الخميس، 3 يناير 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2780 du 03.01.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:  بين عصا الجلاد ..و مطرقة القاضي ..! النقابة العامة للتعليم الأساسي »:لائحة الصراع العربي الصهيوني النقابة العامة للتعليم الأساسي: اللائحة العامة النقابة العامة للتعليم الأساسي: اللائحة الداخلية النقابة العامة للتعليم الأساسي: اللائحة المهنية رويترز:حزب تونسي معارض ينتقد حكما باعدام اثنين من الاسلاميين الحوار.نت: تونس : الأبنية الآيلة للسقوط تثير قلق المواطنين  نصر الدين بن حديد: النقّابة الوطنيّة للصحفييّن التونسيّين…من الأمل… إلى الشكّ!!! فهل من يقين؟؟؟؟ صابر التونسي:سـواك حـار (62) مراد رقية: سؤال الى وزارة الداخلية والتنمية المحلية التونسية:هل تجسّم معتمدية قصرهلال وبلديتها على أرض الواقع محمـد العروسـي الهانـي: حصاد سنة 2007 في مجال نتائج الإعلام الديمقراطي الذي حققه موقع الانترنات تونس نيوز في شتى المجالات بدر السلام الطرابلسي: ملف خاص بالبحث العلمي في تونس حقائق: في نزيف الجامعة : الفراغ الذي يعيشه الطلبة الشرق الأوسط :مدير إذاعة «الزيتونة»: مجلة الأحوال الشخصية التونسية هي مستقبل العالم الإسلامي القدس العربي:تاريخ تونس الحديث من خلال سيرة مصلح اجتماعي الشيخ راشد الغنوشي :الشيخ عبد الله الاحمر في ذمة الله .من يعوّضه؟ د. بشبر عبد العالي :رؤية تقويمية لإسهامات الشاطبي وابن عاشور المقصدية – الجزء الرابع عبدالباقي خليفة: مراجعة المفاهيم .. قراءة جديدة للمشترك ( 1 ) عامر عياد: لقد آن الأوان للتخلص من عملية الفصل بين واقع المثقف العربي و فعله ،بين انتمائه و بين خطابه الثقافي مصطفي الكيلاني :  الحاكم الأوحد.. سجين الحاشية.. والمجتمع أسير اللامبالاة


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


 
“ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 03 ديسمبر2008

متابعات إخبارية كشف الحساب..لقضاء .. »يكافح الإرهاب  » ..! :  بين عصا الجلاد ..و مطرقة القاضي ..!

 
أصدرت  الدائرة الجنائية الرابعة  بالمحكمة الإبتدائية بتونس برئاسة القاضي محرز الهمامي في ساعة متأخرة من مساء أمس الإربعاء  02/01/2008  أحكامها في القضية عدد 13927 التي أحيل فيها كل من : محمد العقربي و مالك الشراحيلي و إبراهيم القارصي و ربيع العقربي و ميمون علوشة و مجدي الزريبي   بموجب قانون 10ديسمبر 2003  » لمكافحة الإرهاب  »  و قد قضت باتصال القضاء في حق ميمون علوشة لسبق الحكم عليه لنفس التهم في قضية سابقة و بثلاث سنوات سجنا لبقية المتهمين المحالين بحالة إيقاف . و الجمعية إذ تجدد التأكيد على أنه لا مصداقية لهذه المحاكمات ما دامت تعتمد محاضر تنتزع الإعترافات فيها تحت التعذيب فإنها تذكر بأن المتهم ميمون علوشة قد حوكم رغم وجود تقارير طبية تؤكد أنه معاق ذهنيا و غير مسؤول جزائيا ..

قانون غير دستوري + محاضر مزورة + اعترافات تحت التعذيب + قضاة متحيزون + هضم لحقوق الدفاع + إجراءات استثنائية =  » محاكمة عادلة  » ..!

نظرت  الدائرة الجنائية الثانية  بالمحكمة الإبتدائية بتونس برئاسة القاضي عبد الرزاق بن منا اليوم الخميس 03 جانفي 2008  في القضية عدد 13607 التي يحال فيها كل من : مبروك الخماسي و غازي صولة و رشاد بن جعفر و رمزي الوشتاتي و هيكل التواتي و رياض المحواشي و عبد المجيد البوسليمي و هشام المرساني و الهادي المرواني و إلياس الهذلي بتهم الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و استعمال تراب الجمهورية لانتداب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي داخل تراب الجمهورية و محاولة توفير أسلحة و متفجرات و ذخيرة و مواد و معدات و تجهيزات مماثلة لفائدة تنظيم إرهابي  ، و قد كانت هيئة الدفاع مكونة من الأساتذة : سمير بن عمر و راضية النصراوي و الهادي العباسي و كلثوم الزاوي  ، و بعد مرافعات المحامين  قرر القاضي حجز القضية للمفاوضة و التصريح بالحكم إثر الجلسة . عن لجنة متابعة المحاكمات        الكاتب العام للجمعية الأستاذ سمير ديلو

 

تونس في 03 ديسمبر 2007 الإتحاد العام التونسي للشغل النقابة العامة للتعليم الأساسي (اجتماع الهيئة الإدارية)

لائحة الصراع العربي الصهيوني

 
نحن أعضاء الهيئة الإدارية الوطنية القطاعية المجتمعون اليوم 03 ديسمبر 2007 بدار الإتحاد العام التونسي للشغل برئاسة الأخ محمد المنصف الزاهي الأمين العام المساعد المسؤول عن الوظيفة العمومية و بعد تدارسنا للوضع العربي الراهن و ما تعيشه أمّتنا العربية من هجمة شرسة على مقدراتها من قبل الإمبريالية و الصهيونية و بتواطئ من الأنظمة الرجعية نعبّر عن :   1) إكبارنا للمقاومة الباسلة في العراق و فلسطين و لبنان. 2) دعمنا اللامشروط للمقاومة في كل قطر عربي مستهدف من قبل الإمبريالية و الصهيونية. 3) رفضنا لكل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني و إدانتنا لحالة الصمت العربي و هرولة الأنظمة العربية للمشاركة في مؤتمر أنابوليس الهادف إلى تصفية القضية الفلسطينية.   عاشت نضالات المعلمين. عاش الغتحاد العام التونسي للشغل ديمقراطيا مستقلا و مناضلا.   رئيس الهيئة الإدارية الأمين العام المسؤول عن الوظيفة العمومية محمد المنصف الزاهي     المصدر نشرية : » الديمقراطية النقابية و السياسية  » عدد 112 ليوم 01 جانفي 2008   Liens :  http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p/
 http://groups.google.com/group/democratie_s_p/

تونس في 03 ديسمبر 2007 الإتحاد العام التونسي للشغل النقابة العامة للتعليم الأساسي (اجتماع الهيئة الإدارية) اللائحة العامة
 
نحن أعضاء الهيئة الإدارية الوطنية القطاعية المجتمعون اليوم 03 ديسمبر 2007 بدار الإتحاد العام التونسي للشغل برئاسة الأخ محمد المنصف الزاهي الأمين العام المساعد المسؤول عن الوظيفة العمومية و بعد تدارسنا للوضع العام دوليا و قوميا و قطريا نعبّر عن :   1) تواصل هيمنة الإمبريالية الأمريكية و الصهيونية على مقدرات الشعوب، 2) عودة الإستعمار المباشر في فلسطين و العراق و أفغانستان، 3) التضييق على العمل الاجتماعي و النقابي، 4) محاولات تقسيم بعض الأقطار العربية إلى كيانات غير قادرة على الصمود أمام المشروع الإمبريالي الصهيوني (السودان، العراق، لبنان…)، 5) تواصل خنق الحريات العامة و الفردية و التضييق على منظمات المجتمع المدني المستقلة و محاصرتها، 6) مواصلة التفويت في القطاع العام لفائدة القطاع الخاص و تنامي ظاهرة الأشكال الهشة للتشغيل، 7) تدهور المقدرة الشرائية للمواطن نتيجة الارتفاع الجنوني للأسعار، 8) احتكار مادة أساسية (الحليب) يحتاجها الجميع و خاصة الأطفال و الرضع.   نعلن عن : 1) رفضنا لهذه الهيمنة الأمريكية و التصدي لها، 2) دعمنا للمقاومة في فلسطين و العراق مادّيا و معنويّا، 3) دعوتنا إلى مزيد التضامن النقابي العالمي، 4) مطالبتنا برفع التضييقات على الجمعيات و المنظمات المستقلة، 5) تمسكنا بالقطاع العام، 6) مطالبتنا بربط الزيادة في الأجور بالزيادة في الأسعار، 7) مساندتنا المطلقة للأساتذة المضربين عن الطعام دفاعا عن حقهم في الشغل.   عاش الإتحاد العام التونسي للشغل ديمقراطيا مستقلا و مناضلا.   رئيس الهيئة الإدارية الأمين العام المسؤول عن الوظيفة العمومية محمد المنصف الزاهي
المصدر نشرية : » الديمقراطية النقابية و السياسية  » عدد 112 ليوم 01 جانفي 2008   Liens :  http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p/
 http://groups.google.com/group/democratie_s_p          

تونس في 03 ديسمبر 2007 الإتحاد العام التونسي للشغل النقابة العامة للتعليم الأساسي (اجتماع الهيئة الإدارية) اللائحة الداخلية
 
نحن أعضاء الهيئة الإدارية الوطنية القطاعية المجتمعون اليوم 03 ديسمبر 2007 بدار الإتحاد العام التونسي للشغل برئاسة الأخ محمد المنصف الزاهي الأمين العام المساعد المسؤول عن الوظيفة العمومية و بعد تدارسنا للوضع النقابي الداخلي،   ·نعبّر عن : 1) اعتزازنا بانتمائنا لمنظمتنا العتيدة التحاد العام التونسي للشغل حرا ديمقراطيا مستقلا و مناضلا، 2) تثميننا للمواقف الصادرة عن لوائح الهيئة الإدارية الوطنية و عن بيانات المكتب التنفيذي للإتحاد العام التونسي للشغل و ندعو إلى تنفيذها دعما لنضالات القطاع، · ندعو إلى : 1) احترام القانون الأساسي و النظام الداخلي للمنظمة و كل مقررات سلطات القرار القطاعية، 2) إعطاء القطاع حقه في التفرّغات بما يتناسب و حجمه داخل المنظمة و فتح هذا الملف عامة داخل الإتحاد طبق مقاييس واضحة و شفافة، 3) التعجيل بانعقاد المجلس الوطني القطاعي، 4) تمكين القطاع من خوض المفاوضات الاجتماعية القادمة منفردا، 5) مساندة الإخوة المضربين عن الطعام و الوقوف إلى صفهم، كما نؤكد رفضنا القاطع لكل ما يمسّ من كرامة و هيبة أي مسؤول نقابي، و تنقية للأجواء و حفاظا و تعزيزا لوحدة الصف النقابي ندعو إلى طي الملف نهائيا.   عاش الإتحاد العام التونسي للشغل ديمقراطيا مستقلا و مناضلا.   رئيس الهيئة الإدارية الأمين العام المسؤول عن الوظيفة العمومية محمد المنصف الزاهي   المصدر نشرية : » الديمقراطية النقابية و السياسية  » عدد 112 ليوم 01 جانفي 2008   Liens :  http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p/

تونس في 03 ديسمبر 2007 الإتحاد العام التونسي للشغل النقابة العامة للتعليم الأساسي (اجتماع الهيئة الإدارية) اللائحة المهنية
 
نحن أعضاء الهيئة الإدارية الوطنية القطاعية المجتمعون اليوم 03 ديسمبر 2007 بدار الإتحاد العام التونسي للشغل برئاسة الأخ محمد المنصف الزاهي الأمين العام المساعد المسؤول عن الوظيفة العمومية و بعد تدارسنا للوضع النقابي القطاعي و الوضع النقابي العام،   I- نطالب ب : 1) احترام الحق النقابي و تقنينه، 2) احترام الإتفاقية المبرمة بين الإتحاد العام التونسي للشغل و النقابة العامة للتعليم الأساسي من جهة و وزارة التربية و التكوين من جهة أخرى في خصوص : أ- مذكرة سنة 1993 الخاصة بإسناد إدارات المدارس الإبتدائية بصفة وقتية. ب- اتفاقية 08 أوت 2007 و خاصة فيما يتعلق بالحركة النظامية و انعكاساتها الاستثنائية لكل من المعلمين و المديرين. ت- اتفاقية 01 نوفمبر 2006 المتعلقة بانتداب النواب. 3) إرجاع من تبقى من المساعدين البيداغوجيين إلى سالف خططهم و في نفس مراكز عملهم، 4) إلغاء قرارات التمديد بسنة تربص للمتربصين، 5) التراجع عن تركيز مجالس المؤسسة ما لم يتم إنهاء التفاوض في شأنه، 6) عقد جلسات بين النقابات الجهوية و الإدارات الجهوية لتحديد قائمات المدارس الريفية، 7) التراجع في النقل التعسفية التي شملت العديد من المعلمين و احترام الصفة النهائية. II- نعلن عن :    رفضنا المطلق لسياسة المماطلة و التسويف التي تعتمدها الوزارة في الملفات المطروحة و ضرب مصداقية التفاوض. و نعبّر عن : استعدادنا لمواصلة النضال بكل الوسائل المشروعة بما فيها الإضراب في حال عدم استجابة وزارة الإشراف لمطالبنا المذكورة أعلاه و نفوّض لنقابتنا العامة بالتنسيق مع المكتب التنفيذي الوطني تحديد تاريخه.   عاش الإتحاد العام التونسي للشغل ديمقراطيا مستقلا و مناضلا.   رئيس الهيئة الإدارية الأمين العام المسؤول عن الوظيفة العمومية محمد المنصف الزاهي
المصدر نشرية : » الديمقراطية النقابية و السياسية  » عدد 112 ليوم 01 جانفي 2008   Liens :  http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p/
 http://groups.google.com/group/democratie_s_p 

إعلام هام من إدارة موقع الحوار نت

 www.alhiwar.net تعلم إدارة الحوار نت السّادة والسّيدات زوّار الموقع أنّ البريد العادي   info@alhiwar.net 

قد توقـف مؤقتا بسبب تغييرات تقنية…

وإلى حين عودته عن قريب للعمل بحول الله ، نهيب بكم أن تتواصلوا معنا عبر البريد المؤقت التّالي: alhiwarmail@googlemail.com كما نطلب منكم إستعمال هذا الرابط لزيارة الموقع  www.alhiwar.de. مع تحيات إسرة الحوار نت…معا من أجل كلمة حرّة واعية  مسؤولة للجميع.


 تصويب إلى القرار الأفاضل: قام موقع تونسنيوز بنشر مقالي «صيحة إعلامية : «إلى أين نحن ذاهبون يا أبناء مهنتي؟»»، ضمن عدد الأمس بتاريخ 02 جانفي 2008، وقد وددت الإشارة إلى أنّ المقال كنت قد كتبته لصحيفة «الطريق الجديد» عدد شهر جانفي 2007، أي منذ عام تقريبًا. أردت من خلال هذه الإشارة تبيان حقائق الأمور، سواء من حيث موقع النشر، احتراما للمشرفين على صحيفة «الطريق الجديد» وأيضًا القول أنّ كلّ ما ورد في المقال، يبقى ليس فقط صائبًا، بل ينطبق على الواقع وما نشهد من استعدادات لعقد المؤتمر. مع تجديد الشكر للمشرفين على الموقع، والشكر لمن تكلّف بإرسال المقال إلى الموقع…

سيكنة عبد الصمد


 

حزب تونسي معارض ينتقد حكما باعدام اثنين من الاسلاميين

 
Wed Jan 2, 2008 8:00am GMT  تونس (رويترز) – انتقد حزب تونسي معارض حكما باعدام اسلاميين ادينا بالقتل والعصيان المسلح مؤكدا على ضرورة الغاء عقوبة الاعدام. وقضت محكمة تونسية يوم الاحد الماضي باعدام صابر الرجوبي وعماد بن عامر المنتمين الى جماعة سلفية تضم 30 شخصا وبالسجن المؤبد على ثمانية آخرين بتهم الانضمام لتنظيم ارهابي وحث السكان على العصيان المسلح والقتل بعد مواجهات مسلحة مع الامن مطلع العام الماضي. وقال الحزب الديمقراطي التقدمي في بيان نشر يوم الاربعاء على موقعه على الانترنت « ينبه الحزب الى خطورة اصدار احكام بالاعدام ويؤكد مجددا على ضرورة الغاء عقوبة الاعدام في بلادنا تماشيا مع تقديس الحق في الحياة وتطور الوعي البشري الذي تخلى عن مثل هذه العقوبات. » وتصدر احكام الاعدام في تونس في حالات نادرة لكنها لا تنفذ في اغلب الحالات. ويعود تنفيذ اخر حكم الى أكثر من سبع سنوات.

 

تونس : الأبنية الآيلة للسقوط تثير قلق المواطنين

 
تونس – معز الجماعي مراسل الحوار.نت – بعد حادثة سقوط عمارة في مدينة الإسكندرية المصرية و تسببها في مقتل 35 شخص ، أصبحت مسألة الأبنية الآيلة للسقوط في تونس تثير قلق المواطنين خاصة في ولاية قابس التي عاشت سنة 2006 على وقع كارثة خلفت 8 ضحايا و عدد من الجرحى بسبب انهيار جدار مركز التربصات .و منذ ذلك التاريخ يطالب متساكني الجهة السلطة بوضع حل نهائي لهذا الموضوع الذي يهدد حياتهم ،و رغم ذلك لم يستطع المجلس البلدي (1) حسم الأمر و فشل خلال جلساته في اتخاذ قرار الهدم لعدة اعتبارات أهمها ملكية عدد من الأبنية التي تعود إلى اليهود التونسيين الذين هاجروا إلى أوروبا و الكيان الصهيوني و لم يفرطوا في ممتلكاتهم (2) و كلفوا المحامي « الساسي لخرش » (رئيس بلدية قابس السابق) بالاعتناء بها . و تقع أغلب الأبنية الآلية للسقوط وسط المدينة و تتمثل في منازل،عمارات و كنيسة… و من المفارقات أن البلدية وضعت على هذه المباني لافتات تنبه بعدم الاقتراب(لا تقتربالمبنى آيل للسقوط) و هو ما استغربه المواطنين و طالبوا برفع هذه اللافتات و اتخاذ قرار الهدم و اعتبروا أن سلامتهم و أرواحهم أهم من مشاعر اليهود .و تجد الإشارة أنه يوجد بين الأبنية الآيلة للسقوط في قابس عدد من المدارس و المعاهد (مدرسة محمد على،معهد فرحات حشاد،كلية اللغات…) و لم يقع غلقها و لا تزال تستقبل مئات التلاميذ و الطلبة يوميا. و تواجه بلدية قابس منذ سنة 2005 عديد الانتقادات حتى من قبل الصحافة الوطنية الموالية للسلطة .و هنا لابد لنا أن نتسائل عن المقاييس التي اعتمدتها رئاسة الجمهورية في منح بلدية قابس جائزة رئيس الجمهورية لأحسن بلدية لسنة 2007 و قيمتها مليار من المليمات ؟و أين ذهب هذا المبلغ الذي وقع تسلمه منذ شهر أوت خاصة أننا لم نلاحظ تنفيذ أي مطلب من مطالب متساكني الأحياء الشعبية التي تفتقر للإنارة و تعبيد الطرقات…؟؟؟ (1)  المجلس البلدي بقابس وقع تنصيبه خلال الانتخابات البلدية سنة 2005 بعد إقصاء القائمة الوحيدة المنافسة له (قائمة جامعة قابس للحزب الديمقراطي التقدمي) التي ترأسها الشاعر « مصطفى يحي » و ضمت 40 من خيرة أبناء الجهة. (2)  يوجد بين المباني التي لا تزال على ملك اليهود في قابس منزل مجرم الحرب « سيلفام شالوم » و قد زاره سنة 2005 وسط استنكارات واسعة نددت بتدنيسه لأرضي الجهة. معز الجماعي

