فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia
|
TUNISNEWS 10ème année, N°3980 du16.04.2011
archives :www.tunisnews.net
Pourafficherlescaractèresarabessuivreladémarchesuivan:Affichage / Codage / ArabeWindows)Toreadarabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)
تابعوا جديد أخبار تونس نيوز على الفايس بوك
الرابط
http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141
نشرت لدى مكتب التحقيق الرابع أمس بالمحكمة الإبتدائية بتونس قضية تحقيقية ضد أربعة من الأمناء العامين لأحزاب المعارضة المعترف بها قبل الثورة وهم إسماعيل بولحية أمين عام حزب حركة الديمقراطيين الإشتراكيين وكذلك محمد بوشيحة أمين عام حزب الوحدة الشعبية و منذر ثابت أمين عام الحزب الإجتماعي التحرري ومنجي الخماسي أمين عام حزب الخضر التقدمي من أجل تهمة « التصرف في أموال وضعت تحت يده بمقتضى وظيفه والمشاركة في ذلك ».
وتم كذلك تحجير السفر عليهم .
وتفجرت القضية بعد ندوة صحفية لرئيس اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول مسائل الرشوة والفساد الأستاذ عبد الفتاح عمر خلال شهر فيفري الفارط وكشف خلالها أن دراسة ملفات رئاسة الجمهورية بينت أنه تم تسليم مبالغ مالية هامة للعديد من الأشخاص وأسندت لهم وهي تتراوح بين 300 دينار و 6 آلاف دينار وذكر كذلك أن 4 مسؤولين في أحزاب سياسية تلقى كل واحد منهم شخصيا ونقدا مبلغا ماليا قدره 50 ألف دينار, ثلاثة منهم تسلموها بتاريخ 7 جانفي 2011 وواحد تسلمها يوم 12 جانفي 2011 .
صباح الشابي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 16 أفريل 2011)
لاحظنا في الأيام الأخيرة أن المحكمة الابتدائية بالعاصمة، ومحاكم أخرى داخل البلاد، اهتمت بعديد ملفات الفساد المالي والأمني، المتعلقة بأعوان ورموز النظام الفاسد/ البائد..
وقد أصدرت المحكمة بطاقات ايداع بالسجن في شأن العديد من المورطين مثل عبد العزيز بن ضياء، وعبد الوهاب عبد الله وعبد الله القلال، وعبد الرحيم الزواري ومحمد الغرياني، في حين أطلق سراح البعض بعد سماعهم من قبل حاكم التحقيق مثل: زهير المظفر ورضا شلغوم وحامد القروي..
ولئن بث ايقاف العبادلة الأربعة ومحمد الغرياني ارتياحا لدى المواطن التونسي، فإن الإبقاء على الثلاثي المذكور في حالة سراح أثار عديد نقاط الاستفهام في الشارع التونسي..
في هذا الصدد، يؤكد أحد القضاة السامين لـ«الصباح» أن حسن سير التحقيق في القضايا المرفوعة ضد بعض رموز العهد البائد، يقتضي اصدار بطاقات ايداع في شأن بعض المتهمين، وهذا مرتبط أساسا بالسلطة التقديرية لقاضي التحقيق استنادا الى ملف القضية، كما يمكن لقاضي التحقيق، حسب تقديريه، أن يبقي على متهم أو أكثر في حالة سراح، وهذا لا يعني، اطلاقا افلاته من العقاب إن توفرت وسائل الإدانة».
ويقول محدثنا: «الأبحاث والتحقيقات مع هؤلاء تتم الآن في إطار قانوني بحت.. ولا للقضاء الشعبوي.. وتأكيدا لما يقوم به القضاء التونسي من مجهودات في اطار العدالة والشفافية، فإن قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بالقصرين المكلف بالبحث في القضية المرفوعة ضد مدير الأمن الوطني السابق، وأحد ضباط الأمن قد استمع الى 300 شاهد حول هذه القضية»…
ويشير محدثنا الى ضرورة محاكمة من تسببوا في تدعيم وتركيز النظام الاستبدادي السابق، مع احترام جميع الآليات والقواعد القانونية في السعي الى بحث جميع هؤلاء الأشخاص وكل من عملوا تحت إمرتهم.. وعلى الأرجح فإن الأبحاث والتحقيقات ستفضي في جميع الحالات الى الكشف عن كل مورط في النظام السابق/ الفاسد وإحالته على العدالة..
ويؤكد الأستاذ فتحي العيوني، المحامي لدى محكمة التعقيب من ناحيته «أن إيقاف أي متهم أو الافراج عنه، على ذمة الأبحاث، من محض وتقدير قاضي التحقيق وحده، وهو الوحيد المؤهل لاتخاذ القرار المناسب، حينما يعرض عليه المتهم، على أنه يبقى للنيابة العمومية أن تطلب استئناف ذلك القرار».. عمار النميري
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 16 أفريل 2011)
اعتصم منذ يوم الخميس عددا من سواق التاكسيات أمام مقر ولاية قفصة و أعلنوا دخولهم في إضراب جوع جماعي صحبة عائلاتهم احتجاجا على ما اعتبروه محاباة و محسوبية في منح الرخص التي تم إسنادها و التي تعد أربعين رخصة.
وأمام تجاهل السلطات الإدارية عمد المحتجون إلى قطع الطريق الرئيسة بالقرب من الولاية و أشعلوا الإطارات المطاطية . و قد استطاعت قوات الجيش المتواجدة بالمكان منع الجموع من الوصول إلى مقر الولاية كما تم الاعتداء على احد الشبان الذي حاول الوصول إليها يذكر أن قوات الجيش اعتدت على مراسلنا في قفصة الهادي الرداوي و أفتكت منه آلة التصوير إلا أن تضامن المحتجين مع زميلنا جعل الضابط يعيدها إليه ويقدم اليه اعتذاراته.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 16 أفريل 2011)
في ندوة صحفية محمد كريشان : » قضيتي ضدّ عبد العزيز الجريدي قضية دلالة وعبرة ..حتى لا يتكرر ذلك أبدا »
أكّد محمد كريشان في ندوة صحفية انعقدت يوم أمس بمقر الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والإتصال أن القضية التي رفعها ضد عبد العزيز الجريدي ليست بقضية شخصية ولا هي محاولة لتلميع الصورة بل هي رسالة « دلالة » و »عبرة » لكلّ الصحفيين حتى لا يتكرر المشهد مرة اخرى وتتحول الصحافة الى طبخات لاجهزة امنية وفق سياسة ممنهجة.
واستعرض كريشان جملة التجاوزات التي صدرت بحقه منذ سنة 1989 من طرف الجريدي مؤكدا أن وراءه « قوات تدخّل إعلامي سريع » وفق منظومة اعلامية أساءت للبلد، كما أكّد أنه قد طالب بمعرفة من كانوا وراء الجريدي ومن كان يقودهم وجعل صفحات جرائدهم « شقق مفروشة ».
وقد تناول كريشان في تصريحه خلال الندوة الصحفية عدة نقاط من بينها « الإفلات من العقاب » باعتبار أن العديد من القضايا قد رفعت ضدّ هؤلاء وأمثالهم و طويت ملفاتهم في الرفوف، مؤكدا أن المطالبة بخضوعهم للعقاب ليست من باب التشفي وانما الشفافية. وفي ردّه على جملة من التساؤلات أكّد محمد كريشان أنّه « هناك نوع من الصحافة عليه أن يختفي لا بمعنى الإقصاء والتشفي، وإنّما بالمعنى المهني والشعبي والإعلامي » مضيفا بأنّه : بقدر ما استأت من الصحافة الرديئة في العهد السابق، فاني أؤكد على عدم الإنصهار في الثلب والشتم والأسلوب السوقي كمحاولة لمسايرة مقتضيات الثورة حتى ولو كان ذلك في شخص بن علي وليلى طرابلسي لأنه يتنافى وأخلاقيات المهنة » مبينا أنّ » تناول هذه المسائل يجب أن يكون وفق أسلوب مهني يحترم قواعد العمل الصحفي ». كما أكّد أنه « لا تسامح بعد اليوم مع أي تعليمات جديدة قد يفرضها النظام المقبل، ولا مجال لجعل من الإعلام صنما جديدا مواليا لنظام أوللأجهزة أو جهات أو حتى الثورة، فعلى الأصوات أن ترفع عاليا ومنذ البداية » مضيفا أنّ « مساحة الحرية يفتكها الإعلامي حتى بعد السلطة الجديدة وبالتالي خلق مجالا حيويا لعمل حرفي »
كما أكّد على ضرورة أن يكون قانون الصحافة الجديد « أرحب من السماء » يستجيب إلى متطلبات المهنة والتطورات. من جانبه ذكر مختار الطريفى رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وأحد محامى كريشان أن كل القضايا التى قدمتها الرابطة للقضاء ضد الأقلام التى كانت تسيء الى المعارضة ظلت تراوح مكانها ولم يتم استدعاء المشتكى بهم للتحقيق معهم، وبين ان مقالات الثلب والتجريح التى كانت تنشر حتى في الصحف الرسمية ليست ممارسات منعزلة بل هى سياسة ممنجهة غايتها النيل من شرف نشطاء حقوق الانسان.
وقال صلاح الدين الجورشي: « الآن نحن نعيش لحظة مهمة نتساءل من خلالها هل يمكن انقاذ المهنة وهي لحظة لتصحيح المسيرة الإعلامية » مؤكدا أنّ « وسائل الإعلام في السابق كانت مقسمة إلى إعلام عبد الوهاب عبد الله وإعلام وزارة الداخلية »
إيمان عبد اللطيف
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 16 أفريل 2011)
تونس, تونس, 16 (UPI) — تظاهر الآلاف من كوادر وأعضاء الحزب الحاكم سابقا في تونس « التجمع الدستوري الديمقراطي » المنحل،للتعبير عن غضبهم وتنديدهم بحملات الإقصاء والتهميش التي تستهدفهم، وذلك في تحرك شعبي هو الأول من نوعه منذ الإطاحة بنظام الرئيس زين العابدين بن علي في الرابع عشر من يناير/كانون الثاني الماضي.
وقدّر مراقبون عدد المشاركين في هذه التظاهرة الإحتجاجية بأكثر من خمسة آلاف شخص،فيما قدّر منظموها العدد بأكثر من سبعة آلاف شخص تجمعوا وسط ساحة « حقوق الإنسان » المحاذية لشارع محمد الخامس بوسط تونس العاصمة.
ورفع المشاركون في التظاهرة لافتات كُتب عليها » الإقصاء ديكتاتورية جديدة »، و »تونس حرة والسمسارة على برة »،و »نعم للمحاسبة الفردية،ولا للإقصاء الجماعي »،و »لا شرعية إلا الشعب الذي يريد شرعية صندوق الاقتراع ».
كما رفعوا أعلام تونس،ورددوا هتافات تضمنت نوعا من التهديد،منها »راجعين راجعين ولن تنفع معنا التهديدات »،و »إرحلوا إرحلوا لستم أوصياء على الشعب،و »لن نسكت مجددا وتونس للجميع ».
وقال عادل الأخضر ليونايتد برس انترناشونال إنه قرر المشاركة في هذه التظاهرة لأنه يرفض مصادرة الحقوق المدنية لأي مواطن تونسي،ويتمسك بالحرية والديمقراطية والكرامة التي نادت بها ثورة 14 يناير ».
وأضاف الأخضر الذي قدّم نفسه على أنه موظف حكومي،وعضو في الحزب الحاكم سابقا،إن السعي إلى إقصاء أعضاء الحزب من المشاركة في الإستحقاق الإنتخابي المقرر في 24 يوليو/تموز المقبل، »يتعارض مع أبسط مقومات العدل وينتهك حق المواطنة ». وكان لافتا مشاركة العنصر النسائي والشبابي بكثافة في هذه التظاهرة التي تأتي بعد أيام قليلة من تصديق الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي،على مشروع قانون نص في بنده الخامس عشر على منع كوادر هذا الحزب من الترشح إلى انتخابات المجلس الوطني التأسيسي المقرر تنظيمها في الرابع والعشرين من يوليو المقبل.
كما نص البند أيضا على منع الذين تورطوا في مناشدة ترشح الرئيس المخلوع لولاية رئاسية جديدة ،من الترشح لعضوية المجلس الوطني التأسيسي.
