الخميس، 14 يونيو 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2578 du 14.06.2007
 archives : www.tunisnews.net


المرصد الوطني لحرية الصحافة والإبداع والنشر في تونس : تشديد التضييقات والاعتداءات على الصحفيين

نداء من المثقفين في العالم العربي لوقف عبثية الاقتتال بين الفلسطين

أحمد نجيب الشابي في سوسة: أي دور للمعارضة في الحياة الوطنية اليوم؟

مواطنون: الاتحاد العام لطلبة تونس بين التهافت السياسي والمسؤولية التاريخية

مواطنون: عندما تغيب الحجة على الإقناع ويتوارى الوزير وراء « خيارات  الرئيس »

عبد الجبار الرقيقي: المكاسب و سلفية اللائكيين

الأستـاذة إيمـان الطريقـي: الترشح لعمادة المحامين – مع الأستاذ محمد النوري في رحلته الإنتخابية فتحـي نصـري: 

وجهة نظر حول مبادرة الدكتور الهاشمي الحامدي… و ســقـط الـقـناع عـن الـقـناع

عبدالحميد العدّاسي: إعمال العقل

مرسل الكسيبي : حول موضوعة تأسيس حزب إسلامي تونسي جديد…

الحوار.نت في حوار صريح مع الأستاذ جمال الطاهر الرئيس الأسبق لحركة النهضة التونسية

د. محمد الهاشمي الحامدي: تعليقا على تصريحات الأخ جمال

لطفي زيتون: حول ملابسات إطلاق سراح المساجين سنة 1999

كمال العبيدي : العالم العربي: هل تحسنت حرية التعبير أم تدهورت؟

 محمد العروسي الهاني : خواطر و مقترحات جريئة و بشجاعة بمناسبة انعقاد اللجنة المركزية  للتجمع الدستوري الديمقراطي

عماد الدين الحمروني: الوحدة الوطنية و الانسجام الاسلامي تكليف شرعي و واجب وطني


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 

المرصد الوطني لحرية الصحافة والإبداع والنشر في تونس 

 

تونس في 14 جوان 2007

 

تشديد التضييقات والاعتداءات على الصحفيين

 

شددت السلطات التونسية التضييقات والاعتداءات على الصحفيين نذكر من بينها:

  

تمديد نفي الصحفي عبد الله الزواري في الجنوب التونسي

أقدمت السلطات التونسية على تمديد العقوبة الإدارية المفروضة على عبد الله الزواري ونفيه في جرجيس 500 كلم بعيدا عن العاصمة حيث مقر سكنى زوجته وأبنائه مدة 26 شهراً إضافياً وكان من المفترض أن تنتهي تلك العقوبة في 5 جوان 2007. غير أنّ السلطات الأمنية بجرجيس أبلغت الزواري بالقرار التعسفي الجديد والذي لم يصدر عن الجهة القانونية المخوّلة لذلك وهي السلطة القضائية بل هي مجرد تعليمات أمنيّة خارج القانون.

وكان عبد الله الزواري قد أطلق سراحه في 6 جوان 2002 بعد قضائه عقوبة 11 عاماً سجنا. ثم أجبر على الإقامة في جرجيس في حين تقيم عائلته في العاصمة تونس. وقد سجن لفترتين أثناء قضائه العقوبة التكميلية بتهمة مخالفة تراتيبها.

ويقول محامو عبد الله الزواري إنّ التمديد في إبعاده يعدّ عقوبة لمرّتين، وهو ما يخالف القوانين التونسية.

ويخضع عبد الله الزواري في مقر إقامته بجرجيس إلى حراسة أمنيّة مشددة لا تنقطع في جميع الأيام.

 

أعوان أمن يسرقون الصحفي لطفي حيدوري بواسطة التهديد

استولى عدد من أعوان البوليس السياسي يوم الخميس 7 جوان 2007 على آلة كاميرا فيديو رقمية ومصوّرة فوتوغرافية رقمية كانت بحوزة الصحفي لطفي حيدوري. وقد قطعوا عليه الطريق عندما كان متوجها لتسجيل لقاء صحفي مع المحامية راضية النصراوي رئيسة الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب ودفعوه إلى أحد الأنهج الخالية وافتكوا منه أدوات عمله. و قد تقدم لطفي حيدوري بشكوى قضائية في هذا الغرض.

 

منع فريق مجلة كلمة من العمل في مقرهم

يحاصر البوليس السياسي بواسطة فريق دائم بالزي المدني منذ 18 ماي 2007 مكتب مجلة كلمة ويمنعون فريق المجلة من دخوله. وفي مناسبات عديدة أبعد صحفيو كلمة باستخدام القوة والتهديد من دخول المقر أو الاقتراب من البناية التي يوجد بها بدعوى تنفيذ تعليمات وزير الداخلية.

 

افتكاك كاميرا من الصحفي توفيق العياشي

استولت مجموعة من البوليس السياسي يوم 14 جوان 2007 أمام محكمة الاستئناف بالمنستير على آلة كاميرا من الصحفي توفيق العياشي. وقد هاجمت مجموعة من حوالي 20 عنصرا أمنيّا بالزي المدني الصحفي المذكور وهو يغادر المحكمة بعد تغطيته لحملة انتخابية لأحد المترشحين لعمادة المحامين، وافتكّوا محفظته عنوة وأخذوا منها الكاميرا وقاموا بالاعتداء على المحامين الذين حاولوا منعهم من سرقة الصحفي توفيق العياشي.

وهذه هي المرة الثالثة التي يستولي فيها البوليس السياسي على آلة كاميرا من توفيق العياشي.

 

اعتداءات متكررة على الصحفي سليم بوخذير

تعرض الصحفي سليم بوخذير إلى اعتداء بالعنف الشديد يوم 15 ماي 2007 داخل العاصمة حيث فوجئ بأحد المنحرفين يقبل عليه تحت أنظار أحد أعوان البوليس السياسي و يشبعه لكما و ركلا إلى أن سقط على إحدى عربات التاكسي.

كما أصبح محلّ متابعة و مضايقة لصيقة من طرف أعوان البوليس السري السياسي الذي يتعقبه بواسطة ســيارة تربض أمام منزله و بداخلها عونان. كما حاول أحد المنحرفين الاعتداء عليه يوم 9 جوان 2007 بمقربة من مقرّ صحيفة « لابراس » إذ فوجئ به يهدده بالاعتداء عليه بتعلّة أنه عاكس فتاة من أقاربه. وجرى ذلك أمام أنظار البوليس السياسي الذي كان يتعقب بوخذير.

 

والمرصد الوطني لحرية الصحافة والإبداع والنشر

 

       يندّد بما تقوم به السلطات التونسية من تنكيل بالصحفي عبد الله الزواري ويطالب بالإنهاء الفوري للإقامة الجبرية المفروضة عليه تعسّفيّا.

       ينبّه إلى خطورة اعتماد أساليب المنحرفين من قبل أعوان وزارة الداخلية للانتقام من الصحفيين ومنعهم من القيام بعملهم في أمان.

       يطالب بفتح تحقيق في الاعتداءات المذكورة وإحالة من تثبت إدانتهم على القضاء. واتخاذ الإجراءات المناسبة حتى لا يفلتوا من العقاب.

 

عن المرصد

نائبة الرئيس

نزيهة رجيبة


نداء من المثقفين في العالم العربي لوقف عبثية الاقتتال بين الفلسطين

 

 
مجموعة من المثقفين العرب  

ككل أبناء وبنات هذه الأمة المنكوبة، نتابع ما يجري حاليا  في غزة من اقتتال بين الأشقاء بحسرة وألم لا حد لهما، لكن أيضا باستنكار شديد لما

في هذا الاقتتال من عبثية ومن عار.كأن مأساة الشعب الفلسطيني بصفة خاصة، ومأساة الأمة العربية بصفة عامة،

لم تصل بأحداث  القطاع والضفة والعراق ولبنان  ذروتها، حتى  تداهمنا جميعا هذه  المأساة الجديدة، فنرى الفلسطينيين يموتون بالعشرات برصاص الفلسطينيين تحت أنظار التطرف الإسرائيلي الشامتة، نشاهدهم يقومون بمهمة أعداء فلسطين بإسالة دماء  الفلسطينيين  وتشويه سمعتهم في العالم وإثارة روح الإحباط بين ظهرانيهم وإشاعة اليأس بينهم وفيهم حتى من قبل أقرب الناس إليهم. إن الاقتتال  الداخلي الحالي، وفي الظروف المعيشية القاسية التي يمر بها المدنيون الفلسطينيون تحت حصار لا سابق له، وتحت تهديد الاحتلال الصهيوني المتواصل، أمر مشين بكل المقاييس  الوطنية والأخلاقية والسياسية ولا يمكن لأي منطق أن يبرره أو أن يعطيه أدنى دور إيجابي.  ولأننا نعتقد أنها مشاعر كل عربي وصاحب قضية على سطح البسيطة،  فإننا نتوجه بهذا النداء لقيادتي  حماس وفتح وكل المنخرطين فيها بالكف فورا عن هذا المنكر المطلق الذي  بل يبدد فقط دما لن يحسب على الشرف والنضال وإنما على الخزي والعبث وإنما أيضا كثيرا من التعاطف العربي والعالمي لقضية هي الآن بصدد الموت بيدي أبنائها. كما نضم صوتنا  لأصوات الفلسطينيين والفلسطينيات الذين خرجوا ليعبروا عن إدانتهم المطلقة ورفضهم التام لقتل الشقيق لشقيقه  وهؤلاء الفلسطينيون العزل الواقفين بين نيران  الإخوة الأعداء هم كل ما تبقى من الأمل   الذي يهدره المتقاتلون في شوارع غزة. وإذ نعلن تضامننا الكامل معهم وتضامننا مع أسر كل  الضحايا فإننا  نحمل القيادات السياسية دون استثناء مسؤوليتها التاريخية في ما يحدث وتبعاته المأساوية على الشعب الفلسطيني والأمة العربية ونذكر بما يلي: 1) أية قوة منظمة فلسطينية، سياسية أو عسكرية أو من المجتمع المدني لها مبرر واحد للوجود هو حماية الإنسان الفلسطيني والدفاع عنه كفرد وكشعب. مهما اختلفت قراءتها لمصالح الشعب الفلسطيني في حقبة محددة من تاريخ نضاله. وحماية المدني الفلسطيني هي أولا مسئولية كل من يحمل السلاح لأن الترخيص الأخلاقي بحمل السلاح ينبع من الحق في المقاومة لا من صيرورة التسلح عبئا على المواطن ومصدر تهديد لأمنه. 2) الحوار هو الصيغة الوحيدة الشرعية والمشروعة حقوقيا وقضائيا وسياسيا وأخلاقيا بين الأطراف الفلسطينية وأي تهديد للسلم الأهلي الفلسطيني هو عملية تدمير ذاتي لا تقل خطرا عن جرائم المحتل. 3) من الضروري تشكيل لجنة تحقيق قضائية في هذه الأحداث وما سبقها من أحداث دموية مماثلة خلال الأسابيع الماضية وتقديم المتورطين فيها والمسئولين عنها للعدالة. فغياب المحاسبة يعزز فكرة الفلتان الأمني والاستهانة بحق الحياة. 4) ما من شك من أن الحزبية الضيقة من أسباب الأزمة الأمنية الحالية الأمر الذي يتطلب إصلاحا للمؤسسة الأمنية الفلسطينية لكي تتحول إلى قوة وطنية جامعة تكرس الوحدة الوطنية وتؤسس للدولة الديمقراطية الفلسطينية المستقلة 5) أخيرا، التذكير بما أكدته المنظمات الفلسطينية لحقوق الإنسان وهو أن الطرف الوحيد والمعني باستمرار حالة الاقتتال والفوضى وغياب القانون في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو إسرائيل الماضية بلا كلل في تكريس احتلالها لهذه الأراضي، عبر التوسع الإقليمي المتمثل في الاستيطان ومصادرة الأرض وبناء جدار الضم، وخلق وقائع جديدة غير قابلة للتراجع، بما يخدم أهدافها بضم غالبية الأراضي الفلسطينية المحتلة وتفتيت ما تبقى منها وتقويض أية فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.   الدكتور هيثم مناع، مفكر وحقوقي عربي من سورية الدكتور منصف المرزوقي، مفكر وسياسي عربي من تونس الدكتور نادر فرجاني، مفكر وباحث من مصر، رئيس الفريق المركزي لتقرير التنمية العربية الدكتور محمد بشاري، أمين عام المؤتمر الإسلامي الأوروبي ورئيس الفدرالية العامة لمسلمي فرنسا الدكتور محمد حافظ يعقوب، مفكر وباحث فلسطيني، فرنسا الدكتور عبد الهادي خلف، باحث جامعي بحريني، جامعة لوند الدكتورة فيوليت داغر، رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان، لبنان الدكتور عدنان الصباح، كاتب من فلسطين الدكتور متروك الفالح باحث وأستاذ جامعي من السعودية من رواد الإصلاح الدستوري الدكتور حسن نافعة، باحث جامعي ومفكر عربي من مصر الأستاذ عبد الله الزواري، صحفي تونسي الدكتورة لقاء أبو عجيب، طبيبة أطفال من سورية وناشطة في العمل الإنساني الدكتورة هبة رؤوف عزت، أستاذة جامعية وباحثة في الشؤون النسائية في العالم الإسلامي الدكتورة عائشة العقيلي، اقتصادية وحقوقية من سورية الدكتور نوار عطفة، طبيب في أمراض القلب وناشط سياسي الدكتور عبد الوهاب معطر أستاذ جامعي و محام، صفاقس تونس الشاعر عبد الله الريامي، أديب وحقوقي من سلطنة عمان المحامي أيمن سرور، رئيس منظمة حماية من الأسلحة، مصر الأستاذة فدوى معطر، محامية صفاقس تونس الأستاذ أحمد شاهين، كاتب وباحث من سورية الأستاذة زينة العربي، باحثة في الأدب الإنجليزي ومناضلة حقوقية، كندا الدكتور  نضال معطر، طبيب صفاقس تونس الأستاذ فاروق سبع الليل، اقتصادي وسياسي سوري الأستاذ محمد نجاتي طيارة باحث سوري من دمشق الأستاذة حذام زهور عدي باحثة من سورية الأستاذ عبد الحفيظ الحافظ  أديب وناشط في الحقوق المدنية – سورية الأستاذ رضوان القضماني  أكاديمي وناقد من سورية الأستاذ حسن الصفدي  صحافي سوري- دمشق الأستاذ عبد المجيد أ.أحجان  رئيس مؤسسة المهاجرين للتربية والثقافة والتعليم -أمستردام /هولندا. الأستاذ محمد محفوض مهندس وناشط في الحقوق المدنية – سورية الأستاذة مريم حداد، مصمصة أزياء ناشطة في مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية الأستاذة مريم العمراني، الملتقى الثقافي العربي الأوربي في باريس الأستاذ ماجد حبو, معتقل سابق وناشط سياسي   المحامي مصطفى الحسن، رئيس مركز المساعدة القانونية في أسوان الدكتور أحمد المناعي، رئيس المعهد التونسي للعلاقات الدولية ومدير موقع تونس الحرة الدكتور فيصل جلول، كاتب وصحفي من لبنان مقيم في باريس الأستاذ ناصر الغزالي، رئيس مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية الدكتور فتحي بلحاج، رئيس الملتقى الثقافي العربي الأوربي في فرنسا الأستاذ حسن محمد الأمين، إعلامي ليبي الأستاذ فايز سارة، كاتب وصحفي سوري- دمشق الأستاذة حياة ديب، ناشطة سورية للحقوق المدنية – دمشق الدكتور أحمد القديدي، رئيس الأكاديمية الأوربية للعلاقات الدولية، باريس   الدكتور عمار القربي، رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سورية الأستاذ المصطفى صوليح، باحث ومدرب لنشطاء حقوق الإنسان، المغرب المحامي رشيد مصلي، رئيس منظمة العدالة العالمية في لاهاي – جنيف الشاعر علي الدميني من دعاة الإصلاح وكاتب من السعودية الأستاذة نوال فوزي أشنودة محامية مصرية الأستاذ باسل شلهوب، ناشط في اللجنة العربية لحقوق الإنسان – سويسرا الدكتور علي شكشك ، رئيس اللجنة الطبية الفلسطينية في الجزار الطاهر العبيدي / رئيس تحرير مجلة تواصل باريس


أحمد نجيب الشابي في سوسة:

أي دور للمعارضة في الحياة الوطنية اليوم؟

بدعوة من جامعة سوسة للحزب الديمقراطي التقدمي حاضر الأخ أحمد نجيب الشابي عضو المكتب السياسي على منبر الجامعة حول دور المعارضة في تونس و ذلك يوم السبت 9 جوان بمقر الجامعة بسوسة. وقد تلا النقاش حوار ثري شارك فيه الحاضرون و تناول العديد من عناصر الوضع السياسي بالبلاد. و فيما يلي ملخص لمداخلة الأستاذ الشابي: يتشكل المشهد السياسي التونسي من أربع فاعلين أساسيين: الحكم والمواطن والمجتمع المدني والمعارضة. أما بالنسبة للحكم فيمكن القول بأنه يواجه مصاعب هيكلية مزمنة رغم بروز عوامل ظرفية مواتية. سياسيا يعاني الحكم من عزلة داخلية لأنه بات يرمز في الرأي العام إلى الاستبداد السياسي وإلى استشراء الفساد. ولا يمكن لأي ملاحظ موضوعي أن يرصد سندا سياسيا للحكم لدى أي من الطبقات الاجتماعية الأساسية: رجال الأعمال الذي يتذمرون من غياب الشفافية في المعاملات، والشغالون وعامة الأجراء الذين يعانون من ارتفاع الأسعار ومن تدهور قدرتهم الشرائية، والشباب الذين يعانون من البطالة المزمنة ومن انسداد الآفاق. وعلى المستوى الاقتصادي يمثل ركود الاستثمار السبب الرئيسي لضعف معدل النمو وتضخم البطالة التي تشتد في ظروف استفحال المنافسة الدولية على الأسواق الخارجية وفي السوق الداخلية. وفي غياب إصلاح جذري سوف تضل البطالة وانخفاض مستوى الدخل الفردي مصدرا للتذمر الشعبي ولعدم الاستقرار الاجتماعي وما ينجم عنه من تهديد للاستقرار السياسي.هذا بالنسبة للفاعل السياسي الأول. أما الفاعل الثاني فهو المواطن. إنه لا يزال يعاني في بلادنا من حالة إحباط مزمنة، نتيجة نصف قرن من القمع السياسي، ولدت لديه شعورا بعدم الجدوى بل بضرر الانخراط في أي شكل من أشكال المعارضة السياسية للسلطة بعدما رأى ما لحق بالمعارضين من مختلف التيارات والاتجاهات من ألوان العذاب والمعاناة. لكن هذا الانكماش وهذا العزوف عن الحياة العامة لا يعنيان إطلاقا بأن لمواطن في غفلة عن كل ما يحدث أو أنه منزوع من كل شعور أو توق للحرية والعدل. إن السلبية السياسية للمواطن التونسي تخفي على العكس من ذلك نباهة سياسية فائقة وتتبعا للأحداث الوطنية والدولية حتى أصبح المواطن يعبر عن أسباب تذمره وعن طموحاته وتطلعاته في جلساته الخاصة (دور العمل، وسائل النقل، المقاهي فضلا عن البيوت الخ…) دون أن يتحول ذلك إلى مشاركة نشيطة في الحقل العمومي. ومن العناصر التي تسهم في خروج المواطن عن سلبيته وقنوطه السياسي حركة المجتمع المدني. ويمكن القول أنها تعرف نهوضا مضطردا منذ دخول القرن الجديد: الحركة الحقوقية و المحامون و القضاة و الجامعيون و الصحفيون إضافة إلى الإضرابات التي شهدتها قطاعات كبرى مثل التعليم بجميع أصنافه و الاتصالات و المالية و الصحة. حركة المعارضة السياسية، من هي؟ يمكن أن نقسم المعارضة التونسية إلى قسمين لا ثالث لهما. ويتشكل القسم الأول من تيار « المبادرة – الائتلاف » والذي عاد إلى مكونه الأصلي (المبادرة) المتألفة من حركة التجديد ومن المستقلين الذي اقتنعوا بضرورة الانضمام إليها بمناسبة مؤتمرها القادم (27 جويلية) لبناء « حزب تقدمي واسع ». أما مكونها الثاني (الائتلاف) فقد تفرق إلى ثلاث مجموعات مستقلة عن بعضها البعض (الشيوعيون الديمقراطيون وحزب العمل الوطني الديمقراطي وحزب تونس الخضراء أما الجناح الثاني للمعارضة التونسية فيتمثل في حركة 18 أكتوبر أو « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » التي تأسست في أعقاب الإضراب عن الطعام لسنة 2005 وضمت كل من الحزب الديمقراطي التقدمي وحركة النهضة وحزب العمال الشيوعي التونسي والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين (جناح أحمد الخصخوصي) ومستقلون يساريون ووجوه من المجتمع المدني والحقيقة أن فتورا اعترى مشاركة ممثلي « المؤتمر من أجل الجمهورية » و »حركة الناصريين الوحدويين » دون أن يمثل ذلك انسحابا رسميا من الهيئة. وتأسست الهيئة على أرضية النضال العملي من أجل الحريات الثلاثة (حرية الإعلام والصحافة وحرية تأسيس الأحزاب والجمعيات، وإطلاق سراح المساجين السياسيين والعفو العام) كما أسست الهيئة منتدى (منتدى 18 أكتوبر) الذي أوكلت إليه مهمة صياغة عهد ديمقراطي يكون بمثابة الميثاق الذي يحدد أركان النظام الديمقراطي و تتعهد أطرافه باحترامها وعدم المساس بها وإجراء التداول عن الحكم في إطارها. ووضع للمنتدى برنامج من أربعة محاور (المساواة بين الجنسين، حرية المعتقد والضمير، السلامة الجسدية وعلاقة الدين والدولة). و انطلق الحوار حول المحور الأول وانتهى إلى وثيقة 8 مارس 2007 حول المساواة بين الجنسين والتي تعد إضافة نوعية من الهيئة إلى الساحة الوطنية وحتى الساحة العربية والإسلامية.. ولعل الذكرى الخمسين للجمهورية والذكرى العشرين لتغيير السابع من نوفمبر ستمثلان محطتين هامتين في عمل الهيئة. إذ قررت الهيئة تنظيم ندوة هذا الشهر بباريس حول مسألة الجمهورية كما بدأ الحزب الديمقراطي التقدمي والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات بالتحضير لندوة وطنية تنعقد يوم 7/7/2007 بتونس العاصمة حول الإصلاحات الدستورية والسياسية العاجلة التي ترفعها الهيئة.. استحقاق 2009 لا يمكن لحركة سياسية اختارت من الديمقراطية منهجا ومن العمل السلمي أسلوبا ومن الاحتكام إلى الشعب وسيلة لفض الخلافات والتداول على الحكم أن تلهي نفسها عن استحقاق انتخابي بأهمية استحقاق الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية لعام 2009. صحيح أننا نتقدم إلى هذا الاستحقاق في ظروف سيئة من حيث انعدام شروط المنافسة الحرة والنزيهة ومن حيث علاقات القوى المختلة بين المعارضة والحكم وفي جو انكماش المواطن وعزوفه عن الانخراط في الحياة السياسية لكن وظيفة المعارضة الديمقراطية تتمثل بالذات في التصدي لهذا الانغلاق والعمل على تعديل موازين القوى ومقاومة الإحباط لدى المواطنين وذلك بخوض المعارك السياسية من أجل توفير الشروط الدنيا لمنافسة حرة ونزيهة. رهان استحقاق 2009 هو استمرار الاستبداد السياسي وما يقترن به من عاهات وأمراض أو القطع معه وما يفتح ذلك من آفاق. القطع لا يعني القطيعة بمعنى رفض التحاور والتفاوض أو عدم القبول بالحلول المرحلية لكنها تعني التمسك ببرنامج الانتقال إلى الديمقراطية كاملا حتى ينجز. وبرنامج الانتقال إلى الديمقراطية هو برنامج النقاط الخمس الذي يطرحه الحزب الديمقراطي التقدمي: إصلاحات حركة أكتوبر الثلاث (حرية الإعلام وحرية التنظم والعفو العام) زائد الإصلاحات الدستورية والتشريعية التي تنظم الحياة العامة وتشكل الإطار القانوني والسياسي لقيام انتخابات حرة ونزيهة وهي النقطة الخامسة من البرنامج. لا زال يفصلنا عن هذا الموعد زهاء العامين ونيف وهي مدة كافية لخوض هذا المعترك الديمقراطي المتميز وتعبئة كل القوى في الداخل والخارج من أجل إنجاز برنامجه الإصلاحي، إنه الدور المناط بعهدة الحركة السياسية وهي المهمة التي أقر الحزب الديمقراطي العزم على إنجازها كلفه ذلك ما كلفه مدركا أن النتائج تتوقف إلى حد بعيد على مدى تجاوب النخب معه في هذا النضال. (المصدر: مراسلة خاصة بموقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 12 جوان 2007)


الاتحاد العام لطلبة تونس

بين التهافت السياسي والمسؤولية التاريخية

 
لم يعرف بعد ما الذي سيفرزه هذا الصراع المتنامي لمكونات الساحة النقابية والسياسية الطلابية بعد أن طالت فترة المخاض وتضاعفت حدة معاناة الطلبة لفرط ما تراكم من مشاكل ومطالب. وبعد أن تحول الحديث عن الجامعة العمومية والتعليم المجاني إلى جزء من المغالطة السياسية العامة التي تسيّر البلاد وتقلب أمورها رأسا على عقب. ففي الوقت الذي تزداد فيه حاجة مئات الآلاف من الطلبة إلى منظمتهم النقابية ممثلة في الاتحاد العام لطلبة تونس  نكتشف أنه من الصعب العثور عن ماهية نقابية لهذه المنظمة التي هي في جوهرها منظمة كل الطلبة التونسيين والذين يقارب عددهم 350 ألف طالب . فالاتحاد العام لطلبة تونس تحول بفعل عوامل عديدة إلى مظلة سياسية داخل الجامعة واندحرت مهمته التاريخية إلى ما خلف قضبان الصراع بين مختلف مكونات الساحة السياسية الطلابية.

