د. منصف المرزوقي: تصريح قدس برس: السلطات العسكرية الجزائرية تحتجز طائرة مدنية تونسية للتحقيق « الشروق » الجزائرية: التحقيق مع طاقم طائرة تونسية نزلت بمطار تلاغمة العسكري د. منصف المرزوقي: التجميع : كيف ولأي هدف. علي شرطاني: أما آن لهذا » الفارس » أن يترجل؟ ! الحبيب أبو وليد المكني: ماذا بقي من الإسلام في برنامج الإسلاميين الديمقراطيين؟ حاتم الشعبوني: كيف نحتفل بذكرى حقوق الإنسان محمد الصالح فليس: ذ كـرى بـأي حذال عـدت….يـا ذ كـرى… ؟ فتحي بن الحاج يحيى: « أكتاف » شكري الصيفي: جبهة الانقاذ المحظورة في الجزائر: أي أفق للعودة السياسية؟ توفيق المديني: رؤية نقدية لمقولة الدولة الفلسطينية الطاهر الأسود: في تقييم جدوى الدكتاتورية (بعد رحيل بينوشيه) اسيا العتروس: في الذكرى 125 لمولد أتاتورك – هل كان الزعيم التركي فضّا في اقتلاعه لغة القرآن واستبدالها بلغة تركية؟
To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
برنامج التلفزة البلجيكية حول الحرّيات في تونس
http://smawebdesign.com/mcgallerypro/show.php?start=0&id=127&video=1
Action Note Blanche / يوم التّدوينة البيضاء / Action Blank Post
يوم الإثنين 25 ديسمبر 2006، يعبّر المدوّنون التّونسيّون عن إحتجاجهم على منع عدد من المدوّنات التّونسيّة و من بينها مدوّنات فلسفة، سامي ١١١ و سمسوم عن النّشر في تونس في الآونة الأخيرة كلّ مدوّن يرغب في التّعبير عن مساندته يستطيع المشاركة في يوم التّدوينة البيضاء و ذلك بأن ينشر تدوينة فارغة بلا عنوان و لا شيء غير ذلك لمدّة 24 ساعة إن لم تتمكّنو من نشر تدوينة فارغة تماما يمكنكم إستعمال نقاط متتابعة لملىء الفراغ من لا يرغب في نشر تدوينة فارغة يستطيع مساندة هذه المبادرة بأن يتوقّف عن التّدوين تماما طوال الفترة المحدّدة لإعلان مشاركتكم قبل التّاريخ المحدّد تستطيعون نشرإعلان أو تدوينة تحتوي على الصّورة الموجودة أعلاه و تحديد مصدرها بإستعمال رابط إلى هذه الصّفحة ، و لذلك يمكنكم إتّباع الطّريقة التّالية
صورة و رابط يمكنكم المساعدة أيضا في بثّ هذه المعلومة لدى بقيّة المدوّنين التّونسيّين و حتّى الأجانب وكلّ من قد يهمّه الأمر
Lundi 25 décembre 2006, les bloggers tunisiens se mobilisent pour protester contre la censure des blogs de Samsoum-Usa, SamiIII et Felsfa et d’autres. L’Action Note Blanche consistera, pour tous les bloggers souhaitant apporter leur soutien, à publier une note vide et rien d’autre (aucune autre note, aucun commentaire) pendant 24h. Si votre hébergeur ne vous permet pas de mettre un post vide, vous pouvez mettre trois points de suspension dans le titre et faire de même dans le corps du post.Ceux qui ne souhaitent pas le faire peuvent soutenir l’action quand même en s’abstenant de publier quoique ce soit pendant ces mêmes 24h. Vous pouvez annoncer votre participation à l’action sur vos blogs avant cette date en utilisant le logo ci-dessus et en mettant un lien vers ce post. Vous pouvez insérer directement le code suivant soit dans le code html de votre post d’annonce ou dans votre template :
Document_Code Votre aide est requise pour faire connaître l’action et ceci en diffusant l’information auprès de tous les bloggers tunisiens, et même auprès de bloggers étrangers et de toute personne qui pourrait être intéressée de le savoir.
=========================
On Monday december 25th, 2006, tunisian bloggers rally to protest against the censorship of some tunisian blogs including Samsoum-Usa, SamiIII , Felsfa and others.
Bloggers who want to show their support can join the Blank Post Action. This action consists in publishing a blank note on their blogs, and nothing else (no posts, no comments) during 24 hours
If you cannot publish a blank note in your blog, you can use suspension points in the title section and also in the note itself.
Those who don’t want to join the action by publishing a blank note can support it by stopping any blogging activity during that day.
You can announce your participation to the action in your blogs before the chosen date by using the logo we designed for it (english version or french version) and linking it to the present post. You can add it in your template or in a special post using the code that you can find in this document :
Your help is needed to make others know about this action, so try to talk about it to any tunisian or foreign blogger or any person that can be interested.
posted by MetallicNaddou at الخميس, ديسمبر 21, 2006
(Source : le blog Attounissia, le 21 décembre 2006)
Lien : http://attounissia.blogspot.com/2006/12/action-note-blanche-action-blank-post.html)
تصريح
باريس في 21 -12- 2006
غادرت اليوم تونس إلى باريس بعد أن قضيت شهرين في إقامة جبرية غير معلنة، حيث تعرضت لحصار بوليسي غير مسبوق، تمثل في تطويق بيتي من قبل أربع سيارات ليلا نهارا، ومنع وتعطيل وإرهاب زواري و،التعرض لي بالقوة يوم 3 ديسمبر لمنعي من الخروج من بيتي ، ثم الاعتداء اللفظي والجسدي من قبل منحرفين جندهم النظام في سوسة والقنطاوي والكاف وهرقلة أي في كل مكان أذهب إليه لإرهابي وإعلامي أن الشارع أصبح محرما علي.
كما تم استدعائي يوم 12 ديسمبر للمثول أمام » قاضي » ما مكلف باتهامي بالتحريض على العصيان المدني ،وهي التهمة التي أتشرف بها ولا أتشرف بالمثول أمام موظف يلعب دورا تعيسا في تمثيلية العدالة الساقطة. وبناء على هذا الرفض توقعت جلبي بالقوة ومنعي اليوم من السفر المقرر سلفا لأسباب عائلية وصحية . وخلافا لكل توقع استطعت المغادرة وهو ما يدل على قيمة القانون في بلادنا الذي يقضي بتحجير السفر على كل متهم وقيمة القضاء المكلف بالسهر على هذا القانون.
ما من شك أن خروجي بهذه الصفة الميسرة هو دليل على رغبة السلطة في تفادي محاكمة هي عاجزة عن تحمل تكلفتها السياسية والإعلامية وأن أمل النظام هو أن الجحيم الذي عشته هذين الشهرين قد لقنني درسا لن أنساه وأنني سأرحل نهائيا.
ما فات العصابة الحاكمة أنني لم أدافع يوما عن أمني ورفاهتي وإنما نذرت نفسي للدفاع عن شرف شعبي الذي أذله جبروت العائلتين الفاسدتين والمفسدتين وبالتالي فإن ما تعرضت له هذه المرة ، وهو قطرة من فيض سابق لن يثنيني عن المواصلة إلى أن تتحرر تونس وتحصل على استقلالها الثاني من المحتل الداخلي,
لقد كلفتني قيادة المؤتمر من أجل الجمهورية بمهمة سياسية في الخارج وحال إتمام هذه المهمة وحالما تسمح ظروفي الشخصية بذلك فإنني سأعود إلى أرض الوطن لأنها أرضي وأرض أبائي وأجدادي وسأعيش عليها مهما كانت شراسة العصابات وأساليبها الحقيرة التي تفضح معدن ومستوى صاحبها.
مجدّدا أهيب بكل التونسيين والتونسيات للخروج من الانتظارية والسلبية والتجند بكل الوسائل السلمية لنصرة وطن لم يعرف في تاريخه الحديث حالة من التأزم والاختناق قدر التي يعيشها اليوم . وليكن شعارنا إلى انتصار المقاومة العائلتين الفاسدتين المفسدتين لا خوف ولا ذلّ بعد اليوم .
منصف المرزوقي
رئيس المؤتمر من أجل الجمهورية .
