسيين من مضايقات و استفزازات إلا أن البوليس السياسي منعه من الدخول إلى المقر.
· دخل السيدان محمد نجيب اللواتي و العجمي الوريمي في إضراب مفتوح عن الطعام منذ ثلاثة أيام للاحتجاج على سوء المعاملة التي يتعرضان لها إذ عمدت إدارة السجن إلى غلق المنفذ الوحيد للتهوية في الغرفة التي يقيمان بها فذاقا ذرعا من الاختناق فقررا الدخول في إضراب عن الطعام حتى ترفع عنهم هذه المضايقات و كذلك للمطالبة بإطلاق سراحهما.
علما بأن السيدين محمد نجيب اللواتي و عجمي الوريمي معتقلان بسجن صفاقس لقضاء عقوبة بالسجن مدى الحياة و قد قضيا لحد الآن ما يزيد عن 16 سنة بمختلف السجون التونسية.
· تعرض سجين الرأي السيد حسام ريحان إلى اعتداء بسجن المرناقية من قبل بعض الأعوان لا لشيء إلا لأنه أراد الاغتسال و أداء الصلاة فوقع الاعتداء عليه و معاقبته بالسجن المضيق.
عن الهيئة المدير للجمعية
الأستاذ محمد النوري
الدورة السّادسة لمساندة المساجين السيّاسيّين في تونس
خاص بالحوار نت – من نور الدين خميري – فرنسا –
بدعوة من الجمعيات التّونسيّة والمغاربيّة بباريس وبالتّعاون مع جمعيّات حقوقيّة في تونس وبمساندة منظّمات حقوقيّة وأحزاب وشخصيّات عربية ودولية ، احتضنت العاصمة الفرنسيّة باريس يوم أمس الجمعة 2007.02.23 الدّورة السّادسة لليوم الدّولي لمساندة المساجين السيّاسيّين في تونس تحت شعار » من أجل إطلاق سراح المساجين السيّاسيّين وسنّ قانون العفو التّشريعي العام لفائدة ضحايا القمع قي تونس ».
تضمّنت الدّورة مداخلات جمعيّات حقوقيّة فرنسيّة ودّوليّة وحضور العديد من الشّخصيّات الحقوقيّة والسيّاسيّة والبرلمانيّة التي تداولت على المنصة معبّرة عن تضامنها مع المساجين السيّاسيّين التّونسيّين وعائلاتهم ومعربة قي الوقت نقسه دعمها اللامشروط لقضاياهم واستعدادها لمواصلة النّضال الحقوقي والإعلامي لأجل إطلاق سراحهم وسنّ قانون العفو التّشريعي العام .
كما تميّز اليوم بحضور جماهيري بدأت على وجوه العديد منهم علامات التّـأثّر والصّدمة ، حتّى أنّه استمع لأصوات البكاء عند بثّ شّريط مؤثر أعدّته جمعيّة الدّفاع عن المساجين السيّاسيّين بتونس والذي تضمّن مشاهد مؤلمة منها بالأخصّ صورة الشّهيد الهاشمي المكّي وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة نتيجة التّعذيب الوحشي وحالات الإهمال التي تعرّض لها داخل السّجون التّونسيّة ، ومقتطفات من شهادات واقعيّة لمعاناة عائلات المساجين الذين يقاسمون آلام السّجناء نتيجة تفشّي الأمراض وسوء المعاملة التي أصابت نزلاء سجناء الحريّة ، وتواصلت التّدخّلات حول وضعيات المساجين ضمن شهادات حيّة لأهالي المعتقلين اشتملت على عرض دقيق للأوضاع الصحيّة والنّفسيّة لذويهم لتتوج بنداء لكلّ المنظّمات الحقوقيّة والإنسانيّة للعمل على وضع حدّ لهذه المظالم. ومن ضمنهم كلّ من السيّدة ساميّة عبّو زوجة سجين الرّأي الأستاذ محمّد عبّو و السيّد عبد الجليل بوحجيلة والد السّجين عبد اللطيف بوحجيلة التي كان لكلمته وقعا كبيرا في نفوس الحاضرين وكذلك السيّدة عبير الغالي أخت السّجين السيّاسي الهادي الغالي والسيّدة عفيفة مخلوف أخت السّجين السيّاسي بوراوي مخلوف وممّا يلفت الانتباه في مداخلتهم تأكيدهم على حجم المعاناة المشتركة ممّا دفع العديد منهم لخوض إضرابات جوع تجاوزت الشهر.
انتهت التظاهرة في ساعة متأخّرة من الليل بعد تأكيد الجميع على مواصلة النّضال حتّى تحقيق مبدأ العفو الـتّشريعي العام وإطلاق سراح كافة المساجين السيّاسيّين .
(المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 24 فيفري 2007)
صحيفة: الجزائر تفكك شبكة لإمداد فرع للقاعدة بالسلاح
الجزائر (رويترز) – قالت صحيفة جزائرية يوم السبت إن الجزائر فككت شبكة يشتبه بأنها كانت تمد بالاسلحة فرعا لتنظيم القاعدة في شمال افريقيا.
ونقلت صحيفة ليبرتيه عن مصادر لم تحددها قولها ان الشبكة كانت تضم مواطنين فرنسيين وتونسيين وجزائريين ويعتقد انها كانت تمد بالسلاح تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي.
واحتجز مواطن فرنسي وتونسيان و24 جزائريا في بلدة قسنطينة الشرقية بعدما القت الشرطة القبض عليهم عقب عملية تفتيش هناك.
وأضافت الصحيفة ان الشرطة داهمت مخبأ في قسنطينة على مسافة 430 كيلومترا من الجزائر العاصمة يوم 11 فبراير شباط وصادرت 165 بندقية و995 خزنة سلاح و30300 يورو.
وافادت ان الشبهات تدور حول كون تونسي في الثلاثين من العمر ممول الشبكة وان مواطنا فرنسيا يدعى الان روجيه رافائيل هرب الاسلحة في سيارة من ميناء سكيكدة الشرقي.
وتعتقد الشرطة ان فرنسيا اخر ما يزال هاربا الى جانب 13 عضوا اخرين في الشبكة هو الذي قام بتوريد الاسلحة. ولم يصدر تأكيد فوري للرواية من السلطات.
وقالت الصحيفة ان المشتري الرئيسي للاسلحة هو الجماعة السلفية للدعوة والقتال والتي زعمت المسئولة عن سبعة هجمات بالقنابل يوم 13 فبراير شباط في ولايتين الى الشرق من العاصمة.
وقتل ستة اشخاص في الهجمات التي وقت بعد اسابيع من انفجار قنبلة في حافلة تقل عمال نفط اجانب قرب الجزائر العاصمة مما اسفر عن مقتل اثنين واصابة ثمانية.
وذكرت الجماعة بموقع على الانترنت يستخدمه الاسلاميون انها غيرت اسمها حديثا الى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي بعدما وافق اسامة بن لادن زعيم القاعدة على الاسم الجديد.
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 24 فيفري 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
مراسل « الوسط التونسية » من أوروبا الشرقية:
في تغطية لمأساة عائلة تونسية
الوسط التونسية/أوروبا الشرقية – زينيتسا – تحقيقات أنور مالك
تعرف هذه الفترة حملة واسعة النطاق تشنها الحكومة البوسنية على المتحدرين من بلدان عربية ، فمنذ رحيل الرئيس علي عزت بيغوفيتش ما عاد ثمة شيء يقلق النظام البوسني الجديد الطامح للانضمام للاتحاد الاوروبي مثل وجود هؤلاء الاشخاص فوق ترابه، برغم أن أغلب المقيمين العرب قد تزوجوا من بوسنيات وتفرغوا لأسرهم.
بدأت الحملة المذكورة منذ أغسطس 2001، حيث تم اعتقال مصريين وتم ترحيلهم الى مصر… ولكن بعد احداث 11 من سبتمبر تطورت الامور وعرفت البلاد اعتقال مجموعة جزائرية متكونة من 6 افراد، تم ترحيلهم خارج البلاد رغم تبرئة القضاء البوسني لهم،… لم يقتصر الأمر على الاعتقال بل عرف مراجعة الجنسيات لكل العرب الذين دخلوا ابان الحرب، وان كانت قد حدثت هذه المراجعة من قبل، الا انها أصبحت أكثر صرامة، واتجهت نحو سحب الجنسيات من كل من تواجد بالبلاد أثناء فترة الحرب حتى ولو كان من العاملين بالمنظمات الاغاثية، وتم تكوين لجنة لذلك من طرف الحكومة البوسنية ، لتتشكل من 8 أعضاء ينحدرون من اثنيات مختلفة، 02 من كروات البوسنة، و02 من مسلمي البوسنة، و02 من صرب البوسنة، و02 تابعين لبلد أجنبي…
وفي هذا الاطار تم تعديل قانون الجنسيات، ومن أهم البنود التي شملها التعديل، ما يتعلق بقانون الجنسيات واللجوء والهجرة، حيث أن كل انسان غير مرغوب فيه يطبق عليه ما يسمى بـ « الخطر على أمن البلاد »، وقد صرح رئيس اللجنة فويسلاف فوكوفيتش في جريدة (الصان) بتاريخ 05/09/2006 قائلا: « علينا ضغوط من الاتحاد الاوروبي والناتو بأن هؤلاء الاشخاص نقول لهم مع السلامة والى اللقاء »، وقد تشددت السلطات البوسنية في قضية اللجوء، حيث أنها لم تمنح هذا الحق لأي شخص مابين عامي 2005 و 2006 حسب تقرير هلسنشكي كوميتيت وهي منظمة بوسنية تعنى بحقوق الانسان، ومن بين ضحايا هذا الضغط أن التونسي بدرالدين الفرشيشي « متزوج من بوسنية وله 04 اطفال » تقدم بطلب اللجوء فرفض وتم ترحيله الى تونس في 29/08/2006 وهو معتقل بحسب مصادر حقوقية في السجن الجديد بالمرناقية، في انتظار المحكمة العسكرية للبت في قضيته التي تدخل في اطار جناية المشاركة في حرب خارج التراب التونسي، حسب قانون الارهاب المصادق عليه من طرف البرلمان سنة 2005، وقد طبق على توفيق السالمي « متزوج من بوسنية وله 3 أطفال » حيث تم ترحيله سنة 2003، وحكم عليه بـ 6 سنوات سجن نافذ و5 سنوات مراقبة ادارية من طرف المحكمة العسكرية .
بداية المأساة
ومن بين الاشخاص الذين يدخلون في هذا الاطار، التونسي منير سليني، والذي عرفت قضيته جدلا اعلاميا في البوسنة وخارجها، وخاصة لما قبض عليه وبثت كل وسائل الاعلام المحلية والدولية حينها الخبر، غير أن السلطات القضائية أفرجت عنه لساعات معدودة من دون متابعة تذكر.
مراسل الوسط التونسية في شرقي أوربا تنقل الى مدينة زينيتسا والتي تبعد بحوالي 60 كم عن العاصمة سراييفو، حيث منزل عائلة سليني منير، والتي غادرها الزوج اثر الحملة التي تحدثنا عنها سابقا… العائلة متمثلة في الزوجة و05 ابناء، يقطنون بيتا متواضعا، في أقصى المدينة، وقد استقبلت مراسلنا زوجته بحفاوة بالرغم من الظروف البادية للعيان، فضلا عن الابناء الذين ظهرت عليهم قساوة الفراق ولوعة الوحشة للاب الذي طوته الغربة بأجنحتها…
وقد فهم الأبناء ان الصحفي الزائر جاء ليحمل اليهم بعض الهدايا من أبيهم ,فانطلقوا في مسائلته عنه بلهجة بوسنية لم يفهمها ولكن المعنى بدى واضحا من عيونهم التي اغرورقت بالدموع…
في واقع الأمر انها لحظة شقت على قلبي وأحسست بألم غير مسبوق، فالوضع الأسري من أول نظرة يوحي بمعاناة ومأساة لا يمكن للحديث العابر أن يختصرها… الزوجة صممت أن تتحدث الينا بصراحة، وان تجيب عن أسئلتنا بدون أدنى تردد، وخاصة منذ غادر الزوج التراب البوسني… وبصوت امرأة هادئة وحزينة حدثتنا قائلة:
« كنا في استقرار والحمد لله، وكان زوجي يقيم بصفة شرعية، فانتهت إقامته في سنة 2000 بانتهاء الجواز فلم يستطع تجديده، فاتصل بالسفارة التونسية ببلغراد لتجديد جوازه فرفضت رفضا قاطعا… ».
أيام في تونس
تسترسل وقد بدت من صوتها الاحزان تتدفق مما يوحي أن الام في وضع لا تحسد عليه:
« … أرسلني الى تونس عند أهله ليجس نبض الموقف الذي سيتخذ حياله، كان ذلك عام 2003، فذهبت برفقة أولادنا فعاملتني السلطات بالمطار معاملة سيئة وفضة وغليظة بسبب أنني زوجة سليني منير، وخلال الفترة التي مكثتها هناك، شدد البوليس مراقبتي ومراقبة محل اقامتي، يحصون حتى أنفاسي وأنفاس أهله، وتم استدعائي عدة مرات الى مركز الشرطة وتعرضت للاستنطاق وكانت كل الاسئلة تتعلق بزوجي وأرادوا معرفة أسباب عدم نزوله الى تونس، ولماذا أرسلنا لوحدنا وعن أنشطته السياسية… ».
ثم تزيد:
« … وبلغت حينها بأنه محكوم عليه بـ 4 سنوات سجن نافذ، بسبب مشاركته في أنشطة سياسية أثناء اقامته خارج البلاد، وأن زوجي كان يريد فضح الحكومة التونسية لدى الرأي العام بما تقترفه من انتهاكات لحقوق الانسان… ».
« أحسست أنني غير مرغوب في ,وسوف أسبب متاعبا لاهله، وأنني سوف أتعرض لضغوطات مختلفة وصرت خائفة على أولادي، فحملت حقائبي وعدت الى البوسنة، فلما بلغته بما جرى عرف أنه لا يمكن تجديد الجواز ومن ثمة تجديد اقامته، فسعى في جمع الوثائق وقدم طلبا للجوء في أواخر 2005، واصبح مقيما بصفة قانونية يتم تجديدها بصفة دورية كل 3 أشهر… ».
وكانت تتحدث وفي هذه اللحظات راحت المولودة الجديدة تبكي، مما اضطرها أن تقطع الحديث وتعتذر لدقائق، وهرعت نحو صغيرتها، وبعد أن قدمت لها بعض الحليب، عادت لتقول:
« … نعم لقد جددوا له الاقامة مرتين، وقبل نهاية المدة الثانية حصل على استدعاء للتحقيق معه من جديد في موضوع اللجوء وذلك بتاريخ 12/06/2006… وفي يوم 24/05/2006 تمت مهاجمة بيتنا من طرف القوات الخاصة بدعوى ان المحكمة تشتبه بأن زوجي ممول للارهاب، وهذا الذي لا يمكن أن يكون أبدا، لأن زوجي يشتغل في الزراعة، وهو يكد ويسعى طول اليوم لجلب القوت لنا، من خلال تربية الدواجن والنحل… ».
وبصوت امرأة تعرف جيدا أبعاد ما تقول، بل أن نبرة قد توزعت في صوتها، تتماوج بين اليقين والثورة على ما آلت اليها ظروفها:
« … أنا أفند ذلك كله بحجة أنني أعرف زوجي وأعرف ظروفنا جيدا، وخاصة في ذلك اليوم لما دخل البوليس كنت قبلها في خصام معه، لأننا لا نملك وجبة الغداء، وقد شاهد أعوان الشرطة أن الثلاجة خالية من الأكل واللحم والمشروبات، حتى حليب الصبيان غير موجود، وقد تحدثت لهم عما نحن عليه من معاناة وزوجي معنا، فكيف يكون الحال لما يعتقل أو يرحل، وقد رق لحالي أحد أفراد الشرطة وأعطاني 50 مارك أي ما يعادل 25 اورو كإعانة، وهو يردد عبارات الأسف والاعتذار لأنه يؤدي أوامر عليا… فتم توقيفه حوالي الساعة 11 صباحا بعد تفتيش البيت تفتيشا دقيقا ومفجعا، صادروا بعض الأقراص المضغوطة وأشرطة سمعية وكل ورقة مكتوبة بالعربي وحتى بعض الصور العائلية… ».
ضجة اعلامية وشبح مخيف
تواصل السيدة مرسية توبيتش حرم سليني حديثها عن الاهتمام الإعلامي بحادثة التوقيف والطريقة التي تناولتها بها وسائل الاعلام المحلية والدولية، حيث تقول:
« اتصلت بي عدة صحف وتلفزيونات محلية وعالمية، وتم اذاعة الخبر على أنه تم إيقاف 3 مشتبهين من أصول عربية وكان الحدث هو محور أخبار اليوم، حتى شعرت أنني فقدته للأبد، وكنت حينها حاملا في الشهر الخامس بابنتي أسماء التي وضعتها ولم يرها حتى الآن، بالرغم من يقيني أن زوجي لا علاقة له من قريب أو من بعيد بأي مناشط غير قانونية، والزوجة أعرف بخبايا زوجها، وكل الجيران ومعارفنا يشهدون بذلك، أنا متيقنة تمام اليقين أنه مجرد سيناريو أعد مسبقا حيث تريد الحكومة من خلاله ابراز دورها العالمي في مكافحة الإرهاب، وقد صادف أن اجتمعت أجهزة 6 دول من البلقان في سراييفو بعد يومين من الحدث ».
وبلهجة استغراب تضيف:
« … زوجي كان يحمل استدعاء وجه له قبل اعتقاله وذلك من أجل التحقيق معه في اللجوء… ».
الإفراج والمعاناة الجديدة
تستعيد أنفاسها فالجرح عميق والخوض فيه يزيده نزيفا، فضلا عما تكابده من معاناة وهي تشاهد بعينيها ما يحدث لصغارها فتسترسل:
« في المساء وفي حدود السادسة والنصف حيث كنت غارقة في أحزاني وبكاء صغاري الذين أفزعهم الموقف كثيرا، فوجئت بزوجي يطرق الباب، وقد تجمع الجيران من حوله فرحين لعودته سالما، وغدت المسألة كأنها فيلم حبك من طرف المصالح البوسنية ووزارة الأمن « .
وتسرد لنا السيدة تطورات الأمور فيما بعد قائلة:
« في 12/06/2006 ذهب زوجي كعادته للتحقيق معه في اطار طلبه للجوء، ومرت الأمور عادية جدا، كأن ما حدث كان كابوس منام… بعدها وخلال هذه الفترة وقعت بعض الأحداث حيث تم رفض اللجوء للفرشيشي وترحيله الى تونس، فأصبحنا متوجسين خيفة خاصة مع اقتراب نهاية 3 أشهر الأخيرة، وعند الموعد قام كالمعتاد بطلب تجديد الإقامة ولكن حدث ما أثار حفيظتنا وهو تأخر الرد على غير العادة، فأصبح خائفا أن يتم ترحيله كما فعل بالفرشيشي الذي أعتقل معه من قبل، لذلك صار لا يبيت بالبيت، وأرسل محاميا لإستيضاح الأمر فأخبروه بأن الإقامة جاهزة فما عليه الا أن يحضر البطاقة القديمة لوضعها في الأرشيف… لكن بعدها تم ابلاغنا بأن اللجوء مرفوض وما عليه الا مغادرة البلاد في أجل أقصاه 15 يوما »…
مأساة ودموع
كما تحدثنا سابقا أن الظروف بدت قاسية على العائلة التي غاب عنها الأب، لذلك طلبنا من السيدة سليني أن تحدثنا عن ظروفها المعيشية الآن… وبلهجة حزينة قالت:
« كان وجوده معنا بالرغم من الظروف الصعبة ينسينا شظف العيش، لكن الآن بعد مغادرته صارت ظروفنا كما ترون مزرية، الأولاد يعيشون في حالة نفسية متدهورة، وخاصة أن الأطفال في المدرسة شاهدوا مجيء البوليس، لذلك ظلوا يعلقون على بناتي مريم وجميلة أن أباهما في السجن،وكانوا شديدي الشغف إلى رؤيته، وأمر آخر أنني وضعت بنتا في غيابه وكما رأيتموها فقد تدهورت حالتها الصحية فدخلت المستشفى ليزيد الأمر بلة، أصبحت العائلة مشتتة، أنا في المستشفى والأب لا أحد يعرف مصيره، والأطفال الأربعة عند والدتي التي تعيش من التقاعد الذي لا يتجاوز 80 اورو، حيث مر علينا عيد الأضحى ورأس السنة والعائلة مشتتة، وهذا زاد في تدهور معنويات الأطفال… وبكوا كثيرا… ».
ثم طلبت منا أن نعاين المكان بأنفسنا فقالت:
« يجب أن تلاحظوا أنتم بأنفسكم…مزرعة النحل الذي شرع في تربيته وكانت تعد حوالي 50 خلية وهي مصدر قوتنا قد مات أغلبه ولم يبق الا ما تشاهدون، لقلة الدواء والرعاية، أنا لا أعرف ذلك، والفصل شتاء ودرجة الحرارة تنخفض الى حوالي 20 درجة تحت الصفر… كل الأعمال التي كان يقوم بها لأجل إعالتنا قد توقفت نهائيا وأنا لا أستطيع مع وجود خمسة أطفال أكبرهم 10 سنوات وأصغرهم تركه جنينا في بطني… ».
وقد قمنا بمعاينة المكان، والذي وجدناه قد صار إلى أطلال، ربما خانت العبارات السيدة سليني في وصفه بدقة، وحول سؤالنا عن مصدر قوتها الآن وخاصة أن الطفلة رضيعة وظروفها الصحية ليست على ما يرام، أجابت:
« لا مصدر لنا نهائيا، الا أن الله من علينا بإحسان من طرف الجيران وبعض ممن يشفق على حالنا عند زيارتنا، نحمد الله على كل حال… ».
وفي كلمة أخيرة وجهتها السيدة للمنظمات الإنسانية قائلة:
« أتمنى من كل منظمات حقوق الإنسان في العالم أن تقدم له يد العون، لمساعدته في طلب اللجوء، حتى يتسنى له إنقاذ صغاره مما يعانونه… ».
حديث البراءة
الأسرة كما ذكرنا من قبل تتكون من 5 أطفال آثرنا أن ننقل صرخاتهم في هذه الكلمات المؤثرة والمختصرة جدا والموجعة في الوقت نفسه…
1- مريم (9 سنوات ونصف) كانت متشوقة كثيرا لوالدها وعندما أردنا منها أن توجه رسالة له بكت وهي تصرخ بصوت عالي: « اشتقت اليك أبي… اشتقت اليك… كلنا اشتقنا اليك.. أرجع ابي… »، لقد أثرت فينا بحديثها الباكي، ولكن كتمنا أحزاننا وأظهرنا الجلد حتى لا نزيدها حزنا أكثر، وحملنا لها بشرى اللقاء القريب لنحفزها على الدراسة، فقد كانت نتائجها ممتازة جدا حسب ما أطلعتنا عليه أمها من خلال الدفتر المدرسي، ولكن منذ غياب والدها تراجعت في مستواها… ردت علينا مريم لما أردنا أن نعرف السبب بذكاء: « كيف أدرس والأطفال يعايرونني بأن أبي في السجن؟ ».
2- جميلة (7 سنوات) على خطى مريم، وبلغتها البوسنية رددت: « توحشتك أبي كثيرا… » والأمر نفسه بالنسبة لمردودها الدراسي الذي تراجع كثيرا…
3- شيماء (5 سنوات ونصف) , ارتمت في حضني منذ وصولنا وظلت من حين لآخر تسألني ببراءة: « متى يأتي أبي؟… ».
