TUNISNEWS
8 ème année, N 3187 du 12.02.2009
archives : www.tunisnews.net
نحن الطلبة المضربون عن الطعام:الى الراي العام الوطني و الالديمقراطي
الطلبة المضربون عن الطعام :يوميّـــات الصّمود 1:إضراب جوع من أجل الحق في الدّراسة
حــرية و إنـصاف:تفاعل قضية الاعتداء على الأستاذتين الطريقي و العبيدي
: صحافيو كلمة تحت وقع التنكيل بالرغم من إقفال مكاتبهم
موقع منصات :قناة الحوار التونسي الفضائية: تحت المقصلة
صالح عطية:تونس ترفض الترخيص لصحيفة ناصرية
بوراوي الصادق الشريف -رسالة مفتوحة- إلـى سيـادة رئيـس الجمهوريـة:من لا يريد معرفة الحقيقة ؟
الصباح: :أكثر من ثلث الطلبة التونسيين بفرنسا لا يرغبون في العودة بعد انتهاء الدراسة
زياد الهاني:لا لوحات معدنيّة ولا هم يحزنون، ومن لا يرضى فليشرب من البحر!؟
عبدالسلام الككلي:خنزير يطلب الدراسة
القدس العربي:الكاتب والوزير الأول السابق محمد مزالي: من شردني وسجن أبنائي واتهمني بالفساد لم يكن بورقيبة بل شبحه!
مغاربية : تفاؤل التونسيين بشأن عقوبات الاتحاد الإفريقي على موريتانيا
إسلام أونلاين: »الزيتونة » القرآنية.. الأكثر استماعا في تونس
الصباح:حول ارتقاء تونس الى مرتبة الشريك المتقدم للاتحاد الأوروبي اتصلنا من دائرة الاعلام بوزارة الخارجية بما يلي:
الصباح:المترشحون لباكالوريا 2009
آمال موسى:على غرار الهيئة المصرية للكتاب
الصباح:وداعا فوزي بالكاهية… رمز الكفاءة… بعد النظر… والاستقامة
محمد شمام:كلمة الجمهور بمناسبة انتصار غزة (2)
العفيف الأخضر : كيف تطور القرد إلى إنسان؟
احميدة النيفر: هل العثمانيون على الأبواب.. أم هي عبقرية المكان؟
بشير موسى نافع:في مستقبل المنظمة والمرجعية الوطنية الفلسطينية
إسلام أونلاين:اجتماع سري في غزة لتشكيل جبهة موحدة للمقاومة
إسلام أونلاين:على هامش الخطاب الأخير للرئيس مبارك مصر الداخل والخارج.. هكذا توقفت عجلة الزمن
هبة زكريا : جالوب: المصريون أكثر شعوب العالم تدينا
رويترز:بوتفليقة يسعى لفترة رئاسة ثالثة في الجزائر
إسلام أونلاين:حبيب: غزة مدخلنا للإصلاح وسنشارك بتشريعيات 2010فايننشل تايمز : على الولايات المتحدة أن تضع في الحسبان شعور إيران بالظلم
رويترز:علماء السودان يحثون الشبان على مقاطعة عيد الحب
إسلام أونلاين:خط حديد صيني لربط مكة بالمدينة
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
نحن الطلبة المضربون عن الطعام
الى الراي العام الوطني و الالديمقراطي
نناشد كل الراي العام الوطني و الديمقراطي بالوقوف الى جانبنا نحن الطلبة المضربون على الطعام منذ يوم الاربعاء 11 فيفري 2009 منتصف الليل من اجل حقنا في العودة الى مقاعد الدراسة بعد ان تم طردنا على خلفية نشاطنا النقابي كما نطالب كل احرار تونس الابية في التعريف بقضيتنا الى كل احرار العالم لا سيما و ان الحالة الصحية لاحد المضربين بدات تتعكر منذ اليوم الاول هذا هو البريد الالكتروني الذي نستقبل عليه رسائل المساندة matroudine@gmail.com و هذا هو رقم الهاتف 21286625 نهج نابلس تونس عدد17 عاشت نضالات الاحرار عاشت الحرية
يوميّـــات الصّمود 1
(اليوم الأوّل) 11 فيفري 2009 إضراب جوع من أجل الحق في الدّراسة
اليوم الأوّل من الإضراب على الطّعام الّذي يخوضه خمسة طلبة من أجل الحق في الرّجوع إلى مقاعد الدّراسة بعد طردهم على خلفيّة نشاطهم النّقابي بمقر الاتّحاد العام لطلبة تونس- نهج نابلس بالعاصمة. 1/- محاصرة و منع : حاصرت أعداد كبيرة من أعوان البوليس السّياسي المقر المركزي للاتّحاد العام لطلبة تونس منذ بداية الإضراب، و قد قام أعوان البوليس بمنع الأمين العام للمنظّمة « مؤتمر التّصحيح » جمال التّليلي من دخول المقر اثر محاولته زيارة المضربين و التّضامن معهم، فتعاطف الطّلبة المرابطون في المقر و رفعوا الشّعارات إلى حين تمكينه أخيرا من الدّخول. 2/- وفد راديو 6: حضر بمقر الاتّحاد العام لطلبة تونس وفد من صحافيّي راديو 6 (RADIO 6) تترأسهم الصّحافيّة نزهة بن محمّد العلبوشي، و قد عبّر الوفد عن دعمه اللاّمشروط لمطالب الطّلبة المضربين. 3/- الصّحف تتعاطف مع المضربين : حضر بمقر الاتّحاد العام لطلبة تونس الصّحافي اسكندر العلواني ممثّلا عن جريدة الوطن، كما حضر الصّحافي سفيان الشّورابي ممثّلا عن الطّريق الجديد، و حضر كذلك وفد ممثّل عن جريدة الموقف و آخر ممثّل عن جريدة مواطنون، وبيّن جلّهم تعاطفهم مع المضربين إلى حين حصولهم على مطلبهم المشروع في الدّراسة. 4/- عريضة وطنيّة : قام 123 متعاطف بإمضاء عريضة مساندة مع المضربين في اليوم الأوّل. 5/- حريّة و إنصاف تتضامن مع المضربين : حضر بمقر الاتّحاد العام لطلبة تونس الأستاذ محمّد النّوري ممثّلا عن جمعيّة حريّة و انصاف مبيّنا تضامنه و تضامن الجمعيّة اللاّمشروط لحق الطّلبة في العودة إلى مقاعد الدّراسة. 6/- النّساء الدّيمقراطيّـات يتضامنّ مع المضربين : حضر بمقر الاتّحاد العام لطلبة تونس الأستاذة سندس قربوج ممثّلة عن منظّمة النّساء الدّيمقراطيّـات، و قد عبّرت عن تعاطفها و من ورائها المنظّمة سالفة الذّكر مع الطّلبة المطرودين. 7/- أجواء احتفاليّة بمقر الاتّحاد : في حركة رمزيّة لمساندة المضربين قامت كلّ من الفنّـانة النّقابيّة نوال بن صالح و لبنى نعمان بتنشيط المقر بإلقاء مجموعة من الأغاني الملتزمة في جوّ حماسي و رفاقي. 8/- تحرّكات بالأجزاء الجامعيّة لمساندة المضربين : أ/- كليّة الحقوق و العلوم السيّـاسيّة بتونس : شهدت الكليّة في اليوم الأوّل اعتصاما و إضرابا عامّـا عبّر فيه مناضلو الجزء عن استنكارهم لكلّ ممارسات السّلطة في حصارها للنّشاط النّقابي و محاولات تقويض القاعدة الشّعبيّة للاتّحاد العام لطلبة تونس. ب/- المعهد العالي للعلوم الإنسانية « ابن شرف » بتونس : شهد المعهد حضورا طلاّبيّـا غفيرا لتأثيث فعاليّـات حفل فنّي أحيته فرقة العودة للفن الملتزم تحت شعار « من أجل إرجاع المطرودين إلى مقاعد الدّراسة ». ج/- المعهد العالي للّغات بتونس : شهدت ساحة المعهد اجتماعات عامة مطالبة بإرجاع المطرودين، كما قام مناضلو الجزء بإمضاء عريضة مساندة للمضربين. د/- المعهد التّحضيري للدّراسات الأدبيّة و العلوم الإنسانية « القرجاني » : قام مناضلو الجزء بتأثيث المعهد بتظاهرة حائطيّة تعرّف بالمضربين و مطالبهم. هـ/- كليّة العلوم الإنسانية و الاجتماعيّة 9 افريل : شهدت السّـاحة الحمراء بالكليّة اجتماعات عامّة شفعت بإمضاء عريضة لمساندة المضربين و حلقة نقاش حول مزيد دعمهم و مساندتهم.