وكان التصديق على هذا البند أثار في حينه جدلا سياسيا مازال متواصلا لغاية الآن،حيث رأى كثيرون أنه ينطوي على نوع من الإقصاء غير مبرر ،وغير قانوني،ويتناقض مع مبادئ الديمقراطية وقيم الجمهورية. (المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 16أفريل 2011)
اعتدى عدد من أنصار حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل بالضرب على مراسل قناة الجزيرة لطفي حجي وعلى المصور سمير التفنوتي أثناء تغطية مسيرة لمنتسبي الحزب. وقال مراسل الجزيرة إن أعضاء من الحزب هاجموا الفريق وأطلقوا شعارات ضد القناة وتغطيتها للأحداث في تونس، واعتبروها المسؤولة عن تشويه صورة حزب التجمع المنحل والحاكم سابقا. ونظم منتسبون للحزب المنحل مسيرة اليوم في العاصمة تونس تنديدا بقرار يحرمهم من الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي المقررة هذا الصيف. وكان مجلس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي صادق قبل أيام بأغلبية ساحقة على مرسوم متعلق بانتخاب المجلس التأسيسي بعد تعديل بعض مواده، بما يسمح بمنع قيادات الحزب الحاكم المنحل من الترشح لعضوية المجلس. ويحظر مرسوم القانون أيضا الترشح لعضوية المجلس على كل الشخصيات التي « ناشدت » الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الترشح عام 2014 لولاية رئاسية سادسة، رغم أن دستور البلاد لا يجيز له ذلك لتخطيه السن القانونية. حل ومصادرة وكانت المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة قررت في التاسع من الشهر الماضي حل حزب التجمع ومصادرة أملاكه داخل تونس وخارجها طبقا لقانون الأحزاب، وطلبت من وزارة المالية متابعة تنفيذ هذا الحكم. واعتبر النائب العام فوزي بن مراد في ذلك الوقت أن حزب التجمع خرق قانون الأحزاب في العديد من المواد، لا سيما المادة 2 التي تنص على الدفاع عن مكاسب الأمة، وخاصة النظام الجمهوري ومبدأ سيادة الشعب. وسينتخب التونسيون يوم 24 يوليو/تموز المقبل أعضاء المجلس الذي سيتولى تسيير شؤون البلاد مؤقتا وصياغة دستور جديد والإعداد لانتخابات رئاسية وتشريعية. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 16 أفريل 2011)
قالت تقارير صحافية أن مساعد وزير الخارجية الليبي الذي زار تونس وسط الأسبوع لم يتمكن من شراء عدد من السيارات رباعية الدفع من تونس ونقلها إلى ليبيا ونقل عن احد موظفي السفارة الليبية أن الوفد الليبي قام بالاتصال مع وكالات شركات عالمية مثل فورد و تويوتا لاقتناء 583 سيارة إلا أن الديوانة التونسية امتنعت عن الترخيص بإخراج السيارات التي تحتاجها كتائب القذافي. من جهة أخرى زار وفد تجاري ليبي تونس و عقد جلسة بمركز النهوض بالصادرات قصد تحريك عملية التوريد خاصة بعد القرار الليبي فتح الحدود و عودة الحركة التجارية بعد البلدين في إطار مزيد دفع الحركية التجارية و الاعتماد على اليد العاملة التونسية. يذكر أن قيمة الصادرات التونسية باتجاه ليبيا انخفضت خلال الثلاثية الأولى من العام الحالي بنسبة 34.6 في المائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية و قد بلغت قيمة الصادرات حوالي 80 مليون دولار.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 16 أفريل 2011)
تمّ أمس الجمعة 15 أفريل 2011 إنعقاد الجمعيّة العامّة الإنتخابيّة لجمعيّة مديري الصحف لإختيار أعضاء مكتبه التنفيذي الجديد و بعد نقاشات و مداولات دامت أكثر من أربع ساعات و بعد الإقتراع و الفرز تمّ إنتخاب 11 عضوا من 13 مترشحا لتكون تركيبة المكتب الجديد كالتالي: – رئيس: منصف بن مراد – نائبة رئيس : سندة بكار – نائب رئيس: عفيف كشك – كاتب عام: نزار الشعري – كاتب عام مساعد: قيس بن مراد – أمين مال: محمد الزرزري – أمين مال مساعد: العروسي بن صالح – الموارد البشريّة و التنمية: عمر الطويل – العلاقات الدوليّة حميدة بن رمضان – الصحافة الجهويّة: علي البقلوطي – تأهيل و هيكلة القطاع: الطيّب الزهار
و من أولى القرارات التي إتخذها المؤتمر:
– تنقيح القانون الأساسي للجمعيّة – إتخاذ إجراءات للدفاع عن حريّات و حريّة التعبير بالأخص – قبول إلتحاق مديري الصحف الإلكترونيّة بالجمعيّة
***************************************** توفيق بن بريك يكسر الصمت من خلال كتابه الجديد بعد الثورة: Tunisie, la charge… Aux armes les oubliés *************************************************** أنت مدعوّ إلى الندوة الصحفيّة لتوفيق بن بريك صباح الخميس 21 أفريل 2011 من الساعة الحادية عشر إلى الواحدة ظهرا بفضاء « التياترو » بنزل « المشتل ». * المصدر : مراسلة خاصة من البريد الإلكتروني للسيد سليم بوخذير بتاريخ 16 أفريل 2011 .
في تصريح لراديو سوا اعتبر السيد احمد نجيب الشابي أول امس أن منع التجمعيين من المشاركة في انتخابات المجلس التأسيسي هو ردة فعل ثورية ليس لها أي أساس في الثقافة القانونية و الديمقراطية وقال الشابي في تصريحه أن ممثلي حزبه صوتوا ضد القرار الذي أقرته الهيأة العليا لحماية الثورة و الانتقال الديمقراطي والإصلاح السياسي. يذكر أن عددا من الأحزاب بدأت تستقطب و تغازل التجمعيين خصوصا وان الموعد الانتخابي لم يعد يفصلنا عنه سوى اثنا عشر أسبوعا.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 16 أفريل 2011)
في لقاء عرضي لـ »الصباح » مع وزير الداخلية السابق فرحات الراجحي على هامش المؤتمر الدولي حول « معالجة انتهاكات الماضي وبناء المستقبل: العدالة في الفترات الانتقالية « , أكد على وجود عدم تفاهم بينه وبين رجال الأمن خلال فترة مباشرته للداخلية. كما أشار أنه ثبت عدم تجاوب من طرف رجال الأمن للقرارات والإجراءات الصادرة عنه, ويقول محدثنا أن هذا السلوك كان بهدف مساندة زملائهم ويعتبره ردة فعل على القرارات التي أصدرها بإيقاف عدد من المسؤولين بالوزارة.
ويضيف في نفس السياق أن رجال الأمن لا يتجاوبون مع كل دخيل عليهم وخاصة إذا كان ينتمي إلى قطاع آخر كما هو الحال بالنسبة له.
ويوضح أن أعوان الأمن والداخلية تعودوا على طريقة عمل وتصرفات لا يقبلها وتختلف مع أسلوبه في التسيير وهو ما يجعلهم يرفضون أي توجيه جديد.
ويذكر الراجحي على سبيل المثال أن من عادات الداخلية التحفظ على الموقوفين لفترة طويلة, وعندما طالب من موقعه باحترام القانون وإطلاق سراحهم في المدة المحددة, آثار ذلك الإجراء عديد التحفظات والانتقادات وكما هو الحال في المطالب بالتقيد بالقانون في الرشوة والتعذيب والمعاملات والمحاباة والإيقافات…
وعن سؤال « الصباح » حول المعدل الذي يمكن أن يسنده الراجحي لعمله خلال فترة توليه مسؤولية وزير الداخلية أجاب بنصف ابتسامة: « أديت واجبي… ومن الغرور أن يقيم الفرد نفسه فيمكن أن يرى عملا ضخما قام به على أنه بسيط أو العكس عمل عادي على أنه ذا أهمية بالغة, والحكم هنا من مسؤولية الرقيب…أي الرأي العام. »
وكان وزير الداخلية السابق فرحات الراجحي من أول الوزراء الذين لاقوا استحسان الرأي العام التونسي بعد الثورة وتجلى ذلك أساسا في الأسماء التي أطلقت عليه على غرار أستاذ نظيف.. ووزير الشفافية…والأكثر تلقائية…وغيرها من الأسماء, لكن يبدوا والأمر غير مؤكد أن الرأي العام لم ينجح في تغيير الموازين في مبنى الداخلية إلى اليوم, فتعنت رجال الأمن أمام قرارات وزير جديد ومفاهيم جديدة دفع بالوزير الأول إلى تغيير الوزير والإبقاء على الوزارة.
ريم سوودي
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 16 أفريل 2011)
إن ما تمّ التنبيه إليه من عمل مبيّت لفرض الوصاية على منظمتكم العتيدة قد حصل بالفعل تبعا لتسلط فئة معينة من القيادة الحالية عليها. وقد تجلى ثبوت هذا التوجه بعد إنجاز أشواط عديدة للمخطط المعدّ لذلك. لقد حصل لهذه الفئة قناعة راسخة أنهم أوصياء بالفعل عليها وهم داخلها وبعد خروجهم منها باستنساخ قيادة جديدة صنيعة أيديهم يسيرونها من الخلف وقد أصبحت الطبخة جاهزة بمواصلة تنصيب النقابيين الموالين عن طريق الضغط والتزييف على ما تبقى من المؤسسات الكبرى دون ممثليهم أصحاب الحق الشرعيين في غياب العمال تبعا لعزوفهم عن هذه القيادة أو إثر غلق مؤسساتهم أو لانشغالهم بأمور أخرى مرتبطة بالوضع الحالي في البلاد إلى غير ذلك. فبالنسبة لهذه المجموعة الغاية تبرر الوسيلة فالتحكم في المنظمة ضمان لما يخططون لمستقبلهم وفرصة لدسّ أصابع إضافية لزيادة التمكن لنيل المبتغى أو المساومة بذلك فيما يشاؤون أو لغاية في نفس يعقوب كالتهرب كما يروج البعض من طائلة القانون لمن هم غارقون حتى العنق في تهم وذنوب يُسوق لها في الساحتين النقابية والوطنية حيث لم يبقى لهم مكان شاغر في هذا المجتمع ولا من المفروض أيّ دور يلعبونه في المستقبل مع إنطلاقة هذه الثورة المباركة وما ينوي شبابها وعزمه على بناءه وتوطيده. فحتى أعوان المنظمة ذاتها باعتبار عددهم الهام الذي يخول تواجدهم في مؤتمرها المقبل خضعوا لنفس المسار الأسود حيث حصل ما حصل من تجاذبات وخلافات وضغوط على انسحاب بعض الوجوه الغير مرغوب فيها وترغيب وترهيب على النواب وفرض لعبة الطاعة والصمت والإنصياع للإرادة الأغلبية أي أصحاب الوصاية على الإتحاد وقد كانت النتيجة طبعا كالمعهود للموالين المخلصين الدائمين لهم. إذ يبدو أن فريضة الخوف والإرهاب أصبحت السمة المميزة لبعض رموز هذه القيادة حيث إنقلب مبدأ العمل بالنيات إلى ضرورة الطاعة العمياء وأصبح للكثيرين أضعف الإيمان ما تردده المقولة « إضحك للقرد في دنيته وقل له نعم الحبيب » أو « إمان الأبكم في صدره » إلى غير ذلك. فالحرية والديمقراطية صار لهما معاني نسبية ومقياسهما ذو مكيالين لمن لهم ولمن يخالفهم حيث يعتبر أهل الوصاية أن الصنف الثاني خطر حتمي عليهم وجب معاملته طبقا لآليات معينة كالمتابعة والمراقبة والتحوير والتجميد والحرمان من الإمتيازات إلخ…. وهذه أمور يخشى عواقبها عديد النقابيين خصوصا ضعفاء الحال منهم أمر يتفهمه الجميع. فالبقاء في الإتحاد صار يفرض لمن كانت قواعدهم صلبة قوية ومتماسكة قادرة على ردّ الفعل بالمقدار المطلوب أو لمن قبل كما أشرنا بالرضوخ للأمر الواقع ودائما مع وجوب توخي الخذر في كلتا الحالتين. إما إن كنت خارج الهياكل معتمدا على إنخراطك في الإتحاد وتريد ممارسة حقك في التعبير عن رأيك عن طريق الحوار أو الوقوف في البطحاء فالأمن النقابي لك بالمرصاد بهراواته وسواعده المفتولة ولكماته الغليضة… وللعالم فإن الأمن الجامعي وكل الأجهزة الأمنية الأخرى تم التخلص منها في البلاد ولم يبقى لها أثر إلا على مستوى هذه المجموعة القيادية فهي تأمن بها إلى حدّ القناعة كما عهدته مع العهد البائد وتتوخاه إلى حدّ الساعة كأسلوب تعامل وتحاور ومجابهة النقد والرأي المخالف مع بقية النقابيين وكأن ليس لهذا الصنف مكان لا في البطحاء أو المؤتمرات واللقاءات إلى غير ذلك فالمقصود بانتماءهم للمنظمة لا يتعدى مبالغ إنخراطاتهم فقط. هل هذا ما خلصت إليه هذه القيادة : التنكر لمبادئ المنظمة وتجاهل أهدافها فقد ذهب العهد البائد وباتت هي محافظة على ممارساته. الا يدخل هذا في باب فرض الخوف والإرهاب على الجميع للبقاء وتبعا لذلك هل بقيت جديرة بالتقدير والإحترام وهل يمكن منحها ولو دقيقة واحدة من الثقة لمواصلة المشوار وتأمينها على المنظمة ومنخرطيها. إن لي قناعة بأن كل نقابي داخلها أو خارجها يقاسمني نفس الإحساس ويأمن باقتراب ساعة الإنتفاضة النقابية وترك الخوف والإرهاب جانبا لنصرة الحق والتوجه السليم ودعم وحدة الصف النقابي هذا الطلب الأساسي والملح في هذا الظرف بالذات لإيقاف هذا النزيف والإنشطار وتجنيب المنظمة ما لا يحمد عقباه. عاش الإتحاد العام التونسي للشغل موحدا ومرصوص الصفوف على الدوام الأمين العام المساعد سابقا عبد النور المدّاحي
بقلم : محمد شريف- swissinfo.ch
في إطار دعم تونس في بناء مؤسسات أمنية مراعية لمتطلبات المرحلة الانتقالية نحو مجتمع ديمقراطي، استضافت سويسرا وفدا يمثل المؤسسات الأمنية والوزارية التونسية بالإضافة الى ممثلي منظمات المجتمع المدني والإعلام لمناقشة تصورات إصلاح القطاع الأمني والاستفادة من تجارب الدول الأخرى.