صراع خال من البرامج: وعلى الرغم من اقتناعنا النسبي بضرورة الصراع لمنح الظواهر فرصة إعادة تشكيل نفسها بالمعنى العلمي للتشكيل فإنه لا بد من الإقرار، وبكل حسرة ، بأن الصراع الحيوي الذي تحركه البرامج والاستراتيجيات ليس هو محور النزاعات القائمة لدى كل الأطياف والألوان السياسية الموجودة في الجامعة اليوم. فالصراع القائم والذي تحول إلى عنوان رئيسي لكل الأحداث الوطنية والإقليمية والدولية التي يسجل فيها اتحاد الطلبة غيابه، هو صراع أجوف وخال من الحد الأدنى للوعي الذي من المفترض، بل ومن الضروري، أن يتسلح به نخبة طلاب الجامعة. الصراع الذي تدور رحاه داخل أجنحة المنظمة النقابية الطلابية هو أشبه بالرحى التي تدور لتطحن الفراغ وما ينجر عنها هو أن تطحن نفسها وتتآكل وهو ما يحصل فعلا اليوم داخل الاتحاد العام لطلبة تونس وذلك بمجرد أن ندرك أن هذه المنظمة التي لعبت دورها في معركة التحرر الوطني في خمسينات القرن الماضي وساندت حركات الاحتجاج الشعبي والجماهيري داخل البلاد أثناء الأزمات أصبح مناضلوها ومنخرطوها وقياديوها لا يمثلون نسبة 01 % من العدد الجملي للطلبة. قد يتعلل الجميع بالحصار المضروب من قبل السلطة ولكن ردا على هذا السؤال نقول : متى لم تفعل السلطة غير الحصار؟ متى لم تكن السلطة جدار منع وإجهاض لكل الحركات الداعية للتحرر والتقدم والعدالة؟ السلطة هي السلطة طالما أن جوهرها هو ذلك. لكن أين المجابهة والإصرار على التغيير ؟ ألا يمثل أكثر من 350 ألف طالب ميزان قوى حقيقي في البلاد؟ بلى إنهم ميزان قوى أساسي ورئيسي وقادر على تحريك المعادلة الاجتماعية والسياسية في البلاد باتجاه عملية التغيير السليمة لكن شرط التسلح بالوعي التقدمي والفكر النقدي والممارسة الديمقراطية. في الحقيقة ليس سبب تراجع وتقهقر الواجب التاريخي للاتحاد العام لطلبة تونس هو عامل السلطة فقط خصوصا في  السنوات العشرة الأخيرة بل المراهنة المغلوطة على السلطة وترك الجماهير الطلابية تغرق في مستنقع البرامج المسقطة وفي التلاعب بمستقبلها الذي هو مستقبل البلاد واختيار المغازلات المسمومة للسلطة على قاعدة البحث عن موقع في المشهد السياسي المستقبلي وذلك خضوعا لإرادة من هم خارج الجامعة لكنهم يصرون إصرارا مرضيا على مواصلة تحريك الوعي والإرادة الطلابيين وفقا لمنطقهم. هؤلاء الذين يديرون معركة جيل كانوا أول من ساهم في تضليله تحت شعارات تصم الآذان كقرع النحاس على النحاس وتركوه يغرق في دوغمائية أفكار لو جمعت في سلة ما كفت لتأليف خرافة يقرأها الأطفال.  إذن الحديث عن أزمة الانقسامات المتوالدة داخل الاتحاد العام لطلبة تونس هو في صميمه الحديث عن عدم استقلالية القرار النقابي الطلابي والوعي السياسي الطلابي ولكن خطورته القصوى تكمن في أن هيمنة هذه العقلية يخدم مصلحة السلطة عندما يؤدي دورها بدلا عنها ويضر في الجانب الآخر بمصلحة مئات الآلاف من الطلاب بل يعتدي على حقهم في تواجد منظمة نقابية تتبنى همومهم ومشاكلهم. إن عقلية الوراثة والتوريث التي تسربت إلى دعاة الديمقراطية والتقدمية  هي أخطر من حبل المشنقة لأنها لا تقتل فردا بل تصادر رأي جيل بأكمله وهي عقلية لا تمت بصلة إلى النضال والنضالية والتقدم والتقدمية بل هي خليط سحري من تضخم الأنا المأدلجة والباحثة عن مواطن التعويض لمعارك إما خاضتها وخسرتها أو لم تخضها بالأساس خوفا من خسارتها، ولا نرى حلا أوليا للصراع المحموم حول مؤتمر يعقد باسم مئات الآلاف من الطلبة ولا يحضر فيه منهم إلا العشرات سوى بأن نطالب هذه الأقلية، التي لا تملك من مواصفات السياسي سوى بعض الشجاعة والتضحية، أن تتخلص من الأصنام التي تتحكم في وعيها وتسلبها حرية إرادتها وعلى هذا الأساس تصبح عملية أكل الطوطم هي المدخل الضروري ليعود الاتحاد العام لطلبة تونس إلى مساره النضالي التاريخي السليم. المؤتمر الموحد بين المشروع المبدئي وعقلية المزايدة: بعيدا عن هرطقات هذا وذاك وبعيدا عن دعاوي الثورية الفارغة وأباطيل الجيوش الخفية التي ستأتي بأمر سحري لتحرر الجامعة وتحرر البلاد من الظلم والعسف والجور وبعيدا عن واجهة النزاهة التي تخفي حسابات مصلحية ضيقة وارتباطات مشبوهة وبعيدا أيضا عن الأطراف التي تدعي مسكها بخيوط اللعبة ومعرفتها بالطريق المثلى لمصلحة الاتحاد وبعيدا أيضا عن صراع هذا مع ذاك وتحالف هذا مع الآخر لمدة يوم ثم إصدار بيان في فك الارتباط والعودة إلى التحالف السابق وبعيدا عن مسار كامل من الاستنزاف الذي اثقل كاهل المنظمة وأدى إلى تهرئة شبه كلية لهياكلها ولمضمون هذه الهياكل وجعلها مجرد غرفة للصراع بين الأقلية القليلة التي تصر على دعوى امتلاكها للحقيقة بات من الضروري الحديث عن أسس منطقية وعملية للمؤتمر التوحيدي الذي قد يمثل طريقا سليمة لعودة الابن الضال إلى بيته، عودة المنظمة إلى جماهيرها، شرط توفر هذه المبادئ الأساسية وهي التعامل العلني والشفاف والديمقراطي بين مختلف الأطراف المتنازعة والتقدم إلى مائدة نقاش على قاعدة برامج تضع مصلحة الطلبة فوق كل اعتبار ونزع عباءات الاختلاف في ما قد تم احتساءه من جرعات التسليمية والدوغمائية وتوسيع دائرة الاحتكاك المباشر بأكثر عدد ممكن من الطلاب لنقاش برنامج مشترك وموحد ولتفعيل مشاركة أكبر عدد ممكن من الطلاب في هذه القضية التي تعنيهم قبل أن تعني بعض الزعامات التي تقتات من فراغ الساحة من الوعي السليم ومن الجمهور الذي تم إقصاؤه بدعوى أنه لا يفهم ما يجري. إحقاقا للحق لا يمكن أن يعود الاتحاد العام لطلبة تونس إلى مكانه الطبيعي طالما وأن مؤتمره لا يتم تقريره وتحديد موعده وضبط روزنامته من طرف الطلاب بكل حرية واستقلالية بل ينتظر توصيات هذا وذاك وأحيانا أوامر هذه الجهة أو تلك. الصحبي صمارة (المصدر: صحيفة « مواطنون » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 22 بتاريخ 6 جوان 2007) الرابط: http://www.fdtl.org/IMG/pdf/mouwatinoun_22.pdf


عندما تغيب الحجة على الإقناع ويتوارى الوزير وراء « خيارات  الرئيس »

 
تابعت المناظرة التلفزية التي جمعت السيد وزير التربية والتكوين والأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المكلف بالوظيفة العمومية. وقد فوجئت بالإيجاب من إقدام مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية(بعد كلّ هذه الفترة من تغييب الاتحاد عن منابرها الإعلامية) على تمكين الاتحاد من التوجه إلى الرأي العام وإطلاعه على حقيقة موقفه من النزاع القائم مع وزارة التربية والتكوين. وفوجئت سلبا من تواصل أسلوب التعامل السخيف الذي اعتمده المنشط في إدارة الحوار ومن تحيزه المفضوح لفائدة الوزير ومحاباته. وبقطع النظر عن هذا الجانب التقني للحوار وبالرجوع لموضوع الملف و لجوهر الخلاف بين الوزارة والنقابة، فإني أود أن أشير إلى أن خطاب السيد الوزير ومحتوى بيان الوزارة الأزرق لم يكونا مقنعين بالمرّة. فبعض المعطيات والأرقام التي تقدم بها سيادته كانت متضاربة وبعضها الآخر كان غير منطقي والجزء الأوفر فيها كان متناقضا مع التصرفات الملموسة للوزارة. واعتقادا منّا بأن الخلاف حول حركة نقل المعلمين لم يحسم بعد، وإيمانا بأن الجدل حوله سيتواصل، فإني أود أن أبدي بعض الملاحظات وأتقدم ببعض الأسئلة وكلي أمل في أن تحظى في قادم الأيام ببعض التوضيحات والأجوبة من قبل السيد الوزير أو من قبل بعض مساعديه.

لقد أبدى الوزير في مستهل كلمته انشغالا كبيرا بتضخم عدد المعلمين والمعلمات الزائدين عن النصاب(المتجمهرون أساسا في المناطق الساحلية) بما يوحي بأنّه مقر العزم على معالجة هذا الأمر ووضع حد لاستنزاف المالية العمومية بشكل غير مبرر وغير مقبول، ثم أعلن الوزير -في إطار تبرير موقفه الرافض لإعلان قائمة الشغورات-حرصه على « تأمين الاستقرار لكل المعلمين الذين تجاوزوا فترة ثلاثة سنوات في مراكزهم الحالية » (والزائدون على النصاب جزء من هؤلاء). والسؤال الذي يفرض نفسه هو: كيف سيوفق السيد الوزير بين رغبته في المحافظة على المال العام (بإلغاء كل المراكز الزائدة عن النصاب) وبين رغبته الجامحة « في رعاية مصالح هؤلاء وضمان استقرارهم واستقرار عائلاتهم؟ وإذا كانت الولايات الساحلية هي الجهات التي تحتضن العدد الأوفر من هؤلاء الزائدين عن النصاب، فلماذا واصل السيد الوزير-إلى حدود نهاية شهر مارس- انتداب معلمات ومعلمين ؟ ألا يعتبر ذلك مشاركة في تضخيم عدد الزائدين عن النصاب ومساهمة في تبذير المال العام؟ وإذا كانت الوزارة متسببة -أو حتى مجرد مساهمة- في تضخيم عدد الزائدين عن النصاب فأي مصداقية تبقى لتذمرها من تواجد هذه الظاهرة؟   

أما بخصوص وضع المناطق الداخلية فيبدو أن قلوب مسيري الوزارة تعتصر ألما وحسرة جرّاء واقع الغبن والتمييز الذي يعاني منه حوالي عشرة ألاف من أبناء هذه المناطق يؤطرهم ألف وخمسة مائة معلم ومعلمة (نوّاب) يفتقدون للتجربة الكافية وللكفاءة البيداغوجية الضرورية. وبالرجوع للعدد الثاني من الرسالة التربوية، تفيد مصادر الوزارة بأنّ نسبة التأطير في المرحلة الأولى من التعليم الأساسي قد بلغت سنة 2006 : 19,2 تلميذ لكل معلم، في حين أنّ نسبة تأطير هؤلاء التلاميذ المحرومين قد تطورت- وفق الأرقام المقدمة-في حدود الثلاث مرّات لتبلغ 6,66 تلميذ لكلّ معلم (10000 تلميذ:1500 معلم) فأين الضرر بمصلحة هؤلاء التلاميذ ومؤشر التأطير عندهم يساوي 3 أضعاف المؤشر العام في تونس وضعفي مؤشر التأطير في الدول الأكثر تقدما؟ ومتى ستفكر الوزارة تبعا لذلك بتحقيق التوازن الجهوي وتمكن تلاميذ المناطق الساحلية من نفس نسبة التأطير؟  
أما بخصوص حرص الوزير على « الإنصاف والشفافية وتحقيق رهان الجودة »فلا يسعنا إلاّ أن نتمنى توفر الاستعداد والحماسة الكافيين لدى كلّ مسئولي الوزارة ليجسموا تطلعات رئيسهم وطموحاته في الغرض. ويهمنا بالمناسبة أن نشير إلى أنّ تحقيق الإنصاف يمر عبر ضبط شروط واضحة لانتداب المدرسين وعبر وضع مقاييس موضوعية تعتمد الكفاءة العلمية أو الوضع الاجتماعي أو نوعية الشهادة العلمية أو التجربة الميدانية(وان كانت محدودة وفي إطار العمل بالنيابات)  
كما أن شرط تحقيق رهان الجودة يفترض أن يقوم على أساس إعطاء الأولوية في الانتدابات لخريجي مدارس تكوين المعلمين ثم لحاملي الشهادات العليا في اللغات، و في ضوء إصرار وزارة التربية والتكوين على مواصلة انتداب خريجي بعض الشعب التي لا تؤهل حامليها لأداء مهنة التدريس كشعبة التصرف مثلا أو حاملي شهادات المعاهد العليا التكنولوجيةI.S.E.T  وإعراضها عن انتداب حملة الشهائد العليا في اللغات،فإن حديث الوزارة عن الجودة ورهانها يصبح ضربا من الدمغجة واستخفافا بالرأي العام و تسويقا لخطاب تبريري ومهزوز لا يمكن أن يصدقه إلاّ السذج وأصحاب العقول البسيطة. ختاما وبخصوص الرسائل التي تضمنها خطاب السيد الوزير، وخاصة كلمة الاختتام التي أكّد من خلالها أنّ جميع ما تتخذه الوزارة من مواقف وقرارات كلها مستوحاة من خيارات « السيد الرئيس » ومجسمة لتوجهاته، فهي تمثل مظلة جيّدة لتمرير خطابه و لتحشيد بعض الجهات لتتولى الدفاع عنه، وقد تمثل في نفس الوقت تحميل « السيد الرئيس » وفق هذا المنطق مسئولية كلّ مظاهر الارتجال و صفقة الأقلام الخاصة بالكتابة على السبورات البيضاء(غير المتوفرة في الأغلبية الساحقة من مدارسنا، وعن التمييز الذي حظيت به مدينة مساكن وقرية خنيس على مستوى الانتدابات، وعن الالتفاف على حق المدرسين في المشاركة في حركة النقل، وعن التوتر الذي ما فتئ يعم مؤسساتنا التربوية وما يولده من احتجاج واضطراب على سير العمل (مثلما حصل في حاجب العيون و في سيدي علي بن عون) وعن انتشار التسيب وتعرض عديد الأساتذة وحتى المديرين إلى الرشق بالبيض. إنّ التواري وراء شخص السيد الرئيس لن يغطي خواء الخطاب المستعمل ولن يزيد قوة للحجج المتهاوية. 

المنجي بن صالح (المصدر: صحيفة « مواطنون » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 22 بتاريخ 6 جوان 2007) الرابط: http://www.fdtl.org/IMG/pdf/mouwatinoun_22.pdf

 

الترشح لعمادة المحامين

مع الأستاذ محمد النوري في رحلته الإنتخابية

 

     شرع الأستاذ محمد النوري في التعريف ببرنامجه الإنتخابي لعمادة المحامين عبر تراب الجمهورية في مختلف المحاكم الإبتدائية والإستئنافية وكان الأستاذ محمد النوري أول من أعلن عن رغبته في الترشح لعمادة المحامين لهذه الدورة الانتخابية وخلافا لما أخبرت به إحدى الصحف اليومية فإنه يترشح لأول مرة لهذا المنصب وهو أول من وضع برنامجا انتخابيا مفصلا اعتبره أغلب المحامون برنامجا طموحا واعتبره هو ملزما قابلا للتنفيذ .

بحكمته المعهودة يتوجه الأستاذ محمد النوري إلى زملائه فيشعرهم بأنه واحد منهم يعيش معهم مشاكلهم وهمومهم ويشعر الحاضرون بصدقه لأنه يحدثهم من قلبه.

وهو المعروف بخطابته باللغة العربية السلسة الفصيحة منذ كان مناضلا طلابيا يقول لهم :               « لم آت لا نبرى فيكم خطيبا فأنتم الخطباء ومنكم البلغاء جئت لأتحدث إليكم فقط قد وزعت على عدد كبير منكم برنامجي الإنتخابي والآن جئت لأتحاور معكم لأسمع اقتراحاتكم وانتفاداتكم بقلب مفتوح وبدون أي حرج » ويشعر من يسمعه بصدقه وبحسن طويته ,

تمرن الأستاذ محمد النوري على أقدر المحامين وأكفئهم وتخرج من مكتبه عدد كبير من زملائه من مختلف الجهات ومن مختلف التيارات الفكرية والسياسية كانت تجمعه بهم المهنة فقط ، يوفر لهم كل ما يحتاجون له في المكتب ولا يثقل كاهلهم بأية خدمة ، يتناقش معهم في أي وقت يختارونه ويوجهم أحسن توجيه ، ويقبل في مكتبه أي محام شاب يطلب الإستشارة أو يطلب منه رأيه في أي موضوع قانوني . والآن وبعدما قضى ثمانية وثلاثين سنة في المحاماة فهو يريد أن يتطوع لخدمة المحاماة ولجميع المحامين .

والأستاذ محمد النوري في الستينات من عمره لكنه حسبما يقول زملاؤه المتعاونون معه                 في أوج العطاء وهو في صحة جيدة استطاع ان يقضي ثلاثة وثلاثين يوما بدون أكل في إطار إضراب مفتوح عن الطعام .

     يقول الأستاذ محمد النوري : « لست مرشحا لأي تيار فكري أو سياسي لأني أريد أن أكون عميدا لجميع المحامين لا أفضل أحدهم على الآخر فأنا وطني أحب بلادي وسيرتي الذاتية طيلة حياتي تشهد بذلك والشعار الذي رفعه الأستاذ محمد النوري في حملته الانتخابية يندرج                        في هذا السياق .

عندما يتحدث إلى زملائه يتحدث الأستاذ محمد النوري عن المستقبل وعن الشباب ويتحدث عن كرامة المحامي وعن موارد العيش بالنسبة للمحامين ويتحدث عن التغطية الإجتماعية وعن حصانة المحامي وعن تكوين المحامين . شمل برنامجه كل هموم المحامين فكانوا ينصتون إليه بتمعن ، لم يتخذ في خطابه  أسلوبا حماسيا بل كان رصينا متزنا يقول لهم : « أنا لا أملك عصا سحرية يمكنني أن أغير بها الوضع المتردي للمحاماة » أنا أمد لكم يدي لنتعاون معا على النهوض بالمحاماة ، تعالوا إلى كلمة سواء بيننا جميعا أن نتعاون على انقاذ المحاماة التي تواجه تحديات لعل أهمها هي العولمة إذ أننا قبلنا عن طواعية ان ننخرط في العولمة ، أبرمنا اتفاقيات سيصبح بموجبها بلدنا مفتوحا لمئات من المحامين الوافدين عليها من الخارج . ويضيف الأستاذ محمد النوري إن عدد المحامين التونسيين في تزايد مطرد وإن انخراط بلادنا في مشروع العولمة وتنفيذ الاتفاقات المبرمة في ذلك سيضيف إلى عدد المحامين المستقرين في بلادنا عددا آخر من الوافدين عليها في إطار العمل مع الشركات أو المؤسسات الأجنبية التي ستكون الأبواب مفتوحة أمامها للتمويل أو للإستثمار أو للإتجار أو للصناعة ، ولا يقتصر العمل بالنسبة للوافدين الجدد من المحامين الأجانب على الدفاع في إطار القضايا والترافع فيها وإنما يتعداه إلى الإستشارة وإعداد الدراسات والتحكيم والإهتمام بكل ما له صلة بالقانون .

وسيعمل المحامون الوافدون أو المستشارون بطريقة مستحدثة ينبغي علينا الإستعداد لها في نطاق المزاحمة الشرعية وذلك بتطوير مهنة المحاماة ببلادنا وجعلها تستجيب لمتطلبات المرحلة المقبلة والرفع من المستوى المادي للمحامين التونسيين بتمكينهم من إعداد مكاتب عصرية ولتكوينهم وتكوين الكتاب والإطارات التي تعينهم في الميادين المرتبطة بالمحاماة.

ودون أن يتخلوا عن الميزة التي تتميز بها المحاماة باعتبارها مهنة حرة ، وعن العلاقة الشخصية التي تربط المحامي بحرفائه ، فإنه علينا أن نعترف في الفترة القادمة بأهمية الهيكلة الجديدة لطريقة العمل والاعتماد عليها وعلى الشبكات التي يتعامل معها المحامون وفي جميع الحالات ينبغي على المحامين تفضيل العمل ضمن مجموعات ، إذ أن ذلك من شأنه ان يعدد فرص العمل في ميادين جديدة يمكن اكتشافها عبر التعاون مع مراكز دولية تنشط في إطار المحاماة .

     ماذا أعد الأستاذ محمد النوري لتنفيذ برنامجه الانتخابي ؟

أعد الأستاذ محمد النوري لذلك تجربته الفريدة من نوعها (أنظر سيرته التي نشرتها هيئة المساندة) والتي تطورت من العمل النقابي عندما كان طالبا إلى العمل الجمعياتي إلى العمل داخل هياكل مهنة المحاماة إلى العمل الحقوقي .

     ويضيف الأستاذ محمد النوري انه لا يرغب في انتقاد من سبقوه من العمداء وأنه لا ير يد أن يزايد على أحد من المترشحين للعمادة وإنما يريد فقط ان يلاحظ ان مهمة العميد صعبة وانها تستوعب كل أوقات العميد التي لا تكفي للتطرق إلى جميع المشاكل إذ لابد للعميد أن يكون متفرغا لأعباء العمادة وأن يكون حاضرا في كل وقت وأن يقلص نشاطه المهني ، وان لا تكون له شواغل أخرى لذا فالأستاذ محمد النوري يعد زملاءه بأنه سيتفرغ لهذه المهام الشاقة سوف لن يهتم طيلة سنوات العمادة بالقضايا البسيطة العادية في الأطوار الإبتدائية والإستئنافية وسوف يقتصر نشاطه المهني في مكتبه على متابعة الملفات المفتوحة وقضايا التعقيب »

     يقول الأستاذ محمد النوري إن عمادة المحامين ستتوخى في المستقبل طريقة مؤسساتية في التصدي للمشاكل وإعداد الملفات ستتكون بداية من الآن لجان لبحث جميع المشاكل التي تشغل بال المحامين .