الجزائر: احتجاز طائرة تونسية هبطت خطأ في مطار عسكري
التحقيق مع طاقم طائرة تونسية نزلت بمطار تلاغمة العسكري
نبذة عن شركة » نوفال إير » التونسية : حادثان لإريرباص خلال الشهرين الماضيين
سميرة بلعمري
samirabelamri@ech-chorouk.com » أل بي تي هخي » هي شركة طيران خاصة مركزها يقع بتونس أسست تحت تسمية » آر ليبرتي تونس » في الـ 6 أكتوبر 1989و هي فرع من شركة طيران فرنسية آر ليبرتي التي أتبتث عدم نجاح ولم تستطع مجاراة شركات الطيران الفرنسية . أعيد هيكلة هذه الشركة التابعة للطيران المدني التونسي في 1995 و يتشكل أسطولها الحديث العمر من طائرات أرباص آ 320 و آ 321 فقط. و للقيام بصيانة أصطولها أسست الشركة في 2001 فرعا فرنسي تونسي أطلق عليه تسمية » أو آ دي أس سوجرما تونس بالشراكة مع أو آ دي أس سوجرما المتواجد مقره في المطار الدولي » المناستير » حبيب بورقيبة. هذه الشركة لها حصة من السوق التونسية بنسبة 32 بالمائة و تتقاسم السوق ذاتها مع شركة كرتاجو آرلاين بنسبة 20 بالمائة و كذا الخطوط الجوية التونسية بنسبة 48 بالمائة . للإشارة فإن شركة » نوفل إير » سجلت مشكلين منذ نشأتها وكان الأول بتاريخ الـ 9 أكتوبر في طائرة الإيرباص أ 321 على مستوى العجلات بعد فترة زمنية قصيرة من الإقلاع ، وفقدت إحدى عجلاتها الأمامية بعد أن حطت على أرضية المطار بطريقة إستعجالية بالمطار الدولي بالمدينة السويسرية جونيف و في الرابع نوفمبر جاء الدور على أ 320 التي توقفت عند عملية الإقلاع في نفس المطار تبعا لاكتشاف تسرب للكيروزان على مستوى جناحها الأيمن .السفارة التونسية » للشروق اليومي » مطار تلاغمة العسكري غير مؤهل لإقلاع الطائرات المدنية
سميرة بلعمري: samirabelamri@ech-chorouk.com أرجعت سفارة الجمهورية التونسية بقاء طائرة » إيرباص أ 320 » التابعة للشركة الخاصة التونسية » نوفل إير » و التي أخطأت الهبوط أمس الأول خلال رحلتها باتجاه الجزائر بمطار تلاغمة العسكري عوض مطار مدينة سطيف المدني إلى أرضية هذا المطار غير المؤهلة لإقلاع الطائرات من هذا النوع ليلا . وأكدت السفارة التونسية في المراسلة التي تلقتها » الشروق اليومي » أمس عقب اتصالنا للاستفسار عن حادثة هبوط الطائرة التونسية التي كانت تقل أعضاء فريق أهلي جدة السعودي أن هبوط الطائرة التونسية بمطار تلاغمة لا يعدو إلا أن يكون هبوط خطأ من قبل طاقم الطائرة . وفيما لم تشر السفارة إلى الطريقة التي لجأت إليها السلطات التونسية لتسوية القضية وتصحيح الخطأ الحاصل مع السلطات العسكرية فقد أكدت هبوط الطائرة التونسية بمطار تلاغمة العسكري وبررت السفارة بقاء طائرة » إيرباص أ 320 » بمطار تلاغمة العسكري إلى طبيعة أرضية المطار التي تجعل هذا النوع من الطائرات غير مؤهلة للطيران ليلا ، فيما أوضحت بأن بقاء الطائرة وطاقمها كاملا بمطار تلاغمة جاء بموجب اتفاق مع السلطات الجزائرية المختصة وإن لم تسم هذه السلطات لا باسم ولا بصفة ، مؤكدة بأن السلطات الجزائرية وفرت عناية كاملة لطاقم الطائرة في انتظار تجهيزها للإقلاع مجددا . للإشارة فإن شركة » نوفل إير » التي تعود لها ملكية طائرة » إيرباص أ 320 » وفرت طائرة أخرى لضمان نقل الفريق السعودي ، فيما لم تحدد السفارة إن كانت الطائرة التي ألقها الفريق السعودي واجهت صعوبات للإقلاع عبر أرضية مطار تلاغمة ، خاصة وأن الطائرة التي وفرتها » نوفل إير » طائرة مدنية كالتي تحتجزها السلطات بالناحية العسكرية الخامسة. طبعة « الشروق » الألكترونية تسبق الطبعة الورقية لقد تحصلت الشروق اليومي على خبر نزول الطائرة التونسية يوم الثلاثاء مساء والذي يتضمن » احتجاز السلطات العسكرية بمدينة تلاغمة ولاية ميلة لا تزال منذ مساء أمس الثلاثاء 19 ديسمبر 2006 طائرة إيرباص « أ.320 » التابعة للشركة الخاصة « نوفال إير » التونسية » في الوقت الذي كانت النسخة الورقية قيد الطبع ولم يكن بالإمكان نشر الخبر إلا على موقع الشروق اليومي الإلكتروني. إن إمكانية الانترنت في تجاوز حدود الزمان والمكان سيجعل منها أكبر تحد أمام الناشرين والقراء على حد سواء، إذ لم يعد من المستساغ – تكنولوجيا – انتظار أكثر من 10 ساعات لإطلاع القراء عن آخر الأخبار خصوصا مع انتشار استخدام الانترنت لدى فئات واسعة من المواطنين. لكن هناك كلمة لا بد منها في هذا المجال، فالنشر الإلكتروني أمامه تحديات أخلاقية أكثر منها مادية أو تكنولوجية ومنها « المهنية » في نقل الأخبار وذكر مصادر الخبر وضرورة إدراك المؤسسات الاقتصادية بأهمية الإشهار في المواقع الإلكترونية والتي حسب عدة دراسات متخصصة ستفوق عائدات الإشهار الإلكتروني عائدات الإشهار الورقي في المستقبل القريب. (المصدر: صحيفة « الشروق » الجزائرية الصادرة يوم 20 ديسمبر 2006) الرابط: http://www.echoroukonline.com/modules.php?name=News&file=article&sid=4214
غرة ذي الحجة اليوم وعيد الأضحى السبت بعد المقبل
التجميع : كيف ولأي هدف.
د. منصف المرزوقي
عندما أتأمل الوضع السياسي العام في بلادنا تأتيني، بحكم تكويني الأصلي، صورا طبية متعددة منها صورة الاختلاجات العضلية (fibrillations musculaires) وهي ارتعاشات فوضوية وسريعة وعابرة للخلايا العضلية يمكن أن تصيب جزءا من الوجه أو الأطراف. وهي بتفرقها وضعفها تستهلك الطاقة ولا تنتج أي عمل لأنها أعجز من أن تحرّك عضوا فما بالك بالجسم الذي لا يتحرك إلا بقرار وإرادة من الدماغ تضبط لكل عضلة مهمتها وتنسق بين مختلف العضلات .
وبلادنا اليوم لا تعرف إلا الاختلاجات العضلية . هي تتخذ على مستوى سلطة مهووسة بالرعب المظاهر المضحكة المبكية التي نعاني منها جميعا: منع هنا وضرب هناك وحصار هذا والجري وراء ذاك…كل هذا وجسم الدولة خامد مشلول يواصل تفككه وتعفنه.
نفس الظاهرة عند المعارضات : بيان شديد اللهجة من هنا ، معركة أمام سجن من هناك ، خطبة عصماء تشفي الغليل في فضائية معروفة وحتى مغمورة ، ندوة في باريس ، صراع بالأيدي مع المليشيا في كلية القيروان ،الخ . ومن نافلة القول حظوظ هذه التحركات المتفرقة والمبعثرة والظرفية لإخراج تونس من الظلمات إلى النور هي نفس حظوظ الاختلاجات العضلية لتحقيق نصر لعدّاء أولمبي في سباق الماراطون … أي معدومة . فالوضع المأساوي الذي تعيشه بلادنا، لن يتغير إلا بوجود إرادة تخطط للحركة الفاعلة و تنسق بين مختلف « العضلات المجتمعية » للمشي في الاتجاه السليم ولو كان طويلا وحافلا بالعقبات.
هذا ما يعود بنا لإشكالية تجميع قوى المعارضات، والظاهرة حاليا من مستوى الاختلاجات العضلية داخل الاختلاجات العضلية.
إن الأمر ليس فقط مسألة فعالية هذه القوى التي تكتسب ثقلا أكبر بتجمعها حسب الطرح المعتاد.هناك شيء أهمّ. إن ما نسعى لتحقيقه ،أي المجتمع التعددي الذي تسيّر شؤونه دولة ديمقراطية، مرتبط أساسا بالانتهاء من الأحادية البغيضة التي قادتنا للوضع الحالي، سواء كانت أحادية الزعيم أو أحادية التنظيم ،أو أحادية الرؤيا المجتمعية.
والقطع الجدّي مع هذه الأحادية يبدأ بتعلم العمل الجماعي المتعدد الأطراف باكرا وإنضاجه طوال فترة المقاومة. إن نجحنا فيه نكون قد سهلنا كثيرا ما سيتبع يوم تنتهي الدكتاتورية، وإن أخفقنا فسيكون الأمر نذيرا بتجددها في شكل أو آخر.
هذه القناعة العميقة هي التي ولّدت عند رفاقي في النضال وعندي شخصيا ثلاث محاولات للتجميع باءت للأسف كلها بالفشل.
1-سنة 1996 وقعت المحاولة الأولى بين مستقلين ( كاتب هذه السطور ، صدري الخياري ) وبين التقدمي الاشتراكي و التكتل وحزب العمّال الشيوعي. دامت النقاشات سنة كاملة وانتهت إلى اتفاق سياسي قررنا الإعلان عنه يوم 9 أبريل 1997 . صبيحة ذلك اليوم سحب طرف إمضاءه دون أي إنذار أو تبرير وانتهى المشروع . هذا ما أدى لاستقالة سهام بن سدرين من حزبها وانخراطها في المجموعة التي قررت تأسيس المجلس الوطني للحريات على أنقاض المشروع المجهض وكبديل مؤقت له.
2- سنة 2001 تأسس الرباعي بين المؤتمر والتكتل والتقدمي والعمّال على أساس عدم الاعتراف بأي ترشح للدكتاتور وعدم القبول بالانخراط في أي انتخابات ينظمها. انتهى التحالف عندما خرج نفس الطرف الذي أفشل المبادرة الأولى على الاتفاق وقبل بالانخراط في اللعبة المغشوشة.
