الأربعاء، 26 أبريل 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2165 du 26.04.2006

 archives : www.tunisnews.net


الوسط التونسية: تدهور جديد لصحّة القلم الحر سليم بوخذير في اليوم الثاني و العشرين من إضرابه عن الطعام

الجزيرة.نت: الإعلان عن تأسيس منتدى اجتماعي ضد العولمة بتونس

الجزيرة.نت: الحكومة التونسية ترفع سعر البنزين

الجزيرة.نت: يـنـثُـرون أمـوالـهـم على الراقصات ويـحـجُـبـونها عن الفلسطينيين

عبدالحميد العدّاسي: سليم يستغيث

د. خالد الطراولي: لاءات الأمل : لن نحبط، لن نيأس، لن نموت!

محمد الهادي الزمزمي: صور من محنة الجالية التونسية

الحياة : «العميل» أول فيلم سينمائي لـ «الإخوان المسلمين»

القدس العربي: القناة الفرنسية الدولية تبحث عن تسمية جديدة والعمل باللغة العربية مؤجل الي نهاية 2007

نور الدين العويديدي: العلمانيون والإسلاميون والمسألة الديمقراطية

د. أحمد القديدي: حذاٍر أن تضيع الدولة القدوة

  توفيق المديني: التشاد وسط صراع النفوذ

عادل الحامدي: رهان الديمقراطية في التجربة الموريتانية

محمد كريشان: ضربة إيران القادمة

جورج الراسي: الاتفاقات الثنائية تعوّض « اتحاد المغرب العربي »!


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 
 

تدهور جديد لصحّة القلم الحر سليم بوخذير في اليوم الثاني و العشرين من إضرابه عن الطعام

عاجل هذا المساء

تونس / الوسط التونسية / خاص

 

علمت « الوسط » أن الصحفي التونسي المضرب عن الطعام السيد سليم بوخذير عانى مساء اليوم الثلاثاء (25 أفريل 2006) من حالات إغماء متكررة و من آلام على مستوى الكلية اليمنى ومن تسارع حاد في عدد نبضات القلب ، بسبب تمسكه باضرابه القاسي عن الطعام لليوم الثاني والعشرين على التوالي وهو طريح الفراش.

 

و أكّدت كلّ الأنباء العاجلة الواردة ل »الوسط  » من تونس هذا المساء أن الحالة الصحية للأستاذ بوخذير عرفت اليوم منعرجا آخر خطيرا حيث تواصل تقاطر الدماء من مجاريه البولية . وقد أمكن نقل بوخذير إلى طبيب المسالك البولية والكلى في الأمسية من قبل عدد من شخصيات المجتمع المدني لكن الطبيب و بعد إطلاعه على نتائج تحاليل أمس، طالب بوخذير بإيقاف إضرابه عن الطعام فورا وفي الحال، ومع ذلك امتنع الصحفي التونسي الشجاع عن تعليق إضرابه ذاكرا أن السلطات هي التي جوّعته بطرده من عمله و ليس هو من جوّع نفسه، و أنه لن يوقف الإضراب حتّى و لو أحدق خطر أكبر بحياته لأن الجوع بالنسبة له أفضل من السكوت على ما وصفه بالمظلمة الكبرى التي تستهدفه وتستهدف كلّ حقوقه كانسان و كصحفي على يد النظام مردّدا عبارة « الجوع و لا الخضوع « .

 

كلّ أسرة تحرير « الوسط » التونسية تتمنى السلامة للصحفي التونسي سليم بوخذير وتضمّ صوتها إلى أصوات كلّ شرفاء تونس و العالم الذين طالبوه بإيقاف إضرابه عن الطعام بعد كلّ هذا الخطر الذي أحدق بحياته واعدين إياه بأننا و كلّ شرفاء تونس و المجموعة الدولية لن ندخر أي جهد في طريق مواصلة النضال و بقوة من أجل تحقيق عودة بوخذير إلى عمله في أسرع وقت و إيقاف التحرش الأرعن بهذا الصحفي الذي حمل لواء القلم الحر بكلّ شجاعة و صمود ونبل، و نردّد معه بأعلى صوت: « لا تكسروا القلم الحر .. »

 

(المصدر: موقع « الوسط التونسية » بتاريخ 25 أفريل 2006)


توضيح

 

بعد التصريح الذي أدلى به الزميل عبد الحميد الرياحي لوكالة رويترز يوم الخميس 20 أفريل 2006 يهمني أنا الصحفية المضربة عن الطعام شهرزاد عكاشة أن أتوجه إليه بالرد التالي :

 

1. ليس الزميل المذكور مديرا لجريدة الشروق وإنما ينتمي إلى طاقمها الصحفي فقط يتقاضى راتبه مثلي مثله ويعد تصريحه انتحالا للصفة.

 

2. المدير المسؤول متوف وهو ما يجعل إجراء طردنا أنا والزميل سليم بوخذير مناف للقانون بحكم أن صحف دار الأنوار تصدر بطريقة غير قانونية لغياب الرخص.

 

3. كان الزميل عبد الحميد الرياحي يتشدق بشعارات حرية الرأي و التعبير وها أننا اليوم نجده يمارس المناولة السياسية في أقذر مظاهرها عن السلطة عبر إنكاره تدخل السلطة في طردنا والدليل ما حدث للزميل سليم بوخذير في ذلك الإربعاء الأسود وما يمارس ضدي من مضايقات وإرغامي على الكتابة في ملحق 7 نوفمبر.

 

… و إن كانت الأيادي المرتعشة لا تقوى على البناء فإننا لا نعول على المتملقين في رفع حصاة في صرح الإعلام.

 

شهرزاد هكاشة

 


تصحيح       

تناقلت بعض وسائل الإعلام الإلكترونية والمكتوبة خبرا مغلوطا من مصدر واحد حول حذف إسم السكرتير السابق للمجلة العربية لحقوق الإنسان من أرشيف موقع المعهد العربي لحقوق الإنسان على شبكة الإنترنت.      والصحيح أن المجلة العربية لحقوق الإنسان منشورة كالعادة، على موقع المعهد في شكل مقالات منفصلة تحتوي اسم الكاتب ولا تحتوي أية إشارة إلى هيئة التحرير.      أما صفحة تقديم المجلة على الموقع بالنسبة للأعداد القادمة فمن البديهي أن لا تتضمن أسماء ما زالت شاغرة بما في ذلك رئيس التحرير فضلا عن سكرتير التحرير.      والغريب أن وسائل الإعلام التي نشرت الخبر لم تكلف نفسها عناء التثبت من الخبر من مصدره الرسمي كما تقتضي ذلك القوانين والأعراف وأخلاقيات المهنة الصحفية.   المسؤول عن موقع المعهد على شبكة الإنترنت غسان الحصني

 


 

الإعلان عن تأسيس منتدى اجتماعي ضد العولمة بتونس  

لطفي حجي- تونس

 

أعلنت منظمات نقابية وحقوقية ونسائية في تونس مطلع الأسبوع الجاري تأسيس المنتدى الاجتماعي التونسي من أجل الوصول إلى ما أسموه « عالما آخر ممكنا« .

 

وذكرت المنظمات المؤسسة أن المنتدى سيعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان ومقاومة كل أشكال الهيمنة والاحتلال، فضلا عن الدعوة إلى احترام ثقافات الشعوب وإرادتها في الحرية والاستقلال والتنمية المستدامة.

 

 وعلى امتداد يومين، ناقش المؤسسون ضمن ورشات عمل قضايا الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية للعولمة، والشباب وحق الشغل، ومسيرة النساء نحو المساواة، والديمقراطية وحقوق الإنسان، والتضامن مع حركات التحرر العربية والعالمية.

 

وقدم المناقشون لوائح في هذا الشأن ينتظر أن تشكل الأرضية الموحدة لجميع المنظمات المشاركة.

 

 مناهضة العولمة

 

الإعلان عن المنتدى الاجتماعي التونسي يأتي بعد ثلاث سنوات من النقاش بين المنظمات التونسية، كما أنه خطوة ضمن مسعى الحركات المناهضة للعولمة في مختلف أنحاء العالم, والتي انطلقت بتأسيس المنتدى الاجتماعي العالمي في يناير/كانون الثاني 2001 في البرازيل كنقيض لمنتدى كبار الرأسماليين في دافوس.

 

 وبشأن جدوى المنتدى في وقت تتعدد فيه المنظمات والأحزاب التي تعمل من أجل نفس الأهداف المرسومة, قال عبد الرحمن الهذيلي -وهو أحد منسقي المنتدى التونسي- للجزيرة نت إن الهجمة الليبرالية التي وصلت ذروة انتصارها إثر سقوط حائط برلين أضعفت الأطر الرسمية للنقابات وللأحزاب اليسارية بمختلف مشاربها، شيوعية واشتراكية ديمقراطية وأقصى اليسار، واستسلم عدد منها للقدر الليبرالي.

 

 هذا الاستسلام لليبرالية, يضيف الهذيلي, بدا وكأنه قضاء لا مرد له, وهو ما جعلها عاجزة عن استيعاب الكم الهائل وغير المتجانس من المنظمات والشخصيات التي تناضل ضد العولمة الليبرالية والذين يرفضون الانتظام في الأطر السائدة.

 

 منبر نقاش

 

واستنادا للأهداف المعلنة للمنتدى الاجتماعي فإنه يسعى إلى إقرار أشكال تنظيمية تختلف عن الأشكال السائدة في المنظمات التقليدية.

 

 فهو لا يقدم نفسه كحزب أو جمعية أو جبهة أو تجمع لجمعيات وأحزاب ونقابات أو هيكل تنسيق بينها, بل يمثل منبرا ضخما للنقاش والتداول الحر وتبادل الخبرات, فضلا عن التعريف بالتجارب الخصوصية للبلدان والقطاعات والفئات الاجتماعية المتنوعة.

 

ومن أجل التميز عن الأشكال السائدة فإن المنتدى لا يحدد قيادة أو توصيات ملزمة ولا يحتفظ بناطق رسمي، فيما تعد الجلسة العامة المفتوحة سلطة القرار الوحيدة للمنتدى الاجتماعي.

 

وعن مدى فاعلية هذا الاختيار التنظيمي يرى الدكتور عبد المجيد المسلمي وهو أحد الفاعلين في تأسيس المنتدى التونسي, أن الشكل الجديد هو الذي حول المنتديات الاجتماعية في مختلف أنحاء العالم إلى فضاء مفتوح يلتقي فيه عشرات الآلاف مهما كانت مهنهم أو أفكارهم أو أديانهم أو جنسياتهم.

 

وهو بهذا يتميز عن الفضاءات المغلقة التي تمثلها المنظمات التقليدية. فالمنتدى فضاء أفقي لا تتحكم فيه هيئة أركان أو قيادة، لذلك يمكن اعتباره حركة الحركات ومنبر المنابر أو حتى » منبر من لا منبر له« .

 

يذكر أنه تم تأسيس المنتدى الاجتماعي المغربي في ديسمبر/كانون الأول 2002, فيما تسعى المنظمات في المنطقة إلى إعلان المنتدى الاجتماعي المغاربي الذي يمكن أن يتحول إلى تجمع إقليمي لمناهضة العولمة.

 

(*) مراسل الجزيرة نت

 

 

(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 25 أفريل 2006)  

 


 

الحكومة التونسية ترفع سعر البنزين

رفعت الحكومة التونسية سعر البنزين بنسبة 5% لخفض العجز في ميزانية الطاقة إثر الارتفاع القياسي في أسعار النفط العالمية حيث بلغ سعر الخام خلال الشهر الحالي 75 دولارا  للبرميل لأول مرة. وكل ارتفاع بدولار واحد في سعر البرميل يؤدي إلى عبء إضافي في ميزانية الدولة يبلغ نحو 35 مليون دينار (26 مليون دولار). وقال مسؤولون إن سعر البنزين الخالي من الرصاص والبنزين الممتاز ارتفع إلى 1.050 دينار للتر (0.80 دولار) من دينار واحد. وهذه ثاني زيادة في أسعار البنزين خلال ثلاثة أشهر. وقالت الحكومة إن الزيادات الأخيرة في أسعار البنزين لا تمثل سوى 20% من الدعم الذي تخصصه لخفض العجز في ميزانية الطاقة. وتطلق تونس حملة واسعة لترشيد استهلاك الطاقة وتوسيع استغلال شبكة الغاز الطبيعي واللجوء للطاقات المتجددة بعد الارتفاع المستمر في أسعار النفط العالمية وتضاؤل إنتاج البلاد من النفط نتيجة تقادم الحقول. المصدر:رويترز (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ28 مارس 2006 )

 


 

يـنـثُـرون أمـوالـهـم على الراقصات ويـحـجُـبـونها عن الفلسطينيين

سامي بيداني – تونس

ان المناسبات حين تمر بنا تحفر فينا من العبرة ما يعد حافزا للهمم، لا ان نحتفل لمجرد الاحتفال فقط، فبذلك لا نعطي للذكري حقها من الاجلال ونحن نتوهم اننا قمنا بذلك.

من هذه المناسبات الجليلة المولد النبوي الشريف هذا الذي يذكرنا بما عاناه الرسول الاكرم صلي الله عليه وسلم في سبيل قضيته الانسانية الخالدة، وكيف وصل الظلم بالطغاة بأن اخرجوه الي شعاب مكة وحاصروه هو واتباعه وقد نصرهم الله بعد ان صبروا ولم يقدموا اي تنازل لعدوهم.

مثل هذا يتعرض له الشعب الفلسطيني اليوم المحاصر في شعاب فلسطين وارجاء الارض المباركة، لا لذنب اقترفه سوي انه اختار من يمثله بشكل ديمقراطي، اطاح بالديمقراطية الغربية المزيفة، وان كنا لا نأسف علي هذه المعونات المغلفة بالخطاب الثقافي الاستعلائي احيانا والمبطنة حينا لابتزاز الانسان كي يتنازل عن اثمن ما لديه الا وهو وطنه.

الا اننا نأسف شديد الاسف تجاه ذوي القربي من غرقوا في ولائم الاحتفال بالمولد النبوي ونسوا ابناء جلدتهم واشقاءهم الفلسطينيين يجترون مرارة الحصار وقد اذعنوا للسيد الامريكي الذي لا يعرف من الحرمة الا الامعان في تدعيم الالة الصهيونية كي تبطش بأتباع الرسول الكريم وهم محاصرون بالصمت العربي المخجل لتهنأ الدول العربية بأرصدتها وبنوكها. وليهنأ مثقفوها وهم يضخون الاموال لاقامة ندوات تخوض في الترف الفكري. وليهنأ من يرون التقدم مزيدا من الانفاق علي تزيين الواجهة الاعلامية وليسعد من يتلقفون اشارات السحرة لينحروا القرابين المكلفة من اجل اختيارهم عاصمة للثقافة او عاصمة للرياضة وليركض مديرو المهرجانات الصيفية ولينثروا الاموال عند اقدام المغنين والراقصات.

