الخميس، 17 يونيو 2010

Home – Accueil

 

TUNISNEWS

 10ème année, N°3677 du 17. 06 .2010

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادق شورو

ولضحايا قانون الإرهاب


قدس برس:تونس: منظمة حقوقية تستكر المضايقات ضد القيادي الإسلامي علي العريض وحقوقيين

حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس:  الدكتور زياد الدولاتلي تحت المراقبة اللصيقة

كلمة:تواصل مضايقة سجناء حركة النهضة السابقين بالمنستير

نورالدين العوديدي:للرجال الماسكين على الجمر… ألف ألف تحية

ياسين البجاوي:باغتوا البوليس واحتفلوا بعيد ميلاد عمّ علي بن سالم

الحزب الديمقراطي التقدمي:بلاغ صحفي

رويترز:قانون «الأمن الاقتصادي» يثير جدلاً واسعاً في تونس

صلاح الدين الجورشي:رغم أزمة العمل السياسي في تونس.. تحالف جديد يحاول تحريك المياه الرّاكدة

السياسية:توافق بين الصحافيين التونسيين حول مؤتمر وطني نهاية العام الجاري

فرانس 24:التونسيون بالخارج يتذمرون من قطع خدمة « سكايب »

الصباح :خبراء يتوقعون توقف العمل بـ«سكايب» و«ام.اس.ان» قريبا

سلام أون لاين:للعام الثاني.. جائزة « الحكم الرشيد » في إفريقيا بلا فائز

الصباح:انتخابات هيئة المحامين:المحاماة أولا، أولى القائمات المترشحة… وتوقعات بمنافسة حادة

المرصد التونسي:محكمة الناحية  بتالة  تصدر حكما بالسجن شهرا  على احد النقابيين

بشير الحامدي:لما لا يكون التمسك بالفصل العاشر (1) مدخلا لدفع الصراع مع البيروقراطية النقابية على المسألة الديمقراطية إلى آخره ؟

المرصد التونسي:اعتصام في ادارة الملكية العقارية بسيدي بوزيد

عامر المنجة :النقابة الجهوية للتعليم الثانوي بصفاقس تنعى المناضل النقابي محمد علي طقوقي

رامي جغام :حمام سوسة حديقة  » شبين الكوم  » عود على بدء

علي شرطاني:أي الأخطار أكبر على مستقبل أي شعب من الشعوب وأي أمة من الأمم؟

« أقلام أون لاين »:الدكتور منصف ونّاس في حوار عن الإخفاق الديمقراطي في الوطن العربي

نور الدين العويديدي :العوائق أمام الديمقراطية في الوطن العربي بين الثقافة والسياسة

محمد فوراتي :دور النخبة في التغيير الديمقراطي .. غياب أم تغييب؟

احميدة النيفر:في ظلال المفسرين المحدثين.. عطاءات لا تنفد (2/2)

التجديد:المفكر الأمريكي نعوم شومسكي لـ »التجديد »:أمريكا هي جوهر المشكل في الصراع العربي الإسرائيلي

« أقلام أون لاين »:دروس « أسطول الحرية »

العرب:من أوروبا هذه المرة «أسطول الحرية 2» ينطلق باتجاه غزة يوليو المقبل

الجزيرة.نت :بولندا تنظر في ترحيل عميل للموساد

الجزيرة.نت:أزنار: الغرب ينهار بانهيار إسرائيل

عبد الباري عطوان:منع ‘الاقصى’: ارهاب اعلامي فرنسي

الإسلام اليوم:عاصفة شمسية مدمرة تضرب الأرض


 Pour afficherlescaractèresarabes suivreladémarchesuivan : Affichage / Codage / ArabeWindows)Toread arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


 منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

أفريل 2010

https://www.tunisnews.net/23Mai10a.htm


 

تونس: منظمة حقوقية تستكر المضايقات ضد القيادي الإسلامي علي العريض وحقوقيين

 


تونس- خدمة قدس برس جددت منظمة حقوقية تونسية اتهامها للسلطات بإخضاع عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان وبعض المعارضين السياسيين من المتابعة المستمرة والمراقبة اللصيقة من قبل أعوان البوليس السياسي الذين يتبعونهم في كل تنقلاتهم على متن سيارات مدنية ودراجات نارية. وقالت « منظمة حرية وإنصاف » في بيان لها إن المهندس علي العريض الناطق الرسمي السابق باسم حركة النهضة خضع « منذ صباح الأربعاء (16/6) إلى المتابعة والمراقبة من قبل عونين من أعوان البوليس السياسي على متن دراجة نارية كبيرة، تابعاه في كل تنقلاته وعند عودته إلى المنزل أوقفا دراجتهما أمام باب منزله، وعمدا من وقت لآخر إلى ازعاج العائلة وذلك بطرق الباب، وعند فتح الباب يتظاهرا بعدم الاكتراث رغم خلوّ محيط المنزل من أي وجود بشري، مما يؤكد تعمدهما لطرق الباب بنية الإزعاج والاستفزاز، ولم يكفهما ما قاما به من أعمال يجرمها القانون بل عمدا إلى تشغيل محرك الدراجة بأعلى درجة ضجيج ممكن حتى أن أفراد عائلة السيد علي العريض لم يعد بإمكانهم سماع بعضهم البعض ». وأضافت المنظمة أن العريض هدد في صورة تواصل هذه الاستفزازات سيلجأ هو وأفراد عائلته « إلى أشكال من التحرك القانوني والدستوري لوضع حد لهذه الممارسات غير القانونية وغير الأخلاقية »، حسب ما ورد في البيان. وأشرات المنظمة إلى أن عدد من أعضاء المكتب التنفيذي لـ »منظمة حرية وإنصاف » يتعرضون إلى المتابعة والمراقبة اللصيقة، « فبالإضافة للأستاذ محمد النوري رئيس المنظمة الذي يخضع باستمرار للمراقبة والمتابعة والمحاصرة سواء بمكتبه أو منزله أو عند تنقله، يتعرض منذ سبعة أيام كل من المهندس عبد الكريم الهاروني الكاتب العام لمنظمة حرية وإنصاف والمهندس حمزة حمزة والسيد محمد القلوي أعضاء مكتبها التنفيذي إلى مراقبة لصيقة من قبل أعوان البوليس السياسي الذين يتبعونهم في كل تنقلاتهم على متن سيارات مدنية ودراجات نارية ». وقد استنكرت « حرية وإنصاف » بشدة ما قالت إنه « الممارسات والاضطهاد الذي يتعرض له المهندس علي العريض »، داعية إلى وضع حد لهذه الأساليب التي يجرمها القانون وتطالب باحترام الحياة الخاصة لهذه العائلة التي عانت قرابة العشريتين من ويلات السجون، حسب تعبيرها. كما أدانت المنظمة « المضايقات المسلطة على أعضاء مكتبها التنفيذي »، مطالبة بوقفها.
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 17 جوان 2010)


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني:liberte.equite@gmail.com تونس في 04 رجب 1431 الموافق ل 16 جوان 2010

أخبار الحريات في تونس

 


1) الدكتور الدولاتلي تحت المراقبة اللصيقة: تعرض الدكتور زياد الدولاتلي القيادي السابق بحركة النهضة طيلة نهار اليوم الخميس 17 جوان 2010 لمراقبة لصيقة من قبل أعوان البوليس السياسي الذين تبعوه في كل تنقلاته على متن دراجة نارية وسيارة، كما تواجدوا بالقرب من منزله. وليست هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها السيد الدولاتلي لهذه الممارسات المخالفة للقانون والتي تهدف إلى عزله عن باقي مكونات المجتمع المدني وقطع الاتصال معهم. 2)   حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو عيدا آخر وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور.  عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


تواصل مضايقة سجناء حركة النهضة السابقين بالمنستير


حرر من قبل التحرير في الخميس, 17. جوان 2010 تتواصل في مدينة المنستير مضايقة سجناء حركة النهضة السابقين حيث تم استدعاء دفعة أخرى منهم الى منطقة الشرطة بالمنستير قصد تحيين بطاقة الارشادات الخاصة بهم لدى فرقة أمن الدولة والإرشاد. و قد عبّر عدد منهم عن استياءهم لهذه الممارسات التي تتسبب في تعطيل مصالحهم وأعمالهم.  مع الإشارة أنه تم اقتياد السيد حسن التومي إلى منطقة الشرطة بالقوة بسبب امتناعه عن تلبية دعوة شفوية بالحضور.  وكنّا أشرنا في نشرة سابقة إلى استدعاء دفعة أولى من سجناء النهضة السابقين من بينهم السيد حسن التومي المذكور.   (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 17 جوان 2010)


للرجال الماسكين على الجمر… ألف ألف تحية

 


رجال هم، والرجال قليل.. بعض الناس غثاء كغثاء السيل، ولكن بعضهم ذهب من أرفع وأثقل عيار.. وأولئك هم الرجال.. والرجال في دنيانا قليل.. رجال باعوا أعمارهم لله ونذروا حياتهم لخدمة الأوطان.. حلموا بغد جميل لأهلهم ووطنهم، وضحوا من أجله بشبابهم وأهاليهم وراحة بالهم، وتصدوا لكبار الهموم، لا يرجون من وراء ذلك جزاء ولا شكورا. هم ملح الأرض وزينة الشباب.. هم أكاليل المجد التي لا ترى فوق رؤوسنا.. هم ضمائرنا حين تنام منا الضمائر أو تخمل أو تُغتال. رجال كان يسعهم أن يعيشوا لأنفسهم فيكونوا وجهاء المجالس وأهل المناصب والثراء. لكنهم آمنوا أن سعادتهم في سعادة عامة الناس وضعفائهم وأولو الحاجات منهم، وأن الوجاهة الحقيقية هي وجاهة التضحية والفداء.. رجال آمنوا أن الثروة الحقيقية هي ثروة المحبة في قلوب الناس.. ثروة الدعاء لهم بظهر الغيب، حين يرق القلب ويشف، فلا يكون بينه وبين الرحمان فاصلا أو حجابا.   * محمد القلوي.. رجل من هذا الصنف الذهبي النادر.. رجل والرجال قليل.. خمسة وخمسون عاما هي عمره الآن، قضى نصفها في السجون والمعتقلات والاختفاء. سبعة وعشرون عاما هي مدة زواجه من سيدة صابرة محتسبة.. لم يقض منها مع زوجه سوى سبع سنين، لم تخلص له ولا لزوجته.. قضى الجزء الأكبر منها في دهاليز النضال السري، حالما بالتغيير نحو الأفضل، والغد الأجمل لكل التونسيين، فكوفئ بالسجن والتعذيب وامتهان الكرامة البشرية، في سجون لا تعرف للكرامة معنى، ولا تقدر إنسانية الإنسان. حين يبلغ الرجل الخامسة والخمسين يلقي نظرة طويلة ملتاعة خلفه.. وأخرى أمامه.. يستعيد ما مضى من أيام حياته، ويستشرف الباقي منها في خوف ووجل.. يصفق بيدين فارغتين فلا يجد إلا الهباء وقد تناثر حوله عن يمين وشمال.. ولولا ما ادخر لنفسه في الآخرة عند الله من صالح العمل لعصفت به الأوجاع وطوقته الأحزان وأظلمت الدنيا في وجهه. خمسة وخمسون عاما هي لحظة عابرة بعد أن تمضي.. لكنها دهر طويل حين يعيشها المرء مطاردا فسجينا فمعذبا محروما من زوجه وأطفاله، ثم يعيشها سجين بيت ترقبه عيون العسس، عاطلا عن العمل.. يرى أطفاله يعرون أمامه ويجوعون وهو عاجز عن أطعامهم وكسوتهم.. فيخنقه العجز والقهر. أطفال عرفوا السجون صغارا، حين كان نظراؤهم يرفلون في حلل النعيم.. أطفال كانوا يقضون وأمهم الصابرة المحتسبة أيام العيد، حزانى والناس فرحون، أمام السجون والمعتقلات يسألون عن أب غيبته عنهم جدران عالية، تعلوها أسلاك شائكة، تجرح الأرواح قبل أن تجرح الأجسام، وأبواب قاسية لها حين تفتح صرير تقشعر له الأبدان. ما أقسى الوطن حين يعامل خير الرجال معاملة القتلة واللصوص وقطاع الطرق.. وما أجحد الوطن حين يغرس خنجرا مسموما في القلب الذي عشقه فيدميه، أو حين يرمي العين التي دمعت من أجله حبا وتوقا للأجمل والأفضل بإبرة فيفقأها فتبكي عليه دما بعد أن بكت لأجله دموعا.   * منصف بن سالم.. رجل آخر والرجال قليل. عالم عامل صابر ثابت راسخ رسوخ راسيات الجبال، وللأجيال خير قدوة وخير مثال. عرفت البروفيسور منصف حين كنت طفلا.. كان الشاب الدكتور مِلأ السمع والبصر، مُفتّحة في وجهه الدنيا، يعبّ منها، لو شاء، كما يشاء.. لكنه آثر أن يُؤثر بلده، عن نفسه وأسرته، بعلمه وعمره كله من حيوية الشباب لحكمة الكهول.. فدفع من حريته وأمنه وأمن عائلته الكثير، ومازال حبل الظلم يطوقه، وسوطه اللاذع يلسعه بين الحين والحين. في منتصف السبعينيات كانت أكثر أرياف تونس وحتى الكثير من مدنها مرتعا وخيما للجهل وشيء من الشرك وعتو الناس وضلالاتهم حين تسيطر عليهم اللحظة الغبية العابرة فينسون ويطغون. وكان البروفيسور منصف شابا حيويا متدفقا، علما وخلقا، يجاهد باللين الجهل حين يلبس قلوب النساء ورؤوس الرجال. كانت زيارة الأولياء والتبرك بهم إلى حد العبادة والتقديس هي الداء المستشري في جسد الريف، حتى تخشى العجوز، ورجلها على حافة القبر، أن تقسم بالولي الصالح فلانا حنثا، وترضى أن تحلف على ذلك حنثا بالله العظيم بأغلظ الأيمان، لأن غضب الولي وخطره عنها لا يرد إلا بالصدق في اليمن.. لم يفتّ ذلك من عضد الشاب المؤمن الصادق الإيمان، فناضل وجاهد بالكلمة وحسن الخلق حتى رفع الغشاوة عن عيون وعقول كثيرة. عندما كان الأثرياء والوجهاء يجعلون من أعراسهم ولائم للتفاخر والبذخ، ويحرصون على أن يحييها المغنون الخليعون والراقصات الكاسيات العاريات، كان زواج البروفيسور الشاب صدمة وعي للكثيرين.. لا غناء خليع ولا رقص ولا خمر ولا ليالي حمراء ملاح.. ففي زمن كان المغنون فيه يرددون في الأعراس: « ما نحبوش يصلي.. نحبو يسكر ويغني »، أحيا عرس البروفيسور الشاب « أديبان » يتنافسان شعرا، صلاة على النبي، ومدحا في صحبه وآله الميامين، وترغيبا في الحج وصالح العمل. وكنت وأنا الطفل المعجب حد الوله بالبروفيسور الشاب، أزداد تعجبا وإعجابا وحبا وحيرة: لم خالف الرجل في زواجه جميع ما ألفه الناس واعتادوه.. ولم أدرك ذلك إلا بعد مرور السنين. سيارة البروفيسور الشاب وكانت من نوع 404 عائلية بيضاء، كان يأخذ فيها الناس الذين يلقاهم في طريقه إلى صلاة الجمعة، فتمتلئ بالعشرة من الرجال وأكثر، حتى تكاد تلامس الأرض ثقلا، فكان يسير بها في سرعة تقل عن 20 كلم في الساعة في طريق ريفي غير معبد.. وكان يستحي أن يمر بذاهب إلى الصلاة ولا يأخذه معه في سيارته الصغيرة.. لا يتأفف من راكب ولا يقول للناس إلا خيرا. وفي المدينة والعاصمة كان البروفيسور الشاب منجم علم وخلق وأدب.. يدرس طلابه علم الرياضيات، فيخرّج دفعات المهندسين والعلماء دفعة بعد دفعة.. ويمثل تونس في المنتديات العلمية الدولية.. لكن ذلك لم يمنعه من النضال من أجل غد أجمل لتونس وأفضل. سألته يوما في حوار صحفي، حين كبرت وبدأت أمارس الصحافة طالبا: لم تحشر نفسك سيدي البروفيسور وأنت العالم الناجح في شؤون السياسة وتقلباتها؟، فكان جواب هذا الرجل، والرجال قليل: وجدت علمي يضيع كما يضيع الماء حين يسكب في صحراء، فأردت تغيير السياسة حتى تكون خادمة للعلم والعلماء، وحتى نرتقي ببلادنا إلى مصاف الدول الأكثر تقدما.. فماذا كانت النتيجة.. سجن وتعذيب وامتهان للكرامة وعدوان على الزوجة والأطفال، وإضاعة عالم كبير  وعلم نافع غزير، وبلادنا في أمس الحاجة إليه وإلى أمثاله. الكتابة عن البروفيسور منصف .. هذا العالم العلم الأشم، الذي عرفته شابا، وبلغ اليوم السابعة والخمسين من عمره.. عملية ممتعة محزنة في آن. الكتابة عن هذا الرجل المناضل الصامد صمود الجبال في وجه الريح، تذكرني بأيام طفولتي وشبابي الأول فتبهجني.. تذكرني برجل أحببته وظل في قلبي وعقلي مثلا أعلى، أفخر بأن بلدتي وبلادي قد أنجبا عملاقا لا تزعزعه الأهوال.. لكن الكتابة عن البروفيسور الرائع الشهم الأشم تذكرني أيضا، والرجل وقد قارب الستين من العمر، وافترسته الأمراض والحصار البوليسي.. تذكرني بعجزي عن خدمته فأحزن وتضيق الدنيا في وجهي ولا أجد له إلا الدعاء باليسر بعد العسر.. دعاء بيسر يعقب عسرا وقد استفحل واستطال. آه ما أقسى الوطن حين يعامل خير الرجال معاملة القتلة واللصوص وقطاع الطرق.. وما أجحد الوطن حين يغرس خنجرا مسموما في القلب من عشقه، أو حين يرمي العين التي دمعت من أجله بإبرة فيفقأها فتبكي عليه دما بعد أن بكت لأجله دموعا.   أمثال القلوي وابن سالم كثيرون كثيرون .. في بلاد يعذب فيها صغار النفوس أصحاب النفوس الكبيرة ومنهم يتشفون.. سجين سابق أمضى عشرة أعوام كالحة في سجن يتفرعن فيه الحقراء، ويعربد فيه ذوي النفوس المريضة.. قال لي إنه حين خرج من السجن بقي لأشهر عاجزا عن اجتياز الطريق بمفرده.. قال لي إن أخته الصغيرة كانت تأخذ بيده لتساعده على اجتياز الطريق، لأن السجن دمره وكاد يحطم ملكاته وقدرته على التصرف السليم.. اقشعر بدني للذي سمعت.. وأدركت أن المرء لا يملك أمام هؤلاء الرجال من شيء إلا أن يلعن جلاديهم.. وأن يرفع لهم التحية.. وأن يغرسهم في قلوب أطفاله شُهبا ونجوما يُقتدى بهم عندما تدلهم الظلمات. هؤلاء الرجال لا يمكن أن يقتلع أثرهم من بلادنا القمع والطغيان.. لقد غرسوا غرسا لا يضمحل مع الأيام.. وهم رجال لا يمكن أن يهمشهم من يظنون وهما أن الصحوة الجديدة صحوة مقطوعة الجذور عن بركة وفضل وخير مثل هؤلاء الرجال.. فهؤلاء رجال .. والرجال قليل. فلهم جميعا ألف ألف تحية.
 
نورالدين العوديدي


باغتوا البوليس واحتفلوا بعيد ميلاد عمّ علي بن سالم

 


دأبت مجموعة بنزرت المتكونة من حقوقيين وسياسيين ونقابيين وأعضاء هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحرّيات الجهوية ببنزرت على استغلال المناسبات الدينية مثل عيد الفطر وعيد الأضحى لكسر الحصار المسلط على منزل عميد المقاومين وشيخ الحقوقيين المناضل علي بن سالم فمنذ أواخر سنة 2005 لا أحد يستطيع زيارة عمّ علي في بيته المُحاصر من طرف البوليس يوميًا ليلاً نهارًا بحجّة التعليمات وكذلك تستغل هذه المجموعة المناسبات الحقوقية مثل ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وذكرى تأسيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وتَتَنظّم وتتظاهر لتفعيل ملف الرابطة وكذلك حاولت هذه المجموعة رفع الحصار المسلّط على مقرّ فرع بنزرت لاستئناف نشاطه في نشر ثقافة حقوق الإنسان. وقد تمكّنت هذه المجموعة اليوم 15 جوان 2010 من مُباغتة البوليس المرابط أمام منزل عمّ علي وكسر الحصار والدخول إلى منزله والاحتفال بعيد ميلاده الثامن والسبعين وقد تميّز هذا الحفل المتواضع بحوار امتزج فيه السياسي والحقوقي وفكاهة عمّ علي المعهودة مع أكل المرطبات وشرب الشاي وعند مغادرة المجموعة المنزل لُوحظ تضاعف عدد البوليس من مختلف الفرق الأمنية وتشدّد الحصار على المنزل. عمّ علي قاوم الاستعمار بشدّة وحُكم عليه بالإعدام وعاش في ليبيا لاجئا ونُكِّل به في سجون بورقيبة مدّة إحدى عشر سنة منها سبعة سنوات مصفّدًا بالسلاسل والأغلال إلى حائط تحت عمق 100قدم بين كراكة غار الملح وبرج الرومي، وتعرّض إلى محاولة اغتيال سنة 2000 من طرف البوليس وعمّ علي بلغ من الكبر عتيًّا وامتلئ رأسه شيبًا لا ييأس ولا يكل ولا يمل  قال أثناء هذا الحفل <أعدكم وعد شريف الأيام التي مازلت لي لن أُحيد عن واجباتي الإنسانية وسوف أكون معكم في المقدمة إن شاء الله وشكرًا>. وَعْدُ عمّ علي رسالة لكل من يريد أن يتخلّص من حكم الاستبداد ويعيش بحرّية وكرامة يقول فيها أن طريق الديمقراطية والحكم الراشد طويل ومحفوف بالمكاره والمخاطر فاعزموا وأصرّوا وناضلوا من أجل العفو التشريعي العام وحرّية الإعلام وحرّية التنظّم وقاوموا من أجل استقلال القضاء وانتخابات حرّة وديمقراطية والفساد والمحسوبيّة. بنزرت في 15 جوان 2010 ياسين البجاوي رابـــــط الحفل والحوار على موقع الفايس بوك http://www.facebook.com/video/video.php?v=1405558831288  


الحزب الديمقراطي التقدمي بلاغ صحفي

 


وافق مجلس النواب على تنقيح للفصل 61 مكرر من المجلة الجنائية يُجيز تتبع من يُعبر عن رأي مخالف بتهمة المس بالأمن الإقتصادي للبلاد، وتصنيفه في زمرة « خونة الوطن ». ويأتي هذا التنقيح بعد سن قانون مماثل في  3 سبتمبر 1997 ثم إصدار قانون آخر لحظر التصريحات إلى الفضائيات الخارجية أثناء الحملات الإنتخابية، مما يبرهن على أن ديدن الحكم هو تدجين المجتمع المدني وترويض النخب وإسكات الأصوات المخالفة. إن هذه الخطوة الجديدة  ترمي إلى سلب المواطنين حقهم في حرية التعبير في وسائل الإعلام الخارجية، ووضع سيف على رقاب النخب السياسية والفكرية التي لا تؤيد الحكم ولا تنتمي إلى حزبه أو تُعبر عن مواقف تنتقد خياراته ومسؤوليه. وما التعلل بحماية الأمن الإقتصادي للبلاد سوى ذريعة واهية وكاذبة، إذ لا علاقة بين حماية المنتوج الإقتصادي التونسي وحرية التعبير في وسائل الإعلام الخارجية. بل إن هذه مناسبة لرد السؤال إلى الحكومة: لماذا يلجأ المواطنون المقيمون في بلدهم للتعبير من خلال وسائل إعلام خارجية، ما دامت تونس واحة ديمقراطية لم يجُد الزمان بمثلها، مثلما يؤكد الخطاب الرسمي؟إن تلجيم الإعلام وغياب الحرية هما اللذان يحملان المشاهدين على اللجوء إلى الفضائيات الخارجية، والمستمعين على استقاء الأخبار الصحيحة من المحطات الأجنبية، والقراء على البحث عن الرأي الحر في شبكة الإنترنت، بعدما حُظر توزيع كثير من الصحف الجادة في بلادنا. وما الحملات التي يقوم بها الشباب ضد الرقابة على الإنترنت، بوتيرة متصاعدة، سوى دليل على اتساع المطالبة بحرية التعبير والحق في الإعلام، والتي تواجهها الحكومة بمزيد من الإنغلاق والتصلب. إن الحزب الديمقراطي التقدمي إذ يُجدد رفضه التحريض على تونس في اية وسيلة إعلام، خارجية أم داخلية، أو الدعوةلممارسة ضغوط اقتصادية على بلادنا، يؤكد أن المواطن التونسي في القرن الحادي والعشرين ناضج ومسؤول وهو أهل لمعرفة كل الحقائق والإنصات لجميع الآراء. أما الحكومة فتتحمل مسؤولية تدهور صورة البلاد في التقارير الصادرة عن المنظمات غير الحكومية التي تحظى بالمصداقية في العالم بسبب جنوحها الدائم للإستبداد. ويجدد الحزب التأكيد على أن ما تحتاجه البلاد اليوم ليس سيفا إضافيا مسلولا على رقاب أصحاب الفكر الحر، وإنما إرساء مناخ من الطمأنينة والإنفتاح يكون إطارا لممارسة الحقوق الطبيعية المكفولة في الدستور والمواثيق الدولية التي صادقت عليها بلادنا، وبقيت حبرا على ورق. ويُحذر من أن التنقيح الجديد لن يُحسن صورة النظام، وإنما سيسكب الزيت على نار الحملات الدولية التي تستهدفه.  كما يُذكر بأن هذا التهديد الجديد لحق التعبير لا يستهدف عائلة سياسية دون أخرى ولا مثقفا دون آخر، مما يحتاج إلى تضافر الجهود دفاعا عن حرية الرأي والتفكير، وصولا إلى فرض حرية الإعلام في بلادنا، كي لا يبقى الإعلام الخارجي متنفس التونسيين الوحيد. تونس في 16 جوان 2010 الأمين العام المساعد رشيد خشانة  


