TUNISNEWS 6 ème année, N° 2033 du 15.12.2005
بيـان مشترك حول تأسيس « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » نقابة الصحفيين التونسيين: بيان الصباح: مداولات مجلس المستشارين حول ميزانية الدولة لسنة 2006 الحكم عادل زهمول لـ«الصباح»: «نعم رفعت قضية عدلية ضد أحمد القروي وأخرى ضد الصحفي سامي العكريمي من قناة حنبعل» موقع الجزيرة.نت: الجزائر تحتفل بالذكرى 600 لوفاة ابن خلدون نورالدين الخميري: نعم لوحدة جادّة وتحرّك مشترك د منصف المرزوقي : هل انتهى المشروع الديمقراطي العربي ؟ حسين المحمدي: الكتاب الجديد للصادق شعبان محمد العروسي الهاني: مناقب وخصال الزعيم الحبيب بورقيبة وبصماته وانجازاته شاهدة وقائمة ولن تمحى من الذاكرة الشعبية (الحلقة الثالثة) نصر الدين اللواتي: في مواجهة جبال الممانعة الرَّسمية والشَّعْبـويّة: الموسيقار محمد القرفي… آخر الرافضين « ضو مسكين » يروي لـ »العربية. نت » تصديه لترحيل أئمة مساجد بفرنسا د. بشير موسي نافع: في مسألة الجزيرة : عندما يتحول النجاح الي مطاردة السيد ولد أباه : محنة الليبراليين العرب محمد صادق الحسيني: ثلاثية «المال والقوة والمعلومات» بين «الشمال» و «الجنوب» حسين المحمدي: « مجازر عربية يومية بدم بارد .. أنموذج تونس » (الحلقة 19 )
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows). |
بيـــــان للرأي العـــــــــام
على إثر إطلاعنا على البيان الصحفي الذي يعلن عن تأسيس « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » رأينا من الضروري تقديم الملاحظات التالية للرأي العام :
أولا : لقد كنا ساندنا المضربين في تحركهم حول المطالب المرفوعة رغم التحفظات التي عبرنا عنها بكل وضوح والمتمثلة في مشاركة « حركة النهضة » والغموض الحاصل حول علاقة هذا التحرك بالتعويل على الضغط الخارجي الرسمي ومن ذلك « مشروع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا « .
ثانيا : إن المواقف التي عبرنا عنها داخل لجنة المساندة وعلى المستوى الجهوي أكدت على أننا لسنا بصدد القيام بعمل جبهوي بل نحن نساند مطالب رفعها المضربون وإن خطوة موالية لا تلزمنا ولا نقبل ان توظف مساندتنا لأي غرض كان .
ثالثا : لقد وضح البيان الصحفي بما لا يدع مجالا للشك أن الإضراب تم الإعداد والتخطيط له بالإتفاق التام بين الحركة الديمقراطية واليسارية وحركة » النهضة » على عكس ما كنا سمعناه من تصريحات وأن « هيئة 18 أكتوبر » ليست إلا إعلان عن هذا التحالف الصريح بين جميع هذه الأطراف .
وعلى هذا الأساس نؤكد أن هذا التحالف الجديد لن يقدم بالحريات الديمقراطية بل يمثل خطرا جديدا عليها لأنه يبث الوهم حول ديمقراطية « حركة النهضة » ويلعب دور الوسيط من أجل إشراكها في الحياة السياسية وفي السلطة كما يروج له « مشروع الإصلاح الأمريكي ــ الأوروبي » .
كما نؤكد أن حماية مكاسبنا الوطنية والثقافية و الإجتماعية و الحضارية و أن النهوض بالحياة السياسية في بلادنا والدفاع عن الحريات والديمقراطية وسن القوانين الحامية لها لا يمكن ضمانه إلا بتكتل كل القوى المؤمنة بالعقلانية وبالإعتماد على القوى الذاتية والوطنية ويرفض أي محاولة لفرض اختيارات من الخارج تحت أي عنوان كان وعلى التعاون مع قوى المجتمع المدني التقدمي والديمقراطي محليا وإقليميا لمزيد تطوير النضال المشترك ضد مخاطر العولمة المتوحشة والغازية .
تونس في 12 ديسمبر 2005
1) محمد الكيلاني
2) محمد سيدهم
3) طارق الشامخ
4) حبيب بوعون
5) رشيد قاسم
6) المنصف الشريقي
7) جمال الشريف
8) عبد المجيد الحواشي
9) منير خير الدين
10) علي سيدهم
11) ساسي نوير
12) ماهر بن علي
13) عادل مبروك
14) عادل العلوي
15) أحمد زايد
16) فاروق الكوكي
17) فرحات الرداوي
18) عبد القادر الحمدوني
19) عبد السلام العوني
20) عبد القادر العلاقي
21) لطفي المعروفي
22) نجيب العكرمي
23) العوني الصغروني
24) فيصل الدالي
25) عمران الحامدي
26) العمري الزواوي
مــــداولات مجلـــــس المستشاريــــن حـــــول ميزانيـــــــة الدولـــــــة لسنــــــــة 2006
المصادقــة علــى ميزانيــات وزارات العــدل والشــؤون الدينيــة وأمــلاك الدولـــة
إعادة هيكلة قطاع المحاماة.. تطوير الخطاب الديني.. مزيد العناية بالمساجد والقائمين عليها وتسوية الوضعيات العقارية
باردو – الصباح: صادق مجلس المستشارين اول امس على ميزانيات وزارات العدل وحقوق الإنسان والشؤون الدينية واملاك الدولة والشؤون العقارية لسنة 2006 وقد تم ضبط نفقات التصرف والتنمية لوزارة العدل وحقوق الانسان في حدود 174.005 مليون دينار وتتوزع هذه النفقات على نفقات التصرف 145.550 مليون دينار ونفقات التنمية 28.455 مليون دينار.
وضبطت نفقات التصرف والتنمية لوزارة الشؤون الدينية لسنة 2006 في حدود 38.244 مليون دينار وهي تتوزع على نفقات التصرف 37.251 مليون دينار ونفقات التنمية 0.993 مليون دينار.
وضبطت نفقات التصرف والتنمية وصناديق الخزينة لوزارة املاك الدولة والشؤون العقارية لسنة 2006 في حدود 30.073 مليون دينار وتتوزع على نفقات التصرف 17.098 مليون دينار ونفقات التنمية 6.475 مليون دينار والحسابات الخاصة في الخزينة 6.500 مليون دينار.
تغطية: سعيدة بوهلال
أكد أعضاء مجلس المستشارين خلال النقاش على أهمية حقوق الإنسان في التشغيل والغذاء والتعليم والصحة التي بدونها لا معنى لحق التعبير وللمواطنة التي هي من أهم حقوق الإنسان.
ونوه محمد حسين فنطر بما تقوم به وزارة الشؤون الدينية من تفتح وتأصل وحوار وتعرف على ديانات الآخر.. ثم ما تقوم به من احاطة بالجالية التونسية بالخارج والتعريف بالديانات المنتشرة في بلدان الإقامة.
أما زينب عبد الخالق فسألت عن مدى تطور تسجيل العقارات وعامل التأخير في التسجيل العقاري. كما تساءلت عن تنفيذ الأحكام وطالبت بمراجعة التشريع في هذا الصدد خاصة تلك الأحكام الصادرة ضد الإدارة.
إعادة هيكلة قطاع المحامين
ويقول فيصل التريكي إن المحامين يتطلعون إلى مزيد من الإصلاحات في التغطية الإجتماعية وأن عددا كبيرا منهم يرغبون في هذا الأمر ودعا الى توسيع تدخل المحامي بالنسبة للشركات التي يتعدى رأسمالها مقدارا معينا.. وذكر أن هيكلة المحاماة لم تعد تتماشى مع عدد المحامين مقترحا الاسراع ببعث الفروع الجهوية للمحامين وإعادة هيكلة القطاع اما باعتماد تعدد الهيئات أو مراجعة التمثيلية والعمل بطريقة الناخبين الكبار. ولاحظ وجود نقص في العنصر البشري من قضاة وغيرهم في جل المحاكم مقترحا الرفع من ميزانية وزارة الاشراف والقيام بعملية تأهيل شاملة للعدلية.
تطوير البرامج الدينية
ولاحظ الشاذلي القليبي أن الكثير من المساجد في حاجة أكبر للعناية بالناحية الجمالية ونبه إلى ضرورة الفصل الكامل بين قاعة الصلاة وبقية المرافق وذكر أن مضخمات الصوت لا يجب أن تقتحم المنازل.. ولاحظ أن التلاوات تركز على الأسلوب الشرقي وأهملت اللسان التونسي على غرار تلاوات الشيخ البراق.. وقال إن منحة الأئمة الخطباء زهيدة جدا مقارنة بتكاليف التنقل والمصاريف الأخرى.. وبين أن الإذاعة والتلفزة تنقل بعض الأحاديث الدينية وحبذا أن تتوجه إلى الشباب بأسلوب يستميلهم خاصة وأننا في عصر اختلطت فيه الأمور. وتحدث عن كتاب التحرير والتنوير للشيخ الطاهر بن عاشور وقال إنه جدير بالعناية ولكن الطبعة الأخيرة من هذا الكتاب القيم فيها أخطاء كبيرة وهو في حاجة إلى شروح خاصة.
تساءل إلياس القذومي عن تسوية الأراضي الاشتراكية ببعض الجهات التي أعاقت النشاط الفلاحي.
ودعا رضا الملولي الى مراقبة الخطب الدينية ولمزيد فتح السجون أمام الزوار واحترام هيبة القضاة وتطبيق القانون مع من تخول له نفسه بالمس من هيبته القضاء».
العقوبات البديلة
سأل فؤاد الحوات عن العقوبات البديلة وعن مكانتها في المنظومة القضائية. مستفسرا عن مدى صحة ما يروج عن أن الهيئة الوطنية للمحامين اقترحت قبول تمويل أجنبي لانشاء معهد المحاماة.
ولاحظت شاذلية عثمان أنه تم في المدة الأخيرة تحسن ظروف الإيقاف في مراكز الأمن وتساءلت عن إمكانية زيارة الموقوف من قبل عائلته..كما تساءلت إن كان سيقع تركيز محكمة ناحية بكل معتمدية
وتعرض المستشار مصطفى بوعزيز عن حماية السدود داعيا الى حمايتها بأسلاك شائكة لكي لا تدخل إليها الحيوانات الوحشية وتموت فيها وتصبح سامة.. كما تساءل عن الهياكل المكلفة بنزاعات الدولة وإن كان الوقت قد حان لتكوين إدارات جهوية لحفظ حقوق الدولة.
تسوية الوضعيات العقارية
واستفسر المستشار محمد حميدات عن وجود حل لمواطنين كانوا قد اشتروا أراض في الماضي لكن ليس لهم عقود ملكية. ولاحظ العناية ببيوت الله لكن هناك جهات تشكو من نقص في الأئمة. توجه مبروك البحري بمقترح يتعلق بتكثيف نسق شركات الإحياء. كما تحدث عن ظاهرة تجزئة المستغلات واقترح وضع خطة لدراسة معمقة للمناطق السقوية للحد من التشتت خاصة وأن هذه الأراضي ستساهم بخمسين بالمائة من الإنتاج الوطني.
دعا عبد الحميد الباش إلى تدعيم حصة بعض الجهات من الحجيج وتساءل عن خطة إعادة هيكلة الأراضي الدولية.
وذكر محمد جلال الرويسي أن عملية بيع الأراضي تعد من أهم مداخيل البلديات لذلك طالب بتسوية وضعيات هذه البلديات.
وأبرز عماد الدين شاكر أن القانون التوجيهي المتعلق بالأشخاص المعوقين هام لكن الكفيف التونسي يحتاج إلى كفيلين عند التعريف بالامضاء وقال «نريد أن يكون المكفوف مسؤولا عن نفسه كما هو حال الكفيف في جل بلدان العالم».. كما طالب بالنظر في وضعية القائمين ببيوت الله لأنهم في حاجة إلى مزيد الرعاية والتحسين في ظروف عيشهم وعيش عائلاتهم عند الوفاة والعجز.
واقترح عبد الرزاق السماطي بعث لجنة جهوية مختصة لمصالح أملاك الدولة لتسوية الوضعيات العقارية للكثير من التجمعات السكنية.
صلاحيات أكبر
تسائل الطيب اليعقوبي عن امكانية إعطاء الإدارة الجهوية للشؤون العقارية صلاحية النظر في بعض الملفات أو البت فيها كالإجراءات الخاصة بتخصيص قطع الأرض.
ولاحظ محمد بن سدرين أن بعض العمال يجعلون من عملية طردهم من المؤسسات التي يشتغلون بها عمليات تجارية يرتزقون بها لأنه مع كل عملية طرد يحصلون على منحة وذكر أن أصحاب المال والأعمال يشتكون من هذه الوضعية فقاضي العرف يعتبر أن العامل هو الطرف الضعيف والمؤسسة هي الطرف القوي واقترح تنظيم ملتقى يشمل قضاة العرف لإدخال شيء من المرونة في القضاء العرفي.
وبين يونس المناعي أن هناك مؤسسات وجدت صعوبات في تمويل عقاراتها وهو ما يتطلب إتمام عمليات تملكها للأراضي المقامة عليها.
واقترح عمر القصري تنظيم ملتقى دوليا لحوار الحضارات والأديان.
وذكر العيد الطرابلسي أن هناك من أبناء الجالية التونسية بالخارج من فوجئوا عند عودتهم إلى أرض الوطن بايقافهم نظرا لأنهم لم يسددوا خطايا مالية سابقة ودعا إلى إيجاد حل لهذه المشكلة.
وتساءلت منية السنوسي عن عدد شركات التنمية الفلاحية.
ولاحظ عبد الستار قريسة أن هناك بلديات انتزعت في السابق أي قبل صدور قانون 1995 الذي يمنع الدولة من التفويت في أراضيها للخاص، انتزعت أراض من المواطنين وعوضتهم أخرى على ملك الدولة لكن بعد صدور القانون تم إعلام أصحاب تلك الأراضي بأن الاراضي التي يقطنون فيها ليست على ملكهم.
تحدث سمير المغراوي على وضعية المستشارين الجبائيين ودعا لضرورة تحسينها ودعا لمزيد الاهتمام بالاعلام الديني.
تساءل منير المؤخر عن مدى تقدم عملية تحيين السجل التجاري وبينت نعيمة خياش أن إلحاق القضاة بعد التقاعد بسلك المحاماة فيه منافسة للمحامين وتساءلت لماذا لم يقع تطبيق القانون الذي يخول للمحامين بعد عشر سنوات ممارسة مهنة القضاء.
وذكر أحمد الخزري أن مشهد الطوابير التي يقف فيها المعنيون بالحصول على الإعانات غير لائق واقترح إيصال تلك الإعانات إلى منازلهم ودعا لتطبيق المناشير التي تمنع التسول.
ودعت آمنة صولة بفرض وجوه تونسية لها مساهمات مشرفة في الدين الإسلامي على الساحة الإعلامية الدولية وبإعادة بعض الحقوقيين الى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 15 ديسمبر 2005)
جلول الجريبي رئيسا للمجلس الإسلامي الأعلى
سمي السيد جلول الجريبي رئيسا للمجلس الإسلامي الأعلى برتبة وامتيازات وزير وقد باشر مهامه منذ غرة ديسمبر الجاري. ويذكر أن السيد جلول الجريبي شغل منصب سفير تونس بقطر إلى غاية تعيينه.
دعم التنشيط الترفيهي للطلبة
في إطار دعم التنشيط الثقافي والترفيهي للطلبة المقيمين بالمبيتات والأحياء الجامعية، مكن ديوان الخدمات الجامعية للشمال مؤخرا الطلبة من حضور عرضين مسرحيين بفضاء المسرح البلدي بالعاصمة. علما أن وزير التعليم العالي شارك الطلبة حضور احد العرضين يوم الأحد الماضي.