الاجتماع الذي تم تحت إشراف مركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة، يشكل ، بإجماع الجميع، « سابقة » في مناقشة موضوع حساس مماثل بمشاركة كل هذه الأطراف. فقد استقبلت مدينة مونترو السويسرية ما بين 14 و 15 ابريل 2001 وفدا تونسيا مكونا من حوالي عشرين ممثلا عن وزارات الداخلية، والخارجية، والعدل، والدفاع، ومصالح الأمن المختلفة، بالإضافة الى ممثلين عن منظمات المجتمع المدني والإعلام، لمناقشة تصورات إصلاح جهاز الأمن بتونس لمسايرة التطورات الديمقراطية الناشئة بعد ثورة 14 يناير الشعبية ضد نظام الرئيس زين العابدين بن علي. الدعوة التي وجهت للوفد التونسي من قبل مركز جنيف للمراقبة الديمقراطية على القوات المسلحة، يرى فيها أرنولد لويتهولد مدير العمليات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بالمركز، في حديث لسويس إنفو » مواصلة لجهود استطلاعية قام بها المركز لتونس قبل شهرين أي في 8 فبراير الماضي، حيث عرضنا على الحكومة التونسية الانتقالية إمكانية التعاون. وهو ما عبرت عنه الحكومة التونسية بالرغبة في عقد لقاءات في سويسرا وفي جنيف ». أما ما كان يتوقعه الجانب التونسي من مثل هذا التعاون، فقد عبر عنه أستاذ القانون والخبير في شؤون الأمن الاقليمي وعضو الوفد التونسي السيد هيكل بن محفوظ في حديث خص به سويس إنفو بقوله » للوقوف على التجارب التي قد تساعد تونس، كسلطات رسمية، وممثلي مجتمع مدني وإعلام، في مجال إصلاح قطاع الأمن في مرحلة الانتقال الديمقراطي ». سابقة اشراك الجميع في حوار أمني
ما يتميز به اجتماع مونترو بسويسرا في نظر مدير البرامج بمركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة، » كونه يشكل سابقة باجتماع كل من ممثلين حكوميين الى جانب ممثلي المجتمع المدني حول طاولة نقاش واحدة، لمناقشة موضوع أمني كان يمثل أحد الطابوهات ( أو المواضيع الممنوع الخوض فيها علانية) قبل اربعة أشهر فقط ». وهذا ما قال بشأنه الأستاذ كيهل بن محفوظ » أن المفاجئ والسار جدا هو أن الاستجابة كانت من جميع مكونات المنظومة الأمينة التقليدية، وهناك تمثيل من أعلى طراز من وزارة الداخلية ، وتمثيل عن وزارتي الدفاع والعدل، وبعثة تونس لدى الأمم المتحدة. إضافة الى ممثلين لفئات مهنية مثل القضاة والمحامين، والإعلاميين ونشطاء حقوقيين ». وقد رشح من الاجتماعات أن الكل كان يكتشف إمكانية الخوض في موضوع حساس مثل إصلاح النظام الأمني بمشاركة الجميع وفي جلسة علنية. وما سهل هذا النقاش وأعطاه عمقا في نظر السيد لويتهولد » كون الممثلين كانوا من ذوي المعرفة بالموضوع ومن الرتب العالية في الوزارات بحيث قام الوزراء باختيار ممثليهم من مدراء بالوزارات المختلفة ». تحديات التحول « من حماية النظام الى حماية المواطن »
ما كان منتظرا من مثل هذا اللقاء في سويسرا، هو تحديد التحديات التي تواجه تونس في المرحلة الانتقالية الديمقراطية الحالية في المجال الأمني، وهذا من وجهة نظر التونسيين أنفسهم وبمكوناتهم المختلفة. وبخصوص هذه التحديات يرى مدير العمليات بمركز جنيف للمراقبة الديمقراطية على القوات المسلحة السيد لويتهولد » أن على الشركاء التونسيين في عملية التغيير، أن يكونوا واعيين بان عملية التغيير يجب أن تشمل قوات الأمن أيضا وكل ما يشمل هذا القطاع من مؤسسات سياسية عليها تشريع ومراقبة عمل ونشاط أجهزة الأمن ».ويرى المسؤول بمركز جنيف » أن النقاش الذي دار سمح بتحقيق أكثر مما كان متوقعا ». أما ما يعتبره عضو الوفد التونسي وأستاذ القانون السيد هيكل بن محفوظ أكثر أهمية في مثل هذا الاجتماع » هو الانتفاع والاطلاع على دور المجتمع المدني كرقيب على قطاع الأمن وتفعيل هذا الدور وترشيده ». وبما أن تونس كانت رائدة الثورات الشعبية بالمنطقة، يرى الخبير في الأمن الاقليمي السيد بن محفوظ ان الجانب التونسي يتطلع من خلال هذا الاجتماع الى » مزيد من التعاون الدولي، ولما لا جعل تونس تصبح وجهة في المنطقة من حيث التجربة والانتقال الديمقراطي وإصلاح قطاع الأمن والتعاون مع الجهات الدولية في هذا المجال ». تغيير العقليات ليس بالأمر الهين
ما يذكّر به مدير البرامج في مركز جنيف في هذا الإطار هو » أن أجهزة الأمن في نظام دكتاتوري قد كُونت لحماية النظام، وعند إنجاح عملية التحول الديمقراطي، على هذه القوات أن تتحول الى توفير حماية لكل المواطنين ». وهذه العملية، تتطلب الوقت الطويل والجهد الكبير.
وهذا ما يؤكده عضو الوفد التونسي الأستاذ هيكل بن محفوظ بقوله » تغيير العقليات يتطلب الوقت والجهد والرصانة كذلك. والخلاصة التي توصل إليها الجميع هي أنه لا يجب تحديد وقت لذلك لأن على العملية أن تأخذ الوقت المطلوب لتغيير الممارسات وللرقي بالعقليات الى المستوى المطلوب ».
لكن عند الحديث عن الأمن في مرحلة انتقالية هناك توقعات شتى بعضها يتعلق بإصلاح القوانين الأساسية من دستور وغيره. وبعضها الآخر متعلق بإصلاح الأجهزة الأمنية وإعادة تكوين افرادها بما يتماشى مع متطلبات المجتمع الديمقراطي المراد ترسيخ قواعده. وهناك أخيرا التطلعات الأمنية الدولية والإقليمية التي يجب عدم إهمالها للحصول على دعم دولي في عملية التحول الديمقراطي. وكون العالم الخارجي يولي أهمية أكثر للعنصر الأخير أي الأمن الاقليمي والدولي، بتركيز الجهود على الحد من الهجرة غير الشرعية، هذا ما يرى فيه السيد لويتهولد » عنصر قلق بالنسبة للجانب التونسي، الذي عبر في أحاديث جانبية في الكواليس، عن الاستغراب لعدم رؤية دعم غربي قوي لعملية بناء المؤسسات الديمقراطية التي شرعوا فيها ». استعداد سويسرا لمساعدة تونس
يشدد المسئولون في مركز جنيف للمراقبة الديمقراطية على القوات المسلحة على أنهم بعرضهم خدمات في هذا المجال لم يكونوا يقصدون الاكتفاء بتنظيم حدث عارض بل كما قال مدير العمليات بالشرق الأوسط وشمال افريقيا في المركز، ارنولد لويتهولد » مرافقة تونس في عمليات الإصلاح التي اختارت أن تقوم بها هي حتى لا تبدو العملية وكأنها إملاء من الخارج ».
ومما تم لحد اليوم، يقول السيد لويتهولد » لدينا اقتناع بأن تونس ترغب في القيام بإصلاحاتها من منطلق الاطلاع على تجارب الآخرين والاستفادة منها ». وهذا ما تم بالفعل في لقاء مونترو بحيث اطلع الوفد التونسي على تجارب عديدة تمت في بعض بلدان أوربا الشرقية أثناء عملية التحول الديمقراطي التي عرفتها بعد انهيار جدار برلين.
وإذا كانت مساهمة مركز جنيف هي انعكاس للمجهودات المبذولة من قبل الدول الأعضاء في المركز ال 52، فإن بعضا من هذا المجهود يعود الى التزام سويسرا بدعم دول الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا ومن ضمنها تونس، الراغبة في التحول الديمقراطي. وهذا ما قال بشأنه السيد لويتهولد » لقد اعربت سويسرا بوضوح عن رغبتها في دعم الإصلاحات في شمال افريقيا. وفي ذلك إعادة توجيه لسياسة سويسرا في مجال دعم التنمية بالمنطقة والتي لم تكن تعتبر هذه المنطقة من أولوياتها نظرا لمستوى التنمية فيها. ولكنها اليوم تعي أن هناك ضرورة في بلدان المنطقة لدعم المؤسسات لكي تفي بحاجيات المواطنين .وهذا التحول الديمقراطي في المنطقة جعل سويسرا ودول الاتحاد لأوربي تعيد توجيه سياستها في مجال المساعدة على التنمية لدعم هذه الدول في إقامة دولة القانون وتوفير هذه الخدمات للمواطن « .
ويجمع سواء عضو الوفد التونسي الأستاذ هيكل بن مبروك، او مدير العمليات بمركز جنيف للمراقبة الديمقراطية على القوات المسلحة أرنولد لويتهولد على كون اجتماعي تونس ومونترو سمحا بتحديد التطلعات وعرض التجارب. وأن هناك نية في تطوير ذلك الى برامج تكوين عملية تشمل فئات أكثر. وهذا ما قد يتمخض عن الاجتماع القادم الذي قد يعقد في تونس. (المصدر: موقع « سويس انفو » (سويسرا) بتاريخ 16 أفريل 2011)
يطالب التجمعيون اللادستوريون واللاديموقراطيون بكل الصفاقة و الوقاحة اللتان عرفا بها العودة الى الحياة السياسية التونسية و يطالبون بعدم الاقصاء وعدم الاجتثاث بل يقدمون انفسهم من خلال احزابهم الجديدة التي يعرفها التونسيون جيدا بانهم اصحاب التجربة و اصحاب الحلول, يرصون صفوفهم ويجمعون أذيالهم ويجتمعون سرا و علنا داخل البلاد و خارجها ويبحثون عن الوجوه التي لم يعرفها الشعب خلال ال23 سنة الماضية و يلمعون بعض اوراقهم القديمة مستغلين انشغال شعبنا الطيب عنهم .شعبنا الذي لم ينسى و لن ينسى سنوات القهر و الكبت والقمع و التنكيل و تكميم ألافواه و الدعاية الاعلامية ’’الغوبلزية ’’ فأصحاب سياسة « تجفيف المنابع » و »الاعلام المسؤول »… و غيرها من الشعارات الزائفة التي استعملوها لطمس هوية شعبنا وشخصيته يريدوننا ان ننسى وأن نتجاوز و كأننا كنا في نزهة بل يتحدثون وبعض محاميي الشيطان عن العقاب الجماعي اين كان هؤلاء عندما عاقب التجمعيون الشعب التونسي عقابا جماعيا لمدة 23 عاما و اين كانوا عندما شرد و سجن و قتل الالاف لماذا سكتت أفواههم حينذاك ام انها حررت الان لتقول زورا وبهتانا. ترى هل يرضى أبناء الشهداء و اباءهم واماهتهم و اراملهم ,هل يرضى مساجين الراي والمعذبين والمهجرين بل هل سيرضى اهالي بن قردان والحوض المنجمي و اطفال الانترنت وكل من نكل به في ال 23 سنة الماضيةو اذا رضي هؤلاء بعودة التجمعيون في كوادرهم العليا والوسطى و حتى رؤساء شعبهم المهنية والترابية فهل يرضى اهالي شهداء المقاومة اللبنانية الفلسطينية الذين رفض التجمعيون استقبال رفاتهم ثم رفضوا تسليمهم الى اهلهم لدفنهم و بعضهم دفن في مقابر مجهولة حتى الان اذا رضي هؤلاء ونسي المظلمون مظالمهم وتوقف بكاء الثكالى و التئمت جراح مساجين اقبية الداخلية وسجون البلاد عندئذ ربما و ممكن ومحتمل ان يقول لهم الشعب التونسي اذهبوا فانتم الطلقاء ونحن نعرف ماذا يفعل الطلقاء دائما بعد العفو عنهم وما حصل لقناة الجزيرة خير دليل .
عبد الله بن عبد الرحمان
باسم الله الرحمان الرحيم رياض حجلاوي
أنجز شعب تونس ثورة عظيمة جسدت قول شاعره الأبي أبو القاسم ألشابي إذا ألشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر. شاءت ألأقدار أن تكون انطلاقة هذه الثورة من سيدي بوزيد هذه المدينة الموجودة في وسط تونس فكانت مثل الشمس التي أشعت بخيوطها على المدن الأخرى حتى رحل الدكتاتور.
ثم توسطت تونس الدول العربية وأشعت عليهم حتى أنجزت مصر ثورتها والبقية إن شاء الله في الطريق.
أمام هذه الإنجازات العظيمة يظهر أليوم في تونس مجموعات لا تحظى بمدد شعبي بل هي من النخب التي عفا عليها الزمن لأن أفكارها تجمدت وانحسرت بانحسار الشرق اليساري بعد فشله في إنجاز الدولة العادلة ثم انحسر الفكر الليبرالي بعد نهاية الحضارة في أمريكا ولم تعد حقوق الإنسان هي الأساس لديها بعد قونتنامو وأبو غريب واحتلال العراق وحرب لبنان ثم حرب غزة .
هذه النخب في تونس وهي تعرف أن الانتخابات النزيهة لن تأتي بهم إلى حكم تونس يريدون أن يلتفوا على إرادة الشعب بطرحهم ما يسمى الميثاق الجمهوري ويريدون جعله فوق الدستور وربما يريدون حراسته إذا أنجزوه بالجيش على الشاكلة التركية فيما يسمى حماية العلمانية.
إنني أنبه شعب تونس الذي أنجز هذه الثورة العظيمة أن يتجند لحمايتها ولا يقبل مواثيق فوقية لم يساهم فيها وأن يتمسك بأعلى وثيقة وهو الدستور الذي سينجز بعد انتخاب المجلس التأسيسي.
إن الهيأة العليا للإصلاح السياسي ليست مخولة أن تتكلم باسم الشعب فهي معينة وشرعيتها لا تستمدها من الشعب. أدعو الشعب إلى الاعتصام أمام مقر هذه الهيأة والضغط عليها حتى تتنازل عن هذا الميثاق المشبوه المزمع إنجازه
By من الجمعي قاسمي
تونس, تونس, 16 (UPI) — دخلت « ثورة تونس » التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي في الرابع عشر من يناير/كانون الثاني الماضي شهرها الثالث،في ظل تفريخ غير مسبوق للأحزاب ،وانفلات أمني ،ومخاوف من تدهور الوضع الاقتصادي .
وتشير كل المعطيات إلى أن هذا المشهد بات مفتوحا على كل الاحتمالات، فيما تباينت القراءات السياسية، واختلفت بتنوع مواقع أصحابها ومواقفهم، وتراوحت بين التشاؤم حينا، والتفاؤل الحذر في أحيان كثيرة.
وقال أحمد الأينوبلي الأمين العام لحزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي ليونايتد برس انترناشونال ،إن مسارات الانتقال السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية في تونس » تسير على أسس غير سليمة ،ومازالت فيها عناصر الضبابية والخوف من الإنزلاق نحو المجهول تلقي بظلالها » .
وأعرب الأينوبلي عن إعتقاده أن » سطو » عدد من الأحزاب على « ثورة الشعب » حوّلت « مسار الثورة في إتجاه ما يخدم حساباتها و أجندتها ولعل ما حدث في هيئة تحقيق أهداف الثورة أكبر دليل على ما نقول ».
ويرى مراقبون أن هذه الهيئة التي تشكلت في أعقاب « ثورة 14 يناير » تهيمن عليها أجواء حزبية إستقطابية موجهة، ويغلب عليها التفكير والعمل وفق إعتبارات ضيقة ،و حسابات سياسوية مازالت تخضع لإعتبارات ما قبل الثورة وإلى ذهنية الوصاية.
وتميّز المشهد في تونس على الصعيد السياسي خلال الأشهر الثلاثة الماضية بتشكيل ثلاث حكومات مؤقتة، أخرها برئاسة السياسي المخضرم الباجي قائد السبسي،وهي حكومة مازالت تكابد في تصريف شؤون البلاد، ومحاولة « إستعادة هيبة الدولة » التي قال السبسي إنها ستكون أولى أولوياته، إلى جانب معالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي والحيلولة دون إنهياره.