قانون «الأمن الاقتصادي» يثير جدلاً واسعاً في تونس

 


تونس – رويترز – أثارت موافقة البرلمان في تونس التي تسعى إلى الحصول على رتبة شريك متقدم مع الاتحاد الأوروبي، على قانون للأمن الاقتصادي جدلاً واسعاً في البلاد حول هامش حرية التعبير. وكان نواب البرلمان التونسي أقروا بالاجماع الثلثاء قانوناً يُجرّم التعرض للأمن الاقتصادي للبلاد عبر اتصالات مع منظمات وجهات أجنبية، في ما يبدو انها رسالة شديدة اللهجة لمعارضي النظام. وأوردت وكالة الأنباء التونسية الحكومية أن مجلس النواب وافق على قانون لإضافة أحكام يعاقب بمقتضاها كل تونسي يتعمد اجراء اتصالات مع جهات أجنبية للتحريض على الإضرار بالمصالح الحيوية للبلاد، وذلك تأكيداً لأهمية الأمن الاقتصادي وتأمين مصالح المواطنين. وقال وزير العدل وحقوق الانسان لزهر بوعوني إن من أمثلة الإضرار بالمصالح الحيوية للبلاد التحريض على عدم منح قروض لتونس أو التحريض على مقاطعة السياحة وعرقلة مساعي تونس إلى الحصول على مرتبة الشريك المتقدم لدى الاتحاد الأوروبي مما يؤثر على سياسة التوظيف وجهود التصدير والتنمية الاقتصادية. واحتج ناشطون ومعارضون على القانون الذي أصبح يُعرف بقانون «الأمن الاقتصادي» على اعتبار انه قد يقلص من الحريات المحدودة أصلاً. وقال الناشط الحقوقي محمد عبو لـ «رويترز»: «هذا قانون خطير جداً على الحريات ويجب التصدي له … إنه (القانون) غير دقيق ويمكن أن يجرّم حتى من يعطي تصريحات إلى وسائل إعلام أجنبية». وأضاف أن الشكوى «لمنظمات اقليمية وأجنبية ليست خياراً للعديد هنا … فإذا كانت حقوق العديد مهضومة فلا يمكن تجريم من يتوجه إلى منظمات أجنبية (للشكوى)». لكن وزير العدل وحقوق الإنسان نفى أن يكون لهذا القانون علاقة بحرية التعبير، وقال أمام البرلمان: «خلافاً لما يسعى البعض إلى إشاعته، لا يمكن ربط علاقة بين التجريم والحريات المكفولة بالدستور وخاصة منها حرية التعبير». وقال المحامي سمير بن عمر لـ «رويترز» إنه وفق الفصل 61 مكرر من المجلة الجزائية فإن مرتكب هذه الجريمة قد يواجه حكماً بالسجن يترواح بين خمسة أعوام و12 عاماً. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 17 جوان 2010)
 


رغم أزمة العمل السياسي في تونس.. تحالف جديد يحاول تحريك المياه الرّاكدة


تمّ الإعلان في تونس العاصمة عن تأسيس تحالُـف سياسي جديد تحت عنوان « تحالف المواطنة والمساواة »، الذي يضم أربع مكوّنات، اثنتان منها حِـزبان يتمتعان بالاعتراف القانوني، هما حركة التجديد التي سبق لها وأن رشّـحت في مناسبتين منافِـسا للرئيس بن علي خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة وما قبلها (2004 و2009) وحزب التكتل من أجل العمل والحريات. هذا الحدث، الذي لم يحظ بتغطية إعلامية واسعة على الصعيد المحلي، يثير عديد الأسئلة، من بينها: ما الجديد الذي حمله هذا التحالف؟ وهل سيكون مصيره مختلفا عن تحالفات سابقة، كان أهمّـها على الإطلاق، مبادرة 18 أكتوبر (عام 2005) والذي اعتبره البعض قد أصبح جزءً من الماضي، بينما تتواصل مساعي أطراف أخرى لإنقاذه وإخراجه من غرفة الإنعاش. التحالف الجديد جاء تتويجا لحِـوار وتنسيق استمرّا عدّة أشهر بين مكوِّناته منذ اشتراكها في حملة الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي جرت في شهر أكتوبر الماضي، حين اتفقت على دعم مرشح حركة التجديد أحمد إبراهيم، ثم أعادت الكرّة خلال الانتخابات البلدية الأخيرة. وقد أسفرت الحوارات الجماعية التي جرت على هامش المبادرات الانتخابية، عن بلورة وثيقة سُـميت بـ « مشروع أرضية للنقاش ». وصفت هذه الأرضية الوضع السياسي بكونه « يتّـسم بانغلاق كبير »، وهو ما أدّى إلى « انحسار المواطنة وتعطل مسار الإصلاح السياسي، الذي تعهدت به السلطة منذ وصولها إلى الحُـكم سنة 1987″، إضافة إلى « التعقيدات المتعلقة بمسألة التداول على السلطة في استحقاقات 2014 الرئاسية وما تطرحه من استفهامات ». 30 عاما من الإخفاقات والأخطاء والعوائق
ليست هذه المرة الأولى التي تقرّر فيها أطراف من المعارضة تأسيس تحالُـف بينها، لكن كل التحالفات السابقة، الثنائية والثلاثية والرباعية والخماسية، قد مُـنيت بالفشل. ورغم ثلاثين عاما من الإخفاقات وتِـكرار المحاولات وإعادة إنتاج نفس الأخطاء والعوائق، يعتقد أصحاب التحالف الجديد بأنهم قد يشكلون الإستثناء في هذه « القاعدة » التي ليست حكرا على الساحة التونسية. وبالرغم من اختلاف مساراتهم السياسية ومرجعياتهم الفكرية، إلا أنهم توصّـلوا إلى ما اعتبروه « قواسم مشتركة »، ومنها على سبيل المثال « التمسك بالنظام الجمهوري الديمقراطي » و »تكريس حرمة وعلوية الدستور وتطويره، بما يضمن تقييد سلطة الحاكم ومساءلته »، و »ضمان حق المواطنين في ممارسة حرياتهم العامة والفردية واحترام حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية » و »تكريس مبادئ ومعايير حقوق الإنسان، وخاصة مبدأ المساواة الكاملة بين سائر المواطنين وبين الجنسين ». أما الفقرة التي تطلّـبت نقاشات مطوّلة بين أطراف التحالف، كانت بلا جدال القائلـة بـ « اعتبار الهوية الوطنية لتونس، بكامل أبعادها وبانتمائها العربي والإسلامي، قاسما مشتركا للشعب التونسي واعتماد التواصل مع الجوانب المستنيرة في تُـراثنا والانفتاح على التراث الإنساني التحرري، خيارا حضاريا ثابتا ». وعندما استغرب أحد الصحفيين إدراج مسألة الهوية في مشروع أرضية سياسية، أجابه الدكتور فتحي التوزري (ناشط سياسي ينتمي حاليا إلى تيار الإصلاح والتنمية) بأن « الإصلاح السياسي ليس مجرّد عملية تكنوقراطية ». ولعل الدافع إلى هذا النقاش، عوامل وخلفيات لم تذكر علَـنا، ولكنها مبثوثة في الأجواء السياسية التي حفت بتأسيس هذا التحالف. فحركة التجديد سبق لها أن تحفّـظت على حركة 18 أكتوبر لأسباب متعدّدة، لعل من أهمها وجود حركة النهضة (المحظورة) ضِـمن مكوِّناتها، وهو ما فجّـر جدلا واسعا حول مشروعية التحالف مع الإسلاميين، كما أن « حزب العمل الوطني الديمقراطي » لا يخفي تمسّـكه بالمرجعية الماركسية ويخشى بدوره أن تطرح مسألة الهوية في سياق يتعارض مع ثوابته الأيديولوجية، في حين لا تشكّـل هذه المسألة نفس القدر من الحساسية لدى « حزب التكتل من أجل العمل والحريات »، ذي الجذور الاشتراكية الديمقراطية. أما « تيار الإصلاح والتنمية »، فبالرغم من الجهود التي بذلها عبْـر النصوص التي أصدرها، حتى من قبل انسلاخ رموزه من « الحزب الديمقراطي التقدّمي » (معترف به لكنه غير ممثل في البرلمان)، إلا أنه لا يزال ينظر إليه من خلال الانخِـراط السابق لبعض رموزه في تجربة « الإسلاميين التقدميين ». كل هذه العوامل كانت بشكل من الأشكال حاضرة، وأملت التنصيص على « رفض توظيف الدِّين في الصِّـراع السياسي والإلتزام باستبعاد مسألة الهوية من دائرة المزايدات السياسية »، وهو ما قد يشكل لدى البعض رسالة موجّـهة لحركة النهضة ومن تحالف معها، مما قد يفتح المجال لالتحاق مَـن له موقف سلبي من أي تقارب مع الإسلاميين، في حين قد يفهمها آخرون من داخل التحالف بأن ذلك موقف مبدئي عام يحدّد علاقة الدِّيني بالسياسي ولا يتضمن بالضرورة قطعا سياسيا مع أيّ كان. « أخلاقيات العمل السياسي »
ما هي الضمانات التي يمكن أن تحمي مثل هذا التحالف من تِـكرار أخطاء التحالفات السابقة في تونس وتجنّـبه أن يلقى نفس المصير؟ هذا السؤال طرحته swissinfo.ch على الناطقين باسم هذا التحالف، الذين أكّـدوا أن ما يميِّـز مبادرتهم هو « التماشي العقلاني وبرنامج يعتمد على مقترحات عملية ». وأكد مصطفى بن جعفر، الأمين العام للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (معترف به) على كونهم « ليسوا معارضة احتجاجية، وإنما معارضة اقتراح، تنطلق من الواقع وتقدّم بدائل قابلة للتطبيق »، كما ألحّـوا على أهمية ما وصفوه بالتزام « أخلاقيات العمل السياسي »، مؤكِّـدين على أهمية التدرّج وعدم حرق المراحل وتجنّـب الحسابات الضيقة. ورغم أن أحد ممثلي هذا التحالف (المحامي عبد الرزاق الكيلاني) قد نفى عنه صفة « التحالف الانتخابي »، إلا أن أحمد إبراهيم، الأمين العام لحركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقا) قد كان واضحا عندما قال: « وضعنا نُـصب أعيُـننا أفق الاستحقاق الانتخابي لسنة 2014، ونحن مقرّون العَـزْم على العمل على تجاوز وضع الضّـعف والتشتّـت الذي عليه المعارضة الديمقراطية.. حتى يكون ذلك الإستحقاق فرصة لإحداث مُـنعرج نوْعي بالبلاد على كافة الأصعدة، وخاصّة على صعيد الإنتقال الديمقراطي ». البلد في حاجة إلى سلطة متفاعلة
إذا كان أعضاء « حزب العمل الوطني الديمقراطي » يعتبرون بأن الإعتراف بهم ليس سوى مسألة وقت، حسب اعتقاد أحد قادتهم (المحامي محمد جمور) بعد أن رفضوا الإندماج في حركة التجديد أو البقاء متمترسين داخل صفوف الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية في تونس)، إيمانا منهم بضرورة احترام خصوصيات العمل النقابي، فإن تيار « الإصلاح والتنمية »، له وجهة نظر مغايرة. فأصحابه لم يقرِّروا بعد أن يتحوّلوا إلى حزب سياسي ولا يحرجهم بأن يُـوصفوا بالمستقلين، ويعتبرون أن الأولوية لديهم الآن، هو العمل على تطوير أداء المعارضة. فهُـم، بالرغم من إدراكهم بأن البلاد في حاجة إلى سلطة متفاعلة إيجابيا مع دعوات الإصلاح، إلا أنهم يلِـحّـون في خطابهم على التأكيد على ضرورة وجود « معارضة إصلاحية وجديّـة ومقنِـعة ولها تأثير »، ويؤكدون أنهم يريدون أن يكونوا « جزءً من هذه المعارضة ». وإذ يؤكد محمد القوماني، عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، على أن من بين خصوصيات هذا التيار « نفْـي التعارض بين الهوية العربية والإسلامية وبين الحداثة، وأن هناك قواسِـم مشتركة يمكن أن تجمع مُـختلف التيارات وتحقّـق التوافق بينها »، فإن فتحي التوزري كان حريصا على أن يؤكّـد بأن ذلك « لا يشكِّـل الميزة الرئيسية للتيار ». الإصلاح المؤسساتي.. عملية صعبة ومعقدة
لا شك في أن ضُـعف الأحزاب التونسية مقابِـل تضخّـم الحزب الحاكم المندمج في أجهزة الدولة، هو الذي قادها إلى التفكير في بناء تحالفات، عساها من وراء ذلك، أن تفرض وجودها وتحاوِل التأثير في صنع السياسات، لكن السؤال الذي يطرحه كثيرون هذه الأيام: هل سيقدر « تحالف المواطنة والمساواة » أن يغيِّـر، ولو قليلا، من المشهد السياسي القائم منذ أن انتهت عملية الفَـرز السياسي في مطلع التسعينات من القرن الماضي، حين تمّ تشكيل أول برلمان تعدّدي يحتكِـر فيه التجمع الدستوري الديمقراطي الأغلبية الواسعة والمتجدّدة باستمرار؟ وبتعبير آخر، هل ستتفاعل السلطة مع مكوّنات هذا التحالف، الحريصة على تجنب كل ما من شأنه أن يؤدّي إلى القطيعة السياسية مع النظام أم أنها ستبقى مُـكتفِـية بالأحزاب المقرّبة منها، رغم أنها غير مقتنعة بأداء بعض هذه التنظيمات التي أصبحت عالة على الحزب الحاكم وتعيش من الفتات الذي يقدّمها لها، خاصة في المناسبات الانتخابية؟ لا يوجد أي مؤشِّـر على إمكانية أن تكون علاقة السلطة بهذا التحالف الجديد مغايرة لما فعلته مع حركة 18 أكتوبر على سبيل المثال، رغم اختلاف اللّـهجة والآليات والخطاب، لكنها مع ذلك، بدت (أي السلطة) أكثر حِـرصا على عدم الإصطدام (في الوقت الحاضر على الأقل) مع أصحاب هذه المبادرة. أما هؤلاء، فهُـم مقتنعون من جهتهم بأن الإصلاح السياسي الذي ينشدونه ويطلقون عليه صفة « الإصلاح المؤسساتي »، هو عملية صعبة ومعقّـدة، لكنهم – خلافا لأطراف أخرى في المعارضة – يعتقدون بأن تحقيق بعض المكاسب في ظل موازين القِـوى الرّاهنة، أمر ممكن وأن تجنب وسائل وآليات الإحتجاج السياسي، هو الأسلوب الأفضل لإنجاز ذلك، وهذا ما ستؤيِّـده الأسابيع والأشهر القادمة أو تثبت عكسه. صلاح الدين الجورشي – تونس – swissinfo.ch  
(المصدر: موقع « سويس إنفو »(سويسرا)  بتاريخ 17 ماي 2010)  


توافق بين الصحافيين التونسيين حول مؤتمر وطني نهاية العام الجاري

 


سايرت الجلسة العامة للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين ضمنيّا مقترح تنظيم مؤتمر وطني خلال شهر ديسمبر القادم لينتهي بذلك جدل كان متواصلا منذ فترة سابقة  ولتنفتح آفاق الهيكل النقابي الصحفي التونسي على مؤشرات في اتجاه توحيد الصفوف وتجاوز المخلفات والأحداث التي أعقبت بعث النقابة في بداية سنة 2008 لتخلف جمعية الصحافيين التونسيين التي كانت تنشط منذ عقود طويلة.   وشهدت الجلسة العامة العادية التي انعقدت بأحد نزل تونس العاصمة مساء الاربعاء 16 جوان الجاري حضور ممثل عن الاتحاد الدولي للصحافيين « الفيج » (السيد يونس مجاهد) وممثل عن اتحاد الصحافيين العرب  (نقيب الصحافيين السوريين) وعرفت نقاشات بين الصحافيين حول سبل تطوير واقع الصحافيين المهني وخاصة الشبان منهم.
ولم تعرف الجلسة العامة أجواء ساخنة في ظلّ التوافق الموجود حول تجاوز الوضع الحالي والسعي لتوفير أجواء وئام وتوحّد للجهود من أجل إنجاح المؤتمر القادم للنقابة وتصعيد مكتب جديد يتولى مواصلة الإشراف على شؤون النقابة في ظل وحدة وتجانس تقطع مع كلّ ضروب الاختلاف أو الانقسام أو التوتّر التي سادت على مدار العام المنقضي.
وفي ظلّ هذا الوفاق ستتّجه الأنظار إلى قادم الأسابيع لرؤية خطوات عملية تنفيذية إعدادا لهذا المؤتمر وضمان سبل نجاحه. يُذكر أنّ الجلسة العامة أكّدت وحدة الجسم الصحفي التونسي والتفاف كلّ الصحافيين حول القيادة الحالية ناهيك وأنّ أعضاء المكتب التنفيذي السابق قد شاركوا زملاءهم أعمال هذه الجلسة العامة في ظلّ ما تمّت الإشارة إليه سابقا من انسجام صحفي تونسي خلال المؤتمر الأخير للاتحاد الدولي للصحافيين الملتئم في اسبانيا والذي شهد جلسة مصالحة بين النقيب الحالي جمال الكرماوي والنقيب السابق ناجي البغوري وبحضور عضو المكتب الحالي شكري بن نصير وعضو المكتب السابق زياد الهاني وتحت إشراف قيادات من الفيج. (المصدر: موقع السياسية الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 17 جوان  2010)  


التونسيون بالخارج يتذمرون من قطع خدمة « سكايب »


يشتكي التونسيون في الخارج من قطع خدمة « سكايب » في بلادهم منذ أكثر من شهر. هذه الخدمة يستخدمها رواد الأنترنت التونسيون في الخارج منذ تعميم الأنترنت وخدمة الربط السريع في تونس.  
فرانس 24 (نص) في الثالث من مايو / أيار الفائت الذي يصادف » اليوم العالمي لحرية الصحافة » لاحظ التونسييون المقيمون بالخارج انقطاع خدمة « سكايب » وهو برنامج مجاني للمحادثة بالصوت والفيديو إضافة إلى نقل الملفات. هذه الخدمة يستخدمها رواد الأنترنت من المهاجرين التونسيين في الخارج منذ تعميم الأنترنت في تونس وخدمة الربط السريع . ويوجد في تونس – عدد السكان 10 مليون نسمة – نحو 2.8 مليون مستخدم للانترنت. فمنذ شهر تقريبا تنقطع المكالمة على سكايب بعد عشرة ثوان فقط من بدئها ، وقد ظن مستخدمو الانترنت في البداية أن الأمر مجرد عطل تقني ظرفي ولكنهم تأكدوا بعد أسابيع أن تردي الخدمة يعود لقرصنة يمارسها النظام الحاكم على خدمة سكايب . التونسيون بالخارج انقسموا في تحليلهم للأسباب الكامنة وراء عملية قطع هذه الخدمة المجانية من قبل وزارة الاتصالات التونسية ومن ورائها جهاز الرقابة على الأنترنت الذي أنشأته السلطة التونسية والذي يسميه مستعملو الأنترنت رقيب الانترنت. مستخدمو سكايب خاصة في خارج البلاد أنشئوا صفحة على الفايسبوك للتعبير عن احتجاجهم على قطع خدمة سكايب سموها  » أطلق سكايب ، أريد محادثة عائلتي » وتضم المجموعة الحديثة الإنشاء قرابة الألف عضو … شادي وهو تونسي مقيم في كندا منذ 4 سنوات يقول في اتصال مع فرانس 24 أن قرصنة سكايب بالنسبة إليه مفاجأة كبرى وسيئة للغاية حيث أنه اعتاد منذ هاجر لمواصلة دراساته الجامعية في مدينة كيبك الكندية ، الاتصال بعائلته يوميا من خلال برنامج سكايب المجاني ، خاصة أن كلفة المكالمة الهاتفية من كندا لتونس تتجاوز 1.5 دولار للدقيقة الواحدة إذا استعمل الهاتف العادي لمكالمة تونس. شادي يعتقد أن سبب قطع هذه الخدمة يعود للضغط الرهيب الذي تمارسه الوكالة التونسية للاتصالات على الحكومة التونسية خاصة أن عائداتها المتأتية من المكالمات الهاتفية للخارج قد عرفت منذ سنتين تقريبا انخفاضا » قاربت نسبته 70 في المائة » مما حدا بها إلى تخفيض تكلفة المكالمات باتجاه دول أوروبية محددة كفرنسا وألمانيا حيث تتواجد الجالية التونسية بكثافة.. ولكن هذه الحملة التجارية لم تنجح في استعادة الزبائن الذين تركوها للتمتع بخدمة سكايب…شادي أكد علمه منذ أشهر قليلة بسعي هذه الوكالة لقطع كل خدمات الاتصال المجاني مثل سكايب وأم أس أن لكن ظن أن ذلك سيكون أمرا غير ممكن التحقيق تقنيا … سلمى هي مسؤولة مبيعات تونسية تقيم منذ سنوات قليلة في بريطانيا فوجئت هي كذلك بقطع خدمة سكايب مؤخرا ، عزيزة اتصلت مباشرة بموقع الخدمة في السويد للاستفسار عن أسباب تردي هذه الخدمة وقطعها حين تتصل بتونس ، لكنها تلقت بريدا الكترونيا من الشركة يؤكد أن أسباب القطع لا تعود إلى مشكلة تقنية ..سلمى أدركت أن السبب عائد إلى تدخل رقيب الأنترنت كما هي الحال في تونس مع فاسيبوك وأم أس أن. سلمى ترى أن الحل الوحيد لإعادة هذه الخدمة هو أن يقوم التونسيون في الخارج بنشر صفحة خاصة على الفايسبوك للاحتجاج على هذه العملية تكون موجهة أساسا إلى الرئيس زين العابدين بن على ليتدخل شخصيا لإعادة هذه الخدمة. خاصة أن بن على قام منذ سنتين بالتدخل شخصيا لدى السلطات لرفع الحظر على فايسبوك بعد قيام رواد الأنترنت بحملة مكثفة على الأنترنت . ماهر وهو تونسي مقيم في ألمانيا قال أن ما يحدث يُفسر بمحاولة بعض أفراد ومجموعات المعارضة استغلال هذه الخدمة المجانية للاتصال بالمعارضة داخل البلاد دون التعرض إلى الرقابة الحكومية الموجودة على المكالمات الهاتفية العادية ، فالتونسيون في الخارج هم بذلك ضحية فئة من التونسيين تعمل ضد مصلحة البلاد. ولذلك يعتقد أن هذا الإجراء شرعي ولو كانت له تبعات غير طيبة على التونسيين في الخارج الذين يستخدمون سكايب للاتصال بذويهم. http://www.france24.com/ar/20100616-tunisia-freedom-speech-skype-service-cut-opposition  

بعد اضطرابات المكالمات الهاتفية عبر الانترنات خبراء يتوقعون توقف العمل بـ«سكايب» و«ام.اس.ان» قريبا

 


بعد أن مثل «سكايب» و«آم آس آن» ملجأ العديد من مستعملي الأنترنات في مكالماتهم الهاتفية المحلية والدولية حيث تقدم هذه الخدمة مجانا بل وأكثر حيث تكون المكالمة صوتا وصورة، تفاجأ هؤلاء في الأيام الأخيرة برداءة الاتصالات الهاتفية عبر شبكة الانترنات وبانقطاعها أحيانا وهو ما جعل الحديث يدور حول إمكانية وقف هذه الخدمة قريبا خاصة مع ظهور خدمات الجيل الثالث للاتصالات ومنها  التواصل عبر الإنترنات من خلال أجهزة الهاتف والتي  يمكن أن تسمح لمستخدمي هذه الأجهزة الاتصال عبر «سكايب» عوض شبكة الهاتف العادية.   «الصباح» اتصلت بمصادر مسؤولة في وزارة تكنولوجيات الاتصال التي أفادتنا أن الاضطرابات الحاصلة على الاتصالات الهاتفية عبر شبكة الانترنات لا علاقة للوزارة وهيآتها بها..مؤكدا أن سعة الربط الدولية بشبكة الانترنات (bande passante) بتونس تطورت في المدة الأخيرة لتصل 37,5 جيغابيت حاليا والتطلع لبلوغها 40 جيغابيت قبل موفى العام.   وأضاف أن سيولة حركة الاتصالات مؤمنة بشكل جيد في تونس التي تعمل وبصفة متواصلة على تدعيم جودة الخدمات من خلال توفير بنية تحتية تسمح بسيولة الحركة ذهابا وإيابا تؤمنها أربعة كوابل بحرية.   من جانب آخر أفادنا أحد الخبراء في التكنولوجيا والاتصالات أن حالة الاضطراب في «سكايب» و»آم آس آن» يمكن أن تكون بسبب إجراء اختبارات على «الحامل آس آس إي» (port SSI) الذي تعمل عليه الاتصالات عبر الانترنات ولم يستبعد محدثنا انقطاع العمل بمنظومتي «سكايب» و»آم آس آن» قريبا.   ويذكر أن الاتصالات عبر بروتوكول الانترنات (VOIP) المخصص للمؤسسات والشركات، وهو عبارة عن وسيلة لربط المحادثات الصوتية عبر شبكات الاتصال الحديثة يخضع في تونس للأمر عدد 2638 لسنة 2008 المؤرخ في 21 جويلية 2008 الذي مثل الإطار التنظيمي والتقني للخدمات الاتصالية عبر بروتوكول الانترنات بالنوعية المثلى ودعا إلى اعتماد المواصفات العالمية المتعلقة بجودة الخدمات، مع ضرورة تركيز منظومات لحماية الشبكات من مخاطر الاختراقات عبر الانترنات بما يؤمن الشبكات التي تعتمدها المؤسسات الاقتصادية والإدارية.   ويذكر أن مصر- وكذلك الإمارات قبل التراجع- فرضت مؤخرا الحظر على استخدام برنامج «سكايب» على الإنترنت في الهواتف الجوالة ومنعت استغلال هذه البرمجية لإجراء المكالمات الهاتفية الدولية عبر شبكة الإنترنت عن طريقة تقنية VOIP، وذلك بسبب مخالفتها للوائح والقوانين واعتبارها منفذ لتهريب المكالمات الدولية مما يضر بنسبة إجراء المكالمات الدولية بالطرق الشرعية.   واعتبر القرار نوع من إجراءات الحماية لطريقة تنظيم المكالمات الدولية  ولبعض الاستثمارات.   (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 17 جوان 2010-06-17)  