تفاعل قضية الاعتداء على الأستاذتين الطريقي و العبيدي » 60 اعتداء على المحامين لم يقع التحقيق إلا في اثنين أو ثلاثة »
انعقدت صباح هذا اليوم الخميس 12 فيفري 2009 جلسة عامة إخبارية بدار المحامي بدعوة من الهيئة الوطنية للمحامين للتباحث حول واقعة الاعتداء على الأستاذتين نجاة العبيدي و إيمان الطريقي اللتين وقع سماعهما لتوضيح وقائع الاعتداء الذي حصل يوم الثلاثاء 10 فيفري 2009 إثر خروجهما من مكتب المحاماة الكائن بنهج المختار عطية عدد 33 بتونس و وقعت ملاحقتهما من طرف شخص مجهول الهوية أشهر عليهما سكينا و تلفظ نحوهما بألفاظ نابية ، و قد تناول الكلمة عدد من المحامين الذين أبدوا تضامنهم مع زميلتيهم و استنكارهم الشديد لواقعة الاعتداء التي بلغ عددها الستين اعتداء على المحامين و لم يقع التحقيق إلا في اعتداءين أو ثلاثة اعتداءات ، و طلب المتدخلون من الهيئة التدخل و اتخاذ موقف و إصدار بيان و عقد جلسة عامة بعد فترة وجيزة لإعلام المحامين بالنتيجة التي توصلت إليها الهيئة في تدخلاتها حول الاعتداءات المتكررة. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس خطف الفتاة المحجبة ابتسام القبطيني أثناء مرورها أمام مركز للشرطة
تُعلم لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس أنه تمّ خطف الفتاة التونسية المحجبة ابتسام القبطيني البالغة من العمر 22 سنة ، صباح اليوم الخميس 12 فيفري 2009 ، عند الساعة التاسعة والنصف صباحا ، وذلك أثناء مرورها من أمام مركز شرطة بمنزل بورقيبة من ولاية بنزرت ، حيث وقع خطفها وادخالها للمركز عنوة من طرف ضابط شرطة . وخضعت القبطيني داخل المركز للتحقيق من قبل ضابطة شرطة ، ومن بين الأسئلة التى طرحت عليها: من اقنعك بإرتداء الحجاب ؟، وهل تدعو صديقاتك لإرتداء الحجاب ؟ ، وماهي أسماء صديقاتك ، وأسئلة أخرى كثيرة ، منها أسئلة شخصية . وتعرضت الى السخرية من قبل أعوان وعونات مركز الشرطة الذين نعتوها بأوصاف مشينة ، وتعرضت للتهديد ان هي عادت الى ارتداء الحجاب الذى وصفوه بـ »اللباس الغريب عن تونس » ، وأرغموها قبل اطلاق سراحها على التوقيع على التزام خطي بعدم ارتداء الحجاب مستقبلا . هذا ويواصل مدير المعهد الأعلى للدراسات التكنولوجية ببنزرت لليوم الثالث على التوالي منع الطالبات المحجبات من اجتياز امتحاناتهن ، وتعيش المحجبات بالكلية أوضاع نفسية صعبة جراء الضغوط التى تمارس عليهن للتخلي عن الحجاب ، ستكون لها نتائج سلبية أكيدة على نتائجهن الدراسية . ولجنة الدفاع عن المحجبات بتونس ، تعبّر عن سخطها البالغ تجاه عملية الخطف من الطريق العام التى تعرضت لها الفتاة ابتسام القبطيني ، وتستهجن اسلوب العصابات الإجرامية التى تعتمده قوات البوليس بحق مواطنة تونسية محجبة لمجرد مرورها أمام مبنى مركز للشرطة ، وهو ما يدلل على أن ما يسمى « دولة القانون » ماهو إلا وهم بعيد المنال ، وتدعو وزارة الداخلية الى لجم عصاباتها والزامهم بإحترام حرية المواطن وكرامته ، وتحمّل السلطات الرسمية الى أعلى هرم الدولة هذا الإنحدار المشين في التعاطي مع المواطنين . تطالب المسؤول الأول عن مركز الشرطة بمنزل بورقيبة من ولاية بنزرت بالإعتذار للآنسة ابتسام القبطينى على التجاوزات الخطيرة التى اقترفها ضباط وأعوان المركز الذى يقع تحت إمرته بحقها ، وتحمله كل النتائج المترتبة على هذه الخروقات ، وتدعو الفتاة ابتسام القبطيني الى تتبع الجناة قضائيا والإتصال دون تأخير بالمحامين الشرفاء الذين هم على استعداد كامل لإخذ الإنابة عنها ورفع قضية في المحكمة . تطالب كل صوت حرّ وشريف في تونس وخارجها الى ادانة هذه الجريمة ، وتدعو كل هيئات ومنظمات حقوق الإنسان والحريات العامة الى الإحتجاج لدى السلطات التونسية على هذه الحادثة الخطيرة ، وتطالب العلماء والدعاة في العالم العربي والإسلامي الى نصرة المرأة التونسية المحجبة التى تواجه صلف السلطة لمجرد إختيارها الحجاب عن قناعة راسخة . عن لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس البريد : protecthijeb@yahoo.fr
صحافيو كلمة تحت وقع التنكيل بالرغم من إقفال مكاتبهم
كانت زكية ضيفاوي المعاونة لإذاعة كلمة تغادر مقر الاتحاد العام التونسي للعمل (تنظيم نقابي) حوالى الساعة الخامسة مساء من العاشر من شباط/فبراير 2009 عندما أقدم ستة رجال من الشرطة بلباس مدني على اعتقالها. فاحتجزت لمدة ساعة في مركز الشرطة الواقع في شارع شارل دي غول في تونس العاصمة حيث تعرّضت لإهانات خطيرة. وفي اليوم نفسه، خضعت المتدرجة في كلمة فاتن حمدي للتهديد بالملاحقة القضائية علماً بأنها تعرّضت للاعتقال قبل ثلاثة أيام.. في هذا الإطار، أعلنت مراسلون بلا حدود: « لا يمكن تحمّل هذا التنكيل الذي يتعرّض له صحافيو إذاعة كلمة كما كل الصحافيين المستقلين في تونس. فتبدو نية السلطات التونسية واضحة: بعد إقفال مقر إذاعة كلمة ومصادرة معداتها، بدأت الشرطة تتعرّض لصحافيي الإذاعة المستقلة الوحيدة في البلاد بهدف تحويل حياتهم إلى جحيم وحملهم على مغادرة تونس والتوقف عن أداء مهنتهم ». في خلال عملية الاعتقال، عزلت زكية ضيفاوي في قاعة. وقامت شرطيتان بتجريدها من ملابسها بعنف وأخذتا تفتشانها. ومن ثم، هددها مسؤولون أمنيون بأنها قد تتعرّض لهذا النوع من التأديب كل يوم تبقى فيه في تونس وتواصل عملها في إذاعة كلمة. عشية عملية الاعتقال هذه، في التاسع من شباط/فبراير، وقعت زكية ضيفاوي ضحية تهديدات ومضايقات حينما عمد شرطيون إلى استجوابها حول عملها في كلمة على مدى ثلاث ساعات وتهديدها برفع قضية ضدها وسجنها ما لم تعدل عن نشاطاتها. إن الكاتبة زكية ضيفاوي تتعاون أيضاً مع أسبوعية المعارضة مواطنون على نحو اتفاقي.. وفي العام 2008، قضت مئة ويومين في السجن لتغطيتها ومشاركتها في مسيرة دعم لحركة قفصة الاجتماعية. ومنذ ذلك الحين، لم تتمكن من معاودة العمل كأستاذة محاضرة في القيروان(على بعد 120 كلم جنوب تونس العاصمة) . أما فاتن حمدي العاملة في كلمة فقد تعرّضت للتهديد بالسجن في العاشر من شباط/فبراير أيضاً على يد عناصر من الشرطة السياسية التونسية إذا ما تابعت نشاطاتها في كلمة، علماً بأنه تم توقيف هذه المتدرّجة الشابة البالغة 24 سنة من العمر في السابع من شباط/فبراير في شارع الحبيب بورقيبة في تونس وابقيت قيد الاحتجاز لمدة ثلاث ساعات تم تهديدها في خلالها بملاحقتها قضائياً. الجدير بالذكر أن ثلاثة صحافيين من فضائية الحوار التونسي تعرّضوا للاعتقال في السابع من شباط/فبراير ولا يزالون مهددين بالملاحقة ما لم يضعوا حداً لعملهم.