ورغم تمكن هذه الحكومة التي مضى اليوم السبت على تشكيلها 40 يوما، في كسب ثقة شريحة عريضة من الشعب التونسي، فإنها مازالت مع ذلك تتعرض لإنتقادات متنوعة على الصعيد الاجتماعي، لجهة تلبية مطالب الكثير من القطاعات التي لم تتردد في تنفيذ الإعتصامات والإضرابات عن العمل.
ولا يكاد يمر يوم دون تسجيل إعتصام هنا، وإضراب هناك، بينما بدت الأوساط السياسية مشغولة بترتيب أوضاعها على وقع تزايد عدد الأحزاب السياسية الذي بلغ لغاية الآن نحو 53 حزبا،والذي يُنتظر أن يرتفع إلى أكثر من 100 حزب سياسي، تنتمي في مجملها إلى أربع عائلات فكرية هي اليسارية والإسلامية والقومية والليبرالية.
وكثفت هذه الأحزاب تحركاتها بإتجاه السعي لبلورة تحالفات وائتلافات استعدادا للإستحقاق الإنتخابي المُقرر في الرابع والعشرين من يوليو/تموز المقبل،وهو ما دفع المحامي الأزهر العكرمي رئيس « مركز مواطنة لتنمية مسارات الديمقراطية » إلى القول إن الوضع السياسي يبقى على ضوء ذلك، »يتراوح بين مناخ من الشك والتجاذبات التي تجعل من المستقبل القريب مفتوحا على مختلف الاحتمالات ».
وقال العكرمي ليونايتد برس انترناشونال أن الموعد الإنتخابي المقرر في الرابع والعشرين من يوليو المقبل، »يلفه الكثير من الغموض حول مستقبل القوى التي تؤمن بالليبرالية السياسية وإقتصاد السوق »،وذلك على ضوء الجدل السياسي المحتدم الذي تشهده البلاد،والذي تحول خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى ما يشبه السجال الأيديولوجي حول جملة من القضايا شملت مسائل مرتبطة بالهوية ،والعلمانية وغيرها من القضايا الخلافية الأخرى.
ولفت العكرمي إلى « تسارع نمو القوى الإسلامية المختلفة في البلاد ضمن مسارات بعيدة عن شرعية الحكم وهيبة الدولة، لتدخل في سباق محموم مع القوى المدنية التي للأسف مازالت ضعيفة،وذلك في مناخات تتسم بحرية تصل إلى حد الفوضى ».
وفي هذا السياق،لم يتردد أحمد الأينوبلي من التحذير من « الوفاق المغشوش » الذي تشهده تونس في هذه الفترة الانتقالية،وإعتبر أن المتضرر في نهاية الأمر هو الشعب الذي كان يطمح إلى تغيير ديمقراطي حقيقي ليجد نفسه بين فكي كماشة مقتنصي الفرص السياسية .
ويذهب البعض إلى القول إن هذا المشهد الذي بدا مسكونا بأسئلة حارقة، وهواجس متعددة، قد ساهم بشكل أو بآخر في بروز خطاب إقصائي ارتفعت وتيرته بشكل لافت خلال الأيام الماضية، بات ينذر بعواقب وخيمة في حال إستمراره، لاسيما وأنه ترافق مع واقع أمني لم يتخلص بعد من حالة الإنفلات التي تنتاب أبرز مفاصله.
غير أن الطالب فوزي بن حميدة بدا أكثر تفاؤلا،وقال ليونايتد برس انترناشونال إن « ثورة 14 يناير هي ثورة شباب،والشباب بطبعه متفائل،وبالتالي فإن المتابع للحراك السياسي الراهن قد يصاب بالإحباط،ولكن عندما يأخذ مسافة مستقبلية يشعر بالتفاؤل ».
ويرى فوزي أن ما تشهده تونس حاليا أمر طبيعي،ذلك أن « كل مرحلة إنتقالية قد تشوبها مظاهر إضطراب،وربما أيضا بعض المؤشرات المرعبة،ولكن القراءة الموضوعية والواقعية للوضع تدفع دون شك نحو الإطمئنان،والتفاؤل بالمستقبل ».
وبين هذا الرأي وذاك،يجمع المتابعون للشأن التونسي على أن الإنفلات الأمني الذي تعيشه تونس،والذي غذته وتغذيه أطروحات فكرية وأخرى أيديولوجية،إنعكس بشكل خطير على الواقع الاقتصادي الذي بات على حافة الانهيار رغم المحاولات الجارية لترميم أركانه. ويُقر مسؤولو الحكومة التونسية المؤقتة بأن الوضع الاقتصادي في البلاد سجل خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بما لا يقبل الدحض تراجعا، يتجلى بالخصوص في الإنتاج الصناعي الذي إنخفض بنسبة 13 %،وتراجع نوايا الإستثمار في الصناعة بنسبة 36 %،إلى جانب تدني مخزون البلاد من النقد الأجنبي بملياري دينار(1.44 مليار دولار).
وحسب محافظ البنك المركزي التونسي مصطفى كمال النابلي، فإن التراجع المشار إليه ترافق أيضا مع إنخفاض تحويلات المغتربين التونسيين، وعائدات القطاع السياحي، ما دفع البنك المركزي إلى التخفيض في المدخرات البنكية الإجبارية من 12.5 % إلى 5 % والترفيع في التمويلات المباشرة للسوق النقدية من أجل زيادة السيولة وتيسير تمويل الاقتصاد.
ورغم هذه الإجراءات، توقع النابلي أن تتراوح نسبة النمو الإقتصادي في تونس خلال العام الجاري ما بين 0 و1 %، إلى جانب إرتفاع نسبة عجز الموازنة العام للبلاد خلال العام 2011، لتصل إلى حدود 5 %، بينما توقع وزير التشغيل أن ترتفع نسبة البطالة في البلاد إلى 19% قبل نهاية العام الجاري، مقابل 13.2% خلال العام 2010.
غير أن هذه الصورة التي تبدو في جانب منها سلبية،لا يمكن أن تحجب الجوانب الأخرى الإيجابية والناصعة، وخاصة منها « إزدهار الحريات الفردية والعامة »، الذي بدأ يؤسس بشكل جدي لديمقراطية حقيقية من شأن تراكم عناصرها إستعادة الثقة في مستقبل تونس. لا شك في ان مناخ الحرية والديمقراطية الذي تعيشه تونس اليوم،سيؤمن العناصر الضرورية لتطوير الآليات الكفيلة بضمان سير المؤسسات الدستورية ودعم قدرة البلاد على تجاوز الصعوبات الإقتصادية ،وبالتالي تأمين التوزيع العادل للخيرات،وهي جوهر أهداف « ثورة 14 يناير » بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
(المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 16أفريل 2011)
د.خــالد الطراولي* ktraouli@yahoo.fr كتبنا منذ مدة ولمرات عديدة تساؤلات حول الإقصاء والاستبعاد الذي يتعرض له المهاجرون في المشهد السياسي التونسي، وحذرنا من إمكانية استبعادهم كمرشحين حيث بلغت إلى أسماعنا منحى إقصاء أصحاب الجنسيات المزدوجة من الترشح للمجلس التأسيسي، وعبرنا عن توجسنا وتخوفنا من هذا التبعيض والتجزئة لمفهوم المواطنة، حيث تجلى للعيان خطورة استبعاد جانب مهم من الجالية التونسية في المهجر من الحضور المباشر والمساهمة الفعلية والمشاركة في حلقة مصيرية وهامة من حاضر ومستقبل تونس.
ولقد ذكرنا وأبلغنا أصحاب القرار وسلطات الإشراف بصيغ غير مباشرة عن هذه الهواجس التي تلغي جزء من الشعب التونسي وتنحي عنه جانبا من حقوقه، لا لأنه مذنب أو متهم أو يعمل في سلك معين، ولكن ذنبه أنه وجد نفسه يوما خارج الوطن اضطرارا وليس اختيارا، بعضه اقتصادا وبحثا عن مورد رزق، والبعض الآخر هروبا من الاستبداد، فوجد نفسه بدون جواز حيث مُنٍعَهُ، وبلا وطن حيث شُرِّدَ منه، فوجد نفسه ملقى على رصيف الحرمان، إما أن يركع للإستبداد ويقبل العيش حاني الظهر ويمشي بجانب الحائط، شعاره « الله ينصر من اصبح »، أو يقبل العيش منفيا صامدا مقاوما رافضا الانحناء والتذلل، فتفضلت عليه بلاد الإقامة بجنسيتها وجعلته يعيش آدميته، والحسرة تملأ يومه وليله، حيث لفظته أرض الأجداد وقبلته أرض الجيران!
الجديد المعلن في مشروع انتخاب المجلس التأسيسي هو القبول بترشح التونسيين مهما كان تواجدهم الجغرافي وتعدد جنسياتهم بعد الجنسية التونسية، وأصبح التونسي المهاجر من هذا الباب يتساوى مع تونسي الداخل في الحقوق والواجبات، وهذا مسار محمود، والرجوع إلى الحق فضيلة، فلا فرق بين التونسيين إلا بما يقدمونه من خدمة لهذا الوطن العزيز، ولكن هذا بداية الطريق، وليس كل الطريق، فقانون الأحزاب الحالي، وبانتمائه إلى عهد الظلمات ساهم في هذا الاقصاء والاستبعاد، ونرجو أن يحمل القانون الجديد نفس فلسفة التواصل بين التونسيين واعتبارهم جسدا واحدا كما أرادته الثورة المجيدة، إذا أصاب طرفا منه ألم، تداعى له كل الجسد بالسهر والحمى. فلا يستبعد من المشاركة في المشهد السياسي إجمالا جاليتنا في المهجر وخاصة الجيل الثاني والثالث والذين يحمل أغلبهم جنسية البلد المضيف، فيكون لهم حقوق المشاركة والترشح وتأسيس الأحزاب وتسييرها، والمعيار الوحيد هو حب الوطن والمساهمة في دفع عجلته نحو منازل الأمن والأمان والرفاه.
إن المهجر تواصل جغرافي ووجداني للوطن، وهو الوطن في امتداده يعيش على أرضه تونسيون كرماء أوفياء أصيلون، أحلامهم جميعا تونسية، وهمومهم كلها تونسية، وأفراحهم وأطراحهم تونسية، وتونس بلاد الجميع منهم، بلا إقصاء ولا تهميش، وهي بلاد الأجداد والآباء وهي بلاد الأحفاد.
ولي وطن آليتُ أن لا أبيعه ./. وأن لا أرى غيري له الدهر مالكا.
الدوحة في 14-4-2011 معالي السيد وزير التربية و التعليم/ الموقر
نرفع لكم هذه العريضة أملا في إنصافنا لما لمسناه فيكم من تفهم و روح مسؤولة و سعي للرقي بالتربية و التعليم و إيمان بحقوق الإنسان .
نحن تونسيون مقيمون في دولة قطر حرصنا و مازلنا نحرص على رفعة تونس و هيبتها في بلاد الإقامة و ندافع عن انتمائنا و وطنيتنا و خير مثال على ذلك هو المدرسة التونسية بالدوحة التي أسسها عدد من الأولياء و أبناء الجالية و راهنّا على بقاء هذه المؤسسة نبراسا للعلم و رمزا لإيماننا بمناهج التعليم التونسية فكانت رافدا هاما في تعزيز الهوية التونسية و لعبت دورا حيويا في استقرار الجالية و تضاعف أعدادها و لمّ شمل الأسرة في بلد الإقامة.
و لا يخفى على أحد تميز تلاميذ هذه المدرسة منذ تأسيسها فنسبة النجاح في المناظرات الوطنية كانت تقدر بمائة في المائة في أغلب الدورات ، كما أن هذه المؤسسة كانت بمثابة مركز ثقافي و منتدى يلتقي فيه التلاميذ و الأولياء و تتضافر فيه جهود الجالية كل حسب استطاعته لمد يد المساعدة و التطوير .
لكن شهدت هذه المؤسسة انحرافا خطرا عن مسارها و تحريفا لأهدافها النبيلة و الوطنية بعد أن تولت المنظمة التونسية للتربية و الأسرة الإشراف عليها منذ ثماني سنوات تقريبا ، عبر تعيين ممثلها المنسق العام للمدرسة الذي خلق أجواء مشحونة بين الجالية و المدرسة و كشفت تصرفاته و أفعاله عن عجز و افتقار للخبرة في تسيير مؤسسة تربوية فمستواه التعليمي و التربوي لا يؤهله لذلك و أثبت أكثر من مرة أنه يتعامل مع المدرسة على أنها إرث و ملك له و مورد مالي يستغله هو و المنظمة التونسية للتربية و الأسرة بما يخدم مصالحهما الذاتية الضيّقة و التغاضي عن مصلحة التلميذ و المربي و الجهل بمقتضيات العملية التربوية و ما تتطلبه من أخلاق و مستوى علمي و نزاهة و استقرار الأوضاع و احترام و رقيّ .
و هذه بعض آثار المنظمة التونسية للتربية و الأسرة منذ تبنّيها للمدرسة:
– خلق هيكلة للمدرسة غريبة عن المؤسسات التربوية و لا تعبر عن رؤية علمية واضحة بل عمقت استعلاء المنظمة و ممثلها و خلقت مسميات وظيفية (المنسق العام) الذي يتقاضى راتبا ساهم في إثقال ميزانية المدرسة و أي دور يقوم به غير سب الأولياء و شتمهم و خدمة مصالحه الخاصة و (المدير الإداري و المالي )و تهميش دورهم (هم اللذين يمولون المدرسة) وتهديد المربين و استعبادهم واحتقار التلاميذ .
– تفاقم المحسوبية و مراعاة المصالح الخاصة في تسيير المدرسة .
– عدم وجود أي شكل من أشكال المراقبة أو المتابعة الإدارية و المالية و البيداغوجية .
– تحول المدرسة من مؤسسة تربوية غير ربحية إلى مؤسسة ربحية يتقاسم أرباحها المنسق العام و المقربون منه و المنظمة التونسية للتربية و الأسرة.
– مشاركة التلاميذ في تظاهرات ثقافية و رياضية (و هو أمر راهنت عليه المدرسة منذ نشأتها لتأكيد انفتاحها على محيطها بما يضمن إشعاعها ) تتقاضى الإدارة ثمنها متمثلا في مبالغ مالية و هدايا قيّمة يستغلها المنسق العام و المقرّبون منه و يستفيدون منها.