وليصبر الشعب الفلسطيني عسي ان تستفيق المنظمات المهنية الغربية وتسعي في خطوة شجاعة لاقتطاع جزء من اموال منخرطيها وتفك الحصار عن القوم الذين طالموا عمروا ادبيات تلك المنظمات بل البعض منها كان يستمد شرعية كيانه من معاناة هذا الشعب الابي الصامد فليس الدعم بالكثير المشروط بالتنازل انما بالقليل المتبوع بالاخلاص لوجه الله تعالي.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 21 أفريل 2006)


بسم الله الرحمان الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تونس الجريحة / تنويه

 

ألفت عناية الإخوة والأخوات الكرام أنه فى الفترة الأخيرة تم تحويل ألبوم الصور تونس الجريحة إلى فضاء إعلامى شامل بحسب ما تتيحه خيارات الفضاء التقنية والذى أصبح يحتوى على أقسام مختلفة تكتشفونها عند زياته على الرابط أسفل هذه السطور..وهذه التجربة الجديدة المشجعة جدا بعد هذه الفترة القصيرة من إنطلاقتها عززتها شهادات بلغتنى,وأترك لكم مجال تقييمها ولديكم المجال لتسجيل تعليقاتكم
Ajouter un commentaire كما يمكنكم إظهار المزيد من المقالات  Afficher plus de billets
من جانب آخر أتمنى من الله تعالى أن أوفر لكم فى المستقبل بوابة خاصة بشؤون الكمبيوتر من برامج ونصائح فنية وإننى محتاج بعض الوقت فقط فى هذا الشأن
الرابط http://spaces.msn.com/tnblessee/   وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت…والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته   صابـــــــر : سويســــــــرا


 

سليم يستغيث

كتبه: عبدالحميد العدّاسي

 

كنت أهمُّ بكتابة بعض التعليقات حول ما حفلت به الصحف الإلكترونية أخيرا، من الحديث عمّا اصطلح على تسميته بالمبادرة الباريسية، غير أنّ داعيا آخر أشدّ إلحاحا دفعني إلى تأجيل ذلك. فالأخ الصحفي سليم بوخذير، الرّجل، يعاني الآن من آثار الحصار المضروب عليه من طرف أحد دول ( 5 + 5 )، المرابطة هناك على أرض الزيتونة المباركة بتكليف من الكيان الصهيوني العالمي المحارب لكلّ نفس حرّ أصيل.

 

سليم الآن ينزف بداخله، وقد كان البارحة بالاستعجالي بعد أن تعرّض لإغماءات وأعراض صحيّة خطيرة، وقد كان صبيحة هذا اليوم الثلاثاء 25 أبريل 2006 عند الطبيب الاختصاصي، الذي أشار عليه بقطع الإضراب آنيا، غير أنّ سليما لا يزال مصرّا على مواصلة الإضراب، لأنّ الظلم الذي تعرّض ويتعرّض له لم يُبق لديه فرصة الانتباه إلى ما يعانيه بدنه المثخن. فالرّجل لم يتعدّ على أحد ولم يطلب مستحيلا من أحد، فهو يريد من السلطات التونسية التراجع فقط عن فصله من العمل، كي يتمكّن من أداء واجبه النّبيل المتمثّل في إشاعة الكلمة الطيّبة الصادقة، وفي إعالة أفراد أسرته المتمسّكين بعزّةٍ تعلّموها من انتمائهم إلى تونس المسلمة الحرّة، قبل أن تقع هذه الأخيرة ذليلة تحت تصرّف  » المغيّرين المبدّلين « .

 

أفادني سليم بأنّه يقع تحت الحصار، وأنّ بيته قد ناله من سوادهم الكثير فأمسى مظلما ظلمة قلوبهم ومثاويهم، بعد أن قطعوا عنه التيار الكهربائي، كما بيّن أنّهم لم يقصّروا في إزعاج والدته المسنّة قصد دفعها إلى دعوة سليم لقطع الإضراب. ( بئس قوم تخصّصوا في قطع الطرق وفي قطع الجرايات وفي قطع الماء والكهرباء ظنّا منهم أنّهم قادرون على قطع الأرزاق )

 

سليم – وقد حرّضتني حالته على الكتابة – أحدُ أفراد قائمة طويلة من شرفاء تونس الذي استعملوا أجسادهم سدّا لمقاومة التلوّث المُميت الذي ما انفكّ يطال البلاد بمفعول  » المغيّرين  » الحاقدين.

 

فهذا الشيخ اللوز يكاد – كما تردّد في النداءات – يفقد البصر ( عافاه الله وصرف عنه كلّ مكروه )، وهذا الأخ الفاضل الأسعد الجوهري، وقد وجّه الشكر لمن وقف معه، يشير بلمسة خفية ذكية فيها الكثير من  » السواك الحار  » إلى تقصيرنا في مؤازرته ( …و لا أنسى كذلك تقديم الشكر الواجب للمناضلين و المناضلات الذين شغلتهم نضالاتهم للدفاع عن حقوق الإنسان عن استراق لحظات معدودة للتعبير عن شدهم أزري بوقوفهم ضد التجاوزات الأمنية وخرق القوانين ودوسها…)، ممّا يعكس مدى تعدّي هؤلاء السفلة الوضيعين على النّاس. وهؤلاء أمّهات يَمُتن ( آخرهنّ أمّنا بشيرة أمّ علي رحمها الله ) دون أن ينعمن برائحة الأبناء المدفونين في الزنازين أو المنفيين في ديار الغربة. وهؤلاء اخوة كرام لنا أفقدنا الحياء منهم حتّى الجرأة على الكتابة في شأنهم!

 

سليم والشيخ اللوز والاخوة المرابطون هنا وهناك، كلّهم بحاجة منّا جميعا إلى مؤازرة ، لعلّ القلم لا يأتي حتّى على أبسط معانيها. فهل يكون للتونسيين وقفة تزهّد صاحب التغيير وأتباعه الفاسدين في فكرة القضاء على سكّان تونس الأصليين من العرب المسلمين؟! أم أنّنا هُنّا على الله حتّى أوكلنا إلى هؤلاء؟! نسأل الله العافية والثبات وحسن الحال والمآل…

 

(المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 26 أفريل 2006)

 


 

لاءات الأمل : لن نحبط، لن نيأس، لن نموت!

 

د. خالد الطراولي

ktraouli@yahoo.fr

 

تتعدد نداءات الاستغاثة من كل حدب وصوب هذه الأيام، حتى يخيل إليك أن تونس سفينة تغوص بركابها وربانها في يوم عاصف وفي بحر لُجّيّ دون مغيث، ترتفع أصوات الغرقى والمستنجدين من هنا وهناك، من وراء الأمواج العاتية وظلمة المحيط، حتى تظن أن الداخل إلى تونس مفقود والخارج منها مولود!!!

 

المعذّبون في الأرض

أسماء عديدة تبرز في أطراف البلاد رافعة عقيرتها أو ما بقي من صداها، وهي تعبر عن حالة من الضيق والألم ملأت الآفاق والنواحي، حالة من هوان المواطن في وطنه وبين أهله وخلانه، حالة غاب فيها الوطن ومواطنته وظهرت على السطح العربدة والاستخفاف والجور، ظهرت القسوة في أتعس صورها وهي تهيمن على بعض النفوس المريضة وتستوطن بعض الأقوال والأفعال والمواقف…

 

معذبون في الأرض، منفيون في أوطانهم، جميعهم يريد وطنا، يريد كرامة، يريد أن يكون إنسانا وكفى… رجل والرجال قليل في هذه الأيام، يفقد عينه وهو في الطريق أن يفقد بصره ولا مغيث ولا مغيث! رجل صدق ما عاهد الله عليه، رفْضُُ للركوع وصبرُُ على الجور والبلاء، وعزمُُ على البقاء واقفا ولو على رجل واحدة وبعين واحدة… بصر لعله يغيب وبصيرة سوف تبقى… ذلك هو الأخ الفاضل الحبيب اللوز!

 

صحفي تعلم في المدارس وبين أحضان أسرته ومجتمعه ان الصحافة قلم حر وصوت حق فتُنُكِّرَ له لما اراد أن يتجاوز مربع الصمت والاستكانة والتذلل والنفاق فحُرِمَ المأوى والمعاش وسُدَّت في وجهه كل الأبواب ولم يبق له من الحرية إلا حرية جسده فتصدق بها من أجل كرامة الوطن وحريته، إضراب عن الأكل والشرب مخاطرة على المجهول ونزال مع الموت، والمشهد يبقى يحفه الظلام والصمت الرهيب من كل ناحية وفي كل حين، والشمعة تشتعل في آخر وقودها..، ذلك هو الأخ العزيز سليم بن خذر!

 

مواطنون آخرون في عنفوان الشباب وفي عمر الزهور ينزل عليهم ستار حديدي من الجور واللامبالاة بدل آمالهم سوادا وطموحاتهم إحباطا دخلوا السجون من أضيق باب فيها باب الأمل المغشوش والحرية المغتصبة، فأصبحت عناوينهم مفقودة وأسمائهم أرقاما في دفاتر العدم.

 

القائمة طويلة وعرائض التنديد والاستنكار والمساندة تتوالى وتتعدد من داخل الوطن وخارجه، ونداءات الرحمة والدعوة للاستجابة لمطالب الحيارى والمظلومين تتناثر على المواقع وفي الجمعيات وبين الأفراد… ولكن لا مجيب لا مجيب، لا يتجاوب معها غير الصدى… صحراء جدباء رمداء صماء لا تنبت حبا ولا فاكهة ولا أبّا!!!

 

عندما ينحبس المطر

لماذا هذا التعنت؟ لماذا هذا التهميش؟ لماذا عدم الإصغاء؟ لعل السلطة أصبحت تعتقد أن ترك الحبل على الغارب منجاة لها وتأكيد على صلوحية ونجاعة منهجها في التعامل مع الاختلاف والتعدد! لعلها أضحت ترى أن اللامبالاة  « حربوشة  » للقتل البطيء التي تحبط وتفقد الأمل ثم تترك القوم صرعى..،

 

لعل السلطة أصبحت تظن أن صمت الجماهير وسكونها هو قبول ورضا ومساندة لمن يحكمها وموافقة على منهجها، لعلها وصلت إلى حقيقة باهتة أن المعارضة ليست إلا مجموعة أفراد معدودين ومعزولين منبتين عن واقعهم ليس لهم تجذر ولا تواصل مع الجمهور، وأنهم قطيع سائب في الصحراء لا تكاد ضوضائهم تتعدى معاقل الانترنت أو المحافل العامة الخارجية المحدودة العدد والعدة!

 

إن نداءات الاستغاثة المتكررة والمتفاقمة وما يلفها من حركة وأفعال، هي تعبير بواح عن مآسي أفراد ومأساة وطن… إنا نجزم أن هذه الأصوات العالية والحزينة هي صورة صغيرة استطاعت أن تمزق ستار الخوف والجوع، لحالة الاحتقان لمشهد سياسي مبتور ومغشوش…

 

إن هذه الأصوات هي نداءات غرقى ولا شك، لم يعد لهم ما يستطيعون فعله أمام الصمت الرهيب الذي يلقونه، ولكنه ليس رميا للمنديل ومغادرة الحلبة بل هو وجود وإصرار على التواجد، ولو بصوت حزين، ومن نصف فتحة، ومن وراء الغيوم!

 

إن ما يحدث اليوم من استخفاف لحالة حيارى ومستضعفين يمكن أن يتطور لما لا يحمد عقباه وإن أي إضراب جوع يمكن إن يؤدي إلى حدوث وفيات ويتبلور إلى مآسي لدى الفرد وأسرته، مما يدفع في نطاق المجموعة إلى التطرف والمغالاة، وإلى بروز جيل جديد يرى المأساة أمام عينيه تتكرر رغم النداءات والاستغاثات والفعل الحضاري والمطالبة السلمية… جيل جديد يمكن أن يُدفع به إلى التعبير عن معارضته بأشكال أخرى، لا نحبها ولا نريدها، وتعتبر تعميقا خطيرا لمأساة الوطن.

 

أنــوار العتمــة

إن الشعب التونسي الذي تعوّل السلطة على صمته وتراهن على تواصل سكونه ليس بالطرف الثابت والمتحجر والمستقيل عن الفعل والإرادة، فخمود النار لا يعني انطفاءها، وسكون العاصفة لا يعني ضعفها ونهايتها… والجماهير التي ترى عمق المأساة ومدى القسوة التي تحيط بها ستغضب يوما وستندفع للتعبير عن معارضتها، ولن يكون غير الشارع ملاذا ومقرا. إن بداية الخروج عزم، وبداية العزم إرادة، وبداية الإرادة وعي بالذات وثقة بالنفس وفقه بالمرحلة،  مما تعنيه من تشكّل عقلية الرفض و شعورالندية وثقافة المواجهة وكنه حجم الخصم وآليات خطابه وفعله. لقد تبين أن المجتمع التونسي، عبر محفل النكات اللاذعة التي أضحت تسود مجالسه وسمره، أصبح يعبر بشكل مستتر أنه دخل مرحلة البحث عن الوعي بذاته، بعدما استبان له حجم الاستصغار والاستخفاف الذي ناله.  

 

إننا نعتقد جازمين أن هذه الأصوات هي تعبير على أن مطلب المواطنة الكاملة لكل تونسي وتونسية ليس فيه مساومة أو تأخير، وأنه يتطلب الكثير من المجاهدة والصبر والثبات وأن لغة الوقوف وعدم الخنوع ولاءات الأمل الثلاث : لا يأس لا إحباط لا موت، مازالت ترفرف في سماء تونس، تذكر القاصي والداني أن حاضر تونس ليس إلا تواصلا مع تاريخها، تاريخ مجد ومقاومة وصبر…وانتصار ولو بعد حين.

 

ثقتي في الله أولا فهو المعطي وهو المانع وهو الأمل… وثقتي في الإنسان لمّا يتطلّع إلى إنسانيته… يقيني أن في الضفة المقابلة من يسمع النداء ومن يتحسر على عدم الاستجابة، لأني ما آمنت يوما أن السواد يطبق على جميع الجهات ولا يترك انسياب الأنوار..، يقيني أن القلوب وإن تحجّرت فإنها تبقى قلوب بشر!