4- ابراهيم (18 شهرا) ,علق بلغته الخاصة التي لم نفهمها سوى بابا… بابا…
5- أسماء الرضيعة ظروفها الصحية متدهورة… لو نطقت لنادت على أبيها أيضا…
كانت هذه الرحلة بالفعل شاقة ومتعبة، وزاد التعب فيها أكثر ما شاهدناه عن هذه العائلة التي كانت تعيش بسلام بالرغم من الظروف المتواضعة، ولكن منذ أن غادرها الأب آلت حالها إلى ما أبكانا وان حاولنا كتم مشاعرنا… والقصص الشبيهة لما يحدث لعائلة سليني متعددة، فقد صارت مصالح الساسة على ما بدا لنا أولى من مصالح الإنسان… والحكم للقارئ الكريم في نموذج أسرة تونسية تقطعت بها السبل خارج حدود الوطن…
أعد التحقيق وأجرى الحوار : الصحفي أنور مالك-24 فبراير 2007
(المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (ألمانيا) بتاريخ 24 فيفري 2007)
الرابط: http://www.tunisalwasat.com/wesima_articles/index-20070224-4492.html
نحو « وحدة » اقتصادية بين ليبيا وتونس
تونس (CNN)– توقع محللون أن تؤدي حزمة الإجراءات الاقتصادية المشتركة التي أعلنتها الجماهيرية الليبية وتونس مؤخرا، إلى « وحدة » اقتصادية سيكون لها انعكاس سياسي مباشر في غضون سنوات قليلة. ويبدأ في غضون أسبوع العمل بتبادل عملتي البلدين (الدينار) في كليهما بشكل مباشر ودون الحاجة إلى عملة ثالثة. وجاء هذا القرار في أعقاب اجتماعات اللجنة التونسية-الليبية المشتركة مؤخرا في طرابلس برئاسة رئيسي الوزراء في البلدين، وفقا لما أعلنت وكالة الأنباء التونسية الرسمية وكذلك وكالة أنباء الجماهيرية. ويتوقع مسؤولون ليبيون وتونسيون أن يساهم القرار في زيادة حجم المبادلات التجارية بين البلدين إلى نحو 1.6 مليار دولار خلال 2007 أي بزيادة تناهز 30 بالمائة مقارنة بالعام الماضي.
كما تمّ الاتفاق على تفعيل كافة الاتفاقيات المصادق عليها سابقا بين تونس وليبيا ومنها خاصة رفع كل الرسوم الجمركية ورسوم تبادل السلع ومعاملة المنتجات في البلدين معاملة المنتوج الوطني، والاعتراف المتبادل بشهادات مراقبة المنتوجات الصادرة من البلدين دون اخضاع هذه المنتوجات الى مراقبة جديدة في الدولة الموردة، وفتح الحدود امام جميع السلع دون استثناء. ويقول محللون إنّ هذه القرارات تعدّ سابقة عربية خارج دول مجلس التعاون الخليجي وهو ما يسمح بتوقع آثار جيدة في كلا البلدين حيث أنّ الاقتصاد الليبي مقدم على فترة نمو كبيرة من حيث الاستثمار، في حين ستمنح الحكومة التونسية حلولا مهمة من حيث توفير الوظائف لعشرات الآلاف من خريجي الجامعات التونسية فضلا عن توسيع قاعدة الاستهلاك بعد انحسار السوق التونسية « الصغيرة نسبيا. »
ومن ضمن القرارات التي تمّ الاتفاق عليها استخدام واستبدال رخض قيادة المركبات في البلدين بحيث يمكن لاي سائق التجول وسياقة عربته في طرقات الدولة الاخرى دون الحاجة الى رخصة سياقة دولية ويمكن لمواطني الدولتين كذلك الحصول على رخصة سياقة من الدولة الاخرى واستبدالها ان اقتضت الضرورة برخصة السياقة الصادرة عن دولته. كما تم الاتفاق على الغاء لزوم تسجيل السيارات والعربات على جوازات السفر عند عبور حدود الدولتين وتسريع عملية انشاء الطريق السيارة الرابطة بين البلدين وربطهما بالسكك الحديدية. وقررت ليبيا في الآونة الأخيرة استثناء التونسيين من قرار مثير للجدل بفرض التأشيرة على كل الأجانب العرب والأفارقة، وهو ما يشكّل فرصة ثمينة للتونسيين لتعويض ما سينقص من سوق العمل والاستثمار في ليبيا.
ولمّح مسؤولون ليبيون إلى أنّ حصر قرار الاستثناء بالتونسيين وليس جميع المغاربة لم تكن دوافعه سياسية بل اقتصادية محضة حيث أثبتت التجارب أنّ الدافع الاقتصادي هو الضامن لنجاح أي عملية وحدوية على المستوى السياسي. وتعد تونس تعد البلد الوحيد الذي تربطه مع ليبيا اتفاقية تبادل تجاري حر تم التوقيع عليها منذ سنة 2001.
الفضيلي يرشح نفسه رئيسا.. والأبيض يفكر بأمر الفيفا:
انتخابات الاتحاد التونسي في الأول من إبريل
المنصف الفضيلي يمني النفس بالعودة للاتحاد
تونس – سليم بوخذير استجاب الاتحاد التونسي لكرة القدم لقرار الاتحاد الدولي (الفيفا) بإجراء انتخابات جديدة في شهر إبريل القادم بناء على طلب الفيفا.
وقال مصدر تونسي مسئول لـmbc.net يوم السبت (24-2-2007) إن الجمعية العمومية غير العادية للاتحاد التونسي ستنعقد في 16 مارس/ آذار المقبل، معلنا أن الانتخابات ستجرى بعد موعد انعقاد الجمعية بخمسة عشر يوما، أي في الأول من إبريل/ نيسان المقبل.
وقرر أعضاء الاتحاد المعين الحالي تخصيص جمعية عمومية عادية قبل الجمعية غير العادية لتحديث قوانين الاتحاد الداخلية بشكل يتلاءم مع قوانين الفيفا.
وعلى الصعيد ذاته، أبدى بعض المسئوليين التونسيين رغبتهم في الترشح لتلك الانتخابات التي ستكون بنظام القوائم كما طلب الفيفا.
وعلم mbc.net أن المنصف الفضيلي ينوي المنافسة على رئاسة الاتحاد بقائمة تضم عددا من قياديي الاتحاد الحاليين، أبرزهم كمال بن عمر ورضا عياد وعمر فاروق الغربي وجلال تقية ووديع الجريء ومحمد السلامي إلى جانب خالد بوقرّو وعي ذويب والحبيب بن عيسى وآخرين.
يأتي ذلك في الوقت الذي لم يفصح فيه علي الأبيض رئيس الاتحاد الحالي عن نيته في الترشح للانتخابات القادمة من عدمها.
وكان الفيفا قد رفض في أغسطس/ آب الماضي الاعتراف بشرعية الاتحاد المعين الحالي، ومنذ أسبوع تقريبا وجّه الاتحاد الدولي خطابا رسميا طالبه فيه بإجراء انتخابات.
(المصدر: قناة « أم.بي.سي. » بتاريخ الجمعة 23 فيفري 2007 .) الرابط: http://www.mbc.net/2007/02/24/s.001/article.html
العلامة المنصف بن سالم وصمة عار على جبين دولة « الاستقلال »
مرسل الكسيبي (*)
أعود اليوم مجددا الى مأساة واحد من أبرز العلماء العرب وواحد من أبرز الشخصيات الأكاديمية الدولية ,ألا وهو البروفسور والمهندس الأول الدكتور المنصف بن سالم ,الذي سبق لي وأن تشرفت بحمل أمانة ادارة الشؤون التنسيقية للجنة العالمية للدفاع عنه أيام كان مضربا عن الطعام في شهر أبريل من السنة المنقضية , وحيث أن ظروف عالم الفيزياء والرياضيات التونسي وظروف أفراد عائلته المقيمين بمدينة صفاقس التونسية لم تتغير كثيرا بعد مرور حوالي سنة على اضرابه الأخير عن الطعام ,باستثناء مراجعة قرار طرد ابنه أسامة من الجامعة التونسية مع تخفيف نسبي لاجراءات المراقبة البوليسية اللصيقة التي كان يتعرض لها بمقر سكناه بنفس المدينة المذكورة ,بناء على ذلك فان الظروف التي حفت بتأسيس اللجنة العالمية ومن ثمة مناشطها من أجل تمكينه وأفراد عائلته من حق السفر كما استرجاع حقوقه المالية المحروم منها منذ سنة 1987 علاوة على تمكينه من حق العودة الى رحاب البحث العلمي والتدريس الجامعي ,مع تمتيعه بحقه الطبيعي والدستوري في التغطية الصحية والاجتماعية , فان هذه الظروف المشار اليها انفا مازالت قائمة وهو ماسيدعونا على مايبدو الى اعادة احياء أشغال اللجنة ,بما يعنيه ذلك من تنشيط الاتصال بكل الدوائر الأكاديمية والحقوقية والاعلامية الدولية الفاعلة والمؤثرة قصد رفع الحصار الجائر عنه وعن أفراد عائلته الكريمة ومن ثمة رفع القيود عن حقه وأفراد أسرته في السفر وتلقي العلاج ومواصلة المسيرة العلمية المتألقة عالميا.
ابتداء نذكر بصفتنا منسقا للجنة العالمية للدفاع عن البروفسور المنصف بن سالم بأن موكلنا في الموضوع من مواليد سنة 1953 بمدينة صفاقس التونسية وهو حائز على مجموعة من الألقاب والوظائف العلمية والأكاديمية التي نوجزها فيما يلي :
حاصل عـلى ديبلوم مهندس أول في الصناعات الآلية بباريس و دكتوراة الفيزياء النظرية (1976) ودكتوراة في الرياضيات بباريس أيضا (1980). شغـل قبل إعـتقاله المناصب التالية : في – مدير قـسم الرياضيات و مؤسسه بجامعة صفاقس . – عـضو بالمجلس العـلمي في نفس الجامعة . – مشرف على البرمجة لجميع الفصول الجامعـية . – مؤسس و رئيس نقابة التعليم العالي بصفاقس . – عضو لجنة الإنتداب بالوزارة . خارج تونس : – مقـرر بمركزية الرياضيات ببرلين ( برلين الغربية سابقا). – مقـرر بمركزية بمتشيغان ( الولايات المتحدة الأمريكية) . – عـضو بالمركز الدولي للفيزياء النظرية بإيطاليا التابع لليونسكو. – عـضو بالوكالة الدولية للطاقة الذرية . – عـضو بالجمعـية العلمية العـربية. – عـضو بلجنة النزاعات الدولية و القانونية – عـضو بإتحاد الفيزياء و الرياضيات العـرب و الذي كان مقره سابقا في العـراق، وانتخب في المؤتمر الرابع كاتبا للمؤتمر. – مرسم باتحاد الجامعات الناطقة كـليا أو جزئيا بالفـرنسية في كندا وله علاقات واسعة بمؤسسات عـلمية و شخصيات أكاديمية عالمية …
وحينئذ فان المتأمل في شخصية العلامة التونسي يقر في وهلة أولى بعد التأمل في مجمل الألقاب الأكاديمية التي حملها بأننا أمام شخصية علمية فذة يكرم وجودها في بلاد العالم المتحضر ,غير أن الواقع السياسي العربي والتونسي الرديء جعل من الدكتور بن سالم يخضع ومنذ سنة 1987 لظروف استثنائية جائرة وممعنة في الاحتقار والإهانة الى الدرجة التي يصدق أن نصف فيها هذه الظروف التي أخضع لها بظروف الاهانة المستديمة في بلد كثيرا ما تغنى فيه الخطاب الرسمي بما ترسمه الدولة من خطط وبرامج من أجل تحقيق التنمية المستدامة !!!
تنمية مستديمة في ظل اهانة ثروة بشرية كثيرا مااعتد بها مؤسس دولة الاستقلال الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة الى الدرجة التي كرم فيها بمناسبة يوم العلم أبرز علماء تونس حتى وان كانوا من المعارضين أو من المتعاطفين مع المعارضة على مستوى مايدلون به من آراء أو ما يعلنونه من توجهات ,ولعل التونسيين يذكرون ضمن هذا الاطار توجيهات الرئيس الراحل التي كانت تبث تلفزيونيا وبصفة يومية قبيل النشرة الاخبارية الرئيسة ,حيث كان يعدد فيها ميزات القطر التونسي الذي وصفه بالخلو من الثروة الباطنية المعتبرة ومن ثمة دعى الى الاعتناء البالغ بما وصفه بثروته البشرية من خلال شديد العناية بالتعليم والصحة جاعلا بذلك أعلى وأرفع مخصصات الدولة موجهة الى هذين القطاعين…
اليوم تنقلب في تونس الصورة من خلال ارتفاع مقدرات ميزانية الأمن على حساب ميزانيتي التعليم والصحة ,وهو ماجعل دور المؤسسة السياسية يتقزم الى درجة الاضمحلال ودور المؤسسة العلمية يتراجع الى درجة تدهور المردود …, لتجد البلاد نفسها أمام عملية تسيير أمني مفتوح لم تعد تعير اعتبارا للدور الأكاديمي والبحثي والجامعي لعشرات الالاف من التونسيين والتونسيات المتقدين ذكاء وتفوقا علميا ومعرفيا على أكثر من صعيد برغم قساوة الظروف السياسية والمادية التي أحاطت ومازالت تحيط بهم…
حالة الدكتور والعالم الفيزيائي والرياضي والمهندس المنصف بن سالم ,وهو يحرم اليوم من حق التدريس والبحث الجامعي مع حرمانه من مستحقاته المادية وحقوقه في التغطية الصحية والاجتماعية منذ سنة 1987 ,هذا بالاضافة الى منعه وأفراد عائلته من حق السفر تشكل بلاشك وصمة عار في جبين المؤسسة الرسمية التونسية ,ولاسيما بعد أن شارفت تونس على احياء الذكرى الواحدة والخمسين للاستقلال الوطني …
لست مبالغا اذا قلت أنه في ظل واقع الاحتلال ربما لم يكن المستعمر نفسه ليغفل عن خدمات مثل هذا العالم ,وذلك اذا ماعلمنا أن فرنسا اليوم وسائر البلدان الصناعية ذات الماضي الاستعماري تدفع اليوم أعلى المرتبات لمثل هذه الخبرات العلمية والتقنية مع اتاحة كل الامتيازات المادية والمالية من أجل استبقاء الأدمغة العربية والاستحواذ على قدراتها الذهنية, برغم أن الكثير منها لايتمتع بما وهبه الله تعالى لعالم تونس البروفسور بن سالم من نبوغ وتفوق…
انها دعوة لدولة الاستقلال كي تكفر عما ارتكبته من خطايا لايمكن تقدير انعكاساتها على الأجيال الشبابية الصاعدة ولاسيما اذا علمت بأن اهانة العلماء سوف تتناقل من قبل الناشئة كواحدة من أبرز علامات الاحتقار الرسمي للتونسيين والتونسيات بعد أن غدت قوارب الموت والهجرة السرية مؤشرا صادقا على رخص هذا الدم التونسي , فمابالكم برخص أنفاس العلماء عندما يوضع الدكتور والعلامة المنصف بن سالم لمدة 120 يوما مع مجرمي الحق العام من الشواذ جنسيا في زنزانة قذرة لا تليق بالحيوانات فما بالكم بالآدميين …!!!
(*) منسق اللجنة العالمية للدفاع عن البروفسور المنصف بن سالم
(المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (ألمانيا) بتاريخ 23 فيفري 2007)
بقلم محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري
رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا
نواصل على بركة الله الكتابة حول موضوع هام وجدير بالذكر والعناية هو موضوع الرجل المناسب في المكان المناسب. وبعد أن توقفت في المقال الصادر يوم 21/02/2007 حول ذكر خصال ومناقب الزعماء الكبار والرموز وفي طليعتهم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة رحمه الله وبعض المناضلين الدستوريين الذين كانوا في مستوى الرجال الأفذاذ الذين واكبوا الحركة الوطنية وتربوا في مدرسة الحزب الحر الدستوري التونسي وناضلوا في صفوفه وقدموا خدمات تذكر فتشكر واليوم في الحلقة الثالثة والأخيرة أريد أن أتحدث عن شخصيات وطنية تحملوا مسؤوليات وطنية في مناصب هامة عليه في مستوى الوزارات والمديرين العامون والولاة والمعتمدون وبكل وفاء وصدق.
أذكر خصال السادة الدكتور الصادق القربي وزير التربية والتكوين الذي تم تعيينه وزير التربية والتكوين يوم 23/02/2006 ومن لدن رئيس الدولة بعد أن نجح في مهام حكومية أخرى هامة والدكتور القربي أصيل بلدة خنيس المناضلة ولاية المنستير الساحل الشرقي تخرج من الجامعة وشغل خطة دكتور وكان من العناصر المؤمنة برسالة العمل الإنساني والتضحية في سبيل المصلحة الوطن والمواطن ومنذ سنة كاملة تحمل كما أسلفت خطة وزير التربية والوطنية والتكوين ونجح نجاحا باهرا في عمله ووفق في خطته وكان مثال المناضل الوطني الذي يعمل بصمت وصدق وعمل ولا زال بإخلاص وصدق ووضوح وشفافية وبروح نضالية وإنسانية ولا غرابة في ذلك فالرجل دكتور
يؤمن بالعمل الإنساني
.
أما العنصر الثاني
الذي نجح في مهامه كوزير في العهد الجديد
فهو السيد المنذر الزنايدي وزير التجارة
هذا الرجل الشاب المتحمس عندما عينه الرئيس بن علي في خطة وزير السياحة كان أصغر وزير في حكومة العهد الجديد
والسيد الزنايدي أصيل جهة سبيبة ولاية القصرين
وتحمل رئاسة بلدية سبيبة ونجح في العمل البلدي وتدرج في سلم المسؤوليات ونجح نجاحا كبيرا في كل المهام التي أسندت إليه
والأخ المنذر ابن المناضل القدير الأستاذ عبد العزيز الزنايدي
كان من أكبر العناصر المشعة والناشطة في مجال إختصاصه
وكان محل ثقة المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله وتحمل رئاسة البلدية بولاية القصرين
ومما يذكر أن الأخ المنذر الزنايدي إلى اليوم يفتح مكتبه من الساعة السابعة صباحا
لإستقبال كل من يرغب في مقابلته من المواطنين لا فحسب من ولاية القصرين
بل كل المواطنين من أنحاء الجمهورية لقضاء حاجتهم.
أما العنصر الثالث
فهو
السيد فؤاد المبزع
رئيس مجلس النواب رجل الحوار والحنكة والنظال الوطني الطويل والتجربة هو الآخر فاتح أبواب مجلس النواب بقصر باردو للإصغاء لكل مناضل يريد طرح مشاغله والأخ فؤاد المبزع معروف بنضاله الحزبي والبلدي والإداري ولا غرابة فقد تحمل مسؤولية والي شيخ مدينة تونس العاصمة وله خبرة نضالية
وحس وطني وكان تلميذا نجيبا في عهد الزعيم الطيب المهيري رحمه الله
.
والعنصر الرابع فهو
المناضل عبد الله العبعاب عضوا بمجلس النواب منذ 25 سنة
كان ولا يزال منصتا لكل الذين يتصلون به في
منزله يصغى إليهم ويحاول جاهدا لمساعدة بعضهم
.
العنصر الخامس فهو السيد
المناضل صالح البحوري تحمل مسؤولية والي في عهد الزعيم الحبيب بورقيبة
وبقى بولاية مدنين حوالي 8 أعوام وكانت له علاقات بشرية هامة وساعد عدد هام من المواطنين وأصغى للمناضلين وكان من العناصر المناضلة.
العنصر السادس فهو السيد عبد الله بشير الذي عمل في سلك المعتمدين وفي خطة كاتب عام للجنة التنسيق الحزبي بالمنستير وكان من خيرة المناضلين الذين تربوا على التواضع والنظافة والصدق
وساعد إخوانه المناضلين وإلى اليوم له علاقات طيبة وحميمة مع أهالي المنستير ومع كل الجهات التي عمل بها كمعتمد.
العنصر السابع فهو المناضل المرحوم خالد قلالة رحمه الله كان هذا
المناضل رئيس ديوان السيد وزير الداخلية لسنوات عديدة وعمل مع السيد محمد مزالي الوزير الأول ووزير الداخلية ومع السيد الرئيس زين العابدين بن علي عندما كان وزير للداخلية
وكان الأخ خالد قلالة من العناصر المناضلة وهو ابن المناضل الشاذلي قلالة رحمه الله ومما يذكر أن كل مواطن
قصد مكتب الأخ خالد قلالة بوزارة الداخلية وعرض مطلبه وطلب المساعدة الأدبية والمعنوية
إلا وتحقق طلبه بعون الله وحتى أعوان الأمن والحرس الوطني وإطارات الداخلية تلتجئ إليه لقضاء الحاجة وتحقيق المشاغل وكان رجل متواضع وكريم وبشوش
.
العنصر الثامن فهو الأخ الصادق رابح الوزير السابق رجل النظافة الشاملة والعمل والتواضع والواقعية والصراحة والعمل الميداني.
العنصر التاسع فهو المناضل محمد زبيبة المدير العام لإدارة التجهيز والبناءات المدنية هذا الرجل الذي عمل طيلة 33 سنة في الوزارة
وشغل خطة المدير الجهوي للتجهيز والإسكان في ولاية بنزرت كان على غاية من الوضوح والشفافية والمصداقية
والتربية والأخلاق العالية
.
العنصر العاشر فهو السيد الحبيب العلويني المدير العام للصندوق الوطني للإدخار السكني سابقا محامي اليوم هو رجل الذكاء والمعاشرة والأخلاق الفاضلة والتواضع والمصداقية والحس الوطني وحسن المعاملة وصدق الوعود وحب الفقراء والضعفاء
.
هذه جملة من الإنطبعات والملاحظات أسوقها للتاريخ بأمانة إعترافا بالجميل لكل من قدم خدمات لفائدة تونس ولصالح المواطن والوطن.
قال الله تعالى: » يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا » صدق الله العظيم
.
محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري
قراءة في شرعية الاستثمار في البورصة (4 / 7)
الجزء الرابع
د. خـالد الطــراولي*
ktraouli@yahoo.fr
4 ـ البيوع المستحدثة
اختلف الفقهاء المعاصرون في شأن شرعية أصناف البيوع المتداولة في البورصة، سواء كانت بيوعا عاجلة أو آجلة وتفاوتت الرؤى في شأنها بين مبيح ومحرم. وقبل التعريج بتفصيل حول هذين الصنفين من البيوع وجب التوقف قليلا حول الآلية الغالبة في البيوع الحديثة عاجلة كانت أو آجلة، والتي حصل فيها بعض الخلاف بين المعاصرين، وهو بيع المزايدة. فلا خلاف في أن بيع المسلم على بيع أخيه محرم لقوله صلى الله عليه وسلم « لا يبع بعضكم على بيع بعض »{متفق عليه}، كذلك لا جرم في بيع المزايدة، فقد روى أنس (رض) أن النبي باع حلسا وقدحا، فقال من يشتري هذا الحلس والقدح؟ فقال رجل أخذتهما بدرهم، فقال النبي (ص) من يزيد؟ فأعطاه رجل درهمين فباعهما منه.{الترمذي}، والتداول في البورصة يقارب بيع المزايدة،بالرغم من اعتراض بعضهم، خاصة وأن التعاملات الإلكترونية الحديثة عبر شاشات الإنترنت جعلت الأفراد والمؤسسات تواكب مباشرة التغييرات والتطورات الحاصلة على السعر لحظة بلحظة، مما يمكن الجميع من المزايدة على السهم صعودا أو هبوطا.