– إثقال كاهل المدرسة بمصاريف و نفقات زيارات رئيس المنظمة و بعض ممثليها (تذكرة السفر و الإقامة في النزل الفخمة و الهدايا و المآدب و الذبائح ) للسياحة دون مراعاة مصلحة المدرسة و الثمن يدفعه الولي من غربته و معاناته ، في حين أن المدرسة تفتقر إلى العديد من التجهيزات الضرورية لنجاح العملية التربوية من ذلك مواصلة تجهيز مختبر العلوم و الفيزياء و التقنية التي يدرسها أبناؤنا نظريا دون تطبيق عملي و كان مصدر تذمر المدرسين في عدة مناسبات .
– انتداب الإطار التربوي و الإداري لا يخضع لشروط الكفاءة و الخبرة و النزاهة بقدر ما يخضع للمحسوبية و لصلة القرابة بالمنسق العام أو برئيس المنظمة أو بالمدير المالي.
– تفشي التسيب و عدم الانضباط داخل المدرسة ( العنف المادي و المعنوي – التدخين…) وعدم وجود تأطير للتلاميذ و غياب الحوار معهم في فترة حساسة من حياتهم .
– تراجع نتائج التلاميذ و نسب النجاح فنسبة مائة في المائة غير مضمونة دائما، و تدليس نتائج بعض التلاميذ لمحاباة بعض الأصدقاء .
– تغييب دور الأولياء و حتى الاجتماع بهم أو بالتلاميذ غير معمول به و في ذلك تقاعس عن تطبيق مناشير وزارة التربية و التعليم.
– الارتجال في تسيير المدرسة و عدم وجود برنامج واضح يراعي احتياجات المدرسة الحقيقية و عدم توفر تصور عملي للتطوير و دراسة النقائص.
– عجز مالي هام في ميزانية المدرسة بسبب سوء تصرف إدارة المدرسة و جهلها لأولويات المؤسسات التربوية و احتياجاتها.
– تهميش دور المربي و اختزاله في حشد الإطار التربوي لتزكية ممارسات الإدارة والمنظمة و توقيع العرائض المساندة لشخص المنسق العام تحت الضغط و التهديد بالفصل والطرد من العمل .
– اعتبار الأولياء عناصر دخيلة و رفض التعامل معهم في إطار يمثلهم كما هو معمول به في مدارس الجاليات و المدارس الأهلية،و تسيير المدرسة بطريقة بيروقراطية و أحادية تعتمد على الرأي الواحد و التزييف و المماطلة وغياب القدوة و المثل.
– طمس دور النوادي الثقافية و عدم ممارسة التلاميذ لنشاط ثقافي داخل المدرسة ( لا وجود لنوادٍ أو لإذاعة داخلية أو لمجلة أو نشرة..) هذا فيض من غيض و ما خفي كان أعظم،ونظرا لاحتقان الأجواء و حرصا منا على مصلحة أبنائنا و إيمانا منا بنبل العملية التربوية و ضرورة خلوّها من كل الشوائب التي تهدد مسيرتها و تعرقلها نرجو مساعدتنا في تحقيق مطالبنا و هي كالتالي :
– أن ترفع المنظمة التونسية للتربية و الأسرة يدها عن المدرسة التونسية بالدوحة .
– أن تشرف وزارة التربية و التعليم في تونس على المدرسة (شأنها شأن مدارس الجالية في ليبيا و إيطاليا) بالتعاون مع السّفارة،علما و أن المدرسة لها استقلالها المالي وتحتاج إلى سند معنوي و أدبي كما أننا نثق بكفاءة الإطار الذي تقدمه الوزارة.
– محاسبة الجهات المختصة للمنسق العام و منظمة التربية و الأسرة على إخلالها واستغلالها لموارد المدرسة في خدمة مصالح خاصة.
– اعتماد قوانين و لوائح تنظيمية للمدرسة أسوة بكل المدارس الأخرى واحترام القوانين المعمول بها في تونس و بلد الإقامة قطر. سيدي الكريم هل بإمكان المربي أن يتفانى في عمله في مثل هذه الأجواء غير التربوية خاصة مع وجود تمييز و حيف و ضغوط تمارسها الإدارة على الإطار التربوي.
ما ذنب 1500 تلميذ تقريبا ليدرسوا في هذه الأجواء ؟وهو عدد سيتضاعف بتوفر فرص عمل لـ5000 تونسي في هذه السنة. سيدي الكريم، ثقتنا بكم كبيرة، لذا نرجو أن تنظروا في مشكلتنا و حلها جذريا في أقرب الآجال حتى يتم الاستعداد للسنة الدراسية المقبلة في أحسن الظروف و يكفينا ما ضاع و ما فات. تقبلوا منا فائق الشكر و التقدير
أنا لا أحبّ الأطباء…و أقولها عاليا و بملىء فمي..يصيبني الخوف الشديد كلما رأيت أحدا منهم وأحاول أن أزيح بصري بعيدا حتى لا تداهمني الكوابيس في الليل…ربما تكون قصة عاطفية كان مآلها الفشل مع طبيبة سببا في هذه المشاعر الغير وديّة تجاههم و لكنه ليس السبب الأصلي و لا الجوهري..أنا لا أحب الأطباء قبل أن أعرف تلك الطبيبة و كرهتهم أكثر بعد أن عرفتها.
كنت في السنة الثانية من عمري حينما تسببت هفوة طبية في إجرائي لعملية جراحية مازلت أحمل آثارها إلى يوم الناس هذا..ليس تجربة رائعة أن تألف رؤية الأطباء و أنت لازلت في المهد صبيا..للأسف لم تكن هذه « الحادثة- الهفوة » الأخيرة فقد تكرّرت أخطاء الأطباء و تقديراتهم المجانبة للصواب و كان جسدي دائما من يدفع الضريبة..ولّد فيّ هذا خوفا من الطبيب أو الطبيبة على حد سواء..صار عندي فوبيا خاصة بي إسمها « الطبيبوفوبيا ».ارتسمت في ذهني صورة سلبية جدا عنهم ظلت ترافقني دائما و لم تفلح السنين في تغييرها بل زادتها تجذّرا و ترسّخا.
في البداية و منعا لكل إلتباس فأنا لا أتهجّم على شخص بعينه و لا أتحامل على مهنة الطبّ في حد ذاتها فالطبّ رسالة (لو كانوا يعلمون) و أنا أيضا لا أعمّم في كلامي فهناك أطباء شرّفوا مهنتهم و أدّوا واجبهم و زيادة..أنا لا أتهجم و لكني أنقد و ليس هناك ما يمنع قلمي من أن يتناول الأطباء فهم لا يرتدون أثواب القداسة و لكن أثواب العمل البيضاء و ليسوا خارج دائرة المحاسبة.
سأبدأ قبل أن يصير الطبيب طبيبا و لذا سأتّجه صوب كلية الطب.أعيب على هذا الكلية مناهجها التعليمية « القروسطية » و الغياب شبه الكامل لغرس « رسالية المهنة » في نفوس الأطباء الشبان..يدرس طلابنا الأعزاء في كليتّهم العزيزة الجانب النظري ثم يقومون بالجانب التطبيقي على أجسادنا في المستشفيات العمومية التي على الأغلب لن يعودوا إليها بعد التخرج..أنا أرى أن هذا التكوين منقوص لأن دارس الطب ليس مثل دارس الهندسة أو الفلاحة..الطب « رسالة » قبل أن تكون « مهنة » و هي ليست « تجارة » يتنافس فيها المتنافسون و أجساد المرضى ليست « فرصا استثمارية » للكسب أو الربح..المريض إنسان يتألم و غاية الطبيب إزالة الألم من جسده لا إزالة المال من جيبه (و مصائب قوم عند قوم فوائد)..المطلوب حسب رأيي المتواضع إعادة « الروح الرسالية » للطب من خلال إجبارية المشاركة في الأعمال الخيرية كالانخراط بالهلال الأحمر و منظمة أطباء بلا حدود كممرّ إجباري للحصول على الشهادة. الطب « رسالة انسانية » و ليست « تجارة بالإنسان » و هذه القاعدة الأخلاقية هي أول ما يجب تدريسه.
الأمر الثاني الجدير بالملاحظة هو أن الأطباء الأكفاء دائما ما يختارون العمل في عيادات خاصة عوض العمل في المستشفيات العمومية ..إن هذا من حقّهم لكن لماذا لا تفكّر وزارة الصحة في طريقة لاستقطاب هذه الطاقات النادرة و هو ليس بالأمر المستحيل.ألا تعتبر مستشفياتنا نفسها « مريضة » و تعاني من « نزيف » إطارات؟ أين يكمن الخلل في العلاقة بين وزارة الصحة و الإطارات الطبية؟ الأمر الثالث هو غياب المعاملة الحسنة للمرضى في المستشفيات العمومية ( أما المصحات الخاصة فهي أشبه بالنزل أو « الفندق-المستشفى »). الطبيب في الغالب يعاملك ببرود و بلغة جافة كأني به يلومك على مرضك و يحمّلك مسؤوليته فتشعر بالذنب و كأنك عبء على هذه الدولة التي أثقلت كاهلها بمصاريف علاجك. ينعكس هذا سلبا على نفسيّة المرضى و على العلاقة بين المعالِج و المعالَج و ربما المستشفى هو آخر مكان تتوقّع أن ترى فيه ابتسامة. يضاف إلى ذلك ما تعوّد به المواطن التونسي من مشاكل و تعقيدات غدت أمرا مألوفا مثل الطوابير التي أولها في بنزرت و آخرها في مدنين و المواعيد المؤجلة و المتخلّفة و الأخطاء الطبية المتكررة و الأدوية المفقودة و الأدوات الطبية المعطّبة و غير ذلك مما يضيق به المقام و لا يسعه المقال.
بقي الأمر الرابع وهو الأهم و يتعلّق بدور الطبيب و مساهمته في الشأن العام. سنتذّكر جميعا أن وصول بن علي إلى السلطة كان ب »انقلاب طبي » لم يرفع فيه السلاح و لكن رفعت فيه شهادة طبية تثبت عجز الرئيس الأسبق عن إدارة شؤون البلاد و تشرّع الاستيلاء على السلطة للديكتاتور الهارب. بإستثناء هذه المساهمة (ليتها لم تكن)غاب الأطباء عن الساحة و لم و لن نر الشهادة الثانية التي تحيل بن علي على التقاعد الإجباري نظرا لتدهور صحته (و كما نخرت عائلة الرئيس المخلوع البلاد فقد نخرت الأمراض جسد هذا الديكتاتور.)
غاب الأطباء و انكفئوا على أنفسهم يأكلون الأموال أكلا لمّا و اقتصر طموحهم على السيارة الجديدة و المنزل الشاسع و العصري و العيادة الفخمة في الأماكن الراقية. لم نر الأطباء يحتجوّن على تردي الأوضاع الصحية في مجمل البلاد و لم نسمع إلا همسا إحتجاجا هنا أو هناك (في علاقة بالشأن العام)..غاب الأطباء و غابت معه مساهمة قطاع كان يمكن أن يعجّل برحيل الديكتاتورية عن أرضنا فصبرنا 23 سنة بليلها و نهارها على هذا المرض الخطير الذي أصابنا..و تهبّ رياح الثورة و التغيير فتكون مساهمة رجال الطبّ جد محتشمة (مع استثناءات قليلة) أما بعد الثورة فمساهمتهم شبه منعدمة.
أنا في الحقيقة لا أكره الأطباء…أنا فقط يغيضني صمتهم و لا مبالاتهم…أنا أريدهم أن يعودوا إلى موقعهم الحقيقي…فجميل أن تداوي جراح إنسان ما و لكن الأجمل أن تداوي جراح الإنسانية بأسرها.
يسري الساحلي laurentb201@yahoo.fr
الباب الثاني الذي يطرح في هذه القضية، هو فصل الدين عن الدولة، أي بمعنى مطالبة ضمنية ان تكون التشريعات القانونية لا تنبع ولا تنطلق من المقاصد العليا لشريعة الإسلامية، أي لا نعتمد القوانيين الإسلامية المتعارف عليها لصايغة المجلات القانونية، وفي هذا الباب حديث وتفصيل.
حيث ان هذه الدعوة لم تكن نتاج الثورة بل هي قديمة وعهدناها زمن النظام البائد وخاصة في قضية الحريات والحجاب والحرية الجنسية وأشهر قضاياها المطروحة هي المساوات ما بين المرأة والرجل في الإرث.
ولكن لماذا اثيرت هذه القضية بهذا الضغط الشديد زمن ما بعد الثورة، ولماذا هذه الدعوة الملحة لإلغاء الفصل الأول من الدستور رغم انه لم يكن حائلا أمام اعتماد القوانيين الوضعية وتبجيلها على القوانيين الإسلامية؟.
الإجابة سهلة، ألا وهو التخوف من المستقبل ما بعد الثورة، لأن هذا الفصل الدستوري رغم تواجده في الدستور إلا انه بقي حبرا على ورق كبقية فصوله، ولا سلطه له، ولكن اليوم امام الصياغة المنتظرة للدستور وتواجد أناس عارفيين ومثقفين في مختلف الهيئات السياسية والحزبية وبالأخص الترخيص للحركات ذات التوجه الإسلامي، فببقاء هذا الفصل سيطالبون بتطبيقه حرفيا والعمل على تفعيله فعليا، وهذا ما يخوفهم انطلاقا من الإسلاموفوبيا الذي ظهر في العالم، وان تونس مهددة بالرجعية وبالتالي تخسر تونس كل مكتسبابت التحرر والتقدم في ميدان الحرية والمساوات وخاصة بالنسبة للمرأة…
الحقيقة ان هذا القول فيه جدل، لأن القوانين المستهدفة لم تكن محمية بالدستور بل بالعرف، ولهذا ظهرت الحملات الحوارية على القنوات التلفزية في نطاق الحرب الإعلامية لإقناع الرأي العام حتى زمن العهد البائد، حيث لم يكن عليه صعبا ان يغيير فصلا في الدستور كما غير الفصول الأخرى، ولكن هذا الفصل منقوش على سلوك المواطنيين ولا يسمعون لغيره.