3- سنة 2003 تمّت دعوة كل الأطراف السياسية منها النهضة والمؤتمر والتكتل والتقدمي وحزب العمال والأطراف الحقوقية دون استثناء. وحضر ممثلو هذه الأحزاب والجمعيات،باستثناء الرابطة والعمال
وناقشوا إلى آخر لحظة البيان الختامي الذي كنا نأمل أن يكون منطلق الجبهة الوطنية. للأسف تعللت أطراف بحجج واهية لرفض الانخراط في المشروع التي صاغته في أدق كلماته ثم رفضت الإمضاء عليه في آخر لحظة.
كل هذه الاخفاقات دفعتني للتفكير المعمق حول ظاهرة التجميع .مما انتهيت إليه، وهذه قناعتي إلى اليوم أن محاولة تجميع الطيف السياسي في تونس مطبوعة دوما بخيارين أساسين فاشلين، لا ولن يمكّنا أبدا من بناء أي جبهة حقيقية ضد نظام عصابات الحق العامّ وقررت فيما يخصني القطع معهما نهائيا.
الخيار الخاطئ الأول هو التجميع حسب الأشخاص.
ما تسمعه دوما في هذا المجال هو خطاب من نوع » كيف؟ نترك فلان بماضيه المجيد وفلانة بتاريخها الحافل….إنه أمر لا يعقل ».هكذا أصبحت مشكلة التجميع شبيهة بمشكلة إعداد قائمة المدعويين إلى حفلة زفاف . إياك أن تنسى فلان وعلان و فلانة و إلا سيغضبون ويحتج أصدقائهم وينغصون علينا العرس. أن تكون فلانة من أشدّ المتحمسات للمنهج الاستئصالي، وفلان من الداعين إلى الدخول في كل انتخابات الدكتاتور( للفضح والتمرن والتعريف بالحزب في الجهات)، وعلان من القائلين بالرفض المطلق للنظام، وأن كل هذا لا يشكل فريقا منسجما، فهذا غير مهمّ لأن المطلوب من التجميع ليس أن يكون منسجما وفعالا وإنما أن ….يجمّع . صحيح أنه لو أردنا القيام بندوة فكرية لاستعراض كل اختلافات التونسيين حول مبتدأ الخبر ومنتهاه، فلا خيار غير تنظيم التجميع على هذا المبدأ. لكن إذا كان الهدف خلق أداة تغيير سياسي فالأمر كمحاولة ربط عدد معين من الخيول لجرّ عربة وكل حصان أو فرس يحاول جرّ العربة في اتجاه مخالف لاتجاه الآخر . تصوروا سرعة هذه العربة وما يتكلف قيادتها من شدّ وجذب وحظوظها في وصول الهدف.
الخيار الخاطئ الثاني هو التجميع وفق منطق القاسم المشترك الأصغر.
إنه الفشل الذي جسدته هيئة 18 أكتوبر.
كل من يدافعون عن هذا التجمّع، وخاصة أعضاء النهضة الذين هم اليوم أكبر نصير له ، مقتنعون عن صدق أن التوحد حول المطالب الدنيا خير من لاشيء ،أن « الصغير » يمكن أن يكبر، وأن هذا الإطار هو الذي سيأتي بما لم تستطعه الأوائل وكل ما في الأمر أن نترك له مزيدا من الوقت.
سمّت أم زياد مجموعة 18 أكتوبر »أصحاب الكرامات » لأن نقدهم كان، وربما لا يزال من المحضورات . هنا يجب التنبيه لكون العديد من الأطراف داخل المعارضة أصبحت تواجه النقد بنفس عقلية السلطة أي باعتباره عدوانا شخصيا يجب الردّ عليه بالعتاب في أحسن الأحوال وبالغضب والقطيعة في أسوئها. إنه موقف مرفوض جملة وتفصيلا ،فما نتناقش حوله مصير وطن، وقضية مثل هذه يجب أن تترفع عن الحملات لكن أيضا عن المجاملات. فما يتطلبه حجم الرهان نقاش معمق وتقييم صارم لكل ما نقول وما نفعل و إلا فما الفرق بيننا وبين النظام ؟
من هذا المنطلق، ودون أن يفسد اختلاف الرأي للودّ قضية، يجب الملاحظة :
– أن هذا التجمع لم يجمّع حيث هناك أطراف مثل » المبادرة الديمقراطية » بقيت خارجه،وكذلك عدد من الشخصيات المؤثرة غير المحسوبة على هذا التيار.أما وجود المؤتمر فيه فشكلي ومجرّد » أخذ بالخاطر ». فلا عبد الرؤوف العيادي ولا بقية قيادة المؤتمر ولا أنا شخصيا ننتظر أي شيء من هذا الهيكل الذي لا نريد به أي شرّ ولا ننتظر منه أي خير.
– أن « الصغير » لم يكبر لتتطور طلباته الحقوقية الثلاثة إلى موقف حازم ونهائي يعلن رفض أي شرعية لنظام عصابات الحق العام, بل بالعكس، فالتكتل لا زال يراهن على إمكانية العمل داخل إطار كان دوما بالغ الضيق ويضيق يوما بعد يوم، والتقدمي يستعدّ لمهرجان آخر من « الانتخابات » سنة 2009 تحت جناح الدكتاتورية وفي إطار قواعدها.
– أن خيبة الأمل التي ولّدها كانت بحجم الآمال التي علقت عليها الكثير من الأطراف ومنها كاتب هذه السطور الذي وعده « الموحدون » في نوفمبر من السنة الماضية وعدا قاطعا أنّ » المؤتمر الوطني الديمقراطي » الذي أدعو إليه منذ 1996 سيلتئم في أجل أقصاه جوان 2006 ليصوغ مسودة الدستور المؤقت ويعلن انطلاق الإعداد للبديل السياسي . وعش يا فؤادي بالمنى.
لو حللنا سبب هذا الفشل لاكتشفنا أن الخلل كان هيكليا حيث تم التجميع بين أطراف لها أجندات سياسية على طرفي تقيض كأجندة المؤتمر وأجندة التقدمي ، وعلى طلبات رددناها عبثا عقدين من الزمن على مسامع نظام أطرش لا ولن « يحاور » أحدا إلا بالبوليس و » القضاء » والآن بالمليشيا.
هذا ما يعطي للتجمع وأهدافه صبغة سريالية وهو كمن يسعى لإطفاء حريق بمطالبة مشعله بشيء من التأدب والحياء والكفّ عن فعله الشنيع .
*
لكل هذه الأسباب علينا إعادة طرح موضوع التجميع بصفة مختلفة تماما والكف عن التعلق بالأوهام والمثاليات والسذاجات ولا أتحدث عن سوء النية والتفويض والاستعمال الشخصي عند بعض الأطراف.
عودة للبديهيات وأولها أن الحركة الوطنية الفلسطينية، رغم ما واجهته وتواجه من أهوال، لم تكن يوما موحدة …أن حركة مناهضة الميز العنصري في أفريقيا الجنوبية كانت مقسمة إلى خمسة أحزاب …أنه لا يوجد على امتداد الوطن العربي اليوم معارضة موحدة. فليكفّ الناس عن مطالبة المعارضة التونسية بما لا يوجد ولن يوجد في أي مكان وزمان.
البديهية الثانية التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، انطلاقا من التجارب التي يحفل بها التاريخ، أن التجميع ليس حفل زفاف لا يجب أن ينسى مدعوا مهما -أو هكذا يظنّ نفسه- وإنما تجمع أشخاص لهم نفس التوجه السياسي من الناحية الاستراتجية والتكتيكية لا يهم من يبقى على قارعة الطريق ولو كان من أكبر النجوم النضالية.
البديهية الثالثة أن القضية مرة أخرى ليست التجميع من أجل التجميع ولكن التجميع من أجل حلّ مشكلة سياسية معينة في ظرف معين أي على خيار سياسي واضح . فما هي الخيارات المطروحة علينا اليوم ؟
هناك خياران سياسيان لا ثالث لهما ،إلا لمن لا يفهم أو لا يريد أن يفهم أو يصرّ على تضييع وقته ووقتنا بالبحث عن الطرافة وتلفيق المزيد من الاختلاجات العضلية .
الأول هو خيار من يشخّصون الوضع كأزمة يمكن معالجتها بعدم طرح مسألة شرعية السلطة ، بالثبات على المطالب الحقوقية، بالتحلي بالصبر و » الاعتدال » في المطالبة ، بالبحث عن الدعم الخارجي لحمل النظام على بعض الإصلاحات ، باغتنام كل المواعيد » الانتخابية » للبروز على الساحة،وخاصة بعدم الكفّ عن طلب المشاركة في إطار النظام الحالي.
لمن يمشون في هذا الطريق بطبيعة الحال الحق في خيارهم وفق قانون التعددية في الرؤى والبرامج.
أما الخيار الثاني فهو مبني على عكس المقولات السابقة الذكر: لا شرعية للنظام ، لا جدوى للمطالبة، لا شيء يرجى من الخارج ، لا أمل إلا في القوى الحية ، لا مناص من المواجهة.