     ويكتب الأستاذ محمد النوري في خاتمة برنامجه الانتخابي وبخط يده متوجها إلى زميلاته وزملائه « أدعوكم للعمل معا من أجل تحقيق مبادئ سامية يفي إطار مهنة المحاماة تحت شعار « الوحدة » وجدة جميع المحامين مع حقهم في الاختلاف في آرائهم واتجاهاتهم الفكرية والسياسية فمهنتنا تتطلب منا التضحية وغايتنا هي الإصلاح . وبالتضحية تتحقق الكرامة للمحامين ببعديها المادي والمعنوي وعلى ذلك الأساس سينطلق عملنا الجماعي لتحقيق برنامجنا المشترك بالتعاون مع جميع المحامين بدون استثناء « وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون » .

     علق أحد المحامين المسنين من شيوخ المهنة بمدينة باجة بعدما أنصت بتمعن لزميله الأستاذ محمد النوري وتابع الحوار المفتوح الذي دار بين المحامين بمدينة باجة فان فرصة نادرة سنحت اليوم للمحاماة قد لا تتكرر في مستقبل قريب . زميل ، يترشح للعمادة لا هم له إلا الإصلاح والتفرغ لشؤون المهنة فعسى أن يدرك الزملاء أهمية هذا الحدث .

                                                               الأستـاذة إيمـان الطريقـي

                                                                   المحاميـة المتمرنـة

                                                                        بتونــس

 


بسم الله الرحمن الرجيم

 

كلنا في حاجة إلى فترة مراجعة وتأمل

 

د. محمد الهاشمي الحامدي

 

قرأت باهتمام مقالة الأخ الفاضل معز السليماني بعنوان « دفاعا عن العقل »، وقرأت معها مقالات أخرى كثيرة صدرت خلال اليومين الماضيين، عن المصالحة والحاجة لمبادرة جديدة:

                           

ـ بعضها موضوعي، وبعضها متشنج.

 

ـ بعضها رفيعة بتواضع كتابها، وبعضها وضيعة بتضخم « النفخة » عند أصحابها.

 

ـ وقرأت حوارات فيها الصدق وأخرى فيها غير ذلك.

 

توقفت عند النصائح الختامية للأخ معز السليماني في مقالته الراقية، وتذكرت معها نصائح وملاحظات أخرى سمعتها من بعض الكتاب والأصدقاء، وخاصة من المهندس محمد بن جماعة والأخ عبد الرحمن الحامدي. ورأيت أن من التقدير لهم جميعا، ومن المصلحة، أن أعطي نفسي فترة للتأمل فيها.

 

خلال الشهرين الماضيين، دار نقاش عميق وقوي تحتاجه الساحة التونسية. تضمنت مساهماتي في هذا الحوار أفكارا ومعلومات ومشاريع مستقبلية، عرضتها كمواطن يحب الخير لبلاده وأهله.

 

وقد استفدت من أكثر المقالات التي نشرت في معرض النقد والتقويم لهذه المساهمات. وسأستفيد أكثر عندما أعيد قراءة بعضها في الأيام القليلة المقبلة إن شاء الله.

 

قدمت أفكاري للناس ولم أدّع العصمة يوما. قلت إنني مجتهد يرجو أن يكون مصيبا. وأحترم أصحاب الأفكار المخالفة وكل المجتهدين المخلصين. وأؤمن أن السجال والنقاش بيننا سيساهم في فتح أبواب جديدة للخير والعمل الصالح.

 

أعتذر لكل من يرى أنني أسأت إليه في مقالاتي خلال الشهرين الماضيين. كنت دائما ألزم نفسي بالصبر والحلم والإجابة بالتي هي أحسن. وربما غضبت مرتين عندما رددت على أخوين كريمين بسبب الروح العدائية المفاجئة التي كتبا بها في انتقادي. ليس فينا معصوم من الخطأ، واستغفر الله لي ولكل التونسيين.

 

أسامح كل الذين أساؤوا لي بقصد أو بغير قصد، وأذكرهم ونفسي أن الدنيا أهم وأثمن وأقصر من أن نضيّعها في الأحقاد والعداوات.

 

بدل أن نلعن الظلام، ليحاول كل منا أن يوقد شمعة.

 

أرى، والله أعلم، أن أغلب فرسان هذه السجال القوي الذي دار في الشهرين الماضيين، يحتاجون فترة تأمل ومراجعة لتقييم ما كتب ونشر من أفكار وآراء.

 

وأنا أول من يحتاج لهذه الفترة. وإني أعلم القراء الكرام أنني أرغب أن أتوقف عن الكتابة في هذه الموضوعات لتقييم المرحلة السابقة.

 

آمل من خصومي الأشداء في هذا السجال، أن يعطوني ويعطوا أنفسهم هذه الفرصة.

 

وحتى إن لم يلق هذا الطلب تجاوبا، فسأحاول التمسك بخياري ما استطعت. أما إذا وجب الرد والتوضيح مجددا فسأفعل مضطرا.

 

أهدي السلام ومشاعر المحبة للكتاب الذين شاركوا في هذا السجال المهم، وأثني على رحابة صدر القائمين على المواقع الإخبارية الغراء: تونس نيوز، وتونس أون لاين، والحوار نت، وعلى لطفهم وحسن تعاملهم. بارك الله فيكم جميعا.

 

كما أرسل بسلام خاص للمهندس محمد بن جماعة، والأخ عبد الرحمن الحامدي، والأخ معز السليماني. أخلاقكم الجميلة في الحوار والنصيحة، وتواضعكم الجم، جعل لكم مقاما رفيعا في قلبي. جزاكم الله خيرا.

 

اللهم صل وسلم وبارك على حبيبك ونبيك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

اللهم احفظ بلادنا العزيزة تونس وبارك وفيها وارزق أهلها من بركات السماوات والأرض ومن خيرك العميم.

 

اللهم ألّف بين قلوب التونسيين، واجمع كلمتهم على الحق وما يرضيك.

 

آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


بسم الله الرحمان الرحيم

                               

                                 وجهة نظر حول مبادرة الدكتور الهاشمي الحامدي

 

الـجـزء الـثـانـي: … و ســقــط الـقــنــاع عـن الـقــنــاع.

 

بقلــــــم : فتحـــــي نصــــــري

   

 » قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين « 

                                                                           ( سورة الأنعام 163 )

 

    كـنـت اخـتـرت كـعـنـوان لـلـجـزء الأول من وجـهـة نـظـري حـول مـبـادرة الـدكـتـور الهاشمي الـحـامـدي  » لـنـتحـاور إخــوة …   لـكـن بـدون مـسـاحـيـق  » و اعـتـبـرت أن الـتحـليـل الـسـيـاسي لا يـخضـع لـلـنـوايـا و  » هـل شـقــقـت عن صـدره  » بـل لـلـمعـطـيـات و الـمـلابـسـات الـواقـعــيــة و لـكـل مـقــدمـة نـتيـجـة، و طـالبـت بـالـتخـلي عن الـخطـاب الـمغـلـف و الـتخـلي عن الـمسـاحـيق فـلسنـا دراويـش سـيـاسـة، و أجـاب الـدكـتـور الـهـاشمي على أغـلـب الـمقـالات و أغـفـل مـقـالي، ولـم أنـتظـر طـويـلا حتى سـقـط الـقـنـاع، و كـان بـالإمكـان مـنـذ الـبـدايـة الـدعـوة إلـى تـأسـيـس تـيـار جـديـد مــوالـي لـلـسلـطـة في مـواجهـة حـركـة الـنهضـة عـوض الاسـتـفـتـاح بـالـربـيـع الـجميـل لـلـوصـول إلـى الـربـيـع الـجميـل، و عـوض الاسـتـفـتـاح بـالـدعـوة لـلـمصـالحـة لـلـوصـول إلـى الـدعـوة لـتـأسـيـس تـيـار جـديـد.

 

    عـنـد نـشـر مـقـال الـدكـتـور الـحـامـدي  » في بـيـان الـحـاجـة لـمـبـادرة جـديـدة  » و دعـوتـه إلـى تـأسـيـس تـيـار جـديـد، كـنـت قـد فـرغـت من كـتـابـة الـجـزء الـثـاني الـمتـعلـق بـمضمـون مـبـادرة الـصـلـح و طـرحـت فـيـه عـديـد الأسـئـلـة مـاذا بـعـد الـدعـوة لـلـمصـالـحـة؟ و الـحـمـد لـلـه لـم أرسـل الـمـقـال لـلـنـشـر لـكـون الإجـابـة عـلى تـســاؤلاتـي لـم تـتـأخـر و سـقـط الـقـنـاع و زالـت الـمسـاحـيـق، و اخـتـفـت كـل الـتسـاؤلات لـيـبـقى سـؤال واحـد، ألـم يـكـن بـإمـكـان الـدكـتـور الـحـامـدي الـدعـوة إلـى تـأسـيـس تـيـار جـديـد دون مـحـاولـة هـدم حـركـة الـنهضة؟  و بـكـل شـفـافـيـة أسـأل الـدكـتـور الـحـامـدي هـل كـانـت مـحـاولـة شـق صـفـوف حـركـة الـنهضـة و تـشـكـيـك الـقـواعـد في قـيـاداتـهـا أهـم بـنـد في بـنـود صـفـقـة تـأسـيـس الـتـيــار الـجـديـد؟ و هـل كـان تـجميـع مـئـة  » جـثـة  » لـلـتـوقـيـع على بـيـان الـخـنـوع شـرطـا من شـروط صـفـقـة الـتـأسيـس؟ .

 

    كنـت في الـجـزء الأول من مـقـالي و عـدت بـمـنـاقشـة مـبـادرة الـمصـالـحـة، و رغـم كـون أن هـذه الـمبـادرة أصبحـت غـيـر صـالـحـة لـلاسـتهـلاك لانـتهـاء مـدة صـلاحـيتهـا بـصـدور الـدعـوة لـتـأسيـس تـيـار جـديـد، إلا أن مـنـاقـشـتهـا على ضـوء الـكشـف عن خـلفـيـتهـا الـحـقيـقيـة قـد يـفيـد في فـهـم الأسـس و الـمـرتـكـزات الـحـقـيـقيـة لـلـتيـار الـجـديـد.

 

    الـبـدايـة كـانـت بـربيـع تـونـس الـجميـل و هـو أول مـا كـتـبـه الـدكـتـور الـحـامـدي و الـنـهــايـة أيـضـا كـانـت بـآخـر كـلمـات خـتـم بـهـا الـدكـتـور دعـوتـه لـتـأسيـس تـيـار جـديـد » و هـو فـصـل تـدل كـل الـمـؤشـرات أنـه سـيكـون ربـيعيـا جـميـلا مـزهـرا، مكـلـلا بـالـتـوفـيـق و الـنـجـاح الـبـاهـريـن إن شـاء الـلـه «  و بـيـنهمـا كـانـت عـديـد الـرسـائـل سـأحـاول اسـتـقـراءهـا بـأسـلـوب مـبـاشـر و بـدون مـسـاحـيـق فـقـد سـقـط الـقـنـاع.

 

    في أول مـقـال لـلـدكتـور الـهـاشمي الـحـامدي كـشـف فـيـه عن مضمـون مـبـادرتـه لـلـمصـالحـة بـيـن الإسـلامـيـيـن و الـسـلطـة كـان بـتــاريـخ 24/4/07 في رده على أخـيـه بـو عـبـد الـلــه و قـد صـدر مـبـادرتـه بـمـا يـلـي  » جـوابـي هـو: يـجـب أن تـطـوى صـفحـة الـمـاضي، و أن تـفـتـح صـفحـة جـديـدة «  فـالـدكـتـور من الـبـدايـة كـان مـصـرا على طـي صـفحـة الـمـاضي( حـركـة الـنهضـة) و فـتـح صـفحـة جـديـدة( الـتـيـار الـجـديـد) أمـا خـطـوات طـي صـفحـة الـمـاضي فـقـد لـخصهـا الـدكـتـور الـحـامـدي في مـقـالـه بـمـا يـلـي:

 

     » دعـوتـي لـلإسـلامـيـيـن هـي: قـولـوا لـلـسلطـة صـراحـة أنـنـا آسـفـون على عـدد من خـيـارات الـعقـود الـمـاضـيـة، فـكـرة حـزب سـيـاسي ديـنـي في تـونـس تـبـيـن أن مضـارهـا أكـثـر من مـنـافـعهـا، الـتـرويـج لـلأحـزاب في الـمسـاجـد فـكـرة غـيـر مـوفـقـة، الـتـنـظـيـمـات الـسـريـة عـبء ثـقـيـل على مـنـتسـبـيـهـا و أنـصـارهـا « .

 

    بـدايـة الـدكـتـور الـحـامـدي يـصنـف حـركـة الـنهضـة ضـمـن الأحـزاب الـديـنـيـة، رغـم كـون الـحـركـة و مـنـذ تـأسـيسهـا أكـدت على صـبغـتهـا الـسـيـاسيـة و نـفـت عن نـفسهـا صـفـة  » الـحـزب الـديـني  » أو احتـكـار الـديـن الإسـلامي، أو اعـتبـرت نـفسهـا نـاطـقـة بـاسـم الـديـن، بـل بـالـعكـس اعـتبـرت الـحـركـة أن الـديـن الإسـلامي هـو مـشتـرك بـيـن كـل الـتـونـسيـيـن، و هـو لـيـس  » مـاركـة مـسجـلـة  » يـمكـن احـتكـاره، و لـكـن رغـم تـأكـيـد الـحـركـة على كـونـهـا حـركـة سـيـاسيـة بـمـرجـعيـة فكرية اسلامية أي بـقـراءة مـعيـنـة لـلـنـص، فـيبـقى الـنـص مـقـدسـا و مـشتـركـا و تـبقـى الـقـراءة قـابـلـة لـلـخطـأ و الـصـواب بـاعـتبـارهـا تـجـربـة بـشـريـة، إلا أن الـدكـتـور الـحـامـدي يـكـرر مـقـولات الـحـزب الـحـاكـم بـشكـل يـجعـل الحكـم سـابـق على الـبحث و الـتحـليـل

 

أما الـتـرويـج لـلأحـزاب في الـمسـاجـد فـهـي مـقـولـة ممـجـوجـة لـكـون الـحـزب الـحـاكـم هـو من حـاول حـشـر الـمسـاجـد في مـواجـهتـه لـلـحـركة الإسـلامـيـة و ذلـك بـالـتــضـيـيـق على مـرتـادي الـمسـاجـد، و اخـتيـار أئـمـة الـجمعـة و الـصـلوات الـخمـس و الـقـائـميـن على الـمسـاجـد بـمـقـاسـات مـعيـنـة، بـل و فـرض خـطبـة جمعـة مـوحـدة على جميـع الـمسـاجـد، و الـدكـتـور الـحـامـدي نـفسـه يـعلـم أن بـعض الـدروس الـتي كـان يـلقيهـا بـعض الأخـوة الـمنتـميـن لـحـركـة الـنهضـة كـانـت تـرتـبـط بـمـواضيـع دعـويـة بـحـتـة و بـتفسيـر الـقـرآن الكريم، و لـم يـسـبـق أن تـم الـتـرويـج لـبـرامـج حـركـة الـنهضـة داخـل الـمسـاجـد،و لـو فـتـح الـمجـال لـلـحـركـة لـبـسـط وجـهـة نـظـرهـا حـول هـذه الـمسـألـة لـكـانـت أول من يـطـالـب بـرفـع الـوصـايـة على الـمسـاجـد

 

أمـا مـسـألـة الـتنـظيـم الـسـري، فـكـان مـفـروضـا على الـحـركة و أوافـقـك الـرأي في كـونـه كـان عـبـئـا ثـقيـلا على مـنـتـسـبـيـه، و لـكنـه كـان الـخيـار الـوحـيـد أمـام الـحـركة، و الأسـبـاب لا تـحـتـاج إلـى جـهـد كـبيـر، لـكـون الـحـركة حـسمـت مـسـألـة الـعلنيـة،و تـقـدمـت بـطلـب تـأشـيـرة تـأسيـس حـزب سـيـاسي عـلني وفـق قـانـون الأحـزاب، فـكـانـت الـمحنـة الأولى و مـحـاكمـات سـنـة 1981، فـأنـت في كـتـابـاتـك اعـتـبـرت الـحـركة أخـطـأت في محطـة 1981 أي أخـطـأت عـنـدمـا اخـتـارت الـعمـل الـسيـاسي الـقـانـوني الـعـلـني و تـعتبـرهـا أيـضـا أخـطـأت عـنـدمـا الـتـجـأت إلـى الـعمـل الـسـري اضـطـرارا، فـهـل من الـمنطقي و من الـمنصـف يـا دكـتـور أن تـعتـبـر الـخيـاريـن خـاطئـيـن و تـطلـب من الـحـركة أن تـعـتـذر و تـجـرم نـفسهـا.؟ .

 

    هـذه هـي الـخيـارات الـتي تـطلـب من الـحـركـة أن تـجـرم نـفسهـا بـشـأنـهـا، فـعلى مـا يـأسـف الإسـلامـيـون يـا دكـتـور؟.

 

    يـتـدرج الـدكـتـور الـحـامـدي في مـبـادرتـه فـيـقـول  » دعـوتـي لـلإسـلاميـيـن هـي قـولـوا لأهـل الـسـلطـة: أخـطـأنـا في حـقكـم و في حـق أنـفسنـا، جـل من لا يـخـطـأ، و نـريـد أن نـصـحـح الـمسيـرة بـصـدق و شـفـافـيـة، من دون خـداع و تـقـيـة، هـل تـقـبـلـونـنـا لـكـم أخـوة و أصـدقـاء؟ هـل تـحـتـاجـون فـتـرة من الـزمـن لـلـتـأكـد من صـدقـنـا؟ لا مـانـع لـديـنـا «  قـد تـبـدو دعـوة الـدكـتـور الـحـامـدي لـلـبعـض مـذلـة و مـهـينـة و مـقـززة و تـتـنـافـى مـع مـبـدأ الـتكـريـم الإلاهـي لـلإنـسـان، و لـكـني سـأكـون حـريـصـا على مـنـاقـشـة هـذه الـدعـوة بـواقـعيـة و مـوضـوعـيـة تـسـتـقـرىء مـضمـون الـدعـوة لا الـشخـص الـمعـلـن عنهـا، فـالـدكـتـور الـهـاشمي يطلـب من الإسـلامـيـيـن أن يـعلـنـوا خـطـأهـم في حـق  « أهل السلطة  » وفي حق أنـفسهـم،و لـسـت أدري من يـقصـد الـدكـتـور بـأهـل الـسلطـة؟ هـل يـقصـد الـرأس أم الأذنـاب؟ و سـأجـيـب بـمـا أفـصـح هـو عـنـه في مـقـالات أخـرى( رئـيـس الـدولـة و الـحـزب الـدسـتـوري الـديمقـراطي) و لـلأسـف فــإن الـدكـتـور الـحامـدي لـم يـبـيـن كـيـف أخـطـأ الإسـلاميـون في حـق « أهـل الـسلطـة  » ؟ قـد نـقـبـل أنـهـم أخـطـأوا مـثـلا في حـق أنـفسهـم إذا كـان خـيـارهـم الـسـيـاسي لـم يـؤتـى الـثمـار الـمـأمـولـة، و قـد نـقبـل جـدلا أنـهـم أخـطـأوا في حـق الـشعـب الـتـونـسي اعـتبـارا لـكـون مـعـركـة فـرض الـحـريـات دفـعـت بـأهـل الـسلطـة إلـى ابـتـلاع الـمجتمـع بـأكملـه و لـم تـقـدر الـحـركـة مـدى شـهـيـة  » أهـل الـسـلطـة  » و سـاديتهـم، و لـكـن كـيـف أخـطـأت الـحركة في حـق  » أهـل الـسلطـة « ، الـدكـتـور الـحـامـدي أجـاب في مـقـال آخـر بـعـنـوان  » أرضـيـة الـصـلـح و الـوفـاق و خـطـة فـك الاشـتبـاك قـبـل الـسـابـع من نـوفـمبـر «  بـقـولـه  » الـتجمعـيـون واجهـوا كـل الـتيـارات الـسيـاسـيـة الـتي نـازعـتهـم على الـسلطـة: الـيسـاريـة و الـقـومـيـة و الإسـلامـيـة الـحـركيـة    أي أنـه لـو لـم يـطلـب الإسلاميون الـسلطـة أو لـم يـنـافسـوا عليهـا بـقـوة لـمـا تـعـرضـت لـهـم الـدولـة » هـل مـنـافسـة الـحـزب الـحـاكـم سـيـاسيـا يـعتبـر جـرمـا يـجـب الاعـتذار عـنـه؟ حـقيـقـة لـسـت أدري بـأي مـنطـق يـفكـر الـدكتـور الـحـامدي و هـو يـعلـن بـأنـه يـدعـو لـلـديـمقـراطيـة و هـل الـديـمقـراطيـة غـيـر الـتنـاوب على الـسلطـة عـبـر صـنـاديـق الاقـتـراع و الاحـتكـام لـلإدارة الـشعـبيـة؟ و هـل الـديـمقـراطـيـة غيـر الـمنـافسـة على الـسلطـة لـمـا فيـه خـيـر الـشعـب؟ إذا كـانـت الـمـنـافسـة على الـسلطـة عـبـر الانـتخـابـات جـريـمـة كبـرى، فـإن مـبـدأ الـتعـدديـة يـصبـح في حـد ذاتـه جـريـمـة

 

    الـمسـألـة الأخـرى تـتـعـلـق بـحصـر الأزمـة بـيـن  » أهـل الـسلطـة  » و الإسلاميين في حيـن أن أي عـاقـل و مـتـابـع لـلـشـأن الـتـونسي يـعلـم أن الاشـتبـاك الـحقيقي بيـن « أهـل الـسلطـة  » و الـمجتمـع، بيـن تـغـول الـسلطـة و ضـعـف حـصـون الـمجتمـع، و لـو طلبـت يـا دكـتـور من الـحـركة أن تـعـتـذر لـلـشعـب الـتـونسي عن تـقـديـرات خـاطئـة في كـيفيـة الـتصـدي لـتـغـول الـسلطـة لـكان لـك ألـف عـذر

    

    يـسـتـرسـل الـدكـتـور الـحـامـدي في بـسـط مـبـادرتـه فـيقـول  » سـيـقـول أهـل الـسلطـة: أعـطـونا فـرصـة نـفـكـر، أعـطـونا وقـتـا نـقـارن بـيـن الأقـوال و الأفعـال، قـولـوا لـهـم: كـم تـحـتـاجـون ؟ إن قـالـوا نصـف عـام، فـقـولـوا لـهـم: بـل عـام أفـضـل، إن قـالـوا عـامـا، قـولـوا لـهـم: خـذوا عـاميـن، في الـيـوم الأول الـذي يـحسـب من فـتـرة الاخـتبـار هـذه تـكـون صـفحـة جـديـدة قـد فـتحـت في عـلاقـات الـطـرفيـن «  بـصـراحـة يـا دكـتـور الـحـامـدي و دون حـقـد أو كـره أو تـشـفي أو تـهـكـم هـذا كـلام مـقـاهي و لـيس كـلام في الـسيـاسـة، هـل الـخصـومـة بـيـن الـحركة الإسـلاميـة و  » أهـل الـسلطـة  » خصـومـة شخصيـة،أو خصـومـة بيـن جـاريـن فـيعـتذر أحـدهمـا لـلآخـر فـيجيـب الآخـر سـنـرى؟ يـا دكتـور أقـوال الـعقـلاء مـنـزهـة عن الـعبـث، فـليـس لـلـحركة الإسـلاميـة مـطـالـب شـخصيـة لـدى أهـل الـسلطـة، و إن كـان ذلـك كـذلـك لـكـان أول الـمعـتـذريـن الـمسـاجيـن الـذيـن أكلـت الـرطـوبـة من أجسـادهـم، فـمطلـب الـحـركة الإسـلاميـة الأسـاسي هـو الـتعـامـل مـع الـمـواطن الـتـونسي كـمـواطن كـرمـه الـلـه و جـبلـه على حقـوق إن فـرط فـيهـا فـرط في أمـانـة الاسـتخـلاف و أولهـا الـحفـاظ على مـبـدأ  » الـتـكـريـم الإلاهي  » فـهـل هـذا مـطـلـب عـصـي الـتـحـقـق يـسـتــوجـب اسـتـخـدام كـل وسـائـل الـدولـة الأمـنـيـة الـمـركـبـة و اسـتـنـفــار كـل أجـهـزتـهـا لـتصفيـة الـحـركة الإسـلامـيـة.

