الخميس، 8 يونيو 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2208 du 08.06.2006

 archives : www.tunisnews.net


الهيئة العالمية للدفاع عن الدين الإسلامي بتونس: تدنيس المصحف الشريف في تونس!! ألا فهل من غضبة لله يا أمة الإسلام

في الذكرى الخامسة والعشرين لتأسيسها:حركة النهضة تجدد عهد الحرية والهوية

الوحدويون الناصريون / تونس: برقيـــــة مســـــاندة خدمة قدس برس: مدرسو تونس يضربون عن العمل للمرة الثانية الجزيرة.نت: معلمو التعليم الأساسي في تونس يضربون عن العمل الصباح : إضراب المعلمين: النقابـة: «إضــراب ناجح»: الــوزارة: إجراءات جديدة لفائدة القطاع الصباح: قضية التفجير أمام معبد الغريبة بجربة:20 عاما و5 سنوات مراقبة إدارية للمتهم الصباح: بعد حادثة انهيار حائط بقابس:إطار من إدارة التجهيز ومقاول بحالة احتفاظ أمام التحقيق من أجل الإهمال والتقصير القدس العربي: حرية الصحافة في شمال افريقيا: تقهقر في الجزائر وتونس.. إنجازات هشة بالمغرب وموريتانيا .. ليبيا خارج التصنيف اقصى برس: عمال و عاملات شركة فنطازيا للملابس، في إضراب جوع منذ 28ماي الدكتور فتحي التوزري لـ »الموقف »: تضخيم مظاهر العنف و الجريمة لتبرير التواجد المكثف للأمن عبد الحميد الحمدي : عن سانتوس والوريمي والجنسية  رشيدة النفزي: ربع قرن من العطاء و الصمود محرر صفحة 18 أكتوبر: يارجال الأمن التونسي.. المركب يغرق.. فـلحساب من تظلمون الناس..!؟ جابر القفصي: أبو يعرب المرزوقي في منتدى الجاحظ: الهوية من منظور إسلامي في  عصر العولمة – الجزء الثاني الشروق:  »متخير من الشعر التونسي » أو عندما يستسلم أكاديمي لنعراته الشروق: واجبنا جميعا إنقاذ الرابطة « حقائق: نظام الارث فـي الاسلام والتسوية بين الذكر والانثى « حقائق: بشير الفورتي بقلم بلحاج يحيى: سيرة صحافي رفض الوظيفة تحقيقات «الشروق» الكبرى: حمى «المونديال»… من بنزرت الى بنقردان: طوارئ في كل البيوت.. صنعت تجارة لا تموت ! الحياة: ظاهرة في مصر والأردن ولبنان وسورية: حركات نسائية إسلامية بلا مضمون سياسي سويس إنفو: « بهية » تغني للمعتقلين في أول حفل للمدونين المصريين فيوليت داغـر  : دعوة للتحالف من أجل عدالة دولية


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 
بسم الله الرحمن الرحيم الهيئة العالمية للدفاع عن الدين الإسلامي بتونس

تدنيس المصحف الشريف في تونس!!

ألا فهل من غضبة لله يا أمة الإسلام

صار معلوما لدى القاصي والداني خبر الحرب التي تشنّها الحكومة التونسية بقيادة (ابن علي) على الإسلام ومقدّساته؛ فمن قانون المساجد إلى خطة تجفيف منابع الدين، مرورا بالمنشور 108 القاضي بتحريم الخمار ولباس النساء الشرعي، إلى تدنيس المصحف الشريف! أي و الله! لقد تعمّد الضابط مدير سجن برج الرومي – الواقع بمحافظة بنزرت – المدعوّ (عماد العجمي) الاعتداء بالعنف على السجين  » أيمن بن بلقاسم الدريدي  » كما أخذ مصحف القرآن الكريم وضرب به السجين وأثناء الضرب سقط المصحفُ من يده على الأرض، فركله وداسه برجليه، وهو ما أثار حفيظة السجين المذكور واستنكاره. ولقد شهدت بهذه الواقعة بيانات فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بمدينة بنزرت ومما جاء فيها  » وبلغ لعلم الرابطة أنه كان من نتيجة ذلك تعرّض السجين أيمن الدريدي لاعتداء جديد من طرف نفس المدير وأعوانه الذي – زيادة على الاعتداء الجسدي – قام بضربه بمصحف ثم ركل المصحف عند سقوطه أرضا. وأمام احتجاج السجين أيمن الدريدي على هذا الاعتداء الشنيع عاقبه مدير السجن بوضعه في السيلون – زنزانة انفرادية – ومنع عائلته من زيارته.. » وقد قدّم أهالي السجين المذكور شكوى مما جرى عليه من تعذيب وتدنيس المصحف إلى فرع الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان بمدينة بنزرت، كما أبلغ بذلك نقيب الهيئة التونسية للصحافيين. ولما شاع خبر تدنيس المصحف واستنكرت الهيئتان المذكورتان وغيرهما من الهيئات الجريمة، سارعت الحكومة التونسية إلى تكذيب خبر الواقعة متعهدة في الآن نفسه بإجراء تحقيق فيها، وهو ما ينمّ عن تناقض في الموقف؛ إذ كيف يعقل أن تنفي الحكومة وقوع الحادثة مع التعهد بالتحقيق فيها؟! وقد ردّت الرابطة على نفي الحكومة بتأكيد حصول الواقعة بما لديها من وثائق وبيانات. وإزاء إصرار الرابطة قامت الحكومة باعتقال رئيس فرع الرابطة ببنزرت السيد علي ين سالم وإحالته على التحقيق بتهمة نشر أخبار زائفة من شأنها تعكير صفو النظام العام وإهانة موظف عمومي!…
وما جرى اليوم بسجن برج الرومي جرى مثله وأضعاف أضعافه في سجون أخرى؛ ولولا خشية الإطالة لسردنا عشرات الوقائع! ولكن حسبنا هذه الواقعة بل الفاجعة التي حصلت في سجن « الهوارب » بالقيروان! فقد روى السجين فخري بن عمارة أنه كان بهذا السجن رفقة ما يقارب سبعين سجينا من شباب حركة النهضة التونسية. كان من جملة الإجراءات الصارمة التي اتخذتها إدارة السجن ضدّنا أن حرّمت علينا مسك المصاحف! أو قراءة القرآن تحريما قاطعا!…
وفي صباح يوم من الأيّام أجمعنا أمرنا نحن المساجين الإسلاميين على مطالبة إدارة السجن بردّ مصاحف القرآن التي جرت مصادرتها منّا وحجزها عنّا.
حضر مدير السجن الملازم أول المدعوّ  » عادل عبد الحميد  » إلينا – حين بلغه طلبنا – وسألنا في حنق وغضب متلفّظا بعبارات الكفر والفحش والبذاء:
– آش بيكم يا أولاد….!! آش تحبوا….!! آش طالبين…..!!
فأجابه مساعده المدعوّ  » عبد الرحمن العيدودي «  :
– هاهم طالبين المصاحف ليقرءوا القرآن.
فالتفت المدير إلينا وردّ على الفور قائلا:
–  » نعم…! لحظة…! توا تجيكم المصاحف « !
راح المدير وتركنا متلهّفين لاستقبال مصاحف القرآن لهفة الظمآن لقطرة ماء. مضت بضع دقائق، عاد إثرها ومن ورائه فرقة من أفراد الطلائع السجنية مدجّجين بالعصيّ والهراوات! و للتوّ جرّدونا تماما من أثوابنا وأمرونا بالجري في ساحة السجن في شكل طابور دائري، طوّقونا وطفقوا بنا ضربا مبرّحا حتى أسقطونا أرضا وقد أنهكنا الجري والتعب والأذى والألم! أمرنا المساعد بالجثيّ على ركبنا الدامية! ولّى المدير وتركنا ونحن على تلك الحال حفاة عراة، ثمّ عاد ومعه أحد الأعوان يحمل بين يديه مجموعة من مصاحف القرآن الكريم. وبأمر من المدير ألقى العون المذكور بالمصاحف على الأرض! وطرحها بساحة السّجن! ثمّ صاح المدير في وجوهنا قائلا:
–  » هاهي المصاحف اللي طلبتوها… »!! وأخذ يمشي عليها!! ويدوسها بنعليه!! في صلف وكبرياء وكفر واعتداء! متلفظا بسبّ الربّ!! تبارك وتعالى وشتم الدين!! والاعتداء على مقام الجلالة!! هزّنا ذلك المشهد هزّا عنيفا واعتصر الحزن قلوبنا؛ فما قدرنا على فعل شيء ندفع به ذلك الاعتداء الأثيم على كتاب ربّنا؛ وما أن صاح الطاغية بنا للالتحاق بعنابرنا مهدّدا متوعّدا لنا بمزيد العذاب والنكال والانتقام إن نحن طالبنا بمصاحفنا مرة أخرى؛ حتى عدنا وقد انفجرت منّا العيون تهمل بالدّموع باكية على الحال الذي آل إليه القرآن في تونس بلاد الإسلام!
ليس من قبيل المصادفة أن يتكرّر هذا الصنيع الشنيع المتمثل في تدنيس المصحف الشريف في السجون التونسية؛ فما هو إذن بحادث عرضي ولا تصرف فردي منعزل؛ فقد تكررت هذه الجناية الفظيعة النكراء من أعوان البوليس والحراس في مختلف السجون والمعتقلات؛ وهو ما يميط اللثام عن سلوك منهجي لدى الحكومة وأعوانها في انتهاك الحرمات وتدنيس المقدّسات. إنه سلوك متعمَّد يأتي في سياق حرب شاملة تشنّها الحكومة التونسية بكافّة دوائرها وأجهزتها ومؤسّساتها على الدين الإسلامي ومقدَّساته.
إن ركل مصحف القرآن الشريف لهو جريمة عظمى تكاد السماوات يتفطّرن منها وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدّا! فكيف يرضى مسلم أن يُدنَّس أقدسُ مقدّساته!؟ أو كيف يغضي عن منتهكي أعظم حرمات ربّه؟! إن الجناية على كتاب الله جناية على أمّة الإسلام بأسرها! فعلى هذه الأمّة إذن واجب النصرة !
( وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) {الحجّ:40}.
عن الهيئة العالمية للدفاع عن الدين الإسلامي بتونس محمد الهادي بن مصطفى الزمزمي
Zamzami Mohammad Al-Hadi  Pfarrer- Byns-str. 6  53121 Bonn Germany:العنوان الهاتف: 0049.228.6203261 النقال: 0049.15204320770 البريد الإلكتروني: zamzami_de@hotmail.com  


بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسّلام على أشرف المرسلين   حركــــــــة النهضــــــــة

في الذكرى الخامسة والعشرين لتأسيسها: حركة النهضة تجدد عهد الحرية والهوية

إن حركة النهضة -في الذكرى الخامسة والعشرين لنشأتها وفي وضع يزداد القمع المسلّط على المجتمع وقواه بمختلف شرائحه تعاظما واستفحالا، وفي ظلّ استمرار استثناء الحركة من حقّها الطّبيعي في الوجود والممارسة السّياسية، وفي ظلّ استمرار مأساة السّجن ، وآثاره المدمرة، منذ ما يناهز العقد والنصف- تجد مهماّّ أن تضع بين أيدي أبنائها وأصدقائها وحتّى خصومها في الدّاخل والخارج بعضا من كسبها وبلائها في انتظار ما ستعلن عنه من مشروعها السّياسي الشّامل مضمونا ومنهجا ومؤسّسات.
I- قيم التّأسيس :
عندما تأسّست حركتنا وأعلنت التزامها بالإسلام مرجعية أساسية لتصوراتها وقيمها وبرامجها، كان ذلك عائدا الى اعتبارات بعضها كامن في ذات الاسلام من حيث هو عدل وحرّية ومساواة ومنهج شامل للحياة يكفل لمعتنقيه سعادة الدارين، وبعضها عائد الى طبيعة الهوية الخاصة بشعبنا التّي يشكل الإسلام كنهها وروحها، وبعضها   يتصل بمسألة الديمقراطية وحقوق الانسان والمواطن، ما يخوّلنا-  باعتبارنا مكونا من مكونات الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي لبلادنا- الحق الكامل – على قدم المساواة مع بقية المواطنين على اختلاف اتجاهاتهم- المشاركة في الشأن العام وخدمة شعبنا واستنهاضه وتعبئته على أساس ما ارتضيناه من مرجعية ومبادئ ومطالب وشعارات.
ولقد أكدنا في أكثر من مناسبة أن كون الإسلام مرجعيتنا لا يحمل أي معنى استئثاري أو اقصائي، فهذا مورد متاح للجميع، لا يحق لجهة رسمية أو مجتمعية أن تستأثر به، وتحجبه عن الآخرين، ممّن لا يقفون على تلك الأرضية التّصوّرية والفكرية. الإسلامية هنا وصف تغليب وليست مبرر احتكار وإقصاء وتكفيرللمغايرين.
وكما أنّه لا مجال للتوزيع الحصري لصفات الإسلامية، فلا مجال أيضا للاستئثار بصفات الديمقراطية والحداثة والوطنية، فنحن ندّعي أيضا أنّ لنا وصلا بتلك المشاريع والمطالب، ولا تناقض عندنا بين الإسلامية والديمقراطية وبين الإسلامية والحداثة فضلا عن الإسلامية والوطنية.
ولأنّ مرجعيتنا الاسلامية منفتحة على كل خبرة حضارية ثبت نفعها، فقد تأهّّلنا للقاء مع الآخرين ممن انتظموا على أساس مرجعيات وأولويات أخرى، وذلك ما التقت أو تقاربت الممارسة العملية، فضلا عن أننا نرى إمكان تعدد الحلول للمشكل الواحد، وتنوع المداخل لمعالجة قضايا التغيير والإصلاح في بلادنا: فالعدالة الاجتماعية مدخل، واللّيبرالية السّياسية مدخل، وحقوق المرأة مدخل، وحقوق الإنسان مدخل، والثقافة والتربية مدخل والوحدة المغاربية والعربية مدخل.. ولا ضير في أن تختلف درجات تركيز فرق الاصلاح والتغيير على هذا العنصر أو ذاك، ولأجل ذلك نحن نزّاعون لنسج التّحالفات الواسعة، بما يعدد الحلول ويجمّعها تنسيقا وانسجاما بدل تحوّلها ذريعة للتنازع والإقصاء المتبادل، وهي تحالفات لا مناص منها لتعديل موازين القوة بين الدولة والمجتمع لصالح الاخير، بما يشد من أزر مؤسساته المجتمعية الوليدة حتى تكون فضاء ورحما لعملية تحول ديمقراطي حقيقية، تستوعب وتوظف وتعبئ كل قوى الشعب بتيّاراته المختلفة تحاورا وعملا مشتركا، وتضع حدا لاحتكار الدولة وهيمنتها على المجتمعين السياسي والمدني واستئثارها بالقرار في مختلف المجالات.
إنّ المجتمع المدني حين يشتد عوده مستقلاّ عن السلطة، يمكن أن يمثل درعا في وجه التّسلط والفاشية ويصدّ عنف الدولة وقمعها.
* وإزاء تفاقم العنف وأسبابه وحفاظا على السّلامة الاستراتيجية لذلك المجتمع الوليد من هذا الخطر القائم والمتفاقم بسبب توفر أسبابه الاجتماعية والسّياسية التي تدفع باتّجاه الرّاديكالية والمزيد من العنف، لا منجاة دون إقدام الاطراف المسؤولة على اتخاذ السياسات الجريئة الكفيلة بوقف سير مجتمعنا الحثيث صوب تفجر المزيد من العنف، ذلك أنّ مدنية النّضال السّياسي في بلدنا مكسب للجميع وبالخصوص للمعارضة بجميع أطيافها وعمود أساسي من أعمدة تشكيل فضاء سياسي معارض، جاد في فرض الاصلاح أو التغيير، وحام له من ابتزاز السّلطة ومحاولاتها جر المعارضة أو بعضها إلى ساحة العنف والرّاديكالية.
* ولقد أكّدنا مرارا جدّيتنا فيما يتعلق بالمسألة الدّيمقراطية التّي جعلنا منها شأنا داخليا ندبّر بمقتضاه هياكل حركتنا وأطرها، ممّا حافظ بفضل الله على وحدتها من التّصدع والانشقاق، بله التلاشي، رغم الأهوال التي تعرضت لها. إنها شكل إجرائي ومؤسّسي متعارف عليه، يمتح من قيم العدل والحرية والمساواة التي أقرتها شرائع الارض والسماء. إن الدّيمقراطية بتعريفها العام والمتداول مناط اجماع في الحركة بكلّ أطيافها وألوانها، بحيث لا مجال للانقلاب والالتفاف على ذلك الإجماع مهما رجح ميزان القوى لهذا الطّرف أو ذلك. إنها ترتيبات حسنة تكافئ الأغلبية وتحمي الأقلية، تمكّن للأكثريات وتبقي على الأقليات، تضمن التّداول وتحول دون الاستفراد وتدفع بالحالة السياسية إلى الأمام وتحول دون النكوص عن وضع التّنوع  داخل الحركة وخارجها.
ولقد دافعنا داخل الساحة الإسلامية عن تلك المبادئ والتّصورات وكانت لنا المبادرة في أكثر من قضية فكرية وموقف سياسي، وساهمنا في ضبط هذه السّاحة قطريا وحتّى دوليا  للحيلولة دون انجرافها وانحرافها بالكلية في الاقل، إلا أننا ندافع دون مواربة ولا تردّد عن حق تعدّد الاجتهاد والعمل المدني داخل السّاحة الإسلامية نفسها – من باب أولى- ونعتبره قضية حيوية واستراتيجية، لأنّ التّنوع والتّعدد فطري وشرعي ومصلحة ضرورية، فالدّين واحد والتّدين متعدّد،لا سيما والسّاحة في الداخل والخارج، قد تفرض هذا الخيار. ومن مقتضيات ذلك أنه ما يجوز أخذ تيار واضحة شعاراته نقي نهجه بجريرة تيار آخر.
II- نهج سياسي يختزن التعدد ويراعيه :
وأمّا السياسة عندنا في بعدها الرّمزي (فكر، تصورات، مفاهيم، خطابات) والعملي (أعمال، مبادرات، تحالفات) فيشقها منهج، تزداد أصالته مع مراكمة التجربة والخبرة، يعرّف العمل بأنّه صورة ومقصد، ومآل، والمقصد يتلخص سياسيا : فرض الحريات، من طريق نضال سلمي شعبي جبهوي . ومن مقتضى ذلك:
– أنّ الدّفاع عن الهوية مطلب أساس عندنا، ومدخل من المداخل الأساسية للنهوض بأوضاع البلاد في أبعادها المختلفة، ولكنها لا ينبغي أن تشوش على أولوية الأولويات: الحرية، باعتبارها جوهر التكريم الالهي للانسان « ولقد كرمنا بني آدم ». ورغم محاولات الكثير في السّلطة والمعارضة جرّنا لمعارك جانبية ظللنا نؤكد أنّ اللّحظة سياسية وليست ثقافية رغم استعدادنا اللاّمشروط  للحوار في المسائل الثقافية.
– ومن ذلك أيضا عدم الحرص على خوض الصراع على السلطة للاستئثار بها، حرصا على التوازنات العامّة الضرورية لتجميع الضغوط وتوفير شروط الانتقال نحو ديمقراطية تعددية حقيقية توفر كل ضمانات الحرية والكرامة ومنها تداول السّلطة سلميا.
– ومن ذلك أيضا إيماننا بأنّ آلية الدّيمقراطية الحسابية: « أكثرية وأقلية » تنوء بها الظروف الراهنة، والبديل عنها في ظروف الانتقال ديمقراطية التوافق والمواثيق والندوات الوطنية آليات للنهوض بمتطلبات التّحول تتيح موقعا للجميع على قاعدة تمثيلية للناس والمؤسسات.
– ومن ذلك أيضا حرصنا على اندراج مطالبنا ضمن مطالب عامّة للمعارضة وحتّى لو اقتضى الأمر تخفيف سقفها في بعض الأحيان تجنيبا للسّاحة سلبيات الاستقطاب الذي أفلحت السلطة لوقت طويل في تخليقه أو تشجيعه وتضخيمه لترهيب أطراف المعارضة به وحشد الدّعم الدّولي على أساسه. إن مسلك معارضة المعارضة مسلك شائن. والبديل تحالف أوسع قطاعات المعارضة وقوى الجماهير لوضع حد للاستبداد والفساد وتأبيد احتكار السلطة، وطول مكوث شعبنا في ذيل قافلة الشعوب المكافحة من أجل الديمقراطية.
نحن أحرص ما نكون على العمل المشترك انطلاقا من شعار « لسنا وحدنا، الوطن للجميع ». كان استقلاله الاول من الاستعمار بعمل جماهيري واسع ولن يكون استقلاله الثاني من حكم الاستبداد والفساد إلا وفق نهج مدني مماثل.
III- جديد السّاحة : تخلّف مسار تكتّل المعارضة عن مسار تكوين السّلطة / الدّولة :
من الحيوي ألا نخطئ تشخيص واقع بلادنا حيث يحاط المجتمع بشبكة غاية في التعقيد تكفل وضعه باستمرار تحت رقابة صارمة معرضا في كل حين للقمع والترهيب والنهب والافساد بما يحول بكل الطّرق والوسائل دون أي تعبير معارض فردي وبالخصوص جماعي، فالسّلطة المسيطرة عليه والمتمتعة بإمكانياته تزداد تركيبا ويزداد مسار تكوّنها تعقيدا. لقد انضاف إلى حزب استأثر بدولة الاستقلال ونظم التّصفية للخصوم في داخله وخارجه، جهاز قمعي أخطبوطي عهد إليه بحماية المتغلّبين والدّفاع عنهم، وانضافت إلى هؤلاء، وأولئك شبكة واسعة من المتحكمين فيما بقي من النّسيج الاقتصادي للبلاد، استعملوا في إدارة ذلك النّسيج آليات هي أقرب إلى آليات المافيا والجريمة الاقتصادية المنظّمة. لقد تحول القمع والنهب ايدولوجيا للدولة وحل – على نحو أو آخر- حكم العائلة أو بضعة عوائل محل حكم الحزب الواحد.
غير أنه مقابل قاطرة الفساد هذه وانعكاساتها الكارثية على أوضاع الناس المعاشية وعلى الاخلاق العامة واهتزاز أو تمزق النسيج الاجتماعي لصالح طغيان النزوعات الفردية بما أفشى الجريمة ونشر البطالة ورجّ كيان الاسرة انصرافا عن الزواج وتسارعا الى الطلاق وتجفيفا لينابيع النسل ثمرة مسمومة من ثمار تجفيف يتابيع الدين..
مقابل هذا الوضع البائس الذي قادت اليه سياسات القمع والنهب وتجفيف ينابيع الدين كانت رحمة الله قريبة من العباد إذ تحركت من تحت هذه الأنقاض دفاعات المجتمع عن كيانه وهويته ومصالحه وذلك من خلال صحوة دينية عمرت بيوت الله بعد تصحّر، ومن خلال إقدام أعداد متزايدة من بنات تونس على الاستجابة لنداء الله في التعبير عن خلق الحياء والعفة، بالعودة الى لباس التقوى، رغم كل أجهوة القمع والترهيب التي لا تخشى ربّا ولا تبالي بحساب أخروي ولا بحرية شخصية وكرامة بشرية. كما انبعثت حركة احتجاجية نشطة من خلال استئناف الحركة النقابية ذات الجذور العميقة رسالتها التاريخية في الدفاع عن حقوق العمال في مواجهة ما تعرضوا ويتعرضون له من عدوان سافر على مكاسبهم بتواطئ رسمي من مؤسستهم، عززتها صحوة أخرى حقوقية فاعلة من طريق المنظمات الانسانية التي صمدت في وجه مخططات احتوائها وكذلك فعلت عمادة المحامين فرسان الدفاع عن الحرية، وجمعية القضاة دفاعا عن استقلال المحامين والقضاة .
وواكبت هذه الصحوة الدينية والمجتمعية صحوة سياسية معارضة بلغت أوجها في تشكل حركة 18 أكتوبر للحقوق والحريات التي مثّلت تطورا نوعيا في تاريخ المعارضة التونسية، تخطت به أهم أطراف المعارضة المعوقات الداخلية والخطوط الحمراء للسلطة لتحقيق اللقاء وبالخصوص مع النهضة، مما يفتح نضال المعارضة على آفاق واعدة في قيادة حركة المجتمع وغضب الجماهير من أجل فرض مطالب الحد الادنى (حرية التعبير وحرية التجمع وحرية المساجين) التي ما يبدو أن السلطة في وارد الاستجابة لها ما لم يرتفع مستوى الضغط الى حد يفرض عليها ذلك، وذلك رغم استمرار بعض اصوات « معارضة » حبيسة تعصبها الايدولوجي أو ضحية مسلكها الانتهازي تصرّ على أن تناقضها الرئيسي مع التيار الاسلامي وليس مع سلطة القمع والاستبداد ولكنها غدت أصواتا شاذة، همّها المركزي التمايز عن الحركة الإسلامية وليس الضدّية للاستبداد:
IV- ما العمل ؟ من أجل تعاقد جديد :
وإذ يطلب من الحركة إعطاء تطمينات فيما يخص مشروعها المجتمعي ضمن جدلية الهوية والمواطنة فإنّ ذلك لا يعني بحال الاندراج على قاعدة تلكم التطمينات تحت سقف المواطنة ومبادئه، أو على قاعدة التخلي عن الهوية وإن احتاج الامر الى تجلية من أجل توظيفه:
– في وضع التّعدد الجديد  في السّاحة الإسلامية وانخراط العديد من شباب البلد في تيارات متشدّدة وحتّى عنيفة.
– وفي وضع التدهور الأخلاقي الذي يسود شرائح واسعة من المجتمع.
– وفي وضع الهجمة الدّولية الأمريكية على أكثر من بلد إسلامي نهبا لخيراته وحيلولة دونه ودون استقلال قراراته
– وفي وضع استهداف الأقليات الإسلامية المهاجرة في أكثر من بلد.
– وفي وضع العولمة المتزايدة التّي تطوي الثقافات طيّا وتوجه الكثير من الجماعات والمجتمعات إلى تعزيز رباطها ووثاقها الثقافيين مواجهة لحملة الصّهر في ثقافة واحدة خدمة لسوق واحدة معلوم متنفذوها الأساسيون..
– إنّ المسألة الإسلامية يتهددها خطر انفجار العنف، بأثر الضغط ، بما يقدم للاستبداد المشروعية، كما يتهددها من الجهة الاخرى خطر الصفوية والتقوقع على الذات فتتحوّل في بعض الأحيان إلى كابح للتغيير السّياسي.
– لا بدّ أن نصير إلى تعاقد تلتزم فيه السلطة أي سلطة تحكم البلاد بالانفتاح وإطلاق الحريات واحترام مقومات الهوية، وتتمتّع فيه المعارضة الوطنية بحقوقها الأساسية وتؤدي واجباتها في النضال من أجل الإصلاح والديمقراطية، ويتحقق من خلاله للشعب حق الاختيار.
– التّقدم بذلك التعاقد إلى الشّعب اشراكا وإنهاضا من أجل استعادة دولته السّليبة على قاعدة النّضال السّلمي المدني الجبهوي ورسم الاستراتيجيات الضرورية من أجل تحقيق هدف الانتقال الدّيمقراطي الأصيل والثّابت، في وضع يزداد استهداف الأمّة وخياراتها والاعتداء على أرضها ومقدّساتها، استفحالا وتعاظما، وفي كوكب تزيد حركة العولمة من تداخل قضاياه ومعاركهّ.
ولا منجى -إزاء كل هذه الاوضاع- في غير تعاقد وطني يؤسس لوطن حر يتمتع فيه الجميع بحقوق متساوية في الكرامة في ظل دولة حق وقانون وسيادة للشعب، تفتح الطريق أمام الاندراج في عمقها المغاربي والعربي والاسلامي والانساني: انسانية الامم والشعوب المتعارفة المتعاونة على الخير التي نادى اليها رب العالمين « ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير » سورة الحجرات.
 سبيل ذلك في وطننا العزيز اجتماع قوى الشعب وبالخصوص الشباب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني وطليعة المعارضة الجادة بقيادة 18أكتوبر، من أجل تحقيق مطلب فرض الحريات سبيلا للتحول الديمقراطي، من طريق معارضة جبهوية ميدانية مدنية شعبية.
 الى كل أولئك من أبطال الحرية وفي مقدمتهم أسرانا في سجون الاحتلال الداخلي وأسرهم الصامدة والى عشرات ومئات الآلاف من سجناء البطالة والملاحقة وإخوانهم المشردين في الارض والى كل من ناصر تونس في مظلمتها ومحنتها التي طالت، اليهم جميعا نهدي التحية في الذكرى الخامسة وعشرين لتأسيس حركتنا، ونشد على أيديهم ونوثق عهدنا معهم: ألاّ نقيل ولا نستقيل ولا نستكين حتى تشرق شمس الحرية على ارض الخضراء.,
 

 » ويقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريبا »

 » إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب »هود

12 جمادى الاولى الموافق 8 جوان 2006
الشيخ راشد الغنوشي حركة النهضة بتونس


بسم الله الرحمان الرحيم الوحدويون الناصريون / تونس    تونس في 09/06/‏‏2006   
 برقيـــــة مســـــاندة
 
على إثر صدور الحكم القضائي الجائر على الإعلامي ومراسل الجزيرة تيسير علوني والذي جاء بعد أن كشف النقاب عن خطة سابقة للرئيس الأمريكي جورج  بوش لقصف مقر قناة الجزيرة بالدوحة وبعض مقراتها بالخارج ،وبعد أن تم فعلا قصف مقر القناة بكابول وبغداد واستشهاد مراسلها هناك طارق أيوب وبعد التضييقات التي تعرض لها مراسلها بمصر ومدير مكتبها حسين عبد الغني.

فان الوحدويين الناصريين بتونس يدينون بشدة هذه المخططات الإستعمارية لضرب الإعلام الحر بالوطن العربي والكاشف لزيف ديمقراطية الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها  و نعبر عن مساندتنا المطلقة لقناة الجزيرة ووقوفنا التام معها في معركة البحث عن الحقيقة وإننا لم نستغرب فعلا صدور هذا الحكم الجائر والمنافي لأبسط المعايير القانونية والقضاء المستقل  من جهات لطخت أياديها بدماء شعبنا في العراق وفلسطين ودماء شعوب أخرى في أفغانستان وغيرها ونهيب بأحرار العالم مساندة تيسير علوني والوقوف إلى جانبه من أجل إطلا ق سراحه .  

الوحدويون الناصريون / تونس الناطق الرسمي :البشير الصيد   


هددوا بتصعيد احتجاجاتهم

مدرسو تونس يضربون عن العمل للمرة الثانية

تونس – خدمة قدس برس   نفذ المدرسون في الصف الأول بكامل الأقاليم التونسية والمقدر عددهم بستين ألف اضرابا عن العمل كامل اليوم الاربعاء 7 جوان للمطالبة بحقوقهم المادية والمهنية. وقالت مصادر نقابية أن نسبة نجاح الإضراب بلغت 80% ولكن وزارة التربية قللت من نسبة نجاح الإضراب وقالت إنه لا يتجاوز 40%.   وفي تجمع حاشد وسط العاصمة ضم أكثر من 500 مدرس هددت نقابة التعليم الأساسي باتخاذ أساليب جديدة في الاحتجاجات حتى تستجيب الوزارة لمطالبهم. وقام عشرات المدرسين بحرق البيان الذي أصدرته وزارة التربية واتهمت فيه نقابة المعلمين باتخاذ التلاميذ رهائن وتسييس التعليم.   من جهة أخرى قام مئات المدرسين برتبة أستاذ تعليم ثانوي ويفوق عددهم الخمسين ألف بالاعتصام لأكثر من ساعة أمام الإدارات الاقليمية للتعليم التابعة لوزارة التربية للاحتجاج على تصلب الوزارة وتهميش دور المدرسين حسب تعبيرهم.   وقال سليم بن عرفة قيادي في نقابة الأساتذة بالعاصمة لقدس برس أن اعتصامات المدرسين التي شملت حوالي 24 اقليم كانت ناجحة وان قوات الامن منعت بالقوة المدرسين في بعض الجهات من تنفيذ اعتصامهم. وأضاف « التحركات الاحتجاجية ستتواصل واصرارنا على تحقيق مطالبنا لا تراجع عنه وعلى الحكومة ان تنصت لرجال التعليم وتستمع إلى مطالبهم ».   وقال عبيد البريكي عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل (كبرى النقابات وتضم أكثر من 500 ألف منخرط) في كلمته التي ألقاها في تجمع للمدرسين إن النقابة لا تردّ عادة على البيانات اللقيطة التي لا تحمل إمضاء، في إشارة إلى البيان الذي وزعته الوزارة صبيحة يوم الأربعاء، ولكن اسمحوا لي أن اعلق على هذا البيان لأنه تضمن اتهامات خطيرة لأناس طالما افتخرنا بأننا تربينا على أيديهم في السابق وهم الذين نعهد إليهم اليوم بفلذات أكبادنا لتربيتهم ». وأضاف  » كان يفترض بالوزارة أن تصدر بيانا تشكر فيه المعلمين الذين يربون الأجيال ويعلمونهم لا أن تقوم بالتشكيك فيهم ».. وكانت وزارة التربية هاجمت الدعوة للإضراب وقللت من وطنية نقابة المدرسين. كما ألمحت إلى وجود « نيات مبيتة » وان مطالب المعلمين ليست مطالب مهنية بل لها خلفيات سياسية.   من جهته هنأ المنصف الزاهي الأمين العام للنقابة المدرسين بنجاح الإضراب وقال إن نسبة نجاحه كانت اكبر من نسبة نجاح الإضراب الماضي الذي نفذ في 11 ماي الماض وكانت نسبته 74% . وشدد الزاهي على أن نقابة التعليم الأساسي مدّت يدها أكثر من مرّة للحوار غير أن الوزارة لم تقدم لها غير الفتات وحوار الطرشان.   وعن التحركات المستقبلية للمعلمين قال الزاهي إن هيئة إدارية ستنعقد مباشرة بعد هذا الإضراب لتقرر الأشكال التي يجب اتخاذها. مضيفا أن المعلمين سيبدعون من الأشكال ما لا يمكن أن تتخيله الوزارة للمطالبة بحقوقهم.   واعتبر الزاهي أن غلق الإدارات الجهوية للتعليم في وجه الأساتذة في نفس اليوم الذي نفّذ فيه الإضراب دليل على أن الوزارة لا تريد أن تسمع ولا تريد ان تتحاور. وختم الزاهي بالقول  » اذا كانت هذه السنة قد شارفت على النهاية فالطريق مازال طويلا وسنعمل ما في وسعنا لتحقيق مطالبنا، وما ضاع حق وراءه طالب، ولا خير في امة لا تحترم معلميها » حسب تعبيره.   ويطالب المدرسون بتخفيض ساعات العمل ومنحة العودة المدرسية والزيادة في الاجور وتخفيض سنّ التقاعد والحق في النشاط النقابي داخل المدارس وتشريكهم في برامج اصلاح التعليم.   (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 7 جوان 2006)

معلمو التعليم الأساسي في تونس يضربون عن العمل

لطفي حجي (*) – تونس   أضرب معلمو التعليم الأساسي تونس عن العمل أمس للمطالبة بتحسين أوضاعهم المالية والمهنية واحتجاجا على موقف وزارة التربية من مطالبهم.   وتطالب النقابة العامة للتعليم الأساسي التي دعت إلى الإضراب بتمكين كافة المعلمين من منحة العودة المدرسية، وإلغاء العمل بصيغة المعلمين المؤقتين وتعويضها بالتثبيت المباشر، وتمكين أبناء المعلمين من المنح الجامعية وتخفيف شروط الارتقاء في السلم المهني.   كما يطالب المعلمون باحترام الحق النقابي وتقنينه وهو المطلب ذاته الذي يطالب به معلمو التعليم الإعدادي والثانوي.   وفي بيان وجهته للمعلمين اتهمت نقابة التعليم الأساسي وزارة التربية بالهروب إلى الإمام والاستهانة بمطالبهم المشروعة، ورفض تحسين أوضاعهم المهنية، والسعي لتشويه تحركاتهم.   وفي المقابل ترفض الوزارة ما تردده النقابة وتقول إنها لم ترفض الحوار مع النقابيين وأنها استجابت لعدد من المطالب منها الترفيع في عدد القروض المخصصة لأبناء المعلمين، وتمكين المعلمين من لوازمهم المدرسية مع افتتاح كل عام دراسي، مع تشديد الوزارة على التزامها بالحق النقابي وفق الاتفاق بينها وبين النقابة عام 1999.   وقدرت مصادر نقابية مسؤولة نسبة نجاح الإضراب الذي شمل كافة مدارس البلاد بـ80%، ويعد هذا الإضراب الثالث خلال السنة الدراسية الحالية التي أوشكت على نهايتها. ويبلغ عدد المدرسين في التعليم الأساسي 60 ألف مدرس.   ويذكر أن معلمي التعليم الإعدادي والثانوي أضربوا عن العمل مرتين خلال هذا العام الدراسي، وأن عددا من القطاعات الأخرى مثل الصحة والاتصالات أضربت أخيرا للمطالبة بتحسين أوضاعهم المالية والمهنية.   وحسب تقديرات نقابية فإن السنة الحالية شهدت أكبر نسبة من الإضرابات في القطاعات الحساسة التي تشمل عددا كبيرا من الموظفين.   (*) مراسل الجزيرة نت   (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 7 جوان 2006)  

إضراب المعلمين

النقابـــة: «إضــــــــراب ناجــــــــــح» الــــــوزارة: إجراءات جديدة لفائدة القطاع

تونس ـ الصباح: قدرت مصادر من نقابة المعلمين نسبة الاضراب الذي نفذه المعلمون يوم امس بـ88% واوضحت المصادر ان هذا الاضراب «كان ناجحا وجاء بعد سلسلة من اللقاءات المتتالية التي جمعت النقابة في المدة الاخيرة بوزارة الاشراف والتي لم تستجب الى المطالب النقابية كعدد القروض والمنح المسندة لابناء المعلمين وسنوات الاقدمية للترقيه الى رتبة معلم تطبيق اول». ولاحظت المصادر ان النقابة «متمسكة بمطالبها وهي لا تسعى في الان نفسه لايجاد القطيعة بل تفتح باب الحوار مع سلطة الاشراف لمواصلة التفاوض».   وزارة التربية: اجراءات جديدة للمعلمين   مصادر من وزارة التربية والتكوين اكدت من جهة اخرى ان الوزارة حريصة على تحسين ظروف الدراسة والعمل في المدارس الابتدائية. وقد اعربت عن ذلك من خلال الاعلان عن جملة من الاجراءات الجديدة لفائدة المعلمين منها ما هو في علاقة بما رفعته النقابة من مطالب كالترفيع في عدد القروض الجامعية المسندة لابناء المعلمين من الف الى 1300 قرض والتخفيض بسنة في الاقدمية المستوجبة للارتقاء الى رتبة معلم تطبيق وتأكيد مواصلة ضمان الحق النقابي وتأكيد الالتزام بالعمل لما جاء به القانون الاساسي وتوفير مستلزمات العودة المدرسية بما في ذلك الكتب المدرسية اضافة الى انتداب المعلمين القائمين بنيابة مسترسلة.   المطالب النقابية   المطالب النقابية المضمنة باللائحة المهنية الصادرة عن النقابة تمثلت بالخصوص في المطالبة بالحق النقابي وتمكين المعلمين من منح العودة المدرسية وصرفها نقدا في مفتتح كل سنة دراسية وتعميم القروض والمنح على ابناء المعلمين والتقليص في عدد سنوات الارتقاء الى معلم تطبيق اول الى 8 سنوات وادماج جميع المعلمين العاملين في نيابات مسترسلة وايقاف الانتداب بهذه الصفة.   كريمة دغراش   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 8 جوان 2006)  

قضية التفجير أمام معبد الغريبة بجربة:

20 عاما و5 سنوات مراقبة إدارية للمتهم

علمنا من مصدر قضائي أن المدعو بلقاسم نوار مثل أمس أمام الدائرة الجنائية لدى المحكمة الابتدائية بتونس لمقاضاته من أجل المشاركة في التفجير الحاصل أمام معبد الغريبة بجربة يوم 11 أفريل 200، ورفضت المحكمة الاستجابة من جديد لمطلب التأخير المقدّم من محاميي المتهم بعد أن كانت أرجأت النّظر في القضية في ثلاث مناسبات سابقة استجابة للسان الدّفاع منذ نشر القضية أمامها بجلسة 26 أفريل 2006 على إثر ختم إجراءات التّحقيق.   وتجدر الإشارة إلى أن إنابة إثنين من محاميي المتهم قائمة منذ انطلاق إجراءات القضية التحقيقية وهما مع غيرهما ممّن أعلنوا نيابتهم للدّفاع عنه على اطلاع وبينة من جميع أوراق الملف وقد رأت المحكمة أن في تأجيل النظر مجددا في القضية مساس بمصلحة المتهم الشرعية خاصة أنه يوجد بحالة إيقاف.   وبعد المفاوضة القانونية قضت المحكمة بثبوت إدانة المتهم فيما نسب إليه وسجنه من أجل ذلك مدة عشرين عاما ووضعه تحت المراقبة الإدارية لمدة خمس سنوات.   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 8 جوان 2006)  

بعد حادثة انهيار حائط بقابس:

إطار من إدارة التجهيز ومقاول بحالة احتفاظ أمام التحقيق من أجل الإهمال والتقصير

تونس ـ الصباح: واصل امس ولليوم الثاني على التوالي احد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بقابس النظر في ملف واقعة حادث انهيار الحائط «بسوق ليبيا» بقابس الذي جد ظهر الاحد الماضي وادى الى وفاة 8 اشخاص وجرحى 5 آخرين.   وعلمت «الصباح» ان التحقيقات متواصلة مع اطار بادارة التجهيز والمقاول الذي شيد الحائط وقد مثلا بحالة احتفاظ في انتظار ما ستؤول اليه التحقيقات.   وحسب ما توفر من معلومات فان الحائط تم تشييده منذ 3 سنوات من طرف المقاول الذي تم الاحتفاظ به على ذمة هذا التحقيق ويبلغ ارتفاعه حوالي 4 امتار بينما يبلغ طوله حوالي 10 امتار وقد تسبب انهيار جزء منه في وقوع الحادث اذ سقط على «نصبة» لبيع الملابس القديمة.   تفاصيل الواقعة   ويذكر ان ممثل النيابة العمومية بابتدائية قابس اذن بفتح تحقيق في هذه الحادثة  والتي كما اشرنا جدت ظهر الاحد الماضي بالسوق الاسبوعية بمدينة قابس والمعروفة  «بسوق ليبيا» والتي تعرف اقبالا كبيرا من المتساكنين في ذلك اليوم «نصبة الفريب» وانتهت بوفاة 8 اشخاص نتيجة اصاباتهم بجروح وكسور بليغة واصيب 5 اخرون اصابات متفاوتة تم نقلهم على اثرها الى المستشفى لتلقي الاسعافات وقد غادروه بعد تلقيهم الاسعافات اللازمة ولم توصف حالة احدهم بالخطيرة.   كريمة دغراش   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 8 جوان 2006)


حرية الصحافة في شمال افريقيا:

تقهقر في الجزائر وتونس.. إنجازات هشة بالمغرب وموريتانيا .. ليبيا خارج التصنيف

 الرباط ـ اف ب: اكد مشاركون في مؤتمر حول الصحافة ينعقد حاليا في الدار البيضاء ان معظم دول شمال افريقيا تشهد تقهقرا في حرية الصحافة في حين تحققت بعض الانجازات الهشة في المغرب وموريتانيا.
ويشارك في هذا اللقاء المنعقد باشراف منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) بعنوان وضع حرية الصحافة في شمال افريقيا ويستغرق يومين، مندوبون عن نقابات الصحافيين او منظمات غير حكومية من المغرب والجزائر وتونس وليبيا.
واكدت سهام بن سدرين ممثلة المجلس الوطني للحريات في تونس انه يستحيل عقد هذا النوع من الاجتماعات في تونس .
ودعت كافة بلدان شمال افريقيا الي تضامن بين الصحافيين والمنظمات غير الحكومية لمواجهة التقهقر.
وباسم جمعية تناضل من اجل حرية الصحافة في الجزائر المجاورة تري فتيحة بن شيكو، زوجة محمد بنشيكو مدير صحيفة لومتان المعتقل في الجزائر منذ سنتين، ان الصحافة في تقهقر واضح .
واضافت فتيحة بن شيكو لقد تم العفو عن نحو 2200 ارهابي افرج عنهم مؤخرا في حين يقبع الصحافيون في السجن، هذه هي تناقضات الجزائر اليوم .
واكد جمال عيد المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس انفو غير الحكومية المصرية ان خلال ايار (مايو) 2006 تم في مصر توقيف 600 مواطن اتهموا بشتم رئيس الجمهورية.
وبعد ان ربط عيد بين حرية الصحافة والحريات العامة اعتبر مواطنه جمال فهمي المسؤول في نقابة الصحافيين المصريين انه لا يمكن تصور صحافة حرة طالما تتم مصادرة اصوات الناخبين كما وقع خلال الانتخابات التشريعية الاخيرة في مصر .
واعتبر علي زيدان محمد من الرابطة الليبية لحقوق الانسان ان وضع الصحافة في ليبيا اسوأ بكثير . وصرح لوكالة فرانس برس لدينا نحو عشرة صحف يومية تخضع كلها للسلطة مضيفا ان ليبيا تأتي في المؤخرة وربما حتي لا تصنف بين بلدان شمال افريقيا فيما يخص حقوق الصحافة.
واعتبر المشاركون وضع الصحافة في المغرب اكثر تقدما بشكل عام مقارنة مع بقية بلدان المنطقة.
لكن يونس مجاهد امين عام النقابة الوطنية للصحافة المغربية اعتبر ان الوضع اكثر دقة في هذه المرحلة داعيا الي اصلاحات دستورية لاحلال ديمقراطية حقيقية والتخلي عن الخطوط الحمراء الشهيرة (الملك الوطن والدين) التي يفرض علي الصحافة عدم تخطيها .
واعتبر محمد بريني مدير صحيفة الاحداث المغربية الاشتراكية ان التراجع ممكن في المغرب . واضاف ان القوانين المغربية ليست متسامحة والقضاة الذين يحاكمون الصحافيين يجهلون تماما كيفية تسيــير الصحافة .
وتساءل علي عمار المدير العام لصحيفة جورنال ابدومادير (المغرب) ما الذي يفسر احجام القارئ المغربي عن الصحف؟ ، ومنذ منتصف التسعينات انخفض عدد النسخ التي تباع في المملكة من 300 الف الي حوالي مئتي الف حاليا لكل الصحف علي مختلف انتماءاتها.
ولخص روبير مينار الامين العام المنظمة مراسلون بلا حدود ان هناك تقدما في المغرب وموريتانيا وتقهقرا في الجزائر وتونس، وهناك بلدان لا تراوح مكانها مثل ليبيا .
واضاف ان الانقلاب في موريتانيا وضع حدا لملاحقة الصحافيين في عهد النظام السابق مؤكدا بالنسبة للصحافة كان الانقلاب ايجابيا، من المروع قول ذلك .   (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 8 جوان 2006)

عمال و عاملات شركة فنطازيا للملابس، في إضراب جوع منذ 28ماي

 خاص/اقصى برس/سفيان الشورابي – تونس    قامت مجموعة من عمال شركة فنطازيا لتوزيع الملابس الجاهزة بالدخول في اعتصام في احد مقرات الشركة المتواجدة في وسط العاصمة، و ذلك احتجاجا منهم على المماطلة و التسويف الصادر من قبل مدير الشركة. و قد أعلن المعتصمون، وهم في أغلبتهم من النساء، بأنهم قرروا الدخول في اعتصام مفتوح إلى أن تتدخل السلطات الإدارية و تدفع بمدير المؤسسة لتطبيق القرار القضائي الذي يأمر صاحب الشركة بدفع تعويضات مقدارها تتراوح ما بين700 و 2500 دينار تونسي (قرابة 500 و 2000 دولار). و يعتبر هذا التحرك الرابع من نوعه الذي يلتجئ إليه العملة منذ حوالي سنوات. حينما قام مالك الشركة بإغلاق عدد من المحلات التابعة له. و قرر تصفية معداتها بدون جبر تبعات الغلق هذه على المتضررين منها. و على اثر التحركات الأولى، و التي تزامنت مع الدعوى القضائية المرفوعة ضد مالك المؤسسة، قررت المحكمة بيع الآلات و المعدات التابعة للشركة، و من ثم يتم توزيع محصول البيع على العملة. غير أن أمين الفلسة القائم بعملية البيع غاب عن الظهور وتنكر لمهمته. و أمام انغلاق جميع الأبواب، و بعد الالتجاء إلى جميع السائل القانونية، قررت المعتصمات الدخول في إضراب عن الطعام، و ذلك منذ 28 ماي المنقضي. و توجيه نداء استغاثة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل ( النقابة العمالية الوحيدة في تونس) و إلى كافة هيئات المجتمع المدني. و في الأثناء، بدأت الوضعية الصحية للمضربات تتأزم. فعدد منهن يعانين من بعض الأمراض المزمنة، و أخريات بلغن أطوار متقدمة من الحمل. و بدأت الحالة تتفاقم مع انتشار مرض الجرب المعدي بين صفوف المضربات. و المعلوم، بان اتحاد الشغل، كان قد تخلى عن الدفاع عن مطالب هؤلاء العملة، متخاذلا عن لعب دوره الطبيعي في الوقوف إلى جانب العمال. كما أن مكونات المجتمع المدني لم تتجاوب ايجابيا مع صيحات الاستغاثة المتأتية من العاملات اللواتي أعيتهن الحيلة. و تركن منازلهن و عائلاتهن من اجل السعي لاسترجاع حقوقهن. معطلون عن العمل في تحرك جديد و في نفس الإطار، قامت مجموعة من الشباب المنتمين إلى » اتحاد أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل  » (قيد التأسيس)، باعتصام يوم الخميس 08جوان في مقر وزارة التربية. و كان بعض ممثلي الاتحاد طرحوا، سابقا، جملة من الملفات ذات الأولوية لمعطلين عن العمل، قصد تشغيلهم من قبل الوزارة المذكورة، التي تجاهلت كليا تلك المطالب. و أثناء طلب لقائهم بأحد المسؤلين في الوزارة، قامت هذه الأخير استدعاء الأمن و إخراج المعتصمين بالقوة. و يقدر عدد خريجي الجامعات المتحصلين على شهائد و لم يجدوا شغلا قارا، حسب الإحصائيات الرسمية ،بــــ 60 ألف عاطلا.
(المصدر: موقع « أقصى برس » بتاريخ 7 جوان 2006)


 

« فنطازيا » : حوامل ومرضى بالسرطان يضربون عن الطعام

دخل عمال وعاملات شركة فانطازيا في إضراب مفتوح عن الطعام ابتداء من يوم السبت 27 ماي الماضي بمغازة الشركة بشارع باريس وسط العاصمةّ. ويشكل هذا الإضراب خطرا على صحة العديد منهم خاصة وان عددا منهم يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة مثل أمراض القلب والسكري بل إن إحدى العاملات تعاني من مرض السرطان عافى الله الجميع وهي تعالج بمستشفى صالح عزيز ومنهم من هي حامل. ويأتي هذا الإضراب بعد أسبوع من دخول العمال في اعتصام جديد هو السادس منذ بداية تحركهم من اجل المطالبة بحقوقهم.   من جانبه رفض المصفي إتمام عملية بيع لبعض المعدات وذلك رغم تقديم عروض من طرف المشترين بلغت خمسين ألف دينار تونسي وهو ما أثار استياء العمال الذين أصبحوا غير مرتاحين لتصرفات المصفي خاصة وأنهم طالبوا أكثر من مرة بتغييره.   (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 362 بتاريخ 2 جوان 2006)  