تصدير زيت الزيتون
شهدت عمليات تصدير زيت الزيتون خلال هذه الفترة الاولى من موسم جني الزيتون نسقا هاما كان حسب مصادر مطلعة بوزارة الصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة تصاعديا من اسبوع الى اخر. واشارت هذه المصادر الى ان الكميات المصدرة قد كانت اكثر من ضعف ما تم تصديرة خلال هذه الفترة من السنة الفارطة. وينتظر ان يتم تصدير اكثر من 130 الف طن من الزيت خلال الموسم الجاري.
حصّة تذوّق
قام وزراء الفلاحة والتجارة والبيئة بالاضافة إلى رئيس مجلس المستشارين بتناول قطع من الدجاج وبعض مشتقاته في «حصّة تذوّق» نظمتها وزارة الفلاحة في بهو مجلس المستشارين بمناسبة مناقشة ميزانية هذه الوزارة. وقد عمل النواب بالمثل حيث تناولوا قطعا من الدجاج مستحسنين هذه المبادرة التي تأتي في سياق تحسيس المستهلكين على استهلاك هذا الصنف من اللحوم البيضاء.
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 15 ديسمبر 2005)
التركيبة الجديدة للمجلس الأعلى للاتصال
في ما يلي التركيبة الجديدة للمجلس الأعلى للاتصال:
رئيس : يوسف علوان
أعضاء :
– محمد حمدان
– محمد قنطارة
– امنة صولة
– نورالدين بوطار
– محمد محجوب
– عبد الرحمان كريم
– صلاح الدين التوكابرى
– حمادى بن حماد
– هشام الحاجي
– العروسي النالوتي
– عبد الملك العبيدى
– سعيدة الرحموني
– ابراهيم الوسلاتي
– الياس بن مرزوق
– معز الصوابني
– رئيس موءسسة الاذاعة والتلفزة التونسية
– المدير العام للوكالة التونسية للاتصال الخارجي
– الرئيس المدير العام لوكالة تونس افريقيا للانباء
– رئيس جمعية مديرى الموسسات الصحفية التونسية
– رئيس جمعية الصحافيين التونسيين
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 15 ديسمبر 2005)
الحكم عادل زهمول لـ«الصباح»:
«نعم رفعت قضية عدلية ضد أحمد القروي وأخرى ضد الصحفي سامي العكريمي من قناة حنبعل»
رئيس النادي البنزرتي نوّه بي بالأمس القريب … والآن يتهمني بالرشوة بسبب ضربة جزاء لم تثبت صحتها!
الجزائر تحتفل بالذكرى 600 لوفاة ابن خلدون
أحمد روابة – الجزائر
تقيم ولاية تيارت غربي الجزائر على امتداد سنة 2006 سلسلة من النشاطات والفعاليات الثقافية والفكرية تخليدا للذكرى 600 لوفاة العلامة عبد الرحمن بن خلدون.
وأفاد مصدر من وزارة الثقافة الجزائرية بأنه تمت برمجة عدد كبير من الملتقيات والندوات والمهرجانات الثقافية والفكرية الدولية بمدينة فرندة، التي اعتكف بن خلدون سنوات بإحدى مغاراتها المعروفة لتأليف كتابه الشهير « المقدمة »، ليخرج إلى البشرية بأكبر وأهم إنتاج في تاريخ الحضارات وعلم الاجتماع.
وينتمي ابن خلدون كما يعرف هو نفسه إلى عائلة نزحت من الأندلس واستقرت بمنطقة المغرب العربي، عرف بشغفه بالعلم والسفر، واهتمامه الكبير بنظم الحكم. وقد قربه عدد من أمراء وسلاطين المغرب منهم حيث عمل مستشارا، كما استعمل قاضيا في القاهرة لنبوغه وتفوقه في علوم الشريعة، وذيوع صيته في كل العالم الإسلامي في ذلك الوقت.
فلسفة التاريخ
ويقول المؤرخ البريطاني البارز أرنولد توينبي إن ابن خلدون قدم للفكر البشري فلسفة للتاريخ تعد أعظم عمل لم يسبق أن أنجزه عقل بشري، في أي زمن وأي مكان من قبل. كما أثبتت الدراسات والأبحاث المعاصرة علاقة الأعمال التي قدمها عظماء علم الاجتماع السياسي وفلسفة التاريخ المباشرة بما توصل إليه ابن خلدون في المقدمة.
من ناحية ثانية تتذكر مدينة فرندة إلى جانب الاحتفاء بذكرى وفاة ابن خلدون المفكر الفرنسي والمستشرق الكبير جاك بيرك، الذي ارتبط اسمه بالمدينة التي ولد فيها سنة 1910 وقدم هو الآخر أعمالا جليلة في الثقافة والحضارة العربية الإسلامية، من بينها كتبه « العرب والإسلام ونحن »، و »الغرب العربي بين الحربين » و »الإسلام أمام التحدي ».
وسيقوم مسؤولون بالمدينة باستلام الجزء الثاني من محتويات مكتبة بيرك الشخصية التي أوقفها قبيل وفاته على المدينة التي احتضنته، حيث ينتظر أن تقوم جمعية أصدقاء جاك بيرك التي يرأسها الوزير الفرنسي السابق جون بيار شوفانمان، بتسليم العهدة القيمة إلى المدينة الأسبوع القادم.
(*) مراسل الجزيرة نت
(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 14 ديسمبر 2005)
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
نعم لوحدة جادّة وتحرّك مشترك
انتهى إضراب الجوع الذي شنّه ثمانيّة من قادة الأحزاب الوطنيّة والمجتمع المدني وانتهت معه القمّة العالميّة لمجتمع المعلومات وكان متوقّعا لدى الكثير من المتابعين للشأن التونسي أن تقدم السّلطة على بعض الإجراءات للتخفيف من حدّة التوتّر وحالة الإحتقان خاصّة وقد كان للأحداث الأخيرة المتمثّلة في حركة 18 أكتوبرـ والتي سبّبت صدمة قويّة للأجهزة الرّسميّة ـ أثر مباشر على تفاعلات السّلطة مع الواقع ولا ينبغي النظر هنا إلى المحاولة الرّسميّة بتكليف زكريا بن مصطفى رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان و الحرّيات التابعة لرئاسة الجمهوريّة للتباحث والإستماع لتطلّعات الأحزاب السيّاسيّة ومكوّنات المجتمع المدني المعترف بها بخصوص موضوع الحرّيات في تونس إلاّ من باب تلميع الصّورة لدى المجتمع الدّولي.
و ما شهدته السّاحة الوطنيّة هذه الأيّام من اعتداءات فظيعة من قبل عناصر مجهولة على بعض الوجوه السيّاسيّة كحالة السيّد الهادي التريكي والسيّد الحبيب بوعجيلة عضو المكتب السيّاسي للحزب الدّيمقراطي التقدّمي والشّاعر التّونسي منصف الوهايبي إضافة إلى تعيين محمّد علي القنزوعي كاتب دولة مكلّفا بالأمن الوطني إلاّدليلا على استمرار حالة الإنغلاق والتصلّب برغم حالة التخبّط والإرتباك التي تعيشها السّلطة والتي ظهرت ملامحها عبرالإعتداء على مراسل ليبيرسيون السيّد كريستوف لوننسكي ومضايقة الفريق التابع لشبكة أرـ تي ـ بي ـ أف التلفزيونيّة البلجكيّة أضيف لذلك قطع التلفزيون الرّسمي للبث المباشر لكلمة رئيس الكنفدراليّة السويسريّة صامويل شميت في الجلسة الإفتتاحيّة للقمّة العالميّة لمجتمع المعلومات لدى تعرّضه لقضايا الحرّيات وحقوق الإنسان في تونس.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن كيف يمكن مواجهة هذا الوضع أو بصورة أخرى ما المطلوب منّا فعله؟
إنّ المراهنة على المعارضة السيّاسيّة في تونس لإحداث تغيير حقيقي في البلاد لم يعد مطروحا اليوم لاعتبارات نحن في غنا
لطرحها الآن بل المرحلة تحتاج إلى إرادات وطنيّة صادقة تعمل على إتجاهين :
ـ إتجاه إعلامي يفضح انتهاكات السلطة وسياساتها في الدّاخل والخارج
ـواتجاه ثاني يعمل على تحقيق المطالب الملحّة والتي غدت مطالب وطنيّة كإطلاق سراح المساجين وحرّية التنظم والإعلام والصحافة يضاف لذلك دفع حركة الشارع وردّ الإعتبار له للقيام بدوره لأنّ المراهنة على دور النخبة وحدها دون الإعتماد على طاقات المجتمع الفاعلة يبقي حركة الإحتجاج منقوصة لا بل لا تستطيع أن تحقّق إصلاحات كافية ترتقي لمستوى تطلّعات الجماهير .
إنّ مقاومة تغوّل الدّولة يقتضي منّا برغم اختلاف ألواننا السيّاسيّة ومراجعنا الفكريّة التلاقي والتعاون والتضامن ضمن عمل جبهوي مشترك ووفق خطّة ومنهج واستراتيجيّة ناجحة بعيدا عن الصراعات الهامشيّة والجانبيّة التي لا تزيدنا إلاّ تمزيقا وإضعافا ذلك أنّ الجرح في مجتمعنا اليوم عميق ولن يشفيه الإكتفاء بوضع الضمائد بل يحتاج إلى معالجة حقيقيّة تتمثّل في مقاومة كلّ مظاهرالحيف والإستبداد.
ومن المؤكّد أنّ النّجاح في محاربة إستبداد الدّولة يؤدّي حتما إلىالقضاء على الجهل والتخلّف والتخلّص من الإذلال والخضوع ويمهّد لعمليّة الإبداع والخلق والإبتكار ومسايرة العصر بعيدا عن إطار التبعيّة والإلتحاق والذوبان.
وإذا كانت سلطة 7 نوفمبرتفتخر بجلاّديها ومخابراتها وأجهزتها الأمنيّة فإنّ تونس الزّيتونة تبقى الأقوى بتاريخها ورجالها .
فهل ينجح أبطال تونس في بناء مستقبل جديد يعيد الإعتبار لكرامة الإنسان ويحقّق تطوّر نوعي للنّظام السيّاسي والإجتماعي بالبلاد؟؟
نورالدين الخميري ـ بـــون
ألمــــانيا
هل انتهى المشروع الديمقراطي العربي ؟
د منصف المرزوقي
لا يستطيع كل من يتابع صيرورة المشروع الديمقراطي العربي الذي انطلق في السبعينات أن يقاوم انطباعا بأن هناك لعنة تصاحب هذا المشروع كأن كل قوى السماء والأرض تضافرت لإجهاضه . حقا تواصل فكرة التقدّم تسميم فكرنا حيث يعتقد الديمقراطيون- مثلما اعتقد يوما القوميون والاشتراكيون واليوم الإسلاميون(تتغير أشكال الإيمان و الحاجة واحدة ) أن ما يترجون وما يسعون إليه قدرنا « الحتمي ». إلا مثل هذا التفاؤل لا يمكن أن يخفي أن الرياح تجري بما لا تشتهيه السفن وأن المشروع العربي انطلق وتواصل بسوء طالع متين .
ففي أوروبا الشرقية وأمريكا الجنوبية وبعض بلدان آسيا ، التي كانت هي اٍلأخرى ترزح تحت أنظمة استبدادية كالتي تعاني منها أمتنا، تقدمت الديمقراطية بسهولة لأنها كانت البديل الوحيد . فلم يكن فيها حركات تتوجه لأحشاء الجماهير لدعوتها إلى الأرثوذكسية أو للكاثوليكية أو البوذية السياسية. أما الحركة الديمقراطية العربية فقد وجدت نفسها من البداية في تنافس مع غريم قوي وموجود على الساحة قبلها ويعتبر نفسه هو البديل الوحيد المؤهّل لوراثة الاستبداد، جاهلا أو متجاهلا أن سبب فشل الوطنية والقومية والاشتراكية لم يكن نتيجة نقص في نبل الأهداف وإنما نتيجة تدنيس كل هذه الأهداف بالاستبداد…..وأن هذا بالضبط ما ينتظر أي حلّ ولو كان الإسلامي لأن نفس الأسباب تؤدي دوما لنفس النتائج.
وعلى امتداد الوطن العربي لم يوجد نظام واحد له من سعة الأفق ومن الوطنية ما يجعله يبادر بإصلاح نظام سياسي أصبح واضحا أنه عبء ثقيل على الشعب. على العكس من هذا واجهت كل الأنظمة مطالب الإصلاح الديمقراطي بمزيد من التصلّب والقمع أو بالتسويف والمماطلة أوالتزييف المفضوح.
ومما زاد الطين بلّة أن كبرى الدول الغربية التي كانت حليفة للمشروع الديمقراطي في أوروبا الشرقية و أمريكا الجنوبية وآسيا ،لعبت ولا تزال على العكس دورا بالغ السلبية في ضرب المشروع العربي عبر آليتين مختلفتين .
فطوال السبعينات كانت السياسة الأوربية والأمريكية تتعامل دون عقد مع كل الدكتاتوريات العربية بدأ بدكتاتورية صدّام غير عابئة بولادة وتطور المجتمعات المدنية وتطلعاتها . لقد سكتت الإدارة الأمريكية عن تطلعات المجتمعات المدنية العربية دهرا ثم نطقت كفرا. فهي حين انتبهت لصحة ما قلناه دوما أن الاستبداد هو أب الإرهاب تصرفت بكيفية خرقاء دعمت كليهما .
إن كل تقييم موضوعي نزيه لاحتلال العراق على دمقرطة حقيقية في العالم العربي لا يمكن إلا أن يلخّص في المثل العامي » جاء يطبها ( العين) فعماها.
لقد شكّل التدخل الأمريكي، سواء عبر هذا الاحتلال أو عبر إرادة فرض الحل الشرق الأوسطي الكبير، أكبر ضربة للخيار الديمقراطي وأكبر دعم للخيار الإسلامي و الإرهابي . إن احتلال عاصمة عربية لها مكان خاص في المخيال العربي وما تقدمه شاشات التلفزيون كل مساء من صور الخراب والدمار والفوضى و الفساد والطائفية ، كل هذا باسم فرض الديمقراطية، إضافة لملفات أبو غريب وقوانتنامو ومشروع ضرب الجزيرة وصكّ البراءة للقذافي…. جملة الأسباب التي أدت إلى الصورة المشبوهة للديمقراطية في قلوب وعقول عامة الناس، لأنه يصعب في السياسة أن تفصل الأفكار والقيم عن الممارسات وخاصة عمنّ نصبوا أنفسهم حماة لهذه القيم.
لا شكّ أن انهيار صورة الديمقراطية من بين الأسباب التي تعطي للإسلاميين أينما توفّر الحد الأدنى من الحرية الانتخابية القدرة على احتلال المواقع وتهميش القوى التي ناضلت من أجلها.
وبالطبع يزيد أمر كهذا من قلق قطاعات واسعة من هذا المجتمع المدني وكم من مجموعات داخله لا تجاهر بالأمر لكنها بصدد مراجعة حساباتها حول جدوى ديمقراطية تحمل لسدة السلطة الإسلاميين مفضلة بقاء دار لقمان على حالها .
لكن أخطر ما في مأساة مشروعنا ما فضحته الانتخابات المصرية الأخيرة من تصرفات كانت إلى حدّ الآن مجهولة العمق والانتشار.