للعام الثاني.. جائزة « الحكم الرشيد » في إفريقيا بلا فائز


سلام أون لاين- وكالات للعام الثاني على التوالي، حجبت لجنة « جائزة الحكم الرشيد » والتي تمنح للزعماء الأفارقة الذين يضربون المثل في الحكم الرشيد جائزتها للعام الجاري 2010، عازية ذلك إلى  » أنه لم يكن هناك أي مرشحين جدد ولذا لم يتم اختيار الفائز » بالجائزة البالغ قيمتها خمسة ملايين دولار. وأسس الملياردير السوداني الأصل محمد إبراهيم – والمعروف في الغرب باسم «مو ابراهيم»- أكبر جائزة فردية في العالم كوسيلة لتشجيع الحكم الرشيد في قارة يستشري فيها الفساد والتزام فضفاض بالمبادئ الديمقراطية. أزمة مرشحين وقالت مؤسسة مو إبراهيم إن الجائزة التي تمنح للزعماء الأفارقة الذين يضربون المثل في الحكم الرشيد لن تمنح للعام الثاني على التوالي وعزت ذلك إلى أنه  » لم يكن هناك أي مرشحين جدد ولذا لم يتم اختيار الفائز ».بحسب وكالة رويترز الإثنين 14 /6/2010. وبينت المؤسسة إن لجنة الجائزة المكونة من سبعة أعضاء برئاسة الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان اجتمعت السبت الماضي ولكن لم يقع اختيارها على فائز.  وقال إبراهيم في بيان له: « المعايير المحددة للفائز بالجائزة عالية وعدد المرشحين المحتملين في كل عام قليل. ولذلك فمن المرجح أن تكون هناك سنوات لا تمنح فيها أي جائزة. » ويؤهل للجائزة القادة السابقون المنتخبون ديمقراطيا من الدول الإفريقية جنوب الصحراء الذين تركوا مناصبهم في السنوات الثلاث الماضية. للعام الثاني ولم تختر اللجنة الفائز بالجائزة العام الماضي أيضا. وكان رئيس جنوب إفريقيا السابق ثامبو مبيكي والرئيس الغاني السابق حون كوفور من المرشحين العام الماضي لنيل الجائزة. وفي أعقاب قرار عدم منح الجائزة في العام الماضي نفى إبراهيم أن ذلك كان ازدراء لزعماء مثل رئيس جنوب افريقيا السابق ثابو مبيكي أو الرئيس النيجيري السابق أولوسيجون أوباسانجو وقد كانا مؤهلين للجائزة. وكانت الجائزة التي تبلغ قيمتها أكثر من ثلاثة أضعاف جائزة نوبل للسلام قد ذهبت في عامها الأول (2007) لرئيس موزمبيق الأسبق يواكيم البرتو شيسانو، بينما ذهبت في عام 2008 لرئيس بوتسوانا السابق فيستوس غنتباني موغاي. وأسس الجائزة عام 2006، رجل الأعمال السوداني الأصل محمد إبراهيم، وهو رجل أعمال بقطاع الهواتف المحمولة، هاجر إلى بريطانيا عام 1974 من أجل الدراسة، وأصبح مديراً لشركة بي تي سيلنيت عام 1983، وأطلق جائزته عام 2007، ثم حاز لقب أكثر الرجال السود نفوذاً في بريطانيا عام 2009. ويعلل إبراهيم إطلاق جائزته بأن الكثير من الزعماء الأفارقة ينحدرون من عائلات فقيرة، ما يدفعهم للتمسك بالسلطة خشية الفقر، ولذا أوجد لهم حوافز من أجل الحكم الرشيد ولتشجيعهم على ترك مناصبهم عند انتهاء ولاياتهم، مشيرا إلى أنه قد تمضي سنوات دون أن يحصل على الجائزة أي أحد. ويحصل الفائز على خمسة ملايين دولار على مدى عشر سنوات ثم 200 ألف دولار سنويا مدى الحياة علاوة على 200 ألف دولار محتملة أخرى سنويا لمدة عشر سنوات عن « قضايا الخير » التي يدعمها الرئيس السابق.  
(المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 14 جوان 2010)


انتخابات هيئة المحامين المحاماة أولا، أولى القائمات المترشحة… وتوقعات بمنافسة حادة


أنهى المحامون تقديم ترشحاتهم لانتخابات الهيئة الوطنية للمحامين وسط توقّعات كبيرة بمنافسة انتخابية حادة بين تيّارات معروفة وسط القطاع تمثل مختلف الحساسيات السياسية والأيديولوجية. وتشير الأخبار من داخل القطاع  الى أن جميع الأطراف قد بدأت في تحديد عناصر قائماتها التي ستراهن عليها في السباق الانتخابي المحدد ليوم 20جوان القادم. وعلمت الصباح امس أن اولى القائمات الانتخابية التي تشكلت لخوض انتخابات الهيئة هي « قائمة المحاماة اولا » وتضم كلا من الاستاذ عماد بالشيخ العربي وحسن الذيب وعادل كنعيش وريم الشابي ورشاد الفري وحسن الكراي وعبد الرحمان كريم. وتوقعت مصادر قريبة من القطاع أن المنافسة ستنحصر بين ثلاث قائمات أساسية وهي قائمة المترشحين القريبين من التجمع الدستوري الديمقراطي  وقائمة اليسار والقوميين وقائمة المحامين ذوي الميولات الإسلامية او القريبين منهم. اما بخصوص المحامين المستقليين الذين ترشحوا بصفة فردية ولا يدعمهم أي طرف سياسي فمن المتوقع أن يلتحقوا باحدى القائمات الثلاث وهو ما يضمن لهم نسبة هامة من الاصوات. المحاماة اولا ارجعت قائمة «المحاماة أولا» في بيانها الانتخابي اسباب ترشحها إلى عضوية الهيئة إلى تعلق اعضائها»الثابت بمبادئ مهنة المحاماة وباستقلالية هياكلها المهنية ورقيها من كل توظيف» واكد البيان أن اسباب اختيار مرشحي القائمة ياتي نتيجة «خيار اساسه التناغم بين تصورات الاعضاء بما فيه ضمان للتوافق في تحمل مسؤولية التسيير في كنف الاعتدال دونما تفرد او اقصاء.» شدد البرنامج الانتخابي للقائمة على ضرورة تحسين اوضاع المحامين والارتقاء بظروف عملهم من خلال التشجيع على العمل في نطاق شركات ودعم الكفاءة المهنية والصناعية للمحامي عبر تمكينه من تكوين مستمر وتفعيل الدور الموكول للمعهد الاعلى للمحاماة في التكوين والاعداد كما دعت القائمة إلى ارساء مناظرة سنوية وطنية في الترافع. المحامون الشبان خصصت قائمة «المحاماة اولا» حيزا كبيرا من برنامجها الانتخابي لفائدة المحامي الشاب حيث طالب اعضاؤها بالترفيع في منحة الاعداد للحياة المهنية وضمان الانتفاع بها طيلة المدة القانونية للتمرين وتمت الدعوة إلى اعفاء المحامي المتمرن من الاداء الضريبي والنظر في امكانية استثمار اموال الصندوق في بعث مشاريع سكنية لفائدة المحامين الشبان. صندوق المحامين وبخصوص صندوق التقاعد والتغطية الصحية للمحامين دعت القائمة إلى ضرورة ضمان الديمقراطية في تسييره وحسن التصرف في الاموال والالتزام بالشفافية والنزاهة في ادارته. ولم يخل البرنامج الانتخابي للقائمة المذكورة من المناداة بمتابعة التصرف المالي للصندوق مع الالتزام باعداد تقارير دورية توضع على ذمة المحامين.وشكلت المطالب السكنية الخاصة بالمحامين اهم الاهداف التي دعت اليها القائــمة وذلك من خلال الاستغلال الامثل لاموال اهل القطاع. خليل الحناشي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 17 جوان 2010)


المرصد التونسي  للحقوق والحريات النقابية تونس في 17 /06 / 2010

محكمة الناحية  بتالة  تصدر حكما بالسجن شهرا  على احد النقابيين


بلغ  الى علم المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية  ان محكمة  الناحية بتالة – القصرين  اصدرت اليوم 17 جوان 2010  حكما بالسجن    لمدة شهر  على  النقابي  محمد الهادي الفريضي  عضو النقابة الاساسية للتعليم الثانوي بتالة  على خلفية خلاف  نقابي وقع بينه  وبين احد نقابيي التعليم الثانوي  منذ سنة 2009 وقيام النقابي الاخير  برفع شكوى ضده الى الامن  ثم وصلت  الى انظار القضاء  . ان  المرصد  وبعد صدور هذا الحكم يعبر اولا عن تضامنه اللامشروط  مع النقابي  محمد الهادي الفريضي ويأسف على انحدار النقابيين  نحو مستوى تصفية خلافاتهم  ومشاكلهم  النقابية عبر القضاء وعلى هذا الاساس يأمل المرصد من كل الهياكل  النقابية الجهوية والوطنية  التدخل العاجل لدى  النقابيين لفض هذا الخلاف داخل الاطر النقابية  وبما يحفظ حقوق الطرفين .
 عن المرصد   محمد العيادي  

لما لا يكون التمسك بالفصل العاشر (1) من النظام الداخلي للإتحاد العام التونسي
للشغل مدخلا لدفع الصراع مع البيروقراطية النقابية على المسألة الديمقراطية إلى آخره ؟

لا يختلف اثنان اليوم على أن أزمة الإتحاد العام التونسي للشغل قد بلغت حدّا من العمق لم تعد تجدي معه توصيفات من قبيل أنها مجرد أزمة قيادة بيروقراطية وأنه بإزاحة هذه القيادة يمكن تصحيح مسار الحركة النقابية. في الحقيقة إن هذا الموقف موقف شكلي ويختزل الأزمة في بعد واحد من أبعادها و لا ينفذ إلى فهم وتشخيص الأسباب العميقة لها. لقد أدّى هذا الموقف الذي تبناه اليسار النقابي ومارس على هديه إلى حصر الصراع مع البيروقراطية في الصراع على الموقع. مثل هذه المعالجة لأزمة الحركة النقابية انتهت تاريخيا بفشل ذريع ومدوّ لهذا اليسار النقابي الذي تحول قطاع كبير منه إلى حليف معلن للبيروقراطية أو لبعض عناصرها بينما راوح من حافظ منه على مسافة من البيروقراطية في وسطية انتهازية عاجزة عن بلورة أي موقف جذري أو أي مشروع نقابي بديل معارض للبيروقراطية وهو ما أدى إلى وضع من الفراغ النقابي استغلته البيروقراطية النقابية لمزيد ربط الإتحاد بالسلطة وبالأعراف ولتسريع عملية اندماجها بالدولة.  إن اعتبار الأزمة التي تنخر الإتحاد العام التونسي للشغل مجرد أزمة ناتجة عن إنحراقات قيادات هذه المنظمة وتحديد الصراع داخل الإتحاد على هذا المستوى فقط موقف حال تاريخيا دون تشكل معارضة نقابية جذرية مناضلة ترى أبعد من الصراع على الموقع. لذلك يمكن القول أن أزمة الحركة النقابية وتعمقها إلى الدرجة التي أصبحت عليها اليوم هي في وجه من وجوهها تعبير عن خطأ هذا الطرح وعن أزمة المجموعات النقابية أو الخطوط النقابية التي تبنته وفشلها في تغيير الإتحاد بالرهان على الموقع. ولعل تجربة ما يقارب العشريات الثلاث من فعل اليسار النقابي داخل الإتحاد العام التونسي للشغل وفشل رهان التغيير على هذه القاعدة لخير دليل على ما نقول. إن قصر نظر المجموعات والتيارات النقابية اليسارية على تعدد مشاربها وتسمياتها هو الذي حال دون تَمَثُلِ كل أبعاد الأزمة التي تعيشها الحركة النقابية هذه الأزمة التي لم تتوقف عند إنحرفات قياداتها بل تعدتها لتشمل كل مرتكزات العمل النقابي وكل أبعاده. إن مظاهر التبقرط والتبعية السياسية مظاهر نشأت مع نشأة الإتحاد العام التونسي للشغل.ولئن لم تمنع هذه التشوهات التي نشأت مع الولادة الحركة النقابية وفي بعض المحطات التاريخية وهي قليلة على كل حال من التعبير عن نزوعها إلى تجاوز هذه القيود [1978ـ 1985 ـ 2002 ] إلا أن نزوعها هذا ولغياب مشروع نقابي عمالي مستقل وديمقراطي ولغياب القوى النقابية القادرة على النضال من أجل إرسائه لم يؤد إلا إلى إعادة ترميم نفس المشروع البيروقراطي المأزوم وإطالة حياة تشوهات الولادة وعودة البيروقراطية في كل مرة وبعد كل منعرج إلى الركح كقوة مهيمنة. [أنظر مؤتمر قفصة سنة 1981 ومؤتمر سوسة سنة 1989] و مؤتمر جربة 2002 والذي كان  النموذج الأكثر تعبيرا من بين المحطات السابقة للتسويق لمهزلة المشروع المأزوم وإعادة بعث الروح فيه. كما كان أيضا دليلا على عجز اليسار النقابي عن تمثل دوره ومهماته و توقفه عن كونه يمكن أن يشكل معارضة نقابية مستقلة. ولئن أثبت مؤتمر جربة والذي سمي مغالطة بمؤتمر التصحيح عجز اليسار عن كونه معارضة مستقلة عن البيروقراطية فإن مسار السنوات العشر التي تلته بما فيها محطة مؤتمر المنستير كانت الشهادة على دخول هذا اليسار في حالة موت سريري. لذلك نقول أنه واعتبارا لكل ما تقدم يصبح من قبيل المغالطة الاعتقاد بأن أزمة الإتحاد العام التونسي للشغل هي أزمة انحرافات قياداته البيروقراطية فقط بينما كل القرائن والتحاليل تدفع في اتجاه التأكيد على أن الأزمة هي أزمة مشروع نقابي استنفد تاريخيا كل إمكانياته ولا بد بالتالي إذا ما رمنا حقا تقديم معالجة سليمة لأزمة الحركة النقابية دون السقوط في إعادة إنتاج أخطاء الماضي من إعادة النظر بشكل جذري وشامل في معضلات الحركة النقابية للخروج بمشروع نقابي مستقل ديمقراطي ومناضل ـ مشروع بديل يستجيب لطبيعة التحديات الراهنة ويقدم الإجابات الضرورية اليوم للشغالين للدفاع عن مصالحهم في وجه آلة الإستغلال والقمع الرأسمالي [ الإجابات نعني بها شكل التنظم النقابي والسياسة النقابية ]. إن وضع الإتحاد اليوم وواقع الحركة النقابية يؤكد ما ذهبنا إليه في تحليلنا فلقد استنفدت هذه التجربة كل إمكانياتها. فالإتحاد العام التونسي لشغل اليوم سواء كشكل تنظيمي نقابي أو كسياسة نقابية وتحديدا بعد اكتمال اندماج قياداته البيروقراطية في المشروع الاجتماعي والسياسي للطبقات السائدة وإفلاس مشروع اليسار النقابي تحول إلى منظمة فاقدة لهويتها الطبقية. منظمة لا صلة لها بالعمال وبالعمل النقابي. منظمة بيد الأعراف الرأسماليين والدولة يقتصر دورها على إفراغ العمل النقابي من كل محتوى نضالي وتلعب موضوعيا دور الكابح لكل إمكانية تغيير أو تجذر. إن أزمة الإتحاد اليوم ليست أزمة ظرفية أو عابرة إنها أزمة مشروع لم يعد يستجيب لا لشروط النضال ولا للسياسات النقابية التي تطمح لها الحركة العمالية في مواجهة التحولات التي عرفها عالم العمل وفي ظل الهجوم الكاسح الذي يشنه رأس المال اليوم على القوى العاملة. لقد أردنا بهذه المقدمة المطولة أن نمهد لنقاش مسألة مطروحة في الساحة النقابية التونسية اليوم ونشط الحديث حولها مؤخرا ونعني بذلك مسألة الفصل العشر من النظام الداخلي للإتحاد العام التونسي للشغل هذا الفصل الذي تلوّح البيروقراطية النقابية اليوم بمراجعته. إن مواقف عديدة طالعتنا في المدة الأخيرة تحدثت عن أهمية الفصل العاشر ودعت إلى التمسك به وحذرت البيروقراطية من مغبة تحويره لأن ذلك يعد انتهاكا للديمقراطية وانقلابا على إرادة القواعد النقابية وقرارات مؤتمر ديمقراطي ومسا من مصداقية هذه المنظمة… إلخ.  إن اللافت للنظر في كل المواقف التي ظهرت إلى حدّ الآن برغم التقائنا معها مبدئيا في ضرورة  الدفاع عن هذا الفصل وفي ضرورة التصدي للبيروقراطية ومنعها من تحويره هو أنها كلها حصرت الصراع مع البيروقراطية وفي هذه المرحلة في الفصل العاشر وحده دون التطرق إلى مسائل الخلاف الأخرى ذات العلاقة بمسألة الديمقراطية النقابية وكأّن الفصل عشرة من النظام الداخلي هو السقف الذي لا يمكن أن نتجاوزه اليوم في عملية الدفاع عن الديمقراطية النقابية والنضال من أجل منظمة نقابية ديمقراطية فعلا. أو كأنه فصل مفصول عن نظام داخلي للإتحاد هو برمته نظام منتهك للديمقراطية. كذلك لابد من الإشارة أيضا إلى أن كل وجهات النظر التي طالعتنا توقفت عند التشخيص ولم تتعداه لتقديم اقتراحات عملية ملموسة يمكن أن تنبثق عنها أشكال نضالية ميدانية تعمل على التصدي للبيروقراطية وتمنعها من المساس بهذا الفصل ولما لا تذهب بعيدا في النضال من أجل نقابة ديمقراطية فعلا.  في الحقيقة إن اعتبار التمسك بالفصل العاشر كسقف للنضال ضد انتهاك البيروقراطية للديمقراطية النقابية والسكوت عن تقديم اقتراحات عملية ملموسة تؤدي إلى انبثاق أشكال نضالية ميدانية قاعدية والتسليم بأن أمر الحسم هو موكول للأطر التقليدية لهذه المنظمة [هيئة إدارية ـ مكتب تنفيذي موسع ـ مجلس وطني ] يبقي وجهات النظر التي ذكرنا مجرد مواقف لا إمكانية حقيقية لتلميسها على مستوى الواقع وبعيدة عن دفع الصراع مع البيروقراطية على المسألة الديمقراطية إلى آخره ولا حتى على مسألة الفصل العاشر لوحده.  لذلك نقول إن مسألة الفصل العاشر قد فتحت أمام الحركة النقابية وتحديدا أمام المعارضة النقابية الديمقراطية على ضعفها وتشتتها واختلافاتها إمكانية لخرق حالة الدوران في حلقة مفرغة وهي الحالة التي وسمت نشاطات هذه المعارضة طيلة السنوات الفارطة ومكنتها من مجال للنضال والصراع ضد البيروقراطية من أجل مشروع نقابي كفاحي يتجاوز الفصل العاشر في حدّ ذاته ليلامس المطروح اليوم على الحركة النقابية وربما يتقدم أشواطا في تجسيم الحل الحقيقي الضروري اليوم للحركة العمالية والمتمثل في نقابة مستقلة وديمقراطية ومكافحة. إن المعارضة النقابية اليوم مدعوة لوعي أهمية هذا الظرف بالتحديد وأنه لم يعد مجديا المراوحة في أنصاف الحلول فقد بينت التجربة أن المستفيد من هكذا أنصاف حلول لم يكن غير البيروقراطية ورأس المال والدولة وأن أنصاف الحلول لم تنتج تاريخيا غير تأبيد المشروع البيروقراطي المأزوم. إن حاجة الحركة العمالية اليوم ماسة أكثر من أي وقت مضي لبديل نقابي في مستوى التحديات التي يواجهها الأجراء بديل ديمقراطي ومستقل وكفاحي يضمن للعمال والأجراء كشكل تنظيمي نقابي استقلالية قرارهم ويتيح لهم إمكانيات للنضال من أجل تحقيق مطالبهم ومواجهة هجوم رأس المال.  إن أي مشروع للإصلاح النقابي ديمقراطي فعلا يجب أن يتصدى للمسألة في شموليتها لا أن ينحصر في فصل من الفصول نعلم جيدا أن البيروقراطية قد رتبت للالتفاف عليه منذ مؤتمر المنستير وهي الآن في الطور الأخير من مؤامرتها. وإن أي مشروع للإصلاح النقابي لا يقدم أي إمكانية لانبثاق أشكال نضالية قاعدية على قاعدة معارضة للبيروقراطية سيكون مجرد لغو وبلا جدوى. ــــــــــــــــــــــــــ (1) ينصص الفصل العشر من النظام الداخلي للإتحاد العام التونسي للشغل على : أ ـ يتركب المكتب التنفيذي الوطني للإتحاد العام التونسي للشغل من ثلاثة عشر عضوا. ـ يتم انتخابهم من قبل المؤتمر بالاقتراع السري لمدة ـ 05 ـ خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة… بشير الحامدي 16 ـ 06 ـ 2010


اعتصام في ادارة الملكية العقارية بسيدي بوزيد

نفذ اليوم الخميس 17 /06 / 2010  اعوان ادارة الملكية العقارية بسيدي بوزيد وقفة احتجاجية بساعة ونصف من الرابعة بعد الزوال الى الخمسة والنصف وذلك على خلفية احالة النائب الاول للنيابة النقابية لهذه المؤسسة على مجلس التاديب علما ان المدير الجهوي او حافظ الملكية العقارية بسيدي بوزيد لا يعترف بالعمل النقابي ويقوم بظغوطات عديدة ضد الاعوان الذين انخرطوا في النيابة النقابية وصلت الى حد التهديد وقد رفعت الوقفة الاحتجاجية اليوم بعد تلقي الاعوان وعودا بحل الاشكال في اقرب وقت علما ان الهياكل النقابية الجهوية بسيدي بوزيد تهدد بتوسيع التحرك الاحتجاجي اذا لم يقع حل هذا الاشكال ووقف كل انواع الظغوط ضد الاعوان والنقابيين في هذه المؤسسة . نقابي – سيدي بوزيد — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux  

النقابة الجهوية للتعليم الثانوي بصفاقس تنعى المناضل النقابي محمد علي طقوقي

تنعى النقابة الجهوية للتعليم الثانوي بصفاقس المناضل النقابي و عضو المكتب التنفيذي للإتحاد الجهوي للشغل بصفاقس محمد علي طقوقي الذي وافاه الأجل المحتوم عصر هذا اليوم 17 جوان 2010 . رحمه الله و رزق أهله و ذويه و النقابيين الصادقين جميل الصبر و السلوان عامر المنجة الكاتب العام للنقابة الجهوية للتعليم الثانوي — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux  


حمام سوسة حديقة  » شبين الكوم  » عود على بدء

 