 

المصدر

: موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net

 

 

صور من محنة الجالية التونسية

فقير ربه: محمد الهادي الزمزمي

28 ربيع الأنور 1427/ 26. 04 . 2006

 

ضَاقَتَ بِأَهَالي تُونِسَ سُبُلُ العَيْشِ الكَرِيمِ، وسُدَّتْ في وُجُوهِهِمْ مَوَارِدُ الرِّزْقِ الحَلاَلِ – مَعَ مَا تَزْخَرُ بِهِ تُونسُ مِنَ البرَكَاتِ وَالخَيرِ العَمِيمِ وَالمَاءِ الزُّلالِ – بِسَبَبٍ مِنَ الحُكْمِ الاسْتِبْدَادِي ومَا جَرَّهُ علَى شَعْبِنَا مِنْ ظُلْمٍ اقْتِصَادِي، وحَيْفٍ اجْتِمَاعِيٍّ دَفَعَ مِئَاتَ آلاَفِ الشَّبَابِ التُونسِيِّينَ إلى سُوقِ البطَالَةِ والتَّشَرُّدِ؛ وهوَ مَا حمَلَهُمْ علَى الهِجْرَةِ خَارِجَ البِلاَدِ وَالضَّرْبِ في الأَرْضِ بحْثاً عَنْ لُقْمَةِ العَيْشِ؛ تِلْكَ اللُقْمَةُ التي جَعَلَتْ مِنْ شَبَابِ تُونِسَ (سِلْعَةً) رَخِيصَةً! تُصَدِّرُهَا الحُكُومَةُ التُّونسِيةُ (آلاَتِ إِنْتَاجٍ بَشَرِيةٍ) مَشْحُونَةٍ في بَوَاخِرَ لفَائِدَةِ شَركَاتٍ ومَصَانِعَ أجْنَبِيَةٍ في البُلدَانِ الأورُوبِيَةِ. هُنَاكَ حَيْثُ ألْقَى شَبَابُ تُونِسَ عَصَى التّرْحَالِ وَاسْتَقَرَّ بهِمُ النَّوَى؛ فَأْنَشَأُوا أُسَراً وعَائِلاَتٍ وصَارُوا ذَوِي أَوْلاَدٍ مِنْ بَنِينَ وبَنَاتٍ؛ فَتَكَوَّنَتْ مِنْهُمْ بِذَلِكَ جَالِيَاتٌ تُونسِيَّةٌ بمُخْتَلفِ المُدُنِ وَالأقْطَارِ. أَطْلَقُوا عَلَيهِمْ إِسْمَ (مُوَاطِنِينَا بِالخَارِجِ). وإذَا كَانَ مِنْ حَقِّ المُوَاطِنِينَ علَى حُكُومَاتهِمْ أنْ تَرْعَاهُمْ وتحْسِنَ مُعَاملَتَهُمْ وَاحْتِرَامَهُمْ بِالدَّاخِلِ وَالخَارِجِ وتُدَافِعَ عَنْ حُقُوقِهمْ في بِلاَدِ المَهْجَرِ وتُؤَمِّنَ التَّعْلِيمَ الوَطَنيَّ الأَصِيلَ لأَوْلاَدِهِمْ بِإنْشَاءِ المَدَارِسِ وَابتِعَاثِ المُدَرِّسِينَ لِتَعْلِيمِهِمْ العِلْمَ بِلُغَتِهِمْ وتَوْجِيهِهِمْ ورَبْطِهِمْ بِبِلاَدِهِمْ فَإِنَّ الجَالِيَةَ التُّونسِيَّةَ بمَجْمُوعِهَا وأَفْرَادِهَا وَأَوْلاَدِهَا محْرُومُونَ مِنْ هَذِهِ الحَقُوقِ. وأيُّ حَقٍّ ينْتَظِرُهُ الإنْسَانُ التونسِيُّ يَا تُرَى مِنْ حُكُومَةٍ لاَ ترَى هذَا الإنْسَانَ إِلاَّ بِضَاعَةً رَخِيصَةً وسِلْعَةً ذَلِيلَةً مُعَدَّةً للمُقَايَضَةِ وَالتَّصْدِيرِ وَالابْتِزَازِ والتَّحْقِيرِ؟!

 

ورَغْمَ مَا جَلَبَتهُ هَذِهِ الجَاليَّاتُ لبِلاَدِنَا علَى مَدَى عُقُودٍ مِنَ السَّنَوَاتِ مِنْ قَنَاطِير مُقَنْطَرِةٍ مِنَ النَّقْدِ الأجْنبي – لَوْ جمِعَتْ لَكَانَتْ أََكْوَاماً بَلْ جِبَالاً! – مَلأُوا بهَا أَدْرَاجَ الخَزِينَةِ العَامَّةِ للحُكُومَةِ التُّونسِيَّةِ وَوِطَابَهَا وحَشَوا بهَا خَزائِنَهَا وَوِفَاضَهَا. ورَغْمَ كُلِّ تِلْكَ التَّضْحِيَاتِ فَلَمْ تَجِد الحُكُومَةُ مِنْ سَبِيلٍ لمُكَافَأَةِ مُوَاطِنِينَا بِالخَارِجِ علَى جُهودِهِمْ تِلْكَ إلاَّ بِإِطْلاَقِ أَيْدِي أَزْلاَمِهَا مِنْ أَعْوَانِ البُولِيسِ وَالجمَارَكِ وَالحزْبِ في أَمْوَالهِمْ نهْباً وسَلْباً وَابْتِزَازاً ومُصَادَرَةً وَاحْتِجَازاً. فَلا يَعْلَمُ إلاَّ اللهُ كَمْ مِنْ أَمْوَالٍ لأَفْرَادِ الجَالِيَةِ صَادَرُوهَا وَكَمْ مِنْ آلاَتٍ وَأَجْهِزَةٍ ومُعَدَّاتٍ احْتَجَزُوهَا لِيَنْتَهِبُوهَا وكَمْ مِنْ إتَاوَاتٍ وغَرَامَاتٍ ظُلْماً وَجَوْراً عَلَيْهِمْ افْتَرَضُوهَا وَكَمْ مِنْ مَشَارِيعَ لهُمْ عَطَّلُوهَا فَحَطَّمُوهَا ودَمَّرُوهَا وَكَمْ مِنْ أَمْلاَكٍ لهُمْ وعَقَارَاتٍ بَغْياً احْتَجَرُوهَا لِيَسْتَصْفُوهَا وَكَمْ مِنْ مُضَايَقَاتٍ وَإِهَانَاتٍ وَإذَايَاتٍ بهِمْ وبِأََهَالِيهِمْ أَلحَقُوهَا؟!

 

ولَوْ رَأَيْتَ – أَخِي القَارِئ – مَدَى الهَوَانِ الذِي يَلْحقُ أفْرَادَ الجَالِيَةِ عِندَ حُلُولهِمْ بِأَرْضِ الوَطَنِ مِنْ تَعْطِيلٍ بِالمَوَانِئِ في هَوَاجِرِ الصَّيْفِ الحَارَّةِ، وإِكْرَاهٍ علَى حَطِّ الرِّحَالِ وتَنزِيلٍ وتَفْكِيكٍ لحَمُولَةِ العَرَبَاتِ وتَفْتِيشٍ للأغْرَاضِ وَالمُمْتَلَكَاتِ مَعَ مَا يَصْحَبُ ذَلِكَ مِنْ مُسَاءَلَةٍ ومُصَادَرَةٍ وسَحْبِ جَوَازَاتٍ وتهْدِيدٍ ومُسَاوَمَاتٍ علَى مَقَادِيرِ الرَّشَاوَى وَالبَرْطَلاَتِ مِنْ أَجْلِ المُرُورِ بِسَلامٍ وَالنَّجَاةِ مِنَ سِلاَحِ المحَاضِرِ وَشبَحِ التَّتَبُّعَاتِ؛ فِيمَا تَرَى السيَّاحَ الأَجَانِبَ يُسْتَقْبَلُونَ مِنْ مَدَاخِلَ لهُمْ مخَصَّصَةً فَلاَ تَعْطِيلَ بهَا وَلاَ تَفْتِيشَ، وَلاَ تَكْدِيرَ وَلاَ تَنْغِيصَ، وَمَا مِنْ مُسَاءَلَةٍ هُنَاكَ وَلاَ مُصَادَرَةٍ كَأَنهُمْ لِسُرْعَةِ مَا يَمُرُّونَ هُمْ أَهْلُ البِلاَدِ الأَصْلِيُّونَ! وَلِمَا يجِدُونَ مِنْ تَقْدِيرٍ وتَرْحَابٍ كَأنهُمْ مَبْعُوثُونَ دِبْلُومَاسِيُّونَ! وَزِيَادَةً عَن ذَلِكَ:

ويُبَشُّ بِالتَّرْحِيبِ عِندَ قُدُومِهِمْ وَيُقَامُ عِنْدَ سَلاَمِهِمْ وُيَقَرَّبُ

 

لَوْ رَأَيْتَ أَخِي تِلْكَ المعَامَلَةَ المُهِينَةَ التي يَلْقَاهَا المُوَاطِنُ التوُّنسِيُّ المُغْتَرِبُ حِينَ يحُلُّ ضَيْفاً علَى بلَدِهِ لَرَثَيْتَ لحَالِهِ وبَكَيْتَ لِبُكَائِهِ لِمَا يَسْتَشْعِرُ مِنْ مَرَارَةِ الضَّيْمِ ومَا يجِدُ مِنَ الذُّلِّ وَالقَهْرِ والهوَانِ فَلَيْسَ أشقَّ علَى نَفْسِ الحرِّ مِنْ قَهْرِ الرِّجَالِ!! تَسْتَمِعُ إِلى غَمْغَمَاتِ أَحَدِهِمْ وَهوَ يَكَادُ يَتَمَيَّزُ غَيْظاً فَإِذَا هُوَ يُقْسِمُ بِاللهِ جَهْدَ يمِينِهِ لَوْ أَنَّ بِهِ قُوَّةً لَمَا تَرَكَ مِنْ أُولَئِكَ الأَزْلاَمِ مِنْ بَاقِيَةٍ!! وتُصِيخُ بِأُذنِكَ إِلى هَمْهَمَاتِ آخَرَ فَإِذَا هُوَ يَقُولُ وَاللهِ لَوْلاَ أَرْحَامٌ فَرْضٌ عَلَيَّ وَصْلُهَا ومَصَالحُ يتَوَجَّبَ عَلَيَّ تَعَهُّدُهَا وحِفْظُهَا مَا وَطئَتْ لي قَدَمٌ أَرْضَ هَذهِ البِلاَدِ! أمَا كَفَانَا مَا نُعَاني مِنْ مَرَارَةِ الغُرْبَةِ في بِلاَدِ الغَرْبِ حَتى نجِدَ غُرْبَةً في بِلاَدِنَا أَمَرَّ مِنْهَا وأَقْسَى؟! إِنهَا حَقّاً مُعَانَاةٌ تُذَكِّرُكَ بِمِحْنَةِ أَبي حيَّانِ التَّوْحِيدِي وهَلْ غُرْبةٌ أَشَدَّ عَلَى المَرْءِ مِنْ غُرْبَتِهِ في أَهْلِهِ وَبَلَدِهِ!؟ تِلْكَ حَالُ مُوَاطِنِينَا بِالخَارِجِ إبَّانَ زِيَارَةِ بِلاَدِهِمْ وأَمَّا عَنْ حَالِ مُوَاطِنِينَا بِالدَّاخِلِ فَلاَ تَسَلْ يَا صَاحِ عَنِ الخَبَرِ النَّبِيثِ!!

 

وَعَدَا إِعْفَاء جمْرُكِيٍّ وَاحِدٍ وَحِيدٍ مَرَّةً في العُمُرِ تَتَمَتَّعُ بهِ الأُسْرَةُ التُّونِسِيَّةُ المُغْتَرِبَةُ لَدَى إِعْلاَنِ عَوْدَتِهَا النِّهَائِيَّةِ، فلَيْسَ لجَالِيَتِنَا اليَتِيمَةِ – عَدَا هَذَا – مِنْ حَقًّ في شَيْءٍ أَوْ حَظٍّ في رِعَايَةٍ أَوْ عِنَايَةٍ بِدَارِ الغُرْبَةِ إلاَّ مَا يُقَامُ لهُمْ مِنْ النَّوَادِي وَالوِدَادِيَّاتِ وَالشُّعَبِ الحِزْبِيَّةِ – عُيُوناً عَلَيْهِمْ لِلسَّفَارَاتِ وَالقُنْصُلِيَّاتِ في مخْتَلَفِ المُدُنِ الأورُوبِيَةِ – نَوَادٍ فِيهَا يَلْعَبُ الوَرَقَ اللاعِبُوونَ وَفِيهَا يُقَامِرُ المقَامِرُونَ ويدُخِّنُ الشِيشَةَ بهَا المدَخِّنُونَ..! ودَادِيَّاتٌ تُقِيمُ لهُمُ الحَفلاَتِ الفَنِّيَةِ وتَسْتَدْعِي لهُمْ (نجُومَ)! الفَنِّ والغِنَاءِ وَالرَّقْصِ وَالمُوسِيقَى التُّونسِيَةَ بمُنَاسَبَةِ الأعْيَادِ الوَطَنِيَّةِ وَالحَملاَتِ الانتِخَابِيَةِ وَالليَالي الرمَضَانِيَةِ!!كَمَا وتُنَظِّمُ لأَوْلاَدِهِم المرَاهِقِينَ وَالمُرَاهِقَات الرِّحلاَتِ المُخْتَلطَةَ لِتَيْسِيرِ التَّعَارُفِ بينَ البَنِينَ بِالْبَنَاتِ وتَسْهِيلِ رَبْطِ الصِّلاَتِ وإقَامَةِ العَلاَقَاتِ…!!

 

أما تَعْلِيمُ أَوْلاَدِ الجَالِيَاتِ ورِعَايَةُ فَلذَاتِ أَكْبَادِهِمْ وحَفْظُ حُقُوقِهِمْ فَذَاكَ شَأْنهُمْ!!