ونحن كبلد اسلامي دخل تشريعه في عرفنا، ففصول دستورنا تصيغ اشياء ليس متعارف عليها ولكن في الإشياء العرفية فهي تقرها، كما ان تطبيق التشريع الإسلامي مجملا لا يمكن ترسيخه بفصل دستوري أو إلغائه بمحو هذا الفصل، لأن غالبية القوانين العرفية مصدرها التشريع الإسلامي والعرف اقوى من القوانيين والمراسيم، ولا أحد ينكر ان العرف تأثر بالحضارة الغربية في تونس، فمثلا ان حد قطع اليد هو تشريع اسلامي ولكن خرج من عرفنا، وكذلك في قضايا الجلد ومجلة الأحوال الشخصية، ولهذا من الصعب جدا فرضها من جديد وبسرعة وفي هذا الوقت بالذات، ونفس الشيء بالنسبة للقضايا العرفية التي بقيت ومن اهمها القضايا المادية والقانونين وفي مسألة الإرث…
فالعرف هو الدستور الأول للبلاد وهو فوق كل صياغىة قانونية نصوغها، وكل قانون جديد وثوري يحتاج إلى فترة طويلة ليتاقلم معه المواطن ويدخل في عرفه، وحتى الحركات التي قامت في سبيل تحرير المرأة لم تكن بالسهل فقد لقي الداعون لها شتى انواع التنكيل ونذكر الحياة التي عاشها الطاهر الحداد منبوذا في زمنه لأنه طالب بما اصبح اليوم لدينا عرفا وواقعا.
لهذا تمثل الأحكام العرفية مرجعا قانونيا في ظل الحروب وانخرام الأمن وفي الكوارث وذهاب سلطان الدولة وانهيار مؤسساتها، كلّ له عرفه الذي ورثه، سواء من الممارسات او من الديانات، فلو -لا قدر الله- حصل انهيار للدولة بسبب حرب أو غيره زمن قيام الثورة وتلاشت الدولة فلمن سيحتكم الناس؟، طبعا لما تعارفوا عليه، فهل سيقسّم احد ورث ميت بالتساوي ما بين الذكر والأنثى، وهل نقبل عقد عقدا بشاهد واحد، وهل سنقطع يد السارق، وهل سيجلد السكير، طبعا لا احد سيرضى بهذا التحوير سواء بالعودة أو التنصل، ولهذا سنحتكم لما عهدناه وتعارفنا عليه طوال حياتنا الماضية…
إن الدعوات المجملة سواء بالعودة إلى ادخال أشياء خرجت من عرفنا أو اخراج اشياء موجودة في عرفنا ستجرنا إلى فوضى عارمة وخاصة في الوقت الحالي، في زمن هشاشة سلطة الدولة.
إن مجرد فتح الباب للتهجم على قانون الإرث مثلا المتعارف عليه لا يقف عند هذا الحد، فسيفتح مجال التهجم على بنود اخرى أيضا، مثل قوانيين العقود والتعاقد؟، وحتى في الإرث لماذا فقط يطالبون بالمساوات ما بين المراة والرجل فقط؟( رغم أن هذا التميز بينها يظهر فقط إذا اجتمعت المراة والرجل في نفس مستوى المقر للأرث ولهذا -حسب الإسلام- ما يبرره بحكم النفقة)، ولم لا نطالب بالمساوات في الأرث ما بين العم والأب مثلا، لأي نطالب بان الإبن لا يخرج الأعمام والخالات من الميراث؟، ونطالب ايضا بان يكون عدد الشهود خمسا اوستا لمزيد الحرص والتحري، ونبقى هكذا نطالب ونتحاور ايهما انسب واحرى واكثر عدلا لتحقيق المساوات والديمقراطية (كلام فارغ)….
كما أن دعوات قطع اليد للسارق ليس لها قبول اليوم، لأنها قامت بتطبيق حقيقيا لأركان الإسلام الخمس، فما قيمة حد في مجتمع فيه الفساد وفيه الظلم، وفيه ركن غير مطبق الا وهو الزكاة ولا ياتو بها عن طواعية، ومن ياتي بها، ياتي بها بنفسه وينفقها بنفسه في غير مسلكها الحقيقي عن جهل لأن الدولة لم ترصد صناديق خاصة لهذا الأمر، اوليست الزكاة مالا يقتطع من الأغنياء ويرد للفقراء، وطالما هناك جماعة لا تجد ما يسد حتى رمقها، إن هذه الحدود لم تطبق فجأة، بل طبقت إلا عندما تم الدين، وتم العيش السليم، والكل له نصيب، في مجتمع يُؤثر الفرد أخاه على نفسة ولو كان به خصاصة، ونحن كنا نعيش في مجتمع يؤثر الفرد نفسه على اخية ولو كان غنيا، مجتمع هتكته عصابات الفساد والمافيا فاتت على الأخضر واليابس، وحتى التبن لم نجد فيه حظا، فعندما يؤخذ من مال الغني نصيبا ليغني الفقير، ولا نجد احد مازال يعاني ذل السؤال والفقر، فإذا ما سرق فقد سرق نكاية وشماتة وحبا للفساد فعندها يستحق الحد.
إن الدين الإسلامي انفرد عن الأديان الأخرى بانه جاء بمنهج حياة وقنّن العلاقات المادية والإنسانية وأوضح عقودها ( أحلت لكم العقود- المائدة-)، لأن الله يعلم نفسية البشر وكيانه وتعلقه بالمادة والمحسوس، ولكن في قضايا اخرى سكت عنها مثل نظم الحكم في الإسلام وترك للمسلميين التفكر فيها وصياغتها، فقط اعطاهم الركائز الكبرى…
ثم نقول للذين يدعون إلى عدم اعتماد المرجعية الدينية الإسلامية كمنبع للتشاريع والقوانيين واعتماد القوانيين الوضعية، قوانين اللادين، افليس اللادين هو في حد ذاته دين، دين اتباع النفس والهوى، أوليس الدين هو منهج وتقنين متبع، وما الفرق ما بين اتباع قوانين دين يعتبر عندنا منزل من السماء، او اتباع قوانيين دين نابع من الأرض، فكلاهما دين، فما المقصود حقيقة من نوايا فصل الدين عن الدولة، إنني ارى في هذا العنوان هو فصل الشعب عن قانونه العرفي وتعليق هذا الدستور العرفي الذي حفظه الناس عن ظهر قلب ولم يحتاجوا لدخول كليات الحقوق لدراسته.
هناك فرق كبير ما بين فصل الدين عن الدولة وفصل الدين عن السياسية والتحزب والحكومة وسلطتها، ان الجميع يطالب باستقلال المؤسسة الدينية، نريدها كما القضاء، وهذه الإستقلالية لا تعني بالتالي فصل التراث الديني وتشريعه عن المنظومة الحياتية التونسية. إن الشخصيات العلمانية والذين جاءوا بالمنظومة اللائكية وأقحموها في البلاد بدئا من بورقيبة إلى غيره من الرموز الذي مسكوا السلطة في ما مضى كانوا متمكنيين من الدين وعارفين به وأغلبهم يحفظون القرآن والأحاديث ومنهم المرحوم المسعدي الذي تربي على ترانيم القرآن وهم يعرفون جيدا الإسلام، ولهذا هم عرفوا كيف يدخلون هذه التحديثات رويدا رويدا من دون ان يثيروا المجتمع وبصبر كبير، والحقيقة انهم نجحوا في ذلك، بحكم معرفتهم بالدين ويعرفون كيفية التخلص والمخارج المفتية لهذا. ولكن علمانية اليوم اغلبهم لا يعرف القرآن ولا يفرق حتى ما بين حديث وآية ولا بيت شعر ولا حديث، ولهذا المنهجية التي يتحدثون بها تستفز المحافظيين والإسلاميين، ولهذا نرى تصاعد الشتائم والتحضير للصدمات، ونحن اليوم في وضعية حساسة لا يجدر بنا ان نضيع جهودنا في اشياء ليس اوانها الآن، فأمامنا اليوم تحديات ارجاع سيادة الشعب وسيادة مؤسساته وتركيز أركان دولته، يكفينا ما خلفه فينا هذا النظام من تشاحن وبغضاء، كلنا تونسيون، كما قال صلاح الدين في قوله المشهور » الدين لله والوطن للجميع » وتعايش فيه المسلم والنصراني واليهودي والكافر وغيرهم…
ثم لماذا تطرح هذه الإشكاليات خارج الفكر الحزبي، فلماذا انتجنا هذا الكم من الأحزاب، لابد لكل حزب ان يصوغ تصوره الكامل ويعطي نظرته التصورية، على الأحزاب الإسلامية ان تقدم مقاربتها الواضحة والتامة والمفصلة لكيفية أقلمة الحداثة مع التشريع الإسلامي، ويناقشوا تفاعل التشريع الإسلامي مع كل الجوانب الإقتصادية والسياسية المحلية والعالمية وغيرها، وكذلك الشأن للدعوات اللائكية كيف لها ان تحافظ على الهوية والتطور وغيرها من الإشكاليات المطروحة في هذا الجانب، كل داخل حزبه وبوسائله الإعلامية يقدم برنامجه وتصوراته الدقيقة لهذه التفاعلات، ثم كل التيارات تمر وبديمقراطية الصندوق ولحكم الشعب… هذه هي الحياة التي نريد ان نعيشها ومن اجلها قامت الثورة والإنتفاضة، ولا نريد ان نخرج من دكتاتورية حزب إلى دكتاتورية آخر جديد أو من دكتاتورية فرد إلى دكتاتورية مجموعة أو الشارع….
إن الفصل الأول من الدستور كان وبقي معنا زمنا طويلا فلم يضرنا ولم ينفعنا، وبقي كل احد يرى ما يريده ويتعاطى ما يريده، واليوم، من الواجب علينا ان لا نعقد على انفسنا الأمر ونترك هذا الفصل ولا نثير الجموع التونسية، نقر بأن تونس دولة عربية، الإسلام دينها، ونصمت، ولا ندخل في التفاصيل، ونترك البقية لإجتهاد ونظر الأحزاب، خاصة وان الخارطة السياسية اليوم مجهولة وغير واضحة، والأغرب من ذلك كله علاقة اغلب التونسيين بالدين، فهي علاقة فريدة اعيت الكثير في فهمها، حيث تجد شخص ما لا يصلي ولا يصوم ويشرب الخمر، وغيرها من الموبقات، وله كتاب القران في منزله في مكان محفوظ ومقدس، ولو سقط على الإرض وداسه احد دون ان يراه تقوم الدنيا ولا تقعد وهو يدافع عن هذا الكتاب وعن الدين، ونرى في المقابل اناس تلتزم بأداء الفرائض والصلوات وغيرها ولكن تراه في منكرات، وترى من هو ملتزم حقيقة وترى من هو لا يعترف بالله اصلا….
كيف تأقلموا في ما بينهم؟، وكيف اتفقوا في ما بينهم؟، وكيف عاشوا بسلام دون صدامات ولا تناحر ولا تقاتل؟، يتزاورون، يتصاهرون، والحياة عادية بينهم، تجد المسجد وغير بعيد عنه تجد الخمارة، ومرتدي الخمارة لا يرتادون المساجد، ومرتدي المساجد لا يرتادون الخمارة….
انها وضعية تعايش وتسالم رغم متناقضاتها صعب ان نفهمها وليس همنا نفهمها أو لا نفهمها، إنما همنا ألا نخسرها فنخسر السلم بيننا….
لهذا تفجير قضية اللائكية اليوم وفي هذا الوقت الحساس بالذات هو استفزاز وتهديد للسلم الإجتماعي، وقول باطل اريد به باطل، فقضية الهوية والحداثة قضية لابد ان نتدارسها عن مهل وتروي وعندما نكون بعيدين عن الضغط والتهديد الداخلي والخارجي لإستقراننا، وعندما نجد انفسنا على مائدة الديمقراطية والحوار البناء الحقيقي لا اقصاء فيه ولا تعصب والكل يسمع للآخر ولا يبقى يستمع وهو يدوح براسه كأن محدثه مجنون او معتوه وهذه بسبب غياب أخلاقية الحوار التي مازلنا لم نكتسبها بعد وقضية كهذه قضية جوهرية قد تهدد مستقبلنا الإجتماعي…. وللحوار بقية….
سفيان عبد الكافي
رابط الجزء الأول
سمية الغنوشي 2011-04-15 يعيش النظام السعودي حالة من الحصار، فعلى حدوده الغربية اطاحت الثورة الشعبية المصرية بحليفه الاقوى والأعتى في المنطقة، حسني مبارك، وعلى شماله تشهد كل من سورية والاردن موجات من الغضب الشعبي المتفاقمة، أما جنوبا ‘فيعيش اليمن حالة غليان شعبي عارم، إلى جانب سلطنة عمان الخليجية التي تشهد هي الأخرى حركة احتجاج غير مسبوقة. ضمن هذه المناخات المضطربة قامت السعودية بنشر قواتها العسكرية في البحرين للحفاظ على نفوذها السياسي في المملكة الصغيرة’ الممتد عبر عائلة آل خليفة الحاكمة، ولمنع انتقال عدوى الثورة الى مناطقها الشرقية التي تضم أكبر وجود شيعي على أراضيها، وأهم احتياطاتها النفطية في آن واحد.
والحقيقة أن انتشار عدوى الثورات’إلى السعودية لم يعد أمرا مستبعدا. فبعد بضعة أيام فقط من الاطاحة بالديكتاتور التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، أقدم رجل في الـ65 عاما من العمر على إضرام’ النار في جسده في اقليم جيزان، الذي لا يبعد كثيرا عن شمال اليمن، ونظمت عدة احتجاجات تدعو للاصلاح السياسي، مصحوبة بحملة على الانترنت تدعو لانتخاب مجلس استشاري، وإطلاق سراح السجناء السياسيين ومنح المرأة حقوقها، وتمكنت إحدى الحملات الإلكترونية التي دعت الى تنظيم يوم غضب في 11 اذار (مارس) أن تجذب إليها 26 الف مشترك.’
جاء رد النظام عنيفا، كما كان متوقعا. اطلقت القنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي على المتظاهرين المسالمين، فيما عجت الاجواء السعودية بالمروحيات العسكرية.’قتل فيصل عبد الاحد، أحد منظمي التظاهرة، اعتقل العشرات ليلتحقوا بـ8 الاف سجين رأي تمتلئ بهم السجون السعودية، من بينهم احد مؤسسي الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية، محمد صالح البجادي. الايقاف طال حتى الذين قدموا إلى وزارة الداخلية لتقصي أخبار أقاربهم،’كمبارك بن زعير، المحامي الذي يقبع والده وشقيقه في السجن منذ سنوات من دون توجيه أي تهم رسمية لهما، وجهاد خضر، 17 عاما، الذي انقطعت اخبار شقيقه ثامر الناشط الحقوقي.