النقّابة الوطنيّة للصحفييّن التونسيّين… من الأمل… إلى الشكّ!!! فهل من يقين؟؟؟؟

نصر الدين بن حديد تمثّل الانتخابات في البلدان جميعًا، وأساسًا في تلك التي تفتقد إلى حركيّة سياسيّة فاعلة ونسيج مجتمعي متّقد، فرصة لتبيّن مدى تقيّد الفاعلين بما تمليه لزوميات الممارسة الانتخابيّة وأيضًا يمكن أن يستشفّ علماء الاجتماع من مجمل الفعل وتراكمات الخطاب مدى قدرة مجموعة بعينها، ليس فقط على فرز نخبها القياديّة، بل ـ وهنا تكمن الخطورة ـ في مدى النضج ومدى القدرة على تجاوز الفعل الراهن إلى البناء الفاعل… الصحافة قطاع نوعي، هكذا اعتدنا القول أو هكذا قال من سبقنا وقد تراوحنا ـ نحن أهل القلم ـ بين تسليم يذكي غرورنا وشكّ خفنا أن يحطّم الكبرياء فينا. لكنّ الواقع ـ مهما حاولنا تجاوزه ـ يلاحقنا، حين تراجعت القدرة الشرائيّة وصار التهميش سمة القطاع، بل عمّت الفوضى حتّى أصبح الصحفي يذهب إلى فراشه ـ على قول أحد الزملاء ـ آملا أن يعوضّ في الحلم سوداويّة الواقع الأليم… صار الحلم بالغد الأفضل كابوسًا، بل تراجع عدد الصحفيين المطمئنين إلى حيز مقلق، ومن ثمّة ازداد الحيرة وعلا الألم الوجوه في الاجتماعات العامّة، إضافة إلى ما ساقه البعض من شهادات أبكتت البعض وأسكتت الآخرين من الحرقة… ربّما لا يتخيّل القارئ الذي اعتاد من صور الصحفي، ذلك «المالك للحقيقة» أن يراه في صورة ذلك «الفاقد للأمل»… تلك هي الحقيقة المرّة والواقع الأليم… تضطّر ظروف المهنة الصحفيين ركوب الصعاب من أجل معلومة أو صورة يقدّمونا للقارئ أو المستمع أو المتفرّج… ذلك هو قدرنا وذلك هو واجبنا وتلك هي لذّة لا تضاهيها لذّة، لمن لم يمارس الصحافة ولم يكتوي بنار حبّها… لكنّ الصحفي مجبر على ركوب الصعاب من أجل لقمة العيش ومن أجل توفير حليب صغاره أو معالجة مرض أصابه… ما الذي تفعله زميلة من إذاعة المنستير تتقاضى 80 دينار شهريّا؟؟؟ ما الحالة النفسيّة التي يكون عليها صحفي عليه المداومة في مقاهي شارع الحريّة، علّه كمثل «عمّال التراحيل» في مصر يجد شغلا وقد لا يجد لأسابيع، وليس له من أجرة قارّة… حالات كمثل هذه صارت لبعض الصحفيين خبزهم اليومي ولسنوات عديدة… نعترف ـ من باب أنّ الحقيقة عارية أو لا تكون ـ أنّ هذه الظروف الصعبة دفعت البعض إلى تجاوز المحظور، لكنّ الواجب يدعونا إلى الجزم بأنّ الغالبيّة العظمى من الصحفيات وخصوصا الصحفيات، رفضوا ورفضن المساومات وأكلوا وأكلن الحصرم على التفريط لحظة واحدة في شرف، كان سيضيع كامل العمر… على الجيل المتقدّم في السنّ أن يعترف ـ سواء جاء ذاك من باب الفخر أو الأمل أو الاثنين معًا ـ أنّنا نملك جيلا من الصحفيين الشبّان يثلج الصدر وينعش الفؤاد وينزع عن قلوبنا بعض الغمّة التي أصابته… حين نرى من قارب سنّ التقاعد وقد أدمن الذلّ، ونرى في الآن ذاته صحفي متعاون، ليس له من ضامن، يرفع الصوت وينادي في جمع بين الأدب في القول والصرامة في المتن، بحقوقه وحقوقه زملائه، يحسّ الجيل المتقدّم في السنّ بأنّ المستقبل زاهر وأنّ الربيع قادم مهما طال زمن هذا الشتاء الموحش… هذا الجيل الشاب يقدّم كلمة جميلة وصوتًا عذبًا وصورة جذّابة، وهو يملك رؤية تختلف عن رؤية من سبقه، ومن حقّه أن نسمع صوته ونشركه في اتّخاذ القرار ومن حقّه أن يضع رجله ـ بل كامل ثقله ـ على سدّة القيادة، من يقدر على صناعة هذه الكلمة وهذا الصوت وهذه الصورة، لا يمكن أن يكون «غير مكتمل الرجولة أو الأنوثة الصحفيّة»… هذا الجيل مؤهل للقيادة ومسك زمام الأمور ومنهم من يتحمّل ـ عن دراية ومهنيّة وجدارة ـ مسؤوليات قياديّة… من المؤسف أن يتمّ حرمان هذا الجيل من حقّه في الترشّح، ومن المحزن أن يشعر هذا الجيل بالغبن ومن العار أن تتمّ مجازاة هذا الجيل بمثل هذا الرفض وهذا الإقصاء وهذا الإسقاط… حين ينسى البعض أنّ النبوغ لا ينتظر عدد السنين، وحين ندرك أن النزاهة ـ كما الرجولة والأنوثة ـ لا تترقب دهرًا، لأنّ فائق الكرامة ينغمس مع مرور السنين في الرذيلة ولا يصبح بمجرّد اكتمال التجربة المهنيّة أكثر نزاهة وأرفع قيمة وأزيد شرفًا… على البعض أن يفهم أنّ فاقد الشيء لا يمكن أن يقدّمه، وأنّ الشوك لا ينبت أقحوانًا، وأنّ الأتان لا تلد جوادًا أصيلا… الصحفيون والصحفيات كمثل الخيول المسومة معقودة من نواصيها، أيّ أنّ الجيّد منها يبدو من أوّل يوم له في الدنيا ولا ينتظر الكهولة… تلك أمور يجهلها البعض… أو هم يعلمونها… الصحفيون كالتاريخ لا يظلمون ولا يرحمون ولا ينسون ولا يغفرون… هذا المقال صدر على صفحات «مواطنون»، عدد 43 الصادرة بتاريخ 2 جانفي 2008، في ركن «ورقة التوت»
 

سـواك حـار (62)

 
(…) محرز الهمامي رفض إعطاء الكلمة للعميد أصلا و طلب من أحد المحاميين التجوعيين القائمين بالحق الشخصي الترافع وهو ما أدهش الحاضرين من مثل هذا التصرف الأرعن لمحرز الهمامي الذي توجه لعميد المحامين بكل مكابرة و استهزاء مسديا له أمرا بالسكوت بحدة لافتة وهو ما يشكل في ذاته إهانة صريحة لكافة المحامين (تونس نيوز: جمعية د م م س) يبدو أن السيد « محرز الهممامي  » مصر على أن يخلد التاريخ إسمه في سجل القضاء التونسي!! … لقد تم لك ذلك سي « محرز » ودخلت التاريخ!! من باب واسع يشبه ذاك الباب الذي دخل منه الأعرابي الذي تبول في بئر زمزم ليذكره التاريخ!! منعت اليوم الخميس 29/12/2007 إدارة سجن برج الرومي عائلة سجين الرأي الشاب زياد الفقراوي من زيارته (…) و قد تمكنت محاميته الأستاذة راضية النصراوي من زيارته و ذلك بتكليف من عائلته التي أرادت الاطمئنان على صحته المتدهورة جدا بعد الاضراب الأخير عن الطعام الذي شنه و دام أكثر من شهرين ( 61 يوما ). (تونس نيوز: حرية وإنصاف) جاد السجين بما لديه وعبر عن وطنية عالية حيث أنه ساهم بما يملك في حملة « التضامن » لفائدة صندوق 26 / 26 واستغنى عن أكله 61 يوما لفائدة الصندوق المذكور!! … أليس ذلك مدعاة لتكريمه وإخراجه من السجن؟! بمناسبة عيد الأضحى المبارك وحلول السنة الإدارية الجديدة يسعد الاتحاد الديمقراطي الوحدوي وأسرة تحرير جريدة « الوطن » أن يتقدموا بأحرّ التهاني وأزكى الأماني إلى سيادة الرئيس: زين العابدين بن علي وإلى أعضاء الحكومة وكافة أفراد الشعب التونسي في الداخل والخارج راجين من الله عزّ وجلّ أن يعيد عليهم مثل هذه المناسبات بالخير واليمن والبركة وعلى تونس بمزيد من المناعة والازدهار (الوطن: الإتحاد الديمقراطي الوحدوي) تطابق الإسم مع المسمى واتفق الإتحاد والتجمع على صفة « الديمقراطي » واتحدا على شخص « السيد » الرئيس! … ومع ذلك لا أظن أن حرم الرئيس ستغفر لهم عدم تخصيصها بالتهنئة خاصة وأنها لا تقبل أن تكون من أعضاء الحكومة أو ـ حتى ـ من أفراد الشعب التونسي!! بعد معاناة استمرت 7 أيام متتالية، استقبلت غزة حجاجها بالزهور ابتهاجا بعودتهم عندما سمحت السلطات المصرية اليوم الأربعاء بدخول الحجاج القطاع عبر معبر رفح. (علا عطا الله: إسلام أون لاين) « مصر » لا تمنع ولا تسمح وإنما تُؤمر فتمنع و يُؤذن لها فتسمح بعد أن تنوب عن « المانع » و »السامح » خير نيابة وتكفيه كما يجب أن تكون الكفاية!! …. وزيادة!! وكانت أنباء قد ترددت عن أن الحجاج سيتمكنون في نهاية الأمر من دخول القطاع من معبر رفح بعد أن جرى التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل ومصر. لكن هذا الاتفاق مشروط بقيام الجانب المصري بالتدقيق والتفتيش في أمتعة الحجاج؛ للتأكد من الأموال التي وردت أنباء عن نقلها مع الحجاج الموجود بينهم قيادات من حماس. (علا عطا الله: إسلام أون لاين) و »ذوي القربي » أعلم بالأماكن التي يمكن أن يخبأ فيها الأقرباء الأموال أو المساعدات!! … وذلك لأنهم أعرف بهم!! وتفتيش « ذوي قربى » أشد على الحجاج وأدق من « نسنسة » كلاب الأعداء المدربة!! أفضل‮ ‬شخصية‮ ‬سياسية‮ ‬خارج‮ ‬دائرة‮ ‬الممارسة‮ ‬السياسية‮!‬ وإذا لم يعرف شيخ الإصلاح السابق ( عبد الله جاب الله) بنشاط سياسي بارز خلال العام 2007، فلعل فوزه بلقب أفضل شخصية سياسية للعام 2007 بنسبة 28.25 بالمائة (5390) مرده إلى حادثة الإقصاء التي تعرض لها من طرف وزارة الداخلية التي منعته من المشاركة في الإنتخايات التشريعية شهر ماي الماضي، وجردته من الحزب الذي أسسه وهو حركة الإصلاح الوطني التي استأثر بها خصومه السابقون في الحركة، … (الحوار نت: نقلا عن « الشروق اليوم الجزائرية) عاش يتمنى في عنبة « مات » علقولوا عنقود!! لاشك أنكم مدركون للتحديات الضخمة والصعوبات الجمة التي يواجهها أكثر الطلاب المتدينين إذا فكروا في الدخول في حلبة العمل السياسي في تونس. فهم إذا ما تعاطفوا مع أي حركة إسلامية سياسية غير معترف بها، أصبحوا تحت طائلة القانون الذي يجرم الإنتماء لجمعيات سياسية غير مرخص بها. (د. الهاشمي الحامدي: تونس نيوز) كلام جميل ظاهره تحذير وباطنه تقريع لمن أغلق كل أبواب العمل السياسي المنظم أمام الطلبة ولم يترك لهم إلا الإنضمام للتجمع أو المواجهة!! وهو كلام له خبيء، معناه ليست لنا ديمقراطية! إذا تأملتم بموضوعية وإنصاف، فستجدون أن حكومتنا مسلمة، وأن حزب الشيخ الثعالبي والزعيم بورقيبة والرئيس بن علي حزب إسلامي وطني. (د. الهاشمي الحامدي: تونس نيوز) رغم أن إعطاء صفة « الإسلامي » لتجمع « بن علي » هو تكفير لما عداه من الأحزاب!! … ـ بمنطق البشير التكاري ومن على نهجه طبعا ـ فإنه يجدر تنبيه الطلبة الإسلاميين بأن « التجمع » أمامهم و »الداخلية » ورائهم ولا خيار لهم إلا أن يقبّلوا « الأفعى » أو يسقطوا في « البئر »!! ســواك: صابر التونسي
 
المصدر: موقع « الحوار.نت » بتاريخ  03 جانفي 2008 )


سؤال الى وزارة الداخلية والتنمية المحلية التونسية هل تجسّم معتمدية قصرهلال وبلديتها على أرض الواقع

مقولة »ادارة تخدم المواطن أو تلتزم بخدمة المواطن »؟؟؟

مراد رقية
يجدر بنا الاشارة بداية وقبل الخوض في هذه المسألة التي تشغل بالحاح بال المواطن الهلالي التذكير ببعض التواريخ المرجعية من خلال الاشارة الى احداث مركزالخلافة بقصرهلال في أكتوبر1864 تولاه الحاج خليفة الكعلي الى غاية استقالته في 6 سبتمبر1887،ونصّب اثره صهره محمد الناصر بن الحاج سالم بن المحرصية،والذي تولاه الى غاية12نوفمبر1893 قبل أن يعزل ويعيّن مكانه حسين بن خليفة المكسي الذي كان قبل ذلك شيخا على جرابة المكنين وقصرهلال.وقد كان ارتكابه لخطأ مهني سببا في الغاء الخلافة التي تتخذ من »دار النزالة » مقرا لها في 17 جانفي1897 واعادة الحاقها بخلافة المكنين،وقد ظل أهالي قصرهلال يطالبون باسترجاعها الى غاية 2 فيفري1951.   وقد أنشأت بالمدينة في29 أفريل1946 لجنة تباشر الشؤون البلدية دعيت ب »لجنة الأعيان »يرأسها عامل المنستير،وكاهيته كاهية المكنين،ويمثل السكان فيها أربعة أعيان عن كل مشيخة،فكان ممثلو المشيخة الجوفية أي الشمالية،أحمد بن محمد الممّي ومحمد بن يونس الكعلي ومحمود بن أحمد سعيدان وامحمّد بن عمرنوّار،وكان ممثلو المشيخة القبلية أي الجنوبية،حسن بن صالح الزرّاد وعلي بن محمد النكتي وحميدة بن محمد القصّاب وصالح بن عمر الديماسي.ونشأت البلدية يوم23 سبتمبر1948 وكانت تركيبتها على النحو التالي، -الرئيس/الهادي صفر عامل المنستير. -كاهيته/محمد السبعي كاهية المكنين. -المستكتب المترجم/حسن بن محمود بن محمد الزرّاد. -المستشارون/محمد بن العامري الكعلي،أحمد بن الحاج ابراهيم بورخيص،أحمد بن عمر القنّوني،الهذيلي بن علي رضوان،يحي بن علي ابراهم،صالح بن محمد سعيدان،محمد بن سالم بن الشيخ،ثم أضيف اليهم الصادق بن علي الديماسي.   وبرغم الأسبقية التي تميزت بها مدينة قصرهلال في المجال الاصلاحي والجمعياتي من خلال احتضان أولى التجارب النعاونية الصناعية منذ1913 واحتضان مؤتمر2 مارس 1934 وفي المجال الاجتماعي من خلال الدور المحوري والمتميز للخير الكبير والرائد العصامي للنهوض الاجتماعي الحاج علي صوّة(1870-1953)مما جعلها منارة مميزة جهويا ووطنيا حتى أطلق عليها تسمية »ليون الصغيرة »لنشاطها الصناعي المتميز ولحركتها التجارية التي كانت مضربا للأمثال ومثالا يحتذى داخليا وخارجيا من خلال اطاراتها الصناعية وكفاءاتها الادارية المرموقة والخلاقة،الا أن قصرهلال تعيش هذه الأيام أوضاعا صعبة مفروضة عليها من الخارج والداخل على السواء يتضامن في تكريسها والحيلولة دون تغييرها هيكلان اداريان الأول نشأ سنة1948 والثاني نشأ سنة1966 يرجعان بالنظر لوزارة الداخلية والتانمية المحلية هما بلدية ومعتمدية قصرهلال اللذان أصبحا متضامنان وملتزمان باجماع عامة سكان المدينة في تكريس جمودها وحرمانها المقصود والمتعمد من الامكانيات والتجهيزات التربوية والصحية والثقافية والشبابية والطفولية لتحويلها الى « منطقة منكوبة »،وكذلك من الأنشطة الجمعياتية والثقافية التي تليق بماضي المدينة وبتضحياتها التي لا تدخل تحت حصر؟؟؟   فاذا كان هذان الهيكلان ملتزمان حقا بمقولة »ادارة تخدم المواطن »أو تلتزم بخدمة المواطن فمن يحاسبها على ما يتخبطان فيه من سوء تصرف وجمود وانعدام مبادرة جعلت من مدينتنا « منطقة ظل عصرية »جذابة الواجهة خالية من الامكانيات قياسا أساسا على مركز الولاية المحتكر لكل التجهيزات والامكانيات والاعتمادات،فمدينة قصرهلال مدينة يقاطعها الجميع ويتشفى منها الجميع لاعتبارات غير معلنة،فأصبحت بوابة ومعبرا لزيارات المسؤولين والزوار الأجانب والوطنيين والجهويين لسائر المعتمديات الأخرى كما لو كنا لا نرجع بالنظر الا نظريا لولاية المنستير وليس لنا مكان تحت الشمس يتناسب مع ماندفعه من ضرائب للمجموعة الوطنية برغم الاسهامات والتضحيات المتعددة لمدينة 2 مارس 1934 المدونة منها وغير المدونة زمن الكفاح التحريري وفي مرحلة بناء السيادة؟؟؟   أصبحت مدينة قصرهلال،مدينة محاصرة،متنكر لها،ومضحى بها بامتياز،فبعد أن كانت زمن الكفاح تنفق بسخاء على الجميع أفرادا وهياكل أصبحت الآن تستجدي المرافق والامكانيات،وتقبّل الأيادي لتنال الفتات أو مجرد الضحك على ذقون متساكنيها في وجود هيكلين اداريين ضربا كل الأرقام القياسية في انعدام المبادرة والغاء الحقوق والامكانيات والفرص ،ملتزمين ب »تثليج » المدينة وبالحيلولة دون تمكينها حقها من الخدمات والأنشطة المتعددة.ولعل أبرز القطاعات المنكوبة بمدينة2 مارس 1934 منارة الاصلاح والنهوض على الدوام قطاع الثقافة الذي التزمت كل من المعتمدية والبلدية وجامعة التجمع بالحجر عليه والغائه وافراغ هياكله تكريما لتضحيات الشهداء ولرواد الحركة الابداعية التي انطلقت مع ولادة »جمعية هلال المراسح »التمثيلية في25 ديسمبر1927،كما تصرّ المعتمدية على عدم تجديد هيئة جمعية صيانة مدينة قصرهلال تكريسا لتحقيق الفراغ الكامل بالمشهد الجمعياتي بقصرهلال محضنة الخلق والابداع الكارهة للرضى بالدون وللرداءة المفروضة؟؟؟

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين  الرسالة رقم 371 على موقع تونس نيوز
الحلقـة الثانيـةبقلم : محمـد العروسـي الهانـي مناضل وطني – كاتب في الشأن الوطني والعربي والإسلامي  فـي الصميـم وضـع النقـاط علـى الحـروف

حصاد سنة 2007 في مجال نتائج الإعلام الديمقراطي الذي حققه موقع الانترنات تونس نيوز في شتى المجالات

