Home – Accueil – الرئيسية
TUNISNEWS
8 ème année, N° 2557 du 24.05.2007
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: ثلاث بـيانـات الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس: اختطاف الجوهري والإعتداء على العيادي وبوخذير حركة النهضة: مرة أخرى الأخ الجوهري عرضة للاعتقال إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل: بــلاغ إعلامي تأسيس جمعية ثقافية للدفاع عن اللائكية – النص التأسيسي مجموعة من الطلبة الساخطين : « وبعد يقولوا علاش نحرقوا » صحيفة « الوسط التونسية » :تونس: توسع الحملة على المحجبات لتشمل شوارع ومؤسسات الجزيرة.نت: سويسرا ترفض النظر في قضية لاجئ تونسي تعرض للتعذيب الصباح: تأكيد الاهتمام بالعلاقات المتميزة بين تونس وفرنسا وحرص على الحوار والشراكة صحيفة « الحياة » :ساركوزي يؤكد لبن علي تمسكه بمشروع الاتحاد المتوسطي موقع سويس إنفو:ساركوزي يبلغ الرئيس التونسي حرصه على تفعيل العمل المتوسطي القدس العربي:ساركوزي يريد تطوير التعاون مع تونس تونس انلاين :رئيس حركة النهضة يضع النقاط على الحروف حول المصالحة ومزاعم تفويته للفرص د. محمد الهاشمي الحامدي: لنتعاون جميعا من أجل وضع النقاط على الحروف « مواطنون: « كومار » و جوائزها: الأجوبة المحرجة! مواطنون:عليه أن يعتذر و علينا أن نرفض اعتذاره… محمد الجابليّ: الكتابة والحرية فتحي بن الحاج يحيى: ألف سنة… ونحن بخير صالح الزغيدي: في الذكرى الثالثة للمبادرة…بـأي ذنـب قتلـت ؟ الحوار نت:السّواك الحار رقم 31 محمد العروسي الهاني:رسالة مفتوحة للتاريخ إلى سيادة رئيس الجمهورية حول عنايتكم الموصولة بمشاغل شعبكم و متابعة شؤونهم اليومية صحيفة « المدينة » :رواية المرأة السعودية تجذب مثقفي ومثقفات تونس صحيفة « الحياة » :كاديميون يطالبون بإحياء ذكرى مرور 4 قرون على طرد العرب من الأندلس د. رجاء بن سلامة: جنون العودة إلى ما قبل الفطام – حول فتوى إرضاع المرأة زميلها في العمل زهير الخويلدي: نقد العقل التنويري توفيق المديني: الجزائر و الانتخابات و مصالح النواب د. بشير موسي نافع »:دوامة الفوضى الأمريكية الخلاقة تمتص الوضع الفلسطيني القدس العربي :غالونات محمد أركون!
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو
أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين
33 نهج المختار عطية 1001 تونس
الهاتف /الفاكس:71354984
Email: aispptunisie@gmail.com
تونس في 24/05/2007
بــيـــــان
اختطف أعوان البوليس المناضل الحقوقي و السجين السياسي السابق والعضو المؤسس بالجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين السيد الأسعد الجوهري اليوم الخميس 24/05/2007 على الساعة السابعة وخمسين دقيقة من أمام منزله عندما كان يهم بامتطاء سيارته و اقتادوه حسب ما يبدو إلى منطقة الشرطة بمنوبة بدون أي سبب و لا يزال أفراد عائلته يجهلون مصيره إلى حد كتابة هذه الأسطر مساء .
و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين :
– تدين هذه الاعتقالات العشوائية التي تتم بدون إذن قضائي.
– كما تدين عملية الاختطاف.
– و تطالب بإطلاق سراح السيد الأسعد الجوهري فورا دون قيد أو شرط.
رئيس الجمعية
الأستاذ محمد النوري
أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو
أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين
33 نهج المختار عطية 1001 تونس
الهاتف /الفاكس:71354984
Email: aispptunisie@gmail.com
تونس في 24/05/2007
بــيـــــان
انتقلت صباح هذا اليوم الخميس 24/05/2007 السيدة سامية حمودة زوجة السجين السياسي الأستاذ محمد عبو لزيارته بسجن الكاف صحبة عضوين من منظمة فرونت لاين Front Lineالايرلندية وعضو من منظمة هيومن رايتس فورست Human Rights First الأمريكية يرافقهم الأستاذ عبد الرؤوف العيادي المحامي و نائب رئيس المؤتمر من أجل الجمهورية و بمجرد رؤية زوجها أخبرته بأن زميله الأستاذ عبد الرؤوف العيادي أبى إلا أن يتنقل معها صحبة أعضاء المنظمات الحقوقية المذكورة للتعبير عن مساندتهم لهم و ما إن نطقت بتلك العبارات حتى انهال عليها أعوان السجن ضربا و انهال عليها آخرون من داخل السجن أيضا و هي الآن طريحة الفراش تشكو من آلام فظيعة و شديدة بالظهر و قد أبدى المرافقون لها استنكارهم الشديد لمثل هذه التصرفات الهمجية.
و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين تعبر عن بالغ انشغالها لما حصل من اعتداءات فظيعة ليس لها أي مبرر و تدعو السلطات لوضع حد لمثل هذه الاعتداءات و معاملة المساجين السياسيين وعائلاتهم معاملة حضارية لا تنم عن أي حقد أو تشفي و تطالب بمحاكمة المعتدين و بإطلاق سراح الأستاذ محمد عبو.
رئيس الجمعية
الأستاذ محمد النوري
أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو
أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين
33 نهج المختار عطية 1001 تونس
الهاتف /الفاكس:71354984
Email: aispptunisie@gmail.com
تونس في 24/05/2007
بــلاغ
حكمت محكمة الاستئناف بقابس على السجين السياسي السيد محمد القلوي باتصال القضاء و وقف التتبع في حقه علما بأنه محاكم من أجل نفس التهم من قبل المحكمة العسكرية بتونس التي ماطلت و امتنعت عن تسليمه نسخة من الحكم .
رئيس الجمعية
الأستاذ محمد النوري
الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس International Campaign for Human Rights in Tunisia
icfhrt@yahoo.com
اختطاف الجوهري والإعتداء على العيادي وبوخذير
بعد الإعتداء الآثم على الأستاذ المحامي عبدالرؤوف العيادي، عضو المجلس الوطني للحريات ونائب رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، بتسور بيته واتلاف ممتلكاته، والإعتداء بالعنف على الصحفي المناضل سليم بوخذير، اقدمت السلطة على اختطاف المناضل الحقوقي والسجين السياسي سابقا لسعد الجوهري من امام بيته، لتؤكد اصراها على نهج سياسة العنف والإرهاب، ضد الصحفيين والمناضلين السياسيين والحقوقيين مهما اختلفت مشاربهم الفكرية والسياسية.
وإننا في الحملة الدولية لحقوق الإنسان، اذ ندين وبشدة سياسة الإختطاف، واقتحام البيوت، والإعتداء بالعنف على المواطنين دون رادع قانوني أو أخلاقي، فإننا نطالب بالإفراج الفوري على المناضل لسعد الجوهري، وملاحقة المعتدين على المناضلين عبد الرؤوف العيادي وسليم بوخذير، داعين السلطة الى ضرورة ايقاف هذه الإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، والتجاوزات القانونية الخطيرة ضد نشطاء المجتمع المدني .
عن الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس
علي بن عرفة
لندن في 24 ماي 2007
بيان لحركة النهضة:
مرة أخرى الأخ الجوهري عرضة للاعتقال
تم اليوم الخميس 24 ماي 2007 مع الساعة الثامنة صباحا إيقاف الأخ لسعد الجوهري المناضل الحقوقي المعروف أمام بيته في إحدى ضواحي العاصمة تونس وذلك عندما كان يهم بركوب سيارته. إذ أعترض سبيله مجموعة من البوليس بالزى المدني حيث اقتادوه إلى مكان مجهول ومازالت أسرته إلى حد الآن الساعة الرابعة مساءا تجهل مكانه ومصيره وسبب اعتقاله. وقد تعرض الأخ الجوهري طوال السبعة عشر عاما الماضية إلى كل صنوف المضايقة من سجن واعتقال واعتداء بالعنف الشديد إضافة إلى المضايقات اللصيقة والدائمة فضلا عن المنع التام من الارتزاق وكذلك من ابسط حقوقه المدنية من مثل بطاقة التعريف وجواز السفر ولم يزده ذلك إلا إيمانا وإصرارا على القيام بواجبه نحو كل المظلومين وخصوصا اسر الشهداء والمساجين. وما ضاعفت السلطات الأمنية في المدة الأخيرة من أساليب المراقبة والمتابعة لعائلته وأقربائه وأصحابه وبلغ حد تهديدهم بالاعتقال إن هم واصلوا الاتصال به أو زيارته كما حصل مع الأخ معتوق العير الأسبوع الفارط.. وإننا في حركة النهضة إذ ندين بشدة هذه الأساليب البالية في الاعتداء على حرية المواطنين والمضايقة على المناضلين والنشطاء السياسيين والحقوقيين نرفع طلبنا إلى كل المنظمات الحقوقية والقوى السياسية والى كل الشخصيات الوطنية لتتحرك من أجل إطلاق سراح الأخ الجوهري وكل المعتقلين وعلى رأسهم من تبقى من مساجين حركتنا المسجونين منذ ما يقارب العشرين عاما في سلوك عز في التاريخ مثله مبالغة في الظلم وتماديا فيه يقابله إصرار وصبر وعزيمة قل نظيرها. كما ندعو السلطة إلى إخلاء سبيل الأخ الجوهري وإلى احترام قوانين البلاد واحترام مواطنيها والكف عن كل أساليب الظلم والضيم.و إلى إيقاف مثل هذه الأساليب مع كل المواطنين ومع أبناء حركتنا بشكل خاص وذلك لكثرة تكررها معهم حتى صارت شكل التعامل الوحيد للدولة وأجهزتها معهم. حركة النهضة
الشيخ راشد الغنوشي 24 ماي 2007 / 7 جماجي الاولى 1428
(المصدر: موقع نهضة إنفو بتاريخ 24 ماي 2007)
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل
تونس في 24 ماي 2007
بعد جملة من النقاشات المطولة بين أعضاء إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل وفي جلسة عادية بتاريخ 19 ماي 2007 بكلية 9 أفريل ،وبمناسبة الذكرى الأولى لتأسيس المنظمة النقابية قرر الإتحاد خوض جملة من التحركات الاحتجاجية والتي تحمل في طياتها ردا واضحا على الغموض والصد الذي لا تزال تتعامل به سلط الإشراف مع مناضلي الإتحاد ومع مطالبهم المشروعة رغم مرور سنة على إيداع ملفات المعطلين وعلى إيداع مطلب الترخيص القانوني للمنظمة بمركز ولاية تونس العاصمة،كما تناولت هذه الجلسة :
ü آليات تطوير عمل المنظمة والتواصل مع المعطلين عن العمل سوى داخل بعض الهياكل الجهوية والمحلية أو الغير متنظمين والذين يناضلون بشكل فردي أثبت عدم نجاعته خاصة مع انتشار أصحاب المنافع الخاصة وبائعي الذمم الذين أصبحوا يتمعشون من هذه الأزمة ومن هشاشة الآليات المتبعة لتشغيل أصحاب الشهادات.
ü السعي إلى فتح قنوات حوار مع كل المؤسسات المعنية بالتشغيل وبمطالب الإتحاد كالتغطية الصحية ومجانية التنقل والتعويض عن البطالة، كمطالب بإمكانها تحقيق الحد الأدنى المعيشي للمعطل وتساعد على تنقل المعطلين خاصة من الجهات إلى التجمعات الصناعية التي تتمركز أساسا بالولايات الساحلية وبالعاصمة وتسهيل عملية البحث عن العمل.
ü السعي لمقابلة السيد والي تونس خاصة بعد أن أغلق البوليس كل المنافذ للوزارات وتعنت المسؤولين خاصة بوزارة التربية والتكوين وتمسكهم بعقلية الإقصاء والتعامل مع مناضلي الإتحاد تحت شعار « من ليس معي فهو ضدي ».
هذا وقد توجه أعضاء الإتحاد إلى مقر ولاية تونس الأربعاء 23 ماي 2007 لمقابلة السيد الوالي وبعد طول انتظار عبر عن رفض الولاية مقابلة المعطلين تقرر اعتصام أمام مدخل الولاية ،أين رفع المعطلون لافتات تعبر عن مطالبهم المشروعة كالحق في التشغيل والتغطية الاجتماعية والصحية ومجانية التنقل وحق المنظمة في النشاط والعمل القانوني وقد شدت هذه الحركة انتباه المارة الذين تعاطفوا مع أبناءهم ،خاصة بعد التدخل الهمجي للبوليس واعتداءه على كل الموجودين بالمكان خاصة الزميلة فلة الرياحي التي استدعت إصابتها نقلها إلى مستشفى شارنيكول.
وبمقابلة السيدة المعتمدة بالولاية أكد الرفيقان الحسن رحيمي وسالم العياري على تمسكهم بحقوق المعطلين وبالمنظمة واستنكارهم للأسلوب البوليسي والاعتداءات المجانية التي تقطع مع مقولة دولة المؤسسات والحوار الذي تتبجح به سلط الإشراف وتمارسه قوات القمع بامتياز.كما تم التطرق إلى الكثير من الانتدابات التي لا تخضع لا لمقياس العائلة المعوزة ولا للكفاءة أو غيرها وهو ما يؤكد مواصلة وزارة التربية والتكوين تشغيل البعض حسب أهواء ومصالح المتنفذين بها .
كما تناولت جلسة 19 ماي 2007 إمكانية التحضير إلى إضراب جوع خاصة مع تعبير بعض عائلات المعطلين عن العمل عن رغبتهم في خوض هذه الحركة النضالية تنديدا بوضعياتهم الاجتماعية المزرية نتيجة بقاء أبناءهم من حاملي الشهادات وغيرها معطلين عن العمل وعبئا إضافيا لا يمكن تحمله.
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل
التنسيقية الوطنية
المكلف بالإعلام
الحسن رحيمي
تأسيس جمعية ثقافية للدفاع عن اللائكية
بادر عدد من المثقفين والمثقفات ورجال ونساء القانون والجامعيين والجامعيات والنشطاء والناشطات في الحقلين الثقافي والحقوقي بتأسيس »الجمعية الثقافية التونسية للدفاع عن اللائكية ». وقد أصدروا نصا اعتبروه « النص التأسيسي » للجمعية يطرحون فيه الدوافع التي جعلتهم يتخذون هذه المبادرة الأولى من نوعها في بلادنا ، ويوضحون فيه التوجهات العامة التي تجمعهم .ويؤكد أصحاب المبادرة على الطابع الثقافي و الفكري للجمعية التي لا تعتبر نفسها طرفا في الصراعات الحزبية ذات الطابع السياسي المباشر. و يعتزم أصحاب هذه المبادرة تقديم الملف لوزارة الداخلية في الأيام القادمة للحصول على التأشيرة القانونية.. وفيما يلي النص التأسيسي وقائمة المؤسسين والمؤسسات . تونس – أفريل 2007
———————————————————-
من أجل جمعية تونسية للدفاع عن اللائكية
أصبحت العلمانية أمرا مسلما به في أغلب مناطق العالم، ولم يعد رفض الدولة الدينية موضوعا للنقاش في جل المجتمعات الحديثة رغم بعض الإشكالات التي مازالت تطرح هنا وهناك·
ويمكن تعريف اللائكية بصفة أساسية وبقطع النظر عن بعض الخصوصيات بأنها عموما فك الارتباط بين الممارسة السياسية وأية نظرية دينية أو أية نظرية تدعي القدسية، وفي نفس الوقت رفض انتصاب أية فئة أو مجموعة وصية على البشر، تدعي تمثيل قوى ما ورائية على وجه الأرض وتسعى لارتهان إرادة الشعب وتوجيه المجتمع وتشكيله تطبيقا لتعاليم وقواعد تعود لقرون خلت بدعوى أنها تعاليم مقدسة ومكرسة للإرادة الإلهية وذلك على حساب ما توصلت إليه البشرية من تطور وتقدم، وعلى حساب تحكم الشعب في إرادته وتسييره لشؤونه على أساس المواطنة والديمقراطية وعلى حساب حرية المعتقد ذاتها كحرية شخصية يدنسها التوظيف ويحشرها في متغيرات السياسة·
ومع التأكيد على أن اللائكية تتناقض مع الدولة الإلحادية، ومع أية سلطة تجعل من الإلحاد نظاما رسميا لها في محاربة الدين والتدين، فإن اللائكية، اليوم وقد تحول العالم بموجب مختلف أوجه العولمة إلى قرية، أصبحت تمثل شرطا كونيا للتعايش بعيدا عن التعصب الذي يرتدي فيه الجهل ثوب الثقافة وتنتصب فيه الوحشية مقام الحضارة ويتحول فيه الانتماء إلى « هوية قاتلة « .
في هذه الأثناء يتميز المحيط العربي الإسلامي بمواصلة استهجان اللائكية واعتبارها دخيلة على هذا المحيط واعتبار اللائكيين غرباء إذا لم ينظر إليهم كأعداء بحيث مازالت اللائكية تعتبر منظومة قيم غريبة عن المجتمعات العربية الإسلامية·
إن الانتكاسة التي تشهدها مجتمعات مثل مجتمعنا تدعو إلى الانشغال، ومن مؤشراتها الدعوات المتنامية للتراجع عن بعض مظاهر العلمانية في ميادين مثل التربية والثقافة والإعلام بما لهذه الميادين من عميق التأثير على تطور العلاقات الاجتماعية وأنماط السلوك·. وتمثل مسألة حقوق النساء ومكانتهن في المجتمع محورا أساسيا لمحاولات الارتداد التي تقودها حركات الإسلام السياسي· وبديهي أن مسألة حقوق النساء وتحقيق المساواة الكاملة والفعلية مع الرجال تمثل مسألة حاسمة وغير قابلة للمساومة، فهي من جوهر القناعات الديمقراطية واللائكية، فلا ديمقراطية ولا مواطنة ولا لائكية في ظل استمرار أي شكل من أشكال التمييز المسلط على النساء· ولا يخفى أن ضغط حركات الإسلام السياسي تنامى خلال العقدين الأخيرين بالخصوص، وتنوعت مظاهره، مستهدفا الدولة والمجتمع والنخب، ساعيا لاستدراج الجميع للانصهار في منظومته الفكرية والقيمية في اتجاه إقامة الدولة الدينية·.
ويتميز الوضع الحالي في تونس بافتقاد اللائكيين لإطار يجمعهم ويوحد جهودهم ويمكنهم، وبصفتهم تلك، من المساهمة الفاعلة في الصراعات الفكرية والجدل الدائر حول عديد المسائل المجتمعية الهامة· إن اللائكيين مدعوون كمواطنين، نساء ورجالا، للسعي لتجاوز هذا الوضع وتأكيد حقهم في الدفاع عن اللائكية ورفع رايتها والعمل من أجل بلورة وتطوير ونشر الأفكار والقيم اللائكية، ولهم في التاريخ الحديث و في خصوصية تطورات مجتمعهم ما يفتح آفاقا واسعة نسبيا للعمل من أجل نشر الثقافة اللائكية·
من هذه المنطلقات ولأجل هذه الأهداف، فإن بعث إطار للتعريف باللائكية وخلق منبر لها أصبح متأكدا إلى أبعد الحدود، وهو ما بادرت به واقترحت نواته مجموعة من النساء والرجال، طارحين بناء جمعية ثقافية وفكرية ينشطها مثقفون وأصحاب فكر وباحثون وجامعيون وعموما فاعلون في ميدان الخلق الفكري والثقافي ومن مهام هذه الجمعية السعي لنشر مفاهيم اللائكية وقيمها و الإقناع بها في الأوساط الفاعلة في التوجيه الفكري والثقافي للمجتمع كالمدرسين والمنشطين للحياة الثقافية والصحفيين والفنانين وأصحاب المهن القانونية، ومناضلي ومناضلات الجمعيات الثقافية والنسوية والحقوقية، وعموما كل المهتمين بالحقل الفكري والثقافي· وتطرح الجمعية على نفسها التعريف بتاريخ اللائكية وتطوراتها ومختلف تجاربها واشكالياتها في بلدان متعددة، وتعمل على نشر قيمها في مجالات مثل التربية والثقافة والإعلام والتشريع وحقوق النساء والمساواة والمواطنة، ومجالات الخلق والإبداع وغيرها·
ومن الضروري أن تركز هذه الجمعية جهودها حصريا على الدفاع عن اللائكية فكرا وثقافة وممارسة وأن يقع السهر على حماية هذا الإطار من مزالق التوظيف لخدمة أغراض غير تلك التي حددها له مؤسسوه ومؤسساته. تونس – أفريل 2007 (المصدر: مراسلة خاصة وصلت « تونس نيوز » يوم 24 ماي 2007 عبر البريد الالكتروني من تونس)
صورة حية عن نتيجة امتحان جامعي كادت تتحول إلى مأساة
« وبعد يقولوا علاش نحرقوا »
ما حدث بالأمس 23/05/2007 في كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس لا يجب أن يمر دون التشهير به فلقد تم الإعلان عن نتائج شعبة ماجستير علوم الإجرام التي رسم بها 203 من الطلبة ولم ينجح منهم سوى ثمانية 8 بالإسعاف ولم يحرز المعدل أحد حتى أن المداولات أظافت بلسان القلم نقطة لإحدى الطالبات لتبلغ معدل 10/20 « لتطيير العين » ، وقد نتج عن هذه « المجزرة المروعة » سقوط عديد الطالبات مغشيا عليهن وانخراط الباقيات في موجة من البكاء والصراخ والتشنج.
وقد توجع عدد كبير من الطلبة إلى مكتب السيد العميد الهادي بن مراد وأبلغوه احتجاجهم الشديد على هذه الكارثة التي تسبب فيها الأستاذ محمد الناصر الواد – الذي يدرس مادتي القانون الجنائي العام والجنائي الدولي وهو أيضا عميد كلية العلوم القانونية والتصرف بجندوبة ومدرس بها « والناس بطالة »- والذي تكرم بإسناد عدد واحد في المعدل وهو 10/20 لطالبة واحدة من جملة 203 من الطلبة الأساتذة في الحقوق معتبرا إياهم » معيز ولا عقول لهم » والذي تهرب من حضور المداولات وكأنه توقع تحميله المسؤولية على إحباط 203 شاب يحلم بالنجاح في هذا الإمتحان والإلتحاق بصف المحاماة قبل غلق بابها بعد سنتين من الآن.
كما أن للأساتذة بشير المنوبي الفرشيشي ومحمد حمودة وعز الدين العرفاوي وعبد الله الأحمدي نصيب في هذه النتيجة وهم الذين أمطروا الأغلبية بأعداد مخجلة وكأنهم في امتحان دكتوراه أو تبريز أو » باش يخدموهم عندهم من بعد «
والذي زاد في حرقة الطلبة أن نتيجتهم التي جاءت متأخرة جدا – بعد 5 أيام من نتيجة العلوم السياسية مثلا – علما وأن دورة التدارك تجري بشكل متزامن بداية من يوم 31/05/2007 هذه النتيجة جاءت بعد أن فاحت فضيحة نتائج أبناء الأساتذة في الشعب الأخرى هذا الموضوع المخفي أو المسكوت عنه في كلية الحقوق حيث أن أحدهم وهو إبن الأستاذ محمد كمال شرف الدين تحصل على أعداد خيالية هي 14 و16 و13 من عشرين وهذه أعداد لا يحصل عليها في الماجستير في كلية الحقوق بتونس حتى السنهوري إن قام من قبره خاصة العدد 16/20 الذي كان موضوع تندر وتهكم الجميع، كما أن إبن الأستاذ صلاح الدين الملولي تحصل على عدد 15/20 في مادتين – القوة لله – فيما تحصل على 05/20 في مادة أخرى يظهر أن علاقة والده الدكتور ليست على أحسن ما يرام مع أستاذه هذا أو أن هذا الأخير مما تبقى من الرجال الصادقين في هذه الكلية وهذا ما نتمناه.