يعد المال العام أمانة يتعهد المواطن و المسؤول بالمحافظة عليه و تنميته ، غير أنه و في ظل الإستبداد السياسي كالذي نعيشه اليوم يتحول هذا المال إلى غنيمة يسعى المسؤول قبل المواطن للظفر به ، و يدخلون في سباق محموم لضمه لبقية مغانمهم ، خاصة في الوضعية التي يكون فيها القانون و الرقابة و الإعلام أجساما معطلة إن لم نقل مسخرة للتمعش المطلق من هذا المال العمومي . و مرد حديثنا هذا ، ما يجري اليوم من أشغال في الحديقة البلدية  » شبين الكوم  » ، الحديقة الوحيدة بحمام سوسة القريبة من شاطئ البحر استحدثت هذه الحديقة صمن تقسيم  » سبينوزا  » منتصف تسعينات القرن الماضي و أطاق عليها إسم  » شبين الكوم  » نسبة إلى مدينة شبين الكوم المصرية  » محافظة المنوفية  » مسقط رأس الرئيس المصري الحالي   » حسني مبارك  » و التتوأمة مع بلدية حمام سوسة مسقط رأس الرئيس التونسي الحالي . و قد صمت هذه الحديقة لحظة استحداثها دورة مياه مزدوجة  » رجال و ذكور  » تفتح على الطريق المؤدي إلى البحر ، و مشربة صغيرة جدا لا تتجاوز مساحتها 8 أمتار مربعة ، تم تسويغها في بتة عمومية إلى المدعو  » رشيد الجديدي  » بمبلغ قدره 500 د شهريا و لمدة عامين . و منذ اللحظات الأولى أبدى المكتري جشعا غير معهود ، حيث ألغى دورة المياه العمومية و ضمها إلى المقهى ، ثم ما لبث أن فتح أشغالا جديدة حول من خلالها المشربة الصغيرة إلى مقهى و مطعم سياحي على حساب المساحة الخضراء للحديقة و المجلس البلدي المنتهية نيابته لم يحرك ساكنا ، و في خطوة غير مسبوقة عمد إلى تغيير إسم الحديقة إلى  » بابليون  » و في نهاية الصائفة الماضية سير أشغالا جديدة أراد من خلالها تركيز المطعم بالبناية القديمة و فتح مقهى جديد على الضفة الأخرى من الحديقة ليستولي بذلك على كامل الحديقة . و لولا التغطية الاعلامية التي قامت بها جريدة الموقف في تلك الفترة و مجهودات بعض المستقلين التي أفضت إلى إيقاف الأشغال و قطع الطريق أمام المتسوغ لتعذر على العموم اليوم دخولها . و قد تأكد لدينا هذه الأيام أن المتسوغ المدعو رشيد الجديدي قد سوغ المقهى إلى أحد أبناء الجهة المعروف بإسم  » الدقنة  » لمدة سنة بمبلغ قدره ثلاثون ألف دينار و بضمان قدره خمسة عشرة دينار . كما أقدم مجددا على تسيير أشغال جديدة ترمي إلى استغلال الأماكن المضللة و المخصصة للجلوس في الحديقة و تحويلها إلى فضاءات تابعة للمقهى و إلى عزل الأجزاء المعشبة عن الطرقات المبلطة بواسطة الأسلاك المعدنية و هو يرمي من وراء ذلك إلى إحكام السيطرة المطلقة على الحديقة . و بالعودة إلى الأسباب التي جرأت المكتري على الملك العمومي و ذكت فيه عقلية التمعش منه نجد أن المعني بالأمر على علاقة جد وثيقة بالمستشار البلدي السابق و رئيس شعبة المدينة و عضو اللجنة المركزية للتجمع المدعو  » وليد المهيري  » الذي سخر بدوره صفاته و مسؤولياته للتمعش بدوره من هذا الملك السائب الذي لا شيء يحميه و لا أحد يحافظ عليه ، و قد سرح المكتري عديد المرات أنه يغدق العطايا على عضو اللجنة المركزية حتى يضمن له الأرضية المثلى لإحكام السيطرة على هذه الحديقة ، و قد سرح أنه أوصل وليد بمبلغ قدره ثمانية آلاف دينار على مراحل ، و تجدر الإشارة في هذا المجال أن العلاقة بين المستشار البلدي السابق برئيس اللجنة الاقتصادية السابق كذلك توترت بشكل ملحوظ في فترة ما بسبب الموقف مما يجري في هذه الحديقة و بعض المسائل الأخرى ، لذلك و نظرا لأهمية الموضوع و حيوته فإنني
1 – أدعو المجلس البلدي الجديد إلى إيقاف الأشغال الجارية بالحديقة فورا و المحافظة على هذا الفضاء العمومي المهم بإعتباره ملكا لكل متساكني المدينة و الوافدين عليها و محاسبة المكتري لإنجازه أشغالا بدون رخصة و في ملك عام ، لعل قرار إيقاف الأشغال هذا يكون مؤشرا ايجابيا على جدية هذا المجلس و مؤشرا على نزاهته و حسن انطلاقته . 2 – أدعو السلطة و هياكلها المختصة ( الاقتصادية و الأمنية ) لتثبت من الخدمات المقدمة داخل هذه الحديقة و مقارنتها بتراخيص النشاط المسندة لهذا الفضاء . 3 – كما أدعو السلطة و البلدية إلى فتح تحقيق فوري في عملية تسويغ المقهى مرة ثانية من طرف المكتري الأول إلى شخص ثاني و اتخاذ الاجراءات القانونية الصارمة لردعه . 4 – أدعو جريدة الموقف و مراسلها في المدينة إلى مواصلة الدور الايجابي الذي لعبته في هذه القضية كما أدعو المرصد الافتراضي المحلي للشأن العام إلى إبداء رأيه و بلورة موقفه من هذه القضية الهامة و أدعوه إلى استنهاض القوى و الحية في المدينة للعب دورها في الحفاظ على هذه الحديقة . 5 – أدعو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان  فرع سوسة للخروج من صمتها الغريب و تفعيل دورها في الدفاع عن الحقوق الفردية و الجماعية للمواطنين و التي يعد الحق في التمتع بفضاء ترفيهي عمومي و مجاني من أبسطها ، كما أدعو في هذا الإطار جامعة سوسة للحزب الديمقراطي التقدمي إلى زيارة هذه الحديقة و بلورة موقف سياسي مما يجري داخلها من تجاوزات و اخلالات ، و لما لا الدعوة إلى شكل احتجاجي عملي يقطع الطريق و يدين كل المتمعشين من المال العمومي . رامي جغام


أي الأخطار أكبر على مستقبل أي شعب من الشعوب وأي أمة من الأمم؟

 


  بقلم: علي شرطاني – تونس   لئن كانت الأخطار التي تتهدد الشعوب والأمم كثيرة ومتنوعة، إلا إنه يمكن إيجازها في ثلاثة أخطار لعلها الأكبر: 1- الخطر الخارجي. 2- خطر الأنقسام والإحتراب الداخلي. 3- خطر الإستبداد السياسي. وليس الترتيب تفاضليا بالطبع، لأن الخطر الأكبر من هذه المخاطر المشار إليها هو خطر الإستبداد ونظام الحكم القهري الذي، كما يمكن أن يكون مدنيا فرديا أو عائليا أو قبليا أو عشائريا أو حزبيا أو طائفيا، يمكن أن يكون عسكريا أو مخابراتيا بوليسيا. وهو الأخطر لأن الخطرين الآخرين يمكن أن يكونا نتيجة له ومن تداعياته وبسبب خياراته المختلفة الفاسدة. ولنا في ما حصل قديما في الكثير من مناحي الأرض خير دليل، ولنا في ما حصل وما هو حاصل في أفغانستان والعراق والصومال واليمن وباكستان خير مثال على ذلك.   – أهم مخاطر الإستبداد:

ليس للإستبداد في الحقيقة مخاطر باعتباره من أهم المخاطر على الإطلاق. وهو مصدر كل المفاسد والأضرار والخسائر، ولكن الذي أردت الإشارة إليه هو المقتل الأكبر الذي يمكن أن يصيب به شعبا من الشعوب أو أمة من الأمم، والذي لا يمكن أن تكون الخسارة فيه تضاهيها خسارة، وهي الخسارة التي يمكن أن تمتد آثارها السلبية المدمرة في الزمن. وهي التي يمكن أن تكون لها التداعيات الأكبر أكثر من أي خسارة أخرى من تلك التي يصيب بها الإستبداد الأوطان والشعوب والأمم. ذلك أن أشد ما يصيب الإستبداد العنصر البشري عموما والرصيد البشري الأهم الذي يمثله الشباب خاصة. فليس أخطر على الشعوب من تدمير الخلف الذي يمثله شباب كل شعب. ولا تدمر الشعوب إلا بتدمير أجيال الشباب فيها. وإذا كان المحتل الأجنبي دائم الإستهداف في التدمير للعنصر البشري عموما بوسائل وأدوات مختلفة، فإن أشد ما يكون حريصا على تدميره هو الأطفال والشباب. وقد رأينا ومازلنا نرى كيف أن الكيان الصهيوني والإحتلال الأمريكي الغربي يمعن في الإستهداف المباشر لأطفال وشباب أفغانستان والعراق وفلسطين ووزيرستان… بالقتل والتيتيم والتشريد والإعاقة والتجهيل والتهميش والتجويع. وإذا كان الإحتلال يفعل ذلك لأغراض وأهداف سياسية واقتصادية وثقافية ودينية وعنصرية من أجل الهيمنة والنهب والمجد والسيطرة والأرض والإستيطان، فإن للإستبداد أساليبه وطرائقه ووسائله المختلفة التي يضمن بها السيطرة، وله غاياته وأهدافه التي عادة ما يلتقي فيها، خاصة في هذه المرحلة من التاريخ التي انتهت فيها السيطرة والتفوق الحضاري للغرب الصليبي اليهودي الإستعماري الصهيوني، مع الأجنبي الذي يقيم قوته، ليس على إبداعه في العلوم والمعارف وتفوقه فيها فقط، ولكن الأكثر من ذلك أن أكثر ما انتهى به إلى هذه القوة وذلك التفوق، هو أنه بنى حضارته هذه وقوته وتفوقه ذاك على جماجم الشعوب. فإذا كان لا قيام لشعب في أي بلد ولا استمرار له في الوجود إلا بخلفه من الشباب، فإن تدمير الشباب هو تدمير للشعب وللبلاد حاضرا ومستقبلا.   – أهم مراحل تدمير الرصيد البشري للشعب في تونس العروبة والإسلام:
فبمرور الشعب التونسي كجزء من باقي شعوب أمة العرب والمسلمين بثلاث مراحل رئيسية في تاريخه، والتي هي مرحلة الإنحطاط في الحقبة العثمانية، ومرحلة  » الإستعمار  » في حقبة الإحتلال الغربي لمعظم بلاد أمة العرب والمسلمين والغزو الفرنسي لبلادنا، ومرحلة استبداد الدولة العلمانية الحديثة المغشوشة، فقد كانت السمة البارزة المشتركة بين هذه المراحل الثلاث، هو تدمير العنصر البشري فيها بالجهل والأمية والتخلف والإنحطاط مرة، وبالقتل والإبادة والنهب والمسخ أخرى، وبالقهر والتغريب والتكفير ثالثة. والذي بات مؤكدا بعد المرور بكل هذه المراحل، أن المرحلة الأكثر خطورة على الشعب التونسي وعلى أبناء الشعب التونسي وعلى قدراته وطاقاته الشابة، هي مرحلة الإستبداد التي حرص المحتل الفرنسي حرصا شديدا على أن لا يترك البلاد ولا يغادرها عسكريا حتى يجد من يخلفه فيها، بما يتحقق له فيها من المصالح والأهداف والغايات، مما لم ولا يتحقق له باستمرار وجوده العسكري فيها. وإذا كان رهان كل شعب لا يكون إلا على شبابه، فإن رهان كل أجنبي ومحتل لا يكون إلا على قتل هذه الفئة من الشعب وتدميرها بكل ما هو قادر عليه وبكل ما يستطيع، وليس مشروع دوبياس في تونس بعد رحيل جحافل عساكر الفرنسيين منا بمجهول. وليس المشروع التغريبي الذي كان الهالك الحبيب بورقيبة ومن معه من المجرمين والمخدوعين والمفسدين والمغرورين وحتى بعض الصالحين أحيانا أمناء عليه إلا قتلا للمواهب وتعطيلا للطاقات وصرفا لاهتمامات شباب تونس العروبة والإسلام عن قضاياه الحقيقية المصيرية، وتوجيهه نحو الرذيلة والفساد، وصرفه بقوة الإعلام والبرنامج الثقافي التغريبي التكفيري، والإستبداد السياسي، والقمع البوليسي عن ثقافة الفضيلة والعفة، والإلتزام بقيم الحق والعدل والحرية والمساواة. وكان نتيجة كل هذا التراكم وهذا الإخضاع، هذه الأوضاع التي انتهى إليها شباب تونس في هذه المرحلة من تاريخ الإنحطاط و » الإستعمار  » والإستبدد. هذا الجيل الذي كان نتيجة هذه الفترة الأخيرة من مرحلة الإستبداد التي، وإن كان الهالك الحبيب بورقيبة قد مهد لها وأعد لها، إلا أن جيل العلمانيين واللائكيين من اليسار الماركسي والقومي العربي العاق للوطن والأمة وللشعب، كان الأسوأ والأخطر والأكثر والأشد فسادا. وهو الذي كان انقلاب يوم 7 نوفمبر 1987 قد جاء به للسلطة عبر صيغة للتحالف المشبوه الذي لا مبرر له إلا الرجوع بالبلاد إلى بداية حقبة ما يسمى بالإستقلال في نهاية الخمسينيات والستينيات، بكل انتهازية وعبر العداء للديوقراطية ولعروبة تونس وإسلامها، وسط لغط إعلامي مغشوش، باتجاه المصالحة مع الهوية العربية الإسلامية لتونس، والتبشير بحلول زمن لا ظلم فيه بعد انتهاء مرحلة حكم الهالك الحبيب بورقيبة وبداية سلفه زين العابدين بن علي، والإعلان عن بلوغ الشعب التونسي مرحلة من النضج لم يعد من الممكن ولا من المناسب أن لا يكون في تونس نظاما غير ديمقراطي قد أصبح هذا الشعب أهلا له، وتهافت نحو المواقع الأكثر أهمية، والتي يكون لكل طرف الثأثير الأكبر على رسم سياسة البلاد من خلالها. ولقد كان واضحا منذ البداية، وأكثر من أي وقت مضى، التركيز على توجيه الرأي العام عموما والشباب بصفة خاصة إلى ثقافة الرذيلة والإنحلال والفساد والإنحطاط الأخلاقي والإنحراف السلوكي، في إطار خطة تجفيف منابع التدين، بمصادرة الكتاب الإسلامي وغلق المساجد ومنع نشاطها، وتعيين في مواقع الأئمة أشخاصا يشترط أن لا يكونوا من المقبولين اجتماعيا ولا قدوات، وليس فيهم الحد الأدنى المطلوب شرعا من شروط الإمامة، بل المطلوب منهم أن يكونوا مخبرين، وأن لا يكون القبول بهم إلا على أساس الإنتماء الحزبي والولاء للسلطة والدعاء للرئيس، وتجريم كل من يكون على خلاف ذلك، وكل من لا يكون تدينه وفق مفهوم السلطة للتدين، وسط حملة أمنية متواصلة على الحركة الإسلامية وعلى الشباب المسلم المتدين وكل الملتزمين منه بقضايا الحق والعدل والحرية من كل ألوان الطيف السياسي الذي استعاد موقعه في ساحة المعارضة بعد أن هجرها الكثير منه بضع سنين.. ففي الوقت الذي كانت الحملات متواصلة فيه ضد الشباب المتدين وكل من له اهتمام بالشأن العام من أي موقع من مواقع المعارضة للنظام، ويزج بالآلاف في السجون حيث يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب والتنكيل والترهيب، والملاحقة الأمنية المستمرة وحرمانهم من مواصلة الدراسة، ومن الحق في الشغل ومن جل إن لم يكن كل الحقوق المدنية، وما يلحق أهلهم وذويهم جراء ذلك من أتعاب وخسائر وأضرار، كان المجال مفسوحا لكل مظاهر الفساد وكل علاقات الإنحلال والرذيلة والدعارة بالظهور، والقبول بها ومباركتها وتوفير الحماية لها. فقد تم تحويل اهتمام الشباب من القضايا الوطنية الهامة والإنشغال بالشأن العام إلى حصر اهتمامه في الجنس والمخدرات والخمر والعربدة والرقص والغناء الهابط والتنازع من أجل ذلك، بعد أن كان تنازعه وصراعاته قبل ذلك من أجل الثقافة والسياسة، والقضايا الوطنية والإقليمية والدولية الكبرى. لقد استحالت المعاهد الثانوية والجامعات وغيرها من مواقع والتقاء الإجتماع الشبابي إلى أوكار لممارسة الرذيلة، والإهتمام بكل ما له علاقة بالمتعة. وقد تم إرسال الفتيات والفتيان والرجال والنساء بعضهم على بعض يؤز بعضهم بعضا في الساحات العامة والخاصة، وسط ظروف اقتصادية سيئة وتزداد سوءا يوما بعد يوم، في مجاهرة واضحة وعلنية وصريحة بدون خوف ولا خجل ولا حياء من أحد، ولا مسؤولية في ما يمكن أن يترتب عن ذلك من مشاكل ومن مخاطر ومن مضار، لا يكون كل هؤلاء هم وحدهم الخاسرين فيها. هذه الخسارة التي يكون من الهين أن تطالهم وحدهم أو تنتهي حتى عند أوليائهم ومن لهم علاقة مباشرة بهم، ولكنها وبالـتأكيد خسارة تتعداهم وتلحق المجتمع كله والبلاد كلها. فأي مستقبل لبلاد ولشعب يتم صرف أجيال شبابهما عن الإهتمام بالشأن العام وتجريمها على ذلك ومعاقبتها بأشد العقوبات، والزج بها عنوة وبسابقية تخطيط وبرمجة في متاهات الرذيلة والفساد الأخلاقي، والهروب من السياسي والثقافي والإقتصادي والإجتماعي والداخلي والخارجي، والقبول بالهامشية والإقصاء، والإنصراف عن كل ما له علاقة بحاضر بلادها وماضيها ومستقبلها، والخوف من بطش السياسي والطمع فيه؟   


التقاء الزبونية والدولنة أبّد شخوص الحكم ومنع تغيير النخب الدكتور منصف ونّاس في حوار عن الإخفاق الديمقراطي في الوطن العربي