 
أواصل على بركة الله تعالى الكتابة في مجال إبراز حصاد ونتائج العمل الإعلامي الحر الديمقراطي بفضل هذا الموقع الهام ما حصل لي ولا لأي مواطن تونسي أنه ينشر هذا الكم من المقالات بحرية وجرأة وشجاعة وبأسلوب حضاري لا يراقب مقالاتك أحدا إلا ضميرك وإيمانك وقناعتك وحبك وشعورك وتعلقك بحرية الكلمة ورسالة الإنسان في هذه الحياة. وقد أعجبت بكلمة بليغة هادفة قالها وكتبها الأستاذ محمد قلبي، صحفي في صحيفة الصباح يوم 30/12/2007 بعنوان الدرس. قال فيها أن الزعيمة بي نظير بوتو رحمها الله أعطت الدليل على شجاعتها للذين يشككون في نضالها… لأن بي نظير بوتو تؤمن بأن الديمقراطية لا تعطى وإنما تفك… وإنها لا تتحقق في صالونات السياسيين الرجال لمجرد دق الحنك… وللحديث مدلول وأبعاد ومعاني لا يفهمها إلى المتعمقين في بحور السياسة والمؤمنين برسالة الإنسان مهما كانت التضحيات والعراقيل والصعوبات… ومن هذا المفهوم والمنطق الصحيح أواصل الكتابة بروح نضالية عالية لا تعرف الوهن والضعف والخوف والريبة والخشية. وهذا الطريق الصعب المليء بالمصاعب والتضحيات الجسام وقد سبقنا قادة وزعماء وأبطال تركوا المناصب والأموال والقصور والمادة والمتعة والبهرجة والحياة الكريمة السهلة وركبوا مركب صعب يسير في أعماق البحار بين الرياح العاتية والزوابع والأمطار والرعود والمخاطر – وكان قدوتنا الزعيم الشاب المثقف الحبيب بورقيبة رحمه الله الذي أحرز على الشهادة الإجازة في الحقوق والقانون عام 1927 في ذلك الوقت عدد التونسيين الذين لهم شهائد عليا في القانون والعلوم السياسية لا يتجاوز أصابع اليدين – عندما عاد الشاب المحامي الحبيب بورقيبة عام 1927 من فرنسا حاملا أكبر شهادة علمية لم يفكر في تحسين مستقبله المادي ولم يفكر في بناء مسكنا ضخما ولا كسب ضيعة في الوطن القبلي. ولا حيازة زيتون في صفاقس. ولا معملا في الساحل. ولا نزلا ضخما في الحمامات. ولا قصرا في الخارج ولا حساب ضخما في بنوك سويسرا كان باستطاعته أن يفعل هذا خاصة عندما أبرز نجمة في مجال الصحافة وأصبح يشكل خطرا محدقا على مصالح الاحتلال الفرنسي ولكنه اختار الطريق الصعب وسلك مسالك وعرة وأخذ القلم والقرطاس ليدافع عن شعبه المغلوب وحقه والتضحية من أجله بالنفس والنفيس ونجح الزعيم الشاب في هذا المجال وكانت كتابته المؤثرة والعميقة والهادفة والصادقة والتي تدخل القلوب لأنها صادرة من الأعماق. وفعلا نجح الزعيم المحامي في نوعية الرأي العام التونسي بواسطة الصحافة وبعدها اعتمد أسلوب الاتصال المباشر والخطب والعمل النضالي اليومي مع الكر والفر والدهاء السياسي عند الزعيم الموهوب… والنضال والجرأة مما أقلق غلاة الاستعمار الفرنسي وزجوا به رفاقه في السجن في قبلي عام 1934 بعد انعقاد مؤتمر الحزب الحر الدستوري الجديد في 2/3/1934 بقصر هلال وانتخاب الزعيم الحبيب بورقيبة كاتبا عاما للحزب الجديد ودخل الحزب منعرجا جديدا وكفاحا طويلا وطريقة عمل واضحة لا تعرف المساومة ولا الخوف وبفضل هذه الخطة الحكيمة والجرأة والشجاعة لدى القيادة السياسية أدت إلى مواصلة الكفاح الذي توج بالاستقلال والحرية والسيادة يوم غرة جوان 1955 الاستقلال الداخلي وبعد 9 أشهر حصل الاستقلال التام في 20 مارس 1956 وبعد دخل الحزب والقائد الزعيم في مرحلة بناء الدولة العصرية والملحمة البورقيبية منقوشة في القلب والعقول ولا يمحها أحد ولا يتجاهلها إلا حاقدا أو معارضا أعمى لا ينظر إلا بمنظار المصالح المادية. أو شيوعي لا يعترف بفضل الزعماء أو نصف الرجال الذين لا يعترفون لأصحاب الفضل لأنهم غير قادرين على أعمالهم قلت أن الاقتداء بكفاح الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة رحمه الله – يشجعني ويجعلني أكثر تمسكا بهذا الخط وبهذا الأسلوب في الكتابة التي كما قلت في الحلقة الأولى أنها تمتاز بخط الوضوح لا تجامل ولا تعادي ولا تمدح من أجل المدح ولا تقدح من أجل القدح ولا نعتمد أسلوب التقليد الأعمى كما تفعل النعامة… ولا أريد أن أجامل من أجل الحصول على مصالح ومنافع مادية كما أصبحت موضة العصر بعضهم كان له خط معروف. وبعضهم كان عام 1977 من دعاة حرية التعبير والإعلام وبعضهم كان يكتب في صحافة المعارضة بأسلوب مغرض إلى درجة محرجة ينتقد بشدة وبأسلوب لاذع في الصحيفة الأولى وأحيانا ضد حتى الحزب الحاكم في البلاد ورغم هذا كان الصبر الجميل والتفتح على الإعلام الحر… ولكن هؤلاء أصبحوا اليوم ضد هذا الخيار وبعضهم يسعى لإخفاء الحقائق وعدم إيصال الرسائل إلى رمز البلاد وقد أشرت مرارا إلى مرارة هذه الطريقة والظلم المسلط على حبس الرسائل وعدم إيصالها إلى صاحب القرار. وقد اخترت طريقة الكتابة على موقع تونس نيوز منذ عامين ونصف وكان نصيي نشر 371 مقالا على هذا المنبر الإعلامي وقد اخترت أيضا طريقة توجيه أكثر من نصف المقالات إلى المسؤولين عبر الفاكس ثم تطورت الطريقة وبفضل تعميم مواقع الانترنات في كل مكاتب الوزارات والمؤسسات أصبحت أرسل مقالاتي لكل المسؤولين عبر مواقع الانترنات قصد الإطلاع عليها خاصة التي تهم المسؤولين سواء في شكل رسائل مفتوحة أو تهم عديد المؤسسات والإدارات والوزارات. ولكن لم ألمس يوما ردود إيجابية أو تفاعل أو جواب أو دعوة من طرف أي مسؤول بينما سعادة سفير المملكة العربية السعودية بعد أقل من ساعتين فقط أعطى تعليماته لاتصال بي وتحقيق ما جاء في رسالتي وهذا ما ذكرته في الحلقة الأولى وقد تأسفت كثيرا لماذا هذا الصمت الرهيب ولماذا كل المسؤولين تجاهلوا مقالاتي واقتراحاتي وكيف نقول في اجتماعاتنا الحزبية والسياسية العامة ان نظامنا الجمهوري يعتمد على الإنسان وتحترم رأي المواطن وهو مبني على حرية المواطن ويسعى هذا النظام للعمل بما يفكر فيه المواطن ونصغى باهتمام لعموم ومشاغل المواطنين هذا في مستوى الخطاب السياسي لكن في الممارسة والله لم التلقى خطابا واحدا أو ردا من وزيرا أو مسؤولا رغم أن 371 مقالا ورأي واقتراح لو وضعتها في كتاب ونشرته على شاشة التلفزيون العربي كالمستقلة أو الجزيرة أو العربية وهي الأكثر القنوات حرية وجرأة وشجاعة وخدمة للقضايا العربية والإسلامية لوجدنا أن المقالات غزيرة بالمعاني والعبر والعمق والتحليل والمواقف والصور الحية والمقترحات الجريئة النافعة والشافية وجرعة شافية إذا اعتمدنا بفكر ديمقراطي – وبقلب مفتوح – وبعقل نير – وبضمير وطني – وبحس دقيق للوطن – وبحب عميق للمواطن – وبوفاء لأرواح الشهداء والزعماء والأبطال – وإذا كان عملنا خالصا لوجه الله وللوطن – بعيدا عن فكرة الإقصاء والتهميش. وقد تمنيت من صميم القلب ومن الأعماق الوجدان لو كان فضاء ديمقراطيا إعلاميا موجودا للقيام بتحليل هذه الرسائل أو المقالات التي سأهديها لأبنائي وأحفادي وأحفاد أحفادي وكل مواطن تونسي سليم القلب والعقل وسليم السريرة والضمير ولا يتاجر بها وما أكثر التجار في هذا العصر…. المتعطشين للمادة وخاصة من اليسار كما كنت أتمنى أن يفتح موقع خاص في أعلى هرم السلطة والدولة أعني رئاسة الجمهورية  بإشراف أكبر مسؤول برئاسة الجمهورية لا يخفى شاردة ولا واردة على رمز البلاد حتى يطلع عليها بكل دقة ورعاية واهتمام وأعتقد لو يحصل هذا سيكون كتابي المشار إليه أول من نضعه في هذا الموقع الجديد والغاية هو تمكين رئيسنا من المتابعة والاطلاع على ما يكتب في مواقع الانترنات لأن 90 %  منها والله لفائدة الوطن ونصائح هامة تساعد رئيس الدولة وتفتح أفاق أمامه وتعطيه فكرة واضحة على الأوضاع والممارسات. واعتقد أن المستفيد الأولى الوطن والنظام عندما يكون منبر الإعلام مفتوحا بهذا الشكل الديمقراطي. وهذا مطمحنا في غضون العام الجديد 2008 وعسى أن يفتح هذا المنبر الإعلامي الذي نسعى أن يكون مفتوحا وعملا ناجعا ومفيدا للرأي العام يعود بالفائدة على الجميع. ولو يتم ذلك فإني أعتقد أن كثير من المقالات ستعطي أكلها ونتائجها وثمرتها. وأن المسؤولين سوف يراجعون حسابتهم وفعلا سيعدلون ساعتهم على الساعة الجديدة. ساعة العمل وساعة العناية برأي المواطنين وساعة الجد والعمل لأنهم سوف يعرفون أن هناك متابعة قوية لكل المقالات وما يكتب وتحصل الفائدة للجميع. ويصبح كل مسؤول لا يبخل بالرد في ظرف أسبوع وكل مسؤول ينكب على ما يكتب مثلما أشرت في الإفراط في استعمال السيارات الإدارية أو الهرولة لجميع الأموال دون إعطاء قيمة للعمل أو الجري وراء الحصول على كمية من البنزين شهريا بدون مراعاة إخوانهم العاطلين عن العمل أصحاب الشهائد العليا أو استغلال النفوذ. أو استغلال قضية التشغيل والاحتكار في الأعلام. أو الاستقلال في القروض دون نية استرجاعها وغيرهم محروم منها أو الشروط صعبة… أو العمل بالرأي الفردي وعدم فتح أبواب الحوار و تشغيل حاملي الشهائد العليا بطرق ملتوية والحد من المحظوظية والمعارف. وغير ذلك من الأمور الأخرى والذي يريد مزيد التعمق والإطلاع عليها الرجوع إلى مقالاتي الغزيرة والملية بالعبر والذي بعضهم لا تروق له لأنها صريحة مرة وقوية وجريئة وشجاعة وحاسمة وفاعلة ولا تجامل… وكانوا يعتقدون أنها خطيرة واعتقد لو يبادر سيادة الرئيس بدعوتي وبدعوة كل صاحب قلم سليم حر ونزيه ويؤمن بخيار الديمقراطية والتعبير الحر ويجتمع بهم رئيس الدولة ويدعوهم لمزيد الكتابة لإنارة الرأي العام وذكر الحقيقة وقي تصوري أنهما العملان الأساسيان لنجاح البلاد باعتبار أن الحقيقة ووصف الواقع كما هو وشرح الصعوبات والعراقيل بأمانة وصدق ووضوح وشفافية ومعالجة الأوضاع بحكمة وتدبر وعقلانية دون مركبات ودون خجل. ولنا في أقوال وأفعال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قال بارك الله في من أهداني عيوبي ونصحني والنصيحة من الدين. والذي يقول لك الحقيقة بصدق فهو الرجل الأمين والصادق والنصوح والوفي والمخلص للوطن. أما المغرض وصاحب المنافع الشخصية لا تعول عليه فاليوم معك وغدا ضدك يتقرب إليك حسب المنافع المادية وهذا النوع كان موجود في عهد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة رحمه الله. وبعد رحيله انقلبوا على أعقابهم وأصحبوا وكأنهم لا يعرفون الزعيم بينما كانوا ليلا نهارا في الصفوف الأمامية وفي كل عصر وزمان هؤلاء على الساحة وفي الطليعة قصد المنافع والتزلف يتقربون بالكتابة والشكر والتنويه والمدح والذكر الحسن ولكن قلوبهم شتى حذاري من هؤلاء الرهط. همهم الوحيد المنافع والمادة ولا عهد ولا ميثاق لهم ولا مصداقية وقد استخلصنا العبرة من فترة وعهد الزعيم الحبيب بورقيبة بعضهم كان شاكرا مادحا شاعرا مثل الأديب الشاعر التونسي الذي طالعنا يم الأحد 4 نوفمبر 2007 بمقال بجريدة الصباح قادحا متنكرا حاقدا غاضبا شاتما عهد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة ولدينا مجموعة من أشعاره المجمدة لعهد الزعيم لماذا هذا الانقلاب وهذا التراجع ونقض الميثاق فهل بهذا أسلوب تبنى الأمم والمجتمعات وهل بهذا السلوك والشتم تبنى الدولة العصرية وهل بهذا التنكر يحصل التقدم وبالإساءة للماضي والزعماء نكسب الأنصار وهل بالسبب والشتم نبني تونس لا والله. وهناك مثل شعبي هام يقول : « إذا لم تستحي فافعل ما شئت ». وهناك حكمة تقول لو دامت لغيرك ما آلت إليك. فهل يعود الرشد لعقول هؤلاء ويتوبون إلى الله ويعلمون أن المناصب والمجالس النيابية الحالية لا تدوم لأحد حتى نشتم زعيمنا مثل ج.م. المادح 86 والقادح 2007. قال الله تعالى :  » فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض » صدق الله العظيم. محمـد العروسـي الهانـي مناضل وطني – كاتب في الشأن الوطني والعربي والإسلامي


ملف خاص بالبحث العلمي في تونس

  

إعداد بدر السلام الطرابلسي  

عندما تعدد القراءات..ويبطل العمل بالأسباب ..وتتخلى الدولة على علمائها وباحثيها..

يعبر البحث العلمي في الدول المتقدمة عن مرتكزات نموها وتطورها أما في الدول النامية فيتقهقر إلى مراتب دنيا في سلم الأوليات الوطنية.  

وبالنسبة لتونس فتلك قصة أخرى . إذ لا يكفي تخلف هذا القطاع الحيوي عن مثيله في الدول المتقدمة سواء على مستوى كمية البحوث المنتجة ونوعيتها ، بل كذلك يشهد هذا الاستثمار فوارق شاسعة حتى مع مثيله في الدول التي تعتبر في طور النمو والإحصائيات الرسمية في حد ذاتها تؤكد ما نحن بصدد البحث فيه ، إذ نجد أرقاما تبعث على الحيرة و القلق الشديدين ، من ذلك مثلا عدد براءات الاختراع المسلمة من مكتب البراءات الأمريكي لكل مليون ساكن : فالاتحاد الأوروبي سجل  50.9 براءة اختراع  والدول الأكثر نجاعة  123 والأقل نجاعة  1.0 أما تونس فقط حطمت الرقم القياسي في تحصيل براءات الاختراع وذلك بتحقيقها 0 براءة اختراع لسنة 2003…!!( جدول القيادة الأوروبي للتجديد، وزارة تكنولوجيا الاتصال، مركز الدراسات والبرمجة والتخطيط ). هذه الأرقام المفزعة وأرقام أخرى سنأتي على ذكرها في سياقاتها تدليلا على ما نحن بصدد البرهنة عليه تبرز بما لا يدع مجالا للشك عمق الأزمة التي يعيشها قطاع البحث العلمي في بلادنا وفشل خيارات ومخططات السلطة في هذا المجال والتي ما فتأت تدلل عليها وتثمن نتائجها  في مختلف الفضاءات السياسية والإعلامية والثقافية في الداخل والخارج ، رغم الإعتمادات المالية التي تخصصها لهذا القطاع النوعي والتي تأتي في بعض الأحيان  في خانة المعقول، إلا أنها في الأغلب  لا تلبي حاجيات الموارد البشرية المستثمرة لتطوير هذا القطاع والمتمثلة في الأجور والمنح المالية للعاملين في هذا المجال والمخابر والتجهيزات المعرفية والتكنولوجية المتطورة الكفيلة بتحقيق نتائج نوعية يعود نفعها على الاقتصاد والمجتمع والثقافة والبلاد بشكل عام.

 كل ذلك يجعلنا نطرح عدة تساؤلات حول العوامل القائمة وراء هزال البحث العلمي والتكنولوجي في تونس ومحدودية آلياته وفشل نتائجه في تحقيق الإضافة النوعية الموكولة لها .

ويجعلنا أيضا نطرح بعض الفرضيات التي من الممكن أن تفسر هذه المحدودية وهذا الفشل ، ويمكن أن نبوبها في عنصرين كبيرين :

– قلة التمويل العمومي للبحث العلمي وتواضع البنية التحتية المعرفية والتكنولوجية المخصصة له .

– ضيق هامش الحريات الأكاديمية الذي من شأنه أن يعرقل ازدهار وتقدم هذا القطاع.

 

 

– قلة التمويل العمومي للبحث العلمي وتواضع البنية التحتية المعرفية والتكنولوجية المخصصة له .

 

ليس هنالك من مندوحة للتذكير بما لمسألة تمويل ودعم البحث العلمي بما يستحقه ويكفيه من أهمية قصوى في تطور هذا القطاع  وفي إنتاجه للثمار المرجوة منه،  وفي هذا السياق تطرح إشكالية حصة البحث العلمي من التمويل العمومي ؟

*ضعف فادح لميزانية البحث العلمي

على خلاف حصة البحث العلمي التي تخصصها الدول المتقدمة عند إعدادها  لميزانياتها  والتي تصل إلى عشرات و مائات المليارات من الدولارات و اليوروات في بعض دول أوروبا الغربية فإن هذه الحصة تتقلص في تونس بشكل كبير ، فحصة البحث العلمي والتعليم العالي من ميزانية الدولة لسنة 2007 لا تتجاوز 792703 مليون دينار( مركز الدراسات والتخطيط والبرمجة، منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة). إن الضعف الفادح في تمويل هذا القطاع المفصلي في تطور أي بلد في طريق النمو له انعكاسات خطيرة على تطور العلوم والتكنولوجيا في بلادنا وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الاكتشافات العلمية والمعرفية.

هنالك نقطة أخرى في مسألة تمويل مجال البحث العلمي ذات طابع إجرائي وتتمظهر في استعمال بعض المسئولين الإداريين المسيرين إلى عدة أشكال من التمييز والرقابة والمضايقة والولاء السياسي على حساب كفاءة ومردودية الأساتذة والطلبة الباحثين (الناشطين السياسيين والنقابيين منهم على وجه الخصوص) والذي من شأنه أن يؤثر على قيمة البحوث والاكتشافات وبراءات الاختراع وجودتها . ويعود هذا السلوك التمييزي تجاه هذه الفئة من الباحثين إلى تنظيمهم أو مشاركتهم في تحركات احتجاجية ذات صفة مطلبية وبإشراف من نقابة التعليم العالي .وقد أثارت الوزارة حول هذه الأخيرة  لغطا كثير من أجل تشتيتها وبالتالي تهميش مطالبها والتي من بينها بالخصوص زيادة الإنفاق لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي و توخي المرونة في التصرف في ميزانية البحث والتسيير الذاتي  وفي هذا السياق يقول الأستاذ الباحث عبد السلام الككلي في مقال له بجريدة « الموقف » عدد 429 بتاريخ 30 نوفمبر 2007 « إن صبر الجامعيين قد نفذ إذ أن الأزمة قد طالت (…)8 سنوات طويلة ومضنية دون حوار ومكاسب رغم عديد النضالات والتضحيات الجماعية والفردية  » .