ومع ان مطالب التغيير في السعودية تعود الى عام 1992 عندما تقدمت مجموعة من العلماء بمذكرة نصيحة للملك، إلا أن الثورتين التونسية والمصرية أعطتا دفعا للتوجه الإصلاحي. في خطوة غير مسبوقة أعلنت مجموعة من الناشطين السياسيين والمثقفين، إنشاء اول حزب في المملكة، في تحد لحظر التنظيمات السياسية (وقد تم اعتقال الشخصيات العشر المؤسسة إثر الإعلان). ولم تقتصر مطالب الاصلاح على دوائر المعارضة، بل امتدت إلى العائلة الحاكمة نفسها، حيث دعا الامير تركي الفيصل في منبر جدة الاقتصادي، لانتخاب اعضاء مجلس الشورى، بدلا من تعيينهم من الملك. ما كان يناقش همسا خلف الابواب المغلقة أضحى متداولا ليس على الشبكات الاجتماعية فحسب، بل أمام عدسات الكاميرا نفسها، كما فعل خالد الجهني مع فريق شبكة بي بي سي منتقدا قمع الحريات في بلاده على مرأى ومسمع من مئات عناصر الامن، قبل أن يفقد كل أثر له.
ومع ان النظام ما فتئ يلوح بالورقة الطائفية والخطر الايراني لنزع الشرعية عن معارضيه، إلا أن الحقيقة التي تتكشف يوما بعد يوم هي أن السخط الشعبي لم يعد مقتصرا على المناطق الشيعية فحسب، بل امتد إلى مختلف شرائح المجتمع السعودي، ويتغذى من القمع السياسي والفشل التنموي نتيجة انتشار الفساد، وعجز الحكومة عن أداء دورها، وتبديد المليارات على صفقات السلاح.’لك أن تستحضر مشهد جدة إثر فيضانات 2009 ـ20011،’والخسائر الفادحة التي خلفتها في الأرواح والأموال في إحدى أثرى دول العالم، لتدرك أن ضحايا التهميش وغياب البنية الأساسية في المملكة ليسوا الشيعة وحدهم.
قد يكون من اليسير على النظام السعودي مجابهة معارضيه السياسيين، إلا أن مواجهة التحديات الاجتماعية التي تحاصره قد تكون أعقد من ذلك بكثير. ليس من المبالغة القول ان مصدر الخطر الأعظم الذي يتهدد المؤسسة الحاكمة، هو حركة التحديث التي تجتاح المجتمع السعودي، نتيجة زيادة التمدد الحضري، وانتشار التعليم، والاعداد الكبيرة من الطلاب المبتعثين إلى جامعات اجنبية، فضلا عن انتشار تكنولوجيا التواصل من فضائيات وشبكات إلكترونية، حيث تعتبر نسبة مستخدمي الانترنت في السعودية الاعلى في المنطقة (ضعف مستخدميها في مصر، أي قرابة 40 بالمئة). وكل هذا أتاحته ثروة البلد النفطية الهائلة، التي نقلت المجتمع السعودي’من نمط حياة بدوية بسيطة، الى مجتمع رفاه استهلاكي في بضعة عقود. المشكلة تكمن في أن التحولات السريعة التي طالت بنية الاجتماع السعودي لم تقترن بتحولات على المستوى الثقافي، مما ادى الى احداث هوة شاسعة بين واقع المجتمع والايديولوجية الرسمية المحافظة، التي تستمد شرعيتها من التحالف بين الحكم ومؤسسة العلماء الوهابية، بتفسيراتها الحنبلية المتشددة. طبعا هذا لا يعني ان مؤسسة العلماء والمطاوعة هم من يدير شؤون الحكم أو يمتلكون القرار في المملكة، بل هم في الحقيقة موظفون يتلقون مرتباتهم من الحكومة. دور هؤلاء يقتصر على إضفاء غطاء شرعي للقرارات التي يتخذها الملك وحاشيته، من قبيل الإفتاء بشرعية »الاستنجاد بالكافر’، عند دعوة الحكومة القوات الامريكية قبيل حرب الخليج الثانية سنة 1991.
مقابل الولاء السياسي تطلق ايدي العلماء في الفضاء الاجتماعي، ويمنحون سلطة غير محدودة في مجال الرقابة على سلوكيات الافراد والمجتمع بشكل عام. وقد كانت المرأة هي الأكثر تضررا من هذا الحلف بين الحكومة والعلماء الرسميين. ففي الوقت الذي يغض فيه العلماء الطرف عن تسلط النخب السياسية الحاكمة وفسادها المالي’وخضوعها الكامل لمطالب الامريكيين، يتحولون إلى محاربين أشاوس في مواجهة النساء، يتجنــــدون لمراقبة كل دقائق حياتهن ويتفننون في تقييد حركاتهن بفــــتاوى ترفضــــها غالبية المسلمين، يحرمونهن من أبسط حقوقهن، من قيادة السيارة إلى إبرام العقود القانونية والتـــداوي بدون اذن الوكيل.
وتحضرني هنا كلمات صديقة سعودية تقول: ‘يا لهذا’النفاق! في الوقت الذي يحظر علينا الكشف عن اي جزء من أجسادنا، حتى وجوهنا،’ تمتلئ القنوات المملوكة لأمرائنا بالفتيات العاريات المتمايلات على أنغام الأغاني الهابطة. يا له من توظيف رخيص للدين’. في مواجهة رياح التغيير التي تعصف بالمنطقة يلجأ النظام السعودي إلى سلاحين: المال والدين. فبالإضافة الى الفتاوى الدينية الجاهزة التي تحرم الثورات وتعتبرها دعوة للفتنة، وترى في المظاهرات خروجا على ولي الامر وشقا لعصا الطاعة،’فقد استخدم النظام كما هو شأنه دائما سلطة المال لشراء طاعة وولاء رعيته. إثر عودة العاهل السعودي الملك عبدالله، 87 عاما، من رحلة علاج في الولايات المتحدة اعلن كما هائلا من العطايا والمنح تصل قيمتها الاجمالية الى 129 مليار دولار امريكي، اي قرابة نصف عائدات الدولة من النفط العام الماضي. وتشمل الهبات زيادة 15 بالمئة في رواتب الموظفين، وإعفاء للمستدينين، ودعما ماليا للطلاب والعاطلين عن العمل، فضلا عن وعود ببناء نصف مليون مسكن وبيعها باسعار مخفضة (طبعا لا ننسى ان نذكر هنا الترفيع في ميزانية المؤسسة الدينية ـ المطاوعة).’
أما على الصعيد الخارجي فإن النظام السعودي يعتمد أساسا على ‘علاقته الخاصة’ بالولايات المتحدة التي تقوم على استمرار تدفق النفط، وضخ مليارات الدولارات في الخزينة الامريكية من صفقات الاسلحة التي تعقدها السعودية معها، مقابل حصول آل سعود على حماية كاملة من واشنطن.
‘هل يعني كل هذا أن قدر السعودية أن تبقى رهينة’حكم شمولي مطلق، تغيب فيه فكرة المواطنة ويحتكر السلطة فيه حاكم عجوز وعائلته؟ الجواب قطعا هو ان مثل’هذا الوضع غير قابل للاستمرار، لان السعودية ليست مملكة الله على الارض وليست منزهة عن تغيير مطلوب محليا واقليميا. السؤال إذن ليس ما إذا كان هذا التغيير قادما إلى السعودية أم لا،’ولكن ما طبيعته ووجهته ومداه. ‘ ‘ ‘باحثة’في جامعة لندن’مختصة في قضايا الشرق الأوسط وشمال افريقيا ‘ (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 15 أفريل 2011)
عبد الباري عطوان 2011-04-15 ‘جمعة الاصرار’ التي تجسدت يوم امس في مظاهرات احتجاجية صاخبة في مختلف المدن السورية اكدت حدوث متغيرات اساسية عدة، سواء في صفوف الشعب، او في اروقة النظام الحاكم في سورية، يمكن ان تؤشر لهوية، بل ونوعية التطورات المقبلة في البلاد، والسيناريوهات المتوقعة بالنسبة الى مستقبلها.
السوريون المشاركون في الهبة الاحتجاجية هذه، اظهروا حرصاً واضحاً على تخلصهم من عقدة الخوف، وانهم لا يقلون عزيمة وتصميماً عن الشعوب العربية المنتفضة الاخرى، على اسماع اصواتهم، واثبات شجاعتهم، ومواصلة الحراك السياسي والاحتجاجي حتى نيل جميع مطالبهم في الاصلاح والتغيير كاملة.
النظام السوري في المقابل وصل الى قناعة راسخة بان اللجوء الى القتل بهدف الترهيب، وبث الرعب، ربما يعطي نتائج اخطر بكثير من التعاطي الأقل عنفا مع المحتجين، خاصة بعد ان تبين امام العالم بأسره تمسكهم بالوسائل السلمية، وعدم الانجرار الى دوامة العنف الطائفي، التي حاول البعض اغراقهم فيها.
فما حدث في كل من درعا وبانياس وجبلة وحمص من عمليات قتل لم يتكرر بالوتيرة نفسها يوم امس، وشاهدنا اجهزة النظام تستخدم، وللمرة الاولى تقريباً، خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، وليس الرصاص الحي، باستثناء بعض الحالات المحدودة.
اختفت فجأة عصابات ‘الشبيحة’ من الشوارع، واختفى معها ‘المندسون’ الذين كانوا يطلقون النار عشوائياً، كما اننا لم نسمع مطلقاً عن مقتل رجال أمن بالعشرات مثلما سمعنا في الايام الماضية، الامر الذي يلقي بظلال الشك على كل الروايات التي جرى ضخها عبر وسائل الاعلام الرسمية في هذا الشأن.
الأمر المؤكد ان مراجعة شاملة حدثت لنهج الافراط في استخدام القوة من قبل قوات الامن ضد المتظاهرين السوريين، خرجت من خلالها القيادة السياسية بحصيلة مفادها ان سفك الدماء يؤدي حتماً الى تأجيج الاحتجاجات لا تخفيف حدتها، وان الجنازات هي دائماً مهرجانات تعبئة وتحشيد من اجل الثأر والانتقام.
ولعل النقطة الأهم التي دفعت القيادة السياسية السورية الى التعاطي ‘السلمي’ مع مظاهرات الأمس هو خوفها من التدخل الخارجي، الاقليمي، او الدولي، خاصة بعد بيان الخارجية الامريكية الذي تحدث عن وجود معلومات تؤكد ارسال ايران قوات لدعم النظام السوري في مواجهة الاحتجاجات.
لا نعتقد ان النظام السوري بحاجة الى مساعدة ايران، او غيرها، لقمع المتظاهرين المنتفضين، فلديه فائض من الاجهزة القادرة على اداء هذه المهمة، يمكن تصديره الى دول الجوار، والهدف من هذا التسريب الامريكي هو تحذير النظام من عواقب تكرار تجربة النظام الليبي المؤسفة في هذا المضمار. ‘ ‘ ‘ يراودنا أمل ضعيف باقتناع القيادة السياسية في سورية في فشل الحلول الامنية للازمة المتفاقمة في البلاد، وهي الحلول التي اتبعتها طوال الاربعين عاماً الماضية، فلم يفلح اي نظام سياسي استخدم هذه الحلول سواء كان في الغرب او الشرق بما في ذلك امريكا (في العراق وافغانستان) وبريطانيا (في ايرلندا)، وصربيا (في كوسوفو والبوسنة) ناهيك عن مصر وتونس والقائمة تطول.
حتى التهديد بورقة ‘الفتنة الطائفية’ سواء من قوى خارجية او داخلية في سورية، لم تعط اكلها، فمظاهرات ‘جمعة الاصرار’ اكدت على قوة الوحدة الوطنية والتلاحم بين مختلف الطوائف والاعراق، بل سمعنا العديد من الشعارات التي تحرص على التعايش، وتؤكد عليه، كرد واضح وجلي على هذه ‘الفزاعة’.
المجتمع السوري تسامى دائماً على الاعتبارات الطائفية، وتجاوز كل افرازاتها، بل وذهب الى ما هو ابعد من الاقليمية او المناطقية، عندما ‘صدّر’ الافكار القومية الى مختلف انحاء المنطقة العربية، وفتح اراضيه لكل انسان عربي بغض النظر عن دينه او مذهبه او قوميته. وهذا ما يفسر استقبال اكثر من مليون ونصف المليون عراقي تدفقوا الى سورية هربا من الحرب الاهلية الطائفية في بلادهم، او حوالي ربع مليون فلسطيني قبلهم، وجدوا جميعا حرارة الاستقبال، وكرم الضيافة، والمعاملة على قدم المساواة مع ابناء البلاد، دون اي تمنن.
الرئيس بشار الاسد التقى عددا كبيرا من قادة العشائر ووجوه المناطق، وتحاور معها بكل صراحة وبقلب مفتوح، وتعهد بتلبية جميع مطالبهم المحلية (المناطقية) بمن في ذلك وجهاء مدينتي درعا وبانياس، ولكنه كرر وعوده بالاصلاح على مستوى الدولة. هذه الخطوة جيدة، وان كنا نعتقد انها جاءت متأخرة ومنقوصة في الوقت نفسه، فما يريده الشعب السوري هو البدء فورا في الاصلاح والمصالحة الوطنية في الوقت نفسه، فالفجوة بين النظام والشعب تتسع بشكل متسارع مع كل قطرة دم تسفكها قوات الامن، وكنا نتمنى لو ان الرئيس السوري الشاب اعتذر، وهو المسؤول الاول، لاهالي الشهداء والجرحى، وفي خطاب عام، وما زال هناك بعض الوقت لانقاذ ما يمكن انقاذه.
الخطأ الاكبر الذي ارتكبه النظام وعلى مدى السنوات العشر الاخيرة انه لم ينقل البلاد وشعبها من مرحلة حكم الرئيس الراحل حافظ الاسد الى حكم نجله بشار من خلال اصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية جذرية، وما نراه اليوم من هبات شعبية غاضبة هو التجسيد الحقيقي له، فما كان يصلح قبل اربعين او عشرين عاما من استخدام للقمع وادواته لا يمكن ان يصلح اليوم، فالزمن تغير، والشعب تغير ولكن النظام لم يتغير، بل استعصى على التغيير بفضل سيطرة الحرس القديم ونهجه الامني المتخلف. ‘ ‘ ‘ الانتفاضة الشعبية السورية تدخل اليوم اسبوعها الخامس، ومن المحزن ان النظام لم يقدم تنازلا واحدا، ولم يتجاوب مع اي مطلب من مطالب المتظاهرين، وما زال يدرس الغاء حالة الطوارئ، وقانون التعددية الحزبية، وقانون الاعلام الجديد، والغاء المادة الثامنة من الدستور التي تؤكد هيمنة حزب البعث.