تونس – خاص – « أقلام أون لاين » حاوره عادل الثابتي
   في الوقت الذي شهدت فيه أغلب البلدان التي كانت تعيش تحت أعتا الديكتاتوريات تحوّلا نحو الديمقراطية، فتجاوزت أسبانيا الحقبة الفرانكية المظلمة، وتخلّصت الشيلي من حكم بينوشي الدموي، بل تمّت ملاحقته قضائيا، وانهار الستار الحديدي عن دول المنظومة الاشتراكية، بقيت المنطقة العربية عصيّة عن كل تحوّل نحو الديمقراطية. بل تجرّأ بعض الحكام العرب على الشعوب بالاتجاه نحو توريث الحكم إلى أبنائه. وَوُجِد البعض من داخل النخبة من يدافع عن ذلك، مما حدا ببعض المفكرين والدارسين إلى إطلاق تعبير الإخفاق الديمقراطي في الوطن العربي على الوضع السياسي العربي. هذا الإخفاق الذي تولدت عنه حالة يأس من أيّ إصلاح ديمقراطي يمكن أن يمسّ المنطقة في حاضرها ومستقبلها.
ولمزيد فهم مظاهر هذا الإخفاق والأسباب البنيوية العميقة التي تكمن وراءه، وهل ثمة بصيص من الضوء في آخر هذا النفق المظلم، توجهت « أقلام أون لاين » إلى الدكتور منصف ونّاس أستاذ علم الاجتماع بالجامعة التونسية، الذي اشتغل كثيرا على مسألة الدولة في الوطن العربي، وخاصة في منطقة المغرب العربي، وله العديد من الدراسات التي تخص الديمقراطية والفساد والتنمية، وكان لنا معه الحوار التالي:
* هل هناك فعلا حالة من الإخفاق الديمقراطي في الوطن العربي؟ وما هي أهم تجليات هذا الإخفاق إن وُجِدَ؟
– حتى نكون أكثر دقّة يمكن القول إنّه توجد صعوبات عميقة في مجال التحوّل الديمقراطي في المنطقة العربية، بدليل أن العملية الديمقراطية في هذه المنطقة تُراوِح مكانها منذ أكثر من عقدين من الزمن، أي منذ الثمانينيات من القرن العشرين إلى حد الآن، إذ سجلت بعض الخطوات المعقولة في مجال التحول نحو الديمقراطية، ولكن سرعان ما تم التنازل عنها. وتعود هذه الصعوبات إلى ثقافة سياسية هي بالأساس غير ديمقراطية، إن لم نقل تَسلُّطية، الأمر الذي يفسر جزئيا عدم اعتبار الديمقراطية أولوية رئيسية في سلَُّم أولويات المجتمع.
وبما أن الثقافة السياسية غير ديمقراطية فإن ذلك يفسر عدم تحقيق أي تحوّل فعليّ في المسارات الديمقراطية، بل ثمة أحيانا نوع من التراجع، قياسا بالتعددية الموروثة من الأربعينات والخمسينات، في مجال تكوين الأحزاب وخلق الجمعيات وتوفير منابر للتعبير الحرّ. كما لا يجب أن نُغْفِل الإشارة إلى أنّ المجتمعات المدنية في المنطقة العربية غير فاعلة وناجعة بما فيه الكفاية لتفرض بقوة القانون والمطالبة مبدأ التحول الديمقراطي. فقد ساهمت الثقافة السياسية غير الديمقراطية في توهين المجتمعات المدنية العربية وفي إرباك فاعليها من جهة، وفي محاصرتهم وعزلهم من جهة أخرى. فمثل هذا الالتقاء الغريب بين عنصرين يبدُوَان في الظاهر متنافرين ولكنهما يرمزان إلى أزمة واحدة، وهي أزمة التحوّل الديمقراطي في المنطقة العربية. فالمشكلة أن دول الاستقلال أضعفت نفسها في مواجهة الضغوط الخارجية، وأضعفت المجتمع المدني، الذي كان يمكن أن يكون معاضدا لها أو مُوِجِّها لمعالجة الأخطاء ومشخِّصا لها.
* ما هي إذن العلاقة بين دولة الاستقلال ومسألة الإخفاق الديمقراطي؟ ولماذا فشلت النخب الحديثة التي مسكت بزمام الحكم بعد خروج المستعمر، والتي تكونّت في جامعات العالم الديمقراطي، وتشبعت بمبادئ الحداثة في ترسيخ نظام سياسي شبيه بالنظام الذي درست في جامعاته؟ هل يعود ذلك إلى أن قيم الديمقراطية والحداثة هي قيم غريبة عن البنى الفكرية والذهنية العربية، أم يرجع الأمر إلى عوامل أخرى؟
– لا بد أن نشير إجابة عن هذا السؤال إلى مستويين اثنين نراهما على درجة من التكامل:
 المستوى الأول هو أنه لا بد أن نشير منذ البدء إلى أن المشروع الاستقلالي في المنطقة العربية غالبا ما أنبنى على مبدأ واحد فقط وهو مبدأ استبدال الحكم الأجنبي بحكم وطني. أي استبدال حاكم غريب بحاكم من أهل البلد. كما تمّ في السياق ذاته اختزال الوطنية في هذا البعد فقط أي اعتماد الوطني بدل الأجنبي. أما المستوى الثاني فيتمثّل في التعامل مع جهاز الدولة الناشئ تعاملا تَمَلُّكيا استفراديا، وإقصاء كل من يريد المشاركة أو التعبير، حتى لا نتحدث عن المنافسة، فأصبحت الدولة بمقتضى ذلك دولة الأقليّة، ولا تعبر عن الأغلبية. كما تمّ الحرص على أن تكون الدولة بمختلف أجهزتها الناطق الوحيد باسم المجتمع، أي ما يسمى في العلوم السياسية بظاهرة الدَوْلَنة Etatisation)) أي الاستفراد بحق التعبير، وإلغاء الأصوات الأخرى، وكبت الحريات. ومن أجل تعميق ظاهرة الدولنة هذه فإن النخب المتملكة لجهاز الدولة تعاملت مع المجتمع تعاملا زبونيا، بمعنى تغليب الولاء على الكفاءة، وتقسيم الغنيمة وفق مبدأ المبايعة والولاء.
إذن التقاء الزبونية والدولنة ولّد كثيرا من المشاكل من حيث تأبيد شخوص الحكم، وعدم تغيير النخب، وعدم الاستماع إلى الصوت المختلف. فأصبحت الحكومات في بعض الحالات معبِّرة عن جهة دون غيرها، أو عن قبيلة بعينها، أو امتدادا لإحدى الأسر.
إن مثل هذه البيئة السياسية لا يمكن بحال من الأحوال أن تعتبر الديمقراطية أولوية بالنسبة إليها، ولا يمكن أن تحرص على تحوّل ديمقراطي، حتى وإن كان تحوّلا بطيئا وتدريجيا، ويستغرق عقودا من الزمن، وتلك هي واحدة من المعضلات العويصة في المنطقة العربية. ذلك أنّ مرحلة الاستقلالات وفّرت البيئة الضرورية لتشكُّل فئات وشرائح اجتماعية مستفيدة من الوضع السياسي، ومستفيدة كذلك من الأوضاع الاقتصادية والتنموية، وحريصة على إبقاء البحيرة راكدة، حفاظا على مصالحها من كلّ شكل من أشكال المساءلة والملاحقة والمراقبة.
* ولكن دكتور منصف إذا كان هذا هو حال النخب، التي توّلت الحكم إثر خروج المستعمر، فماذا عن التيارات الفكرية والسياسية الكبرى في الوطن العربي
– العروبية والإسلامية منها بالخصوص – والتي وصل بعضها إلى الحكم في بعض الأقطار العربية؟ كيف كانت علاقتها بالمسألة الديمقراطية؟ وإلى أي حد ساهمت في الوصول إلى حالة الإخفاق الديمقراطي التي نحن بصددها؟
– لا يجب أن نُخفي أن التيارات العروبية والإسلاموية لم تكن تعتبر التحوّل الديمقراطي أولوية الأولويات بالنسبة إليها، وهذا يعود في تقديرنا إلى عامل سابق كنا أشرنا إليه وهو عامل الثقافة السياسية، التي تعتبر بأن تَمَلُّكَ جهاز الدولة يكفي لوحده لتغيير الواقع المجتمعي برمّته. ولكن تجارب كثيرة هنا وهناك أثبتت بأن امتلاك جهاز الدولة شرط ولكنه غير كاف إطلاقا لإيجاد التغيير الممكن.
كما يتوجَّب أن نشير إلى أن هذه التيارات انشغلت أساسا بالحفاظ على جهاز الدولة، الأمر الذي أدّى بها إلى مواجهات كثيرة. وغالبا ما كانت عنيفة مع تيارات مُجَايِلَةٍ لها، وتعيش معها في نفس الفترة، وتقاسمها الرغبة في التغيير. فمثل هذا الصراع السياسي لم يُمْهِلْ قوى كثيرة الوقت الكافي لتحديث مجتمعاتها، وإنجاز مشروع حضاري حقيقي، وبالتالي تحقيق التحول الديمقراطي المنشود. فبدل أن تجلس القوى السياسية إلى بعضها البعض وتتحاور فكريا وسياسيا، وتحاول أن تؤسس أرضية مشتركة، وأن تُغلِّب نقاط الالتقاء والتكامل على نقاط الاختلاف والفرقة، فإنّها انشغلت على امتداد عقود طويلة بإدارة الصراع السياسي، الذي أدى في بعض الأحيان إلى تناحر دموي، وإلى صراع مفتوح على السلطة ومن أجلها. فكانت النتيجة الكبرى هي تآكل المشروعية التاريخية والسياسية للدولة، وانغلاق الفئات الحاكمة على نفسها دون تقديم مشروع حقيقي، ودونما تعميم لخيرات التنمية على كل أفراد المجتمعات. فالإخفاق الديمقراطي هو ثلاثي الأضلاع:
1 – الإخفاق في التوصل إلى بناء سياسي توافقي يجمع كل المكوِّنات والفاعلين داخل المجتمع. 2 – الإخفاق لأسباب بنيوية عميقة في توزيع الثروة على كل مكونات المجتمع بشكل شبه عادل. 3 – الإخفاق في إنجاز التحوّل الديمقراطي حتى في حدّه الأدنى، بحكم أن الثقافة السياسية السائدة تسلُّطية واستفراديّة، يغيب فيها مبدأ الاختلاف واحترام الآخر.
* انشغلت النخب الحاكمة في الحفاظ على مملكاتها وجمهورياتها، ولكن هذا وحده لا يفسر حالة الإخفاق الديمقراطي. فماذا عن دور النخب المثقفة؟ أي إسهام قدمته في سبيل ترسيخ الديمقراطية، خاصة إذا ما قارنا الحالة العربية بمثال إسبانيا والشيلي. ففرانكو بذل كل الجهد للمحافظة على « دولته »، وكذلك فعل بينوشي، ولكنهما لم ينجحا أمام إصرار النخب والمجتمع على التغيّير؟
* يبدو لي أنه من الصعوبة أن نفصل النخب عن مجتمعاتها، ذلك أن المجتمعات لم تكن ضاغطة بما فيه الكفاية، ولم تتمكن من إيجاد الصيغ والقنوات والمؤسسات، التي تسمح لها بالتعبير، بما يفسر ظاهرة الدولنة من جهة، وعدم رغبة النظم الحاكمة في تقديم أي تنازل من جهة أخرى.
 فالملاحظ أنّ النخب العربية إمّا أنها سايرت مختلف التجارب، وإمّا أنّها فضّلت الصمت المطبق، في حين لم تقاوم إلا أجزاء بسيطة ومحدودة من النخبة العربية. ولعل هذا ما يفسر هُزال مردود هذه النخب، وعدم قدرتها على التأثير في مسار مجتمعاتها. ولكن مثل هذا المردود لا يقدر على مجابهة بيئة سياسية متسلِّطة واستفرادية ولا تنظر إلى النخب إلا من زاوية الولاء والمبايعة والتزكية. وتلك هي واحدة من أمهات المشاكل في المنطقة العربية، التي تكاد تكون اليوم هي المنطقة الوحيدة في العالم، التي لا تتوفر على عقد سياسي واجتماعي بين الحاكم والمحكوم. ولا تتوفّر على الحد الأدنى من مستلزمات الحوار بين الدولة والمجتمع. ولذلك فالسلطات السياسية أضعفت نفسها، وأضعفت النخب معها في نفس الوقت، وكأنّ الأمر يتعلق بتهرئة متبادلة.
* هل يعني هذا أن الجامعات العربية العديدة قد عجزت عن إنجاب مثقفين عضويّين يستميتون في الدفاع عن مطامح مجتمعاتهم في الديمقراطية وينيرون لأوسع الجماهير طريق الحريّة؟
– لا.. لا أشاطرك الرأي في هذا، ففي المنطقة العربية أمثلة عديدة على المثقفين العضويين، ولكن المشكلة تكمُن في أنّ البيئة السياسية والاجتماعية والثقافية بيئة متكلِّسة لا تقدر النخب – على محدودية – أفرادها أن تُغيّرها. فالتغيير هو عمل جماعي وجماهيري تساهم فيه النخبة، دون أن تكون الفاعل الوحيد في إنجازه.
* إضافة إلى كل العوامل التي تحدثت عنها دكتور منصف كمعيقات للتحول الديمقراطي المأمول في الوطن العربي، نلاحظ منذ سنوات قليلة دخول فاعل جديد يربط البعض بينه وبين استمرار حالة الإخفاق الديمقراطي، ألا وهو عامل الفساد. هذا الفاعل الجديد يعتبر عديد الدارسين أنّه لا يمكن أن ينتعش إلا في ظلِّ أوضاع الاستبداد. إلى أي مدى يمكن أن يُعَطِّل الفساد عملية الانتقال الديمقراطي في منطقتنا؟
– يمكن أن نعرّف الفساد على أنّه إنتاج داخلي وخارجي يؤدي دورا سالبا في إفساد التنمية والحيلولة دون إنجاز التحول الديمقراطي. فليس خافيا على أحد أن المنطقة العربية تكاد تكون الوحيدة في العالم، التي تستهلك صفقات السلاح المغشوش، والأمثلة كثيرة على ذلك، منها على سبيل الذكر صفقة اليمامة بين المملكة العربية السعودية وبريطانيا، التي تكلفت ما يزيد عن 75 مليار دولارا.
وهي أيضا المنطقة الوحيدة في العالم التي تشهد التنمية الكسيحة والفاشلة. وهي حالة تتطلب نظما من طينة خاصة، ونخبا خاضعة ومتقبلة لمثل هذا الوضع الدولي الظالم. والبيئة الدولية تساعد على تعميم الفساد، وعلى إفساد النخب، وجعلها غير قادرة على المقاومة. ولكن لا يجب أن ننكر من جهة أخرى أن البيئة الداخلية متقبلة لمثل هذه الأوضاع، ومساعِدة على إعادة إنتاجها، ومساهِمَةٍ في تنميَّتِها.  
فالالتقاء بين الضغط الخارجي والاستجابة الداخلية أدى إلى خلق شرائح جديدة مرتبطة بالرأسمال العالمي وبالسوق الاقتصادية العالمية وبانتشار الفساد. ولذلك فهي تقاوِم كل تحوّل ديمقراطي، وتحول دون إنجاز أي تحسين في الأداء السياسي، وتسعى إلى الإبقاء على البحيرة راكدة، وتعمِد إلى تعطيل مؤسسات وهياكل الرقابة، من أجل الحيلولة دون اكتشاف التجاوزات الممارسة بحق المال العام. فالفساد هو فاعل مهم في الداخل والخارج، ويمكن أن يصل إلى مرحلة ارتهان القرار السياسي، وإلغاء المطالب الديمقراطية، والحيلولة دون تحقيق أي تقدم في اتجاه البناء الديمقراطي. ويمكن أن نشير في هذا المثال إلى النخب الإسبانية التي لم تقاوم استبداد فرانكو فقط وإنّما قاومت، بالمقدار والحرص نفسه، الفساد الذي يترافق غالبا مع حالات الاستبداد.
* أمام حالة اليأس من تحقيق التحوّل الديمقراطي بأيد عربية، والعجز التام للنخب عن تحقيق أي اختراق ديمقراطي للمنظومة الاستبدادية العربية، توهّم بعض هذه النخب حلّ « الديمقراطية المستوردة »، فهل ثمة فعلا ممكنات « لإنقاذ ديمقراطي خارجي »؟
– إنّ المراهنة على الأجنبي من أجل تحقيق الديمقراطية مراهنة خاسرة، كما أثبتت ذلك تجارب عديدة ومتكررة. ولذلك نقولها دونما لبس إن الغرب ليس حريصا على الديمقراطية في المنطقة العربية، إذا كانت هذه الديمقراطية ستؤدي إلى المساس بمصالحه، وبأمن إسرائيل، وبتدفق الطاقة إليه بكل ليونة ويسر. وبهذا نفسِّر هذا الاستيراد الفاشل للتكنولوجيا والعجز عن توطينها، وعدم تمَكُّنِ المنطقة العربية من التقدم اقتصاديا وتنمويا. ولذلك فجزء من الغرب متورِّط في إنتاج العجز العربي وتأبيده. ولكن ثمة غرب آخر حريص على حقوق المنطقة العربية والدفاع عنها وعن حقّها في الحياة والكرامة، بدليل الهبّة الأوروبية الغربيّة في وجه الحرب الهمجية على غزّة. ومن ثمّ يتَوَجَّب أن نُفرِّق بين هذين المستويين، حتى لا نقع في التعميم والتبسيط المخلَّيْن بالموضوعية.
فالمعضلة الكبرى هي أن المنطقة العربية غير محصّنة، ولا تتوفر على آليات الدفاع عن نفسها، وغير قادرة فعلا على المواجهة، وعلى التعامل تعاملا نديّا مع الدوّل الغربيّة. فإذا ما أخذنا مثال فرنسا فإننا نلاحظ تناقضا غريبا في أدائها السياسي. فهي من جهة تريد تبييض جرائم إسرائيل وتدافع عنها حتى لا تقع تحت طائلة القانون الدولي. ولكنّها في مقابل ذلك تفتخر بتاريخها الاستعماري في الجزائر، وتُصِّرُ على عدم الاعتذار عن الحقبة المظلمة، وتلك خاصيّة من خصائص الوضع الدولي الراهن.
* أمام تضافر العوامل الداخلية والخارجية لتأبيد حالة الإخفاق الديمقراطي، أليس هناك من ضوء في آخر النفق العربي المظلم؟ ألا يمكن أي تولد رحم العجز ممكنات تحقيق الانجاز الديمقراطي بدل الإخفاق..؟
– هناك عاملان يتكاملان إلى حدّ كبير يمكنهما وضع حد لحالة اليأس هذه. يتمثل العامل الأول في ضرورة استمرار النخب، بكل هوياتها والفاعلين في المجتمع المدني، في الضغط من أجل تيْسير التحوّل الديمقراطي، ومن أجل فرض صيغة تعاقدية جديدة مع السلطات القائمة، لا تكون استفرادية أو تسلطية. بل تنبني على عنصري الحوار والاتفاق على المصلحة المشتركة. ولذلك فالنظم القائمة مطالبة بتقديم تنازلات ذات بال لمصلحتها أولا، ولمصلحة شعوبها، ومن أجل تأسيس الحدّ الأدنى من الشروط للمستقبل، الذي هو مشترك بينها وبين والمجتمعات.
   وأما العامل الثاني فيتمثل في مزيد تدعيم روح المقاومة عند هذه الأمة في مواجهة الضغوط الدولية، وفي مقدمتها الضغوط الإسرائيلية. إن المقاربة التي تكون أكثر تلاؤما مع مشاكل المنطقة العربيّة هي هذه المقاربة، التي تجمع بين البعدين والمستويين. وهذا أمر مهم إذا كنّا نريد أن نغادر الأزمة، وأن نتهيأ تدريجيا لإعداد المستقبل، فالمستقبل هو في النهاية حصيلة ما استثمرناه في الحاضر.
* لننظر دكتور إلى التجربة التونسية، فالبلاد شهدت تجارب إصلاحية حتى قبل انتصاب الاستعمار (خير الدين التونسي…) وتنامت فيها هذه الأفكار مع تيارات الشباب التونسي والحزب الحر الدستوري التونسي بفرعيه القديم والجديد، والتيار اليساري المتمثل في الحزب الشيوعي التونسي، ولكنّ آباء دولة الاستقلال عجزوا عن تحقيق الديمقراطية، رغم النجاحات النسبية في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، إذ بقي الجانب السياسي مشوبا بسيطرة الحزب الواحد والفكر الواحد، وكان تاريخ دولة الاستقلال في جانب كبير منه هو تاريخ المحاكمات السياسية لخصومها السياسيين من اليوسفيين والبرسبكتيفيين والشيوعيين والإسلاميين والنقابيين وحتى بعض الليبراليين.. وعوض أن يحاورَ السياسيُّ السياسيَّ لم تجد المعارضات من مُحَاوِرٍ سوى أجهزة الأمن.. هل لكم أن توضحوا لنا العوامل التي أدّت إلى مثل هذه الوضعية؟ وهل ثمة ممكنات اليوم للخروج من هذا الوضع؟
– حتى نكون أكثر دقّة لابد أن نعود قليلا إلى التاريخ. فلم يكن بورقيبة ديمقراطيا مثلما قلناه نحن في ندوات علمية ونشرناه في مؤلفات. ولم يكن يعتبر الديمقراطية أولوية بالنسبة إلى مشروعه التحديثي. هو كان يعتبر أن توفير الخدمات الضرورية من تدريس وتطبيب وتغذية وتثقيف غاية الديمقراطية، ومنتهى ما يمكن أن تصل إليه. فكانت النتيجة أن ترافق التحديث الاجتماعي والثقافي في تونس – على أهميته وإيجابيته – مع ظواهر سلبية مثل الدولنة والمحسوبية والزبونية، وتغليب الولاء على الكفاءة، وتقديم الجهة على المصلحة الخاصة.
فالمؤسف هو أنّ المشروع التحديثي الذي كان واعدا بمختلف مستوياته، أفضى إلى حالة من الانغلاق السياسي، ومن انسداد الأفق الديمقراطي. ولكن حتى نكون موضوعيين، يكون مفيدا أن نشير إلى أن تونس تتوفر على نخبة فكرية وسياسية على درجة من النضج والعمق والتميز قياسا بنخب أخرى. كما إنّها تتوفر على موارد بشرية وسياسية، تجعلها قادرة على النجاح في تحقيق التحوّل الديمقراطي، فلا تتوفر تونس على معارضات مسلّحة، ولا على توترات عرقية وطائفية ودينية تساهم في خلق المشاكل. فالمجتمع التونسي منسجم ثقافيا واجتماعيا وديمغرافيا، ويقدر على الوصول إلى ديمقراطية توافقية تفيد الحاكم والمحكوم، وتحصِّن البلاد في وجه التأثيرات الخارجية والتدخلات الأجنبية، من خلال آليات بسيطة مثل: توسيع المشاركة، ومأسسة الاختلاف وجعله ظاهرة طبيعية ومستساغة في المجتمع. فالديمقراطية التونسية قادرة أن تكون مثالا يُحْتَذَى به في محيطها القريب والبعيد، فيكفي أن تبدأ بخطوات بسيطة، ولكن تكون واثقة لتصل إلى مطامح المجتمع في ديمقراطية حقيقيّة.
(المصدر:مجلة أقلام أولاين الإلكترونية(تصدر مرة كل شهرين- لندن)العدد الخامس والعشرون – السنة السابعة: ماي – جوان 2010)  


العوائق أمام الديمقراطية في الوطن العربي بين الثقافة والسياسة


نور الدين العويديدي
يجمع الرأي العام العربي على الحاجة الملحة للديمقراطية. وكثير من النخب تراها السبيل الوحيد للخلاص من حالة الانحطاط العربية المهينة والمهيمنة، ومن حالة الضعف التي تكاد تجعل العرب، رغم إمكانياتهم الكبيرة مساحة وسكانا وثروات وتاريخ وحضارة، في آخر سلم الأمم.. فلِمً تتعسر الديمقراطية العربية رغم كثرة المطالبين بها، ورغم الإجماع الواسع عليها، باعتبارها النظام الذي يحتاجه العرب في هذه اللحظة الزمنية الفارقة من تاريخهم؟ وما العوائق التي تحول بين العرب والديمقراطية؟  
مقاربات لفهم الأزمة
يتحدث الكثير من الكتاب والمحللين عن الحالة العربية في علاقتها بالديمقراطية باعتبارها استثناء. ويرجع البعض هذا الاستثناء إلى الثقافة العربية الإسلامية عامة والثقافة السياسية خاصة في المنطقة. ويرى هؤلاء أن الثقافة العربية الإسلامية ثقافة سلطوية أحادية، غير قادرة على هضم مقولات الديمقراطية واستنباتها في بيئة العرب ومجتمعاتهم.
آخرون يتحدثون عن تركيبة المجتمعات العربية القائمة على القبيلة والعشيرة والطائفة، ومركزية البعد الديني، ويرون في ذلك عائقا حقيقيا أمام التحول الديمقراطي، باعتبار أن الديمقراطية لا يمكن لها أن تنشأ وتستقر إلا في بيئة تقوم على الفرد المواطن الحر، الذي يختار عن وعي ورشد. وطالما أن ذلك غير متوفر في الوطن العربي، المتخم بالدين والقبلية، كما يقولون، فإن ذلك يجعل الديمقراطية بلا أسس صلبة تقف عليها، ولذلك تنتكس أي تجربة ديمقراطية عربية سريعا، ويعود الاستبداد لملء المساحة التي ظُن لفترة أن بوسع الديمقراطية أن تبني فيها بيتها.
هناك باحثون أكثر جدية يتحدثون عن أن سر الاستثناء العربي في موضوع الديمقراطية راجع لتاريخ العرب الحديث، وهو تاريخ قام على التجزئة وعلى زرع كيان أجنبي في قلبه هو إسرائيل، فضلا عن التدخل الخارجي في الشأن العربي كبيره وصغيره.
هؤلاء يرون أن الاستقلالات العربية ليست سوى استقلالات شكلية، وأن الاستعمار الأجنبي قد انتقل من استعمار تقليدي قائم على حضور الجيوش الأجنبية بشكل مباشر، إلى استعمار جديد يتم عبر إقامة علاقات في السياسة والاقتصاد والمبادلات التجارية والثقافة والإعلام، وفي كل شيء تقريبا، تؤدي في محصلاتها إلى خلق تبعية عميقة مستدامة بين الدول العربية لقوى الهيمنة الغربية، بحيث تتم هندسة الأوضاع العربية باستمرار، بما يؤدي إلى ترسيخ التبعية، وتقييد الأنظمة القائمة باتفاقيات سرية وعلنية، لا تؤدي إلا إلى تشغيل آليات التدمير الذاتي، ومنع التقدم نحو الديمقراطية.  
وإذا حدث أن أراد حاكم ما التوجه نحو الخيار الديمقراطي (الرئيس الجزائري السابق الشاذلي بن جديد مثلا)، أو فرضت حركية المجتمع وتدافع قواه التوجه نحو الخيار الديمقراطي (تجربة السلطة الفلسطينية وفوز حركة حماس)، فإن آليات التعويق الكامنة سرعان ما تشتغل لإحباط هذا التوجه وتدميره قبل أن يتحول إلى نموذج جاذب.  
مناقشة سريعة للمقاربة الثقافية
تسفّه التجربة الهندية مقولات الثقافة والتركيبة الاجتماعية باعتبارها العائق الذي يحول بيننا وبين الديمقراطية. فمما لا شك فيه أن الديمقراطية في الهند لم تجد في البيئة الثقافية الهندية ما تعتمد عليه لترسخ جذورها هناك. فالثقافة في الهند ثقافات، وكثير منها مغرق في « البدائية » وفي الروح السحرية وعبادة الآلهة المتعددة والمتناقضة، وهي أبعد ما تكون عن صناعة الإنسان الفرد الحر الذي يختار عن روية ورشد.
وكذلك فإن تركيبة المجتمع الهندي أشد تعقيدا وتناقضا من تركيبات مجتمعاتنا العربية. فهو مجتمع متعدد دينيا وطائفيا وطبقيا وعرقيا. وهو يتكون من 4 طبقات اجتماعية، تأسس الاختلاف بينها على امتداد آلاف السنين على أسس دينية وثقافية واجتماعية راسخة ومتينة، وهذه الطبقات هي:
(1) البراهمة Brahman: وهم رجال الدين والكهنة ومهمتهم إدارة شؤون المعابد والآلهة وسن القوانين والإشراف على التعليم والتربية وأداء جميع المراسيم الدينية وطقوسها في المعابد وفي خارجها، وأصبح هؤلاء فوق جميع الطبقات والمختصين بإله الآلهة وخالق الكون (براهما)، واعتقدوا بأنهم خلقوا من رأسه. (2) كاشـاتريا Kshatriya: وهم الفرسـان وقـواد الجيـش والأشراف، وخلقـوا من يـدي الإلـه (براهما). (3) فايشا Vaisya: وهم التجار والمزارعون وأصحاب المهن، وخلقوا من فخذه. (4) شودرا Syudra: وهم المنبوذون، أصحاب المهن الحقيرة، مثل: الكنس والنظافة، وغسل الملابس، وتنظيف الجلود، لأنهم من الجنس الأسود، وخلقوا من رجل الإله.
الحالة الهندية حجة قاسمة لظهر القائلين بالعائق الثقافي والديني وعائق التركيبة القبلية للديمقراطية في الوطن العربي. وفي الواقع فرغم هذا التعدد القديم في التركيبة الاجتماعية الهندية، ورغم الفقر المعشش في الكثير من الطبقات الهندية الفقيرة، التي تمثل أغلبية الهنود، فإن ما سمح للهند بأن تنجح في  تجربتها الديمقراطية هو أنها لم يقع تقسيمها وتشتيتها على عشرات الدول القطرية المتنازعة على الحدود والشرعية والنفوذ، بأسها بينها شديد، وإنما هي أمة قوية مستقرة. وقد استطاعت أن تستغل الظروف التاريخية لتثبت استقلالها عن النفوذ الغربي، بحكم قوتها وكبر حجمها وابتعادها جغرافيا مسافة كافية عن مركز القوة والهيمنة الغربي، وكذلك توافق نخبها السياسية على الخيار الديمقراطي، وصبرها عليه، بما جعل تقاليده تترسخ تدريجيا في الحياة العامة للهنود، رغم ما بينهم من تناقضات حادة.. وهي تناقضات عمل النظام الجديد على نزع فتيل اشتعالها، وتقليل الاحتكاكات بينها، بما يدفع إلى التخفيف منها، في اتجاه تذويبها.. كل ذلك سمح للهند بأن تكون أكبر ديمقراطية في العالم.
منهجية هندية وأخرى عربية مسلمة
فيما نهجت تركيا الاتاتوركية وإيران الشاهنشاهية وتونس البورقيبية منهجا قائما على تعسف الدولة على المجتمع لتغييره ولو بالقوة، عمدت الهند إلى منهج الصبر والتدرج على شعبها.
فقد منع أتاتورك شعبه بقوة الدولة من لغتهم القديمة، وأدخل أبجدية جديدة عليها، ومنع هو والشاه شعبيهما من ارتداء الملابس التقليدية، وأمرا بوضع القبعة على كل رأس، ومنع الشاه النساء من ارتداء العبايات، وأطلق الشرطة في الشوارع يمزقون عباءة أي امرأة. وعندما احتج الناس وتجمعوا في المساجد، أرسل المدفعية لنسف هذه المساجد (1). في حين أرسل بورقيبة شرطته إلى الشوارع لمنع النساء المحجبات من ارتداء الحجاب، واعتقلت الدولة عشرات آلاف المصلين. ودمر حافظ الأسد مدينة بأكملها في صراعه مع قطاع من مجتمعه. وفعل الحسن الثاني ما يشبه ذلك. أما القذافي فكان يشنق معارضيه في الساحات العامة، ويصفهم بالكلاب الضالة.  
في مقابل كل ذلك العسف الدولتي في العالم العربي والإسلامي، فإن الهند قد اتخذت خيارا مغايرا، يرفض استخدام الدولة لأجهزتها القمعية لتغيير المجتمع، وقد نجحت الهند بصبرها وتأني نخبها وعدم استعجالهم في تغيير المجتمع عبر العنف، في الوصول إلى ديمقراطية ناجحة ومستقرة.
وفي هذا السياق، وعلى النقيض من رأي بورقيبة وأتاتورك ورضا بهلوي، تقول الزعيمة الهندية الراحلة أنديرا غاندي: « إن الناس أنفسهم هم الذين يجب أن يقرروا سرعة التغيير الذي يريدونه، ولا يمكن أن تتحدد السرعة بأمر من الحكومة. حتى عندما يكون الوعي عند الجماهير منخفضا، فليس هناك من وسيلة سوى الصبر والإقناع »..
وتضيف الزعيمة الهندية الراحلة قائلة « حدث في الهند عندما بنت الحكومة سدا كبيرا للتحكم في الفيضانات وتوليد الكهرباء، أن ذهب بعض أفراد من المعارضة وأقنعوا أهل القرى المجاورة أن السد سلب المياه روحها، فغدت عديمة البركة لا تصلح للزراعة.. لم أصدق أن أحدا يمكن أن يصدق خرافة كهذه. إلا أنني فوجئت خلال جولتي في المنطقة بعدد كبير من المواطنين يسألونني: لماذا سلبتم المياه روحها؟ ولماذا تركتم المياه بلا بركة؟.. ماذا بوسع المرء أن يعمل؟ ولا وسيلة له سوى الصبر والإقناع » (2). وبهذا الصبر والإقناع نجحت الهند في بناء نموذج ديمقراطي راسخ ومستقر.
الحالة العربية
أما بالنسبة للحالة العربية فبالرغم من الانسجام النسبي للنسيج الاجتماعي في الكثير من الدول العربية، قياسا بالهند، وبالرغم من المستوى الثقافي والروحي الأرقى نسبيا من الحالة الهندية، فإن لجوء نخب الحكم ما بعد الاستقلال إلى التعويل على الأجهزة القهرية للدولة لفرض التغيير الاجتماعي، قد جعل « الدولة ضد الأمة »(3) وحقن الدولة منذ أيامها الأولى بجرثومة الاستبداد، التي نمت وكبرت وجعلت المطلب الديمقراطي متعذرا.
كذلك فإن وجود إسرائيل في المنطقة وترسيخ التجزئة وتحولها إلى آلة تدمير وإضعاف مستمرة للوضع العربي، وكذلك قوة التأثير الغربي المباشر وغير المباشر على أوضاع البلاد العربية، قد عطلت المطلب الديمقراطي، وجعلت الاختلافات المذهبية والعرقية التي في الجسم العربي، والتي كان يمكن أن تكون نقاط قوة وثراء، بمثابة سكاكين تدمي الخاصرة العربية باستمرار، كما هو حاصل الآن في العراق.
وفي الواقع فإنه لا توجد مجتمعات منسجمة تامة الانسجام، فكل المجتمعات تقريبا متنوعة متعددة التركيبات دينية أو طائفية أو عرقية، وهذه التعددية يمكن لها أن تكون مصدر غنى أو مصدر تخريب وتدمير، ويتم ذلك بحسب الظروف التاريخية العامة، ومدى استقلال المجتمعات عن التدخلات الخارجية السلبية في شؤونها الداخلية، ومدى وعي نظم الحكم والنخبة التي تقود المجتمع، ومدى صبرها في معالجة ما تواجهه من مشكلات.
وبالنسبة للوضع العربي فبالإضافة للتدخل الخارجي القائم على تدعيم أنظمة الاستبداد، باعتبارها الجهة الأكثر تبعية وولاء، والأكثر ضمانا للمصالح غير الشرعية للغرب في بلادنا، بما يجعل الديمقراطية متعذرة أو صعبة التحقق، باعتبار أن الديمقراطية تغير الأوضاع لصالح الشعوب لا لصالح القوى الخارجية، ما جعل الغرب معاديا لها على الدوام، ولذلك ترى الحاكم العربي مطلق اليدين في مجتمعه، مدعوما في وجه شعبه، إذا لاح أن الشعب بوسعه مغالبة سلطته الاستبدادية والتغلب عليها.
كذلك فإن عجز النخب العربية عن التوحد والإجماع على المطلب الديمقراطي، وتغليبها الصراع الأيديولوجي: تقليدي حديث، أو إسلامي علماني، بدلا من الصراع مع الاستبداد بأي لون تلون، زاد في إضعاف مناعة المجتمع أمام التدخل الخارجي وأمام استبداد السلطات، التي صار بوسعها أن تستخدم النخب بعضها ضد بعض، وتشغلها بصراعاتها الهامشية عن تغيير الأوضاع العربية، بما يقود إلى الديمقراطية والوحدة.
ولذلك فإننا بالرغم من الإجماع الكامل على إلحاحية المطلب الديمقراطي في الوطن العربي، فإن هذا المطلب لم يتحقق، ولعله لن يتحقق حتى تتوحد النخب من مختلف التيارات والقوى السياسية في وجه أنظمة الاستبداد، وحتى تخف قبضة الغرب الماسكة بنا أو تترهل.
ولا يبدو أن هذا سيتحقق في المدى القريب، وهو لن يتحقق حتى تنجح شعوبنا بطرق مختلفة، وربما بأساليب متباينة، في اضطرار الغرب لرفع يده عن منطقتنا، ووقف دعمه لأنظمة الفساد والاستبداد، المكبلة لمجتمعاتنا، والمانعة للتنمية وللديمقراطية على السواء. 1- كتاب التنمية.. الأسئلة الكبرى لغازي القصيبي ص 27 و28 2- نفس المصدر 3- عنوان كتاب للباحث السوري برهان غليون
(المصدر:مجلة أقلام أولاين الإلكترونية(تصدر مرة كل شهرين- لندن)العدد الخامس والعشرون – السنة السابعة: ماي – جوان 2010)  

دور النخبة في التغيير الديمقراطي .. غياب أم تغييب؟


محمد فوراتي
ربما ليس هناك منطقة في العالم تحتاج إلى التغيير أكثر من المنطقة العربية، هذه المنطقة التي رغم تعدد دولها وحالاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أنها ظلت، بشكل متساو تقريبا، ترفل في نعيم التخلف والشقاء والضعف والهوان رغم ما مرّ بها من تجارب ومحن. كما ظلت حالة الاستبداد لصيقة بهذه الأمة منذ عقود من الزمن، عجزت الحركات الإصلاحية والسياسية وجهود المفكرين والمصلحين عن حلحلتها عن هذا الواقع، بل إن الأمر خلال السنوات الأخيرة ازداد سوء وفسادا، حتى شمل أو كاد كلّ قطاعات المجتمع، وأصبحت تصنف بعض الدول العربية في آخر السلّم العالمي فسادا واستبدادا وأمية. ورغم مسؤولية الجميع عن هذا الواقع البائس، إلا أن انسحاب النخب العربية وركونها عن القيام بدورها الطلائعي في تغيير المجتمع، وتخليصه من شرك الانحطاط والاستبداد والتخلف بدا الأكثر إيلاما ووقعا. كما أصبح انسحاب النخبة أو تخديرها وتغييبها عن ساحة الفعل أمرا في غاية الخطورة على مستقبل شعوب المنطقة ومستقبل الأمة الحضاري.