إن الديمقراطية في جوهرها قبول بالتعددية وبحقّ المخالف في الرأي في الوجود .هي حرب سلمية تستبدل فيها الأسلحة بالكلمات وتصطف الجيوش المتحاربة عشية الانتخاب لتحصي قواها فينصرف المهزوم ورأسه فوق كتفيه ويتولى المنتصر دون أن يكلفه النصر قطرة واحدة من الدم . لكن أن نرى في مصر – وبصفة أفظع في العراق- السكاكين والسيوف والهراوات كأداة انتخابية فمعناه أن جوهر الديمقراطية غائب وأن هذه الانتخابات لا علاقة لها بها أصلا. أضف إلى هذا المهازل التي رأيناها في الانتخابات المغربية واللبنانية حيث يشكّل المال والإشهار والديماغوجية وسائل شبه طبيعية للفوز بالمقاعد البرلمانية وكأنها كعكة يجب دفع جزء من ثمنها للناخب لاستردادها يوما قريبا من نفس الناخب عبر وسائل أخرى. إن البرلمانات التي تنتجها مثل هذه المهرجانات الاستعراضية التي يكذب فيها كل واحد على كل واحد، هي من دون شكّ أقل تنظيمات الدولة تمثيلية وفعالية. إنها بحكم تركيبتها وغلبة السياسوية على السياسة والحزبية على الصالح العام ، غير قادرة إلا على بسط عجزها وتعفين صورة السياسة والسياسيين والنظام الديمقراطي التي تدعي به صلة.
السؤال هل يجب أن نعلن جميعا توبتنا عن الجري وراء السراب وفي ما يخصني أن اسحب كل كتبي عن الديمقراطية وحقوق الإنسان معتذرا للقرّاء ومعترفا بأنني كتبتها تحت تأثير أحلام يقظة آن الأوان للخروج منها والعودة للواقع المرير.
*
أنه موقف متشائم في عالم تسفّّه فيه قوى الخلق والتجدّد كل تشاؤم دائم بنفس الكيفية التي تسفّه فيه قوى الدمار والخراب كل تفاؤل مزمن. فهذا عالم لا ينفع في فهمه والتعامل معه إلا الموقف المزاجي والفكري الذي وصفه إميل حبيبي بالتشاؤل . كيف يظهر المشروع الديمقراطي بمثل هذه العقلية أي إن نحن نظرنا أيضا للنصف الملآن من الكوب؟
لقد اختزل الرأي العام الديمقراطية في الانتخابات وهو بهذا كما لو اختزل الإسلام في الصوم . لكن الديمقراطية – بما هي قواعد لعبة وآليات سياسية- مثل طاولة لا تجد توازنها إلا إذا ارتكزت على أربعة قوائم هي الحريات الفردية والحريات الجماعية واستقلال القضاء والتداول السلمي على السلطة . ولو تأملنا المشروع الديمقراطي بمقياس مدى نجاح الركن الانتخابي لاكتشفنا فعلا مدى بعدنا عن الحدّ الأدنى المطلوب. لكن لو نظرنا إليه بمقياس حرية الرأي وحرية التنظم بما هما أهم مؤشرات الحريات الفردية والعامة لاكتشفنا مشهدا جدّ مختلف.
لقد سقطت عندنا أيضا ايدولوجيا الحزب الواحد المؤطر للجماهير و على أنقاضها تبنى مجتمعاتنا أشكال التنظم المستقل وهي حركية مؤهلة لمزيد من التعمق والتوسع والديناميكية . كذلك الأمر عن حرية الرأي.انظر لدكتاتوريات ذليلة منخرطة في حرب المواقع الخلفية أو الربع ساعة الأخيرة وكم هي خرساء ، هي التي كانت تتمتع باحتكار الكلمة .فلا أحد يهتم بإعلامها ولا أحد يصدق ما تقول ، في الوقت الذي يحتدم فيه الجدل السياسي على أوسع نطاق وفوق رأسها ، خاصة عبر الفضائيات وشبكة الانترنت . شيئا فشيئا يستبطن العرب كأمور عادية الجلوس مع الخصم لنفس الطاولة و مقارعة الحجة بالحجة على مشهد ومسمع من الملايين… مما يؤكّد أننا ندين بتقدم حرية الرأي للتكنولوجيا أكثر مما ندين به للايدولوجيا.
أضف لهذا أهم نتيجة إيجابية أظهرتها الانتخابات المصرية الأخيرة وهي بروز القضاء كقوّة متصاعدة الاستقلال. هذه الظاهرة مؤهلة طال الزمان أو قصر لتتوسّع داخل مصر مشكلة القدوة والمثال للأجهزة القضائية العربية التي ما زالت تتصرّف كأنها جزء من الجهاز التنفيذي.
معنى هذا أن الأمة قطعت شوطا هاما على درب الديمقراطية وهي لا تزال تعتقد نفسها مكبلة بالاستبداد المقيت ، كل هذا لأن رؤيتنا للعالم مطبوعة بالثنائيات الساذجة : الأبيض والأسود ، الموجود وغير الموجود ، الخير والشر. لكن حياة المجتمعات أعقد من أن تصفها أو تستنفذها الثنائيات. هذا ما يجعل موقعنا من الديمقراطية كهدف أسمى بالغ التعقيد حيث نحن – وحسب الأقطار- جد قريبون منه بمقاييس حرية الرأي وحرية التنظم وجد بعيدون منه بمقاييس الانتخابات واستقلال القضاء .
وفي كل الحالات نحن لا نتحرك في أي اتجاه بصفة آلية وحتمية حتى ولو كانت القوة الدافعة هي تكنولوجيا الانترنت والفضائيات . فالعامل الإرادي لا زال له دور حيث يمكن أن تتجنّد إرادة مجموعات لسلبنا القليل الذي تحصّلنا عليه ويمكن لأرادتنا إن تجنّدت هي الأخرى أن تسرع بإيصالنا برّ الأمان.
إن أول شرط لإعطاء مشروعنا مزيدا من الحظوظ هو التمفصل مع المشروع السياسي للثلاثي الجهنمي بوش-شيني –رامسفيلد وإدانته بكل وضوح . فواجب رفض هذه السياسة لا ينبع فقط من باب الوفاء للوطن الكبير والوطن الصغير وإنما من باب الوفاء للديمقراطية وحقوق الإنسان التي تستعملها الإدارة الأمريكية الحالية كقميص عثمان . إن فكّ الارتباط في قلوب وعقول العرب بين الديمقراطية والسياسة الأمريكية ضرورة ماسو . أما إذا وقع الخلط بين قوى المجتمعات المدنية التي تناضل منذ ربع قرن على الساحة وبين الذين عادوا على ظهور الدبابات، وبين أهداف نناضل لتحقيقها من الداخل وأهداف ركبت عليها سياسة ظرفية لإدارة عابرة، فإن العرب سيفرغون الرضيع الديمقراطي مع المياه القذرة للتدخل الأجنبي وعجرفته.
وثاني شرط للتوغل عميقا داخل العقول والقلوب هو أن يبعث الديمقراطيون العرب برسائل واضحة لمجتمعاتهم أن عدوهم الداخلي ليس الإسلاميين وإنما الاستبداديين أيا كان غطائهم الأيدولوجي .
إن الكسب الحقيقي للديمقراطيين في تغلغل أفكار وقيم وممارسات الديمقراطية داخل كل الأحزاب والتيارات العقائدية لا في تكوين نحلة سياسية إضافية.
إن معيار تقدم ونجاح المشروح ليس انتصار الديمقراطيين على الإسلاميين وإنما في تجاوز مثل هذا التقسيم الساذج ليمرّ الخط الفاصل في الساحة السياسية العربية بين علمانيين وعروبيين واشتراكيين وإسلاميين ديمقراطيين وبين علمانيين وإسلاميين واشتراكيين وعروبيين استبداديين .
وفي الواقع فإن مثل هذه الحركية هي التي تعيد يوما بعد يوم رسم الخارطة السياسية والمتخلفون من كل التيارات ثابتون على التقسيمات والرؤى القديمة تحركها ثنائيات السذاجة أو سوء النية.
إلا أن على الديمقراطيين ، مهما اختلفت مراجعهم العقائدية ، مواجهة تحدّ بالغ الأهمية على الصعيد الفكري والسياسي يتعلق بمراجعة ما نستورد والتجديد فيه اعتبارا لتجربة أكثر من قرن في أكثر من مائة بلد . إنه لا يعقل تصور ديمقراطية دون انتخابات مثل ما لا يعقل تصور إسلام بلا حج. فحق تقييم من يحكم واختيار الأكفأ في إطار تداول سلمي على السلطة هو من جوهر النظام الديمقراطي . لكن من يستطيع أن يقنع نفسه والغير أن تجنيد جزء ضئيل من القوائم الانتخابية بالإشهار الرخيص وشراء ذمة الناخب والوعود الكاذبة، ناهيك عن استعمال وسائل العنف، هو الطريقة السوية والوحيدة لبلورة سيادة الشعب. أن الخلط بين أهداف لا جدل فيها وآليات تظهر في كل العالم قصورها هو خطر داهم على بقية أركان النظام الديمقراطي . أن الركن الانتخابي كما هو حاليا مثل وجود تعفّن في طرف مريض يؤدي في آخر الأمر لبتر الأطراف الأربعة بحجة إنقاذ الجسم.
أما إذا لم يحدث التحديث في الفكر والممارسة فإنه من الممكن ألا تكون الديمقراطية أينما انتصرت مهما عاضدتها التكنولوجيا ، إلا مجرّد استراحة بين دكتاتوريتين لأن مثل هذه البرلمانات لا تفعل سوى فرش الطريق بالورود للمخلّص و المطهّر أي للنسخة الجديدة من المستبدّ الأزلي وأول ما يلغيه هو الحريات الفردية والعامة واستقلال القضاء
الكتاب الجديد للصادق شعبان
فضيحة جديدة ووراءهاحزمة من الفضائح هذه الأيام من صناعتهم؟
.كتاب شعبان(نعم أقوم له بالدعاية.وفي الأصل الفضيحة.)من حيث المبدأ جاء لتشويش عقل وذهن المواطن؟عقلية من الستينات لا تزال تعتقدالمواطن غبياوأكذب وأكذب عليه سوف يقتنع؟ .من الأساس نهجان مختلفان.واحد للنوروالتنويروالآخرللكذب ونشرالإفلاس على أوسع نطاق. كتابي’أتمنى من الإخوة المهاجرين وضعه الى جانب ماصدرمن كتب.وخاصةكتاب صديقي بنعلي وكتاب .le syndrome autoritaireلصاحبيه ميشال كامو وفانسان جيسار..وبالطبع هذاالكتاب الفضيحةالجديدة والنكتة(curiosité)المعبّرة عن ذهنية تحكم تونس ودرجة اضطرابهاوإجابتهاوعملهابحكمة…نحن أزمةونديرأزمة وكل ماهو من حولناأزمة..الكتب كانت وصفيةأوحديث عن نظريات في العلوم السياسية وخلاصتها بنعلي ليس وحده على هذه الشاكلة؟ ومن وفّّرالمراجع عناصرمن داخل السلطة؟ظنامنهاسحب بساط من معارض جدي؟
الكتابة من أجنبي من أساسيات الدولةالأمنية(أعلم فضائحي.وعوض أن يكتب عنها تونسيا.أعطيهالأجنبي)
.عندمايقول مهازلنا فرنسيافلن يجني غيربعض الدنانير؟عفواملايين الدنانير.(كنت متواجدا بسويسرا في اوت2001 ودخلت صحبةاحدالأصدقاء لنشتري كتباوماأن عرفت صاحبةالمكتبة بجنسيتناحتى كاديغمى عليهامن الضحك؟لتقول بعدأن استرجعت أنفاسها..لقدبعت الى سفارة تونس ماشاءالله من كتاب صديقي بنعلي؟تمنيت لوابتلعتني الأرض؟أين يذهب مالنا؟ندفعه لشراء الدكتوراه الفخريةوشهادات الاستقامة؟ولصناعةكتبا تروّج العبقرية بدل الجهل والكذب بدل الصدق؟)واعتمدت الكتب في جانب آخرحكايات ونوادرلا تحمل بتاتا بديلا ولا تتحدث عن ذلك. .نظريات عامةومعتمدةعلى أرقام ومعطيات خاطئة تماما(كما سنرى لاحقا).بينماكتابنا خرج عن هذا الإطار كليا.ولم يكن من تحرير هارب من تونس.لم يتحدث عن نظريات.بل عن أمور منشورة من الحاكم الجالس عينه منذعقود.وقال خاصةلماذاذهب بورقيبة؟طالماأن أشباحه هي عينهاتبيع الحكمة؟لنتصوّرغدايذهب بنعلي ويحل محله بنضياء؟أو القروي؟أو الغنوشي؟ أوالقلال؟أوالزواري؟أوالودرني؟ أوعمار؟أوالتكاري؟أو مهني؟وحديث مع ذلك عن بنعلي كما جرى خلال أيام النقد الذاتي بداية1987و1988و1989بل اليوم وعبرالوثائق الرسمية صار يشارالى شارع الحبيب بورقيبة بشارع بورقيبة؟من ذات العناصرالتي تمسح الأرض باللسان والملابس بعدأن يمر بورقيبة وعلى فكرة لست من دعاة البورقيبية.ولكن للرجل فضل على التونسيين وعلى البلاد وله عقل كبير جدا. شكرا شعبان.وتعزية لنا نحن التونسيين والتونسيات في مالنا.وتعزية للعالم الحر في صناعة نظامنالهم البؤس والتعاسة.شعبان قال لهم نحن هكذا.لا يمكنناأن نتغيّر.وإذا جاء احد هؤلاء سيتحدث عن الفساد وعن مشروع مجتمعي جديد؟
الفريق الحاكم يلعب ورقاته الأخيرة.لم يدرك بعد نتائج11سبتمبر
.كتابي الذي نشرت وتنشر تونس نيوزمنذ24نوفمبر2005تحت عنوان..مجازرعربية يومية بدم بارد..أنموذج تونس..لامني في خصوص عنوانه بعض الأصدقاء.استمعت إلى النقد وبعد ذلك صار يقول الناقد إنّه الإرهاب بعينه لأنه رأى وإستمع إلى تحليل شامل ودقيق بالاسم والمكان والفعلة. .الإرهاب الذي نراه في لبنان هو نتاج حتمي وبديهي لذهنية عربية حاكمة بحماية غربية؟ .لا تمتازالعقليةالسّوريةعن غيرهافي تونس بأدنى شيء.ودليلي بسيط جدا.وأبرزها شعبان احدمنظري النظام رغم مااصابه من النظام؟عفوا لا يمكنه أن يرفض طلبا. .في سورياالنظام مجاورلإسرائيل وتداخل بنيةومصلحة وعلاقات مع مكونات لبنان وأحزابها ومليشياتها وطوائفها إضافة إلى سيطرة طائفة علوية على الحياة السياسية والدولة.وبناء النظام أصلا على مشكلة فلسطين وتشعّباتها وتفاعلاتها خاصة منذ11سبتمبر2001. .من الطبيعي جدا أن يجد النظام السوري برمّته نفسه(حتى دون موت الحريري)في مهب الرّيح.الحاجة الدولية له لم تعد قائمة.ولا يأتي هذا من تنكّر حليف وصديق الأمس.بل من حاجة دولية للحرية والديمقراطية وموت فكرة السلاح والتسليح في رقعة جغرافية طالما مثّلت بركانا. .رجال النظام تورّطوا في لبنان بشكل بديع.وبالمثل داخل سوريا.ورغم أن الأسد لم يكن مورّطا ولم يبرزه حزبا ولا جيشا ليفعل به ومنه ما يريدفانّه استكان وحمل وزر من أفسد وقهر؟وصار من أزمة لأخرى يغرق.ومن خطاب لأخر يتورّط.وهذا من تدبير دبّيرين يكتبون ويزحفون ويقبلون الأرض التي يسير فوقها سيدنا؟لا حبا فيه ولا في دولته.بل سدا للباب أمام رجال الوطنية والنزاهة..يقول رجال السياسة عبر مفرداتهم..نؤ طره نحن حتى لا يرى غيرنا…وهذاالتاطيريمرأساساعبروضع في السجون ماأمكن من رجال الحرية ومحاصرة البقية ودفع ماأمكن منهم أيضالاحقاالى السجون باسم استقرارنظام سيدنا؟والوفاء له؟حرب تلد ظروفاأخرى.وقضية تصنع أخرى.وأزمة عنوان مرحلة وتهيأة لأخرى. .وسط هذاالخضم تاه الأسد وتوّهوه وهولا يبصراليوم.أقنعوه بفكرة المؤامرة.وبفشل أمريكا في العراق.وعزّزواهذاالتعنّت لديه عبركلمات اسمعوها له قادمة من نجادي. .الأسدصارأسيرتحاليل أراهاشخصياخاطئةومخطئة.وسوء تقديرفضيع لدورحزب الله ومايمكن في أفضل الصورأن يفعله تجنيبالانهيارالنظام في سوريافي صورةماإذاقررذلك المجتمع الدولي. .الأمرليس تخمينا.بل هونابع من ذكاء إيراني بليغ.انجرت إليه ماكينة سوريا.نظام إيران جاء بنجادي اثرانهياراسس إيران في العراق.وعبر خطاب ثوري وعاطفي(مدروس.وموجه إلى العرب بعناية.المحرقة.وخذوا إسرائيل..الإسلام…)ودارس الحالة السورية واللبنانية تحديدا والعربية عامة.