المهم أن القائلون بهذا الخيار يتواجدون في كل الأحزاب والتنظيمات، ومنها حركة 18 أكتوبر، فالشرخ بين التيارين لا يمر بين الأحزاب والتنظيمات وإنما داخل كل حزب وتنظيم ،باستثناء المؤتمر الذي لا يوجد فيه قائل واحد بالخيار الأول.
هذا الخيار الذي أدعو إليه بكل قواي وأطلب من كل التونسيين والتونسيات دعمه والانخراط فيه هو أساس تجميع من اختاروه وترك الباب مفتوحا لمن ليسوا جاهزين له الآن وحول مطلقات ثلاثة .
– التشخيص المطلق : نظام لا يصلح ولا يصلح وأداة خراب متواصل ومتسارع للدولة والمجتمع.
– الهدف المطلق: أخذ الحكم لإنهاء هذا التخريب و تأسيس نظام جمهوري وديمقراطي يحقق للشعب سيادته وللمواطن كرامته وللدولة هيبتها وشرعيتها.
– الأداة المطلقة : كل وسائل النضال المدني السلمي.
نعم لا بدّ من فرز الحلول وأصحابها حتى يتخذ كل أحد مكانه في تجمعه ولا نبقى مشلولين إلى الأبد بمحاولة تربيع الدائرة والمزج بين الماء والنار.من حسن الحظ أن الدكتاتور هو الذي عجل بالفرز وأن أحدا لن يستطيع ابتداء من الآن التهرب من الخيار الصعب.
نعم علينا وضع الآليات التي ستسمح بتحريك الجسم المعطل وهي القيادة والخطّ والخطة.
آه نسيت أن أقول لكم أن الاختلاجات العضلية في الطب ظاهرة مرضية تنذر بوجود خلل في العضلات قد يكون عابرا وبسيطا لكنه يؤدي أحيانا إلى الشلل وحتى إلى الموت.
سوسة 20 -12 -2006
بسم الله الرحمان الرحيم
أما آن لهذا » الفارس » أن يترجل؟ !
فإذا كان من تقاليد القضاء الموظف في خدمة السلطة التنفيذية في أنظمة الإستبداد أن لا تمر أي محاكمة من محاكمات الرأي التي هي من خصوصياتها وثوابتها بدون إنزال العقوبة بكل من يتم تقديمه من الضحايا من طرف البوليس السياسي صاحب اليد الطولى بالبلاد والذي منحه نظام تحالف7 نوفمبر الرهيب بتونس تفويضا كاملا وصلاحيات واسعة بل غير محدودة لإحضار في أي وقت من أراد لمجرد الإشتباه في مخالفته نظام الحكم في الرأي، والقيام بأي نشاط لا يرضى عنه ولو كان ذات صبغة إنسانية تجاه من يستحق العون من المجتمع، فإن مسلسل المحاكمات لا يمكن أن ينتهي ما دام هناك من لم تثبت إدانته بما يستوجب إنزال العقوبة البدنية أو المالية أو الإدارية أو بعض هذه العقوبات أو كلها من نفس دوائر القضاء الموجه، بل وما دام هناك إمكانية لإعادة محاكمة نفس الأشخاص من أجل نفس التهم بعد أن يكونوا قد أنهوا مدة العقاب الصادر ضدهم في محاكمات سابقة.
ولا أحد يدري إذا كان استمرار المحاكمات في القضية الواحدة لسنوات طويلة لنفس الأشخاص من أجل نفس التهم هذه المرة هو من قناعة بعض الأطراف التنفيذية ذات النفوذ في نظام تعددت فيه مراكز القوة وكثرت فيه التجاوزات، والتي لا أحد يستطيع أن يضع حدا لاستغلال نفوذها وتجاوزاتها، أو هو قناعة بعض الجهات القضائية الأشد حرصا من الجهات التنفيذية صاحبة النفوذ الأكبر في الأصل في هذا الإتجاه، والتي لها مصلحة في ذلك أو تلبية لرغبة من رغباتها أو استجابة لقناعة من قناعاتها أو إرضاء لجهة من الجهات أو طرف من الأطراف أو فئة من الفئات…على عدم إفلات أي كان خاصة حين يكون إسلامي المرجعية من العقوبة ولو كان بريئا، ولو استمرت نفس المحكمة في مواصلة القضاء في شأنهم بعدم سماع الدعوى لعدم توفر الأدلة وعدم ثبوت الإدانة.
وسواء كان هذا أو ذاك، فإن الأمر واحد. والشيء بالنسبة للمتضررين واحد. وتبقى السلطة التنفيذية هي المسؤولة أولا وآخرا عن تحول السلطات التي جاء الدستور موضحا ومعلنا الفصل بينها، واستقلال بعضها عن بعض إلى سلطة واحدة وإن اختلفت التسميات والوظائف باختزال كل السلطات في شخص فرد واحد الذي هو رئيس الدولة والقائد العام للقوات المسلحة ورئيس المجلس الأعلى للقضاء ورئيس الحزب الحاكم الذي ابتلع الدولة كلها. ليكون هذا الرئيس هو الدولة وهو الوطن والشعب. والكل خادم له وله عليه واجبات ولا حق لأحد عليه إلخ…..
في هذا الإطار تتنزل المحاكمة التي تمر هذه المرة بعامها الخامس. وهي التي انطلقت يوم13/11/2002 والتي أصدرت فيها مختلف مراحل المحكمة بمدينة قفصة حكما جائرا بالسجن مدة 13 شهرا حضوريا على اثنين ممن كانت حقيقة التهمة الموجهة إليهما مد يد المساعدة لزوجة السجين السياسي عبد الحميد الوحيشي الذي كان يقضي بسجون نظام بن علي حكما بالسجن لمدة 14 سنة، والذي ظل طيلة هذه المدة لا يعرف أبناءه الذين تركهم يوم تم إيقافه بتهمة الإنتماء إلى حركة النهضة الإسلامية سنة1990 صغارا لم يبلغوا بعد مرحلة التمييز من العمر ولا يعرفونه، والتي تم تحويلها إلى جمع أموال بدون رخصة والمحافظة على جمعية غير مرخص فيها: وهما علي شرطاني والتلميذ مضر بن جنات الذي لم يكن قد تجاوز الخامسة من عمره لما شن تحالف نظام7 نوفمبر الرهيب الحملة الإرهابية لاستئصال الحركة المتهم بالإحتفاظ بها، وإنهاء تنظيمها وأي نشاط لها بالبلاد، وغيابيا على كل من السيد سيد فرجاني وعباس الشيحي بالمنفى والحكم بعدم سماع الدعوى على من سواهم.
ومنذ انتهاء محكمة الإستئناف بقفصة من النظر في القضية يوم19/3 /2002، أي ليلة أول هجوم عسكري لقوات التحالف الصليبي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على العراق وغزوه، والقضية متواصلة في الحضور على رزنامة القضاء الذي كان ينظر فيها على امتداد أكثر من أربع سنوات ما يقارب الـ15 مرة والنيابة العمومية مصرة على الإبقاء على القضية الباطلة والمنتهية أصلا منذ البداية حية ومتواصلة. وهي بالتعبير عن عدم رضاها بالحكم لا تريد من المحكمة في ما يبدو إلا أن تتراجع في تبرئة ذمة بقية الأخوة الأبرياء والمظلومين حقا من التهم الموجهة إليهم، والحكم مجددا بإدانتهم. ويبدو أنها لا ترضى بدون معاقبتهم بالرغم من كل شيء.
ولذلك فقد كان لها من طول النفس ما جعلها محتفظة بملف القضية الذي ستكون الجلسة المقررة ليوم الجمعة1 ديسمبر 2006 قد استنفذت بها حقها القانوني في التعقيب.وهي المرة الوحيدة التي تنهي فيها النيابة العمومية المرا ت الثلاث المخولة لها قانونا بالتعقيب. والتي تتواصل الدعوة فيها بالحضور لكل من الأخوة الذين مازالت المحكمة ترى أن عدم إدانتهم كان لعدم توفر الأدلة بما يوجب معاقبتهم قانونا وهم:لطفي داسي ومحسن النويشي ورضا عيسى ومحمد فوراتي والدكتور عبد الحلم الزواري وكلهم في حالة سراح بالداخل وسيد فرجاني وعباس الشيحي بالمنفى بالخارج.
وفي ما طلب الدفاع تأخير المحاكمة للإطلاع طلبت النيابة ذلك كذلك لتغيب كل من محسن النويشي والصحفي اللامع محمد الفوراتي الذين لم يحضرا بسبب عدم بلوغها الإستدعاء وباستجابة المحكمة لطلبهما فقد تم تأخير المحاكمة ليوم 22 ديسمبر 2006 .
فإلى متى يمكن لمسلسل محاكمات الرأي الذي لا مبرر لها في بلادنا منذ البداية أن يستمر؟
ولصالح من استمراره ومن المستفيد؟
أفما آن لهذا « الفارس » أن يترجل ولهذه الحملة أن تنتهي؟ !
بقلم:علي شرطاني
قفـصــــة
تونــــــس
ماذا بقي من الإسلام
في برنامج الإسلاميين الديمقراطيين؟
الحبيب أبو وليد المكني
بعد أن طالع أحد الأخوة الكرام ما خطه قلمي حول الدولة المدنية التي تمثل ركنا أساسيا في مشروع الإسلاميين السياسي ،توجه إلى بأسئلة أراها وجيهة لأبعد الحدود قال « : ماذا بقي من الإسلام في هذا المشروع السياسي ؟ ألم يصبح مشروعا بدون طعم ولا رائحة ؟ ألا يجعل ذلك الإسلاميين يسقطون في تبني المشروع العلماني وهم الذين بنوا شرعية وجودهم على معارضة الخيار العلماني المستورد من الغرب ؟ ».