من هي النخبة؟
جاء في لسان العرب: انتخب الشيء اختاره، والنُّخْبَةُ ما اختاره، منه. ونُخْبةُ القَوم ونُخَبَتُهم: خِـيارُهم. قال الأَصمعي: يقال هم نُخَبة القوم، بضم النون وفتح الخاءِ. وورد في مقاييس اللغة لصاحبه أحمد ابن فارس: النخبة: خيارُ الشَّيء ونُخبَتُه.
وبغض النظر عن الاختلافات المعقدة في تعريف الفكر المعاصر لمفهوم النخبة ودورها في الحياة العامّة، فإن هناك شبه اتفاق بين الدارسين، على كون النخبة، هي من حيث المبدأ: طبقة أو فئة اجتماعيّة بامتياز. وهي طبقة من المتفوّقين في مجالاتهم، أو أصحاب المواهب والملكات، والقادرين على التأثير في مجتمعاتهم.. ومن الضروري، ولعله واحد من شروط تعريفها: أن تحظى النخبة بتأييد جماهيري واسع. وبغير ذلك فإن المفهوم قد يكون وهميّا وغير حقيقي. ولكن التأييد الجماهيري في الحالة العربية يحتاج إلى نقاش.
وفي نصّ من الأدب الجاهليّ للشاعر الأفوه الأودي، قال في أبياته الشهيرة مشيرا إلى هذه الفئة من المجتمع:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم    ****    ولا سراة إذا جهّالهم سادوا تهدي الأمور بأهل الرأي ما صلحت  ****     وإن توالت فبالأشرار تنقاد إذا تولى سراة الناس أمرهم            ****     نما على ذاك أمر القوم فازدادوا
وما نقصده هنا بالنخبة العربية المعنية بالتغيير هم الكتاب والشعراء والصحفيون وأساتذة الجامعات والمحامين والأطباء والمهندسين، وبشكل أوسع كل « المثقفين » والمهتمين بقضية التغيير. ولم أورد كلمة السياسيين لأني أعتقد أن السواد الأعظم من السياسيين في الكثير من الأحزاب السياسية العربية وخاصة الأحزاب الحاكمة هم أتباع وليسوا فاعلين، وهم أداة في يد تلك الأحزاب لا أكثر ولا أقل، ولكن يمكن القول إن قسما هاما من السياسيين يدخل ضمن النخبة العربية المعنية بقضية التغيير الديمقراطي.
مهمة النخبة
إن من أولويات النخبة المثقفة في مجتمع ما هي صناعة الأفكار، وحراسة المكتسبات من الضياع، ومحاربة الفساد، والدفاع عن المصلحة العامة للناس، وكشف الأخطار المحدقة بالأوطان. وفي حالتنا العربية يحتاج المجتمع إلى دور حقيقي للنخبة المثقفة للمساعدة في الخروج من حالة التخلف والاستبداد، وتحقيق مجتمع العدالة والديمقراطية وحرية الرأي والتعبير والمساواة.
كما إن الدور الإستراتيجي، الذي ينبغي أن تقوم به النخبة في مجتمعنا، هو خلق الوعي، وتعميم المعرفة في الوسط الاجتماعي، لأنه لا يمكن للمجتمع أن يمارس دوره، ويقوم بواجباته، ويتجاوز عقباته، وينتصر على مشاكله إلا بالوعي، فهو البوابة الحيوية لكل ذلك.
ولا يمكن هنا أن يكون المثقف الحقيقي معزولا عن المجتمع، أو أن تكون خياراته الفكرية وتطلعاته ضد المجتمع، الذي يعيش فيه، فلابدّ من ألفة ما، والتقاء على أرضية مشتركة، فالمجتمع الذي يعيش التنافر والتباعد مع نخبه، ولا يستفيد من وعيها ومعرفتها، في إطار تصحيح أوضاعه، وتقويم الاعوجاج الموجود فيه يعد مجتمعا متخلفا. أما المجتمع الذي يتكامل في الأعمال والأنشطة مع نخبه، ويستفيد من وعيها ومعرفتها في تحسين أوضاعه، وتطوير أحواله، فيعد مجتمعا صالحا و متقدما.
احتواء النخبة؟
بفضل دولة الاستقلال في الكثير من الدول العربية، ومنها بلدنا تونس، وبفضل مشروع التعليم المجاني والإجباري أصبح للمجتمع نخبة مثقفة ومتعلمة تشمل الطلبة والمدرسين والمحامين والأطباء وغيرهم، ولكنها مع تواصل زمن دولة الاستبداد لأكثر من نصف قرن أو أكثر دّجنت هذه النخبة حتى احتوتها الأنظمة الحاكمة أو كادت، لولا بعض الأسماء التي ناضلت من أجل استقلاليتها، ودفعت مقابل ذلك أثمانا باهظة.
مئات من أساتذة الجامعات والمحامين وعشرات الكتاب والصحفيين والشعراء والنقابيين وغيرهم، أصبحوا أداة طيعة في يد النظام السائد، بل أصبحت تسود بينهم عقلية التسابق لإبراز الولاء، وطعن بعضهم بعضا على أرضية جهوية، أو منفعية، أو مصلحة شخصية. اتحادات الكتاب وقوافل الشعراء والصحفيين والمتخصصين في عدة مجالات، وجمعيات ومنظمات بالمئات أصبحت تستمدّ وجودها من رضاء الحاكم والتقرب منه، بقطع النظر عن صلاح ما يقدمونه للمجتمع، وما ينتجونه من إبداع أو منفعة للناس.
لقد أفرغت الهيئات والاتحادات الثقافية والمسرحية والسينمائية والعلمية والجامعية من مضمونها، وأصبح أغلبها عٌشا للفساد والاختلاس والمتاجرة، ووكرا للتآمر والتخطيط للمعارك الشخصية و »التكمبين »، فسادت البغضاء والمعارك والحروب بين أهل الثقافة، وفاحت رائحتها على أعمدة الصحف، ولكنها معارك مخزية من أجل مكسب أو منصب أو صفقة أو شراء ودّ هذا الوزير أو هذا المدير.
مثقف أم موظف؟
والمؤسف حقا أن بعض من ساروا على درب صادق، وتعلمنا منهم بعض المبادئ، وقرأنا في كتبهم وقصائدهم ومقالاتهم قليلا من الوفاء للقيم والأهداف النبيلة، نجدهم في لحظة يتحولون ويلتحقون بصف « التائبين » من تهمة الفكر والالتزام بقضايا الشعب، ليصبحوا موظفين منغمسين في الواقع برداءته، مبررين أخطاء السياسيين، وفساد المتنفذين. وإذا لم يفعلوا ذلك فإنك لا يمكن أن تنتظر منهم كلمة حق، وإذا تحدثت معهم عن إحدى القضايا الحارقة التي تشغل الناس، تجدهم يلوذون بالصمت، وكأنهم بلا ألسنة.
أحد « المثقفين » ممن كنت أكن له الكثير من الاحترام، وكان يعلّم الناس كيف يكونوا أصحاب مبادئ، وكنا نستمتع بخطبه حول ضرورة الإصلاح والتغيير والوطنية ومحاربة الفساد، و »تحصين المجتمع من الأخطار والأخطاء »، وبعد أن غابت أخباره عني مدة ليست بالطويلة، التقيته يوما وكان قد التحق بركب « الموظفين »، وبدت عليه علامات الثراء والسلطة، فسلم علي أولا بأطراف أصابعه، بعد أن كنا نلتقي بالأحضان ونحتسي القهوة والشاي في مكان جميل لا ينسى في المدينة العتيقة بالعاصمة، جلس معي بعض الدقائق على مضض وهو يلتفت يمنة ويسرة، وكأنّ على رأسه الطير، فسألته عن الأجواء الجديدة، وكيف « يتعايش » مع بعض « الموظفين » أمثاله، ممن كان يبدي كرهه واحتقاره لهم، فأشار علي بالصمت، وتكلم هامسا عن الواقعية وضرورة الانخراط في العمل الجماعي لتغيير ما يمكن تغييره من الداخل، بدلا من أن نجلس على الربوة ننتقد الجميع ولا نفعل شيئا. وقال مازحا: « الجميع مستفيد، وجاء دورنا لكي نستفيد ».
افترقنا ولم نلتق بعدها، ولكن أخباره لم تنقطع. فقد أنغمس تماما في مهمته الجديدة، وقادته الواقعية إلى عقد الكثير من الصفقات، والدخول في العديد من المنعرجات، حتى أصبح حديث تلامذته عنه، كحديثه يوما ما عن « أشباه المثقفين » كما كان هو نفسه يصفهم.
لقد استقال الكثير من المثقفين من القيام بدورهم في الحياة العامة، وسكتت ألسنتهم، وجفت أقلامهم، وتحول الكثير منهم إلى موظفين، يظهرون فقط في المناسبات والاحتفالات العامة، وهم يبتسمون لعدسات المصورين. أما البعض ممن كان معدنهم صافيا وصعب عليهم لعب دور « الموظف » فيفضل الواحد منهم العودة إلى بيته معلنا مقاطعته التامة للشأن العام.
ولولا قلة من النشطاء والمثقفين في كل دولة من وطننا العربي لقلنا إن « النخبة » دجنت بالكامل، ووقع تخديرها، ولكنها قلة مغلوبة على أمرها محاصرة، رغم أن صوتها بقي يمثل الأمل في المستقبل.
فكيف تمكنت « آلة الواقع » من احتواء كل هذا « الكم » من المثقفين، وكيف حولتهم إلى مجرد رقم تتباهى به في المناسبات؟ ولماذا تقبل النخبة في وطننا العربي وتخضع لسياسة التدجين والانخراط في مشاريع الاستبداد والفساد؟
من المؤكد أن الإجابة على هذا السؤال تتطلب الكثير من البحث، وفهم نفسية الشعوب العربية، ومختلف الظروف المحلية والدولية والإرث التاريخي، ولكن الحقيقة أن هذه النخبة، أو على الأقل الجزء الأوسع منها أصبحت مسؤولة عن هذا الواقع، بل أصبحت إحدى العقبات أمام التغيير الديمقراطي وإصلاح المجتمع.
إذ ليس هناك حاكم مستبد أو فاسد أو فاشل دون أن يكون حوله مثقفون و »بطانة » ونخبة يسهلون عليه فساده، ويبررون أخطاءه، ويستفيدون من مدحه والتقرب منه، ويوفرون البيئة المناسبة لمزيد من الفساد والسقوط. وليس هناك حاكم صالح نافع لشعبه، عادل وحكيم، دون أن يكون في دولته مثقفون ونخبة مشغولة بهمّ الوطن وبصلاحه وبتطويره، يرفضون التآمر على الوطن والشعب، ويعبرون عن آرائهم ومشاريعهم بكل حرية وجرأة.
أمراض النخبة
كثيرة هي أمراض النخبة المثقفة، وإن كان بعضها من أمراض المجتمع، الذي تعيش فيه، ولكن المثقف هو الأب أو القائد الروحي، هو المثال الأعلى إن شئنا، ولذلك فمسؤوليته أمام الرأي العام كبيرة، وكل سلبياته تظهر مضخمة في أعين الناس.
أما بخصوص إشكالية التغيير فإن ركون المثقف واستسلامه للواقع دون العمل على تغييره، أو تورط بعض المثقفين في ماكينة الفساد، يعتبر أكثر الأمراض شيوعا، وهو الأخطر على الإطلاق، لأنه يعطي المبرر لعامة الناس لسلوك نفس الطريق مادام القائد والمثال الأعلى باع ثقافته وعلمه ومعرفته مقابل بعض الامتيازات، أو بعض المنح والهدايا، أو مقابل منصب أو راتب.
أما المرض الثاني فهو العزلة عن الواقع وعن الناس، فكم من مثقف أو عالم أو مختص في مجال ما لا علاقة له بالناس وهمومهم، وبالوطن وتطلعاته، وبالتغيير وهمومه، يسجن نفسه بين الكتب أو في معمله أو في مكتبه حتى آخر أيام حياته فلا يفيد المجتمع، ولا يستفيد هو من الحراك الذي يحدث في مجتمعه.
 ومما يقوي انعزال فئة من المثقفين غرورها بالعلم النظري، واقتناعها بأنها تعرف كل شيء عن المجتمع، وأنها في غنى عن أي اتصال أو تجربة إضافية. فتجد الواحد منهم على مقدرة نظرية وعلمية كبيرة، ولكن غروره أعماه، فلم يُقدّم للمجتمع إلا صورة مشوهة للمثقف.
هناك أيضا عند بعض النخب العربية طغيان زائد للثقافة الأجنبية تتجاوز الاحتياجات الحقيقية، وتتحول إلى تضخم في الاستهلاك لمجرد الاستهلاك، وتؤدي إلى احتقار للهوية العربية الإسلامية، وللغة العربية، وللمجتمع الذي ولد فيه، فيصبح دون شعور منه بوقا لثقافة أخرى ولمجتمع آخر، وتنتهي به المسيرة غريبا حائرا، بينه وبين مجتمعه كره دفين، أو احتقار وازدراء.
كما توجد لدى البعض ممن ألّفوا الكتب وحبروا المقالات وخطبوا الخطب الطويلة كبرياء مرضية على الناس، لا يعرفون لتواضع العلماء طريقا، ولا تقودهم كبرياؤهم إلى الإحساس بآلام الناس ومعاناتهم اليومية، فتنتهي بهم كبرياؤهم في عزلة وهمية واحتقار للمجتمع.
وهذا يولد احتقارا معكوسا من عامة الشعب للنخبة. أنظر مثلا سخرية الشباب من استعلاء المثقفين وتسميتهم « بثقفوت »، (وهذاكا إنسان  » ثقفوت »)، ويقصد بها في الغالب من يعيشون في برجهم العاجي، ولا يحسنون التعامل مع الناس ومشاكلهم، ولا يحسون بنبض المجتمع، بل ومن يرتزقون بـ »ثقافتهم » أو « علمهم ». بل إن بعض العامة وخاصة من الشباب أصبحت عندهم قناعة بأنهم يفهمون الدنيا أكثر من هؤلاء « المثقفين ».
يقول المفكر علي حرب متحدثا عن العزلة التي انتهى إليها المثقف العربي: « وهكذا يجد المثقف نفسه اليوم أشبه بالمحاصر، وليس السبب في ذلك محاصرة الأنظمة له، ولا الحركات الأصولية.. كما يتوهم بعض المثقفين. بالعكس، ما يفسر وضعية الحصار هو نرجسية المثقف وتعامله مع نفسه على نحو نخبوي اصطفائي، أي اعتقاده بأنه يمثل عقل الأمة، أو ضمير المجتمع، أو حارس الوعي. إنه صار في المؤخرة بقدر ما اعتقد أنه يقود الأمة، وتهمش دوره بقدر ما توهم أنه هو الذي يحرر المجتمع من الجهل والتخلف. وهذا هو ثمن النخبوية: عزلة المثقف عن الناس الذين يدعي قودهم على دروب الحرية أو في معارج التقدم. ولا عجب فمن يغرق في أوهامه ينفي نفسه عن العالم، ومن يقع أسير أفكاره تحاصره الوقائع ». (أوهام النخبة ص 80 )
في الحقيقة هذه الإشكالية متشعبة وتحتاج إلى الكثير من الحوار والجدل لأنه لا خلاص لمجتمعاتنا العربية دون نهوض حقيقي للنخبة، لتقوم بدورها المنوط بها، ولن تقوم هذه النخبة بدورها الحقيقي دون الالتحام بالناس، وتحقيق استقلاليتها عن الحكومات، وبذلك تخلص نفسها من الدرك الذي انتهت إليه، وتساهم في تخليص المجتمع من شرك الاستبداد والتخلف. (المصدر:مجلة أقلام أولاين الإلكترونية(تصدر مرة كل شهرين- لندن)العدد الخامس والعشرون – السنة السابعة: ماي – جوان 2010)  


في ظلال المفسرين المحدثين.. عطاءات لا تنفد (2/2)


 .احميدة النيفر  
يتبيّن من السعي إلى الإجابة عن السؤال المتعلق بتنوع المعالجة الفكرية للمفسّرين المعاصرين للقرآن الكريم أن جانبا منهم عبّر عن الحاجة إلى تجديد مناهج التفسير. من هنا أمكن تحديد أولّ أوجه الأزمة في المنظومة التفسيرية السائدة: إنه الوجه المتعلق بطبيعة القرآن الكريم ذاته. يقول الإمام محمد الطاهر ابن عاشور في مقدمة تفسيره: «فجعلت حقّا عليّ أن أُبديَ في تفسير القرآن نُكتاً لم أر من سبقني إليها وأن أقف موقف الحكم بين طوائف المفسرين تارة لها وآونة عليها فإن الاقتصار على الحديث المعاد تعطيل لفيض القرآن الذي ما له من نفاد». بالعودة إلى أبي القاسم الحاج حمد فإننا نقف على ذات المنطلق في تشخيص أزمة علم التفسير التي آلت، حسب ابن عاشور، إلى «تعطيل فيض القرآن». يقول حاج حمد محددا الطبيعة التي يراها للقرآن بأنه «مصدر الحكمة الشاملة وله قدرات في عطاءات عصورية مستقبلية». من هنا يبرز الفرق الجوهري بين من يرى أنّ القرآن كتاب حاوٍ لسور مفصّلة تتضمن عبادات ومعاملات وبين من يرى فيه بالأخص سجلاّ إلهياً مفتوحاً على التجربة الوجودية الكونية. تمتاز الرؤية الأولى بطابعها الثبوتي الذي لا يولي كبير عناية لما يعنيه القرآن من فيض ما له من نفاد وأنه مصدر الحكمة الشاملة والعطاءات الموصولة وأنه دفق الحياة الذي يرفع العمر ويباركه ويضيئُه. إنها رؤية لطبيعة القرآن تجعل المؤمن القارئ لا يمكن أن يكون إلا تجديديا أي معبرا عن حاجيات الأمة وتساؤلاتها المتجددة مستنيرا بفهم القرآن في كليته ونظريته المجسدة لحقيقة الرسالة المحمدية في لحظة تاريخية محددة. بالعودة قليلا إلى مطالع العصر الحديث نجد أن المنطلق التنظيري كان مع مقولة الإمام محمد عبده بأن القرآن «كتاب هداية». هي مقولة فتحت طريقا جديدة للعلاقة بالنصّ القرآني ومنها بدأت تتحدد للتفسير غاية مختلفة عما أرساه المفسرون التقليديون. بعد محمد عبده ألَّف محمد إقبال كتابه عن التجديد، مبينا أن السؤال الذي صاغه الإصلاحيون: «لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدّم غيرهم» سؤال إشكاليّ للتمشي الإصلاحي المطروح، أصبح متجاوَزاً لكونه سؤالا غير بنائي، أي غير قادر على ربط الوعي الديني بالوعي التاريخي. من هذين المنطلقين اتجهت علاقة قسم من المفسرين بالوحي إلى فهم آخر لطبيعة القرآن تحول دون الحجر على دلالات النص بالفهم الواحد. هي طبيعة تنبعث عبر التزكية الإلهية للإنسان أي أنها تصل قدسية النصّ القرآني -في جانب منها- بالإنسان وأفقه وثقافته إذ يتعيّن المعنى في ضوء ما يتحقق من الجدل مع طاقات الإنسان ومع فاعليّة واقعه الفكريّ والاجتماعيّ. هذا ما يحيلنا على الجانب الثاني من الأزمة وهو وجهها المنهجي. هو وجه يمكن أن يُصاغ في سؤال: هل غاية مفسّر القرآن الكريم اليوم هي الحفاظ على التراث التفسيري الضامن لـ «وحدة الأمة» المتحققة من خلال قدسية مرجعيتها أم أنّ المقصود هو فهم النص المقدّس فهما حيّا يستوعب التراث التفسيري ويتجاوزه مستفيدا من مجالات المعرفة الإنسانية المختلفة على معنى أن تلك القدسية تستلزم الإقرار بتعذّر التوصّل إلى فهم نهائي لنص الوحي؟ من خلال هذا السؤال ندرك البعد المنهجي في أزمة علم التفسير الحديثة. ذلك أن ما انتهت إليه المدونة التفسيرية من سعي إلى إبانة كلام الله والكشف عن مراميه كانت قائمة على نظام فكريّ ونسق ثقافي يمثّلان قاعدة التوازن الداخليّ لتلك المدونة. بعبارة أخرى فإن كل التفاسير القديمة، سواء تعلّق الأمر بالتفاسير القائمة على الأثر أو الرأي أو ما سُمّي بالتفاسير الفقهية أو الاعتزاليّة أو الإشاريّة فإنّها -لاعتنائها بفهم النص وإفهامه- لا يمكنها التوصّل إلى مدلولات القرآن إلاّ بعُدّة معرفيّة صِيغت في بناء فكري كلاميّ وظيفته إقناعيّة وخصوصيّته دفاعيّة وبناء على رؤية مثاليّة تتصوّر الحقيقة خارج التاريخ والعالَم. جماع هذا يجسد الأزمة التي عالجها جانب من المفسرين المحدثين في بعدها المنهحي. هي معالجة تتمثل في سؤال عن طبيعة القرآن وعن غاية المفسر له: هل حقيقة التفسير تنفي كل صلة بين المعنى المراد ووعي الإنسان وثقافته.. أم أنها تفترض مواكبة تطوّر الإنسان ونموّ فكره وفاعلية واقعه الاجتماعي والثقافي؟ في كلمة: ماذا نعني بقولنا إن القرآن صالح لكل زمان ومكان.. أنقصد بذلك جاهزية الفهم الذي دوّنه السلف والذي يتيح مواجهة ما يستجدّ من أحوال ومشاغل في كل آن ومكان أم أن تلك الصلاحية تعني أن لغة النص المقدّس لا تتوقف عن توليد المعنى عبر الصيرورة التاريخية للإنسان ووعيه وتقدّم مجتمعه؟ من هنا خطّ المسار الحديث لعلم التفسير طريقه الذي استفاده من مقولة محمد عبده الإصلاحية ومن قراءة إقبال التجديدية ليضبط من خلالهما إشكالية المفسر المعاصر. هو في ذات الوقت تأكيد على أن أزمة علم التفسير أزمة منهج وأن تجاوزها يبدأ من اعتبار أنه لا تناقضَ بين القول بأن دلالات النص القرآني لا تنحصر في زمان أو مكان وبين اعتبار أن النص وثيق الارتباط بالقرن السابع في الجزيرة العربية. أهم ما في هذا التشخيص المنهجي للأزمة هو دلالتها الثقافية. ما تعنيه هذه المساعي الحديثة والمعاصرة هو أن الثقافة الإسلامية اليوم تحمل في داخلها صراعا لا يجوز التغاضي عنه، فهي ليست كُلاّ أصمّ وروحا واحدة منغلقة. إنكار هذه الحقيقة ليس إلا مسايرة لمقولة «أرواح الشعوب» المتداولة في الفكر الأوروبي التي انبثقت عنها نظرية «صراع الحضارات» المعتمدة على أن هناك حضارات متطورة ترتقي باستمرار وأخرى ذات خصوصيات ثابتة ونهائية وأن الأولى تمثل الخير المحض والأخرى الشر الخالص. ما يثبته الصراع الفعليّ قديما وحديثا هو أنه صراع بين القيم والمناهج داخل كل ثقافة وضمن كل فكر، مما أتاح مثاقفة متواصلة بين الشعوب والمجتمعات ظلت تميّز تاريخ الأفكار في العالم منذ قرون.    (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 17 جوان 2010)
 