(المصدر: موقع منظمة » مراسلون بلا حدود » بتاريخ 12 فيفري 2009 )
قناة الحوار التونسي الفضائية: تحت المقصلة
لا يكاد يمر أسبوع واحد دون أن تردنا أخبار أن أحد أعضاء الفريق العامل في قناة « الحوار التونسي » الفضائية تعرّض لاعتداء على يد رجال أمن بزي مدني، وكانت أحدث تلك الانتهاكات قيام رجال الاستخبارات يوم السبت 7 شباط \فبراير الجاري باختطاف سكرتير تحرير القناة الصحفي أيمن الرزقي والصحفيين بدر السلام الطرابلسي وأمينة جبلون. سفيان الشورابي الصحفيان في قناة الحوار أمينة جبلون وأيمن الرزقي تم اختطاف الصحفيين الثلاثة فور خروجهم من مقر صحيفة « الطريق الجديد » المعارضة قبل أن يتم إطلاق سراحهم عشية نفس ذلك اليوم بعد أن تم تهديدهم بالسجن جراء نشاطاتهم الإعلامية. « محاصرة، مراقبة، منع من التصوير، ايقاف، الخ » تلك هي أهم المفردات التي تطغى على البيانات الصادرة عن القناة المذكورة، فلماذا كل هذا التعدي على قناة هدفها الرئيسي تقديم إعلام بديل وموضوعي في بلد يكاد يتفق الجميع على عدم إيمان قادته وأجهزته بمبدأ الإعلام الحر والمستقل؟ في شقة بإحدى العمارات بقلب العاصمة تونس حيث يتواجد مقر القناة، تستعد قارئة الأخبار الصحفية أمينة جبلون لتصوير حصة الأخبار اليومية التي عادة ما تتضمن أنباء عن تحركات أحزاب المعارضة الديمقراطية وعن نشاطات مكونات المجتمع المدني المستقل ناهيك عن الخروقات التي تقوم بها السلطة الحكومية تجاه معارضيها أو حتى ضد مواطنيها العاديين. في غرفة الأخبار التي لا تتجاوز مساحتها الـ10 أمتار مربعة -وهي في حقيقة الأمر الأستوديو الوحيد الذي يصلح للتصوير في ذلك المكان- ذكرت جبلون لـ »منصات » أن قناة « الحوار التونسي » الفضائية وضعت على رأس أولوياتها عرض الأحداث التي تقع في تونس والتي يغض النظام الحاكم عنها الطرف، وقالت: » إن ما نبثه يوميا هي الأنشطة التي تقوم بها الهيئات المغضوب عليها من قبل السلطة، كما نتعامل مع المعارضين الحقيقيين التي تأبى وسائل الإعلام المحلية الاستماع إليهم ». طبعا لم يكن لمثل هذا العمل الإعلامي ليحظى برضا الأجهزة الأمنية التي لم تر بعين الرضا ما يقوم به صحافيو القناة، حيث ذكرت جبلون أن الشرطة دائما ما تمنعهم من ولوج مقرات أحزاب المعارضة وتلاحق تحركاتهم بشكل مستمر لصدهم عن الوصول إلى المعلومة، وأشارت في هذا الصدد أنها تعرضت من جانبها إلى أكثر من عملية اختطاف وحجز في مخافر الشرطة، بل أن الأمر وصل إلى حد الضغط على عائلتها لثنيها عن مواصلة العمل في قناة « الحوار التونسي ». في القاعة المجاورة لأستوديو التصوير، يمكث سكرتير تحرير القناة الصحفي أيمن الرزقي أمام أحد أجهزة الحاسوب وهو يتصفح المواقع الالكترونية لمتابعة آخر التطورات التي تعرفها الساحة السياسية في تونس. وبنوع من اللامبالاة أو كمن اعتاد على مثل هذه الأسئلة أجابنا الرزقي أن « التحرشات الأمنية والمراقبة اللصيقة أضحت خبزنا اليومي »، فـ »منذ انطلاق بث القناة سنة 2002 ونحن نعيش هذه الحالة ». وأرجع ذلك إلى النهج المستقل للقناة والذي سطر معالمه الأساسية مؤسسها رجل الأعمال التونسي المقيم بفرنسا الطاهر بن حسين. من باريس الى تونس وقال الرزقي أنه منذ تأسيسها، عوّل بن حسين على مجموعة من طلبة وخريجي معهد الصحافة لتكوين النواة الأولى للقناة. ورغم عدم امتلاكهم للخبرة الكافية، فقد تمكنت المجموعة الفتية من ضمان استمرارية القناة التي انتقل مقرها المركزي من العاصمة الفرنسية باريس إلى العاصمة تونس سنة 2004. وأضاف الرزقي أنه لما كان المقر الرئيسي للقناة في فرنسا، اقتصرت البرمجة على إجراء حوارات مع الفاعلين في الحقل السياسي والاجتماعي وتقديم مادة إخبارية متواضعة نتيجة لعدم توفر مقاطع فيديو ترافق الأخبار. بعد انتقال مركز عملها إلى تونس ومع ما صاحبها من تجديد لشبكة المراسلين، تمكنت القناة من تأمين مادة إعلامية محترمة وإجراء عدد من الريبورتاجات والتحقيقات الميدانية التي « تبرز الفرق الشاسع بين خطاب السلطة وإعلامها الرسمي وبين ما يجري على أرض الواقع » على حد تعبير الرزقي. وأضاف سكرتير التحرير: « وما نجاحنا في تغطيتنا الدقيقة لستة أشهر من التحركات والمسيرات الاجتماعية التي شهدتها منطقة قفصة (350 كم جنوب العاصمة تونس) إلا أحد أبرز الأدلة على نجاحنا في كسر الطوق الإعلامي الرسمي ». إلا أن ما يتحفظ عليه البعض هو السقف العالي الذي لا نجده في بقية وسائل الإعلام المحلية لخطاب قناة « الحوار التونسي » وجرأتها غير المعهودة في تناول القضايا المحرجة، وهو ما اعتبره أيمن الرزقي « كلام مردود على أصحابه » حيث اعتبر أن « قناة الحوار التونسي ليست من هواة التهويل والمبالغة وإنما تتعامل مع الأحداث بكل واقعية مهما كانت طبيعتها، ولكن التزييف المتواصل للحقائق من طرف السلطة يجعل المتفرج في حيرة من أمره خصوصا وإننا نبث خطابا واقعيا ينقل الأحداث كما هي ويرفض التعامل مع الفاعلين السياسيين بمنطق الإقصاء والتمييز ». قناة يسارية؟ المعلوم أن قناة « الحوار التونسي » تبث على القمر الصناعي « هوت بيرد » بمعدل ساعة يوميا على ترددات من قبل الباقة الإعلامية الايطالية « أركو أيريس تي في » التي تؤجر حصص بث فضائية لحركات سياسية يسارية من أوروبا وأمريكا اللاتينية مقابل أسعار مشجعة ومخفضة. ولعل تصنيف قناة « الحوار التونسي » في هذه الخانة جعلها مستهدفة من قبل الحكومة التونسية، إلا أن الصحفي بالقناة بدر السلام الطرابلسي نفى ذلك وقال أن « القناة تعمل باستقلالية عن السلطة وعن جميع التيارات المعارضة » وإنما ذنبها الوحيد أنها تجاوزت الخطوط الحمر الكثيرة التي رسمها النظام منذ سنوات عديدة، لكنه اقر بوجود مسحة علمانية وتقدمية وديمقراطية على الخط التحريري للقناة وهو لا يعد حسب تقديره « عيبا أو مخالفا للقانون ». سجن صحفي من القناة حجم العراقيل التي يتعرض لها صحافيو القناة لا تتوقف عند حد التحرش، بل تتجاوزها لسلب الحرية لمن أقدم على العمل في صلبها، وهو ما تعرض له الفاهم بكدوس خلال الأشهر الماضية، حيث ثبّتت محكمة الدرجة الثانية الأسبوع الماضي حكما بسجن بوكدوس المتواجد في حالة فرار حاليا، مدة ست سنوات كاملة على خلفية تواجده بمنطقة قفصة وقيامه بتصوير التحركات الاجتماعية السلمية التي خاضها أهالي الحوض المنجمي طوال النصف الأول من السنة المنقضية للاحتجاج على تردي وضعيتهم المعيشية. وكانت منظمة « مراسلون بلا حدود » قد أصدرت في وقت سابق بيانا اعتبرت فيه أن » هذا الحكم القاسي يعد مثالا آخر للقرارات الاعتباطية تجاه كل من يقلق السلطة. ففي تونس، تعد مهنة الصحافة أكثر المهن خطورة ». المقصلة في أية لحظة؟ ورغم هذا المناخ الصعب، تواصل قناة « الحوار التونسي » تميزها في المشهد الإعلامي التونسي وتواصل مشوارها مليئاً بالمخاطر والتحدي والمثابرة بغاية تقديم إعلام بديل، إلا أن أهم ما يثير قلق أعضاء الفريق الإعلامي بالقناة هو أن رقبة قناتهم ما تزال تحت المقصلة وعرضة للقطع في أية لحظة، فلا يستبعدون أن تقوم الأجهزة الإعلامية بمداهمة مقر عملهم وإلقاء القبض عليهم وإغلاقه نهائيا كما فعلت مع إذاعة « كلمة » الالكترونية في الأسابيع القليلة الماضية. فصدر السلطة تجاه الأصوات المعارضة ضيق وضيق للغاية. (المصدر : موقع منصات بتاريخ 12 فيفري 2009 )