 

    أعـود لـمفـردات دعـوة الـمصـالحـة، فـكـل من يـقـرأ هـذه الـمبـادرة يـحـس بـخطـاب الاسـتجـداء الـسيـاسي، و هـو خطـاب من لـه حـاجـة عـنـد أهـل الـسلطـة،في حيـن أن الـحركة كمـا بـينـت سـابـقـا ليسـت لـهـا حـاجـة شخصيـة عـنـد أهـل الـسلطـة،

  و من نـاحيـة أخـرى فـغيـر الـمطلـع على مـا جـرى و يـجـري في تـونـسنـا الـجميلـة و يـقـرأ مـبـادرة الـهـاشمي يـظنهـا مـوجهـة لـحـركة مـسلحـة اتـخـذت من الـجبـال معـاقـل و من الـسـلاح أدوات تـغيـيـر و قـامت بـعـدة عـمليـات مـسلحـة اسـتهـدفـت أجهـزة الـسلطـة و الـمـواطنيـن الأبـريـاء، أو حـركة انـفصـالـيـة اختـارت الانـفصـال و قـادت حـركة تـمـرد لـسنوات طـويـلـة، و حـان الـوقـت لـتعلـن تـوبتهـا و رجـوعهـا إلـى الـصـواب و تـنـزل من الـجبـال و تـلـقي الـسـلاح و تـعـتـذر عن كـل جـرائـمهـا صـاغـرة مجـرمـة نـفسهـا،و مـستـعـدة لـلـتكفيـر عن جـرائـمهـا، بـل إن الـدكتـور الـحـامـدي يـذهـب أكثـر من ذلـك فـيـتحـدث عن فـتـرة اخـتبـار، و كـأن أبـنـاء الـنهضـة في حـاجـة إلـى إعـادة تـأهـيـل لـيكـونـوا مـواطنيـن صـالـحيـن، بـأي مـنطـق يـا دكـتـور تـفصـل الأمـور؟، فـإن كـانـت هـذه الأرضيـة الـتي سـتـؤسـس عليهـا تـيـارك الـجـديـد،فـأبـنـاء الـنهضـة لـيسـوا مـجـرميـن و لا مـرضى و لـيسـوا في حـاجـة إلـى إعـادة تـأهيـل أو فـتـرة اخـتبـار…

 

    الـمصـالحـة يـا دكـتـور تـسـتـوجـب بـدءا طـرفـيـن فـأكـثـر، و لـكـل طـرف الـتـزامـات وواجـبـات، و لـكـن الـمـتـأمـل في مـبـادرتـك كمـا وردت في كـتـابـاتـك، تـضـع دفـتـر شـروط و تـحمـلات على الـحـركة الإسـلامـيـة مـطلـوب منهـا الـوفـاء بـهـا، أمـا الـطرف الآخـر  » أهـل الـسلطـة  » فـتضعـه مـوضـع الـحكـم الـفيصـل (فـيـك الـخصـام و أنـت الـخصـم و الـحكـم) فـهـو الـذي سـينظـر هـل يـقـبـل تـوبـة و أوبـة الإسـلاميـيـن فـيغفـر لـهـم و يـرفـع شـعـار  » إن الـوطـن غـفـور رحـيـم « ، أم يـسـتلقي على أريـكتـه و يـقـول سـنـنـظـر أمـركـم بـعـد فـترة اخـتـبـار، مـا هـذه الـمبـادرة الـعـرجـاء، يـا دكـتـور؟ مـا تـطـرحـه هـو شـكـل من أشـكـال عـقـود الإذعان، و الـديـمـقـراطـيـة الـتي تـتـمسـك بـهـا لا تـنبـنـي على عـقـود الإذعـان حـتى في أسـوأ تـمظهـراتـهـا، فـمـاذا لـو رفـض أهـل الـسـلطـة نـداء الاسـتـجـداء و الـتـوبـة؟ هـل هـنـاك خـيـار أكـثـر من الاسـتجـداء الـسيـاسي؟ و هـل هـذا مـا تـعـد بـه من يـفكـر بـالانضمـام لـتيـارك الـجـديـد؟ و رغـم تـخصصـي الـدراسي في الـعـلـوم الـسيـاسيـة إلا أنـنـي أشـهـد لـك بـالـسبـق في تـأسيـس نـظـريـة جـديـدة في عـلـم الـسيـاسـة تـقـوم على  » الاسـتجـداء و الـتسول الـسيـاسي »  

 

    يـواصـل الـدكتـور الـحـامـدي تـفصيـل مـبـادرتـه بـعـد تـكـرم  » حكـام تـونـس من قـيـادات الـحـزب الـحـاكـم »- كمـا يـسميهـم الـدكـتـور- بـقبـول تـوسـل و تـوبـة الـتـائـبيـن الإسـلامـييـن و نـجـاحهـم في فـتـرة الاختبـار و إعـادة الـتأهيـل أو عـمليـة  » الـبـرمجـة  » فـيطلـب من الإسـلامييـن صـراحـة في مـقـالـه الـمعـنـون ب  » أرضيـة الـصـلـح و الـوفـاق و خـطـة فـك الاشـتبـاك قـبـل الـسـابـع من نـوفـمبـر  » مـا يـلي  » الإسـلاميـون يـقـولـون لـلـتجمعـيـيـن: لـقـد انـسحبـنـا تـمـامـا من الـمنـافـسـة الـسيـاسيـة مـعكـم «  إذن الـمطلـب الأسـاسي لـلـدكـتـور الـحـامـدي هـو انـسحـاب أبـنـاء الـنهضـة من الـمشـاركـة الـسيـاسيـة الـحـقيـقيـة و الـتي تـعـتمـد على الـمنـافسـة الـنـزيـهـة لـمـا فيـه مـصلحـة الـوطـن، و الـبـديـل الـذي يـطـرحـه الـدكـتـور الـحـامـدي يـنحصـر في خـيـاريـن عـبـر عـنهمـا فـيمـا يـلـي:

 

    » – مـن أراد الـمسـاهمـة في الـعمـل الـدعـوي و الـفكـري و الـثقـافي فـليعمـل في جمعيـة مـثـل جمعيـات تـحـفيـظ الـقـرآن الـكـريـم   

 

   – و مـن أراد الـعمـل الـسيـاسي فـليطلبـه في حـزب من الأحـزاب الـقـانونـيـة الـمـرخص لـهـا، الـتجمـع الـدستـوري الـديـمقـراطي هـو الـخيـار الأول الـذي أنـصـح بـه الإسـلامييـن…. »

 

    هـل هـذه هي الـمـواطنـة الـحقـة يـا دكـتـور الـحـامـدي ؟ هـل هـذه هـي الـمسـاواة بـيـن كـل الـتـونـسييـن بـقطـع الـنظـر عن انـتـمـائـهـم الإيـديـولـوجي ؟ هـل هـذا مـا يـبشـر بـه تـيـارك الـجـديـد ؟ مـواطنـة درجـة ثـانـيـة أو ثـالـثـة لـلإسـلامييـن ؟ إمـا جمعيـة لـتحفيـظ الـقـرآن الـكـريـم ( وهـي مـطلـوبة لـنبـل رسـالـتهـا) أو الـتجمـع الـدستـوري الـديـمقـراطي، مـا هـذا الـكـرم و الإسـراف يـا دكـتـور ؟ و على كـل حـال فـقـد رسمـت الـطـريـق و على الـتيـار الـجـديـد الـذي تـبشـر بـه أن يـخـتـار بيـن الـخيـاريـن الـمـذكـوريـن  

 

    و يـمضـي الـدكـتـور الـهـاشمي مـدافـعـا عن خـيـار الانـخـراط في الـتجمـع الـدستـوري الـديـمقـراطي طبعـا إن قـبـل الـحـزب بـالـتـائـبيـن فـيـعـدد فـضـائـلـه قـائـلا:

 

     » – الـتجمـع الـدستـوري الـديـمقـراطي وريـث الـحـزب الـدسـتوري الـذي حـرر الـبـلاد من الاسـتعمـار و بـنـى دولـة الاسـتقـلال.

      ـ الـتجمـعـيـون صـاغـوا دستـور الـبـلاد الـذي ثـبـت هـويـتهـا الـعـربيـة الإسـلامـيـة.

      – الـتجمعـيـون نـشـروا الـتـربـيـة الإسـلامـيـة في الـمـدارس، و أنـشـأوا جمعيـات الـمحـافظـة على الـقـرآن الـكـريـم و بـنـوا الـمسـاجـد و شـجعـوا على بـنـائـهـا  »

 

    لـقـد اتـفـقـت مـعـك يـا دكـتـور الـحـامـدي من الـبـدايـة على الـتحـاور بـدون مـسـاحيـق و مـجـامـلات، و استـجـبـت لـلـطلـب و أسـقـطـت الـقـنـاع، و بـمـا أنـك نـسبـت بـعض إنـجـازات الـدولـة لـلـحـزب الـدسـتـوري، فـاسمـع مـنـي الـوجـه الـذي تـريـد إخـفـاءه و أعـتـذر لـكـل دعـاة تـلـييـن الـخطـاب فـقـلمي يـأبـى شـهـادة الـزور، و سـأحـاول بـإيـجـاز الـتـعـرض لـطبيـعـة الـنظـام الـسيـاسي الـمنتهـج من طـرف الـحـزب الـدستـوري و آثـار سـيـاسـتـه على الـحيـاة الـسيـاسيـة تـنـظيـرا و مـمـارسـة.

 

    إن طـبيعـة الـنظـام الـسيـاسي لـلـحـزب الـدستـوري الـحـاكـم تـعـتبـر مـزيـجـا و خـليطـا بـيـن نـظـاميـن سـيـاسييـن، فـعـلى مـستـوى الـتقـنـيـن انـتهـج نـظـام  » الـديـمقـراطيـة الـمقـيـدة  » لـرسـم خـارطـة حـزبـيـة بـمقـايـيـس تـضمـن لـه الـهيـمنـة، فـرفـع ثـلاث أنـمـاط من الـقيـود لـتكـبيـل الـمـمـارسـة الـسيـاسيـة في إطـار تـعـدديـة حـزبـيـة صـوريـة.

 

      – الـقـيـود الـواردة على تـكـويـن الأحـزاب الـسيـاسيـة ابـتـداء.

      – الـقـيـود الـواردة على الـتصـريـح بـقيـام الأحـزاب و اسـتمـرارهـا.

      – الـقـيـود الـواردة على الـنظـام الانـتخـابي تـرشيحـا و انـتخـابـا

 

        أمـا على مستـوى الـمـمـارسـة و الـتنـزيـل فـقـد استمـر في نـظام  « الـواحـديـة الـسيـاسيـة « ، أي نـظـام الـحـزب الـواحـد الـمـرتكـن لـفـلسفـة الـحـزب الـمحـرر و الـقـائـد مـرة من الاسـتعمـار الـمبـاشـر و مـرة من ضـعـف هـرم الـسلطـة و خـطـر الـمـد الأصـولي، و إن كـان في الـمـرحـلـة الـبـورقـيـبيـة اقـتـات من فـلسفـة الـزعـيـم الأوحـد و الـحـزب الأوحـد، فـإن الـعهـد الـنـوفـمبـري امـتـاز بـرفـع شـعـارات جـديـدة و فـلسفـة سـيـاسيـة جـديـدة لـمفهـوم الـحـزب الـقـائـد لا تـنـبـع من قـنـاعـات مـبـدئـيـة ثـابـتـة بـل من تـفـكيـر سـيـاسي مـرحلي يـرمي إلـى تـحـقيـق قـدر من الـوفـاق الـسيـاسي و الـقـانـوني بيـن الـحـزب الـقـائـد و الأحـزاب الأخـرى حتى يـأمـن جـانبهـا و يـقـوي شـوكـتـه و هـيمـنـتـه على أجهـزة الـدولـة و خـاصـة الأجهـزة الأمـنـيـة، ثـم يـسعـى إلـى تـدجيـن و تـطيـيـع بـقيـة الأحـزاب حتى تـغـدو مجـرد ديـكـور، و هـرسلـة و تـصفيـة الأحـزاب الـرافضـة لـسيـاستـه، و هـذه الـفـلسفـة الـجـديـدة تـحمـل بـصمـات فـلـول الـيسـار الـمـتطـرف الـذي تـوغـل في هـيـاكـل الـدولـة و مـواقـع الـتخطيـط لـسيـاسـات الـحـزب، و مـا تـجـربـة الـحـزب الـشيـوعي الـصيني بـعـد الـثـورة بـبـعيـدة.

 

    أمـا على مستـوى الآثـار الـسلبيـة لـسيـاسـة الـحـزب الـدستـوري على الـحيـاة الـسيـاسـيـة فكـرا و مـمـارسـة فـيمكـن إجمـالـهـا و بـإيـجـاز في الـنـقـاط الـتـالـيـة:

 

     1– الاخـتـلال في شـرائـح الـمجتمـع الـسيـاسي بـيـن الــمشـاركيـن الـفـعلـييـن و الـمـؤثـريـن في الـعمليـة الـسيـاسيـة، و شـريـحـة الـمهتـميـن أو الـمـتـابعيـن أي شـريـحـة الـمنـاقشيـن لـلأحـداث الـعـامـة و الـمهـتـمـيـن بـالـتـطـورات الـسـيـاسـيـة، و شــريـحـة  » الـلآسـيـاسـيـيـن  » و قـد اتـسعـت هـذه الـدائـرة، و أخـيـرا بـدأت تـظهـر إرهاصات شـريـحـة جـديـدة قـد تـكـون فـقـدت أي أمـل في الـتغيـيـر الـسلمي فـلـجـأت إلـى وسـائـل الـتغيـيـر غـيـر الـسـلميـة.

 

     2– الـمشـاركـة الـشـكليـة و الـمـوسميـة في الـحيـاة الـسيـاسيـة من خـلال الانـتخـابـات الـصـوريـة و الـشـكليـة الـمـوجهـة لـلـخـارج أكـثـر من الـداخـل، و هـي في حـقـيقـتهـا اسـتـفـتـاءات تـغيـب فيهـا الإرادة الـحـقـيـقيـة..

 

     3– الـتعبئـة الـسيـاسيـة و الـبعـد عن الـمشـاركـة الـحـقيـقيـة من خـلال تـعبئـة قـطـاعـات من الـجمـاهيـر لـمسـانـدة قـرارات و سـيـاسـات الـحـزب الـدسـتـوري لـتـتـحـول الـمشـاركـة إلـى إجـراء نـظـامي شـكـلي فـاقـد لـجـوهـره.

 

     4– الإخـلال بـمـبـدأ تـكـافـؤ الـفـرص في تـولي الـوظـائـف الـعـامـة، فـصـارت الـوظـائـف الـعـامـة لـمـنتـسبي الـحـزب الـحـاكـم و لأقـربـائـهـم و لـبـقـايـا الـيسـار الانـتهـازي و خـاصـة الـوظـائـف الأمـنـيـة الـحسـاسـة.

 

     5– الـتبـاعـد بـيـن الـنصـوص الـدسـتـوريـة و الـواقـع، و حتـى هـذه الـنصـوص لـم تـسلـم من الـتـلاعـب و الـتفصيـل بـمقـاسـات و مـدد مـعينـة خـدمـة لـمصـالـح رأس الـسلطـة و إرسـاء لـرئـاسـة مـدى الـحيـاة.

 

     6– الـخـلط بـيـن مـفهـوم الـدولـة و شـخـص الـحـاكـم- و قـد كـتبـت يـا دكـتـور الـهـاشمي في إحـدى مـقـالاتـك  » تـونـس بـن عـلي »-، و ضـرب مـبـدأ اسـتقـلالـيـة شـخصيـة الـدولـة و سـلطتهـا و ذمـتهـا الـمـالـيـة، فـأصـبـح رجـالات الـحـزب الـدستـوري يـتـمتـعـون بـقـوة فـعليـة أكبـر من الإطـار الـقـانـوني الـذي يـؤطـر عـملهـم، وأصبـح شخص الـحـاكـم مـتـداخـل في وعـي الـجمـاهيـر بـشخصيـة الـدولـة،مـمـا حـول الـولاء الـسيـاسي إلـى ولاء لـشخـص الـحـاكـم الأعـلى في الـمقـام الأول، و الـخـلاف مـع سـيـاسـة الـحـزب الـدستـوري اسـتحـال خـلافـا مـع الـدولـة و نـقصـا في الـولاء لـهـا،و لـلأسـف الـشـديـد أن كـتـابـاتـك الأخـيـرة يـا دكـتـور الـحـامـدي تـنـدرج في هـذا الـسـيـاق.

 

     7– رهـن وسـائـل الإعـلام من قـنـوات و صـحـافـة إلـى وصـايـة الـحـزب الـدسـتـوري الـحـاكـم، مـمـا أثـر على تـطـور و نـمـو رأي عـام، كــان سـبـبـا مـبـاشـرا لـمنـع الـمـواطن من إبـداء الـرأي و تـكـويـنـه.

 

     8– تـغـلـغـل مـنتـسبي الـحـزب الـدستـوري في منـظمـات الـمجتمـع الـمـدني و مـحـاولـة شـق صـفـوفهـا و تـعـطيـل مـؤسـسـاتـهـا و رفـع دعـاوي أمـام الـقضـاء في ظـل عـدم اسـتقـلال الـسلطـة الـقضـائـيـة عن الـسلطـة الـتنـفـيـذيـة أي الـحـزب الـدستـوري، مـمـا أضـعـف من حـصـون الـمجتمـع الـمـدني

   هـذه بـعـض الآثـار الـسـلبيـة لـسيـاسـة الـحـزب الـدستـوري الـحـاكـم الـتي تـعـرفهـا جـيـدا و اغـمضـت عـيـنـيـك عنهـا و تـريـدنـا أن نـسـاهـم في تـزكـيتهـا، عـلمـا أنـنـي فـضلـت عـدم الـحـديـث عن الـفـسـاد الـمـالـي و نـهـب مــقـدرات الـــدولـة ومحاربة مظاهر التدين حـتـى لا تـتـهـمـنـي يـا دكــتـور بـالـبـغـض و الـحـقـد و الـكـراهـيـة، و أنـا مـستعـد لـفـتـح نـقـاش معـك حـول هـذه الـملفـات و حـول سـيـاسـة الـحـزب الـدستـوري الـديـمقـراطي فـكـرا و مـمـارسـة

   

و عـود على بـدء يـحـق لـي يـا دكـتـور الـحـامـدي أن أسـألـك لـمـاذا لـم تـبـادر إلـى تـجـريـم نـفـسـك و إعـلان تـوبـتـك الـنصـوح و طـلـب الـصفـح و الـمغفرة من رجـالات الـحـزب الـحـاكـم عـلنـا، و الـتبـرىء من مـاضيـك الـسيـاسي و انـتمـائـك لـلـحـركة الإسـلاميـة، و تـطلب انـضمـامـك لـلـحـزب الـدستـوري حتى تـكـون قـدوة لـغيـرك مـمـن تـخـاطبـهـم في مـقـالاتـك ؟

 

    لـمـاذا يـا دكـتـور الـحـامـدي لــم تـعـرض مـبـادرتـك على قـيـادات حـركـة الـنهضة داخـل تـونـس و أسـاسـا على المسـاجيـن الـسيـاسييـن بــاعتبـارهـم كمـا تـقـول أول الـمستـفـيـديـن من هـذه الـمصـالحـة؟

 

    أسـئـلـة قـد تـجـد لـهـا جـوابـا في مـقـالاتـك الـقـادمـة، أمـا مـوضـوع  » الـتيـار الإسـلامي الـجـديـد  » الـذي تـبـشـر بـه فـسيكـون مـوضـوع الـجـزء الـثـالـث من وجهـة نـظـري حـول مـبـادرتـك بـإذن الـلـه، و أرجـو من الـعـلـي الـقـديـر أن لا أكـون من الـمجـادليـن بـالـبـاطـل لـدحض الـحـق، فـعـقلي مـحـدود في الـزمـان و الـمكـان و رأيـي قـابـل لـلـصـواب و الـخـطـأ.

 


إعمال العقل

 

عبدالحميد العدّاسي

 

تحت عنوان  » دفاعا عن العقل » كتب الأخ معزّ السليماني كلاما بَخَس فيه كثيرا عقله، فلم أره يحاول فَهْم ما عنى غيرُه بقدر ما ألفيت لديه إصرارا على تثبيت ما علق بعقله الرّافض للحركة (الحركة بكلّ معانيها).

ولنبدأ مع بعضنا البعض خطوة خطوة محكّمين العقل:

 

1 – متى كان عدمُ الميل إلى الشيء دليلا على عدم حصول ذلك الشيء، فأنا مثلا لا أميل إلى الردّ على أولائك الذين يتجاهلون غيرهم – تكبّرا ربّما – بالامتناع عن ذكر اسمائهم رغم وضوحها (فلقد قال أحدهم)، ومع ذلك فأنا أردّ الآن على الأخ معزّ وهو ممّن اقترف ذلك الفعل… العقل والواقع يشهدان معا بأنّ النّظام التونسي لم يرغب (لم يمل) أبدا في/ إلى حلّ المشاكل في تونس ولكنّه مع ذلك ونظرا لظروف دولية لا يستطيع عدم التجاوب معها (مع قليلها) قد نفّس بعض الشيء عن حركة النهضة فكان إطلاق عشرات المساجين السياسيين استجابة منه لبعض التدخّلات أو استجابة منه لمصلحته الخاصّة، وهو ما يصدّق ويؤكّد على صحّة ما ذهب إليه الشيخان اللذان تحدّثا عن عدم الميل (الشيخ راشد كما قلتَ) وعن صدور الإشارات الإيجابية (الشيخ النوري كما أوردتَّ)، وإطلاق سجنائنا من أكبر وأهمّ الإشارات الإيجابية. ولكي يتأكّد للجميع عدم ميل هذا النّظام إلى المعنى الذي قصده الشيخ راشد فقد سارع (النّظام الحاكم) بمجرّد وجود ما يسوّغ له التنكيل بالتونسيين إلى فعل ذلك في ظلّ الغطاء الدولي الذي يبيح له « محاربة الإرهاب » حتّى بلغنا من سوء فعله إذهاب عقول النّاس بمفعول التعذيب الوحشي المسلّط عليهم. فالعقل هنا يقول بأنّ هذه السلطة هي أكثر ميلا إلى التضييق وإن بدا منها بعضُ التفريج، وهو ما قصده الشيخ راشد، في حين أكّد الشيخ النوري على المقارنة بين ما كنّا عليه بداية التسعينيات من القرن الماضي وبين ما صرنا إليه وعليه اليوم، وهي حقيقة لا يمكن التشكيك فيها… والأمر في ذلك أوسع من حركة النهضة، فكلّ صاحب عقل يدرك استرجاع التونسيين اليوم بعض جرأتهم (خذ لك مثلا سليم بوخذير) وقد حصل ذلك رغم عدم ميل النّظام التونسي إلى رؤية التونسيين ذوات جرأة، وهذا أمر يدركه كلّ صاحب عقل وكلّ صاحب غيرة على تونس، من أولئك الذين يتألّمون لكلّ متأوّه فيها. غير أنّ بعض الإخوة، ولعلّ معزّ السليماني يكون منهم، يجدون – دون كثرة إعمال عقل – ما يُنعش عقولهم في اتّهام رجالات الحركة قادة ومرؤوسين بعدم رجاحة العقل وبعدم عدالتهم وكفاءتهم في التعامل مع المتنوّرين.