بقي أن نشير أن السيد العميد الهادي بن مراد المحترم حقيقة من الطلبة لوقوفه دائما إلى جانبهم ولدفاعهم عن حقهم في الترسيم بالمرحلة الثالثة ومواصلة دراستهم تكفل بتلطيف الأجواء وبسماع الطلبة المنهارين والساخطين ووعد بطلب توضيح من أساتذة علوم الإجرام رغم رفضه الواضح للنظر في طلب إلغاء الدورة الرئيسية أو حتى في إعادة مادة القانون العام التي كانت لطمة على وجوه كافة الطلبة الحالمين بسبب تكبر وخيلاء أساتذة كنا نكن لهم كل الاحترام والتقدير حتى يوم أمس 23/05/2007
الإمضاء
مجموعة من الطلبة الساخطين الذين لم يناموا الليالي ليضحك عليهم في النهاية بعض الاساتذة المرضى بعقد التكبر والجبن والذين تهربوا من حضور تعليق النتائج والتوضيح والتخفيف عن « أبنائهم وبناتهم » الطلبة
تونس: توسع الحملة على المحجبات لتشمل شوارع ومؤسسات
ذكرت مصادر وثيقة « للوسط التونسية » بأن الحملة على المحجبات في تونس اتسعت مطلع هذا الأسبوع لتطال مؤسسات حكومية وحتى بعض الشوارع العامة ,حيث قامت فرق أمنية في جهة نابل-حوالي 40 كم جنوب العاصمة تونس- بايقاف بعض الحافلات وانزال راكبات متحجبات قصد اجبارهن على خلع ماتسميه جهات حكومية رسمية بالزي الطائفي… وضمن نفس هذا السياق أكد شهود عيان بأن نسبة المحجبات لم تتراجع على خلفية هذه الحملة المتجددة على الحجاب, بل لوحظ ابتكار طرق جديدة لمراوغة الأساليب الأمنية في محاصرة ظاهرة الانتشار الواسع للزي الاسلامي. هذا وأكدت كل المؤشرات الواردة من تونس على تنامي حالة الضجر الشعبي الواسع على ماتمارسه جهات سياسية وأمنية من حملات شرسة ومتكررة على المحجبات ضمن مايعتقد بأنه خطة رسمية لمحاصرة حالة واسعة من التدين الشعبي الذي تشهده تونس منذ سنوات عدة . تجدر الاشارة الى أن تونس تمارس سلوكا شاذا في محيطها العربي تجاه ظاهرة التدين الشخصي وظاهرة ارتداء الزي الاسلامي ,حيث تتكرر وبشكل مثير للحيرة عمليات اعتقال لمجموعات من الشباب في مقتبل العمر نتيجة اقبالهم بانتظام على الصلوات المفروضة أو مناقشتهم بشكل علني لقضايا تتعلق بهموم المنطقة العربية وشؤون الساعة . يذكر أن موضوع محاربة الحجاب بأساليب أمنية يعد سلوكا تونسيا شاذا ,اذ لم تعرف دول عربية أخرى مثل هذا السلوك باستثناء سوريا التي شهدت مثل هذه الحملة على خلفية صراعها مع تيار الاخوان المسلمين بداية الثمانينات من القرن الماضي,غير أنها سرعان ماتراجعت عنه في ظل تدخل شخصي من الرئيس الراحل حافظ الأسد ,حيث أصدر تعليمات صارمة بعدم جواز التعرض لأي امرأة اختارت أن تسلك مسلكا اسلاميا محافظا في اللباس . (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 23 ماي 2007)
سويسرا ترفض النظر في قضية لاجئ تونسي تعرض للتعذيب
تامر أبوالعينين- لوزان رفضت المحكمة الفيدرالية العليا بسويسرا أمس تطبيق المادة الثالثة من القانون الفدرالي حول القانون الدولي في القضية التي رفعها اللاجئ السياسي التونسي عبد الناصر نايت ليمان، ضد وزير الداخلية التونسي السابق عبد الله القلال. وكان ليمان قد ألقى المسؤولية المباشرة عن سجنه وتعذيبه على القلال في الفترة ما بين 24 أبريل/نيسان 1992 و1 يونيو/حزيران من السنة ذاتها بعد اختطافه من إيطاليا وترحيله إلى تونس. وترتبط المادة الثالثة من القانون الفدرالي حول القانون الدولي بإمكانية الاحتكام للقضاء السويسري إذا تعذر على الضحية اللجوء إلى قضاء البلد الذي تم الاعتداء عليه فيه. وقد وافق على الحكم أربعة وعارضه واحد فقط من قضاة المحكمة التي تعد أعلى جهة قانونية في البلاد، وقالت المحكمة إن « عملية التعذيب قد وقعت خارج سويسرا، والخصمان ليسا مواطنين سويسريين، وبالتالي فإن القضاء السويسري غير معني بالنظر في تلك القضية، كما أنه من الصعب الربط بين خيوط القضية للنظر فيها ». القاضي يشرح إلا أن القاضي الذي عارض هذا الحكم أسهب في شرح العلاقة المباشرة بين بنود المعاهدة الدولية لمناهضة التعذيب والمادة الثالثة من القانون الدولي الخاص، وكيفية مساعدة الضحايا للحصول على حقوقهم من جلاديهم السابقين. وضرب الرجل العديد من الأمثلة من قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية ذات الصلة وآراء رجال القانون حول كيفية مساندة ضحايا التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان للحصول على حقوقهم، مثلما حدث مع ضحايا النازية وديكتاتوريات أميركا اللاتينية. وانطلق القاضي في مداخلة استغرقت أكثر من ساعة، من مبدأ أن القانون يجب أن ينصف الضحية ويقتص من الجاني، بدلا من أن تعاني الضحية دائما وينعم الجناة بالحرية المطلقة، لاسيما في قضايا التعذيب التي تترك آثارا لا تمحى بسهولة. من ناحيته قال عبد الناصر نيات ليمان للجزيرة نت إنه يحترم قرار المحكمة الفيدرالية، « وإن كان مخيبا للآمال »، لأنه يغلق الباب أمامه لاسترداد حقه ممن تسببوا في اعتقاله وتعذيبه، وإصابته بأمراض عضوية ونفسية لا يزال يعاني من آثارها حتى اليوم، ويتلقى بسببها علاجا طويل المدى. وأشار ليمان إلى أنه لا يمكنه عرض هذه القضية أمام القضاء التونسي، بحكم وضعه كلاجئ سياسي في سويسرا. إلا أن أغلبية القضاة لم يجدوا في حصول الضحية على حق اللجوء السياسي والتقارير الطبية السويسرية التي تؤكد معاناته من الآثار الجسيمة التي تسبب فيها التعذيب وعدم استطاعته العودة إلى تونس المبرر الكافي كي تنظر المحاكم السويسرية في القضية. محاولة أخرى وقال المحامي فرانسوا مونبرييه للجزيرة نت إن هذا الحكم المخيب للآمال ليس نهاية المطاف وإنه يدرس الآن التوجه إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ، لطرح القضية أمامها. وقال في هذا الخصوص إنه « من غير المعقول أن ينص القانون على إمكانية طرح قضية أمام القضاء إذا لم يتمكن الضحية من استرداد حقه في الدولة التي تم الاعتداء عليه فيها، وعند المطالبة بهذا الحق ترفضه أعلى سلطة قضائية في البلاد ». وبينما يرى خبراء قانون سويسريون أن القضية برمتها صعبة لأنها الأولى من نوعها التي ينظر فيها القضاء السويسري منذ اعتماد هذا القانون عام 1987، اعتبر مونبرييه أنه من المحتمل أن تكون المحكمة قد رأت بعدا سياسيا في القضية. ولخص هذا البعد في أنها إن حكمت بالنظر فيها، فسيعني هذا أن القضاء السويسري سيقف أمام سيل جارف من القضايا التي يطالب فيها الضحايا بحقوقهم من جلاديهم، وهو ما قد يسبب لسويسرا مشكلات في علاقتها مع الدول التي ينحدر منها المتهمون، الذين كان أغلبهم في مناصب رسمية حساسة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 23 ماي 2007) الرابط: http://www.aljazeera.net/NR/exeres/689F82B9-39E5-4A84-BE16-7D0CA36BAB57.htm
رئيس الدولة يتلقى رسالة شكر من الرئيس الفرنسي:
تأكيد الاهتمام بالعلاقات المتميزة بين تونس وفرنسا وحرص على الحوار والشراكة
قرطاج (وات) تلقى الرئيس زين العابدين بن علي من الرئيس نيكولا ساركوزي رئيس الجمهورية الفرنسية رسالة شكر في ما يلي نصها: «لقد حرصتم على ان تتوجهوا الي برسالة تهنئة اثر انتخابي لرئاسة الجمهورية الفرنسية. وكان لذلك بالغ الاثر في نفسي وانا اعبر لكم عن جزيل الشكر. واغتنم هذه الفرصة لأؤكد لكم الاهتمام الذي ساوليه للعلاقات المتميزة بين تونس وفرنسا والقائمة على روابط عريقة وصداقة عميقة بين شعبينا. وساحرص على ان يكون الحوار والشراكة بين بلدينا في مستوى ما يحدوني واياكم من طموح من اجل المستقبل. واني لاعرب عن الامل في ان يتطور تعاوننا في كافة الميادين ذات الاهتمام المشترك. كما امل ان نتوفق في بناء اتحاد متوسطي مع البلدان المعنية حتى نرفع سويا وبنجاح التحديات المشتركة. وانا على يقين انه يمكن في اطار هذا المشروع الطموح والاكيد التعويل على دعمكم وحزمكم. واذ أجدد لكم عبارات شكري على رسالتكم تفضلوا سيادة الرئيس بقبول ابلغ مشاعر تقديري». (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 24 ماي 2007)
أميركا وتونس تبحثان في سبل تعزيز التعاون العسكري …
ساركوزي يؤكد لبن علي تمسكه بمشروع الاتحاد المتوسطي
تونس – الحياة أكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس تمسكه بمشروع الاتحاد المتوسطي. وقال في رسالة جوابية وجهها إلى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي إنه عازم على منح «اهتمام خاص للعلاقات المتميزة بين تونس وفرنسا والقائمة على روابط عريقة وصداقة عميقة بين شعبينا». وزاد في الرسالة التي بثت نصها وكالة الأنباء الرسمية التونسية: «سأحرص على أن يكون الحوار والشراكة بين بلدينا في مستوى ما يحدوني وإياكم من طموح من أجل المستقبل». وعبّر عن الأمل في أن «يتطور تعاوننا في الميادين ذات الاهتمام المشترك كافة»، من دون إعطاء ايضاحات. كذلك أبدى ساركوزي أمله في «بناء اتحاد متوسطي مع البلدان المعنية حتى نرفع سوياً وبنجاح التحديات المشتركة»، مُعاوداً طرح المشروع الذي عرضه على البلدان المتوسطية في الكلمة التي ألقاها في أعقاب فوزه على غريمته سيغولين روايال. يُذكر أن غالبية البلدان المغاربية أظهرت ميلاً خفياً لساركوزي على حساب مرشحة الحزب الإشتراكي. وكان بن علي وجه رسالة تهنئة إلى ساركوزي بمناسبة توليه مهماته في 16 ايار (مايو). وأعرب في رسالة سابقة في السادس من ايار، عشية انتخاب ساركوزي، عن «اقتناعه» بأن البلدين سيتمكنان «معاً من بناء شراكة استراتيجية متينة» في المتوسط. وعلى صعيد اخر (رويترز) ذكرت مصادر رسمية أمس الأربعاء أن وفداً عسكرياً أميركياً يزور تونس الحليف الوثيق لواشنطن للبحث في تكثيف التعاون العسكري بينهما، بهدف مكافحة الإرهاب الذي زادت وتيرته بشكل ملحوظ في شمال افريقيا. وتأتي زيارة الوفد الأميركي الذي ترأسه تيريزا ويلان مساعدة وزير الدفاع للشؤون الأفريقية في إطار الدورة الثانية والعشرين للجنة العسكرية المشتركة. وقال وزير الدفاع التونسي كمال مرجان ان هذا اللقاء يندرج في إطار علاقات الصداقة بين البلدين ويترجم الارادة المشتركة لتنمية التعاون الثنائي. وتزامن هذا الاجتماع العسكري مع تزايد الخطر الذي باتت تشكله جماعة «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» بعدما أعلنت مسؤوليتها عن تفجيرات في الجزائر الشهر الماضي. وتسعى الولايات المتحدة الى ضرب طوق حول الجماعات المسلحة في افريقيا. وأشادت ويلان بدور تونس في ارساء الامن والاستقرار والسلم وفي مجال مكافحة الإرهاب. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 ماي 2007)
ساركوزي يبلغ الرئيس التونسي حرصه على تفعيل العمل المتوسطي
تونس (رويترز) – قالت مصادر رسمية يوم الاربعاء إن الرئيس الفرنسي الجديد نيكولا ساركوزي ابلغ الرئيس التونسي زين العابدين بن علي حرصه على تفعيل العمل المتوسطي. وقال ساركوزي اليميني الذي انتخب رئيسا خلفا لجاك شيراك في رسالة شكر وجهها لرئيس تونس « امل ان نتوفق في بناء اتحاد متوسطي مع البلدان المعنية حتى نرفع سويا وبنجاح التحديات المشتركة. » وأضاف « انا على يقين انه يمكن في اطار هذا المشروع الطموح والاكيد التعويل على دعمكم وحزمكم. » وكان ساركوزي أعلن خلال حملته الانتخابية أن تكثيف التعاون بين بلدان حوض البحر المتوسط في مختلف المجالات سيكون ضمن أولويات برامجه. وتعهد الرئيس الجديد بتدعيم الشراكة بين فرنسا وتونس في كافة الميادين. وقال « اؤكد لكم الاهتمام الذي سأوليه للعلاقات المتميزة بين تونس وفرنسا والقائمة على روابط عريقة. » وفرنسا هي الشريك التجاري الاول لتونس بحجم مبادلات تجاوز ستة مليارات يورو (نحو ثمانية مليار دولار) عام 2006 وبأكثر من 1100 مؤسسة استثمارية بقيمة 80 مليون يورو. (المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 23 ماي 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
ساركوزي يريد تطوير التعاون مع تونس
تونس ـ ا ف ب: اعرب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في رسالة الي نظيره التونسي زين العابدين بن علي وزعت امس الاربعاء في تونس، عن امله في امكانية تطوير التعاون الثنائي في كافة المجالات ذات الاهتمام المشترك وخصوصا في مجال المتوسط. وقال ساركوزي اني اغتنم هذه المناسبة لاؤكد لكم الاهمية التي اوليها للعلاقات المميزة بين تونس وفرنسا والمبنية علي علاقات قديمة العهد وصداقة عميقة بين شعبينا . وقد اوردت وكالة الانباء التونسية الرسمية نص هذه الرسالة التي تضمنت شكر الرئيس الفرنسي للرئيس التونسي علي تهنئته بتوليه مهام الرئاسة في فرنسا. واضاف الرئيس الفرنسي انه سيسهر علي ان يكون الحوار والشراكة بين بلدينا علي مستوي الطموحات التي نضعها كلانا للمستقبل . وكان بن علي وجه رسالة تهنئة الي ساركوزي بمناسبة توليه مهامه في 16 ايار/مايو. واعرب في رسالة سابقة في السادس من ايار/مايو عشية انتخاب ساركوزي، عن اقتناعه بان البلدين سيتمكنان معا من بناء شراكة استراتيجية متينة في المتوسط. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 23 ماي 2007)
رئيس حركة النهضة يضع النقاط على الحروف حول المصالحة ومزاعم تفويته للفرص ( الحلقة الاولى )
الشيخ راشد الغوشي في حوار نادر : السياسة لا تقاس بالعواطف والاماني وإنما بموازين القوى
* هذا بلدنا ،ونتمنى أن يحقق أهدافه في الحرية ، وفي الديمقراطية والهوية بأقل التكاليف * المعارضة في تونس … تحاول أن تتلمس المساحة من الحرية وإن كانت ضييقة وتعمل على توسيعها * حتى المجموعة التي شكلت تحالف 18 أكتوبر ، وعلقت عليها آمال ، وجدت الطريق مسدودا * السياسة عالم لا يعترف بالابتسامات والخطاب هو أدنى أداة من أدوات الفعل السياسي . * السياسة هي تفاعل بين موازين القوى
* أنا من موقع رئيس النهضة ، من هذا الموقع لم يعرض علي ،ولا سمعت أن قياديا في النهضة عرض عليه مشروع للمصالحة منذ وقعت هذه المحنة . بل حتى في داخل السجون ، بعض إخواننا مثل الشيخ الزرن ، قاد مشروعا للمصالحة ولكن بعد ذلك تبين أنه مجرد ضرب من ضروب الخداع من أجل تمزيق صف … النهضويين والشيخ نفسه نبه إخوانه لعدم الانجرار لهذا المنحدر
* ما هكذا السياسة .. ابن خلدون يقول بأن » الملك يميل إلى الانفراد » هذا قانون ، ما الذي يجعل هذا الذي انفرد بالسلطة وانفرد بالثروة وانفرد بالكلمة وانفرد بالثقافة ، ما الذي يجعله يشرك غيره في ذلك ، ويتنازل لغيره * هل هي بمجرد الابتسامات وتحسين الهندام والتعبير عن حسن النية …
* المجتمع التونسي ليس مرتاحا بأي وجه من الوجوه قلق وغاضب ويتململ وينتظر أن تتصاعد ردود أفعاله بأشكال مختلفة
أجرى الحوار : عبدالباقي خليفة
تمنيت وأنا أستمع للشيخ راشد الغنوشي لو أن كل الذين يكتبون على الانترنت وكل الذين يقرأون ما يكتب ، بل كل التونسيين على مختلف مشاربهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية يستمعون معي . فكثيرا ما كان الشباب ، وأبناء الحركة الاسلامية والتيارات السياسية والشعب التونسي ضحية للاشاعات والاكادذيب التي ليس لها من الحقيقة نصيب ، سواء في تونس أو في المهجر . لقد تحدث الشيخ راشد الغنوشي في هذا الحوار عن قراءته للساحة السياسية التونسية سلطة ومعارضة وتحدث عن أسباب الانغلاق السياسي وذيوله الداخلية والخارجية .وعن وهم المصالحة ، وإدخال العواطف في السياسة ، أو سياسة الأماني ،وكأن القضية قضية أسرية تحل بالتنازل هنا أو هناك وعن طريق العواطف ، في حين أن السياسة لا تقاس بالعواطف وإنما بموازين القوى . فلا شئ يدفع السلطة للتنازل ما لم تكن مقدرة لتلك الموازين . ونفى الشيخ راشد الغنوشي أن تكون السلطة قد عرضت شيئا على الحركة سواء في عهد بورقيبة أو بن علي . كما أجاب على تهم محاولة الحركة الاستيلاء على السلطة كما يفهمه البعض . وقال إنه يقبل بما يقبل به قادة الحركة في الداخل ، فالقضية ليست قضية شخص يمنع حصول المصالحة ، وغيرها من القضايا ، فإلى الحوار .
· في البداية أريد أن أسأل سؤالا عاما ، قبل الدخول في التفاصيل ، ما هي قراءتكم للساحة السياسية التونسية ، سلطة ومعارضة ؟
** بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ، أشكر الاخ عبدالباقي خليفة على مواقفه الشجاعة على مهنيته الصحافية ، أما عن الحال في تونس ، فهو إذا نظرنا إليه من جهة السلطة فوضعه بائس ، بما تعني الكلمة ، والسلطة ترد على مبادرات المجتمع السياسي ،والمجتمع المدني ، وحتى على العنف ، لا ترد إلا برد واحد ، لا تملك غيره هو الأمن . فنحن إزاء سلطة أمنية غاشمة ليس عندها مما تعالج به مختلف الملفات إلا المعالجة الأمنية . وهي باستمرار تسفه كل الاحلام التي تتعامل معها بالتمني ، أنها ستنفتح ، ستتصالح مع المجتمع ، ستقرأ أحداث العنف التي انفجرت ، ستقرأها قراءة سياسية ، على أن هذا العنف ، وهذا التيار من الشباب الذي يعد بالميآت وربما بالآلاف من خيرة شباب تونس ،هؤلاء الذين سدت أمامهم كل السبل و انفجروا بوجهها عنفا . كان التفكير في السلطة بالتمني ، وأنها ستقرأ قراءة سياسة هذا الحدث وتنفتح على التيار الاسلامي المعتدل حتى تقاوم العنف ، هذا حصل في الجزائر ، ويحصل في المغرب ، وحتى في مصر رغم انغلاق السلطة هناك ، هناك قدر من الانفتاح باتجاه التيار المعتدل حتى لا تكون السلطة بالنتيجة في خدمة العنف وفي خدمة الانفجار .غير أن السلطة في تونس واضح أنها سفهت كل الاحلام ،وكل التمنيات ، وأثبتت مرة أخرى أنها سلطة بوليسية ولا تملك غير ذلك في التعامل مع أي ملف من ملفات المجتمع ، وأن السياسة هي مجرد ديكور، وغلاف مخرق لستر الوجه الحقيقي للسلطة وهو الوجه الأمني و الوجه الوحيد . ولذلك أنا لا أنتظر من السلطة سوى الامعان في هذا الطريق . منذ 15 سنة لم تحتلف السلطة عن هذا المسار، بل هي تمعن فيه أكثر فأكثر، لو كنا نفكر بالتمني لقلنا نتمنى أن تنفتح وأن تتصالح ،وأن تكون الجماعات والاحزاب في بلادنا لا تتداول على السجون والمعتقلات ، وإنما تتداول المشاركة في تنمية المجتمع . هذا ما نتمنى لبلادنا ،ولسنا شامتين ولامسرورين ،هذا بلدنا ،ونتمنى أن يحقق أهدافه في الحرية ، وفي الديمقراطية والهوية بأقل التكاليف ، ولكن السلطة مصممة على تدفع المجتمع ، وتضغط على المجتمع حتى ينفجر . وأن السلطة تقول أنا هنا ، أو باللهجة المشرقية » أباظايا » أو « أباندي » ليس عندي إلا لغة واحدة ، هي لغة العصا ، لغة العنف . من أراد أن يتكلم بهذه اللغة فليتفضل ، ومن يرفض هذه اللغة فليسكت ، فليخرس . ولذلك انفجر العنف في وجهها باعتباره المعارضة التي تستحقها . ولأن النهضة ، و كل المجتمع السياسي التونسي رفض الاستدراج للعنف ، وقد بقي في السلطة اللاعب الوحيد تقريبا في الساحة ، وظلت السياسة عبارة عن ديكور لستر الطبيعة الحقيقية لهذه السلطة ، إنها طبيعة بوليسية مافيوزية . هذا عن السلطة ، أما المعارضة فهي تتلمس سبل الحياة ، فليس هناك معارضة تطمع أو تخطط أو حتى تصرح وأنها – عدا معارضة أصوات قليلة – على أنها مصممة على التغيير الديمقراطي ، فالمعارضة في تونس حتى الآن تحاول أن تتلمس المساحة من الحرية وإن كانت ضييقة وتعمل على توسيعها . ولكن السلطة لا تتجاوب معها ، السلطة تطرح عليها طرحا وحيدا ، هو أن تكون في خدمة البوليس ، أن تكون أداة من أدوات الأمن . ينعم عليها مقابل ذلك بمقر وبجريدة وبمنحة سنوية وببضعة مقاعد في البرلمان .
· بما في ذلك مجموعة 18 أكتوبر ؟
** حتى المجموعة التي شكلت تحالف 18 أكتوبر ، وعلقت عليها آمال ، وجدت الطريق مسدودا . وعندما صممت على نقل المعارضة من المكاتب إلى الشارع ، وجدت هذا الشارع مدججا بالكلاب وبالامن و بأدوات القمع حتى وصل الامر إلى حد إذا تواعد المتظاهرون على الالتقاء في مكان تسد كل الطرق المؤدية إليه . بل يمنع المتظاهرون أحيانا من الخروج من بيوتهم ، حتى هيئة 18 أكتوبر وصلت إلى طريق مسدود . وحتى شعاراتها ، التي تطالب بالحد الأدنى وهو اطلاق سراح المساجين و اطلاق حرية التعبير و تكوين الأحزاب ، بما لا يصل غلى المعدل المطلوب للتغير ، حتى هذا لم يجد آذانا صاغية . وهذا لا يعني أن المجتمع التونسي استسلم ، هناك ردود أفعال من الحركة النقابية ، وقد حصلت عدة تحركات نقابية و خاصة في ميدان التعليم الابتدائي والثانوي والجامعي ، وفي عدة قطاعات أخرى ، الجامعة التونسية لها تاريخ في العمل المدني .