تونس ترفض الترخيص لصحيفة ناصرية
بوراوي الصادق الشريف -رسالة مفتوحة- إلـى سيـادة رئيـس الجمهوريـة تحية واحترام، من لا يريد معرفة الحقيقة ؟
مأساة الربع قرن على مواطن يطالب بحقه بالغ من العمر 66 سنة
العارض : بوراوي الصادق الشريف مقاول بناء، بالغ من العمر 66 عاما نهج 8225 عـ7ـدد حي الخضراء السادس – تونس اطلعوا على موقعي على شبكة الأنترنيت bourawichrif@gmail.comالجوال : 661 604 98 / 528 540 21متى تأذنوا بفتح تحقيق يا سيادة رئيس الجمهورية زين العابدين علي
كاتبت سيادتكم مئات العرائض، كاتبت وزير العدل وحقوق الإنسان، كاتبت وزير الداخلية والتنمية المحلية، كاتبت وزير المالية، كاتبت الوزارة الأولى، كاتبت رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان، كاتبت الموفق الإداري، كاتبت الأحزاب السياسية، كاتبت بعض الصحف مثل : الأخبار، الشعب، أخبار الجمهورية، الصريح، المستقبل، الطريق الجديد، الوحدة الشعبية، الصباح الأسبوعي، وكتبت تحت عناوين : طال انتظاري، فتح تحقيق، متى سيفتح التحقيق؟، صوت المواطن بوراوي الشريف 66 عاما بدون هوية 5 سنوات جميع مصالحي تعطلت… ومنزلي تحت الحضر الأمني من يوم 01 مارس 2007 ومنعوني من استخراج بطاقة التعريف الوطنية و لا جواز سفر و لا بطاقة علاج، هذا إجرام أمني وسلطة الإشراف لا تحرك ساكنا لا من طرف وزير الداخلية ولا من طرف المدير العام للأمن الوطني كما وجهت لكم مجموعة كبيرة من العرائض عن طريق جميع الصحف التونسية إلى سيادتكم شخصيا. بأن تعلم ما يعنيه المواطن التونسي باسم سيادتكم و في عهدكم يا سيادة الرئي والبعض منهم بجانبكم في القصر الرئاسي. سيدي الرئيس، لقد انتظرت وطال انتظاري، إنني لم أطلب مستحيلا ولم أطلب خبزا أو لباسا أو إحسانا، إنما أطلب من أي مسؤول كان حقوقي الشرعية والمكتسبة وكرامتي فوق كل اعتبار مع جميع الأطراف مهما كان المستوى ومهما كانت المسؤولية « الحق يعلو ولا يعلى عليه »، « لا ضاع حق وراءه طالب ».و إن الله مع السابرين إنني أطلب من سامي جنابكم أن تأذنوا بفتح تحقيق مع المسؤولين الذين تمت مكاتبتهم وهم لا يحركون ساكنا وأن يكون البحث تحت إشراف الجناب لمعرفة الحقيقة بشأن المظالم التي تعرضت إليها ولا زلت أتخبط فيها إلى حد هذه الساعة من الوزارتين العدل والداخلية معنويا وماديا « مليارين وخمسمائة ألف دينار » أقبرهم وزير العدل وحقوق الإنسان « البشير التكاري » مع سجني لمدة ثلاث سنوات وخمسة أشهر وسبعة أيام ومحاولة تصفيتي جسديا داخل السجون السبع من « رضا بوبكر » المدير العام للسجون والإصلاح أنذاك المورط في قضية التخريب والتهريب عندما كان رئيس الدائرة الرابعة بالمحكمة الابتدائية بتونس سنة 1993 و »توفيق عياد » مدير المصالح السجنية آنذاك ومدير سجن 9 أفريل فيصل الرماني آنذاك ونوفل بوقديدة مدير سجن المسعدين آنذاك، وكل هذا بإيعاز من وزير العدل « البشير التكاري » المورط برد كاذب على أعمدة جريدة « الشعب » يوم 09/09/2000. قد أخفى الحقيقة على سيادتكم و على السيد الوزير الأول ضلل الشعب التونسي عموما داخل الوطن و خارجه برد فضفاض خالي من الصحة والحقيقة يعاقب عليه القانون وانا متمسك بالتعقيب على هذا الرد يوم 11/09/2000 ومتمسك في كل ما كتبته ضد الوزير المذكور من التاريخ المذكور إلى اليوم لا رجوع ولا تنازل مهما كلفني الأمر. وقد قمت بإضراب جوع المرة الأولى مدة 84 يوما وقد منعوني حتى من العلاج والمستشفيات والأطباء داخل السجون يشهدون على ذلك وقد أخرجوني إلى قاعة الجلسة لدى محكمة الاستئناف بتونس على نقالة طبية (هذا ما يقع في دولة العدل والقانون وحقوق الإنسان مع « البشير التكاري » وزير العدل وحقوق الإنسان). لا عدل ولا قانون ولا حقوق الإنسان مع التكاري من تاريخ تعينه على رأس وزارة العدل و حقوق الإنسان من سنة 2000 إلى اليوم نأكل في الضربة تلو الأخرى من الوزير المذكور ومن معه سيكشفهم البحث نشرت قضيتين لدى المحكمة الإدارية يوم 16/12/2006 الأولى ضد وزارة العدل وحقوق الإنسان تحت عـ16228ـدد تم الحكم فيها بعدم الاختصاص يوم 28 مارس 2008 بعدم اختصاص فضيحة من هم أهل الاختصاص غير قادرين على الحكم ضد التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان والقضية الثانية ضد وزارة الداخلية والتنمية المحلية تحت عـ16229ـدد إلى اليوم لم يقع تعيينها رغم عشرات العرائض إلى الرئيس الأول للمحكمة والكاتب العام بها، كما تم نشر رسالة على أعمدة جريدة الشعب يوم 06/12/2008 ولا ساكن يتحرك حتى من طرف المحكمة الإدارية. سيدي، أطلب من سامي الجناب بأن تأذنوا بفتح تحقيق خاصة وأن الأمر يتعلق بالأمن والعدالة والديوانة، وأنا ألح على سيادتكم بأن تأذنوا بفتح التحقيق للتمكن من استرجاع حقوقي كاملة بالقانون. وهم لا يريدون القيام بالأبحاث خوفا على أنفسهم من كشف حقائقهم مني بوراوي الشريف لأنني قادر على كشفهم جميعا فردا فردا.أسباب منعي من مواصلة بحثي بمصالح أمن الدولة الصادرة فيها تعليمات رئاسية جويلية 2002 أقبرها نبيل عبيد مدير أمن الدولة آنذاك وتوفيق الديماسي مساعد المدير العام للمصالح المختصة آنذاك. سيدي الرئيس، آخر عريضة وجهتها إلى الجناب يوم 09/01/2009 و 21/01/2009 29/01/2009 ومعها مجموعة صغيرة من النشريات على الصحافة التي قمت بنشرها على شبكة الانترنات . ولا زلت أصر على توجيهها إلى الجناب عن طريق مواقع مختلفة على الأنترنات لإيصال صوتي إلى سيادتكم لمعرفة الحقيقة وما يعانيه المواطن التونسي من بعض الأيادي المريضة بالنفوذ اتصلت هاتفيا بمكتب الضبط بالقصر الرئاسي يوم 10/02/2009 يقول لي حرفيا «لم تصلنا أي عريضة في شهر جانفي رغم وأنني لدي جميع الحجج والأدلة للمراسلات المذكورة ووجهت في نفس اليوم فاكس» سيدي الرئيس، أنا لا أطلب المستحيل إلا حقوقي فقط وإنقاذي من المعاناة التي أتخبط فيها ومن المضايقات الأمنية والعدلية التي أتعرض إليها يوميا، وأنا يا سيادة الرئيس لا يمكنني التفريط في حقوقي مهما كلفني الأمر حتى الموت، النار ولا العار من أيادي مريضة بالسلطة والنفوذ.