الحالتان السورية واللبنانية
.تعلم إيران جيداأن أسسها شبه انهارت في العراق.وان أمد الحرب لا بدّ له من نهاية.وان أمريكاوبريطانياوبكل المقاييس والخيارات لن يخرجامنهزمتين.وأنهاغيرقادرة على تحمل غضبهما وفوق رقعة العراق فقط.وأنّ الأمريكي بعد11سبتمبرغيره قبله ايجابيا وسلبيا. .توجهت إلى السوريين والذين كانوابدورهم مستعدّين لذلك على أمل انحصار تقدم المارد؟ ورهاناغيرمدروس على الداخل الأمريكي دون الاّتعاض من خسران الرهان على سقوط بوش.وهو حساب سياسي بدائي لجأ إليه صدام ورجاله.والنتيجة سترويها الأجيال إلى الأبد. .انهيار دولة.وضياع إنسان.وثروات.وإلقاء القبض على رجل داخل حفرة.ونوم جماعته.ثم هيجانهم هذه الأيام خلال المحاكمة.وهو ما يجد مداه ضمن تحليلي حول فكر إيران وتنطع العرب وتمرّدهم وتشجيعهم رجال صدام على التمرّد؟وقبل أيام عبّر عن هذا احد أشقاء صدام عندما طلب من الملك السعودي التدخل لان تتم معالجته من مرض ما؟خبر مرّ هكذا ولكن له مدلولات سياسية هامة ومهمّة.تحيل الحليف الأمريكي إلى نوافذ وشبابيك يتم فتحها مع هذه الكتلة وتلك.وهذه الجهة وتلك.وهذا رايته بالحرف منذ نوفمبر2003وقبل إلقاء القبض على صدام وهو لا يقبل التشكيك. .النظام السوري ومخابراته يلعبون بهذه النتائج المؤقتة للحرب في العراق.وإيران لم تكن في حاجة لأكثر من هذا.النظام السوري في حاجةإلى قشة.وإيران في حاجة إلى عمق عربي شيعي يمر عبر لبنان ويصل سوريا ومنه إلى الدول العربية والتي بدورها مهيأة نتيجة ودون تحسيس إلى أن تموت تجربة العراق. .السلوك السوري المدعوم إيرانيا؟رأى رجاله أن إدارة أمورهم وفق الصيغ الحالية مع أمريكا أهون من القبول بنصائحها؟وما ذهاب الأسد إلى الجامعة العربية والرهان عليها لإفساد ما أمكن باسم المصالحةداخل العراق؟إلااحدالبالونات.انضاف إليهااغتيال النائب جبران تويني. وهو ما يعني لدى القيادة السورية عبر هذه الفعلة التي جاء ت يوم صدور تقرير مليس؟وزمن تواجد والش في الجوار؟وانتخابات العراق؟حدث وتدبيرإجرامي لأهداف كبيرة وبعيدة. .لعل من أهمها توجيه رسائل للداخل اللّبناني بقوة سوريا وبان يقف كل من ينوي التحرك عند حدوده.أي جعل الانكماش من أية مبادرة جديدة يأخذ مكانه ومجاله.ويهرب رجال الحرية وتصبح أمريكا في ورطة أن أرادت حاجة لبنانية داخلية؟ورسالة للداخل السوري ببطش النظام وانتقامه وطول يده.موتا للداخل اليوم وقتلا لأي تمرّد نوعي أو غيره.وللمعارضة في الخارج بان يد المخابرات جاهزة لان تطالها.وللعالم الغربي بالعزم على ترجمة خطاب الأسد إما نحن وإما الفوضى. .هذا في نظري هوفكرالاجرام والدولةالامنية البوليسية المبنية على انتخابات منعدمة.ومواطن مسحوق.وجامعيين يصرف لهم المجتمع المليارات ووجدوالأنفسهم عبرالدولة اللقيطة الحصانة وكل وسائل القمع.وهذا في الأصل ما سبق أن طلبناه من مجلس الأمن الدولي في خصوص طبيعة ونوعية الدول وسلوكيات وممتلكات رجالها.المحمول دوليا اليوم هوالإجابة على نوعيةالأنظمةالعربيةالمطلوبةخلال هذه الثلاث سنوات القادمة.وللمجتمع الدولي حالتان صارختان العراقية والسورية وبدرجة اقل اللبنانية.باسم المجتمع الدولي والدول والسيادة تاتي عصابات شريرة وتمارس كل أنواع الإرهاب ويوم يطلب منها الكف.تقول عليّ وعلى أعدائي.لهذا شخصيا طالبت وأطالب المجتمع الدولي بانتخابات عربية باشراف دولي في كل مراحلها.وهوالمخرج الوحيدودولةدولة وبالقانون الدولي ومراقبة ممتلكات المسئولين وكيفية صرف الثروات الوطنية.وستندم أوروبا شديدالندم أن هي واصلت اعتبارأنظمة تونس ومصروالسعودية انظمة في خدمةالانسان والفكرالمدني وأنهالا تشكل خطرا.بل ربما اخطر.
ما هو دليلنا؟
.انتخابات تونس منذ1989جرت وفق إرادة مكتبية وتزوير والى غاية اليوم.وكلمة واحدة من فرنسا(ولا نذهب بعيدا)وبعد أن يطفح الكيل تسمع فرنسا برمّتها وبما تحمّلت من وراء جرائم النظام ما لا يرضيها وترضخ؟ترى ما هي مزايا بنعلي على فرنسا؟هل هناك من المسئولين الفرنسيين من هوتحت رحمته؟هل صحيح أن صناعة الملفات امتدت إلى الفرنسيين؟الأرشيف أمامي لا يوجد رئيسا عربيا واحدا(بما في ذلك مبارك أكبر دولة عربية)تطاول على كل رؤساء دول العالم وتخصّصت صحافته في كل أنواع الثلب والقذف والسباب المقرف حول كبار رجال العالم ومن كل الأحزاب؟وهذا الرجل يبطش ويزوّرويخلق الصناديق الخاصة ويكسّر كل شيئ جميل داخل الوطن والكل يهابه؟كيف نزيح هذا النظام ديمقراطيا؟إذا كان رجال الجامعة داخل القصرياكلون ويلبسون ولهم المال الرهيب شريطة استنباط قوانين تقتل القضاء والمحاماة والأحزاب باسم القانون؟وتغطي الإذن لقوى البطش لان تفعل ما يحلو لها؟ بل هذه القوى تحدّدلها حتى كيفيةالتعذيب ومجاله ومكانه؟وتعيّن لهامن يحرّرالمحضرالجاهز ومن يحكم؟ومن يحرس داخل السجن وماهو مطلوب منه؟وماذا يكسب من مالنا مقابل ذلك؟ وكم من رجل أكرم لأنه تفنّن وتباهى بالتعذيب وامتدح رجال الأمراليومي.احد رجال الدولة التونسية المورّط إلى العنق في كل أنواع الفساد والتعذيب أرسل لي قائلا منذ يومين..نحن هنا إلى غاية2014؟ونحن نقول له حفرة صدام أمامك ومحاكمة عادلة بانتظارك..والمجتمع الدولي بما في ذلك شيراك صارمراقباجديالصناعات الإرهاب والمسالة زمنية لا غير.. الحالة التونسية قدّمتهافي الكتاب بشكل مفصّل.والكتاب مثلمافلت وأعيد موجّه للهيئات الدولية لتعلم ما ينتظرها من أنظمتناالتربوية.هل هناك أتعس من جامعيين ينظّرون للفساد والتزويروالقمع والبطش وقتل التونسي لأخيه التونسي ويترشحّون ضمن هيئات دولية لنشرهذه التعاسات ويعقدون ندوات وملتقيات للحديث عن الأخر؟في كتاب شبح بورقيبة وبنعلي هناك جداول بها المستويات العلمية لبعض المسئولين…هل الجامعة الفرنسية أوالتونسية أوالكنديةأوغيرها تعلم الكذب والتزوير والبطش؟والتباهي بصناعة قوانين تقتل الانسان قبل أن يفكر وينطق؟ هل الجامعة تقبل أن يتخرج منها محامون يقتلون الانتخابات؟وقضاة لعبة في يد فاسد ومفسد؟ على فكرة بعض الفاسدين اليوم مع 7نوفمبركان إذا نظرت إلى احدهم ينزل عيونه أرضا ويهرول؟واليوم أي واحد فيهم إذا نزعت عنه البوليس والعصا..وتوّانحطك في الحبس..يصبح اجبن ما يكون ولن يخرج من منزله ولأشهرهذااذالم يفرعنداصهاره؟كما تركنا ذات صائفة ليعود لاحقا. نادرةعشتها بعد7نوفمبربشهرين مع شخصين لايزالان على قيدالحياة تلخّص في بلاغة شديدة(الجبن لدى البعض والرجال في تونس صاغرة ومنتظرة منهم وزارة وولاية ونيابة و…) ذهنية ما.كنا داخل احد مطاعم العاصمة وإذا بأحد الصديقين يقول لي انظر جانبك الأيمن. فعلت ذلك فإذا به احد فطاحلة اليوم يلتهم الأكل دون أن يرفع رأسه وإذا صادف أن رأى أحدا هكذا يكاد يدخل داخل الكأس الذي وضعه أمامه. حادثة أخرى.عشتها أيضا حول احد البطاشين.يوم أن خلعه بنعلي وجدته منهارا بائسا.واليوم يعطي شهادات التوبة وصكوك الغفران؟ حادثة أخرى تجري هذه الأيام صلب الحزب الحاكم وهي دليل على انهيار كلي وبسرعة مذهلة. عناصر كثيرة أزيحت يوم20مارس1988لفسادها وبطشها بحسب بيان 7نوفمبر وخطب الوزراء بحسب جلسات النقد الذاتي في نوفمبر وديسمبر1987وجانفي وفيفري1988عادت هذه الأيام إلى الجامعات والشعب وغدا في2008الى اللجنة المركزية وهي عماد 2009؟وعلى فكرة العناصر لها تجربتان.. الفساد والتزوير من جهة والبطش بيساريين وبحمودة بن سلامة ذات يوم في بنعروس وهو من يمضي اليوم للنظام؟والتخصّص في صناعت نهضويين ومحاربتهم وكرههم الكبير للنظافة والتداول من جهة أخرى. هذه النتائج الحاليةرأيناها قبيل 7نوفمبر.رجال يكفرون بحقوق الانسان والرجولة ويكذب الواحد على الآخر.وفي هذا عجز واضطراب.وخير من عبر عن هذا احد الفائزين بجامعة ما في ولاية بنعروس(هذا الشخص تحديدا وغيره مئات وردت إلينا تعليمات تقضي بمنعهم من الترشح في فيفري1988؟)…جابوني ولاّ في القلب في القلب و…الجماعة ناوية على العصا.. وانصح كل رجل عاقل أن يستحضر حفرة صدام والموت بين العراقيين وان يضع نصب أعينه أن ما يفعله اليوم سيراه غدا.وأثبتت تجربة العراق وما سنراه في سوريا…أن رجال القصور يفرون ومعهم المليارات.بل المليارات في الخارج ويبقى المسكين الفاعل للشريقارع المصير. ليقارع مصيره من الآن ويعلم أن السياسة لا تعني الأحكام عبر الهاتف .وان الحزب لا يعني ضرب الغير والاعتداء على أملاكه.وليعلم الشرطي أن كلمة عند مأمور لن تنفع.نحن سنعلن عن حركة سياسية ستكون عنوان الجديد للتونسي. ما نراه اليوم من تصرّف إجرامي من العقلية السوريةهوذاته يجري لنافي تونس من عقلية الفريق الحاكم.ولا يوجدلديناحزب الله ولا حماس ولاالجهاد ولا يجاورناالعراق..ولا توجد لدينا مشكلة مع اليهود ولا مع الأمريكان ولا مع شيراك…لنتصوّرالنظام محاصرمن هؤلاء والله لكان عقل الدبّيرين فعل معنامالم يفعله أي جاهل مع قومه.فريق يصنع الإرهاب بالمجان أعرف نفسي جاهلا وفاسدا ولانّني كذلك اكره الشفافية والرجولة.والعالم اضحك عليه بخدمة هنا وأخرى هناك.التعامل مع العالم بعقلية بوليس. .القضاة تم تجنيدهم بطريقة مذلّة لهم ولنا جميعا.وسيندمون اشد الندم ولن يخرجوا منه.كل من قدم خدمة واحدة دخل الحفرة. ليسال القضاة عن معنى كلمة الحفرة لدى بعض الأسلاك.كل قاض قدم خدمة ولو بسيطة مرة واحدة ركب الحافلة ولن ينزل منها بطريقة أبدا.ومن يقود الحافلة لا يرحم.ولا ينسى.وان رحم ونسي هناك من يجعله على نفسه وعلى قراراته.عباس لحقت به الإهانة في جويلية2004وربما تيارالجهويةاعاده.لقدخسرنفسه وخسرمعه القضاء مؤقتا.الجالسون في القصروفي وزارات على علاقةبالاستقلالية معلومواالتوجه والفكر السياسي.المسالة ليست علما كبيرا.لا قوة تناطح الدولة.هناك رئيس الدولة ومن حوله عقليات تدمّروترضخ لهاالرجال.والسجون والقضاياوالسجانين مختارين بالتخصيص وبالمقاس لقدعرّيناهذاونقلناماسيناإلى طاولات هيئات العالم وهي وحدها من سيفرّك البطش والإرهاب وفرح السجاّن بالتعذيب وحصوله على الترقيات والمنافع والتكريم.الحرية عنواننا. حتى يعلم خالد عباس أي جماعةاتّبع ويتّبع وانّ الأمرلا يرتبط بتاتابالقضاء.وبما قد يكون نسب للرحموني من أخطاء؟.تحدثناعبرايام عن 2626واموالناالرهيبة والنظام يخرج لنا عبر صحيفة الشروق ليوم الثلاثاء12ديسمبر2005 معتمد تونس المدينة؟يوزّع الحلويات؟ويقول بأنه جمع166الف دينارا؟سارق وبيدي شمعة ومن يناديني اقتله؟رجال مال وأعمال وغيرهم مدانون إلى العنق ويتبرعون؟قانونيا وأخلاقيالا يجوزذلك.اذا كان لديه المال ليذهبوا إلى البنوك لسدادماعليهم لأنه من مالنا؟لخالد عباس أولاد في التعليم وطلب من الأولاد الإتيان بشئ ما. وهو رئيس جمعية القضاة ادعوه لان يذهب ويطلع على المال الذي جمع منذ بعث الصندوق الخاص؟وكل الصناديق الخاصة الأخرى؟وليسمح له بذلك؟وبالمثل أعداد العاطلين عن العمل والصفقات وغيرها من الأموال الرهيبة.هذا الأمر ممنوع لهذا تفليق القضاء والعودة إلى رجال البطش.اعد المحترم عباس وكل تونسي له عقلا نظيفا ويدا نظيفة أن نضع بين يديه وقبيل فترة الكثيرولهذا قلنا لن يمر2009ولن يكون لرجال العجز ما يفعلون.بل الخوف فضعهم بسرعة مهولة. الأستاذعباس.بنعلي اخرج الشرفي والزمرلي و…من الرابطة وبهذلهم لاحقا وبالمثل رجال اتحادالشغل والحدش وغيرها…ولا شخصية واحدة حافطت على قدرها؟وهكذا كل من دخل مرة واحدة.لهذا كتبت منذ30جويلية في بيان وجه لرجال العالم..القضاء لا يخدم نظاما ولا يعاديه ولاجهة ولاشخصاولاحزباولاهيئة..القضاء حيادوعدل وملف.من يمسك بملف القضاء يمقت الحيادوالنزاهة ويهدّد.. و..وكل شخص يلعبون به لفترة ويلقى به أرضا ومحتّم عليه أن يكون اخرساوإلاّ فتح له ملفا؟والملف يتكوّن من طلبات منهم في غالب الأحيان؟ لهذا ولغيره قلناماحدث ويحدث في تونس مجزرة.نحن فكّكنارجال المجزرة ووضعنا أمام المجتمع الدولي كذبهاوبطشهاوتخلّفهاوتخصّصهافي صناعات الإرهاب والمتاجرة به.ومن غاطسا في الفساد والتجريم لرجال لا يعطي دروسا في الوطنية ولا يتحدّث لغة القانون لأنه قابع بالتزوير وما بني على باطل فهو باطل.وليفتح هذا..أسرق وعندما يتحدث الغيرأرفع لواء القانون؟أيّ قانون؟سنجعلهامحاكمات دولية تتجاوزما عرفه العالم..وشخصيا أدعواعباس وكل قاضي أن يكون عادلاونزيها.أن يرفض الهاتف وفلان وفلانة.أن يكون بعده عن كل الأحزاب والمعارك الصحيحة والخاطئة.أن يعمل خلال هذه السنة على إخراج القضاء من أيّة عباءة. .نحن بحكم مواقعنا السابقة نعلم كل صغيرة وكبيرة وقاومنا من الداخل.ومقاومتنا معلومة منذ وقتها.ولا حاجة لان يضحك الواحد على الآخر.لأنه ببساطة شديدة القضاء العادل والنزيه من صميم مشروعنا السياسي والفكري ومن صميم دولتنا الجديدة.العدل لن يتحكم فيه وزير العدل ولا القصر.بل ضميرالقاضي وحيث أن ومحاضر من باحث بدائي غيرالحالي. القضاء لا يحرّك عندما تكون فضيحة لهذا المسئول وذاك..وهناك من وصله هذه الأيام بعضا من أفعاله.من الغد تحرّك وصار يهدد.نحن بانتظارك.قطعنا عهدا على محاربة الفاسدين وعلى جعل التونسي يقول فيهم لأول مرة انتخابيا رأيه.نقول لمن سيستعمل القضاء ..انّك تفتح باب جهنّم على نفسك وعلى النظام برمّته..وقوانين 1565وغيرهافي الانتظار وكل شيء جاهز.أنت تحرّك للقمع ونحن نتحرّك للنوروالحقيقة.بل انصح هؤلاء الاستقالة الفورية…
في غياب العدل والنزاهة ولدت الزبونية ومنع المسئول من المحاكمة
من هنا ولدت الحركات الإسلامية المتطرّفة ومن هناستولد حركات من أتعس ما يكون بفضل انظمة تونس ومصروالسعوديةوسورياوبقاياالفريق الأمني اللبناني.وهل يمكنناالقول أنّ عناد سورياوبقاياهافي لبنان والفرق الحاكمةفي تونس والسعوديةوبدرجةاقل مصرشكّل خير مصدرلإقناع المواطن الغربي عموما والأمريكي خاصة بخطورة ما وصل اليه العالم وبضرورة حل دولي نوعي؟انصح كل رجل نظيف في يده وعقله أن يرفض الفساد والإفساد وان يترك جانبا الطمع والتطميع وان أي نظام يحاصرالقضاء والجامعة نهايته قربت إلى ابعد الحدود.أصحاب التجاوزات والمختصين في المحاضروالأحكام وأصحاب المليارات مع وصولهم السلطة تم حصرهم مكاناوحجماومصيبةوضحايا.ليذهبواوحدهم إلى الجحيم لاأن يجعلواهذاوذاك وقوده.لكن أين سيذهبون؟اذا كان الغرب مجرماقبل بنلادن في نظرهم؟ الأميةالسياسية تفعل في أصحابها.