هذا ويسعى النقابيون منذ سنوات من النضال من اجل فرض مطالبهم المادية على الوزارة والمتمثلة في الرفع في الأجور وزيادة المنح وعبروا عن رفضهم ربط الزيادة في الأجور بزيادة ساعات العمل.

 

على ضوء مجمل ما سبق ، نلحظ الأهمية القصوى لقيمة التمويل العمومي للبحث العلمي ، إذ انه يجسد المحرار الذي يمكن من خلاله وفي جزء هام من شروط نجاح التجربة العلمية أن يحدد لنا خصوبة من هزال الاكتشافات العلمية وبراءات الاختراع .

*نقص في المخابر والوحدات والتجهيزات البحثية

تطور عدد الباحثين بتونس ما يعادل كامل الوقت من 6563 سنة 1998 إلى 15833 سنة 2006 ، كما أن عدد الباحثين لكل ألف ناشط ارتفع من 2.14 سنة 1998 إلى 4.52 سنة 1998 (مكتب الدراسات والبرمجة). هذه الإحصائيات تبعث إلى التفاؤل بمستقبل البحث العلمي بتونس لكن الممحص في هذه الأرقام يجد نوعا من المبالغة واللاعقلانية ، فحسب الدكتور أحمد بو عزي فإن هذه المعدلات تقربنا من معدلات البلدان المصنعة التي يبلغ عدد الباحثين فيها ستة من ألف ناشط مع العلم أن هذا المعدل في البلدان النامية لا يتجاوز الباحث لكل ألف ناشط . 

في الواقع ، فإن محدودية الأرقام الرسمية المتعلقة بعدد الباحثين مقارنة بعدد الناشطين والتي لا تلامس المنهج العلمي الإحصائي في الولوج إلى حقيقة الظاهرة العلمية بشكل موضوعي ومحايد تعكس في الأصل النقص الفادح لمراكز البحث العلمي والمخابر سواء في عددها أو كذلك النقص على مستوى التجهيزات والكتب والمراجع والبنية التحتية بشكل عام والكفيلة بتقديم الكثرة في عدد هؤلاء الباحثين وأيضا النوعية على مستوى ما يقدمونه من بحوث واختراعات تكون قابلة للتطبيق وللاستثمار سواء في الاقتصاد أو المجتمع أو الثقافة أو غيرهم..وفي هذا السياق يرى الأستاذ الباحث في حقل الفلسفة صالح مصباحي بأن غالبية الطلبة المتحصلين على الأستاذية والعاطلين عن العمل يلتجئون إلى التسجيل في المرحلة الثالثة و تقديم مشاريع بحوث علمية ويبدءون في الاشتغال عليها وما إن يتحصلون على عقد عمل أو يجتازون مناظرة الكاباز بنجاح حتى يقطعون مع بحوثهم ويضيف في هذا السياق سفيان باحث في علم الاجتماع بكلية 9 أفريل بأن نقص الكتب والمراجع وغياب دخل مالي محترم وقار للباحثين يجعل الكثير منهم يقطعون مع بحوثهم عند أول فرصة عمل ..!!

إلى ذلك ، هنالك توجه عام لوزارة التعليم العالي والبحثي العلمي ينخرط في النسق العولمي العابر للقارات ويتجسد في التركيز على البحث العلمي في حقل التقنية والطبيعة على حساب البحث العلمي في الحقول الاجتماعية والسياسية والثقافية والفكرية ، وذلك لاعتبار أن  التوجه الأول ناجع ومربح و مقبول من طرف الشركات العملاقة المنتشرة في العالم أما بالنسبة للبحوث التي تتناول المسائل المجردة والمعرفية فتنقصها النجاعة والمردودية مما ينتج عنه تهميش هذه المجالات البحثية ولنا في الأرقام و الإحصائيات مرة أخرى الدليل والبرهان فحسب منشورات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي نجد أن توزيع عدد الباحثين مثلا يختلف من العلوم الإنسانية والاجتماعية إلى علوم الحياة والبيوتكنلوجيا فنجد عدد المدرسين الباحثين في الأولى 135 والطلبة الباحثين 244 أما في الثانية فعدد الأساتذة الباحثين 870 والطلبة الباحثين 1346 وهو ما يعكس في حقيقة الأمر قلة مخابر ووحدات البحث بالنسبة للعلوم الاجتماعية والإنسانية مقارنة بعلوم الحياة والتقنية ، مما يمكن إدراجه في خانة التمييز السلبي بين العلوم ومختلف حقول المعرفة ، وهو ما يعزز أيضا توجه سياسة الدولة في البحث العلمي التي تعطي الأولوية للتقنية على حساب الإنسانيات ، فحسب الإحصائيات الرسمية لسنة 2006 نجد أن مراكز البحث للعلوم الاجتماعية تمثل أدنى نسبة (9 ٪) من مجمل حصة العلوم الأخرى من مراكز البحث التي تصل عند العلوم التقنية إلى (31٪).

مما انعكس سلبا على الإنتاج  البحثي في الحقل الاجتماعي  والإنساني بشكل عام .

*انعكاسات سياسة التقشف والو لاءات والتمييز في التعاطي مع ملف البحث العلمي

 تعتبر نتائج هذه السياسة المفرطة في المركزية في التعاطي مع هذا الملف الحساس خطيرة و مخيبة لانتظارات جميع المكونات الوطنية من نخب فكرية و مكونات اجتماعية و أطراف سياسية وحتى الحكومة في حد ذاتها التي وإن برعت في تسويق خطاب براق عن إنجازاتها « الافتراضية  » في هذا المجال فإنها لا تستطيع أن تغض الطرف عن الإحصائيات التي نشرتها المؤسسة الوطنية للعلوم في تقريرها لسنة 2006 والذي جاء فيه بأن عدد الاستشهاد بالمقالات في العلوم والهندسة في تونس لا يتجاوز 619 مقالا بينما في مصر التي تعتبر بلدا في طريق النمو مثلنا يصل العدد إلى 3319 مقالا وفي الشيلي المصنفة ضمن دول العالم الثالث نجد  11996  مقالا مستشهدا به ، أما بالنسبة للمقالات العلمية والتقنية  المنشورة ما بين سنة (1996-2005) نجد منشورات تونس من المقالات العلمية والتقنية لهذه العشرية لم يتعدى 7453 بينما نجد الشقيقة مصر حصلت 27237 مقالة وتركيا التي تصنف من البلدان النامية نشرت 87629 مقالة علمية وتقنية  مما جعل البعض يصنفنا ضمن دول العالم الرابع أو الخامس  .

*محدودية الأقطاب التكنولوجية في تحقيق أهدافها الإستراتيجية

نظريا ، تعد الأقطاب التكنولوجية فضاء لإبداع علاقات فاعلة ومثمرة بين مختلف عناصر المعادلة التنموية انطلاقا من عمقها التأسيسي والبناء وترابطا مع نتائجها المرحلية والإستراتيجية في آن واحد ، وسواء كانت هذه العلاقات بين التكوين والبحث العلمي ، أو بين البحث العلمي والإنتاج أو في تلازم عضوي بين هذه العناصر الثلاثة . كما تهدف هذه الأقطاب  التكنولوجية، المنتشرة على جغرافية تونسية متنوعة ومتموقعة في جهات ذات بنية تحتية مختلفة ، إلى » تحسين القدرة التنافسية للصناعة التونسية  » و » تشجيع الاستثمار الخارجي بتونس » و »الحث على خلق مواطن شغل خصوصا لحاملي الشهادات العليا  » ( الموقع الإلكتروني لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ).

تطبيقيا، نجد أن نتائج تجربة الأقطاب التكنولوجية لم تأتي أكلها. فالحديث عن تحسين القدرة التنافسية للمنتوج التونسي لم تعد تنطلي على أحد خاصة بعد الخسائر الفادحة التي تكبدها الاقتصاد التونسي جراء إبطال العمل بالاتفاقية متعددة الألياف والمتعلقة بقطاع النسيج و ما انجر عنها من إفلاس لعديد المصانع وغلقها وتسريح عمالها بسبب المنافسة الشرسة للمنتوج الأوروبي صاحب الجودة العليا، والمنافسة الأشرس للمنتوج الصيني صاحب الثمن البخس ، وفي هذا السياق نلحظ  بأن هذه الأقطاب لم تجسد أحد أهدافها التي رسمتها لها الدولة التونسية والمتمثلة ، كما ذكرنا سابقا في تحسين القدرة التنافسية للمنتوج التونسي خاصة وأن التشريعات التونسية في هذا المجال لم تراعي الخصوصية المحلية أمام الهجمة الكاسحة لاقتصاد السوق العالمي . من الأهداف الأخرى لهذه الأقطاب التكنولوجية نجد مسألة خلق مواطن شغل لحاملي الشهادات العليا . رؤية صائبة دون شك لو أنه تم تفعيلها على أرض الواقع ، فالأرقام مرة أخرى تسعفنا بمؤشرات مقلقة جدا إن لم نقل كارثية في قطاع التشغيل بالذات ، إلا أن مصدرها مستقل هذه المرة ، إذ تجاوز عدد المتخرجين المعطلين عن العمل حسب هذه الأرقام الثمانين ألف متخرج. لا تعليق.

باختصار كانت النتائج المرسومة لهذه الأقطاب أقل بكثير مما كان متوقعا لها مما يطرح تساؤلات عدة عن تمويل هذه الأقطاب وشفافية المسالك المالية المتعلقة بها وديمقراطية العمل والتخطيط والبرمجة والتسيير داخلها.

 

*انحسار هامش الحريات الأكاديمية في الجامعات و مراكز البحث العلمي

تعتبر حرية التعبير والرأي والحق في المعلومة وديمقراطية التسيير الذاتي للمؤسسات والأجهزة السياسية والاجتماعية من مرتكزات أي نظام ديمقراطي فما بالك إذا ارتبطت هذه الحريات بالمجال الأكاديمي والبحث العلمي .

وحسب العديد من الأكاديميين والباحثين ، فإن الحريات الأكاديمية وقع التضييق عليها أكثر منذ تسعينات القرن الماضي أكثر مما كان مضيقا عليها من قبل ، وبأن الرداءة في مجال التعليم والبحث هي نتاج للتضييق شبه التام على حرية التعبير. هذا وقد  ظهرت في العشرية الأخيرة اختلالات وظيفية على مستوى العلاقات الجامعية مما يهدد العلاقات الجامعية في مختلف الاختصاصات التعليمية والبحثية. وفي هذا السياق نذكر مثال مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية (سيراس) ، الذي شهد تراجعا حقيقيا في مستوى المادة البحثية والمعارف العلمية التي يقدمها وينتجها بسبب إفراغه من باحثيه لأسباب سياسية  في ظل نظام حكم « عهد التغيير » .

كما نذكر مثالا آخر في هذا المستوى ، وهو المتعلق بالأستاذ الباحث رشيد الشملي الذي خاض إضرابا عن الطعام بداية من شهر مارس 2007  دفاعا عن الحريات الأكاديمية ، وذلك على اثر المظلمة التي تعرض إليها على امتداد خمس سنوات  والمتمثلة في منعه من أداء مهامه ومتابعة انجاز المشاريع التي أنجزها ذات البعد البيداغوجي للطلبة وعرقلة وحدة البحث التي يشتغل بها هذا إضافة إلى منع الجمعية التونسية للنباتات الطبية التي يترأسها من النشاط من ذلك غلق المقر وقطع خط الهاتف و منع انعقاد اجتماع اللجنة التحضيرية لإعداد مؤتمر حول التداوي بالنباتات المبرمج لشهر أيار 2007 ومحاصرة الكلية من طرف الأمن السياسي . وقد سعى الأستاذ رشيد الشملي من خلال إضراب الجوع الى استعادة حقه في النشاط العلمي صلب الجمعية وبين طلبته دون مضايقات واستعادة هامش الحريات الأكاديمية  الذي انتهكه عميد الكلية.

قضية جمعية علماء الاجتماع التونسيين تجسد مثالا آخر على تجاوز الحريات الأكاديمية وديمقراطية التسيير الذاتي لمراكز البحث ، إذ قام باحث ينتمي للحزب الحاكم  وعضو بالجمعية ببعث بطاقة مناشدة للرئيس بمناسبة الانتخابات الرئاسية لسنة 2004 دون استشارة زملائه في الجمعية الشيء الذي جعل الأستاذ صالح الحمزاوي-من  أهم المؤسسين لهذه الجمعية- يندد بما أقدم عليه هذا الباحث معتبرا أن « هذا الرهط من علماء الاجتماع الصنائع لم يبق له مكان تقريبا إلا في تونس، وهو لا شغل له إلا استخدام كل الوسائل سواء للحفاظ على مركز إداري أو وزاري أو اغتنام الفرص لاقتناصه » ويضيف في هذا السياق بأن  » هؤلاء الأرهاط لا يستمدون شرعيتهم إلا من ولائهم للأمير ». وهكذا فإن هذا النوع من السلوكيات المخالفة لقواعد العمل الأكاديمي والبحث العلمي من شأنها أن تقف حائلا دون ممارسة هذه الجمعية لوظيفتها العادية في إثارة إشكاليات البحث الاجتماعي الراهنة والتفكير الصائب في أهم القضايا المطروحة على مجتمعنا ككل.

خلاصة القول..

استتباعا لما سبق  فإن الحريات الأكاديمية أضحت من أوكد المسائل المطروحة في الجامعة التونسية وفي مخابر ومراكز البحث لما تكتسيه من أهمية قصوى في دفع عجلة تطور البحث العلمي في بلادنا ، وان ما تقوم السلطات التونسية من تضييقات وانتهاكات لحريات وحقوق  الأكاديميين والباحثين والجامعيين على مستوى الجغرافيا المعرفية والعلمية التي ينشطون عليها من شأنه أن يضر بقطاع البحث العلمي ، وان سياسة الأبواب الموصدة التي تتعامل بها وزارة البحث العلمي مع نقابة الأساتذة الجامعيين لن تنتج إلا مزيدا من الانحسار لهذا القطاع الحيوي . 

كما أن منع الندوات العلمية ( معهد الصحافة وعلوم الأخبار) و التضييق على الإبداع وتعطيل تداول المعلومات (جامعات صفاقس وسوسة والمنستير وتونس) والمراقبة المنهجية للأساتذة الباحثين والطلبة على حد سواء وانتهاك سرية بريدهم الالكتروني وغض الطرف عن السرقات العلمية آخرها عملية السرقة لمحتوى كتاب كامل اكتشفها السيد فرج شوشان وقد نشرت وقائعها جريدة « مواطنون » الأسبوعية . وخلافا لكل التوقعات، وقع التعاطي مع مكتشفي هذه السرقات العلمية من خلال تعويضهم في لجان الانتداب والترقية وهو ما يلاحظ جيدا في كلية الآداب بمنوبة.

هذا إضافة إلى رفض التمديد في سن التقاعد للبعض من الأساتذة المغضوب عليهم من قبل وزارة التعليم العالي والسلطة السياسية بشكل عام لخلفياتهم السياسية والنقابية (جنيدي عبد الجواد، عياض بن عاشور، أحمد إبراهيم، عبد الجليل البدوي، الطاهر الهمامي) أو لأسباب أخرى ربما تجاوزت حتى أرصدتهم الفكرية والذهنية ولا تعلمها إلا الوزارة!!( هشام جعيط، عبد الجبار بسيس ،عبد المجيد الشرفي).

بناءا على ما سبق ، نستنتج بأن جمود واقع الحريات الأكاديمية والاستثمار في المعرفة العلمية أصبح يشكل عائقا جديا أمام تقدم الجامعة التونسية ومجالات بحثها التي تبقى مقيدة بدرجة الانفتاح المعرفي والعلمي التي تحصلها وتكتسبها في ظل الانغلاق العام الذي يلف البلاد في مختلف إمكاناتها.

خاتمة عامة

مما لا يدع مجلا للشك أن الجامعة التونسية ومراكز ومخابر البحث حادت عما هو مطلوب منها نظريا بان تكون منارات للبحث العلمي والتقني وازدهار للعلوم وإثراء للمنتوج الثقافي المحلي   وخيبت آمال المجتمع التونسي الذي انتظر منها الكثير في التقدم بالمستوى التعليمي والكفاءات العلمية لأبنائه وبناته وفشلت في أن تستوعب ما طمحت إلى تحقيقه الانتلجانسيا الثقافية والنخب السياسية  التونسية منذ الاستقلال إلى الآن من جعل الفضاء الجامعي مكانا للبحث والتفكير والتثوير .

يأتي ذلك في ظل غياب شبه كامل لمنطق الحوار والتشارك في صياغة البرامج والمشاريع المتعلقة بهذا القطاع خاصة بين الجهات الحكومية والأساتذة الباحثين الممثلين في نقابتهم الناطق الرسمي باسمهم جميعا الشيء الذي لم تفهمه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى حد الآن.

وانه لمن نافل القول التذكير والإلحاح على أن التعامل الجدي والمسئول للجهات الرسمية مع هذا الملف وإطلاق الحريات الأكاديمية وتخصيص الموازنة المالية الكافية للبحث العلمي وصياغة استراتيجيا وطنية فاعلة وبناءة فيما يخص مجال البحث العلمي والتكنولوجي ، من خلال مركز أو مؤسسة وطنية للبحث العلمي تمركز نشاط هذا القطاع بالمعنى الايجابي للكلمة ،ويشرف على تنفيذها  وتسييرها مختلف المكونات المدنية من جمعيات ومنظمات وأحزاب و مثقفين وتكون منفتحة على شتى مراكز ومخابر ووحدات البحث لهو من أوكد الأولويات الوطنية . وهو مطلب مطروح على النخب والمعارضة أكثر مما هو مطروح على السلطات التونسية ، بمعنى أن النخب والمعارضات التونسية مسئولة نضاليا على فرض هذا المشروع على نظام الحكم الذي لم يضعه إلى حد الآن على سلم أولوياته .

في كلمة، على جميع المكونات السياسية و النقابية والديمقراطية والنقابات والجمعيات  التقدمية أن تتوحد على مشرع نضالي عملي موحد لإنقاذ الجامعة والبحث العلمي بشكل عام من براثن ما وصلت إليه من انغلاق وتهميش وتمييز وفقر في إطار نضالها من أجل مجتمع سياسي وطني وديمقراطي أفضل لبلادنا ولمستقبل الأجيال اليافعة .