كيف يقبل بالتعددية السياسية وهو يعتقل كل رأي مخالف، وكيف يسمح بقانون جديد للاعلام يكرس الحريات التعبيرية وهو يقيل رئيسة تحرير صحيفة رسمية (تشرين) لانها طالبت بالتحقيق في تجاوزات قوات الامن لتوجيهات الرئيس واطلاق النار على المتظاهرين، ولم يشفع لها تأكيدها على تربية اولادها على حب الرئيس بشار الاسد؟
حتى الحكومة الجديدة التي شكلها السيد عادل سفر جاءت مخيبة للآمال، فقد ضمت نصف الوزراء السابقين، ولم تضم وزيرا واحدا من المعارضة الشبابية، او الشخصيات الوطنية، وهي حكومة تذكرنا بحكومة اللواء احمد شفيق التي شكلها الرئيس حسني مبارك قبل رحيله.
السوريون يريدون ان يكونوا احرارا، وان يستعيدوا كرامتهم وعزة أنفسهم، في ظل اصلاحات تكرس الديمقراطية والعدالة والمساواة، وحكم القانون، واعلى سقف ممكن من الحريات، والتحرك في هذا الاتجاه بدأ ومن الصعب ان يتوقف او حتى يتباطأ، والامور لن تعود الى الوراء مطلقا، وما زالت هناك فرصة ولو ضئيلة للانقاذ، وان كنا لسنا متفائلين كثيرا باستغلالها من قبل القيادة السياسية في البلاد. الشعب السوري شعب كريم يحمل في عروقه جينات الحضارة والريادة، ولن يتوقف في منتصف الطريق، ومن يقول غير ذلك لا يعرف هذا الشعب، ولم يقرأ تاريخه، والايام بيننا. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 15 أفريل 2011)
نبيل شبيب الخطورة الدائمة للتدخل الدولي شرور الاستبداد وشرور التدخل الواجب بعد التدخل الدولي
نتحدّث عن التدخل الدولي في ليبيا من موقع متابعة الثورة عن بعد، ونبيح لأنفسنا التسرّع في إصدار الأحكام على أولئك الذين يتحرّكون بثورتهم في أتون ما واجهته وتواجهه من « حرب قمعية رهيبة »، ممّا لا يكاد يعرف التاريخ الحديث في المنطقة العربية له مثيلا، اللهمّ إلا بدرجة مشابهة في سوريا عندما شهدت ما شهدت من إجرام استبدادي قبل ثلاثين سنة. كما أنّنا نكتب متأثرين -ربما أكثر ممّا ينبغي- بتوجّهات وتصوّرات وتطلّعات ذاتية متعدّدة، تحمل عناوين إسلامية وعلمانية وقومية ودينية ووطنية و »ليبرالية »..، بينما يتحرّك الثوّار من منطلق واحد ولهدف واحد: إنقاذ الأرواح، أرواح الأطفال والنساء والشيوخ والرجال من دمويّة استبدادٍ يمارس الإجرام يوما بعد يوم منذ 42 سنة.
الخطورة الدائمة للتدخل الدولي إنّ كلّ تدخل دولي في ليبيا -وغير ليبيا- في الوقت الحاضر، وفي كلّ وقت، خطير ومرفوض..، وإن تحوّلت القوى الدولية إلى قوى صادقة فيما ترفعه من شعارات بشأن الحريات والحقوق والدفاع عن الشعوب الأخرى. التدخل الدولي مرفوض لأنه لا يصدر -كما يعلّمنا التاريخ القريب والبعيد- إلا عن مطامع دولية، ولا تسعى القوى التي تمارسه إلا لتحقيق مصالح أنانية. حتى وإن وُجد في الدول المعنية أفراد وفئات ومنظمات ينطلقون فعلا من منطلقات إنسانية مشتركة، ومبادئ ومثل قويمة –وهم جديرون بالتواصل والدعم المتبادل- إنّما قد يمارس هؤلاء بعض الضغوط على صانعي القرار وقد يؤثّرون في بعض جوانبه..، ولكنّ القرار الدولي -لا سيّما فيما يتعلق بالحرب والسلم- تصنعه القوى المتنفذة، ولا تزال هذه القوى المتنفذة حريصة على الهيمنة بكل شكل من أشكالها، وعلى مختلف الأصعدة، وفي مختلف الأمكنة..، ولئن صدقت ذرائعها بصدد الإنسان وحقوق الإنسان في حالة استثنائية من الحالات، فيكفي أن يوصلها التدخل الدولي عبر تلك الذرائع إلى وضع من الأوضاع الجديدة في بلدٍ ما أو منطقة ما، لتعمل مجدّدا وفق دوافعها الأصلية، وتستغلّ ما وضعت عليه يدها من إمكانات وما يمكن أن تجده من مرتكزات جديدة لمتابعة ممارسة الهيمنة. هذا ما يسري على ليبيا وسواها، وعلى حقبة الثورات العربية ومن قبلها ومن بعدها..، ومن الخطورة بمكان إغفال هذه الحقيقة، والتسليم بأنّ هذه الثورات الشعبية السلمية البطولية الحضارية قد أثّرت على القوى الدولية، فأُعجبت بإرادة الشعوب وما تصنع، وأصبحت حريصة على دعم إرادتها، بغضّ النظر عن مواطن التناقض بين هذه الإرادة ومطامع الهيمنة. ولئن غابت –ولا تغيب- مطامع ما في استغلال الثروات، النفطية وسواها، أو التجارية والاستثمارية، أو حتى السياسية والاقتصادية والحضارية والأمنية جميعا، فهل يمكن أن يغيب في صناعة قرارات التدخل الدولي، مفعولُ تناقض إرادة الشعوب العربية والإسلامية مع واقع السياسات الغربية وما فيها من انحياز مطلق إلى الباطل الصهيوني، وهو جزء مندمج حتى النخاع في باطل الهيمنة الدولية؟ ليس السؤال المطروح على صعيد قضية التدخل في الدولي هو: هل نقبل به عن بعد أو لا نقبل؟، إنّما نواجه جملة من الأسئلة التي علينا طرحها والتعامل مع الوقائع القائمة على أساسها، وفي مقدمتها: 1- أصبح التدخل الدولي واقعا قائما..، فما الذي يجب صنعه للحدّ من أضراره؟ 2- أصبح التدخل الدولي واقعا قائما..، فما الذي أدّى إليه، وكيف نحول دون تكراره؟ 3- هدف التدخل الدولي المعلن رسميا هو إنقاذ ليبيا وأهلها، وهو هدف سليم والوسيلة مرفوضة، فما الذي يمكن أن يحقّق الهدف ويمنع من « تغوّل الوسيلة » لتحقيق أهداف أخرى؟
شرور الاستبداد وشرور التدخل لا بدّ من أن ينطلق استيعاب الطريق التي أوصلت إلى التدخل الدولي في ليبيا –بغض النظر عن الموقف الواجب خلاله ومن بعده- من واقع ليبيا وأهلها والحكم الاستبدادي فيها. أهل ليبيا الثائرون ثائرون على الاستبداد الشاذ القائم فيها..، وليس على قناعه القومي الناصري أو توجّهه الأفريقي. وواقع ثورة أهل ليبيا كواقع الشعوب العربية الأخرى، منها من سبق بالثورة على الاستبداد، ومنها من انطلق بالموازاة مع ليبيا، ومنها من ستأتي ثورته آجلا أو عاجلا. وليست حقبة الثورات هذه حقبة أوضاع « طبيعية » بمعنى مزدوج للكلمة..، ليست طبيعية بمنظور استبداد منتشر في سائر الأقطار الأخرى، ليمكن التركيز على قطر واحد ثار من بينها، وليست طبيعية بمنظور استقرار واقع متغيّر قادم..، تلوح معالمه عن بعد، ولم تبلغ مداها بعد. هل كان يُنتظر أمام هذه المعطيات أن يهرع « العرب لنجدة العرب » كي يصدر الدعم عن المنطقة العربية لشعب ليبيا الثائر على الاستبداد، وقد بدا في ردّه الدموي كمن جنّ جنونه، أو « ضاعف » أساليبه الجنونية في التعامل مع الشعب؟ « ليت » الدول العربية تولّت بنفسها دعم ثورة شعب ليبيا بدلا من دعوة القوى الدولية إلى التدخل، ولكنّ هذا « الأمل » أقرب إلى التمنيات على أرضية الواقع القائم. ألا ينبغي لنا من مواقع المراقبة عن بعد أو « معايشة » الأحداث من خارج ساحة الحرب الدموية الاستبدادية الغادرة التي انطلقت بعد « ساعات » من الثورة السلمية الشعبية في ليبيا، أن نستوعب حال الثوّار وهم « يعايشون » بأنفسهم ما صنعته تلك الحرب من فتك مريع بأهل ليبيا دون أن يجدوا عونا عربيا، ودون أن يكونوا في أوضاع شبيهة بما كان عليه ثوار تونس ومصر، لأسباب عديدة، جميعها من صنع حكم استبدادي شاذّ أكثر من سواه، تسلّط على ليبيا طوال أربعة عقود، وصنع فيها ما لم يصنعه سواه على كل صعيد؟ إن كل من يشكّك في ثوّار ليبيا ناهيك عن تخوينهم، لأنهم تراجعوا –جزئيا- عمّا أعلنوه في البداية من إصرار كبير بشأن رفضهم للتدخل الأجنبي، يضع نفسه من خلال التشكيك أو التخوين في أحد موضعين اثنين: 1- تأييد الاستبداد الدموي بأبشع نوعياته ضد ثورة الشعب المشروعة، وتوظيف رفض التدخل الدولي –المرفوض من حيث الأساس- لأغراض أخرى، ترتبط بتوجّهات من يصدر التأييد عنه، وليس بواقع شعب يعاني لعقود من دمويّة الاستبداد، وليس في « أيام الثورة » فحسب. 2- الخطأ في تقدير الأولويات، أو الخطأ في استيعاب ما تعنيه القاعدة النسبية المعروفة لدفع الضرر الخطير الأكبر بضرر لا تخفى خطورته أيضا..، هذا مع أهمية استمرار وضوح الرؤية وإدراك حجم الواجب الكبير لمتابعة العمل في مواجهة جميع الأخطار وليس تثبيت بعضها دون بعضها الآخر. وينبغي التنويه هنا بأنّ كل مقارنة بين التدخل الدولي في ليبيا وحرب احتلال العراق أو حرب احتلال أفغانستان، مقارنة فاسدة من حيث الأساس، وإذا انطلق أصحابها من تشابه مطامع الهيمنة الدولية واستمراريتها، فهم لا ينطلقون من المقارنة بين واقع الشعوب الشقيقة، وواقع أنظمة الحكم التي قامت وحكمت دون تمثيل إرادتها تمثيلا مشروعا قويما.
الواجب بعد التدخل الدولي لا بدّ من التحوّل عن رفض التدخل الدولي قبل وقوعه، إلى موقف جديد يتعامل معه ومع نتائجه بعد وقوعه، فاستمرار الرفض في هذه الحالة أصبح عبثيا بصدد ليبيا، وإن لم يكن عبثيا من حيث ضرورة التمسّك بالرفض على صعيد كل ثورة شعب عربي آخر على الاستبداد. لا بدّ أن يصدر الموقف الجديد عن الجمع بين أمرين اثنين: 1- تأييد تحرير شعب ليبيا من الاستبداد، ودعمه بكل وسيلة ممكنة ليزداد قدرة على استرداد سيادته ووطنه ودولته مع تحرّره. 2- العمل على عدم ترسيخ النتائج الخطيرة المحتملة بسبب التدخل الأجنبي، وعدم تحويله إلى نموذج يسري على بلدان عربية أخرى لا يزال الاستبداد فيها رافضا للرضوخ لإرادة الشعب الثائر. وفي مقدّمة ما يترتب على ذلك: 1- رفض ممارسات دول عربية -في مقدمتها الجزائر، علاوة على سوريا على الأرجح- وهي تتخذ من ذريعة التدخل الدولي منطلقا لتأييد استمرار الاستبداد في ليبيا، أو دعمه ضدّ ثورة شعب ليبيا، والعمل المباشر على إحباط تلك الممارسات بالكشف عنها، والتعبئة الشعبية لمعارضتها، واعتبارها سببا إضافيا من أسباب الثورة على الاستبداد المحلي الذي يمارسها، ويناقض بذلك إرادة الشعوب التي يتسلّط عليها. 2- رفض ما يوصف بالمبادرات والوساطات والأطروحات أيا كان مصدرها، ومهما كانت صيغة إخراجها، ما دامت تفضي بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى تجزئة ليبيا، كي تبقى الثغرات مفتوحة أمام الهيمنة الأجنبية. 3- دعم ثورة شعب ليبيا ومطالبها المتركّزة على هدف إنهاء وجود الاستبداد من الجذور، إنهاءً شاملا لمختلف صوره الجزئية أو الكلية، الصريحة أو المقنّعة، ودعم الجهود الشعبية الذاتية المتنامية لإقامة الدولة الليبية على أسس جديدة قويمة، في مقدّمتها التمكين لسيادة الشعب، ونفاذ إرادته، واستقلاله عن مختلف أشكال الارتباط بنفوذ أجنبي. 4- مضاعفة العمل للتواصل والتضامن على مستوى الشعوب العربية والإسلامية والأفريقية، ودفع الأنظمة القائمة إلى الخضوع لإرادة الشعوب، وممارسة الضغوط الممكنة لتقدّم الدعم العربي والإسلامي والأفريقي المباشر لشعب ليبيا وقياداته المنبثقة عن ثورته، ومعارضة ما يقترن من ذلك بالتمكين لقوى دولية من التأثير على بناء مستقبل ليبيا ودورها الإقليمي عربيا وأفريقيا وإسلاميا. إنّ تحرّر الإنسان في البلدان العربية هو الهدف، وإن تحرّر الشعب كلّه في كلّ بلد من هذه البلدان هو الهدف، وإن كل شعب يتحرّر من الاستبداد يوجد المزيد من المعطيات لتلاقي تلك الشعوب على تحقيق الأهداف المشروعة، تقدّما ووحدة وعدالة، وتحريرا للأراضي المغتصبة وفي مقدمتها فلسطين، وتحريرا للثروات من كل استغلال محلي أو دولي، وتحريرا للأنظمة من الهيمنة الأجنبية، سواء في ذلك تلك التي تثور على نفسها وتحقق التغيير الجذري، أو تثور الشعوب عليها فتحقق التغيير الجذري..، وهو قادم لا محالة، لا يقف في طريقه إلا من يقرّر لنفسه أن يجرفه تيار التغيير الجذري الشعبي. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 16 أفريل 2011)