ولكم جزيل الشكر والاحترام والتقدير والســـــلام.
أكثر من ثلث الطلبة التونسيين بفرنسا
لا يرغبون في العودة بعد انتهاء الدراسة
تونس-الصباح: أظهرت الاستنتاجات الأولية لبحث ميداني أجراه المرصد الوطني للشباب بالتعاون مع مرصد الحياة الطلابية بفرنسا حول الطلبة التونسيين بفرنسا أن أكثر من ثلث الطلبة المستجوبين عبروا عن عدم رغبتهم في العودة إلى بلدهم الأصلي بعد الانتهاء من الدراسة. وكان السيد سمير العبيدي وزير الشباب والرياضة والتربية البدنية قد أعلن خلال جلسة الحوار التي انعقدت أول أمس بمجلس النواب حول الإحاطة الثقافية والرياضية للشباب، عن أن المرصد الوطني للشباب قد استكمل إنجاز البحث الميداني حول الطلبة التونسيين بفرنسا، وأبرز بهذه المناسبة أن إحدى النتائج الهامة لهذا البحث هي الرضاء التام للطلبة التونسيين بفرنسا بنسبة 80 بالمائة، باعتبارهم تونسيين أولا، واعتزازهم بهوتهم الوطنية. وقد علمنا من خلال البحث المذكور الذي سيكون جاهزا خلال الفترة القليلة المقبلة أن العدد الجملي للطلبة الدارسين بفرنسا خلال السنة الجامعية 2007-2008 بلغ حوالي 12 ألف طالب. يمثلون أكثر من 60 بالمائة من عدد الطلبة الإجمالي بالخارج. كما يحتلون المرتبة الرابعة بين الطلبة الأجانب في فرنسا. بعد المغرب (32 ألفا) والصين (32,5 ألفا) والجزائر (32,3 ألفا). وبينت الدراسة أن 52 بالمائة من الطلبة التونسيين بفرنسـا ذكور، و48 بالمائة إناث. وأكثر من نصفهم بقليل (51بالمائة) يزاولون دراساتهم في مراحل متقدمة (ماجستير، دكتوراه). ومن الاستنتاجات الأولية التي أظهرها البحث أن نسبة هامة من الطلبة لم يجدوا أية صعوبة في الاندماج والتكييف مع مختلف الوضعيات الاجتماعية في بلد الإقامة. كما بينت أن معظم الطلبة يفضلون شبكة الانترنيت كوسيلة للاتصال بهم أو الحصول على معلومات، ومتابعة المستجدات الوطنية والعالمية والاتصال بعائلاتهم وأصدقائهم. وعبرت نسبة كبيرة من الطلبة التونسيين الدارسين بفرنسا عن ارتياحهم لمزاولة الدراسة بفرنسا. وفي ما يتعلق بالتواصل مع البلد الأم فقد صرح غالبيتهم أنهم يقضون على الأقل شهرا من السنة في بلدهم الأصلي. رفيق بن عبد الله (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 12 فيفري 2009)
لا لوحات معدنيّة ولا هم يحزنون، ومن لا يرضى فليشرب من البحر!؟
زياد الهاني الهامـر في لغة الانقليز تعني المطرقة. وهو كذلك اسم صنف من السيارات بالغة الضخامة التي يشبه شكلها السندان. وثمنها يبلغ مئات آلاف الدنانير. من كان في مثل وضعنا نحن الصحفيين يعيش بين المطرقة والسندان، فليس بإمكانه أن يطمع بأكثر من يرى صور هذه السيارة الماسيّة في أغلفة المجلات أو شاشة التلفزة. لكن شباب « أولاد الحلال » من الأقرباء المبجّلين وأصهارهم وحتى أصهار أصهارهم المتنفّذين، قدمّوا لنا ولأمثالنا من أهالي وطننا السعيد خدمة العمر. لقد جلبوا لنا هذه السيارات الحلم حتى نمتّع بها أنظارنا فيسرح بمرآها خيالنا وتنسينا جانبا من هموم حياة تزداد مصاعبها بمرور الأيام. بل هي تلهينا عن التفكير في راتب تبخّر قبل أن تنتهي الخمس الأوائل من الشهر، وتشحذ أذهاننا للبحث عمّن يمكنه أن يقرضنا قرضا حسنا بدنانير معدودات على حساب راتب الشهر القادم أو الذي يليه. الإشكالية الوحيدة التي تنغّص صفو أحلامنا وتقطعها بشكل حادّ هي أن يتصوّر الواحد منّا بأن إحدى هذه السيارات يمكن أن تصدمه هو أو أحد أطفاله!؟ وقتها لن يمكنه أن يطمع في تعويض مجز قد يسمح له بفتح حانوت كفتاجي يحسّن به دخله ووضعه الاجتماعي!؟ والسبب بسيط، فهذه السيارات لا تحمل لوحات معدنية مثل ما يفرضه القانون علينا نحن معشر المواطنين (حاشاكم بهيم وقدم قرعة). والشكوى عندها لن تكون لغير للّه مع التسليم بقضائه مرّه ومرّه. لكن عزاءنا حتى في هذه الحالة يبقى قائما.. أي نعم! يكفي أن نتذكر بأنه لا أعوان الأمن ولا السيد وكيل الجمهورية، ولا حتّى الانتربول يمكنه أن يوقف « أولاد الحلال » أو يحاسبهم، لنشعر بالراحة. طبعا وبكلّ تأكيد.. تصوّروا مثلا لو يُطلب منّا باسم القانون والمؤسسات التي تحمينا وتظلّل علينا في بلادنا تقبيل عجلة السيارة التي دهستنا، وطلب غفرانها حتّى لا نكون عرضة للتبّع من أجل تعكير صفو جولانها العامّ!؟ هل تتصوروننا قادرين على أن نقول لا!؟ تصوّروا أن سائق السيارة كان مثلا بصدد تدخين سيجارة حشيش أو استنشاق مخدّر من الطراز الراقي كالهيرووين، وتسبّب صدمه لنا، عفوا بل صدمُنا لسيارته الغالية، في سقوط جزء من الغبار المخدّر على ثيابه الراقية، هل سيقبل تحجّجنا بأن بلّور سيارته الداكن المخالف للقانون حجب عنّا رؤية طلعته البهيّة؟ هل تراه سيقبل عذرنا بأننا لم نقدّر غلاء ثيابه حق قدره، نحن الذين لم نعد نلبس غير ثياب (الفريب) منذ سنوات عديدة!؟ وحتّى لو افترضنا أنه سيغفر لنا ذلك كلّه، هل تراه يغفر لنا أنّا عكّرنا مزاجه!؟ ألم أقل أن جولان هذه السيارات دون لوحات معدنية على مرأى من أعوان الأمن والديوانة والحرس الوطني، أفضل لنا جميعا!؟ أليست الضربة دون معقّب غير الشكوى للّه أفضل من ضربة تتبعها إهانة، وتظلّم تعقبه إدانة!؟ إضحك..إنّك في تونس دولة القانون والمؤسسات، وبلد التسامح وحقوق الإنسان؟ من غيرُ « أولاد الحلال » ومن والاهم، يمكنه أن يركن سيارته أمام البنك دون خوف من شرطي مرور أو من (شنقال)!؟ (المصدر: مدونة زياد الهاني بتاريخ 12 فيفري 2009) الرابط:http://journaliste-tunisien5.blogspot.com/2009/02/blog-post_7533.html
خنزير يطلب الدراسة
الكاتب التونسي والوزير الأول السابق محمد مزالي: من شردني وسجن أبنائي واتهمني بالفساد لم يكن بورقيبة بل شبحه!