المصدر: موقع « الفجر نيوز   » بتاريخ  02  جانفي 2008 )
 

 

في نزيف الجامعة : الفراغ الذي يعيشه الطلبة

«سقوط الإيديولوجيات» معزوفة لا أراها تدخل المسرّة على قلب إنسان مسؤول. هي إحدى معزوفات «النظام العالمي الجديد» غنّاها «وحيد القرن» بعد انفراده بمصائر العالم. وإذا كانت الإيديولوجيات لا تسقط، ولا تغيب عن طعام، فإنّ الهدف من ادعاء سقوطها هو نخر معنويات البشر المكافحين، وتجريدهم من كلّ سلاح، وممّا يعطي معنى لحياتهم، بما في ذلك الأفكار المسمّاة إيديولوجيا، ووضعهم أمام خيار واحد وحيد هو خيار الإيديولوجيا الاستهلاكية ذات النكهة الاستعبادية ومحو الثراء المتأتي من التنوّع والتشكيك في قيمة القيم الإنسانية، حتى يغدو المرء شبيها بالدابة تعلف وتروث وتحمل الأثقال وحين تتعب تخور وقد تعضّ أو تصكّ، في أفضل الأحوال. فرّخت هذه المعزوفة في دم الغالبية من الشباب فحولته، إلى جانب عوامل أخرى، جذوعا خاوية، فهام على وجهه لا يدري اتجاها، ولا يرى للنفق بابا، وأعشبت عنده السطحية وضيق الأفق وضعف الإرادة وعدم التمييز، واتّجهت به وجهة الاستخفاف بالفكر والأفكار، والكِتاب والكُتّاب، والبحث والباحثين، والإبداع والمبدعين، والاجتهاد والمجتهدين، واستوت عنده الأنوار والظّلَم وتساوى الحضور والغياب، والعمل والكسل، والنجاح والفشل، وافتقد روح الطليعة التي طالما سكنت رفاقه القدامى ومنحتهم طاقة برومثيوسية لم يقدر متألّه على ردها. يبدو الآن كأنْ لا رهان يجعل لسان حال هذا الشباب على نهج القائل : فعجّت بقلبي دماء الشباب وضجّت بصدري ريـاح أُخَرْ سواء كان رهان فكر أو ثقافة أو نقابة أو سياسة أو غير ذلك ممّا ينفع الناس ويرفع المستوى. وتظلّ الأقليّة الواعيّة، الشقية بوعيها، كأنّما تتخبط في مربّعها وتمتد إليها عاهات الأغلبية وتغدو بدورها جزءا من المشكلة. أمّا العوامل الأخرى فبعضها يعود إلى المناخ العام، إلى واقع التهميش وعدم الاحتضان، وعدم الإصغاء، وإلى الفراغ الإيديولوجي الذي يعيشه المجتمع والتصحر الذي تراه يهيمن على النفوس. إن الشباب، والمثقف منه خاصة، في حاجة ماسة إلى قدْح زناد الرأي وخوض المباراة الفكرية، والمناظرة النظرية، وتنظيم حلقة النقاش حول الأطروحة أو الكتاب أو القضية أو المفهوم في مناخ مشجّع ومقدّر لحيوية التناقض وأهمية الموقف. والشباب عُمُر المُثُل والأحلام والأشواق فإذا كانت الصدمة وكان فقدان الأمل واستبطان الغبن وتمادي الإسكات كان ردّ الفعل الأهوج، وكانت الحلول اليائسة، وكان الانحراف والانجراف والسقوط الذي لا حدّ له، وفقدان الهوية العلمية، والصفة الجامعية، والمعدن الطلابي. إن شبابا فاقدا القيادة، والقدوة، والمثل الأعلى، سواء داخل جماهيره أو بين أساتذته نتيجة المواقف المبعدة عن حصول الفرز وبروز الرمز، شباب مرشح للعدم، وتلاشي القِيم. ولكم شجّنك وأنت تشق الساحة أن ترى خطيب الطلبة يخطب في الجمع الذي جمعه بصوت قد يصل وقد لا يصل في ظروف لا تساعد على أداء الفكرة وبلورة الرسالة وتصويب الخطاب وكم قلت في نفسك وأنت ترى ما ترى من حال القلّة والكثرة : هل رخص «عماد المستقبل» ورخص صوته حتى هذا الحد ؟! وتتذكر جيلك الستيني والسبعيني ولولا الجدلية التي تسعفك عند الحاجة لقضيت في الحين. ومن العوامل الأخرى غير المشجعة على التركيز والتعميق والجد نظام السداسيات الذي ابتُليت به الآداب والعلوم الإنسانية ففقّر برامجها وسطّح علاقة الدارسين بدروسها ناهيك أن دراسة المسألة أو الشخصية أو الظاهرة أو الأثر ما إن يقع الشروع فيها حتى تداهمها نهاية السداسي ويطالعها شبح العطلة والامتحانات فتكون قد دخلت من أذن لتخرج من الأخرى إن وجدت آذانا والحال أنها تحتاج إلى نار هادئة كي تنضج وتعطي أكلها. يا ليل الصّبْ … د. الطاهر الهمامي  المصدر: موقع مجلة « حقائق »  (أسبوعية – تونس)  بتاريخ  06 ديسمبر2007)


مدير إذاعة «الزيتونة»: العودة إلى القرآن يمكن أن تصلح حال العديد من الناس

د. كمال عمران: مجلة الأحوال الشخصية التونسية هي مستقبل العالم الإسلامي

 
 
تونس: آمال موسى
يترأس الأستاذ الدكتور كمال عمران الفريق العامل في إذاعة «الزيتونة» للقرآن الكريم التي انطلق بثها في أول أيام رمضان الماضي. ولقد شكلت هذه الإذاعة لعدة أسباب حدثا بكل المقاييس، خصوصا أنها الإذاعة الدينية الأولى في نوعها بتونس. ويعد الأستاذ عمران من المختصين في الحضارة العربية والإسلامية وقد سبق له أن شغل منصب مدير عام للقنوات الإذاعية التونسية سابقا. بالإضافة الى أنه عضو في المجلس الإسلامي الأعلى وإمام خطيب. وللدكتور كمال عمران أيضا مؤلفات ومشاركات علمية عديدة نذكر منها كتابه «الإنسان ومصيره في الفكر العربي الإسلامي الحديث» و«التجريب والتجريد في الثقافة الإسلامية». وفي هذا الحوار الذي أجرته معه «الشرق الأوسط» في تونس يقدم لنا الأستاذ عمران بعض تفاصيل مشروع هذه الإذاعة وأهدافها الفكرية.

> توضيحا لعدّة قراءات.. وبصفتكم مديرا لإذاعة «الزيتونة» للقرآن الكريم، في أيّ إطار ثقافيّ ودينيّ تنزّل مشروع هذه الإذاعة؟
ـ يتنزل مشروع إذاعة «الزيتونة» للقرآن الكريم في إطار حضاري، بمعنى أن لتونس رصيدا بعيدا في التاريخ، حمل راية القرآن الكريم والإسلام بميزان الاعتدال والوسطية والتسامح، أي أنه يحكمنا قانون ثقافي، يتمثل في الاعتدال وذلك منذ أن بنى عقبة بن نافع جامعه سنة 50 هـ، ومنذ أن بنى حسان بن نعمان جامع الزيتونة سنة 79 هجرية، وأعاد بناءه عبد الله بن حبحاب سنة 116 هجرية. فتاريخ الإسلام في تونس قديم ومستنير، مستنير لأنه تبنى المذهب المالكي الذي يقول عنه ابن خلدون إنه مذهب بدوي بمعنى الأصالة. من هذا المنطلق فإنّ إذاعة الزيتونة هي مشروع حضاري، يحمل رمز الجامع الأعظم الذي نشر العلم وأظهر العلماء الذين أنتجوا علما حقيقا وبسطوا سلطان العلم، فنفذ إلى قرطبة وتلمسان وفاس وإلى بلاد المشرق والعراق عبر كتب عرفها الناس من خلال الزيتونيين، كرسالة ابن أبي زيد القيرواني التي إلى اليوم تدرس لفهم مدونة المذهب المالكي. ونذكر في هذا السياق على سبيل المثال مدونة سحنون لابن سعيد.. وفي زمن كثر فيه الغلو وبدأ التطرف ينخر في جسم الإسلام، رأينا أن الزيتونة رمز يمكن أن يعود ولكن نحو المستقبل وليس في اتجاه الماضي.
> بصفتكم جامعيا ومختصا في الحضارة الإسلامية، هل تأخّرت تونس في اتخاذ مثل هذه الخطوة؟

ـ كوسيلة إعلامية، نعم هناك تأخّر، ولكن يبقى أنه كل شيء في أوانه ولقد تزامن ظهور إذاعة الزيتونة مع الذكرى العشرين للتحول، وشهر رمضان المعظم الأخير. وأتصوّر أن الإذاعات الأخرى سواء الوطنية أو الجمهورية كان لها دور، أي أن الإعلام الديني لم يكن غائبا. ولكن أن تكون هناك إذاعة للقرآن الكريم، فهذا في تقديري مسألة مهمة، اختارت الفترة المناسبة للظهور، كجهاز إعلامي انتظره التونسيون مدة يبدو طويلة واستجاب لكثير من الأذواق والانتظارات.
> ما هو ردّكم على النخبة الليبرالية ذات التوجهات العلمانية التي تلقت حدث إقامة إذاعة الزيتونة باحترازات وبمخاوف، رأت أنها تهدد مسار الحداثة في تونس؟
ـ إنّه تخوّف مشروع لأن الحدث كان مفاجئا، وظهور الإذاعة كان مفاجئا، ولكن أقول لهؤلاء: إن الإذاعة هذه تنظر نحو المستقبل، وتستند إلى قيم جديدة كقيمة الوقت والعمل والعقل والعلم. وأتصوّر أننا جميعا نتّفق حول مشروع تعددي يقوم على قيم العصر. نحن نريد أن نعيش عصرنا، وأن نهيئ مستمعينا لتجديد فهم ديننا، لذلك هناك من هذه النخبة المشار إليها من اتصل بنا، وقدم ملاحظات رشيقة حول ما يبثّ من برامج في إذاعة الزيتونة. ولعل هذا بداية الدليل على أن الاختلاف هو سرّ نجاح المجتمعات بمقتضى مبدأ المغايرة.
> الملاحظ أن مضامين البرمجة في الإذاعة تستجيب لما يسمّى بـ«الإسلام الشعبي».. أليس من الأهم التركيز على إشكاليات عقلانية وأكثر جدة؟
ـ أولا وبالذات إذاعتنا وخطابنا هو القرآن الكريم. يعني أنه لا يمكن أن يلومنا أي طرف على بثنا للقرآن الكريم. من جهة أخرى، هناك برامج مختلفة لكافة المستويات، ولا أقول الإسلام الشعبي، بل هو إسلام عامة الناس الذين يخاطبون بما يفهمون. وهذه المسألة لاقت استحسانا كبيرا وإن كانت لا تعجب المثقفين. ولقد أوجدنا للمثقفين مستويات أخرى كالحصص بالفرنسية التي تخاطب جمهورا راقيا عن طريق بعض البرامج منها «قصة وعبرة» مثلا. ثم نحن نفكر في برامج أخرى في القريب العاجل، ولا ننسى أن عمر الإذاعة قرابة ثلاثة أشهر لا أكثر. وسنسعى إلى مراعاة كل الشرائح كي نستجيب إلى كل الأذواق.

> هناك برامج باللغة الفرنسية، وأخرى بالإنجليزية، وإلى الآن تغطي الإذاعة 90 في المائة من الأراضي العربية، فما جدوى تعدد اللغات والحال أنها تتوجّه لجمهور تونسي، هو عربي مسلم؟
ـ في بداية انطلاق الإذاعة، وفي أول ثلاث ساعات لها، استقبلنا عبر الإنترنت 8000 رسالة من مختلف بقاع العالم. إضافة إلى أن هناك في تونس من يريد التحدث باللغات الأجنبية، من دون أن ننسى أن هذه الميزة دلالة على التفتح الحضاري والثقافي.

> من المعروف أنّ في الجامعة التونسية مدرسة خاصة تعتمد العقلانية والقراءة التاريخية في مقاربة لمسألة الإسلامية. هل ستتعامل إذاعة الزيتونة مع كفاءات هذه المدرسة؟
  ـ أتصور أن تعييني لإدارة الإذاعة يشكل علامة على الاتجاه الأصلي، كما أدعو المثقفين كافة الى أن يمنحونا بعضا من الوقت لنظهر ما لدينا. فإذاعتنا تبث من دون انقطاع وتغطي كامل الجمهورية التونسية، وهو أمر غير هيّن، خاصة إذا ما قارناه مع عمر الإذاعة. كما أنني أعتبر نفسي من هذه المدرسة التي أشرت إليها.

> هل تسعى هذه الإذاعة لمنافسة الفضائيات الدينية، ومحاولة استعادة بعض الشباب التونسي الذي احتوته؟
ـ إن نيّة إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم التأسيس لمشهد إعلامي قرآني، وليست غايتنا المزاحمة، ولا المنافسة، وإن كان المشهد الإعلامي عادة يفترض المنافسة. أنا أتصوّر أن جدية هذه الإذاعة ودقة البرامج التي تسعى إليها وقراءة القرآن بأصوات تونسية، كل هذه النقاط تعزز الذاتية التي تفتح على الكونية، لا سيما أنني لا أرى أن للتونسيين حظا في إذاعات العالم الإسلامي.

> تركزون على مفهوم الإعلام القرآني أكثر من الإعلام الديني، ما هي دواعي هذا التمييز؟
ـ لأن القرآن يجمع كل الناس وفهم الدين يختلف فيه الناس. الدين ملل ونحل، ونحن لا نريد أن ندخل في هذه المتاهات، ورايتنا القرآن الكريم، ونرى أن العودة إلى القرآن، يمكن أن تصلح حال العديد من الناس، حين يكتشفون مناطق اليسر فيه. فالقرآن الكريم يجمع الناس.

> من المعروف أنّ مقاربة ملف المرأة في تونس قد تمت بناء على مشروعية دينية إسلامية، ونقصد بذلك مجلة الأحوال الشخصية.. هل ستقومون بتصدير هذه المقاربة للعالم العربي والإسلامي؟
ـ إن مجلة الأحوال الشخصية هي مستقبل العالم الإسلامي، وأنا على يقين من ذلك، لأنها أخذت من الفقه، وأساس مجلة الأحوال الشخصية هو الاجتهاد. والمرأة كما تقول مي زيادة عاشت استشهادا طويلا، ولقد حان الوقت من بلد إسلامي اسمه تونس أن تعطي للمرأة العربية والمسلمة حقها. وستناضل إذاعة الزيتونة من أجل المرأة على النسق التونسي، ونرجو أن يكون هدا نموذجا للبلاد الإسلامية عامة.

> هل ستتعاون الإذاعة مع نجوم الخطاب الديني في الإعلام العربي اليوم؟
ـ نحن ننطلق من أن لدينا كفاية من العلم والعلماء والمفكرين. وطبعا لا حرج من دعوة بعضهم، ولكن لا أتصور أن يكون حضورهم أساسيا. ولو اكتشف العالم الإسلامي علماء تونس لتغيّر المشهد الإعلامي الديني في العالم العربي والإسلامي والمشهد الإعلامي كله.
 
(المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – لندن) الصادرة يوم 03 جانفي 2008)
 

 

تاريخ تونس الحديث من خلال سيرة مصلح اجتماعي

 
القدس العربي ـ من سفيان الشّورابي: يعود المبدع التونسي الفاضل الجزيري إلي الحقل السينمائي، بعد غياب طال 17 عاما، لإنجاز حلم ظل يراوده منذ ذلك الحين، حول شريط سينمائي عنوانه ثلاثون ، الذي يؤرخ لفصل هام ومحوري من تاريخ تونس المعاصر. وعلي الرغم من تنوع تجاربه الإبداعية، خلال السنوات الأخيرة، التي شملت أساسا أعمالا غنائية فرجوية مثل النوبة ، و الحضرة ، و نجوم ، فإن لمسات الفاضل الجزيري السينمائية تبدو أكثر اتقاناً وبروزاً وهو ما تجلي في أفلامه التي أنتجها سابقا كـ العرس و عرب (مع الفاضل الجعايبي). ظهور الفاضل الجزيري هذه المرة أسال حبراً كثيراً، علي غرار الصخب الإعلامي الذي صاحب جل عروضه الفرجوية. ففور إعلانه الإعداد لتصوير فيلم طويل يتناول قصة حياة المصلح والمجدّد التونسي الطاهر الحداد الذي عاش أوائل القرن الماضي، انقسمت الآراء ما بين مبتهج بهذه العودة التي تقترن بإنجاز عمل ضخم ونادر، وآخر مشكك في قدرة الجزيري علي افتكاك جزء من مساحة استحوذ عليها منذ فترة رفاق دربه القدامي؛ كل من المخرجين النوري بوزيد وسلمي بكار وفريد بوغدير وعلي العبيدي. الفاضل الجزيري تحدث عن شريطه فقال انه سيعالج مسيرة المفكر الطاهر الحداد وبعض من عاشروه، من الذين تركوا بصمتهم المتجذرة خلال حقبة الثلاثينات من القرن العشرين. وهي فترة عرفت فيها تونس تقلبات سياسية واجتماعية مريرة وحرجة، لا سيما من جراء تبعات المد الاستعماري الفرنسي. وتعرج قصة الفيلم تحديدا إلي الأحداث التي تبدأ في تشرين الثاني/نوفمبر 1924 مع اجتماع ما يسمي بـ فندق الحرايرية الذي أفرز أول تحرك عمالي كبير في تونس، وينتهي في كانون الأول/ديسمبر 1936 إثر معركة الجلاز الشهيرة المطالبة بإنشاء برلمان تونسي. وهي من هذه الزاوية التاريخية، تعبّر بشكل عام عن حنين خاص إلي جزء من الذاكرة المحلية، التي استطاع الجانب النير والثري منها التأسيس لمرحلة اندماج المجتمع التونسي في الحداثة بأقل الصعوبات والعراقيل. ومن المؤكد بأن هذه التجربة الجديدة للجزيري، ستكون متميزة لا محال، نظراً لرصيد وخبرة الجزيري في توظيف طاقاته المتعددة والمتجددة، خصوصاً وأنه أعلن بأن شريط ثلاثون سيكون أول فيلم في تونس ينجز وفق مقاس 35مم/سكوب Scope الحديثة، ونظراً أيضاً، لضخامة المشروع الذي استغرق التحضير له 3 سنوات كاملة، راوح خلالها الجزيري ما بين الغوص في التاريخ السياسي والاجتماعي لتونس في تلك الفترة، والنبش في شخصية الطاهر الحداد، الذي عُرف بكونه من أوائل المصلحين العرب الذين نادوا بتحرير المرأة ومساواتها مع الرجل من منظور قراءته التحديثية للشرع الإسلامي. هذا من دون أن ينسي قيامه بالتركيز علي دور كل من الشاعر أبو القاسم الشابي والقاصّ علي الدوعاجي والنقابي محمد علي الحامي في نحت جانب من البناء الفكري الذي حمل لواء الدفاع عنه الطاهر الحداد، والذي ترجمها في كتابه المشهور (امرأتنا في الشريعة والمجتمع). فرادة المشروع أيضا تكمن في مشاركة الأديبة التونسية عروسية النالوتي في كتابة السيناريو في أول تجربة لها في الكتابة الدرامية، مشتغلة بصورة أساسية في نسج مختلف جوانب الحياة الخصوصية والشخصية للطاهر الحداد. كما أن مشاركة طاقم من الممثلين الأكفاء والمقتدرين نذكر منهم الأردني علي ماهر والفلسطيني رامي حفانة ومن تونس محمد إدريس ومحمد كوكة وعيسي حراث وصابر الحامي وغيرهم، لها من القدرة أن تحدث إضافة نوعية لعكس واقع تاريخي مختلف عن الحالي، وما يفرضه ذلك من صعوبات كثيرة في تقمص الشخصيات ومعايشة التطورات حينها. بيْد أن مثل هذه التجربة الفريدة لم تمنع من بروز عدة معوقات بدأت تطل برأسها، أسابيع قليلة علي انطلاق تصوير الفيلم. ففي تصريح خاص لـ القدس العربي قال الممثل صالح حمودة، المشارك بدور هام في الشريط، أن ظروف عمل الممثلين مزرية للغاية ، ولا تتلاءم مع الميزانية المخصصة له التي تناهز عن 2,3 مليون دولار، زيادة للامتيازات الأخري. وقد استغرب، أيضا، من احتكار الفاضل الجزيري لمعظم وظائف الفيلم: فهو المخرج والمنتج وكاتب السيناريو وواضع الموسيقي التصويرية. بل الأكثر من كل ذلك، فقد قام بإسناد دور البطولة لابنه علي الجزيري! وأعلن، بلوعة وأسي، أن ثلاثون يعتبر بالنسبة له: فيلم تروي أحداثه قمعا سلط علي شخصية الحداد، وتروي كواليسه قهراً وإقصاءً يسلط علي المبدع ! وطبعا، فان مثل السلوكيات، بمنطق الأعراف أو الأخلاق أو القوانين، لا تجد لها أساساً أو تضمن لها تبريراً من قبل مخرج حاك نصيباً من المدونة السينمائية التونسية، وسطّر قسماً من تاريخ الفنون في تونس. وتبقي فرضيات الإصلاح قائمة وممكنة، وخاصة أن شريطاً بمثل هذا الحجم، والذي يأمل صاحبه بالمشاركة به في مهرجان « كان » للسنة المقبلة، سيحدث لا محالة، تغييراً في المشهد السينمائي الوطني.
 