تجمع بساحة حقوق الإنسان بباريس

دعت مجموعة من المنظمات والجمعيات والأحزاب التونسية بباريس إلى تجمّع عام بساحة حقوق الإنسان بباريس يوم الثلاثاء 30 ماي الماضي احتجاجا على ما أسموه بـ « التصعيد البوليسي غير المسبوق الذي يشنه النظام في تونس ضد المحاماة و الرابطة وسائر القوى الحية ».   ومن الموقعين على الدعوة هيئة 18 اكتوبر للحقوق والحريات واللجنة من اجل الحريات والحقوق بتونس وجمعية التضامن التونسي وفدرالية التونسيين مواطني الضفتين وجمعية صوت حر والمجلس الوطني للحريات واللجنة العربية لحقوق الإنسان واتحاد العمال المهاجرين ومنتدى الحوار الثقافي العربي الأوروبي.   ومن الأحزاب نجد الديمقراطي التقدمي الديمقراطي والتكتل من اجل العمل والحريات وحركة النهضة والمؤتمر من اجل الجمهورية وحزب العمال الشيوعي التونسي والوحدويون الناصريون.   (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 362 بتاريخ 2 جوان 2006)  


تقرير منتظر  
من المرجح أن تسلم اللجنة التي كلفها رئيس الدولة بدراسة أسباب تراجع الإستثمار الداخلي والخارجي تقريرها خلال شهر جوان الجاري. وكانت اللجنة تلقت توجيهات لدى تشكيلها في ديسمبرالماضي بأن تقول كل شيء وتتفادى اللغة المتخشبة (هل معنى ذلك أن اللجان الأخرى لا تقول كل شيء؟).   ويبدو أن أعضاء اللجنة تطرقوا لموضوع الأسواق الموازية وسيطرة بعض العناصر عليها. وتتكون اللجنة من أحد عشر عضوا هم عادل بوصرصار ومختار الفخفاخ واسماعيل المبروك ومنذر بن عياد وحسين الدغري وفريد بن تنفوس وعبد السلام منصور وأحمد بلعيفة وصالح مطيبع وفوزي اللومي ويرأسها الشاذلي العياري. لكن أسباب تراجع الإستثمار باتت معروفة فهي تتعلق بتدهور المناخ العام في البلاد نتيجة الإحتقانات المستمرة بين الدولة والقوى الحية في المجتمع وغياب الإعلام الحر وقلة الشفافية مما جعل كثيرا من المستثمرين يستنكفون من المجئ إلى بلادنا ويتوجهون إلى البلدان المجاورة التي بدأت تسلك مسلك الإنفتاح.   (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 362 بتاريخ 2 جوان 2006)  


 بورقيبة مُصادر؟   مازال كتاب « دراسات في الفكر والسياسة البورقيبية » للدكتور عبد الجليل التميمي الذي طُبع وسُلم للإيداع القانوني منذ سنتين من دون إذن بالتوزيع إلى حد الآن.   كما نشير إلى أن كتاب « تساؤلات حول مجتمع المعرفة والمؤرخين والبحث في البلاد العربية » سُلم أيضا للإيداع القانوني منذ أكتوبر2004 ولم يُسمح بتوزيعه حتى اليوم.   أما كتاب « الرقابة الفكرية في البلاد العربية » فمضى على تسليمه للإيداع القانوني … خمسة أعوام، وربما استبقاه السادة الرقباء عندهم لأنهم يعشقون رؤية صورهم في المرآة.   (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 362 بتاريخ 2 جوان 2006)


مكتب تنفيذي   عقد المكتب التنفيذي للفيدرالية الدولية للصحفيين اجتماعا بكامل اعضائه مؤخرا ومن القضايا التي تناولها أوضاع هياكل الصحفيين بتونس. وجدير بالذكر ان نقابة الصحفيين التونسيين ( وهي عضو في الفدرالية ) وجهت مذكرة إلى أعضاء المكتب تطرقت فيه لما يتعرض له أعضاؤها من مضايقات ومنع من مزاولة العمل الصحفي وممارسة النشاط النقابي.   (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 362 بتاريخ 2 جوان 2006)   صحف ممنوعة   تزامن الهجوم على الرابطة والمحامين مع مصادرة أعداد مختلفة من الصحف العربية والأجنبية ومنعها من التداول في تونس مثل القدس العربي ولوموند ولوفيغارو وليزيكو لأنها نشرت أخبار عن المستجدات التونسية.   (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 362 بتاريخ 2 جوان 2006)   فلسطينيون   يشتكي أفراد الجالية الفلسطينية في تونس من تطبيق اجراءات جديدة عليهم لم يعهدوها منذ مجيئهم إلى بلادنا سنة 1982 مثل دعوتهم لمراجعة مراكز الأمن في اماكن اقامتهم بعدما كانت السفارة الفلسطينية تتولى كل الإجراءات المتعلقة بالإقامة.   وفي سياق متصل يعاني الموظفون الفلسطينيون في تونس من توقف صرف رواتبهم منذ ثلاثة أشهر مما عقّد أوضاعهم بسبب غياب جالية فلسطينية في تونس تسمح بتشغيل آلية التكافل الاجتماعي.   (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 362 بتاريخ 2 جوان 2006)


 

عم علي بن سالم يحدثنا

 

حديث عبر الهاتف مع شيخ المناضلين التونسيين السيد علي بن سالم، رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في بنزرت.

 

ا(المصدر: موقع pdpinfo.org بتاريخ 7 جوان 2006)


 

 

الأستاذ محمد النوري يتحدث للجزيرة

 

الأستاذ محمد النوري يتحدث للجزيرة عن واقع الإنتهاكات التي يتعرض لها المساجين السياسيين في السجون التونسية. (تاريخ البث: 2 جوان 2006)

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org بتاريخ 7 جوان 2006)

 

 
الدكتور فتحي التوزري لـ »الموقف »:

تضخيم مظاهر العنف و الجريمة لتبرير التواجد المكثف للأمن

شدد الدكتور فتحي التوزري الباحث والأخصائي في علم النفس في حديث لجريدة « الموقف » على أن الجريمة أنواع فهناك العنف الجسدي والذي قد يصل إلى القتل وهو أكثر أنواع الجرائم بروزا في وسائل الإعلام وهناك جرائم أخرى اقتصادية ومالية قد لا تحظى بنفس التغطية أو « الاستغلال » في وسائل الإعلام. فعادة ما يقع التركيز في تلك الوسائل على الجرائم الصغرى مثل قضايا النشل والسرقة وبدرجة موازية الجرائم العنيفة وهو ما يجعل الناس يعتقدون أن هناك ارتفاعا في عدد تلك الجرائم بالمقارنة مع القضايا الأخرى. إلى جانب ذلك فإن وسائل الإعلام عادة ما تقوم بالتركيز على الجرائم التي تصدم الرأي العام مثل جرائم الاغتصاب الجماعي والقتل وغيرها.   و عن الإحصاءات قال التوزري أن المتوافر منها يبرز أن 70 في المائة من الجرائم المنشورة أمام المحاكم التونسية هي جرائم نشل وسرقة تليها في الترتيب الجرائم العنيفة كالقتل ثم جرائم المخدرات … وأضاف أن الجرائم الشنيعة لا تعكس الوضع الحقيقي للجريمة والعنف في أي مجتمع، وهي اختزال خاطئ لذلك الوضع. وأشار إلى أن هذه القضايا قد يقع استغلالها سياسيا ففي الدول الغربية مثلا تعتبر مسالة الأمن مسالة سياسية بالدرجة الأولى وكثيرا ما يقع استعمالها في المعارك الانتخابية وتلعب وسائل الإعلام دورا كبيرا في هذا المجال.   وبالنسبة للدول النامية فيقع استغلال القضايا الأمنية وتضخيم عددها من اجل تبرير الوجود المكثف للأمن بالشارع وتستخدم في ذلك التغطية الإعلامية المكثفة لحالات الجريمة والعنف مما يخلق الانطباع بارتفاع اعدادها.   الأسباب   ويشرح التوزري الأسباب التي تدفع بالشباب إلى عالم الجريمة وتلقي بهم في أحضان العنف فيقول « إن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تلعب الدور الأهم في دفع هؤلاء الشباب إلى عالم الانحراف. فـ 40 بالمائة من الشباب عاطلون عن العمل وما بين 250 ألفا و300 ألف طفل تقل أعمارهم عن 18 عاما منقطعون عن الدراسة، وهذه دوافع قوية لدخول عالم الجريمة (نسبة الرسوب في مدارس سيدي حسين بالسيجومي تبلغ 40 في المائة مقابل 5 في المائة في مناطق مثل المنزه أو المنار). ويضيف التوزري « من تلك العوامل التهميش الذي تعرفه الأحياء الشعبية أو ما يعرف بالأحياء الصعبة حيث ترتفع نسب البطالة والانقطاع المدرسي إلى مستويات كبيرة، وحيث لا توجد وسيلة أخرى لإثبات الوجود في تلك الأماكن بغير طريق العنف ».   السلطة وظاهرة العنف   وقال الأستاذ التوزري عن طريقة معالجة السلطة لظاهرة العنف أنها مرت بثلاث مراحل : الأولى تميزت بإصرار السلطة على رفض الاعتراف بوجود العنف بجميع أنواعه، وفي مرحلة ثانية وأمام تضخم الوضع بدأت بالتراجع شيئا فشيئا، فاعترفت بوجود بعض العنف الذي يمارس على المرأة ثم أقرّت بوجود العنف بالوسط المدرسي وبعدها بدأت تتحدث عن العنف ضد الطفل. والملاحظ أن هذا الإقرار جاء نتيجة ضغوط مؤسسات دولية كمنظمة الصحة العالمية واليونيسيف. أما بخصوص العنف داخل المؤسسة السجنية وداخل مراكز الإيقاف فلا وجود لأي اعتراف أو إقرار بوجودهما كما لا توجد أية آلية لمتابعة أوضاع المتضررين من مثل تلك الممارسات .   (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 362 بتاريخ 2 جوان 2006)  

نــكــبـــات   كلّ الصحف العربية تقريبا كتبت عن ذكرى النّكسة… فمنها من شتم إسرائيل ومنها من قال على العالم العربي أن يشتم نفسه. وكتبوا أشياء أخرى كثيرة عن يوم الخزي والعار. وبكى بعضهم طويلا على أطلال عهد الرجال الأحرار. ولست أرى داعيا للكتابة عن هذا الموضوع بعد فوات الأوان… فكلّ أيّام العالم العربي صارت الآن أيام 5 جوان.   محمد قلبي   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 8 جوان 2006)  


احتست الخمر وعنّفت والدها

 

احيلت مؤخرا على انظار الدائرة الجناحية 16 بمحكمة الاستئناف بتونس متهمة في العشرين من عمرها احضرت موقوفة لمقاضاتها في قضية اعتداء بالعنف الشديد على السلف. وكان والدها قد سجل ضدها شكاية الى السلطات الامنية بمنوبة وذكر انه تعرض للضرب من طرف ابنته الوحيدة حيث انها احتست كمية من المشروبات الكحولية صحبة مجموعة من اصدقائها وعادت الى المنزل في حدود الفجر ولما عاتبها انهالت عليه ضربا وكانت ابتدائية منوبة ادانتها وقضت بسجنها مدة سنة. وبمثولها امام محكمة الاستئناف بتونس عبرت عن ندمها وقدم والدها مطلب اسقاط فقررت المحكمة ايقاف المحاكمة بالنسبة لجنحة الاعتداء بالعنف على السلف وقضت بسجنها 15 يوما بالنسبة للسكر الواضح.   مفيدة   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 8 جوان 2006)

 

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين

عن سانتوس والوريمي والجنسية

عبد الحميد الحمدي ـ الدنمارك تنطلق يوم الجمعة مباريات كأس العالم 2006 في ألمانيا وهي مناسبة للتعريف بلاعبي الفريق القومي التونسي ممثل القارة الإفريقية في هذه المباريات. وسوف أخص بالذكر أشهر لاعبي المنتخب وأكثرهم قدرة على لفت الانتباه وأعني به سانتوس وما أدراك ما سانتوس.
سانتوس اسم برازيلي وهبه الله قدمان سحريتان وقدرة فائقة على ملامسة الكرة بطريقة تسحر العقول، وتلهب مشاعر الجماهير التواقة دوما إلى هذه اللعبة الشعبية المسماة بكرة القدم. بالنسبة لي من جيل مواليد النكسة جبلنا على الوله بكرة القدم حتى وإن كنا قد حرمنا منها في طفولتنا وعوضناها ببالونات مقلدة نصنعها من بقايا الثياب المهترئة نحاكي بها لمسات تميم الحزامي ونجيب غميض وحمادي العقربي وطارق ذياب وغيرهم من الأسماء التي صنعت مجدنا الكروي في البرازيل عام 1978. ولأن جيل تميم الحزامي الذي تحدثت عنه قبل قليل قد ذهب وجاءت أجيال العولمة الجديدة على نحو غيبت سحر الكرة وجاذبيتها التقليدية عندنا، لذلك كان اسم سانتوس يحمل في ثناياها بقايا سحر تلك النخبة التي أوصلتنا إلى البرازيل.
كانت أياما ـ سقاها الله ـ حلوة جميلة نفتش فيها في أزقة حينا عن بيت مرفه يسكنه تلفزيون بالأسود والأبيض نتسمر حوله كل شباب القرية لمتابعة مباريات نهائيات البرازيل 1978، بل وحتى نهائيات المباريات الوطنية. وأذكر كم كنا نحن أبناء الحي الواحد رغم صغر سننا نختلف ونتخاصم في تقييم آداء الفرق واللاعبين. وللتاريخ فقد تقاسم ودنا فريقان أحدهما يحمل اللونين  الأبيض والأحمر أما الآخر فيحمل الأصفر والأحمر، هذا الأخير وأعني به الترجي الرياضي التونسي الذي فاقت شهرته تونس، هو الذي جلب سانتوس إلى ربوعنا الخضراء فاختطف بلمساته السحرية للكرة وحركاته الرياضية المتقنة عقول وألباب عشاق كرة القدم.
سانتوس ولد في البرازيل ولعله لم يهوب ناحية المدرسة فقط تمكن من صقل مواهبه الطبيعية فقادته قدماه إلى عرض تنازل بموجبه عن وطنه الأم وأهدى نفسه لتونس الخضراء يرفع علمها في أشهر لعبة شعبية عالمية، ونصفق له نحن المولعون بالفنيات الكروية.
سانتوس ـ ولست أدري إن كان قد أتقن اللغة العربية أم لا أو حتى اللهجة التونسية المحكية وتشبع من عاداتنا وتقاليدنا ـ يقود هذه الأيام فريقنا القومي مع نخبة كروية مقتدرة من أبنائنا إلى ألمانيا بعد أن تم تعديل كل أوقات العمل والدراسة وامتحانات نهاية السنة على دقات مباريات الملاعب الألمانية.
وشبيه بسانتوس البرازيلي الأصل بالقدرة على الإبداع وصقل المواهب وتوجيهها فكريا لا فيزيولوجيا، كان الوريمي العجمي أصيل منطقة سوسة الساحلية ينهل من كتب فلاسفة اليونان وفلاسفة عصور النهضة المسلمين والغربيين، وإذا أردت فاسأل عنه كل من عاصره من رواد كلية الآداب في منوبة أو في 9 أفريل التي طرد منها باتجاه المغرب الأقصى حيث أنهى دراساته الجامعية بتفوق شهد له به خصومه قبل أصدقائه.
سانتوس برازيلي أعطي الجنسية التونسية ليدافع بقدمه عن سمعة تونس ومجدها الكروي، بينما تسحب الجنسية الإنسانية من الوريمي العجمي ويلقى في قعر مظلمة ما دام حيا، لأنه أراد أن يدافع عن سمعة تونس وانتمائها الحضاري بفكر وقاد ثاقب.
لم أتعرف شخصيا على سانتوس  ولا على الوريمي العجمي، ولكني تابعت عبر الشاشة المصغرة والمواقع الالكترونية آداء كل منهما في مجاله الخاص فقد كانا بحق يمثلان الشخص المناسب في المكان المناسب، لكن الأول التونسي المقلد الآن في ألمانيا في فنادق 5 نجوم، أما الآخر التونسي الأصل ففي غياهب السجون تمزقه أمراض سنوات العقد والنصف العجاف التي قضاها متنقلا بين المعتقلات التونسية وقد كادت عيناه تبيض من شدة الحزن على فقدانه لوالده دون رؤيته، بل إن ذاكرته قد حفظها الله، رغم محاولات تغييبها في دهاليز الداخلية وأساليب تعذيبها.
بالنسبة لي كمؤمن بالله أعتبر حفظ ذاكرة الوريمي من التلف والضياع إنما لحفظه لكتاب الله تعالى الذي تعهد الله بحفظه، فبحفظه وتكراره لكتاب الله داخل السجن حفظت ذاكرته.
كان الوريمي من الرعيل الأول من أبناء الحركة الإسلامية ـ لعله أشبه ما يكون في حركيته وصدقه بتميم الحزامي وطارق ذياب مع الفارق طبعا في الاختصاص والاهتمام ـ الذين حافظوا على طهورية ونقاوة الأسلوب فتجاوز بذلك عن ذاته وقدم نفسه في سبيل فكرة ومبدأ اعتقد أنه لله وحده، رافضا الهروب من أرض المعركة ـ معركة الصراع على الهوية ـ وهو ما تيسر لكثير من إخوته، فدفع الثمن غاليا أن يعيش مدى الحياة بين أربعة جدران تنهشه الوحدة والعزلة وتبدل الأحوال، وقبل أن أعود لسانتوس ورفاقه الذين حطوا الرحال بألمانيا داعيا المولى عز وجل أن يكون في عونهم لرفع صورة تونس في هذا المحفل الدولي، أهمس في أذن الكاتب اللامع الأستاذ برهان بسيس لعله يذكر مناظراته الفكرية مع زميله العجمي الوريمي في كلية الحقوق أو في كلية الآداب فيذكره بخير عند من يملك قرار فك أسره لعل قلبه يلين فيسمح للوريمي أن يعيش ما تبقى له من العمر تحت الشمس لا خلف القضبان وبين أهله لا بين الشواذ. أدعو الله العلي القدير أن لا يأتي يوم الرابع عشر من هذا الشهر حيث ستكون أولى مباريات منتخبنا الوطني إلا وقد تم تحرير سانتوس الوريمي السجين والمريض هذه الأيام ليتابع آداء فريقه القومي في نهائيات ألمانيا « فمن عفا وأصلح فأجره على الله. صدق الله العظيم
 


 

بسم الله الرحمن الرحيم

ربع قرن من العطاء و الصمود

 رشيدة النفزي

 

 يمرّ  ربع قرن عن إعلان تأسيس حركة النهضة التونسية . قضتها بين السّجون و مقاومة الظلم و الاستبداد من عهد إلى عهد.و لكنّها لم تتخلّ أبدا عن مبادئها و لا عن نصرة الحق و الوقوف إلى جانب قضايا الشعب. سعت منذ تأسيسها لتركيز المنهج الوسطي  بعيدة عن المغالاة و رفض الآخر، في غياب مؤسسات دينية فاعلة إجتماعيا تحفظ الهوية  مثل الزيتونة.فاستطاعت أن تُرجع للدين عزّه ، تساهم في تأطير الصحوة فكانت صمّام أمان ضد التطرف الفكري، و دعما للتّعايش السلمي بين أهل البلد الواحد بمختلف شرائحه، شعارها في ذلك الخطاب الربّاني « و كذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا… »البقرة 143

 

توجهت إلى الشباب و نشلته من الغفلة  و اللامبالاة فأحيت فيه الشعور بالمسؤولية ، و وجهت قدراته لخدمة دينه و بلاده.   حتى عجّت المساجد به  فتكوّنت حركة تلمذيّة رافضة للظلم واعية بدورها في الحياة  .

 

 توجهت كذلك  إلى المرأة  التي وجدت نفسها ممزقة، بين عرف متحجّر يُحّرم كل شيء، و بين فكر غريب  يريد أن يقطع أوصالها عن دينها و  هويتها، ليزج بها عنوة تحت وصاية جديدة،  مغطاة بشعار الحرية حرية الاستواء، فيجبرها على التّخلي عن لباسها التقليدي الساتر لها،  و تعرية شعرها عنوة ليلحقها (بالحضارة) المزعومة. كل يجذبها تارة و يرسلها أخرى، إلى حيث لا تدري بدون وعي و لا اختيار منها.

 

فقدمت لها بديلا يصون كرامتها ويرشدها إلى دورها  الحقيقي بوعي و مسؤولية ، شعارها في ذلك قوله تعالى. من عمل صالحا  من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة و لنجزينّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون.النحل97… يخاطب عقلها و وجدانها معا.  و ردّ لها الاعتبار  من حيث أنها عنصر أساسي و لازم في المجتمع، و أن تخليها عن دورها ساهم في تأخر أجيال و أجيال،   و أن  خصوصيتها كأم و زوجة ما كانت أبدا لتعفيها من تحمّل مسؤوليتها في الحياة، و مشاركتها في كل مجالاتها ،في توازن يجعل من تلك الخصوصيات  عامل إضافة، و تنوع في أدائها في المجتمع لا عامل شدّ إلى الخلف .

 

توجهت إلى الجامعة فكانت عامل إثراء و توازن، من حيث أنّها ركزت على توحيد الطلبة، و ساهمت في توجيه اهتماماتهم إلى قضاياهم الحقيقية، و قضايا شعبهم، بعيدا عن الاتهامات و النزاعات و إضعاف بعضهم البعض. و  أرست البديل في احترام المخالف و النظر إليه من زاوية أنه شريك ضروري و لازم في التصدي للظلم و  النهوض بالبلاد.

 

توجهت إلى المجتمع بأسره فساهمت في رفع الحصار عن التدين الصحيح ، و رفعت عنه قيود الجمود و الاقامة الجبرية التي فرضها عليه العهد السابق و اللاحق المعادي للدين ،  فقامت بمصالحته مع دينه و هويته، و أعطت الوجه الصحيح للتدين تحت شعار « الدين المعاملة « .  و تطبيقا للخطاب الرباني كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف  و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله(110 آل عمران) و المساهمة في كل قضايا المجتمع يد بيد مع العبادة، تقهر الظلم و تنشد العدل و القسطاس للجميع ، مع من اتفق معها على الحرية للجميع، تتواصل مع من يخالفها، جماعات وأفراد ،إسلاميين و غيرهم، قصد توجيه همّتهم لخدمة قضايا الحق و العدل و الحرية في وحدة تقويهم أمام من يملك وسائل القمع و لايملك الثقة في منهاجه .

 

تقيم أعمالها و تقف على أخطائها في كل مرحلة من مراحلها و تستشرف و تراكم و ليس في ذلك ما تستحي منه.

 

و لكن النظام ضاق ذرعا بهذه الحركة و منهجها و لما لم تفلح سياسة التشويه أضاف إليها سياسة التنكيل بكل كوادرها و أعضائها و أنصارها.  و لم يجد حلا إلا الزّج بهم في السجون لقطع الطريق عن بناء تونس و تعميرها. مستعملا في ذلك سياسة فرق تسد مع المعارضة للاستفراد بها واحدا تلو الاخر ،  يحرك نقاط الاختلاف الفكري و الإيديولوجي بينهم لدعم الفرقة و توسيع الهوة بينهم إضعافا وتشتيتا . و كأن المطلوب من المعارضة أن تكون حزبا واحدا يجب على مقتضاه إعادة النظر في الأفكار، لا مجرد الالتقاء على محاور أساسية و مشتركة ،و ضامنة لحق الاختلاف و حريته.

 

فكانت النتيجة أن قضى أبناء الحركة و مناضلوها مددا طويلة بين المخافر و السجون و المنافي بأحكام قاسية، وصلت حدّ الاعدام و الحكم والمؤبد « من  المؤمنيـن رجال صادقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر   الأحزاب23

 

فتحية لكل الأبطال الذين تركوا الدنيا و ما فيها و نصروا الله و رسالته و صبروا و صابروا و رابطوا و ما بدلوا تبديلا. و هنيئا لشهدائنا الأبرار الذين سقوا الدعوة بدمائهم و عاشوا لقضايا العدل و الحق و لم يتولّو ا . و تحية لعائلاتهم و زوجاتهم و أمهاتهم الذين صبروا و صمدوا و لم يستجيبوا للمساومات و لا للتهديدات و التعذيب و كانوا لأبنائهم و بناتهم الممتحنين خير خلف، و  للمظلومين خير نصير ،و لم تنهكهم التضييقات و التعذيب و التنكيل، بل عارضوا استبداد النظام و ظلمه و هم بين يديه و لم يهنوا، و لم يردّوا سهامهم إلى الحركة و لا إلى الأشخاص .

 

و هنيئا لكل الأحرار في تونس داخل السجون و خارجها: منظمات و معارضة و أفراد صحافيين و محامين  و غيرهم من الذين ناصروا قضايا الحق و العدل، و ساهموا في كسر جدار الصمت على جريمة التعدي و الانتهاك و الإبادة  للدين و الأعراض و الأرواح في تونس،  و انخرطوا في حركة رفض و إباء و تحدي للظلم و لم يبالوا . و تحية خاصة لأبطالنا داخل السجون و خارجها الذين استماتوأ في الذود عن حرمات الله تعالى ببقايا أجساد و بهمم شامخة، و أعلنوها صرخة مدوية من تحت أقبية السجون و من بين القيود الحديدية :أن لا لهتك الأعراض و زهق الأرواح…. و لا لتدنيس القرءان الكريم..