حاتم النقاطي تونس ـ’القدس العربي’ التأويل المضعّف إن الحقيقة هي مبحث الأحرار وهي التي أدّت إلى إعدام العظماء في التاريخ القديم والحديث ولذلك كنت أبدا من المتابعين لها والباحثين عن لذّتها. و’محمد مزالي’ الوزير الأول السابق في عهد بورقيبة 1980 – 1986 والكاتب التونسي أصدر مؤخرا كتابا تحت عنوان ‘نصيبي من الحقيقة'(1) نرى أن القارئ يجد فيه لذة المتابعة لحكايات سياسية يتداخل فيها الواقعي بالعجيب والموجود بالمنشود. ولعل الدافع الأساسي لزيارة هذا الرجل والحديث معه ارتكز على مرارة يشعر بها القارئ في لسان رجل كاد أن يحكم تونس ولكن المؤامرات حالت بينه وبين هذه السلطة فتحولت حياته إلى جحيم دفع به إلى مغادرة تونس هربا من سجن أو إعدام يترصّده فكانت لعنة ‘بورقيبة’ تحل بعائلته فتنقل أغلب أفرادها من النعيم والحرية إلى جحيم التعذيب والسجن ومصادرة الأملاك. بعد ست عشرة سنة وبعد أن ردّ القضاء التونسي للرجل اعتباره كمواطن كان هذا الكتاب شهادة من صاحبها عن أيام ‘بورقيبة’. لقد كان ‘الطاهر بلخوجة'(2) صوتا من الأصوات التي كشفت للناس صورة من صور الحقيقة غير أنها خالفت في كليتها أقوال ‘مزالي’ فكان على القارئ أن يبحث عن الحقيقة تلك التي قال عنها ‘بول ريكور’ بأنها ‘تأويل يجد جذوره في قدرة هذه الذات على القراءة للنص وإعطائه المعنى’. كان المعنى غايتنا من هذا الحديث ففي مساء شتويّ قصدنا شقّة بحي رياض الأندلس بأريانة شمال العاصمة التونسية وقد كان صديقنا ‘عامر قريعة'(3) رفيقنا في هذه الرحلة التي ما خرجت عن اعترافات جادة تتجاوز صاحبها إلى الآخرين. إنها حكايات تبيّن لنا هذا التداخل بين السياسي والشخصي ذاك الذي استبد بحكامنا العرب فجعل من القضاء أداة لتصفية خصومهم وهو ما يجعلنا نطلق صيحة فزع ونداء لإيقاف مثل هذه الأفعال. إننا مع كتاب دافعه الأساسي كان تبرئة فرد أمام التاريخ ولكنه عند القارئ غير ذلك إذ أنه حامل أسئلة حول واقعنا الديمقراطي ومستقبله وقدرة المواطن العربي على الإصداع بقوله أمام مؤسسات سياسية وثقافية همها الوحيد استبعاد وجوده الحر وتعويضه بمجموعة سياسية تحركها فردية الحاكم. لم أكن أعرف ‘محمّد مزالي’ من قبل ولم أكن من حزبه السياسي ولكن كتابه أتاح لي فرصة المحاور لأفكار بدت لي متناقضة. فكيف يمكن لهذا الرجل الذي يؤكد انتماءه للتفكير الحر والديمقراطي أن يكون جنديا في طابور الرئيس الراحل ‘الحبيب بورقيبة’ ذاك الرجل الذي حكم تونس بحزب واحد؟ وكيف يمكن لـ’محمد مزالي’ أن يظل وفيا لرجل عزم على إعدامه وأذاق عائلته مرارة السجن والتعذيب؟ إن هذا اللقاء قراءة أخرى لكتاب يكشف ضيم رجل يستفهم حاضره وتاريخه ويدعونا جميعا إلى أن نحذر السلطة العربية ونتأهب دائما تجاهها مدافعين عن الذوات والحقيقة. ففي شقة ‘محمد مزالي’ وبحضور الوزير السابق والأديب ‘البشير بن سلامة’ ومحاميه ‘الطاهر بوسمة’ والصديق ‘عامر قريعة’ كانت هذه الشهادة الجديدة إنارة أخرى وعينا نأخذها للقارئ تقريبا للكتاب وللحدث العربي منه. فمن التأويل المضعف تبدأ القراءة وأي لذة أشد من لذة النص طالما أن السلطة السياسية وجع يقلق أصحابها وطريق يؤدي إلى الموت. لعنة المنصب: أو جزاء سنّمار إن القارئ لكتابكم ‘نصيبي من الحقيقة’ يلمس في هذا العمل باب ‘السيرة الذاتية’ ذاك الذي ما خرج يوما عن البعد الذاتي في قراءة الأحداث. فمن تراه كتب هذا العمل: الكاتب والأديب الموغل في عاطفته أم ذاك السياسي المحنك بموضوعات الواقع والتاريخ؟ أم هو ‘المظلوم’ الذي يبحث في ذاكرة القارئ عن إنصاف ‘الآن’؟ هو مواطن آمن بالوطن وآمن بتونس وكان جزاؤه جزاء سنّمار. إنه كل ذاك… مواطن تحمل المسؤولية وساهم في بناء الدولة إلى أن بلغ رئاسة الحكومة ولكنه لم يجد ما كان يصبو إليه فكتب هذا الكتاب ليقرّبه من ذاكرة القارئ. يلاحظ القارئ لكتابكم هذا السعي الواضح لاستبعاد إلقاء اللوم على الرئيس السابق الحبيب بورقيبة وتوجهكم في أغلب الأحيان لتحميلها لغيره وأساسا المقربين منه – سعيدة ساسي – الهادي المبروك – منصور السخيري… ألا ترون في ذلك تبريرا جادّا لسلطة الواحد ذاك الذي كان دائما كاملا في حضارتنا العربية الإسلامية؟ إني آمنت ببورقيبة: وقد كان هذا الرجل إنسانا وأعتقد أنه ممن ثقلت موازينه. وعندما كبر هذا الرجل تمكنت منه بطانة وأثرت عليه وجعلت منه ألعوبة في أياديهم. ولعل خطة الوزير الأول كانت خطة ملعونة لأنها ترتبط بخلافة الرئيس. وقد عانى منها قبلي ‘الباهي الأدغم’ و’الهادي نويرة’ ولكن ما حصل لي كان أعظم إذ أنهم اتجهوا إلى ذاتي وتاريخي وعائلتي وأملاكي قصد الانتقام مني ومن كل من كان حولي. وقد برّأت ‘بورقيبة’ في هذا الكتاب رغم ما أصابني من تشريد وأصاب أبنائي من تعذيب وسجن ذهب إلى حدّ تشويهي واتهامي بالاختلاس والفساد.(4) إن من فعل بي كل هذا ما كان ‘بورقيبة’ بل هو شبح بورقيبة ذلك أني أكن له احتراما عظيما إذ أنه كان بالنسبة إليّ زعيما وأبا. يذهب الوزير السابق الطاهر بلخوجة في كتابه – الحبيب بورقيبة سيرة زعيم – في تأويل فترة – الثمانينات – من القرن الماضي – تأويلا مختلفا عما ذهبتم إليه في كتابكم ‘نصيبي من الحقيقة’ ويحملكم مسؤولية إفشال – ربيع الإعلام – 1982 – وتواطئكم الصامت في تدليس الإدارة لانتخابات تشرين الأول (أكتوبر) 1981 تلك التي لعب وزير الداخلية إدريس قيقة – دورا أساسيا في تغيير نتائجها.(5). فهل خلاف الأجنحة السياسية ذاك الذي أضاع على الشعب التونسي التمتع بإعلام حر وبتعددية سياسية ممكنة؟ أم هي إرادة ‘بورقيبة’ ذاك ‘الدكتاتور’ المستنير؟ أنا لا أعتبر الطاهر بلخوجة نظيرا لي إذ أنه كان من أتباع وسيلة ‘زوجة الرئيس السابق وقد كان ألعوبانا وسيرته السياسية شاهدة عليه فمن السجن إلى الحكم ومن الحكم إلى السجن(6) أما أنا فقد كنت رجلا اشتغل بالسياسة ‘ساذجا’ أي صادقا. إني أول من كتب كتابا في تونس عن ‘الديمقراطية’ سنة 1955. وقد كنت أيضا أربو عن استغلال الآخرين لتمرير أفكار الغير لإرهاب الناس. فعلى إثر أحداث كانون الثاني (يناير) 78 استغل الوزير السابق ‘محمد الصياح’ صمت ‘اتحاد الكتاب التونسيين’ والذي كنت أنا رئيسه وحاول في اجتماع الديوان السياسي إحراجي واتجه للوزير الأول ‘الهادي نويرة’ قائلا: ‘إن اتحاد الكتاب التونسيين’ هو المنظمة الوحيدة في تونس التي لم تندد بالحبيب عاشور وجماعته’. فأجبته قائلا: ‘إني أترأس منظمة يوجد فيها معارضون من أمثال محمد مواعدة ولذلك كان علي احترام استقلالية هذه المنظمة’ هذا الموقف أدى إلى مهاجمتي من قبل جريدة العمل بمقال عنوانه ‘الجلوس على الربوة أسلم’. إني أذكّر ‘الطاهر بلخوجة’ بأني عمدت منذ تسلمي مهام الوزارة الأولى – 1980 – إلى إبعاد الحرس الجامعي الذي سمح وزير الداخلية ‘إدريس قيقة’ بإدخاله إلى الحرم الجامعي. كما أني عملت على تسريح 1200 سجين سياسي، حرر قانون هذا ‘العفو الخاص’ الوزير ‘محمد شاكر’، وقد وافقني الرئيس بورقيبة على ذلك بعد جهد مني لإقناعه بضرورته تطويرا للحياة المدنية والسياسية. لقد آمنت بالديمقراطية ولذلك سعيت إلى تأكيد وجودها في الواقع السياسي فسعيت إلى إعطاء المعارضة حق التواجد في وسائل الإعلام. إن كل ما ادعاه ‘الطاهر بلخوجة’ لا أساس له من الصحة لأنه كان ينفذ اختياراتي لا توجهاته هو لأني كنت صاحب هذا الانفتاح الاعلامي والسياسي معا. وإن ‘إدريس قيقة’ هو الذي زوّر الانتخابات بإذن من بورقيبة وعمل على إجهاض هذه التجربة الديمقراطية. إن الأشرار من بطانة سياسية سيئة المقاصد خلقت هذه الدعاية المسيئة لذاتي ولأفكاري لتشوّه صورتي أمام التاريخ والمثقفين. إن المتأمل في هذا الكتاب يتبين له أن لمحمد مزالي الوزير الأول حاشية ‘داخل السلطة السياسية’.(7) وقد استطاعت هذه الحاشية أن تشكل ثقلا فعليا داخل نظام ‘بورقيبة’ مثل ‘المازري شقير والبشير بن سلامة وفرج الشاذلي وأحمد القديدي’… فهل من تعليق ييسّر على القارئ التعرف على أبعاد هذا التواجد؟ إن الذي جمعني ببعض الوزراء داخل الحكومة كان الإيمان بنفس الأفكار فقد كان أغلبهم يؤمنون مثلي بالتعريب والانتماء للأصالة في انفتاحها على الغرب. إن ما كان يجمعني ببعض الأسماء مثل ‘البشير بن سلامة وفرج الشاذلي والمازري شقير… لم يكن ولاء ‘للذات’ بقدر ما هو عصبة فكريّة. إن ‘بورقيبة’ كان يسمح بهذا الهامش الاختلافيّ بين الوزراء في حكومة واحدة. وقد بينت في كتابي ‘نصيبي من الحقيقة’ هذا الأمر وأكدت على أهمية الولاء لتونس جامعا لكل رجالات بورقيبة أو هكذا كان يريد بورقيبة. 3 – النهايات المحتومة أو خلاف الكبار: ألا ترون معي أن ‘بورقيبة’ عندما أقالكم في تموز (يوليو) 1986 أقال فيكم خلفيتكم – العربية الاسلامية – تلك التي مثلت لديه هاجس رفض وحساسية ولعنة وجبت مقاومتها لدى كل المقربين منه – بدءا بعبد العزيز الثعالبي ومرورا بصالح بن يوسف ووصولا إليكم؟ لقد ذكرت بولاء الجميع لتونس… وأؤكد أن بطانة بورقيبة شوهت نواياي فجعلت مني مشروع قضاء على الفرنسية وما تخفيه لدى الرئيس من تقدم وحضارة. لقد سعوا إلى تشويه كل أفكاري وجميع أفعالي مستغلين معرفتهم الجيدة بأفكار ‘بورقيبة’ وخلفياتها المؤمنة بإيجابيات حضارة الغرب ومعقوليته. إنها حاشية فاسدة حركتها أطماع خلافة ‘بورقيبة’ فسعت للقضاء على وجودي السياسي واستغلت كل الوسائل. من من هذه الاسماء تذكر تحديدا؟ لقد بينت في كتابي ‘نصيبي من الحقيقة’ أن هؤلاء جماعة ضالة استغلت شيخوخة ‘بورقيبة’ لتمرر مشاريعها النفعية وتحديدا ‘سعيدة ساسي’ و’منصور السخيري’ و’الهادي المبروك’. أنا أعتبر الحكم وسيلة لخدمة البلاد والعباد ولكن هذه الجماعة تعتبر الحكم سلطة ولذة ولذلك سعت لاستبعادي من طريقها لتنفرد ببورقيبة. لقد اعتبرتني هذه الجماعة – ساذجا – لأني نظيف السيرة واليدين. إننا نختلف في المنطلقات وفي التوجهات وفي الغايات. لقد جاءت مداخل فصول كتابكم وأبوابه مؤسسة على جملة من الحكم والمواعظ والأحاديث لمشاهير وعظماء في التاريخ العربي والإنساني: فمن تراه الأقرب إلى نفسك منهم؟ وأي تصدير تختاره منها ليكون الأشدّ وقعا عليكم وعلى القارئ؟ إني أتألم كثيرا لما قاسته أفراد أسرتي إذ أنهم تعرضوا إلى التعذيب والسجن من قبل حاشية ‘بورقيبة’ فابنتي وضعت في سجن مع ‘العاهرات’ وابني مع المجرمين. وإن كنت أنا دخلت السياسة وكان جزائي الفرار من بلدي – 1986 – والبقاء ستة عشر عاما في الخارج فذاك الأمر تفهم أبعاده ولكن الغريب أن الذنب يقع على الأبناء لا لذنب جنوه غير أنهم خلفي. إني لا أجد نفسا أقرب من ‘الشابي’ شاعر تونس. ‘أنا يا تونس الجميلة في لجج الهوى قد سبحت أي سباحة’ إنه ابتلاء من الله فلا زلنا أحياء رغم ما قاسيت من بعد وتشريد وتشويه. إني أول وزير أول تونسي يعتدى على عائلته بغير ذنب أنا أتحمل ما وقع عليّ ولكن أكرر ما ذنب عائلتي؟ عود على بدء أو في استراحة المحارب سيدي الوزير الأول: اشتغلتم بالسياسية عقودا ثلاثة: فهل ندمتم على ذلك؟ إني ندمت على اشتغالي بالسياسة ذلك أني كنت أستاذا في أول الخمسينات أحب مهنتي وأتطلع إلى رهاناتها الإنسانية غير أن الوزير – الأمين الشابي – أول وزير تونسي للتعليم ألحّ عليّ للالتحاق بديوانه. ومن يومها وأنا أنتقل من مسؤولية إلى أخرى مضيفا ومساهما في تطوير الدولة التونسية وأجيالها. لقد كنت ولا زلت مؤمنا بقيمة التعليم والثقافة ولذلك تراني اليوم أتحسر على عدم تركيزي على مجلة ‘الفكر’ وعدم الانكباب على التدريس والدرس لأصل إلى نيل ‘الدكتوراه’ والانخراط في السلك الجامعي. إني أحب التدريس وطلب العلم ونشر الثقافة ولكن السياسة أضاعت عليّ لذة كبتها زمن احترافها. إني أعتبر نفسي ‘درويشا’ لأني أؤمن بالقيم وأدافع عنها. لقد ذكرتم ‘مجلة الفكر’ 1955 – 1986 وهي مجلة أنتم رئيسها ومؤسسوها ولقد كانت هذه المجلة الثقافية الشهرية علامة من علامات الثقافة التونسية فلماذا لم يسع صاحبها لإعادة إصدارها؟ بألم أقول لقد مات في نفسي كل شيء جميل ولقد قتلوا فيّ كل ذوق فلم أعد أرى لذلك موجبا. بعد ست عشرة سنة قضيتموها خارج تونس (1986 – 2002) كيف تمت تسوية وضعيتكم القضائية ذلك أنكم حوكمتم في قضايا جنائية ذات أبعاد ماليّة بالأساس تخفي حسب مدعيها التلاعب بالمال العام وهو ما أدى لاحقا سنة 1992 إلى مصادرة منزلكم بسكرة لاستخلاص الأموال العمومية المهدورة من قبلكم؟ لقد وقعت محاكمتي غيابيّا في نيسان (أبريل) 86 من قبل محكمة الجنايات والحال أن القانون التونسي يؤكد على إحالة أعضاء الحكومة على المحكمة العليا وهو ما تم بالنسبة لأحمد بن صالح في السبعينات من القرن الماضي ولإدريس قيقـة في منتصـف الثمــانينات 1984. ولقد سعى القضاء التونسي إلى إصلاح هذا الخطأ بعد ست عشرة سنة إذ وقع الحكم ببُطلان إجراءات الإحالة مما ينفي وجود الحكم أصلا. لقد سبق أن رفضت العفو الرئاسي لأني كنت أعتقد أني بريء وهو ما أعلنت عنه لكل من قابلني من رجال السلطة والإعلام خارج البلاد. ولقد استدعى ديوان رئيس الجمهورية التونسية في حزيران (يونيو) 2002 محامي ‘السيد الطاهر بوسمة’ وأبلغه بالتوجه نحو إصلاح هذا الخطأ القضائي وذاك ما تم يوم 5 آب (أغسطس) 2002. إذ أن المدعي العام لدى محكمة التعقيب بتونس طلب من العدالة أن تنقض ما بتت فيه منذ ست عشرة سنة.