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 03  جانفي 2008)

 

الشيخ عبد الله الاحمر في ذمة الله .من يعوّضه؟

 
بقلم: الشيخ راشد الغنوشي الشخصيات المحورية في تاريخ الامم والاوطان عملة نادرة وفقدانها عامل إخلال شديد بالتوازنات القائمة ومفض إذا لم يتدارك الحكماء من الخلف الفراغ، الى اهتزازات وشرور خطيرة. تقديرنا أن فقيدنا الشيخ عبد الله الاحمر رحمه الله رحمة واسعة، من هذا الصنف ، وفقدانه بهذه الخطورة إن على الصعيد الوطني اليمني أو على الصعيد العربي والاسلامي. هذا فارس آخر من فرسان الوطنية اليمنية فرسان العروبة والاسلام يترجل  بعد أن جمع في شخصه شخصيات عدة كل منها في الطليعة القيادية في مجالها : فعلى صعيد الوطنية اليمنية كان فارسا من فرسان الجمهورية مناضلا في الصف الاول  ضد الاقطاع الملكي ، كما كان فارسا من فرسان المعركة ضد الاحتلال ، وكان في المقدمة في معركة الجهاد لاستعادة الوحدة اليمنية ضد قوى الانفصال كان القائد الذي جمع في شخصه الى البعد القبلي باعتباره أكبر زعيم لتجمع قبلي « قبائل حاشد » زعامة الحركة الاسلامية في تجربة فريدة لم يعرف لها نظير في عالم العروبة .. وبذلك جذّر الحركة الاسلامية في بئتها حتى تغلغلت في أعماق المركب اليمني المجتمعي متجاوزة القشرة النخبوية التي كثيرا ما وقفت عندها الفئات الحديثة ، وبذلك تحول التجمع اليمني للاصلاح قوة توازن حقيقي مع الدولة وبالخصوص بعد أن أنجز تحت قيادة الشيخ عبدالله إنجازا تاريخيا لم يكن أحد يتوقعه: اللقاء بين الاصلاح والحزب الاشتراكي العدوين اللدودين فعرف اليمن ما لم تعرفه البلاد العربية الأخرى ، معارضة ليست كارتونية لتقديم شهادات الزور للسلطة عن وجود معارضة !!فنحن هنا إزاء تكتل معارض يجمع قوى كبيرة وجادة. غير أن الشيخ لم يوظف هذه القوة المتفردة في إضعاف سلطة الدولة ولا في البحث عن مشاركة في امتيازاتها بل ظل من خلال موقعه القوي الذي بوّاه عن جدارة منصب رئاسة السلطة التشريعية دون منافس ، ومن خلال علاقاته المتميزة مع رئيس الدولة عنصر توازن وتعديل يضغط على الدولة للحد من ميلها الطبيعي الى التغول والإستئثار بالغنيمة وانفرادها بالقرار ولكنه لا يسمح للضغط أن يصل الى حد القطيعة والصدام ..وبذلك مثّل أهم مداميك الوحدة الوطنية والسلام الوطني والاجتماعي دأبا على إطفاء الحرائق والفتن التي لا تني تندلع هنا وهناك مهددة الاستقرار فكانت مساعيه التصالحية ركنا من أركان الاستقرار في وطنه وفي وقايته من عوامل التشقق والحروب الاهلية . كما كان من خلال موقعه المؤثر على راس الحركة الاسلامية وموقعه البارز على الصعيد القبلي وموقعه من الرئيس عاملا أساسيا في وقاية اليمن مما تلظت به معظم أقطار العروبة والاسلام من  التصادم والتنافي بين الدولة والحركة الاسلامية فكان ترؤسه للحركة الاسلامية بركة على الاسلاميين وعلى الدولة وعلى الوطنية اليمنية جملة ، بما فتح الباب أمام إرساء تجربة متميزة على صعيد هذه العلاقة الحساسة والخطرة، على نحو يمكن للملاحظ الخارجي للمشهد اليمني السنوات الاخيرة وما يعرفه من توتر عام متزايد إن على صعيد علاقة الدولة ببعض الفئات اليمنية وصلت الى حد الحسم المسلح الدامي أو على صعيد العلاقة بين الحكم والمعارضة لدرجة يخيل لك معها أن الصدام وشيك ، أن يفسرذلك أو جانبا كبيرا منه الى  تراجع دور الشيخ بسبب الامراض التي هاجمته وحدت من فعاليته المعتادة. ومع ما طال وتفاقم من أوجاعه ظل الشيخ محل تقدير الجميع حيثما حل حتى آخر عهده بهذه الفانية. وأنا شهيد خلال عياداتي للشيخ سواء في المملكة أم في جوناف أم في لندن كيف كانت تتحول عيادته الى مجالس تفكر وحوار حول قضايا الامة الكبرى التي كان يتابعها عن كثب  لدرجة أن غرفته في مصحة لندن منذ اسبوعين تحولت الى مزار لكبار الشخصيات اليمنية والعربية والاسلامية منهم الرئيس عبدالله صالح الذي سافر لعيادة الشيخ من المطار الى المصحة ومنها الى المطار مباشرة.وكل ذلك يزيد من حدة طرح  السؤال الذي يتلجلج في الحناجر والشيخ لا يزال مسجى في طريقه لملاقاة مولاه:الى أي مدى ستتأثر العلاقة التي رعاها الشيخ بين الحكم والاسلاميين والمعارضة جملة بغيابه؟ وما كانت عيادات الشيخ لتتحول الى منتديات تؤمها الى جانب أعيان اليمن ونخبه على اختلاف مشاربها نماذج واسعة من النخب العربية والاسلامية لولا  أن صولات وجولات  واهتمامات فارس اليمن لم تكن  تتوقف عند ساحته المحلية، وذلك  شان الرجال الكبار في تاريخ الامة وإنما كان حاملا لهمومها الكبرى وبالخصوص القضية الفلسطينية التي حمل لواءها ناسجا علاقات متميزة مع زعمائها على اختلاف ألوانهم الوطنيين والاسلاميين يستقبلهم ويبذل لهم من جاهه وماله  ويحشد لهم الدعم الشعبي والرسمي. ولذلك لم يكن عجبا أن تم اختياره لموقع القيادة في مؤسسة القدس من بين القيادات الاسلامية والعروبية التي اجتمعت بإشراف كبير علماء الاسلام المعاصر الشيخ العلامة يوسف القرضاوي حفظه الله لتأسيس مؤسسة القدس. ونحن إذ نترحم على الفارس الذي ترجل يملأنا الاشفاق على اليمن وعلى الامة وما كان ينهض الشيخ فيهما من أدوار لم يكن أحدها يشغله عن الآخر حتى كان لا يفتؤ يسألني عن أحوال الاسلام في تونس وأحوال المساجين متعجبا من من أن يبلغ الصراع السياسي حد الاعتداء على مسالك اسلامية لا علاقة لها بالسياسة كالحجاب..نحن إذ نترحم على الشيخ الذي غادر وطنه والامة وهما في أشد الحاجة الى جهوده لا يعزينا غير يقيننا في أن الله حافظ دينه وأن هذه الامة وفي مقدمتها اليمن معدنها الاصلي حبلى بالامكانات وأن الله سبحانه قد تعهد في كتابه العزيز  » ماننسخ من آية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها. ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير؟ » البقرة، وشرط ذلك الالتزام بسنن الله في سياسة عباده بالعدل والشورى.
 
المصدر: موقع « نهضة إنفو » بتاريخ  01 جانفي 2008)


رؤية تقويمية لإسهامات الشاطبي وابن عاشور المقصدية – الجزء الرابع

 
كتبه: د. بشبر عبد العالي 1-السمات العامة لمنهج ابن عاشور: تقدم أن مما يعين على تحديد السمات العامة لأي تأليف معرفة السياق الذي ورد فيه ذلك التأليف، والأهداف الكبرى التي حددها المؤلف من تأليفه، لذلك أتناول في هذا البحث المسائل التالية: المسألة الأولى: السياق التاريخ  لتأليف ابن عاشور كتابه “مقاصدالشريعة الإسلامية”: يبدأ الباحث الكلام عن السياق الذي في إطاره ألف ابن عاشور كتابه « المقاصد » من حيث وقف به الحديث عن السياق الذي في إطاره ألف الشاطبي كتابه « الموافقات » ذلك أن ما أنجزه الشاطبي في البحث المقصدي ظل على حالته دون تطوير ولا حتى متابعة واحتذاء حتى جاء ابن عاشور – رحمه الله – فبنى على تلك الخطوة الجبارة التي خطاها الشاطبي ولم يقنع بها بل رام الارتقاء بها وتطويرها، يقول ابن عاشور: (والرجل الفذ الذي أفرد هذا الفن بالتدوين هو أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي المالكي إذ عني بإبراز القسم الثاني من كتابه المسمى « عنوان التعريف بأصول التكليف في أصول الفقه »، وعنون هذا القسم بكتاب المقاصد ولكنه تطوح في مسائله إلى تطويلات وخلط، وغفل عن مهمات من المقاصد، بحيث لم يحصل منه الغرض المقصود على أنه أفاد جد الإفادة فأنا أقتفي آثاره ولا أهمل مهماته ولكن لا أقصد نقله ولا اختصاره).([1]) ولعل الغرض الذي رأى ابن عاشور أنه لم يحصل من كتاب « الموافقات » هو الانتهاء بالمختلفين (في مسائل الشريعة إلى أدلة ضرورية أو قريبة منها يذعن إليها المكابر ويهتدي بها المشبهه عليه كما ينتهي أهل العلوم العقلية في حجاجهم المنطقي والفلسفي إلى الأدلة الضروريات والمشاهدات والأصول الموضوعة فينقطع بين الجميع الحجاج ويرتفع من أهل الجدل ما هم فيه لجاج).([2]) وقد صور ابن عاشور واقع علم الأصول تصويراً يمكن اختصاره في ثلاث نقاط هي: أ/ عسر الاحتجاج بين المختلفين في مسائل الشريعة مع عدم إغناء أصول الفقه لمتطلب إقلال الاختلاف لأن معظم مسائله مختلف فيها تبعاً للاختلاف في الفروع.([3]) ب/ أن معظم مسائل أصول الفقه لا ترجع إلى خدمة حكمة الشريعة ومقصدها ولكنها تدور حول محور استنباط الأحكام من ألفاظ الشارع بمعزل عن بيان حكمة الشريعة ومقاصدها العامة والخاصة في أحكامها.([4]) ج/ اشتمال علم أصول الفقه على خبايا منسية في مغمور أواخر كتب الأصول التي لا يصل إليها المؤلفون إلا عن سآمة مثل مباحث المناسبة والإحالة في مسالك العلة، ومبحث المصالح المرسلة… الخ.([5]) المسألة الثانية: الأهداف التي ارتسمها ابن عاشور لنفسه: حدد ابن عاشور أهدافه من تأليف كتابه « المقاصد » في ثلاثة أهداف يمكن ضبطها كالآتي: أ/ أن تكون مباحثه مرجعاً بين المتفقهين في الدين عند اختلاف الأنظار، ووسيلة إلى إقلال الاختلاف بينهم. ب/ دربة للمقلدة على الإنصاف في ترجيح بعض الأقوال على بعض عند الخلاف والفيئة إلى الحق ونبذ التعصب. ج/ إغاثة المسلمين بتشريع يقتدرون به على استبانة مصالحهم الطارئة عند نزول الحوادث واشتباك النوازل.([6]) المسألة الثالثة: السمات العامة لمنهج ابن عاشور في البحث المقصدي: أولاً – السمات التي تتعلق بالموضوع: السمة الأولى: إشكالية القطع والظن: سيطرت هذه الإشكالية على منهج ابن عاشور واستولت على حيز كبير من اهتمامه([7]) بل كانت هي السبب وراء اقتراحه إعادة تدوين جديد لأصول التفقه،حيث يقول: » فنحن إذا أردنا أن ندون أصولا قطعية للتفقه في الدين حق علينا أن نعمد إلى مسائل أصول الفقه المتعارفة وأن نعيد ذوبها في بوتقة التدوين ونعيرها بمعيار النظر والنقد فننفي عنها الأجزاء الغريبة التي غلثت بها ونضع فيها أشرف معادن مدارك الفقه والنظر ثم نعيد صوغ ذلك العلم ونسميه علم مقاصد الشريعة  »  ([8]) كما وجهته في طرح العديد من القضايا وفي كيفية الاستدلال عليها، ومن الأمثلة على ذلك قضية إثبات أن للشريعة مقاصد حيث سعى إلى الاستدلال لذلك بأدلة لا يماري فيها أحد من أهل الملة لتعلقها بأصول الاعتقاد من ناحية ولاستنادها إلى الاستقراء من ناحية أخرى: قال – رحمه الله -: (قد ثبت بالأدلة القطعية أن الله لا يفعل الأشياء عبثاً؛ دل على ذلك صنعه في الخلقة)([9]) ثم قال: (واستقراء أدلة كثيرة من القرآن والسنة الصحيحة يوجب لنا اليقين بأن أحكام الشريعة الإسلامية منوطة بحكم وعلل راجعة للصلاح العام للمجتمع والأفراد).([10]) وفي قضية إثبات طرق المقاصد قال: (أعلم أننا لسنا بسبيل أن نستدل على إثبات المقاصد الشرعية المتنوعة بالأدلة المتعارفة التي ألفنا الخوض فيها في علم أصول الفقه (…) لأن وجود القطع والظن القريب منه بين تلك الأدلة مفقود أو نادر).([11]) وبناء على تحريه الشديد في طلب القطع أسقط من اعتباره طريقة السلف في رجوعهم إلى المقاصد كطريق من طرق إثبات المقاصد قال – رحمه الله -: (هذا المبحث يتنزل منزلة طريق من طرق إثبات المقاصد الشرعية ولكنّي لم أعده في عدادها من حيث إني لم أجد حجة في كل قول من أقوال السلف إذ بعضها غير مصرح صاحبه بأنه راعى في كلامه المقصد، وبعضها فيه التصريح أو ما يقاربه ولكنه لا يعد بمفرده حجة لأن قصاراه أنه رأي من صاحبه في فهم مقصد الشريعة).([12]) وعند تحديده للشروط التي تعتبر بها المقاصد اشترط: الثبوت، والظهور، والانضباط، والاطراد([13]) وهي شروط تؤول كلها إلى تحري القطع, ويعلق ابن عاشور – رحمه الله – على هذه الشروط بقوله: (فبمثل هذه المعاني بشروطها يحصل اليقين بأنها مقاصد شرعية).([14]) ورغم حرص ابن عاشور الشديد على بناء قواعد قطعية لعلم المقاصد إلا أنه ينتهي في الأخيرإلى أن مقاصد الشريعة مرتبتان: قطعية وظنية, حيث يقول: (الحاصل للباحث عن المقاصد الشرعية قد يكون علماً قطعياً أو قريباً من القطعي، وقد يكون ظناً)،([15]) وبناء على هذه النتيجة يكون غاية ما يطمح إليه ابن عاشور إيجاد جملة من المقاصد القطعية يقول – رحمه الله -: (إن أعظم ما يهم المتفقهين إيجاد ثلة من المقاصد القطعية ليجعلوها أصلاً يصار إليه في الفقه والجدل)([16]) وهذه الثلة من المقاصد هي التي تمثل عند ابن عاشور ما سماه بعلم المقاصد حيث يقول: (على أننا غير ملتزمين للقطع أو ما يقرب منه في التشريع، إذ هو منوط بالظن. وإنما أردت أن تكون ثلة من القواعد القطعية ملجأ نلجأ إليه عند الاختلاف والمكابرة، وأن ما يحصل من تلك القواعد هو ما نسميه علم مقاصد الشريعة وليس ذلك بعلم أصول الفقه).([17]) وبعد كل هذا يعترف ابن عاشور أن تلكم القواعد القطعية وإن كانت ممكنة الإيجاد فإنها قليلة؛ فقال بعد أن عرض بعض محاولات العلماء في بناء قواعد قطعية للتفقه في الشريعة: (إنما قصدت التنور بأضواء أفهامهم ليعلم إمكان استخلاص قواعد تحصل بالقطع أو بالظن القريب من القطع ولو كانت قليلة).([18]) السمة الثانية: اقتصار ابن عاشور على البحث عن مقاصد الإسلام من التشريع في المعاملات دون العبادات([19]) وعلى هذا انصرف همه الأعظم إلى تأصيل قواعد أشمل من قواعد أئمة أصول الفقه وذلك ما عبر عنه بقوله: (المقصد العام من التشريع لا يعدو أن يساير الفطرة والحذر من خرقها واختلالها. ولعل ما أفضى إلى خرق عظيم فيها يعد في الشرع محذوراً أو ممنوعاً، وما أفضى إلى حفظ كيانها يعد واجباً، وما كان دون ذلك في الأمرين فهو منهي أو مطلوب في الجملة وما لا يمسها مباح)،([20]) ويعتبر (بأن هذا الوصف العظيم صالح لأن يكون الأصل العام لفهم مناحي التشريع والاستنباط منها، فهو أولى الأوصاف بأن يجعل أصلاً جامعاً لكليات الإسلام، لكونه وصفاً مفرداً تندرج تحته الأوصاف المتآخية في الاندراج تحته. ففي وصف الإسلام به في آية ]فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها[([21]) تنبيه للعلماء في فهم الشريعة والتفقه فيها، وفي تنفيذ الشريعة وسياسة الأمة بها، بأن عليهم أن يسايروا هذا الوصف الجامع ويجعلوه رائدهم في إجراء الأحكام)([22]) ويعتب على أئمة الأصول إهمالهم لما أسماه بالوصف الجامع بقوله: (غير أن أئمة الأصول لم يعنوا بهذا اللقب في أصول الشريعة (…) فكانوا يميلون إلى الحقائق الظاهرة المضبوطة الصالحة لأن تكون قواعد للتشريع، وقد عرفت هذا من صنيعهم إذ رأيتهم في باب القياس يحفلون بذكر العلة وتعريفها ويمثلون بعلل للأحكام الصالحة لإلحاق فرع القياس بأصل قياس لمساوتهما في علة الحكم، ولا يهتمون ببيان الحكمة التي هي منشأ علل كثيرة، وإنما يتعرضون للحكمة استطرداً في ذكر شروط العلة (…) وتراهم إذا تكلموا في قياس النبيذ على الخمر في التحريم يجعلون العلة هي الإسكار ولا يجعلونها إفساد العقل).([23]) وهكذا وفي سبيل وضع أصول جامعة أهمل ابن عاشور ـ قصداً ـ الحديث عن أحكام العبادات.  السمة الثالثة: بيانه لأهمية المقاصد دون تفصيل في بيان أهمية اللغة: إذا كان الشاطبي – رحمه الله – في كتابه « الموافقات » قد قد بين أهمية كل من المقاصد واللغة في عملية الاستنباط([24]) فإن ابن عاشور قد فصل في بيان أهمية المقاصد واكتفى في جانب اللغة بمجرد الإشارة الضمنية إلى ضرورتها مثل قوله: (يقصّر بعض العلماء ويتوحّل في خضخاض من الأغلاط حين يقتصر في استنباط أحكام الشريعة على اعتصار الألفاظ ([25]) ويلاحظ أن قوله « يقتصر » وإن كانت فيه إشارة ضمنية إلى ضرورة الاهتمام باللفظ إلا أنه جاء في معرض التنويه بأهمية المقاصد. ([1]) مقاصد الشريعة الإسلامية /8. ([2]) المرجع السابق/ 5. ([3]) مقاصد الشريعة الإسلامية /5. ([4]) المرجع السابق/ 6. ([5]) المرجع السابق/ 5. ([6]) انظر هذه الأهداف في المرجع السابق/ نفس الإحالة. ([7]) انظر مثلاً المرجع السابق/ 5 ، 6 ، 13 ، 19 ، 21 ، 24 ، 27 ، 40. ([8]) المرجع السابق/ 8. ([9]) مقاصد الشريعة الإسلامية/ 13. ([10]) المرجع السابق/ 14. ([11]) المرجع السابق/ 19. ([12]) المرجع السابق/ 24. ([13]) مقاصد الشريعة الإسلامية/ 52. ([14]) المرجع السابق/ 53. ([15]) مقاصد الشريعة الإسلامية/ 40. ([16]) المرجع السابق/ نفس الإحالة. ([17]) المرجع السابق/ 42. ([18]) المرجع السابق/ 41. ([19]) المرجع السابق /9. ([20]) المرجع السابق/ 59. ([21]) سورة الروم الآية: 30. ([22]) أصول النظام الاجتماعي في الإسلام/ 21، لابن عاشور. الشركة التونسية للتوزيع, تونس, والمؤسسة الوطنية للكتاب, الجزائر, 1985م, بدون ط. ([23]) المرجع السابق/ نفس الإحالة. ([24]) أفرد للمقاصد النوع الأول من القسم الأول من الجزء الخاص بالمقاصد وللغة النوع الثاني من نفس القسم. ([25])  مقاصد الشريعة الإسلامية /27.
 