 

لهَذَا كَانَ أَكْثَرَ مَا يُؤَرِّقُ أَفْرَادَ الجَالِيَة التُّونِسِيَةِ بِالغَرْبِ بَعْدَ أَنْ شَبَّ أَوْلاَدُهُمْ وبَلغُوا مَعَهُم السَّعْيَ مَسْألَةُ تَرْبِيَتِهْمْ تَرْبِيَةً إِسْلاَمِيَةً تحْفَظُ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلِسَانَهُم العَرَبي. فَكَانَ علَى الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ مِنْ ذَوِي الدِّينِ وَالمرُوءَةِ والأَصَالةِ – مِنْ أَجْلِ تحْقِيقِ هَذَا المقْصَدِ الشَّرِيفِ – أنْ يُضَحُّوا بِسَعَادَتهِمْ وَاجْتِمَاعِ شمْلِهِمْ فَاضْطُرَّ آلاَفُ الآبَاءِ إِلى إِرْسَالِ أَوْلاَدِهِمْ بِرِفْقَةِ الأمَّهَاتِ لِلاسْتِقْرَارِ بِتُونسَ مِنْ أَجْلِ الدِّرَاسَةِ بهَا، فِيمَا ظَلَّ الآبَاءُ لِوَحْدِهِمْ في دَارِ الغُرْبَةِ يُكَابِدُونَ آلاَمَ الوِحْدَةِ وَالفُرْقَةِ ويُقَاسُونَ مَشَقَّةَ العَمَلِ وَلأْوَاءَ الحيَاةِ. فَكَانُوا لاَ يجْتَمِعُ لهُمْ شَتَاتٌ وَلاَ يَلْتَئِمُ شمْلُ الآبَاءِ بِالأَوْلاَدِ والأمَّهَاتِ إِلاَّ في إبَّانِ العُطَلِ وَالإجَازَاتِ الصَّيْفِيَةِ. وكَانَ أكْثرَ مَا يخَفِّفُ عَنْهُمْ وَطْأَةَ الفُرْقَةِ وعِبْءَ التَّضْحِيَةِ ومَرَارَةَ الهِجْرانِ مَا كَانُوا يُؤَمِّلُونَ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ مِنْ نجَاحِ أَوْلاَدِهِمْ وتَفَوُّقِهِمْ في دِرَاسَتِهِمْ، وأَنْ يحَقِّقَ أَوْلاَدُهُمْ يَوْماً مَا مُسْتَقْبَلاً عِلميّاً زَاهِراً في بِلاَدِهِمْ – تُونسَ – العَرَبِيَةِ الإسْلاَمِيَةِ مَا لمْ يَكُنْ لهُمْ أَنْ يحَقِّقُوهُ لَو اسْتَقَرُّوا مَعَهُمْ في بِلاَدِ الغُربَةِ. لمْ تمْضِ إلاَّ سِنُون قَلِيلاَتٌ علَى هَذهِ التَّجْربَةِ حَتى تَكَشَّفَتْ عَنْ نَتَائِجَ مخَيِّبَةٍ لِلآمَالِ في المجَالِ الدِّيني والتَرْبَوِي والعِلْمِي وَالخُلُقِي علَى السَّوَاءِ:

 

فَفِي مجَالِ الدِّينِ تخلَّّى مُعْظَمُ الشَّبابِ عَنْ أَدَاءِ الفَرَائِضِ التي كَانُوا لاَ يَتَوَانَوْنَ في أَدَائِهَا إبَّانَ إِقَامَتِهِمْ في بِلاَدِ أورُوبَا. وزَادَت البَنَاتُ علَى ذَلِكَ فتَخَلَّينَ – كَرْهاً – عَنْ لِبَاسِهِنَّ الشَّرْعِي الذِي كُنَّ يَرْتَدِينَهُ في بِلاَدِ الغَرْبِ؛ لِكَوْنِهِ في تُونسَ بِلاَدِ الإسْلامِ! محْظُوراً بمُقْتَضَى القَانُونِ؛ بِوَصْفِهِ زِيّاً طَائِفِيّاً في نَظَرِ الحُكُومَةِ التُّونسِيَّةِ فانْقَلَبنَ بِسَبَبِهِ مُتَبرِّجَاتٍ مُتَهَتِّكَاتٍ!!

 

وَبِخُصُوصِ الدِّرَاسَةِ مُني مُعْظَمُ الأَوْلاَدِ – إلاَّ مَا نَدَرَ – بِفَشَلٍ ذَرِيعٍ رَغْمَ السَّاعَاتِ الإِضَافِيَةِ وَالمُذَاكَرَاتِ وَالدُّرُوسِ الخصُوصِيَةِ، وأفْضَى بهِمْ الحَالُ إِلى الرُّسُوبِ وَالرَّفْتِ! وهوَ مَا حمَلَ أَوْلِيَاءَهُمْ علَى إِلحَاقِهِمْ بِالمَدَارِسِ الحُرَّةِ عَلَّهُمْ يتَدَارَكُونَ أَمْرَهُمْ، فمَا كَانَ مِنْ هَذِه المَدَارِسِ إِلاَّ أَنْ زَادَتِ الطِّينَ بلَّةً وأَوْقَعَتْ في قُلُوبِ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ عِلَّةً!

 

وَأمَّا في المجالِ التَّرْبَوِي والخُلُقِي فَقَدْ سَاءَتْ أَخْلاَقُ البَنِينَ وَالبنَاتِ حَيْثُ أَصَابَتْهُمْ شَظَايَا الكَارِثَةِ الخُلُقِيَةِ فَانْتَقَلَتْ إلَيْهِمْ عَدْوَى الفِسْقِ وَالإبَاحِيَةِ إِضَافَةً إلى الجُنَوحِ والعُقُوقِ وَالتَاثَتْ ألْسِنَتُهُمْ بِالفُحْشِ وَالبَذَاءِ وَالاجْتِرَاءِ عَلَى سبِّ المُقَدَّسَاتِ! وَالتَّمَرُّدِ علَى الآبَاءِ والأمَّهَاتِ!

 

بَعْدَ لأْيٍ أَدْرَكَ الآبَاءُ وَالأمَّهَاتُ عِظَمَ المُصِيبَةِ التي حَلَّتْ بهِمْ وبِأَوْلاَدِهِمْ – فَلذَّاتِ أَكْبَادِهِمْ – الذِينَ كَانُوا يَطْمَعُونَ بِنَقْلِهِمْ – أَوَّلَ مَرَّةٍ – للدِّرَاسَةِ في بِلاَدِهِمْ أنْ يَكُونُوا لهُمْ مَفْخَرةً فَإذَا بمُقَرَّرَاتِ بِلادِهِم التَّعْلِيمِيَةِ تِلكَ ومَنَاهِجِهَا التَرْبَوِيَةِ تجْعَلُهُمْ مَعَرَّةً علَى آبَائِهِمْ ومَسْخَرَةً لِبِلاَدِهِمْ!

 

لمْ يجِدْ هَؤُلاَءِ الآبَاءُ الغَيُورُونَ – المَنْكُوبُونَ في أَوْلاَدِهِمْ – بُدّاً مِن اسْتِقْدَامِهِمْ وَالعَوْدَةِ بهمْ إِلى بِلاَدِ الغَرْبِ علَى جَنَاحِ السُّرْعَةِ، علَّهُمْ يَسْتَعِيدُونَ هُنَا مَا فقَدُوا مِن التِزَامٍ بِشَعَائرِ الدِّينِ وخُلُقِهِ هُنَاكَ؛ فيُصْلِحُوا في البِلاَدِ الأورُوبِيَةِ مَا تَعَطَّبَ مِنْ سُلُوكِهِمْ وأَخْلاَقِهِمْ ودِينِهِمْ في بِلاَدِهِم العَرَبِيَّةِ الإسْلاَمِيَّةِ! فَشَهِدَتْ تُونسُ بِسَبَبِ ذَلِكَ هِجْرَةً جَمَاعِيَةً إِلى الخَارِجِ – في سِني التِّسْعِينَاتِ – لآلاَفِ العَوَائِلِ المغْتَرِبِينَ فِرَاراً بِبَنِيهِمْ وبَنَاتهِمْ مِنْ وَبَاءِ هَذِهِ الكَارِثَةِ الخُلقِيَةِ التِي عَمَّ شَرُّها الدِّيَارَ التُّونسِيَةَ.

 

وكَانَ مِنْ طَرِيفِ مَا حَكَى لِلمُؤَلِّفِ أَحَدُ الأَصْدِقَاءِ ممَّن اسْتَقْدَمُوا أُسَرَهُمْ وعَوَائِلَهُمْ إِلى أَلْمَانِيَا أَنَّ ابْنَهُ المُرَاهِقَ فَاجَأَهُ يَوْماً بِالسُّؤَالِ قَائِلاً في حَيْرَةٍ وَاسْتِغْرَابٍ:كَيْفَ يَا أَبي لمْ أَسْمَعْ هُنَا في الشَّارِعِ الأَلْمَانِي مُنْذُ عَوْدَتِنَا أَحَداً يَسُبُّ الدِّينَ أَوْ يَعْتَدِي علَى مَقَامِ الجَلاَلَةِ علَى خِلاَفِ مَا عَهِدْنَا هُنَاكَ في شَوارِعِ تُونِسَ؟! وكَأَنَّ الشَابَّ – وَقَدْ وَجَدَ نَفْسَهُ في حَيرَةٍ بَينَ نَقِيضَيْنِ – فَسَأَلَ أَبَاهُ هذَا السُّؤَالَ عَلَّهُ يُزِيلُ حَيرَتَهُ تِلْكَ.

___________________________________

1 – لا ننكر وجود بعض المعلمين المبتعثين إلى الخارج ولكن ما عسى أن يفيد مدرس يدرس التلاميذ حصة أو حصتين في الأسبوع دونما منهج ولا مقرر وأغلب المدرسين المبتعثين مشغولون بالنوادي والوداديات والشعب الحزبية المبثوثة في صفوف الجالية التونسية من أجل الهيمنة عليها واستقطابها لصالح حزب التجمع الحاكم. إن الأمر يقتضي إقامة مدارس لتعليم أولاد الجالية كما تفعل كثير من البعثات الأجنبية بتونس كالبعثة الفرنسية والأمريكية وغيرها

 

(المصدر: الحوار نت بتاريخ 26 أفريل 2006)  


 
 

«العميل» أول فيلم سينمائي لـ «الإخوان المسلمين»

القاهرة – أحمد مصطفى    

 

على مدار ما يزيد على أربع ساعات نظم طلاب «الإخوان المسلمين» قبل أيام مهرجاناً فنياً على مسرح نقابة الأطباء في القاهرة أظهروا فيه مدى تمكنهم من استخدام الفن كواحد من أساليب الاحتجاج والرفض لبعض الظواهر المجتمعية. ومن الاعمال التي قدمت في المهرجان اسكتش حمل اسم «مرات الأسد» ناقش فيه الطلاب قضية البطالة الشديدة التي يعانيها خريجو كليات الطب، وجسد العمل في شكل فكاهي ساخر حجم المشكلة. 

 

أما مفاجأة الحفلة فكانت فيلماً سينمائياً بعنوان «العميل» استطاع جذب انتباه الحضور الذين أبدوا دهشتهم من مستوى الطلاب المشاركين في العمل ومدى إتقانهم أدوارهم. تدور قصة الفيلم حول مخطط يضعه جهاز الاستخبارات الاسرائيلية (موساد) لزرع عملاء له داخل الجامعة المصرية، ثم يرسل اثنين من أكفأ رجاله الى مصر لتجنيد أحد الطلاب داخل كلية الطب ليقوم بدور «العميل»، ولكن يتم اكتشاف هذا المخطط ليتحول الطالب العميل الى العمل لمصلحة الاستخبارات المصرية.

 

عاصم عبداللطيف بطل الفيلم وهو أحد الطلاب الفرقة الثالثة في كلية الطب، وهو الذي قام بدور (طارق) أو العميل، أكد أن الهدف من الفيلم «التحذير من المخططات الخارجية التي تحاك لإفساد شباب مصر وتحويلهم للعمالة» باستغلال حال «الفقر والبطالة التي يعيشها معظم شباب مصر». وأضاف ان الإمكانات التي أتيحت لانجاز العمل كانت إمكانات شخصية، فالكاميرات التي صورنا بها كاميرات شخصية بسيطة والسيارات التي تم استخدامها في الفيلم خاصة بالطلاب، ومن قام بالتصوير والمونتاج والاخراج كلهم طلاب من كلية الطب، وهذا ليس أول فيلم ننجزه، إذ عُرض فيلمان في المهرجان الفني الثاني العام الماضي.

 

وأوضح عبداللطيف أن طلبة «الاخوان» لهم «رؤية خاصة ومتطورة للفن»، إذ يرون أن له «رسالة هادفة وقوية وربما هو أكثر تأثيراً من الخطب والمحاضرات الطويلة؛ لأن هذه الرسالة تأتي بأسلوب سهل خفيف». وأضاف ان التصوير تم في أماكن عدة مختلفة منها مدينة الاسكندرية، وأكد أنه بمجرد عرض الفيلم حوّل الطلاب الى التحقيق من جانب إدارة الكلية.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 21 أفريل 2006)

 

 

فضولي استولي علي اسمها لان البيروقراطيين نسوا تسجيله قانونيا!

القناة الفرنسية الدولية تبحث عن تسمية جديدة والعمل باللغة العربية مؤجل الي نهاية 2007

باريس ـ القدس العربي ـ من شوقي أمين

 

بعد مخاض عسير، تتضح معالم القناة الدولية الفرنسية الجديدة رغم شح المعلومات حول كيفــــية عملها والطريقة التي تحضر بها لإطلاق برامجها قبل نهاية السنة الجارية، والمهم أنها حسمت الموضوع المالي الذي كاد في وقت من الأوقات أن يزيد في عمر الصراع بين المساهمين الأساسيين وهمـــــا تلفزيونات فرنسا الذي تضــــطلع بتمويله خزينة الدولة والقناة الفرنسية الأولي (خاصة) التي تملكها شركة بويغ العالمية.

 

بيد أن القناة تواجه اليوم معضلة أخري علي قدر كبير من الأهمية، تتعلق بالتسمية التي تتبناها بعدما تبين أن تسميتها الحالية (CFII) وتعني القناة الفرنسية للأخبار الدولية ، صعبة النطق والتداول مقارنة بمثيلاتها الأمريكية أو البريطانية علي سبيل المثال.

 

وعلمت القدس العربي ان لجنة مكونة من متخصصين في الماركات التجارية والتسميات العالمية تعكف هذه الأيام علي البحث عن اســـــم ستحمله القناة مستقبلا. ولقد اقترحت اللجنة قائــــــمة بخمس تسميات سيعلن عن الفائز منها في منتصف أيار/مايو المقبل في انتظار أن يتم ايداعها في ما بعد في سجل الماركات علي المستوي الدولي.