 

  فمن يناصـــــر…… و من يجــــــــيب؟؟؟؟؟؟؟؟؟

 

و لو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهُدمت صوامع و بيع و صلوات و مساجد يُذكر فيها اسم الله كثيرا و لينصرنّ الله من ينصره إنّ الله لقويّ عزيز.(الحجّ 39 

 


 

يارجال الأمن التونسي.. المركب يغرق..

فـلحساب من تظلمون الناس..!؟
محرر صفحة 18 أكتوبر
1- أنتم الوجه الأقبَح ـ الذي تنعكس في ملامحه أسوأ درجات اللؤم والغدر والإجرام ـ لهذا الحكم القبيح ..! وأنتم القفّازالقذر، الذي يلبسه عند ممارسة الأعمال القذرة بحقّ أهلكم وشعبكم ..! وأنتم سَوطه الذي يجلد به أجساد مواطنيكم ، وسيفه الذي يقطع به رؤوس الناس ، من أهلكم وأصدقائكم وجيرانكم وزملائكم ..!
2- فـلحساب مَن تعملون !؟ ولمصلحة مَن تسخّرون أنفسكم مطايا ذليلة ، وأجَراء محتقَرين ، في هذا المستنقع الآسن !؟
•   لحساب الوطن ومصلحته !؟ : إذا قلتم: (نعم) ، زدتم احتقاركم لأنفسكم ، واحتقار الناس لكم ، لأنكم تعلمون أنكم تكذبون ، والناس في بلادكم يعلمون أنكم تكذبون ..!
 
فأيّ وطن هذا ، الذي تخدمون مصلحته بهذه النذالات ، التي تمارسونها باختياركم، أورغماً عنكم ـ بموجب الأوامر الصادرة إليكم ـ !؟
•   لحساب أنفسكم ، ومصلحة أبنائكم ونسائكم !؟ : إذا قلتم: (نعم) فأنتم جهلَة حمقى مخدوعون ..! فأيّة مصلحة لكم ، أو لأبنائكم ونسائكم ، في هذا المال ، الذي تأخذونه لقاء ماتمارسونه من جرائم بشعة بحقّ مواطنيكم ، من مداهمات واعتقالات وإهانات، ومن حبس وشتم وتعذيب ..! حتى لو كان هذا المال يَعدل مال قارون ..! فكيف به إذا كان لايسدّ حاجات البيوت ، للأكثرية الساحقة منكم ، من ضباط وصفّ ضباط وأفراد ، ومدنيين..!؟ ومَن يعجز راتبه عن سدّ حاجته ، يلجأ إلى المال الحرام ، الذي ينهبه من الناس ، غصباً أو ابتزازاً ، وهو نار تحرق من يأكلها ، في الدنيا قبل الآخرة..! / ومَن يظنّ أن عمله هذا ، يحقّق له نوعاً من الوجاهة أو الهيبة ، فهو أبله مغرور، لايعرف معنى الوجاهة ، ولامعنى الهيبة ..! لأن الناس لاينظرون إلى هذه المهنة ، إلاّ نظرة الكره والاحتقار، لها وللعاملين فيها ، بسبب الأذى الدائم ، الذي يصيبهم ممّن يعملون فيها ، حتى لوكان بعضهم شريفاً كريم الطبع ، مخلصاً في عمله ..! لأن الإخلاص في العمل ـ في هذه الأجهزة ـ في ظلّ هذا الحكم الفاسد المجرم ، هو بحدّ ذاته فساد وإجرام ..! إذ هو ـ بالضرورة ـ وبالٌ على الناس الذين يعتبرهم النظام المجرم أعداء له ، ويكلفكم بملاحقتهم وحبسهم وتعذيبهم ، وربما قتل بعضهم تحت التعذيب ، من ضربات سياطكم ، أو ركلات نعالكم ..! وينعكس هذا كله، على سمعتكم عند الناس ، وعلى مستقبل أولادكم بين أبناء جيلهم ، ويسجل في صفحات أعمالكم ، لتحاسَبوا عليه يوم القيامة..! فأيّ شرف هذا ، لكم ولأولادكم وأحفادكم..! وأيّ ثواب هذا ، الذي تنالونه في الدنيا والآخرة ، من هذا العمل الإجرامي القذر..!؟/.
•   لحساب النظام الحاكم !؟:
–  لو قلتم : (نعم ) ، لكنتم صادقين ! حتى لوكانت نيّاتكم الحقيقية ، هي أن تخدموا انفسكم وأسَركم ..! لأنكم ـ أنتم وأسركم ـ لاتستفيدون إلا الكره والاحتقار من الناس ! أمّا النظام الذي يوظّفكم ، ويسخّركم لأذى الناس ، فسرعان مايتخلىعنكم، ويخلعكم من مواقعكم ، كما يَخلع الحذاء البالي من قدميه ، ثم يلقي بكل منكم في المكان الذي يراه مناسباً له ! سواء أكان هذا المكان قبراً ، أم سجناً ، أم مَنفى ، أم سلّة مهملات..! وهاهي ذي الأمثلة الحية ، تمرّ من أمامكم ، بين حين وآخر، من رؤسائكم الكبار.. وممّن يَـلونهم ، حتى أدنى رتبة ..! لاتشفع للكبير نياشينه ، ولا للصغير ضآلة شأنه..!
–  ولو قلتم : (لا.. لانعمل لحساب النظام الحاكم ومصلحته).. لكنتم أيضا صادقين! لأنكم  ـ بجرائمكم التي تمارسونها ضدّ أبناء شعبكم ، باسم النظام ـ تدمّرون هذا النظام؛ إذ تَنخرون الأساس الذي يقوم عليه بنيانه ! ولا يحتاج بعد ذلك ، إلاّ إلى هبّة ريح قويّة، حتى ينهارعلى رؤوسكم ، ورؤوس المجرمين حميعاً ، وهو يظنّ نفسه يحافظ على بقائه واستقراره ، بالجرائم التي يكلفكم بها ضدّ أبناء شعبكم ..! وإذا كنتم ـ أنتم وبعض كبار المجرمين في أجهزتكم ـ لاتدركون هذه الحقيقة ، فلا بدّ أن يكون في أجهزتكم بعض العقلاء ، الذين يدركون عواقب الظلم ، ونتائجه الكارثية على صانعيه، من كبار المجرمين وصغارهم..!
3- إن سفينة النظام المجرم توشك على الغرق ـ علمتم هذا أم جهلتموه ـ ..! وإن الناس الذين ظلمتموهم ، يعرفونكم واحداً واحداً..! فإلى متى تظلون ملتصقين بهذه السفينة البائسة البالية ، وتعرّضون أنفسكم لغضب شعبكم ، وللمحاكمات التي ستنصف منكم أصحابَ الحقوق ، الذين نكبتموهم في أفراد من أهليهم ، أو في أموالهم ،أو في كراماتهم..!؟ إن طريق التوبة مايزال مفتوحاً أمامكم ، وإن عودتكم إلى شعبكم وكرمه وسماحته ، خير لكم من التمادي في هذا الباطل الذي أنتم فيه ، تخدمون هذه الزمرة المجرمة الآيلة إلى السقوط..! ففكّروا جيّداً ، وباشِروا بخدمة شعبكم ، في مواقعكم التي أنتم فيها ، منذ الآن . فهي مواقع للوطن والشعب ، لا لعصابة المجرمين الذين دمّروا الوطن ، وأذلّوا الشعب..! وليبحث كلّ منكم عمّن يطمئنّ إليه ، ويثق به ، من أبناء شعبه في المعارضة الوطنية ، ويُعلِمه بأنه منحاز إلى صفّ شعبه ، وأنه مستعدّ للتكفيرعن جرائمه التي اقترفها بحق شعبه ، وتقديم المساعدة التي يستطيعها ، من موقعه الذي هو فيه .. وليعجّل في ذلك قبل فوات الأوان ، وعندها لن ينفعه الندم..! ونحن نعلم جيّداً ، أن فيكم مواطنين صالحين شرفاء ، يبجثون عن فرصة يثبِتون فيها ولاءهم الحقيقي لوطنهم وشعبهم ، من خلال عمل جادّ ، للتخلص من تسلّط هذه العصابة المجرمة..! كما نعلم أن فيكم ضعافاً ، استغلّت العصابة ضعفهم ، وسخّرتهم لاضطهاد شعبهم ، وإذلاله ، ونهب ثرواته.. وينتظرون الفرصة المناسبة ، للتخلص ممّا هم فيه ، من ضعف وذل وهوان ، والعودة إلى شعبهم الكريم الأبيّ ، ليحِسّوا معه، وبين أبنائه ، بالكرامة والإباء..! ( ولا تظنّوا كلمتنا هذه ، التي نوجّهها إليكم ، نوعاً من الحرب النفسية ضدّكم ! فالحرب النفسية لاتوجّه ضدّكم أنتم ، ولا نوجّهها نحن..! بل توجّه ضدّنا ، من قبل النظام المجرم ، الذي يوظّفكم في خدمته ، لمحاربتنا، ومحاربة كل مواطن حرّ شريف، يأبى أن يستبيح القتلَة واللصوص بلاده،  ويُذلّوا شعبه..! إن هذه الكلمة، التي نوجّهها إليكم ، إنّما هي نصيحة ، من مواطنين يحبّون بلادهم ، ويحرصون على أبناء شعبهم ، في سائر مواقعهم ، حتى لو ارتكبوا أخطاء أو جرائم بحق الشعب ، ماداموا قد قرروا التوبة عن جرائمهم ، ومناصرةَ شعبهم ضدّ العصابة الفاسدة المجرمة ، التي عاثت فساداً في البلاد ، وملأت نفوس الناس ألماً وسخطاً ، لكثرة ماصبّت عليهم من مآس وويلات..!) .
4- لقد كان بودّنا ـ علِم الله ـ أن نخاطبكم بلغة أرقى من هذه ، وأكثر تهذيباً ولطفاً..! إلاّ أن معرفتنا باللغة التي عوّدكم عليها رؤساؤكم في حديثهم معكم ، واللغةِ التي تستعملونها في حديثكم مع مواطنيكم ـ بحكم الأوامر الثابتة في أجهزتكم ، وبحكم العادة الطويلة المستقرة ، التي صارت عرفاً ـ .. هذه المعرفة بلغتِكم ، هي التي فَرضت علينا أن نخاطبكم باللغة التي ترونها أمامكم ، لأن فهمها واستيعابها أسهل عليكم ، وأقرب إلى نفوسكم التي تشرّبتْها إلى حدّ الإدمان ..! والقاعدة البلاغية تقول : (البلاغة هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال..!) . وتظلّ لغتناهذه ـ مع ذلك ـ أرقّ وألطف بكثير، من تلك  التي ألِفتموها وأدمنتموها..! ولعلّنا لو خاطبناكم باللغة المهذّبة ، التي ألزَمْنا أنفسنا بأن نخاطب الآخرين بها ، لتلفّت بعضكم إلى بعض في حَيرة ، وتساءلتم باستغراب وتعجّب:( ماذا قال آنفاً !؟).فاعذرونا على هذا الاستثناء، الذي لانلجأ إليه ، في العادة ، إلاّ مضطرين ، وبالقدر الذي تفرضه الضرورة ! ونسأل الله ، أن يعينكم على التخلص من لغتكم المعتادة لديكم ، في التعامل مع شعبكم، ويعيننا على التخلص من اللجوء الاضطراري ، إلى لغة لانحبّ مخاطبة مواطنينا بها..!
 ولقد أفردنا اللغة بفقرة خاصّة ، في خطابنا هذا إليكم ـ كما تلاحظون ـ ، لِما لها من أهمية بالغة، في التواصل بين المواطنين عامّة ، وفي تواصل أبناء الوطن مع أجهزة مصمَّمة لإذلالهم واضطهادهم خاصّة ! ومعلوم أن الكلمة الجارحة هي من أهمّ وسائل الاضطهاد والإذلال ، في نظر من يحسّون بقيمتها وخطورتها ، من أصحاب النفوس الأبيّة الكريمة..! جعلكم الله منهم في القريب العاجل..!   مقتطفات من مقال للكاتب السوري  عبدالله القحطاني   


 
أبو يعرب المرزوقي في منتدى الجاحظ الجزء الثاني  من محاضرته حول  

الهوية من منظور إسلامي في  عصر العولمة

 

           عرض و  تقديم الأستاذ جابر القفصي   3/ -الهويات  الكونية الاستبدادية  التي  تمحو الهويات الأخرى لاستيعابها بمنطق التاريخ الطبيعي ( البقاء للأقوى و ليس للأصلح) و هو تصور أوروبا  اليوم  القائم  على استيعاب المهاجرين ثقافيا بفرض هوية استبدادية ترفض التعايش بين هويات متنوعة و متعددة   و  تعتبر الهويات بالضرورة متتالية و متنافرة حسب رؤية داروين البيولوجية و رؤية  هيغل التاريخية. وهو تصور  يفضي بالضرورة إلى نهاية التاريخ  و  هو بالضبط ما تستعمله أوروبا قصديا  حيث تصنع هويات اختيارية  تفرضها على الشعوب و يجب أن يندمج  فيها  العالم  قسرا ( العولمة) ، بدلا  من اختيار شعوبا و قبائل تشترك في  صنع هويات مختلفة و متعايشة جنبا إلى  جنب.   4- هويات الكونية التحررية التي تحقق وحدة المتعدد و تعتبر الهوية أمرا  يصنع  خلال التاريخ ( بتوالي الشعوب التي تتمكن  من السيادة   أو بتعاونها). فهوية الحضارة الإسلامية توالت  عليها الأمم  الإسلامية  (العرب، الفرس،  المماليك ، الترك). و هذه الحضارة قد بناها الكردي  و الفارسي و التركي و العربي و البربري… دون أن يفقدوا هوياتهم و دون أن يشعروا  بأنهم  أجانب و غرباء بل  يعتبرون  أنفسهم  ممثلين للمسلمين( فالقائد  المصري مثلا محمد علي باشا هو أوروبي أسلم…).  و هذا يعني شيئا مهما و جديدا بالنسبة للطرح الغربي ، فهو يعني أن  القيادة الفكرية و السياسية  و  العسكرية ليست  محددة بجنس و لا بعنصر بل بكفاءة و محددات حضارية. و القرآن الكريم عرّف الهوية بصفات  عرضية أي كعلامات تدل على الانتساب إلى مجال حضاري  و لكنها لا تميز بين البشر و لا  تجعلهم في  صراع يفني بمقتضاه  بعضهم البعض  الآخر.
5- الهوية من  جنس الأدب الشعبي الذي ليس له مؤلف مثل رواية  » ألف ليلة و  ليلة »… و هي الهوية الفاعلة . فلقد  صنع القرآن الكريم بصنفه  (المكي الكوني و الحديث القدسي بوصفه علاقة مباشرة مع الإله الكوني المتعالي ) هذه الهوية الفاعلة  وحقق القرأن  المدني القومي و  الحديث العادي الهوية التحررية و كوّن مجموع هذه العناصر  الهوية  ذات المؤلف المجهول.    فالمفهوم القرآني للهوية هو  أنها قصة حضارية ، و  وظيفة المدرسة هي أن تقصها،  و خلال قصها  تتألف الرواية و تأخذ  شكلا واقعيا تاريخيا و يكون القاص هو البطل الذي يرتب الأحداث و يصنع الشخصيات و  يعطيها أدوارا.   3/  التأسيس الفلسفي
و يمكن حصره  في مستويين */ مستوى ميتافيزيقي  ( ما بعد الطبيعة)  ورثناه عن أفلاطون الذي يعتبر النوع  البشري  ثابت نظريا،  و عن  أرسطو الذي يعتبر أن النوع البشري ثابت في الواقع  ،  و  من هنا فإن دور الفيلسوف الملك (عند أفلاطون) هو صنع الهوية (صنع الأسماء أي الأفكار و  صنع الأحداث أي الدولة) و  وظيفة الدولة  هي تدخل السياسة و التربية لصنع الهوية  التي هي أشبه ما يكون ب » أبدوعة ثقافية » fiction  . */ مستوى  ميتاتاريخي ( الفلسفة  الحديثة) ورثناه عن أوروبا  ، بدأ  عندنا مع  الفارابي و إخوان الصفاء و  تطور وبلغ ذروته  عند الغرب حيث  يعتبر التاريخ الطبيعي هو المحدد للتاريخ الثقافي و كلاهما متطور  .  و هو بالتالي ليس مرجعية  لما هو بعده لأن غير الثابت لا يمكن أن  يكون مرجعية  و  عليه  نحن في حاجة إلى فكرة دينية ( العناية الربانية  أو الخطة الإلهية  حسب التعبير الهيغلي) التي تجعل التاريخ الإنساني  مفهوما و ذا معنى. و  النتيجة  أن  كلا المستويين يمكن أن يرد  إلى الحل الدارويني  إما بصورة  تتوقع حدوثه أو تتلو  حدوثه و في كلا الحالتين هنالك غائية.   4/ المنظور الإسلامي في ظرف العولمة
ما هي الشروط الرمزية لتحقيق التطابق بين الواقعي و الرمزي لتحقيق الهوية؟إن الفقه  و التصوف و الكلام و الفلسفة  و  التفسير كلها  تتنزل في هذا السياق( تحقيق التطابق بين الرمزي و الواقعي). إن القرآن الكريم له  مستويان  :  مستوى  النص  الذي يتلازم مع الفعل التاريخي (المتمثل في الدولة الإسلامية) فالقرآن  نزل منجما و هو بالتالي متساوق مع فعل و أحداث تاريخية. فالاهتمام بأسباب النزول لتفسير القرآن يعني – في مستوى معين – أن  هذه التجربة المحمدية هي تلخيص لتجارب سابقة (لأنبياء و رسل  و أقوام مختلفة) يقصها القرآن و  هي تجارب فشلت في تحقيق ما  يريد القرآن تحقيقه في التجربة الحديثة ( لذلك لم تكن خاتمة و نموذجية  و كونية).  إن محور الخطاب القرآني هو  فلسفة  التاريخ المقدس . و هي  هوية كونية  بدليل أنها في  الرمز  الأسمى للهوية(القبلة)  ليست في  حاجة إلى  قبلة  ( أينما  تولوا فثم وجه الله) و  لا  إلى مكان مخصص ( الأرض كلها مسجد) . فهي لا شرقية  و لا غربية  و في غنى  عن  قبلة  و عن حيز للتعبد .فالقبلة نظريا( لا  عمليا ) ليست من شروط العبادة  بل من شروط تنظيم الجماعة  في  فعل العبادة. و هنا لا بد من تصحيح خطأ تاريخي أن القبلة  الأولى  تاريخيا هي  بيت المقدس و القبلة الثانية هي مكة، فمكة  بنيت مع  إبراهيم و بيت المقدس  مع داوود و  هو من ذرية  إسحاق ابن  إبراهيم. فعودة  القبلة إلى مكة  هو عودة  إلى القبلة الأولى مثلما أن  الإسلام هو الأخير و لكنه في نفس الوقت  عودة  إلى الدين الأول بعد إزالة التحريفات ( إن الدين عند  الله الإسلام) . ذلك أنه إذا كان الدين الإسلامي دينا  كونيا  فهذا يعني بالضرورة أنه لا ينفي الأديان التي  سبقته بل هو ينفي التحريف. و  التحريف ليس شيئا  آخر سوى نفي الاختلاف الذي  يلغي للتعدد المؤدي ضرورة للتعارف.(يا أيها الناس إنا خلقناكم شعوبا و  قبائل لتعارفوا). فالتعدد هو مقصود للتنافس في الخير ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم).  و  لذلك نجد القرآن يعترف بحق اليهود و النصارى  في ممارسة طقوسهم و غيرهم  من الشر (  لا  إكراه في الدين). و لو لم يكن الأمر كذلك لما كان الإسلام كونيا  و لكانت  دعوة الكونية رمزيا غير صحيحة.   5/ الشروط الفعلية لتحقيق التطابق بين الواجب و الممكن   إن  مفهوم » الذمة » في الإسلام يعني أننا  مطالبون شرعا بحماية الأديان الأخرى ، لأن القرآن لم يشرع  الجهاد لمحاربة الأديان الأخرى  في مستواها الفردي ( حرية الاعتقاد) و الدليل على ذلك هو أن عم الرسول  (ص)  أبو طالب الذي كان الرسول في  حمايته و  اعتبر العام الذي مات  فيه عام الحزن ، مات كافرا و لم يحاربه الإسلام   بل بالعكس هو شرع الجهاد لسببين  : أولا: لحماية التعدد ( و  لو  لا دفاع الله الناس بعضهم  ببعض  لفسدت الأرض) وثُانيا :  لمحاربة الفساد في الأرض . و  الدولة الإسلامية هي ذات هوية تنفي أن تكون ملغية لغيرها من  الهويات. و من هنا تكون حرية العبادة  لأهل الذمّة  أمرا  واجبا احترامه على المسلمين. و  لكن كيف  أثرت الشروط الرمزية في الشروط الواقعية؟ إن الهوية في المنظور  الإسلامي القرآني هي الفطرة البشرية(كلنا  أبناء آدم). فهي هذا القاسم  المشترك الناتج  عن البنوة لآدم. و هي أيضا عقد contrat أي أنها تعاقدية اختيارية و ليست عرقية ،  فأي كان يمكن أن يصبح  مسلما و ينتمي إلى  الفضاء الحضاري الإسلامي دون أن يكون ذلك على حساب خصوصياته القومية. وهي أخير تتميز  بتأثير  بعد تاريخي في التاريخي، أي أنه يستمر حتى بعد زوال تلك الفترة التاريخية  التي بدأت فيها.  يعني هناك استمرارية و  تراكم و ليس هنالك  قطيعة و  تغير جذري ( النظرية الداروينية).  إن ابن تيمية  هو أول  من قال بضرورة التمييز بين القرآن  المكي ( الكوني  ) و القرآن المدني (القومي الإسلامي). و هذا التمييز مهم جدا لأنه يساعدنا  على  التمييز بين المثال و بين الرسوم ،  بين الأصل و بين النسخ أو  التجارب التاريخية. و كل مسلم يعتبر أن  الإسلام، أي جعل منه وثنية محنطة  في  مثال لا يتغير  . قد  تحقق بصفة كاملة في عصر النبوة أو الخلفاء… فهو قد  وثّن الإسلام و يصبح يعبد المثال و لا يعبد الجوهر . ذلك أن هنالك قاعدة فلسفية تقول أن  » الأعيان من المثال لا تستنفد المثال » و إذا  اعتبرناه هي إياه ( أي الأعيان هي المثال ذاته) صار وثنا. و نفس  الأمر ينطبق على الحديث القدسي (الذي  هو كوني  )  و الحديث  العادي  (  الذي هو  تاريخي  و لا يجب توثينه).    6/  أسباب أزمة الهويات  عندنا و  عند الغرب   إن هذه الأسباب مهمة و هي التي  ستجعل  من الحرب تقع على الأرض العربية. ذلك ان الحرب الأهلية العربية قد  صارت  حربا كونية ستحسم حتما صراع الهويات و لصالح المسلمين. و  يمكن أن ننطلق في البحث في  أسباب  أزمة الهويات من ابن حزم ( القرن الخامس هجري)  الذي صنف الملل و  قسم البشر بطريقة خاصة حسب موقفها من مسألة « الحقيقة ». فالبشر ينقسم إلى صنفين  » الصنف الأول  يقول بوجود الحقيقة و الصنف الثاني ينفي  ووجود الحقيقة. و  في الصنف الأول هنالك من يقول  [إن الوصول  إلى الحقيقة يتم عن  طريق العقل  و  من يقول بأن  الوصول إلى الحقيقة يتم عن طريق العقل + الوحي. و من هذا  الصنف الأخير الذي يؤمن بالعقل و  الوحي من يقول أن  الوحي  للجميع (في الإسلام  الاجتهاد و  تدبر القرآن  فرض  عين)  و  منهم  من  يقول أن الوحي هو لفئة معينة  اصطفاها الله  دون غيرها من  البشر  (  اليهود شعب الله  المختار) .  ففي النهاية نحن إذن  أمام نظرتين  متناقضتين متصارعتين ( صراع  الهويات)  : * نظرة المسلمين  الذين يعتبرون أن لكل أمة رسول بلسانها *نظرة اليهود و  أهل الكتاب الذين يعتبرون أن الرسل قد بعثت فقط لشعب  الله المختار و يعتبرون  أنفسهم متعالين  عن بقية  البشر  (  نظرة  عنصرية) الذي إذا ما أراد أن يتقدم و يتمدن فعليه  أن  يتبع ملتهم.   فالعالم وفق هذه المقاربة منقسم اليوم  حول رؤيتين عالميتين : –  الرؤِية الطبعانية ( ما بعد الحداثة) التي  لا تقول  بالحداثة و التي تعتبر أن الحقيقة  موجودة  عند شعب الله المختار و يجب فرضها ولو بالقوة  على العالم (الصهيونية الكونية) –         و  رؤية إسلامية معارضة للأولى  ، تعتبر أن الحقيقة  موجودة عند  كل الشعوب التي  عليها  أن تتعارف و أن تستفيد من بعضها البعض. (ما كان لبشر  أن  يؤتيه الله الكتاب و الحكم و النبوءة  ثم  يقول للناس كونوا عبادا  لي  و  لكن كونوا  ربانيين…)   7/معوقات انتشار و  تبلور الرؤية الإسلامية   إن هذه الأمور موجودة في الإسلام و أنا مرجعيتي  الأساسية اسلامية  إذ أنطلق من القرآن الكريم . و لكن لسائل أن يسأل  لماذا هذه  الموجودة في الإسلام لم توجد  في الواقع؟ الجواب لأن  هنالك عوائق كثيرة  ، يمكن تلخيصها  في ثلاث: */ أولا: تحول الصراعات المذهبية الفكرية في العالم الاسلامي إلى صراعات طائفية قبلية  سياسية و عسكرية  أحيانا. */ ثانيا: المؤثر التاريخي  الذاتي العرقي   الذي أتى  من  نظرية الدولة القومية الغربية  في القرن التاسع  عشر. فصار تحقيق الدولة هو  عودة إلى الشعوبيات */ ثالثا: عجز  المسلمين عن تحقيق المؤسسات التي  تحقق الواقع  من  الواجب .   يقول  الفيلسوف الألماني غيت Goethe  من خلال تحليله  لهاتين الآيتين (  و لقد بعثنا  في كل  أمة رسول…)  و (و ما أرسلنا  من  رسول إلا بلسان  قومه…)  أنه صلّلى الله عليه و سلم  يجب أن تحي البشرية مولده في الحادي عشر من  أفريل من  كل عام   لأنه أول من  اعترف بالتعدد و التنوع  و  حق الشعوب في  التميز و الاختلاف دون أن يؤدي ذلك  أن  الحروب و  التطاحن.
                                                                                ( انتهى)