المصدر: موقع « السبيل أونلاين نت –  » بتاريخ  03 جانفي 2008)

 

مراجعة المفاهيم .. قراءة جديدة للمشترك ( 1 )

 
عبدالباقي خليفة * هناك خطأ شائع يزعم أن الاسلام يمثل مشتركا بين جميع التونسيين ، بمعنى ، أنه تركة متنازع عليها ، يكون للمنتصر بسيفه حق السيطرة عليها ،وتقيدمها كما يريد هو فقط ، ملكا خاصا ،أو على الأقل ،حق التصرف فيها كما يريد هو ، وفق قراءته الخاصة . وإذا نظرنا إلى حال الاسلام في تونس اليوم ندرك بما لا يدع مجالا للشك بأن الاسلام ، ليس ( مشتركا ) بالمفهوم  » العفوي  » للكلمة ، وإنما ضمن ما استولى عليه النظام الحاكم خلال السنوات المظلمة . وبالتالي فهو ليس مشتركا ،وإنما أسير لرؤية ميكافيلية تعمل على إفراغه من مضامينه الحقيقية ،كمحرك للتحرر والتنمية والابداع . إذ أن فرض رؤية معينة للاسلام تجعل من كلمة  » مشترك  » مصطلحا ومفهوما مبهما ومغنطسا يدعو للرثاء بل الغثيان . إن شهادة الميلاد وحدها لا تكفي ،لاعتبار الانسان من المسلمين ،فلا بد من الايمان المقرون بالعمل ، والامتثال  لقواعد الاسلام الخمس ، وتحقيق مقاصد الاسلام في النفس والاسرة والمجتمع . وحتى كلمة لا إله إلا الله ، تحمل في مضمونها معنى العبودية ، أي لا معبود بحق غير الله ، وبالتالي فإن ترديدها بدون عمل ، أي عبادة ، تكون كمن يحمل وصفة دواء على ورقة ،ويظن أنها ستغنيه عن تناول الدواء وبذل الجهد في تعاطيه . والنفي والاثبات في شهادة التوحيد تعني لك ،التبرئ من كل ما يخالف الاسلام ،وتحذر منه ،وأن تدعو للاسلام وتتحمل الأذى في سبيله . هذه بعض معاني كلمة التوحيد التي يجب أن يعلمها الصغار قبل الكبار، وهذا مصداق قوله تعالى  » فاعلم أنه لا إله إلا الله ،واستغفر لذنبك   »  . لا يجب التواري ، والآخرون يقدمون الاسلام  » كتركة متنازع عليها  » لا ينبغي لأحد أن يستند عليها أو حتى يتخذها مرجعية له ! إن الحديث عن الاسلام « المشترك « يعد انقلابا على طبيعة الأشياء،وعلى طبيعة الاسلام ،وقراءة للاسلام بالمقلوب .بمعنى أننا ملك لله وملك للاسلام ، وعندما تقول إن الاسلام ملكية مشتركة ، تجافي الحقيقية ، وتجعل من نفسك سيدا على الاسلام ،تتحكم فيه كما تشاء ،وليس سيدا بالاسلام ،تسير وفق أحكامه ومبادئه ومقاصده ، وهذا هو الفرق بيننا وبين غيرنا . إن القول بخطأ مقولة الاسلام  » المشترك  » لا تحمل في طياتها أي معنى من معاني التكفير ، وإنما هو تبيان لموقف حول القضية المثارة ، يعتبر أن المسلم لا يكتمل اسلامه حتى يؤمن بكل ما نزل به الوحي المبين ، وصح من سنة ذو الخلق الأمين ،عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم . وليس من حق أحد أن يصادر هذا الموقف و ينصب نفسه وصيا على أفهام الناس ومواقفهم ، لا سيما وأن أهل العلم من القدامى والمعاصرين متفقون على ذلك ، حتى قالوا إن  » الدولة الاسلامية هي التي تعلوها أحكام الاسلام « . وهذا ليس تكفيرا وإنما تأكيد على عدم كمال اسلام البعض أفرادا ودولا من وجهة نظر علمية ،أي شرعية مسنودة بالآيات والأحاديث التي لا يتسع المجال لها ،في هذ الحيز الصغير . وإذا استعملنا رسما بيانيا له أساس وسقف  يبيينان مدى اسلامية الفرد والدولة فإن الرقم والخطوط  المحددة لذلك ستكون متفاوتة لا محالة بالنظر إلى مقاييس الاسلام ذاتها . ويكون النجاح والفشل في إثبات الهوية الاسلامية و الطبيعة الاسلامية  وفق تلك المقاييس بدون أدنى شك . ومن البديهي أيضا أن مقاييس الاسلام ليست ( الاسلام الشعبي ) كما كنا نردد فيما مضى ، وكما يردد البعض اليوم . فالعادات والتقاليد والجهل بالاسلام المستشري بين المسلمين ليس هو الاسلام الحقيقي ، وإنما الكتاب والسنة وما أجمع عليه علماء الامة عبر العصور . والثاني يحكم على الأول وليس العكس ، أي أن الاسلام المحفوظ هو من يحكم به على تصرفات الناس و ما اتخذوه من عادات وتقاليد تقترب أو تبتعد من الاسلام النصي والذي لم يخلو عصر و مصر من أناس يمتثلونه ويمشون به بين الناس ، اسلاما يمشي على الأرض .  فاسلام شخص أو دولة لا يكون صحيحا إلا إذا طبق في الواقع المعاش وأصبح اسلاما يمشي على الارض ، وليس في رفوف المكتبات ، وأوراق الشجر ،أو كلمات يتشدق بها في المناسبات . وبالتالي فإن التعبير عن رؤية شاملة للاسلام في مختلف مناحي الحياة ليس ،احتكارا للاسلام ، وإنما رؤية مختلفة للاسلام يجب أن تنزل للشارع لتسمد شرعيتها ،مثلها مثل بقية الرؤئ الأخرى التي ترى في الاسلام ( مشترك )  يجب وضعه تحت السجادة أو حكره في المساجد و نفييه في الارياف أو تطويعه ولي أعناقه ليتماشى والحداثة المغشوشة أو رؤية الاجنبي الحامي . فالحزب الحاكم له رؤية للاسلام ،والحزب الشيوعي له رؤية أخرى ،والاحزاب القومية وغيرها لها رؤآها للاسلام أخذا منه وتركا له ،فلماذا تقبل هذه الرؤئ ،وتصادر الرؤية التي تأخذ بالاسلام كله . إن ذلك ليس سوى تغييبا للاسلام وإبعادا واستعبادا له حتى لا يكون له تأثير على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والحياتية بكاملها . وحتى لو فرضنا جدلا أن الاسلام يمثل ،مشتركا ، بالمفهوم ،العفوي ،فإن تصرفات النظام تؤكد بأنه ، ليس مشتركا ، عندما يفرض على المجتمع رؤيته  » غير المشتركة  » للاسلام . فالمشترك بالمعنى العفوي ، يعني أن لكل شخص الحق في فهم الاسلام كما يريد ،وهذا غير متوفر في تونس اليوم  .وما نسمعه من جلاوزة النظام صباح مساء من استماتة على فرض رأي معين ، يعتبره الكثيرون مخالفا لصحيح القرآن والسنة ،غير خاف على أحد ، مثل قضية الحجاب ، والحريات الدينية الاخرى والحريات الثلاثة المكملة . فهل يكف هؤلاء الحمقى عن تريد الشعارات الجوفاء . والاحتفاظ  بالكلمات الدبلوماسية التي تتحدث عن المشترك ،والخبيثة المدنسة التي تتحدث عن المقدس والمدنس وما يلقيه الشيطان على ألسنتهم من زخرف القول غرورا . وللحديث بقية … * صحافي تونسي
 
المصدر: موقع « تونس اون لاين » بتاريخ  03 جانفي 2008)

بين ثقافة السلطة وسلطة الثقافة

لقد آن الأوان للتخلص من عملية الفصل بين واقع المثقف العربي و فعله ،بين انتمائه و بين خطابه الثقافي

 
فلكي يتحرر المثقف العربي من الحصار المفروض عليه, عليه أن يتخلى عن طوباوية مشاريعه التي تعتمد على الخطاب الثقافي المجرد، و أن يوظف هذه المشاريع الثقافية بين ثقافة السلطة وسلطة الثقافة بقلم – عامر عياد اذا كانت العلاقة بين الثقافة و السياسةغير واضحة المعالم في أذهان رواد ومفكري ما سمي بعصر النهضة نظرا لانصرافهم للفعل الثقافي ،فان هذه العلاقة قد توضحت و تحددت معالمها في الوقت الراهن لدى المثقف العربي -لو سلمنا بوجود مفهوم موحد للمثقف بعيدا عن التصنيفات الطبقية والفكرية – حيث حصل اندماج يكاد يكون كليا بين الهم الثقافى والسياسي لدى هؤلاء المبدعين أدى الى تلازم بين وعيهم الثقافي و السياسي. واذا كان الهم الاول للمفكرين العرب في أواخر القرن التاسع عشر قد تمحور حول نقطة مركزية هي البحث في سبيل تحقيق النهضة الفكرية والسياسية والحضارية للوطن العربي بعد سبات طويل في ظل الحكم العثماني ،فان الهم الاول للمفكرين العرب بعد الحرب العالمية الثانية قد تركز على ضرورة دفع حركة التحرر الوطني في اتجاهها الصحيح من أجل استكمال شروط الاستقلال السياسي وعلى وجوب احداث تغييرات جذرية على بنية المجتمع على أساس ان ياخذ الفكر العربي دوره الفاعل في الحياة العامة. « فالمثقف العربي او المسلم ملزم بالتواجد الكامل في القطاعات الساخنة التى يحسم فيها المصير التاريخي للمجتمع الذي ولد فيه ولا يمكنه أن يهرب من المسؤولية أو يدير ظهره لما جرى ويجري »(محمد اركون من مداخلة القاها بجامعة نيس 22-03-86) تلك كانت الطموحات و الاحلام التي راودت أذهان المثقفين العرب في تلك المرحلة و كانت الدافع لان يلعب المثقف دورا هاما في صياغة و بلورة شعارات و اهداف حركة التحرر العربية. فأين هو دور المثقف العربي اليوم؟ ان الانظمة العربية التي اعتمدت على عمل المثقف قبل استلامها السلطة في صياغة برامجها و توجهاتها و ايديولوجياتها قد تخلت عن دوره بعد وصولها للسلطة و أصبحت تعتمد فقط على المثقف الاداري والفني والتقني و ليس على المثقف المفكر ،لان ما تحتاجه هو الخبرة العلمية وليس الفكر والموقف لانها في مجال الايديولوجيا قد حولت الفكر الى نشاط دعائي واعلامي ،فاعتمدت على عدد من المثقفين التقنيين الذين لا يطلب منهم سوى تنفيذ أوامرها في مجال الايديولوجيا الاعلامية وبذلك تمكنت السلطة من اختراق ثقافة المثقف الذي خضع لها.فأصبح شلل فعاليته ناتجا عن وظيفته في السلطة ولا نعني بالوظيفة هنا معناها الحرفي كعمل معين بقدر ما نعني به دور هذه الوظيفة التي قبل بها المثقف فقضت على فعالية انتاجه الفكري و المعرفي والنقدي. فما يميز المثقف الذي ينتج في مجال الفن والفكر المبدع عن غيره من المتخصصين في مجالات العلوم المختلفة هو موقفه من قضايا مجتمعه المصيرية-الاختيارات الكبرى-الحريات-الاستقلالية-البناء المجتمعي…-لان المتخصص المهني يبقى مرتبطا باختصاصه الجزئي دون أن يهتم بمن يخدم و لا كيف يوظف خبرته وعلومه كالعالم والطبيب أو المهندس الذين ينظرون الى اختصاصاتهم و يتعاملون معها كأجزاء منفصلة عن وظيفتها الاجتماعية. في حين أن المثقف يتميز اضافة الى شمولية رؤيته بالموقف الايديولوجي و المعرفي المعين تجاه القضايا المصيرية العامة التي تهم المجتمع ككل. ان ما تهدف اليه السلطة السياسية في حال عدم تمكنها من الهيمنة على المثقف هو فصل معرفته السياسية كي ينتج ثقافة مجردة،غير محددة بزمان او مكان معين ..ثقافة لا تتعامل مع الملموس أو البعد التاريخي بقدر ما تحلق في عالم الميتافيزيقيا أوتتأطر في قفص الرومانسية الذاتية وكأن ما يجري على أرض الواقع لا علاقة لها به. كما تسعى السلطة الحاكمة الى خلق و تشجيع تقني المعرفة الذي لا يتعاطى السياسة أو الأفكار ذات الابعاد الاجتماعية بل يتعامل مع الواقع بطريقة براغماتية فيهمل الثقافة والسياسة حسب دوافعه العملية و مصالحه الخاصة التي تجد مكانها الطبيعي الى جانب السلطة وفي خدمتها. « ان وظيفة الثقافة التقنية هي تأبيد تحالف المعرفة والسلطة من ناحية وتأبيد جهل وتظليل القوى الشعبية من ناحية أخرى »(فيصل الدراج-مجلة المستقبل العربي) لان الثقافة التقنية المفرغة من المضامين الايديولوجية والسياسية تمد السلطة بالوسائل الاجرائية من أجل استمرار هيمنتها على مقاليد السلطة و مكونات المجتمع ومنظماته ، وعندما تقوم السلطة بتهميش المثقف فانها تهمش المجتمع عن طريق سد وقطع تيار المعرفةالذي ينتجه المبدع ومنعها من الوصول الى هذا المجتمع الذى تعتبره حكرا لها.و بذلك تمنع سلطة المعرفة لتنشر معرفة السلطة التي تريدها في خدمة أهدافها و برامجها ولا تتعارض معها. واذا ما رفض المثقف طريق التبعية للسلطة ،فانها تعتبره منافسا لها في اقتسام السيطرة على المجتمع فتلجأالى محاربته بشتى الوسائل قد تصل الى النفي و السجن والمصادرة والتجويع وفي بعض الأحيان الى التصفية الجسدية في الانظمة الكليانية و الشمولية. ومما يلفت النظر انه في عصر طغيان وسائل الاعلام و انتشار وسائل الاتصال السريعة عبر العالم لجأت انظمة السلطة الى جر الثقافة الى حقل الاعلام عن طريق تبسيطها و ابتذالها و تحويلها الى احدى الوسائل المكرسة لخدمة الاعلام الرسمي. ومن شأن هذه الطريقة ان تقضي على الثقافة كحامل لايديولوجيا المعارضة والجماهير،عن طريق تفكيك عناصرها وشرذمتها و توزيعها الاعلامي وبذات الوقت يجري سحبها كسلاح ايديولوجي ومعرفي من منتجها وتحويلها الى ثقافة استهلاكية هابطة تنحصر وظيفتها في الامتاع و التسلية و تسطيح وعي الراي العام وفي تسويغ تسلط الانظمة عن طريق ابتزاز الجماهير و تخويفها و تهميشها كتعميم المعايير السلطوية كقيم وحيدة في المجتمع وبذلك يقضي على الثقافة كنشاط ابداعي واع وهادف…. و كل حديث عن المثقف العربي او الثقافة العربية سيقود بالضرورة الى الحديث عن السلطة و بالتالي عن العلاقة بين الطرفين وعن وجود او انعدام المناخ الديمقراطي . فمنذ القديم ارتبط وضع المثقف و موقعه بوضع السلطة و موقعها وكانت العلاقة بين هذين القطبين تحكمها اما حالة صراع او هدنة وذلك حسب الهوية الطبقية لكل من المثقف والسلطة السياسية،وقداعطانا التاريخ مجموعة من الحقائق و البديهيات عن الخط البيانى في صعوده و هبوطه.فالمثقف عموما لديه طموحات معينة نحو السلطة السياسية و الثقافية من اجل بلورة معرفته و ترجمتها على ارض الواقع و تحقيق غاياته الايديولوجية و العلمية التي تعكس توجهه المعرفي. لكن طريقه لم تكن ممهدة في يوم من الايام الا فيما ندر ،فهو غالبا ما كان يصطدم برفض و عناد السلطة السياسية التي تتحكم بالمفاصل الأساسية للبناء الفوقي في المجتمع . فكانت ترى في المثقف منافسا لها على اقتسام السلطة سياسية كانت أو ثقافية ،فتلجأ الى وضع العراقيل في طريقه و تمنعه من الوصول الى اهدافه بوسائل لا تعدمها. وعلى الرغم من حاجتها المادية اليه فلم تتعامل معه الا على أساس الاحتواء أو الالحاق ،فاذا لم تنجح هذه الطريقة فانها كانت تقصيه داخل او خارج الوطن بعيدا عن مجال الفعل الثقافي و تبحث عن بديل يحل محله وكانت تجد من يتعاون معها من اوساط « المثقفين  » انفسهم ويرضى ان يكون تابعا لها حينا ومنظرا لها حينا آخر، فهي تحتاج الى المثقف الذي يصوغ لها ايديولوجيتها الطبقية من أجل تغطية النظام الذي تقوده. ويرجع خوف السلطة من المثقف الى ادراكها بان كل نتاج ابداعي في حقل الثقافة له بعد سياسي و ايديولوجي بالضرورة و هذا البعد الذي أعطى ابداع المثقف الذي يرفض الوصاية و التبعية و التدجين الاهمية الكبيرة والمكانة الرفيعة على عكس كل النتاج الثقافي الهش و المزيف لمثقفي السلطة . لقد اصبح المثقف يعيش حالة غربة و استيلاب بسبب تعطيل فعاليته و تحجيم دوره في الحياة السياسية و ابعاده عن مراكز المسؤولية الثقافية و الفعل الثقافي الحر. كما اصبح وضعه كوضع السجين الذي ليس امامه سوى مجال واسع من التأملات لانه لا يستطيع أن يتعامل مع الأشياء بملموسيتها ،فالمثقف يرى ويسمع وينفعل لكنه لا يستطيع ان يتعامل مع صور الأشياء و انعكاساتها ففي حالة الاستلاب لا يجري التعامل مع الملموس بل مع صورته الامر الذي يجعل التنظير و الذهنية هي من السمات المسيطرة على مواقفه تجاه ذاته وتجاه المجتمع الذي يعيش فيه.وغالبا ما تؤدي الذهنية المفرطة لدى المثقف الى الانكفاء على الذات و الابتعاد عن هموم الآخرين و الغرق في التأملات الميتافيزقية و الأوهام الرومانسية وفي غمرة صراعه بين المسموح و المحظور تبقى للمثقف خيارات ثلاث: *التخلي عن موقعه الثقافي و الاندماج الى هذا الحد او ذاك بالتيار السائد . *اتخاذ موقف الحياد مع ما يتضمنه من انتهازية نتيجة اضطراره للسكوت عن الأخطاء و الانحرافات التي تحصل في المجتمع أى أن يهمش نفسه والتهميش قد يكون موقفا في حد ذاته. *الاستمرار في موقفه الرافض و المعارض على الرغم من تعرضه لمختلف انواع الضغط او النفي او السجن. وهذا الخيار هو الخيار المفتوح أمام المثقف العربي  » الملتزم » الذي يعاني من اشكالية وضعه و الذي وضع ابدعه الفكري في خدمة المجتمع فواجه الاحباط نتيجة قيام السلطة المهيمنة بالفصل التعسقي ما بين خبرته التي تحتاجها وبين فكره الذي ترفضه لذلك توجب عليه اتخاذ الموقف النقدي و المبدئي المنسجم مع تطلعاته « :نتيجة لضعف الثقافة واضطهاد و تهميش المفكرين او استبعادهم من المشاركة في القرار السياسي. يتوجب على الفكر الوحدوي ان يتسلح بالنظرة النقدية ضد الحكام وأعداء الأمة « (كامل الزهري مجلة الوحدة عدد41) ولقد أفرزت الظروف التي نمر بها نوعين من المثقفين: 1*المثقفين الديمقراطيين ،وموقعهم خارج السلطة فكريا وسياسيا . 2*مثقفي السلطة:وهؤلاء ينقسمون بدورهم الى فئتين: 1 فئة تعمل و تنتج للسلطة فتنظر لها فكريا وسياسيا وتضع نفسها حارسة و قيمة على ايديولوجيتها فتنشر ثقافة التجهيل ،وثقافة الاعلام و المنابر وبما انها تفتقر الى المفكر المبدع فهي تتخبط بتناقضاتها و ديماغوجيتها ،متحولة الى فئة محنطة ثقافيا وعدد هذه الفئة من المتكسبين ومن المتطفلين على موائد السلطة قليل نسبيا بالمقارنة مع الفئة التالية. 2 فئة تعمل وتنتج داخل السلطة دون أن تكون مرتبطة بالضرورة (او هكذا تتوهم)بايديولوجيا السلطة او بأهدافها السياسية و الثقافية لكن عملها داخل ماكينة الدولة يفرض عليها نوعا من الصمت الكلي او الجزئي لأنها عمليا مسلوبة القدرة في التعبير عن أراءها، ومحرومة من الوصول الى الجماهيرلأن المعبر الذي يوصلها بالجماهير هو معبر سلطوي و بالتالي فان انتاجها الفكري والثقافي خاضع للتكييف والانسجام مع هذا المعبر. لكن هذه الفئة تلجأ أحيانا الى الاختباء خلف الرمز حتى تتمكن من تسريب البعض من أفكارها عبر القنوات الثقافية الرسمية . ويقتصر نشاط هذه الفئة على الأعمال الادارية او المعرفية ضمن المجال التقني الذي لا يمس ايديولوجيا السلطة او يشكل خطرا عليها. لقد استطاعت السلطة ولو الى حين محاصرة الفكر الديمقراطي و تحجيمه و الضغط عليه في اتجاه خنقه لأن ما هو مرغوب لديها يتمثل في الفكر المستكين،و الخامل و السلبي و العاجز عن اتخاذ موقف. فالأنظمة الغير ديمقراطية قد حرمت المثقفين والمبدعين في العالم العربي من الابداع الفني الاصيل ،ومن الاجتهاد الفكري الذي هو أحوج ما يكون الى المناخ الديمقراطي حيث ينشأ الفكر فيه وينمو، لأن المثقفين هم ضمير الأمة وأى تضييق عليهم هو خنق لهذا الضمير « ان تفريغ أمة من ثقافتها ، أي من ذاكرتها و أصالتها هو الحكم عليها بالموت »(ميشيل كندوار في حديث لصحيفة لومند 29-01-79). لقد آن الأوان للتخلص من عملية الفصل بين واقع المثقف العربي و فعله ،بين انتمائه و بين خطابه الثقافي، فلكي يتحرر المثقف العربي من الحصار المفروض عليه عليه أن يتخلى عن طوباوية مشاريعه التي تعتمد على الخطاب الثقافي المجرد، و أن يوظف هذه المشاريع الثقافية في خدمة قضايا القطر والأمة،لأن مبرر وجود المثقف هو في اتجاه خطابه الثقافي وفعله الابداعي نحو كشف الزيف وتعريته، ورفض الثقافة السلطوية الهجينة، وفضح كل المثبطات التي تمنع الثقافة الأصيلة من شق طريقها وسط الظلام العربي المخيم علينا اليوم. كما آن الأوان لانبثاق صحوة المثقف ووعيه بدوره كطرف أساسي في عملية الصراع المعرفي والايديولوجي داخل المجتمعات العربية.كذلك ينبغي أن ينتهي زمن المراوحة الثقافية من أجل الاعداد للانطلاق الخلاق لابداع الثقافة المقاومة التى تدخل المستقبل المنشود للجماهير في بؤرة رؤيتها وتطلعاتها. لقد أصبحت المهمات المعاصرة للمثقف العربي مهمات نضالية تتعامل بروح نقدية مع الواقع ومع السلطة ومع التراث ومع المعاصرة. لقد ولى زمن الثقافة الترفيهية و ثقافة الصالونات الأدبية و جاء الآن دور الثقافة الجادة ، المناضلة و المقاتلة من أجل نعيم الديمقراطية، وتخليص الانسان العربي من حالةالاستلاب، فالمثقف الذي يرفض واقع الاستبداد يؤسس في الوقت ذاته لواقع الديمقراطية. فالرفض هو فعل نقيض لما هو قائم.  
المصدر: موقع « السبيل أونلاين نت –  » بتاريخ  03 جانفي 2008)
 