· جميع الحركات المسلحة في التاريخ الحديث بدأت بعمليات جزئية كالتي حدثت في تونس نهاية العام الماضي كيف تنظرون لما جرى ؟
** انفجار العنف في نهاية السنة الماضية كان ثمرة من ثمار حالة الانسداد ، وتعبير – و إن كنا لا نقره – ولكنه يعبر على أن المجتمع التونسي لم يخضع ،وأن المحتمع التونسي فيه عناصر مقاومة . رافض لهذه السياسات و يقاوم بأساليب مدنية وغير مدنية بقطع النظر عن الموقف منها ولكن الايجابي فيها – نحن ضد أساليب العنف ولا نرى العنف حلا بل هو امعان في المشكل ويعطي السلطة المزيد من المبررات لاستدرار المعونات الدولية ولتحييد كل الضغوط الداخلية والخارجية من أجل الحد الأدنى من الاصلاح السياسي – ولكنها على كل حال هي تعبيرات على أن المجتمع التونسي لم يمت وأنه يقظ . المجتمع التونسي فرضت عليه إذن خطة استسلام ضمن وضع دولي مناسب للسلطة ،ولكن هذا المجتمع كما عودنا يبدو أحيانا أنه قد مات واستسلم للجرحات ولكن ذلك مجرد وهم ، المجتمع التونسي يتململ ويكتوي بنار سياسات السلطة الاقتصادية ، حجم واسع من البطالة ، في كل الاوساط بما في ذلك حملة الشهائد ، والوضع متجه للتفاقم ، شعور واسع لدى الناس بأنهم إزاء سلطة نهب ، ابتزاز واحتكار ومصادرة المال العام الثروة العامة ،لصالح جملة من العوائل ،المجتمع التونسي ليس مرتاحا بأي وجه من الوجوه ،والمجتمع التونسي قلق وغاضب ويتململ وينتظر أن تتصاعد ردود أفعاله بأشكال مختلفة .
· الانغلاق السياسي الذي نلمسه جميعا هل سببه قوة السلطة أم ضعف المعارضة وطرح بعض فصائلها مواضيع قبل أوانها كالارث ، أم الدعم الدعم الدولي أو كل ذلك جميعا
** كل ذلك جميعا ، لا شك أن عنصر المعادلة المطلوب تحريكه ، هو الوضع الدولي ، والوضع الدولي لا نتحكم فيه نحن ، الوضع الدولي له مصالحه وله سياساته ، وموضوع الحريات و حقوق الشعوب ، هذه كلها مجرد شعارات ، فهنالك مصالح وسلطة بن علي مندرجة ضمن هذه المصالح . ولكن عنصر المعادلة الذي يمكنه أن يغيرهو المجمتع التونسي ، هو شباب تونس ، هم عمال تونس ، هم المتضررون من هذه السياسات ، النخبة السياسية والثقافية ،هذه القطاعات التي تهمش يوما بعد يوم ، هذه الطبقة الوسطى التي تتفكك يوما بعد يوم وتنظم إلى فئة الفقراء والمهمشين ، فموضوع التهميش متواصل . هذه الفيئات هي التي يجب أن توحد صفوفها وأن تتجاوز خلافاتها الجانبية ، خلافات حول الارث و خلافات حول المرأة ، هذه مواضيع رغم أهميتها إلا أن طرحها في الوقت الحاضر ليس من شأنه سوى التمديد وإعطاء المزيد من الفرص للاستبداد . هذا القطاع الذي تعود إليه مسؤولية هذا الانسداد .
· المصالحة التي يروج لها البعض من منطلقات وهمية وساذجة كيف تفسرونها
** أنا لا أرى شيئا غير محاولة تحقيق مصالح شخصية ، مصالح بعض الناس ، أصحاب مصالح شخصية ، ونوع من الاستفاقة المتأخرة ، لا أقول استفاقة ضمير ولكن نوع من الاعتذار المتأخر ، الاعتذار المتأخر هو، أيها المساجين ، يا زملاءنا ،نحن ناصرناكم وحاولنا أن نخرجكم من محنتكم ولكن الذي عاقنا هو قيادتكم ، هذا في النهاية صوت السلطة ، وترويج الاوهام ، وكأن هنالك ظروف مصالحة حقيقية ، الذي يعطلها بعض أشخاص أو شخص واحد ربما في النهضة ربما يعطل مشاريع الاصلاح !!! كيف يكون الاصلاح .. هو أن تحسن لغتك أن تحسن هندامك .. أن تكثر من الابتسام للطاغي ، فسيغير هو عندئذ ، سيبتسم لك و سيغير من سلوكه و يضحي بمصالحه ويقول أيها الشعب التونسي تعالوا نشركم في السلطة ، أيها الصحافيون ، يا أصحاب الرأي في تونس سنطلق حريتكم في التعبير ، أيها المساجين سنخرجكم من السجن الصغير والسجن الكبيرأيتها الجمعيات المعطلة سنطلق لكم حرية العمل سنطلق حرية الاحزاب ، سنجعل الانتخابات حرة ونزيهة ، سنطلق حرية القاضي واستقلاله ..
ليبتسم بعض الناس فقط .. لو ابتسم بعض الناس في وجوهننا لغيرنا كل السياسات و لضحينا بكل المصالح التي عندنا ، وهذ كله ضحك على الذقون وإذا تصورنا أن الذين يفعلون ذلك يفعلونه جادين .. لا يمكن التعبير إذن عن هذه المواقف ، حتى ولو أحسنا الظن ، لو فرضنا احسان الظن باصحابها إلا أنها سذاجة ، فالسياسة عالم لا يعترف بالابتسامات والخطاب هو أدنى أداة من أدوات الفعل السياسي . السياسة هي تفاعل بين موازين القوى . لا بد أن تغير موازين القوى ، فلا أحد يعطف على أحد . مجال السياسة ليس مجال العواطف ولا حتى الحق والعدل و الخير وأن تثبت للآخر أنك برئ وأنك لا تريد به شرا ، وإنما هي موزاين . لماذا يتخلى حاكم ، ابن خلدون يقول بأن » الملك يميل إلى الانفراد » هذا قانون ، ما الذي يجعل هذا الذي انفرد بالسلطة وانفرد بالثروة و انفرد بالكلمة وانفرد بالثقافة ، ما الذي يجعله يشرك غيره في ذلك ، ويتنازل لغيره ؟ هل مجرد الابتسامات و تحسين الهندام والتعبير عن حسن النية … ما هكذا السياسة .
· هل سبق أن عرض عليكم حركة النهضة مشروع للمصالحة مع النظام ؟
** أنا من موقع رئيس النهضة ، من هذا الموقع لم يعرض علي ،ولا سمعت أن قياديا في النهضة عرض عليه مشروع للمصالحة منذ وقعت هذه المحنة . بل حتى في داخل السجون ، بعض إخواننا مثل الشيخ الزرن ، قاد مشروعا للمصالحة ولكن بعد ذلك تبين أنه مجرد ضرب من ضروب الخداع من أجل تمزيق صف المساجين والنهضويين والشيخ نفسه نبه إخوانه لعدم الانجرار لهذا المنحدر .
( يتبع )
رئيس حركة النهضة يضع النقاط على الحروف ج2
بين يدي الحلقة الثانية من الحوار :عندما قام موقعا تونس انلاين ، والحوار ، بنشر الحلقة الأولى من الحوار الهام مع الشيخ راشد الغنوشي حفظه الله ، تعجل البعض كعادته في الرد على ما قاله الشيخ راشد دون انتظار بقية الحلقات والتي تحمل أجوبة على الأسئلة التي طرحها ، وهذا لعمري أمر عجيب وغريب سياسيا و اعلاميا ، و لذلك رأيت من المفيد ارسال الحلقة الثانية للنشر رغم حرصي على أن تكون أطول من سابقتها . الشيخ راشد الغنوشي في حوار نادر : عبدالله فرحات وزير الدفاع التونسي الأسبق لم يعرض علي شيئا واللقاء معه كان لقاء مجاملة استغرق نحو 20 دقيقة فقط ( الحلقة الثانية ) * على كل حال ، نحن الآن نعتبر الشأن السياسي والعلاقة مع السلطة والعلاقة مع المعارضة يدريرها إخواننا في داخل البلاد ، ونحن نقول وقلنا منذ فترة طويلة إذا كان حمادي الجبالي وعلي العريض والحبيب اللوز وعبد الله الزواري وصالح بن عبدالله والدكتور زياد التولاتلي ومن أمثالهم إذا وجدوا أي طريق، أي حل مع السلطة فنحن وراءهم ولسنا أمامهم .
* ( هام جدا ) على إخواننا في الخارج جميعا الكف عن هذا الأمر ( الجدل العقيم والفارغ حول المصالحة الوهمية ) *
* إذا كانوا يحترمون أنفسهم يجب أن يكفوا عن هذا الخلاف ، يكفوا عن ترويج هذه الأوهام وتضييع الأوقات و تأجيج الخلاف على لا شئ .
* هذا الموضوع بين يدي إخواننا في الداخل وهم قياداتنا نثق بهم ، (… ) ،إذا وجدوا طريقا لن نزايد عليهم ولن نعتبر أنفسنا أوصياء عليهم ولا أوعى منهم .
* إخواننا قادوا الحركة في فترات كثيرة ونحن قلنا لهم إذا وجدتم أي طريق للمصالحة مع السلطة فلكم ذلك و هم من عقدوا اتفاق 18 أكتوبر ولسنا نحن ونحن وراءهم .
* الموضوع في الداخل والذين في الخارج عليهم الاهتمام بالذي بين أيديهم .
* ( عليهم التفكير في ) كيف يمكن أن يشاركوا إخوانهم في الداخل ، كيف يمكن مشاركة شعب تونس .
* القضية ليست قضية حركة النهضة ونظام .. هذا تصور خاطئ للموضوع .
* افترضوا أن النهضة غابت الآن ، افترضوا أن الأرض انشقت وابتلعت كل نهضوي هل حلت مشكلة البلاد ؟ * هل حل مشكل نجيب الشابي ( الحزب الاشتراكي الديمقراطي ) وهو حزب معترف به، ولكنه مضروب على يديه ، مقراته تؤخذ بين يديه ؟
* هل حل مشكل الرابطة التونسية لحقوق الانسان التي وقع السطو عليها ؟
* هل حل مشكل المجلس الأعلى للحريات
* هل حل مشكل حزب المؤتمر للدكتور المرزوقي
* هل حل مشكل العمال التونسيين ، حمة الهمامي
* هل حل مشكل منظمة الصحافة في تونس
* ما لهؤلاء القوم الذين يروجون للأوهام وكأن المشكل كله مشكل النهضة وبن علي . ومشكل النهضة و الغنوشي .
* مشكلة تونس أعمق وليست قضية قليل من الابتسامات ( والتنازلات ) ، السقف أعلى من ذلك بكثير .
* مشكلة تونس مشكل مصالح كبرى ، دولة تنهب بكل معنى الكلمة وهوية تضيع .
* يصرح وزير الثقافة بأنه منع 8 آلاف كتاب ، هل سمعتم دولة في العالم العربي منعت 8 آلاف كتاب ، هل هي مشكلة النهضة ؟!!!
* هذه دولة متفرعنة ، تقول لا تقرأون إلا ما أسمح به .
* بالامس أعلنت المنظمات الدولية أن تونس في مقدمة 5 أو 6 دول في العالم تفرض رقابة صارمة على الانترنت
* فليكف هؤلاء الناس عن تتـفيه قضية تونس ،وعن التبسيط الساذج لقضية تونس ،على أنها قضية النهضة و نظام . أجرى الحوار : عبدالباقي خليفة كما قرأتم فالقضية أعمق بكثير مما يتصوره البعض ، ورأينا كيف أن الشيخ راشد ، بين أن الحركة فوضت قادتها في الداخل ( إن فهمتم كما فهمت ) على تولي موضوع العلاقات السياسية الداخلية » على كل حال ، نحن الآن نعتبر الشأن السياسي والعلاقة مع السلطة والعلاقة مع المعارضة يدريرها إخواننا في داخل البلاد ونحن نقول وقلنا منذ فترة طويلة إذا كان حمادي الجبالي وعلي العريض والحبيب اللوز وعبد الله الزواري وصالح بن عبدالله والدكتور زياد التولاتلي ومن أمثالهم إذا وجدوا أي طريق أي حل مع السلطة فنحن وراءهم ولسنا أمامهم » وعلى الذين لم يستحوا بعد من تحميل النهضة مشكلة الحوار والمصالحة ، أن يتوجهوا من الآن فصاعدا إلى قادة النهضة في الداخل ، وبشكل مباشر وليس عبر الانترنت ، ليعرضوا عليهم بضاعتهم ،إن كانت لديهم بضاعة فعلا ، وإذا كانوا مفوضين من قبل النظام ،أما التحذلق فيجيده كل أحد ، وعلى الإخوة في الخارج أن يسمعوا ويعوا لما قاله الشيخ راشد » على إخواننا في الخارج جميعا الكف عن هذا الأمر » وهذا أثار استياء الشيخ راشد كثيرا ، عندما قابلته مؤخرا وحز في نفسه « إذا كانوا يحترمون أنفسهم يجب أن يكفوا عن هذا الخلاف ، يكفوا عن ترويج هذه الأوهام وتضييع الأوقات وتأجيج الخلاف على لا شيء « . و أكد حفظه الله مجددا على أن هذا الموضوع من اختصاص قادة الحركة داخل تونس وليس خارجها ، وليكف الصائدون في الماء العكر، والعاملون على تعكير الأجواء في الخارج عن لعبتهم المكشوفة ، وإذا كانت هناك نصائح ، أو ملاحظات أو استدراكات على قادة النهضة في الخارج فليبلغها لها و لقواعدها قادتها في الداخل فهم أدرى بما يجب على النهضة القيام به ، أو السلوك والخطاب الذي يجب أن تنتهجه . وكما قال الشيخ راشد » هذا الموضوع بين يدي إخواننا في الداخل وهم قياداتنا نثق بهم ، فهم عشرات ، إذا وجدوا طريقا لن نزايد عليهم ولن نعتبر أنفسنا أوصياء عليهم ولا أوعى منهم ، إخواننا قادوا الحركة في فترات كثيرة ونحن قلنا لهم إذا وجدتم أي طريق للمصالحة مع السلطة فلكم ذلك وهم من عقدوا اتفاق 18 أكتوبر ولسنا نحن ونحن وراءهم ،الموضوع في الداخل والذين في الخارج عليهم الاهتمام بالذي بين أيديهم » .
وأعتقد أنه لم يبق مناص للاخوة في الخارج على مختلف توجهاتهم سواء كانوا من النهضة أو خارج النهضة من أن يتوقفوا عن الجدل البيزنطي الذي ساد ساحة المهجر في المدة الأخيرة ،وعليهم النظر كما قال الشيخ راشد البحث عن كيفية مساعدة إخوانهم » كيف يمكن أن يشاركوا إخوانهم في الداخل ، كيف يمكن مشاركة شعب تونس .
القضية ليست قضية حركة النهضة ونظام هذا تصور خاطئ للموضوع » . وأرجو التمعن في ما قاله » افترضوا أن النهضة غابت الآن ، افترضوا أن الأرض انشقت وابتلعت كل نهضوي ، هل حلت مشكلة البلاد ؟ ،هل حل مشكل نجيب الشابي (الحزب الاشتراكي الديمقراطي ) وهو حزب معترف به ، ولكنه مضروب على يديه ، مقراته تؤخذ بين يديه ؟ هل حل مشكل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان التي وقع السطو عليها ؟ ، هل حل مشكل المجلس الأعلى للحريات ، هل حل مشكل حزب المؤتمر للدكتور المرزوقي ،هل حل مشكل العمال التونسيين ،حمة الهمامي، هل حل مشكل منظمة الصحافة في تونس » إذن » ما لهؤلاء القوم الذين يروجون للأوهام وكأن المشكل كله مشكل النهضة وبن علي .ومشكل النهضة والغنوشي » أليست » مشكلة تونس أعمق وليست قضية قليل من الابتسامات والتنازلات » أليس » السقف أعلى من ذلك بكثير » أليست » مشكلة تونس مشكل مصالح كبرى ، دولة تنهب بكل معنى الكلمة وهوية تضيع » ألم » يصرح وزير الثقافة بأنه منع 8 آلاف كتاب ، هل سمعتم دولة في العالم العربي منعت 8 آلاف كتاب ، هل هي مشكلة النهضة » ؟!!!
أليست » هذه دولة متفرعنة ، تقول لا تقرأون إلا ما أسمح به » . ألم تعلن » المنظمات الدولية أن تونس في مقدمة 5 أو 6 دول في العالم تفرض رقابة صارمة على الانترنت » ،فهل يكف أولئك عن ترديد السذاجات » فليكف هؤلاء الناس عن تتـفيه قضية تونس وعن تبسيط ساذج لقضية تونس على أنها قضية النهضة ونظام » . هكذا تحدث الشيخ راشد الغنوشي ، فإلى بقية الحوار في حلقته الثانية .
يقال إنكم فوتم فرصة المصالحة سنة 1998 أو1999 وقلتم في الجزيرة ما أوقف مسار الحوار،ومن الاشاعات أيضا أن وزير الدفاع الاسبق عبد الله فرحات ، في عهد بورقيبة ، عرض عليكم المصالحة سنة 1981 ولكن الحركة اختارت طريقا آخر بتعبير البعض ؟
** لم يعرض علينا ، ولم يكن هنالك مشروع للمصالحة إلا بعد مجيء بن علي ، بل قبل خروجنا من السجن كان هنالك حوار ، وكان هنالك أمل من طرفنا في المصالحة ، حقيقة ، وكنا جادين في ذلك . وكان الحوار يديره معنا مستشار بن علي في ذلك الوقت ، والرويسي ثم بن سلامة والزواري ، بحيث كان هنالك نتيجة وعد من رئيس الدولة بالاعتراف بالحركة ونحن أخذنا ذلك الوعد مأخذا جديا ولكن تبين بعد ذلك أن الأمر كان مجرد ربحا للوقت ربحا للوقت ،واحكام القبضة على دواليب الدولة واستخلاص التمكن من أجهزة الدولة واستخلاصها في يد الحاكم الجديد ، وبعد ذلك بدأ يفرض إرادته على المجتمع التونسي كله ، ويفكك قواه سواء النقابية أوالسياسية ومنها النهضة ، تلك كانت المرة الوحيدة في تاريخ علاقتنا بالنظام التونسي التي كان فيها تفاوض ومشروع للمصالحة ، ولسنا نحن الذين نقضناه و إنما الطرف الآخر بسبب نتائج الانتخابات ( 1989 ) وأفزعت نتائج الانتخابات السلطة وقررت أن هذا الجسم لا يمكن استواءه ( على طريقة النظام ) إلا بالوسائل الأمنية فبدأ قمع النهضة .وظنت السلطة أن الاصلاحات التي لوح بها الحاكم الجديد والشعارات التي جاء بها ، أن حزبه قد استعاد شعبيته ، لكن الانتخابات كشفت أن الشعب التونسي نفض يده من هذا الحزب ومال ميلانا أذهلنا نحن أنفسنا ، ميله نحو التغيير . ليس ذلك ولاءا منه للنهضة ولكن جانب كبير منه رغبة في التغيير كما عبر في انتخابات 1981 لصالح الديمقراطيين الاشتراكيين وكانت النتيجة (عكس طبيعة الأشياء ) أن الفائز في الانتخابات في الديمقراطية يتجه إلى سدة الحكم ، لكن في وضعنا نحن وأمثاله أقرب طريق للمقصلة وللمشنقة والسجون والمنافي هو النجاح في الانتخابات . فنحن لانزال حتى الآن نعاني من نجاحنا في الانتخابات سنة 1989 . كما تعاني الجبهة الاسلامية للانقاذ من نتائج فوزها في الانتخابات البرلمانية الجزائرية سنة 1992 . إذن كانت هذه المناسبة الوحيدة للمصالحة ، لم يحصل لا قبل ذلك في عهد بورقيبة ولا في العهد الذي جاء بعده .
ماذا جرى بالضبط مع عبد الله فرحات وزير الدفاع في عهد بورقيبة
** صحيح قابلت في عهد بورقيبة ( وزير الدفاع التونسي ) بواسطة صديقي العزيز ، أحمد المانعي ، خاله عبد الله فرحات ، في مكتبه بوزارة الدفاع وكانت المقابلة تحمل طابع المجاملة ، لم يقع فيها التفاوض على أي شيء، لأن النهضة لم تكن معروفة في ذلك الوقت ، وهذا الأمر لم يكن في سنة 1981 وإنما في سنة 1976 على ما أعتقد ، وهو وقت مبكر . الحركة لم تكن معروفة قبل البيان التأسيسي ، وأعتقد أن ذلك اللقاء كان في سنة 1976 أو 1977 . في تلك المرحلة فالرجل عبر عن رغبته في التعرف أوعدم ممانعته في التعرف علي ، فجلسنا نحو 20 دقيقة والحركة لم تكن معورفة وأنا لم أكن معروفا . ولم يحصل تفاوض ولم يكن لدينا حزب ولم يكن لدنا عمل سياسي . كنا مجرد مدرسين ودعاة ولم يحصل أي تفاوض ولم نكن حينذاك حركة سياسية … ( يتبع ) * ( ما بين قوسين لمن أجرى الحوار وليس للشيخ راشد ) *
(المصدر: موقع تونس انلاين بتاريخ 24 ماي 2007)
لنتعاون جميعا من أجل وضع النقاط على الحروف
د. محمد الهاشمي الحامدي بسم الله الرحمن الرحيم
قرأت قبل قليل في موقع « الحوار نت » تصريحات مهمة للشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، تضمنت ردودا مباشرة على بعض ما كتبته في الأيام الماضية في باب الدعوة للوفاق بين السلطة والإسلاميين في تونس.
أظن أن تدخل الشيخ راشد في الحوار بشكل مباشر يجب أن يكون محل ترحاب من كل الوطنيين التونسيين الباحثين عن الحقيقة.
الحقيقة مفيدة، لا ليسجل البعض نقاطا ضد البعض الآخر، ولكن لنستفيد منها ونتعلم ما ينفعنا جميعا في المستقبل.
من أجل توضيح الأمور لكل التونسين، وللإسلاميين منهم بوجه خاص، أرجو من الشيخ راشد حفظه الله ورعاه، أن يجيب على بعض الأمور العملية المهمة التي أشرت إليها في تصريحاتي خلال الشهر الماضي.
1 ـ في مساء 28 أكتوبر 1999، بعد مرور يوم واحد على المناظرة التي جرت بيني وبينكم في برنامج الإتجاه المعاكس، اتصلت بكم هاتفيا، ورد علي أحد مساعديكم، فأخبرته أنني أرغب في الحديث معكم على وجه السرعة، في ضوء اتصال هاتفي تيسر لي مع الرئيس بن علي. طلب مني مساعدكم أن أخبره بالتفاصيل، فاعتذرت ورجوته أن يبلغكم أهمية الموضوع، وضرورة الإتصال السريع. هل بلغكم الخبر أم لا؟
2 ـ في ذات المساء، دعوت إلى بيتي الأخوين مختار بدري وجمال الطاهر، وهما من أصدقائي وزملائي أيام الجامعة، وحدثتهما بالأمر، وطلبت منهما إبلاغه لك ولقيادة حركة النهضة. فهل وصلت الرسالة لكم ولقيادة حركة النهضة أم لا؟
3 ـ أعرض عليكم ما قلته في حواري مع الأخ الطاهر العبيدي قبل أسبوع: « تم إطلاق سراح قرابة سبعمائة سجين يوم 5 نوفمبر 1999، وأعلنت عن ذلك شخصيا من الدوحة في برنامج « حصاد اليوم » على شاشة قناة الجزيرة. وكان يحاورني آنذاك الأستاذ جمال ريان. كما أعدت تقديم العرض الذي وعد به الرئيس بن علي وطالبت الإسلاميين بالتجاوب واغتنام الفرصة.
في اليوم الموالي ظهر الشيخ راشد في برنامج « حصاد اليوم » مع الأستاذ محمد كريشان، وهنا أحيّي الرجلين وأدعو لهما بالتوفيق. الشيخ راشد أكد خبر الإفراج عن المعتقلين، لكنه قال إنهم خرجوا من السجن الأصغر إلى السجن الأكبر، وتحدث في الحوار كله على هذا النحو السلبي.
كنت أرجو أن يقول الشيخ راشد ما خلاصته إنه يرى في هذا الإفراج خطوة طيبة في الاتجاه الصحيح، وأنه يرحّب بها، وأنه مستعد للتباحث مع الحكومة التونسية مباشرة في كل ما من شأنه تسوية هذا الملف وتعزيز الوفاق الوطني.
جملة واحدة تفتح الباب لمشاورات مباشرة، من دون وسيط، بين السلطة وحركة النهضة.
لكن اللهجة كانت لهجة معارض غاضب يريد اغتنام الدقائق القليلة المتاحة في حصاد اليوم لتسجيل نقاط ضد السلطة. وتلك أيضا كانت اللهجة التي سادت في برنامج « الاتجاه المعاكس » بيني وبين الشيخ راشد يوم 26 أكتوبر 1999.