شهداء الحرية(لا تخيفنا)
.اهدي هذاإلى روح جبران تويني.الذي جالسته في اكتوبر1982صحبة قريبة له.ونقول له ذلك طريق الرّجال زمن الفسادوالدولةالأمنيةالبوليسية.سبقك الحريري وقصير وعشرات من اللبنانيين فقط.أنت صاحب القلم والمال والمنصب.تركت هذالأنه كان لديك ماأهم واكبر.لبنان العظيم.لقدأقسمت يوم 14مارس في كلمتك القصيرة باسم المسلمين والمسيحيين ولبنان العظيم.انّك عظيم ومن طينة تصنع العظماء ومن دين يصنع المحبة والحب والسلام بجانب إسلام نريدأن نستردّه من الإرهاب والزندقة.نم هانئاأن لك في التربةالعربيةماسيريحك وما يجعلك ترتاح.سلامي إلى زوجك وأولادك واهلك وأحبائك عبرالجغرافيا. كماأن في العالم كبارسيذكرلهم التاريخ بكل إجلال منعهم هتلربالأمس.واليوم منع الإرهاب والدكتاتوريات من تدمير العالم.قالها الرئيس بوش البارحة(13ديسمبر).واستشهد بعالم كبير ترك المنصب وذهب ليقاتل عمليامن اجلنا.وأذكّرالمرحوم تويني وكل رجال الحرية وبالمثل شعبان لأقول له انّه سبق أن استشهدت يوم4ماي2004بتضحيات كبيرآخرمن الولايات المتحدة وهولاعب كرة القدم بات تليمان الذي دفع دمه ثمناللحرية.وهذه الشهادة جعلت مايقال عنهامعارضةتحاصرني؟وتهرول الى فرنسا؟تويني وقصيروالحريري و…كل رجل نظيف وحر..أكبر دولة إلى جانبكم من منطلق وغائيات الحرية..رجال ومال..في العراق من أجلها.. أهدي إلى روحك الطّاهرة كتابي
مجزرة عربية يومية بدم بارد..أنموذج تونس
..ذلك ما املك.. جاء زمن اغتيالك…هويحكي فعلا هذاوغيره…هو يلخّص ويخرج نموذج الدولةالأمنية البوليسيةالتي كتب حولهاجبران سنة1984…تحديدا..كيف يرى لبنان سوريا وكيف تراه..؟ نسأل الله…الخلاص وننتظر من شعبان التوبة.ونقول له ولغيره…نحن تعوّدناالعيش مع وبالدكتاتوريات وصارت لدينا حصانات من طلاميسها…ومزاياهامعنا ومع الغرب؟صرنا نقرأ بالمعكوس ما تقدّمون من أرقام وبرامج…أنظمةتربويةتفرزالدكتاتوريات؟وخذلان الحليف؟ أدنى حاكم عربي اليوم يقبّل أيادي شيراك ليلا نهارالأنه حمى؟والتربةالأمريكيةلأنها ولدت حاكما.سبحانك أزمةالعراق كشفت معدن الحاكم للغرب.أما نحن فنعرفه وجرّبنامعه كل الطرق.ولكن جبران تويني وأمثاله سهلواوعبدوالناطريق الحرية وزاد شعبان الغرب توريطا بان قال له إما نحن والفساد والبطش والإرهاب وإماالدّمار.الم اقل إن الأسدواحدولسان نطق لا أكثرولا اقل؟أليس في إرهاب الزرقاوي وبقايا الدكتاتورية حكمة اليوم على الرغم من الضحايا؟كل يوم جديد يزداد الحاكم العربي كذباوعجزاوجبناولؤما.نحن في انتظار ضحية جديدة من الأسد؟وكتاب من شعبان ؟ومن يدري غدا أيّ شعبان جديد يطل علينا؟على فكرة كل المتدخلين عبر الفضائيات العربية ومن كتب ولو كلمة واحدة وصلته يد التكريم داخل تونس (وزارة’مؤسسة’جريدة’راتب جميل جدا’بستان ’قطع أرض’نيابة’مستشارية’منصب’..) وفي الخارج أكرمت كل الصحف والمجلات والإذاعات والتلفزات..آه لو تنطق الصناديق الخاصة؟ وكالة الاتصال الخارجي؟صناديق الوزارات الخاصة؟ رجال أعمال؟على غرار ما دفع 20منهم ذات مرة 50الف دينار(كل واحداي مليون دينار تونسي)الى وسيلة إعلامية تشلّح بوش وتكتب عن عبقريةالفريق الحاكم؟وقبل هذا المال نال نفس الرجل المليارات؟أي قانون يهدد به هذا الوزير؟وأي أخلاق يتحدث عنها وبالمثل وطنية؟كاد المريب أن يقول خذوني. .لا تنسوابأنني دعوت لقراءة كتاب شعبان.عكس شعبان وجماعته.البضاعة الجميلة يزداد جمالهاعندماتوضع بجانب ماهو تافه.سيشتري الجميل الجميل ويلعن الرديء.ولا تنسوا أن شعبان وزيرا له المال الرّهيب والمراجع والحراسة والخدم والترويج.ونحن لا نملك شيئا من هذاومضافاإليه الحصاربالليل والنهار؟تصوّرواالعكس ماذاكنّاصنعنا للوطن.هذاهوالفارق بيننا.نحن مشروعنا للمواطن.وهم على المواطن.كل الذين عرفتهم أوقدأكون عرفتهم سيطلب منهم كتابات تبرئة للذمة؟لماذا؟ولهم المال والبطش والدولة؟المواطن فطن ومتفطّن.وشعبان لا تنسواهومديرمركزالدراسات الاستراتيجية؟معذورالرّجل مثل من ركب الحافلة. حسين المحمدي – تونس 14ديسمبر2005
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
تونس في 14-12-2005
مناقب وخصال الزعيم الحبيب بورقيبة وبصماته وانجازاته شاهدة وقائمة
ولن تمحى من الذاكرة الشعبية
(الحلقة الثالثة)
بقلم محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري من الرعيل الثاني
جزى الله الملك محمد السادس عاهل المغرب الشقيق الذي كان سببا في إحياء هذه الشحنة من الوفاء للزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله ، وذلك من خلال تفضل وكريم عناية الملك الشاب الوفي لنضال العرش الكريم العلوي وتقاليد وأخلاق أجداده ووالده المرحوم الحسن الثاني الذي يعتبر الزعيم الحبيب بورقيبة في مثابة والده الروحي، هذا منذ عام 1961 بعد وفاة والده المرحوم محمد الخامس. وقد أكرم حفيده محمد السادس الزعيم بورقيبة هذه الايام وأسند إليه أكبر الوسام العلوي تقديرا للزعيم الراحل وقد دعا نجله الحبيب بورقيبة الابن وحضر حفل التوسيم وتسلم الوسام العلوي.
هذه اللفتة الكريمة أججت مشاعري خاصة بعد أن شاهد عدد هام من المناضلين حفل التوسيم بالتلفزة المغربية مباشرة.
أما تلفزتنا الوطنية التي أسسها بورقيبة وإذاعتنا التونسية التي بعثها الزعيم وتحمس لها ودعمها وصحافتنا الوطنية والحزبية بالخصوص فقد وقفت موقف المتفرج الصامت الصمت الرهيب ولم تبادر لا التلفزة ولا الإذاعة ولا الصحف بذكر كلمة حتى على حفل التوسيم في المغرب ما عدا صحيفة الموقف مشكورة هي الوحيدة التي نشرت الخبر … يوم الجمعة 9 ديسمبر 2005 .
واعتقد لو مات فنان أو انتصرفريق رياضي أو نجح ممثل أو انهزم ملاكم أو تبارت فنانة مع فنان لقامت الدنيا كلها ولفتحت التلفزة والاذاعة كل الابواق للحديث عن هذا الحدث .
أما خبر توسيم الزعيم بورقيبة من طرق العاهل المغربي فهو عندهم خبر لا قيمة له ولا وزن … لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .
واعتقد أن التعتيم الإعلامي في بلادنا بلغ ذروته في السنوات الأخيرة وحاول الإعلام طمس كل ما يتعلق بمناقب حياة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة في كل المناسبات الوطنية التي كنا نحتفل بها في عهده المبارك السعيد طمست وألغيت وحذفت وزالت من التلفزة والإذاعة والصحف. وأصبحنا لا نحيي ذكرى عيد النصر عودة المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة يوم غرة جوان 1955 حاملا لواء النصر وبشائر الاستقلال الداخلي. ولا نحي ذكرى عيد الثورة المجيد 18 جانفي 1952 عيد النخوة والبطولة. ولا ذكرى 3 سبتمبر 1934 تاريخ أبعاد الزعيم بورقيبة والزعماء الى الجنوب بقبلي وبرج البوف. ولا ذكرى 15 نوفمبر 1955 تاريخ انعقاد مؤتمر صفاقس الحاسم.
كل هذه الأعياد والذكريات الخالدة المجيدة طمست وغابت من الساحة الاعلامية الوطنية. وبالإضافة إلى ذلك محاولة بعضهم لطمس الحقائق في منتدى الذاكرة الوطنية لمؤسسة التميمي. ومع الأسف الشديد تتبنى الصحف نشر تدخلات كل من يشتم بورقيبة ويذكر السلبيات.
أما الأحرار من المناضلين الذين يقدرون الزعيم الراحل ويعترفون بخصاله ومناقبه العديدة وتضحياته الجسام فردودهم الكثيرة لم تجد أي صحيفة تونسية لنشرها مع عدى صحيفتي الموقف و الشعب.
لماذا هذا الصمت الرهيب والتعتيم الإعلامي المقصود .
فشكرا لعناية الملك محمد السادس على هذه المبادرة الكريمة التي احيت فينا هذه النخوة.
وإن اهتمام فرنسا الكبير بتراث الزعيم الراحل فاق كل التصورات. وعناية الإعلام المرئي والمكتوب في فرنسا بتاريخ الزعيم الحبيب بورقيبة وكفاحه الوطني ومواقفه الخالدة فإنه يشمل كل المحطات التلفزية بفرنسا التي خصصت حصصا طويلة مبرزة حياة الزعيم وكفاحه الوطني ونجاحاته في أداء شؤون الدولة التونسية.
ولو أحصينا تلك الحصص والمساحات الإعلامية التي خصصها الإعلامي الفرنسي لوجدناها تتجاوز عشرة أضعاف ما خصصته تلفزتنا الوطنية في بعض المناسبات الوطنية القليلة في عيدي الاستقلال والجمهورية.
وحتى الحديث في المناسبتين يكون قصيرا ومبتورا وموجزا تتحدث التلفزة 15 دقيقة على الحدث وتستعرض بعض الصور بسرعة وتعطي 5 دقائق في أقصى الحالات للحديث عن بورقيبة ثم تتحول للحديث والتنويه بالحاضر بينما المناسبة تخص الماضي وذكريات وطنية عزيزة علينا.