 

واجبنا جميعا إنقاذ الرابطة

سفيان الأسود   الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان هي رابطتنا جميعا. إنها «مكسب وطني». قال ذلك الرئيس بن علي في أكثر من مناسبة. لقد آمن الرئيس بها منذ نشأتها، ودافع عنها وعن مناضليها في فترات التهديد الحرجة التي ظهرت في عهد سابق.   عندما نقول مكسبا وطنيّا، نعني بذلك أن الرابطة ليست شأن الرابطيين فقط، وإن كان لهم الدور الأول، إنما الرابطة هي شأن الجميع. لنا حق على الرابطة، وعلينا واجب تجاهها. لذلك نعتبر أن إنقاذ الرابطة واجب جماعي أيضا. وفي هذا المجال كذلك يعود الدور الأول للرابطيين. لكن علينا نحن دور آخر: المساعدة على الإنقاذ.   بعد حوالي 30 سنة من حياة الرابطة، كأن جرس التغيير بدأ يدق. الوضع الذي نشأت فيه لم يعد هو الوضع اليوم. كان المناخ السياسي متأزما، والتعددية السياسية منعدمة. كانت الرابطة الملجأ ربّما الوحيد، وعلى كل حال الملجأ الأنسب للنشاط السياسي.   اليوم لم يعد المعارضون السياسيون في حاجة الى ذلك. الأحزاب متعدّدة، والتنوّع كبير. بقاؤهم في العمل الجمعياتي فوّت على الأحزاب فرصة كسب «نشطاء» فاعلين. كما أن بقاءهم في العمل الجمعياتي فوّت على المجموعة الوطنية إثراء التنافس الديمقراطي.   أما الرابطة، فمن جهتها أيضا، لم تعد تتحمّل هذا العبء المتراكم على مرّ السنين. إتكاء المتسيّسين عليها عرقل عملها الإنساني. لم تستطع التخلص من صراعات السياسيين، ولا قدرت على التفرّغ لنشاط «الحقوقيين الإنسانيين».   إذا أردنا تلخيص هذه التحوّلات، نقول أنه حان الوقت اليوم لنخلّص الرابطة من التوظيف السياسي. علينا أن نمكّنها من القيام بوظائفها الإنسانية. نقول أيضا ان على الرابطة التخلي عن تنظيمها الفئوي، ومنهج عملها الصّدامي. نقول لها انه حان الوقت أن تنحى منحى استقلاليا فعليا، وأن تتبع منهج عمل تحاوري. بهذا فقط تستعيد المصداقية. بهذا فقط، تؤدي أدوارها بنجاعة.   دون هذا التحوّل، تنقلب الرابطة الى «مشكل»، في حين أنها أتت لحلّ المشاكل. تصبح هي الطالبة للحماية في حين أنها أحدثت لحماية الآخرين.   الجميع يتفق أن الرابطة سارت اليوم نحو المأزق. الجميع يعلم أيضا أن الخروج من المأزق، والعود الى الطريق السليم هو بين أيدي الرابطيين المخلصين دون سواهم. بعض القدماء حاولوا مساعدة الهيئة الحالية على تجاوز الأزمة. شخصيات أخرى قدمت مساعي حميدة. لكن الأزمة باقية، والجهود لم تسفر عن شيء جدّي.   اليوم نحتاج الى شجاعة الرابطيين الغيورين، ومبادرة القاعديين.   الوفاق الذي نشأت عليه الرابطة في 1997 انقلب بعد سنوات قليلة الى صراع. الفئات السياسية التي لم تلق الأحزاب للنشاط لم تغادر الرابطة بعد نشوء الأحزاب الجديدة. لم تقلع عن الاستضافة عند الرابطة رغم تنامي المشهد التعددي. «الزعامات» التي، الى اليوم، ترى نفسها أضخم من الأحزاب بقيت في دار الرابطة، لأنّها دار «مكيّفة مريحة». بقوا فيها لأنّها الطريق الأسهل للنقد، ولأنها الأداة الفضلى «للاتصال» بالخارج وللحصول على «تمويلات». في حين أن الأحزاب الناشئة تحتاج الى جهد والى نضالية، وأموالها الداخلية محدودة، ومن تبرّعات مناضليها ودعم المجموعة الوطنية. هذه الزعامات مستعجلة، في حين أن العمل الحزبي طويل النفس. هذه الحركات تترصّد الفرص السهلة في حين أن الأحزاب تتطلّب بناء فكريا وعملا مضنيا لكسب الرأي العام وللحصول على مواقع انتخابية.   قامت الرابطة في البداية على شخصيات مستقلّة آمنت بحقوق الإنسان. وحتى وإن تمّت مراعاة التركيبة السياسية للمجتمع في ذلك الوقت، ظل الحضور الشخصي هو السائد. لكن الرابطة سرعان ما انقلبت الى مزايدات طائفية وفاقية. ثم أصبحت تركيبة شبه فيديرالية «توازن» ـ بمكاييل خاصة ـ بين الحساسيات السياسية. لم تكن تركيبتها شبه الفيدرالية في ذلك الوقت الحل الأمثل. بل بالعكس، سيّست المنظمة التي كان من المفروض أن لا تسيّس. عرّضت المنظمة لهشاشة لاحقة لم تصمد أمام الحراك السياسي المعقد.   ما خشي حصوله حصل فعلا. عملت الرابطة زمنا طويلا بهذه التوازنات غير المستقرّة، وبمعادلات صعبة. ثم تركت التركيبة الوفاقية المكان لسيطرة المجموعات. اليوم نعيش سيطرة جماعة يسارية. في وقت سابق، برز «الإسلاميون». قبلهم برزت أطراف أخرى «ديمقراطيون اشتراكيون» وغيرهم. شهدت الرابطة طوال هذه المدّة أزمات احتكارية، لكن الرابطة لم تعش احتكارا وتأزما مثل ما حصل اليوم. لم تشهد تطرفا وتصلّبا، ولا تسيّسا بالمعنى الخطير للكلمة، مثلما يجري اليوم.   حصل الانزلاق بصورة مطردة. بدأت المجموعات السياسية في تقاسم المقاعد في الهيئة المديرة. ثم عمد أعضاء الهيئة المديرة الى تقاسم الأنصبة عند فتح الانخراطات الجديدة. ونحت البيانات في جلّ المناسبات منحى «سياسويا» اليوم تجاوزنا الحدّ وأصبحت هناك إقصاءات، أصبح هناك احتكار ومنع للانخراط. تم حلّ عدّة هياكل دون سند قانوني، بل لحسابات سياسية. تم رفض التقاضي، ثم تم رفض تطبيق أحكام القضاء. تصاعدت في مقرّ الرابطة رائحة المشاكسة والمزايدة. أدوار الرابطة، وبياناتها، لم تعد «إنسانية»، ولا «سياسية». أصبحت هذه المرّة «فوضاوية»، «عصيانية». تريد عقد المؤتمر بالقوة، في حين أن عدّة فروع استصدرت أحكاما قضائية تحول دون عقد المؤتمر. ترفض تصحيح الأوضاع في حين أن هياكلها في عديد الجهات تطلب هذا التصحيح وحصلت على أذون قضائية. ليس هذا كلامي، إنه كلام رابطيين عديدين أصبحوا على مرّ السنين ضحايا هذه السلوكيات.   أناس تقدموا للرابطة بشكاوى طالبين حلولا لشكاواهم، استخدمت شكاواهم لأغراض أخرى. كم من مواطن أصبح «ملف ضغط» بين أيدي بعض القيادات الرابطية، تُعقّدُ القضايا عمدا بدعوى استحالة الحوار مع السلطة، وتستخدم لأغراض سياسية. أما عن «الحصانة» التي صنعها النشطاء لأنفسهم، فحدّث ولا حرج. لا حدود لها ولا ضوابط. إذا مسكت بأحد خيوطها، ومارست عملا ضدّ أحدهم أو أحد مسانديهم ولو بصورة شرعية لا لبس فيها، تلتفّ حولك شبكة عريضة، لا تقدر على تخليص نفسك منها الا بترضيات وبتنازلات.   لا أقول أن كل القيادات الرابطية نحت هذا المنحى، ولا كلّ النشطاء تعسّفوا في الحق. لا أقول أيضا أن كل الرابطيين القاعديين سكتوا عن هذا الصنيع. إنما ظهرت حالات من السكوت، سبقتها مظاهر من الترهيب، أدّت بالرابطة الى الانزلاق، وانتهت بها اليوم الى التأزم.   وجدت أطراف أجنبية عديدة في هذا المشهد الرابطي مرتعا لخدمة مصالحها. كما وجدت بعض القيادات الرابطية في هذه الحماية استعداء وتقوية لها على الداخل، وطريقة سهلة مريحة للحصول على موقع سياسي. الهيئة الحالية وجدت التأزيم وضعا مريحا، لأنها بغياب المؤتمر الجديد، تواصل الجلوس في المقاعد.   حتى المعارضة عند هذه القيادات لم تعد معارضة لنظام. إنها أصبحت معارضة للوطن بأكمله. تواجدت هذه القيادات داخل الرابطة وفي أحزاب وتنظيمات سياسية أخرى حتى أنك أصبحت لا تعرف باسم من يتكلمون. وأغلب الظن أنهم أنفسهم «لا يعرفون» بأي اسم يتكلمون.   ما كانت الرابطة تؤول الى هذا الانزلاق ولا الى هذا التأزم لو كان عملها إنسانيا فعلا. ما كانت لتنحرف لو كان منهجها حواريا براغماتيكيا فعلا. ما كانت تدخل في متاهات لو كان غرضها إيجاد الحلول الإنسانية لا خلق المشاكل السياسية.   تعرف الرابطة أن ليس من صالح السلطة أن تتغافل عن أي تجاوزات. كما تعرف الرابطة أن السلطة تبحث دائما عن منع التجاوزات. فالتجاوزات تحصل في كل دولة، وتحصل في كل زمان، والتجاوزات إن استمرّت وتفاقمت، تنهك النظام ذاته. تعرف الرابطة جيّدا أن الحلّ لا يكون إلاّ بالحوار، ويكمن في موضوعية المعلومات، وفي مصداقية الملفات وفي نزاهة الوساطات.   لكن أين نحن الآن من هذا الحوار؟ كيف يحصل الحوار إذا كانت المطالب لا توجه الى السلطة، وإنّما توجّه الى الخارج؟ كيف يتواصل الحوار إذا لم يتم التحرّي من المعلومات، بل تحشر المطالب بالمغالطات؟ كيف يكون الحوار والبيانات الموزّعة لا تدعو الى التسوية، وإنما تدعو الى التشهير وتستعمل عمدا لغة استفزاز؟ كيف يكون الحوار، وهناك أوصياء أجانب على الرابطة يصدرون البيانات ضدّ تونس ويتكلمون باسم الرابطة التونسية ضدّ الحكومة التونسية؟   عالم حقوق الإنسان اليوم عالم غريب. شبكات رهيبة انتصبت. فيها ما هو إنساني دون شك، لكن فيها الكثير من السياسة. أموال طائلة تدور في هذا «الاقتصاد الجديد». مهن جديدة تبرز، «حرفية» تدرّس، «مهارات» تكتسب، مناصب عليا تفتح، جوائز عديدة وترقيات مربحة. تبادل مزايا، واستهداف مصالح. اقترنت «الصفقات التجارية» «بالحملات التشويهية». شبكات حولها شبهات، ومنظمات تمسكها حكومات، و»حقوق» خلفها «سياسات».   هناك اليوم «سوق جديدة» لحقوق الإنسان. «بورصات»، «تقييمات وترتيبات وشهادات». هناك «استراتيجيات للزعزعة» تحاك في بعض وزارات الخارجية الكبرى ووكالات الاستعلامات ومراكز التحليل الاستراتيجي. بعد انتهاء القطبية الثنائية، أصبحت استراتيجية تهرئة الأنظمة هي الأنسب، وأصبحت الإدّعاءات حول انتهاك حقوق الإنسان هي المدخل.   يجب أن لا يفهم من هذا الكلام أننا نتنكر لحركة حقوق الإنسان. أبدا. تونس انخرطت فيها، والرئيس بن علي أول من آمن بها. هي حركة عالمية جادّة. لكنها تنامت بصورة مذهلة، وضغطت بسرعة غريبة. لم توضع لها قيود مثل الحركات المعولمة الأخرى، ولم تقبل أن تخضع لرقابات. كل هذا مكّن من الاندساس. ساعد على التوظيف السياسي. أطلق العنان للتجاوزات. أفلتت عديد المنظمات الحقوقية من الرقابات.   ما تعتزّ به تونس وترتاح اليه اليوم، هو المجلس الجديد لحقوق الإنسان الذي أحدثته الأمم المتحدة. تعتزّ لأنها نجحت فيه، وهو مؤشر يعكس جدّية تونس ومصداقيتها. ترتاح إليه لأن المجلس الجديد سوف يعمل بالمبادئ التي تعلقت بها تونس وأدرجتها في الدستور، أي في أعلى هرم القوانين: ألا وهي شمولية الحقوق، وكونيتها. سوف يعمل المجلس أيضا على تجنب الأخطاء التي سارت فيها بعض المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان.   النظام الأساسي للمجلس الجديد يضع ثوابت نأمل أن تصبح «مدوّنة للسلوك» لحركات حقوق الإنسان:   ـ لا لتسييس حقوق الإنسان، ـ لا للانتقائية في التقييم ولا لسياسة المكيالين، ـ الحرص على «بناء القدرات» الوطنية لحماية الحقوق ولا البحث عن التشويه، ـ الحرص على التحاور مع الحكومات ومع مؤسساتها المعنية قبل الحكم عليها، ـ التثبت دائما، في مصداقية المنظمات المنتصبة للدفاع عن حقوق الإنسان، وفي موضوعية المعلومات التي ترسلها أو تشيعها.   رابطتنا إذا وضعت لحلّ المشاكل لا لتكون هي المشكل. ضحايا التجاوزات يطالبون بحلول، لا يريدون أن يكونوا أدوات للتعقيد. الرابطيون المخلصون يريدون رابطة «إنسانية» مستقلّة فاعلة، لا فضاء ضيّقا يتصارع فيه السياسيون.   رابطتنا «مكسب وطني» كما يقول الرئيس بن علي. نحن إذا مطالبون بالحفاظ عليه. نداء الإنقاذ يكون إذا نداء للجميع، نشطاء ومواطنين عاديين، سياسيين وجمعياتيين.   أقول للرابطيين أن لا حلّ لرابطتهم بدونهم. أقول لهم أنّ لا حلّ للرابطة دون مبادرة قويّة تنتزعها من مخالب السياسة، ودون عمل صادق يُعيد اليها استقلاليتها ونجاعتها. نريد طريقا جديدة لهذه المنظمة العريقة. طريقا يفضي الى محطات، لا زقاقا ضيّقا يفضي الى الانسداد. نريد منظمة تنتج الحلول، لا منظمة تبيع المشاكل.   الرابطة ليست ملكا تتقاسمه الأحزاب. الرابطة منظمة خارج الأحزاب. على هذا الأساس تصاغ مبادئها الجديدة. على هذا الأساس، يعاد نظام الانخراط فيها. على هذا الأساس تختار قياداتها، وعلى هذا الأساس أيضا، تتخذ مواقفها وتصدر بياناتها. لا نريد وصاية من الخارج. لا نريد تحالفات خفيّة. نريد استقلالا تاما. نريد منظمة وطنية صادقة، منخرطة في الحركة العالمية لحقوق الإنسان، تعمل معها بدون خلفيات سياسوية، في شراكة متكافئة فاعلة.   عندما تعود الرابطة الى المجتمع المدني، وعندما تبتعد عن المجتمع السياسي، يصبح الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان هو الهدف، ويصبح انتاج الحلول عملا سهلا، ويبرز الحوار مع السلطة المنهج الوحيد السليم.   أعرف أن هذه الكلمات لن ترضي بعض كبار النشطاء، الذين «استثمروا» الكثير في الرابطة، ولن يقبلوا التخلّي عن «المكاسب»، ولا التخلّي عن «المواقع».   لكني أعتقد أن هذا الخطاب سوف يلقى الصدى عند الرابطيين المخلصين. قد يتحمس بعضهم للتوجه الجديد. بهذا التوجّه تشق الرابطة طريقها الجديد. بهذا التوجه، تسير نحو النجاح.   كلنا وطنيّون، وكلّنا نعمل من أجل تونس، كلّنا ديمقراطيون وكلّنا نحبّ الحرية. كلّنا نقدس مؤسساتنا ونتمسك بقيمنا الجمهورية. لنمش إذا مع بن علي في طريق الحرية والديمقراطية ولندعم خطاه. لنسوّ معا الإخلالات إن وجدت، لنعالج التجاوزات التي تحصل، وليس ثمّة نظام خال من التجاوزات، لنفصل العمل الحزبي السياسي عن العمل الجمعياتي المدني، ولنحقّق البناء التعدّدي السليم. لنفصل بين الأدوار، وليساهم كل من موقعه في هذا البناء.   نريد من جهة، أحزابا تولّد الأفكار وتوسّع الخيارات أمام التونسيين. ونريد من جهة أخرى، جمعيات ترسّخ مواطنة المواطن، وتدفعه للمشاركة وللنضالية. ونريد فوق كل هذا وذاك، دولة مهابة، وقانونا يحمي الجميع.   (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 8 جوان 2006)  

نظام الارث فـي الاسلام والتسوية بين الذكر والانثى.

بقلم حسن الممي   موضوع نظام الارث والتسوية بين الذكر والانثى كان ومازال منذ عهود بعيدة موضوع جدل حاد ونقاش محتدم بين الفقهاء ورجال الدين من جهة وزعماء الاصلاح والحداثيين من جهة اخرى. وبقطع النظر عن الخلفيات السياسية والإيديولوجية فان لأيمة الشيعة واجتهادات فقهائهم أراء أدت الى التقليص من حدة الفارق بين الذكر والانثى في نظام الارث وهو ما يتماشى مع مقصد الشريعة الاسلامية على ما سنرى لاحقا. فالاسلام قاد ثورة تاريخية غيرت المفاهيم والتقاليد والعادات والثقافات التي كانت تسود عامة القبائل بالجزيرة العربية. إذ حبا المرأة بمكانة متميزة بالمجتمع الاسلامي. حمى الانثى من الوأد والقتل «واذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت» وعطى للانثى مركزها القانوني ونوه بمكانتها في المجتمع الانساني وخصص لها سورة كاملة من سور القرآن وهي سورة النساء التي تشتمل على مائة وخمس وسبعين اية (175) إضافة الى الايات الاخرى الواردة في العديد من سور القرآن. وقد كان استنادا لهذه المقاصد، مقاصد الشريعة الاسلامية، وتمشيا مع هذه المبادئ الاسلامية ان يهتدي رجال الدين والفقهاء تفسيرا أو تأويلا الى التسوية بين الذكر والانثى لكن تحجرهم وتزمتهم حال دون تحقيق ذلك حتى انبرى فقهاء الشيعة لهذا الموضوع فأبدوا اجتهادات استمدوها من منظّر الفقه الشيعي الامام جعفر الصادق رحمه الله فقسموا الوارثين ثلاث طبقات:   1) الابناء مهما سفلوا والاباء مهما عملوا   2) الاخوة والاخوات وابناؤهم   3) الاعمام والاخوال وكل طبقة سواء اكان افرادها ذكورا او اناثا تحجب ما بعدها اي تمنع كل اصحاب الطبقات التي بعدها الارث. ويذكر عمر فروخ في كتابه عبقرية العرب في العلم والفلسفة (المكتبة العصرية مبدأ بيروت – صفحة عدد 176) قائلا:   أولا: التنظيم والسهولة، أن هذا التقسيم بلا ريب سهل وهو ايضا منظم بمعنى انه لا تفاوت فيه بين حال وحال.   ثانيا: اتفاق نظرية الامامة حينما قال الشيعة ان الامامة لا تكون الا في ابناء علي بن طالب من «فاطمة» ابنة محمد صلى الله عليه وسلم مباشرة كان من المعقول ان يجروا الارث وهو بلا ريب اقل خطرا من الامامة هذا المجرى وعلى هذا اذا توفي رجل وخلف ابنة واحدة او اكثر من ابنة من غير ان يترك ذكورا ايضا فالبنت تحوز معظم التركة او هي تحوز جميع التركة بعد استخراج نصيب من كان حيا من الابوين والزوجين. اما المذهب السني فلا يعطي البنت الواحدة الا نصف ميراث ابويها ولا يعطي البنات اللواتي لا اخ ذكرا لهن سوى الثلثين بينما يعود باقي التركة الى اخوة المتوفى او اعمامهم او غيرهم من ذوي قرباه على درجاتهم.   ثالثا: صلة القرابة.. يرى الشيعة ايضا ان ابنة الرجل اقرب اليه من ابناء اخيه او ابناء عمه ولذلك كان من حقها ان تحوز ارث ابيها دونهم جميعا.   وقدكان استنادا لمقاصد الشريعة الاسلامية وحكمة تدرجها في تقرير الاحكام والمعاملات ان يهتدي الفقهاء ورجال الدين الى استنطاق النصوص القرآنية تفسيرا او تأويلا لاستنباط قواعد تفضي الى التسوية بين الذكر والانثى لكن تمسكهم بحرفية النص حال دون تحقيق ذلك. فنحن مطالبون الان امام المستجدات الاقتصادية الحالية الى الاقدام على اعادة النظر في نظام الارث لتحقيق التسوية بين الذكر والانثى ولو بتعطيل الاحكام الواردة في هذا الشأن على نحو تعطيل احكام حد السرقة وتعطيل احكام الرق وملك اليمين التي تم تعطيلها وتدل بكل وضوح على ما يتسم به الاسلام وتزخر به معانيه ومقاصده الواردة بكتابه الكريم من المرونة والحيوية والتأقلم مع منطق الزمن ومتغيرات ظروف الزمان والمكان.   وكان لصالح المسلمين ان يتفق فقهاء السنة وفقهاء الشيعة اذ لا يوجد خلاف جوهري بينهم عدا ما يتعلق بالامامة وعصمة الامام على ارضية مشتركة لاستنطاق النصوص واستنباط قواعد متحدة لاتخاذ مواقف حاسمة لتحيين الفكر الاسلامي ازاء الكثير من القضايا التي ما انفكت تشغل بال عامة المسلمين لكن النظرة القصيرة والاحقاد المستحكمة غشيت ابصارهم عن مصالح المسلمين بسبب خلافات أكل عليها الدهر ودخلت في ذمة التاريخ وادت الى هذه الاحداث الدامية التي نشهدها اليوم بكل اسف حتى في المساجد في بلاد الباكستان والعراق وغيرها من بلاد الاسلام مما جعلنا اليوم أكثر من اي وقت مضى نعيش عصر فتنة اشبه ما يكون بعصر الفتنة الكبري. وقد عكست هذه الخلافات مظاهر تزري بالمسلمين صورها علي الوردي رحمه الله في كتابه «مهزلة العقل البشري» صفحة 247 طبعة دار كوفان لندن الطبعة الثانية في الحادثة التالية التي اوردها في ما يلي : «وكنت اتحدث امام احد الامريكيين عن هذا النزاع الرقيع فيسألنا الامريكي عن علي وعمر هل هما يتنافسان الان على رئاسة الحكومة عندكم كما تنافس ترومان وديوري عندنا؟! فقلت له إنّ عليا وعمر كانا يعيشان في الحجاز قبل الف وثلاثمائة سنة وهذا النزاع الحالي يدور حول ايهما احق بالخلافة…! فضحك الامريكي من هذا الجواب حتى كاد يستلقي على قفاه وضحكت معه ضحكا فيه معنى البكاء… وشر البلية ما يضحك» ويذكر الكثير من المؤرخين أن الامام جعفر الصادق كان يميل الى الاعتزال اي اعتماد الرأي في تفسير الاحكام القرانية على غرار ما ذهب اليه ابو حنيفة الذي عاصر الامام جعفر الصادق وناظره في اشياء ولعله اخذ عنه شيئا ويظهر ان كلاّ منهما اثر في الآخر واستنادا لمقاصد الشريعة واعتماد اعمال الرأي أعرض أبو حنيفة عن التقليد والتمسك بحرفية النصوص قائلا ان الأحكام والاحاديث انما فيه وضعت او قيلت لفائدة الناس وتسهيل اعمالهم فاذا استجد للناس اعمال ومعاملات وجب ان نجد لهم احكاما لضبطها او لحل مشاكلها على غرار ما ذهب اليه الامام جعفر الصادق في اجتهاد للتخفيف من حدة الفارق بين الذكر والانثى في نظام الارث على نحو ما رأينا سابقا.   وعلى الرغم من تاريخية احكام نظام الارث رفض الازهر مشروع قانون للمساواة بين المرأة والرجل في الميراث متعللا بأن توزيع الميراث ليس فيه محاباة لجنس على حساب جنس وانما توازن وعدل بين اعباء الرجل والمرزة ولا شك ان هذه التبريرات لما جاء من الفروق بين الرجل والمرأة تجاوزتها الاحداث وعفى عنها الزمان وطواها التاريخ.   (المصدر: مجلة « حقائق » التونسية العدد 3 بتاريخ 5 جوان 2006)  