4ـ 1 البيوع العاجلة:
هي الصفقات والعمليات التي تتم في قاعات التداول بين الباعة والمشترين عبر قانون العرض والطلب، حيث يتحدد الثمن عند سعر التوازن ويلتزم به الطرفان ولو على ورقة واحدة. ويقع تنفيذ الصفقة والتقابض حالا أو على مدى اليوم. ويسعى كل طرف من خلال العملية سواء إلى الاحتفاظ بالأوراق المالية للتمتع بالأرباح عند التوزيع، أو لاستغلالها والمضاربة على ارتفاعها لاحقا والتخلص منها في أول فرصة تسمح بذلك.
وقد اختلف الفقهاء المعاصرون حول هذه البيوع ومن ورائها تجلى القبول الجزئي للبورصة في صورتها المعروفة، أو الرفض الكلي لها. وقد استند الرافضون إلى حرمة هذه البيوع التي تشكل الجزء الأقرب إلى التفهم الشرعي، إلى حرمة بيع الغائب، والذي يتمثل في حصة الشريك في رأس مال الشركة وأرباحها الموجودة من قبل. » إننا نقرر مطمئنين أن محل التعاقد في أسواق الأوراق المالية على اختلاف درجات كفاءاتها يشوبه الغرر، والبيانات المنشورة لا ترفع عنه الغرر، ولا تدرأ عنه الخطر، وليس بوسع أحد أن يزعم تطابق العلم بالصفة مع العلم بالحس في هذه البيوع »[[1]].
ورغم اعترافنا بنسبية المعطيات والمعلومات المتوفرة حول الشركة وأسهمها، غير أنها كافية للتعرف على اتجاه حالة الشركة طبق المُيَسَّر له، خاصة أن القوانين الملزمة لوضوح هذه البيانات ودوريتها الإجبارية بالنسبة لبعض الأسواق، تبدو قائمة. ورغم أننا نرى بعض التعسف والمبالغة في هذا الشأن، إلا أننا نعترف بتجاوز عديد الشركات لهذه المحاذير ووقوعها في المحظور من كذب وغش وتلفيق في بياناتها وهو الحاصل في بعض الأسواق والذي أفرزت مثالا حيا له هذه الأيام شركات عالمية في مستوى Enron, Worldcom, Vivendi. وهي حالة أخلاقية هابطة مرتبطة بفلسفة نظام حياتي كامل يتعدى إطار البورصة إلى حقيقة التصورات الكبرى وهو ما يتجاوز هذا المقال. وهذا يوجه تصورنا في اتجاهين، الأول أن تعقيدات بيانات الشركات وصعوبة تتبعها وفهمها على الأفراد وحتى على بعض المؤسسات الغير مختصة، يلزم توفر الاختصاص في هذا الجانب حتى لا يقع الفرد القاصر معرفيا في غابة البورصة التي تتحول بالنسبة إليه إلى كازينو مفتوح طوال اليوم، وفي هذا المجال يندرج مقترحنا الذي سنفصله لاحقا في وجود نوادي الاستثمار الذي تمثل ملجأ نسبيا لتجاوز القصور في هذا الباب. أما الاتجاه الثاني في تصورنا فهو التساءل حول حقيقة هذا الغرر، هل هو من الغرر الكثير والمؤثر في العقد والذي يوجب التحريم أم أنه من الغرر المتوسط الغير مؤثر والذي تدعوه الحاجة كما بينه الدكتور الضرير سالفا؟ وقد أدلى المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي برأيه في هذا المجال في النقطة الثالثة للفتوى « إن العقود العاجلة على أسهم الشركات والمؤسسات حين تكون تلك الأسهم في ملك البائع جائزة شرعا ما لم تكن تلك الشركات أو المؤسسات موضوع تعاملها محرم شرعا كشركات البنوك الربوية وشركات الخمور، فحينئذ يحرم التعقد في أسهمها بيعا وشراء »[[2]].
ومن البيوع العاجلة البيع على المكشوف، وهو »بيع لأوراق مالية مقترضة على أمل أن ينخفض السعر، فإذا انخفض السعر قام المتاجرون بالأوراق المالية بشراء الأوراق التي باعوها وإعادتها إلى مالكها ويجري تسهيل تنفيذ هذه العملية من خلال سمسار أوراق مالية والذي يرتب لعملية الشراء وحينما يقوم شخص ما بالبيع على المكشوف يقال له أخذ مركزا قصيرا، بينما يفترض في حالة شراء الأوراق المالية للاستثمار الإبقاء عليها أمدا طويلا »[[3]]. ورغم أن هذه البيوع تكون أكثر في البيوع الآجلة ولا تختلف في آلياتها، غير أنها في البيوع العاجلة لا يتأخر فيها الثمن ولا التخلي عن المبيع، إذ يجب على البائع التسليم في خلال يوم على الأغلب، وبما أنه لا يملك هذه الأوراق، فإنه يقترضها من سمساره الذي يأخذها بدوره من عميل آخر عنده، أو يقترضها بدوره من زميل له في الصنعة. فإذا هبط السعر، يقوم البائع بشراء حقيقي للأوراق وتسليمها إلى صاحبها متمتعا بالفارق بين الصفقتين.
وقد اعتبر الفقهاء المعاصرون هذه الصيغة من البيوع مخالفة لقواعد الشرع واعتبروا السمسار في هذه الحالة بمثابة الفضولي الذي يتصرف في أموال غيره بدون إذنه واعتمدوا في ذلك على إجماع كل المذاهب في التحريم القطعي لهذا التصرف، كما يمكن إدراج هذا الفعل في باب حرمة بيع ما لا يملك.
4ـ 2 البيوع الآجلة
وهي العمليات التي يتفق فيها البائع والمشتري على إرجاء التسليم والتسلم إلى موعد لاحق معين يسمى يوم التصفية ويشمل التأخير الثمن والمبيع، لذا فهو يختلف عن البيع المؤجل الذي يتأجل فيه دفع الثمن ويقع التسليم للمبيع. وتكون التصفية إما بالتسليم الفعلي للأوراق، وهذا قليل الحدوث لأن العملية تقع على المكشوف حيث لا يملك البائع الأوراق. وإما بقبول الربح أو الخسارة فيقبض الفارق أو يدفعه. وإما أن تتأخر التصفية إلى الموعد التالي فيؤجل البائع مركزه نظير مقابل يدعى بدل التأجيل. وتنقسم البيوع الآجلة إلى بيوع باتة قطعية وبيوع آجلة بشرط التعويض.
ـ يتبـــع ـ
المصدر: موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net
[1] سمير عبد الحميد رضوان مرجع سابق ص:321.
[2] فتوى مجلس المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي (مكة) القرار الأول الدورة السابعة.
[3] فريدريك آملنغ في سمير عبد الحميد رضوان مرجع سابق ص:322.
قراءة في كتاب: « المستقبل الثقافي للمغرب الإسلامي » للدكتور عبدالمجيد النجار
بقلم : عبدالباقي خليفة
يقع هذا الكتاب في 93 صفحة من القطع المتوسط، ويتكون من ثلاثة فصول، ويحدد الدكتور النجار موقع المغرب العربي الإسلامي ثقافياً من خلال موقعه الجغرافي، فهو « يقع في موقع جغرافي خطير من شأنه نظرياً أن يعرضه لكثير من التحديات والمواجهات » مستشهداً بأحداث التاريخ، ومؤكداً أن العنصر الثقافي كان أكثر استهدافاً للتحديات، معتبراً إياه العنصر المحوري لتحريك التاريخ في كل مجتمع. ولا يغفل الدكتور النجار التأكيد أيضاً على أن المغرب العربي الإسلامي جزء لا يتجزأ من العالم الإسلامي الكبير، وهو ما أثر وسيؤثر في مصيره ومستقبله « إنه باعتبار الانتماء الإسلامي يتجه دوماً نحو المركز: عقدياً بالتزام العقيدة الإسلامية الجامعة للأمة، والمحددة لمسار حياتها كلها ووجدانياً بالانتماء الروحي للضمير الديني الذي يشكل وحدة العالم الإسلامي متمثلة في مفهوم الأمة كما جاءت بها التعاليم الإسلامية، وكما تشكّلت في التاريخ المشترك لكافة المسلمين ».
في الفصل الأول يجيب الدكتور النجار عن سؤالين أساسيين، وهما: كيف كانت المسيرة التاريخية للانخراط المغربي في وحدة الثقافة الإسلامية، والثاني كيف سيكون شهوده الحضاري معقوداً في المستقبل بهذا الانخراط؟
وقد بدأ الإجابة بتمهيد يعرف فيه مصطلح الثقافة واشتقاقه اللغوي، مقرراً أن « الثقافة بالنسبة للمجتمع إنما هي الطريقة التي يحقق بها الإنسان أغراض حياته في السياق الاجتماعي العام »، و »الأثر الذي يصنعه الموقف العقدي للإنسان، فالمبادئ العقدية الأساسية التي يؤمن بها في تفسير الوجود والحياة الإنسانية مبدأ وغاية هي التي تشكل أسلوبه في تحقيق الحياة بالفكر والسلوك ولذلك كانت الثقافة ومازالت وستبقى معنى اجتماعياً. وعن خواص الثقافة الإسلامية يقول الدكتور النجار: « ربما تكون العناصر الأساسية الكبرى للثقافة الإسلامية المشكلة لحقيقتها المتميزة هي المتمثلة في (التوحيد) فالمرجعية العليا للتفكير الإسلامي المؤسس للقيم، والمنظم للسلوك، هي مرجعية موحدة فاستمداد الحقائق المنظمة للحياة في كل مظاهرها يتجه إلى مصدر واحد هو الله تعالى ».
الحقيقة الثانية التي يقررها الدكتور النجار هي الشمول « لقد كانت بيانات العقيدة الإسلامية بيانات شاملة لكل عناصر الحقيقة الوجودية، ولكل مناحي التصرف الإنساني، فهي تتناول بالبيان عالمي الغيب والشهادة ». أما الحقيقة الثالثة، فهي الواقعية، حيث « وجهت التعاليم الإسلامية أنظار الناس إلى الواقع، من مظاهر الكون وأحداث الحياة »، والحقيقة الرابعة هي النقدية « في التعاليم الإسلامية دعوة إلى المقابلة بين المختلفات ومقارنة بعضها ببعض في سبيل النفاذ إلى الحق النظري من بينها » ويضرب أمثلة على ذلك من الدنيا والآخرة، أو الجسم والروح، وهي حقيقة أغفلتها ثقافات وصفها الدكتور النجار بأنها « أحادية قاصرة ». وعن وحدة الثقافة الإسلامية يقول الدكتور النجار: « كلما كان منهج حياة المسلمين قائماً على التوحيد والشمول والواقعية والنقدية على الوجه الأكمل تحققت الوحدة الثقافية للمسلمين »، و »كلما وهنت تلك العناصر أو بعضها ضعفت هذه الوحدة الثقافية وظهر ذلك في مظاهر التشتت بين المسلمين على هذا الصعيد أو ذاك ».
بلاد المغرب ووحدة الثقافة الإسلامية
في الفصل الثاني: تحدث الدكتور عبدالمجيد النجار عن الالتزام المغربي بوحدة الثقافة الإسلامية « ليس المغرب العربي الإسلامي إلا جزءاً من الأمة الإسلامية الكبرى وقد ظل ملتزماً التزاماً شديداً بهذا الانتماء منذ استقرت به الدعوة الإسلامية أواسط القرن الأول إلى زمننا هذا »، ويؤكد على أن « المسار الثقافي المغربي ظل طيلة تاريخه ملتزماً بالوحدة الثقافية الإسلامية »، وذلك لخفة الإرث الثقافي القديم، وتلاشيه بمجرد أن سطع نور الإسلام في تلك الربوع، ويذكر أن النصرانية ذهبت مع تلاشي السيطرة الرومانية على المنطقة، أما المذاهب الفلسفية فلم تشكل تياراً عاماً، ورغم أن المنطقة مثَّلت مركزاً حضارياً في العهد القرطاجني، فإن تلك المركزية لم تواكبها مركزية دينية أو فلسفية، وهو بذلك يرد على الادعاء البورقيبي الذي يروّج أن المنطقة توالت عليها ثقافات شتى ولا يمكن أن تخلص لواحدة منها، يعنون الإسلامية.
وقد أسهب الدكتور النجار في تفنيد هذه المزاعم دون ذكرها أو حتى التلميح بأشعها وإنما يمضي في التأكيد على أن المنطقة قاومت الاستعمار من هذا المنطلق الذي ركب موجته من تنكروا له فيما بعد « فلما أمعن الاستعمار في الغزو الثقافي ازداد إمعان أهل المغرب في الاعتصام بوحدة الثقافة الإسلامية »، وتحدث عن مركزية مكة والمدينة في الترابط بين المسلمين، ويبيِّن أن ثمة عاملاً ثالثاً من عوامل وحدة الثقافة المغربية هو شدة الارتباط المغربي بالمركز الإسلامي المتمثل روحياً في مكة والمدينة، وثقافياً في مركز العلم في المشرق وسياسياً في مركز الخلافة الإسلامية، « لقد ظلت هذه المراكز على مر التاريخ مفزعاً لأهل المغرب »، وساق الدكتور النجار أمثلة عدة على التزام المغرب بالوحدة المرجعية في تاريخه وجهاد علمائه ومنهم الإمام سحنون الذي أخرج أهل الأهواء والبدع من جامع عقبة بن نافع، وما قام به المهدي بن تومرت من نضال أدى إلى قيام دولة الموحدين، وما قدَّمه الإمام الشاطبي من علم جم صحح به وأثرى مفاهيم الفقه الإسلامي وأصوله.
ولم تكن جهود الإسلاميين منصبّة على هذه الأسس الثقافية فحسب، بل تعدتها إلى مجالات الحياة المختلفة تعبيراً عن شمولية الثقافة الإسلامية، وضرب الدكتور النجار أمثلة عدة على ذلك، فقد برع « أبو الحسن القابسي في علم التربية، وابن رشيق القيرواني في نقد الشعر، وأبو إسحاق الشاطبي في مقاصد الشريعة، وابن خلدون في علم الاجتماع، ومحمد بن محمد الإدريسي في علم الجغرافيا »، وتوسع في الحديث عن دور الفقه المالكي في تثبيت وتطوير الفقه الإسلامي انطلاقاً من الأصول، لم تخلُ من فكر نقدي تأثر بحركة أسد بن الفرات وموسوعته الفقهية المعروفة بالأسدية، والتي أدت إلى إثراء فقهي لم يؤثر على الوحدة المذهبية.
وعلى طول الكتاب وعرضه يصول الدكتور النجار ويجول في الميدان الثقافي، واضعاً التاريخ في يساره والحاضر في يمينه والمستقبل بين عينيه « لقد أراد عقبة بن نافع أن يشد أرض المغرب إلى العالم الإسلامي شداً متيناً لا تزعزعه الأيام فقال قولته الشهيرة عند تأسيس القيروان: « أولى لكم يا معشر المسلمين أن تتخذوا مدينة تكون عزاً للإسلام إلى آخر الدهر » وكان الأمر كذلك إذ أجابه من وراء القرون عبدالحميد بن باديس:
شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب من قال حاد عن أصله أو قال مات فقد كذب
وذكر رواداً من المنطقة أسهموا في إثراء شتى العلوم. المستقبل الثقافي في الفصل الثالث والأخير من الكتاب، تحدث الدكتور عبدالمجيد النجار عن « المصير المغربي في نطاق المستقبل »، تحدث فيه عن العلمنة الثقافية التي تعني استبعاد الدين من الحياة، مبيناً أن العلمانية بهذا المفهوم مناقضة للإسلام، فهو إنما جاء لمعالجة حياة الإنسان في أدق تفاصيلها، وتطرق لنشوء العلمانية في أوروبا، وواقع العلمنة الثقافية بالمغرب التي ترسخت في ظل الاستعمار، وما تلاه من استقلال مغشوش، أمعن في تغييب الإسلام عن الحياة وميادين التأثير فيها سياسياً وتربوياً واجتماعياً واقتصادياً، ضارباً لذلك أمثلة عدة أدت إلى نوع من « الانخلاع من ربقة الوحدة الثقافية الإسلامية ». وأدت تلك السياسة إلى « جحافل من الشباب التائه وجودياً، العاطل عملياً، المنحرف أخلاقياً ». ويخلص إلى القول: « بأن التأصيل الثقافي أصبح قدراً للمغرب العربي الإسلامي منذ استقر في ربوعه الدين القيم، حيث اندرج في الوحدة الحضارية الإسلامية ماضياً، وبه يحفظ وجوده ضمن وحدة الأمة مستقبلاً… أما تحويل مجرى الثقافة إلى ما هو غريب، فلا يؤول إلا إلى إهدار الجهود والطاقات، ثم يكون بوار المصير، وشهادة الواقع قائمة في الحالين في القديم وفي الحديث »
(*) نشر هذا المقال في عدد سابق من مجلة المجتمع الكويتية ونقلت عنها عدة مواقع الكترونية من بينها موقع اخوان أولاين ركن الملتقى » يمكن مراجعة محرك البحث على غوغل « .
(المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 24 فيفري 2007)
كتاب جديد لدار الجنوب للنشر:
«علــى خطــى ابــن خلــدون»
بوحديبة وشاباتو يقدمان العلامة ابن خلدون كما لم نعرفه من قبل.. لكن الإنسان بالخصوص
كتاب جديد فخم وأنيق يصدر في بلادنا حول العلامة ابن خلدون، كتاب آخر ينضاف الى الكم الهام من الكتب ذات الاشكال والمناهج المختلفة. تراجم. دراسات، تحقيقات الخ حول العلاّمة الكبير الذي يبدو أنه شغل الناس ومازال في الشرق والغرب بافكاره وكذلك بسيرته الذاتية. الكتاب الجديد يحمل عنوان: «على خُطى ابن خلدون» بامضاء مشترك بين عبد الوهاب بوحديبة ومنيرة شاباتو رمادي. وهو من اصدارات دار الجنوب للنشر بتونس.
اذن في خضم ذلك السيل الجارف من التآليف حول العلامة عبد الرحمان ابن خلدون، نتساءل لامحالة عن الاضافة التي يمكن ان يقدمها احدهم الى الآن يدفعنا للقول بانه لم تترك كبيرة او صغيرة حول الرجل الا وتم تناولها بالدراسة والنقد. لا مفر من السؤال، حتى ولو كان
الباحث وصاحب النصيب الاوفر في هذا الكتاب الذي نقدمه للقارئ هو الاستاذ عبد الوهاب بوحديبة. هذا الاخير وكما يعلم الكثيرون هو رئيس مجمع بيت الحكمة ببلادنا وهو قبل ذلك باحث غزير الانتاج وفيلسوف يعترف له بجهوده وعالم اجتماع نشيط الحركة.
السيدة منيرة شباتو رمادي قامت بدورها بجهد بارز في هذا الكتاب ولكن الوطئ عليها نخاله اقل شدة لان كتابة التاريخ ولئن كانت في حد ذاتها فنا يتطلب من صاحبه تمرسا وبحثا وابن خلدون شاهد على ذلك من خلال اهتمامه بالتاريخ وتعريفه له، فان غزارة الانتاج في هذا المجال قد تكون قد لعبت دورا في تسهيل انتقاء الاحداث الاقرب الى الواقع والمعقول حول حياة ابن خلدون وفكره. استباق الاحداث لكن الاستاذ عبد الوهاب بوحديبة اختار النهج الاصعب حيث يتطلب عمله جهدا أكبر خاصة في القراءة والتأويل. استبق الرجل الاحداث واجاب بنفسه عن السؤال الذي يخامر كل ذهن.. قال انه الاضافة التي قدمها في هذا العمل تتمثل في انه انطلق من فرضية انه لا يوجد «قطيعة ولا حتى تفاوت او مسافة» بين حياة ابن خلدون وآثاره من جهة ولا بين «المقدمة» و«كتاب العبر» من جهة ثانية. هو في ذلك يختلف مع الباحثين الذين حسب وصفه الحوا على نقاط ضعفه وبالغوا في التهجم عليه ليؤكد على الطابع الانساني المتميز في حياته. وقد اوضح الباحث في الفصل الذي عنونه «بابن خلدون الصديق» انه يقترح قراءة تضع حياة ابن خلدون في الاطر الاجتماعية السائدة في عصره مع محاولة لوضعها ايضا في اطرنا الاجتماعية الراهنة.
اختار اذن الاستاذ عبد الوهاب بوحديبة ان ينكب على دراسة شخصية عبد الرحمان ابن خلدون ليس فقط المفكر وانما بالخصوص الانسان. لذلك فقد قدم لنا ابن خلدون في مختلف حالاته وانفعالاته، ابن خلدون وانتصاراته، ابن خلدون وخيباته ونكساته ابن خلدون في ترحاله بين المشرق والمغرب، لقاءاته، صداقاته، طموحاته وطبعا افكاره.. كل ذلك على خلفية الظروف التاريخية وخاصة الاجتماعية والسياسية التي عاش في ظلها. كتب الباحث كل ذلك باسلوب نقرأ فيه من التعاطف الشيء الكثير.. ولم يخف الاستاذ عبد الوهاب بوحديبة تلك العلاقة «الحميمية» بينه وبين موضوع بحثه، بان وصف ابن خلدون قائلا: «وسلطت على خطاب لم يخل من الجفاف والتجريد اضواء ودية مفعمة بالتعاطف مع ذلك الذي يظل الجد، بل الاخ الاكبر، وعلى أي حال الرائد الشهير» (ص 265).
انصاف وافتتان
وقد نفى الكاتب ان يكون قد سعى الى تعظيم شخصية ابن خلدون ولكنه في مقابل ذلك اجتهد لانصافه من خلال التركيز على فكره الذي كان سابقا لعصره ونظرته الاستشرافية، غاضا النظر على نقاط ضعفه معتبرا ان هذا المفكر «المغربي العبقري» يبقى في نهاية الامر انسانا..
ولئن نفى الاستاذ عبد الوهاب بوحديبة سعيه الى تعظيم شخصية ابن خلدون فهو في مقابل ذلك لم يخف افتتانه به جاعلا منه معاصر لنا هذه المعاصرة تأتي من الحياة التي عاشها ابن خلدون التي ماانفكت حسب قول الباحث تفتنا بما اعتراها من تقلبات ومفاجأت وبما تفتحه من آمال عريضة على النطاقين المحلي والكوني.
اسهام المؤرخة منيرة شاباتو رمادي وهي المهتمة بالخصوص بتاريخ المجتمعات الاسلامية في العهد الوسيط، تجسم دون شك في وصف الظروف التاريخية التي نشأ في ظلها العلامة عبد الرحمان ابن خلدون (ولد سنة 1332م بتونس) فتوقفت عند طبيعة الحياة في المجتمع المغاربي في تلك الحقبة وطبعا العلاقات الاجتماعية وسلوكات الافراد وكذلك عند الثقافات المهيمنة والمذاهب الدينية دون ان ننسى طبيعة الحياة السياسية التي كانت تتصف بعدم الاستقرار من خلال الدويلات التي تتأسس ثم تنهار والصراعات على الحكم بين السلالات و«الايديولوجيات» التي كانت تحكمها ان صح الاستعمال. وعرّجت الباحثة بالطبع على مختلف المراحل التاريخية في حياة ابن خلدون واسفاره التي مهدت لها لوصف الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالبلدان التي تردد عليها سواء كانت بالاندلس او بمصر او بالشام اضافة الى عدد من المدن بالمغرب وغيرها وكذلك عديد المناصب التي تقلدها ولعل اشهرها توليه القضاء لكنه كان حاجبا وكان سفيرا وعاش في بلاطات الملوك والأمراء.. لم تكن ايام ابن خلدون سعيدة دائما، فقد عرف ايضا الخيانات وانقلاب السلاطين عليه وعرف السجن والتجأ احيانا الى اعتزال الناس وعرف الترحال الخ.. لكن كل ذلك يشكل حسب الاستاذ بوحديبة وحدة بين ابن خلدون المفكر وابن خلدون الانسان الذي لم تكن هذه التجارب في الحياة سوى حافز له لمزيد التفكير والتأمل. مع العلم ان كتاب «التعريف» الذي خطه ابن خلدون حول حياته والتعريف بنفسه كان ولازال مصدرا هاما يتم الاعتماد عليه كلما تعلق الامر بسيرة العلامة او عمله الفكري.