 

وتعود خلفية هذا الاشكال الي بدايات التفكير في المشروع العزيز علي الرئيس شيراك شخصيا بهدف رفع الصوت الفرنسي في المشهد الاعلامي الدولي علي الطريقة الديغولية. لكن لم يفكر أحد في ايداع الاسم لدي الجهات المعنية، فاستغل أحد الخواص هذه الثغرة كي يطلق موقعا علي شبكة الانترنت يحمل اسم القناة مما أعاق، من الناحية القانونية، اعادة استعمال نفس التســـــمية دون تعويضات مادية وفق شروط الملكية الفــــــكرية المتعارف عليها دوليا.

 

وعندما اكتشف مسؤولو القناة خبر التسمية الذي لم يعد ملكا لهم، حاولوا مقاضاة الشخص الذي استولي علي التسمية من غير وجه حق . وبعد جولة مع القضاء تمكنوا من ربح القضية، الا أنهم تراجعوا في نهاية المطاف عن تبني نفس التسمية بسبب صعوبة تداوله من حيث النطق خاصة لدي الأجانب.

 

وما من شك، فهذا الاشكال يعتبر فصلا جديدا في حزمة العراقيل التي واجهتها القناة الفرنسية التي تعتبر استراتيجية علي أكثر من صعيد في عيون السلطات الفرنسية. فالبيروقراطية الثقيلة التي تميز الادارة الفرنسية لم تسهل بأي شكل من الأشكال خروج القناة من نفق الجدل العقيم والصراعات السلطوية.

 

وعاشت القناة التي يرأسها ألان دي بوزياك، أحد المقـــــربين من الرئــــــيس شيراك، والمتخصص في الاعلان، علي ايقاع نزاعات داخلية بســــــبب الأجور. فقد فضل جون بيير باولي الذي عينته القناة الفرنســــية الأولي (تي اف 1) مديرا عاما للقـــــناة الدوليــــة، العودة الي الشركه الأم، أي تي اف 1 ردا علي رفـــض مجلس المراقبة التابع للقـــــناة الدولية منحـــــه نفـــــس الأجــــــر الذي كان يتقاضاه، أي 300 ألف يورو سنويا، ما دفــــع مســـــــؤولي القناة الي تعيين جون ايف بونسارجون بديلا عنه.

 

وشغل بونسارجون في السابق مناصب عدة في الحقل الاداري أهمها مدير بالنيابة لـ تي اف1 ومسؤول انتاج الفيديو، قبل أن يلتحق بـ تلفزيونات فرنسا التي عينته منذ كانون الثاني/يناير الماضي منسقا لمشروع القناة الفرنسية الدولية.

وتنتظر المسؤول الجديد مهام مفصلية في مسيرة القناة، لعل أهمها اختيار 160 صحافيا من بين 2200 مرشح تقدموا بطلب عمل لدي القناة فيما يجهل لحد الآن ان كانت القناة ستعمل كما أعلن عنه في السابق باللغة العربية أم لا.

وتجدر الاشارة الي أن عددا هائلا من الصحافيين العرب المقيمين في باريس وحتي العاملين في قنوات عربية بالخليج أرسلوا طلبات توظيف، بل ان بعضهم تحمل مشقة السفر من قطر أو من دبي وأبوظبي لمقابلة مسؤولي القناة في منطقة ايس أي لي مولينو بالضاحية الباريسية.

 

من ناحية أخري ، أكدت مصادر عليمة لـ القدس العربي أن القناة الدولية الجديدة التي ستشرع في البث التجريبي في كانون الاول/ديسمبر 2006، ستعمل وفق نظامين، الأول باللغة الفرنسية كلية في حين يتراوح النظام الثاني بين اللغة الفرنسية والانكليزية مع احتمال أن تنفتح علي لغات أخري مثل العربية والاسبانية مع نهاية 2007.

 

(المصدر: صحيفة « القدس العربي » الصادرة يوم 26 أفريل 2006)


 العلمانيون والإسلاميون والمسألة الديمقراطية

نور الدين العويديدي

تشرط بعض النخب والتنظيمات السياسية العلمانية، في تونس ومصر والجزائر وبلاد الشام وبعض البلاد العربية الأخرى، اشتراك التيارات الإسلامية في العملية الديمقراطية، بإقدام تلك التيارات على الدخول في مراجعات فكرية عميقة، تنتهي بتبني التصور العلماني للعلاقة بين الدين والدولة، والفهم الليبرالي للسياسة وللمجتمع وللإنسان.

وتشدد تلك القوى والتنظيمات، التي تصف نفسها بالديمقراطية، دون دليل على ذلك من فكرها أو من سيرتها وتاريخها وممارساتها السياسية، على أن القبول بالخيار الديمقراطي، بما هو تداول سلمي على السلطة، من خلال صناديق الاقتراع، ورفض الوصول إلى الحكم أو البقاء فيه، من خلال العنف.. لا يكفي وحده لإعطاء أي قوة أحقية المشاركة في الحياة السياسية وفي العملية الديمقراطية.

فلا يكفي لدى هؤلاء، أن يقبل التيار الإسلامي بالاشتراك في العملية الانتخابية، وبالتداول السلمي على الحكم، وإعلان رفض العنف، لأن يكون جزء من الحياة السياسية.. فهناك شروط أخرى أهم لابد من توفرها، في تصورهم، هي القبول بالرؤية العلمانية لعلاقة الدين بالدولة، والفهم الليبرالي للسياسة وللإنسان ولحقوقه بما فيها « حقه » في الشذوذ الجنسي، واعتبار جسم الإنسان ملكا خاصا له، يتصرف فيه كيفما شاء، ولا دخل لدين ولا لمجتمع في تصرفه، وأن تعاد صياغة علاقة المرأة بالرجل وشكل « السلطة » في الأسرة عموما، بما ينسجم مع الثقافة الليبرالية، بما قد يؤول إلى إلغاء الأسرة جملة.. فإذا ما قبل التيار الإسلامي بهذه الشروط يصير ممكنا عندئذ قبوله ضمن المنتظم السياسي الرسمي والقانوني.

وبالنظر لكونه معلوما أن التيار الإسلامي لا يمكنه أن يسلم بهذه الشروط والمطالب، من دون أن يحدث تحولا جوهريا في عقيدته ومبادئه، بما يكسبه هوية غير هويته الأصلية، وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلا من هذا التيار، الآن وفي المستقبل، فإن تلك الشروط لا تستهدف إذن دفع التيار الإسلامي إلى القبول بالنظام الديمقراطي، وأن يكون رافدا من روافد عملية الدمقرطة، وإنما تستهدف إقصاءه من العملية السياسية، وجعل التنافس الانتخابي والسياسي محتكرا بين قوى علمانية مجهرية صغرى، تحتكر تمثيل المجتمعات العربية والإسلامية والتداول على حكمها، على الرغم من غربة بعض تلك القوى الفكرية والسياسية وحتى النفسية عن المجتمعات، التي تريد تمثيلها.

إشكالات ومؤاخذات

تثير الشروط الآنفة الذكر للقبول بالتيار الإسلامي في الحياة السياسية الكثير من الإشكالات والاعتراضات والمؤاخذات:

1- فمن أعطى للتيارات العلمانية العربية الحق في أن تفرض فهمها الخاص للديمقراطية على الآخرين. فحتى في الغرب الليبرالي هناك أفهام عديدة للمسألة الديمقراطية، بين من يشرط التسليم بالعلمانية و »العقيدة » الليبرالية كثقافة تشتغل في إطارها العملية الديمقراطية، وبين من يعتبر الديمقراطية نظاما يقوم على المساومة والتوافق على الأسس المنظمة للعملية السياسية. وهذا يعني أنه كما يمكن للديمقراطية أن تشتغل في الإطار العلماني الليبرالي، يمكنها أن تشتغل في أطر ثقافية وعقدية أخرى، بما فيها الإطار الإسلامي، شرط التسليم بجملة من القواعد العامة، مثل الاعتراف بأحزاب أو قوى متباينة تتنافس انتخابيا، وتحتكم إلى صناديق الاقتراع، ولا تسلك سبل العنف للوصول إلى السلطة، ولا تتمسك بالحكم من خلال العنف أيضا.

ولعله لا يجهل أحد أن الأنظمة السياسية الديمقراطية في الغرب لم تولد نتيجة تطبيق نظرية محددة في الديمقراطية، ابتدعها كتاب وفلاسفة ومفكرون، وإنما هي ثمرة صراع طويل، ونزاعات عمرت عقودا بل قرونا، تخللتها ونتجت عنها توافقات على شكل نمط الحكم، وعلى الآليات التي تنظم الصراع على السلطة. ومن ثمرة تلك الصراعات ومساراتها المتعرجة جردت نظريات في المسألة الديمقراطية، وفي العلاقة بين الدين والدولة، نرى كيف تؤخذ اليوم جاهزة من قبل بعض النخب العربية، حتى صارت بالنسبة إليها عقائد وثوابت لا تقبل النقاش والجدل، تريد أن تفرضها فرضا على الساحة العربية والإسلامية، على الرغم من حاجة هذه الساحة لابتداع مسارها الديمقراطي الخاص، على ضوء ثقافتها وخصوصياتها التكوينية والبنيوية، وما يميزها عن سواها من ركائز وأسس.

2 – يعلم الجميع أن من يتبنى الخيار العلماني والليبرالي أقلية محدودة في الوسط العربي والإسلامي. المشكل أن هذه الأقلية النشطة تريد أن تفرض توجهها على الأغلبية الساحقة من العرب والمسلمين، الذين يرون في الإسلام روحهم العامة، وفي العربية الآلة الحاملة لثقافتهم. فباسم الديمقراطية المرتجاة، والحداثة المزعومة، تسعى الأقلية إلى فرض تغيير جوهري على هوية العرب والمسلمين، وعلى نظرتهم للوجود وللإنسان وللإله وللدين والدولة والسياسة، وتستمد روح هذا التغيير وتصوره العام من التجربة والثقافة الغربيتين.

وهكذا فبدلا من أن تكون الهوية والثقافة العربية والإسلامية لشعوبنا هي الروح التي يتوجب على النخب والقوى السياسية أن تتمثلها في سلوكها وتصرفها، وأن تستنبط منها نظم الحياة، كما هو حاصل لدى مختلف شعوب العالم، تسعى النخب العربية المعلمنة، عبر استخدام أجهزة الدولة، إلى فرض تغييرات قسرية عنيفة في كثير من الأحيان على شعوبنا، حتى تغير من الهوية والثقافة والروح العامة، بما يجعلها تتطابق مع تصور هذه النخب المعزولة لما يجب أن تكون عليه الشعوب.. وهكذا إذا جاز لنا التقريب بضرب الأمثال فإنه بدلا من أن يتغير الطربوش، إذا لم يناسب الرأس وينسجم معه، باعتبار الرأس هو الأصل والطربوش عرض زائل، يكون المطلوب تغيير الرأس حتى يصبح مناسبا للطربوش.. وبذلك تنقلب المفاهيم فيصبح الجوهر عرضا والعرض جوهرا.. تصبح النخب المتغربة حكما ومرجعا لما يجب أن تكون عليه الشعوب، وتصير الشعوب مجرد ورق أبيض يتوجب عليه أن يكون مطواعا لكتابة ما تريد النخب كتابته عليه..

وقد يعترض معترض على القول بضرورة احترام الهوية العربية والإسلامية لشعوبنا، وأن تستخلص أنظمة الحياة من عقيدتها وتصوراتها وتجربتها التاريخية، بأن الهوية ليست معطى ناجزا ومنتهيا، وإنما هي وليدة صيرورة تتم في التاريخ.. ونحن لا نجادل في كون الهوية ثمرة للسيرورة والتطور وحاكم لهما، إلا أن المقصود أن التطور يجب أن يكون طبيعيا، وأن يجري على مدى زمني كاف، وأن لا يتم بالقسر والإجبار والعنف والإكراه، عبر استخدام أجهزة الدولة العنيفة، وإنما بالإقناع والثقافة والتربية، ثم أن لا يكون التطور نسفا للقديم وإلغاء له، وأن لا يحكم على التاريخ بأن يسير في مسار محدد بشكل مسبق، لا يمكن أن يحيد عنه.. وأن لا يفرض على أمة أن تستنسخ تاريخ أمة أو أمم أخرى وعاداتها وثقافتها، وهذا للأسف ما تفعله أو تسعى لفعله أكثر الأنظمة والنخب العربية المسحورة ببريق التجربة الغربية.

3- مما سبق نلاحظ أن النخب والقوى المشار إليها آنفا تضع نفسها في موضع الخصم والحكم.. تفرض الشروط وتقدم المطالب، وتقبل وترفض، وترضى عن البعض وتغضب عن آخرين. لكنها لم تطرح يوما على نفسها أسئلة محددة: فمن أعطاها كل هذه الحقوق؟ ومن أين أعطت لنفسها شرعية الحكم على الآخرين؟ هل لأنها الأكثر تمثيلا للروح العامة للشعوب؟ وهل بوسعها أن تثبت لنا ذلك؟ أم لأنها ترى نفسها صاحبة رسالة تغيير شاملة؟ وهل تسمح لها تلك الرسالة بأن تفرض التغيير فرضا؟ وهل سألت تلك النخب نفسها هل تتقدم في تحقيق رسالتها أم تتراجع؟ هذه أسئلة يجدر بالنخب العربية أن تطرحها على نفسها، حتى تبصر جيدا طريقها، وتعرف إلى أين تسير، وإلى أين تحاول قيادة شعوبنا.

4- ومما تؤاخذ عليه النخب العربية، موضوع الحديث، أنها تقيم تناقضا بين الإسلام والديمقراطية، حين تجعل الثقافة العلمانية الليبرالية شرطا لتجسد الديمقراطية. فمعلوم أن الشعوب العربية والإسلامية لا تقبل عن الإسلام بديلا. فإذا كان هذا البديل يتناقض مع الإسلام في جزئياته أم في كلياته ستختار الشعوب الإسلام عن أي بديل آخر، وهذا الطرح لعمري خير خادم للاستبداد، وأكبر معيق للتحول الديمقراطي في الوضع العربي.. إن تلك النخب تجعل العلمنة شرطا للديمقراطية، ويقول قائلها إن الديمقراطية وجدت في التجربة الغربية في علاقة حميمية مع العلمنة، ومن شاء أن يأخذ الديمقراطية فليأخذها كاملة مع العلمنة، ومن شاء أن يتركها فليتركها كاملة أيضا.. وهذا لعمري تعجيز وطلب محال، وتنفير للناس من الديمقراطية لا خدمة لها.