المفكر الأمريكي نعوم شومسكي لـ »التجديد »:أمريكا هي جوهر المشكل في الصراع العربي الإسرائيلي

بعد قرار منعه من إلقاء محاضرة بجامعة برزيت الإسرائيلية، توجه المفكر الأمريكي نعوم شومسكي إلى الأردن، واستضافه مركز القدس للدراسات السياسية بعمان، والقى كلمة تناول فيها الصراع العربي الإسرائيلي ومستقبل المفاوضات بين الجانب الفلسطيني والجانب الإسرائيلي، وقد التقته  »التجديد » على هامش هذا اللقاء، وطلبت منه أن تنقل فعاليات هذا اللقاء المفتوح الذي تضمن أسئلة كثيرة تخص الموقف الأمريكي ومستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، فاستجاب لهذا الطلب، وتقريبا للرأي العام من آراء السيد نعوم شومسكي، نضع بين يدي القارئ إجابات السيد نعوم شومسكي وذلك بعد ترجمتها إلى اللغة العربية. تحدثتم عن تطور حصل في الرأي العام بخصوص جوهر الصراع العربي الإسرائيلي، هل من مؤشر على ذلك؟ قبل أسبوعين ألقيت كلمة بمجلس بوسطن للشؤون الدولية وحضره رجال الأعمال، وفوجئت لأنه طلب مني في تلك الكلمة أن أتحدث عن الصراع العربي الإسرائيلي. ذلك أنه قبل سنة فقط كان هذا الطلب شبه مستحيل، ومنذ سنوات كان هذا الأمر أكثر استحالة. وأعتقد أن هذا الطلب اليوم يمثل مؤشرا جديدا يعكس تطور الرأي العام الأمريكي بهذه القضية وبداية تحرره من البراباكاندا الإعلامية التي تسوق رؤية أحادية للقضية. إلى أي حد انعكس هذا التطور في الرأي العام ألأمريكي على السياسات العمومية للإدارة الأمريكية وأثر فيها في الاتجاه الذي يقطع مع سياسة الدعم اللامشروط للكيان الإسرائيلي؟ صحيح أن هذا التطور في الرأي العام لم ينعكس بشكل واضح على السياسات الأمريكية، وإنما كان له تأثير محدود على المستوى الإعلامي، لكن المهم في هذا الأمر هو بداية الشعور بأن المصلحة الاستراتيجية الأمريكية لا يمكن أبدا أن تكون مرتبطة بشكل عضوي بإسرائيل، لاسيما وقد بدأ يتنامى شعور لدى مسؤولين من مستوى وازن بأن العناد الإسرائيلي يهدد المصالح الأمريكية. الجنرال قائد القاعدة الوسطى السيد بتريس صرح بذلك، وأظن أنه لم يتراجع عن تصريحه إلا بعد أن مورست عليه ضغوط شديدة من قبل البيت الأبيض،لكن ليس هذا هو التصريح الوحيد الذي يعزز هذا الشعور عند المسؤولين، فقد صرح بروس ريداو وهو مسؤول سابق في جهاز الاستخبارات سي آي إي، وكان مسؤولا عن مكتب أوباما للخيارات المطروحة في أفغانستان، فقد اعتبر في تصريح له أن السياسة الإسرائيلية الحالية تهدد مصالح أمريكا وجنودها في المنطقة. هل يعني هذا أنه من الممكن للإدارة الأمريكية في لحظة من اللحظات أن تحسم خيارها لصالح التخلي عن إسرائيل إذا تبين لها أن الكيان الصهيوني يضر بمصالحها ويعرضها للتهديد؟ الصراع العربي الاسرائيلي والمرحلة التي يمر منها اليوم، وطبيعة السياسة الاسرائيلية المتعبة فيها ، تذكرني بالسياسة نفسها التي اعتمدت قبل عشرين سنة، فقد كانت إسرائيل وقتها تتصرف بشكل يحرج الإدارة الأمريكية أمام العالم، ففي اللحظة التي كان يصل فيها جيمس بيكر وزير الخارجية في إدارة بوش الأب إلى المنطقة كان شامير يستثمر لحظة وصوله ليعلن عن بناء مستوطنة جديدة. طبعا، لم يكن بوش الأب ولا بيكر يرفضون سياسة الاستيطان، لكنهم كانوا يرفضون الإهانة التي توجه لهم من قبل المسؤولين اسرائيليين. وقتها أدلى الرئيس الأمريكي ببعض التصريحات اعتبر فيها أن أساليب شامير غير مقبولة، وقد وصلت الرسالة، وفهم الاسرائيليون أن الأمر يتعلق بعقوبات حقيقية يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تقدم عليها، لولا أن بريز أنهى الصراع بطريقته الخاصة، فالرجل يفهم جيدا مفردات السياسة الأمريكية، ولذلك، كان يطبق سياسات شامير نفسها لكن بطريقة مؤدبة، إذ لم يكن المسؤولون الإسرائيليون يحرجون المسؤولين الأمريكيين، ولكنهم كانوا ينتظرون مغادرتهم للمنطقة ليعلنوا عزمهم بناء مستوطنات جديدة. اليوم هناك متغير أساسي، وهو أن الكل مقتنع بحل الدولتين وضرورة قيام دولة فلسطينية، وهو الأمر الذي لم يكن مقبولا لدى الإدارة الأمريكية في السابق، إذ كان الموقف الأمريكي يرفض إقامة دولة فلسطينية بين الأردن والبحر الأبيض المتوسط. وهل في نظركم هذا المتغير وحده كفيل بتغير السياسة الأمريكية واقتناعها بأن السياسة الاسرائيلية في إدارة الصراع مع الفلسطينيين تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة؟ هناك أكثر من متغير في المنطقة، فمن جهة توجد في المنطقة جيوش أمريكية، ومن المؤكد أنهم مهددون بشكل مباشر وأن الصراع العربي الاسرائيلي ينعكس بشكل أو بآخر على مستقبل الجنود الأمريكيين في المنطقة، ومن جهة أخرى بات في حكم المجمع عليه دوليا ضرورة قيام دولة فلسطينية بعد أن كان هذا الأمر منذ عشرين سنة من المحرمات، وزد على ذلك الموقف العربي،فقد أيدت الدول العربية منذ وقت ليس بالقصير حل الدولتين، ووضحوا موقفهم بشكل واضح، وتبنوا المبادرة العربية التي صادقت عليها الجامعة العربية،فأصبح من الصعب تجاهل هذا الموقف كما كان الأمر في السابق، ودون أن ننسى أيضا طبيعة الموقف الإسرائيلي الذي أصبح مرتهنا في جزء كبير منه للمجتمع الاستيطاني المتطرف، فقد أكدت دراسات حول المستوطنين أجراها باحثون إسرائيليون من مستوى عال أنه بحكم التوسع الذي عرفه المجتمع الاستيطاني وهيمنة المفاهيم الدينية المتعصبة، من غير الواضح أن تخضع إسرائيل لأوامر السياسة الأمريكية كما كان الأمر قبل عشرين سنة. ويمكن أن نصل إلى نفس هذه الخلاصة من خلال النظر في التصرفات الإسرائيلية التي تبدو غير منطقية ومدمرة للذات وغير منسجمة تماما مع منظور المصلحة الوطنية الاسرائيلية. ويمكن أن نشير في هذا الصدد إلى الإهانة التي وجهتها إسرائيل إلى السفير التركي بتل أبيب لاسيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أن تركيا من أهم واقدم أصدقاء إسرائيل ومن أهم حلفائها في المنطقة. ولذلك، أعتقد أنه حين تفقد دولة ما القدرة على السيطرة على أعصابها فإنها يمكن أن تتصرف بطرق غير متفقة حتى مع منظور مصلحتها الوطنية. ليس هذا هو المثال الوحيد الذي يكشف الاضطراب والتوتر الذي تعيشه السياسة الإسرائيلية، فهناك العديد من الأمثلة التي تؤشر على ذلك، منها طريقة تعاطي القيادة الإسرائيلية مع تقرير كولدستون، فلو تصرفت بعقل لأصدرت بيانا ترد فيه على هذا التقرير ولانتهى الأمر، ولما أعطته كل هذا الحجم. ولو تصرف المسؤولون بعقلانية لسحموا لي بإلقاء محاضرة في جامعة بيرزيت ولما طرح الأمر أي مشكل، ولكنهم منعوني، وتسببوا بذلك في حرج إعلامي كبير لهم. هذه مجرد أمثلة بسيطة، أما ما يمكن أن يكون مؤشرا خطيرا على فقدان إسرائيل للقدرة على السيطرة على أعصابها، وهو ما إذا أقدمت على رفض الأوامر الأمريكية وقررت ضرب إيران. هذه فقط أمثلة، ومن المتوقع أن تقوم إسرائيل بأي شيء. وهل يتوقع أن تفك الولايات المتحدة الأمركية ارتباطها بإسرائيل إذا ثبت لها أن سياستها تهدد مصالحها الاستراتيجية في المنطقة وتعرضها وجنودها للخطر؟ الأمر في البداية والنهاية مرتبط بموازين القوى. في سنة ,1960 عبر وزير الخارجية الأمريكي عن قواعد اللعبة بشكل دقيق وذلك حين تحدث للسفير الأمريكي لدى جنوب إفريقيا قائلا: » نحن نفهم أننا نصير معزولين عن العالم وأن دولا كثيرة داخل الأمم المتحدة صارت تصوت ضدنا، ونحن نفهم أنه ليس هناك فقط صوت واحد » فقد عبر وزير الخارجية الأمريكي وقتها عن حقيقة من أهم الحقائق، بالرغم من أن أمريكا وقتها كانت تشكل القوة التي تسيطر على العالم. دعني أقول: إن ما يحكم العلاقة بين أمريكا وإسرائيل هي نفسها التي كانت تحكم أمريكا وجنوب إفريقيا العنصرية، كما أن هناك تشهابها كبيرا بين العقلية التي كانت تدير السياسة العنصرية بجنوب إفريقيا والعقلية الاسرائيلية، فقد ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تناصر وتدعم حكومة جنوب إفريقيا العنصرية، رغم العقوبات الدولية والعداوة العالمية، وصنفت حكومة رونالد ريغان نلسون مانديلا في اللائحة السوداء واعتبرته من أكبر الارهابيين، لكن مع سنة 2009 صار بإمكان مانديلا زيارة الولايات المتحدة الأمريكية من غير ترتيبات أمنية. الشاهد في المسألة، أن موقف الولايات الأمريكية لم يبق ثابتا، ففي سنة 1990 غيرت موقفها وسقط نظام الأبارتايد. واليوم أنا أقول بأن العقلية الإسرائيلية هي أشبه ما تكون بالعقلية العنصرية التي كانت تدير حكومة الأبارتايد، فإسرائيل اليوم تعتقد أنه طالما أن أقوى دولة في العالم تدعمها فإنها تستطيع أن تمارس التعنت كما تريد من غير أن يردعها أحد. والذي يتابع مسار الصراع العربي الاسرائيلي، يخلص إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ظلت العائق الأساسي والعقبة الكبيرة أمام حل قضية الصراع العربي اسرائيلي. فقد طرحت ثلاث دول عربية (مصر والأٍردن وسوريا)الخطوط الرئيسة لهذا الحل، وانعقدت جلسة مجلس الأمن سنة 1976 وتم اقتراح حل الدولتين بناء على الحدود المعترف بها دوليا (يونيو 1967) مع إمكانية تبادل أراضي بسيطة، وتم اقتراح قرار في يناير 1976 يتبنى القرات الأساسية التي توجد في القرار 242 (الاعتراف بحق الدولتين أن تعيشا بسلام وبحدود آمنة)وكان الخلاف الرئيسي بين القرار المقترح سنة 1976 وقرار 242 هو مسألة إنشاء دولة فلسطينية، وهو الأمر الذي دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى استعمال حق النقض، والمشكلة هو أن استعمال هذا الحق في مجلس الأمن لا يعني فقط أن القرار لن يتخذ، ولكنه يعني أن مشروع القرار هذا سيحذف نهائيا من التاريخ. خلاصة الأمر، هو أن هناك مبدأ أساسيا يحكم العلاقات الدولية، وهو الذي يتحكم في طبيعة الموقف المتخذ، وهو الذي أشرت إليه سابقا، أي أن موازين القوى هي التي تحكم العلاقات الدولية. وطالما أن إسرائيل توقن بأن الولايات المتحدة الأمريكية تدعمها، فلن تتردد في أن تنتهج سياسة العناد دون اكتراث بأحد. ولذلك أنا أرى أن مدخل حل القضية ليس هو المفاوضات بين إسرائيل والعرب بوساطة امريكية، ولكن هو المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية فهي الطرف الأساسي في الصراع، وهي التي تملك حسمه وإنهاءه. تقصد أن مشكلة الصراع العربي الإسرائيلي بيد أمريكا وليست بيد الكيان الصهيوني؟ هذا ما أقصد. ينبغي أن تنطلق مفاوضات مباشرة حول قضية الصراع العربي الإسرائيلي بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين المجتمع الدولي، وليس بين إسرائيل وفلسطين، لأن جوهر المشكلة هو في الولايات المتحدة الأمريكية ودورها الداعم للحكومة اسرائيلية. ولو التزمت الولايات المتحدة بنفس المبادئ التي ألتزم بها المجتمع الدولي في جنوب إفريقيا، لفعلت مع إسرائيل نفس ما قامت به مع حكومة جنوب إفريقيا العنصرية، ولأمكن بكل تأكيد التوصل لحل لهذا الصراع. وأعتقد أنه كان بالامكان فعل شيء من ذلك سنة ,2001 وذلك حين اقتنع الرئيس كلينتون في آخر شهور ولايته الانتخابية أن الشروط التي فرضت على القيادة الفلسطينية في كامب ديفيد 2 لم تكن مقبولة ليس فقط من طرف القيادة الفلسطينية التي أدارت المفاوضات ولكن من اي قيادة. ولذلك، بادر إلى طرح ما عرف بأطر كلينتون وعلى الرغم من أن هذه الأطر التبسها بعض الغموض لكنها كانت أقرب إلى تمثيل الطموحات الفلسطينية بالقياس إلى كامب ديفيد ,2 وكلكم يتذكر أن كلينتون أيامها ألقى خطابا أعلن فيه أن الطرفين وافقا على أطر كلينتون بعدما كانت لهما عليه بعض التحفظات، واجتمع الطرفان في طابا سنة ,2001 للتغلب على الخلافات المتبقية، وتقريبا تم حل معظم هذه الخلافات، وفي مؤتمر صحفي أعلن الطرفان أنه لو سمح لهما بأيام إضافية لتم التوصل لحل لكل الخلافات. لكن إسرائيل أنهت المفاوضات بقرار أحادي الجانب، وبعد ذلك أجريت الانتخابات في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وجاءت ببوش الابن وشارون، وانتهى مسار التفاوض، وتم القضاء على الإمكانية الوحيدة لحل النزاع، تلك الفرصة اليتيمة خلال خمسة وثلاثين سنة من الصراع العربي الإسرائيلي. والمفارقة ألا أحد من الأكاديميين ولا حتى من وسائل الاعلام يشير إلى صناعة الإجماع التي تمت ضمن هذه التجربة، ولو سألت الباحثين الأكاديميين في جامعة هارفرد لا أحد منهم سمع عن هذا الموضوع ولم يسمع المجتمع عنه شيئا بسبب الصناعة الاعلامية التي تسوق الأنماط الجاهزة في التفكير ولا تترك مساحة للتفكير في هذه الإمكانية التيب تم إجهاضها. معنى هذا أنكم لستم متفائلين بخصوص المفاوضات غير المباشرة التي تجري اليوم بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟ إن الحديث عن وجود مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيليين وفلسطينيين والولايات المتحدة الأمريكية تطرح في هذه المفاوضات كوسيط غير منحاز مهمته الجمع بين الطرفين أي كوسيط نزيه، مثل هذا الحديث في نظري لا يشكل إلا انتصارا فظيعا للبراباكاندا الإعلامية في مجتمع للأسف يعتبر حرا. ليس هناك اي خلاف حول الوقائع التي سقتها آنفا، وكل شيء موثق ويؤكد أن الأمر يتعلق بمجرد براباكاندا، أما المخفي وغير المعلن غير موجود مطلقا في وعي الرأي العام. لكنكم سبق وقلتم بأن هناك تحولا في الرأي العام، فلماذا لا ينعكس هذا التحول في السياسات الأمريكية ويبطل مفعول البراباكاندا الإعلامية التي تقصد التغطية على ما أسميته المخفي وغير المعلن؟ الرد بسيط. لأنه يفقد المعلومات الكافية بهذا الخصوص.ثم إن الدول العربية لا تبذل جهدا في مساعدة الرأي العام الأمريكي على امتلاك هذا الوعي. المفارقة أن الدول العربية بدل أن تساعد الراي العام الأمريكي فإنها قامت بالعكس وأضرت بالقضية، وهنا أقصد بشكل خاص منظمة التحرير الفلسطينية، والتي أثرت تجاربها بشكل سيء أضر بالموقف الفلسطيني. ولذلك أنا أرى أن هذا يشكل تحديا أساسيا، بحيث إذا تم تجاوزه، يمكن أن يتم التأثير على الرأي العام الأمريكي، ويقع بذلك التحول من مجرد راي عام يرفض السياسات، إلى راي عام يؤثر في هذه السياسات. وبالمناسبة، أحتاج أن أصحح وجهة نظر غالبا ما تتداول وكأنها بدهية لكنها تحتاج إلى تدقيق، فالدعم الذي تجده إسرائيل داخل الولايات المتحدة الأمريكية ليس مرجعه اللوبي الصهيوني كما يظن في الغالب، وإنما مرجعه بالأساس إلى رجال الأعمال، فهؤلاء أقوى وأكثر تأثيرا ودعما إسرائيل. ولذلك، فبدل أن يقع التركيز على دور اللوبي الصهيوني، أعتقد أن الاشتغال على إحداث التحول داخل رجال الأعمال سيكون له انعكاس كبير على تحول الراي العام من موقع الرافض للسياسات إلى موقع الضاغط والمؤثر عليها. إعداد بلال التليدي  
(المصدر: صحيفة « التجديد »(يومية -المغرب) الصادرة يوم 4 جوان 2010)  

 


دروس « أسطول الحرية »


جاءت نتائج المجزرة الإسرائيلية ضدّ قافلة أسطول الحرية في صالح القضية الفلسطينية، ولصالح شعب غزة المحاصر بشكل لم يكن متوقعا. وبذلك تكون إسرائيل قد هزمت نفسها، حسب عبارة صحفي سويسري، بسبب وحشيتها، ودمويتها التي عرّتها أمام العالم. كما كانت شجاعة المتطوعين من مختلف الديانات والتوجهات السياسية والجنسيات، واستعداداهم للتضحية والشهادة قمة في الوفاء لقضية ستظل في قلوب الملايين حتى تتحرر الأرض، وتعاد الحقوق لأصحابها، وهي ملحمة سطّرها المتطوعون، ستبقى إنجازا نضاليا مشرفا للإنسانية، تتذكرها الأجيال القادمة بكلّ فخر. لقد نجحت المبادرات الشعبية وتحالف « الأحرار » العالمي في تعرية إسرائيل وفضحها وفضح معسكر الاعتدال العربي، الذي وجد نفسه فجأة يساير انتفاضة عالمية ضد تصرف الصهاينة وعربدتهم. وهكذا تكون للمبادرات الأهلية والمدنية (جمعيات وأحزاب ونشطاء) القدرة على تغيير العالم أكثر من الحكومات التي تملك الجيوش والإمكانيات والأموال ووسائل الإعلام. فهذه الحكومات العربية وقفت عاجزة تماما عن مساعدة غزة، بل حتى عن رفع صوتها أمام إسرائيل وأمريكا، بل إنهم لم يخجلوا من الموافقة على المفاوضات غير المباشرة وبغطاء عربي. ولكن قلة قليلة من المتطوعين الصادقين استطاعوا تغيير المعادلة وهز الرأي العام العالمي، الذي انتفض في كل العالم، لتعود القضية الفلسطينية لصدارة الأحداث، وليعود حصار غزة إلى عناوين الصحف والفضائيات من جديد، بعد أن عمل الصهاينة وبعض العرب على إقناعنا بأنه أمر واقع، وأنه حصار يتم بشرعية دولية. ما حدث يشبه المعجزة ويجعلنا أمام مواجهة الكثير من الأسئلة. فإسرائيل بغرورها وغطرستها قدمت لنا خدمة جليلة لم تكن لتتحقق إعلاميا وسياسيا لو سمحت بدخول السفن لغزة. وأحرار العالم أصبحت لهم خبرة وتجربة ومعنويات مرتفعة في مواجهة معسكر الشر العالمي بقيادة الكيان الصهيوني، وبدأت دائرة الحرية ومناصرة الحق الفلسطيني تتسع، وتستفيق قوى التحرر بعد سبات طويل، وخاصة بعد تنظيم قوافل شريان الحياة وغيرها من المبادرات التي قامت عليها « حركة غزة الحرة » وجمعيات أخرى كثيرة. ولأن الحالة العربية حالة مستعصية على الفهم، والمنطقة برمتها تشهد تحولات إستراتيجية مهمة فيجب علينا أن نتجاوز الحدث وما نتج عنه من إنجازات للاستفادة من دروسه في تسطير ملاحم أخرى في المستقبل لصالح شعوب المنطقة ولصالح الحرية والعدالة في العالم. وقبل ذلك علينا الإقرار بالأبعاد التالية، التي نتجت على هذا الحدث وأهمها: 1-    الدور التركي أصبح طلائعيا في المنطقة، وأصبحت تجربة حزب العدالة والتنمية ذات بريق شعبي خاص، حتى أصبح رجب طيب أردوغان يوصف في الكثير من الأوساط الشعبية بـ »الزعيم »، كما رفعت صورته في العديد من المسيرات، وحيّت العديد من الفعاليات الدور التركي، كما حملت الكثير من الوفود المشاركة في الاحتجاجات الزهور للسفارات التركية في الكثير من دول العالم. ويمكن القول إن أحد عوامل نجاح « أسطول الحرية » في « خضّ » العالم، الدعم التركي الرسمي والشعبي، وتسخير الموانئ التركية لتجهيز السفن، إضافة إلى مشاركة 400 تركي في القافلة، هم الأكبر من بين الوفود ( مقابل 100 عربي تقريبا) ، واستشهاد عدد منهم في عرض البحر المتوسط، حيث اختلط دمهم بدم غيرهم من أحرار العالم. وإذا كان الدور التركي الجديد مفاجئا للبعض، وملهما للبعض الآخر، فإنه يبدو نتيجة منطقية للديمقراطية، التي أفرزت فوز حزب العدالة والتنمية، الذي أصبح ممثلا لشعبه، ومعبرا عن إرادته. ولا يمكن فهم قوة أردوغان، وانخراط تركيا في الدفاع عن قضية المسلمين الأولى والقضية الإنسانية الأبرز، إلا بالانصهار بين الإرادة الشعبية التركية وحكومة أردوغان التي قال زعيمها في خطاب الثأر من إسرائيل « لن ندير ظهورنا لقضية فلسطين وشعب غزة »، وهو الخطاب الذي يعجز عن الإتيان بمثله أي من الزعماء العرب. وهنا يحق لنا أن نتساءل هل ستقود تركيا العالم العربي والإسلامي في المرحلة القادمة في قضايا التحرر والتقدم والديمقراطية؟ وهل سيكون للنموذج التركي (الديمقراطي) تأثير على التغيير في العالم العربي؟ 2-    وما دمنا نتحدث عن الديمقراطية والتمثيل الشعبي الحقيقي، فإن سبب بلاء الأمة العربية وإصابتها بحالة من العطب القاتل، والفساد الذي ينخر دولها، هو غياب الديمقراطية وطغيان الاستبداد. فلا يمكن لحاكم عربي أن يعبّر عن إرادة حقيقية في قضية تحرر أو تنمية، وهو نتاج وضع فاسد، ومفروض فرضا على شعبه، ولا همّ له إلا المحافظة على منصبه مدى الحياة، والبحث عن الدعم الخارجي عوضا عن دعم شعبه في الداخل. ومن هذا المنطلق فإن الممارسة الديمقراطية هي الكفيلة بتحريرنا من كل شرورنا بدءا من الفساد، والممارسات القمعية التي تقمع الإنسان، وتفقده آدميته، وانتهاء بانخراطنا في قضايا التحرر، وعلى رأسها تحرير فلسطين والقدس. وإلى جانب المثال التركي، الذي كانت الممارسة الديمقراطية سببا في نجاحه، يمكن ذكر التجربة الكويتية التي نجح برلمانها المنتخب في إقناع الحكومة بالانسحاب من مبادرة السلام العربية. وقد وافقت الحكومة استجابة لممثلي الشعب، وهو ما يعتبر بصيصا من نور في ظل العتمة العربية (هذا قبل أن يقع الالتفاف على القرار الكويتي، ربما بسبب التجربة الديمقراطية الناقصة). ونقول هنا بأن غياب الحريات وحقوق الإنسان وحرية الإعلام والتعبير في العالم العربي كفيل بتكميم كل الأفواه والمبادرات التحررية القومية والإسلامية واليسارية على السواء، ويكفي مثالا على ذلك أن الفعاليات الحزبية والشعبية عاجزة حتى عن إخراج مسيرة واحدة في بعض الدول العربية لمساندة الشعب الفلسطيني، وحتى وإن وقعت فهي تحت قيادة وتأطير الحزب الحاكم. ولذلك فإن « المتخصصين » فقط في القضايا القومية عليهم الوعي بأن معركة الحريات أساسية في تحررنا، وأنه بدون التحرير الداخلي لا نستطيع أن نساهم في تحرير أرضنا من المغتصب الخارجي. 3-    الفسيفساء العجيبة التي تكونت منها « قافلة الحرية » من ديانات مختلفة وجنسيات أكثر من 40 دولة، ومن إسلاميين وعلمانيين وعرب ونشطاء أوروبيين وأتراك، جعلت العمل الموحد على قضايا التحرر وحقوق الإنسان والعدالة أمر في غاية الأهمية، وربما هو الطريق الأنجح لتحقيق نتائج باهرة على الأرض. ورغم وجود بعض الأصوات الإعلامية القليلة، التي تشكك في الوحدة الممكنة لهذا النسيج من « أحرار العالم »، وأنه لا يمكن أن يخدم إلا أجندة بعض الأطراف، فإن الحقيقة التي أظهرتها الأحداث الأخيرة أن هذا « التحالف الدولي » لنشطاء من مختلف الأفكار السياسية قادر على الانتصار، بما يملك من روح ومبادرات على غطرسة الامبريالية وتحالف الشر والظلم العالمي. وقد أكد عدد من المفرج عنهم من متطوعي قافلة الحرية أنهم كانوا وهم في سجن بئر السبع يبحثون تسيير قافلة « شرايين الحياة 5 » و « قافلة الحرية 2″، وهو أمر في غاية الأهمية، لأنه لا يجب أن تتوقف المبادرات، فتظهر إسرائيل وكأنها حققت رسالتها، كما لا يمكن السكوت عن دم شهداء البحر الأبيض المتوسط، وذلك بالعمل منذ الآن على الإعداد لقوافل أخرى أكثر حجما وتحديا. 4-    تقزمت صورة السلطة الفلسطينية، وظهرت في حجم « الذرة » أمام صبر وإصرار حركة حماس على كسر الحصار، ومصابرة الشعب الفلسطيني في غزة على الجوع والحرمان، وعدم التنازل عن كرامته بأي شكل، لا أمام المؤامرة الإسرائيلية للتجويع والحصار، ولا أمام المكر والحصار المصري والعربي، الذي حاول في مفاوضات المصالحة الانحياز للسلطة على حساب المقاومة، وشيد الجدار الفولاذي، وهدم الأنفاق. 5-    ومع كتابة هذه الافتتاحية كان محمود عباس يؤكد رفضه تجميد المفاوضات غير المباشرة في حين سعت مليشياته لمنع مسيرات مساندة لقافلة الحرية، كما يفعل زملاؤه العرب. وهو بهذا يمارس سياسة الهروب للأمام، لأنه لا يملك غيرها، وينسى أنه بهذه الممارسات إنما يوشك أن يقضي نهائيا عن تاريخ حركة فتح في المقاومة والتحرر، ويفتح المجال للقلوب للتعلق أكثر بتجربة حماس، حتى أن البعض يجزم بأنه لو نظمت الآن انتخابات في الضفة والقطاع فإن حركة فتح ستحصل على أدنى الأصوات، في حين سترتفع أسهم حماس وحركات المقاومة التي لها شعبية متزايدة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وخارجها. كما أصبحت صورة بعض الأنظمة العربية الفاسدة، والمتواطئة كريهة ومقززة لدى شعوبها، ولا تزيدها هذه الأحداث المصيرية في حياة الأمة إلا انكشافا، وتدنيا، وتعريا، وهو ما يجعلها على الأرجح تمعن في القمع والتآمر على شعوبها بأكثر وحشية، مما سيعجل برحيلها غير مأسوف عليها. 6- المشاركة المكثفة لبعض الرموز الإسلامية التركية والعربية في هذه القافلة، ومنهم عضو الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور حازم فاروق منصور، وزميله محمد البلتاجي والطبطبائي من الكويت ومحمد غلام ولد الحاج الشيخ زعيم حزب « تواصل » الموريتاني ونواب وأعضاء حركة « حمس » الجزائرية ( أكثر من 10) وأعضاء حركة العدل والإحسان المغربية والمرشد السابق لجماعة الإخوان في الأردن وغيرهم من نشطاء إسلاميين، عدد منهم أتى من دول أوروبية، يجعل التيار الإسلامي أحد أهم مكونات حركة التحرر والعدالة العالمية، بما يملكه من شعبية وتجارب وامتداد، وهو مؤهل ليكون أكثر فاعلية للدفاع عن قضايا التحرر، هذا طبعا إذا نجح في التخلص من الأجنحة المتشددة، ومن بعض السياسات الخاطئة، التي تورطت فيها الكثير من الحركات الإسلامية. وهذا في الحقيقة لا يجب أن يقلق التيارات العلمانية التحررية أو يزيد في عدائها للتيار الإسلامي، بل على العكس من ذلك، يجعلها أكثر انخراطا في هذه الحركة التحررية العالمية، وهي التي لم تستطع وحدها تحمل هذا العبء، بسبب انحسارها الشعبي. كما يطرح على العلمانيين مهمة أيضا في غاية الخطورة، وهي تقوية التنسيق مع التيارات الإسلامية التحررية لسببين على الأقل: الأول مواجهة الظلم والغطرسة العالمية والاحتلال والاستيطان في أوسع تحالف عالمي، والثانية إضعاف التيارات المتشددة والظلامية، التي يزيد اتساعها بسبب الاستبداد والقهر والظلم.  
التحرير  