1 ـ الإسلاميون بين التردد و الانطلاق
و الجدير بالذكر أن هذه الأسئلة وغيرها لم تكن أبدا غائبة عن ذهني عندما أفكر في مشروع سياسي للإسلاميين بكون ديمقراطيا لا شبهة فيه حتى يستطيع أن يجلي الغموض و ما يتبعه من شبهات استغلها الخصوم أحسن استغلال و لعلها قد ساهمت مساهمة كبيرة في إطالة عمر الأنظمة الاستبدادية التي تحكم البلاد العربية و إضفاء نوع من المصداقية على المبررات التي تقدمها لحماية ما تسميه بالأمن و الاستقرار ثم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أمكن لها الاستفادة بشكل جيد من مناخ الحرب على الإرهاب الذي لا يتورع الكثير عن وصفه بالإسلامي و الحديث عنه على الأقل كأحد تجليّات الصحوة الإسلامية المعاصرة ، و كنت أقلق كثيرا عندما أستمع لأحد السياسيين المحترفين وهو يلخص البرنامج السياسي للحركات الإسلامية في احتكار الصفة الإسلامية و العمل على فرض تأويل معين للمفاهيم الدينية هو التأويل الأصولي الذي يرفض المتغيرات الجذرية التي حدثت منذ عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى اليوم لينتهي بعجالة إلى كونه مشروعا يهدد مكاسب المرأة المعاصرة و يرسخ أسوء ما تبقى من سمات المجتمع الباطرياركي ( الأبوي) من خلال الدعوة إلى تعدد الزوجات و إعادة إنتاج الدولة الدينية و الاستبداد القروسطي بشكل عام ، وفي المقابل غالبا ما يتيه الإسلاميون في ممارسة خطاب تمجيدي للتجربة التاريخية للمسلمين في الحكم خاصة منها ما يتعلق بالخلافة الراشدة لينتهوا إلى خلاصة سريعة مفادها أن مشاكل الأمة كلها ترتبت عن التنكر لمنهاج النبوة و الخلفاء الراشدين متناسين أن الموضوع اليوم لا يتعلق بتقديم تفسيرات لما وقع من انحرافات تاريخية ولكنه عمل و تدبير من أجل رفع تحديات الحاضر و التخطيط لمستقبل مشرق ، وعندما يتجرأ بعضهم لمواجهة حقيقية لمشاكل العصر انطلاقا من الثوابت الإسلامية واستيعابا لثقافة الحداثة كما يفعل الشيخ راشد الغنوشي و فهمي الهويدي و أحمد كمال أبو المجد و الشيخ القرضاوي و محمد عمارة و فتحي عثمان وعماد الدين خليل و غيرهم يصعد إلى السطح تيار الطهر و النقاء فيدعي أنه الناطق الرسمي باسم الإله في الأرض ويرتب جملة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ليخرج هؤلاء من الملة ويعلن وصايته على الدين و على المؤمنين و الحرب على التيار الوطني ويعيدنا إلى نقطة الصفر بما يعني صرف طاقاتنا في الرد على الشبهات التي لن تنتهي .تلك هي أهم ملامح الطريق التي يتحرك فيه كل من يفكر في بلورة مشروع سياسي من منطلق إسلامي وهي طريق كثيرا ما أقنعت سالكيها بالتردد ثم التوقف إيثارا للسلامة أو محافظة على الأنصار الذين هم أميل لدغدغة نبضات القلوب ولدعوة قوامها ترسيخ القيم الدينية و دفاع عن المقدسات منهم لحديث العقل و منطق التاريخ و العصر..
و أحسب أن العيب ليس كله فيهم ولكن في الظروف الموضوعية التي أحاطت بهم وجعلتهم لا يخرجون من معركة حتى يدخلون أخرى مع ما يصحب ذلك من عدم إعطاء الفرصة لهم حتى تتراكم التجارب وتتحول إلى معرفة وثقافة قابلة للتنزيل و الاختبار في الواقع ، فعندما يعطى هؤلاء الفرصة الحقيقية قد يتفوقون على غيرهم في معالجة المشاكل و إيجاد الحلول وليس أدل على ذلك من تجربة حزب العدالة و التنمية التركي الذي ينجح الآن في مواجهة كل التحديات ويحقق نتائج إيجابية على مستوى تدبير الدولة و النهوض باقتصاد البلاد في حين يراوح شقيقه حزب السعادة مكانه كحركة احتجاجية تحسن رفع الشعارات التي لم تثبت جدواها . و الأمل كذلك على حزب العدالة و التنمية المغربي الذي يمارس أمينه العام الدكتور سعد الدين العثماني خطابا سياسيا يدل على تحول نوعي و حقيقي في الخطاب الإسلامي من المرجح في نظري أن يتطور في الاتجاه الصحيح لتنشأ في المغرب مؤسسة سياسية إسلامية قادرة على إحداث التمايز بين مقتضيات الخطاب الدعوي القائم على تفعيل القيم الإسلامية في المجتمع عن طريق تقوية العقيدة الالتزام بحسن أداء طقوس العبادة ــ وهذه لا يمكن أن تكون من مشمولات المؤسسة السياسية ــ ومستلزمات الممارسة السياسية القائمة على المشاركة في التدافع السياسي من أجل الوصول إلى الحكم على أساس برنامج مفصل يزعم القدرة على مواجهة التحديات المفروضة على الوطن و تقديم الحلول للمشاكل القائمة وحسن تدبير أمور الدولة ، فالبرنامج السياسي لا يمكن أن يكون إلا برنامجا وطنيا لا بأس من أن يضع في حسبانه التعاون المثمر مع مختلف مكونات الأمتين العربية والإسلامية إلا أنه برنامج يبنى على فرضية حسن استغلال الموارد البشرية و الاقتصادية المتاحة على مستوى كل قطر .
ولعلني أوضح أهمية هدا المعطى الأخير عندما أسرد جانبا من جوانب حديث جمعني بأحد الإسلاميين المصرين حول الحلول التي يجدها لنهضة الاقتصاد المصري . شدد المحاور الكريم على أن علم الاقتصاد يركز على حل مشكلة الندرة ( أي قلة الموارد وضخامة الحاجيات ) ونحن في العالم الإسلامي ليس لنا هذه المشكلة فخد مثلا مصر و السودان وليبيا بتكامل البلدان الثلاثة مع بعض تتوفر الأرض الزراعية و موارد الطاقة و الخبرات اللازمة و الرساميل اللازمة … قلت : » ولكن هذه الإمكانيات لن تكون متاحة للمخطط الاقتصادي المصري المسلم حتى يضع خططه النظرية وآليات تنفيدها فأي برنامج هو خطط واضحة وآليات تسمح بتنفيذها، وبكل تأكيد لا يستطيع المخطط المصري أن يتجاوز مشكلة الندرة في مصر اعتمادا على أمل في التكامل بين البلدان الثلاثة قد لا يتحقق أبدا والخطط العلمية لا تبنى أبدا على الآمال و لكن تبنى على المعطيات الإحصائية التي تقدمها لمراكز المختصة … »
و أرجو أن يكون القارئ الكريم قد فهم أن المراد هو إبراز النزعة العير الواقعية عند تناول الموضوعات التي تعنى بتحقيق النجاعة في تدبير الدول وهي نزعة غالبة عند الإسلاميين العرب لأنهم قضوا أعمارهم في خوص الاحتجاجات المتواصلة على المظالم التي تقع على رؤوسهم ولم يعطوا إلا فوا ضل أوقاتهم للتدبر في مسائل الحكم و مأسسة الدول ..
و المؤسف أن تستغل ذلك شرائح فاسدة من خصوم الإسلاميين للإقناع بأنهم الأقدر على حفظ الاستقرار وقيادة مسيرة التنمية المتعثرة لأن البديل الذي ترشحه الانتخابات الديمقراطية سيقذف البلاد والعباد في المجهول أو الفوضى وسيشكل تهديدا للأمن والاستقرار على المستويات المحلية والإقليمية والدولية .
و المفرح حقا أن السنوات العشر الأخيرة قدمت نماذج من الإسلاميين نجحوا في تجاوز هذه الملامح التي ظلت تمثل السمات النمطية في خطاب الحركات الإسلامية ، وبعض هؤلاء اثبت جدارة في الحكم مثل رجب اردوغان وإخوانه وبعضهم الآخر يسير بخطى حثيثة ليستوعب دروس التجربة ويعزز مكانته في لعبة السياسة كما هو حال رجال حماس الفلسطينية و غيرهم كثير في الجزائر و المغرب و الأردن و السودان واليمن و مصر و إيران ,…
و بالتالي فالكتابة في هذا الموضوع هي في الحقيقة ليست ابتكارا معرفيا في الساحة الإسلامية بقدر ما هي استخلاص الدروس من تجاربنا المتراكمة في كل هذه الأقطار .