 »متخير من الشعر التونسي » أو عندما يستسلم أكاديمي لنعراته

الطاهر الهمامي   وقع بين يديّ مؤخّرا وعلى سبيل الصدفة  »متخير من الشعر التونسي المعاصر » صادر عن وزارة الثقافة والسياحة اليمنيّة سنة 2004 في 395صفحة، وبإمضاء الجامعي والشاعر التونسي منصف الوهايبي، أمّا المناسبة فهي تعيين صنعاء عاصمة ثقافيّة. الطبعة أنيقة وفاخرة، لكن الأخطاء، سواء منها الطباعيّة أو الراجعة إلى النظرة التي قادت صاحب المتخيّر، حدّت من قيمة المبادرة إن لم تكن قد أوقعتها في ما لا تحمد عقباه، كما سنبيّنه لاحقا.   قبل ولوج الكتاب انتابني شعور متناقض، بعضه الغبطة لأنّ التجربة الشعريّة التونسيّة المغبونة عادة، تحطّ رحالها في اليمن… والمشهد الشعري التونسي، الذي طالما اختزلوه في الشابي، يجتاز الحدود، بنزعاته وتيّاراته وألوان طيفه كما يقال ليقدّم صورة متكاملة عن عطاء هذا الرافد المغاربي، خلال المائة الأخيرة، أمّا بعضه الأخر فتشكك وتوجّس لما أعرفه من سوابق المتخيّر كلّما تعلّق الأمر بشيء من هذا القبيل ورجّح عندي الشعور الأوّل كون الرجل جامعيّا ولا يجوز أن يجهل أصول الاختيارات أو أن يذعن لضغط النعرات بدل الإذعان لمتطّلبات رض المشهد الشعري الذي وقع تكليفه بتقديمه واستبعدت أن ينزل مستكتب إلى حدّ تضليل مستكتبيه، وواضعي ثقتهم فيه. تركت هذه المشاعر المتضاربة، وفتحت المتخيّر ووجدت صاحبه يستهلّه بمدخلين : الأوّل تحت عنوان  »الشابي، عود على بدء » والثاني  »ذاكرة المستقبل » ولم أجد لإدراج حديث مستقلّ عن الشابي استغرق 14صفحة من موجب سوى رغبة الوهايبي في إعادة كلام له قديم ومعاد، وقاصر برؤيته المثاليّة عن الوقوع على مصادر غواية شعر هذا الشاعر وعلى طبيعة عزفه الرومنسي.   كان على صديقنا أن ينظر إلى حلقة الشابي من زاوية السلسلة الشعريّة التونسيّة وأن ينزّله في سياق الأطوار، وتحديدا في موقعه من اللحظة الرومنسيّة، ثانية لحظات الشعر التونسي المعاصر، بعد  »الشعر العصري » الذي عرف عنوانه قبل نهاية العقد الثالث من القرن العشرين، وذلك مراعاة لانتظارات القارئ اليمني، والعربي وغير العربي وهو يظفر بمثل هذه الكوّة يطلّ منها على المشهد، ويفيده أن يراه في تسلسله، وعبر السّمات المميّزة لكلّ حلقة وأصواتها الفاعلة ونصوصها، على اختلاف رؤاها وآرائها. ولا يغيب عن الذهن السويّ أنّ  »الاختيار » أو  »المتخيّر » ومهما كان نصيبه من اختيارات صاحبه، لا يجيز العبث بالتاريخ وتحريف الوقائع وقلب الحقائق، ولا يشفع الوقوع تحت طائلة النعرة الجهويّة أو  »العشائريّة » أو  »الحزبيّة ». والناظر في فحوى  »ذاكرة المستقبل » -المدخل الثاني- ثمّ في قائمة الشعراء المدرجين وتوزيع  »الحصص » النصيّة بينهم والتقديم المخصص لكلّ منهم يصاب بخيبة أمل. كان على الباحث أن يعرض المشهد الشعري التونسي المعاصر ويعرّف بأبرز محطّاته وبالأسماء الممثلة والنصوص المعبّرة، وذلك أمر متاح وضبط عياره ليس متسحيلا، فينفع قرّاءه وينفع الدارسين المقبلين على تحقيب المدونة الشعريّة التونسيّة في المائة الأخيرة.   لم نجد أثرا لهذا المسعى الموكول عادة إلى أمثاله من الباحثين الأكاديميين، بل وجدنا  »أمشاح » محاضرات (ألقاها صاحبها هنا وهناك ومدارها على شعر هذا الصديق أو ذاك)، في مقام تقديم لا مقام تحليل نصوص أو دراسة شخصيّات أو الحديث عن  »طائفة » بذاتها أو إثارة مبحث معيّن مقابل السكوت عن الباقي مهما كان صيته (إهمال التجريب والقصيدة التجريبيّة، مثلا) وحتّى يتسنّى للقارئ الوقوف على السياسة التي توخّاها صاحب الكتاب إزاء المشهد الشعري التونسي موضوع كتابه نمدّه بقائمة أسماء الشعراء الذين أدرجهم، حسب الترتيب غير المبرّر الذي توخّاه، وبالجهة مسقط الرأس وبعدد النصوص والصفحات التي حاز عليها كلّ منهم. ولعلّ المقارنة وحدها كفيلة بوضع المتخيّر بين قوسي الشبهة، شبهة التحيّز والمحاباة، وخيانة الأمانة العلميّة زينة الباحث ورصيده الأوّل والأخير (انذر الجدول).   قائمة تثير أكثر من سؤال حول العيار، عيار اختيار الأسماء والترتيب وحول التقديم وعدد النصوص والصفحات الذي خصّ به كلّ واحد، فضلا عن الأخطاء العالقة بالنشرة. ارتأى معدّ الكتاب أن يتخيّر من الشعر التونسي المعاصر نصوص الثلث الأخير من القرن العشرين وارتأى حصر المادة المنتخبة في  »شعر التفعيلة » و  »قصيدة النثر » وأن يقتصر على ثلاثين اسما وأن يفتتح بممثلين عن منحاه  »الصوفي » أو  »الكوني » وأن يخصّ أبناء مدينته وضواحيها بزهاء ربع القائمة (7 من 30) وربع مساحة المدونة الشعريّة (73 من 309صفحة) وقد يتذرّع بكونه يضع  »متخيّرا » يخضع فيه ضرورة لذائقته وما يمليه عليه هواه. ومهما كانت الذريعة، فإنّ الباحث النزيه الذي يختار من موفّى ستينات القرن الماضي ضربة بداية لمختاراته لا يمكنه أن يغفل عن أهمّ حدث عاشته الساحة الثقافيّة وأخطر منعرج عرفته الكتابة الأدبيّة -حيث  »الطليعة » ومنعرج  »التجريبي ». عمد الوهايبي إلى خلط الأوراق بما عوّم تجربة حداثية في حجم تجربة الطليعة الأدبيّة والنصّ الذي أعطته، على نقائصها، وآثر حديثا مبهما عن  »قصيدة موضوعيّة » أراد أن يجعل منها  »مذهبا » وأحاط محاولاتها النثريّة بجعجعة، في إطار خطّة التعويم المذكورة، ومن شعراء المغامرة الفنيّة الطليعيّة  »تخيّر » نصّا يتيما لي، لا يمثّل أكثر نصوصي ذيوعا، وتمثيلا، وقد مددته بعدد منها عندما طلب منّي ذلك، وثلاثة نصوص لمحمد الحبيب الزناد (أصبح الحبيب الزناد في المتخيّر ونشرت نصوصه تحت اسم زهرة العبيدي التي نشرت نصوصها تحت اسمه !!).   ثمّ هي قائمة ضمّت عددا من الأسماء لا يرقى إلى مستويات أخرى وقع تغييبها بل ثمّة ما لا نعتقد أنّ أحدا -غير الوهايبي وحلقة ضيّقة من معارفه- يعرفها بنّصها وهذا ليس ذمّا أو تصغيرا بل انتصار للحقّ ودفاع عن العدل والإنصاف، ورفض لتزييف العملة الفنيّة حتّى وإن كان عمره قصيرا فالمبتدئ مبتدئ وعليه أن يتحلّى بطول النفس ويواصل الطريق، وضعيف الآلة ضعيف حتّى ولو شاب قرناه وقد لا تنهض به حقن الدنيا قاطبة والمكان الذي هو من نصيبك لا يجوز أن يروح لغيرك، وهكذا تستوي موازين الكون.   والشبهة تمتدّ -فيما نرى- إلى المختصرات التي قدّم بها الوهايبي أصحاب صنعته، سواء من حيث كم المعلومات أو من حيث نوعها، فضلا عن الأخطاء التي رافقتها ونرجو أن يقع تداول الكتاب حتّى تعمّ العبرة، ويرى الجميع ما يحدث في رَبْع هلال على أيدي بعض هلال، حيث لم يعد ينفع علم ولا ثقافة أمام النعرة الجهويّة أو الِنحليّة أو أيّ شكل من أشكال التعصّب والولائيّة وهو ما يناقض العنوان الذي اختاره الوهايبي لمتخيّره (أبناء قوس قزح) والذي يعني الاحتفاء بالألوان، أي بالتنوّع، تنوّع الرّؤى والاتّجاهات، وتحاشي الخلط والإقصاء والتزييف.   (المصدر: مجلة « حقائق » التونسية العدد 3 بتاريخ 5 جوان 2006)  

بشير الفورتي بقلم بلحاج يحيى

سيرة صحافي رفض الوظيفة

عن المركز الوطني للاتصال الثقافي وضمن سلسلة «ذاكرة وابداع» اصدرت وزارة الثقافة والمحافظة على التراث كتابا توثيقيا هاما عن شيخ الصحافة البشير الفورتي من خلال دراسة وتحقيق لآثاره. وقد جمعها وقدّمها السيد جيلاني بلحاج يحيى.   فمن حيث سيرة هذا الصحفي المناضل فقد ولد البشير بن احمد بن عون الفورتي، اصيل جزيرة جربة، بمدينة تونس سنة 1884، كما هو مسجل في بطاقة تعريفه المؤرخة في 1 أوت 1947، خلافا لجميع المصادر التي ذكرت ان ولادته كانت سنة .1882 ونشأ في بيت ذي صيت وعزّ حيث تتلمذ على معلّمين خصوصيين قبل ان ينضم الى تلاميذ جامع الزيتونة ويتابع فيه تعلمه بانتظام الى ان احرز شهادة التطويع. وبعد تخرجه تعلم اللغة التركية من الاستاذ حافظ افندي بمعاونة الشيخ صالح الشريف قبل هجرته. وتعلم اللغة الفرنسية في المدرسة الخلدونية من الاستاذين خير الله بن مصطفى وعثمان السبعي، وفيها درّسه الرياضيات الاستاذ علي رضا. كما تعلم اللغة الايطالية في مدرسة نهج زرقون.   ولأن البشير الفورتي كان حريصا على «استقلاليته»، كمعظم ابناء جزيرة جربة، فانه لم يشأ ان يختار الوظيفة، بل اختار الاعمال الحرة، فأسس مطبعة كبيرة سمّاها «التقدم»، واحضر لها حروفا عربية مميزة من سوريا ومصر، لأن طباعة ذلك العهد كانت في تونس ـ كما في غيرها من البلدان العربية والاسلامية ـ على الطريقة الحجرية وبخط اليد. ويستعرض الكاتب رحلته مع الصحافة من التأسيس الى التوزيع وبعد تأسيس هذه المطبعة، فكّر في اصدار جريدة يومية فأرسل «منشورا» طريفا الى بعض التجار والفلاحين والصناعيين والمثقفين، هذا نصّه: «أيها المواطن العزيز! سلاما واحتراما، وبعد، فان البعض من اخوانكم الوطنيين قد فكروا في انشاء مشروع وطني عظيم، ألا وهو تأسيس جريدة يومية كبرى لها مطبعة تخدم البلاد بصدق واخلاص، تجمع شتات افكار المفكرين، وتبث في الامة آراء الاصلاح من المصلحين، وتكون ميدانا لاقلام الكتّاب، ورياضا للآداب، يجد فيها التاجر مرغوبه، والفلاح مطلوبه، والصانع بغيته، والاديب انشودته، وتمثل فيها حالة تونس للرائين، وافكار الرجال المصلحين، وادبائها البارعين، وساستها المفكرين وتجارها الناشطين.   وتكون جريدة الامة وترجمانها ولسان حالها، وتكون غزيرة المادة لها مبدأ قويم، ومشرب رائق، ومبادئ عالية… ومثلكم من يجيب نداء الوطن اذا دعاه… والسلام». وهكذا استطاع البشير الفورتي ان يصدر جريدة «التقدم». وهي ثالث جريدة يومية بعد «الرشديّة» و«الزهرة». وكانت من اكبر الجرائد وأرقاها شكلا ومضمونا، حيث كان ينشر فيها بعض ابرز الادباء والمفكرين المصلحين من عديد الاقطار العربية والاسلامية، من بينهم جبران خليل جبران، والشيخ عبد العزيز جاويش، المعروف كأحد كبار زعماء الحزب الوطني المصري، وهو تونسي الاصل، مصري المنشأ. صدرت جريدة «التقدم» اسبوعية اولا منذ 30 جويلية 1907، ثم اصبحت يومية منذ فاتح اوت .1908 وكان لها بعض المراسلين والمتعهدين في عديد البلدان، مثل: عاصمة الخلافةالعثمانية (تركيا) والقاهرة والاسكندرية (مصر) وبيروت (لبنان) ودمشق (سوريا) وعكّا وحيفا (فلسطين) والهند وطنجة وفاس (المغرب) والجزائر وقسنطينة ولندرة وباريس ومرسيليا وطرابلس (ليبيا) وميلانو (ايطاليا) ، الخ…   (المصدر: مجلة « حقائق » التونسية العدد 3 بتاريخ 5 جوان 2006)
 

 
بعد نجاح مهندسين مغاربة في فك لغز شفراتها

«ART» تضطر لبيع حقوق جميع مباريات المونديال إلى المغرب

 

علم موقع «كووورة» من مصادر إعلامية مطلعة أن «إي أر تي» قد وافقت على بيع المغرب حقوق نقل جميع مباريات كأس العالم   واكد نفس المصدر أن هذا الاتفاق المبدئي تم التوقيع عليه مع إداريي القناة بالدار البيضاء قبل أسابيع وأن السبب وراء عدم نشر الخبر هو الحفاظ على طابع السرية خاصة أن العديد من التلفزيونات العربية تفاوض «إي أر تي» من أجل تمكينها من نقل مباريات المونديال لجمهورها   وتأتي هذه الأخبار بعد ساعات من نشر وسائل الإعلام المغربية خبر فحواه تمكن مهندسين مغاربة من فك لغز شفرات «إي أر تي» والجزيرة المشفرة وبيعها بمبلغ زهيد.   وبهذا تصبح المغرب والجزائر الوحيدتان اللتان تنقلان كأس العالم بالكامل على البث الأرضي بحسب المصادر الاعلامية بينما تلفزيون المملكة العربية السعودية (البث الأرضي فقط) سينقل جميع مباريات المنتخب السعودي فقط وهذا العرض لا يشمل المباراة النهائية.   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 8 جوان 2006)  

تحقيقات «الشروق» الكبرى:

حمى «المونديال»… من بنزرت الى بنقردان: طوارئ في كل البيوت.. صنعت تجارة لا تموت !