 

2 – لم يفتخر أحد – وإن كان ذلك من حقّه – بحركة النهضة المتحرّكة في داخلها بما تحوي من أفكار كثيرة تصل حدّ التضارب في بعض الأحيان، ولكنّه بيّن (وأنت تعنيني) أنّ هذه الحركة ليست – كما يريد أن يلبّس بعض أصحاب المهمّات المشبوهة – كتلة صمّاء يفصّلها شيخ على مقاسه ويوجّهها على هواه. بل هي مجموعة تشهد الكثير من العمل (أنت لا ترى لها عملا)، أو لنقل تؤسّس لكثير من التقاليد التي لا يقدر على اقترافها حتّى تلكم المجموعات العاملة في عالم الأمن والأمان، المتمتّعة بتشجيعات المعجبين من الدّاخل والخارج…

 

3 – قولك يا معزّ: (بقاء هذه الأراء المتعارضة دون حسم يمكن أن يكون مردّه انقسام القواعد إلى نصفين حول هذه المواضيع. في شكل العلاقة مع السلطة، نصفين، و حول بيان 8 مارس، نصفين ليسا بالضرورة بنفس الأشخاص ثم قضية الشريعة نصفين آخرين!…

أو لعل قواعد النهضة لا تهمها الخلافات ذلك أنهم يذهبون إلى هدف كبير يعلمونه بينهم يستوجب هذه التضحية و ذلك الصمت؟!! فيكون للسيد العداسي أن « يفتخر بحركة النهضة المتحرّكة في داخلها بما تحوي من أفكار كثيرة تصل حدّ التضارب في بعض الأحيان ») يكشف – باستعمال العقل طبعا – عن عدّة أشياء منها:

 

         ميلك إلى الحسم في الآراء يعني لديّ ميلك للدكتاتورية عاشقة الرّأي الواحد، إذ ما العيب في كثرة الآراء وتعارضها (حتّى) إذا كان أصحابها قد رضوا لأنفسهم آلية حسم تجعلهم يلتفّون حول ما تختار أغلبيتُهم. مَن يُكره العضو أو  المنتمي أو غيره على عدم الانسحاب من هذه الحركة إذا لم يكن هو نفسُه مقتنعا عقليّا وعقليا فقط (ليس لدى الحركة مغريات ماديّة أو غيرها كي تجعل الفرد يتخلّى عن استعمال عقله) بما يجمع بين أفرادها. أمّ أنّ « شرطة الحركة » قد ألجمت الأفواه وكمّمتها؟!… وسبحان الله: إذا اتحدت الآراء، قلنا: الجميع على لسان شيخهم « الطاغية »، ليس هناك تنوّع، ليس هناك حرّية تعبير! فإن اختلفت الآراء وتنوّعت بل وتباينت، أعددنا ذلك انقساما ومنّينا الأنفس بالانشطار النصفي ثمّ لم نتردّد في رمي أحد النصفين إلى السلطة تنهشه بمعية هيأة 18 أكتوبر وجموع العلمانيين واللاّئكيين العاملين ضدّ مصلحة البلاد!…

 

 

         « أو لعل قواعد النهضة لا تهمها الخلافات ذلك أنّهم يذهبون إلى هدف كبير يعلمونه بينهم يستوجب هذه التضحية وذلك الصمت« : هذا تلبيس وسوء استعمال لعقل رضي له صاحبه الاستغفال فاستغفل فصار مغفّلا… كلام كبير قاله قبلك رجال « أمن الدولة » مخرّبو الدولة. فهؤلاء (يعنون الإسلاميين) أناس مشبوهون وأهدافهم تستوجب منهم التضحية. وقائل هذا الكلام إمّا أن يكون فعلا قد اطّلع على هذه الأهداف بحكم انتمائه ثمّ لمّا انفصل صرّح فخان، وإمّا أن يكون مجتهدا فيما لا يعلم فلمّا حدّث كذب. وأنا أقول لك عن نفسي ولا أدافع هنا عن أحد: هدفي يستدعي فعلا التضحية، وكثرة الحديث عنه قد تخالف – عياذا بالله تعاليم – الآية الكريمة « ولا تمنن تستكثر« . ولكنّه على كلّ حال يتمثّل في العمل على طاعة الله تعالى وفي الوقوف ضدّ كلّ من حارب هذا الدين بما أستطيع (وما أستطيعه هو الكلمة لا غير) وفي تصويب من أخطأ ما استطعت وفي الاهتمام بأمر المسلمين بما استطعت فأتألّم لآلامهم وأفرح لفرحهم ما استطعت وفي كره فعل المنافقين والوصوليين ما استطعت (إذ كثيرا ما أعجز عن الكره) وفي أشياء أخرى كثيرة ولكنّها معلومة غير مشبوهة كما تريد أن تسوّق بقولك هذا الذي غاب عنه العقل.  

 

4 – قولك:  » إن الحركة في كل اتجاه لا تسع أحدا في الحقيقة، ولا يمكن أن تكون مفخرة لعاقل. ذلك أن حصيلة الحركة في كل اتجاه هي لا حركة. وهو واقع الحركة الإسلامية في تونس منذ سنوات« ، قول فيه الكثير من الصدق لمن هو خارج الحركة، ممّن وجد ما ينمّي العقل في غيرها من المؤسّسات والكيانات الحيّة المتحرّكة النّافعة المُطعِمة الكاسية. ولكن أليس من احترام عقولنا أن تحترم خياراتنا التي جمعت بين العقل والقلب، فاختارت الذي اختارت؟! لماذا تحترم من لهث مثلا وراء الجاه والشهرة والمال ولا تحترم من اختار أن يزهد في كلّ هذه الاشياء؟! لماذا تحترم من اختار التحرّك يمينا وشمالا ولا تحترم من اختار السكون (هي لا حركة) محاولة منه اجتناب خبث المتربّصين بالحركات؟! وهل أكون بلا عقل إذا أحببت مَن بداخل هذه الحركة وتغنّيت بمواقفهم الثابتة على المبدإ وقد اختاروا السجن والموت على التمسّح بأعتاب ظالم ظلوم جهول؟! وهل أكون بلا عقل إذا دافعت بظهر الغيب عن أخ لي، شيخٍ أو فتًى، وقد أعمل البَشِعُونَ معاولهم في عِرضه؟! سبحان الله! وتَعِسَ عقل ينهى عن ذلك أو يقبّحه…  

  

5 – أنا معك بالكليّة في ضرورة النقد والمحاسبة، وقد تردّد كثيرا أنّ حركة النهضة قد قامت بجزء كبير من ذلك. ولكن ما يهمّني هو ما جاء في الكتابات أو الحوارات الأخيرة، كما في حوار الشيخ الحبيب اللوز فهو جامع ويمكن أن يكون مرجعا لكلّ طالب حقيقة صاحب عقل، وحوار الأخ محمّد النوري فهو عادل ويمكن أن يكون نواة حوار تونسي جامع، وكتابات الأخ الفاضل البلدي ففيها الكثير من النقد الذي لا يقوى على إيراده إلاّ مخلص صاحب هدف معلوم لا تشوبه الشوائب، ورسالة الأخ عبدالله الزواري فهي مهمّة جدّا وهي صريحة وقد عكست لنا، أهل المهجر، صورتنا هناك لدى إخوتنا في الدّاخل، فقد كدنا أن نكون مثل الأجانب الذين لا يرون في تونس إلاّ مكانا للنّزهة والرّاحة المذهبة للمروءة (سوف أشرحها لاحقا لمن لم يفهمها). كما أنّ الواقع قد يساعد كثيرا على القيام بهذا النقد، فيُظهر أعمال غير المخلصين عارية منفصلة مذمومة… اللهمّ اصلح حالنا ومآلنا ودنيانا وآخرتنا وأزواجنا وذرّياتنا وبلادنا وبلاد المسلمين….     

 


حول موضوعة تأسيس حزب إسلامي تونسي جديد…

مرسل الكسيبي (*) طرحت نظريا وقبل عدة سنوات فكرة الالتقاء على أرضية تأسيس تيار اسلامي وسطي تونسي جديد , وقد كتبت حول هذه الموضوعة العشرات من المقالات التي يمكن مراجعتها على أكثر من موقع وصحيفة عربية , غير أن الدافع الكبير في طرحي لهذا الموضوع الحساس هو تفكيك حالة الاستقطاب الثنائي الحاصلة في حياتنا العامة جراء الاشتباك القائم بين التيار العلماني والتيار الاسلامي الوسطي ممثلا في حركة النهضة التونسية , هذا علاوة على الرغبة في تخفيف الضغط على تيار الوسطية الاسلامية عبر توزيع مساهماته وعطاءاته على أكثر من حقل وميدان مما يطمئن الحزب الحاكم والجهات السياسية القائمة تجاه مرونة الظاهرة وقابليتها لخيار التعدد والانخراط في مشاريع تجديدية ومشاركة .  العودة الى الموضوع من قبل البعض على خلفية الرغبة في ضرب حركة النهضة واظهارها بمظهر التيار المغالب الذي يرفض التجديد في خياراته ومؤسساته ,ليس في تقديرنا عملا بريئا أو وطنيا مقبولا ولاسيما عندما يتزامن مع انتهاء أشغال مؤتمر الحركة الثامن في ظل خيار واضح للسعي نحو الأخذ بأسباب المصالحة وايقاف النزيف الحقوقي والسياسي الحاصل بالبلاد … يعلم الجميع ممن تابع كتاباتي على مدار المئات من المقالات والبحوث والدراسات التي خططتها من باب الرغبة في اثراء النقاش الفكري والسياسي في تونس ومن ثمة محاولة الخروج برؤية جديدة من شأنها أن تيسر لنا ماأسميته في واحد من مقالاتي بنظرية للطريق الثالث , يعلم كل هؤلاء القراء الأفاضل بأنني كنت واحدا من الذين رفضوا الخضوع للتقليد والاكتفاء بما هو موجود والتسليم بمقاليد الأمور لمن أسميتهم بمحتكري الصناعة السياسية … غير أن متابعتي الدقيقة للتطورات الميدانية وجملة الأخلاقيات التي تربيت عليها تمنعني صراحة بأن أكون خنجرا في ظهر اخواني من أجل تشييد جسم قد يكون في اللحظة الحالية مطلبا سلطويا ملحا من أجل تفتيت تيار النهضة وشرذمته واعلان « وفاته » الاصطناعية ومن ثمة الاحتفال بمشهد ثالث في المسرحية السياسية التونسية … نعم لتأسيس تيار اسلامي جديد ولكن في ظرف مختلف عن الظرف الحالي , حين تكون الظروف سانحة للتونسيين بالتشكل الطبيعي والتنظم الحر , وهو مايعطي مصداقية حقيقية ووطنية مشرفة لهذا المولود الجديد . أما حين يكون هذا التيار بطلب من أجنحة معادية للديمقراطية والاصلاح تمثل جناحا راديكاليا داخل السلطة , لنفرز تيارا اسلاميا مشوها ومشبوها يتزعمه من يتلهث على دور غير طبيعي في الحياة العامة , فاننا بذلك نكون قد استنسخنا تجربة الاتحاد الديمقراطي الوحدوي بقيادة عبد الرحمن التليلي حين طلب منه هذا الدور قصد ضرب التيار القومي الأصيل في مجتمعنا التونسي … من حق الجميع أن يبدي رأيه بحرية في حركة النهضة أو غيرها من التيارات والأحزاب , ومن حق الجميع أن يبدي رأيه في التجمع الدستوري الديمقراطي كحزب حاكم قد يختلف معه الكثيرون , ولكن ليس من حق أي وطني غيور ضرب النهضة أو كسر لحمة التجمعيين والتفافهم حول مشروع حزبهم من منطلق انهم حزب حاكم احتكر السلطة على مدار أكثر من نصف قرن … من حقنا جميعا أن نطالب باصلاح الحزب الحاكم كحزب وطني عريق , بل من واجبنا أن نفعل ذلك , لكننا لانريد له تمزيقا أو تشتيتا أو تخريبا من منطلق يؤمن بعراقة وأهمية هذا الحزب في الحياة العامة , كما أنه من واجبنا أن نستمر في مطالبة حزب النهضة بتطوير خطابه وممارسته والارتقاء بها على نحو يشرف تونس والتونسيين ولكن ليس من حقنا أن نقدح في انتخاباته الداخلية أو طرق تصعيده القيادي , فهذا أمر يخص كوادره وأعضاءه … ان في الاضعاف الكيدي والتامري للأحزاب الوطنية , من منطلقات اللهث وراء الزعامة ولعب أدوار بارزة تحت الأضواء الكاشفة , ان في ذلك لعبة قذرة لابد أن نرتفع بالنفس عنها مهما كانت خلافاتنا مع أي حزب تونسي قائم … الأحزاب القائمة مكسب وطني لتونس وشعبها ماابتعدت عن استعمال العنف كوسيلة لتصفية الخلافات السياسية , بل انها عمود فقري من اجل ضبط الظاهرة السياسية وعدم تمييعها في مجرد طروحات نظرية لاتلتف حولها الجماهير . خلاصة القول أن الساحة التونسية ستشهد قطعا يوما ما ميلاد تيار اسلامي وسطي ثاني وثالث وربما رابع ,ولسنا في هذا بمعزل عما يحيط بالظاهرة الاسلامية الوسطية المعتدلة من تحولات وتشكلات في كافة أرجاء المنطقة المغاربية والعربية والاسلامية , ولكن قطعا ليس في هذا الظرف المتسم بالانغلاق والسطو على الحياة العامة من قبل أقليات تحتكر النفوذ من منطلقات معادية للاصلاح والتطوير واعادة البناء على أرضية المشاركة والمساهمة … انها سنن الله في كونه غلابة , ومرحبا بتطورات طبيعية تشق ظواهرنا السياسية والمجتمعية ولكن مع الحفاظ على أواصر التعاون والتنسيق والتآزر الوطني والاسلامي والانساني بين مكونات الفضاء الرسمي والمعارض… (*) رئيس تحرير صحيفة « الوسط التونسية » (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (أليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 13 جوان 2007)


الحوار.نت في حوار صريح مع الأستاذ جمال الطاهر الرئيس الأسبق لحركة النهضة التونسية

حاوره: الهادي بريك ـ ألمانيا ـ الحوار.نت مناسبة الحوار: تدور منذ مدة سجالات حول الحالة التونسية عامة وحول العلاقة بين السلطة وحركة النهضة خاصة في لحضاتها الثلاثة (الماضي، الحاضر والمستقبل)، وبقدر حرصنا في موقع الحوار.نت على فتح صفحاتنا لمختلف وجهات النظر لتعبر عن نفسها وتتواصل مع القراء، فإننا حريصون أيضا على إفادة قرائنا خاصة والقارئ التونسي عامة بتقصي الحقائق من مصادرها ونشرها على خلفية دفع الحوار في الاتجاه الصحيح. في هذاى الإطار، كان لنا هذا الحوار الخاطف مع الأستاذ جمال الطاهر الرئيس الأسبق لحركة النهضة والذي ورد ذكر اسمه في مقالات ومساهمات عديدة للدكتور محمد الهاشمي الحامدي باعتباره ثاني اثنين من العناصر القيادية النهضوية التى اتصل بها الحامدي لإبلاغها بما توصل إليه من اتفاق مع الرئيس ابن علي أو ما اصطلح الحامدي على تسميته لاحقا بمبادرة 1999. الحوار.نت : ذكر السيد محمد الهاشمي الحامدي مؤسس ورئيس فضائيتي المستقلة والديمقراطية في لندن منذ مدة بأنه دعاك صحبة الأستاذ مختار بدري مباشرة عقب حصوله من الرئيس ابن علي على إذن بفتح باب المصالحة مع حركة النهضة وذلك بغرض إبلاغكما النبأ كما ذكر بأنكما تلقيتما الخبر ووعدتما بإيصاله إلى قيادة الحركة بقصد النظر فيه، هل من توضيح لقرائنا الكرام في هذه المسألة ؟ الأستاذ جمال الطاهر: لقد اطلعت في مراسلة لموقع تونس نيوز بتاريخ 27 ماي الماضي على مقالة للأخ محمد الهاشمي الحامدي بعنوان « شهادة صلاح الدين الجورشي وسؤال لبقية قيادات النهضة ». وبصرف النظر عما أتفق أو أختلف فيه في وجهات النظر مع الأخ محمد الهاشمي الحامدي وخاصة فيما يتصل بتقييم تجربة السنوات الأخيرة لحركة النهضة ولطبيعة العلاقة التي حكمت بينها وبين النظام التونسي، فإنّ كلام الهاشمي جاء في سياق حديثه عمّا أسماه مبادرته للمصالحة بين النهضة والرئيس ابن علي حيث قال « وقلت لكم إنني استدعيت إلى بيتي الأخوين مختار البدري وجمال الطاهر مساء 28 أكنوير 1999 وأبلغتهما بما قاله لي الرئيس ابن علي وطلبت منهما عرض الأمر على الشيخ راشد الغنوشي وقيادة الحركة وموافاتي بالردّ في أقرب وقت ممكن لكنهما لم يعودا لي برد حتى يوم الناس هذا »، جاء (كلام الهاشمي) على غير ما جرى بيننا من حديث في الجلسة المشار إليها وهو ما يجعل كلام الهاشمي رواية لجلسة لم أحضرها ولم أكن شاهدا عليها. الحوار.نت : هل لكم إفادة القراء بحقيقة ما جرى بينكما وبين الحامدي؟ الأستاذ جمال الطاهر: يمكن إجمال حقيقة ما جرى بيننا وبين الهاشمي في الجلسة المشار إليها في النقاط الأساسية التالية: أولا : إنّ زيارتي للحامدي في بيته لم تكن تلبية لدعوة منه كما جاء في مقالاته وإنما كانت مبادرة شخصية مني. فقد أحببت ملاقاة الهاشمي بمناسبة زيارتي الثانية إلى لندن منذ مغادرتي تونس بداية تسعينيات القرن الماضي و ذلك أداء لواجب الأخوة، فالهاشمي أخ وصديق عزيز جمعت بيننا سنوات الدراسة الجامعية وزنزانات العمران وسجن 9 أفريل، ثانيا : إنّ الحديث الذي دار بين ثلاثتنا كان حديثا عاما تبادلنا فيه وجهات النظر من الحالة التونسية بشكل عام وجزء منها وضعية حركة النهضة من النواحي السياسية والاجتماعية وغيرها. فلم أكن أنا في هذه المقابلة الشخصية أمثل حركة النهضة ولا أتكلم باسمها ولا حتى مفوضا من القيادة لمثل هذا الأمر، ثالثا : إنتهى بنا الحديث مع الهاشمي في بيته إلى التأكيد على جملة من المبادئ العامة في السلوك السياسي لحركة النهضة وفي تقدير الحدّ الأدنى من المطالب السياسية لتحقيق انفراج سياسي في تونس وجزء منه تسوية وضعية حركة النهضة، ومن هذه المبادئ: 1.إنّ حركة النهضة على استعداد لبحث تسوية سياسية للحالة العامة في تونس على خلفية وضمن أفق المصالحة الوطنية الشاملة التي لا تستثني أحدا. 2.إنّ حركة النهضة لا تمانع في الحديث مع الرئيس ابن علي أو مع من يفوضه لبحث الوضع العام في تونس وبلورة صيغة وآليات تسوية سياسية تخرج تونس من أزمتها وتفتح أمامها مرحلة جديدة قوامها التعايش السلمي والعمل الوطني الجامع والمشترك بين مختلف الفرقاء السياسيين. 3.إنّ حركة النهضة تنتظر من السلطة أن تبدي استعدادها العملي لتسوية الوضعية من خلال المبادرة بإطلاق سراح كل المساجين السياسيين ووقف المحاكمات السياسية وعودة المهجرين وإعلان العفو التشريعي العام. على أساس هذه المبادئ العامة والحد الأدنى من المطالب السياسية اقترح الهاشمي أن يحصل من الحركة على تفويض صريح وعلني يخول له أن يقوم بدور الوسيط بين الحركة والسلطة لطرح مبادرة لتسوية وضعية حركة النهضة لا تختلف في مضمونها عما ذكره في مقالته المشار إليها : تسوية ملف الحركة ومنحها حزبا سياسيا وصحيفة أو جمعية دينية وصحيفة. ولأنني والأخ مختار بدري لم نكن مفوضين من مؤسسات الحركة للحديث رسميا مع الحامدي فضلا عن إمضاء أي اتفاق أو التزام معه، فقد اتفقنا معه على مواصلة الحديث فيما بيننا لمحاولة بلورة مشروع يمكن عرضه لاحقا على قيادة الحركة. تواعدنا معه أن نلتقي في الغد حول غداء أو عشاء. وفعلا، فقد إتصلنا في الغد بالهاشمي أكثر من مرة ولكنه لم يكن يجيب وفي الأخير أجابتنا زوجته لتقول أن الهاشمي يعتذر عن الحضور لأصابته بوعكة صحية، عندها فهمت والأخ مختار بدري أن الهاشمي قد أصيب بوعكة سياسية وانقطع منذ ذلك التاريخ الاتصال بيننا. الحوار.نت : هل أبلغتما قيادة حركة النهضة بمضمون ما جرى بينكما وبين الحامدي ولماذا لم تقع متابعة الأمر معه؟ الأستاذ جمال الطاهر: إذا كان المقصود بمضمون ما جرى بيننا وبين الهاشمي من حديث عام مثلما بيّناه، فقد تم الإبلاغ، أما إذا كان المقصود هو ما ذكره الهاشمي من حديثه عن مبادرة، فهذا لم يتم طبعا لسبب بسيط هو أنّ كلامنا مع الهاشمي قطعه الهاشمي من جهته قبل أن يرتقي إلى الحديث عن مبادرة اتفق فيها الهاشمي مع ابن علي، وطبعا فإنّ مؤسسات النهضة لا تجتمع لتقرر في حديث عام مهما كانت درجة قرب أو بعد الأطراف المشاركة فيه من النهضة ومؤسساتها. أمّا لماذا لم تقع متابعة الأمر مع الهاشمي، فقد كان ذلك لسببين اثنين، الأول هو أننا لم نفترق مع الهاشمي وهو قد عرض علينا مشروع مبادرة كما يقول لتقع المتابعة معه بعد ذلك، الثاني هو أنّ الاتصال بيننا وبين الهاشمي قد قطعه الهاشمي يضاف إلى ذلك ما أعلمه عن الهاشمي بحكم علاقتنا وصداقتنا أيام العمل الطلابي وبعدها من حرصه الكبير على الأشياء وسعيه الدؤوب لتحقيق وإنجاز مشاريعه. فأنا لا أكاد أتصور الهاشمي وبين يديه موافقة من ابن علي على مبادرة في حجم ماذكر في مقالاته وإذن من الرئيس بطرح هذه المبادرة والحديث على أساسها مع قيادة النهضة ثم هو بعد ذلك يقبل أن تجهض هذه المبادرة نتيجة مكالمة هاتفية لم تحصل أو إعلام هو الأخر لم يحصل. إنّ المسؤولية التاريخية كانت تفرض على الهاشمي هذه المرة أن يكون الهاشمي الذي عهدناه في مؤسسات النهضة حريصا، ملحا مجتهدا في إيصال صوته وإنجاز مشاريعه. الحوار.نت : هل من كلمة أخيرة؟ الأستاذ جمال الطاهر: لا يختلف إثنان في أن الحوار وتبادل الرأي في الشأن التونسي تقييما للماضي وتحليلا للواقع واستشرافا للمستقبل هو مسألة حيوية تؤشّر على مدى تعلق الجميع بتونس ولا ينقص من قيمة هذا الأمر ما نقرؤه أحيانا من مقالات يقع أصحابها في مناهج وأساليب في الكتابة يمكن أن تدفع الحوار عن قصد أو بغير قصد في متاهات قد تخرجه عن مقاصده الصحيحة و تقذف به في معارك جانبية لا تصلح لغير تصفية حسابات شخصية أو الانتصار للذات على حساب الوطن. الحوار.نت : شكرا جزيلا للأستاذ الكريم جمال الطاهر الرئيس الأسبق لحركة النهضة على قبوله الحوار مع موقعنا. (المصدر: موقع « الحوار.نت » (ألمانيا) بتاريخ 13 جوان 2007)  