(المصدر:مجلة أقلام أولاين الإلكترونية(تصدر مرة كل شهرين- لندن)العدد الخامس والعشرون – السنة السابعة: ماي – جوان 2010)
 


من أوروبا هذه المرة «أسطول الحرية 2» ينطلق باتجاه غزة يوليو المقبل


2010-06-17 ستراسبورغ – AFP  تريد مجموعة من المنظمات المؤيدة للفلسطينيين تنظيم « أسطول ثانٍ إلى غزة » « في النصف الثاني من يوليو »، شبيه بالأسطول الذي هاجمته مجموعة كوماندوز إسرائيلية، كما قال أمس الأربعاء أحد مسؤولي المجموعة في ستراسبورغ. وقال مازن كحيل -المتحدث باسم الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة، في مؤتمر صحافي عقده في البرلمان الأوروبي-: « لدينا ست سفن باتت جاهزة لمغادرة أوروبا، ونأمل في أن نبحر الشهر المقبل، في النصف الثاني من يوليو ». وكانت الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة شاركت مع منظمات أخرى مثل حركة غزة حرة والمنظمة التركية للإغاثة وحقوق الإنسان غير الحكومية ومنظمتي سفينة إلى غزة اليونانية والسويدية غير الحكوميتين واللجنة الدولية لرفع الحصار عن غزة، في تنظيم الأسطول الأول الذي أسفر الهجوم الإسرائيلي عليه في 31 مايو عن تسعة قتلى وتسبب في موجة استنكار عالمية. وأضاف كحيل « نعتقد أن هذا الأسطول الثاني سيكون أهم من السابق ». وكان كحيل يتحدث بدعوة من النائب الأوروبي العمالي البريطاني ريتشارد هويت وفي حضور عدد كبير من مشجعي هذه المبادرة، وقد شارك بعض منهم في الأسطول الأول. وقال كحيل: « نحن مع ذلك منفتحون على مشاركين آخرين وندعو العالم أجمع إلى التحقق بأكبر قدر من الشفافية من مكونات الحمولة التي سننقلها ». وستتطرق الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية كاثرين أشتون أمام النواب الأوروبيين إلى الأزمة الناجمة عن قضية الهجوم على أسطول المساعدات الإنسانية. (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 17 جوان 2010)


بولندا تنظر في ترحيل عميل للموساد


تحرك مكتب الادعاء العام بالعاصمة البولندية -من خلال محكمة ابتدائية محلية- لترحيل عميل الموساد يوري برودسكي المتورط في اغتيال المسؤول في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) محمود المبحوح, إلى ألمانيا. وأكدت المتحدثة باسم مكتب الادعاء العام بوارسو مونيكا لواندوفسكا تقديم طلب ترحيل، فيما قال المتحدث باسم المحكمة الابتدائية فوجكيك مالك إنه ستتم مراجعة القضية بعد ما لا يقل عن 10 أيام. يشار إلى أن برودسكي هو عميل مزعوم للموساد الإسرائيلي، ومتورط في عملية اغتيال المبحوح في دبي في يناير/كانون الثاني الماضي. واعتقل برودسكي في مطار وارسو الدولي الأسبوع الماضي، بعدما أصدرت السلطات الألمانية مذكرة اعتقال أوروبية بحقه، واتهمته بمساعدة شخص ثالث في الحصول على جواز سفر ألماني. وبحسب الإجراءات، يتوجب على المدعي العام البولندي، أن يستجوب المتهم ويسأله عما إذا كان يرغب في أن يتم ترحيله، فإذا وافق ينقل إلى ألمانيا خلال عشرة أيام, وإذا رفض يكون أمام المحكمة في وارسو ما بين 60 و90 يوماً لاتخاذ قرار بما ستفعله به. هذا ولم يوافق برودسكي حتى الآن على ترحيله، ويزعم أنه بريء. يو بي آي (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 17 جوان  2010)


أزنار: الغرب ينهار بانهيار إسرائيل


حذر رئيس الوزراء الإسباني السابق خوسيه ماريا أزنار من انهيار إسرائيل، معتبرا أن ذلك سيقود إلى انهيار الغرب. وفي مقال له بصحيفة التايمز اليوم حمل عنوان « ادعموا إسرائيل لأنها إذا انهارت انهار الغرب »، قال أزنار إن « إسرائيل هي خط دفاعنا الأول في منطقة مضطربة تواجه باستمرار خطر الانزلاق إلى الفوضى، ومنطقة حيوية لأمن الطاقة لدينا بسبب الاعتماد المفرط على النفط الموجود في الشرق الأوسط، والمنطقة التي تشكل خط الجبهة في الحرب ضد التطرف، فإن سقطت فسنسقط معها ». وأضاف أزنار -الذي تولى رئاسة الحكومة الإسبانية من عام 1996 وحتى عام 2004- « إنّ تراجع الغرب عن دعم إسرائيل وترْكها تواجه مصيرها وحدها في هذه الظروف دليل صارخ على مدى تراجع الغرب وضعفه ». واعتبر أزنار في مقاله أن ما أسماه الدفاع عن حق إسرائيل في العيش بسلام وضمن حدود آمنة « يتطلب درجة من الوضوح الأخلاقي والإستراتيجي، كثيراً ما تبدو وكأنها اختفت من أوروبا، كما أن الولايات المتحدة تظهر علامات مثيرة للقلق حول السير في الاتجاه نفسه ». واستدرك رئيس الحكومة الإسبانية السابق بالقول إنه « ليس في نيتنا الدفاع عن أي سياسة محددة أو أي حكومة إسرائيلية بعينها، كما أن المدافعين عن هذا التوجه على يقين بأنهم يختلفون في بعض الأحيان مع القرارات التي تتخذها إسرائيل، لأننا في النتيجة ديمقراطيون ونؤمن بالتنوع ». ولكن أزنار حرص على القول إن « ما يربطنا هو تأييدنا الذي لا يلين لحق إسرائيل في الوجود والدفاع عن نفسها، لذلك فإن وقوف الدول الغربية إلى جانب المشككين في شرعية إسرائيل وممارسة اللعب في الهيئات الدولية حيال قضاياها الأمنية الحيوية لإرضاء المعارضين للقيم الغربية، بدلاً من الوقوف بحزم في الدفاع عنها، لا يمثل خطأ أخلاقيا فادحا وحسب، بل خطأ إستراتيجياً من الدرجة الأولى ». وخلص أزنار إلى القول إن « إسرائيل هي جزء أساسي من الغرب وما هو عليه بفضل جذوره اليهودية/المسيحية، ففي حال تم نزع العنصر اليهودي من تلك الجذور وفقدان إسرائيل، فسنضيع نحن أيضاً وسيكون مصيرنا متشابكاً وبشكل لا ينفصم سواء أحببنا ذلك أم لا ».  
يو بي آي (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 17 جوان  2010)


منع ‘الاقصى’: ارهاب اعلامي فرنسي


عبد الباري عطوان 6/17/2010

قرار الحكومة الفرنسية منع بث قناة ‘الاقصى’ الفضائية عبر القمر الصناعي ‘يوتلسات’، يعكس مدى هيمنة اسرائيل وانصارها على الحكومات الغربية، وفرنسا على وجه الخصوص، مثل يعكس احد اسباب هذه الكراهية المتنامية في العالمين العربي والاسلامي تجاه هذه الحكومات، وكذب كل ادعاءاتها حول حريات التعبير والانسان وسيادة القانون التي تتباهى بها ليل نهار. فالقرار غير قانوني، وغير اخلاقي، وينتصر لظلم القوي في مواجهة الضعيف المضطهد. هذه ليست المرة الاولى التي ترضخ فيها الحكومة الفرنسية للاملاءات والضغوط الاسرائيلية، فقد مارست القمع الفكري نفسه قبل عدة اعوام عندما حجبت بث قناة ‘المنار’ التابعة لحزب الله اللبناني . مثلما خانت قيم الحرية والعدالة عندما منعت نشر وتوزيع صحف عراقية، او اخرى عربية عارضت تدمير العراق عقابا لغزوة الكويت عام 1990، وهو ما لم تفعله جميع الحكومات الاوروبية الاخرى بما فيها بريطانيا التي كانت اكثر حماسة لتحرير الكويت، والاكثر مساهمة في قوات درع الصحراء بعد امريكا. الذرائع التي استخدمتها الحكومة الفرنسية لتبرير قرارها هذا غير مقنعة، لانها تتناقض كليا مع قيم الديمقراطية وما يتفرع عنها من سلسلة طويلة من الحريات، وكان الاحرى بالحكومة الفرنسية ان تتحلى بالصبر، وان تلجأ للحوار المعمق، وان تتفهم وجهة نظر الطرف الآخر وظروفه، ولكنها لم تفعل للاسف الشديد. قناة ‘الاقصى’ الفضائية ليست الـ’بي.بي.سي’ او الـ’السي.ان.ان’ قطعا، ولكنها ليست اسوأ من ‘فوكس نيوز’، وهي قبل كل هذا وذاك تنطق باسم حكومة منتخبة في انتخابات يعترف الجميع بنزاهتها وحريتها وتمثل حركة مقاومة تقاتل بالطرق والوسائل كلها من اجل استعادة حقوقها المشروعة. وفرنسا تستضيف على ارضها مكاتب لحركات تقاتل ضد الشرعية في دارفور مثلما استضافت قبل ذلك حركات المقاومة الايرانية، بل والامام آية الله الخميني نفسه. نسأل وبكل براءة، الم تكن لحركة المقاومة الفرنسية في زمن الاحتلال النازي محطات اذاعة تحرض ضد الاحتلال وتدعو الى المقاومة واسقاط حكومة ‘فيشي’ العميلة؟ الذين اتخذوا قرار المنع المجحف هذا قالوا ان القناة بثت مسلسلا كارتونيا يقدم شخصية لطفل ‘ميكي ماوس’ يطالب بالمقاومة ويحرض عليها ضد الاحتلال، فما العيب في ذلك، هل تريد فرنسا من محطة تلفزيونية تصدر من قطاع غزة المحاصر المجوع على مدى السنوات الاربع الماضية ومحروم من دخول او استيراد اربعة آلاف سلعة من بينها ‘الكزبرة’ وابسط انواع الادوية، تريدها ان تقدم مسلسلات تطالب بمقاومة محاصري القطاع، ومحتلي ارضه، ومصادري حقوقه الانسانية في العيش الكريم، بالزهور والرياحين؟ كنا نتوقع من الحكومة الفرنسية ان تصدر قرارا بمنع المحطات الاسرائيلية التي تمثل حكومة ارتكبت جرائم حرب في قطاع غزة اثناء عدوانها الاخير، وخرقت كل القوانين والشرائع الدولية عندما اعترضت سفينة اغاثة تقل على ظهرها نشطاء مسالمين عزل، وكراسي متحركة لعجزة قطاع غزة الذين بترت صواريخ اسرائيل، وقنابلها الفوسفورية اطرافهم، وبعض مواد البناء لترميم واعادة بناء خمسة وستين الف منزل دمرها العدوان الاخير. ‘ ‘ ‘ الحكومة الفرنسية التي اتخذت قرار المنع هذا نسيت، او تناست استخدام وحدة ‘الموساد’ الاسرائيلي التي اغتالت الشهيد محمود المبحوح أحد قادة حماس في امارة دبي المسالمة جوازات سفر فرنسية، منتهكة بذلك اهم اسس السيادة الفرنسية، ومعرضة المواطنين الفرنسيين وأرواحهم للخطر. فمن احق بالعقاب والمنع، والطرد، دولة انتهكت القانون الفرنسي جنباً الى جنب مع انتهاكها للقوانين والمعاهدات الدولية، وطعنت دولة صديقة، مثل فرنسا في الظهر عندما خانت الامانة وتنكرت للصداقة، ام محطة تلفزيونية تعبر عن طموحات شعب يتطلع الى الحرية والاستقلال ويعيش تحت الحصار؟ هذا السؤال نوجهه الى الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي الذي عانت اسرته من النازية ومجازرها. المطلوب من ضحايا الحصار الاسرائيلي في غزة، وفق المفهوم الغربي والفرنسي ان يتلقوا الصواريخ التي تمزق اجساد اطفالهم الجوعى وتحولهم الى اشلاء بالزغاريد والرقص فوق ركام منازلهم المهدمة. وممنوع عليهم الصراخ من الظلم والألم. فهل هذه قيم العدالة والديمقراطية التي يتبناها الغرب بها؟ قنوات مثل ‘الاقصى’ و’المنار’ هي من القنوات القليلة التي بقيت لهؤلاء للصراخ من الألم، وهي تعتبر ‘معتدلة جداً’ بل والله في قمة التهذيب بالمقارنة مع محطات اذاعة المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي، وبرامج هذه الاذاعات موجودة في ارشيف الحكومتين الفرنسية والبريطانية. وهناك العديد من الدراسات الموثقة التي تثبت ما نقول. ‘ ‘ ‘ اوروبا عاشت حالة من الشلل الكامل لمدة اسبوع بسبب رماد بركان ايسلندا الذي اغلق معظم المطارات، وشاهدنا التلفزيونات الاوروبية تعرض مآسي ‘تقّطع القلب’ عن المسافرين الذين تقطعت بهم السبل، ويعيشون في فنادق خمسة نجوم بعيداً عن أهلهم وأوطانهم. ومع ذلك لم نشاهد هذه التلفزيونات وحكوماتها تذرف دمعة واحدة تضامنا مع مليوني انسان في قطاع غزة لا يجدون الدواء لمرضاهم، والحليب لأطفالهم، ناهيك عن السفر الى الخارج الممنوع اساساً بسبب الاسوار الفولاذية على المعابر. نفهم، ولكن لا يمكن ان نتفهم، مثل هذه الخطوة الفرنسية لو ان محطة ‘الاقصى’ تنطق بالفرنسية، وهدفها التأثير على الرأي العام الفرنسي و’تسميم’ مداركه بحيث تقل مساندته لاسرائيل او تتراجع، ولكن هذه المحطة تبث باللغة العربية، وتخاطب اناسا مقتنعين تماماً، ولا يحتاجون لأي تحريض في مواجهة المجازر الاسرائيلية، فاي غباء هذا الذي تقدم عليه الحكومة الفرنسية بمنعها من البث؟ ومن المفارقة ان قرار المنع تحت ذريعة نشر افكار التطرف (سبحان الله المقاومة باتت تطرفاً) جاء في وقت تعيش فيه عملية السلام سكرات الموت الاخيرة بسبب رفض اسرائيل تطبيق قرارات اللجنة الرباعية الدولية وتحدي حلفائها في الغرب ببناء المستوطنات، وتهويد المقدسات وهدم بيوت اهل القدس المحتلة، وبناء الاسوار العنصرية. فرنسا تخسر الكثير من مصداقيتها في الوطن العربي والعالم الاسلامي، وتسحب الكثير من رصيدها الذي راكمه رجال مثل شارل ديغول وميتران، وجاك شيراك، لانها بمثل هذا الانحياز الفاضح للبلطجة الاسرائيلية لا تشوه صورتها فقط وانما ايضا تشجع جماعات التطرف وتوفر لها الذخيرة الملائمة لتجنيد الكثير من الشباب الرافض لهذه الازدواجية الفاضحة في تطبيق المعايير القانونية والسياسية. نأمل ان تتمعن الحكومة الفرنسية جيداً بما قاله مائير داغان رئيس جهاز الموساد الاسرائيلي مؤخراً بان اسرائيل باتت عبئاً اخلاقياً وامنياً على كاهل الغرب، او ما ذكره الجنرال ماكريستال قائد القوات الامريكية في افغانستان من ان سياسة اسرائيل تهدد ارواح الجنود الامريكيين في افغانستان والعراق، ولكنها فيما يبدو لا تريد التمعن، والاستمرار في هذه السياسات الخاطئة التي تتعامى عن هذه الحقائق وغيرها. انه قرار جائر قصير النظر ومؤسف في الوقت نفسه، ويصب في خانة الارهاب الفكري وقمع الحريات، والرضوخ بشكل مهين للبلطجة الاسرائيلية وبما يؤدي الى تغولها اكثر فأكثر. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 17 جوان  2010)
 


عاصفة شمسية مدمرة تضرب الأرض

 


حذَّرت وكالة الفضاء الأمريكية « ناسا » من أن انفجارت بركانية شمسية, نتيجة عاصفة فضائية ضخمة تقع كل مائة عام, ستسبب دمارًا في الأرض. وقالت صحيفة « ديلي تلجراف »: إنّ « العاصفة الفضائية التي تقع كل مائة عام قد تتسبب بانقطاعات واسعة في الكهرباء، وتعطل إشارات الاتصال فترات طويلة ». وأضافت أنّه من المتوقع أنّ « تزداد سخونة شبكات الطاقة المحلية، ويتأثر السفر الجوي بشدة وتتعطل الأجهزة الإلكترونية وأنظمة الملاحة الجوية والأقمار الصناعية الرئيسية، بعد أنّ تصل الشمس إلى أقصى طاقة لها خلال سنوات قليلة ». ويعتقد كبار علماء وكالة الفضاء أنّ الأرض ستُضرب بمستويات غير مسبوقة من الطاقة المغناطيسية؛ نتيجة الانفجارات الشمسية بعد استيقاظ الشمس من « سبات عميق » في وقت ما نحو عام 2013. وفي تحذير جديد قالت « ناسا »: إنّ « العاصفة الهائلة ستضرب كالبرق المصحوب بالرعد، ويمكن أن تسبب مخاطر مأساوية للصحة العالمية، وخدمات الطوارئ والأمن القومي، ما لم يتم اتخاذ احتياطات ». كما يعتقد العلماء أنّ العاصفة الفضائية يمكن أن تُتلف كل شيء، من أنظمة خدمات الطوارئ وأجهزة المستشفيات وأنظمة البنوك وأجهزة مراقبة الحركة الجوية، مرورًا بأجهزة الاستخدام اليومي مثل الحواسيب المنزلية وأجهزة آي بود، وملاحة الأقمار الصناعية. ونظر لاعتماد البشر الكثيف على الأجهزة الإلكترونية الحساسة للطاقة المغناطيسية، فمن الممكن أن تسبب العاصفة الشمسية خسائر بمليارات الدولارات، ومشاكل ربما كانت مدمرة للحكومات. وقال مدير قسم الفيزياء الشمسية في ناسا: « نحن نعلم أنّ العاصفة قادمة، لكننا لا نعرف حجم الضرر الذي ستخلفه وراءها ». وأضاف ريتشارد فيشر أنّ « الانفجارات ستغير المجال المغناطيسي على الأرض، وأنها ستكون سريعة كالبرق من تأثير الشمس ». وأوضح فيشر أنّ « العاصفة التي ستجعل درجات حرارة الشمس تصل إلى أكثر من 5500 درجة مئوية، تحدث مرات قليلة فقط خلال حياة الشخص ».  ففي كل 22 عامًا تبلغ دورة الطاقة المغناطيسية للشمس ذروتها، بينما يصل عدد البقع الشمسية أو الانفجارات إلى أعلى مستوياته كل 11 عامًا. وقال فيشر: إنّ « هذين الحدثين سيتحدان عام 2013 لإنتاج مستويات ضخمة من الإشعاع ». وأضاف أن « بقاعا واسعة من العالم يمكن أن تواجه بانقطاع في الطاقة لعدة أشهر »، لكنه استبعد احتمال ذلك. والسيناريو الأرجح هو أن مناطق شاسعة -بما في ذلك شمال أوروبا وبريطانيا- ستكون بدون طاقة، وستتعطل الأجهزة الإلكترونية لساعات أو ربما لأيام. يشار إلي أن مؤتمرا لطقس الفضاء في واشنطن دي سي الأسبوع الماضي حضره علماء ناسا وسياسيون وباحثون ومسئولون حكوميون، قد تلقى تحذيرات مماثلة. وعلى الرغم من أن العلماء كانوا قد أبلغوا سابقا بمخاطر العاصفة، فإن ملاحظات فيشر تعتبر أكثر التحذيرات شمولية من ناسا حتى الآن. ومن جانبها, اتخذت الحكومة البريطانية احتياطات بهذا الصدد ومنها وضع محولات معينة على حافة شبكة الطاقة لكي تنغلق مؤقتا، ولتحسين مستويات الفولتية بأنحاء الشبكة، وهناك خطط شاملة أخرى لكيفية التعامل مع الانقطاع الكامل لمصادر الكهرباء. . (المصدر: الإسلام اليوم  بتاريخ 16 جوان  2010)

 

Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

22 juin 2005

Accueil TUNISNEWS 6 ème année,N° 1859 du 22.06.2005  archives :www.tunisnews.net اللجنة العربية لحقوق الإنسان: 26 حزيران (يونيو):  اليوم العالمي لمناهضة

+ لمعرفة المزيد

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.