تونس ـ (الشروق): تماما كما يحدث في الشهر الكريم… متى ارتفع آذان المغرب توقف كل شيء وران على مدننا وقرانا صمت مطبق رهيب… كذلك مع اول «تصفيرة» تعلن عن انطلاق كأس العالم سيتوقف كل شيء الا الحديث عن الكرة وستسكت كل الالسن الا عن الكلام في «المونديال».. حديث وكلام وأمنيات وأحلام معلقة في الاقدام، وربما تشويش وخصام، ولا نبض للجسد العام غير نبض الكأس والكأس وحسب. والكأس، لو تدرون، هاجس الشارع وحديثه الواحد الوحيد، وحمى كل بيت «تعلو» على ما عداها من حمى وتتجاوز على ما سواها من طوارئ حتى لو كانت طوارئ الامتحانات، لتكون هي التحية التي يتبادلها الجميع صباحا مساء، وهي الكلام الذي ليس معه ولا قبله ولا بعده كلام. «الشروق» حاولت عبر مكتبها بصفاقس وشبكة مراسيلها ان تستشرف صيغ تفاعل التونسيين مع «مونديال 2006» فكانت المحصلة ما يلي:   ——————————————————   منوبة: «حيّرت قلبي معاك»   منوبة (الشروق): الظاهر الآن ان مواطني منوبة دخلوا بعد في سباق ضد الساعة على صعيد التحضير لهذا العرس الكروي الذي سيكون محط انظار الملايين من المشاهدين المولعين بكرة القدم ومما سيزيد العرس «متعة» وتشويقا وجود فريقنا الوطني ضمن الفرق المتنافسة على كأس العالم. الشاب رمزي بن احمد (24 عاما ـ عامل بمجزرة) قال انه يعشق كرة القدم حتى النخاع وانه ينتظر انطلاق العرس الكروي العالمي بفارغ الصبر، وقد استعد لمواكبته تماما كما تستعد الفرق المشاركة فقد اشترى تلفازا جديدا منذ ايام لتكون المشاهدة ممتازة وهو يفضل متابعة المقابلات في اجواء عائلية عكس العديد من الشبان وابناء الحي الذين يفضلون المقاهي. واضاف رمزي انه اشترك في القنوات المشفرة التي ستنقل كل فعاليات كأس العالم وهو حريص على ان يلم بكل كبيرة وصغيرة لها صلة «بالمونديال». اما السيد محمد صالح الجندوبي (56 عاما متقاعد) فقال انه ينتظر بفارغ الصبر اعطاء ضربة البداية «للمونديال» مع نهاية هذا الاسبوع لكن ترتيباته لمتابعة هذا الحدث بدأت منذ فترة فقد اشترى تلفازا من الحجم الكبير وجهاز التقاط هوائي حتى يتمكن من متابعة مقابلات الفريق الوطني على الشبكة الارضية في احسن الظروف. اما المقابلات الاخرى فسيتابعها في المقهى التي لا يحبذها عادة عند مشاهدة مباريات كرة القدم، ولكنه مكره هذه المرة لعدم قدرته على اقتناء اشتراك في القنوات التلفزية المشفرة التي ستنقل كل المباريات لفائدة مشتركيها. وعن «المونديال» توقع السيد محمد الصالح ان يكون من احسن الكؤوس العالمية التي مرت باعتبار التطوّر الذي شهدته الكرة العالمية في الفترة الاخيرة. ومن جهته قال السيد عزالدين المازني (31 عاما ـ موظف) انه يفضل متابعة «المونديال» في المنزل رفقة الوالدة واشقائه ولهذا اقتنى تلفازا كبيرا جديدا واشتراك في باقة «آ.ر.تي» لمتابعة كل المباريات باعتبار ان «المونديال» يمثل فرصة لا تأتي كل سنة وهو يفكر في الحصول على اجازته السنوية مع بداية «المونديال» حتى يتفرغ لمواكبة الحدث ويتمنى التوفيق لنسور قرطاج في مغامرتهم ويعلق آمالا كبيرة في بلوغ الدور السادس عشرة وهذا ـ حسب رأيه ـ ليس بالمستحيل على ابناء تونس. وسيكون السيد عزالدين المازني في قمة سعادته لو تحقق هذا الحلم ويعتبره احلى هدية تقدّم له بمناسبة زواجه هذه الصائفة.   —————————————————–   قفصة: «حبيبها لست وحدك… حبيبها»   * قفصة (الشروق) في قفصة بدأ الكل في شوق لمتابعة هذا الحدث الكروي العالمي الهام، خاصة أن فريقنا الوطني سيشارك في هذه الدورة ولكن كيف سيتابعون الحدث في ظلّ تشفير القنوات وحيرة المواطن من ناحية وتزامن «المونديال» مع امتحانات الباكالوريا، من ناحية أخرى. السيد البرني مبارك (معلم) قال: «لا نشك في أن تلفزتنا بذلت ما بوسعها لتضمن للتونسيين والتونسيات متابعة فعاليات كأس العالم خاصة وهي تحتفل بخمسينيتها فالبث الحصري للمقابلات على قناة دون أخرى يتطلب مبلغا مشطا قد يكون المواطن عاجزا عن دفعه لا سيما وأن هناك مصاريف أخرى هي مصاريف النجاح في الامتحانات الوطنية ونأمل أن يجد المتفرج ضالته في قنوات غير مشفرة ليتمكن من المتابعة. أما السيد فريد (صاحب مقهى) فقال انه شرع منذ مدة في الاستعداد لكأس العالم إذ قام بتنظيف المقهى ودهنه من جديد واقتنى جهاز التقاط من النوع الحديث رغم غلاء ثمنه، كما اشترك في القنوات المشفرة وكل ذلك من أجل إرضاء حرفائه وعدم حرمانهم من متابعة مباريات كأس العالم. ولم ينج السيد زياد (ممرض) من حمى «المونديال» فهو ـ كما قال ـ في شوق لمتابعة مباريات كأس العالم ولكن مباريات المنتخب الوطني ستتزامن للأسف مع وجوده في مقر العمل بالمستشفى، لذلك هو في حيرة من أمره وسيحاول ايجاد صيغة بالتنسيق مع بعض زملائه حتى لا يحرم من مواكبة هذا الحدث الكروي الهام.   * رضا العبدلي   ——————————————————   الجنوب الشرقي: حبّيتك انسيت النوم»   * مدنين (الشروق) مدنين وتطاوين تعيشان هما أيضا على وقع كأس العالم ولا حديث بين أهلهما إلا عن هذا الحدث وعن الاستعدادات لمتابعته وكأنه ضرورة لا بدّ منها وحاجة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها. السيد حافظ الزرن (موظف ـ جرجيس) قال لنا انه من الشغوفين بمتابعة المقابلات الرياضية الهامة حتى في سائر الأيام، ولكنه بمناسبة كأس العالم تدبّر أمره وتداين لاقتناء جهاز تلفزة كبير الحجم ليتمتع بالمشاهدة بالرغم من أنه غير متأكد من بث المقابلات على القنوات العادية خاصة المقابلات التي لا تهم منتخبنا الوطني. وحرصا على مشاهدة كل المقابلات سيحاول التوفيق بين التزاماته المهنية ورغبته في متابعة هذا الحدث وذلك بإعادة تنظيم وقته حسب مواعيد بث اللقاءات وأهميتها. أما السيد سليم كمون (موظف ـ جربة) فبحكم انشغاله بعمله وميله الى أجواء البحر سيجد اشكالا كبيرا في تخصيص أوقات لمتابعة مقابلات كأس العالم خاصة تلك التي يكون فريقنا الوطني طرفا فيها وكذلك الفريق البرازيلي الذي يعشق محدثنا مشاهدة مبارياته. السيد سليم قال انه لم يبرمج أي شيء إلى حدّ الآن لأنه مازال يترقب هدية قناة «تونس 7» لجمهورها. ومن ناحيته قال السيد نجم الدين الدرقاش (موظف ـ تطاوين) انه قام أولا باقتناءجهاز تلفزة جديد وخاص به لأنه يجد متعة كبيرة في التركيز على المقابلات. كما قام بتهيئة الفضاء المخصص للتلفزة وسيحرص على متابعة كل المقابلات. أما المقابلات التي سيخوضها الفريق الوطني فلن يفوت على نفسه فرصة متابعتها كلها حتى وإن كان ذ لك على حساب التزاماته المهنية والعائلية فهو سيحاول ترتيب الأمور والتوفيق بين المشاهدة وبقية المشاغل.   * نجيب العليوي   —————————————————-   صفاقس تستعد للحدث: «الأنالوجيك»يعود بقوة… ومجلة «جديدة» تنظم مسابقة للغرض   * (الشروق) ـ مكتب صفاقس كغيرهم من المهووسين بكرة القدم، يستعدّ في هذه الفترة أهالي صفاقس لمواكبة فعاليات كأس العالم في وقت ارتفع فيه نسق الحديث في المقاهي والقاعات الخاصة والعامة عن المقابلات الرياضية المبرمجة وحظ الفريق الوطني في هذا العرس الكروي العالمي.. صفاقس المشهورة بعشق أهاليها للرياضة، عدل سكانها ساعاتهم على صفارة الحكم إيذانا بانطلاق مقابلةالافتتاح المبرمجة ليوم الجمعة 9 جوان الجاري بملعب «مونيخ» والذي سيجمع بين «ألمانيا» و»كوستاريكا»، فبالاضافة الى بعض المحظوظين من الذين سيتمكنون من مواكبة بعض المقابلات مباشرة من ألمانيا، يستعد الأغلبية من عشاق الرياضة لمتابعة المقابلات عبر الشاشات التلفزية والقنوات الفضائية التي من المنتظر أن تنقل بعض هذه المباريات. السيد لطفي النيفر (موظف بإحدى الادارات) يرى أن التوقيت الاداري لن يسمح له بمواكبة كل المقابلات، وهو غير مستعد أصلا للاستفادة من رخصته السنوية باعتباره عادة ما يخصص هذه الراحة السنوية لفصل الصيف ليستمتع مع بقية أفراد عائلته المتكونة من بنتين وأمهم للاستجمام في احدى المناطق الساحلية بالبلاد.. السيد لطفي وجد الحلول حسب تعبيره في الاذاعات وتعليقاتها علاوة على الصحف التي من المنتظر أن توفد مبعوثيها لنقل أجواء كأس العالم وفعالياته، وهو يرى أن المواكبة للمباريات والملخصات اليومية غير كافية لإشباع عشقه لكرة القدم، بل ان بقية الأخبار وخاصة منها المتعلقة بالهوامش والتحاليل والتعليقات تعنيه كثيرا.. السيدة ربيعة، وجدناها صدفة ونحن نجري هذا «الروبرتاج» تحمل بين يديها مجلة تباع في هذه الفترة بصفاقس ونشرتها احدى دور الطبع متضمنة مسابقة في جمع صور أشهر اللاعبين العالميين. المجلة التي استغلت الحدث وخصصت بعض الجوائز للفائزين اقتنتها السيدة ربيعة لابنها الذي يدرس بالسنة الخامسة أساسي والذي ألحّ عليها في الطلب بالرغم من أن الامتحانات لم تنطلق بعد. ولئن لم تخف السيدة ربيعة قلقها من شغف ابنها بالرياضة وخوفها من أن تؤثر فعاليات كأس العالم على نتائجه الدراسية، إلا أنها بدت سعيدة بالحدث العالمي باعتبارها هي الأخرى من عشاق كرة القدم وخاصة المقابلات التي يكون فيها فريقنا الوطني طرفا في المنافسة. الطالب رياض السويسي قال لنا إن توقيت كأس العالم جاء لفائدة الطلبة الذين أنهوا الامتحانات خلال هذه الفترة، وفعاليات كأس العالم ستمثل أفضل فرصة للراحة والتمتع بالعطلة الجامعية في بدايتها، لكن الطالب رياض أبدى امتعاضه من بعض القنوات الفضائية التي غيرت شفرتها في هذه الفترة وهو ما سيمنعه من مواكبة كل المقابلات. الحل عند رياض هو الالتجاء الى المقاهي التي تستعد في هذه الفترة للحدث بتجهيز قاعاتها بأجهزة تلفاز و»باربول» واشتراكات في القنوات المشفرة والتي أعلنت عن اعتزامها نقل كل المقابلات الرياضية. السيد مجدي شبشوب، ولئن ثمن بعمق الاجراء الرئاسي الداعي الى نقل حفل الافتتاح والدورين نصف النهائي والنهائي وكل مقابلات الفريق الوطني التونسي، فإنه عاد لتشغيل جهاز «بارابوله» القديم الذي يعمل بنظام «الأنالوجيك» حتى يتمكن من متابعة بقية المقابلات عبر بعض القنوات الفرنسية.   * راشد   —————————————————   القصرين: «يا سارق من عيني النوم»   * القصرين (الشروق) في القصرين كغيرها من جهات البلاد… يستعد «مجانين» الكرة للدخول إلى أجواء خاصة جدا تصبح فيها كرة القدم الرقم الأول في معادلات الحياة اليومية. السيد منصف المحمدي (معلم تطبيق) قال لنا ان تفاصيل يومه تصبح مختلفة تماما مع انطلاق «المونديال» فهو يتابع المقابلات بانتباه تام ويواكب التحاليل إلى آخر ساعات الليل ومع الصباح يتابع بقية الأخبار والمعلومات عبر الصحف وجلسات الأصدقاء في المقهى. وتحسبا لكل المفاجآت اشترك في شبكة راديو وتلفزيون العرب حتى لا يحرم من متعة ينتظرها كل أربع سنوات. ومن جهته قال السيد ابراهيم الهرهوري (حلاق) ان دكانه تحول منذ أيام الى استوديو تحليلي يناقش فيه الحرفاء كل ما يهم هذا الحدث الرياضي العالمي ويطرحون وجهات نظرهم بشأن الفرق المرشحة الى الدور الثاني والمؤهلة الى المربع الذهبي وطبعا يحتل منتخبنا الوطني حيزا شاسعا من تحاليلهم إذ يرى عدد كبير منهم أن الفرصة مناسبة جدا للمرور إلى الدور الثاني. السيد ابراهيم أضاف أن ساعات بث المقالات يتوقف فيها العقل ولا يعلو أي حديث عن أحاديث الكرة و»المونديال». الجحيم أما السيدة ياسمينة الزواوي فقالت ان بيتها يتحول الى حلبة نقاش مستمر وإذا كان اللّه سبحانه وتعالى لم يرزقها من الأطفال إلا الذكور فإنها ومع كل «مونديال» تعيش معاناة حقيقية فزوجها يريد «الهدوء» ليستمتع بكل ما تبثه التلفزة من مقابلات وتحاليل وأبناؤها مغرمون بالهذيان والأسئلة حول خط الهجوم وخط الدفاع.. والأهداف.. وهي مطالبة بـ»السيطرة» على الأوضاع والقيام بواجباتها المنزلية.. والإعداد لأعمالها المهنية بالمدرسة! إنه «الجحيم» كما قالت السيدة ياسمينة. أعداد أخرى من المهووسين بـ»المونديال» حدّثونا عن حالة استنفار قصوى يعيشونها الآن لمعرفة أي القنوات المفتوحة ستبث المقابلات وعلى أي الأقمار الصناعية سيستقرون خاصة أنهم لم يستوعبوا.. فكرة مشاهدة «بعض» المباريات..! في حين تنتظر أعداد أخرى.. هدية من قناة «تونس 7» ببث جل المقابلات لأنه يصعب تصور فكرة عدم بث مقابلات منتخبات البرازيل وهولندا وانقلترا والأرجنتين.   * عبد الرزاق عيفاوي   —————————————————   الوطن القبلي: «بعيد عنّك…حياتي عذاب»   الوطن القبلي ـ «الشروق»: «مونديال» ألمانيا لم يترك احدا في الوطن القبلي إلا وساد حديثه. فحديث كأس العالم قد تحول الى خبز يومي والكلام في هذا الحدث الكروي العالمي بات «ضيفا» لا يفارق رأس الواحد من أهالي المنطقة وحتى لو انحسرت رقعة الحديث عن منتخبات أخرى فإنه لا يفتح الا عن الهواجس والقلق والتوتر وانتظار المفاجآت الآتية… ولا حديث ولا تركيز ولا اهتمام ايضا الا عن كأس العالم وعلى كأس العالم وبكأس العالم. الشاب حمزة اللواتي (جزار) قال انه يساعد والده في تسيير شؤون محل الجزارة الذي يملكه، وهو مضطر لترك مهمة إدارة المحل لأبيه خلال فترة «المونديال» حتى يتفرّغ كليا لمشاهدة المقابلات وخصوصا المباريات التي سيخوضها المنتخب الوطني. وأضاف حمزة قائلا: «سأبحث عن اماكن توجد بها شاشات عملاقة للاستمتاع بفرجة مريحة مع اصدقائي في اجواء تسودها عبارات التشجيع والصياح التي تصدر من المشاهدين والتي تضفي مزيدا من المتعة على الفرجة وهذا ما لا يتوفر في المنزل. أمّا السيد الصادق الدريوق (نادل بمقهى) فقد اتفق مع مؤجره على ان يشتغل بصفة مسترسلة من الساعة الخامسة صباحا الى الثانية بعد الزوال مقابل التمتع براحة في الحصة المسائية ليتمكن من مشاهدة مقابلات كأس العالم وخصوصا تلك التي يخوضها منتخبنا الوطني وسيتابع المقابلات في المنزل رفقة افراد عائلته المولعين هم ايضا برياضة كرة القدم. ولاحظ محدثنا انه بمناسبة كأس العالم يكتظ منزله بالاقارب والاصهار وهذا لا يحدث الا في المناسبات الكبرى مثلا الاعياد وشهر رمضان انها اجواء عائلية رائعة تزداد روعة عندما يسجل منتخبنا هدفا او يكون منتصرا. من ناحيته قال السيد ابراهيم الغربي (موظف) انه بعد الإذن الرئاسي الاخير اصبحت الفرجة مضمونة وهو حريص على ان يشاهد جميع مقابلات هذه الدورة مع باقي افراد العائلة المولعين هم ايضا بمتابعة مباريات المنتخب الوطني فكل شيء يتم تحضيره قبل بدء المباريات لتتوقف الحركة بالكامل داخل المنزل خصوصا اثناء بث مباريات منتخبنا وبعدها تكون الاجواء حسب النتيجة الحاصلة. والأمر لا يختلف بالنسبة الى السيد بلقاسم حرشاني (تاجر) فهو ايضا استعد للحدث مبكرا اذ اقتنى جهاز التقاط جديدا واشترك في احدى القنوات العربية المشفرة تحسبا لكل طارئ لكنه ندم بعد ان أذن سيادة الرئيس لمؤسسة الاذاعة والتلفزة بشراء حقوق بث مقابلات المنتخب الوطني. السيد بلقاسم قال انه خلال هذه الدورة سيعلن حالة الطوارئ في البيت وسيتوقف عن العمل ويترك عماله يعملون بمفردهم فكل شيء يهون من اجل المنتخب. آخرون مثل السادة الهادي الظاهري (صاحب سيارة اجرة) وحاتم عزيز (سائق) وخميس بن رمضان (مسؤول بمؤسسة سياحية) استعدوا هم ايضا لمتابعة الحدث خصوصا وان متابعة مقابلات المنتخب الوطني قد اصبحت مضمونة بفضل التدخل الرئاسي الاخير. وأضاف السيد الهادي قائلا: «طلبت من سائق السيارة ان يتولى مهمة نقل المسافرين بمفرده اي دون مساعدة مني كما اقتنيت منذ أيام جميع المستلزمات الضرورية للعائلة ومكنتهم من مبلغ مالي يفي حاجياتهم اليومية طيلة ايام «المونديال» لأني سأتفرّغ كليا لمشاهدة مباريات منتخبنا الوطني وابداعات نجوم كرة القدم العالمية. وقال السيد حاتم انه بحكم طبيعة عمله كسائق سيارة اجرة قد يحرم من مشاهدة أهم المقابلات وخصوصا مباريات المنتخب التونسي لذلك سيحاول ان يحصل على جهاز تلفزة من الحجم الصغير ليضعه داخل السيارة ويتمكن بذلك من مشاهدة المقابلات. اما السيد خميس فقال ان هناك العديد من المواطنين يحبذون مشاهدة مباريات المنتخب الوطني خارج ديارهم لعدم قدرتهم على التحكم في اعصابهم اثناء بث المباراة وخوفا من ردّة فعل عنيفة تجاه باقي افراد العائلة وخصوصا عند الهزيمة «لذلك خصصنا في موسستنا جناحا خاصا بهؤلاء وركزنا فيه شاشة عملاقة مرتبطة بجهاز التقاط يمكن من فتح كل القنوات المشفرة والمالكة لحقوق البث». ويبدو تفاعل السيد محمد الهادي الصافي (موظف) مع «المونديال» مختلفا فهو كما قال بدأ التحضير مبكرا اذ قدم مطلبا في الحصول على اجازته السنوية وتحصل على الموافقة. وقد يمدد في الاجازة حسب نتائج المنتخب الوطني. أما الآن فهو متفرغ لضمان متابعة كل المقابلات وذلك بالبحث عن القنوات التي ستؤمن نقل اهم هذه المباريات وخصوصا التي يكون متنخبنا طرفا فيها. وربما اضطر لمشاركة بعض الاصدقاء والاقارب في الاشتراك في حدى القنوات المشفرة لتكون الفرجة جماعية. وأضاف محدثنا قائلا:» ان والد زوجتي تحصل هو ايضا على اجازة سنوية وسيشاركني الفرجة والتحليل وسأعيش اجواء ممتازة بإذن الله في صورة نجاح منتخبنا في المرور الى الدور الثاني».   * عماد خريبيش   ——————————————————   الجريد: «أحلم بيك… أنا بأحلم بيك»   * دقاش ـ الشروق : ليس هناك فرق بين شيخ وشاب او امرأة وفتاة فالكل منشغل بالاستعدادات لدورة المانيا 2006 الخاصة بكأس العالم لكرة القدم فسيبقى موعد 9 جوان خالدا في تاريخ كرة القدم عند الشبان خاصة. وعن التحضيرات وما أعده المولعون وغيرهم بهذه الرياضة كانت لنا دردشة مع عدد من مواطني الجهة. الرياضي المعروف السيد بدر الدين صميدة قال لنا انه في حيرة من أمره وهذه الكأس الذهبية على الابواب لأن قناة تونس 7 لن تبث سوى لقاءات منتخبنا الوطني كما عودتنا سابقا لذلك سيلتجئ للبحث عن قنوات اخرى لمتابعة جل المقابلات ولن يحتاج لراحة من عمله لأن وقت بث كل اللقاءات مناسب له. أما السيد محمد علي الحميدي فهو يتفرغ كليا لهذه المناسبة ولا يغادر مقعده امام الصندوق العجيب الا عندما ينتهي بث المقابلات المبرمجة في اليوم. السيد محمد علي وهو يتعاطى عملا حرا يتوقف عن العمل ويمنح لنفسه اجازة بمناسبة كأس العالم. ومن جهتها أكّدت الآنسة نسرين طاهري انها تفضل متابعة المقابلات في المنزل مع العائلة سيما وان كل افراد عائلتها يعشقون المنتخب الوطني. وأضافت الآنسة نسرين ان متعة متابعة «المونديال» لا تعادلها متعة ولا تتوفر دائما. ففي كل اربع سنوات تستعد وعائلتها لذلك ويصبح المنزل كخلية نحل ولكن عند انطلاق بث المقابلة «تخفت» الحركة نهائيا «ويتسمر» الجميع امام التلفزة.   * قلق… قلق السيد علي كحيلة (أستاذ) لا يمكنه ـ حسب قوله ـ مشاهدة كل المباريات بسبب التزاماته المهنية خاصة ونحن في فترة الامتحانات ولكنه يتفرغ بعد السادسة مساء كليا لمشاهدة ما يبث في السهرة من مقابلات ومتابعة الحوصلة في القنوات المختصة. ومن جهته خصص السيد الشاذلي فرحات ميزانية لهذا الحدث فقد اشترى جهاز تلفزة جديد للتمتع بهذه الدورة اضافة الى اشتراك في «آرتي» التي تبث المقابلات حصريا ليستمتع أكثر ويعيش اجواء ملاعب ألمانيا. أما السيد الصادق الرويسي فهو قلق جدا بسبب غياب قنوات الباقة المشفرة (TPS) ومازال يواصل مثل العديد من المولعين بكرة القدم في الجريد البحث عن «باتش» يعيد الروح لجهازه الذي لم يعد قادرا على التقاط القنوات المشفرة وهو ينتظر فرصة قد تأتي وقد لا تأتي مع تدخل من لهم قدرة على فك التشفير. وإذا لم تحل المشكلة سيلتجئ للقنوات الالمانية وربما للقناة الايطالية الاولى «الراي اونو». وعلى غرار السيد الصادق سيفعل السيد العاتي الذي قال «إنه من المولعين بكأس العالم ويتابع فعالياتها تلفزيا منذ عام 1970 ولكنه هذه المرة احتار لأنه لا يعرف كيف يفك شفرة القنوات التي ستبث كل المقابلات وربما وجد ضالته في القنوات غير المشفرة. أما العمل فهو لا يفكر فيه وسيهرب يوميا قبل بداية بث المقابلات. هكذا يعيش بعض أهالي الجريد على مدى شهر كامل مثل بقية مجانين الكرة في العالم.   * محمد المبروك السلامي   —————————————————–   بنزرت: «ستفتش عنها.. يا ولدي في كل مكان»   * بنزرت ـ الشروق : استعدادات مدينة بنزرت لموعد فعاليات كأس العالم للأمم المانيا 2006 انطلقت منذ مدة على جميع المستويات… ولأهالي بنزرت أجواء خاصة في معايشتهم لكبريات الاحداث العالمية والاقليمية ترجمت صورها في نهائيات كأس افريقيا للأمم الاخيرة فالحديث هذه الايام عن مباريات كأس العالم وحظوظ المنتخبات وأسرار كواليس هذه التظاهرة تصدرت بقية المواضيع والأحاديث الكروية الاخرى بما فيها أخبار النادي البنزرتي التي عادت ما تستقطب اهتمام الرياضيين في هذه الفترة. ومن المعلوم ان بلدية منزل بورقيبة (27 كلم عن بنزرت) لها اتفاقية توأمة مع بلدية شتوتغارت الالمانية منذ سنوات عديدة وهذه التوأمة ثرية من خلال التظاهرات الشبابية والرياضية المشتركة بين المدينتين وأكيد ان «المنازلية» لهم برنامج خصوصي يتزامن مع احتضان مدينة شتوتغارت لمباراة منتخبنا الوطني أمام نظيره الاسباني في التاسع عشر من جوان الجاري عبر رحلات منظمة لشباب مدينة الفولاذ الى المدينة الالمانية المتوأمة.   * من فرنسا الى المانيا وحسب احصائيات متوفرة لدى ديوان التونسيين بالخارج تعد بنزرت من الجهات الاوائل من حيث عدد المهاجرين المقيمين بفرنسا والمانيا فمدينتا مونيخ وبرلين اللتان ستحتضنان مباراتنا أمام كل من السعودية وأوكرانيا بها جالية وافرة العدد من البنزرتيين، وفي فرنسا أخذ بعض المهاجرين من أصيلي بنزرت طريقهم الى المانيا وحسب بعض العائلات البنزرتية فإن عددا هاما من مواطنينا المقيمين ببعض البلدان الاوروبية أدخلوا هذه السنة تعديلات على موعد عودتهم الى أرض الوطن لقضاء اجازة الصيف وذلك حتى يتسنى لهم مواكبة مباريات منتخبنا الوطني. أما محليا فالاستعدادات انحصرت في تهيئة الفضاءات العمومية كالمقاهي ودور الثقافة والشباب تجلى ذلك من خلال صور مختلفة كتجديد التجهيزات وتفقد الاجهزة التلفزية وصيانتها ومتابعة القنوات التي ستؤمّن نقل المباريات وتحديد مواقعها في منظومة الاقمار الاصطناعية.   * عندما تتعطّب الشاشة السيد جلال بوجلاب صاحب محل عمومي على غاية من الجمال ويتموقع قبالة المرسى القديم في اطلالة ساحرة على الميناء شاء الحظ ان تتعطب شاشته العملاقة هذه الايام وهو يستعد لموعد كأس العالم من خلال لمسات التهيئة لمحله وبما ان قطع الغيار لتلك الشاشة غير متوفرة في أسواقنا فقد اضطر لجلبها من احدى البلدان الاوروبية على جناح السرعة مع تحمله مصاريف باهظة لتكون الشاشة جاهزة في الموعد وكل شيء يهون من أجل ان ينعم البنزرتيون بلمسات السحر والجمال الكروي.   * فؤاد المحمدي   —————————————————-   باجة: «تطلع للسماء اطلعلك»   * باجة ـ الشروق : في باجة انتهت الاستعدادات أو تكاد لمتابعة نهائيات كأس العالم. هذا الحدث الهام في حياة أغلب سكان الجهة. فهناك من أعاد تعديل أوتار حياته على ساعات بث المقابلات وهناك من تأهبت لتعديل أوتار علاقتها بزوجها على ما برمجه الزوج لمواكبة هذا الحدث… هذا استعدّ لتغيير توقيت عمله وذاك اشترط على مؤجّره اشتراكا في الفضائيات الرياضية اذا رغب في سير العمل بصورة عادية والآخر أعاد تركيب جهاز الالتقاط الهوائي التناظري مكان الجهاز الرقمي الحديث على أمل متابعة اللقاءات على هذه القناة أو تلك. السيد محمد بنموسى (سائق تاكسي) قال لنا إنه بعد أن فقد الأمل في متابعة كل اللقاءات على الفضائيات المبرمجة بجهاز الالتقاط الرقمي أجبر على نفض الغبار على جهاز التقاط «أنا لوجيك» أخفاه منذ سنوات فأوصله بالتلفاز أملا في متابعة المباريات على قناة «تي آف 1» أو قناة «ام 6». وأما عن عمله فمن حسن حظه ان السائق الذي يشاركه العمل على «التاكسي» غير مغرم بكرة القدم وقد اتفق معه على أن يعوضه في العمل مساء طيلة أيام «المونديال». أما السيد جلال السالمي (نادل بمقهى) فقد اشترط على مؤجره الاشتراك في شبكة الـ «آر تي» الرياضية اذا كان يريد تحسين مداخيل المقهى أثناء فعاليات كأس العالم فوافق وبذلك ضمن السيد جلال عدم الانقطاع عن العمل وعدم تفويت فرصة متابعة كل المباريات. من جهته قال السيد العربي الجندوبي (صاحب مقهى) ان حرفاءه قرروا الاشتراك في شبكة الـ «آرتي» الرياضية واتفقوا على أن يدفع كل واحد منهم من المال مبلغا غير كبير لجمع قيمة الاشتراك على أن يدفع هو ما ينقص حتى لا يهرب الحرفاء الى المقاهي الاخرى. السيد عبد العزيز العيادي (فني في اصلاح الدراجات النارية) ليس مغرما بكرة القدم ولكنه سيتابع المقابلات التي سيخوضها منتخبنا الوطني فقط. والأمر يختلف بالنسبة الى السيد نبيل البوسالمي (حلاق) فهو قد اشترك وثلة من اصدقائه وحرفائه في شبكة الـ «آرتي» الرياضية وتوقع أن يحول محله الى نزل بنظام نصف اقامة اذا اعتبرنا ان من سيدخل الدكان على الساعة الثالثة بعد الزوال لن يغادره الا بعد الحادية عشرة ليلا مع امكانية تناول وجبة العشاء على عين المكان، وعلى الزوجة والابناء تفهم الامر. وقال لنا السيد فيصل الحباشي (أستاذ تربية بدنية) أنه سيعيش مع شقيقه وهو مدرب كرة قدم اكثر من 9 ساعات كرة في اليوم طيلة فعاليات كأس العالم باعتبار انهما سيحللان كل لقاء يتابعانه تحليلا شاملا بعد ان ينتهي. ولكن ماذا قالت المرأة عن «المونديال» وتفاعل الزوج معها؟ السيدة صالحة الحباشي (معلمة متقاعدة) ذكرت لنا أن زوجها مغرم حتى النخاع بكرة القدم وهو أيضا متقاعد وهو ما سيحرمها وبقية أفراد العائلة من المسلسلات ومع ذلك فهي لم تخف رغبتها في الاستمتاع بمتابعة لقاءات المنتخب الوطني وحمدا لله ان «المونديال» مرة كل 4 سنوات.   * إيهاب بن صالح
—————————————————-  

حرّكها «المونديال»: انتعاش تجارة أجهزة التلفزة واقبال كبير على بطاقات «الآرتي» و «الجزيرة» و «الأنالوجيك» يصطنع الدلال

* تونس ـ «الشروق»: تتجه أنظار واهتمامات الكثير من المواطنين في تونس وخاصة أحباء كرة القدم نحو البحث عن الوسيلة الأنسب لمتابعة مباريات كأس العالم لكرة القدم لسنة 2006 الذي سيتم افتتاحها رسميا اليوم بألمانيا.. وفيما اختار البعض الطريق الأصعب وهو السفر إلى ألمانيا ومتابعة المباريات في الملاعب بصفة مباشرة اكتفى الكثيرون بالحلّ الأقل كلفة وهو المتابعة عبر شاشات التلفزة. غير ان الفرجة التلفزية ليست مضمونة مائة بالمائة ولأي كان هذه المرة بعد أن احتكرت مؤسستا «الآرتي والجزيرة الرياضية» بث مقابلات «المونديال» كاملة، فأمام الراغب في المتابعة جملة من البدائل لكي يضمن هذه الفرجة تتمثل تحديدا في اقتناء بطاقات فك الشفرة للجزيرة الرياضية أو «للارتي» أو متابعة المقابلات في قناة «تي.اف. 1» و»أم 6» عبر اللاقط التناظري (الأنالوجيك). كما يمكن للراغبين المتابعة الجزئية لعدد محدود من المباريات إما على القنوات الأرضية أو على بعض الفضائيات الألمانية والسويسرية والفرنسية التي يمكن للبعض فك شفرتها عن طريق القرصنة (بيرات).   * وجه آخر هذا الوضع الجديد الناتج عن احتكار «المونديال» إعلاميا له وجه آخر ظهرت ملامحه خاصة في الحركية والانتعاشة المفاجئة التي سجلتها بعض أصناف الأنشطة التجارية التي يمكن أن نطلق عليها تسمية «تجارة المونديال». ويكفي القيام بجولة خاطفة وسريعة بين محلات بيع التجهيزات الالكترونية واللكهرومنزلية حتى نقف على النسق المتسارع والتصاعدي لهذه التجارة.   * حركية ويقول السيد ناصر العياشي (صاحب محل تجاري بسوق المنصف باي) إن اقبال التونسيين على محلّه والمحلات المجاورة تضاعف مع اقتراب انطلاق كأس العالم وارتفع نسق الطلب على الشاشات التلفزية العملاقة خاصة من قبل أصحاب المقاهي والفضاءات الترفيهية بمختلف المناطق وخاصة مقاهي أحياء النصر والمنازه حيث ستصبح شاشات التلفزة، الأداة الأكثر جلبا واستقطابا للحرفاء خلال فترة «المونديال». الانتعاشة شملت كذلك بطاقات «الارتي» التي يبلغ سعرها 160 دينارا للبطاقة الصالحة لمدة عام كامل و95 دينارا للبطاقة التي تدوم 6 أشهر فقط. وتفوق مبيعات السيد ناصر من هذه البطاقات الـ150 بطاقة في اليوم وهو ما يعكس تمسك الكثيرين بمتابعة مباريات المونديال كاملة. ولوحظ بالتوازي عودة تجارة اللاقط التناظري (البارابول أنالوجيك) الذي اختفى تماما من السوق بعد ظهور اللاّقط الرقمي.   * عودة «الأنالوجيك» وقال السيد كمال الجوادي (صاحب محل تجاري بنهج أثينا بالعاصمة) إن بورصة هذا اللاقط الذي نزل سعره بحكم توقف الطلب عليه إلى 20 دينارا عادت اليوم إلى نسقها التصاعدي حيث هناك من يعرضه اليوم بأكثر من 90 دينارا. وهناك أيضا من استغل فرصة اللهفة على المونديال ليتخلص من جهازه حتى لا يخسره. وقال السيد كمال من جهة ثانية انه كان على مؤسسة «ارتي» أن تعلم الناس مبكرا وقبل 6 أشهر من المونديال على الأقل بالبطاقات الجديدة حتى يمكن للمواطن أن يستعد جيدا للحدث ولا يجد نفسه مضطرا لشراء بطاقة يصل سعرها إلى 210 دنانير، وتساءل هل يعقل أن يضطر حرفاء «ارتي» الذين لهم اشتراكات سنوية وشهرية لشراء بطاقات المونديال مثل غيرهم من الناس؟   * لا مشاكل لمباريات تونس وإجمالا فإن متابعة مباريات المنتخب التونسي لا تمثل مشكلة للمواطنين باعتبار ان قرارا رئاسيا صدر هذه الأيام يقضي باشتراء قناة تونس 7 لكل مقابلات المنتخب التونسي وهو ما فعلته أيضا قناة «حنبعل تي.في» أما الاقبال على بطاقات المونديال والبحث عن بقية البدائل فمرده اللهفة والرغبة الجامحة لدى الكثيرين في متابعة كل المباريات.   * حجوزات وعلى صعيد آخر بلغت الحجوزات في اتجاه ألمانيا لدى وكالات الأسفار ذروتها وقال مصدر من جامعة وكالات الأسفار أن هناك من غير وجهته نحو المملكة السعودية ليضمن الحجز نحو المونديال. وقال المصدر نفسه ان تونس الجوية قد وفرت طائرات خاصة لنقل المسافرين في اتجاه ألمانيا أيام 14 و19 و23 بمعدل طائرتين كل يوم لضمان متابعة مباريات المنتخب الوطني ويمكن اضافة طائرات أخرى حسب تطور الطلب. وتولت تونس الجوية أيضا ضبط تسعيرة موحدة لتذكرة السفر نحو ألمانيا وذلك في حدود 390 د لتذكرة الذهاب والاياب علما وان سعر هذه التذكرة يتراوح بين 500 و600 دينار في الأيام العادية. وذكر مسؤول بالسفارة الألمانية بتونس ان حجم الطلب على التأشيرة لألمانيا قد تضاعف هذه الأيام بثلاث مرات مقارنة بالأيام العادية حيث تمنح مصالح التأشيرة بالسفارة يوميا وبمرونة المئات من التأشيرات وأغلبها خاصة بالمونديال.   (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 8 جوان 2006)