تعليقا على تصريحات الأخ جمال

د. محمد الهاشمي الحامدي قرأت تصريحات الأخ جمال الطاهر للأخ الهادي بريك. وأعتقد أنه يتحدث فعلا عن اجتماع لم يقع ومحاورة لم تتم. الإجتماع الذي تم وجرى بالفعل هو ما عرضت تفاصيله من قبل وأعيد عرضها اليوم باختصار. ذلك أنني، كما بينت وشرحت أكثر من مرة، اتصلت بهاتف الشيخ راشد الغنوشي لأتحدث معه في شأن ما ناقشته مع الرئيس زين العابدين بن علي في مكالمة هاتفية تمت يوم 28 أكتوبر 1999، ورد علي أخ من مساعديه أبلغني أنه غير موجود. قلت للأخ الكريم إنني تحدثت مع الرئيس بن علي ولدي موضوع هام أود الحديث مع الشيخ راشد بشأنه. فعرض عليّ أن أتحدث معه فاعتذرت، وطلبت منه أن يبلغ الشيخ راشد رغبتي في التواصل معه في أقرب وقت ممكن. عندما لم يتيسر الإتصال بالشيخ راشد، اتصلت بالأخ مختار بدري لدعوته والحديث معه في الأمر، فأبلغني أن معه الأخ جمال، فقلت له أهلا وسهلا به. (لو كان الأخ جمال قادما لزيارتي بترتيب مسبق لكان يستحق أفضل ضيافة، والحال أننا رتبنا شيئا بسيطا على عجل بسبب الملابسات المفاجئة لترتيب اللقاء. ولو أن المكالمة تمت مع الشيخ راشد لما كان الإتصال أصلا بالأخ مختار الذي أعلمني أن الأخ جمال معه) قلت للأخوين مختار وجمال في بيتي إنني تحدثت مع الرئيس بن علي، وإن أمام الحركة الإسلامية فرصة نادرة لتطبيع أوضاعها عبر حزب سياسي أو جمعية دينية، بالتفاصيل التي شرحتها من قبل. وإنني أرجو منهما عرض الأمر على قيادة الحركة في أقرب وقت. لم تصبني وعكة صحية ولا سياسية بعد ذلك اللقاء بفضل الله تعالى، وإنما انتظرت اتصالا من الأخوين أو من قيادة الحركة فلم يحصل شيء. بعد هذا الإجتماع بأيام قليلة، في الأيام الأولى من شهر نوفمبر سافرت إلى الدوحة، ومن هناك أعلنت على شاشة قناة الجزيرة، مساء يوم 5 نوفمبر، في برنامج « حصاد اليوم »، أن فرصة التسوية بين الإسلاميين والرئيس بن علي قائمة، حظوظها قوية، وأن من علامات جديتها الإفراج عما يقرب من سبع مائة من المعتقلين الإسلاميين، وطلبت من الحركة عدم تفويت الفرصة. وجاء رد الفعل في قناة الجزيرة عبر تصريحات الشيخ راشد الغنوشي في نفس البرنامج وقد تحدثت عنها أكثر من مرة. هذا ما حصل بالضبط. نصف القصة في اتصال هاتفي بمساعد للشيخ راشد، وبالأخوين مختار وجمال. ونصفها الثاني علني في قناة الجزيرة، شاهده وسمعه ملايين الناس في كل أنحاء العالم. وعلى القراء أن يقارنوا بين الروايتين، وينظروا في الأحداث والوقائع، ويستنتجوا ما تقبله عقولهم. (المصدر: موقع « الحوار.نت » (ألمانيا) بتاريخ 14 جوان 2007)

حول ملابسات إطلاق سراح المساجين سنة 1999

لطفي زيتونعضو بحركة النهضة

نشرت منذ مدة نشرة

تونس نيوز الغراء نداء من السيد زهير اليحياوي يدعو فيها الشيخ راشدالغنوشي إلى العودة إلى تونس كملاذ أخير من أجل تسليط الضوء على محنةالمئات من المساجين الإسلاميين وبالتالي إحراج السلطة ودفعها إلى إطلاقهم.وقد رد الشيخ بما خلاصته أنه يتحين الظرف المناسب. وقد ساهم الكثير منقراء تونس نيوز وموقع تونيزين في الحوار وأبدوا رأيهم في الموضوع معتمدينعلى تحليلاتهم للأوضاع. ولقد علّق أحد الإخوة على رد الشيخ برسالة مفتوحةنشرتها تونس نيوز مؤرخة يوم 7 مارس وانفردت هذه الرسالة باختلاط التحليلفيها بالخبر. وانطلاقا من القاعدة الصحافية المعروفة أن « التحليل حروالخبر مقدس » فلن يتعرض هذا التوضيح لتحاليل ومطالبات ونصائح صاحب الرسالةفهو حر فيما يرى ولكن وجب تصحيح ما أورده من معلومات على انه وقائع وحقائقيقينية.

ملاحظة بين يدي الموضوع: ليس الهدف من هذاالتوضيح مساجلة أو دخول في جدل مع أي كان بل هو محاولة شخصية لا تلزم أحدالتصحيح بعض المعطيات يبدو أن صاحبها قد يكون طال به الأمد فأهمل –عن حسننية في الغالب- بعض التفاصيل واختلطت عليه بعض التواريخ فأحدث ذلك لبسا.ولذلك لن يتعرض هذا التوضيح للأشخاص ما أمكن. وفي المقابل يرجى من السادةالقراء الصبر على طول الاستشهادات وكثرة الخوض في التفاصيل وكل ذلك ضروريللتثبت وتحقيق الرواية. كما يرجى من صاحب الرسالة أن لا يفهم من هذاالتوضيح تثبيطا من أي جهة كانت لما يقوم به من مساع أرجو من الله أن تثمرخيرا وأن تكون خالصة لوجهه.

المسألة موضوع التحقيق: ذكر صاحب الرسالةأحداثا عتب على الغنوشي حجبها عن اليحياوي وعن الرأي العام التونسي، واصفاذلك بأنه « حقيقة مهمة للغاية هي أن الرئيس بن علي أعاد النظر في ملف حركةالنهضة مجددا عامي 1998 و1999، وأصدر عفوا رئاسيا عن مئات المعتقلين،وأسقط أحكام الرقابة الإدارية عن الآلاف منهم. هذه حقائق ومعلومات أعرفهاشخصيا لأنني تشرفت آنذاك ببحث تفاصيلها مع الرئيس زين العابدين بن علي،وكتبت عنها في صفحات جريدة المستقلة، وأعلنت عنها في برنامج « حصاد اليوم »يوم 5 نوفمبر في قناة الجزيرة، ثم علقت عليها أنت شخصيا في حصاد اليومالآتي وأكدت خروج المساجين من معتقلاتهم. لم تحجب هذا فقط عنزهير وإنما حجبت عنه وعن الرأي العام أيضا ـ وربما فعلت ذلك سهوا وعن غيرقصد ـأنني حاولت الاتصال بك هاتفيا مساء 27 أكتوبر 1999 فلم أجدك، ثمالتقيت باثنين من القياديين في حركة النهضة على وجه السرعة، لأنقل لكمجميعا في قيادة الحركة، عرضا من الرئيس زين العابدين بن علي لوضع حدلمشكلة حركة النهضة ومعالجتها بشكل جذري، بما يشمل الإفراج عن كافةالمساجين، والترخيص للحركة بتكوين حزب سياسي وإصدار صحيفة، أو بإنشاءجمعية دينية وإصدار صحيفة. كل ذلك مقابل أن تركز الحركة نشاطها في الجانبالسياسي أو في الجانب الديني، وأن تؤكد ذلك في رسالة خطية موجهة لرئيسالدولة، وأن تلتزم فيها بترك العمل السري ونبذ للعنف. لا أفهم ما الفائدةفي حجب هذه المعطيات التي تبين مدى المرونة التي وصلت اليها حكومة الرئيسزين العابدين بن علي في تلك الفترة. وبدل أن ترحب شخصيا بهذا التوجهوتشجعه وتعلن استعدادك للتفاعل الإيجابي معه، أعلنت الحرب الشاملة عليه.ويوم التقينا في برنامج « الإتجاه المعاكس » على قناة الجزيرة عام 1999، كنتأدعو الله تعالى أن يلهمك الترحيب بمبدأ فتح ملف الحركة من جديد وتوجهالرئيس بن علي نحو العفو، وتوقعت أن ترد على هذه التحية من رئيس الدولةبأحسن منها. لكنك اخترت بدلا من ذلك اغتنام الفرصة لمهاجمة السلطة،والتذكير بتفاصيل الخصومة معها، وإيغار الصدور من جديد، الأمر الذي نزلبردا وسلاما على كل الذين راهنوا دائما على استمرار الفتنة والقطيعة بينأبناء الوطن الواحد. هذا ما نقلته الرسالة حرفيا ولنا عليه ملاحظات:

مبادرة العفو الخاص: أ= محتوى العرض: 1- العرض الذي قالد. الحامدي آنذاك أنه مقدم من قبل الرئيس بن علي وأعلن عنه في العدد 230من صحيفته المستقلة بتاريخ 5 أكتوبر 1998 -وليس 5 نوفمبر 1999 كما ذكر-قصارى ما اشتمل عليه حسب ما نقلته صحيفة الحياة اللندنية ( 23 أكتوبر 1998) على لسان صاحبه: « نسب الدكتور الهاشمي الحامدي، وهو صحافي تونسي كانعضوا في حركة « النهضة » المحظورة إلى الرئيس التونسي قوله في اتصال هاتفيجرى بينهما مساء الأربعاء، « إن باب العفو الرئاسي مفتوح لكل تونسي حوكم فيقضايا ذات طابع سياسي في العهد السابق (أي عهد الرئيس الحبيب بورقيبة) أوقضايا أخرى ينظر فيها حالة بحالة » وقال إن بن علي أوضح « أن هذا العفو يمكنأن يشمل كل من أكد عودته إلى طريق الجادة (الصواب)، سواء أكان يعيش داخلالبلاد أو خارجها، وتقدم بطلب للحصول عليه مع التزام واضح باحترام قانونالبلاد (…) إن النظر في مطالب العفو سيتمّ في إطار مراعاة تقاليد دولةالقانون والمؤسسات » ونقل عن بن علي أيضا دعوته التونسيين إلى العمل لإنجاح « رهان معركة التنمية وتأكيده ». وسألت « الحياة » الحامدي في اتصال هاتفي، هليشمل العفو الذي يعرضه الرئيس التونسي زعيم « النهضة » الشيخ راشد الغنوشيوقيادات هذه الحركة في الداخل والخارج، فأجاب بأن بن علي أوضح أن « العفولا يستثني أحدا. وبالتالي، فأن ما فهمته أن الشخص الذي سألت عنه غيرمستثنى. كذلك فإنه لا يستثني المحبوسين في الداخل (من النهضة). …. 2- في عدد 30 نوفمبر 1998 من صحيفته « المستقلة » عاد د. الحامدي إلى الحديث عن مبادرته: « كانإعلان الرئيس زين العابدين بن علي عن فتح أبواب العفو الرئاسي لمن يطلبهفي إطار احترام القانون مكرمة تحسب له، وهي كانت موجهة لمن يستحقها منالتونسيينوليس لهيئات أو جماعاتمعينة. لذلك لم يتراجع الرئيس عن عرضه حتى عندما احتد المتطرفون من اليساروالمتطرفون من اليمين وصدرت منهم حملات التشكيك والخصومة والشتيمة. ولميكن خافيا على أحد أن الأصوات التي علت في هذه الحملة إنما هي طرف مستفيدمن استمرار الجمود في بعض المسائل، وربما تضيع منها مصالح مادية وسياسيةإذا سويت القضايا الإنسانية الخاصة بعدد غير كبير من المواطنين الذينحوكموا في قضايا جمعيات غير مرخص فيها. المقصودون بالعفو أصلا كانواتونسيين في الداخل والخارج استقر رأيهم منذ عدة سنوات على التعلم من أخطاءالماضي وإعادة بناء مستقبلهم في أجواء الوفاق مع الدولة، واحترام القانون،ونبذ العنف، وممارسة حقوق المواطنة التي يكفلها لهم الدستور. هؤلاء جميعاكانوا يريدون إبلاغ الرئيس بن علي بهذه المراجعات منذ فترة طويلة، وما أنصدرت إشارته الكريمة حتى تجاوبوا معها عفويا بسرعة وحماسة. كتب العشرات منهؤلاء رسائل شخصية مباشرة إلى الرئيس زين العابدين بن علي، خاطبوه فيهابصدق وصراحة. وقد جاء الردّ منه كريما سريعا، وصدرت توجيهاته السامية برفعأحكام الرقابة الإدارية عن عدد منهم، وصدرت مراسيم بالعفو الرئاسي عنآخرين صدرت بحقهم أحكام غيابية بالسجن مثل د. أحمد القديدي الذي غادرالبلاد منذ (13)عاما…. والحق أني لا أجد العبارات التي تصور فرحة كلالذين استفادوا من هذه المبادرة الرئاسية الكريمةوقد بلغ عددهم الآن نحو 35 شخصا. 3-أتيحت للد.الحامديفرصة أخرى لتقديم مبادرته خلال برنامج الاتجاه المعاكس الذي جمعه بالشيخالغنوشي بعد سنة كاملة من إطلاق مبادرته فقال (نقلا عن موقع الجزيرة نتحرفيا http://www.aljazeera.net/programs/op_direction/articles/2002/12/12-14-3.htm): « هذه النقطة بس.. هذه النقطة بس ثلاثة آلاف شخص، أنا أقول أمام (الجزيرة)،وأمام مشاهدي، وأمام العرب جميعًا، يمكن بكلمة طيبة، يمكن بأسلوب جديد ياسيدي أيها المناظر، إنه من هنا لسبعة نوفمبر اللي بعدها، سنة واحدة،سمِّها سنة العفو والتسامح، إنهم يكونوا كلهم outside، كلهم يطلعوا من السجن، لكن مع من ينجز هذا الإنجاز؟ مع رئيس نثق به،نساعده فيما يقوم به من خير، ونقول له وفقك الله ساعدنا » قم أعاد في موقعآخر عند الحديث عن المبادرة: « د.فيصل القاسم: العفو -كما نعلم- العفو لميستثنِ أحدًا بما فيها حركة النهضة والذي رفضه راشد الغنوشي. محمد الهاشميالحامدي [مقاطعاً]: تمام أنا سأقول للمشاهدين كيف أتكلم عنه الرئيس بنعلي، وكيف هو الآن يتكلم في هذا البرنامج؟ .. أما أنا قلت للرئيس بن علي:يا سيادة الرئيس هل ممكن عرض العفو اللي تكلمنا فيه يشمل كل الناس دوناستثناء، لأنني كنت استأذنته أن أبلغ (الجزيرة)، وأبلغ وكالة الأنباء بعرضالعفو، قال لي قولاً يشمل كل الناس بدون استثناء، قلت له يا سيادة الرئيسهيقولوا لي: سوف يسألني الناس إذا كان بدون استثناء فهل يشمل معارض مشهورالناس تعرفه هنا في لندن؟ قال مَنْ هو؟ قلت له معروف راشد الغنوشي، قاللي: يشمل راشد الغنوشي.. د.فيصل القاسم: مع ذلك راشد الغنوشي رفض.. محمد الهاشمي الحامدي: ممكن يكون عرض العفو و أنا أطالب من أنصار النهضة يحكوا بلادنا الأن. بالعكس ممكن يكون سيراشد الغنوشي سمع العرض في (الجزيرة) ثمانية ونصف حصل اليوم عند جميل عازروما عجبوش ولم يعجبه عرض العفو، قال هذا عرض العفو نحْس؛ لأن العفو يكونإنه أحسن من عفو الرئيس بورقيبة 20 مرة، 100 مرة، وكل الذي يطلبه الرئيسبن علي الماضى ننساه، لذلك نطلب من كل واحد يتدخل بعد شوية يدافع عن تونسالرئيس بن علي عارض العفو والتسامح ما تعرفوش الحقيقة.. ما تعرفوش.. د.فيصل القاسم: يا ريت ترفعه إلى الكاميرا، عفو الرئيس عفو السيد الرئيس بن علي.. محمد الهاشمي الحامدي: شوف توقيع الرئيس زين العابدين بن علي، والله العظيم أقسم بالله.. د.فيصل القاسم: موقع من قبل الرئيس.. محمد الهاشميالحامدي: ويدي على هذا المصحف الذي أذن الرئيس بن علي بطباعته على رواية (قالون) بالتقاليد التونسية ولنشكره عليه شكرًا يعني كثيرًا لا أحصيه؛ لأنالرئيس بن علي قال لي كل الناس دعني أكمل هذه دقيقة بس، لا يستثنِي أحدًاكان كل الذي يطلبه من الناس الغنوشي ما عجبوش العفو.. د.فيصل القاسم: أن ينسوا الماضي.. 4- بعد مدة سنحت الفرصة لصاحب المبادرة بالظهور على شاشة الجزيرة وسأله مذيع برنامج الرأي والرأي الآخر جميل عازر http://www.aljazeera.net/programs/opinions/articles/2000/12/12-12-2.htm عن مصالحة تونس مع ذاتها، « كيف تتم في ظل هذه الظروف في اعتقادك؟ ». فأجاب د. الهاشمي الحامدي: تتصالح تونس معذاتها لأنها لديها مقومات الصلح والتقدم، أولاً الذين يتحدثون عنالخيانة.. هذا لمشاهدي الجزيرة في تونس، هم أنفسهم الذين عندما ماتبورقيبة في يوم وفاته رفضوا أن يقولوا: الله يرحمه، المرضى بالأحقاديعالجون في المستشفيات النفسية.. أنا أحكي عن الناس الذين يحبوا أن يصلحواويطوروا.. أنا أرجو من الأخوة الحكومة التونسية أنها تسمح بمثل هذاالبرنامج في القناة التونسية، والله نقدر نعملها دون أن تهتز شعرة منوضعنا أو استقرارنا، إن شاء الله نمشي باتجاه الحرية. اثنين: إنني اقترحتتيار جديد في السياسة التونسية، اللي يحب يؤيدني فيه يتفضل، تيار الشراكةالإيجابية مع الحكومة، نصلح فيما ينبغي فيه الإصلاح، ونؤيد الحكومة في كلخير تقوم به، هذا هو الطريق، لا المعارضة اليسارية المتطرفة ولا المعارضةالأصولية التي فشلت منذ أوائل التسعينات وانتهت وأصبحت في خبر ماضٍ. نحن الآن نعمل معحكومتنا، نصلح، ونطور، وأرجو من عائلات المعتقلين في تونس أن يبلغواالمعتقلين بهذا الكلام للمعتقلين، عندنا فرصة جديدة، وفيه منبر إسلاميجديد سيظهر قريبًا ويتشكل الآن حتى ينهي احتكار الساحة الإسلامية التونسيةلمجموعة فاشلة من أول الزمان.. مجموعة جديدة، أفكار جديدة، وإن شاء اللهتكون قبل الانتخابات القادمة في تونس، وعندنا جرائدنا وصحفنا، وينظمالتيار الإسلامي ضمن تونس بن عليّ.. تونس الحرية والتسامح، ويكون هناكإعلام حر، وقناة جزيرة ثانية، انتبهوا.. يا « محمد جاسم »، يا « سهلاوي »حنعمل قناة جزيرة أحسن -إن شاء الله- في القريب في تونس، في « الحمامات » أوفي « سوسة » إن شاء الله بدعم الحكومة وبموافقتها، وبمشاركة الصحفيينالتونسيين الأحرار.