كنت أدعو الله أن يلهمه قول ما يزيل الحواجز بينه وبين الرئيس بن علي، وما يزيل الحواجز بين حركته والسلطة. كنت آمل أن يقول: ما دام هناك حديث عن العفو والمصالحة، فأنا أرحب بهذا التوجه، وأدعمه، وأعرب عن استعدادي لبحث تفاصيله مع السلطات التونسية مباشرة ». (انتهى النقل)
وسؤالي لكم حفظكم الله ورعاكم: هل توافقون على أن منهج التعامل الذي اعتمدتموه مع تلك الجهود والمؤشرات القوية نحو إعادة النظر في وضعية الحركة الإسلامية، لم يكن المنهج الأوفق والأفضل لخدمة مصالح الحركة الإسلامية في تلك المرحلة؟
هل تقبلون أن تصريحا من نوع » إنني أرى في هذا الإفراج خطوة طيبة في الاتجاه الصحيح، وأرحّب بها، وإنني أعرب عن استعدادي للتباحث مع الحكومة التونسية مباشرة في كل ما من شأنه تسوية هذا الملف وتعزيز الوفاق الوطني ».. أفضل من الأسلوب الذي اعتمدتموه في تسفيه الأمر وتسخيفه والرد عليه بتصعيد الخطاب الإنتقادي للسلطة؟
4 ـ قال الأخ الدكتور أحمد المناعي أنه رتب لكم لقاء مع وزير الدفاع السابق المرحوم عبد الله فرحات، في عهد المرحوم الرئيس بورقيبة، وأن الوزير عرض عليكم الدعم والتعاون والعلاقة الطيبة. هل حدث هذا أم لم يحدث؟
5 ـ أشرتم رعاكم الله إلى ابن خلدون، فهل ترون أن الفقرة التي نقلتها عنه قبل شهر تنطبق على حركة النهضة ومسيرتها أم لا؟ والفقرة هي:
« إن كثيرا من المنتحلين للعبادة وسلوك طرق الدين يذهبون إلى القيام على أهل الجور من الأمراء داعين إلى تغيير المنكر والنهي عنه والأمر بالمعروف رجاء في الثواب عليه من الله، فيكثر أتباعهم والمتلثلثون بهم من الغوغاء والدهماء ويعرضون أنفسهم في ذلك للمهالك.
وأكثرهم يهلكون في هذا السبيل مأزورين غير مأجورين، لأن الله سبحانه لم يكتب ذلك عليهم، وإنما أمر به حيث تكون القدرة عليه. قال صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه.
وأحوال الملوك والدول راسخة قوية لا يزحزحها ويهدم بناءها إلا المطالبة القوية التي من ورائها عصبية القبائل والعشائر كما قدمناه. وهكذا كان حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في دعوتهم إلى الله بالعشائر والعصائب وهم المؤيدون من الله بالكون كله لو شاء. لكنه إنما أجرى الأمور على مستقر العادة والله حكيم عليم.
فإذا ذهب أحد من الناس هذا المذهب، وكان فيه محقا، قصر به الإنفراد عن العصبية فطاح في هوة الهلاك.
وأما إن كان من المتلبسين بذلك في طلب الرئاسة فأجدر أن تعوقه العوائق وتنقطع به المهالك، لأنه أمر الله لا يتم إلا برضاه وإعانته والإخلاص له والنصيحة للمسلمين. ولا يشك في ذلك مسلم ولا يرتاب فيه ذو بصيرة ». (ابن خلدون، المقدمة، الفصل السادس في أن الدعوة الدينية من غير عصبية لا تتم. بيروت: دار القلم، الطبعة الخامسة، 1984. ص (159-160).
6 ـ هل ترون أن تشخيص الصراع بشكل واضح مع الرئيس بن علي وعائلته، كما بدا في بيانكم بعد أحداث صفاقس الأخيرة وفي الجزء المنشور من حواركم صباح اليوم، هل ترى أن هذا النهج هو الأفضل للإسلام ولحركة النهضة وللبلاد بشكل عام، وهل هو معبر فعلا عن التوجه العام لأنصار حركة النهضة في الداخل والخارج؟
7 ـ قلتم في حديثكم رعاكم الله ما نصه: « بل حتى في داخل السجون ، بعض إخواننا مثل الشيخ الزرن ، قاد مشروعا للمصالحة ولكن بعد ذلك تبين أنه مجرد ضرب من ضروب الخداع من أجل تمزيق صف المساجين والنهضويين والشيخ نفسه نبه إخوانه لعدم الانجرار لهذا المنحدر ».
هل يعني هذا أنكم تضعون جهودا يبذلها بعض الإخوة في السجن، قد تتجاوز السجن وقد لا تتجاوزه، وقد تقف عند مسؤول أمني استئصالي في هذا الموقع أو ذاك، هل تعتبرونها مثل فرصة تتاح للحديث والأخذ والرد مع رئيس الدولة مباشرة من دون وسيط؟
8 ـ قلتم رعاكم الله في معرض الرد على دعوتي لتبني نهج الكلمة الطيبة ما نصه « .. لو فرضنا احسان الظن باصحابها إلا أنها سذاجة ، فالسياسة عالم لا يعترف بالابتسامات والخطاب هو أدنى أداة من أدوات الفعل السياسي . السياسة هي تفاعل بين موازين القوى . لا بد أن تغير موازين القوى ، فلا أحد يعطف على أحد . مجال السياسة ليس مجال العواطف ولا حتى الحق والعدل و الخير وأن تثبت للآخر أنك برئ وأنك لا تريد به شرا ، وإنما هي موزاين «
ألا ترى حفظكم الله أن ذلك يتناقض مع قوله تعالى: « ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم »؟
هذه أسئلة يبدو لي أنه لا يمكن حسن الجدال حول الدعوة للصلح والوفاق من دون الإجابة عليها.
إن التباين في وجهات النظر ليس عيبا. والنقد والتمحيص مطلوبان من كل عاقل. وأغتنم الفرصة لأؤكد لكم أنه لا يوجد نزاع شخصي في الموضوع أبدا. وليس هناك ما يدعو أحدا منا للتنقيب عن خفايا ما في نفس الآخر، لأن السياق ليس سياق تنازع على مناصب أو مغانم، وإنما هو بحث عما يضمد الجراح ويجمع شمل أبناء الوطن الواحد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الكلمات
عليه أن يعتذر و علينا أن نرفض اعتذاره…
كثيرا ما تعتمد أطراف في السلطة على عدد من المتسلقين و الطامعين الانتهازيين لمواجهة من تختلف معهم و كثيرا ما كانت الاختيارات خاطئة و الرهانات فاشلة، ذلك أن هذه اللعبة مكشوفة دائما، و هدفها عدم توريط الرسمين في حالات الفشل و إقامة المواجهات بالمناولة للتنصل عند الضرورة، و لا يحصل « العميل » دائما على مجازاة على قدر طمعه.
و لا يمكن « المرتزق » أن ينجح إلا مؤقتا أو جزئيا، لأنه لا يدافع عن قناعات أو مواقف أو رؤية، كما أنه كثيرا ما يذهب في الاجتهاد أبعد مما رسم له أو طلب منه فيفسد على نفسه و على من سخره و ينتهى المر إلى فوضى.
** ما أتاه « الملولي » مؤخرا، من تهجم على الصحفيين، سواء عبر قناة حنبعل أو مجلة حقائق يندرج في هذا الإطار، و « الملولي » كلف بمهام كثيرة و نجحت أطراف بواسطته في تحقيق نتائج لصالحها، فالرجل على استعداد دائم لوضع ذمته على قارعة الطريق و الدلالة عليها سواء للبيع بالجملة أو بالتقسيط.
السلطة تعلم، دون شك، الحجم الحقيقي لهذا « الملولي » و لكنها أعطته، بالمقابل، من الامتيازات أكثر من اللزوم و نفخت في صورته كثيرا و لهذا أصبح أمر أفعاله الأخيرة، التي أنكرها كل الاعلاميين، محرجة لها، فأن يكون صاحب هذا الخطاب المتخلف و العدمي و اللاأخلاقي و غير المبرر ضمن قائمة رئيس الجمهورية التي عينها في مجلس المستشارين التيتضمنت أسماء (مهما اختلفنا معها) لها مشاركة سياسية حقيقية وهذا أمر يدعو إلى التساؤل و الحيرة.
من حق الأطراف التي تستعمل « الملولي » و أمثاله أن تجازي خدمها و أن تدافع عنهم حتي تكون لهم حصانة و مجال نفوذ تشريعي و ثقافي هام و لكن عليها أن تراقب فلا يعطوا كل هذا الحيز، فينتفخ الواحد منهم وهما و يطلق لسانه و قلمه بالسوء معولا على ما قد يكون تلقاه مِن « تطمينات » مَن حرضه على الناس و المنظمات الوطنية سنوات.
** ليس هناك، في هذا البلد، من لم يسجل موقفا سلبيا من حال الإعلام، رغم اختلاف المنطلقات و المقاربات و كيفية تحميل مسؤولية الخلل. و حتى من ألقى بالمسؤولية على الصحفيين في الأمر كله أو بعضه لم يصل به الأمر إلى شتمهم و رجمهم و التشكيك في كل مصداقيتهم و كل امكانياتهم…
كما أن الاحترازات التي يمكن أن تسجل ضد التقرير الذي أعدته لجنة الحريات في جمعية الصحفيين كثيرة، و من حق « الملولي » و غيره أن يقدم وجهة نظره و يحتج على كل ما يراه مخالفا للصواب، بل ربما كان له أن يقترح بخصوص تشكيلة اللجنة التي يتم تكليفها بإعداد هذا التقرير، لكن اللهجة الاستفزازية و القدح في الزملاء الذين اجتهدوا أمر سيء بكل المقاييس. لقد كان من الأجدر مناقشة المضمون و مهما كانت تركيبة اللجنة فإن الجمعية لم تكن لتصدر التقرير لو لم تكن متبنية لما جاء فيه فهو ليس نصا ملزما للأفراد الذين قاموا بصياغته و لكنه ملزم لهيكل كامل يجمع أغلب أهل المهنة. فما يمكن أن يكون في الظاهر موجها لعدد قليل من الأفراد، موجه في الأصل إلى كل من انتمى من الصحفيين لهذه الجمعية.
** لقد اتخذ الأمر الآن وجهة قانونية بعد أن تقدمت الجمعية بشكوى قضائية ضد « الملولي »، و لكن من الضروري أن يتقدم هذا الأخير باعتذاره لكل أهل المهنة، و للصحفيين ألا يقبولوا اعتذاره، دفاعا عن كرامتهم. (المصدر: صحيفة « مواطنون » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 20 بتاريخ 23 ماي 2007)
كلمة الكتابة والحرية
محمد الجابليّ لا شيء في جماله يضاهي الحرية، ولاشيء يجعل الوجوه تتألق سوى الصدق مع الذات ثم مع الآخرين، عندما يقرر المثقف أن يعيش دون أقنعة وأن يتخلى عن الزيف والخوف والنفاق والطمع…أن يكون كما هو، بطبيعته الحرة في خيرها وشرها وفي قوتها وضعفها…
لعله الخيط الجامع لكل الذين حضروا في ندوة » كتابات مختلفة » التي أقامتها رابطة الكتاب الأحرار مساء السبت 19 من الشهر الجاري بفضاء ألتيير، ندوة تتداوى فيها الثقافة من عللها الكثيرة ومن محدوديتها، فكان الجمع الطريف بين أجيال ورؤى مختلفة للإبداع وتجارب متعددة تؤمن بالإختلاف وتنجزه وتؤمن بالحرية وتعمل في سبيلها، الجمع بين ظواهر وكتاب آمنوا بالإختلاف بعضهم لم نجد لهم من الأسماء الدالة غير تسمية » الفلاقة »: تسمية محفورة في وجداننا الجمعي، عمدوا منذ زمن إلى طريقة طريفة وحرة في الطباعة والتوزيع، مثل الشاعر سمير طعم الله » جلجامش » والروائي عبد الجبار المدوري بنصوصه الكثيرة، وكتاب آخرون إضطرهم المنع إلى أن يصبحوا فلاقة كالحبيب الحمدوني بعد مصادرة كتابه » رأسمالي ناجح » إضافة الى جماعة المروج المبدعة ومنهم سالم بن يحيى ونور السعيد اللوزي ونوالدين الخبثاني والمنجي العيساوي …جاؤوا بمشاريعهم ورؤاهم وبنشرية « النورس » الجميلة في تواضعها…
كل الذين تقدموا جاؤوا بأحلامهم الجميلة، إضافة إلى آخرين منهم أم زياد صاحبة النشرية الإلكترونية » كلمة » وفضيلة الشابي بأسئلتها ووجدانها وكتابها الممنوع، ولزهر الصحراوي بشهادته الصادقة وبروايته » وجهان لجثة واحدة » المتوجة في الخليج والممنوعة في ديارنا…
جامعيون شاركوا بوجهات نظرهم المختلفة حول ظاهرة الكتابة والحرية كفتحي النصري وآخرون بكتبهم الجديدة كالطاهر الهمامي وجلول عزونة…كورين كومار بكتابها الجديد النقدي المتميز…
كتاب وشعراء شاركوا بالحضور لإيمانهم بحرية الإبداع وضرورة الإختلاف كرشيدة الشارني وفاطمة الشريف وجلال لحبيب ونور الدين بن عزيزة والبشير الهمامي ومحمد صالح النهدي…
جمع غفير من الكتاب والمثقفين انشدوا الى تطلع واحد من منظورات مختلفة: حرية الكلمة وحرية الإبداع واحترام الإختلاف وضرورة النضال في سبيل كل ذلك… (المصدر: صحيفة « مواطنون » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 20 بتاريخ 23 ماي 2007)
فتحي بن الحاج يحيى صديقي العائد لتوّه من فرنسا لإقامة قصيرة بين ظهرانينا، نبّهني إلى مقال نزل بصحيفة تونسية ناطقة بما يشبه اللّغة الفرنسية، ورد فيه أنّ منطقة من الجنوب التّونسي تعيش غليانا كبيرا، وحالة تأهّب قصوى، واستياء عميق…لأنّ « القينيس بوك » (كتاب الأرقام القياسية الشّهير) يرفض إدراج اسم أحد مواطنيها بلغ به العمر أكثر من مائة وأربعة وعشرين عاما، وهو مازال في أوج عنفوانه وكامل مداركه العقلية وملكاته الذّهنية.
وتقول الصحيفة أنّ كبار مسؤولي هذه المنطقة الصّغيرة، يتصدّرون هذه الحملة.
كنت أعتقد أنّ الحكاية انتهت عند هذا الحدّ، فالأمر في حدّ ذاته يمثّل « سكوبا » صحفيّا يستحقّ مقالا، إذ قلّ وندر أن يتّحد شعب ومسؤولوه على غضب ما، واستياء عارم، سيّما في الضفّة الجنوبية من المتوسّط، فقد تعوّدنا هنا إمّا على شعب غاضب على مسؤوليه، أو مسؤولين غاضبين على شعبهم. لكن توقُّف صديقي عن الكلام لم يكن سوى استرداد أنفاس، ونوع من التّشويق لكونه سينمائيّ التّكوين ومتمكّنا من أدب المأساة.
قال : قالوا (أي المسؤولون طبعا) أنّ هذا الرّجل بحكم أنّه عاش على امتداد ثلاثة قرون (إذ يكفي عملية بسيطة لضبط مولده سنة 1887) فهو الأفضل مكانة، من بين جميع سكّان الإيّالة فالجمهورية الأولى والثانية، على امتلاك مقاربة موضوعية لا ريب فيها، وتقديم شهادة، لا تحتمل الطّعن، في المقارنة بين جميع الحقب التاريخية والأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي عايشها عن كثب… بدليل أنّه لا يزال حيّا يرزق وأنه كامل المدارك…وبالتالي مسؤول عن أقواله. ولأنّ شيخنا المعمّر قد قام بهذه العمليّة دون أن يطلب منه أحد ذلك… فقد أفضى قراره إلى التّالي : لا مقارنة بين أحوال اليوم والأمس القريب منه والبعيد. كان واثقا من نفسه بأنّ المائة سنة الأولى من حياته التي أطفأ شمعاتها عام 1987 كانت دون ما عاشه بعدها، سعادة وغبطة وأملا.
ولأنّه يراهن على الأمل، ونحن أيضا. ولأنّه يلعب ورقة المستقبل، ونحن أيضا. فقد نادى رئيس الدّولة لأن يرشّح نفسه من جديد أملا في مستقبل أفضل…فضلا عمّا هي عليه أحوالنا الرّاهنة !
لم أعلّق شيئا على كلام صديقي الطيّب. واضح أنّه كان « مستاحش ريحة البلاد »، وإلاّ لما لقطت عيناه مثل هذا المقال الذي لم أقرأه رغم اقتنائي الجريدة. أنا لست مهاجرا. فأنا أستنشق يوميّا روائح البلاد، ولهذا السّبب، تجدني أسارع إلى قراءة الصفحة « النيكرولوجية » لضبط روزنامتي الأسبوعية بين تعاز ودفن وفرق. ربّما في ذلك يكمن الفرق الوحيد بيني وبينه. إذ فيما تبقّى فنحن متشابهان بدليل أنّنا « ستاديست » (أي من أنصار الملعب التونسي)، وأصحابنا لا يفهمون أن نكون متيّمين بحبّ فريق يقضّي العمر في معارضة الأندية الكبرى…ولا ينتصر… حتّى صرنا نخاف عليه أن ينتصر يوما…فيدخل في أزمة. مفاد الحكاية : يتوجّب على التّونسيّ أن يتجاوز عتبة المائة عام من العمر ليتمتع بالسّعادة التي يبدأ العدّ لها من العام الصّفر بعد المائة، أمّا دون ذلك فسيظلّ المواطن جحودا أو ناقص إدراك أو غير دار أنّ الجنّة تحت أقدامهم.
(المصدر: القسم العربي بمجلة « الطريق الجديد »، العدد 60 لشهر ماي 2007)
في الذكرى الثالثة للمبادرة…
بـأي ذنـب قتلـت ؟
صالح الزغيدي مرت ثلاث سنوات على تأسيس ما يمكن اعتباره، ودون مبالغة، أهم مبادرة توحيدية وأهم محاولة جبهوية شهدتها الساحة السياسية والفكرية في بلادنا… ذلك أنها لم تضم في صفوفها عددا كبيرا من المناضلين والمناضلات من مختلف التنظيمات والحساسيات والأجيال فحسب، بل نجحت في خلق مناخ نضالي ورفاقي بين أفرادها وأصدقائها قل أن يتوفر حتى داخل نفس الحزب أحيانا. المبادرة الديمقراطية والتقدمية تمكنت من جمع شتات المئات من المناضلين والمناضلات وإعادة الروح للعديد من الذين أرهقتهم الصراعات الفارغة والزعاماتية الهزيلة والمقيتة… المبادرة استطاعت أن تجمع في صفوفها وحولها العشرات من الوجوه والأرقام البارزة في صفوف الجامعيين والمثقفين والفنانين والمبدعين فكان لها الفضل في إعادة الاعتبار للثقافة وأهلها وانجاز المصالحة التاريخية بين اليسار السياسي والإبداع الفكري والفني. وما النجاح غير المسبوق للجامعة الصيفية التي نظمتها المبادرة في أوت 2004 الاّ دليل على ذلك. أضف إلى ذلك الأشغال الجدية التي أنجزت في مختلف اللجان والتي مكنت من صياغة برنامج متكامل للمبادرة الديمقراطية والتقدمية تناول جل الميادين: تطوير مؤسسات الدولة في اتجاه مقرطتها، تحوير القوانين المنظمة للحياة العامة، إعادة الاعتبار للإعلام لإخراجه من بوتقة التوظيف والجمود والرداءة، إعادة النظر في التوجهات الاقتصادية والاجتماعية لجعل الاقتصاد في خدمة البشر قبل خدمة أية مصلحة أخرى، وضع حد لسياسة تربوية أصبحت فيها المدرسة مجرد خدمة تسدى في أتعس الظروف وأصبحت فيها جامعاتنا مجرد أجهزة لإنتاج البطالة، سن سياسة ثقافية تنهض بالإبداع وتفتح الباب على مصراعيه أمام المثقفين والمنتجين والفنانين، إلغاء كافة القوانين والإجراءات التي تكرس التمييز ضد المرأة واتخاذ القرارات التي من شأ نها أن تجعل من المساواة الكاملة بين النساء والرجال أمرا واقعا لا رجعة فيه، إلى غير ذلك من المجالات التي تناولها البرنامج بكل دقة… وفوق كل هذا تبقى المبادرة مرتبطة بذلك القرار التاريخي المتمثل في »التجرؤ »، ولأول مرة منذ قرابة الخمسين سنة، على تقديم مترشح لمنافسة زين العابدين بن علي على منصب رئاسة الجمهورية… هكذا، وبكل بساطة، وفي ظل نظام الحزب الواحد والرئيس الواحد والرأي الواحد والاعلام الواحد والادارة الواحدة والوالي الواحد والمعتمد الواحد والبلدية الواحدة، ترفع المبادرة الديمقراطية التقدمية صوتها، وان خفتوه، لتطلق صيحة، وان خنقوها، لتقول بكل قوة ودون مراوغة: كفى البلاد من سيطرة حزب الدستور، كفى البلاد من دولة الحزب و من حزب الدولة ،كفى البلاد من « الجمهورية الدستورية »، جمهورية اليوم وجمهورية الغد… قالت المبادرة كل هذا ليس فقط في بياناتها ومقالات قياداتها، بل في الشوارع والمقاهي، وفي الاجتماعات العامة في قاعات سوسة وصفاقس وقفصة والقيروان والمنستير وبن عروس وفي دور الثقافة في العاصمة، ودوى صوت المبادرة، ومرشحها محمد علي الحلواني عاليا في بورصة الشغل بتونس بحضور ما يقارب الألفي شخص وفي نفس الوقت وبنفس القوة، رفعت المبادرة صوتها عاليا أن للسياسة مكانها وللدين مكانه وأنها ترفض منطق الارتماء في أحضان دعاة الاستبداد الديني للتخلص من الاستبداد المدني… وقالت بوضوح أن الديمقراطية عندها ليست فقط آليات لتنظيم العمل السياسي والتنافس النزيه على الحكم، بل هي في نفس الوقت وبنفس القوة تحكم الناس في شؤونهم وفي مصيرهم بكل حرية ويعني ذلك، دون وصاية الاهية ولا عبر من نصبوا أنفسهم نواب الله في الأرض هذه المبادرة إذن… وأنا أتحدث عنها والحسرة تملأ قلبي،لأن تجربة في مثل هذا الثراء وبمثل هذه الأهمية، لا يمكن لأي عاقل الا أن يتساءل: هل يعقل أن يقع التفريط فيها، وبهذه السهولة؟ هل من المنطق أن يتجمد نشاطها تماما ولمدة وصلت اليوم قرابة العشرة أشهر كاملة؟ ليس هناك من سبب مهما كانت شرعيته في حد ذاته يمكن أن يبرر تغييب المبادرة الديمقراطية الكامل عن الساحة السياسية لمدة طويلة مثل ما حصل… ليس من الضروري أن يكون المرء ذا عبقرية سياسية ليقر بأن حركة مثل المبادرة الديمقراطية ليست من نوع الحركات التي يمكن لها أن تغلق أبوابها و »تخرج في إجازة طويلة » لمدة 10 أو 12 أو14 شهرا ثم « تعود إلى قواعدها سالمة »… إن قوة حركة مثل المبادرة تكمن-فيما تكمن-في ديمومتها واستمراريتها وحضورها المتواصل على الساحة، وفي اللقاءات المنتظمة بين قياداتها واطاراتها ومناضليها، وفي مواكبتهم المشتركة لمجرى الأحداث وتطوراتها، واتخاذ المواقف المشتركة منها والتعريف بها وطنيا وجهويا… وفي غياب كل ذلك لمدة أشهر طويلة، ماذا يبقى من المبادرة؟ أخشى ما أخشاه أن لا يبقى لنا منها سوى ذكريات حلوة واسم أحلى وأحلى، مع صيحة عميقة: وامبادرتاه —————————————– ارتأى أحدهم في الأيام الأخيرة ،في سياق حديثه عن انتخابات أكتوبر 2004، تكرار ما قاله سابقا من أن المبادرة الديمقراطية ، بمشاركتها ، قدمت خدمة للسلطة …غريب والله أمر هؤلاء الذين يحللون الأحداث من خلال ما يرونه من ثقب قفل الباب (المصدر: القسم العربي بمجلة « الطريق الجديد »، العدد 60 لشهر ماي 2007 نقلا عن مدونة الصحفي التونسي محمد معالي) الرابط: http://fr.blog.360.yahoo.com/blog-bawT19A8eqfODSt0dUg5c6DCYQU-?cq=1
السّواك الحار رقم 31
E-Mail : info@alhiwar.net Site : www.alhiwar.net
خاص بالحوار نت
« القتل الخطأ ».. مخرج تتخذه وزارة الدفاع الأمريكية « البنتاجون » لتبرئة جنودها في العراق وأفغانستان من تهم قتل المدنيين… ويبلغ التعويض عن حياة الطفل 500 دولار والمسن 2500 دولار، وفي بعض الحالات يرفض الجيش الأمريكي دفع دولار واحد، بحسب تقارير نشرتها صحف غربية الأسبوع الجاري.