لقد لاحظ عبد الله العروي مبكرا أن الثقافة العربية والإسلامية محكومة بروابط متينة إلى اللحظة المؤسسة في التاريخ الإسلامي، لحظة النبوة والوحي ومرحلة الخلافة الراشدة. واكتشف أن شخصيات من قبيل شخصية الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، لا تزال في الإسلام السني مثلا وقدوة ونموذجا لدى العربي والمسلم.. وعلى الرغم من أن العروي قد استخلص من ذلك خلاصات خاطئة، وقدم أحكام قيمة متسرعة، تصف الثقافة والتاريخ العربي والإسلامي بالسكون أو حتى الركود، إلا أن ما لم يدركه العروي وسواه أن الانشداد للحظة المؤسسة لا يعيب أي ثقافة أو حضارة أو أمة، فذلك هو المدار الذي تتشكل على قاعدته هويتها.

وإذا سلمنا بأن الإسلام والعروبة هو لحمة الأمة وسداها وجب أن تستخلص منهما أنظمة حياتها. وأي تناقض مفتعل بين الإسلام والديمقراطية، حين يشترط البعض العلمانية والليبرالية كثقافة تعمل في إطارها العملية السياسية، إنما هو تناقض يقود في النهاية إلى الإضرار بالمطلب الديمقراطي أكثر مما ينفعه. وهذا ما لم تدركه النخب المتغربة، التي راحت ترجع فشل المسار الديمقراطي العربي إلى المعطى الثقافي المحلي ممثلا في الثقافة الإسلامية، باعتبارها عاجزة، في وهمهم، عن استيعاب الديمقراطية واستنباتها محليا، وهو خداع وتجن على الحقيقة في نفس الوقت.. فالشعوب العربية المشبعة بالثقافة الإسلامية تتوق إلى الديمقراطية، لكن النخب والأنظمة والحكومات تريد ديمقراطية معلمنة، وهو أمر لا يمكن أن يجد له تربة صالحة في البيئة العربية والإسلامية لا اليوم ولا غدا.

5- إنه من العجب أن يرى المرء، حيثما يمّم وجه، شعوبنا تموج بالإسلام، ويملأ هذا الدين جوانحها، وتعانقه قطاعات جديدة منها كل يوم، وأن يرى كل انتخابات عادلة ونزيهة يفوز بها التيار الإسلامي في كل بلد عربي ومسلم، ثم يسمع، وللعجب، في ذات الوقت قوى هامشية تتزايد عزلتها يوما بعد آخر، تفرض الشروط وتنصب نفسها في موقع السلطة والحجة على الآخرين.. وتملي عليهم كيف يكونوا، حتى يتم قبولهم في المنتظمات الرسمية والقانونية..

بسبب من هذا تتردى أوضاع الأنظمة والحكومات العربية باستمرار، وتنكمش مشروعيتها ومشروعية النخب العلمانية المتحالفة معها، وحتى المعارضة لها، دون أن يدق ذلك ناقوس الخطر لديها، وإن سمعت دقاته المدوية، فإن ذلك لا يدفعها، للأسف، للمراجعة، وللبحث عن مواطن الخلل والقصور فيها، وإنما يدفعها إلى المزيد من التطرف في عدائها للهوية العربية والإسلامية، ويجعل تلك النخب تقبل التحالف مع الأنظمة القمعية الفاسدة، ويجعل تلك الأنظمة توغل في فسادها وفي قمعها، وهو ما يزيدها غربة عن شعوبها، ويعمق القطيعة بينها وبين من تحكم، حتى أضحت الدولة ضد الأمة، واستحكم سير العرب والمسلمين في درك التخلف والتراجع، وعجزوا عن الخروج منه.

المطلوب من القوى العلمانية بدلا من أن تنصب نفسها في موقع من يملي الشروط على التيار الإسلامي، لقبوله في المنتظم الشرعي والقانوني، أن تدخل في مراجعات عميقة لفكرها وتوجهاتها، بما يجعلها قريبة من الروح العامة للشعوب، التي تريد تمثيلها وقيادتها، قبل أن تطوى صفحتها إلى الأبد.. إن تلك المراجعة وحدها هي السبيل الذي يمكن أن يجعل من تلك القوى قوى حقيقية في مجتمعاتنا، وساعتها يمكن للديمقراطية أن تنبت في بيئة تم التوافق فيها على الكليات المنظمة للحياة العامة والخاصة للناس.

 

(المصدر: مجلة « أقلام أون لاين » الألكترونية، العدد السابع عشر، السنة الخامسة / أفريل – ماي 2006)


حذاٍر أن تضيع الدولة القدوة

د. أحمد القديدي (*)  

alqadidi@hotmail.com

 

الدولة في أبسط دروس العلوم السياسية التي تلقيناها على أيدي أساتذتنا الأجلاء هي فكرة مجردة ومقولة ذهنية وليست جسما محسوسا، أي ما يسمى بالفرنسي والانجليزي «كونسبت»، والدولة بهذا المعنى تصبح منظومة قيم سامية ومبادئ عليا ينضوي تحتها عن طواعية كل المواطنين تحميهم من المظالم وتؤمنهم من القهر وتصون أعراضهم وأموالهم وحقوقهم وتحكم بينهم بالعدل.

 

ومن هذا المنطلق تنشأ المواطنة ويأتي الشعور بالواجب ويتحمل المواطن الفرد أمانة المجموعة بالتراضي والوفاق. ويكون هذا الإحساس بالطمأنينة إلى عدل الدولة هو الضامن لتلاحم المجتمع والدافع للتقدم والمحقق للانخراط في دورة التاريخ.

 

وفكرة الدولة نظر لها فلاسفة الإغريق القدامى وخاصة أرسطو وأفلاطون ومن بعدهم العلامة المسلم المغاربي عبدالرحمن بن خلدون فجعل أساسها الراسخ العدل وعمادها الخالد القوة في الحق وقاعدتها الصلبة ولاء الناس لها من باب حفظ الدين ورد المخاطر وتوزيع الخيرات وإشاعة المصالح. ولم يدرج أي مفكر سياسي مبدأ الخوف من الدولة كأداة حكم، لأن المواطن الصالح لا يمكن أن يخاف ما دام محترما للقانون غير متعد على حقوق الغير أو حرياتهم.

 

وأنا أعيش في الغرب منذ ثلاثين عاما وأتمتع يوميا بهذا الأمان الذي توفره الدولة والذي أساهم فيه شخصيا مع ملايين الناس بدفع ما عليّ من ضرائب وأنا مدرك بأن خزانة الدولة الفرنسية تصرف على تأمين صحتي وصحة أفراد أسرتي وتسهر على أمني في الشارع والبيت وتراقب الغذاء الذي استهلكه والهواء النقي الذي أتنفسه وتصلح عطب الطريق التي أمشي فيها أو أسوق عليها سيارتي بل وترعى أبنائي في المدارس وتوفر لهم المنشآت الرياضية والمسارح والمعارض والمكتبات وتأخذهم إلى المنتجعات أثناء الإجازات وتؤمن لهم المسجد للصلاة وهي الدولة العلمانية.

 

منذ عقود أعيش متمتعا بهيبة الدولة العادلة التي تستمد هيبتها من هيبة الشعب وتستلهم احترام مؤسساتها من احترام حرية المواطن. وتلك التقاليد يتوارثها الابن عن أبيه والبنت عن أمها، لتستمر الدولة مهما تغيرت الحكومات وتداول اليمين واليسار على مسؤوليات الحكم، لأن الدستور المستقر الثابت هو الذي ينظم عمل المؤسسات العليا وينظم استقلال القضاء ويرتب صلاحيات السلطة التشريعية كأداة ممارسة حكم الأكثرية ولو كانت 51 بالمائة، دون أن تجد الأقلية في فوز منافسيها غضاضة، بل وأحيانا تؤيدها وتساند مساعيها إذا التقت الغايات حول مصلحة الوطن العليا.

 

وطالما تحدث الزعيم بورقيبة في تونس عما كان يسميه هيبة الدولة، متأثرا في ذلك بمدرسة المفكرين التنويريين الفرنسيين في القرن الثامن عشر ، حيث أسس الزعيم دولة عصرية وأرادها مهابة لكي ينجز مشروعه التحديثي بنشر التربية والتعليم وتوحيد قوى البلاد بلا قبلية أو فوارق اجتماعية وتحرير المرأة من براثن الجهل والقهر.

 

ومهما كان تقييمنا لتوجهات بورقيبة وخياراته، فان الشعب التونسي حقق منذ عام الاستقلال 1956 منجزات ومكاسب ليس أقلها القضاء على الاقطاع القديم وتمكين أبناء العمال والمزارعين وصغار الحرفيين من ارتياد أكبر الجامعات ثم تحمل أعلى المناصب والتحاق المرأة التونسية بشقيقها الرجل للمشاركة في بناء صروح التقدم بالرغم من قلة الموارد الطبيعية وشح المصادر الزراعية وانعدام النفط والغاز التي توفرت لبلدان مجاورة. واليوم تبدو تونس رغم المشاكل والعراقيل وطنا يطيب فيه العيش بعيدا عن الهزات التي عصفت ببلدان أخرى. ومن أجل الحفاظ على هذه المكاسب يجب الشد بالنواجذ على الدولة القدوة حتى تكون هي الحكم العادل والمرجع الأول والأخير ومصدر القوة بالقانون وأداة الأمان ومحرك التنمية ورائدة التقدم ورمز الشعب والمدافعة عن الهوية والضامنة للحداثة.

 

وأنا لا أفرد تونس بالذكر سوى لأنها موطني الأصلي ولأنني عشت فيها، وما ينطبق عليها ينطبق على كل أوطان العرب، مع اختلاف طفيف في التفاصيل. فالعرب اليوم أمام عواصف إقليمية وعالمية لا تبشر بمصير سلمي مضمون في ظل الخلاف حول التعامل مع الملف الإيراني والحصار الجائر والعنصري المضروب حول الشعب الفلسطيني، مما يدعو إلى المحافظة على سلامة مؤسسات الدولة العربية الحديثة بتحصينها بقوة العدل والقانون لتكون هي الجامعة لطاقات الأمة والمحركة لعبقرية شبابها والمؤتمنة الأمينة على حريات مواطنيها. أي في الحصيلة تكون الدولة هي القدوة لأن انهيار مثلها الأعلى ينذر بانهيار الوطن كله، حين تضيع المراجع وتندثر الأسس.

 

(*) كاتب وسياسي من تونس

 

(المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 26 أفريل 2006)

 

التشاد وسط صراع النفوذ

توفيق المديني (*)  

 

تعد تشاد المستعمرة  الفرنسية السابقة حتى عام 1960، واحدة من أكبر دول إفريقيا مساحة و أغناها تنوعا عرقيا و لغويا. إذ تزيد مساحتها عن مليون و 280  ألف كلم مربع ، جزء كبير منها يشكل امتدادا للصحراء الكبرى. و تتقاسم تشاد حدودها مع كل من السودان (الشرق) وجمهورية إفريقيا الوسطى (الجنوب) و الكاميرون و نيجيريا و النيجر (الغرب) و ليبيا(الشمال ). ويبلغ تعداد سكانها حوالي 10 ملايين نسمة، يشكل المسلمون 52% منهم.و يتركز المسلمون في الشمال و الشرق، مقابل 30% من المسيحيين معظمهم في الجنوب، أما النسبة الباقية فمن الوثنيين و المعتقدات القبلية.و على الصعيد العرقي و اللغوي يشكل  العرب و الشعوب الصحراويبة- السودانية معظم السكان المسلمين.

 

وتعتبر العلاقات السودانية – التشادية مترابطة ومتداخلة، وأن التداخل القبلي بين البلدين يشكل أحد العوامل التي لها تأثيرات على العلاقات وأنظمة الحكم. وتتأثر حكومة تشاد دائما بموقف نظيرتها في السودان لأسباب جغرافية واستراتيجية.

 

في الفترة الأخيرة، وتحديدا يوم الخميس 13 أبريل /نيسان الجاري  اندلعت  مواجهة عسكرية عنيفة  بين المتمردين ونظام الرئيس ادريس ديبي في قلب العاصمة نجامينا ، إذ استطاع متمردو « الجبهة الموحدة للتغيير » قطع ألف كيلومتر في ثلاثة أيام  على متن شاحنات بيك آب انطلقت من دارفور على الحدود السودانية –التشادية، لشن هجوم عسكري واسع النطاق في سبيل إسقاط نظام إدريس ديبي.

 

وينقسم  المتمردون  التشاديون  المناهضون للرئيس  التشادي إدريس ديبي  الذين زحفوا على العاصمة  نجامينا، إلى حركات صغيرة عدة يصعب تقويم عديدها. الجبهة الموحدة للتغيير هي ائتلاف  تضم أكثر من عشرين حزباً،تأسست في كانون الأول /ديسمبر العام الماضي  في شرق تشاد ،  ويتحدث باسمها حميد دهالون، ويقودها الملازم داوود علي قائد كتيبة مدرعات أدري ومحمد نور رئيس حركة « التجمع من أجل الديموقراطية والحرية » الذي تتهم نجامينا السودان بدعمه.

 

و يجمع المحللون الغربيون أن قسما أساسيا من سكان نجامينا رحب باستيلاء المتمردين في الساعات الأولى على العاصمة التشادية ، على أمل التخلص من نظام إدريس ديبي المتسبب الرئيس في إفقار السكان ، و المتهم بالفساد.بيد أن الجنود الفرنسيين من عملية « إيبرفييه »المتمركزين في تشاد (1350 جنديا ، و 6 طائرات ميراج ، و 3 هيليكوبترات ) هم الذين أنقذوا نظام ديبي من السقوط، و حالوا دون استيلاء المتمردين على السلطة في نجامينا.

 

من الناحية الرسمية ، مهمة الجنود الفرنسيين تتمحور « في تعزيز قدرات » الجيش التشادي، و »ضمان السيادة » للتشاد.وتنفي باريس  تورط جنودها في القتال إلى جانب القوات الحكومية.لكن واقع الحال يقول عكس ذلك تماما، فالقوات الفرنسية لعبت دورا أساسا  في إعلام الجيش التشادي بتقدم المتمردين ساعة بساعة ، بوساطة استطلاع طائرات الميراج الفرنسية التي كانت تحلق في المنطقة، و أطلقت نيرانها على قوات المتمردين الذين زعموا أنها شنت غارات عليهم. و هو أمر نفته باريس  ، إذ أكد الناطق باسم الخارجية الفرنسية الذي سئل مرات عديدة عن النيران التحذيرية التي أطلقتها طائرة ميراج شرق تشاد، أن الميراج « لم تطلق على المتمردين  » و أن إطلاق النار »كان رسالة إلى المتمردين » و هي رسالة « نفسية أو سياسية تعكس اهتمامنا بالوضع و حرصنا في مهمة قواتنا بحماية رعايانا ».