ظاهرة في مصر والأردن ولبنان وسورية:

حركات نسائية إسلامية بلا مضمون سياسي

تحولت ظاهرة انخراط نساء في تجمعات دعوية دينية الى ظاهرة منذ سنوات. فالأمر لا يقتصر على ما يبدو على نساء استتبعهن انجرار الرجال الى «الحركة الإسلامية»، اذ ان لانخراط النسوة في هذا المجال ملامح تفاوت واختلاف واضحة. ثمة ملامح نسوية اسلامية جديدة على هذا الصعيد. فالقبيسيات في سورية والسحريات في لبنان تسبق اسمهن كجماعة عبارة «آنسات»، مما يعني ميلاً الى التخفف من ثقل الالتزام الزواجي بداعي الانشغال بالدعوة. أليس هذا الانشغال ضرباً من انشغال المنخرطات في الحركات النسوية غير الدينية بالقضايا العامة والدفاع عن حقوق المرأة؟ ثم ان التخفف من أعباء الزواج لا ينسجم كثيراً مع حث رجال الدين وهم «رجال» الناس على الإبكار في الزواج.   والسحريات في لبنان والقبيسيات في سورية كما الطباعيات في عمان والصالونات النسائية الدينية في القاهرة، كلها ظواهر مدينية ترافقت مع ميل الى التوسع خارج الحركات الإسلامية، التقليدية منها والنضالية، وكذلك خارج المؤسسات الرسمية الدينية. انها نوع من الإسلام الاجتماعي الذي راح يتسع في البيئات المدينية، لا سيما الميسورة منها والمتوسطة الحال.   وهي ليست العلامة الوحيدة على هذا التوسع. فظاهرة حجاب الفنانات جزء من هذه الظاهرة وكذلك ما يسمى «الدعاة الجدد» من أمثال عمرو خالد وغيره. وترتبط هذه الظاهرة بعلاقات متفاوتة مع مؤسسات تيار «الإسلام السياسي» كحركة الأخوان المسلمين وأيضاً مع المؤسسات الرسمية كدار الفتوى في لبنان وسورية والأزهر في مصر. فيميل «الأخوان» الى الحذر في تقديرهم هذه الميول، وهو ربما كان توجه المؤسسات الدينية الرسمية.   «الحياة» أعدت ملفاً عن هذه الظاهرة في كل من لبنان والأردن ومصر بعدما كانت عرضت للظاهرة في سورية من خلال تحقيق موسع.   مقالات ذات صلة
 

« بهية » تغني للمعتقلين في أول حفل للمدونين المصريين

القاهرة (رويترز) – في أول حفل نظمه المدونون المصريون غنت « بهية » للمعتقلين على مسرح نقابة الصحفيين بوسط القاهرة ليل الاربعاء.   و »بهية » هو الاسم الذي يشير به نشطون ومثقفون الى مصر. واختار المدونون شعارا لحفلهم « غن يا بهية » محاولين القول ان هناك تضامنا شعبيا كبيرا مع المعتقلين الذين من بينهم مدونون.   وغلبت الاغاني الشعبية على الحفل وكان من بينها أغان للموسيقي المصري الشهير الراحل سيد درويش وأغان لمطربين شعبيين معاصرين.   والمدونون هم أصحاب صفحات مجانية على الانترنت يعرضون فيها اراءهم التي تتنوع بين صفحات أدبية وفنية وسياسية وشخصية. ووصل عدد المدونين المصريين منذ بداية ظهور المدونات قبل نحو عامين الى نحو ألف مدون.   وكان حفل المدونين متنوعا كمدوناتهم وظهر فيه التعبير السياسي لكن في اطار فني. وأقام المدونون الحفل بالتنسيق مع لجنة الحريات بنقابة الصحفيين ولجنة سجناء الرأي.   وتقول شيماء (24 عاما) صاحبة مدونة « شيماء » http://archshaimaa.blogspot.com/ انها شاركت في الحفل لانها رأت أنه يمثل طريقة جديدة للتعبير عن الرأي ومخاطبة الناس « بدون خسائر ».   وأضافت « تظاهرنا وواجهنا مشاكل مع الامن وكانت النتيجة اعتقالات كثيرة وخسائر كثيرة جدا فقررنا توصيل صوتنا بطرق جديدة غير مؤذية.   « كما أردنا دعم المعتقلين من خلال جمع التبرعات خلال الحفل والترويج الاعلامي لقضيتهم. »   وخلال جلسات محاكمة القاضيين البارزين الداعيين لاستقلال السلطة القضائية محمود مكي وهشام البسطويسي في الاسابيع الماضية تظاهر ألوف النشطين وأغلبهم من الاخوان المسلمين تأييدا لهما واحتجزت السلطات مئات منهم مازال أكثر من مئة منهم رهن الاحتجاز.   ويقول محمد عادل (18 عاما) صاحب مدونة « ميت » http://www.43arb.info/meit/ الذي كان أصغر من اعتقلوا في المظاهرات انه تعرض للضرب أثناء نقله الى السجن وبعد الافراج عنه.   ومضى محمد وهو من جماعة الاخوان يقول لرويترز ان المعاملة في السجن كانت « عادية شابها تجاوز تمثل في وضع بعض المعتقلين مع مسجونين في قضايا جنائية… ولكنهم تعاونوا معنا وساعدونا. »   وقالت صاحبة مدونة « بنت مصرية » http://bentmasreya.blogspot.com/ وهي مصممة برامج كمبيوتر (27 عاما) طالبة عدم ذكر اسمها « حاولنا الربط بين مضمون الحفل وبين قضيتنا. فالاسم بهية يحرك الناس ونحن هنا لدعم المعتقلين… الحفلات الغنائية تحمس الناس. »   وشاركت في الحفل ثلاث فرق فنية من بينها فرقة « حالة » المسرحية وهي أول فرقة في مصر تنتمي لاتجاه مسرح الشارع وقدمت عرضا فنيا استمدت أغلب فقراته من التراث.   وحفل العرض الذي قدمته الفرقة باسقاطات سياسية لكن مخرج العرض محمد عبد الفتاح شدد على أن الفرقة ليست جماعة سياسية بل فرقة فنية.   وشاركت في الحفل فرق أخرى منها « ضي » و »جميزة » بأشعار وأغنيات.   وانتقلت المدونات في مصر سريعا الى الانشغال بقضايا سياسية وقدمت تغطية سريعة لاحداث اعتداء على نشطين في يوم الاستفتاء على تعديل الدستور ووقائع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية العام الماضي والمظاهرات المؤيدة للقضاة واشتباكات طائفية في مدينة الاسكندرية الساحلية هذا العام.   ومن بين المدونات التي تتابع الاحداث أولا بأول « الوعي المصري » http://misrdigital.blogspirit.com.   ويقول كثيرون من أصحاب المدونات انهم لم يكن لهم نشاط سياسي قبل التدوين. وتقول شيماء « كانت لي اراء وكنت على اطلاع على الموقف ولكني لم أبدأ النشاط الفعلي الا عبر المدونات. »   وتوجد في المدونات محاولة مستمرة للتغلب على الاحباطات في الحياة السياسية والاجتماعية من خلال الكتابة الى جانب محاولات لكسر المحظورات في الفن والسياسة والدين والادب.   وتخصصت مدونة « بهية » http://baheyya.blogspot.com في التحليل السياسي بينما تحمل مدونات أخرى تجارب أدبية.   وأسماء المدونات المصرية لا يعبر أغلبها عن طبيعتها المتنوعة وأفكار اصحابها واتجاهاتهم. فهناك مدونات تحمل اسم أصحابها مثل مدونة « منال وعلاء » http://www.manalaa.net و »شيماء » و »عمر ».   وتحمل مدونات أخرى أسماء لا يعرف سرها الا أصحابها مثل « حوليات صاحب الاشجار » http://journal.gharbeia.net و »جيفارا والقطط العمياء » http://garad.blogspot.com و »جزمة حريمي » http://gazma7arimi.blogspot.com/. وهناك مدونات تعبر عن رأي صاحبها في الاوضاع الاجتماعية أو السياسية مثل « خربانة يا جدعان » http://alrahma.blogspot.com.   ومدونة « منال وعلاء » خاصة بزوجين من النشطاء وحصلت على جائزة منظمة « مراسلون بلا حدود » كأفضل مدونة باللغة العربية. ويوصف علاء واسمه علاء سيف الاسلام بأنه رائد المدونين في مصر وهو محتجز حاليا لاشتراكه في المظاهرات.   ومن بين المدونين البارزين النشط في حركة « كفاية » محمد الشرقاوي الذي يكتب على مدونة http://www.speaksfreely.net وقال ان السلطات عذبته بعد اعتقاله قبل حوالي أسبوعين لكن وزارة الداخلية نفت واقعة التعذيب.   من ماريان ناجي   (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 8 جوان 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

 

دعوة للتحالف من أجل عدالة دولية

فيوليت داغـر (*)   ثبّتت المحكمة العليا الإسبانية يوم الخميس أول يونيو/حزيران الحكم على تيسير علوني بالسجن سبع سنوات، وهو إجراء استثنائي في تاريخ القضاء الإسباني من جهة أنه لم تتم إعادة النظر في مضمون الإجراءات القضائية ولا في شكلها، بل تم تبني كل ما وقعت فيه المحكمة الوطنية الاستثنائية من أخطاء تضافرت فيها جهود القضاء وحكومة أثنار وحتى الصحافة الإسبانية للوصول إلى نقطة لا يبدو فيها الرجوع عن الخطأ فضيلة بل إراقة لماء الوجه.   إن هذا يؤكد مرة أخرى أن هذا الحكم وكل ما رافق الدعوة من مفاجآت وهفوات وتخمينات وتذبذب في القرارات، واتخاذ إجراءات منافية للمنطق، واعتماد وسائل غير قانونية، وتطبيق نظام السرية، وعدم الاطلاع على الملف بشكل كاف، ومشاركة أحد القضاة في التحقيقات الأولية، والجهل بمعطيات أساسية في ملف يعرض كأنه محاكمة العصر لما يسمى بخلية القاعدة الإسبانية، والاعتماد في اتهام الخلية على صلات بمنشق عن بن لادن منذ 15 عاما، وعدم اللجوء إلى خبراء في الحركات الإسلامية رغم أمية القضاة بهذا الموضوع، ودون أي اعتماد على قرائن موضوعية وأدلة قضائية بقدر ما تم الحكم بناء على القناعة الذاتية (كما يسمح القانون الإسباني؟)، ثم الخروج باتهامات يغلب عليها الطابع الردعي.. كل ذلك لا يمكن أن يكون إلا اقتصاصا من الزميل تيسير وفقا لقرار سياسي مسبق.   قرار لا يطال فقط الصحفي الذي كان على جبهات القتال في أفغانستان والعراق شاهدا أمينا في حرب أريد لها أن تكون بلا شهود، وإنما يضع الصحفي والقناة التي يعمل بها في فوهة النطق بالحكم.. ولو أن الثمن الذي يدفعه تيسير وعائلته أكبر بكثير من أي طرف آخر، ودون التقليل من الثمن الذي دفعه كل من شارك من قريب أو بعيد في هذه المعركة غير المتكافئة بأي حال من الأحوال.   جاء هذا الحكم الجائر كحلقة من سلسلة طويلة من التعديات على كل ما تمثله الشرعية الدولية والقانون الإنساني الدولي وتغليب شعار حفظ الأمن على مبدأ احترام الحريات.   فبذريعة الحرب على الإرهاب ضربت الضوابط القانونية والقواعد الأخلاقية التي حاولت البشرية أن تضعها خلال النصفية الثانية من القرن العشرين جراء ما عانته من عقابيل كوارث وأهوال حروب النصف الأول منه العالمية والإقليمية. وصار المبدأ اللاتيني « الضرورة تلغي القانون » منهجا قضائيا يضرب في الصميم دولة القانون على الصعيد الوطني والعدالة الدولية في العلاقات البشرية.   وضع كهذا يتطلب تضافر جهود المجتمعات المدنية في أنحاء العالم وبشكل عاجل وحاسم في تحالف يدافع عن مبادئ العدالة الدولية التي يستنزفها زحف أخطبوطي لمنظومات استثنائية موازية للعدالة الدولية تقود حملتها الإدارة الأميركية الحالية. تحالف على شاكلة التحالف السابق من أجل محكمة جنائية دولية والذي أدى منذ 1998 إلى ولادة المحكمة الجنائية الدولية. ذلك أن هذه الإدارة اتخذت من أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 ذريعة للالتفاف على أوضاع عالم يفترض المنطق وتطور البشرية أنه يتخلص تدريجيا من قوانين الغاب لبناء بيئة أكثر عدالة وتحررا من الطغيان والهمجية.   سعت إذن الإدارة الأميركية جاهدة للالتفاف على المحكمة الجنائية الدولية الناشئة واتفاقيات جنيف والعرف الدولي، كما عملت على ابتزاز الأمم المتحدة والحصول بالقوة والضغط على قرارات من مجلس الأمن للقيام بما تشاء. وعندما لم تستطع فعلت ما تريد من دون الحصول على إجماع دولي، وفي حالات عديدة في مواجهة الرفض الدولي الواسع لسياستها. وعندما لم تفلح في الحصول على قرارات أممية أبرمت اتفاقيات ثنائية أو تحالفات محددة في الزمان والموضوع بما يتناسب مع مصالحها الاقتصادية والجيوستراتيجية.     لتوضيح معالم هذه السياسة نستعرض بعض الأمثلة العيانية، خاصة في السنوات الأخيرة بدعوى الحرب على الإرهاب، لإرهاب الحكومات وإخضاعها لمطالبها:   –  اتخاذ قرار في مجلس الأمن ينص على عدم ملاحقة العاملين في قوات حفظ السلام من الأميركيين بتهم جرائم الحرب وغيرها.   –  إبرام اتفاقيات ثنائية مع دول صدقت على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية كي لا تتم محاسبة أو ملاحقة أميركيين على أراضيها.   –  توقيع القرار 17 من بريمر الحاكم الأول في العراق الذي يضع قوات الاحتلال فوق المحاسبة والقانون في العراق.   –  التمسك برفض تشكيل لجنة دولية للإشراف على الإنترنت في قمة المعلوماتية الأخير كبديل لهيمنة دولة واحدة على هذا القطاع.   –  اتخاذ قرار من المستشارين الأميركيين بتعريف خاص لجريمة التعذيب للالتفاف على ما وقّعت عليه هي نفسها، أي اتفاقية مناهضة التعذيب.   –  صدور قرار بمنع حصول أي تحويل بنكي على الصعيد العالمي لا يمر عبر مصارف نيويورك.   –  فرض قرار يطالب بكشوف كاملة ودقيقة على الجمعيات الإنسانية والخيرية في العالم الإسلامي والتي تقوم بالدور الذي يفترض من الحكومات أن تلعبه في مواجهة الفقر والبؤس، ما أدى إلى إقفال بعضها أو تجميد أموالها.   –  اتخاذ قرار بتعهد أية جمعية غير حكومية تنال مساعدة أميركية أهلية أو حكومية بعدم التعامل مع أي طرف تتهمه الإدارة الأميركية بالإرهاب.   –  استصدار قرارات تخول لها أن تتسلم خارج القضاء من تشاء من الأشخاص من غير مواطنيها وعندما تشاء ودون حتى تقديم دليل على اتهاماتها له.   قرارات كالعديد غيرها صيغت بنفس العقلية ولنفس الأغراض، ما أدى إلى فرض ما يشبه حالة الطوارئ على الصعيد العالمي، وبحيث يبدو العالم اليوم بالتالي كمن أصيب بالعدوى من مرض خبيث عندما اتخذ المثل الأعلى الذي يحتذيه هذا البلد المتقدم تقنيا واقتصاديا والذي ضرب كلا من البعدين الأخلاقي والقانوني في العلاقات الدولية لحساب نظرة ضيقة للمصالح الوطنية.   لكنه للأسف يتعامل مع المجتمع الدولي بقصر نظر لا مثيل له، حاله حال صبي الحارة الأرعن الذي يثير الذعر أينما حل بفرض إرادته على الآخرين بالقوة بسبب تضخم الأنا المرضي نتيجة غياب أو تهميش من يفترض أن يلعب دور راعي الرعية ويجسد عمليا أو رمزيا السلطة الأعلى.   هذه السلوكيات -أكان موضوعها فردا أم جماعة- تطرح إشكاليات متعددة كون انتفاء الضوابط لا يحوّل فقط الضعفاء في موازين القوى لضحايا لها، وإنما يجعل منها هي أيضا ضحية نفسها عندما لا تجد أمامها من يتصدى لعنجهيتها. والسلطة الأعلى هنا هي أولا مؤسسة الأمم المتحدة التي أنتجت -وبإجماع من الدول المجتمعة على مدى عقود- تشريعات واتفاقيات يفترض أن تنظم العلاقات بين البشر وتضبط السلوكيات على أسس مقبولة دوليا.   لكن للأسف كان هناك شروخ ونقاط ضعف في هذا الصرح، منها عدم وجود هيئة رادعة تستطيع أن تحاسب وتحاكم، ما سهّل للأجسام الغريبة النفاذ لهذا الكيان في طور الإنشاء والإجهاز على قدراته المناعية وطاقاته الدفاعية الكافية.   أما منظمات المجتمع المدني الناشئة فلم تستطع في ظل أنظمة قمعية أو غير ديمقراطية أن تقوم بدورها كسلطة مضادة فعالة. وحتى في ظل الأنظمة المسماة ديمقراطية،كانت السلطات التنفيذية تحاول تجاوز صلاحياتها كلما استطاعت إلى ذلك سبيلا، مطوقة السلطات التشريعية والقضائية والإعلامية لتحقيق مآربها وفرض الأمر الواقع عبر سياسات تلعب على وتر حماية أمن البشر من المخربين والإرهابيين والأصوليين والمتآمرين على مصالح البلد.   عندما تحتل مجموعة موقع المتنفذ وتتصرف كالمافيا، مبيحة لنفسها تطبيق نهجها والتعامل انطلاقا من الأيديولوجية التي اختارتها، متكئة على موازين القوة التي في صالحها لتفرض نموذجها على الآخرين، فهي لن تكون بأدائها أفضل من أية مجموعة أخرى تسميها هي إرهابية وتحاربها من هذا المنطلق.   الفارق هو ما بين إرهاب الدولة في مواجهة إرهاب جماعات مسلحة، بحيث لن تضاهي الثانية الأولى فتكا ودمارا بأي حال، بالنظر إلى القدرات التي تستند إليها والمكانة التي تشغلها، ما يؤدي إلى التعامل مع الأولى برهبة وإجلال كون سلطتها متأتية من شغلها مواقع هامة في الفعل والقرار السياسي، في حين تعامل الأخرى كالمنبوذ أو الشاة الضالة التي يجب أن تعود إلى الحظيرة كون تمردها يشكل خطرا على أمن الآخرين.   الآليات النفسية هي نفسها التي تتحكم بهذه النماذج، ويمكن أن نلخصها في آلية الخوف على الذات من الآخر بإسقاط ما في الذات من قلق وأوهام على هذا الآخر. خوف يتضاعف كلما كان الآخر مختلفا عن صورة الذات ويشكل رمزيا تهديدا لها.   لهذا نجد من يحاول أن يروض هذا الآخر ويتدخل في مجرى حياته لتحويرها بشكل يسمح بمراقبتها والسيطرة عليها أو استيعابها بالشكل الأقرب للفهم. وللوصول إلى قلب العملية هناك من يجد بدا من التدخل في المناهج الدراسية وكل ما يساهم في تشكيل ثقافة وعقلية وسلوكيات هذا الآخر للتأثير عليه وجعله مطواعا لتأثيراتها.   فالتثاقف لن يكون فاعلا بما فيه الكفاية عندما تكون المسافات الجغرافية بين الثقافات حائلا دون ذلك. وحتى في حال الاحتكاك المتواصل، يمكن أن ينحو التثاقف عند البعض منحى معاكساً للمطلوب عندما يتخذ شكل رد الفعل على ما يفترض أن يكون اندماجا وتخلصا من مركبات وعناصر ثقافية قديمة باستبدالها عناصر من النموذج المهيمن أو المفروض بها.   لكن إن كانت الصدمة وتراكم الإحباط يولد الخنوع والرضوخ للأقوى، فالوضع مع الوقت يمكن أن يتحول من اللامبالاة والقنوط إلى الاحتجاج والتمرد. وهذا ما بدأنا نرى تجلياته شيئا فشيئا، حيث يبدو العالم اليوم وكأنه بدأ يستفيق من غيبوبته ويلتقط أنفاسه ويحاسب هذه النظم بعدما استنتج ولمس إلى أين أودت بالعالم السياسات الرعناء التي تنتهجها.   مثال على ذلك قرار لجنة مكافحة التعذيب في الأمم المتحدة التي طالبت -ولو بعد حين- بإغلاق معتقل غوانتانامو والسجون السرية، رغم مثول 25 مسؤولا أميركيا ومحامي وزارة الخارجية أمام اللجنة التي لم ترضخ للضغوط وتبنت الإدانة.   مثال آخر هو رفض محكمة العدل الأوروبية منذ عدة أيام اتفاقا -بعد سنتين من توقيعه- ينص على تسليم شركات الطيران الأوروبية معلومات عن ركابها المسافرين للولايات المتحدة (توصل الطرف الأوروبي لتقليص عدد المعطيات المفروض عليه تبليغها من 50 إلى 34 وتقليل مدة تخزين المعلومات وذلك بعد مفاوضات وأخذ ورد).   هذا الاتفاق وقعته 25 دولة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ولكن لكونه منافيا للتشريعات الأوروبية التي تحمي الحريات الشخصية والحياة الخاصة، فقد انتهى الأمر بمحكمة لوكسمبورغ إلى نقضه إثر طلب طعن في الاتفاق تقدم به البرلمان الأوروبي قبل شهر وبعد فوزه بأغلبية في التصويت، وذلك رغم أن الأغلبية ضئيلة وأنه لاقى بعد أسبوعين معارضة من المفوضية الأوروبية التي وقفت مع الاتفاق.   لكن لأن السلطة التنفيذية كانت قد تجاوزت صلاحياتها بإبرام الاتفاق، فما كان من المحكمة سوى إعطاء المثل باتخاذ القرار الجريء، علما بأنه سيفتح حتى نهاية سبتمبر/أيلول المقبل معارك بين الطرفين ليس أقلها شن نوع من الحرب الاقتصادية والتهديد بالتأثير على السياحة وبتغريم شركات الطيران مبالغ قد تصل 6000 دولار عن كل راكب لا تقدم المعلومات المطلوبة عنه.   مع تبني مركز الحقوق الدستورية الأميركي إغلاق معتقل غوانتانامو، إلى جانب عدد هام من المنظمات غير الحكومية الأميركية، والوصول إلى إجماع على هذا الموضوع في الفضاء غير الحكومي في أوروبا، ونضوج فكرة الدفاع عن العدالة الدولية من أجل الحقوق المشروعة للشعوب والأشخاص في العالم العربي، أصبحت الأرض مهيأة لمؤتمر دولي كبير لمناهضة المنظومات الاستثنائية الموازية وبناء جبهة حقيقية للدفاع عن أهم منجزات البشرية في النصف قرن الأخير. فلنبدأ دون انتظار.   (*) رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان   (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 7 جوان 2006)


Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

18 novembre 2003

Accueil TUNISNEWS   4 ème année, N° 1277 du 18.11.2003  archives : www.tunisnews.net الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين : بيـــان

+ لمعرفة المزيد

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.