الحاكم الأوحد.. سجين الحاشية.. والمجتمع أسير اللامبالاة دورة فقدان الأمل

 
مصطفي الكيلاني اذا حاولنا توصيف المشهد السياسي العربي اليوم تبين لنا في البدء ما يلي: هيمنة الفرد الأوحد في اغلب الانظمة الحاكمة علي الحزب الحاكم، وهيمنة الحزب الحاكم علي احزاب المعارضة، ان ثبتت حقيقة هذه الصفة، وهيمنة هذا الحزب علي الدولة، وهيمنة الفرد الاوحد في الاخير علي الدولة، وهيمنة كافة المنتفعين من الحكم، كطاقم المستشارين وبعض الوزراء وعديد المستثمرين الاقتصاديين وكبار الضباط في الجيش والشرطة والادارات المركزية بوزارات السيادة تحديداً، علي هذا الفرد الأوحد، وذلك بالحرص الدائم علي تمجيده وتقديسه والكذب عليه ووضعه في دائرة مغلقة تتحدد مكانا بسجن فاخر حد اذهال المخيال الشعبي، هو القصر الملكي او الرئاسي، علي حد سواء. وكلما سعي الفرد الحاكم الي فك الطوق المضروب عليه بتغيير هذا الواقع السجني من خلال التفكير في توسيع هامش الديمقراطية تدخل هؤلاء المنتفعون من السلطة بمزيد من تقديس الحاكم الفرد والتطبيل والتهليل كي يضيع صوت الحق الشعبي في ممارسة الديمقراطية داخل ضجيج الشعارات وخطب الادانة والتخوين والمراهنة علي فولاذية النظام السياسي الهشة وانغلاقه المذهل حد الفوضي السائبة، اذ كل شيء مستقيم في الظاهر، بما يتراءي عند المشاهدة التلفزيونية وغيرها من وجوه مصففة والحان تمجيد ومحاصرة الكفاءات من مفكرين ومثقفين وعلماء بشتي الوسائل والأساليب. ولأن الحد الفارق بين منفعة الافراد المستفيدين من الحكم التسلطي وبين المنفعة الشعبية في ممارسة الحق الديمقراطي يقاس بمدي تثقيف السياسة وكافة حقول الحياة المجتمعية، فان الصراع الدائر داخل المجتمعات العربية في الماضي والحاضر والمستقبل هو التغالب حول التعجيل في تنفيذ مشروع التثقيف المجتمعي، والسعي في الاتجاه الآخر الي تعطيله بمختلف الحيل، وبتعلات شتي، كالدعوة الي ارجائه لتوفير الارضية الملائمة له والترقي بالوعي عبر مراحل مدروسة ورفص الأنماط المستوردة بإنشاء ديمقراطيتنا نحن وتبعا لخصوصيات مجتمعاتنا. الا ان نقطة البدء التي بها نخرج من سياق الجدل السفسطائي القائم اليوم حول تنفيذ الديمقراطية العربية والمتمثلة في التثقيف تظل غائبة او مرجأة بالغياب، ان المراهنة علي وزارات للثقافة والاعلام ترفع في الظاهر شعارات التثقيف المجتمعي وتعمل في الاساس والمرجع علي اجهاض كل المساعي التحديثية بالاجراء البيروقراطي ومحاصرة الفكر ومراقبة الابداع واحداث البلبلة داخل النخب الثقافية العربية بتمكين اشباه المثقفين من المركز الادارية ذات الصبغة الثقافية والعمل علي مزيد افسادهم بالجوائز التقديرية التي لا يستحقون في الغالب والترقيات الادارية ومنح الاوسمة وغيرها من الطرائق التي اضحت مفضوحة لدي الجميع، دون استثناء، وتنظيم الندوات والمؤتمرات ذات الصبغة الاحتفالية. فيحرص اعداء التثقيف علي دعم انشطة المراكز في العواصم العربية وقصر العمل الثقافي في المحافظات (الولايات) وتخومها المحلية بأنشطة واجهاتية محدودة قصد الايهام بالشمول والتنوع. وبذلك يغيب التثقيف بغياب الثقافة الديمقراطية في الخطاب السياسي لتنطلق الخسارة به وتتعاظم في مجالات الحياة المجتمعية الاخري. فتنتصر الغوغائية علي ثقافة القيمة الديمقراطية، والبراغماتية الباهتة علي المعني الاخلاقي، والمصالح الفردية والفئوية الضيقة علي مصلحة الوطن والأمة جمعاء. فكم عدد الصحف والمجلات العربية اليوم المخصصة لتنظيم منابر حوار ثقافي ديمقراطي؟ وكم عدد الفضائيات الداعية الي النقاش في مختلف قضايا مجتمعاتنا العربية الراهنة والمصيرية؟ ولماذا تصطبغ صحافتنا السياسية والأدبية والفنية في الغالب بالصفة الاختصاصية الضيقة المنغلقة علي ذاتها الفاقدة لأي نجاعة فكرية وقصد تأسيسي، كفيض النصوص الأدبية، والشعرية منها علي وجه الخصوص، وكأخبار الرياضة والرياضيين والفن والفنانين ممن حققوا انتشارا جماهيريا واسعا بنجومية مؤقتة لا تستند في واقع الانجاز الي قيمة ابداعية؟ ولماذا يغيب النقد الادبي والفني، والنقد عامة باعتباره احد اهم ثمرات الفكر الاختلافي، داخل هذه الصحف والمجلات، او ينحصر في اعمال محدودة مبتكرة لا تفي بالحاجة الي استنفار الهمم لتحقيق نهضتنا الثقافية وتقدمنا الحضاري؟ ولئن حضرت ثقافة التضليل وتزيين الواجهة بالأضواء الساطعة والألوان البراقة والوجوه او الاقنعة اللامعة، ايهاما بالحركية وحداثة الخطاب بادعاء تشريك الكفاءات وعامة المواطنين في اتخاذ القرار السياسي فإن التثقيف مشروع غائب تماما، او يكاد، عن الحياة المجتمعية العربية، لأنه في وقائع المجتمعات الديمقراطية المتقدمة عمل لا ينحصر وجوده في الواجهة، بل يتجه الي ما هو ابعد من القشرة الظاهرة، الي اعمق خلايا الذهن الفردي والجمعي، بثقافة جديدة اصيلة متفتحة علي الآخر/ الآخرين تراهن علي المعرفة العلمية والابداع والنقد واحترام حقوق الانسان والتسوية بين جميع الافراد بقطع النظر عن الانتماء الاسري او الجهوي او الاثني او الحزبي او الايديولوجي تجسيدا لمفهوم المواطنة وتأكيدا لمرجعية المجتمع المدني في تسيير الحياة السياسية العامة. كذا يفصل الذهن السياسي العربي اليوم بين الثقافة باعتبارها عملا فئويا وظاهرة واجهاتية والتثقيف الذي يشمل جميع الفئات والمواطن في البناء المجتمعي العام بزمنية اوسع من اللحظة (الآن). وكما تدفع الكفاءات العربية الي الهامش الوظيفي والمجتمعي وتمنع ثقافة المبادرة والاختلاف يجد المفكرون والمبدعون والمثقفون انفسهم في المواطن الخلفية حيث استحالة المبادرة والمشاركة الفعلية في الحياة المجتمعية، وقد يضطر بعضهم، وعددهم في تزايد، الي الهجرة او التسليم بالامر الواقع والاندماج في المؤسسة الوظيفية القاتلة للأمل ولحلم التغيير فيهم. واذا خسائر المجتمعات العربية في المجال المعنوي والرمزي اكثر فداحة مما يتصورها الذهن الذي اعتاد علي تقدير الارباح والخسائر بالمال وتأثيث المكان بالمباني الشاهقة والطرق المعبدة والجسور والسيارات والمتاجر العظمي ومختلف اوجه العمارة، في عين تقدر المرابيح والخسائر بمنظور الكيان واستراتيجيا التقدم حاضرا ومستقبلا بمدي ما تحقق للانسان الفرد من حرية وعدل وديمقراطية دون التغافل عن اوجه الرفاهية المادية. فيعني التثقيف، هنا، الانتصار لكرامة الفرد وحقه في الحرية، فكرا وقولا وعملا، اذ ما قيمة الرفاهية في مكان حابس وحبيس؟ وما النفع من مال جاهل وسياسة قامعة للجميع، دون استثناء؟ وما الذي يجنيه الفرد من وطن ـ سجن او من ديمقراطية مغشوشة يرادبها ذبح الوطن والثأر من حاكم مستبد؟ اليس النظام العربي المتقادم هو من اشد الانظمة فوضي في عالم اليوم: ثروات طبيعية ومالية مهدورة، كفاءات فكرية وعلمية وابداعية مشتتة، حريات فردية وجماعية مقموعة، فساد سياسي واداري هنا وهناك، جدل سفسطائي يباعد بالقصد بين اسباب التخلف الداخلية والخارجية، انهيارات اخلاقية نتيجة التفريط في قيمنا العربية والاسلامية مع الالتزام بقيم حداثية مغشوشة، ودون الاقتدار علي المؤالفة بينهما بثقافة تحديثية تنخرط في وقائع العصر، هذا العصر، وتندفع بإرادة فاعلة نحو المستقبل، لا مبالاة تتعاظم لدي الفرد وتدفعه الي التسليم بالأمر الواقع والاكتفاء بانتظار ما سيحدث، مستوي تعليمي ضعيف آيل الي مزيد من الانحدار نتيجة الاصلاحات البيروقراطية الفاشلة وضياع الاساس والمرجع الواضحين للمضمون التربوي وارتباك المقاصد والمناهج، المبالغة في تسييس الثقافة والاعلام الرسميين، التردد طيلة عقود الدولة الوطنية العربية بين رأسمالية الدولة شبه الجامدة بمخططاتها وبرامجها الانمائية وعهد الخصخصة المتوحشة، منذ الثمانينات علي وجه الخصوص والي اليوم في راهن زمن العولمة، ملفوظ الوحدة بشعارات فضفاضة فقدت جاذبيتها ومصداقيتها بمرور الزمن ومزيد من الانقسام والتشرذم علي ارض الواقع، حيرة السبل لجهل الخارطة السياسية للعالم اثناء الحرب الباردة واثرها؟ ان تثقيف الحياة السياسية والمجتمعية العربية اختيار راهني ومستقبلي لا بد منه، ان تأكد لنا الاقتناع بجدوي الخروج من فوضي النظام المتقادم الي نظام جديد يستفيد من فوضي التعدد الضرورية ذات القصد التأسيسي والتحديثي، ومن ديناميكية فكر الاختلاف للتوصل الي معرفة اسباب تخلفنا الحقيقي وحدس الاخطار المحدقة بوجودنا في المستقبل القريب قبل البعيد، ان لم نعجل في معرفة اسباب الداء وتوصيف الدواء الذي به يستحيل كياننا الي ذات قادرة علي الحياة في عالم القرنين الحادي والعشرين والثاني والعشرين. فما هي الاسس التقريبية التي بها وعليها نفكر في مشروعنا التثقيفي المذكور؟ أـ استثمار ما يتوفر للعرب من اسباب النهضة والتقدم ماديا، كوسائل الطاقة التقليدية والطاقات البديلة. فانقضاء النفط الوشيك في العقد الثالث او الرابع من هذا القرن وابتداء عصر الغاز اثره لا يمثلان اشكالا ماديا بالنسبة لهم، اذ يمور ما تحت الارض العربية بمخزون ثروات هائلة. اضف الي ذلك ثروات ما تحمله الخارطة الجغرافية الكبري بمختلف تضاريسها ومناخاتها ومواطن خصوبتها وصحاريها ومواردها المائية وشطآنها. ب ـ الاعتماد علي ما يتوفر لأمة العرب من اسباب النهضة والتقدم معنويا ورمزيا، كالتراثات الزاخرة بأنفس العلوم وارقي الابدعات في العصر الوسيط، وما يستمر اليوم خصوبة وتألقا في الانتاج العلمي والابداع الفكري والثقافي، كآلاف العقول المهاجرة والكفاءات الوطنية التي قد تصنع المعجزات، ان اطلقنا سراحها من سجون العادة والرتابة الادارية والتدخل السياسوي في شؤون التعليم والبحث العلمي ورقابة اجهزة الدولة التسلطية للثقافة والمثقفين عامة. ج ـ اعتبار اغلب المؤسسات الثقافية العربية اليوم هياكل ادارية بيروقراطية خاضعة هي الاخري لاحكام الايديولوجيا السياسوية التي تراهن علي الدعاية للأنظمة الحاكمة وتحرص علي الميزبين اتباع السلطة السياسية من اشباه المثقفين ومثقفي المجتمع، وقد اخذ دورهم منذ عقدين، تقريبا، في التراجع الوظيفي، لظروفهم المادية والمعنوية القاسية، وهجرة العديد منهم الي البلدان الغربية. د ـ الانطلاق من ان تثقيف السياسة العربية بعضا من مشروع التثقيف المجتمعي الشامل. لذلك يستدعي هذا العمل تعاضد جهود الساسة والمثقفين والعلماء بإرادة جماعية مشتركة تفارق وتؤالف بين مختلف الوظائف. هـ ـ اعتبار الديمقراطية الاساس البدئي والمرجعي، وذلك باعتماد مؤسسات الدولة والمجتمع في انجاز المهمة التثقيفية الشاملة واحترامها عند الالتزام بالتعاقد بين مختلف الحركات السياسية والمؤسسات والجمعيات وانتهاج سبيل الحوار ونبذ العنف وتغليب سلطة القانون علي كل السلط عند الاقتضاء والانتصار للمصلحة العامة علي المصلحة الشخصية مع احترام حقوق الفرد والتنصيص بوضوح علي كافة واجباته. و ـ ان المجالس العليا التي بدأت تظهر هنا وهناك في عديد البلدان العربية بمقاصد مختلفة قد تقدر ان توفرت لديها الكفاءات وشروط العمل الحر والحصانة والدعم المالي والأمني والقضائي، علي وضع البرامج ومتابعة تنفيذها بواسطة اجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع المدني وجمعياته. يكفي ان نتمثل البداية ونعلنها. ولكن كيف؟ ومتي؟ ہ كاتب من تونس
 
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 03  جانفي 2008)

 


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.