(أحمد الشيخ: إسلام أون لاين)
هانت الأنفس على أصحابها فهانت دماء الأمة على حكامها والغزاة …
متى تحمل (الأمة) القلب الذكي وصارما ** وأنفا حميا تجتنبك المظالم!!
أتعلم من تجاربي ومن تجارب الآخرين من أجل أن يكون عملي في الساحة العامة مفيدا. أحاول دائما أن أعلي من مبادئ حقوق الإنسان والوفاق والديمقراطية وأن أعمل بكل ما في وسعي لنصرة هذه المبادئ في تونس.* (الهاشمي الحامدي: تونس أون لاين)
لا ظلم بعد اليوم … ولا مجال لرئاسة مدى الحياة … بن علي إلى الأبد … بن علي ماكيفو حد !! … ولا نقبل دروسا في الديمقراطية من أحد!!
وفي 1989، كان يفترض أن تدخل الحركة في لوائح انتخابية مشتركة مع التجمع الدستوري الديمقراطي وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين. فانتهى الأمر بمواجهة انتخابية شاملة بين التجمع والإسلاميين تلتها المواجهة المعروفة التي ما نزال نرى آثارها وتجلياتها حتى اليوم*. (الهاشمي الحامدي: تونس أون لاين)
بلـغ الثعلــبَ عنـي ** عن جدودي الصالحينا
عن ذوي التيجان ممـن **; دخل البطن* اللعينا
(*بطن التجمع)
أنهم قالـوا وخيرُ القـو** لِ قــولُ العارفينا
مخطئٌ من ظـن يـومـاً ** أن للثعلب دينا
لست أطلب منهم أن يقدموا التنازلات التي قدمها الحسن بن علي إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عن الجميع. تلك تنازلات لا يقبلها الإسلاميون التونسيون ولو في المنام فيما يبدو*.
(الهاشمي الحامدي: تونس أون لاين)
معاوية (رضي الله عنه) كان بينه وبين رعيته شعرة يرخيها إن سحبت ويشدها إن أرخت وأما « صاحبنا » فبينه وبين شعبه حبال وعصي ورصاص وكلاب!!
ما رأيك وأنت تستمع إلى قاضي تحقيق يجيبك عن مطلب إفراج مؤقّت تقدّمت به في حق منوّبك الذي خلا محضره من شبهة الصلاة: « خلّيه في الحبس، لو كان نسيّبو توّ يعاودوا يشدّوه ويعملولوا قضيّة أخطر« .
(كلمة : عبد الرؤوف العيادي)
هكذا تسد الذرائع ويتحسب للبلاء قبل وقوعه … « وداوني بالتي كانت هي الداء »!!
ووضعت في غرفة أشبه بالمرحاض بدون شبابيك الاّ شباك صغير حجمه عشرون سنتماتر على عشرين لا يمكنك أن تطل منه على العالم الخارجي الا بصعوبة شديدة فترى من حين لآخر عبر رؤية جانبية زرقة السماء من وراء شبكة كثة من القضبان الحديدية الصدئة ثم مالبثوا أن أقلقتهم اطلالات وجهي من وراء ذلك الشباك فأمر مدير السجن بوضع كلّ الحواجز الحديدية الكفيلة بحجب الرؤية عنّي تماما
* (حبيب اللوز: الوسط التونسية)
« المطروحة » التي جُند بها الطلبة في الصحراء سموها الفردوس بدل الجحيم والسجون سموها « سجون وإصلاح »!!؟؟ … قولوها صراحة : » سجون وتدمير » واصدقوا مرة وسموا الأشياء بمسمياتها لا بأضدادها!!
و في هذا الاطار أحسب والله أعلم أنّ دور الحركة الإسلاميّة يجب ان ينصب في هذه المرحلة على انضاج تلك الظاهرة الدينيّة المتنامية وترشيدها في اتجاه مزيد التحامها بقضايا البلاد و العباد… بهذه الخلفية أرى أن تتوجه الحركة الإسلامية نحو مزيد من المزج الواعي بين الحراك السياسي و العمل الدعوي الثقافي في سياق ترشيد العقليات و النفوس باتجاه ارساء حالة مجتمعية توافقية و تصالحية بناءة و فعالة
.* (حبيب اللوز: الوسط التونسية)
يبدو أن شباك 20/ 20 صم سيغلق تماما هذه المرة ! … وعينك ما تشوف إلا … « النور »!!
الصّحافة في أزمة تتمثّل في شُحّ المعلومات والسّببُ أن مصادر الخبر تعملُ حسْبَ أوامر وتعليمات… صادرة عن بعض المسؤولين بالحكومة… تخصّ عدم مدّ الصحافيين بالمعلومة*. (محمد قلبي: الصباح)
« الباب إلي يجيبلك الريح سدو واستريح » و »مائة خطوة ولا تنقيزة » !!
حصل خطأ في عدد الأسبوع الماضي، إذ انّ العدد السابق هو 405 وليس 404 وبتاريخ 11 ماي لا 04 ماي. ممّا استوجب التصويب والإعتذار لقرّائنا الكرام*.
(الموقف)
« شيء ينسي الواحد اسمو وتاريخ ميلادو »!!
تمّ منع العدد الأخير من مجلّة « الإكسبريس » الأسبوعية الفرنسية من التداول، وقد تضمّن حوارًا هامًا مع السيّدة سهير بلحسن الرئيسة الجديدة للفيديرالية الدولية لحقوق الإنسان تحدّثت فيه عن وضع رابطة حقوق الإنسان التونسية *.
(الموقف)
« ماو قلنا شيء ينسي الواحد اسمو »!!
تماشيا مع السياسة الوطنية في الحفاظ على الكفاءات و تحقيقا لرغبة التواصل و الاستفادة من الاستمرارية للنجاحات قرر أصحاب القرار التمديد لرئيس المجلس البلدي لدورة ثالثة رغما عن فصول المجلة الانتخابية ففي ذلك تحقيقا للمصلحة ودرءا لكل مفسدة كما يقول ساداتنا الفقهاء*.
(عامر عياد: الموقف)
من شابه « أباه » فما ظلم … وكيف لا يفعل وهو ظل « السيد » الرئيس في البلدية وممثله … أم أنك تريد قطع ظلال « السيد » الرئيس بقطع جذوره!!
(*) نقلا عن تونس نيوز
صــابر التونسي
E-Mail : info@alhiwar.net Site : www.alhiwar.net
بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين
الرسالة رقم 237 على موقع الأنترنات
تونس في 24/05/2007
بقلم محمد العروسي الهاني مناضل دستوري
رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا
رسالة مفتوحة للتاريخ إلى سيادة رئيس الجمهورية
حول عنايتكم الموصولة بمشاغل شعبكم و متابعة شؤونهم اليومية
على بركة الله و عونه أجدّد الحوار الكتابي الشيّق مع سيادتكم و مقامكم الرفيع بأدب و لطف القيّم الوطنية و بأخلاق الروح النضالية و بعمق التقدير لمقامكم رمز الجمهورية و بنبل الوفاء لمفهوم أسس الديمقراطية و حسن الآداء للتبليغ لأعلى السلطة التنفيذية و الإكبار لروح المسؤولية و الإحترام لمبادىء الجمهورية على هذه الأسس الأخلاقية و القيم الإسلامية ابعث برسالتي إلى سيادة رئيس الجمهورية.
و هي الرسالة رقم 14 عبر موقع كلمة الحرية حول مشاغل المواطنين في كل القضايا الاجتماعية و نرفع إلى سامي جنابكم بروح عالية وطنية بعض مظاهر الصمت و عدم الإكتراث برسائل الشريحة الإجتماعية و عدم إحترام ما يرد من ملاحظات و مشاغل على مكاتب الوزراء في شكل رسائل مفتوحة عبر موقع الانترنات العصرية و ما يسمى بالصحافة الإلكترونية بفضل النهضة التكنولوجية و الطرق السيارة لوسائل الإعلام العصرية وقد اعتمدت طريقة ذكية ذكرها الإعلامي الكبير محمد حسنين هيكل في شهادته التاريخية جاءت نتيجة عدم مواكبة الصحف اليومية المحلية لحرية الراي و التعبير في البلاد العربية وقد أكدتم مرارا يا سيادة رئيس الجمهورية على حرية الراي و كانت رسالة 3 ماي 2007 خاتمة التأكيد في أرفع مقام موقع المسؤولية.
و لو فتحت الصحافة أعمدتها للحرية
و الراي و الديمقراطية في عصر العالم اصبح قرية كونية ما كتب مواطن خارج حدود الجمهورية. و لكن بكل اسف مازالت العقاليات تتعامل مع الناس و كأنهم صبيان و ذرية و كأنّ الزمان لم يتطور وقد وصلنا ذكرى الخمسينية. بعد الإنعتاق و الحرية و إنجاز أركان الجمهورية و يوم 25 جويلية 2007 نحتفل بذكرى خمسينية عيد الجمهورية .. و مراحل التعليم طيلة الخمسين عاما أثمرت الوعي و النضج و تعميق الحرية و تقدم الشعب التونسي بلغ ذروته في مفهوم ممارسة الديمقراطية و العقول إستنارت بفضل الفضائيات العربية و الأجنبية و كل شىء تغيّر في بلادنا ما عدى أرث العقلية بقت على حالها هي هي ..
و لا شك يا سيادة الرئيس
أعطيتم دروسا لأعضادكم و منضوريكم في فهم و ممارسة المسؤولية اليومية و معالجة القضايا الاجتماعية بروح وطنية بعيدا على الأنانية و بمفهوم الحكم العصري في الحقبة الأنية. و أنا شاهد عيان على بعض القرارات الرئاسية و ساهمت في التبليغ لسيادتكم بوصفكم رئيس الجمهورية كما ذكر الاستاذ محمد حسنين هيكل في قناة الحرية و أسوق شهادتي بسرعة برقية عسى ان يستوعبها الأخوة في المسؤولية ففي يوم 23 نوفمبر 1992 عقدتم يا سيادة الرئيس مجلسا وزاريا لدعم تنمية ولاية صفاقس و اهالي الريف أصحاب الأنفة و الوطنية وقررتم إلحاق مناطق ريفية بمتابعة الرسائل الفردية و الاهتمام بكل جملة ترد على القصر صباحا و عشية كانت الحجارة مثلا للعناية الرئاسية.
و في 23 مارس 1993
كان موعدكم مع تطور التنمية بولاية بنعروس في الاحواز الجنوبية. و أعطيتم درسا في العناية برسائل شخصية تصب في المصلحة الوطنية و في 1994 عالجتم قضية إدارية و أعطيتم التعليمات للتسوية النهائية و في سبتمبر 1997 إذنتم بإدراج منطقة الحجارة في المشاريع الإنمائية و في أكتوبر 1998 واصلتم دعم المنطقة بمشاريع إضافية لفك عزلتهاو إلحاقها بركب المناطق و المدن التقديمية. السيد كمال الحاج ساسي شاهد على العملية.
و في عام
2002 طالعتم رسالة صحافي عبر جريدة أخبار الجمهورية و أذنتم بتعزيز مكانة من ناضل في الصحافة المحلية و دعمتم معنويات هذا الإعلامي في آخر حياته المهنية وهو بوغنيم محبا لفنّ الرياضة
و هناك مظالم أخرى و جدت الدعم و حرص و متابعة سيادتكم بكل جدية و صاحب مقطع الحجارة و المواطنة المسكينة من ولاية جندوبة جاء دورها و تحصلت على حقها بفضل عنايتكم الابوية و في هذا المجال أكدتم مرارا و تكرارا على مزيد الإصغاء إلى المواطن. و في كل ندوات السادة الولاة تؤكد على مزيد الإصغاء لخلجات الشعب أعني الإتصال به و الحوار معه و فتح مكاتب الموصودة للإصغاء إلى الشعب. لكن هذا الحرص الرئاسي الهام لم يستغل كما يجب و لم يفهم مقاصده النبيلة إلا النزر القليل و دار لقمان على عادتها و أعطي أمثلة على ذلك 3 ولاة بصفاقس مرو على الولاة و لأحد منهم زار منطقة الظل الحجارة و قضية حرمان 87 أسرة من إيصال الماء الصالح للشراب تواصلت 7 أعوام بدون إجابة لماذا لأنّ المسؤول يعيش في برجه العالي و الطريق المعطبة منذ 3 أعوام لم يتحرك مسؤول للقيام بالإصلاح و مشاغل المواطنين لم يسمعها أحد لو قام رئيس الدولة بزيارة فجئية تتحرك كل الأجهزة و الهياكل.
و تتسابق للإنجاز و الظهور و البروز و لو يبادر الرئيس بن علي بمقابلة مناضل تتسابق الإطارات المسؤولة العليا للتقرب و كسب ودّ هذا المناضل . أما في بقية مظاهر الحياة العادية أوكد لكم يا سيادة رئيس الجمهورية لا أحد منهم يجيبك و لا يتحرك للرد على مشاغل و اقتراحات المواطن وقد وجهت 25 رسالة مفتوحة عبر الأنترنات لـ15 مسؤول في مراكز هامة و مناصب وزارية رفيعة لا أحد ردّ على رسالة أو إهتم بموضوع و على أجاب الرسائل على موقع الانترنات أتذكر أنّ أحد الوزراء وردت عليه 11 رسالة في عام 2007 لم يرد على رسالة منها
و بعضهم يتجاهل أهمية التشغيل لأبناء مناطق الظل و الوعود ثم الوعود دون جدوى.
سيادة الرئيس،
بعد دروسكم التي ذكرت
بعضها هل تذكر هؤلاء أعمالكم وهل إستوعبوا الدروس و هل فكروا في المستقبل للردّ على مشاغل المواطنين و الإصغاء إليهم أم لا بد من أعطى دروس جديدة.
سيادة الرئيس،
هل تذكر الأخوة المسؤولين الكبار بزيارتكم إلى البرامة و الزكاكرة بولاية سليانة نتيجة رسالة مناضل بعث بها إلى سيادتكم و هل تذكر الاخوة بزيارتكم الفجئية إلى منطقة أولاد غانم بمعتمدية فوسانة ولاية القصرين و ما تحمله من معنى و مغزى… طبقا لم نذكر بأشياء حصلت قبل تاريخ ميلاد بعضهم في عهد التحرير و البناء و عهد الاستقلال و بناء الدولة العصرية
و لكن نذكرهم بمواقف حصلت من عام 1992 إلى اليوم في عهد التحوّل و التغير.
فهل السيد الوزير و معاونيه يتذكروا ما قمتم به
نحو منطقة الحجارة معتمدية الحنشة ولاية صفاقس و من المفروض عندما يرد ملفا أو مطلبا للحصول على الشغل من هذه المنطقة أو غيرها.
ينبغي أن يجد الوهج الوطني و العناية و الرعاية الابوية و أن نعطي حق الشاب أين الحجرية كما نعطي حق شباب المدينة و بدون تعليق نرجوا ان تكون هذه الرسالة فاتحة عهد جديد لإنارة العقول و الابتعاد على القصور و إجتناب الحقرة بمناطق الظل و الإقتداء بسامي متابعتكم و إهتمامكم حتى نقص على الرواسب الموروثة و العقليات القديمة و نبني عهد الثقة و الكدّ و العمل و نفتتح الأبواب و العقول لإصغاء للمواطن كما تؤكدون قال الله تعالى. فستذكرون ما اقول لكم و أفوّض أمري إلى الله إنّ الله بصير بالعباد. صدق الله العظيم.
ملاحظة هامة :
لو كانت ملفات أبناء الحجارة طالبي الشغل في سلك التعليم عند سياستكم يا سيادة الرئيس لحصلوا على العمل بعد الوعد بساعة فقط . لكن مازالت عقلية أرجع غدا هي السائدة و هذا لا يتماشى مع سياستكم يا سيادة الرئيس و هل المسؤول الذي لا يعير أي اهتمام برسائل المواطنين هو جدير بتحمل المسؤولية. و الله ولي التوفيق
بقلم محمد العروسي الهاني مناضل دستوري
رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا
رواية المرأة السعودية تجذب مثقفي ومثقفات تونس
كمال الكافي- تونس على مدى يومين احتضن المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون بيت الحكمة ضاحية قرطاج لقاء بين اديبات سعوديات واديبات تونسيات. وبعد كلمة عبدالوهاب بوحديبة رئيس المجتمع وكلمة د.ابوبكر باقادر وكيل وزارة الثقافة والاعلام للعلاقات الثقافية الدولية. في حفل الافتتاح انطلقت الجلسات العلمية الاولى برئاسة د.ابوبكر باقادر في حوار حول (التعريف بالرواية النسائية في المملكة العربية السعودية) وضم مداخلات الدكتورة فاطمة الياس وايمان تونسي وختمت الجلسة الاولى د. أميرة الزهراني بمداخلة بعنوان (الرواية النسائية السعودية.. شاهد امين على ميلاد جديد) حيث تحدثت طويلا عن نشأة الرواية النسائية السعودية منذ سنة 1993 حتى سنة 2006 كما تحدثت اميرة الزهراني عن فترة الستينيات والسبعينيات التي كانت شحيحة للمرأة بما كان يصدره الرجل 39 رواية مقابل 13 رواية للمرأة وصولا الى مرحلة التسعينيات الى سنة 2000 وما حققته الكاتبة السعودية من قفزة. واثبة في تلك الفترة اذ بلغ الانتاج الروائي 32 رواية للمرأة مقابل 90 للرجل الكاتب ثم تصاعد الانتاج حتى بلغ ذروته العام الاخير 2006 حيث وقفت الروائية النسائية في مواجهة موازية مع الرواية التي يكتبها الرجل من حيث الانتاج (خمس وعشرون رواية للمرأة مقابل سبع وعشرين للرجل). بعد هذه المداخلة ومناقشتها تم توزيع هدايا تمثلت في مجموعات من الروايات من الكاتبات السعوديات الحاضرات بالاضافة الى الحلويات السعودية والقهوة السعودية الاصيلة زادت اللقاء حميمية وتقاربا بعد ذلك تواصلت الجلسة العلمية الثانية برئاسة الدكتورة ألفت يوسف ومحورها حول (عالم الاساطير والجنوسة بشهادة رجال عالم) عقبت عليه فاطمة الياس ومسعودة بوبكر وامنة بالحاج يحيى من تونس. اما الجلسة العلمية التي رأستها د.أمل شطا فكان محورها (صورة المرأة في التقاليد والاعراف) شاركت فيها قماشة العليان و د.ايمان التونسي والفت يوسف. اليوم الثاني تواصلت الجلسات في اليوم الثاني بحضور كاتبات ومثقفين وحتى بعض السياسيين القدامى واعلاميين بالإضافة الى اذاعة تونس الثقافية وقد شاركوا في المداخلات ومحاورها المتعددة بدءا بمحور الصدام بين الجنس والسيطرة الذكورية عند ليلى الجهني والتي قدمت شهادة حول اعمالها وعقبت على ذلك د. فاطمة الياس والتونسية زهرة الجلاصي ودون استراحة تواصلت الجلسة العلمية الخامسة برئاسة الرواية رجاء عالم بمحور عنوانه (الإرهاب والأسرة والمرأة) قدمته بدرية البشير بالاضافة الى تقديم شهادة حول اعمالها الروائية عقبت على ذلك أميرة الزهراني وامال موسى التي ترأست الجلسة العلمية السادسة والاخيرة وكان محورها حول (عالم المرأة الحديثة في مجتمع تقليدي انتقائي) قدمته سارة العليوي وايمان التونسي. استفادة كبرى من جهتها قالت الكاتبة والروائية نبيلة محجوب عن اللقاء: انطباعي جيد؛ لأننا استفدنا أولاً بلقائنا بأخوات تونسيات على مستوى عالٍ من الفكر والعلم. استفدنا من مداخلاتهن، ومن تقدمهن، ومن رؤيتهن لأعمالنا الأدبية التي نحن نتلمّس بها الطريق إلى عالم الفكر والأدب حقيقة وجودنا في بيت الحكمة العريق، شيء نفخر به. وقد شد انتباهي أن المرأة التونسية قدراتها النقدية عالية جدًا، دقيقة في قراءاتها مضيافة. فقد اصطحبتنا سيدة فاضلة تونسية في جولة سياحية إلى بعض المناطق السياحية، كما وجدت الرجل التونسي متعاونًا مع المرأة التونسية، يفخر بها، ويقدّمها، ولا يشعر أنه في الخلف، ولا يشعر أنه مضطهد.. إنما هي آخذة وضعها وحقها، وهذا شيء لافت للنظر لنا من فترة طويلة، قبل أن تأتي إلى هنا. (المصدر: صحيفة « المدينة » (يومية – السعودية) الصادرة يوم 24 ماي 2007)
كاديميون يطالبون بإحياء ذكرى مرور 4 قرون على طرد العرب من الأندلس
تونس – رشيد خشانة طالب مؤرخون وباحثون عرب وأوروبيون بإقامة مؤتمر دولي في السنة 2009 في ذكرى مرور أربعة قرون على طرد العرب من الأندلس يكون محوره «الانعكاسات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية لطرد الموريسكين». جاء هذا في ختام أعمال المؤتمر العالمي الثالث عشر للدراسات الموريسكية الأندلسية الذي أقامته في تونس مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات واللجنة الدولية للدراسات الموريسكية الأندلسية واستمر ثلاثة أيام. وشارك في المؤتمر خمسون باحثاً من اسبانيا وباكستان وبورتو ريكو وتونس والجزائر والشيلي وفرنسا والولايات المتحدة. ودار المؤتمر حول محورين رئيسين هما التأثيرات الشرقية في الأدب الألخميادي الموريسكي وتعاطي محاكم التفتيش مع الموريسكيين الأندلسيين في القرنين السادس عشر والسابع عشر في اسبانيا وأميركا اللاتينية. وقدمت خلال الجـــلسات العلمية التسع للمؤتمر 24 ورقة بالاسبانية والفرنسية، ألقاها باحثون من أجيال مختلفة، وبرز بينـــهم شباب من الجيل الجديد عرضوا آخر ما توصلوا اليه في أبحاثهم في مجال «الموريسكولوجيا»، معالجين بعض الاشكالات المتـــصلة بالمصطلحات الدينية الإسلامية والمســـيحية في المخطوطات الألخمـــيادية وكذـــلك علم الدلالة والسحـــر فـــي الأدب الأخـــميادي. وألقيت خلال المؤتمر أضواء على اللغة العربية لدى الموريسكيين المنفيين من خلال بحث تناول حياة الموريسكي لوقا في ضوء مصير مخطوط كان مفقوداً، وتوقف باحثون آخرون عند الآثار الباقية للمخطوط ودلالاتها تجاه المطبوع في الأوساط الموريسكية في أراغون. وطرحت أسئلة أخرى حول ما اذا كان الموريسكيون واعين عندما كانوا يكتبون باللغة اللاتينية مع أنها كانت في تلك الأيام لغة الكنيسة ومحاكم التفتيش. وبدت الإجابة على السؤال عسيرة لأن اللغة العربية أبصرت موتاً افتراضياً وليس موتاً حقيقياً كون الموريسكيين لم يتخلوا عنها أبداً، وانما حملهم الصراع الديني على تغيير لغتهم. كذلك أشار باحثون الى الفوارق الاجتماعية والثقافية بين الموريسكيين أنفسهم باعتبار وجود متعلمين بينهم وآخرين أميين. ونادى المشاركون في المؤتمر بإنشاء مخبر للبحث من دوره ترجمة مئات الأعمال والأطروحات حول الذاكرة الجماعية للموريسكيين الأندلسيين. لكن باحثين آخرين دعوا للكف عن النظر الى الأدب الأخميادي الموريسكي دائماً في جانبه المتعلق بالجدل الديني فقط، وحضوا على تجاوز تلك النظرة المتفق عليها لإعطائه أهدافاً أخرى أساسية في علاقة مع الفعل السياسي. كما أثيرت مسائل أخرى حول محاكم التفتيش في اسبانيا وأميركا والمقاومة النسائية والشبابية وحول المدجنين، وكذلك حول وضعية الأبحاث والدراسات المعمارية الموريسكية الأندلسية في تونس خلال العقود الثلاثة الأخيرة. وتزامن المؤتمر مع صدور أعمال المؤتمر الثاني عشر للدراسات الموريسكية بعنوان «الصور الأدبية للموريسكيين وكتاباتهم ولغتهــم في القرن الســادس عشر». وكانت مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات نظمت في الســنة 1992 مؤتمراً تاريخياً دولياً لمنــاســـبة ذكرى مرور خمس مئة ســنة على سقوط غرناطة بمشاركة مائة باحث ومؤرخ من بلدان مختلفة. وعُقدت منذئذ سلسلة من المؤتمرات الموريسكية التي نشرت المؤسسة أعمالها. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 ماي 2007)
في الممنوع
//
٢٠٠٧
بقلم: مجدى مهنا
فعلاً.. عظيمة يا مصر.. لقد فازت وعن جدارة واستحقاق بعضوية المجلس العالمي لحقوق الإنسان، بأغلبية ١٦٨ صوتاً من أصوات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو يعد رقماً قياسياً لم تستطع كل دول العالم أن تحققه وأن تصبو إليه.