2 ماذا يعني أن نستلهم من الإسلام مشروعا سياسيا؟
المشروع السياسي الإسلامي ليس إعادة لإنتاج نماذج تاريخية مهما كانت أهميتها ، وليس كذلك مشروعا يقتصر على محاولة تفعيل قيم الدين وتطبيق تشريعاته وحدوده وفرض احترامه على الناس دون مراعاة الشرعية الاجتماعية (1) وليس استبعادا لتجارب الآخرين ونتائج بحوثهم العلمية وسجلاتهم القانونية ، بل هو ثمرة اجتهاد تستفيد من كل ذلك في مسار يبحث عن الأصلح و الأرقى ، ويبقى في النهاية اجتهادا قد يخطأ وقد يصيب . فنحن لسنا هنا في مقام ترجمة النصوص الإلهية إلى أوامر سلطوية و آليات تنفيذية تدعي العصمة و تخاطب الجمهور بما عليه أن يفعل وما عليه أن يجتنب بل نحن في مقام الباحث الذي يعتقد أن الإسلام بما هو كتاب وسنة يمكن أن نستلهم منه أفكارا و مواثيق و حلولا تتم صياغتها في برنامج متكامل في ضوء المعرفة الدقيقة لمشاكل المجتمع و متطلباته المرحلية و إمكانياته المتاحة ثم عرض هذا المشروع ليصادق عليه المجتمع أو يرفضه ، وعلى ضوء نتائج صندوق الاقتراع يكون حجم المشاركة في الحكومة بما يعني التأثير في اتخاذ القرار أو البقاء في المعارضة لزيادة إنضاج المشروع و العمل وسط الناس لمزيد التعريف بذلك البرنامج وتوسيع قواعد الحزب ، والمساهمة في نفس الوقت في صيانة السلم الاجتماعي والدفاع عن المظلومين و الوقوف في وجه جنوح السلطة نحو التغول و الاستبداد و التصدي لظواهر الفساد…
الأمر لا يتعلق بما يسميه البعض اختطاف الإسلام من صاحبه الشرعي ـ المجتمع ـ والدخول به في معركة التنافس على السلطة بما يعني بوجه من الوجوه نفي الصفة الإسلامية عن بقية مكونات الخريطة السياسية وخلق ذلك التوجس الكبير لدى النخب الوطنية و العلمانية التي لن تقبل أبدا بتجريدها من الإيمان بقيم الإسلام ، ومن حقها في أن تفهم الإسلام على طريقتها ولكنه برنامج سياسي يستند إلى رؤية متكاملة للحياة والكون لا شك أنها تتعارض مع الرؤية الغربية في كثير من الأبعاد لأنها تؤمن بدور السماء في صنع الحياة على الأرض، و تعتقد في أن إصلاح البشر لا يمكن أن ينجح بالاعتماد على تفعيل القيم الوضعية فقط بل ترى أن القيم الوضعية الصالحة تستمد صلوحيتها من القيم الدينية ، و أن الحياة الجماعية لا تقوم فقط على نجاعة الحس المدني ولكنها أيضا على مفهوم العطاء الذي يرجو صاحبه الثواب من الله في الدنيا و الآخرة و إلا سادت الأنانية و الانتهازية وحب الذات وفتح الباب على مصراعيه في طريق الإباحية و الجشع و الاحتكارية و صارت الحرية الفردية تعني فسح المجال أمام الجري وراء اللذة بدون حدود ، حتى وإن وصل الأمر إلى تدمير الذات الإنسانية كما يحصل اليوم من إباحة الشذوذ الجنسي بأنواعه وإباحة المخدرات الخفيفة في بعض الدول ولم تعد مسألة إباحة المخدرات البيضاء في نظر الكثير من الباحثين إلا مسألة موعد لم يحن أوانه .
و الحزب السياسي الإسلامي لا يمكن أن يقوم بدوره إلا إذا انفصل تنظيميا عن هياكل الصحوة الإسلامية في شمولها ليتفرغ نشطاؤه إلى العمل من أجل جمع الخبرات السياسية ، و الانكباب على تحليل الواقع و الأحداث ومتابعة التحولات الجارية على كل صعيد ، ومن تم اكتساب القدرة لفهم مآلات النصوص و استلهام الأفكار التي يمكن صياغتها في شكل مشاريع سياسية أو برامج انتخابية ، وعلى عكس التيارات العلمانية المتطرفة التي تعمل بجد على إقصاء الإسلام عن الحياة العامة وحصر أثرة فيمن يدخل المسجد إن استطاع إليه سبيلا ، فإن الحزب السياسي الإسلامي سيعمل على تفعيل مؤسسة المسجد ـ مع بقائها مستقلة عن كل الأحزاب ـ و تمكينها من القيام بدور فاعل لتهذيب الشارع و تأطير الشباب و حل المشاكل الطارئة بين المواطنين بالحسنى وبالتالي المساهمة في زيادة اللحمة بين أفراد المجتمع و ترسيخ انتمائه لدينة و وطنه وأمته.
(1) أنظر مقال الأستاذ بلال التليدي « حزب العدالة والتنمية :مساهمة في تأسيس خطاب » الذي أعادت نشره تونس نيوز يوم 19 ــ12 ــ06
Benalim17@yahoo.fr
افتتاحية الطريق الجديد كيف نحتفل بذكرى حقوق الإنسان
الـذ كرى الـثامنة و الخمسين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان… ذ كــــــرى بـــأي حـال عـدت….يــــا ذ كــرى… ؟
جبهة الانقاذ المحظورة في الجزائر: أي أفق للعودة السياسية؟
رؤية نقدية لمقولة الدولة الفلسطينية
في الذكرى 125 لمولد أتاتورك:
هل كان الزعيم التركي فضّا في اقتلاعه لغة القرآن واستبدالها بلغة تركية؟
تونس – الصباح
بحضور عدد من الديبلوماسيين والاكاديميين احيت السفارة التركية امس الذكرى 125 لمولد مصطفى كمال اتاتورك وقد كان من الطبيعي جدا ان تستضيف السفارة التركية وجها نسائيا للحديث عن انجازات اتاتورك محرر المراة ونصيرها حيث تولت الاستاذة الجامعية ياقوت ارمك اوزدن من جامعة اسطنبول تقديم محاضرة شيقة حول شخص اتاتورك لم تقطعها سوى الرنات المتكررة للهاتف الجوال التي كانت مصدر ازعاج للحضور وقد اعتمدت ياقوت ارمك في عرضها على عدد من الصور الوثائقية النادرة لاتاتورك الزعيم واتاتورك الانسان في حياته اليومية بعيدا عن القيود والالتزامات السياسية كانت احداها وهو يتأرجح كطفل في ساعات المرح الى جانب عدد من المخطوطات والخرائط التي صاحبت تاسيس الدولة التركية الحديثة فيما قدم السيد الحبيب بولعراس مقاربة لا تخلومن الاثارة ايضا بين اتاتورك وبورقيبة.
وقد اعتبرناجي اكانجي السفير التركي الذي تولى افتتاح اللقاء ان اصدارات كثيرة اهتمت باتاتورك كبطل قومي في مواجهة الاحتلال الاجنبي وفي مواجهة جيوش وقوات اكثر تدريبا وامكانيات من اجل وضع اسس دولة حديثة متطورة اساسها احترام حقوق الانسان واعتبر السفير التركي ان الحديث عن اتاتورك وعن بورقيبة يؤشر للعلاقات التاريخية المشتركة بين البلدين والرغبة في تحقيق اسمى درجات النمو والتقدم…
فهل كانت رغبة اتاتورك في فرض اصلاحاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية اقوى من رغبة الاتراك انفسهم وهل كان اتاتورك فضا في فرض وتيرتها على الاتراك؟
اتاتورك اختار المقاومة
تقول الدكتورة ياقوت ان الظروف والملابسات التي ولد ونشا فيها اتاتورك كان لها دورها في توجهاته الاصلاحية في نهاية القرن التاسع عشرعندما بدات الامبراطورية العثمانية التي كانت تمتد على اكثر من ثلاثة ملايين كيلومتر مربع من الدانوب الى الفرات تتمزق وتتهاوى وتتحول الى الرجل المريض لاوروبا بعد ان ضعف جيشها وتفكك… في هذا المناخ من الانحلال العسكري والصراعات والحروب نشا اتاتورك العسكري الذي رفض معاهدة سيفر واختار المقاومة ضد قوى الاحتلال ليتغلب على الارمن والفرنسيين والايطاليين ويهزم اليونانيين الذين احتلوا ازمير وبعد معركة ساخاريا اختارت القوات البريطانية الهدنة والانسحاب من البلاد وفي كل ذلك لم يكن اتاتورك يخفي رغبته الشديدة في القطع مع قيود الماضي والانسلاخ عن الامبراطورية المحتضرة فكانت البداية بالفصل بين السلطان والخليفة تمهيدا الى الغاء الخلافة الاسلامية واعلان الجمهورية ونقل العاصمة التركية من اسطنبول الى انقرة.
واذا كانت الاصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي خاضها اتاتورك لتعصير وتحرير المراة وبناء الاقتصاد وغيرها قد حظيت بكثير من الاهتمام والدراسات وباتت في كثير من الاحيان محل اقتداء ومتابعة في عديد الدول المتحررة حديثا من قيود الاحتلال فان الانقلاب الذي خطط له اتاتورك وحرص على انجاحه للقطع مع اللغة العربية بل والحرص على استبدالها بحروف تركية تبقى من التجارب التي قلما تكررت في أي بلد اخر.