توضيح وبيان 1- هذه هي إذنالمبادرة ليست عرضا لحركة سياسية أو جمعية دينية للعودة إلى العمل السياسيأو العمل الثقافي وليس فيها حديث عن إطلاق كافة المساجين بل دراسة الحالاتحالة حالة بعد تقديم طلب عفو شخصي لرئيس الدولة يتبرأ فيه صاحبه منالانتماء إلى حركة النهضة وقد قدم هذا العرض لمساجين النهضة داخل السجونمنذ بداية التسعينات ولكثير من مهجريها وأعاد د. الحامدي تقديمه سنة 1999فلم يستجب إلا 35 فردا اثنان منهم فقط أسقطت عنهما أحكام بالسجن أحدهماالسيد احمد القديدي الذي قضى أكثر من 13 عشر سنة بالخارج وليست له علاقةمن قريب ولا من بعيد بالحركة. 2- لم يخف الغنوشيولا قيادة الحركة عن عناصرها محتوى المبادرة وإن كانوا قد فعلوها فقد سنحتللد. الحامدي فرص كثيرة توجه فيها بالخطاب عبر أوسع وسائل الإعلام العربيةانتشارا إلى عموم أبناء حركة النهضة في الداخل والخارج وإلى مساجينهاوأغلب الظن أن الأخ زهير اليحياوي قد سمع بها مباشرة من فم صاحبها بما لميترك للغنوشي ولا لغيره إمكانية لحجب شيء. وعلى فرض أن الغنوشي وبقيةالقيادة خارج البلاد أخفت الأمر فلماذا لم تتوجه المبادرة مباشرة إلىالمساجين؟؟ 3- ردت حركة النهضةبعد تشاور واسع داخلها على المبادرة ببيان (7 نوفمبر 1998) جاء فيه:  » لقددعت حركتنا، ولا تزال إلى حوار وطني يؤدي إلى الانفتاح السياسي ويفرغالسجون ويرد المظالم ويفتح الطريق أمام مصالحة وطنية شاملة لا تستثني أحداعلى قواعد وطنية وديموقراطية ثابتة. ولن تتردد حركتنا في التعاون مع كلالأطراف لتيسيير الحل السياسي بتثمين كل مبادرة إيجابية جادة تتجه نحوتخليص البلاد من الانسداد السياسي.. إن عرض « العفو الخاص لمن يطلبهوبشروط » لا يعكس جدية في التعامل مع ما تعيشه بلادنا من تحديات، وقد جاءخطاب 7 نوفمبر ليؤكد استمرار منهج الانغلاق وانعدام المبادرة نحو الحل. 4- في الفترة التيعرضت فيها المبادرة كان السيد خميس قسيلة في االسجن ومحمد مزالي في المنفىومحمد مواعدة في الإقامة الجبرية ولم يتفاعل معها واحد منهم رغم تصريحصاحبها أنها تشملهم فلماذا رفضوها؟؟ 5- انتظر الناس بعدإعلان المبادرة في شهر أكتوبر 1998خطاب الرئيس بن علي الذي يلقيه فياحتفالات ذكرى 7 نوفمبر فعنونت الشرق الأوسط (6 نوفمبر 1998):  » الرئيسالتونسي قد يحسم غدا الشائعات بشأن العفو عن معارضين » ولكن بعد يومينعنونت الحياة (8 نوفمبر 1998):  » في خطاب خلا من الإشارة إلى العفو الخاص: « ولم يشر بن علي في خطابه إلى ما نسب إليه أخيرا من نيته إصدار عفو خاصلمن يطلبه من المعارضين شرط التزام قانون البلاد وعدم اللجوء إلى العنف. 6- إطلاق سراحمجموعة المساجين الذي تم يوم 5 نوفمبر 1999 جاء بعد سنة كاملة من إطلاقالمبادرة ومن ردود الفعل التي وصفها د. الحامدي بالمتطرفة كما جاء بعدأكثر من أسبوع من برنامج الاتجاه المعاكس (26 اكتوبر 1999) بما يسقط مقولةأن المواقف الرافضة والمتطرفة للقيادة النهضوية وللشيخ الغنوشي هي التيعطلت مسار المصالحة وإطلاق المساجين ومما يؤكد ذلك قول صاحب المبادرة أنهحاول الاتصال بالغنوشي « هاتفيا مساء 27 أكتوبر 1999 ( يوم واحد بعد برنامجالاتجاه المعاكس) فلم أجدك، ثم التقيت باثنين من القياديين في حركة النهضةعلى وجه السرعة، لأنقل لكم جميعا في قيادة الحركة، عرضا من الرئيس زينالعابدين بن علي لوضع حد لمشكلة حركة النهضة ومعالجتها بشكل جذري، بمايشمل الإفراج عن كافة المساجين، والترخيص للحركة بتكوين حزب سياسي وإصدارصحيفة، أو بإنشاء جمعية دينية وإصدار صحيفة. كل ذلك مقابل أن تركز الحركةنشاطها في الجانب السياسي أو في الجانب الديني، وأن تؤكد ذلك في رسالةخطية موجهة لرئيس الدولة، وأن تلتزم فيها بترك العمل السري ونبذ للعنف ». والملاحظ أن هذاالاتصال تم يوما واحدا بعد برنامج الاتجاه المعاكس فلماذا لم يعرضه د.الحامدي على المعني وقتها مباشرة وقد قابله وجها لوجه ثم ألم يكن عرض بهذهالأهمية والجدية يستحق محاولة الاتصال ثانية بالغنوشي ثم وإذا سلمنا بصحةكل ذلك وما دمنا في وارد سرد الحقائق التاريخية لماذا لا يذكر د. الحامديمن هما القياديان النهضويان اللذان أبلغهما بهذا العرض حتى يدليابشهادتهما؟؟ ولماذا اقتصر الأمر على شخصين فقط بينما د. الهاشمي تربطهصداقة بالكثير من عناصر النهضة خارج البلاد وداخلها؟؟ إذا خلصنا إذن إلىأنه لا ظهور الغنوشي في الاتجاه المعاكس ولا تصريحاته في معارضة السلطةالتي تواصلت لمدة عشرية كاملة عطلت إطلاق المساجين سنة 1999 فينبغي -إذاتمسك صاحب المبادرة أن إطلاقهم جاء في إطار مبادرته التي أعلن عنها قبلسنة من ذلك-، ينبغي أن يعترف بالنتيجة أن السلطة والرئيس بن علي بالذات –بعد سنة كاملة من التجربة- كان راضيا في العموم على مسلك الغنوشي وقيادةالنهضة فكافأهم بإطلاق 600 سجين ورفع المراقبة الإدارية عن عدد كبير منالنهضويين وذلك لكي يستقيم التحليل الذي يقول أن الرئيس بن علي يبنيأفعاله على المسلك الذي تتبعه النهضة وقيادتها!! وعلى حد علمي فقد ثمنتقيادة النهضة خطوة إطلاق سراح المساجين واعتبرتها حدثا إيجابيا في بيانتمت صياغته في مجلس الشورى الذي كان مجتمعا وقت الإعلان عن إطلاق سراح الـ 600 سجين. الحقيقة أن ما شهدتهسنة 1999 من إفراج عن بعض المساجين ليس له علاقة مباشرة بسلوك الأفرادسواء أكانوا في قيادة النهضة التي لم يطرأ جديد في خطابها تلك السنة بلاستمرت على ما انتهجته من سياسة خلال عشرية كاملة لم يشذ عنها تدخل الشيخالغنوشي في برنامج الاتجاه المعاكس والمتمثلة في الدعوة إلى مصالحة وطنيةشاملة تبدأ بإطلاق سراح المساجين وإصدار عفو تشريعي عام. كما لم تكن لهاعلاقة مباشرة بمسلك د. الحامدي وإن كان يجب أن لا يبخس محاولته المصالحةبين التونسيين رغم ما شاب هذه المحاولات من انتصار لطرف على طرف وتسامح معطرف وحمل على الطرف الآخر وامتهان له واتهامه بشتى الاتهامات (انظر الفقرةالواردة أعلاه من برنامج الرأي والرأي الآخر) بما لا ينتظر صدوره عن وسيطمتجرد. إذا لماذا جاءت هذه المبادرة الانفتاحية من قبل السلطة (إطلاق سراح 600 سجن) في هذه الفترة بالذات (5 نوفمبر 1999)؟ ينحو الناس غالبافي تفسيرهم للأحداث إلى المبالغة في دور الأشخاص والزعماء في صناعتها ويصلالأمر في كثير من الأحيان إلى إلغاء العوامل الموضوعية بالكامل مثلما فعلصاحب الرسالة حيث صور الأزمة التي تعيشها بلادنا منذ عشرية ونصف على أنهاصراع بين رجلين بن علي من جهة والغنوشي من جهة أخرى –بما يشبه أساطير صراعالآلهة عند الإغريق- غافلا أن المعركة التي تخوضها الدولة التونسية ضدمجتمعها ونخبه السياسية متواصلة منذ قرن يتغير الواقفون على الركح فيالجهتين والمعركة مستمرة إذ يتداول الزيتوني والدستوري، واليوسفي والقوميواليساري والبنصالحي والنقابي والإسلامي على غرف التعذيب في زنزانات وزارةالداخلية ويتداول الجلادون (غيران دي كايلا، زرق العيون، الحبيب بن قمرة،مبروك الورداني، عبد المجيد بوسلامة، حسن قاسم، محسن عبد السلام، ابراهيمالسباعي، منصف بن قبيلة، محمد الناصر..) على تعذيبهم بنفس التقنياتوأحيانا بنفس العصي والكرباجات. يتداول الحكام (منصرون، بيروطون، بورقيبة،بن علي) على كرسي الحكم ويتداول الزعماء على زنزانات برج الرومي (الثعالبي، ثامر، البدوي، العكرمي، بن جنات، جلبار نقاش، الشماري، بنصالح، الحبيب عاشور، الغنوشي، مواعدة، قسيلة شورو الجبالي العريض …)بنفس التهم التي تصاغ أحيانا بنفس العبارات. يتداول الأشخاص إذن والمعركةمستمرة يستعر أوارها أحيانا ويخفت أحيانا أخرى ما يدفع بإلحاح إلى البحثعن الأسباب في أماكن أخرى وخاصة في الواقع الموضوعي المحيط بدولة صغيرةمثل تونس شديدة التأثر بما يطرأ على التوازنات الدولية والاقليمية. سنة 1999 مثلتمنعرجا هاما في الساحة التونسية سواء بالنظر إلى محيطها الإقليمي والدوليأم على المستوى الداخلي. ففي الإقليم بدأ الخناق يرتفع عن رقبة النظامالليبي بعد أن تمردت الدول الإفريقية على الحصار وبدأت المفاوضات لحل أزمةلوكربي التي تمعش النظام التونسي من تداعياتها لفترة كبير أكان ذلك علىالمستوى الاقتصادي أو الديبلوماسي. الجزائر كانت خارجة للتو من انتخاباتشهد العالم رغم ما شابها من تجاوزات أنها مثلت نقلة في العالم العربي وجاءالرئيس بوتفليقة بخطاب جديد يبشر بالمصالحة الوطنية ويتفاوض مع المسلحينفي الجبال وقد كان التونسيون يتابعون طيلة ستة أشهر (أفريل إلى أكتوبر)خطابات الرئيس الجزائري الجديد مبهورين بقدراته على الإبلاغ وبخطابهالتصالحي ما مثل ضغطا هائلا على السياسة التونسية التي اتخذت على مدىعشرية كاملة من الوضع الجزائري قميص عثمان تشهره في وجه كل من يطالبهابتخفيف قبضتها. في المغرب الأقصى مثلت وفاة الملك الحسن الثاني جويلية 1999 وصعود ابنه محمد السادس على العرش مع ما صاحب هذا الصعود من دعواتلطي صفحة الماضي والتصالح مع الذات والسماح بالعمل السياسي لكل التوجهاتوخاصة الإسلاميين ضغطا آخر على النظام التونسي. دوليا تفاقمت الضغوطالممارسة من قبل الحكومة اليسارية في فرنسا على الرئيس بن علي لتخفيفقبضته خاصة بعد ما شمل القمع الأطياف العلمانية واليسارية المرتبطةتاريخيا باليسار الفرنسي. وقد بلغ التوتر التونسي الفرنسي أوجه بصدور كتاب « صديقنا بن علي » لصحافيين فرنسيين قبل الاحتفال بذكرى 7 نوفمبر بأيامقليلة وتجميد الحزب الاشتراكي الحاكم علاقته بحزب الرئيس في تونسوالمطالبة بتجميد عضوية التجمع الدستوري في الاشتراكية الدولية. العلاقات مع إيطالياهي الأخرى لم تكن على أحسن ما يرام بسبب الخلاف حول الهجرة السرية وقواربالصيد الإيطالية التي تنتهك المياه الاقليمية التونسية وقد بلغ سوءالتفاهم أوجه مع تصريحات فولفيو مارتيني رئيس المخابرات الإيطالية السابقفي البرلمان والتي كشف فيها مساهمة الأجهزة الإيطالية في إيصال بن علي إلىالسلطة بعد التشاور مع الحكومة الجزائرية والأمريكية. أمريكيا أيضا لم تكنالعلاقات مع إدارة كلينتون في سنتها الأخيرة على ما يرام فبعد زيارةالسيدة هلاري كنتون إلى تونس (26 مارس 1999) واطلاعها المباشر علىانتهاكات حقوق الإنسان تأجلت زيارة بن على إلى الولايات المتحدة والتيكانت مقررة في الربيع إلى الخريف ثم ألغيت تماما. ورغم التحفظ الأمريكيالتقليدي فيما يخص العلاقات مع الصديق التونسي إلا أن السيدة كلينتونأثارت مع الرئيس بن علي مسألة الانتهاكات التي يتعرض لها نشطاء المجتمعالمدني مطالبة بتخفيف القبضة شيئا ما. داخلياشهدت هذه السنة للمرة الأولى منذ صعود بن علي إلى سدة الحكم عودة التحركاتالاجتماعية الواسعة فأضرب سائقو التاكسي والشاحنات وعربات النقل لمدة ثلاثة أيام فيبداية شهر فيفري احتجاجا على قانون الطرقات الجديد الذي أعطى صلاحيات مبالغ فيهالعون البوليس. وبعد أسبوع من نهاية الإضراب اندلعت اضطرابات واسعة شملت مدن الوسطوالجنوب وشارك فيها التلاميذ والطلبة وجموع من البطالين واستمرت لمدة أسبوع كاملوتم خلالها اعتقال المئات من التلاميذ وتعذيبهم ما ولد مناخا متوترا للغاية ضغطأيضا على السلطة من أجل التنفيس وفي نفس الإطار شهد الوضع الاقتصادي توقفا فيمعدلات النمو الضخمة التي كانت تعلنها السلطة واشتداد حالة الجفاف وبروز تأثيراتهاالسلبية على مجمل الوضع الاقتصادي. علىالصعيد الحقوقي تميزت سنة 1999 بهجمة واسعة على بقية أطياف المجتمع المدني منيساريين ولبراليين فاعتقل عناصر حزب العمال الشيوعي التونسي (علي الجلولي نجيبالبكوشي نور الدين بن تيشة الشاذلي الهمامي طه ساسي والفاهم بوكدوس). وفي شهر أفريلاعتقل السيد فتحي الشامخي رئيس راد أتاك فرع تونس كما أحيل كل من السادة نجيب حسنيالمنصف المرزوقي محمد مواعدة راضية النصراوي وحمة الهمامي على المحاكمة بتهممختلفة. في هذه السنة أيضا برز المجلس الوطني للحريات بنشاطه الحقوقي الكثيف وبطرحهلقضية المساجين الإسلاميين بقوة على الساحة. كل هذه الأحداث إضافة إلى استمرار حبسالسيد خميس قسيلة نائب رئيس رابطة حقوق الإنسان أدت إلى تصاعد الضغوط الخارجية منقبل المنظمات الدولية والبرلمان الأوروبي ما مثل ضغطا آخر على السلطة زادته حركةالاحتجاج الواسعة داخل السجون التونسية حيث شارك أكثر من ألف سجين (لأول مرة) فيإضراب جوع بمختلف السجون تزامن مع حركة احتجاج واسعة نظمها عناصر النهضة في أكثر منعشرة دول غربية كان أبرزها الإضراب الذي نظم أمام السفارة التونسية بلندن واستمر 10أيام (13 -23 أكتوبر1999) حظي خلالها بتغطية يومية من قبل وسائل الإعلام العربيةوالدولية. وفي نفس هذه السنة (أفريل 1999) زار مقرر حقوق الإنسان بالأمم المتحدةبلادنا ليعد تقريره للجنة الأممية لحقوق الإنسان فأصدر أحكاما قاسية على السلطةمثلت ضغطا آخر في اتجاه تنفيس الأوضاع. على المستوى السياسيكانت سنة 1999 سنة استحقاقات سياسية كبرى فشهدت في شهر أفريل انتخاباتبلدية قاطعتها مجمل أحزاب المعارضة ثم شهدت يوم 24 أكتوبر انتخاباتبرلمانية ورئاسية جاءت مخيبة للآمال خاصة بعد الدعاية الضخمة التي صاحبتهاوالتي تركزت على فتح باب الترشح أما شخصيات من خارج الحزب الحاكم لأول مرةمنذ اعتلاء بن علي كرسي الحكم. فاز الحزب الحاكم خلالها ب 100 % منالمقاعد التي تخصصها له المجلة الانتخابية (88% من الأصوات) وفاز الرئيسبن علي ب 99.44% من الأصوات. وفوجيء الرئيس بن علي برد الفعل العنيف منوسائل الإعلام الدولية وخاصة الفرنسية على هذه المهزلة الانتخابية وصل إلىحد مصادرة مجلة جون أفريك التي اجتهد صاحبها البشير بن يحمد خلال عشريةكاملة في تسويق سياسات بن علي ولكنه أصيب بخيبة أمل شديدة بعد هذهالانتخابات فلم يملك إلا القطيعة مع نظام لم يعد هناك أمل في إصلاحه. كمافوجئ بن علي بالنسبة المنخفضة لعدد المشاركين في الاقتراع حيث لم تتجاوزالـ 52% حسب ما أوردته الصحف نقلا عن السفارات الأجنبية بتونس بينما مصادرالمعارضة تؤكد أن العدد لا يتجاوز 20% وكل ذلك مثل ضغطا آخر على السلطة لمتعد تحتمله. ثم جاء برنامجالاتجاه المعاكس 26 أكتوبر 1999 ليلقي بظله على السلطة ليس من جهة مااحتواه من خطاب كما ذهب صاحب الرسالة وإنما من جهة رد الفعل الشعبي عليهباعتباره المناسبة الأولى التي يطرح فيها الملف التونسي على طاولة النقاش.وقد نقل أكثر من صحافي ممن كانوا في تونس لتغطية الانتخابات أن الشوارعخلت يومها من المارة ولزم التونسيون بيوتهم في رد فعل صامت عملاق علىعشرية كاملة من العسف والقمع والكبت فكنت -كما وصف أحدهم- تسمع قلب تونسوهو يخفق من شدة الصمت الذي ساد شوارعها ذات تلك الليلة. هذه كلها عواملساهمت في دفع السلطة إلى التنازل سنة 1999 وهي في رأيي المتواضع الأسبابالحقيقية لما نقله صاحب الرسالة من تهافت السلطة حينها خلال المقابلاتالمباشرة والمكالمات الهاتفية مع ساكن القصر على استصدار تنازلات أو توبةمن قيادة النهضة لتبرير تنازلها (السلطة) عن جزء من رهائنها. والتقدير أن الأوضاعكانت تسير قدما إلى مزيد من التنازلات وحتى لتحولات كبرى في سياسة السلطةلو لم تأت كارثة 11 سبتمبر 2001 لتنقذ النظام من مأزقه وتسعفه بطوق النجاةفعادت البلاد إلى ما قبل نوفمبر 1999. ولكن الظاهر أن الأسباب قد تجمعت منجديد بما ينبئ بالعودة إلى ما يشبه تلك الأوضاع ولعل عودة الحياة إلى الخطالهاتفي بين صاحب الرسالة وساكن القصر دليل على ذلك ولكن لهذا الحديثمناسبة أخرى.

لطفي زيتون

:عضو بحركة النهضة

(مقال سبق أن نشر في تونس نيوز بتاريخ 8 مارس 2004)


من هم الذين تداولوا على رئاسة حركة النهضة؟

ردا على استفسار طرحته « نور الهدى » في المنتدى الكتابي لموقع الحوار.نت حول الأستاذ جمال الطاهر الذي « يعتبر غير معروف إذا ما قارناه برموز الحركة الآخرين رغم أنه شغل منصب رئيس للنهضة »، نشر الشيخ الهادي بريك الجواب التالي: الذين تداولوا على رئاسة حركة النهضة ( الجماعة الإسلامية ثم حركة الإتجاه الإسلامي ثم حركة النهضة ) هم : 1 ــ الشيخ راشد الغنوشي 2 ــ الأستاذ الفاضل البلدي 3 ــ المهندس حمادي الجبالي 4 ــ الدكتور الصادق شورو 5 ــ الدكتور صالح كركر 6 ــ الأستاذ جمال الطاهر 7 ــ الأستاذ وليد البناني 8 ــ الشيخ محمد العكروت 9 ــ المهندس محمد بن سالم 10 ــ الشيخ الحبيب اللوز معلوم أن مسائل الإشتهار والإنغمار نسبية تختلف من زمن لآخر ومن شخص لآخر ومن سبب لآخر . ربما الشيخ راشد الغنوشي نفسه لولا كتاباته ومواقفه ومشاركاته العربية والإسلامية والدولية سيما مع تقدمه في السن لم يكن ليشتهر خارج حركة النهضة وخارج تونس سبب مهم جدا في إنغمار بعض رؤساء الحركة هو : أربعة عقود كاملة من الحصار والتضييق عليها وعلى مناشطها ورجالها ودعاتها ومرجع مسائل الإشتهار والإنغمار كذلك إلى إهتمام الشخص فبقدر ما يكون الشخص مهتما بقضايا الحركة الإسلامية في العقود المنصرمة القليلة أولا ثم بما يتصل بها إعلاميا تشهيرا بها أو لها .. تحصل له معرفة بقدر ذلك الإهتمام أغلب رؤساء الحركة ـ بل كلهم بإستثناء الشيخ الغنوشي ـ تحملوا المسؤولية وهم في حالة حصار ومطاردة والأهم من ذلك دون وجود فضائيات إعلامية عابرة للقارات والمخادع والمخادر . يوم تحمل المسؤولية الأستاذ الفاضل جمال الطاهر مثلا لم تكن الجزيرة قد نشأت أصلا ولا أي فضائية في العالم العربي بل يهيمن على المشهد الإعلامي العربي والإسلامي بأسره النهج الفرعوني حقيقة لا مجازا  » لا أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد « . من نكد الزمان في تونس أن الحركة لها رجالا ـ جنسا لا عينا ـ لا يجازف المرء بذكرهم بعد أربعة عقود كاملة من نشأتها الأولى بسبب أن  » الجريمة الفكرية والسياسية  » في تونس سيما إذا كان « المجرم » إسلاميا لا تغتفر إذ لم يعرف لتونس في العقدين المنصرمين سياسة خارجية سوى رسالة واحدة هي : العمل على إستجلاب المعارضين سيما من الإسلاميين من كل فج عميق وفي ذلك تحدث أحد برلمانيي البرلمان الوأروبي لأحد الأخوة قائلا بأن الأمر مقرف من جانب الحكومة التونسية التي ينحصر تعاونها معنا في قضية تسليمها اللاجئين السياسيين الذين منحهم القضاء الأروبي حق الإقامة وهو أمر يثير السخرية والضحك حقا عند كثير من الأوروبيين منذ إنشاء إتحاد الوزراء الداخلية العرب الذي سعت إليه تونس أساسا لم يعقد أي إجتماع تقريبا خارج تونس فكان شغلها الشاغل دوما هو إبرام معاهدات أمنية لإستجلاب المعارضين السياسيين لقد حدث هذا لنا يوم كنا في تركيا عام 1993 حتى تعجب العاملون بفرع مفوضية اللاجئين هناك بما جعلهم يمضون معنا في إجراءات لا يسمح المقام هنا بها خوفا عليهم من آلة البوليس التونسية التي أبرمت على عجل في تلك الأيام إتفاقية أمنية تسلم بمقتضاها الفارين من جماعة أوجلان مقابل تسليمنا وفعلا تم تسليم بعض منا لولا التدخل الفوري والثوري في الآن نفسه لأولئك الأعوان الغربيين في المفوضية تلك نبذة قصيرة يمكن أن تسلط ضوءا قليلا على بعض أسباب عدم إشتهار الأستاذ جمال الطاهر وغيره ممن تولى رئاسة الحركة في أيام عصيبة من آفات النظر عند بعض الناس قصره على نقطة صغيرة في الزمان وكثيرا ما تكون تلك النقطة هي الحاضر ويزداد الأمر سوءا عندما يكون الناظر حدثا لم يعايش فترة من فترات التاريخ الذي يتحدث الناس حوله لذلك كان المنهج القرآني جامعا بين الماضي في قصصه الذي إحتل الحيز الأكبر والأوسع فيه وبين الحاضر الذي ملأه بالتكاليف من أمر ونهي وبالإرشاد إلى السنن والأسباب التي تقف وراء النجاح والإخفاق في حياة الأفراد والشعوب والأمم وبين المستقبل الذي عبأه بالأمل والرجاء في يقين وثقة في وعد الرحمان سبحانه وأكثر الناس أملا وأكثرهم رجاء من يؤمن بالمستقبل أي بيوم القيامة وما قبله وبعده وما فيه المشهد التاريخي ثلاثي الأبعاد لا تكتمل صورته إلا بعد إستحضار كل تلك الأبعاد على حقيقتها ولذلك نهانا عليه الصلاة والسلام عن إستخدام كلمة لو لفتحها بابا للشيطان عندما تفيد الحسرة  » لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم  » طبيعي أن تشرئب أعناق الأحداث والشباب إلى المستقبل أملا وتلك هي السنة و الغريزة ولكن طبيعي أيضا أن ينحسر ذلك عند الشيوخ ومن أدلف إلى هزيع عمره الأخير فتنقلب الأعناق بحنين لا يقاوم إلى أطلال الماضي ولذلك تكون وظيفة الجد سرد الحكايات على مسامع الأحفاد ولذلك نبه القرآن الكريم إلى بر الوالدين وشدد عليه كثيرا بسبب أن الوالد من الماضي والشاب من الحاضر وهما لا يلتقيان إهتماما ولكن على الشاب أن يلتفت من حين لآخر ليجد خلفه شيخا كان يوما في صلبه ولولاه لما كان فضلا من الله ولما شب وترعرع ونشأ راجع سيد قطب عليه الرحمة في ذلك في ظلاله تجد معاني أحلى من العسل المصفى بقلم أديب يكتب بهمته العالية ولسانه الصادق وقلبه الخفاق أما من يكتب ليأكل فلا معنى كتب ولا لقمة هنيئة ساغ تاريخ الحركة الإسلامية في تونس من تاريخ تونس لمن أحب الحركة ولمن كرهها أو بغضها سواء بسواء أم هل نعرض عن قصة قارون لأنه ظالم وفرعون وهامان وبني إسرائيل وابي لهب ؟ التاريخ كذلك يحتاجه المرء للعبرة لا لتزكية هذا أو إدانة ذاك والله أعلم (المصدر: المنتدى الكتابي لموقع « الحوار.نت » (ألمانيا) بتاريخ 14 جوان 2007)
 