عظيمة يا مصر، لأنك استطعت تحقيق هذا الفوز الساحق من الجولة الأولي، بينما عجزت دول عريقة في الديمقراطية كالدنمارك وهولندا في الحصول علي العدد الكافي من الأصوات «٩٧+١» للترشح لعضوية هذا المجلس عن منطقة أوروبا الغربية.
الحمد لله أن دول العالم اكتشفت أن حقوق الإنسان في مصر تفوق تلك التي في كل من الدنمارك وهولندا، وأن المواطن المصري يعيش في مناخ من الحريات لا تعرفه أعتي الدول ديمقراطية في العالم، وأنه لا صحة لكل الكلام الفارغ الذي تقوله منظمات المجتمع المدني العاملة في مصر، وتقارير المجالس العالمية المهتمة بحقوق الإنسان في العالم.
مصر فازت من الجولة الأولي، بينما كل من هولندا والدنمارك ستدخلان جولة اقتراع ثانية، لفشلهما في الحصول علي عدد الأصوات التي تؤهل أياً منهما للانضمام إلي المجلس العالمي لحقوق الإنسان.
إيه الحلاوة دي يا ولاد!
عظيمة يا مصر.. لأن رجلك الهمام أحمد أبوالغيط الذي تقدم بطلب انضمام مصر إلي هذا المجلس، استطاع بجهود مضنية أن يقنع دول العالم بأن ملفك في مجال حقوق الإنسان نظيف، فلا يوجد شيء اسمه التعذيب في السجون، ولم يسمع أحد عن قضية عماد الكبير الذي سحل داخل قسم الشرطة، ولم يطبق قانون الطوارئ يوماً واحداً في البلاد، بل لا يوجد أصلاً قانون اسمه الطوارئ، ويعني إيه إحالة المدنيين إلي المحاكم العسكرية، أما الانتخابات فهي نظيفة والمعارضة السياسية تمارس جميع حقوقها،
ومن حق كل فصيل سياسي أن ينشئ حزبه السياسي، ولا وجود للجنة حكومية اسمها لجنة شؤون الأحزاب السياسية، هي التي توافق أو ترفض قيام أي حزب سياسي، كما نجح نظام الحكم في حل مشكلة التيار الإسلامي، فلا يطاردون ولا يلاحقون كالمجرمين، ولا يحالون إلي المحاكم العسكرية.
عظيمة يا مصر.. مهما شكك البعض في نظافة سجلك الحقوقي الإنساني، وعظيمة لأن رجلاً يجلس علي كرسي وزير الداخلية لا يسمح بأي انتهاكات ضد حقوق الإنسان، ولا يضيق الخناق علي منظمات المجتمع المدني، ولم يغلق أبوابها.
عظيمة.. لأن قوات الأمن تسمح بخروج المظاهرات إلي الشوارع، وللأحزاب بإقامة مؤتمراتها الشعبية في قلب الميادين العامة، ولأن مرشح الحزب الوطني في انتخابات رئاسة الجمهورية فاز بنسبة بسيطة، وكاد أن يسقط في الانتخابات أمام المنافسة الشرسة للحاج أحمد الصباحي زعيم حزب الأمة.
عظيمة.. لأن تعليمات وزير الداخلية إلي أجهزته: تعاملوا برفق مع المتظاهرين من أعضاء كفاية، فهم إخوة لكم، واتركوهم يعبرون بحرية عن آرائهم ومواقفهم السياسية. فهذه هي الحرية التي يعشقها والديمقراطية التي يؤمن بها حبيب العادلي.
عظيمة يا مصر.. لأن الحزب الوطني لا يحتكر السلطة لنفسه، ولا تجلس رموزه علي قلوب المصريين بالقوة، ولا يقبل أن يجلس علي مقاعد السلطة أبد الدهر، وعظيمة لأن منصب رئيس الجمهورية لا يحتكره شخص واحد منذ ٢٦ عاماً.
لكل هذه الأسباب وغيرها الكثير، فقد عرفت دول العالم فضلك وكرمك علي الإنسان المصري، وكان فوزك الكاسح بعضوية المجلس العالمي لحقوق الإنسان.
ويا «وكسة» حقوق الإنسان، بعد انضمام مصر إلي مجلسها العالمي!
(المصدر: صحيفة « المصريون » (يومية – مصر) بتاريخ 19 ماي 2007)
الرابط: http://www.almasry-alyoum.com/article.aspx?ArticleID=61353
جنون العودة إلى ما قبل الفطام حول فتوى إرضاع المرأة زميلها في العمل
د. رجاء بن سلامة
أصدر رئيس قسم الحديث بكلّيّة أصول الدّين بجامعة الأزهر فتوى تبيح للمرأة العاملة « بأن ترضع زميلها في العمل منعاً للخلوة المحرمة، إذا كان وجودهما في غرفة مغلقة لا يفتح بابها إلا بواسطة أحدهما ». ثمّ اعتذر عنها مؤخّرا، ولكن يبدو أنّ هذا الاعتذار جاء نتيجة ضغط المؤسّسة الدّينيّة وبعض الفاعلين السّياسيّين، لأنّ صاحب الفتوى حرص في اعتذاره أن يقول للمسلمين ما مفاده أنّه ليس من أهل البدع، فهو قد اتّبع السّلف الذين يقولون برضاع الكبير، بما أنّه أصدر هذه الفتوى » نقلاً عن الأئمة ابن حزم وابن تيمية وابن القيم والشوكاني وأمين خطاب وما استخلصه من كلام ابن حجر.. » وبين إصدار الفتوى والاعتذار حدث هرج ومرج، وتفاوتت ردود الفعل بين الاستنكار والتّعجّب والضّحك، كما أثارت هذه الفتوى استيهامات جنسيّة عبّر عنها الكثير من المعلّقين ممّن منّوا أنفسهم برضاعة زميلاتهم في العمل، أو برضاعة نجمات الإغراء، وبعض هؤلاء لم يخف خيبة أمله بعد الاعتذار عن الفتوى، وعلى نحو لا يخلو من الفكاهة العابثة والمريرة في آن. فما الصّادم والمثير في هذه الفتوى، ولماذا أقامت الدّنيا وأقعدتها؟ هل يكمن المشكل في الفتوى وفي الهوس الدّينيّ أم الأمر أدهى وأمرّ؟
لا شكّ أنّ هذه الفتوى كانت فضيحة، فهي فتوى هذيانيّة مجنونة : كيف يمكن للذّات البشريّة أن تعود القهقرى إلى زمن ما قبل الفطام لكي تعيش فطاما جديدا؟ كيف يمكن تجنّب الشّهوة التي قد تثيرها الخلوة بحلّ من جنسها، أي بحلّ يزيد من إثارة الشّهوة والاستيهامات في مجتمعات ابتعدت رغم كلّ شيء عن المحرّم العتيق المرتبط بالرّضاع؟ كيف يمكن تصوّر مشاهد رضاعة الرّجال من زميلاتهنّ؟ وهل يحدّ من لامعقول الفتوى قول بعض المتفقّهين بضرورة احتلاب ثدي المرأة بدل التقام الرّجل إيّاه بصورة مباشرة؟ كيف يمكن لنظام التّحريم أن يصل في التّحريم حدّا يبيح فيه ما يريد تحريمه؟ كيف يمكن للمرأة العاملة أن تختزل في حيوان ثدييّ حلوب؟ ثمّ إذا كان القصد من الرّضاع تحريم المرأة عملا بمبدإ « يحرم بالرّضاع ما يحرم بالنّسب »، فلماذا يبيح المفتي الزّواج بين « الرّاضع والمرضوعة »؟ ألا تخلق هذه الفتوى في صورة تطبيقها وضعيّة ملتبسة باعثة على الجنون أو الانحراف؟
ألا تدلّ هذه الفتوى على أنّنا لم نفطم بعد في علاقتنا بالماضي وبالأصل؟ أليست مجازا معبّرا عن علاقة مسلمي اليوم بالأصل؟
لنتناول الفتوى من النّاحية الشّكليّة أوّلا، وبقطع النّظر عن قضايا الإعلام والإثارة والبيزنس الدّينيّ، فهي مسائل لست مؤهّلة للخوض فيها. صاحب الفتوى ليس مبدئيّا متطفّلا على الإفتاء، بل هو شيخ من شيوخ إحدى المؤسّسات الدّينيّة الكبرى في العالم الإسلاميّ، وهو مختصّ في الحديث ويجمع بين الوظيفتين الدّينيّة والوظيفة الأكاديميّة بما أنّه « دكتور »، ورئيس قسم. وفتواه ككلّ الفتاوى تقدّم حلاّ من الماضي لوضعيّة جديدة، والوضعيّة الجديدة التي يبدو أنّ الإسلاميّين ورجال الدّين الإسلاميّ لا يحتملونها ويعتبرونها مشكلا في حدّ ذاتها، هي الاختلاط بين الرّجال والنّساء في أماكن العمل.
هناك قوانين مدنيّة ومبادئ أخلاقيّة حديثة تقنّن العلاقات بين الجنسين في أماكن العمل، منها منع التّحرّش الجنسيّ، ومنها امتناع العقلاء من الرّجال من استعمال نفوذهم لاستغلال العاملات الضّعيفات الفقيرات أو لاستغلال من دونهم في المراتبيّة الإداريّة، ومنها الفصل بين الحياة المهنيّة والحياة الشّخصيّة. ولكنّ الفتوى تقدّم نفسها بديلا من الماضي عن الحلول التي ارتضتها الكثير من المجتمعات الحديثة. تُعرض هذه الفتوى من حيث هي فتوى عن المبادئ المدنيّة وعن آليّات مناهضة العنف ضدّ النّساء لتبحث في الماضي عن الحلّ المفترض للإشكال المفترض. وقد مارس صاحب الفتوى عمليّة الاجتهاد بالعودة إلى مصدر من مصادر التّشريع في الإسلام هو الحديث النّبويّ. بل إنّه عاد إلى مرويّات تنصّ عليها أمّهات الكتب، وأخذ بأحد المذهبين المتّصلين بمسألة تعدّ بابا تقليديّا من باب أبواب كتب الفقه والحديث هي مسألة « رضاع الكبير ». فمن القدامى من يشترط وقوع الرّضاع قبل الفطام لتحليل الخلوة وتحريم النّكاح، وهناك من يقول بجواز رضاع الكبير، استنادا إلى حديث متواتر وارد في صحيح مسلم بروايات مختلفة : « عن عائشة رضي الله عنها أن سالماً مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة وأهله في بيته ، فأتت ابنة سهيل النبي صلى الله عليه و سلّم فقالت : إنّ سالماً قد بلغ ما بلغ الرجال ، وعَقَل ما عقلوا ، و إنّه يدخل علينا و إني أظنّ أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئاً ، فقال لها النبي صلى الله عليه و سلّم : ( أرضعيه تحرمي عليه ، و يذهب الذي في نفس أبي حذيفة ) فرجَعَت فقالت : إني قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة. »
وما لم يقله صاحب الفتوى والمعترضون عليه هو وجود آية مفترضة تؤكّد جواز رضاع الكبير، ولكنّ هذه الآية، إضافة إلى آية رجم الزّاني قد أكلتها شاة دخلت تحت سرير الرّسول حسب الحديث الذي ترويه عائشة : » عن عائشة ، قالت : لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا ولقد كان في صحيفة تحت سريري فلما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وتشاغلنا بموته ، دخل داجن فأكله » (صحيح ابن ماجة، الحديث رقم 1580، وقد ذكره ابن حزم في « المحكم » ، وقال عنه إنّه حديث صحيح).
وإضافة إلى ذلك حاول هذا المفتي أن يعمل بشعار الجمع « بين الأصالة والمعاصرة » في شكل تطبيق الفتوى، بأن ابتدع شرط التّدوين، وهو ممّا تفترضه طبيعة العقود في الدّولة الحديثة التي ترتاب من الشّفاهة : فقد صرّح لـ »العربية.نت » أن « إرضاع الكبير يبيح الخلوة ولا يحرم الزّواج، وهو يكون خمس رضعات، وان المرأة في العمل يمكنها أن تخلع الحجاب أو تكشف شعرها أمام من أرضعته، مطالباً توثيق هذا الإرضاع كتابة ورسميًا ويكتب في العقد أن فلانة أرضعت فلانًا.«
ثمّ إنّ هذه الفتوى في انسجام تامّ مع مقرّرات الفقه الإسلاميّ ومقرّرات الفكر الأصوليّ الحديث في شأن العلاقات بين النّساء والرّجال وفي نقطة معيّنة هي افتراض نقص في المناعة لدى الرّجال والنّساء بحيث يكون الشّيطان ثالث الاثنين دائما وأبدا، وتكون المرأة مصدر إنتاج للفتنة، ويكون الرّجل ضحيّة سلبيّة للفتنة. وما ينتج عن هذا المفترض هو إيجاد الحاجز المادّيّ الواقعيّ بين الجنسين، لافتراض عدم كفاية الحاجز النّفسيّ الأخلاقيّ. فهذه الفتوى تكمّل كوكبة من الموانع المتعلّقة بجسد المرأة، هي الحجاب وعدم المصافحة وغضّ النّظر ومنع الخلوة. إنّها تأتي بحلّ من نفس القبيل، ولكنّه حلّ راديكاليّ يجعل المرأة بمثابة الأمّ المحرّمة بالنّسب، وإن بصفة ظرفيّة بما أنّ صاحب الفتوى ترك الباب مفتوحا أمام زوال المحرّم. الحجاب وبقيّة الموانع تحدث حاجزا مادّيّا وفتوى الرّضاع تحاول إنتاج حاجز رمزيّ يمرّ عبر الاتّصال الجسديّ المتمثّل في الرّضاع المتكرّر.
فهذه الفتوى « نموذجيّة » و »عاديّة » من حيث مرجعيّتها وآليّة الاستدلال فيها، وتصوّرها للعلاقات بين الجنسين. وقد طالب الكثير من قرّاء خبر الاعتذار بإقالة الرّجل من مهامّه، وبإخراجه من جامعة الأزهر، أي طالبوا بأن يكون صاحب الفتوى كبشا يقدّم فداء للإسلام ولمؤسّسة الأزهر، وفداء لمؤسّسة الإفتاء نفسها، بحيث يعود كلّ شيء على ما يرام، ويعود شيوخ الدّين الأجلاّء إلى الكلام في الحلال والحرام والمباح والمندوب والمكروه، ويعودون إلى القيام بدور الوساطة بين الخلف والسّلف، وتعود جماهير المسلمين إلى النّهل، وكدت أقول الرّضاع، من بنات أفكار رجال الدّين الرّاسخين في العلم.
إنّها فتوى عاديّة نموذجيّة من حيث آليّات إنتاجها، ولكنّها مع ذلك فتوى مجنونة هاذية، وليس في الأمر تناقض. لأنّ الجمع بين هذين المتناقضين يعني أنّ الجنون والهذيان موجودان في نظام الإفتاء ونظام الاجتهاد ذاته وفي المؤسّسات الدّينيّة نفسها. إنّها بضاعة رجال الدّين الإسلاميّ وقد ردّت إليهم، وهي ثمرة من ثمار هذه العلوم الدّينيّة البائسة التي كان أولى بها أن تدخل التّاريخ، ويهتمّ بها مؤرّخو العلوم أو مؤرّخو القوانين والحياة اليوميّة. إنّها إذ تخضع إلى نظام الاجتهاد والإفتاء تصل بهما إلى حدودهما القصوى التي تبيّن تناقضاتهما الصّارخة، وهو ما يظهر في التّحريم الذي « يتجاوز حدّه إلى أن ينقلب إلى ضدّه »، بحيث يصبح التّحريم مصدرا للمتعة، وهو ما يظهر من خلال نصّ الاعتذار الذي يقول الأمر ونقيضه : يقول صاحب الفتوى إنّ الكثير من الأئمّة يذهبون مذهبه، ويقول مع ذلك إنّ الحجّة النّقليّة المعتمدة لا تتعلّق إلاّ بحالة خاصّة لا يقاس عليها. فما الذي في سيرة الرّسول القوليّة والعمليّة يجوز القياس عليه وما الذي لا يجوز القياس عليه؟ إذا كان أمر الرّسول المرأة بإرضاع الرّجل الذي تبنّته في السّابق « قضيّة عين لم تأت في غيره » ورخصة لا يقاس عليها، فلم لا تكون كلّ الأحكام التي تتعلّق بعصر الرّسول أحكاما خاصّة لا يمكن اتّباعها في عصرنا؟ إذا أخطأ الأئمّة الذين اعتمدهم صاحب الفتوى في رضاع الكبير، فما الضّامن لعدم خطئهم في الأحكام الأخرى التي يريد الإسلاميّون مواصلة العمل بها في الأحوال الشّخصيّة وفي القانون الجنائيّ وغيرهما من ميادين الحياة؟
ما في هذه الفتوى من جنون وإفراط لا يعود إلى أنّها عمّمت حكما لا ينطبق إلاّ على حالة خاصّة. الخلل ليس في الفتوى وحدها، بل في رضاعة الكبير نفسها، وفي نظام الإفتاء نفسه، وفي الممارسة الفقهيّة والاجتهاديّة الحاليّة، وفي علاقة المسلمين الحاليّين بالأصل والذّاكرة والأرشيف. هذه الفتوى هي الإفراط الذي يبيّن اتّجاه الحركة على حدّ عبارة جورج باطاي، والكاريكاتور الذي يفضح العيوب بتضميخها، ليس إلاّ. إنّها فتوى تخضع إلى آلة الاجتهاد العمياء، ولكنّها تفضح هشاشة التّمييز بين العامّ والخاصّ، وهشاشة منطلقات الفقهاء ومطلقاتهم، وتعيد إلى السّطح اللاّمتقرّر الذي انبنت عليه المنظومة الفقهيّة بردمه وإقصائه.
هناك أوّلا مناطق كارثيّة في سيرة رسول الإسلام لا يمكن اعتبارها نموذجا يحتذى، بل يمكن في أحسن الأحوال تفهّمها على أنّها صادرة عن نبيّ إنسان عاش في وضح التّاريخ فعرفنا عنه الكثير، وكان مغرقا في البشريّة في بعض ممارساته الحياتيّة. فمنع الرّسول للتّبنّي إثر إعجابه وزواجه بزينب بنت جحش زوجة ابنه بالتّبنّي زيد بن حارثة من هذه الأمور البشريّة التي أدّت إلى ممارسة رضاع الكبير كما تصوّره النّصوص القديمة، وكما مارسته عائشة زوجته، وكما ابتعثته إلى الوجود الفتوى الأخيرة. ربّما لم يكن لرضاع الكبير الوقع الجنسيّ الذي له اليوم، لأهمّيّة الرّوابط التي لا تنبني على النّسب في ذلك العصر. ولكنّه مع ذلك، وفي ذلك العصر نفسه، يمثّل حلاّ ملتبسا مخبّلا. إنّه حلّ إفراطيّ لمشكل الشّوق البشريّ. فمشكل الشّوق يحلّ بإيجاد الممنوعات، وباللّغة التي تجعل الإنسان يرجئ تحقيق رغباته، ولا يمكن أن يحلّ بوضعيّة تراجعيّة يرتضع فيها الرّجل نهد المرأة حتّى يقتل شوقه إليها.
أن يتمّ إعادة إخراج هذه الحلقات المغرقة في البشريّة اليوم وأن يتمّ تقديمها على أنّها حلول لمشاكلنا الرّاهنة هو إنتاج للاّبشريّ بعينه، إنتاج لما ينفي الذّاتيّة عن الذّات، ويعود بها إلى حالة اللاّكلام واللاّقانون، حالة الآلة المتعويّة العمياء الخالية من الإرادة والتّعقّل.
فالمشكل الذي تطرحه هذه الفتوى ليس التّعصّب والهوس فحسب، بل هو تحويل الدّين إلى عامل انتزاع لبشريّة البشر. ما كان مغرقا في البشريّة في عهد الرّسول يعود لابشريّا في عهدنا، بعد أن تزال عنه هالات المحرّمات العتيقة.
الحجاب يفترض وجود نساء ورجال غير قادرين على التّحكّم في شهواتهم، غير قادرين على استبطان الموانع في نفوسهم. أمّا حديث وفتاوى رضاع الكبير فهي تقطع شوطا أبعد : إنّها لا تختزل المرأة في الأمومة فحسب، بل تختزلها في منزلة حيوانيّة تتمثّل في وظيفة إفراز اللّبن، وتختزل الرّجل في آلة مستمتعة لا تكفي القوانين ولا تكفي الإرادة للحدّ من متعتها، بل لا بدّ من إعادتها إلى حالة الرّضاع ثمّ الفطام، لا بدّ من أن تعود القهقرى لكي تتمّ مسرحة رضاعها وفطامها. لا بدّ أن تعود إلى ما قبل بناء الذّات البشريّة، وما قبل الإخصاء، بما أنّ الفطام هو شكل من أشكال الانفصال بين الأمّ والابن، وبما أنّ الانفصال هو الإخصاء الرّمزيّ الضّروريّ لكي يكون الإنسان إنسانا.
إنّنا مصابون بداء متعلّق بالأرشيف والذّاكرة، فنحن لم نعد قادرين على التّمييز بين ما يجب تذكّره وما يجب نسيانه، لم نعد قادرين على إبداع أوضاع نكون فيها غير مطيعين للأنا الأعلى الآتي من الماضي، لم نعد قادرين على سياسة للأرشيف تجعلنا نتلف أمورا من الماضي ونبقي على أمور. إنّها الذّاكرة عندما تعتلّ وتريد أن تحافظ على كلّ شيء. ترفض النّسيان الذي منه اشتقّ الإنسان في بعض روايات الاشتقاق اللّغويّ. ترفض المحدود والمظروف والنسبيّ.
لا شكّ أنّ هذه الفتوى فرديّة معزولة، وقد تمّ الاعتذار عنها، ولكنّ صدورها والاحتفاء بها علامة مرضيّة فارقة لا يمكن أن نستهين بها، ولعلّها لا تعدو أن تكون عنصرا في « سندروم » عامّ نعيشه اليوم.
هذا الإسلام الذي ننتمي إليه أحببنا أم كرهنا، سواء كنّا مؤمنين أم غير مؤمنين، خرج منه الإرهاب المعولم الحاليّ، وهو ينتج اليوم صورا من اللاّبشريّ منها ما تعبّر عنه هذه الفتوى، وهو إمكان العودة إلى ما قبل الفطام لتأكيد محرّم مشبوه تلتبس فيه المتعة بالقانون. وأفهم صرخات المعقّبين على الفتوى، المعبّرين عن خجلهم، الخائفين من ترجمتها إلى لغات أخرى.
ولذلك فإنّ هذه الفتوى الهذيانيّة ربّما كانت جديرة بمسلمي اليوم ومعبّرة عنهم : فعلاقتهم بالماضي هي علاقة رضاع لا فطام. يريدون ارتضاع ثدي الماضي، بدل قبول الفطام، أي الانفصال التّكوينيّ الذي يجعل البشر بشرا يخرجون من الأصل لكي يبتنوا حياتهم الحاضرة والآتية. يريدون مسرحة العودة إلى ما قبل الفطام، لأنّهم لا ينهضون بعبئه.