وتقول الدكتورة ياقوت ان اتاتورك خاض حملة واسعة لفرض اللغة الجديدة بعد اكثر من ستة قرون على سيطرة حروف الهجاء العربية التي تمثل لغة القران في مقر الخلافة الاسلامية
ولعل ما ساعد اتاتورك على تحقيق هذه الخطوة حسب المحاضرة ان نسبة المتعلمين في البلاد لم تكن لتتجاوز ثمانية في المائة وهوما يفسر في نفس الوقت عدم وجود معارضة حقيقية لخيار اتاتورك انذاك ما مهد في نفس الوقت الى فرض حملة واسعة لنشر التعليم باعتماد اللغة التركية الجديدة وفرضها في مختلف الاوساط الرسمية والشعبية والاعلامية وتعتبر الدكتورة ياقة ان هذا الاجراء ساعد على تنشيط حركة الطباعة والنشر حيث تجاوز عدد الكتب التي طبعت خلال عشر سنوات بين 1928 و1938 ما تم طبعه خلال ثلاثة قرون
بين الشرق والغرب
وفي مجمل ردودها حول موقع تركيا اتاتورك اليوم بين الشرق والغرب لا سيما في ظل تفاقم ظاهرة رفض الاتراك الانضمام الى الاتحاد الاوروبي قالت الدكتورة ان موقع تركيا الجغرافي بين الشرق والغرب يجعلها في موقع المستفيد من مختلف الحضارات واعتبرت ان موقف الاتراك المسجل في استطلاعات الراي من مساعي تركيا للانضمام الى الاتحاد الاوروبي مرتبط بتشدد هذه الدول واصرارها على التدخل في الشؤون التركية وحرصهم في نفس الوقت على دفع تركيا لتقديم الكثير من التنازلات القضائية والاقتصادية والعسكرية كذلك بشان قبرص وهوما اعتبر بالنسبة لكثير من الاتراك مهينا لكرامتهم ثم ان كل ذلك ادى الى الاحساس بان الاوروبيين غير جديين ازاء تطلعات تركيا للانضمام الى الاتحاد الاوروبي ولاحظت ان للجيش التركي مكانة خاصة ذلك ان تميزه باعتماد توجهات تقدمية متفتحة من شانه ان يضمن استمرار العلمانية
كسب معركتي التحرر والتنمية
السيد الحبيب بولعراس اعتبر من جانبه الحديث عن اتاتورك بالنسبة لجيله اشبه بالحديث عن حلم شبابي ولكنه لم يكن ليخلو في احيان كثيرة من حنين البعض الى الماضي المجيد ولاحظ في محور حديثه ان اتاتورك لم يكن يقتل الرجل المريض ولكنه كان يواريه التراب ذلك ان الامبراطورية لم تقدم شيئا لمواجهة نصف قرن من الاحتلال واعتبر اتاتورك ربما كان متشددا في فرض اصلاحاته التي راى فيها الكثيرون محاولة للانسلاخ عن تركيا ذات الجذور الاسلامية واعتبر ان المقاربة بين اتاتورك وبورقيبة تفرض نفسها في اطار مسيرة الرجلين التنموية من اجل كسب المعركة ضد الاحتلال ومنها الى كسب معركة التنمية في مواجهة الفقر والتخلف …
تلك اذن صورة من صور كثيرة عن اتاتورك فهو «اب الاتراك» وهو «كمال باشا» وهوايضا«الغازي» القاب مختلفة رافقت مصطفى كمال اتاتورك الزعيم التركي في مراحل مختلفة من مسيرته في بناء تركيا الحديثة على انقاض الامبراطورية العثمانية المتفككة بعد ان غدت توصف بانها الرجل المريض لاوروبا في مرحلة كان العالم يشهد خلالها تطورات سريعة ومتلاحقة في اعقاب الحرب العالمية الاولى التي غيرت حدود الخارطة الدولية واعادة تقسيم التركة بين الاقوياء . واذا كان التاريخ سجل لاتاتورك موقفا معلوما من التحرر عندما اعتبر ان التاريخ لم يسبق له ان سجل استقلال احد بخطط اونصائح الغرباء وان البلد الذي يقع تحت الوصاية يفقد استقلاليته فان الاكيد ان التاريخ قد سجل على اتاتورك انه ربما وحده من تجرا وتجاسر على الغاء استعمال حروف الهجاء العربية رمزالقران من اجل لغة مستحدثة وهي خطوة يشار اليها في مسيرة اتاتورك العلمانية «بفيل دفريمي» اوالثورة اللغوية حيث كان اتاتورك يعتقد ان احد وجوه تركيا الحديثة يقتضي تغييرا راديكاليا للغة التركية وهوما تم تحقيقه في ظرف زمني وجيز لم يعرف له مثيل وقد استقدم اتاتورك لذلك العالم اللغوي لوي بازين وحتى سنة 1928 كان قلة من الاتراك يعتقدون انه سيقدم على استبدال الحروف العربية ولكن اتاتورك فرض كل ثقله لتحقيق هذا الهدف واستحدث من اجله «لجنة لغوية» لوضع حروف تركية منبثقة من اللاتينية وذلك ضمن برنامج سياسي تركي قومي ورفض اتاتورك التدرج في اقحام اللغة الجديدة التي فرضت في الاوساط التربوية والاعلامية في غضون اشهر ويقال ان اتاتورك نفسه كان يجوب القرى والمدن ليتفقد سير الدروس بالاعتماد على اللغة التركية الجديدة بعد منع استعمال اللغة العربية والفارسية فيما تم الغاء لفظ «العثماني» من القاموس الرسمي واعتماد وصف «التركي» كبديل وفي كل ذلك فان اتاتورك الذي كان مفتونا بالثورة الفرنسية ورموزها جعل من المؤسسات الاوروبية مثالا يقتدي به في بناء تركيا الحديثة ولكن وهذا الاهم فان اتاتورك كان يروج لذلك بطريقته الخاصة حتى لا يتهم بتبني وترويج مبادئ الغرب فكان يصر في خطابه الرسمي على التاكيد على ان اصلاحاته نابعة من الجذور التركية ومن التقاليد التركية للقرون الوسطى وللعصور الاسلامية وان كل ما كان يقوم به هوالعودة الى تلك الجدور والى الاصالة التركية هوايضا ما جعله يعتبر نفسه كوريث للسلطان السلجوقي ارسلان الذي هزم البيزنطيين في الاناضول وفتح البلاد امام الاتراك المسلمين . ولاشك ان في المشهد التركي اليوم الممتد بين الشرق والغرب ما يعكس الكثير من ماضي تركيا وكذلك مستقبلها بعد ان اختارت القطيعة مع عالمها الشرقي والاسلامي واختارت نهج الحداثة والعلمانية في سباقها المتواصل للالتحاق بركب الدول المتقدمة ولكن وبرغم كل ما قدمته وتقدمه تركيا من تضحيات فانها لم تنجح بعد في تجاوز عتبة الاتحاد الاوروبي ولا يزال المسار المتبقي امامها طويلا جدا ولا يخلومن التحديات الجسام التي قد تفوق كل ما قدمه اتاتورك حتى الان قبل ان تحضى برضا اوروبا وتقتلع شهادة الانضمام الى ناديها.
اسيا العتروس
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 21 ديسمبر 2006)
في تقييم جدوى الدكتاتورية(بعد رحيل بينوشيه)
الطاهر الأسود،باحث تونسي يقيم في أمريكا الشمالية
إثر وفاة دكتاتور الشيلي السابق عاود الجدل حول تقييم « الدكتاتورية و مساوئها و منافعها » البروز و خاصة في علاقة بمسألة جدوى الدكتاتورية من جهة تحقيق الأمن و النمو الاقتصادي. و السؤال في غاية الأهمية و لهذا تحديدا لا يمكن التعامل معه بمنطق شعاراتي سطحي فحسب من قبيل الاكتفاء بترديد مقولات من نوع « لا أمن في ظل الخوف » و « لا توجد حريات اقتصادية من دون حريات سياسية » و هي المقولات المناسبة لمسيرات شعبية و ليس لبرامج جدية تطرح بدائل جذابة. إن « الأصالة التاريخية » للتصرف الدكتاتوري في أمور الدولة و الوجود الواقعي لعديد الدكتاتوريات في الواقع الراهن و إثباتها قدرتها على البقاء و الاستمرار بل و أيضا ضمان دعم محلي (و لو حتى من خلال الصمت) و دعم دولي بما في ذلك من قبل أنظمة ديمقراطية يحث بالضرورة على محاولة فهم الظاهرة بشكل أكثر جدية و أكثر تجردا من الحسابات السياسية.
إن الوضع في تونس يفتقر بالتحديد لنقاش جدي في علاقة بهذه المسألة. و هو النقاش الذي يمكن أن يحدث حتى لو صمم الطرف الرسمي على الامتناع عنه. حيث يمكن أن يكون الموقف الرسمي جزءا من مواضيع النقاش حتو لو رفض الرسميون الجدل للشعور بعدم جدواه.