وفي ذلك خطة للتقليل من أهمية الحدث واعتماد التهميش المقصود لكن الشعب ليس أبله أو جاهل أو مازال في سن الطفولة وحتى الطفولة اليوم واعية ومدركة. وكم من طفل يسأل والده عن أشياء هامة لم تخطر ببال والده. وكم من طفل قال لوالده لماذا لم نسمع خطب بورقيبة الذي لم نعرفه إلا من خلال حديث الآباء والأجداد أو في قنوات تلفزية عربية وأجنبية. وقال بعض الكبار العقلاء الأوفياء أين توجيهات الزعيم الراحل التي كانت توجيهات تربوية هامة لم تترك شاردة ولا واردة في شتى مجالات الحياة وهي تثقف الشعب في حياته اليومية.
قلت حتى الأطفال يدركون شخصية الزعيم من خلال ما سمعوه من أجدادهم وجداتهم وخاصة جداتهم اللائي يعترفن بخصال الزعيم بورقيبة ويدركن بصدق أنه بطل تحرير المرأة بدون منازع. ما أحلى و أنبل و أسمى وأصدق من براءة جداتنا وأمهاتنا اللائي عشن عهد الوفاء يعترفن بالجميل لأهل الجميل.
كما اعترفت حرم الرئيس جاك شيراك الزعيم الديغولي حيث فرحت وانشرحت وابتسمت ورقصت يوم نجاح زوجها في أول انتخابات رئاسية فاز فيها الرئيس جاك شيراك. وقد قال لها بعض الأصدقاء والصديقات لماذا هذه الفرحة العارمة البارزة على وجهك قالت كيف لا أفرح وأرقص رقصت الفرحة والنشوة وزوجي أصبح يمثل ديغول ويعيد مجد الحزب الديغولي ويجدد أسلوب حكم ديغول في فرنسا. ما أسمى هذه الشهادة من امرأة أصيلة مثقفة متشبعة بالوطنية والوفاء لمنهج ديغول.
وما أحوجنا اليوم نحن اليوم في تونس لمثل هذا السلوك الحضاري والأخلاق العالية لمعاني الوفاء لمن أسس وبنى الدولة العصرية وضحى في سبيل تحرير الوطن وعاش لغيره زاهدا في الدنيا وغادرها نظيفا بأتم معنى الكلمة ويبقى خالدا في أذهان كل الأوفياء الصادقين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين. صدق الله العظيم.
والســــــلام
محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري – تونس
في مواجهة جبال الممانعة الرَّسمية والشَّعْبـويّة:
الموسيقار محمد القرفي… آخر الرافضين
نصر الدين اللواتي
كيف تقول لا في عصر نعم ؟ تكثيف لغوي بسيط للمساءلة الدائريّة عن دور المثقّف والنخبة، تكثيف مليء بالفخاخ والأوهام ولكنه مليء بكبرياء المغالبة. أطلق الكاتب رياض نجيب الريس هذا السؤال ضمن أحد مؤلفاته قبل سنوات متسببا في تلخيص فعالية المثقف في خطاب الرفض أو ربّما منبها إلي تدني سقف الإنتظارات من النخب العربية وأدوارها السوسيوثقافية عند قول لا ، وهي في كل الحالات وظيفة بنائية إذا ما نزعنا عنها شيزوفرينيا الحالة الثقافية العربية، وخاصة في ضوء رقعة الـ نعم المتسعة بإستمرار كبقعة زيت علي خطاب المثقفين العرب، رغم ما ضاع من كرامة وذاكرة. مع ذلك، يستحيل اليوم سقف الرفض هذا آخرَ غطاء وآخر حصانة للكيان العربي، حتي في معناه الإثنولوجي، ولست أبالغ في شيء إذا جزمت أن واحدا كمحمد القرفي، في بلد كتونس هو أحد من أسهم خطابا ومنجزا وحضورا لافتا، في رفع هذا السقف الفكري.
بمهارة مستفزّة، وابتسامة متعالية… بتصميم قلّما خالطه التردد أو تعثر في إنكفاءات اليومي، عمل محمد القرفي علي تعهّد منجزه الإبداعي وصوته الرافض، تماما كحرصه علي تعهد خطاه الموزّعة بين شارع قرطاج وساحة السوق المركزي بتونس العاصمة، منطقته المنيعة حيث ربي الدروب والوجوه والساعات علي موعده اليومي. بين نوستالجيا منفلتة وتحفز منهجي، يفتح القرفي مسلكا متعرجا نحو الكون، وبمهارة فاضت عن الركح إلي حيث ساحة الحياة، بمهارة غير متكلفة، كان القرفي يشيع ضربا من الإنجذاب إلي نفسه، ميسّرا لمنتقديه وأعدائه أسباب الإجماع عليه.
كمن كلفته الآلهة بمهمة سرية إستغرق القرفي في تعلم أصول الفن الأركسترالي السمفوني، شغوفا بإيحاءات التكوين التي يتيحها فعل التأليف الموسيقي عندما يترجم إرتعاشة الروح إلي رموز مسكونة بأشباح صوتيّة علي أسطر خماسية متوازية، وما هي الحياة إذن، خلا ذلك المكر الإعتباطي الناظم للزمن وخطوبه علي أسطر الأقدار الخماسية.
تعلّم القرفي الأصول دون أن يسلّم نفسه إلي أرثوذكسية النمط. إستبدل النبل المركّب للجمالية الغربية بالتهافت المنسجم علي التجريب، منفقا عقودا من حياته في تأبيد الرحابنة مثلا، متحصّنا ببلاغتهم في صهر النص واللحظة والألم .
كيف يمكن الوصول إلي تجذير ثقافي للموسيقي السمفونية خارج الإدّعاءات البورجوازيّة لحُرَّاس هذا الفن؟ كيف يمكن تحويل الصرامة الذوقية والحرص فائق الدقة الذي تتسم به هذه الموسيقي إلي برنامج لتبديد ثقافة السهولة والرداءة، وصولا إلي مخاطبة العالم؟ كيف يمكن مواجهة تياَّر الشَّعْبَوية، الجارف حينا بسبب صحراء البدائل والمبرمج أحيانا طبقا للمقتضيات السياسية ـ الإقتصادية؟ بهواجس كهذه عاد القرفي إلي تونس، ومنها أعطي معني لمشاريعه ووظائفه بدءا بتأسيس فرقة الموسيقي بمؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية مرورا بتأسيس الأوركسترا السمفوني التونسي ، ثم إشرافه علي فرقة الموسيقي العربية وصولا إلي إنتاجه مجموع عروض فرجوية موسيقية كبري إضطر للإنفاق عليها أحيانا من ماله، مفصحا عن غائية وحيدة : تحويل الإبداع بوجهه الوجداني الشفاف إلي موقف ضد الإبتذال والضحالة والصمت، موقف ملتفت إلي الأمام.
في عربات قطار الأنتلجنسيا…
ومن باريس إلي تونس وجد القرفي نفسه في إحدي عربات قطار الأنتلجنسيا التونسية الذي عبر الستينات متحفّزا، ثم السبعينات متثاقلا، ودخل الثمانينات مرهقا، قبل أن يبلغ إرتباكات التسعينات ورعبها، منتهيا براكبيه إلي محطة القرن الجديد. في الأثناء نجت الأنتلجنسيا من النفوق وإكتفت في معظمها بملمحها كنخبة ملساء ناعمة متحررّة حتي من ترف الخطيئة، وكثيرا ما تعثر القطار وحرفت سيره النوايا وودّع ركابا وأضاع آخرين، توقف في محطّات وأخطأ أخري علي مسار التاريخ الثقافي والسياسي لتونس، ذلك الذي لم تكتبه أقلام الفرح الدائم .
تتحصّن المشاريع بمجانبتها لما هو ليس منها حتي لا يخالطها الوهم، هكذا نشأ المشروع الإبداعي للقرفي منذ بداية السبعينات : بلوغ تأسيس ثقافي للموسيقي السمفونية، مجانبا عبر ذلك إيديولوجيا الوهم، تلك التي حرستها سنوات التكريس والتنميط المستضلّة بالمشروع الوطني لما بعد الإستقلال والُمروّجة للتَّونَسة ولحصانة التقوقع، قبل أن تنتهي إلي ذهنية الإهتراء. كانت هنالك حاجة للتحليق خارج السرب الحديدي، وكان النغم بالنسبة إلي محمد القرفي ذا وظيفة فكرية وتاريخية في آن : إعادة تنسيب الحقائق المطلقة ومكافحة التفقير المنتظم للجماليات، وتعهّد الذائقة الإبداعية بوصفها معني مجرّدا للوجود الإجتماعي، فنشر وألّف وأنتج وصارع وقاطع وألقي بنفسه في مرحلة إستحقّت فيما بعد تسمية المنعرج. لم تُعرف عنه إدانة الجمهور ونسفه، رغم تبرّمه الصارخ من الجمهرة ومفعولها التسطيحي، لم يتعال علي من هم في القاع، وإنما دعا إلي إبقاء الحس النقدي لكشف السياق السياسي والإيديولوجي الحاضن لإنفعالات الجماهير وضجيجها.
لم تقده صرامته إلي الإستئصالية رغم ما خاضه من مواجهات، بل حرص علي تفادي المسالك المطروقة وعمل علي تشذيب التأليف الموسيقي والركحي من كلّ تشويش علي الفكرة : الحداثة عربيٌّا . وما هي ميزة سيّد درويش لو لم يكن تحطيم سلطة النمط، وما هو فضل الرحابنة لو لم ينتجوا التقدمية الحضارية المرتجاة في حوارية الموسيقي الإنسانية ؟
في منطقة ما بين السبعينات والثمانينات (فترة عجيبة تكاد الآن تطفو علي سطح تاريخ تونس الثقافي والسياسي وكأنها لم تكن) صَنعت النُّخبة جغرافيا لخطابها بفضل مناحي التجريب والتفكيك التي إتسمت بها معظم الإعمال الإبداعية، الركحية والمكتوبة ( المسرح الجديد الذي إغتني فيما بعد بتشظيه، القصيدة التونسية الحائرة بين الجمالية والتضمين، صحافة الرأي النهمة) في هذه الفترة، كان القرفي أخذ بعد صيته، دون أن يرهق نفسه في الفصل بين شخصيته الصدامية ومنطقه التحليلي الحواري المثير، أخرج للنور أكثر من عمل أهمها أوبريت الغصون الحمر ، عمل أوركسترالي وظّف طاقات التكثيف النصّي والتجديد اللحني فكشف قامته الإبداعية كموسيقار ومؤلّف وجلب له الكثير من الضوء والأعداء، إكتشفَ أصواتا أصبحت فيما بعد ملامح للمغايرة والتفرّد، أنتج ألحانا غالبت ثقافة الشعبوي ، وكرّس وقتا طويلا لمعارك مع رموز التكلّس أشخاصا ومؤسسات. كان القرفي في تلك الفترة يَجْهدُ في صيانة الترابط الوظيفي بين طروحاته الإبداعية وقوانين الإلتزام، وبدل أن يخوض مع الخائضين في شروط الإنتظام الإيديولوجي أو يحاجج في فرص الإمكان التاريخية والحياتية للنخبة، بدل ذلك عرف كيف يكون هو نفسه ذلك المثقف العضوي وأن يصنع من مسيرته تمرينا مطوّلا علي الإلتزام.
مطلاّ علي شارع باريس في العاصمة من مقر المعهد الوطني للموسيقي، أخفي القرفي إرتباكه من الإنتظام الرسمي الإداري، هو عدوُّ البعد الواحد بإمتياز شغل خطة مدير، بعد مسيرة من التجاذب والتنافر بينه وبين المؤسسة الرسمية. وسواء كان ذلك بيقين منه أو بتعنّت فقلما وافق القرفي منتقديه علي حصاد مسيرته علي رأس هذه المؤسسة، عديدون إعتبروا أنّه تجاوز القيام بتطوير نمط التكوين وتخطّي التجديد الأسلوبي ليتورّط في التماهي بين مقتضيات البيداغوجيا من جهة وذاتيّته المستنفرة في معارك البناء والهدم من جانب آخر. البعض من منتقديه ممن إشتغلوا مدرّسين ضمن فريقه العلمي يتفادون اليوم علي إستحياء تذكّر عدالته المريرة بينهم و بين سائر الطلبة حتي في توزيع التقريع والتأنيب الأبويّ. وعندما إنهالت عليه السهام، إعتبر القرفي أن إجتهاداته الإدارية علي رأس المؤسسة الرسمية كانت في أفضل الحالات فضيلة التجربة وفي أقصاها فضيلة الخطأ، مطمئنّا لموت جميع الأنبياء في الشارع المقابل علي الأقل.
كبرياء الـ لا .
مرّة، في حوار صحافي أواسط التسعينات، أعطي القرفي رأيه ـ متأكّدا أن تلك وظيفته كمبدع و كتقني معرفة ـ في مسألة الإبداع والهوية وفي ظروف ومقومات الإنتاج الموسيقي والثقافي في تونس، عندها فسّر كيف أن الفاعل السياسي غالبا ما يبتلع الفاعل الثقافي دون إدراك أنه إبتلع شيئا خطيرا، محلّلا أوجه الصواب في غلق وزارات الثقافة العربية مدللا علي ذلك بأنها لم تفلح في الإنتصار لمبدأ أو إنجاح معركة أو التصدي لهزيمة، ومشيرا إلي أن سطوة النمط الثقافي الأمريكي الإستعماري، كانت دون حاجة إلي وزارة ثقافة، متهكما بسخريته المتأنّقة علي المعالجات الإدارية والإعلامية محلّيا وعربيا لمسألة الهوية في زمن الخواء العالمي، وصَدَم هذا التشخيصُ بعض ربطات العنق الإدارية، فإنهالت القرارات، وإثرها بأسابيع بدأ القرفي في إحصاء من تبقّي من الأصدقاء غير العاقّين بعد أن إنفضوا فجأة، سحب منه الإشراف، صدفة، علي فرقة مدينة تونس للموسيقي العربية وقوطع من أغلب وسائل الإعلام، بعد سنوات ذهبت ربطات العنق وذهبت التقارير وذهب الأصدقاء الموهومون وبقي القرفي. القاصرون علي تلمس طريقه المتعرجة نحو الكون الفسيح غالبا ما أرهقهم. منذ أول تقاطع بيننا في المسالك، بدا لي متردّدا في تلك المنطقة بين ما يقتضيه الدور و ما يحتمله الواقع، بين ما يجمّله المطلق وما تبعثر إنسجامه التفاصيل…
في نهاية الثمانينات تعرفت لأول مرة علي القرفي كقارئ له لا كمتلق، بعد أن تحول إلي سمة منفلتة عن ملمح النخبة. تعرفت حينها علي صورة مركبة للقرفي لم تكن الشخصيةُ الإبداعية عمقها الرئيسي بقدر ما كانت ملامح الشخصية المقاومة، الرافضة، الساحرة. كان محمد القرفي حينها ينشر سلسلة مقالات تحت عنوان كلمات ضائعة في زمن الرداءة . وبدا لي العنوان مشحونا بمديح للـ سيزيفية المتوثبة لمقاومة جبال الممانعة، وفي كل مرة كنت أعود إلي ذلك الإنجذاب متسائلا ما إذا كنت أنا ذاتي باحثا عن عقلنة هذه الـ سيزيفية خلف ستار الإحتفاء السايكولوجي بالقضايا الخاسرة والخيبات المتوالية.
كيف زاوج القرفي بين غائية الخطاب التواصلي وهو يُقدم علي نشر مقالاته للقرّاء، وبين نحره هذه الغائية عند عدمية التواصل في زمن الرداءة ؟ كيف يشكل في حرصٍ بنيان خطابه ثم ما إن يكتمل ويتضح ويستوي حتي يطوّح به؟ ما الذي كان يعنيه بإطلاق كلمات هي جوهر خطابه، قبل أن يلتف عليها، و يصفها بالضائعة؟
في منحي كهذا ورّط ناقديه ومحبيه علي حدّ سواء، والعديد ممن شاؤوا درس آثاره إختلف لديهم السعي عن القصد، فانتهوا إلي تفكيكية سقيمة لمرجعياته، بدل التعرف من الداخل علي إقتراحاته الجمالية وسياقاتها الفكرية والتاريخية، فنسوا أوبريت الغصون الحمر ونداءاتها التحديثية ولم يدركوا من أصوات الحرية سوي الأصوات، ولم يلمسوا من زخارف عربية سوي حنينها المستتر دون تصفح سجلّها الثوريّ الرومانسي، ولم يستطيعوا تمييز مرامي عرض السيني مغني في قرطاج 2005 .