وحدة متماسكة
على مستوى اخراج الكتاب تم الالتجاء الى اشبه ما يكون بعملية «المونتاج» جعلت الكتاب يبدو كأنه وحدة متماسكة او كأنه خُطّ بقلم واحد لكن في حقيقة الامر يستطيع القارئ ان يتفطن الى مجهودات الطرفين. النص بالنسبة للأستاذ بوحديبة يمتد على كامل الصفحة أي هو اخرج في عمود واحد في حين توزع النص بالنسبة للمؤرخة منيرة شاباتو رمادي على عمودين الاختلاف يكمن ايضا في لون الصفحات. فهو رمادي فاتح بالنسبة للأول وابيض بالنسبة للثانية. للصورة مكانة بارزة في هذا الكتاب ولم يقتصر دورها على مرافقة نص هذا او تلك. اذ تعمل الصور في حد ذاتها دلالاتها الخاصة وكذلك اضافاتها. فدورها اذن لا يقتصر على الناحية الجمالية. فالصور تحتل مساحات هامة وقلّما نجد صفحة دون ان ترافقها الصورة هي مختلفة في احجامها لكن نجدها احيانا تمتد على صفحتين من الكتاب.
الصور والدلالات
فكرة اثراء النص بوثائق مصورة تعود الى الناشر وقد اوضح السيد محمد المصمودي ذلك في «كلمة الناشر»: الذي فسر هذه الفكرة بالرغبة في اتاحة الفرصة للقارئ «لاستعادة البيئة التي عاش فيها هذا الرجل العظيم وعاش فيها معاصروه». عادة عندما يكون الكتاب حاملا لعنوان كالتالي: «على خُطى ابن خلدون» فان الكاتب يعمد كما يحدث في الغرب على الاقل الى السفر ومحاولة قضاء فترة تماما كما كانت تفعل الشخصية التي تتم محاولة اقتفاء اثرها. في هذا الكتاب لم يلجئ المؤلفان الى ذلك.. فقد كانا في غنى عن هذه المحاولة ذلك ان ابن خلدون اولا ثم المهتمون به ثانيا عرّفوا بكل كبيرة وصغيرة تخصه.. وخاصة تلك التي تهم حياته.. فعندما يكون العنوان «على خطى ابن خلدون» فهو لامحالة يحمل جانبا من الذاتية فلا يكون الكاتب او الباحث مسكونا بفكر الرجل بقدرما يكون مفتونا بتجارب في الحياة وبخصوصيات تلك الحقبة التاريخية. مهمة السفر «على خطى ابن خلدون» قام بها المصوّرون في هذا الكتاب وبالخصوص «مراد بن محمود» الذي نجد اسمه على الغلاف الى جانب المؤلفين والغلاف الخارجي). وقد التقط هذا المصور الفوترغرافي الصور في كل من الاندلس والمغرب والجزائر وتونس بينما قام كل من اسامة طلعت و«جان كلود دافيد» كل من جهته بتصوير معالم القاهرة ودمشق.
هناك عدة صور ذات صلة مباشرة بابن خلدون فهي امّا صورة تقريبية به مرسومة كانت او منحوتة او صورة لاحد المنازل التي عاش بها او للأماكن التي كان كثير التردد عليها لكن بصفة عامة تقدم معظم الصور فكرة عامة عن الطراز المعماري في تلك الحقبة وتفنن اصحابه في التشييد والهندسة والزخرف الامر يتعلق باماكن العبادة والقصور والمنازل والمكتبات والاسواق والحمامات الخ مع امكانية الملاحظة بالنسبة للقارئ للاختلافات في الانماط لكن بالخصوص من ناحية البذخ بين الاندلس وبقية البلدان والمدن وكذلك من ناحية الزخرف.
هذه الصور هي ايضا عبارة عن شهادة عن الحياة الثقافية والفنية في تلك الحقبة ايضا وحتى عن بعض الازمات والمحن مثل مرض الطاعون مثلا. نجد طبعا صورا مجسمة للتحف المختلفة ذات المعدن المختلف الى جانب المخطوطات. ونجد كل صورة مرفوقة بفكرةعن المكان او الموضوع وتاريخ الانجاز واحيانا صاحبها هناك مثلا مجموعة من الصور تعود للأستاذ بوحديبة. الكتاب ضم ايضا صورا نادرة خاصة منها المتعلقة بالمخطوطات وجانب منها ملك للمكتبة الوطنية بتونس. وتعتبر النصوص في حد ذاتها المرافقة للصور فرصة للفت الانتباه لعدة نواحي لم يقع التعرض لها من قبل المؤلفين في بحثيهما فكانت مكملة للبحث مغنية له.
لا بد من الاشارة في هذا الاطار إلى ان كتاب «على خطى ابن خلدون» يعتبر قد اوفى حق الرجل من العناية والاهتمام. فهو كتاب من حيث المضمون، حاول ان يكون شاملا اصحابه فهموا جيدا تلك العلاقة بين النشأة والظروف الاجتماعية والتاريخية ومختلف تجارب الحياة في بناء شخصية الانسان وكذلك في توجهاته العلمية والفكرية لكنهم لن ينفوا عن الرجل التفرد في عدة مجالات المعرفة والفكر الى درجة ان الاستاذ بوحديبة جعل منه مفكرا معاصرا ذلك ان فكره وعلمه وتحذيراته وجدت في الزمن خير مساند لها ذلك ان الزمن اكدها ولازال ابن خلدون ونظرياته خاصةحول التاريخ والعمران تحمل في كل مرة للدارس المفاجآت. من حيث الاخراج فان الكتاب يليق بصاحبه، فهو اولا من الحجم الكبير، ثانيا هو أنيق وفخم ونوعية الورق جيدة. الصور منتقاة بحرص كبير.
اما الاسلوب فهو سهل الهضم وقد تم اقتطاع اكثر من فقرة من تآليف ابن خلدون للتدليل على سلامة الافكار. ولعله تجدر الاشارة الى ان الاستاذ عبد الوهاب بوحديبة قد سخر كل جهده في هذا الكتاب ليقدم للقارئ ابن خلدون كما لم يعرفه من قبل، ابن خلدون الانسان الدي كما عرف النجاح والتألق عرف الانكسار لكنه يبقى ذلك الانسان العبقري الذي يحوّل كل تجربة وكل حالة جديدة في الحياة الى مصدر للتأمل واعمال الفكر لاستخلاص النتائج. وقد ساعده زاده المعرفي وشغفه بالعلوم العقلية و«تكوينه الفلسفي المتين» في قراءة المجتمعات خاصة التي خبرها جيدا، قراءة نقدية تضع العلامة عبد الرحمان ابن خلدون من منظور اغلب دارسيه اليوم في مرتبة متقدمة على عصره لتجعل منه مثلا أب علم الاجتماع بلا منازع.
الكتاب لا يتوقف بالطبع عن مؤلفات ابن خلدون بالاساس ولا يتناولها بالتمحيص، انها عملية رصد لمختلف مراحل حياة الرجل وبالتوازي مع ذلك الوقوف عند خصوصيات تلك الحقبة التاريخية (القرن الرابع عشر ميلادي) التي عاش فيها على مستويات متعددة. ولكن ان كان الكتاب ليس تحقيقا لاعمال ابن خلدون) أليس فكر ابن خلدون وحياته وحدة متماسكة كي نستعيد الفكرة الاساسية للأستاذ بوحديبة في هذا العمل.
حياة السايب (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 فيفري 2007)
انسحاب أصدرت اللجنة الوطنية للاعداد الوطني للاتحاد العام لطلبة تونس بلاغا أكدت فيه على شروعها في توزيع الانخراطات في المدة الأخيرة وجرد الانتخابات التي أنجزت كما أكدت على قرارها للتطبيق الصارم للقانون في انجاز الانتخابات والزام الهياكل الوسطى بتكوين لجان ممثلة لتوزيع الانخراطات كما طلبت رزنامة لذلك ومن ناحية أخرى دعت اللجنة كل مناضلي الاتحاد لتفعيل النقاشات مع كل مكونات الحركة الطلابية قصد الاسهام للإعداد لانجاز المؤتمر التوحيدي ويذكر أن اتحاد الشباب الشيوعي التونسي قاطع اللجنة المذكورة، والمقابل التحقت أطراف فاعلة في ما يعرف بـ »مؤتمر التصحيح » باللجنة الوطنية للإعداد للمؤتمر الموحد خاصة منهم الوطنيون الديمقراطية بالجامعة بعض المستقلين و النقابيون الراديكاليون.
مبادرات جديدة علمت « الوحدة » أن الشخصيات النقابية التي بادرت بتأسيس الجامعة العامة التونسية للشغل تعتزم القيام بمبادرات جريدة في ما يتعلق بالاتصال بالنقابيين وتنظيم بعض اللقاءات في الجهات وذلك لشرح أسباب هذه المبادة وطبيعتها.
وقد أصدرت هذه الشخصيات مؤخرا بيانا للرأي العام الوطني تناول جوانب من الأسباب التي كانت وراء هذه المبادة التي وضعها أصحابها تحت شعار « لا نريد نقابة ثانية أو موازية بل نقابة مختلفة » وأشاروا فيه أيضا إلى أن التعددية النقابية المطروحة اليوم بتونس تنبع من قناعة مبدئية بحرية التنظيم النقابي وإلى أن بروز منظمة نقابية جديدة إلى جانب الاتحاد على أسس الانتماء الحر هو عمل مفيد ومثمر للحركة النقابية وللاتحاد العام التونسي للشغل بالذات.
(المصدر: صحيفة « الوحدة » (أسبوعية – تونس)، العدد 536 بتاريخ 24 فيفري 2007)
محــطــات
• مشــهد: المكان: الدبّاغين… حيث ترصّف الكتب على قارعة الطريق ولا من مشتري… تقبع مقدمة ابن خلدون في طبعة قديمة أكلها السوس على الرصيف تدوس عليها أقدام بعض المارة الذين لم ينتبهوا لوجودها ولم يحرّكهم الفضول حتى للنظر في عنوانها، جالت في ذهني فكرة وأنا أشاهد هذا الكتاب الذي ملأ الدنيا وشغل الناس على حاله تلك، ماذا لو كان مكان الكتاب صورة لهيفاء وهبي وهي مثلا…. هل كانت ستلاقي المآل نفسه؟
• بدون تـعليـق: معلّقة مكتوبة بالبنط العريض وبلون فاقع وفي أحد الساحات العامة… «
شرجي بدينار وإنت إلي تختار
» وتصوروا كيف يمكن أن يعلّق على الجملة ضيف أو سائح من أي قطر عربي !
• النـاس بــوجوهـها: قال أجدادنا قديما « الناس بوجوهها » لكن الناظر والمدقق في فتياتنا الرائحات الغاديات في شوارعنا بملابسهن الملتصقة على أجسادهن فإن تلك المقولة سوف تدحض ليصير الناس هنا بخلفيّأتهم… والخلفية هنا ليست فكرية أو حضارية وإنما جسدية !!
• غــلاء فــاحش: حدّثني صديق ملتاع قال: في أحد أيام الأسبوع الفارط ألحّت علي زوجتي بعد أن ضاقت بجدران المنزل أن أخرجها من سجنها حسب زعمها وأرفّه عنها ثل بقية الخلق، قبلت على مضض ونفشت ريشي بعد بعض المدح وقصدت حيّ النصر. النصر منتصرا على الفقر وأبوه اللعين.. اخترنا احدى المقاهي وجلسنا ورحّب بنا النادل بضحكته الصفراء المتقنة وطلبنا فنجانين من القهوة العربي بسرعة وبحركات متقنة وضع أمامنا المطلوب ومعه صحن صغير يحتوي ثلاث قطع من الحلويات التونسية وضع فاتورة أنيقة أناقة المحل ونادله، ومن باب الفضول والاحتياط اطلعت عليها لأصيب بعد ذلك بنكسة في القلب والجيب: 22 دينارا أو تفصيلها القهوتين بستة دنانير والباقي للحلويات، ظننت أن الرجل ظنني سائحا أجنبيا فكلّمته بالتونسي ليعيد لي الابتسامة ويقول بثبات الواثق من معلوماته: تلك هي أسعارنا !
فضاق صدري: تلك أمرّ قهوة أشربها في حياتي تكلّفت لي بأكثر من مصروف أسبوع للعائلة !! فهل من رقيب على مثل هذه المحلات أم أن كلامك يا هذا….. !
• خطــأ بسيـط: أحد المواطنين قصد احدى مكاتب احدى البلديات لاستخراج مضمون ولادة… ليجد نفسه عندما تفحص في هذه الوثيقة مطلقا منذ سنة دون علمة… بينما المسكين قد ترك أم أولاده في المنزل… ولما تساءل عن هذا الاشكال أجابته احدى الموظفات بأن الأمر يمكن أن يكون خطأ متعلقا بالحاسوب… فسأل ما الحل إذا لتكون الاجابة أن هذا الخطأ لا يمكن إصلاحه إلا برفع قضية… فتساءل المسكين في دهشة: ضدّ من؟ ضد الحاسوب !!
محمد (المصدر: صحيفة « الوحدة » (أسبوعية – تونس)، العدد 536 بتاريخ 24 فيفري 2007)
في قوة المعارضة قوة لدولة وضمانة لقيم الجمهورية
بقلم: محمد بوشيحة لئن كان انعقاد اللجنة المركزية للحزب الحاكم خلال الأسبوع الماضي شأنا حزبيا بالأساس بغض النظر عن تداعياته على الحياة العامة، فان الخطاب الذي توجه به رئيس الدولة في ختام هذه الدورة لم يكن كذلك بكل المقاييس.
ذلك أن السيد الرئيس لم يتحدث بصفته رئيسا للحزب الحاكم، بل باعتباره رئيسا لكل التونسيين وأعلى هرم في السلطة السياسية التونسية والضامن الأول لتنفيذ الدستور والقانون.
والأكيد ان هذا الخطاب بما احتواه من تشخيص هادئ للوضع الحزبي والوطني لم يفاجئ أغلب المتتبعين للساحة الوطنية. وان كان قد خيب آمال قلة، في مواقع مختلفة من المشهد السياسي، راهنت على انغلاق النظام بعد إحباط المؤامرة الإرهابية وجندت خيالها السياسي لرسم سيناريوهات الإيقافات الاعتباطية ولجان اليقظة وتقليص مساحات الحريات الأساسية وتهميش المعارضة والمجتمع المدني..
ان الإشارات الى أجندة وطنية لتعميق التجربة الديمقراطية وتعزيز المسار التعددي وتأكيد دور الأحزاب قد تعددت منذ مطلع السنة بشكل أكثر كثافة من السنوات السابقة، ولم يترك الرئيس بن علي أي مناسبة دون التأكيد على سيره على منهج الإصلاحات منذ كلمة المعايدة الموجهة تلفزيا وإذاعيا الى الشعب واستقباله للأمناء العامين لثلاثة أحزاب… بما يؤكد أن خيار الانغلاق والانكماش الذي تمناه البعض على اختلاف مواقعهم لم ولن يكون واردا على أجندة رئيس الدولة..
لقد وضع الرئيس بن علي تصوره للمرحلة القادمة على أساس الدستور وقيم الجمهورية وهذا التصور ينبني على مفهوم متطور للديمقراطية بعيدا عن المقولات البالية التي تحصرها في حكم الأغلبية، وفي تناغم مع مقولة ان الديمقرطية هي احترام الأقليات، وبعيدا عن الشعاراتية التي طالما صبغت مواقف الكثيرين من منخرطي الحزب الحاكم حول افتقار أحزاب المعارضة لبرامج وتصورات، وفي انسجام مع المسار التوافقي القائم على الحوار الصريح والنقد البناء والذي قاد في فترة ما الى ميثاق وطني نحن اليوم في أشد الحاجة الى تقييمه موضوعيا لرسم ميثاق جديد يضم القوى المدنية المؤمنة بخيار الديمقراطية ومبادئ الجمهورية وقيم المواطنة مهما اختلفت مواقعها وتقييماتها اذا اختارت نهج الحوار الوطني..
ان الرئيس بن علي يفتح الطريق أمام طلاق بائن مع الافكار التي طالما راجت واستبدت بسلوك عديد المسؤولين في الحزب الحاكم وحتى – للأسف – في الادارة والتي تربط الوطنية بالانتماء الى الحزب الحاكم، وتكيل لكل صوت مستقل أو معارض شتى أنواع التهم، وتضع أمامه أحيانا مختلف العراقيل لا في النشاط الحزبي أو الجمعياتي بل حتى في مساره المهني أحيانا.. انها عقلية الحزب الواحد التي مازالت للاسف تفعل فعلها في بعض الاوساط وعديد الجهات خاصة في المدن الصغرى والارياف، ولذلك فان تأكيد رئيس الدولة « أن وجود حزب قوي للاغلبية يقتضي وجود أحزاب وطنية قوية للمعارضة، لأن في قوة المعارضة قوة لحزب الاغلبية ».
رسالة واضحة ودعوة للانضباط والمساهمة في إنضاج التحول الديمقراطي، كما أنه تأكيد صارم يترجم إرادة صادقة في تلافي بعض مسببات تقلص العمل الحزبي المعارض خارج المدن الكبرى، وهذا ما لمسناه والحق يقال منذ بضع سنوات لدى العديد من الولاة والمعتمدين وحتى المسؤولين التجمعيين في عديد المناطق من البلاد.. اننا في حزب الوحدة الشعبية لم نفتر يوما عن مساندة المشروع الاصلاحي للرئيس زين العابدين بن علي ولم نفتر عن التأكيد على أن تطور التجربة الديمقراطية يقتضي فك الارتباط بين دواليب الدولة وهياكل الحزب الحاكم، وما زلنا نؤكد ذلك، كما نؤكد بكل موضوعية أن اصلاحا بهذا الحجم لا بد فيه من المرحلية أولا ولا بد فيه أيضا وأساسا ان يتم بقناعة وايمان داخل الحزب الحاكم باعتباره خدمة لتونس وللأجيال القادمة.. ولا سبيل لذلك غير الحوار..
لقد تحول الحزب الحاكم في العهد السابق إلى حزب ينفذ قرارات الإدارة ويدافع عن خيارات الحكومة مقابل ما يتحصل عليه منخرطوه من امتيازات، ولكن هذا الحزب بمجيء الرئيس بن علي إلى رئاسته قد تغير كثيرا وسرت فيه دماء التشبيب وضم إطارات عليا لا تحمل في عقولها المقولات البالية للحزب الواحد وتؤمن بالاختلاف والحق في المعارضة وتضع مصلحة الوطن قبل مصلحة الحزب.
وما دعوة الرئيس إلى « أن يكون الحزب متقدما على الدولة في طرحه للأفكار والتصورات » إلا نتاج وعي بأن مخلفات العهد السابق وعقلية التعامل مع الدولة كملكية حزبية أو كمصدر للارتقاء الاجتماعي والتمايز مازالت لم تمسح تماما ليحل محلها تصور حزب حاكم يحكم لا بفضل ما أنجزه في التاريخ – على أهميته – بل بفضل ما يقدمه للمستقبل من أفكار وتصورات ومقاربات..
اننا نطمح ان يكون حزبنا وأحزاب المعارضة الأخرى على اختلافنا معها، أحزابا قوية لها حضور فاعل في المشهد السياسي الوطني، ولكننا نريد أيضا ان يكون الحزب الحاكم قويا بتصوراته وأفكاره وبرامجه لا بمجرد اقترانه بالادارة.. وهذا الطموح ممكن التحقق اذا ما وعى الجميع بأن مصلحة البلاد أبقى من مصلحة الأحزاب.. ونأمل أن يكون احتفال بلادنا بخمسينية إعلان الجمهورية مناسبة لإعلان شوط جديد أكثر تقدما في الحياة السياسية.
(المصدر: صحيفة « الوحدة » (أسبوعية – تونس)، العدد 536 بتاريخ 24 فيفري 2007)
التلفزة ومقص الأخلاق الحميدة !!
فردوس جميل أن تتفتح تلفزتنا الوطنية على مختلف الابداعات المسرحية والسينمائية بعرضها للجمهور العريض خاص وأن خزينتها التي قارب أن ينخرها السوق تزخر بمئات الأعمال المسرحية التونسية وبعشرات الأشرطة السينمائية.
لكن الأجمل من كل هذا أن يتصرف جماعة التلفزة في هذه العمال على طريقته الخاصة بالحذف والقص إن لم نقل بالصنصرة دون احترام الأعمال ولا أصحابها وبطريقة مشوهة ليشاهد المتفرج مسرحية أو شريطا لعب المقص بجزء هام من أحداثه بدعوى أن الأمر متصل بحماية مشاعر المتفرج وباحترام الأخلاق الحميدة وكأن هذه الأعمال الفنية « قليلة تربية » أو تروّج للاسفاف أو كأنها لم تمرّ على لجان توجيه سمحت بعرضها للعموم. أو لكأن المشاهد قاصر وجبت المحافظة عليه وتوجيهه في ضرب من الوصاية الأخلاقية الخاوية التي تقلّل من احترام حرية المبدع ومن العمل الابداعي نفسه سواء في السينما أو المسرح.
ولسائل أن يسأل هنا هل أن الأمر ينسحب هنا عن المسرح والسينما فقط ! لأن ما تمرّره التلفزة من شطحات غنائية وفيديو كليبية يمكن أن تمس هي الأخرى من « الأخلاق الحميدة » كما أن تمرير أغاني المزود والربوخ في التلفزة هو في كل الأحال إساءة للذوق العام مع احترامنا للمزود وعشاقه الذي يبقى له مجاله.
وهنا وفي أسوأ الحالات كان من المكن تشريك أصحاب هذه الأعمال في عملية القص والصنصرة أو استشارتهم على الأقل احتراما للجانب الفني ولتمشي الأحداث في هذه الأعمال حتى لا يشاهدها المتفرج مبتورة خالية من كل تسلسل وغير مفهومة لأن في هذه العملية عدم احترام لوعي المتفرج وكذلك لمجهود المبدع فعدم بث هذه الأعمال هنا أفضل بكثير من تشويهها وتقديمها بلتك الطريقة كما أن هذه المشاهد التي تسعى التلفزة لحماية أخلاقه من هذه الأعمال العديمة الأخلاق يشاهد يوميا مئات الفضائيات التي يمكن أن توفر له الخيارات الكثيرة للفرجة دون مقص ودون صنصرة وبهذا يبقى الاختيار في النهاية للمتفرج الذي على إدارة التلفزة أن تفكر في احترامه واحترامه هنا لا يمر إلا عبر احترام وعيه وفكره دون وصاية أخلاقية فارغة من محتواها.
(المصدر: صحيفة « الوحدة » (أسبوعية – تونس)، العدد 536 بتاريخ 24 فيفري 2007)
آخر لحظة
فضيحة هزت مدينة سوسة
بقلم محمد عمار
أصبح الخبر أشبه بالكابوس، المدينة تصحو وتنام على قضية « اللحم المغشوش ». تشعبت المسألة ومفاتيح حل هذا اللغز تبقى بين أيادي العدالة. الحكاية انطلقت عندما تم إيقاف شاحنة في طريقها إلى جوهرة الساحل محملة بالحوت (السمك) وقادمة من الجماهيرية الليبية لفائدة شركة توريد وتصدير مختصة في « تبريد منتوجات البحر » وعلى ملك لاعب دولي سابق. قامت فرقة من مراقبة الديوانة بمعاينة ما بداخل الشاحنة حيث تم العثور على كميات كبيرة من اللحم « المهرب » تحت حاويات الحوت. وبالتحري في الموضوع توضح أن نحو 4 أطنان من هذا اللحم الفاسد كانت قد دخلت بطريقة غير قانونية إلى ليبيا. وتفيد مصادر « الجريدة » أن هذه اللحوم تعود إلى البرازيل وبلغاريا أين تفشت عدة أمراض معدية.