نشر في موقع « الأوان »
http://www.alawan.com/index.php?option=com_content&task=view&id=477&Itemid=10
نقد العقل التنويري
زهير الخويلدي
« إن الأمل لن يكتب لنا إلا بفضل أولئك الذين ليس لهم أمل » والتر بنيامين
السؤال حول أزمة العقل التنويري يحمل في حد ذاته نقدا متنورا للفلسفة المعاصرة وتشكيكا وارتيابا من المصير الذي تردت إليه ولكنه أيضا دعوة إلى بناء تنوير أصيل وتثبت تجريبي من صدق الفرضية التي ترى أن حضارة اقرأ ليست في مهب العولمة كما يقال أو لحظة القطيعة الكارثية كما ينظر إلى ذلك دعاة « نهاية التاريخ » وإطلالة « الإنسان الأخير » بل علامة على أننا « في عصر يسير نحو التنوير » وقابلية التقدم الاجتهادي هي الأكثر ترجيحا من واقعية التقليد المذهبي. ولو اعترض علينا البعض بقولهم أن التنوير الغربي أنتج الاستعمار ونشر العنف والحرب على الصعيد الأممي باسم تعميم دائرة التحضر في العالم وإخراج العديد من الثقافات من حالة الجمود التي هي عليها ودفعها إلى التجدد والحراك فإننا نرد عليهم بما فعلته مدرسة فرانكفورت مع مجتمعها وثقافتها عندما جعلت قلق التفكير يبدد أوهام السلطة ويتحمل عناء الحياة وصوبت سلاح المعقولية ضد اللاعقلانيات الضاغطة وأرجعت النقد إلى حصنه المنيع ليصبح نقدا للنقد وجعلت النظرية النقدية تواجه النظرية التقليدية والعقل التواصلي يحل محل العقل الأداتي فنصل بالتنوير إلى روحه ونعبر بالفن والمخيال والأدب ما لم نعبر عنه بالفلسفة والعلم ونكشف بالتحليل النفسي والسوسيولوجيا عن تحول التقنية إلى إيديولوجيا وانحطاط سياسة المعرفة إلى تسلط ناعم وخبيث يختفي وراء اللغة حينا ويفصح عن نفسه من خلال الدعاية والصورة أحيانا أخرى.
كما أن البعض من نخبنا قد لا تعجبهم نبوءتنا لهول ما نراه من تصدع وتشققات تحصل بين الفينة والأخرى للذات ولتنامي العنف وأشكال التنازع والتقاتل وانتشار وباء التشاؤم والنظرة السوداوية لانسداد الآفاق وبقاء دار لقمان على حالها بل أكثر من ذلك اكتسحت الماضوية الساحة وصارت الرجعية موضة العصر وشكل من أشكال إثبات الذات في مواجهة الأغيار ولمقاومة الأعداء. وقد تحدث البعض عن التحالف مع الاقطاع والاتجاه نحو اليمين النيوليبرالي بأقصى سرعة والقبول بثقافة اقتصاد السوق كأمر واقع لا راد له وما يعني ذلك من تغريب واغتراب وغروب وعولمة وتعولم وأمركة وتأمرك وصارت الشمس عندهم تشرق من الغرب طالما أنها غربت إلى الأبد في الشرق. والحجج التي يقدمها أصحاب هذا الرأي كثيرة أهمها أن التنوير في حضارة اقرأ فشل فشلا ذريعا سواء في الماضي البعيد مع احتماء شيوخ المعتزلة بقلاع الاستبداد السلطاني زمن المأمون واضطهادهم باسم العقل لكل من يخالفهم وضياع كتبهم دون أن ننسى المحنة التي تعرض لها ابن رشد واحراق مجهوده بنار التزمت أو في الماضي القريب لما انقلب السحر على الساحر وخسر العرب والمسلمون معركة النهضة ولم تقدر الخطب الحماسية التي أذاعها الأفغاني وعبده والطهطاوي وخير الدين وأدباء المهجر ولا ليبرالية وداروينية المسيحيين الشوام على إضاءة الطريق نحو الترقي والتقدم بل انتصرت سلفية رشيد رضا وحسن البنا وسيد قطب وحلت الأنظمة القومية الشمولية محل التعددية الحزبية وحركات التحرر العربية التي ناضلت من أجل تحرير الأرض من الاستعمار وإقامة الدولة الأمة. ويجد أصحاب هذا الرأي عزاء آخر لتمرير اليأس والترويج للاستسلام فهم عادة ما يذكرون بالنكبة والنكسة والمحنة والعاصفة والتصحر الذي أصاب الملة في وجودها ويقرون أن جهود أصحاب المشاريع والبدائل الإيديولوجية التي عقبت المنعطفات التاريخية الكبرى التي تعرضت لها الملة كلها لم تجدي نفعا وكانت كالعويل في الصحراء ولم تكترث بها الجماهير والشعوب التي ظلت وفية للغزالي وابن تيمية وابن القيم وابن حنبل والشافعي وظلت حديث صالونات ضيقة ونخب مرتهنة لدوائر سلطوية مكرسة لأشكال متخلفة من الاستبداد.
بيد أن مثل هذه الآراء على وجاهتها ظاهريا تظل مجرد آراء سيئة التفكير ومجانبة للصواب لأن التنوير الزائف فقط هو الذي يتحالف مع الاستبداد وينتج الاستعمار وهذا ما بينه كل من هوركايمر وأدرنو وبلوخ وماركوز وبنيامين وهابرماس وكل منظري مدرسة فرانكفورت في نقدهم لكانط وماركس بينما التنوير الأصيل الذي نراه بصدد التحقق في حضارة اقرأ يقاوم الاستعمار ويفكك قلاع الاستبداد ويوظف من أجل ذلك جميع الأسلحة وتتظافر من أجل تحقيقه كل الجهود ويسير وفق حركة بطيئة وينمو بتؤدة. لكن هل يحتاج التنوير الأصيل إلى نقد أم أن نقد العقل التنويري الحالي هو السبيل إلى بلوغ مرحلة التنوير الأصيل؟
ربما يكون الرأيان مطلوبين في الآن نفسه، فالنقد ضروري وينبغي ألا يتوقف وألا نستثني منه شيء مهما بلغت قداسته سواء الدين أو السياسة أو المجتمع أو الفن كما أن التنوير هو مؤسسة عقلية ومدنية تطلب التقويم والتمييز والتصويب باستمرار حتى يخرج الناس من حالة الوصاية والقصور التي هم مسؤولون عنها. إن الإشكالية التي تطرح على صعيد البحث هي التالية:لمن الأسبقية وبماذا نبدأ بالتنوير أم بالنقد؟ هل ينبغي أن ننقد لكي نعبر عن وصولنا إلى مرحلة التنوير أم أن النقد الحقيقي لا يتم إلا عبر العقل الذي قد بلغ أولا مرحلة التنوير؟
ما نراهن عليه هو ألا نشرع لعقولنا على نحو قبلي وألا نرسم الحدود لفكرنا بصورة مسبقة وألا نشيد أسوارا عالية نسجن داخلها ذواتنا بالمقولات المطلقة ونقبر فيها هوياتنا بالأصول المحكمة ونعمل على ترك الأبواب مفتوحة والنوافذ مشرعة أمام العقل والتجربة من أجل إطلاق ما بهما من طاقة على الخلق والإبداع.
1- التنوير من أجل النقد:
« إن إثارة العقل ضد نفسه وتزويده بالأسلحة في كلا الجانبين ثم بعد ذلك مشاهدة القتال العنيف بينهما بهدوء واستخفاف هو أمر ليس من شأن وجهة النظر الدغمائية بل يبدو عليه مظهر المزاج الشرير المحب للأذى » كانط نقد العقل المحض ص577
ليس النقد بالأمر الهين حتى يخوض فيه من هب ودب ويتباهى بممارسته المتفاخرون بل هو تجربة صعبة ومهمة شاقة تطلب التحقيق والتدقيق وتقتضي العزيمة والحذر. وهيئته على هذا النحو لا تعود لانشداده إلى حبل الأزمة كما درج على ذلك البعض نظرا لقرابة اللفظ الفرنسي critique من ابن عمه crise بل لتمنعه الدائم وتعطله المستمر ومبارحته المتواصلة للحياة اليومية،فالناقد هو مترفع دائما ويتخذ مسافة من الواقع ولذلك نراه متحفزا على التعالي والمفارقة والابتعاد مقيما على خطوط التباين والعتبات منصتا صامتا أكثر منه ثرثارا متكلما. من هذا المنطلق يقوم النقد على إستراتيجية ويتطلب مجموعة من الشروط والمستلزمات أهمها بلوغ العقل مرحلة التنوير،فالقاعد في عالم البداهة لا يخطر بباله أن ما يعرفه هو الدرجة الصفر من المعرفة وادعاءه للحكمة هو عين الجهل لتساوى النقد عنده مع الدينار والدرهم وفي أحسن الأحوال مع النقاش والإفحام وإسقاط الخصوم بالضربة القاضية حتى يعود إلى كهفه فرحا مسرورا أما المتشرد في فيافي العدم والصعلوك المطارد من جميع الملل والنحل الذي يصر على الاهتداء بالنور الذابل المنبعث من مصباحه وسط ضوء النهار الساطع بالمألوف والعادات فانه فارس النقد وملكه المتوج يحمل المطرقة ويحطم قصور المعارف وهي مكتملة البناء،مفعم بالأنوار ومغتبط بتقوى الفكر وذخيرة المعنى. هذا الناقد المتنور يجعل من النور الفطري المنبعث من عقله سلاحه من أجل الهدم والتحطيم والإلغاء والكف والابتعاد حتى يحاصر الأوهام في منابتها ويحمل حملة هوجاء على الأخطاء دون رحمة أو شفقة. المبدع المنعتق من أسر الماضي هو وحده الطائر المحلق فوق ركام الآراء المتطاحنة القادر على تفعيل عملية النقد أما المقلد فهو كالبلبل المغرد المحبوس داخل القفص سجين الكهف يأسف على زمانه الذي مضى عاجز لا يقدر على النهوض لوحده دون متكأ أو مساعدة الآخرين.
التنوير عند كانط شعار حقبة وروح عصر ويعني خروج المرء من القصور الذي سببه بنفسه نتيجة جهله وخوفه واستسلامه للوصاية وخضوعه للسلطة ،أما عند مدرسة فرنكفورت فإنه يعني تنوير العقول وتنوير الأفكار عن طريق الإيضاح والإعلام والاستعلام حتى يصل الناس إلى مرحلة من الاستنارة وتزداد درجة اطلاعهم على الحقائق والأشياء ويكتسبون قدرة لا بأس بها على الفهم والتفهيم. وقد كانت الغاية من التنوير عند مدرسة فرنكفورت إعادة تكوين الوعي الإنساني حتى يكون قادرا على نفي الواقع البائس وفق نظرة نقدية عقلانية تتجدد ذاتيا ومهيأة لبناء مناخ اجتماعي تواصلي مخالف لماهو موجود.
2- النقد من أجل التنوير:
« إن الطاقة الرفضية لمثل هذا النوع من النقد والذي ينزع القناع عن العقل ليس إرادة القوة السافرة الكامنة وراءه بل هو نقد يفترض أن يخلخل القفص الفولاذي الذي تجسدت فيه الحداثة اجتماعيا… »
هابرماس الخطاب الفلسفي في الحداثة -المقدمة
عوض أن نعتقد في عصمة الفقهاء ماضيا وحاضرا وننقل عنهم عن ظهر قلب ونعبر عن انتمائنا إلى الفرقة الناجية ونسير على الصراط المستقيم ونظن مباشرة أن الأشياء معلومة يجدر بنا أن نتخذ من واقعنا مسافة ونبتعد قليلا عن قناعاتنا ونتساءل:كيف ومن أين لنا أن نعرف ما نعرفه؟ وننتقل من سؤال ماذا أعرف؟ وكيف يمكنني أن أعرف؟ إلى سؤال: كيف أعرف؟ وما قيمة ما أعرفه؟
إن النقد يعني عند كان الفحص عن قدرة العقل بوجه عام فيما يتعلق بكل المعارف التي يطمح إلى تحصيلها مستقلا عن كل تجربة ويتحدد النقد كقسم من المنطق يعني بالأحكام ويمكن أن نميز بين أحكام واقع وأحكام قيمة ويفيد معناه المنهجي معالجة مبدأ أو حدث بغاية إعطائه حكما تقييميا مثل نقد الحقيقة في المنطق ونقد الأثر الفني في الجماليات.وقد أعطى كانط معنى عام للنقد وهو المعالجة الحرة والعمومية للقضايا التي تطرح على العقل من تاريخ البشر وبالتالي يتسم هذا النقد بالطابع التحرري العمومي الإنساني ولكنه ما لبث أن نحت مفهوما أكثر تحديدا وهو التفكير في شروط الصلاحية وفي حدودها وبالتالي قلل من شأنه وجعله يتم داخل المثالية الألمانية لا غير ويكتفي بالإجابة عن سؤال: كيف تكون الأحكام التأليفية القبلية ممكنة؟،فضيق من دائرة المعرفة ووسع من دائرة الإيمان.
إن ظل النقد عند كانط نقدا متعاليا موجه نحو العقل والميتافيزيقا متناسيا شروط إمكانه فإن مدرسة فرانكفورت اقتحمت تحت تأثير ماركس بحر النقد المحايث الموجه نحو السياسة والاقتصاد والمجتمع والدين والثقافة الآثمة بأسرها من أجل تفكيك كل أشكال التشويه الذي تتعرض له الحقيقة وكل أشكال الاغتراب الذي يقع فيه الإنسان. لعل أهم مجال يجب إخضاعه للنقد بالنسبة لمدرسة فرنكفورت هو التنوير وريث العقلانية المعاصرة التي انبنت على العلم والتقنية لأن هذا التنوير أدى إلى مضاعفة أشكال الاستبداد في الداخل وتبرير الاستعمار في الخارج والى إنتاج معقولية أداتية ترتكز بالأساس على عقل حسابي موجه من قبل كوجيتو البضاعة ومبدأ المردود.إن نقد العقل التنويري هو استعادة نقدية للعقلانية التي أراد المجتمع الاستهلاكي إخضاعها وتدجينها من أجل الكشف عن كينونة الموجود البشري.فإذا كان الوجود قد وقع طمس حقيقته والإنسان تحول إلى آلة راغبة فان مهمة الناقد التنويري ليس ملاحظة الواقع وتشخيصه وتفسيره بل محاكمة هذا الواقع وإدانته قصد مساعدة البشر على الاعتناء بحياتهم ضمن حقيقة الوجود عبر حمل الأمل والاحتفاظ به. هكذا اكتسب مفهوم النقد عند مدرسة فرنكفورت مضمونا فلسفيا واجتماعيا وسياسيا خصبا بالمقارنة مع النقد المتعالي عند كانط موقع المثالية الألمانية وتمظهر ذلك في عزوفه عن الأجوبة الميتافيزيقية وإثارته لمفارقات وإشكاليات راهنة خاصة وأن » النقد الحقيقي لا يحلل الإجابات بل الأسئلة أي فعالية نظرية تخصيصية أو لنقل فعالية فكرية لعملية تفكير ذاتي للعقل.
المطلوب هو الابتعاد عن التنوير الزائف البهرج الذي يمارس النقد من أجل فرض سلطة دكتاتورية على العقل والمجتمع باسم الحقيقة وما نسعى إلى انجازه هو نقد العقل التنويري من أجل فسح المجال للمواطنين الأحرار في الفضاء العمومي حتى يجرون مداولات يصلون بمقتضاها إلى إجماع حول الحقيقة.
3- في التنوير الأصيل:
« إن شيئا ما يتكلم فقط عندما يتكلم على نحو أصيل أي كما لو كان يقول شيئا ما لي خاصة. وهذا لا يعني أن ما يتكلم بهذه الطريقة يقاس بمعيار يتجاوز التاريخ بل إن ما يتكلم بهذه الطريقة هو الذي يضع المعيار… » غادامير -الحقيقة والمنهج -الخاتمة
المقصود بالتنوير الأصيل أنه يستعمل العقل دون الادعاء بسلطته المطلقة على بقية الملكات الإدراكية ويتحول إلى شجرة من الحكمة العملية وليس إلى قلعة من الاستبداد والتسلط كما يعني التدافع دون تنازع أو صراع والتعارف دون تحارب أو استعمار أي يتخلى عن الميتافيزيقا ويبحث عن الانطولوجيا ،يتجاوز التفسير وينخرط في التأويل،يكسر زجاجة الإتباع والتقليد ويغوص في بحار الاجتهاد والتجديد،ويتحصن بالذات دون التقوقع في الهوية ويقاوم الانعكاسات الخطيرة للتقنية والعلم دون أن يعزف عن ممارستهما.
التنوير الأصيل هو التنوير الذاتي الداخلي الذي يقوم على الاعتراف بالتفاعل المشترك بين مجموعة من العناصر مثل اللغة والدين والفن والتاريخ والفلسفة من أجل بناء وعي نقدي بالزمنية الوجودية التي يعيشها الناس في حقبة تاريخية معينة.هذا النمط من التنوير لا يعتبر الآراء التي يحملها إلينا الزمن من الماضي مجموعة من الأحكام المسبقة ينبغي تحطيمها بل ينطلق منها لكي يحقق فهما متكاملا ،إن المعرفة المسبقة والرأي الموروث والحكم الجاهز كلها شروط إمكان من أجل فهم أفضل للماضي ونقدي جذري للحاضر وتأسيس مشروع في المستقبل.ألم يقل غادامير: » التراث ليس تبريرا لما وصل إلينا من الماضي بل هو إبداع آخر للحياة الأخلاقية والاجتماعية وهو يعتمد على كونه مدركا ومدارا بحرية »؟ أليس التنوير الأصيل هو أن تلتقط فجأة كرة رماها قرينك الأبدي نحو أعماقك رمية لا تخطيء أبدا؟
لكن عندما ننقد العقل التنويري وننقل الحرب من ساحة الفلسفة والعقل إلى ساحة المجتمع والسياسة ألا نسقط في الفوضوية الهدامة ؟ وألا تكون المعقولية الفرينوزيسية التي نتبنها عقلانية مبتورة؟ فكيف ننقل التفكير التأويلي من الظلامية اللاهوتية إلى الفلسفة العقلانية النقدية؟
* كاتب فلسفي
الجزائر و الانتخابات و مصالح النواب
توفيق المديني
لم تكن نتائج الانتخابات التشريعية الجزائرية التي جرت الخميس 17 أيار/ مايو الجاري مفاجأة في شيء، إذ كما كان متوقعاً، فازت أحزاب التحالف الرئاسي الحاكم في الجزائر (جبهة التحريرالوطني ، التجمع الوطني الديمقراطي، حركة مجتمع السلم)، بأغلبية مقاعد البرلمان الجديد،-249 مقعدا من أصل 389 مقعدا-وأتت نتائج الاستحقاق التشريعي الثامن منذ استقلال البلاد، عادية . فقد حصلت جبهة التحرير بزعامة رئيس الوزراء عبدالعزيز بلخادم على المرتبة الأولى بنحو 136مقعداً (بتراجع 63 مقعداً)، وحاز حزب التجمع الوطني الديمقراطي « الأرندي » بقيادة رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى على المرتبة الثانية بنحو 61مقعداً (بزيادة 18 مقعداً)، فيما جاءت حركة مجتمع السلم (حماس)في المرتبة الثالثة بنحو 52مقعداً (بزيادة 14 مقعداً). و يحصد هذان الحزبان مقاعد جديدة على حساب حزب جبهة التحرير الوطني. وجاءت « قائمة الأحرار » في المرتبة الرابعة بنحو 33 مقعداً بزيادة خمسة مقاعد.
ولم تحقق الأحزاب الصغيرة أية انجازات، إذنال حزب العمال اليساري الراديكالي الذي تترأسة السيدة لويزا حنون 26 مقعداً، محتلا المرتبة الخامسة، وبذلك يصبح القوة السياسية الأولى الممثلة في البرلمان بعد أحزاب التحالف الرئاسي ، فيما حل حزب التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية (الإمازيغي العلماني) الذييتزعمه الدكنتور سعيد سعدي ، سادسا،و حصل على 19 مقعداً ،و بذلك يعيد تمثيله في البرلمان بعدما قاطع الانتخابات التشريعية في عام 2002. وانهارت حركة الإصلاح الوطني (اسلامي) التي كان يتزعمها الشيخ جاب الله ، و التي شهدت انشقاقا كبيرا في الفترة الأخيرة ،على 3 مقاعد، مقابل 43 مقعدا في انتخابات 2002.
وقاطع هذه الانتخابات حزب جبهة القوى الاشتراكية بزعامة حسين آيت أحمد الذي عبر عن رفضه صراحة تزكية مسعى السلطات في معالجة أزمة القبائل وأيضاً رفضه ما اعتبره « طعنة في الظهر » بعد إلغاء نتائج الانتخابات المحلية التي فاز بها في منطقة القبائل قبل سنوات بسبب ضغوط حركة العروش البربرية.كما غاب عن هذا الاستحقاق أيضاً الجناح المؤيد للشيخ عبد الله جاب الله ضمن الحزب الإسلامي « حركة الإصلاح الوطني »، الذي قرر مقاطعة الاستحقاق بعد قبول وزارة الداخلية اعتماد قيادة « الحركة التصحيحية » للحركة والتي انقلبت عليه في مؤتمر وطني نظم قبل شهرين في العاصمة لسحب الثقة من جاب الله. وكانت حركة الإصلاح الوطني الحزب الأول المعارض في البرلمان السابق ،وغيابها يعني غياب المعارضة في البرلمان المقبل، علماً أن « أزمة الإصلاح » كانت تفجرت في العام 2004 بعد انقسام قيادة الحركة إلى فصيلين: الأول أيد ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية أخرى بقصد الدخول في الحكومة، والثاني دعم جاب الله في سباق الرئاسة.
وغاب أيضاً عن هذا الاستحقاق رموز « الجبهة الإسلامية للإنقاذ » المنحلة الذين منعوا هذه المرة من المشاركة في المنافسة على عضوية البرلمان، وذلك بحكم « ميثاق السلم والمصالحة الوطنية » الذي تمنع إحدى مواده صراحة مشاركة كل من تورط في الأزمة الوطنية من ممارسة السياسة بأي شكل من الأشكا ل. وأوضح بلخادم في حوار بثه التلفزيون الجزائري قبل أسبوع أن « جبهة الإنقاذ كحزب لم يعد لها وجود قانوني في الساحة السياسية وميثاق المصالحة فصل في عدم السماح لمن تسبب في الأزمة بالعمل السياسي ». ويرى معظم المحللين الغربيين و العرب الذين تابعو ا الانتخابات الجزائرية ، أن عملية الاقتراع لم تخل من حديث التجاوزات والتزوير ،وقالت مصادر مطلعة أن « عملية تزوير واسعة ومفضوحة قد حدثت لمصلحة جبهة التحرير، والتجمع الديمقراطي ،وأن الأمر كاد يتسبب في استقالة جماعية لأعضاء لجنة مراقبة الانتخابات، الأمر الذي جعل رئيس اللجنة السياسية لمراقبتها سعيد بوشعير:الرئيس السابق للمجلس الدستوري ،وهوشخصية قانونية معروفة في الجزائر ، يتولّى هذه المهمّة للمرّة الرابعة منذ تشريعيّات 1997،يصرح بصريح العبارة « ننّا في الجزائر يا جماعة ولسنا في السويد أو النروج »، بمعنى أن أمر التزويرقائم و بشكل مفضوح، يقدم تقريراً مفصلاً للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وُزّع على الصحافة، ثمّ عاد وتراجع عنه بحجّة أنّ « المعلومات التي وردت إليه خاطئة » . و أن يعلن رجل بحجم سعيد بوشعيرة أمام الرأي العام عن حدوث عمليات تزوير، فهذا يعني أن حرب الخلافة بدأت في الجزائر.فالمتهم الأول من تصريحات سعيد بوشعيرة هو رئيس الحكومة الحالي عبد العزيز بلخادم أحد المرشحين الأقوياء لخلافة عبد العزيز بوتفليقة الذي يعاني من المرض، و الذي تتهمه الأجهزة الجزائرية « أنه قريب من الإسلاميين « .
إنّ الأحزاب الجزائريّة المتّهمة دوماً بالتزوير، هي تلك التي تتداول السلطة، مثل « الأفلان » و »الأرندي ». وهما من أركان التحالف الرئاسي الذي انضمت إليه حركة « حماس » الإسلامية، فباتت الأحزاب الثلاثة تتبنّى خطاب بو تفليقة في المناسبات كلّها، أو من غير مناسبة في الكثير من الأحيان . الشيء الأكيد و اللافت في هذه الانتخابات التشريعية الجزائرية هي أن أغلبية الجزائريين قاطعوها، فقد ذكر وزير الداخلية السيد نور الدين يزيد زرهوني، أن نسبة المشاركة 36،51كانت بنحو % .ويقول محللون سياسيون أن نسبة الاقبال على الانتخابات التي جرت الخميس الماضي هي أدنى نسبة إقبال منذ أول انتخابات تجرى على أساس التعددية الحزبية عام 1990.. ويشهد هذا الامتناع عن التصويت من أن الجزائريين لا يعيرون أهمية تذكر لمثل هذه الانتخابات التي تعد ثالث انتخابات برلمانية تجري في الجزائر منذ الغاء نتائج انتخابات عام 1992 التي فازت بها الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة حاليا.