أحيانا ألهتهم مواقفه المشخّصة عن إنشاء معني فكري متّسق يليق به ويسهم في التعرف إلي لحظات الإلتقاء بين منجزه الخاص وذلك النبع الإنساني المسمّي الإبداع، و لعلّ القرفي أعان الآخرين علي إضاعة هذه السبل والفرص، بالدفاع عن الإشتغال علي السجل الموسيقي العربي وتمحيص الرموز المشعة فيه، بدل الترويج لسجله الخاصّ و توسيع رقعته. ذلك هو القرفي، طريقته المتفردة للإقامة في العالم أن يكون لاذعا حدّ الإسراف، صارما حدّ الإيلام، مكابرا حتّي التيه، يُدين الحياد ويفسد يقين المطمئنّين علي سلامة المسيرة ونصاعة المشروع، لم يقاسم أحدا رجاءه ولم يغو أحدا إلي ساحته، لم يكن ذلك في كل الحالات برنامجه.
مسير طويل علي حافة القلق وتكثيف بليغ لـ نوستالجيا ما… تلك هي صورة القرفي عابرا شارع بورقيبة في العاصمة تونس، سعادته وجرحه في آن الإستحالةُ الوجودية لإعادة إختبار البدايات، ميزته الأسمي لدي البعض وخطيئته البراقة لدي الآخرين ترويضه لكبرياء الـ لا في عصر الـ نعم .
(*) صحافي من تونس
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 15 ديسمبر 2005)
« ضو مسكين » يروي لـ »العربية. نت » تصديه لترحيل أئمة مساجد بفرنسا
في مسألة الجزيرة : عندما يتحول النجاح الي مطاردة
د. بشير موسي نافع (*)
عادت الجزيرة خلال الأسابيع القليلة الماضية مرة أخري الي صدر صفحات الأنباء. المحطة العربية التي يفترض بها ان تلتقط الخبر وتنشره أصبحت هي الخبر. والحقيقة ان الجزيرة لم تكد تغيب عن صفحات الأخبار حتي وجدت نفسها تعود اليها. وليس هناك من مؤسسة اعلامية تود ان تري نفسها وقد انتقلت من موقع صناعة الأخبار الي ان تكون هي المادة الخبرية. عندما يحدث هذا عادة فان الأمور ليست علي ما يرام. وما شهده الجدل حول الجزيرة ودورها مؤخراً كان أكثر بكثير من ليست علي ما يرام . فان يضع صانع القرار في أهم وأقوي دول العالم علي طاولة البحث خطة لقصف المحطة العربية وتدمير بعض مكاتبها، حتي وان لم ينفذ هذا المخطط، هو أمر مثير للرعب فعلاً. من خطرت له فكرة من هذا القبيل يوماً، ولم يجد استجابة أوتشجيعاً، يمكن ان يعود لمثلها مرة أخري؛ أو حتي ان يأتي خلف له ويعيدها الي مائدة البحث. الذي تشهد عليه وثيقة الديلي ميرور البريطانية في هذا الشأن ان سقفاً أعلي في العلاقات الدولية قد اخترق، وان قاعاً أبعد في العلاقة بين الولايات المتحدة والعرب قد تم تجاوزه. ولكن السؤال يظل دائماً لماذا، لماذا تتعرض هذه المحطة التلفزيونية الصغيرة (وهي بالفعل محطة تلفزيونية لا قاعدة للصواريخ) لمثل هذه المطاردة؟ لماذا يبدو وكأن بعض الدوائر العالمية باتت أكثر انشغالاً بالجزيرة من انشغال الجزيرة بالعالم، الانشغال الذي يقع في صلب عمل الجزيرة؟
شهدت بيروت ودوائر المال والاقتصاد العربية في منتصف الستينات انهيار واحدة من أكبر قصص النجاح العربي في المرحلة الفاصلة بين نكبة 1948 وهزيمة 1967. قبل ذلك بسنوات قليلة كان مدير بنك من أصل فلسطيني يدعي يوسف بيدس قد صعد ببنك انترا اللبناني الصغير صعوداً أسطورياً. تلك كانت أكثر سنوات مدينة بيروت ازدهاراً، عندما تحولت العاصمة العربية المتوسطية الي مركز للمال والسياسة والاعلام والاستخبارات. وقد رافق ازدهار بيروت ازدهار صناعة النفط العربية وبدء تحول النفط الي سلعة عالمية استراتيجية. منذ نهاية الخمسينات، خرجت أوروبا واليابان من تحت الركام الثقيل لسنوات الحرب العالمية الثانية لتطلق مرحلة غير مسبوقة من التوسع الصناعي والرفاه، ومن تحول الصناعة والرفاه الي أداة رئيسية في الحرب الباردة. ومع التوسع الصناعي المطرد تعاظمت الحاجة لمصادر الطاقة، في وقت بدأ الانتاج الامريكي النفطي في التراجع النسبي. وبازدياد الطلب العالمي علي النفط ازدادت المدخولات العربية، بالرغم من ان اتفاقات الانتاج كانت لم تزل تصب لصالح شركات النفط لا الدول المنتجة. وقد استطاع بنك انترا الدخول الي الساحة المالية العربية من خلال كسب ثقة أصحاب الفوائض المالية، والمنافسة المهنية في أسواق الاستثمار البنكي العالمي. بدلاً من ان تصب الأموال العربية كلها في البنوك الغربية الرئيسية، أخذ جزء ملموس من هذه الأموال يذهب الي أنترا. وبدا وكأن أنترا، البنك الذي جاء الي صدارة السوق من حيث لم يحتسب أحد، أصبح منافساً جدياً لكبريات دور المال والاستثمار الأوروبية والامريكية التي كانت تنظر الي الأموال العربية النفطية باعتبارها حقاً لها، تماماً كما كانت نظيراتها من شركات النفط تنظر الي حقول النفط العربية.
كان نجاح أنترا أسطورياً بكل المقاييس. فهذا بنك عربي من رأسه الي قدميه، يدخل الي سوق هي في أصلها سوق غربية، منشأ ولغة ونمط تفكير، وينجح. بنك بدأت استثماراته تغزو عواصم العالم الكبري، وصلاته تمتد من المشرق العربي الي أسواق العالم المختلفة. وفجأة، وخلال فترة قصيرة لا تتجاوز الأسابيع، أطيح بأنترا. وكما كان صعوده أسطورياً جاء انهياره مدوياً، حتي ان البعض زعم ان اسقاط بنك أنترا كان المقدمة لحرب حزيران (يونيو) 1967. وقد أسقط البنك بلعبة صغيرة وتقليدية، بدأت بانتشار شائعات لا يعرف أحد مصدرها بان البنك يعاني من نقص في السيولة النقدية. وسرعان ما تدفق المودعون علي البنك يسحبون ودائعهم. ولأن بنكاً في العالم كله لا يملك من السيولة ما يستطيع به تغطية طلباً نقدياً جامحاً من مودعيه خلال أيام قليلة، فقد وجد البنك نفسه في مواجهة أزمة حقيقية لا مجرد شائعات. في مثل حالة أنترا كان يتوقع من البنك المركزي اللبناني أن يتقدم للمساعدة علي تجاوز حملة الشائعات وطلبات المودعين، ولكن ذلك لم يحدث. وقد ترك أنترا ليواجه مصيره المحتوم، ضحية نجاح هائل لم يكن من المفترض لبنك عربي في تلك المرحلة المبكرة من تاريخ الثروة العربية ان يحققه.
ثمة تشابه كبير بين مشكلتي أنترا والجزيرة. فأحداً لا يمكن ان يبتلع الاتهامات الامريكية المتكررة للجزيرة، ليس فقط لأن المبالغة والبحث عن المشاجب هي من طبيعة كل من يتعرض لخيبة أمل وأزمة، بل أيضاً لأن الجزيرة مثلت منذ البداية استجابة حقيقية للخطاب الامريكي الموجه للمنطقة العربية. قدمت الجزيرة، مثلاً، تغطية بالغة الكفاءة للانتفاضة الفلسطينية، آخذين في الاعتبار الموقع المركزي الذي تحتله المسألة الفلسطينية في الوعي العربي. ولكن الجزيرة في الوقت نفسه فتحت المجال واسعاً أمام المسؤولين والناطقين الرسميين الاسرائيليين، بحيث بات باستطاعتهم دخول غرف الاستقبال العربية والتوجه مباشرة للملايين من المشاهدين العرب. التطبيع العربي ـ الاسرائيلي هو من وجهة النظر الامريكية – الاسرائيلية عقدة عقد الصراع العربي ـ الاسرائيلي، وقد أتاحت الجزيرة للجانب الاسرائيلي تقديم وجهة نظره كاملة في أغلب الأحداث والتطورات التي يمر بها التدافع علي فلسطين. كون الاسرائيليين فشلوا في كسب ثقة المشاهد العربي فليس مشكلة الجزيرة. وهذا ما ينطبق علي الصورة الامريكية في الشارع العربي. فمكتب الجزيرة في واشنطن هو واحد من أكبر مكاتبها علي الاطلاق، بل أنه المكتب الوحيد للقناة الذي يقوم بتقديم برنامج أسبوعي مهمته الوحيدة هي نقل ما يجري في العاصمة الامريكية للمشاهدين العرب، ليس من وجهة نظر عربية بل من زوايا النظر الامريكية ذاتها. وربما لم تتح، ولا حتي قنوات التلفاز الامريكية، للمسؤولين الامريكيين تقديم وجهة نظرهم للمشاهدين خلال الشهور والأسابيع القليلة التي سبقت غزو العراق كما أتاحت الجزيرة. ومنذ احتلال العراق، أصبح الناطقون الرسميون الامريكيون زواراً يوميين علي نشرات أخبار الجزيرة. بل ان الحرفية التي ميزت تغطية الجزيرة للأوضاع العراقية، قد تراجعت تراجعاً ملموساً خلال هذا العام لصالح تقديم زاوية النظر الامريكية وزاوية نظر حلفاء الولايات المتحدة من العراقيين.
طالب الامريكيون منذ ولاية كلينتون الأولي بتغيير ديمقراطي في المنطقة العربية. ثم تحول المطلب الديمقراطي في المرحلة التالية لهجمات أيلول (سبتمبر) 2001 الي ثابت أساسي في سياسات ادارة بوش الشرق أوسطية. وليس هناك من شك في أوساط أكاديميي دراسات الشرق الأوسط ومراقبي شؤون المنطقة ان الجزيرة لعبت، وتلعب، دوراً هائلاً في عملية التحول الديمقراطي في طول المجال العربي وعرضه. ثمة مادة اخبارية وثقافية ـ سياسة يومية تقدمها الجزيرة لمشاهديها العرب، تستجيب هذه المادة لكافة الشرائح الاجتماعية العربية، من ربات البيوت الي الأساتذة الجامعيين، ومن الجدات الي طلاب المراحل الثانوية. هذه هي المحطة التلفازية العربية الأولي، وتكاد ان تصبح الوحيدة بعد تراجع نظرائها، التي تتيح منبراً لكل أطياف الرأي العربي، ولكل التوجهات السياسية، بغض النظر عن حجم أصحابها وتأثيرهم الفعلي في المجتمع وفي تكوين الوعي الجمعي. وفرت الجزيرة منبراً لدعاة التطبيع العرب مع الدولة العبرية، وهم لا يشكلون قوة فعلية في بلدانهم؛ للجنرال ميشيل عون في سنوات النفي، عندما لم يكن ممكناً له التوجه للبنانيين عبر وسائل الاعلام اللبنانية؛ للاسلاميين وخصومهم، للأنظمة الحاكمة ومعارضيها، لمطالب الأقليات الاثنية والدينية والطائفية، للعروبين والساخرين من العروبة، للمقاومين والساخرين من المقاومة، للمعلين من دور العقل ومروجي الخرافة، لدعاة النهضة وسماسرة الشركات الأجنبية، ولفضلاء العرب وسفهائهم. ان لم تكن هذه القناة أهم مسرح للثقافة الديمقراطية في العالم العربي فمن الصعب ايجاد مسرح آخر. وليس هناك من شك في ان الشهور الأخيرة شهدت توفير مساحة أوسع علي شاشة الجزيرة للاتجاهات السياسية المؤيدة للولايات المتحدة وتصورها للعالم.
اللحظات التي اصطدمت فيها تغطية الجزيرة بالسياسة الامريكية هي لحظات قليلة بالفعل، ان لم تكن نادرة. وهي في جملتها ضرورية لحفاظ القناة علي مصداقيتها المهنية، والاستجابة لحاجات العرب الاخبارية. بين تلك اللحظات نجد، مثلاً، تغطية معاناة الفلسطينيين في ظل الاحتلال الاسرائيلي، أو معاناة العراقيين في ظل الاحتلال الامريكي. ولكن هذه تبث دائماً في موازاة تصريحات اسرائيلية وامريكية رسمية، تقدم وجهة النظر المضادة لصورة المعاناة والأمل الانسانيين. المادة التي طالما أثارت الجدل هي بالطبع رسائل وخطابات بن لادن وشركائه في قيادة القاعدة. وهذه بالتأكيد مادة اعلامية من الطراز الأول، وقد كانت المحطات الامريكية الكبري من حجم السي ان ان والأيه بي سي هي أول من ذهب الي أفغانستان وسعي بكل جهد ممكن لاجراء مقابلات مع بن لادن. ولا يعرف حتي الآن ان هناك مؤسسة اعلامية واحدة، عربية أو غير عربية، حصلت علي شريط لزعيم القاعدة وأحجمت عن بثه. المسألة التي لا جدال حولها ان المقاومة الأفغانية والعراقية للاحتلال الامريكي في البلدين تصاعدت خلال العام الأخير، وهو العام الذي شهد اغلاق الجزيرة في بغداد وتراجع متابعتها للشأن العراقي، والتراجع الأكبر لتغطية تفاصيل الشأن الأفغاني.
هذه الصورة للجزيرة لا تنطبق تماماً مع الصورة التي يروج لها المسؤولون الامريكيون. وهو ما يطرح سؤال الجزيرة/ ادارة بوش من جديد: لماذا اذن استهداف القناة والعاملين فيها؟ الاجابة في نظري من شقين. الأول، يتعلق بالنجاح، نجاح مؤسسة اعلامية عربية في دخول مجال كان مقتصراً علي المؤسسات الاعلامية الغربية، مصادر، وصناعة، وصياغة ونشراً. فجأة، كما بنك أنترا، تبرز هذه المحطة الصغيرة التي تقوم عليها مجموعة من الشبان العرب المهنيين من لا شيء وفي هذه المنطقة بالغة الحساسية من العالم. المسألة هنا ليست بالضرورة ما تقوله الجزيرة وما تنشره، ولكن النجاح الذي أحرزته والذي جعل شاشة السي ان ان غير ذات ضرورة لغرف الجلوس العربية، وجعل مكاتب الجزيرة ومراسليها في نقاط العالم الساخنة يتفوقون علي زملائهم في رويترز أو اليونايتد برس، علي الأقل بالنسبة للمشاهد العربي. نجاح الجزيرة، باختصار، هو اللعنة التي ستطارد العاملين فيها حتي يطيح بالقناة كما أطاح ببنك أنترا أو يتعود العالم علي هذا النجاح.