أطوار القصة تتواصل عندما طلب أعوان مراقبة الديوانة من المعني بالأمر (لاعب كرة القدم السابق) بتفتيش مخازن التبريد حيث أوهمهم بأن المعمل مغلق منذ ثلاثة أشهر ومفاتيحه ليست بحوزته بل وقع نسيانها في العاصمة. وبعد إعلام السلط المحلية، تمت المرابطة بالمكان حتى وقع فتح المخازن في الغد حيث تم العثور على كميات من جراد البحر (Chevrettes) تعفنت جراء أطنان اللحوم الفاسدة الموردة بطريقة غير قانونية. ومما تجدر الإشارة إليه أن شركة التبريد ومصبرات السمك يمتلك فيها اللاعب السابق المذكور نحو 80% من أسهمها في حين تمتلك زوجته نحو 20% ويقوم شقيقه بإدارتها.
ومما يذكر أيضا أن مدير الشركة والطبيب البيطري على ذمة التحقيق. وباتصالنا بالإدارة العام للديوانة لمعرفة آخر التطورات تم إعلامنا بأن القضية يسودها التكتم حتى يتم النظر فيها من طرف العدالة. والسؤال المطروح هل وقع تسريب كميات من هذا اللحم إلى منشآت عمومية وخاصة ؟ أكيد أن الأيام القليلة القادمة ستحمل معها تفسيرات وتوضيحات أكثر حول هذه الفضيحة.
أعطوهم فرصة
بقلم جمال العرفاوي
شهدت الآونة الأخيرة ندوات متعددة العناوين يتناول جميعها قضايا الشباب كل من زاويته وذلك على مستويات مختلفة سواء كانت رسمية أو على مستوى أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني وهو أمر يعبر عن استفاقة نتمنى أن تكون في وقتها لمعالجة قضية أصبحت تؤرق جميع التونسيين والتونسيات. يتفق الجميع حول وجود أزمة وهذا الاعتراف هو بداية لعلاج حقيقي فالدراسات والأرقام أصبحت متوفرة حول توجهات ورغبات وسلوكيات شبابنا وبالتالي فان وضع وصفة للشفاء سيكون ممكنا ويسيرا.
لقد بدأنا اليوم نسال شبابنا عن رأيه في الدين والسياسة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والهوية وصولا إلى الزواج. ويبدو أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها بلادنا خلال نهاية السنة الماضية أزاحت الغطاء عن المستور وحملت الجميع على طرح الأسئلة الحائرة والصعبة وهذا التمشي من شانه في حالة تواصله أن يربحنا الكثير من الوقت ويدفع عنا غدر المجهول.
فالرضاء عن النفس وتأجيل مواجهة الإشكالية من شانه أن يشل ملكة التفكير وروح المبادرة ويحرمنا من أن نعطي أفضل مما لدينا. فالاستماع إلى شبابنا باهتمام وقبول زلاته وتقويمها بلغة العصر أي لغة الحوار والإقناع دون مواربة أو غموض من شانه أن يمنح هؤلاء الثقة بالنفس والثقة في الآخر وأخيرا الثقة في المستقبل والتطلع إليه بكل ايجابية.
فبلادنا على مر العصور هي موطن الاعتدال والتسامح والوسطية ومناهجنا الدراسية والتربوية منذ فجر الاستقلال عملت ولا تزال على ترسيخ تلك المفاهيم، فالانزلاق نحو العنف والذي شاهدنا فصولا منه خلال نهاية السنة الماضية ليس أمرا متأصلا فينا وتنبذه الأغلبية الساحقة من المجتمع على مختلف طبقاته وتوجهاته الفكرية والسياسية.
على التونسيين والتونسيات أن يساهم كل من موقعه مهما كبر أو صغر وأن يدفعوا قدما بعقلنة الحوار وان يلتزموا بشفافيته ولا أن يفكروا في جني المغانم السياسية والاجتماعية من كل أزمة لأنهم في النهاية سيكتشفون أن مغانمهم ليست إلا أوهام إذا ما قورنت بالخسائر التي سيجنيها الجميع من كفر شبابنا بالمستقبل. وبلغة الحروب « أن التمعن جيدا في تفاصيل معركة رابحة ستجدونها تساوي الهزيمة ». علينا أن ننظر إلى وجه عيون شبابنا بكل صدق وسوف نعرف انه لا يطالبنا بأي شيء سوى أن نمنحه فرصة.
ندوة حول انتشار العنف في المغرب العربي
بقلم جمال العرفاوي
أقامت حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ندوة بمناسبة إحياء الذكرى الـ18 لانبعاث اتحاد المغرب العربي فتح خلالها ملف العنف لدى الشباب المغاربي. وقال السيد إسماعيل بولحية الأمين العام للحركة في تقديمه للندوة التي حضرها العديد من الباحثين والإعلاميين ومجموعة هامة من الشباب والطلبة، « إن اختيارنا لمناقشة أسباب انتشار ظاهرة العنف في المنطقة المغاربية لم يكن صدفة وإنما أملته الأوضاع التي تعيشها المنطقة ». وأشار بولحية في تقديمه للندوة إلى تزايد « ظاهرة التغرير ببعض العناصر الشابة والمتعلمة لإيقاعهم في متاهات الفكر المتطرف السلفي والزج بهم في أعمال إرهابية ببلداننا المغاربية باسم ما أعلن عنه أخيرا « القاعدة في المغرب الإسلامي » وهو ما يتنافى مع تعبئة الجيل الجديد لبناء مغرب موحد ديمقراطي وحداثي متفاعلا مع عصره ».
من جهته دعا عضو لجنة التنمية السياسية في حركة الديمقراطيين الاشتراكيين السيد علية العلاني « إلى ضرورة عدم التوقف عند إدانة ظاهرة العنف بل وجب السعي لفهم جذورها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية حتى يتسنى إيجاد العلاج الناجع لها ». وقال علية أن « الشباب الذي سقط في فخ العنف ينتمي إلى الفئة العمرية التي تتراوح بين الـ20 و30 سنة ومن أصحاب الكفاءات العلمية والمتميزين في الدراسة لكن ثقافته الدينية سطحية يسهل التغرير به عبر اجتهادات ونصوص خاطئة ». واتهم علية الأنظمة السياسية في المنطقة المغاربية بالمساهمة الضمنية في هذه الظاهرة « عبر انغلاقها الفكري والسياسي تضاف إليها الوضعية الاقتصادية والاجتماعية الهشة ».
من جهته قال الباحث الجامعي الدكتور منصف وناس أن الشباب المغاربي يعيش حالة يأس وتصحر فكري بسبب السياسات الخاطئة لحكومات الاستقلال في المغرب العربي « لقد شهدت مرحلة ما بعد استقلال مختلف بلداننا سياسات خاطئة تراوحت بين ثلاث عناصر متباينة :
· إدماج الشباب في الهياكل السياسية والايديولجية للأحزاب الحاكمة ويتخذ هذا الإدماج طابع الإجبار والإكراه وفي أحسن الأحوال يتخذ طابعا انتهازيا. · التعامل بكل قسوة مع كل الشباب الذي اختلف مع هؤلاء الحكام في الرأي وخاصة في الجامعات والنقابات. · اختيار سياسة اللامبالاة في التعامل مع الكفاءات الشابة التي تنأى بنفسها عن الأحزاب الحاكمة أو التنظيمات القريبة منها. »
وحسب السيد وناس فان هذه الخيارات لم تساعد في إيجاد شباب فاعل ومشارك في الحياة السياسية قادر على التأثير في صنع القرار السياسي « وبعد أربعة عقود أدت جميع الحالات السياسية المبرمجة للشباب المغاربي إلى حالات من الإحباط الشاقة والصعبة ».
وقال وناس أن الأرقام تشير إلى أن المنطقة المغاربية التي تعد الآن 50 مليون شاب ستصبح 70 مليون بحلول سنة 2030، « ولكننا لا نرى أية مؤشرات تشير إلى اهتمام جدي بأهمية وخطورة هذه الإحصاءات بل العكس هو الذي نلمسه الآن ». وقال وناس انه استنادا لإحصاءات مؤسسة الدرك الوطني في الجزائر نشرت السنة الماضية « فقد بلغت نسبة انتشار المخدرات في صفوف الشباب المدرسي 45 بالمائة في كامل التراب الجزائري أما في ليبيا ووفقا لإحصاءات مؤسسة القذافي للتنمية فإنها بلغت نسبة الـ70 بالمائة ». أما عن نسبة الأمية في المنطقة المغاربية يقول وناس « فانه استنادا لإحصاءات اليونسكو لسنة 2004 فقد بلغت 50 بالمائة ».
وعلى الرغم من الطفرة النفطية التي تمر بها الجزائر وليبيا فإن نسبة مديونية البلدان المغاربية تجاوزت الـ71 مليار دولار (الجزائر 23 مليار دولار – تونس 12 مليار دولار – موريطانيا 8 مليار دولار فالمغرب 16 مليار دولار وليبيا 5 مليار دولار) كما تصل نسبة الفقر حسب الدكتور منصف وناس إلى 80 بالمائة في الريف الموريطاني مقابل 40 بالمائة في المغرب و25 بالمائة في الجزائر.
وتساءل الدكتور وناس وهو يختم تدخله : « هل يمكن أن يجد من يسعى إلى تعبئة شبابنا بالأفكار المتطرفة صعوبة في تجنيده أو إرساله نحو قوارب الموت ؟ ». الدكتور وناس قال إن الجميع مسؤولون عن هذه الحالة السلبية والخطيرة فالحكومات مطالبة بتوفير الحياة الكريمة لمواطنيها والمجتمع المدني مدعو أن يساهم في تأطير شبابنا عبر تقديم أو خلق القدوة الحسنة وتعميمها وإبرازها وابرزا نجاحاتها حتى لا يعم اليأس لان اليأس أفضل طريق للتطرف ».
من جهته جادل الباحث والجامعي سامي براهم إن كان تنامي العنف في المنطقة المغاربية يعود إلى تردي الحالتين الاجتماعية والاقتصادية : « لا اعتقد ذلك وإنما الأمر يعود إلى أسباب أعمق من أن نردها للحالتين الاجتماعية والاقتصادية فالمغرب الذي يعيش الآن تحت تهديد الجماعات المتطرفة أقدم على الكثير من الإصلاحات الايجابية ولكن مواقف المتطرفين بقيت على حالها ». وأضاف براهم « هناك من يربط تنامي ظاهرة العنف بسبب ارتخاء القبضة الأمنية وآخرون يقولون العكس ولكن لم يسع احد من هؤلاء إلى تشريح البنية الفكرية لهؤلاء التكفيريين الذين يعتقدون جازمين انه عليهم إقامة الحاكمية التي عبرها سيعم الإسلام كامل المعمورة وذلك عبر الجهاد وتكفير كل من يشكك في ذلك ولديهم ترسانة من النصوص حتى وان كانت ضعيفة لدعم دعاويهم ». وقال براهم إن هذا المفهوم -الحاكمية– هو « مفهوم سحري من شانه أن يجيش عقول الشباب ».
براهم دعا إلى استئناف عملية الإصلاح الديني وتنمية الوعي « فالحداثة الغربية مرت بالإصلاح الديني »، مضيفا أن « ما وقع في تونس وما سيقع في المغرب العربي من عنف هو نتيجة لاختراق هذه الجماعات للمنظومة التربوية والإعلامية والسياسية ».
أما أستاذة الإعلام سلوى الشرفي فقد دعت إلى تطوير الخطاب الإعلامي الوطني الذي يفتقد للمصداقية « مما سمح للقنوات الفضائية الرجعية من بث أفكارها الرجعية في عقول شبابنا ». وقالت الشرفي أن « بعض طلبتها يجادلونها في الدرس بحجج ذات بعد سلفي متخلف تعلموها من خلال متابعتهم لتلك القنوات التي أصبحت لها سطوة على عقول الكثير من شبابنا ». الشرفي كشفت أن « اثنين من طلبتها تمت إحالتهما على القضاء التونسي بتهم متعلقة بمشاركتهما في أنشطة إرهابية ».
الحلّ في الاقرار بإستقلالية الرابطة!
بقلم: سالم الحدّاد
مرت سنة ونصف تقريبا على الموعد الذي حددته الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان لعقد مؤتمرها الذي كان مقررا لسبتمبر 2005. وطوال هذه المدة اغلقت مقرات الرابطة في كل الولايات ووضعت تحت حراسة امنية متواصلة وتوقفت انشطتها حتى داخل فضاءات اخرى، ويتساءل المواطنون المتابعون لهذه الازمة عن خلفيتها وابعادها، فلماذا تعمد السلطة الى غلق ابواب هذه المقرات؟ هل انتهكت الرابطة حرمة القوانين المنظمة لها؟ هل كانت لها علاقات مريبة مع قوى خارجية تزعزع استقرار البلاد؟ هل تجاوزت الهيئة المديرة صلاحيتها؟. وباختصار ماهي المبررات التي استندت اليها السلطة لعرقلة نشاط الرابطة؟ ماهي الاساليب التي توختها؟ والى اي مدى كانت محترمة لدستور البلاد وقوانينها؟ كيف واجه المناضلون الرابطيون هذه الاساليب؟ هل هناك امكانية لتجاوز هذا المأزق الذي صار محرجا من ناحية للحكومة التونسية في علاقاتها الدولية وخاصة على المستوى الاوروبي ومعرقلا من ناحية اخرى لمهمة الرابطة في اداء وظيفتها الانسانية؟.
قبل ان اجيب عن هذه التساؤلات لابد من تقديم ملاحظة اساسية وهي ان معالجة القضايا المستعصية تتطلب امرين:
1 ـ ان يقع التعامل مباشرة مع الهيكل الشرعي الممثل لا مع الوسطاء ولا مع الوكلاء مع احترامي لهؤلاء وتحفّظي على وظيفتهم وتقديري لأولئك وتثميني لدورهم فالوسطاء قد عز عليهم ان يروا الرابطة التي اقاموا صرحها في سنوات الجمر في السبعينات تنوشها السهام، أما الوكلاء فانهم يدركون ان عملهم سوف لن يفضي الا الى تمكين السلطة من تسليط المزيد من الضغوط عليها قصد تهميش دورها.
وقد اكد التاريخ السياسي والاجتماعي البعيد والقريب حقيقتين: أ ـ ان التعويل على البدائل المهزوزة لا يزيد المناضلين إلاّ تشبثا بهيكلهم الشرعي بما له وما عليه. ب ـ ان هذه المساعي قد تعرقل نشاط الرابطة ولكنها لا توقف مسيرتها.
2 ـ امتلاك الشجاعة الكافية التي تمكّن من التعاطي مع الاشكالات الاساسية المطروحة بطريقة موضوعية وبرؤية استشرافية تزيل كل الاسباب التي جعلت العلاقات بين النظام ومنظمات المجتمع المدني متوترة منذ زمن ليس بالقصير فالتركيز على القضية المحورية الحساسة وتفكيك عناصرها يساعد على معالجتها دون مراوغة او التواء وبعيدا عن التوظيف.
انطلاقا من هذين المعطيين، فإني اعتبر أنّ المشكل يتعلق بطرفين هما: الحكومة التونسية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان دون غيرهما فهما المؤهلان للنظر في هذه الاشكالية لسبب بسيط هو ان الرابطة منظمة شرعية ممثلة ومستقلة واي تشكيك في اي معطى يعني العمل على تهرئتها وتدجينها، وهذا ما يرفضه المناضلون الرابطيون وكل الغيورين على استقلالية المجتمع المدني مهما كانت مواقفهم من المستجدات الأخيرة. وفي انتظار ان تكون الحكومة مستعدة للبحث عن حلول وفاقية مع الهيئة المديرة فإنه من حق بل من واجب كل من يأنس في نفسه المساهمة ان يدلي بدلوه لبلورة الاشكالات المطروحة ولانارة الرأي العام الوطني حول هذه القضية التي تتجاوز الرابطة لتلامس حاجة بلادنا لارساء الديمقراطية التي لا يمكن تحقيق التنمية الشاملة في غيابها.
أين الخلل؟
أوّلا ـ الحكومة: الخلل في الرابطة؟
إنّ الازمة من وجهة نظر الحكومة كما رشحت من وسائل الاعلام الرسمية وشبه الرسمية لها جانبان: جانب قانوني وآخر سياسي. الجانب القانوني يتمثل في عملية دمج بعض الفروع المتقاربة مكانيا والتي يقل عدد منخرطيها عن الخمسين عضوا، وقد انجزت الهيئة المديرة هذه المهمة استنادا الى الفصلين العاشر والحادي عشر من القانون الاساسي بموافقة من المجلس الوطني وقد احيل هذا الملف الى القضاء للنظر فيه اثر شكوى تقدم بها 4 منخرطين انسحب منهما اثنان غير انه لم يقع البت فيه رغم مرور اكثر من سنة ونصف انعقدت خلالها أكثر من ثلاثين جلسة وكلها تنتهي بترحيل القضية الى مواعيد لاحقة آخرها 17 فيفري 2007. الخلفية السياسية وهي المسكوت عنها والتي لم يقع التصريح بها بصفة رسمية مع انها القضية المحورية ـ ولكنها رشحت عبر وسائل الاعلام الرسمية او شبه الرسمية ويمكن اختزالها في ما يلي:
1 ـ تحجيم الرابطة لتواجد التجمعين الدستوريين في صفوفها من خلال ضمّ بعض الفروع وتحويلهم لاقلية غير فاعلة. 2 ـ سيطرة عناصر متطرفة مناهضة للسلطة على الرابطة. 3 ـ استقواء الرابطة بالاجنبي فلنحاول ان نفكك كل عنصر من هذه العناصر.
1 ـ تهميش دور التجمع الدستوري في الرابطة ان السلطة تعرف قبل غيرها ان عدد المنخرطين في الرابطة لم يتغير وان الهيئة المديرة المنبثقة عن المؤتمر الخامس لم تسلم اي اشتراك جديد ولم تسحب اي انخراط قديم، كل ما قامت انها ضمّت الفروع التي بها عدد من المنخرطين دون الخمسين اقتصادا للامكانيات وتحقيقا للفاعلية. نعم ان هذا الاجراء قد يقلص من عدد نوابهم في المؤتمر لكن هل بقاؤهم بنفس العدد ـ كما كانوا في المؤتمر الخامس ـ سيغير من موازين القوى داخل الرابطة في المؤتمر السادس؟ بالتأكيد ان ذلك لن يحدث، لسبب بسيط، هو ان ّ الانتماء للرابطة يقوم على الانخراط الفردي اولا وحتى الحساسيات المتواجدة لا تشكل اية واحدة منها اكثرية ولا اجازف حين اقول ان التجمع الدستوري هو اكبر حساسية من حيث عدد المنخرطين، حينئذ اين المشكلة ؟ انها تكمن فيما اعتاد عليه هؤلاء، وهو ان يكونوا اغلبية مهيمنة يحولون المنظمة الى تشكيلة حزبية مدجنة، وهذا ما تأباه التقاليد الدّيمقراطية التي يناضل المجتمع المدني من اجل ارسائها، والحل حينئذ هو ان يروّضوا انفسهم كي يكونوا اقلية متعاونة لا اكثرية مهيمنة.