 

الرسالة واضحة. و الالتزام الفرنسي أيضا.فرنسا تجد نفسها في وضع محفوف بالمخاطر. من دون شك إنها لا تقول ماذا تفعل القوات الفرنسية في تشاد: هل هي لحماية الرعايا الفرنسيين البالغ عددهم 2000 شخصا و الذين يعيشون في البلاد؟ أو أنها لحماية رئيس منتخب ومعترف به دوليا؟ أوللإبقاء على قاعدة استراتيجية في قلب إفريقيا؟أو لمحاصرة تأثير الهيمنة الأمريكية في المنطقة؟ أو لأحتواء المخططات السودانية و الليبية؟

 

لفترة طويلة كان الحضور العسكري الفرنسي في تشاد مرتبطا بطرابلس. بيد أنه منذ أعادت ليبيا شريط أوزو إلى تشاد في عام 1994، و تخلى العقيد القذافي عن أسلحة الدمار الشامل في عام 2005، لم يعد مبررا للسلطات الفرنسية أن تحافظ على قوات « إيبرفييه » في تشاد. لكن باريس ترد على ذلك بقولها أن السودان لايزال يعيش في أجواء حرب أهلية يمكن أن تؤذي بشظاياها جيرانها ، إذا و الحال هذه يشكل التواجد العسكري الفرنسي قوة ردع واستقرارفي المنطقة.

 

خلال مرتين ، من عام 1980 إلى 1984، و في عام 1985-1986، قررت باريس سحب قواتها، لكن في كل مرة تعيد إرسال قواتها  العسكرية إلى نجامينا.ومنذ أن استقلت تشاد في 11 أغسطس 1960، أقام كل الرؤساء التشاديين علاقات وثيقة مع باريس.  من أول رئيس لتشاد  فرانسوا تومبالباي (مسيحي من جنوب البلاد) المولود عام 1918، مرورا بالرئيس نويل أودينغار الذي قاد انقلاب عسكري ضد تومبالباي في 13 مايو/أيار1975، و الذي سلم السلطة بسرعة للجنرال فيليكس مالوم الذي حكم البلاد بين 15 مايو 1975 و لغاية 29 ابريل /نيسان 1979حيث أخفق في إيقاف الحرب الأهلية ،  فتولي غوكوني عويدي رئاسة الدولة بعده . لكن في 7 يونيو/حزيران من عام 1982 نجح حسين حبري في احتلال العاصمة نجامينا وإطاحة حكم عويدي، وصولا إلى تولي إدريس ديبي رئاسة الدولة بعد الاطاحة بحكم حبري في مطلع ديسمبر / كانون الأول عام 1990.

 

إن القوات الفرنسية موجودة في تشاد بطلب من الرئيس ديبي، ولن تنسحب إلا بناء على طلب منه.و هو الأمر عينه لساحل العاج ، حيث تتواجد قوة فرنسية تعدادها 4000 عسكريا ، إذإن رحيلها مرتبط بموافقة الرئيس  لورانت غباغبو.علما أن الطبيعة القانونية لوجود القوتين  العسكريتين في تشاد وساحل العاج ليست متماثلة.ففي الحالة الأولى يرتبط تواجد القوات الفرنسية في تشاد بمجرد اتفاق  تعاون عسكري موقع بين البلدين في عام 1976، بينما في  الحالة الثانية ، هناك معاهدة دفاع مشترك تربط فرنسا بساحل العاج .

 

تعتبر تشاد « آخر بلد فرنكوفوني » في شرق إفريقيا،إذ تملك باريس في نجامينا « قاعدةاستراتيجية » تسمح لها بإرسال طائراتها في مهمات عسكرية  أو إنسانية في المنطقة.ولا تمتلك فرنسا أي قاعدة عسكرية جوية  ثابتة سوى في جيبوتي، حيث تتمركزقوة عسكرية مؤلفة من  3000 رجلا ، و10 طائرات مقاتلة، و 9 طائرات عامودية.ولأسباب استراتيجية( القرب من الجزيرة العربية و مصادر النفط)  تمثل دجيبوتي أهم قاعدة استراتيجية في القرن الإفريقي ، تضاف إلي قاعدتي ليبريفيل (الغابون)، ودكار( السنغال)، اللتين تمثلان أساس التواجد العسكري الفرنسي في القارة الإفريقية.

 

أخيرا،إن فرنسا تساند رئيس دولة قام بتعديل الدستور بهدف البقاء في السلطة . فإذا كانت فرنسا تساند الديمقراطية ، فلماذ لم تشجع قوى و أحزاب المجتمع المدني التي تطالب بفتح حوار سياسي بين السلطة و المعارضة منذ عدة أشهر؟ ويبدو أنه قبل أسبوعين من إجراء  الاستحقاق الانتخابي المقاطع من المعارضة، و المقاتل من المتمردين، أن المأزق فاضح في تشاد.والواقع أن المنطق الكولونيالي لفرنسا يستمر في التحكم في السياسة الخارجية الفرنسية، على نقيض الزعم الرسمي أنه تم التخلي عنه.فالموقف الفرنسي في نجامينا يتناقض جذريا مع الدبلوماسية الفرنسية، التي تنص على عهد بصورة تدريجية إلى الإتحاد الأوروبي و الاتحاد الإفريقي مهمات حفظ الأمن في إفريقيا.

 

(المصدر: صحيفة « المستقبل » اللبنانية الصادرة يوم 26 أفريل 2006)

 


 

رهان الديمقراطية في التجربة الموريتانية

عادل الحامدي (*)

 

السوداوية من ذوات الأرحام باليأس واليأس خواء في الأرواح وثلمة في صرح الايمان وما أجمل وأجزل وأبلغ كلام خاتم الأنبياء والمرسلين وهو القائل: بشروا ولا تنفروا. ولكن الحديث في الشــــأن العربي يتأبي علي كل لبيب أن يذكره دون اثارة المواجع وايلام نفــــوس الكـــــرام، فبم سيبشر من علي نفسه تقريب واقع الحياة الي الأذهان وقرع الآذان بالكلمة الطيــــبة والمسؤولة ومن ثم محاولة فهم عجز الشعوب وقعودها غير طاعمــــة ولا كاسية في سجون العجز والخوف والعفوية المقصودة واللامبالاة والأنانية فضاعت بذلك أوطان وماتت أمم وبادت حضارات بمثل هذه الصغائر.

 

وما حاضر العرب الا خير دليل علي هذه المزاعم رغم امتلاكهم لأعظم محرك في التاريخ البشري وكفي بالوحي المنزل شهيدا: كنتم خير أمة أخرجت للناس . وما زاد الطين العربي خمجا هو ظهور صراع البربريات الذي خلناه ولي الي غير رجعة فلم يبق بيت في المعمورة الا دخله دخن كالليل مظلما ظاهره حضارة وباطنه صراعات دينية نتنة لفظتها جميع الأديان وعافتها أذواق الشعوب. ظواهر عرتها حروب العراق الطاحنة من دون أن تترك للستر منها شيئا وهي علي بشاعتها يراها قسم من علماء الاجتماع من افرازات التقاء الثقافات من غير ميعاد ولا تنسيق وفي غياب شبه كامل لحكماء البشرية ذوي العقول النيرة. ومع ذلك فان حط الرحال بالديار العربية الموريتانية الكريمة التي يعيش سياسيوها منذ ما يقارب العام علي نخب الخطوات الديمقراطية ووعود الانتخابات الحرة النزيهة وأحلام الحرية والخبز والرفاه بعد أن كلت السواعد وبحت الحناجر، مريح هذه الأيام لأن طموحات التأسيس فيه لحياة ديمقراطية حقيقية تبدو كبيرة فالطريق دائما أبهي من الوصول حتي أن أبلغ ما كتب في التاريخ البشري قيل في الطريق الي الأهداف الكبري.

 

كما تعلمون تقع موريتانيا المغاربية المسلمة علي ضفاف الصحراء الكبري لافريقيا من الجنوب وعلي الساحل الأطلسي لجهة الغرب. يعمرها ثلاثة ملايين فقط من السكان رغم أن مساحتها تفوق المليون كلم مربع أغلبها صحاري لغتها الرسمية عربية والفرنسية لسانها الثاني واستقلت عن الاستعمار الفرنسي في مطلع ستينات القرن الماضي. في الثالث من آب (أغسطس) الماضي قاد محمد أوعلو ولد فال انقلابا ناجحا ومفاجئا علي سيدنا معاوية الذي كان يومها خارج البلاد والذي حكم موريتانيا علي الطريقة العربية المعاصرة منذ الثمانينات، وككل انقلابي وعد المجلس ـ مع تأجيل التنفيذ ـ باجراء انتخابات حرة يشارك فيها كل الفرقاء وديمقراطية بالمعايير الغربية (آمين) فما هوية هؤلاء الانقلابيين؟ قوميون اسلاميون ليبراليون أم لا يزال يجري تشكيل اللون المناسب؟ كيف يحكمون البلاد منذ الثالث من اب (أغسطس)؟

 

ما هي الضمانات التي يلوحون بها لانجاز الديمقراطية الآن؟

لِمَ هذا التأجيل وهل يحتاج الموريتانيون الي حولين كاملين من رضاع الديمقراطية ليتأهلوا الي وضع ورقة في صندوق؟

وهل سيلتزم يزيد الانقلابي بسنة التداول السلمي علي الأريكة الناعمة أم سيكرس سنة الأجداد في الرسوب ملكا بعد كل انتخاب اجماعي كما هي عادتنا؟

هل سيتبع المجلس طريقة العسكر الديمقراطي في باكستان أي يتقاسم الجيش السلطة مع الأحزاب أم أن المجلس سيقتفي آثار عساكر أتاتورك القابلين بتداول الأحزاب السلمي علي السلطة؟

 

أم سيحكمون موريتانيتنا العربية علي طريقة جيوشنا العربية التي ما أن تصل الي كرسي الرئاسة حتي تتحول الي ملك عضوض وداء مزمن لا يكاد ينفع معه عقار مسلم ولا ترياق أمريكي؟ ليس مهما في الحياة السياسية العربية فتح السجون أمام متساكنيها من أصحاب الرأي والاجتهاد فتلك مزية أخفقت تجاربنا العربية في تحويلها الي منعطفات تاريخية تبني ولا تهدم وتؤسس للحياة بما تعنيه من تدافع يذهب زبده ويبقي منه ما ينفع. فبعد أيام قليلة من الانقلاب المذكور في بلاد الشنقيط وبعد ليال من رباط أهالي السجناء أمام المعتقلات أعلن القادة الجدد حل البرلمان ثم العفو والصفح عن سجناء الرأي وتنادوا لتأسيس لجان التنسيق والحوار بين مختلف الفرقاء السياسيين من أجل صياغة دستور المرحلة الانتقالية الذي يسبق الانتخابات الرئاسية والنيابية الديمقراطية الشفافة.

 

القوميون والبعثيون واليساريون لا بل وحتي تيار الاسلام السياسي المعتدل عادوا الي الحياة السياسية الموريتانية لينطلقوا من البدء ويعيدوا ترديد أغاني الحرية والديمقراطية التي غنت لها النخــــب السياسية العربية نهاية ستينات القرن الماضي عقب هزيمة حــــزيران وقبيل حرب أكتوبر المجيـــــدة التي تحولت من نصر مؤزر الي ما يشبه النكسة بسبب غياب الرؤية الاستراتيجية والضعف العربي العام وحب الرياسة وغيــاب المشروع العربي المتكامل.

 

كان قائد الانقلاب الموريتاني أقرب الناس الي سيدنا معاوية وأوثقهم عري بمؤسسات الدولة ودواليبها التي مكنت الرئيس من حكم الموريتانيين طيلة عقدين من الزمن وقاد ضد زنوجهم الأفارقة حملات قمع قضي فيها الكثير من أبناء القبائل النائية حفاظا علي كرسي الحكم من دون السماح لأي حزب بالعمل مهما كان حجم تلك الأحزاب.

 

واليوم يعد محمد ولد فال رئيس المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية ساحة النزال السياسي كل حسب حجم حزبه وعلي قدر أهل الأحزاب تأتي كراسي المغانم. استبشر الموريتانيون خيرا بالانقلاب وتحمسوا أكثر لخطاب قادته من العسكريين كما تجاهلوا تنديدات بعض قادة العالم العربي والغربي بالانقلاب وتهديداتهم بعدم الاعتراف به مطالبين باعادة المخلوع الي عرشه، لا بل بلغ شغف الموريتانيين بانقلابهم أن أنساهم أن الكثير من الذين أنجزوا هذا التحول هم ممن تعودوا عليه من وجوه الحرس القديم للسلطة مبرهنين علي أن ذاكرة الشعوب قصيرة من السهل أن تنسي أن الأشقاء العرب كل قد شرب من ذات الكأس: انقلاب ووعود ثم تقوم قيامة التبديل وتفتح السجون وتعود براقش الي عادتها القديمة بما جنت علي نفسها بسبب التساهل والتسليم للقائد المظفر الجديد والتنازل عن ممارسة حق المواطنة.

 

طائرة معاوية التي كانت تحمل العلم الموريتاني أثناء مشاركته في مراسيم تشييع جنازة الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز حملت نعش الرئاسة الموريتاني الي العاصمة القطرية الدوحة قبلة المنفيين والمغضوب عليهم من قادة العرب والأفارقة حيث يقيم الرئيس المخلوع منذ تلك الأيام يبكي ملكا مضاعا لم يحافظ عليه مثل الرجال ولم تبك حزنه علي تلك النهاية حتي شوارع الدوحة النظيفة وخدمها وحشمها من العرب والعجم علي حد سواء وحسن ضيافة أهلها وقادتها الذين يحفظ لهم التاريخ العربي والدولي مزية شق طريق الاعلام الحر في العالم العربي.