في الواقع ، السلطة الحقيقية في الجزائر يديرها رئيس الدولة و حفنة من مسؤولي أجهزة الأمن .أما البرلمان فهو ليس إلا غرفة تسجيل مراقبة و مسيطر عليها من قبل السلطة التنفيذية . و الناخبون الجزائريون يعرفون هذه الحقيقة.هناك حادثة برلمانية تفسر لنا كل شيء . في العام الماضي تم إفراغ قانون محاربة الفساد في الجزائر من كل محتوى بإلغاء المادة السابعة التي تلزم كل الكوادر العليا في الدولة بالتصريح بممتلكاتهم قبل وفي أثناء تقلدهم مناصبهم. وكان نواب الجمعية الوطنية الجزائرية (البرلمان) رفضوا التصريح بممتلكاتهم، الأمر الذي اعتبره المحللون السياسيون و القانونيون بالموقف الذي يكرس الطلاق التاريخي بين الشعب ومنتخبيه على مستوى أهم مؤسسة في البلاد ..
ومن الواضح أن موقف النواب الجزائريين لا يعكس الرؤية الشفافة التي تقوم على محاربة الفساد،وعلى تمكن الإعلاميين و المنظمات غير الحكومية من التحقيق في أساليب تسيير الشؤون العامة، بل إنه يعكس سلوكا غير منطقي يقوم على الدفاع عن الامتيازات غير المبررة ، و رفض تأسيس الحكم الراشد. وكان امتناع النواب عن الرضوخ للبند المتعلق بالكشف عن الممتلكات قد أثار زوبعة كبيرة في الشارع السياسي والإعلاميالجزائري ،و لاسيما مع تواصل هزال الأداء الرسمي وتردّي الممارسات الإدارية، وسط تزايد فضائح أعوان الدولة والمنتخبين، ومن شأن هذا الامتناع أن يلقي بظلاله في خضم تنامي ظاهرة الرشوة والفساد والمحاباة في الإدارات ومؤسسات الدولة، مع الإشارة إلى أنّ القانون موضع الجدل كان سيعين على محاربة الفساد داخل دواليب الحكم وعموم المؤسسات التنفيذية وأجهزة الدولة بالاعتماد على قاعدة « الحساب والعقاب »، فضلا عن اعتماد « السيرة الذاتية » و »كشوف النقاط »أي عمليات إنهاء مهام المغضوب عليهم، أو شطبهم النهائي من الوظيفة العمومية أو إحالة بعضهم إلى التقاعد.
وقد اعتبر الأخصائيون القانونيون البارزون في الجزائر أن امتناع نواب الشعب عن المصادقة على المادة التي تجبرهم مثل سائر كبار موظفي الدولة، على الكشف عن ممتلكاتهم، هو بكل المقاييس سابقة خطيرة في تاريخ الهيئة التشريعية، ولعل ما يجعل من هذا الامتناع سابقة، معاكسته ومخالفته للاتفاقيات الدولية السارية التي وقعتها الجزائر، على غرار الاتفاقية الإفريقية لمكافحة الرشوة والجرائم الشبيهة العام ،2002 واتفاقية « ميريدا » لمكافحة الرشوة التي وقّعت عليها الجزائر في 2003 في المكسيك، وهي اتفاقيات تنص على تصريح البرلمانيين مع مجمل المسؤولين بالممتلكات، ووضعت آليات جديدة للتحقيق في مسائل الرشوة والفساد وتبييض الأموال، تتقاطع مع ما يشتمل عليه قانون مكافحة الفساد الذي اعتمدته الجزائر، والذي ينطوي على رفع السر البنكي وضمان طرائق ومسالك مرنة للوصول إلى أصول المبالغ والأرصدة المالية الموجودة في البنوك الأجنبية أو المهربة إلى الخارج.
في الجزائر ما بعد الانتخابات،يستمر الغموض حول مرض الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة 70 سنة. فقدسرح الرأي العام الجزائري كعادته في مخياله الإجتماعي ، تشقه مختلف الشائعات المجنونة حول مرض بوتفليقة، وبداية حرب الخلافة.وتنتشر الإشاعات الأكثرذعراهذه الأيام . ويتذكر الجزائريون الأشهر الطويلة من الكتمان الذي ضرب على مرض، ثم رحيل الرئيس بومدين ، في نهاية عام 1978..وفي مثل هذه الحالة يصبح الحذر والشك و والريبة أمورا مقبولة.فرجل الشارع يعتقد أن السلطات الجزائرية تخفي عنه بعض الأسرار.
للرئيس بوتفليقة سابقة مرضية ، إذ كان يشكو من مرض كلوي مزمن ، يتمثل في وجود تجويفات غير سرطانية، يمتد طولها من 1 إلى 10 سنتيمترات . و تعرقل هذه التجويفات العمل الطبيعي للكلي، و يتطلب علاجا منتظما وصارما. وعلى الرغم من مرضه ،إلا أن بوتفليقة يريد أن يعرف كل شيء.وأوضح بلخادم في هذا الصدد أن بوتفليقة يشرف بانتظام على تسيير شؤون بلاده ..ويعتبربوتفليقة من الناجين من تطاحنات الحرب الباردة.ففي زمن تلك الحرب والإستقلالات الإفريقية، كان العالم الثالث على موعد مع الثورة المسلحة . و كان كينيدي متمترس في البيت الأبيض ، و خروتشوف في الكرملين ، و الجنرال ديغول في قصر الإليزيه. وفي فرنسا بدأ الحديث عن جيسكار ديستان ، أما شيراك فقد كان مجهولا. في غضون ذلك ، نالت الجزائر إستقلالها، و كان الشاب بوتفليقة ، بعد أن قضى وقتا قصيرا على رأس وزارة الشباب، و الرياضة ، و السياحة ، استلم وزارة الخارجية لمدة 16 سنة متواصلة، تنقل خلالها بين القدس الشرقية قبل إحتلالها ، و نيويورك ، مرورا ببكين و موسكو، وباريس.لقد كان في كل مكان يدافع عن الجزائر التقدمية في المحافل الدولية ، و التي كانت حلم كل الذين يعتقدون حلول غدا أفضل للشعوب المضطهدة.
وها قد مر أكثر من نصف قرن ، و الرجل نفسه ، الناجي من عهد ولى ، يستلم رئاسة الجزائر في عام 1999، و لازال مستمرا في هذا المنصب، بينما نجد زملائه ، وفي معظمهم ، اختفوامن المسرح،و غيبهم التاريخ أو المرض . وعلى الرغم من أن تاريخه تخللته مرحلة من العبور لصحراء السياسة القاحلة، إلا أن مسيرته، قبل وكما هي بعد 1962، تاريخ إستقلال الجزائر ،تبنت مقولة الجزائر التي تعانق عصرها.و لأنه رئيس دولة فتية ، و من دون تقاليد ثقافية ديمقراطية، يتغلب السياسي أيضا على التاريخ في هذه الحياة الغنية حيث من الصعب جدا على الحقيقة أن تفرض نفسها.
الجزائر تعيش الآن حالة من القلق ،و الترقب، و الإنتظار ،و الخوف من المجهول –المعلوم القادم. و في معظم الأوساط الشعبية ، يقول الجزائريون أن الرئيس بوتفليقة هو الذي جلب لنا السلم بعد عشر سنوات من الحرب الأهلية الطاحنة.فالفضل في وضع حد للإرهاب، والإتيان بالهواتف الجوالة،و إرتفاع أسعار النفط ، وهطول الأمطار، يعود إلى بوتفليقة ، حسب أقوال عامة الناس الذين يمتلكون حسا سياسيا بسيطا. وحتى داخل السلطة الجزائرية لا يجرأ أحد على معرفة الحقيقة. . يقول أحد من السرايا:إن رئيس الدولة أنشا حواجز حوله. فقد ألغى كل الذين لا يمتون إلية بصلة الدم خلال السنوات الماضية..و يبدو أنالجزائر تعاني الآن من الجمود .فالمؤسسات معطلة.و الرئيس بوتفليقة يحتكر السلطات كلها. و النتيجة باتت معروفة : لا يمكن لأحد أن يتخذ قرارا في غيابه.ففي رئاسة الجمهورية ، لا يزال منصب مدير الديوان الرئاسي شاغرا، بعد رحيل الجنرال العربي بلخير، الذي عين سفيرا في الرباط في أكتوبر2005.
وحسب قول مثقف جزائري، تعيش مؤسسة الرئاسة الجزائرية فراغا سياسيا حقيقيا. و لا يوجد الآن سوى « حارس المعبد « ، الجنرال توفيق مديان ، رئيس الإستخبارات العسكرية الجزائرية. و هو الشخص الوحيدالذي لم يتم إزاحته من قبل بوتفليقة، بل إنه حافظ على تأثيره عليه.
(المصدر: صحيفة الخليج :رأي و دراسات الصادرة يوم 23 ماي 2007)
دوامة الفوضى الأمريكية الخلاقة تمتص الوضع الفلسطيني
د. بشير موسي نافع (*) تتسع الفوضي الامريكية بلا هوادة، عاصفة باستقرار المنطقة العربية وشعوبها. ولكن هذه الفوضي ليست فوضي مطلقة، بلا ناظم ولا هدف، كما قد يتصور البعض. هذه فوضي خلاقة ، بمعني أنها تستهدف قوي وأوضاعاً معينة، مهما كان الثمن الذي تدفعه الشعوب، من أجل إعلاء قوي أخري وخلق أوضاع جديدة، مختلفة. وهي فوضي ما كان يمكن لها أن تتحقق لولا وجود قوي وتيارات وشخصيات من أبناء المنطقة، يقف بعضها في مركز موقع القرار، تعمل بكل جهد ممكن لوصولها إلي أهدافها. بل أن جهود وقناعات القوي المحلية تفوق أحياناً جهود وقناعات مهندسي الفوضي الأصليين وراسمي اتجاهاتها. حتي بعد الغزو والاحتلال ما كان للعراق أن ينحدر إلي هذه الفوضي الدموية التي انحدر إليها لولا وجود سياسة دفعته إلي هذا المنحدر. عندما يأتي المحتل إلي بلد موحد، تجمع أبناءه روابط التاريخ والمعتقد والهوية القومية والوطنية، كما المعاش والمصاهرة وآلام الحصار والحرب، ويعيد بناء اجتماعه السياسي علي أساس الجنوب والوسط والشمال، المسلمين وغير المسلمين، السنة والشيعة، والعرب والأكراد، فكيف يمكن لهذا البلد الحفاظ علي وحدته؟ لو أن دولة من أكثر الدول الأوروبية الغربية استقراراً تعرضت لاحتلال كالذي تعرض له العراق، ووجدت نفسها بين عشية وضحاها وقد أقيمت حكومتها وبرلمانها ووزاراتها وجيشها وقواتها الأمنية علي أساس نسب الطوائف والإثنيات التي يتشكل منها الشعب، وسلمت مقاليدها لحفنة من المنتفعين، الذين يمثلون كل ما هو نقيض لأهل الدولة والحكم، فلن تنتهي إلا إلي ما انتهي إليه العراق، وربما ما هو أسوأ. ربما كان صحيحاً أن إدارة الاحتلال لم تكن تخطط ولا هي أرادت أن يصبح العراق ما أصبحه، ولكن الصحيح أيضاً أن المحتلين حملوا معهم من البداية تصوراً لعراق (وللمنطقة ككل) منقسم علي نفسه، عراق مصطنع، ينبغي إعادته إلي مكوناته الأولية. تشظية العراق كانت في صلب مشروع الاحتلال. كل ما في الأمر أن مهندس التشظية فقد السيطرة علي العملية، التي سرعان ما انفجرت في وجه مصداقية وعود الازدهار والديمقراطية التي تعهدها. ويعيش لبنان هو الآخر فوضي من شلل الدولة والحكم والنظام الدستوري، توتر طائفي، انقسام المجتمع السياسي علي نفسه، صدامات دموية وانفجارات وحوادث اغتيال، قوات دولية تحتل كل الجنوب والساحل، ميليشيات تتلقي التدريب هنا وهناك، سلاح يكدس، ومستقبل مفتوح علي ما هو أسوأ. وكما العراق، لم يكن مهندس الفوضي اللبنانية قد وضع في حسابه وصول الأمور إلي ما وصلت إليه. كان يفترض بعد غزو العراق أن تنهار دول بدون أن يتكلف أحد غزوها أو احتلالها، وأن تصوب دول سياساتها بما يتفق وتوازن القوي والتهديدات الماثلة، وأن تعيش دول أخري حالة من الخوف والحصار. وقد كانت سورية علي رأس الدول المستهدفة. وعندما لم ينجح مشروع العراق، وضع سيناريو جديد، سيناريو الحصار اللبناني. خرجت سورية من لبنان ولكن نظامها لم يسقط، ولا سقطت القوي الحليفة لها في لبنان نفسه. ولأن هذه النتيجة لم تكن متوقعة كذلك، فقد كان لابد من اللجوء إلي أداة القمع والتغيير الرئيسية في المنطقة، إلي الدولة العبرية. ولأكثر من شهر في الصيف الماضي، وحتي بعد أن لم يتبق في جدول الأهداف ما يقصف، تعرضت مناطق نفوذ حزب الله وأغلب لبنان لقصف إسرائيلي غير مسبوق، ولاجتياح عسكري طاحن في الجنوب. لم يكن متوقعاً للبنان أن يصمد في مواجهة العدوان؛ ولكن لبنان صمد، رد العدوان، وأدخل الدولة العبرية ذاتها في أزمة. فكان لابد بالتالي أن تعيد سياسة الفوضي إنتاج نفسها، أن تدفع بالانقسام اللبناني الداخلي إلي مرحلة جديدة، أن تكسر القوي المعادية لها بأيدي قوي لبنانية، أو حتي بالإغراق في وحل الفوضي والانقسام. ولا يبدو الوضع الصومالي مختلفاً كثيراً؛ فالنظام الذي حاولت المحاكم الإسلامية إقامته، كان النظام الوحيد الذي حمل للصوماليين أمل الاستقرار وبناء الحياة، للمرة الأولي منذ انهيار النظام الصومالي قبل أكثر من عقدين. ولكن السؤال في واشنطن وعدد من العواصم الغربية لم يكن سؤال مصلحة الصوماليين، بل العلاقة الوهمية بين المحاكم (التي جاء علماؤها من كافة الخلفيات الإسلامية) وتنظيم القاعدة. والمدهش، أنه لا خلال فترة سيطرة إسلاميي المحاكم علي العاصمة مقديشو، ولا بعد إطاحة نظام المحاكم، شهد العالم دليلاً واحداً علي مصداقية نظرية الصلة مع القاعدة. في النهاية، بالطبع، أسقطت المحاكم بغزو خارجي، قادته إثيوبيا، الدولة التي يفصل بينها وبين الصوماليين عداء تاريخي. وربما لم يكن الغزو الإثيوبي ممكناً بدون غطاء من الحكومة الصومالية المؤقتة، أو علي الأصح بعض من أطرافها، وهي الحكومة التي لم يكن لها من سيطرة علي الشأن الصومالي خارج المدينة الصغيرة التي تواجدت فيها. كان المفترض أن تضع هزيمة نظام المحاكم نهاية لها ولمناصريها، ولكن الواقع لم يتطابق مع المفترض، وعاد الصومال إلي دوامة الحرب من جديد، حرب مقاومة الغزاة الإثيوبيين وحرب الصوماليين ضد بعضهم البعض. أمل الاستقرار الذي راود الصوماليين قبل عام، يغرق الآن في حقبة الفوضي المستوردة من الخارج، بعد أن وقفت قوي الخارج تمنع موازين القوي الداخلية من أن تأخذ مجراها. بيد أن أصعب حلقات الفوضي هي تلك التي تكاد تعصف بالحركة الوطنية الفلسطينية. ليس فقط لأن فلسطين هي قضية القضايا للعرب والمسلمين، ولكن أيضاً لأن الفلسطينيين يعتبرون من أكثر الشعوب العربية والإسلامية خبرة ووعياً وقدرة علي النفاذ خلف ظواهر الأمور. الصدامات التي شهدها قطاع غزة بين القوات التابعة لحركة حماس، وبعض أجنحة فتح المسلحة وعناصر الأجهزة الأمنية التابعة للرئيس محمود عباس، مواقع الموت والقتل، والقتل الوحشي أحياناً، تستهدف إطاحة حماس، إدخال الوضع الفلسطيني في حالة من عدم التوازن، وتقديم صورة من الفشل والانهيار والتشظي لكل الحركة الوطنية الفلسطينية. ولكن الفلسطينيين لم يكونوا في وارد هذه الصدامات، علي الأقل بهذه السرعة، بعد شهور قليلة من توقيع مصالحة مكة. الحقيقة، أن مصالحة مكة، وما تبعها من تداعيات عربية، تقع في قلب هذا الانفجار الفلسطيني الداخلي. ثمة خلية شريرة، خلية من مسؤولين عرب كبار، يتوزعون علي عدد من الدول العربية، يجمعهم بالسياسة الامريكية (والإسرائيلية، بالتأكيد) هاجس إعادة رسم خارطة القوة السياسية في عدد من بلدان المنطقة، هاجس الإيمان القاطع بصواب رؤيتهم للأمور وبأن شعوب المنطقة والكثير من قواها لا تعرف حدود الخير والشر كما يعرفونها هم. ولا يبدو أن ثمة سقفا للمدي الذي يمكن لهؤلاء الذهاب إليه في محاولة فرض رؤيتهم علي المنطقة العربية ـ الإسلامية وشعوبها. وكما يعبث هؤلاء بالوضع اللبناني الداخلي، ولا يكترثون بدفع سورية علي ذات الطريق الذي دفعوا إليه العراق، فإنهم يبذلون كل جهد ممكن لإعادة عقارب الساعة الفلسطينية إلي الوراء. بالرغم من اتفاق مكة، بل ربما بسببه، لم يعد ممكناً بالنسبة لهؤلاء احتمال استمرار وجود حماس في الحكومة الفلسطينية، وكان لابد من دفع الوضع الفلسطيني إلي الانفجار، أولاً لتحويل حالة الصراع الداخلي إلي طقس معتاد، يتصاعد قليلاً، قليلاً، إلي مستوي الانفجار الشامل، وثانياً لإسقاط حماس في وحل الفوضي والاصطراع الداخلي، تمهيداً لعزلها شعبياً. التصريحات التي لم يقصد تسريبها للعلن لزعماء عرب كبار حول التهديد الذي تمثله حماس واليأس من التعامل معها، جلوس الرئيس الفلسطيني في رام الله متفرجاً علي صدامات قوي شعبه الدموية، الوهم المضخم الذي روجت له دوائر عربية حول ما يمكن أن تحققه إعادة تفعيل المبادرة العربية، المئات من قوات حرس الرئاسة الفلسطينية، التي فتح لها معبر الحدود المصرية ـ الفلسطينية خصيصاً للعودة من دورة تدريبها في مصر إلي قلب الصراع الدائر في غزة، كلها مؤشرات لا تخفي علي الاتجاه الذي يراد للفلسطينيين الذهاب إليه. فما الذي يغيب عن هذه الفوضي الممتدة، التي تحاول امتصاص الوضع الفلسطيني إلي غمارها؟ يغيب عن مهندسيها، مهندسو الخارج والداخل علي السواء، أن المتغيرات التي تعصف بالمجتمعات العربية ـ الإسلامية والتي أدت إلي بروز قوي مثل المقاومة العراقية، حزب الله، حماس، المحاكم الصومالية، وحتي حركة طالبان، هي متغيرات حقيقية. ربما لن يبقي أي من هذه القوي علي ما هو عليه بعد عام أو عامين، فهذه في النهاية ظواهر تاريخية وليست كيانات مقدسة، وهي بالتالي تؤثر وتتأثر بالظروف الموضوعية المحيطة بها. ولكن التخلص من هذه القوي بعملية جراحية أو بانقلاب سياسي ما ليس ممكناً. الأصوات التي أعطيت لحماس في الانتخابات الفلسطينية الأخيرة هي أصوات حقيقية، انهيار الشرعية الذي تعانيه السلطة الفلسطينية منذ زمن هو انهيار حقيقي، وما تمر به فتح، سياسياً وتنظيمياً، هو أزمة حقيقية وملموسة. تماماً كما أن من المستحيل تجاهل الإنجاز الذي حققته المقاومة الإسلامية في لبنان في ربيع 2000 وفي صيف العام الماضي، أو التعامي عن فشل مشروع الاحتلال في العراق. عقارب الساعة لا تعود إلي الوراء، بغض النظر عما إن كان المستقبل سيكون أفضل أو أسوأ. يغيب عن مهندسيها أن المشروع الأكبر الذي انطلق منذ أكثر من أربعة أعوام لتغيير وجه مجتمعات المنطقة وبنيتها قد أخفق، وأن هذا التوالد لاستراتيجية الفوضي هو في حد ذاته مؤشر إخفاق. عندما يصل وضع الاحتلال في العراق إلي ما وصل إليه، عندما يتهاوي أبطال غزو العراق، أنكلو ـ أمريكيين وعراقيين، الواحد منهم تلو الآخر، فمن العبث محاولة إنقاذ المشروع في لبنان وسورية وفلسطين والصومال. هذه محاولات دموية ومكلفة في الوقت الضائع، محاولات لن تنقذ المشروع، ولن تؤدي إلا إلي مزيد من الآلام لشعوب المنطقة، مزيد من الكراهية علي مستوي علاقات شعوب المنطقة بالولايات المتحدة والقوي الغربية، ومزيد من التطرف في علاقات قوي المنطقة السياسية بعضها بالبعض الآخر. ويغيب عن مهندسيها العرب والمسلمين، وفيما يتعلق بفلسطين علي وجه الخصوص، أنه حتي إن نجحت محاولات إعادة صياغة الخارطة السياسية في الساحة العربية، فإن أهدافهم النهائية غير قابلة للتحقق. القصف المستمر لقطاع غزة، الذي انطلق حتي قبل أن يتوقف إطلاق النار بين الفرقاء الفلسطينيين، هو دليل علي أن القيادة الإسرائيلية لا تريد لا المبادرة العربية ولا شركاء السلام في قيادة السلطة، لا حماس ولا فتح. القيادة الإسرائيلية لا تريد أصلا وجود الشعب الفلسطيني. (*) باحث عربي في التاريخ الحديث (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 24 ماي 2007)
محمد صبار – لندن عن الصفحة 9 من عدد القدس العربي بتاريخ 16 ايار (مايو) 2007 عن كاتب صهيوني عن فرنسي تدخّل في مؤتمر عُقد في تونس تحت شعار المسلمون ضد الاسلاميين قال بأن البابا الالماني كان علي حق عندما حدّث هو الاخر عن قيصر بيزنطي قال بأن محمدا (ص) جاء للعالم بالشر فقط . الحديث ضعيف الاسناد، وتكاد كل حلقاته ان تكون مُتّهمة! البروفيسير اركون زعم ايضا ان المسلمين يمضون الي الشوارع لا الي المكتبات في اشارة الي عاقبة رسوم الدنمرك.لكن الذاهب الي المكتبة، ودون ان يتخصص في التاريخ او علم الاديان المقارن، يخرج بنتيجة بديهية وهي ان: – السرقات الادبية في الكتاب المقدس مكشوفة واستفزازية امام الاستعارات الموجودة في القرآن الكريم. ـ العهد القديم كتاب حروب يزخر بالفخر بالقتل وسفك دماء والتمييز العنصري وهو لا ينافس في هذه المجالات. لا بأس ان نشير الي ان العهد الجديد يخلو تماما من ذلك. ـ المسيحية استفادت من استعمال العنف والقوة في انتشارها اكثر بكثير مما استفاد الاسلام. واعتماد القوة لنشر العقيدة في تاريخ الاسلام كان محدودا في المكان والزمان (عشر سنوات في بضعة آلاف كيلومترات مربعة) بينما دام الامر عشرات المئات من السنين وعلي مساحة جغرافية امتدت علي عشرات آلاف الكيلومترات المربعة في حالة المسيحية. صحيح ان الديانات اللاسماوية تتهم مثيلاتها السماوية بانها جاءت الي العالم بالكثير من الشرور مثل هدر موارد الكوكب والتلوث البيئي والقضاء علي انواع حيوانية ونباتية وغيره كنتيجة لتحريم مظاهر عبادة الطبيعة ونزع قداستها وفصل الانسان عنها. الاسلام آخر ديانة يمكن استجوابها في هذه القضية. وربما سيكون في وضع دفاعي مريح اذا احتج بموقفه من الخلافة في الارض او من الفساد في الارض . لا يمكن ان تصمد هذه القطرات من الحقائق امام غالونات السيد اركون من كلام النظريات الفراغية الفضائية المشحونة في صهاريج الدعاية الاعلامية الصهيونية. لا بأس بالتذكير ان الدعاية التي استطاعت ان تضخم صورة انشتين وتحجب تماما، خلف ستار كثيف من الاساطير، اسماء العلماء الحقيقيين الذين وضعوا اسس الفيزياء، ليس بعزيز عليها ان تفبرك طوابير من المفكرين والبروفسورات في ميادين علمية اقل شأنا. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 23 ماي 2007)
Home – Accueil – الرئيسية