2 ـ سيطرة عناصر متطرّفة كل من عاش الرابطة من الداخل وتفاعل مع مكوناتها افرادا وجماعات يعرف انها تحولت مع الزمن الى مجتمع ديمقراطي صغير يتميز بتعددية التيارات السياسية والفكرية التي بدأت تروّض نفسها على التعايش من خلال الحوار والحجاج وهذا ما قلّص إلى حد بعيد العلاقات التصادمية بين مكونات الرابطة، لذا فالقول بأن هناك أقلية مهيمنة تمرّر خطابها الايديولوجي او مواقفها السياسية امر لا يخلو من خلفية سياسة تستهدف تشويه الرابطة وتبرير مضايقتها، ولعلّ أوضح حجة على ذلك هي ادبيات الرابطة، فهل في هذه الادبيات ما يوحي بتوجه سياسي معين؟ هل هناك توظيف للمنظمة بشكل خطيّ؟ ثم هل كانت الرابطة او فروعها انتقائية في القضايا التي تتعامل معها او تتبنى الدفاع عنها؟
ولنفترض جدلا ان ما يقال صحيح، الا تمتلك هذه المنظمة الاليات التي تعدل بها موازين القوى داخلها وتصحح بها مسارها؟ أليس الاجدر ان يترك لها ولهياكلها فرصة الخطإ والصواب؟ ما الفائدة من تسليط الضغوط عليها من الخارج وهي التي لا تفضي الا الى نتائج عكسيّة؟ ألم ترفض دولنا الاصلاح المفروض عليها من الخارج ـ وهي على حق ـ فلماذا تضايق منظماتها في الداخل حتى تسايرها في خياراتها؟
3 ـ الاستقواء بالاجنبي لا اعتقد ان من يطلق هذا الادّعاء يمتلك أسرار الغيب أو أسرار مخابرات / س. ي. أ/ او /ك.ج.ب/ او الموساد حتى يثبت ما يزعم لكن من الحقائق المسلم بها في عالم المال والاعمال هي ان الالية التي تتحكم في علاقات الدول العظمى بغيرها هي المصالح فهؤلاء «ليس لهم لا اعداء ولا اصدقاء وانما لهم مصالح» ومن البلاهة ان نتصور ان هذه القوى تراهن على الرابطة او على اية منظمة من منظمات المجتمع المدني لتحقيق مصالحها ومع ذلك يمكن لهذه القوى ان تستخدم المجتمع المدني وسيلة للضغط والمساومة مع الانظمة الوطنية فلماذا لا تقوم هذه الانظمة بسد كل الثغرات التي تتسلل منها الطوابير وتقطع عليها الطريق؟ وأخيرا وليس آخرا هل القوى العظمى في حاجة الى من ينشر لها غسيل النظام او يكشف لها مستور الرابطة؟
نتيجة لهذه القناعة عمدت السلطة الى: ـ غلق مقرات الفروع ومنع النشاط بها ـ حرمانها من الموارد المالية التي حصلت عليها من الاتحاد الاوروبي. ـ محاصرة مقرها المركزي ومراقبة رواده ـ منع انعقاد المجالس الوطنية ـ غلق ابواب الحوار سواء على مستوى وطني او جهوي
كل هذه الاجراءات افضت الى عرقلة نشاط الرابطة والحيلولة دون اداء دورها الانساني واذا كانت هذه مآخذ السلطة من الرابطة فما هو مآخذ الرابطة على السلطة؟
ثانيا ـ الرابطة : الخلل في رفض السلطة لاستقلالية الرابطة
تعتبر منظمات المجتمع المدني السلطة الحيوية الموازية التي صار تواجدها ضروريا لخلق نوع من التوازن السياسي والاجتماعي، ينأى بالمجتمع عن الصراعات التقليدية العنيفة ويتوخى نضالات سلمية تستند للحوار وتبادل الاراء وتنظيم التظاهرات الاجتماعية والثقافية التي تعكس مظاهر التمدن والحداثة؟ والسؤال هو هل خرجت انشطة الرابطة او فروعها عبر مسيرتها عن هذه الاليات الحضارية؟ هل كان تضييق الخناق على الرابطة عملية معزولة جاءت نتيجة لتجاوز قانوني مارسته الهيئة المديرة او هيئات الفروع ام انها طالت كل منظمات المجتمع المدني؟ وبالتالي هل هي عقاب عرضي أم خيار سياسي ممنهج؟
كل من تابع نشاط الرابطة عن قرب يعرف ان الرابطة كانت تتصرف بحذر شديد وتحكم صياغة اقوالها وتدقّق في بياناتها وتتجنب سياسة الانتقاء وتنزل انشطتها ضمن المنظومة القانونية ومع ذلك الم تكن سائر منظمات المجتمع المدني (جمعية القضاة، ونقابة الصحفيين، وهيئة المحامين…) عرضة للمضايقة بدرجات مختلفة؟ ولنفترض جدلا أنّها عرفت بعض التجاوزات؟ فهل نتصور انها جمهورية افلاطون المثالية اوفردوس القديسين والملائكة او جحيم الشياطين والمردة؟ أليس من حقها ان تخطئ وان تصيب؟ أليست مشروعا للبناء يحتاج الى كل القوى الحية لمساعدتها في بنائه؟ فلماذا لا تكون السلطة احدى هذه القوى المساعدة لا المعرقلة؟ تلك هي تجليات الازمة وموقف كل طرف من الاخر فهل هناك إمكانية للتجاوز؟ ومن هو الطرف المؤهل للقيام بالمبادرة؟
إمكانية التجاوز وآفاق الحل
ان كل الذين يطمحون لبناء مجتمع مدني كسلطة موازية للسلطة الحاكمة يدركون اهمية المحافظة على الرابطة كمنظمة ديمقراطية مستقلة وممثلة حتى تكون دعامة اساسية من دعائم هذا المجتمع، لذا فانهم يعتبرون التفريط فيها او اضعافها او تهميشها عملية شدّ الى الوراء وعرقلة لمسيرة التقدم ويعتبرون ان الكرة هي بيد السلطة فهي المؤهلة للمبادرة بالحل ويطرحون مجموعة من التساؤلات: هل يحرجها ان تتراجع عن الاجراءات اللاقانونية التي يمارسها الجهاز الامني كل يوم ضد مناضلي الرابطة بتعلة «انها تعليمات»؟ أليس للتعليمات مرجعية قانونية يرجع اليها رجل الامن ويقنع بها المواطن قبل ان يقمعه؟
هل يليق بها ان توظف جهاز الامن في الشوارع ورجال القضاء في المحاكم لعرقلة منظمة قانونية وشرعية؟ من هو المسؤول ـ مهما كان موقعه ـ الذي يستطيع ان يقنع نفسه قبل ان يقنع غيره بان السلطة محايدة، والقضاء مستقل والشرطة تطبق القانون؟أليس الاجدر بالدولة ان تربو بنفسها عن هذا الصراع الداخلي ـ اذا كان الصراع داخليا فعلا وان تترك لآليات الرابطة تفعل مفعولها في توجيه او تعديل مساراتها؟
ان امكانية التجاوز لا تمتلكها الا السلطة، فهي الطرف الاقوى في المعادلة ولا تتضاءل هيبتها اذا فتحت قناة الحوار مع الرابطة ومدّت معها جسور التواصل وحلت معها ما يمكن حله من الاشكالات المستعصية وسوف تكون هي الرابح الاكبر من الحوار محليا وعالميّا. حينئذ لماذا لا يكون الانفتاح على الرابطة بداية الانفتاح على المجتمع المدني الذي صارت الاستقلالية والديمقراطية من أولى اولوياته؟ الى متى ستستمر السلطة في التجديف ضدّ التيار؟
هذه الاسئلة الهادئة وغيرها جديرة بان يطرحها كل مواطن وكل منظمة وكل تنظيم مهما كان موقعه في السلطة او خارجها معها او ضدها حتى تخرج بلادنا من حالة الاحتقان السياسي؟
أخيرا لابد أن ألاحظ:
1 ـ ان هذه الآراء شخصية ولا تعبّر عن موقف الهيئة المديرة ولكن ليس بالضرورة أنها تتعارض معها. 2 ـ اني اخترت ان انشرها في جريدة الشعب لسان الاتحاد العام التونسي للشغل (بعد ان نشرت البعض منها في صحيفة اخرى)، الذي كان ومازال ـ في تقديري ـ حريصا على الخروج من المأزق الذي آلت اليه العلاقة بين السلطة والرابطة وهي التي كانت احدى الثمار التي انضجتها نضالات الشغالين بالساعد والفكر في السبعينات، وهي احدى مكوّنات المجتمع المدني الذي يتوقف على حضوره او غيابه المشروع الديمقراطي في تونس.
(المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 24 فيفري 2007)
وزارة التربية والتكوين:
«اشرب ولا طيّر قرنك»!!
غريب وعجيب أمر مسؤولينا في وزارة التربية والتكوين: قرارات خطيرة ومصيرية تهمّ نظام التربية والتعليم في بلادنا في منتصف السنة الدراسية لتطبق آخر نفس (2007) أي بعبارة أوضح خلال امتحانات شهر جوان.
الوزارة أقرّت إمتحانا اقليميا في نهاية السنة الرابعة أساسي وامتحانا اختياريا في نهاية السنة السادسة أساسي وإنشاء مدارس أساسية نموذجية للمرحلة الثانية من التعليم الاساسي ولست أدري ماذا ايضا في قادم الايام، كل ذلك اعلن عنه السيد الوزير في ندوة صحفية (هكذا!) وكأنّه بذلك يبرئ ذمته وذمة وزارته ويعفيهما من عناء ومشقة إعطاء الوقت اللازم لتنظيمه استشارة واسعة مع «أهل مكّة» أي مع المدرسين في التعليم الأساسي والثانوي والعالي ولما لا مع الاولياء.
ففي حين استغرقت المفاوضات حول التأمين على المرض مع الأطراف المعنية ما يزيد عن العشر سنوات نظرا لحساسية الموضوع وعلاقته بجانب هامّ في حياة الشعب الا وهو الصحة، تقفز وزارة التربية والتكوين وفي لمح البصر لتفاجأ الجميع بقرارات خطيرة ومصيرية كما قلنا دون استشارة المعنيين بالأمر وتعلن عن التطبيق في نفس السنة التي اتخذت فيها هذه القرارات..
أنا لا أناقش صواب أو خطأ هذه القرارات فالمعلمون والاساتذة والمربون أدرى وأكفأ وأحق منّي بذلك لكنّني كمواطن وكوليّ مستاء جدا واشعر بامتعاض ومرارة متأتية من كوني لا قيمة لي كمواطن وكدافع للضرائب عند وزارة التربية والتكوين والحال أنّها وزارة البيداغوجيا وعلم الاقناع بالحجة والتبصر والحكمة فلماذا يا ترى تتخلى وزارتنا عن هذه القيم النبيلة؟ لماذا تدفع بعائلاتنا في سباق الدروس الخصوصية التي التهب سوقها بعد الاعلان عن القرارات المذكورة، لماذا تضرّ بالمقدرة الشرائية المهترئة للعامل والأجير؟ لماذا تمارس علينا هذا الضغط النفسي والمادي؟ اسئلة محيّرة حقّا لكنني اعلم جيّدا انّ وزارتنا لن تعيرها اي اهميّة لأنّها تعمل بمنطق «اشربْ ولا طيّر قرنكْ»!! ف / ع (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 24 فيفري 2007)
على وقع الحدث :
ضرورة توسيع التفكير
بقلم: محمد السحيمي
انخرط الاتحاد العام التونسي للشغل منذسنة 2003 في تفكير معمق حول تطور المسألة الاجتماعية في تونس، وفي دراسة أولى صادرة عن الاتحاد تحت عنوان «المسألة الاجتماعية في اطار التحول الليبيرالي» تبين ان الجانب الاجتماعي كان دائما ومنذ الستينات من المشمولات الاساسية للدولة، حيث كان تحملها لهذا العبء واضحا سواء في الدول النامية أو الدول السائرة في النموّ. إلا أن نفس الدراسة أبرزت الاختلافات الأساسية ـ في هذا المجال ـ بين البلدان الديمقراطية وتلك التي تقودها أنظمة شمولية، من ذلك أن الدولة في البلدان الديمقراطية تقدم نفسها على أنها «إطار لتوافق مؤسساتي بين كيانات غير متجانسة» يتم ابرامه بين فاعلين ومجموعات اجتماعية مستقلة حريصة على تركيز روابط تثمن التعاون فيما بينها وتشجع على النهوض بالنمو. وتكون الدولة في هذا الوضعية، فضاء لتركيز وتعديل موازين القوى وإضفاء الصبغة المؤسساتية على تلك الاتفاقات بما يترجم قوة هذه الروابط ويكسبها مقومات الاستقرار والدوام.
وفي مقابل ذلك تبرز الحكومات ذات الصبغة المركزية والبيروقراطية، في البلدان غير الديمقراطية، وكأنها إطار مؤسساتي يهيمن على العلاقات الاجتماعية على كافة الأصعدة، وذلك من خلال السعي الى الحلول محلّ المجتمع، بل وتمثيله. وفي هذه الحالة فإن تحمل الدولة لأعباء المسألة الاجتماعية غالبا ما يكون مقصودا وذلك إما لاحتواءالدورة الاقتصادية أو لتعويض عجزها وقصورها في المجال الديمقراطي وذلك من خلال البحث عن توازن بين ما هو اقتصادي وما هو اجتماعي، الأمر الذي يضفي نوعا من المشروعية السياسية عن النظام.
وبعبارة أخرى، فإن المقصود من وراء هذا التوازن ضمان جملة من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية في مقابل التسليم بتقييد الحقوق المدنية والسياسية أو مصادرتها وتغييبها.
ويهمنا هنا التوقف عند تجارب الأغلبية الساحقة من البلدان السائرة في طريق النمو، حيث أدى غياب إعادة التوزيع وغياب اللامركزية الى تأسيس قطاع عمومي أكثر هيمنة وتسلطا مقارنة بقطاع خاص هشّ وفاقد للإستقلالية، والى احلال سياسة اقتصادية تعتمد بالاساس على اعادة توزيع الثروة من خلال خلق علاقة زبائنية بين الدولة واهم الاطراف الاجتماعيين ورعايتها على أساس المساعدة وتقديم مختلف الاتوات والحوافز، كل ذلك مقابل الاقرار لها بالتبعية السياسية.
في هذه الظروف، وفي غياب استقلالية حقيقية للشركاء الاجتماعيين، فإن الحوار الاجتماعي لم يعد باعتباره فرصة لبلورة الاتفاقات الاستراتيجية بين هؤلاء الشركاء، بل أضحى في أقصى الحالات مجرد حلقة من حلقات إعادة التوزيع تتم وفق تحكيم تقرره الدولة وتفرضه على هؤلاء الشركاء، وفق المقتضيات الظرفية والهيكلية لاعادة انتاج راس المال بالخصوص وإعادة الهيكلة الاجتماعية على وجه العموم . وحتى تتوفر للقارئ امكانية المقارنة تجدر الاشارة الى 3 أنماط من مسارات التنمية وهي :
ـ نمط أول تتبعه دول متقدمة وديمقراطية تكون فيها العلاقة بين الدولة ومختلف مكونات المجتمع تشاركية، علاقة مؤسسة على لامركزية السلطات السياسية والاقتصادية. ـ نمط ثان تتبعه خصوصا من بلدان آسياوية ناشئة، تكون فيها العلاقة بين الدولة والمجتمع تعاقدية، مبنية منذ البداية على أساس لامركزية السلطات الاقتصادية مما يسمح لاحقا بتحقيق اللامركزية السياسية في اطار تحول ديمقراطي يفتح افاقا جديدة لحوار اجتماعي أكثر جدوى وواقعيّة. ـ وأخيرا نمط ثالث تتبعه أغلبية الدول النامية، تأسس على مركزة السلطة السياسية والاقتصادية في اطار علاقات ذات سمة نفعية وزبائنية أصبحت في الحقبة الحالية عائقا أمام مختلف محاولات التحرر السياسي والاصلاح الاقتصادي والرقي الاجتماعي. وهكذا يتضح أن مصدر التفرقة بين مسارات التنمية الوطنية الاقتصادية منها والاجتماعية، إنما يكمن في الخطوط المميزة لمسيرة الدولة منذ التأسيس وطبيعة علاقتها بالمجتمع. ولا شك أن هذه الاستنتاجات الجوهرية هي التي دفعت الاتحاد العام التونسي للشغل الى الاقدام على توسيع مجال التفكير والقطع مع الفصل المصطنع بين مختلف القوى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والذي اتسم به الفكر اليبيرالي المهيمن.
(المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 24 فيفري 2007)
سفارة جديدة في الدوحة علمت «الصباح» أن تونس بدأت إجراءات فتح السفارة التونسية في قطر خلال المدة القادمة. وكانت اجتماعات اللجنة العليا المشتركة التي التأمت أواسط الشهر الجاري بالعاصمة القطرية الدوحة قد ناقشت بشكل ودي هذا الموضوع. وتتجه النية في هذا السياق الى اقتناء أرض بالدوحة وبناء مقر للسفارة.
منح استثمار يقدر حجم منح الاستثمار المقدمة من الدولة لفائدة الباعثين الفلاحيين بنحو 80 مليون دينار سنويا فيما يبلغ معدل الاستثمارات الفلاحية الخاصة المصادق عليها من قبل المندوبيات الجهوية للتنمية الفلاحية ووكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية حوالي 400 مليون دينار لفائدة حوالي 20 ألف فلاح.
بنك معطيات لدفع تمويل الفلاحة الصغرى والاسهام في ضمان نجاعة المشاريع تعهدت وزارة الفلاحة بتركيز بنك معطيات يكون مرجعا يتضمن بعض المشاريع التي يمكن تمويلها وانجازها.
القصور الكلوي المزمن تسجل حالات الاصابة بالقصور الكلوي المزمن في بلادنا 400 حالة جديدة سنويا، كما يمثل العلاج عن طريق تصفية الدم لفائدة 7 آلاف مريض تكاليف باهظة تتحملها الصناديق الاجتماعية تقدر بـ75 مليون دينار.
اتفــاقيــات تتجه النية صلب الخطوط التونسية الى مطالبة الشركات الأجنبية (الخليجية وغيرها) التي تنتدب الطيارين التونسيين الى دفع تعويضات على كلفة التكوين. ومن غير المستبعد أن يتم اعتماد اتفاقيات بين الخطوط التونسية والناقلات العربية بالخصوص، تتضمن بنودا حول كيفية استقطاب الطيارين التونسيين، سيما بالنسبة للجانب المالي. يذكر أن أكثر من عشرين طيارا تونسيا انتقلوا في الآونة الأخيرة للعمل ضمن شركات خليجية الامر الذي أثر على التنظيم الداخلي للخطوط التونسية بسبب المغادرة الفجئية لهؤلاء الطيارين.
بحوث أثرية توصلت مؤسسة التميمي للتوثيق والبحث والمعلومات الى نشر ما يزيد عن 160 دراسة أثرية غطت الفضاء العمراني العثماني وتضمنت مئات الرسوم والبيانات بشأن ملفات عديدة تهم الترميم والقصور والقلاع والأبراج والمساجد والنقوش وحيطان المباني وغيرها.. يذكر أن هذه البحوث والدراسات قام بها تونسيون وأتراك ومصريون وغيرهم وهو ما يعطيها الصبغة الدولية.
تونس ـ إيطاليا ينتظر أن تشهد الفترة المقبلة عملية توسيع لمجالات الشراكة بين تونس وايطاليا في مستوى رجال الأعمال. ولا يستبعد أن تتم هذه الشراكة في قطاعات عديدة سواء في إطار ثنائي أو ثلاثي. وكان الشهر المنقضي شهد انعقاد المنتدى الاقتصادي التونسي الايطالي للشراكة والاستثمار الذي حضره نحو 400 من رجال الاعمال والصناعيين الايطاليين والتونسيين.
لأول مرة في تونس سيشهد مركز صنع الآلات المقومة للأعضاء التابع للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بداية من يوم الاثنين القادم ولأول مرة في تونس اجراء عملية معقدة تتمثل في تركيب طرفين علويين مع ذراع يمنى متحركة لفائدة شاب فقد كامل ذراعيه اثر حادث شغل (صعقة كهربائية). وسيتولى فنيو المركز اجراء هذه العملية بحضور فنيين ألمان، كما سيتابع كافة مراحلها وفد من الكوت ديفوار يعتزم اجراء عملية مماثلة خلال السنة الجارية.
حملة نظافة تنظم الوكالة الوطنية لحماية المحيط حملة نظافة بالتعاون مع الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات تشمل منتزهات النحلي والمروج وفرحات حشاد وحديقة النباتات، وسيكون منتزه النحلي نقطة الانطلاق وذلك اليوم وغدا بمشاركة عدد من المدارس الابتدائية والاعدادية والثانوية ورياض الاطفال بحي الغزالة ورواد والغرفة الفتية الاقتصادية بأريانة.
الإجراءات المتعلقة بكراسات الشروط في إطار دعم لامركزية العمل الإداري وتقريب الخدمات من المواطن، وتطبيقا لما جاء به الامر عدد 1991 لسنة 2005 المؤرخ في 11 جويلية 2005 المتعلق بدراسة المؤثرات على المحيط وبضبط أصناف الوحدات الخاضعة لدراسة المؤثرات على المحيط وأصناف الوحدات الخاضعة لكراسات الشروط، تعلم الوكالة الوطنية لحماية المحيط أنه تقرر أن يتم قبول كراسات الشروط وختمها بالممثليات الجهوية الراجعة لها بالنظر والمتواجدة بكل من ولايات تونس ومنوبة وبن عروس وباجة وسوسة وصفاقس وقفصة وذلك بداية من غرة جانفي 2007.
شراكة فلاحية لتفعيل الشراكة في المجالات الفلاحية يجري الاعداد صلب المنظمة الفلاحية لتنظيم المنتدى الأورو التونسي الاول حول دفع الشراكة في قطاعي الفلاحة والصيد البحري المنتظر عقده خلال شهر ماي 2007.
دورات تدريبية للمكتبيين تعزيزا للتعاون التونسي الفرنسي في مجال المطالعة العمومية وتكوين العاملين بالمكتبات العمومية سيشمل البرنامج الوطني للنهوض بهذا القطاع 80 مكتبيا يعملون بـ368 مكتبة عمومية موزعة على كامل تراب الجمهورية بتنظيم دورات تدريبية وورشات عمل تطبيقية وتربصات بين تونس وفرنسا.
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 فيفري 2007)
العزوف عن المطالعة:
لماذا لم تعد للتلاميذ رغبة في المطالعة؟
تونس – الصباح
هل تطالع الكتب؟؟ وهل تتذكر عنوان آخر كتاب طالعته؟؟ وهل تعتبر المطالعة مفيدة؟؟ ثلاثة أسئلـــــة طرحناها أمس على عدد من الشبان والفتيات وكان أغلبهم من رواد المؤسسات التربوية الثانوية.. وفوجئنا أن جل الإجابات كانت بالنفــــي.. وقالوا إنهم لا يحبذون المطالعة ولا يخصصون لها حيزا من أوقات فراغهم.. وأنهـــم لا يحبذون إنفاق أموالهم على اقتناء الكتــــــــــــــب..
ولعل ما دفعنا لإجراء هذا النقل هو ما لاحظناه خلال زيارة بعض المكتبات العمومية التي تزخر بأمهات الكتب وبالموسوعات والمعاجم ولكن كانت قاعات المطالعة فيها شبه قفراء..كما حدّثنا عـــدد من أساتذة التعليم الثانوي عن تلاميذهم وأفادونا أن الأغلبية الساحقــــة من التلاميذ يرتكبون أخطاء مخجلة ومثيرة للاستغراب عند تحرير الأناشي.. وقالوا إن جهود الأستاذ تذهب سدى فكثير من التلاميذ لايفرّقــون حتى بين النعــــت والمنعــــــوت ولا بين اسم الفاعل واسم المفعول ولا بــــين الجملة البسيطة والجملة المركبة..
ولا يقتصر الأمر على تلاميذ الثانوي بل يذهب الكثير من أساتذة التعليم العالي إلى أن طلبتهم لا يمتلكون اللغة ولا يستطيعون تحرير فقرة واحدة بلغة سليمة وخالية من الأخطاء اللغوية أو أخطاء الرسم سواء كان ذلك باللغة العربية أو الفرنسية أو الانقليزية ويرجعون ذلك للعزوف عن المطالعـــــــــــة. وعن سبب هذا العزوف يفسر تلميذ الثانوي جهاد مخلوف الأمر بالقول إن الوسائل الحديثة للاتصال وخاصة الهاتف الجوال هي التي أصبحت تستحوذ على اهتمام الشباب.. وليس الكتاب.. وعوضا عن التركيز في مطالعة كتاب يبدد التلميذ وقت الفراغ في ممراسة ألعاب ترفيهية يوفرها له هاتفـــــــه الجوال أو يقضّي الكثير من الوقت في كتابة الإرساليات القصيــــــرة..
كما أن ولع الكثير من التلاميذ بالإبحار في شبكة الانترنيت جعلهم ينهمكون في مطالعة أخبار مختلفة تروجها الشبكة وخاصة تلك المتعلقة بالفنانين.. كما يمضي الشباب أوقات فراغهم في التراسل عن بعد والتواصــــل مع أناس لا يعرفونهم فيضيع الوقت.. ولا يفكر التلميذ في المطالعة..
الرغبة في التسلية
يقول التلميذ طارق بن حرب إن التلاميذ لا يحبذون المطالعة لانه ليس لديهم وقت لذلك ويفضلون تمضية وقت الفراغ في متابعة المباريات الرياضية ومشاهدة التلفزيون ما تبثه الفضائيات العربية والغربية من افلام وكليبات ومسلسلات وبرامج وثائقية.. وقال إن العزوف عن المطالعة يرجع أيضا لقلة مبالاة التلميذ بالشأن التعليمي والدراسي وقد نجم عن ذلك تراجع مستواه المعرفي. وبين أن الكثير من زملائه يتغيبون عن الفصل خلال الحصص التي يطالبهم فيها بمطالعة كتاب وتلخيصه ويعتبرون أن مطالعة كتاب هو «أشبه ما يكون بالعقوبـــــــــــة».
ويفسر أيمن غياب الرغبة في المطالعة بأن الشاب أصبح يجد مبتغاه في التلفزيون.. وهو حينما يجلس أمام الشاشة ينسى أن عليه القيام بواجباته المدرسية ولا يفكر في أن المطالعة أجدى له وأنفع بكثير..
ولا ينفي أيمن أنه لا يطالع بسبب شغفه الكبير بالتلفزيون كما أنه لا ينخرط في المكتبات العمومية ولا يتردد عليها لأنه لا يجد الوقت الكافي لذلك ولا يحبذ هذا الأمر. ويقول أيمن إن الشباب يرغب في التعامل مع الوسائل الحديثة للاتصال واستعمال الانترنيت كمصدر للمعلومات.. فهي أفضل بكثير من الكتب والموسوعات. ويقول علاء الدين حسني وهو تلميذ بمعهد ثانوي بالعاصمة إنه لا يهتم بمطالعة الكتب وقراءة القصص والروايات ويخير مشاهدة الفضائيات نظر ا لبثها الكثير من البرامج المسلية والمفيدة في آن واحد.. لكن مطالعة الكتب تبعث على الملل.. وتتطلب بذل مجهود فكري..
وتقول بسمة إن الشباب لا يطالع الكتب وحتى إن طالع فإنه يقرأ روايات عبير والروايات البوليسية وكتب الحظ والمجلات المسلية.. ولكنه لا يصرف المال من أجل مطالعة كتب الأسلاف.. وتقترح على المشرفين على التربية الاستغناء في البرامج عن نصوص الجاحظ وابن حزم والمتنبي وإبدالها بنصوص حديثة وقصائد لشعراء معاصرين يسهل على التلميذ حفظها لأن الفنانين لحنوها وغنوها وأصدروها في أحدث ألبوماتهم..»!