من الجهة الرسمية و بغض النظر عن الخطاب الظاهر يبدو أن هناك قناعة جدية لدى الكثيرين أن وضعا دكتاتوريا (أو « حازما » كما ينطقه البعض) يسمح بضمان الأمن و من ثمة بتوفير انضباط سياسي و اجتماعي (نقابي) ضروري لتمرير اجراءات و سياسات محددة (خوصصة، نظام الأجير المؤقت…) وحدها تسمح بحد أدنى من النمو الاقتصادي. و لأن المعادلة الدولية جوهرية في هذا النمو فإن عدم السماح بأي معارضة للاستراتيجية الرسمية الخارجية يسمح بالقيام بأي شيء تقريب دون « ضوضاء غير ضرورية » تضر بـ »المصلحة العامة ». إن أي انفتاح سياسي جدي من وجهة النظر هذه (أي انتفاح يسمح بتعبير سياسي معارض نقدي حقيقي) سيهدد في أقل الاحوال « الاستقرار الاقتصادي و الأمني ». و من هنا بالتحديد توجد أوساط دولية تشارك في هذا الرأي سواء بشكل رسمي (مثلما فعل الرئيس شيراك في تصريحات قليلة الديبلوماسية) أو ضمنيا من خلال الممارسة العملية و طبيعة العلاقة القائمة بين الطرفين.
في المقابل لا يبدو هناك أي رؤية مفصلة تعالج بجدية و بشكل معمق هذه الرؤية. كما لا توجد أي رغبة في نقاش الرؤية الرسمية أعلاه بشكل جدي و غير سياسيوي أي لا يطمح لتسجيل نقاط تعبوية بقدر ما يطمح قبل كل شيء الى فهم الظاهرة. إن الخطاب المعارض للنظام و الذي يتميز بصبغة « حقوقية » باردة و جافة في الأساس لا يعكس رؤية استراتيجية و واقعية للوضع التونسي و يفسر جزئيا على الأقل سبب انحسار القوى المعارضة. إن المسألة المطروحة ليست أخلاقية (من هو « السيئ » و من هو « الجيد ») كما أنها لا تتعلق بـ »الجزاء » الواجب فرضه على « الظالم » حيث تحدث الكثيرون في ذلك و لا أعتقد أن هناك خلاف جدي حول هذا الجانب بما في ذلك من قبل بعض الأطراف الرسمية المؤثرة. إن من الضروري الاجابة الجدية (و ليس « الحقوقية ») على أسئلة بنيوية من نوع: لماذا الدكتاتورية ممكنة و ناجحة حتى لو تعلق ذلك بالمدى « القصير » (الذي يعني أعمار أجيال أحيانا)؟ هل إسقاط الدكتاتورية ممكن في كل الظروف فقط لأن « لا أمن في ظل الخوف »؟ و ما معنى « إسقاط » الدكتاتورية من الناحية العملية: هل يمكن لذلك أن يتحقق من دون مشاركة حقيقية من قبل أوساط الدكتاتوريين أنفسهم؟ هل هناك درجات مختلفة للأنظمة الدكتاتورية: حيث يفرق بعض الباحثين في العلوم السياسية عند تقييم الأنظمة المعاصرة بين أنظمة « توتاليتارية » (Totalitarian) و أخرى « سلطانية » (Sultanic)؟ و هل أن الأنظمة الأخيرة أكثر قدرة على التكيف و تحقيق الشرعية و من ثمة آليات بقائها و زوالها أكثر تعقيدا مما يعتقد البعض؟
مقابل هذه الأسئلة البنيوية تأتي المقالات القصيرة للعدد الأخير لمجلة « الايكنوميست » المحافظة أسفله لتطرح معطيات أولية ليس من جهة تقييم بينوشيه (كنموذج للدكتاتور) كرجل « سيء » أساسا و لكن أيضا من خلال طرح معاني « سوئه » و التي تتخطى التقييم الأخلاقوي و الحقوقي. ولأن « الايكونوميست » كنشرية بريطانية مهتمة بالمسألة لأسبابها الخاصة (الاحساس بالعار من جراء الدعم التاريخي لثاتشر لبينوشيه ثم سماح غرفة اللوردات سنة 1998 بترحيل بينوشيه لاسبانيا) فإن النقاط المطروحة مفيدة خاصة من زاوية مقارنة وضع الشيلي بأوضاع أخرى (الصيني مثلا).
Augusto Pinochet
The passing of a tyrant
Dec 13th 2006 From The Economist print edition
No ifs or buts. Whatever the general did for the economy, he was a bad man.
HIS was not the bloodiest of the military dictatorships that afflicted South America in the 1970s. That accolade belonged to the Argentine junta. Nor was it the longest-lasting: Alfredo Stroessner misgoverned Paraguay for 35 years and Brazil’s collegial military regime lasted for 21. But General Augusto Pinochet, who ruled Chile from 1973 to 1990 and who died last weekend, was the most brutally successful of the dictators. He presided over a viciously effective police state and came to personify a whole era of bloody despotism during the latter stages of the cold war (see article).
The left abhorred him not only because of his brutality but because he overthrew the elected Marxist government of Salvador Allende. The coup in 1973, which had the backing of the United States, ended a democratic tradition in Chile that stretched back to the 1930s. For his defenders both at home and abroad—who not long ago were numerous—he was the saviour of his country. They argue that he rescued Chile from communism and went on to turn it into the fastest-growing economy in Latin America by applying free-market policies that would be imitated in eastern Europe and Asia. General Pinochet hoped that a record of economic success, not just intimidation, would enable him to win a referendum in 1988 and remain in power. Chileans voted instead to restore democracy, by 56% to 43%. The general stayed on as army commander, casting an overbearing shadow. He was finally brought to book, if not quite to trial, thanks to a Spanish judge, Britain’s House of Lords and the courts in Chile.
The Pinochet story raises two uncomfortable questions for liberals. If the coup did indeed rescue Chile from an elected government that was Marxist-dominated—and thus anti-democratic—was it justified? The answer is no. The Allende government generated economic chaos and extreme political tension and would probably have imploded. But the intention of the junta was to crush democracy, not just communism.
The second uncomfortable question is whether Chile’s subsequent economic success was possible only because of dictatorship. Like most Latin American dictators, General Pinochet was instinctively an economic nationalist. But he saw the “Chicago Boys”, a group of free-market economists, as a means to consolidate his personal dictatorship. The radical shrinking of Allende’s bloated state was a way to avoid sharing patronage, and thus power, with the armed forces.
With Chileans cowed, the Chicago Boys could work as if in a laboratory, with no regard for social costs. They made mistakes: a fixed exchange rate and unregulated bank privatisations triggered a massive recession and financial collapse in 1982-83. More pragmatic policies and a renewal of growth followed. But it took the return of democracy in 1990, with its ability to bestow legitimacy, to create an investment-led boom and a large fall in poverty. Elsewhere in Latin America, free-market reforms were enacted by democracies.
When economic and political liberty are divorced
Most dictators are economic bunglers. A few get the economy right, as Spain’s Franco did after 1958. But in the long run (as China is likely to discover) economic liberty seldom thrives in the absence of political liberty. And General Pinochet’s claim to have stood selflessly for the former was tarnished when it emerged that he had amassed a fortune incommensurate with his salary. Even if history bothers to remember that he privatised the pension system, that should not wipe away the memory of the torture, the “disappeared” and the bodies dumped at sea. His defenders—who include Britain’s Lady Thatcher—really should know better
http://www.economist.com/opinion/displaystory.cfm?story_id=8413038
Chile
After Pinochet
Dec 13th 2006 | SANTIAGO From The Economist print edition
The dictator’s funeral may presage political change. His trials have already changed international law (see article)
HAD it occurred a decade ago when he was still army commander, Augusto Pinochet’s death might have divided Chileans much as he did when he was their dictator. Yet in the event his funeral showed how much Chile has changed. And it may cause it to change even faster.
To be sure, news of his death from a heart attack on December 10th prompted familiar, polarised images. Several thousand of his opponents gathered in Santiago’s Plaza Italia. They popped bottles of sparkling wine and a few went on to trash bank branches and clash with police. The next day some 60,000 supporters of the man they called “My General” queued for up to seven hours to file past his coffin as it lay in Santiago’s military academy.
The centre-left Concertación coalition, which has governed since the return of democracy in 1990, had ceased to be intimidated by General Pinochet or the army. The president, Michelle Bachelet, ruled out a state funeral and any official mourning. Her father, an air-force general opposed to the dictatorship, died after being arrested after the coup; she was briefly detained and roughed up. She argued that a man indicted for murder and tax evasion deserved no special honours
The government was represented at the military funeral by Vivianne Blanlot, the defence minister. She was heckled. But in a symbolic gesture, the four commanders of the armed services sat with Ms Blanlot rather than with the dead man’s family. The body was then flown by helicopter to a cemetery near the port of Valparaíso, his birthplace, for cremation. There will be no tomb to be desecrated.
Until his arrest in London in 1998, and subsequent legal cases against him in Chile, some 40% of his fellow-countrymen supported the former dictator. Most conservative politicians have since taken their distance, especially after hard evidence emerged of his secret bank accounts abroad, opened using false passports. Neither of the two defeated conservative candidates in last year’s presidential election attended the funeral.
Will General Pinochet’s death change Chile’s political landscape? It could help the right finally to win the majority that has eluded it since the 1950s by freeing it from association with the dictator. But that may require a new crop of politicians with no ties to the past. Oddly, the impact on the ruling Concertación might be as great. Created to defeat the dictatorship in a 1988 referendum, it has suffered recent allegations of corruption. It may now be forced to redefine itself, says Eugenio Tironi, a sociologist. But many Chileans will merely breathe a sigh of relief
http://www.economist.com/world/la/displaystory.cfm?story_id=8418189