العالم العربي: هل تحسنت حرية التعبير أم تدهورت؟

كمال العبيدي (*) في الثاني من يونيو (حزيران) حلت الذكرى الثانية لاغتيال الكاتب اللبناني سمير قصير دون كشف النقاب عمّن أمر بتفجير سيارته في بيروت لإسكات صوت من أعلى الأصوات العربية المنادية بعدم الاستسلام للأنظمة المستبدّة الماسكة بزمام الحكم في جلّ الدول العربية، وخاصّة حكم عائلة الأسد في سوريا. وقد ساهم إفلات الجناة من العقاب في تمهيد السبيل لارتكاب مزيد من الجرائم بنفس الأسلوب في العاصمة اللبنانية، وأثار شعورا بالخوف لدى الصحفيين اللبنانيين والسوريين. هذا الشعور تعمق بعد محاولة الاغتيال التي نجت منها الصحفية مي شدياق، وقتل صاحب جريدة « النّهار » وعضو مجلس النواب جبران تويني. تعزّز الشعور بعدم الاطمئنان وفقدان الحماية في نفوس الصحفيين العرب أيضا، بعد اكتشاف جثّة الصحفي الليبي ضيف الغزال مشوّهة من جرّاء التعذيب في مدينة بنغازي في نفس الأسبوع الذي شهد مقتل قصير. وباستثناء أجهزة المخابرات الليبية، يبدو أنّ أحدا لا يعرف إلى اليوم من اختطف ثمّ عذّب حتّى الموت هذا الصحفي الذي لجأ إلى « الانترنت » للكتابة عن الظلم والفساد في ظلّ حكم العقيد معمّر القذافي الذي يحكم ليبيا منذ عام 1969 و يعتبر معارضيه « كلابا ضالّة » يجب مطاردتها وقتلها. ويمتد هذا الشعور إلى دول عربية أخرى يشتدّ فيها الحصار على حرّية التعبير مثل العربية السعودية وسوريا وتونس وليبيا، أوتلك التي تختفي فيها تدريجيا الخطوط الحمراء، مثلما يحدث في المغرب والجزائر ومصر واليمن. فقد سمحت بعض الدول مثل مصر لأول مرّة منذ حوالي خمسين عاما بإنشاء جرائد مستقلّة . وذلك لعدة أسباب، من بينها عدم قدرة هذه الدول على مواجهة نتائج ثورة المعلومات وتدهور مكانة وسائلها الدّعائية بعد شروع « الجزيرة » في البثّ في العام 1996، أو حرصا منها على تحسين صورتها في العواصم الغربية وخاصّة واشنطن. وفي مصر، أيضا، حقّقت الصحافة خطوة هامّة على طريق الحرّية خاصّة منذ صدور « المصري اليوم » في العام 2004 وعودة « الدستور » بعد حوالي سبع سنوات من الاحتجاب القسري ورفع الحصار الإعلامي عن مثقّفين ومعارضين كانوا في الماضي القريب مظطهدين أومسجونين لأسباب سياسية. لكنّ هذه الخطوة أصبحت محلّ تشكيك منذ حوالي سنتين نتيجة ارتفاع غير مسبوق في عدد القضايا المرفوعة ضدّ الصحفيين بسبب كتاباتهم، خاصة التي تناولت الفساد والتّعذيب، وصدرت بحقهم أحكام بالسجن رغم وعود الرّئيس مبارك بالعمل على إلغاء عقوبة الحبس في قضايا النّشر. وقد حكم بالسجن لأربع سنوات على المدوّن كريم عامر بتهمة ازدراء الدّين الإسلامي واهانة رئيس الجمهورية في فبراير- وهو أوّل حكم بالسجن ضدّ مدوّن مصري – كما حكم غيابيا بحبس الصحفية هويدا طه لمدّة ستّة أشهر في مايو (أيار) الماضي بتهمة الإساءة لمصلحة مصر ونشر أخبار كاذبة، وذلك بعد إعدادها شريطا وثائقيا عن التعذيب بثّته « الجزيرة » ليزيد من حدة الشكوك في مدى استعداد الرئيس مبارك لدفع مصر على طريق الإصلاح الديمقراطي الحقيقي. ولا تختلف الأوضاع كثيرا في الجزائر، حيث ُيستغل القضاء لتصفية حسابات شخصية مع صحفيين، مثل محمّد بن شيكو الذي لم يجد سوى « الانترنت » وسيلة للتعبير عن آرائه في سياسة الرئيس بوتفليقه، ما كلفه في 2004 عامين في السجن ومنع صحيفته « لي متان ». وفي اليمن يحبس من حين لآخر الصحفيون بتهم سياسية ملفّقة أويتم الاعتداء عليهم بالضرب والاختطاف، مثلما حدث في عام 2005 لجمال عامر، أو يتم حجب عدد من المواقع الإخبارية كما حدث في الأسابيع الماضية. و لم يسلم الصحفيون في المغرب، التي شهدت إصلاحات سياسية جريئة قبل جلوس الملك محمّد السادس على كرسي العرش في عام 1999، من الاعتداءات، ومن إصرار السلطة التنفيذية على الإبقاء على قوانين تضع الملك وعائلته فوق القانون، وعلى استغلال القضاء لتقييد الصحف والصحفيين. ومثال على ذلك الحكم القاضي بحبس علي لمرابط ثلاثة أعوام بتهمة قذف الملك وتهديد الوحدة الترابية في عام 2003 ومنعه لاحقا من الكتابة الصحفية لعشرة أعوام ، وما تعرّض له بوبكر الجامعي من مضايقات ومحاكمات أجبرته على مغادرة البلاد في بداية العام الجاري. ولعلّ من بين ما يساهم في تحسين صورة المغرب أنّ حكومته هي الوحيدة في العالم العربي التي تقرّ علنا بأنّ السلطة القضائية تفتقر إلى الاستقلال. ويبدو أنّ عدد الاعتداءات على الصحفيين في الدول العربية أخذ في الارتفاع، وأصبحت المنطقة العربية منذ الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003 أخطر بقعة على الصحفيين في العالم. لقد أصبح جليّا أنّ الإدارة الأمريكية وكذك الدول المؤثّرة في الاتحاد الأوربي لا تهمّها مسألة الإصلاح الديمقراطي في العالم العربي بقدر ما يهمّها التعاون مع حكّام عرب مستعدّين لتنفيذ ما يطلب منهم مقابل مساعدتهم على البقاء في الحكم وإعداد أقربائهم.للجلوس من بعدهم على كرسي السلطة. لكنّ هذه الحقيقة لن تؤثر في إصرار الكتّاب والمدوّنين العرب، سواء كانوا وراء القضبان مثل ميشيل كيلو في سوريا و محمّد عبّو في تونس و كريم عامر في مصر أم في ظلّ الحصار البوليسي المشدّد، على مواصلة التضحية من أجل الحرّية. و لاشكّ في أنّ تقديم قتلة قصير وتويني، الذي قد يصبح أمرا ممكنا بعد قرار مجلس الأمن رقم 1757 بإنشاء محكمة دولية للنظر في اغتيال الحريري وجرائم أخرى، سيؤثّر إيجابا على حماية الصحفيين وحرية التعبير رغم التحدّيات المتكاثرة وفي مقدّمتها رفض الحكّام العرب الالتزام بالمعايير الدولية لحرّية التعبير والسير بجدّية على طريق الإصلاح. (*) كمال العبيدي صحفي من تونس.
 

بسم الله الرحمان الرحيم         

 تونس في 14/06/2007                                                         و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين     

 
الرسالة رقم 248  
على موقع تونس نيوز    
                                                                              بقلم محمد العروسي الهاني مناضل دستوري .رئيس  
    شعبة الصحافة الحزبية سابقا       
    الحلقة الثانية:

خواطر و مقترحات جريئة و بشجاعة بمناسبة انعقاد اللجنة المركزية  للتجمع الدستوري الديمقراطي .وريث حزب التحرير و البناء و الانجاز

 

على بركة الله أواصل الحديث حول نشاط التجمع بعد أن تحدثت في الحلقة الأولى يوم 13 جوان 2007 على كفاح الحزب و قيادته الحكيمة و نشاطه الغزير الذي جاء بالحرية و السيادة و استقلال البلاد و في هذا الإطار نشرت مقالاتي التي تفوق 21 مقالا خاصة بتطور الحياة الحزبية انطلاقا من ثوابت و تقاليد حزب التحرير و البناء وتقدمت بعديد الخواطر و المقترحات بعضها وقع الاستجابة لها بطريقة أو بأخرى و الأغلبية بقيت في ذهني راسخة و بدون تعليق . و اليوم بمناسبة دعوة اللجنة المركزية للانعقاد يومي الجمعة و السبت 15،16 جوان 2007 أورد بعض الخواطر و اذكر بها من جديد عسى أن يطلع عليها رئيس التجمع و يأذن بتنفيذها أو عسى أن يطلع عليها مسؤول كبير في التجمع و يبلغها بأمانة لأنها صادرة من أعماق مناضل لا غاية له و لا هدف إلا مصلحة الوطن و تطوير الحياة السياسية .

المقترحات

1) تطوير أساليب العمل الحزبي و فتح أبواب التجمع للجميع دون إقصاء أو تهميش أو هذا متاعنا و هذا كلامه ديمقراطي قوي و المناضلون هم أكثر الناس تعطشا لمزيد الحضور و الحوار و المشاركة بحرية أوسع .

تطوير هياكل العمل

2) تطوير هيكلة الإدارة المركزية للتجمع بما يتلاءم مع المرحلة الحاسمة و اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب والمؤمن و المتشبع بالروح النضالية و الوطنية و صاحب المبادرة و المتشبع بلغة الحوار الديمقراطي . و من الصفات الواجب توفرها في الرجل المناسب لتطوير رسالة التجمع و العمل السياسي الصدق و النزاهة و الأصالة الحزبية و العمل التطوعي المجاني التلقائي بعيدا عن المكاسب و المنافع و السيارات الفخمة والمكاسب و البنزين و الهاتف المجاني و المكاتب الضخمة و غلق الأبواب و الحراسة و تخصيص مصاعد للمسؤولين و الحراسة لماذا لأن الحزب شعبيا جماهيريا يجب أن يكون المسؤول ملتصق بالشعب و مندمج معه ليلا نهارا في العمل السياسي الحزبي دون آبهات و مظاهر .

الانتماء للتجمع

3) الانتماء للوطن وحده دون سواه و لا ولاء إلا لتونس و الوطن . و لا ولاء للأشخاص و بالتالي للمنافع و المكاسب بطرق شتى ولا فضل لدستوري على أخر الا بالعمل التطوعي المجاني في صلب الحزب و ما عدى ذلك فهو لا يمت للحزب بأية صلة.

الوفاء لرموز الحركة الوطنية

4) الوفاء الدائم لثوابت الحزب الذي حرر البلاد والعباد ولرموز الحركة الوطنية و في طليعتهم المجاهد الأكبر الزعيم الحبيب بورقيبة و تعزيز الجانب النضالي والمحافظة على مبدأ ترابط الأجيال و عدم الاستغناء عن كل مناضل بصدق في صلب و هياكل الحزب من 1934 إلى اليوم دون فواصل أو قطيعة أو هذا تابع فلان …وهذا متاعنا … و قد وضعنا فواصل على عدد مؤتمرات الحزب .وكأن هناك قطيعة نقول المؤتمر الرابع للتجمع بينما إذا حذفنا الفواصل فيكون المؤتمر الثاني عشر إذا حرصنا على كلمة امتداد تاريخ الحزب من 1934 إلى اليوم و لا يجب أن نأخذ الايجابي فنتغنى به و بدون تعليق .

حرية الرأي

5) إعطاء حرية أوسع للرأي و الرأي الأخر داخل منابر الحوار الحزبي دون تحديد المواضيع أو إقصاء أصحاب الرأي الأخر المخالف لرأيهم مع توسيع هامش الحرية بصحافة الحزب وإعطاء الفرصة للمناضلين للتعبير بحرية و فتح الأبواب أمامهم و احترام أفكارهم ونشرها و دعم مكانتهم التاريخية لأن حرية الصحافة و الإعلام من ثوابت العمل السياسي للأحزاب و خاصة صحابة الحزب و هي ضرورية بحرية و شفافية لضمان حرية الرأي و التعبير داخل الحزب تجسيما للشعار الذي أكده رئيس التجمع مرارا، التجمع لا يضيق صدره من أي رأى .

و لا يتم ذالك إلا باختيار المسؤول على الصحافة الحزبية من الرجال المناضلين الصادقين المخلصين اللذين لهم تاريخ و إشعاع رائدهم ، جمع الشمل لا لتمزيق الصف و البناء لا للهدم و للتضامن لا للتشفي و للوحدة لا للتفرقة و لكلمة الخير لا توسيع فعل الشر . و بالتالي احترام المناضل و دعم مكانته و الإصغاء إليه . لا نريد مسؤولا طالب بحذف الصحيفة من الوجود ثم يصبح على رأسها و هذا فيه تناقض و بعد عن الواقع فمدير الصحيفة الحزبية ينبغي ان يكون دستوريا إلى النخاع لا معارضا يساريا إلى النخاع أراد في ظرف ما حذف الصحيفة الناطقة باسم الحزب من 2 نوفمبر 1932  .

الانتخاب هو القاعدة

6) العمل على ضرورة دعم مبدأ الانتخاب في كل هياكل التجمع دون استثناء . و تعميم الديمقراطية داخل هياكل التجمع من الشعبة الدستورية إلى الديوان السياسي للتجمع دون مواصلة التعيين لمدة 20 سنة و الأفضل و الأجدر الرجوع إلى القواعد الأصلية للحزب الانتخاب سواء في المستوى الوطني أو الجهوي، لجان التنسيق الحزبي أو اللجنة المركزية للتجمع و الديوان السياسي  فلجان التنسيق منذ 1988 معينون و نسبة 40 بالمائة من أعضاء اللجنة المركزية معينون و بالتالي أعضاء الديوان السياسي غير منتخبون و هذا خروج على قاعدة الانتخاب التي هي الاساس منذ نشأة الحزب و هذا رأي كل مناضل يؤمن بالديمقراطية داخل الحزب و كما أشار الأخ زهير المظفر في كتابه الأخير فان الديمقراطية المحلية تمارس في صلب الحزب قبل أي هيكل أخر و طريقة الانتخاب هي الدعامة الأساسية لقوة هياكل الحزب و الشرعية الدستورية و التاريخية و الأخلاقية و المسؤول الحزبي عندما يكون منتخبا يحترم القواعد و يقرأ لها حساب و بدون تعليق  .

الانخراط في التجمع مبدأ و سلوكا

7) مزيد التأكيد على احترام مواعيد الانخراط في التجمع و جعل موعد التوزيع موحد بداية من شهر جانفي دون إبقاء حالة توزيع انخراطات عام 2005 والسنة الإدارية 2007. وجعل البطاقة عربون وفاء تطلب بنخوة و صدق انتماء دون أشياء أخرى و بدون تعليق و لا يمكن أن توزع بطاقات 2005 و نحن في سنة 2007 و هذا ما حصل فعلا منذ شهر تقريبا تسلمت 6 بطاقات انخراط للاسرة لعام 2005 .

مجالات الحوار غير محددة

8 ) ضرورة جعل منابر الحوار شاملة لطرح كل المواضيع مع ضمان حرية الرأي ومجال الوقت و فتح الأبواب و دعم مكانة المناضلين و احترام أفكارهم و عدم مقاطعتهم والإصغاء إليهم و عدم انتقادهم كأنهم أبناء صغار مازالوا في الروضة بينما جلهم تخرج من الكلية العليا من الحزب يعطون دروسا لا يتلقونها من غيرهم خاصة و أصغرهم تجاوز 65 سنة.

للمناضلين دور هام

9) ضرورة تفعيل دور المجلس الوطني للمناضلين و المقاومين وتوسيع مشمولات نشاطه وتجديد أعضائه و إضافة عناصر للمجلس الاستشاري للمناضلين و ضرورة تفعيل مكانة هذا المجلس في انتظار دعم طريقة انتخابه من طرف المناضلين على الصعيدين الوطني و الجهوي.

افساح حرية التعبير للمناضلين

10) تفعيل أعضاء المجلس الوطني الاستشاري للمناضلين بدعوتهم لحضور أشغال أعمال اللجنة المركزية للتجمع و ضرورة مشاركتهم في الحوار لا أن يكون الحضور صوريا فحسب لتجميل قاعة الاجتماعات فللمناضلين كلمة و دور فاعل و حاسم و كلمتهم يجب أن تكون مسموعة في كل الهياكل الحزبية محليا و جهويا و وطنيا.

حرية المبادرة

11) ضرورة التأكيد على مبادرة الشعبة الخلية الأساسية في التجمع و جعلها صاحبة المبادرة بأكثر حرية مع دعمها أدبيا و جعل كلمتها فاعلة و مسموعة و حضورها فاعل و مشاركتها ايجابية في كل يهم التنمية الشاملة و العمل برأيها في كل الأوساط و الهياكل البلدية و الإدارية و السياسية .

العناية بالمناضلين

12) دعم فكرة انتخاب مجلس محلي للمناضلين بكل جامعة دستورية ترابية على مستوى المعتمدية لمزيد التحرك الميداني و الإحاطة بالمناضلين و العناية بأسرهم و أحفادهم و أوضاعهم الاجتماعية و خاصة تحسين وضعهم المادي والأدبي  .

الاحاطة الشاملة

13) ضرورة مزيد الإحاطة بهياكل التجمع الدستوري على الصعيدين المحلي و القاعدي ، الجامعات و الشعب الدستورية من طرف لجان التنسيق الحزبي و مزيد احداث عدد جديدة من لجان التنسيق خاصة في الجهات التي يجاوز عدد الشعب 500 شعبة دستورية .ينبغي إحداث لجنة تنسيق جديدة و أكثر من 18 جامعة دستورية .ويتعذر حاليا  الإحاطة الشاملة بكل الهياكل . و استقطاب المناضلين و الشبان و التعبئة الجماهرية خاصة في الجهات التالية : صفاقس ، المهدية ،نابل و بنزرت و ضرورة إحداث عدد من لجان التنسيق الحزبي  .

الانتخاب هو الأفضل

14) التحري في اختيار المساعدين القارين بلجان التنسيق و اللذين وقع تعيينهم باقتراح من طرف الكتاب العامين و بدعم منهم و أحيانا التعيين يتم على أساس الصداقة و الزمالة و العلاقات و مزيد التحري في انتظار القرار الحاسم الذي لا رجعة فيه لإجراء الانتخاب الجهوي و هو الخيار الأجدر و الأنفع و الابقى و هي القاعدة الشرعية و الأصلية منذ عام 1963 بالنسبة للجان التنسيق  .

مؤطر بكل شعبة

15) دعم فكرة تعميم خطة المؤطر في كل شعبة دستورية .لمزيد التأطير و الاحاطة و الاستقطاب و التنشيط و تفعيل العمل السياسي والحزبي على الصعيد القاعدي من طرف مؤطرين دستوريين متشبعين بالروح النضالية و مؤمنين بالعمل التطوعي . وقد نجحت التجربة في زغوان و في شعبة الحجاره بالحنشة صفاقس في السنوات الماضية قبل افشالها نتيجة النظرة الاقصائية لأحدهم و بدون تعليق .

العمل الميداني

16) تبني عضو من اللجنة المركزية للتجمع لتنشيط جامعة دستورية و الإحاطة الكاملة بكل مظاهر النشاط و تحريك الحياة السياسية و القيام بمبادرات بأكثر حرية و هذا عمل رائع و مفيد للتجمع حزب الأغلبية التاريخية و الشرعية الدستورية.

الشرعية للنظام الداخلي

17) احترام دوريات الاجتماعات النصف الشهرية في كل الهياكل و الحرص على احترام بنود النظام الداخلي للتجمع خاصة دورية الاجتماعات العامة مرة كل ثلاثة أشهر بالمنخرطين و هناك شعب تبقى سنتين دون عقد اجتماع عام واحد حيث كاد أن يكون النشاط الحزبي متغيب ماعدى أجواء الانتخاب كل 3 أعوام و في بعض الشعب تنصب شعب دون حضور المؤتمرين و هذا حصل عام 2005 خاصة في الشعب الريفية و أتذكر ان شعبة ريفية كان مؤتمرها عام 1997 مهرجانا و عرسا يتذكره المشرف عليه عضو اللجنة المركزية الأخ كمال الحاج ساسي و تقريرها الأدبي عام 2001 كان بمثابة تقرير أكبر لجنة تنسيق و في عام 2005 هذه الشعبة عقدت مؤتمرها بحضور 7 أشخاص فقط و البون شاسع و بدون تعليق .

شعلة الحماس

18) مزيد إذكاء شعلة الحماس الذي انطفت و ذابت و تلاشت في الأعوام الأخيرة بالخصوص بينما كانت شعب دستورية معروفة بالإشعاع و النشاط و الحيوية ماهي الأسباب  يا ترى ، هل تصرف المسؤولين وراء ذالك أم ماذا.

التطوع أفضل

19) ضرورة التأكيد على جعل العمل الحزبي و السياسي أسمى من المادة و المنافع و تدبير الرأس و المنح و البنزين و السيارات و الجري وراء التفرغ في إدارة التجمع من اجل الحصول على المنافع المادية و المكاسب بشتى الوسائل و الطرق .

التسامح داخل الاسرة التجمعية ضرورة ملحة

20) ضرورة دعم روح التسامح في المجتمع التونسي و داخل التجمع يجب تجسيم هذا الشعار قولا و ممارسة. و في هذا المجال ينبغي تقديم اعتذارات كتابية من طرف بعض المسئولين اللذين مارسوا لغة التهديد و الاقصاء حتى لا تتكرر مهزلة 1981 من طرف بعضهم و هم الأن في الشارع يطلبون المعذرة و لكن فات الأوان و التاريخ لا يرحم أيها السادة و ربما أصحاب التجاوزات عام 2001 يطلبون عام 2012 ان شاء الله منا المعذرة عندما نلتقي في الشارع كغيرهم و المثل يقول يوما أليك و يوما عليك أيها العاقل المتعض بما يجري في هذه الدنيا الغرورة و بدون تعليق  .

و هذه بعض المقترحات و الخواطر عسى أن يقع العمل بها مستقبلا للعودة إلى الأصل و منابع العمل النضالي السليم الصادق .

قال الله تعالى : لاتغرنكم الحياة الدنيا و لا يغرنكم بالله الغرور صدق الله العظيم

محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري في الحق لا يخشى لومة لائم


بسمه تعالى

الوحدة الوطنية و الانسجام الاسلامي تكليف شرعي و واجب وطني

تعيش بلاد المسلمين هذه الايام فتن كقطع الليل المظلم بات فيها المسلم حيرانا الا من رحم ربي فمن نهر البارد الى سامراء و غزة تسيل دماء المسلمين و تستباح المقدسات و تهتك الاعراض ولاحول و لا قوة الا بالله  العلي العظيم  
ان المتتبع المنصف لهذه الاحداث الاليمة يجد ان الخيط الجامع بينها هي الاحتلال الامريكي وحلفائه في المنطقة من الصهاينة و الاصوليين التكفيريين و الذين عزموا على ضرب قوى المقاومة و الممانعة  المتثلة في الحركة الوطنية الاسلامية الممتدة من الرباط الى بغداد لقد اصبح المشروع الوطني الاسلامي يمثل الخطر الاكبر على مصالح الاستكبار العالمي وهو القادر اليوم على ان يصبح البديل للانظمة القائمة في بلداننا القابعة تحت حكم الامراء و المترفين  
ان الفكر الوطني الاسلامي يؤمن بدولة القانون و المؤسسات القائمة على الدستور و الاختيار الشعبي الحر و مراعات حقوق الانسان في اطار مرجعية التشريع الاسلامي المبني على القران الكريم و السنة النبوية المطهرة العقل و الاجماع و يؤمن بحق الاختلاف و يحافظ على  المصلحةالوطنية ان الاختراق الذي حصل داخل الحركة الاسلامية منذالتسعينات من طرف الاصولية التكفيرية سبب اليوم انهيار العمل الاسلامي و تحوله الى عمل  اجرامي و تهمشت العديد من القيادات و لم يصبح لها اي دور فاعل سوى الظهور على الفضائيات او اصدار البينات و الركون الى شيوخ النفط ان الوحدة الوطنية في كل قطر تعتبر صمام امان للوقوف امام الهجمة الاستعمارية الجديدة و رد العدوان ومقاومته بكل الوسائل المشروعة ان الوطنية الصادقة تتطلب مواقف واضحة و صريحة والالتزام الكامل باختيارات الشعوب و اعتبار الشعب المرجع الوحيد في اهلية قيادته لذا يجب على كل متصدي لشان الوطني ان يكون في خدمة شعبه و يدافع عن هويته الاسلامية و مصالحه الوطنية و لا يتخذ المترفين و المنافقين اولياء يظهر لهم المودة و الولاء و يتامر معهم خدمة لمصالحهم ان ساحتنا الوطنية في حاجة الى رجال صادقين و ليس الى مشاغبين  يقتاتون على موائد الشرق و الغرب و لا يحسنون الا الجهر بالسوء و  الافتراء على الناس في هذا الظرف الصعب الذي تعيشه امتناالاسلامية  يجب اظهار وحدة  الكلمة والانسجام الكامل في الموقف و طرد المنافقين و الذين في قلوبهم مرض من صفوف الحركة الاسلامية و التبري الكامل من التكفيريين المجرمين اعداء الوطن و الدين قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا اولائك الذين كفروا بايات ربهم و لقائه فحبطت اعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا على الوطنيين الاحرار الخروج من الاحلاف المشبوهة و ترك ال اليسار  الملحد و ال اليمين المتطرف الكافر فلا نغتر بدعواتهم الكاذبة مثل الحرية و التعددية او غيرها من الشعارات التي رفعوها منذ اكثر من  قرن ان اكثر مفكري اليسار و شيوخ اليمين هم اليوم من المترفين في خدمة اولياء نعمتهم من اثرياء الخليج او مؤسسات اوروبا و امريكا  الحقوقية لقد اصبحت شعوبنا منهارة اجتماعيا و اقتصاديا و اخلاقيا و فشلت القوى القومية العلمانية و الحركة الاصولية في انجاز النهضة و تحقيق الانتصار  ونراها اليوم جزء من النظام الرسمي العربي الفاقد لاي  شرعية شعبية ان مهة الحركة الوطنية الاسلامية اليوم هي الدفع نحو الالتزام  بالثوابت الشرعية و الوطنية انتاج ثقافة اسلامية معاصرة تدين  الجهل الغلو و تتبنى مطالب المستضعفين و تسعى لاعادة دور العلماء الاصوليين خريجي الزيتونة و الازهر الشريف و النجف الاشرف و قم و  القرويين و اخذ المبادرة على الساحة الوطنيةو الابتعاد عن التجريح و القذف و التشكيك في نوايا الناس في الختام ارجو من السادة العلماء و الاساتذة الفضلاء و السادة  المسؤولين داخل الاحزاب الوطنية ان يكون عملهم في سبيل الله و لعزة اوطانهم و استقلال و حرية شعوبهم قل اني اعظكم بواحدة ان تقوموا لله مثنى و فرادى
 
عماد الدين الحمروني تونس


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.