ويقول محمد أحمد الطبربي الذي يتابع دراسته في السنة الثانية علوم إن أغلب الشباب لا يهتمون بالمطالعة ويفضلون ارتياد المقاهي والملاعب والحدائق العمومية وقاعات الألعاب على المكتبات العمومية. وتذهب تلميذة العلوم نسرين العبيـــدي إلى أن الإنترنيت هي أفضل وسيلة للتثقيف والتعليم وأن عصر الكتاب والمكتوب قد ولى وانقضى ولن يكون المستقبل إلا للوثائق الالكترونيــــــة ..
وقالت إنها لا تنخرط في المكتبات العمومية ولا تحبذ ذلك ولكن هذا لا ينفي أن لديها اهتمامات أدبية رغم تخصصها في العلوم ورغبتها الكبيرة في أن تصبح ذات يوم مهندسة في الاتصالات اللاسلكية.. وتنصح نسرين الشباب بالمطالعة لأنها تنمي زادهم الثقافي والمعرفي وهي لا ترى حرجا في هجر الكتب نحو شبكة الانترنيت فالمطالعة مفيدة مهما كان الوعاء.. وتقر غاية بأنها تميل للتلفزيون أكثر من الكتاب وقالت إنها نسيت متى طالعت آخر كتاب.. فمنذ دراستها بالمدرسة الإعدادية لم تحمل في يديها قصة احدة ولم يكن لها أي فضول للمطالعة.. وبينت أن الأستاذ يدعو التلاميذ أحيانا لمطالعة قصة وتلخيصها لكنها لا تفعل وتستعير كراس زميلتها لتنسخ منه ما دونته حول القصة لا لشيء إلا لأنها فاقدة للرغبــــــة في المطالعة. وتذهب مرافقتها أميمة إلى أن قراءة كتاب فيها ميعة للوقت وقد لا يجد التلميذ ما يبحث عنه لكنه حينما يشاهد الفضائيات يتعلم ويثقف نفسه.. ولا يوافقها الشاب شريف بلعطرة الرأي ويقول إن آخر كتاب طالعه هو كليلة ودمنة وقد شغف به كثيرا نظرا للحكم التي تعلمها منه.. وبين أنه يتردد أحيانا لى المكتبة العمومية لاستعارة الكتب ويتمنى أن ينسج أصدقاءه على منواله ويهتمون بالمطالعة بدلا عن كرة القدم والأغاني المصورة.. ولا شك أن نصيحة شريف في محلها إذ يمكن للتلميذ مطالعة كتاب وهو أمام المعهد أو في الحافلة أو في عربة المترو الخفيف.. ويمكنه أن يخصص يوميا حيزا من الزمن قبل النوم لمطالعة أمهات الكتب والاستفادة منها خاصة وأنها أصبحت تروج في المكتبات الشعبية بأسعار زهيدة جــــــــدا.
سعيدة بوهلال (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 فيفري 2007)
متحف لـ «بورقيبة» في القرية الفرعونية بمصر
* القاهرة ـ «الشروق»: قررت القرية الفرعونية بمصر وهي أحد الصروح الثقافية التابعة للقطاع الخاص التي بدأت عملها قبل عقدين إقامة متحف للزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، ويعد الشخصية العربية الثالثة بعد الرئيسين المصريين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات الذي تخصص له القرية متحفا خاصا به في إطار مشروع ثقافي لتخليد رموز التاريخ العربي في العصر الحديث والمعاصر.
وصرح د. عبد السلام رجب رئيس القرية بأن هذه الخطوة تأتي تقديرا للدور العظيم للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة والمكانة التي يحظى بها في عقل ووجدان كل مصري وعربي وتشجيعا للعلاقات الطيبة ذات الطبيعة الخاصة والخصوصية بين مصر وتونس، وأوضح ان المتحف سيعمل على ضم المقتنيات والمتعلقات الشخصية للرئيس الراحل بورقيبة بحيث يكتمل للقرية صرحها الثقافي بما تحتويه من رموز للتاريخ العربي الحديث والمعاصر وحتى يتاح لزائري القرية من شتى بقاع العالم معرفة معلومات أكثر عن حياة الرئيس بورقيبة وما قدمه لتونس ولشعوب المنطقة العربية بأسرها. ولفت د. رجب إلى أن القرية الفرعونية كان قد تم اقامتها قبل عشرين عاما على مساحة 32 فدانا ويعمل بها نحو 300 ممثل يرتدون الزي الفرعوني القديم ويمثلون الحياة الزراعية والصناعية في مصر الفرعونية، إضافة إلى أهم الملوك الذين عاشوا في هذه الفترة ونماذج من المنازل والمقابر المصرية القديمة لاعطاء فكرة عامة عن الحياة لدى الفراعنة القدماء.
وكانت قناة العربية الفضائية قد أعلنت انتهائها من انتاج برنامج وثائقي ضخم يتناول سيرة الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة وذلك بعد عمل استمر لأكثر من عام ونصف العام، وقالت القناة على موقعها بالانترنت إنها اعتمدت على وثائق تاريخية وشهادات حية لشخصيات عاصرته أدلى بعضها بشهادته للمرة الأولى، كما يقدم البرنامج شهادات تاريخية نادرة لشخصيات مخضرمة عاصرته في عدة مراحل ورافقته في حياته خلال فترة الكفاح من أجل حصول تونس على الاستقلال مرورا بالأزمات والنكسات التي تعرضت لها فترة حكمه في الستينات والسبعينيات وصولا إلى مرحلة الشيخوخة في الثمانينات.
(المصدر: صحيفة « الشروق » (يومية – تونس)، الصادرة يوم 24 فيفري 2007)
تراشق اعلامي متبادل يكشف عن عمق الخلافات الجزائرية المغربية
الرباط ـ القدس العربي من محمود معروف: يتبادل المغرب والجزائر القصف بالقذائف الثقيلة علي خلفية انتهاكات حقوق الانسان وذلك عبر تقارير وكالة الانباء المغربية ووكالة الانباء الجزائرية الرسميتين. وشكل موضوع المختفين وتعويضات ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان ميدان المعركة الجديدة في الحرب القديمة بين البلدين الشقيقين اللدودين في اشارة الي ان الفتور السائد بين البلدين منذ ايار/مايو 2005 قد يتحول الي توتر ينعكس علي منطقة المغرب العربي ومحاولات احياء الاتحاد الذي يجمع دولها منذ 1989. ووجدت وكالة الانباء المغربية في نقل وكالة الانباء الجزائرية لتقرير صحيفة مغربية حول تعويضات ضحايا حقوق الانسان محاولة للاساءة الي المغرب والتغطية علي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان بالجزائر.
وقالت الوكالة المغربية ان وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية لم تجد أفضل من تضخيم مقال لصحيفة مغربية حول التعويضات التي منحتها الدولة لبعض ضحايا ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان اعتقادا منها بأنها وجدت الفرصة السانحة لانتقاد المغرب ، لذلك خصصت حيزا هاما لملف حقوق الانسان بالمغرب متعمدة التغاضي عن كون هذا الملف نفسه يظل مفتوحا بالكامل بالجزائر حيث لا تزال أسر 18 ألف شخص تنتظر معرفة الحقيقة حول مصير أقاربها، المختفين خلال العقد الأسود للإرهاب (1992 ـ 2002)، حسب الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان. واضافت الوكالة المغربية انه تم مؤخرا منع هذه الرابطة الي جانب منظمات غير حكومية أخري، من عقد ندوة بالجزائر العاصمة حول ملف المختفين. وقالت لم يشكل هذا حدثا بالنسبة لوكالة الانباء الجزائرية الرسمية التي تجاهلت كلية هذا المنع الذي أثار احتجاجات قوية بالجزائر وبالخارج في وقت كان فيه ضيوف أجانب يستعدون للقدوم الي العاصمة الجزائرية .
وتساءلت كيف إذن تسمح هذه الوكالة الرسمية جدا لنفسها بالتستر علي هذا الملف الشائك مفضلة بالأحري النيل من الجار (المغرب) الذي كان له السبق، برأي الصحافة الجزائرية ذاتها، في فتح هذا الملف ومناقشته بكل صراحة وشفافية . ووجدت وكالة الانباء المغربية دليلا علي خطأ ما ارتكب بحق المغرب في نقد وجهته صحف جزائرية لتقرير الوكالة الجزائرية التي تحاول في حالات متعددة ربط نجاحاتها المهنية بمدي عدائها للمغرب بدل الاعتناء بما يجري حولها . وبثت الوكالة فقرات من مقال لصحيفة ليبرتي الجزائرية يعد مثالا حيا علي هذا النقد لموقف الوكالة الجزائرية والذي قال عندما تنقل وكالة الانباء الجزائرية موقف المنظمات غير الحكومية المغربية التي تعتبر أن هذا الملف لا يمكن طيه من خلال عملية تعويض بل من خلال الكشف عن الحقيقة كاملة، فهل تعتقد أنها تستطيع أن تظهر لنا بطلان مقاربة التعويضات لمشكل ذاكرة عندما يتم ذلك لدي جيراننا، دون ان تذكرنا بان نفس القضية مطروحة عندنا من خلال صرخات أسر يختنقها الصمت ؟ . وقالت عوض أن تقدم الرأي والرأي الاخر ، فان وكالة الانباء الجزائرية تكتفي فقط باعادة نشر البلاغات الرسمية للجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان التي يرأسها فاروق قسنطيني، وتلك المتعلقة بتنفيذ ميثاق المصالحة الوطنية .
علي الجانب الاخر ابرزت وكالة الانباء الجزائرية مذكرة بعثها محمد عبد العزيز زعيم جبهة البوليزاريو الي بان كي مون الامين العام لمنظمة الامم المتحدة يدعوه فيها الي التدخل من اجل حماية الشعب الصحراوي من القمع المغربي وتمكينه من التمتع بحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير وفي الاستقلال . وتدعم الجزائر مطالب جبهة البوليزاريو باقامة دولة مستقلة بالصحراء الغربية وهو الدعم الذي تعتبره الرباط موقفا معاديا لوحدتها الترابية ومعبرا عن اطماع جزائرية. وطالب عبد العزيز الامم المتحدة بـ التدخل لدي السلطات المغربية للكشف عن مصير اكثر من 500 مفقود مدني و151 اسير حرب صحراوي . كما طالب باطلاق سراح المعتقلين السياسيين الصحراويين الذين يخوضون اضرابا عن الطعام منذ ثلاثة اسابيع مشيرا الي ان حالتهم الصحية تدهورت بالفعل نتيجة رفض السلطات المغربية تلبية مطالبهم المشروعة .
وندد المسؤول الصحراوي بـ التدخل الوحشي لقوات القمع المغربية منذ يوم الجمعة الماضي ضد المتظاهرين الصحراويين الذين خرجوا في تظاهرة سلمية للمطالبة بحقهم في تقرير المصير واطلاق سراح المعتقلين السياسيين الصحراويين واحترام الحريات الاساسية . ودعا الي توسيع صلاحيات بعثة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية و رفع الحصار الاعلامي والعسكري المفروض علي الصحراء الغربية منذ استعمارها من طرف المغـــرب سنـــة 1975 . ويتوقع مراقبو العلاقات الجزائرية المغربية تصعيد المواجهات الاعلامية والدبلوماسية بين البلدين نظرا لما ستعرفه قضية الصحراء الغربية، العنوان الاساسي في توتر العلاقات منذ منتصف السبعينات، من تطورات خلال الاسابيع القادمة والتي تسبق عقد مجلس الامن نهاية نيسان/ابريل دورة اجتماعات لمناقشة تطورات النزاع الصحراوي وتسويته المتعثرة وما يمكن ان يحركه مقترح مغربي لمنح الصحراويين حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية والذي ترفضه الجزائر. ومنذ اعلان وقف اطلاق النار بين المغرب جبهة البوليزاريو تمحورت حرب الصحراء الغربية في ميداني الاعلام والدبلوماسية وهو ما يتوقع ان يشهد معارك طاحنة تدور رحاها في وسائل الاعلام او في مقر الامم المتحدة في نيويورك او عواصم الدول الكبري المعنية بالنزاع والمنطقة.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 فيفري 2007)
محللون يتوقعون تقدم الإسلاميين بالانتخابات النيابية المقررة الخريف المقبل بالمغرب
الرباط ـ اف ب: يتوقع محللون سياسيون مغاربة ان يحسن الاسلاميون مواقعهم خلال الانتخابات التشريعية المقرر اجراؤها في السابع من ايلول/سبتمبر المقبل لكن بدون الاخلال بالتوازنات السياسية السابقة. واعلن محمد طوزي لوكالة فرانس برس ان التمثيل البرلماني لحزب العدالة والتنمية سيزداد بالتأكيد لكنني لا اتوقع فوزا كاسحا . ويري هذا الاستاذ في العلوم السياسية والاجتماعية في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء ان هذا الحزب الذي فاز بـ42 مقعدا في الانتخابات التشريعية الاخيرة يظهر وكانه حزب نقي بطل في مكافحة الفساد ويستفيد من المد الاسلامي القوي في المنطقة . واضاف ان حزب العدالة والتنمية من الاحزاب الثلاثة او الاربعة الاوفر حظا لكنني اعتقد ان التوازنات السياسية القديمة ستبقي لان غالبا ما تكون الحملة في صالح السلطة .
ودعي المغاربة الي انتخاب اعضاء مجلس النواب وعددهم 325، لولاية من خمس سنوات. وسيختارون 295 نائبا في اقتراع مباشر عبر اللوائح بناء علي النظام النسبي في 95 دائرة علي ان ينتخبوا ايضا ثلاثين امرأة بناء علي نظام نسبي باللوائح علي المستوي الوطني. واعلن زعيم حزب العدالة والتنمية سعد الدين عثماني لدي الاعلان الخميس عن موعد هذه الولاية التشريعية الثامنة منذ تشرين الثاني/نوفمبر 1963، ان حزبه سيقدم هذه السنة مرشحين في كافة الدوائر الانتخابية الـ59 في مختلف انحاء المملكة.
وكان الحزب حدد مشاركته خلال 2002 في الدوائر التي يحظي فيها باكبر نسبة للفوز لانه لم يكن حينها مستعدا لاحتواء مد اسلامي كبير. وكانت الصحف افادت حينها ان حزب العدالة والتنمية خضع لضغوط سرية من اعلي السلطات للحد من مشاركته وهو ما لم ينفه قطعا قادة الحزب حتي الان. من جهته، قال محمد ظريف المحلل السياسي والمتخصص في التيار الاسلامي لفرانس برس ثمة شيء من الحقيقة في التحاليل التي تتوقع فوز حزب العدالة والتنيمة بالموقع الاول لكنني متحفظ لان ثمة ايضا اربعة احزاب قادرة علي الفوز بمرتبة مرموقة . وهو يشير بذلك الي حزب الاستقلال الذي يشغل ستين مقعدا في البرلمان الحالي والاتحاد الاشتراكي للقوي الشعبية والحركة الشعبية (البربرية) التي بتحالفها مع احزاب اخري تشكل اول مجموعة برلمانية وتعد 66 نائبا.
ويري طوزي انه اذا بدا الاتحاد الاشتراكي للقوي الشعبية متراجعا فان لدي الاستقلال والحركة الشعبية عدة موارد وبامكانهما تعبئة ناخبيهما . واعلن وزير الاعلام المغربي نبيل بن عبد الله الخميس ان المغرب يضم حاليا 33 حزبا مرخصا له لكنه لا يعلم كم حزبا سيتقدم الي الانتخابات في ايلول/سبتمبر 2007. وقال الحسن داودي احد قادة حزب العدالة والتنمية لفرانس برس ان حزبه فرصة للمغاربة ، مؤكدا نحن في الاتجاه الصاعد والحمد لله، ان حزب العدالة والتنمية موجود ولو ترشح في كافة الدوائر عام 2003 لكان حقق فوزا .
لكن الجناح الاخر للتيار الاسلامي المغربي المتمثل في جمعية العدل والاحسان، لن يترشح الي الانتخابات التشريعية. واعلن حسن بناجة المسؤول في هذه الجمعية التي تغض السلطات المغربية عليها النظر رغم انها غير مرخص لها رسميا لفراسن برس ان انتخابات 2007 سترجئ الازمة الي ما بعد خمس سنوات ليس الا. واضاف نطالب باصلاحات هيكلية وليس بتعديلات طفيفة لان الحكومة والنواب لا يفعلون سوي تنفيذ تعليمات تقررها اللجان الملكية.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 فيفري 2007)
السفير الأمريكي بالمغرب… حاكما مدنيا؟
يحيي اليحياوي
تنتدب الدول والحكومات، منذ قديم العهود والأزمان، ممثلين لها لدي الدول والأقوام الأخري، يعمدون للدفاع عن مصالحها، ويقومون علي خدمة رعاياها المتواجدين هناك، ويقدمون تقارير سرية أو علنية عن واقع ذات الدول والأقوام، وما يتموج من بين ظهرانيها سلبا أو بالايجاب.
ولما كانوا خاضعين لأعراف وقوانين في الدبلوماسية والعلاقات فيما بين الدول، فهم (الممثلين أعني) مقيدون حتما باحترام سيادة الدول حيث يوجدون، فلا يتدخلون في شؤونها الداخلية، ولا يأخذون مواقف من القضايا المحلية سياسية كانت أم اقتصادية أم ثقافية أم ما سواها، حتي وان جمعوا بشأنها الأخبار والمعلومات، وأمدوا بها مسؤولي بلدانهم لحظة بلحظة من باب الاخبار الروتيني أو لحسابات محددة، قد لا تكون معروفة بدقة حتي من قبل السفير ذاته.
الدول والأقوام، بالعرف كما بالقانون الدولي، سواسية لا أفضلية لواحدة علي أخري، والسفراء (أو القناصل أو ممثلو المصالح) متساوون أيضا، لا تراتبية بالمنظور العام بين سفير وسفير، ولا امتياز لهذا علي ذاك الا لربما في القدرة علي خدمة مصالح بلاده، والرقي بمستوي العلاقات بين دولته والدولة حيث مكان التمثيلية. وعلي الرغم مما قد يكون امتيازا ظاهريا لبعض السفراء (سيما ممثلي الدول الكبري اقتصاديا، أو ذات النفوذ الأقوي بالمؤسسات التقريرية الدولية)، فان ذات الامتياز لا يمنحهم مع ذلك الصفة للتدخل في شؤون البلد المضيف، أو الشرعية لمحاباة هذه الجهة أو تلك، أو السلطة للتجسس المباشر علي البلد اياه، أو المس بمصالحه العليا عبر هذا السلوك الطائش أو ذاك.
ومع ذلك، فلا يعدم المرء حالات التجاوز بزاوية التجسس علي الدولة المضيفة، أو التدخل بشؤونها الداخلية زمن الحرب كما زمن السلم، لكن ذلك يبقي الي الاستثناء أقرب منه الي القاعدة بالنسبة للدول الكبري تحديدا…في حين أن قدرات الدول المتوسطة أو الصغيرة تبقي محدودة في ذات المسلك، أو لا ترتجي هي نفسها فائدة كبري من ذلك.
واذا سلم المرء جدلا بأن ما تقوم به العديد من سفارات العالم، من أعمال تتبع وتجسس وجمع أخبار لفائدة بلدانها، يبقي من صميم وظيفتها المتعارف عليها بالغالب الأعم، فان الذي لا يستطيع ذات المرء التسليم به، هو انجرار بعض سفارات الدول الكبري (لدي الدول المتوسطة أو الصغيرة) وراء منطق القوة، لتتحول من هذا المنطلق ليس فقط الي فاعل محلي معتبر ضمن الفاعلين المحليين الأصليين، أو الي مراقب لقواعد اللعبة الداخلية وان عن بعد، بل وأيضا الي آمر وناه في العديد من قضايا الشأن العام، لدرجة يصدق معها نعتها بالمقيم العام أو المندوب السامي، تماما كما كان الحال أيام الاستعمارين الفرنسي والبريطاني بالقرن الماضي. وأزعم، بهذه النقطة، أن السفارة الأمريكية بالمغرب انما باتت (سيما بعد تغول ادارة جورج بوش، وتبرمها الفج عن قواعد القانون الدولي، ناهيك عن الأعراف أو الأخلاق المكملة له) حاكما مدنيا (أو يكاد)، يتصرف في البلاد والعباد، علي شاكلة ما كان يقوم به المقيم العام طيلة سنين الحماية الفرنسية علي المغرب:
ففي أعقاب أحداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) من العام 2001، جمعت السفيرة الأمريكية مارغريت تيتويلر أعضاء الحكومة المغربية (وفي مقدمتهم رئيس الوزراء) وجل زعماء الأحزاب السياسية اليميني منها كما اليساري، العلماني منها كما ذي التوجه الاسلامي، المتطرف منها كما المعتدل…لم يتخلف منهم أحد…جمعتهم جميعا بكنيسة سان بيير بالرباط لاحياء ذكري ضربتي مانهاتن…فأثثوا الحفل مدثرين باللباس الأبيض، خاشعين، داعين، لينصرفوا مطمئنين لما قاموا به، بعدما انتهت أطوار القداس المهيب، وتجلت علامات الرضا والارتياح من علي وجه السفيرة.
كيف يفسر المرء تجرؤ السفيرة علي جمع أركان الدولة (وكلهم مسلمون سنة) بكنيسة للمسيحيين، ليدفعوا دفعا بجهة التماهي مع طقوس روحية خاصة بأصحاب الديانة، ويسمعوا القراءات والتراتيل وما سواها… كيف يفسر ذلك الا بكونه صدر عن جهة تعلم علم اليقين أنها الحاكم المدني للبلاد بامتياز؟ ماذا يا تري كانت ستكون عاقبة من سنحت له نفسه بالتخلف وزيرا كان أم سياسيا أم نقابيا أم مستشارا؟ ماذا يا تري كانت ستكون ردة فعل المتخلفين ان عمدت السفيرة الي تعنيفهم، أو تأنيبهم أو تسجيل فعلتهم في ميزان سيئاتهم بالدنيا؟
وفي أعقاب ذات الأحداث (أحداث الحادي عشر من ايلول) ضغطت السفيرة بقوة، لاجبار وزارة التربية الوطنية علي تغيير برامجها التعليمية بجهة ازاحة ما من شأنه اثارة نعرات الحقد والكراهية بازاء غير المسلمين وبازاء الأمريكيين تحديدا، وذهبت (علي الرغم من قصر مدة شغلها للمنصب) في ذات الضغوط لدرجة مطالبتها الوزارة اياها بالترخيص لمصالح السفارة بتقديم حصص دعائية بالمؤسسات التعليمية، تقدم للناشئة من خلالها دروسا في سمو الديمقراطية الأمريكية ، وتبين لهم أفضال الأمريكان علي المغرب، وعلي العرب والمسلمين وعلي العالم أجمع .