أما السبب الثاني فيتعلق بالاستبداد، أهم سمات الامبريالية علي الاطلاق. الامبريالية هي في جوهرها أعلي درجات الاستبداد، ليس فقط لأنها لا تقبل طائعة مبدأ الشراكة مع القوي الواقعة تحت سيطرتها، ولكن أيضاً لأنها لا تقبل رواية أو سرداً يخالف روايتها وسردها، ولو حتي فيما يتعلق بالتفاصيل الصغيرة. وما أن تقع الامبريالية في أزمة غير متوقعة حتي تصل نزعتها الاستبدادية أعلي مستوياتها. والمشروع الامريكي في المشرق العربي يواجه اليوم واحدة من أكثر أزماته حدة ومدعاة للقلق، أزمة قد لا تودي الي الفشل في العراق فحسب بل وربما ستنعكس علي موقع امريكا في العالم أيضاً. في خلفية هذه الأزمة لا يبدو ان الجزيرة تسعي الي الاصطدام بالتوجهات الكبري للسياسة الامريكية، فهذا ما لا يوجد عليه من دليل، بل تحاول الحفاظ علي أسس المهنية التي أعطتها كل هذا الولاء من المشاهد العربي. ومن حين الي آخر، تفرض أسس المهنية رواية وسرداً مختلفين عن الرواية والسرد الامريكي. وهنا تصبح الجزيرة خصماً ينبغي اخراسه عن الرواية والسرد، حتي والدعوة الي الديمقراطية واطلاق الحريات هي الخطاب الايجابي الامريكي الوحيد.
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 15 ديسمبر 2005)
محنة الليبراليين العرب
السيد ولد أباه
في حين كشفت نتائج الانتخابات التشريعية المصرية، المنظمة مؤخرا، عن تقدم ملموس، واختراق متزايد لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة، برز التيار الليبرالي ضعيفا، هشا، عاجزا عن استمالة الناخبين.
ومع أن الإعلام تحدث في الأشهر الماضية كثيرا عن حركة كفاية وحزب الغد، إلا أن هذه المجموعات النشطة في دينامكية الإصلاح السياسي، وإن تمكنت من بناء قوة ضغط فعلية كان لها أثرها الحاسم في تقديم النظام التنازلات النوعية الأخيرة التي خففت حالة الاحتقان السائدة وحسنت من قواعد المنافسة الانتخابية. مع كل ذلك إلا أنها لم تنجح في تحويل مكاسبها المذكورة إلى رصيد سياسي قابل للتوظيف والاستثمار سياسيا.
وقد ذهلت في زيارة للقاهرة في الصيف الماضي من محدودية استقطاب حركة كفاية للجموع الشعبية العريضة، على الرغم من الضجيج الاعلامي الواسع الذي واكب نشاطها في تجمعاتها الصغيرة في وسط المدينة. لم تكن تتجاوز هذه التجمعات بعض رموز المجتمع المدني، وعناصر من الوسطين الفني والاعلامي. وقد حضرت آنذاك إحدى ندواتها صحبة الصديق حلمي الشعراوي الكاتب والسياسي اليساري المعروف.
وليست الساحة المصرية بالاستثناء، بل إن الظاهرة نفسها لاتكاد تختلف من بلد عربي إلى آخر.
وكانت إحدى الدراسات الصادرة عن مؤسسة راند الأميركية خلال السنة المنصرمة قد تنبهت إلى هذه الحقيقة في رصدها لعوائق التحول الديمقراطي في العالم العربي، معتبرة أن ضعف الاتجاه الليبرالي هو السبب الأساسي لغياب الحريات العامة في البلدان العربية.
وكثيرا ما نسمع لدى بعض الساسة ورجال الفكر أن الديمقراطية لا تستقيم بدون ديمقراطيين، ولذا فإن أي انفتاح سياسي لا تسنده قوة ليبرالية حقيقية يفضى إلى النكوص، إلى الاستبداد والدكتاتورية. وغالبا ما تقدم هذه الحجة لتبرير إقصاء بعض مكونات الحقل السياسي من دائرة الشرعية، حتى ولو كان من اللازم طرح السؤال الجذري الذي واكب نشأة الفكر الليبرالي ذاته، وهو سؤال العلاقة القائمة بين الجانب الإجرائي التنظيمي في العملية الديمقراطية ومضامين التصورات الكامنة للشأن السياسي لدى الفاعلين المتنافسين.
وليس من همنا التعرض لهذا الإشكال المحوري الذي نلمس صياغته الراهنة في حوار علمي الفلسفة السياسية المعاصرين : الاميركي جون راولس والالماني يورغن هابرماس، وإنما حسبنا الإشارة إلى أن اختزال الديمقراطية في بعدها الإجرائي يحولها إلى مجرد آلية ضبط لموازين القوى القائمة، في حين يؤدي تحميلها مضامين قيمية محددة إلى انتهاك مبدئها الأساس الذي هو ضمان حق التعددية الفكرية وتباين التصورات والبرامج (أي حرية الوعي والمعتقد التي هي منطلق وأساس كل الحريات العامة).
ومن هنا، التمييز الذي يقيمه بعض المفكرين والباحثين بين الديمقراطية بصفتها آلية تنظيم للتعددية السياسية، والليبرالية من حيث هي المنظومة القيمية التي تحمي وتصون التعددية.
فبعض الباحثين العرب والغربيين يذهبون بوضوح إلى أن المجتمع العربي الراهن بحاجة مزدوجة إلى الإصلاحات الدستورية والقانونية إلى تكفل حرية التنظيم السياسي والإصلاحات الثقافية والتربوية التي تغرس وتجذر في الوعي والمخيال القيم لليبرالية الحديثة. ذلك هو مضمون «حرب الأفكار» التي أطلقتها إدراة الرئيس بوش بعد أحداث 11سبتمبر حتى ولو كان مردودها محدودا وصدقيتها مشكوكا فيها.
ومما لاشك فيه أن التيار الليبرالي العربي الراهن يختلف من حيث جذور النشأة والتركيبة المجتمعية والأهداف عن التيار الليبرالي الأوربي في عصور الأنوار، والعربي في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.
فالاتجاه الليبرالي الأوربي كان حامل مشروع فلسفي متكامل هو مشروع التنوير بقيمه العقلانية ومفاهيمه المستندة للوعي بالذات مرجعية فكر وممارسة، ولذا تمحور برنامجه المجتمعي على رفع شعاري التسامح والحرية مخرجان من حالة التعصب الديني والاستبداد السياسي.
أما الاتجاه الليبرالي العربي في القرنين الماضيين فقد كان حامل مشروع نهضوي، لتحديث المجتمع العربي وتجديد ثقافته وفكره، ولم يكن التحرر السياسي سوى أحد هذه الأهداف التحديثية.
أما الحركة الليبرالية العربية الراهنة فتتشكل أساسا من ثلاثة مكونات هي: بعض تنظيمات المجتمع المدني الناشئة التي تتأرجح بين العمل الأهلي والنشاط السياسي، وبعض عناصر الوسط الثقافي والجامعي المقصية من دائرة الحراك السياسي، وبعض التنظيمات الحزبية الهشة العاجزة في الغالب عن تأمين مواقع انتخابية معتبرة في الحقل السياسي القائم.
فهل حالة ضعف التيار الليبرالي راجعة إلى إحجام الشارع العربي عن القيم والبرامج التي يطرحها هذا الاتجاه أم تفسر بطبيعة تركيبته وأدائه؟
ليس من السهل الإجابة عن هذا السؤال المعقد، إلا أن عاملين أساسيين يتعين استحضارهما في معالجة هذا الإشكال العصي.
الأول: طبيعة تشابك هدفي التحرر السياسي الداخلي والتحرر الوطني والقومي (بما فيه التحرر الثقافي) الذي نجم عنه في مناخ الصدام الحاد مع القوى الغربية هاجس التشبث بالهويات الدينية والقومية وإعطاء الأولية لتحرير الأوطان، على تحرير المواطنين، في حين يتهم أحيانا التيار الليبرالي بالعمالة للأطراف الأجنبية وبتأدية دور الوكيل المحلي لها (توظف الحكومات هذه التهمة في قمعها للإصلاحيين الليبراليين).
الثاني: ضعف وضبابية المشروع الثقافي لدى الاتجاه الليبرالي العربي الذي لا يتجاوز في الغالب التبشير بقيم ومفاهيم تحديثية وعلمانية غائمة، دون القدرة على صياغتها في مشروع مجتمعي منسجم قابل للتكييف السياسي الناجع.
(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 15 ديسمبر 2005)
ثلاثية «المال والقوة والمعلومات» بين «الشمال» و «الجنوب»
محمد صادق الحسيني (*)
بين «منتدى المستقبل» في البحرين و «مجتمع المعلوماتية» في تونس ثمة خيط رفيع يكشف مدى ضعف بلدان «الجنوب» ومدى قوة بلدان «الشمال» بالمقابل في معادلة ثلاثية عنوانها المال والمعلومة والقوة العسكرية.
فبقوة هذه «الثلاثية» تصبح دول حليفة للولايات المتحدة استبدادية بامتياز وبحاجة الى «صندوق خاص» للاصلاحات والدمقرطة، مما يثير حفيظة تلك الدول ويجعلها تتحفظ عن بيان المنامة. ولكن بالقوة نفسها المشار اليها يصبح التحرر من احتكار القوة الأعظم في العالم للانترنت ممنوعاً وحراماً فتفشل كل قوى العالم الحرة والمستقلة في نزع هذا الاحتكار من المتنفذ الأول ولو بـ «الثلاثية» ذاتها. وبقوة هذه الثلاثية يصبح التعذيب في «ابو غريب» و «غوانتانامو» واستخدام الفوسفور الأبيض في إبادة أهالي الفلوجة أمراً عادياً أو ممارسات فردية لا تعبر بالمطلق عن سياسات عامة!
لكن، فجأة، وبقدرة قادر، وبقوة هذه الثلاثية نفسها، يصبح التعذيب في السجون التابعة لوزارة الداخلية العراقية – القائمة أصلاً بقوة الثلاثية نفسها – يصبح هذا التعذيب من الجرائم المنظمة التي تحتاج الى لجنة تحقيق والى اقتحامات للسجون من أجل تبديل وجوه حليفة لها بعدما باتت محرومة اقليمياً.
تماماً كما ان جريمة اغتيال الراحل رفيق الحريري بحاجة الى لجنة تحقيق دولية تملك حق السيادة على الدول المحيطة بلبنان، وليس لبنان وحده، بقوة الثلاثية المشار اليها، في حين تصبح جريمة اغتيال وتسميم الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات حادثاً عادياً ليست الدولة الأعظم «طرفاً مهتماً بلجنة تحقيق دولية فيه» كما تقول كوندوليزا رايس أمام الكاميرات لدى زيارتها الأخيرة لفلسطين المحتلة رغم المطالبات الفلسطينية المتنامية بتشكيل مثل هذه اللجنة.
وبالقوة الثلاثية نفسها تصبح تفجيرات بغداد والمدن العراقية المستباحة على يد الارهابيين الذين يفترض انهم مطاردون من قبل قوات الاحتلال، أمراً يومياً عادياً، بل قد يكون «مطلوباً» لتخويف الجماعات العراقية من بعضها بعضاً، وبناء المتاريس الطائفية ضد بعضها بعضاً، بينما تقوم الدنيا ولا تقعد في يوم عمان الاسود وتفجيرات الفنادق الأردنية الثلاثة بقدرة القوة الثلاثية الآنفة الذكر، رغم ان الفاعل هو نفسه كما يفترض والإدانة يجب ان تكون واحدة وبالحزم والقوة نفسيهما كما يفترض!
وليس بعيداً عن هذه المفارقات العجيبة التي نعيشها اليوم تصبح الترسانة النووية العسكرية الاسرائيلية بقوة اسلحتها التدميرية الشاملة أمراً مطلوباً يتم تبريره يومياً من جانب «الثلاثية» المشار اليها، فيما يصبح مجرد الحصول على العلوم والتكنولوجيا الخاصة باستخدام الطاقة الذرية لأغراض التقدم والرفاهية والتطوير الطبي والزراعي والصناعي لدى دول الجنوب ولا سيما دولة مثل ايران محرماً ويجب ان تعاقب عليه لأنها تجرأت على ناصية علوم هي من «اختصاص» أطراف القوة الثلاثية المذكورة.
باختصار شديد ومكثف، ثمة شعور متزايد ومتنام نقرؤه على وجوه وفي ملامح طرفي المعادلة «الشمالية» والجنوبية بان «رب الشمال» مصمم على ضم كل ما هو ثمين وغال في الجنوب الى أرضيه وحياض امبراطوريته بقوة «الثلاثية» الآنفة الذكر، ولا يبدو انه مبال ان يحصل مثل هذا الضم بالقوة العارية أو بقوة تداعيات تلك القوة.
هذا هو الانطباع الذي يتركه «رب الشمال» لدى غالبية «ارباب الجنوب» سواء كانوا من المقاومين والممانعين لرغبته الامبراطورية أو الممالئين او المتعاونين معه لتحقيق جموحه ورغبته الامبراطورية تلك، لا بل ان من يحضر الجلسات والمناقشات التي تدور على هامش الاجتماعات الدولية وفي الأروقة الخلفية للمؤتمرات يسمع تململاً وضجراً متنامين حتى من أقرب المتفائلين أو القانعين أو القابلين بالشروط القاسية والمجحفة التي يطرحها «رب الشمال» مع «ارباب الجنوب»، حتى ان لسان حال بعضهم يذكرني بتلك الخطبة التاريخية للزعيم الهندي الأحمر زعيم هنود دواميش المعروفة بخطبة «سياتل» التي القاها في مراسم الاستسلام التاريخي الذي سبق ابرام معاهدة الاستسلام في العام 1854، قال: «ان زعيم واشنطن الكبير يقول لي انه يريد ان يشتري بلادنا، ويقول لي انه صديقي وانه يكن لي مودة عميقة… ما الطف زعيم واشنطن الكبير، لا سيما انه بغنى عني وعن صداقتي، لكننا سننظر في ما يعرضه زعيم واشنطن الكبير، فنحن نعرف اننا إذا لم نبعه بلادنا فسيجيئنا الرجل الأبيض مدججاً بسلاحه وينتزعها. لكن كيف نستطيع ان نبيع أو نشتري السماء ودفء الارض؟!
ما أغرب هذه الأفكار! كيف نبيع طلاقة الهواء؟ كيف نبيع حباب الماء ونحن لا نملكها؟! كل شبر من تراب هذه البلاد… كل خيط من ورق الصنوبر… كل شاطئ رملي… كل مدى من الضباب في غياهب الاحراج… كل حشرة ما تمتص أو تطن… كله مقدس في ذاكرة شعبي وتجربته مع الحياة… النسغ الذي يسيل في الاشجار يجري بذكريات الانسان الاحمر بين الازهار العاطرة هي اخواتنا، الغزال والحصان والنسر العظيم كلهم اخوتنا… القمم الصخرية لدى المروج ودفء جسد الحصان، كلها من هذه الاسرة الواحدة، فحين يقول زعيم واشنطن الكبير انه يريد ان يشتري بلادنا انما يسألنا ما لا يطاق».
أليست هذه هي حالنا اليوم مع زعيم العالم الكبير المتربع على قوة «الثلاثية» رافضاً التخلي عن اي عنصر من عناصر الاحتكار لتلك القوة، بل انه يطالب يومياً بالمزيد من الاحتكار والمزيد من «الضم» سواء بقوة القوة العارية أو قوة المؤتمرات ولجان التحقيق وسلاح الاعلام والمعلومة والمال الوفير الذي يتدفق بكل اتجاه لحماية امبراطورية المعادلة الثلاثية؟!
لكننا في النهاية لا بد ان نقول لـ «رب الشمال» كما قالها ذلك الهندي الاحمر يوماً: «ان الأيكة تزول والنسر يختفي، بينما ستظل الشطآن والغابات مسكونة بروح شعبي، وانما إلهكم وإلهنا واحد، ولن يفلت أحد من يد المصير».
(*) كاتب متخصص في الشؤون الايرانية.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 15 ديسمبر 2005)