 

مرت أشهر طوال علي الانقلاب العسكري الأبيض في موريتانيا سالت خلالها أودية بأقدار كبيرة من مياه الديمقراطية ومن الوعود التي جلبت اهتمام الشارع العربي الموريتاني المستقيل في منأي عن التدخل الخارجي المباشر استعدادا ليوم تشخص فيه أبصار الساسة الجدد وتتطلع فيه النخب الي ما ستفرزه صناديق الحق من ممثلي الشعب الموريتاني الذي انتظر طويلا حكم نفسه بنفسه عبر ممثلين له في أعلي هرم السلطة وفي برلمان يحرس التجربة الموريتانية الناشئة، فموريتانيا الفقيرة تحتاج التحام القمة بالقاعدة ليستأنف الموريتانيون حياة سياسية واجتماعية صعبة تستدعي أن تكون مصلحة موريتانيا الفقيرة والمتخلفة والتي ليست لها ثروات نفطية ولا منابع مائية ولا استثمارات عالمية يمكن أن تسمح لهذا الشعب المناضل بالاستكانة والركون الي الراحة ولا لقادته الذين نأمل أن تكون الدوافع الوطنية ومصالح موريتانيا العليا هي التي حركتهم نحو هذا الانجاز الذي وان عجزنا عن قول الحق فيه بحكم ولادة التجربة لتوها فان الواجب يدعو هؤلاء وهؤلاء الي أن يكونوا يدا واحدة علي الفقر والتخلف والظلم والحيف ونحن نعيش عصر ما بعد العولمة الذي لا حياة فيه للأموات.

 

(*) كاتب واعلامي من تونس يقيم في بريطانيا

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 26 أفريل 2006)


 

ضربة إيران القادمة

محمد كريشان

 

في كثير من الصياغات وحتي المفردات المستعملة هذه الأيام في الأزمة الحالية مع إيران ما يذكر بتلك التي استعملت خلال كل الأشهر التي سبقت العدوان علي العراق في العشرين من آذار (مارس) 2003، حتي لكأنك تشعر بأننا أمام نفس سيناريو (التسخين) المعتمد في تلك الفترة من تركيز علي رفض أي تكنولوجيا نووية في الشرق الأوسط، ناهيك عن أسلحة، عدا تلك التي تمتلكها إسرائيل، مع التباس مقصود أو ظرفي بين الدعوة إلي إزالة هذه الأسلحة وأي أسلحة دمار شامل وبين إزاحة النظام المشتبه في امتلاكها، مع التباس مماثل بين المراهنة علي التسوية الدبلوماسية، مع التهديد الدائم بمجلس الأمن الدولي وعقوباته، وبين احتمال اللجوء إلي الخيار العسكري.

ودونما إهمال لما عبر عنه الأستاذ محمد حسنين هيكل من مخاوف أن تلجأ واشنطن، ضمن عقلية المقامر الخاسر، إلي ضرب إيران تعويضا عن نكستها في العراق ومحاولة للنهوض بهيبة سقطت علي أرض الرافدين مع تأكيده في ذات الوقت علي أن الضربة العسكرية المفترضة تستلزم ضرب 400 هدف في وقت واحد، من مواقع نووية ودفاعات عسكرية، وهو أمر صعب الإنجاز برأيه، فإن الكثير من التقارير باتت تتحدث اليوم عن الانتقال الفعلي إلي بحث الخطط العملياتية الفعلية للضربة فقد أوضح الكاتب الأمريكي الشهير في مجلة نيويوركر سيمور هيرش الحائز علي جائزة بوليتزر، الجائزة الأكبر للصحافة في الولايات المتحدة، أن التخطيط الجاري حاليا يفوق مستوي ما يصطلح عليه خطط افتراضية يتم اللجوء إليها في حال الضرورة، فكل القوي العظمي لديها مخططات احترازية عديدة تحسبا للتعرض للهجوم في أي وقت أو مكان. فهذا النوع من المخططات كان دائما موجودا غير أن ما يحدث بالنسبة إلي المخططات الخاصة بإيران هو أنها بلغت، حسب ما قال، خلال الأشهر القليلة الماضية مستوي التخطيط العملياتي إذ إن هناك فعلا خططا محددة تم وضعها لضرب إيران.

ومع أن الرئيس بوش وصف بامتعاض ما ذهب إليه هيرش من احتمال توجيه ضربة نووية لإيران بأنه محض تكهنات إلا أن الكاتب الشهير بمصادره العليمة وجرأته لم يتردد، في مقابلة مع موقع (تقرير واشنطن) الإلكتروني، في القول إن المرحلة الآن وصلت إلي البحث عن الأهداف التي يمكن قصفها بالإضافة إلي تحديد نوعية الأسلحة التي يجب استخدامها وعددها والأماكن التي سيتم إسقاط تلك الأسلحة فيها، مشددا علي أن المسؤولين الأمريكيين دأبوا دوما علي مهاجمته من دون نفي ما يقوله.

ورغم أن طهران، بشهادة محللين كثر، أدارت حتي الآن أزمتها مع الولايات المتحدة بكثير من الحنكة فإن ذلك لا يغني في شيء عن ضرورة الحذر وبناء الحسابات علي أساس أن الضربة قادمة لا محالة فمن الأفضل دائما في هذه الحالات توقع الأسوأ والتأسيس عليه من المراهنات الخاسرات المتفائلة يمينا وشمالا. أول هذه المراهنات بلا جدال التعويل علي الموقفين الروسي والصيني فما جري في الحالة العراقية يغني عن أية إضافة، فضلا عن الإشارة إلي أن الرأي العام الإسلامي قد يزداد غضبا وتمردا بضرب طهران توقع لا يؤخذ دائما بالجدية التي يأملها أو يتوقعها البعض، كما أن التفكير الدائم في أن واشنطن قد لا تجازف، بعد كل ما جري بشأن العراق، بضربة جديدة لمصداقيتها تفكير قلما يصمد في الملمات الكبري رغم اهتمام واشنطن فعلا بالأمر ولكن ليس إلي حد التراجع عن خططها الاستراتيجية الكبري إكراما لهذه المصداقية التي لا يستنكف الأمريكيون أنفسهم في الإقرار باهتزازها الشديد.

عقلية المقامر التي قد يتحلي بها أصحاب القرار في البيت الأبيض هي فعلا ما يخيف الآن. وإذ ما علمنا مدي الغطرسة والرعونة التي ميزت تفكير وعمل هؤلاء فمن الأسلم من الآن أن نتخيل أن ضرب إيران هو قاب قوسين أو أدني من أن نركن لحسابات تستبعد الضربة إلي أن نصحو ذات ليلة علي أن الطامة حلت فعلا.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 26 أفريل 2006)

 


الاتفاقات الثنائية تعوّض « اتحاد المغرب العربي »!

جورج الراسي

 

رغم الزهد الليبي بكل أنواع العمل العربي المشترك لمصلحة الخيار الاقتصادي، إلا أن الجماهيرية التي ترأس « اتحاد المغرب العربي » منذ عام 1994، تاريخ توقف انعقاد قمم الاتحاد، تبذل قصارى جهودها هذه الأيام لإعادة الروح إلى ذلك التجمّع الخماسي الغارق في سباته العميق.

 

جرت محاولة أولى ناجحة في الرابع من آذار المنصرم حين دعت ليبيا وزراء خارجية دول الاتحاد ـ أو من يُمثلهم ـ إلى عقد اجتماع تشاوري على هامش الدورة العادية لمجلس وزراء الخارجية العرب المنعقدة في القاهرة في ذلك التاريخ. وخرج الاجتماع ببعض النتائج على الصعيد الاداري ازاء موضوع الترشيحات المغاربية للمناصب في بعض ـ المنظمات العربية والاقليمية.(تم تعيين الديبلوماسي المغربي المختار لماني رئيساً لبعثة الجامعة العربية في بغداد).

 

وجرت محاولة ثانية فاشلة حين حاول العقيد القذافي جمع الزعماء على هامش القمة العربية المنعقدة في الخرطوم يوم 28 آذار، وذلك بسبب غياب كل من (رئيس تونس وملك المغرب عن حضورها)، رغم المساعي التي كان قد بذلها موفده الخاص إلى العواصم المغاربية أحمد قذاف الدم يومي 20 و21 آذار.

 

لكن قصب السبق في التحركات المغاربية يرجع هذه الأيام إلى موريتانيا التي تسعى منذ انقلاب الثالث من آب الماضي إلى فك العزلة من حولها، واصلاح ذات البين مع الجيران كافة. فكانت أول زيارة رسمية يقوم بها العقيد علي ولد محمد فال رئيس « المجلس العسكري للعدالة والديموقراطية » خارج البلاد هي إلى الرباط في 21 تشرين الثاني 2005 (بعد زيارة خاطفة إلى غامبيا، ومُشاركة في قمة مجتمع المعلومات في تونس). وكانت العاصمة المغربية أول من أوفد المبعوث ياسين المنصوري، (رئيس الاستخبارات الخارجية، إلى نواكشوط بُعيد التغيير للاطمئنان إلى توجّهات النظام الجديد. ثم واصل ولد محمد فال تحركه فزار طرابلس في 24 تشرين الثاني 2005 والتقى العقيد القذافي لاعادة العلاقات التي كانت شبه مقطوعة منذ أن اتهم الرئيس المخلوع معاوية ولد سيد احمد الطايع كلاً من ليبيا وبوركينا فاسو بالوقوف وراء محاولتين انقلابيتين فاشلتين ضده في آب وأيلول من عام 2004، مما أدى حينها إلى انسحاب موريتانيا من « المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ». وتأمل نواكشوط الاستفادة من التمويلات الليبية، واعادة الشركة الموريتانية ـ الليبية للصيد البحري إلى النشاط.

واستئناف المصرف الموريتاني ـ الليبي نشاطه. وكان ولد فال قد زار قبل ذلك واغادوغو لتنقية الأجواء مع بوركينا فاسو كذلك.

 

أما مع تونس، فقد انعقدت الدورة الرابعة عشرة للجنة العليا المشتركة التونسية ـ الموريتانية في تونس في 21 شباط المنصرم، بحضور رئيسي وزراء تونس محمد الغنوشي، وموريتانيا محمد ولد بكر. وتم التوقيع على ثلاث اتفاقيات واربعة برامج تنفيذية في مجالات الصناعة والطاقة والسياحة. وكان الغنوشي قد زار قبل ذلك نواكشوط حاملاً رسالة من بن علي إلى نظيره الموريتاني.وفي 16 آذار الماضي انهت « اللجنة المشتركة الكبرى الموريتانية ـ الجزائرية » أعمال دورتها الخامسة عشرة في العاصمة الموريتانية برئاسة رئيس الحكومة الجزائرية أحمد أويحي، والوزير الأول الموريتاني سيدي محمد ولد بو بكر بترسانة واسعة من الاتفاقيات والمعاهدات، لعّل أبرزها التوقيع على بروتوكول العمل لترميم مصفاة النفط في نواديبو وتشغيلها، وهي المصفاة التي دُشنت عام 1985بالتعاون بين البلدين، اضافة إلى التعاون في ميدان التكوين، وفي مجالات اجتماعية وتربوية وثقافية واقتصادية وتجارية وصل عددها إلى 30 مجالاً.

 

وتعتّز الجزائر بأنها ساهمت بتكوين أكثر من ستة آلاف إطار موريتاني في جامعاتها التي ما تزال تحتضن اليوم أكثر من ألف منهم. وشمل البحث ايضاً التعاون الأمني نظراً للأحداث الأخيرة التي نفذتها جماعات مُسلّحة عابرة للحدود.وكان وفد عسكري جزائري برئاسة الجنرال عمار عمراني القائد المساعد للقيادة العامة للجيش، قد زار موريتانيا أواخر العام الماضي، والتقى وفداً من اركان الجيش الموريتاني برئاسة العقيد سيدي محمد ولد الشيخ ولد العالم عضو المجلس العسكري ومساعد القائد العام، كما اجتمع مع رئيس الوزراء وزار نواكشوط كذلك كلٌ من رئيسي السنغال، ومالي خلال شهر شباط الفائت.

 

اما القفزة الأخرى المهمة في العلاقات الثنائية بين الأقطار المغاربية فقد تمت بين الجزائر وتونس في اعقاب انعقاد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين يومي 15 و16 شباط الماضي، برئاسة رئيس الوزراء أحمد أويحي ومحمد الغنوشي. وكانت المبادرات التجارية بين البلدين قد حققت عام 2005 رقماً يتجاوز 255 مليون يورو، أي بزيادة قدرها 80 في المئة عن العام 2004. وتنوي الجزائر الدخول بقوة الى قطاع الطاقة في البلد الشقيق.

فشركة « نافتال » الجزائرية (فرع سوناطراك في مجال التوزيع) تنوي شراء 35 في المئة من شركة توزيع النفط التونسية. كما تهتم الجزائر بمشروع بناء مصفاة في مصب « صخيرة » التونسي على المتوسط، والمساهمة في رأس مال شركة نقل النفط عبر الصحراء (ترابسا) التي تُدير خطاً طوله 775 كلم ينقل نفط الجنوب الجزائري وحقل بورما التونسي الى المتوسط. وأهم من ذلك كله مشروع زيادة طاقات خط الأنابيب العابر للمتوسط (ترانسمد) ـdemdsnarT ـ الذي ينقل منذ عام 1984 الغاز الجزائري إلى ايطاليا عبر تونس وقناة صقيلية. فقد اتفقت الشركة الجزائرية سوناطراك مع شركة « ايني » inE الايطالية على رفع طاقة الخط من 27 إلى 33.5 مليار متر مكعب على مرحلتين تنتهي الأولى عام 2008، والثانية عام 2012، مما يعني زيادة عائدات تونس من حق المرور. كما أن السياحة ناشطة ولو باتجاه الجزائر ـ تونس فقط، اذ زار تونس العام الماضي 931 ألف جزائري. وقد دشّن الرئيس بن علي في 20 شباط الماضي الشطر التونسي من الطريق السريع الذي سيربط البلدين. وهنالك رحلة جوية يومية بين الجارين.

ولم تغفل تونس توطيد علاقاتها مع المغرب حيث إن الوزير الأول التونسي زار الرباط، واجتمع مع الملك محمد السادس، ورأس جلسة عمل مع نظيره ادريس جطو لتعزيز التعاون، أواسط شباط الماضي، وانتقل من هناك إلى نواكشوط للاجتماع مع العقيد ولد فال في 20 من الشهر ذاته.

 

كما اجتمعت اللجنة العليا التونسية ـ الليبية لتنشيط المشاريع المشتركة بين البلدين.

تبقى نقطة سوداء واحدة في هذه اللوحة الوردية هي العلاقات المغربية ـ الجزائرية التي تجثم عليها عقدة الصحراء الغربية.

 

(المصدر: صحيفة « المستقبل » اللبنانية الصادرة يوم 26 أفريل 2006)


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.