لم تكتف السفيرة بذلك، بل مارست ضغوطا موازية أخري بجهة دفع وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية الي لجم خطباء الجمعة، وثنيهم عن مناهضة السياسات الأمريكية والاسرائيلية بفلسطين والعراق وأفغانستان، فتتحول ذات الخطب، بالمحصلة، الي مواعظ في الدين، ونصائح مكتوبة من بين أروقة الوزارة، دون الخطباء ودون اعتمادها الطرد والتشريد… وقد تم طرد العشرات ممن لم يرضخوا في عهد الوزير السابق. لا، بل ذهب الأمر بالسفيرة (وهي بمكتب محافظ العاصمة) لدرجة منع مسيرة تضامن سلمي مع الشعب الفلسطيني، بعدما تم الترخيص لها من لدن وزير أول محسوب تاريخيا علي الخطين القومي والوطني، وذي تاريخ نضالي محترم. وخليفتها في المنصب (السفير توماس رايلي) باشر منذ شهوره الأولي، التدخل في شؤون المغرب الداخلية جهرا وعلانية، عندما عبر عن موقفه من محاكمة نادية ياسين، فقال بهذا الشأن صراحة: اذا دعمت أمريكا المغرب كنموذج، فان أعضاء الكونغرس سيتعذر عليهم قبول محاكمة تمس حرية تعبير نادية ياسين وهي التي تنبأت باقتراب نهاية الملكية بالمغرب، وتفضيلها للنظام الجمهوري.
لم يخرج السفير، بهذا الموقف، عن الحد الأدني من اللياقة الدبلوماسية المتعارف عليها، بل طعن في نزاهة مؤسسة قضائية احتارت من تاريخ التصريح اياه، في سبل طي ملف معروض أمام المحكمة، من الاهانة حقا للجسم القضائي ركنه للجانب دون مسوغ قانوني يذكر. والسفير اياه تجرأ، فمهد الطريق لمعهد أمريكي معروفة توجهاته (المعهد الوطني الديموقراطي للشؤون الدولية) لتأطير ورشة كيف يمكن للأحزاب السياسية المغربية الاسهام في تطوير المسلسل الديمقراطي؟ ، اجتمعت حولها ثلة من الأحزاب (والدكاكين السياسية الباهتة) بغرض تعلم آليات وسبل تطوير المسلسل الديمقراطي ثم ورشة بلورة الأرضية الانتخابية: تحديد الخطاب ، التي نظمتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، للتحسيس بأهمية تحديد الخطاب في الحملات الانتخابية، ناهيك عن مواقفه من العلاقات بين المغرب والجزائر، ومن ملف الصحراء وهكذا.
والسفير الجديد لم يكتف بذلك، بل ذهبت به الجرأة لدرجة تجاوزه علي المساطر واللوائح والقوانين السائدة في تعامله مع الجمعيات غير الحكومية، فآثر الاتصال بها مباشرة والنظر في سبل وآليات تمويل مشاريعها ، دونما استئذان مسبق من السلطات، أو طلب لائحة المصنف ضمنها بخانة المنفعة العامة. بامتداد لذلك، أشار السفير اياه علي جمعية حقوقية، كانت تعتزم القيام بمسيرة لبلدة تيفاريتي بجنوب المغرب، فأثناها عن ذلك تحت ذريعة عدم استتباب الأمن هناك، ومخاطر البادرة علي المشاركين، وتداعيات ذلك علي ملف الصحراء مستعصي الحل…فانصاعت الجمعية قسرا (وطواعية فيما زعم البعض). والسفير اياه (ومن خلفه سفارة حكومة الاحتلال بالعراق) نجح في اغلاق أبواب مسرح محمد الخامس الوطني في وجه جمعيات وشخصيات، حصلت علي ترخيص لاحياء أربعينية اغتيال الرئيس/الشهيد صدام حسين…فانصاعت السلطات لأوامره دونما تردد أو تلكؤ. هل ثمة بعد الذي أوردناه، فارق يذكر بين ما كان يقوم به المقيم العام الفرنسي أيام الحماية، وما يقوم به السفير الأمريكي بداية هذا القرن؟ بالقطع لا… هل يدرك الأمريكان بعد كل هذا لماذا تشتد كراهيتنا لهم، تماما كما كنا نكره المقيم العام الفرنسي؟
(*) باحث وأكاديمي من المغرب elyahyaoui@elyahyaoui.org (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 فيفري 2007)
ماذا دار في لقاء مشعل و20 مفكرا مصريا؟
إسلام أون لاين.نت – محمود علي
القاهرة – بموافقة من الأجهزة الأمنية العليا في مصر عقد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في ختام زيارته لمصر لقاء مغلقا استمر نحو 3 ساعات مع 20 من المفكرين والشخصيات السياسية المصرية الممثلة لتيارات مختلفة كجماعة الإخوان المسلمين والناصريين واليساريين.
اللقاء الذي عقد مساء الجمعة في أحد فنادق القاهرة المطلة على النيل وحضره مراسل لـ »إسلام أون لاين نت » شهد أسئلة مغلفة بانتقادات لحركة حماس تركز معظمها على دوافع تمسك الحركة بسلطة « ليست حقيقية » ومدى استقلالية قرارها، وعما إذا كانت لم تعد تتمسك بتحريم الدم الفلسطيني بعد أحداث الاقتتال الأخيرة…
وبأسلوب هادئ أجاب مشعل على كل هذه الاستفسارات وغيرها؛ فأكد على أن « إصلاح » السلطة الفلسطينية كان هدف حماس من دخول الانتخابات التشريعية العام الماضي، معترفا في الوقت نفسه بوجود « أخطاء » من جانب حماس في إطار أحداث الاقتتال الأخيرة بينها وبين حركة فتح.
واعتبر مشعل أن هناك « مرونة » سياسية من حركة حماس لا تمس ثوابتها، مشددا على أن كافة أطرها من القاعدة للقمة وافقت على اتفاق مكة، مبديا تفاؤله بإمكانية أن يطلق هذا الاتفاق مرحلة جديدة من العمل الفلسطيني.
وفي بداية اللقاء الذي أداره الكاتب الصحفي فهمي هويدي أسهب مشعل في الحديث عن الظروف التي أنضجت اتفاق مكة ومستقبل الشراكة الفلسطينية في ظل حكومة الوحدة.
وانتقل للحديث عن الاقتتال الداخلي الأخير، وحول ما إذا كانت حماس تخلت عن مبدأ تحريم الدم الفلسطيني خلال هذه الأحداث، قال مشعل: « ما جرى أساء لنا جميعا، لكن علينا طي الصفحة الماضية .. حماس لم تغير سياستها في تحريم الدم الفلسطيني، وما حدث هو استثناء عابر؛ فحماس ليس من نهجها أن تصارع على السلطة ».
وقال إن حماس لديها معلومات عن حجم التدخلات الخارجية خلال أحداث الاقتتال، وأضاف: « إذا كشفنا عنها فسيصاب البعض بالصدمة، لكن في النهاية حاولنا أن نصبر أكثر وحاولنا مرارا أن نوقف من جانبنا أي اعتداء من طرف واحد، ولكن استمر الفتك بنا وتوسع رقعة الصراع الدموي ».
واعترف في هذا السياق أن حماس وقعت في بعض الأخطاء، وقال: « بكل شجاعة نعترف بأخطائنا ولكن هي أخطاء محدودة وجاءت في سياق رد الفعل والدفاع عن الشرعية، ومع ذلك يجب أن نطوي هذه الصفحة التي لا نفخر بها وأتمنى أن تمحى من تاريخنا ».
وختم حديثه عن هذه الجزئية قائلا: « لا أبرر هذا الاقتتال ولكنه في المحصلة أفضى إلى اتفاق مكة، ونحن طوينا هذه الصفحة المعتمة بعد أن تشكلت لدى الجميع القناعات بأنه لا يمكن حسم أي صراع بالقوة ».
ليست سلطة حقيقية.. ولكن
وبلهجة واثقة، أعرب رئيس المكتب السياسي لحماس عن ثقته في أن فتح مثل حماس مستعدة للدفاع عن هذا الاتفاق مهما كان الثمن. وقال: « ولادة اتفاق مكة جاءت صعبة، ولدي ثقة في ضمان سلامة الوليد وقدرته على الاستمرار والنجاح، وحتى لو قال البعض إنها استراحة محارب ».
وحول مدى استفادة حركة حماس من دخولها معترك السياسة وتوليها مقاليد الحكومة الفلسطينية التي تعكس سلطة « غير حقيقية » شدد مشعل على أن هدف حماس من خوض الانتخابات التشريعية تحت راية السلطة هو « الإصلاح ».
وقال: « عندما جئنا للحكم قبل نحو العام، كنا نعلم أنها ليست سلطة حقيقية، ولكن كان هناك واقعا يجب أن نغيره؛ فلا يكفي أن نقول إن اتفاقات أوسلو (للحكم الذاتي الفلسطيني) خطأ، بل أردنا الدخول من داخل السلطة من أجل إصلاحها خاصة بعد أن أصبح هناك مجال للتطوير بعد أن كانت السلطة مصممة في اتجاه معين ولخدمة أغراض معينة ».
وأضاف: « البعض قد يظن أن لحماس شهوة السلطة، وأقول إن التخلي عن السلطة ستكون عواقبه وخيمة جدا أكثر من البقاء فيها، ومخطئ من يظن أن ترك السلطة سيفرغنا للمقاومة؛ فنحن سنجد أنفسنا حينها غير مسموح لنا بممارسة السياسة والمقاومة وسيتجرأ الجميع لإخراجنا من المعادلة السياسية، وأعتقد أن صمودنا جاء بالنتيجة التي نريدها ».
الاستقلالية والمحاور والتنازلات
وبشأن ما يتردد دوما في عدد من وسائل الإعلام العربية والأجنبية من أن حماس تتبع المحور السوري الإيراني، أجاب مشعل: « قرار حماس قرار مستقل وليس لأي دولة دور فيه ولا توجد دولة تدعمنا ماليا تستطيع أن تؤثر في قرار حماس.. فقرار حماس يوازن بين الحفاظ على استقلالية قرارها دون أن تدخل على خط المحاور العربية، ولا تستطيع أي دولة أن تضع وصاية على حركة حماس ».
وحول « التنازلات » التي قدمتها حماس في اتفاق مكة، قال مشعل: « هناك فريق قلق من موقفنا من اتفاق مكة ويقول إن حماس قدمت تنازلات، وفريق آخر يقول إن حماس لم تقدم تنازلات حقيقية وهذه صعوبة تواجهنا لكننا نعالج هذا، ليس باسترضاء هذا الفريق أو ذاك ولكننا اتخذنا هذا الموقف بعد دراسة في جميع أطر الحركة، وما تم الموافقة عليه جاء من القاعدة إلى القمة ولا يمكن الحيدة عنه وحرصا على مصلحة الشعب الفلسطيني كله ».
وقال: « من لن يكون مرنا عندما تكون المرونة لازمة فهو خاطئ، ومن لن يكون ثابتا عندما يكون الثبات ضروريا فهذه جريمة، وحتى نحافظ على الجوهر، يلزمنا نوع من المرونة؛ فنحن أبدينا المرونة ولكن بعيدا عن الجوهر، وكل ما قدمته حماس (من تنازلات) هو في الهوامش التكتيكية ولم يمس الجوهر؛ فحماس لها برنامج ولن تغيره ».
وأوضح أن حماس تعي أنه لا يمكنها أن تفرض برنامجها على « شركائنا في الحكم فاتفقنا على قواسم مشتركة، وهذه القواسم هي برنامج الحكومة القادمة والمتمثل في خطاب التكليف الذي أرسله الرئيس محمود عباس إلى رئيس الوزراء إسماعيل هنية، ونحن ملتزمون به التزاما كاملا ».
شكوك متبادلة وتطمينات
وردا على سؤال حول الشكوك والقلق المتبادل بين فتح وحماس، قال مشعل: « صحيح أن هناك قلقا متبادلا .. فتح هي الحزب الأوحد منذ قيام الثورة الفلسطينية وترأست السلطة منذ عام 1994 وهي الحزب الواحد المهيمن، وبعد الانتخابات (2006) تم إفراز متغير على الأرض وهو صعود حركة حماس كشريك أصاب حركة فتح بالقلق لأن حركة فتح كانت هي العامود الأوحد الذي يحمل الخيمة الفلسطينية، ولكن بعد أن جاءت حماس يجب أن يكون لهذه الخيمة عمودان إضافة إلى أن حركة فتح من الصعب عليها أن تجد نفسها بعد كل هذه السنوات خارج السلطة ».
في المقابل، أضاف مشعل، « فتح لديها شعور بأن حماس تشبه التسونامي، وتتخوف من أن حماس ستحكم وستكون بديلا عن فتح وستعمل على إقصائها عن الحكم بعد كل هذه الجهود التي قامت بها حركة فتح منذ بدايتها الأولى، وقطعا قمنا في حماس بطمأنتهم وطلبنا منهم الشراكة في الحكم؛ ففتح لها تاريخ وإنجازات على الساحة الفلسطينية وسبقتنا في النضال، وحماس أصبحت ذات تجربة متجذرة في الساحة الفلسطينية، وأعتقد أننا إذا بعدت عنا التدخلات الخارجية فسنتفق ولن يكون بيننا أي مشكلات ».
وتطرق أيضا لمشاورات تشكيل الحكومة، فأعرب عن ثقته في أنه سيتم إنجاز حكومة الوحدة دون الدخول في تفاصيل خاصة بأسماء مرشحين. وقال: « الروح التي تعمل بها حركتا فتح وحماس جيدة جدا، وهناك مزاج عام إيجابي يسمح بالتوافق ولن نختلف على شيء، هناك بعض الموضوعات خاصة بالشراكة البعض قلق منها في فتح وحماس، ولكننا سنتغلب على هذه الصعوبات وسننجز الحكومة إن شاء الله ».
وحول الألغام والعقبات التي يرى أنها تواجه اتفاق مكة.. اعتبر مشعل أن « هذه الألغام موجودة في شروط اللجنة الرباعية الدولية والتحرك الأمريكي في المنطقة، حيث يعمل الأمريكيون من أجل دعم خطة بوش والتحضير لضرب إيران، وبالتالي فهم يتحركون مع عدد من الدول العربية لاحتواء بعض البؤر التي تعتبرها أمريكا متمردة مثل حزب الله وحماس وسوريا ».
لا تسوية في الأفق
وفي مقابل ذلك تابع قائلا: « تريد الولايات المتحدة إظهار أن هناك عملية تسوية سياسية، وأنا أقول لا يوجد لدى الأمريكان أي مشروع للتسوية، وكل ما يروجون له هو عملية غير جدية، وأبلغت المصريين والسعوديين بذلك، وهم يعلمون هذا الكلام، ولكن نحن نسير من أجل استغلال هذا الوضع لكي نرفع الحصار عن شعبنا لالتقاط أنفاسه والتعامل مع هذا الوضع لتحقيق أقصى مكاسب ممكنة للشعب الفلسطيني ».
ورأى أن « الحالة التي حدثت بعد اتفاق مكة قد تستمر فترة من الزمن، والأمريكان مستعدون في اتخاذ خطوة ما في اتجاه التعامل مع الوضع الراهن، وسأستكشف هذه الأمور في زيارتي لموسكو التي تبدأ يوم الإثنين من خلال لقائي مع المسئولين الروس الذين يمثلون أحد أطراف اللجنة الرباعية لمعرفة ما المدى الذي يمكن أن تتجه إليه الولايات المتحدة الأمريكية واللجنة الرباعية ».
العلاقة مع العرب
وحول علاقة حماس مع الدول العربية، خصوصا تلك التي لا تؤيد نهج حماس، قال مشعل بلهجة صريحة: « حماس حافظت على علاقاتها مع دول عربية مصنفة أمريكيا وبعض هذه الدول دعمتنا بالمال؛ فنحن ننظر إلى الدول العربية عموما ليس على أن هذه الدول مرتبطة بهذا القطب الدولي أو ذاك ولكننا نتعامل معهم في الجوانب الإيجابية التي تخدم قضيتنا حتى ولو كانوا على علاقة وثيقة بالولايات المتحدة الأمريكية ».
وردا على سؤال عما إذا كان هناك حاجة إلى انتفاضة ثالثة، قال: « إذا لم تتحرك الأمور فسيقوم الشعب الفلسطيني بانتفاضة ثالثة، لكن الظروف الموضوعية لقيام هذه الانتفاضة لم تنضج بعد؛ فالانتفاضة ليست قرارا، ولكن هي إرادة وسنعمل في هذه المرحلة على تنفيذ اتفاق مكة؛ لأن شعبنا الفلسطيني يحتاج إلى فترة يلتقط فيها الأنفاس وإلى قيادة فلسطينية تلبي احتياجات هذا الشعب الذي من حقه أن يعيش ويتعلم مثل بقية الشعوب؛ ولذلك نحن من واقع هذه المسئولية ومن خلال قراءتنا للوضع الدولي ومشاوراتنا مع الدول العربية الشقيقة سنستمر في هذا التحرك حتى نصل إلى الأفق السياسي ».
إيران وأمريكا
أسئلة الحضور تناولت قضايا خارجية أخرى بعيدا عن الشأن الفلسطيني، ومنها احتمالات توجيه ضربة أمريكية لإيران.
وبهذا الخصوص، لم يستبعد مشعل ذلك وقال: « أنا أميل إلى أن احتمال الحرب على إيران ليس بعيدا، وأعتقد أن احتمالات ضرب إيران تتزايد في ظل دافعين؛ الأمر الأول وهو خدمة الأجندة الإسرائيلية. والأمر الثاني متعلق بمأزق الولايات المتحدة في العراق؛ فهي تريد أن تهرب إلى الأمام ».
وعند هذه النقطة، عاد مشعل مجددا للحديث عن علاقة حماس بطهران فقال: « لكن حماس لا تستمد وجودها من دولة معينة أو ترتكز في سياساتها على محور معين؛ فضرب إيران أو سوريا -لا سمح الله- يمكن أن يؤثر علينا بصفتهما دولا عربية وإسلامية صديقة، ولكن لسنا مصممين سياساتنا على دولة عربية أو إسلامية؛ فحماس تعمل داخل فلسطين ضد الاحتلال. والقيادات مستضافة في دول عربية وشقيقة، لكن مصادر تمويل الحركة لا يعتمد بأي شكل من الأشكال على النظام الرسمي العربي والإسلامي ».
أسماء الحضور
وبلغ عدد المفكرين والسياسيين الذين دعتهم حركة حماس لحضور اللقاء مع مشعل 20 شخصا.
وفيما يلي أسماء الحضور الذين دعاهم مشعل لحضور اللقاء:
نائب رئيس مجلس الدولة السابق المفكر المستشار طارق البشري، والكاتب المفكر فهمي هويدي، والمفكر الإسلامي محمد عمارة، والخبير في الشأن الإسرائيلي المفكر عبد الوهاب المسيري، وأمين عام الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين المفكر محمد سليم العوا، ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة د. حسن نافعة، والخبير الإستراتيجي اللواء صلاح سليم، والكاتب الصحفي الروائي جمال الغيطاني، والخبير السياسي د. حسام عيسى، والقيادي في حركة الإخوان د. عصام العريان، وأمين عام الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بالبرلمان المصري محمد البلتاجي، والنائب الإخواني حازم فاروق، وعضو حزب العمل المجمد الأستاذ بجامعة القاهرة مجدي قرقر، ورئيس تحرير جريدة « العربي » الناصرية عبد الله السيناوي، والإعلامي الكاتب الصحفي مجدي مهنا، ورئيس تحرير التقرير الإستراتيجي بمؤسسة الأهرام حسن أبو طالب، وخبير شئون الجماعات الإسلامية ضياء رشوان، ورئيس تحرير جريدة « الكرامة » عبد الحليم قنديل، ورئيس تحرير الأهرام العربي د. عبد العاطي محمد، ومسئول الشئون الفلسطينية بوكالة أنباء الشرق الأوسط صلاح جمع.
(المصدر: موقع إسلام أون لاين نت بتاريخ 24 فيفري 2007)
نوال السعداوي فرّت من مصر بعد شعورها بأنها مهدّدة
القاهرة – محمد صلاح
ثارت شكوك في مصر أمس حول مصير الدكتورة نوال السعداوي، بعدما نسبت صحيفة «لو سوار» البلجيكية تصريحاً لها ذكرت فيه أنها فرت من مصر بعدما شعرت بأنها مهددة ولجأت إلى بلجيكا في انتظار إنهاء إجراءات للإقامة في الولايات المتحدة. وسعت «الحياة» إلى الاتصال بالسعداوي أو زوجها الدكتور شريف حتاتة أو ابنتها الدكتورة منى حلمي، لكن أحداً لم يكن في المنزل.
وكانت «الحياة» تحدثت الى السعداوي نهاية الشهر الماضي حول مقال كانت بعثت به الى مكتب القاهرة ونُشر لاحقاً. وذكرت السعداوي في المكالمة انها تستعد للسفر إلى الخارج لكنها ستعود الى القاهرة، وأكدت انها مستعدة لمواجهة حملة تُشن ضدها منذ كتبت مقالاً دعت فيه إلى أن يحمل الأولاد اسمي الأب والأم.
وأجرى التلفزيون المصري مقابلة مع السعداوي وابنتها على الهواء فطرحتا الرأي نفسه ودافعتا عنه، وفي نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي مثلت مع ابنتها أمام النائب العام المستشار عبدالمجيد محمد بناء على بلاغ قدم ضدهما اتهمهما بالكفر.
واعادت الواقعة الى الأذهان ما جرى في عقد التسعينات عندما قضت محكمة مصرية بتفريق الدكتور حامد ابو زيد عن زوجته بعدما اعتبرته المحكمة مرتداً عن الإسلام. وغادر ابو زيد وزوجته مصر ولجآ الى هولندا حيث يعيشان. واثارت القضية ضجة كبيرة ما دفع الحكومة المصرية الى الطلب من البرلمان اجراء تعديلات على قانون الجنسية بحيث لا يلجأ المواطنون إلى المحكمة مباشرة لطلب تكفير شخص، وإنما يمكنهم التقدم الى النائب العام الذي يحقق في البلاغات ويحيل ما يرى على المحاكمة.
والسعداوي طبيبة نفسية ألّفت نحو اربعين كتاباً نُشرت في ثلاثين لغة. ومن المقرر ان تتوجه بعد بلجيكا الى فرجينيا (الولايات المتحدة) حيث ستتسلم جائزة أدبية. وهي قالت في حديثها الى الصحيفة البلجيكية انها مثلت في 28 كانون الثاني أمام النائب العام في القاهرة مع ابنتها منى حلمي التي كانت كتبت مقالاً في اسبوعية مصرية تطلب فيه أن يحمل الأولاد اسمي الاب والأم. وأضافت: «على غرار ابنتي، حاولوا اتهامي بالكفر ما قد يقود الى الموت». وكانت الناشطة المصرية لجأت خلال التسعينات الى الولايات المتحدة هرباً من التهديدات، وذلك بعدما ادرجت اوساط أصولية اسمها على لائحة شخصيات برسم القتل.
وعُرفت السعداوي (77 عاماً) بنضالها ضد الاستعمار البريطاني، ثم ضد السلطة المصرية من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حتى الرئيس حسني مبارك مروراً بالرئيس الراحل أنور السادات، وهي تحارب اليوم الأصولية وتدافع عن حقوق النساء وترفض اجبارهن على ارتداء الحجاب. وسجنت العام 1981 لبضعة أشهر على خلفية انتقادها نظام السادات.
وفي العام 2005 قالت السعداوي انها تنوي الترشح للانتخابات الرئاسية المصرية، لكنها لم تتمكن من ذلك لعدم انطباق الشروط عليها.
وكانت مكتبة مدبولي «أعدمت» أخيراً كتاب «الإله يقدم استقالته في اجتماع القمة» الذي أصدرته السعداوي، على رغم أنها كانت الطبعة الثانية للكتاب.
وبدأت السعداوي الكتابة وهي في المدرسة الثانوية عام 1944 وقدمت للمكتبة العربية أربعين كتاباً ما بين الرواية والقصة القصيرة والمسرحية والسيرة الذاتية والدراسات العلمية والفكرية في مجال الأدب والإبداع والسياسة والطب النفسي والأخلاق والدين وقضايا تحرير النساء والرجال في المجتمعين المصري والعربي.
(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 فيفري 2007)