(8) لقد سوّي الأمر بما كنت أتمناه برد الاعتبار إليّ قضائيا في 5 آب (أغسطس) 2002 بدون إحالة علما بأني أول تونسي يتمتع بـهذا الإجراء. وبالنسبة لمسكني ‘بسكرة’ فإنه سوّي أيضا ماليا بالاتفاق والتراضي إذ عوّضت لي الدولة التونسية مقداره والتزمت مقابل ذلك بعدم مقاضاتها. وإني أرجع الفضل في ذلك كله للرئيس ‘بن علي’ الذي حرص على طيّ صفحة الماضي وقد أمر سيادته بتمتيعي بجواز سفر دبلوماسي منذ شباط (فبراير) 2006. لقد كنتم من مؤسسي اتحاد الكتاب التونسيين في أول السبعينات (1971) وكنتم أول رئيس لهذا الهيكل. فكيف تقيمون واقع هذا الموجود الثقافي الذي سينعقد مؤتمره السابع عشر بعد يومين – 27 و 28 كانون الأول (ديسمبر) 2008؟ إني من مؤسسي اتحاد الكتاب وإني أستاء من عدم تواصل الحلقات بين الأجيال. فهل يعقل أن يقع المؤتمر من غير أن تفكر ‘الهيئة’ في استدعاء المؤسسين؟ إني كنت رئيسا مفتوحا على كل الألوان السياسية حيث كان ‘اتحاد الكتاب التونسيين’ يحوي في صلبه العديد من المعارضين مثل محمد مواعدة والميداني بن صالح وغيرهما ولكني لم أقص أحدا. إني اليوم أرى أن هذا ‘الهيكل’ لا يحوي داخله أسماء لها وجود متميز في الساحة العربية. إني تلقيت العديد من الدعوات الخارجية الفكرية والرياضية والثقافية غير أني لا أعرف لماذا يستبعدني البعض من كل حضور ثقافي وفكري وقد خدمت هذا الوطن كثيرا؟ الأستاذ ‘محمد مزالي’ السياسي والمثقف ورجل الفكر كيف تفهمون تنامي ظاهرة الأصولية في العالم العربي وغزوها للعالم الغربيّ وتداعياتها على الوجود الإنساني بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001؟ إن الأصولية نزعة شباب عربيّ يئس من الماركسية ومن القومية العربية. إن الرجوع للدين لديهم هو الحل إني أعترف بحق كل شخص في اعتناق ما يراه صالحا بالنسبة إليه ولكني ضد كل استغلال عنيف للدين. إنها أزمة تكشف عمق حيرة الشباب العربي من المحيط إلى الخليج في حضور قوى اقتصادية غربية عظمى ومهيمنة على الاقتصاد والثقافة. وإن الديمقراطية تظل هي الحل والفكرة لا تقاوم بالعنف بل تقاوم بالحوار وبالرأي البديل. واقع الأمة: أو عين النّقد هل ترون للأمة العربية اليوم من موقف ثقافي وسياسي واقتصادي في عصر انتفت فيه الهوية والخصوصية والتاريخ لتترك حضورها لمقولات جديدة محاورها العولمة والمركز والكونية؟ إن العولمة مقولة زائفة ولا بد لها أن تزول فالمستقبل للهويّة وللخصوصية. إننا أمام تيار واقعي لكنه ليس حقيقيا يؤثر في العالم ولكن إلى حين. كيف تؤوّلون حادثة قذف الرئيس ‘بوش’ بالحذاء في بغداد؟ إنها عملية ‘كويسة’ جيدة جدا إنها ردّة فعل عن مكبوت وتنفيس عن ذات عانت من الاستبداد والظلم الأمريكي. كمثقف عربي وكسياسي: هل يستحق ‘صدام حسين’ نهايته المأساوية؟ قطعا لا ولكني ألومه على غزو الكويت وعلى خوض حرب طويلة أنهكته وهي حرب إيران. إنه وضع نفسه في مأزق لما رفض الانسحاب من الكويت إذ أعطى ذريعة لمهاجمة الأمريكان له. وقد قال لي المرحوم ‘ياسر عرفات’ لقد ظننت أن لصدام ‘قنبلة ذرية’ إنه كان مصرا على التحدّي والمضي إلى الأمام. نترك لكم كلمة الختم؟ أشكركم على هذا اللقاء ومحاولة متابعة ‘الحقيقة’ تلك التي أضحت في هذا الزمن أصعب منال. الهوامــش: (1) محمد مزالي: نصيبي من الحقيقية. دار الشروق – الطبعة الأولى القاهرة مصر 2007. (2) الطاهر بلخوجة: الحبيب بورقيبة – سيرة زعيم – شهادة على عصر – علامات للطباعة والنشر – تونس 1997. (3) عامر قريعة: سنوات العمر – مذكرات وال – دار تونس للنشر – 2007. (4) محمد مزالي: نصيبي من الحقيقة: مراجعة الفصل الأول صخرة الهلاك – من صفحة 21 إلى صفحة 51. (5) الطاهر بلخوجة: الحبيب بورقيبة راجع الإنهيار السياسي ص306 وراجع – ربيع الإعلام ص312، راجع – أيضا الانهيار السياسي ص316. (6) محمد مزالي: نصيبي من الحقيقية من ص447 إلى صفحة 451 راجع تعيين مفاجئ ص391 – ص392 – ص393 – ص 394… (7) نفس المرجع – صخرة الهلاك – ص24 (8) نفس المرجع: ص113 – ص114 – ص115 (المصدر: جريدة القدس العربي (يومية – بريطانيا) بتاريخ 12 فيفري 2009)
تفاؤل التونسيين بشأن عقوبات الاتحاد الإفريقي على موريتانيا
2009-02-11
قرار الاتحاد الإفريقي بفرض عقوبات على موريتانيا ردا على انقلاب غشت 2008، لقي دعما من بعض المسؤولين والصحفيين التونسيين. جمال العرفاوي من تونس العاصمة لمغاربية تبدو ردود الفعل في تونس هذا الأسبوع مؤيدة لقرار الاتحاد الإفريقي بفرض عقوبات على المجلس العسكري الحاكم في موريتانيا. حيث رحب سياسيون ومحللون بالقرار الذي اعتمده مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي الجمعة الماضية 6 فبراير. وقال أحد أعضاء البرلمان التونسي إن القرار مدروس جيدا وسيكون له الأثر المرجو على الحكومة المؤقتة. البرلماني عادل الشاوش أشاد بالاتحاد الإفريقي لاستهدافه المسؤولين بعينهم وعدم وقف المساعدات الإنسانية للسكان. وقال « هذه فرصة للمجتمع الدولي لإعادة النظر في مقاربتهم للأنظمة الثورية، خاصة وأننا نشاهد في الكثير من الحالات أن الشعوب تدفع ثمن أخطاء حكامها ». وفي عددها الصادر يوم 8 فبراير، نقلت يومية الشرق الأوسط المتمركزة في لندن أن العقوبات فرضت مباشرة على 60 شخص منهم 5 أعضاء في المجلس الأعلى للدولة و 7 وزراء و 13 رجل أعمال و 10 برلمانيين و5 قادة لأحزاب سياسية وعدد من النشطين الذين يؤيدون الانقلاب. وقال رئيس مجلس السلم والأمن مانويل دومينغو أغوستو من أنغولا الجمعة في أديس أبابا إن القرار يتضمن أيضا تطبيق حظر على سفر الأعضاء المدنيين والعسكريين في المجلس الحاكم وتجميد أموالهم أيضا. وفي بيانه الرسمي، حث مجلس السلم والأمن الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي على تطبيق القرار، وطلب منهم المساهمة في جهود استعادة النظام السياسي في موريتانيا. البيان حث أيضا الإدارة العسكرية على « التعاون التام مع الاتحاد الإفريقي…للعودة للنظام الدستوري والحل السريع للأزمة السياسية في البلاد ». أحمد بمبا ولد بايا رئيس مجلس الدولة الأعلى الحاكم في موريتانيا اتهم الاتحاد الإفريقي برفض الاعتراف بإنجازات الإدارة العسكرية. وأشار إلى أن هذه الإنجازات تشمل « تنظيم منتديات عامة للديمقراطية وترتيب انتخابات في غضون …ستة أشهر بالإضافة إلى تخفيض الأسعار عموما ». واختتم ولد بايا قائلا « نحن نحث بالتالي الاتحاد الإفريقي على التزام الحياد واللجوء إلى المفاوضات عوض العقوبات كوسيلة لحل كافة القضايا منها العودة للمسار الديمقراطي ». (المصدر: موقع مغاربية بتاريخ 11 فيفري 2009)
الزيتونة » القرآنية.. الأكثر استماعا في تونس
محمد أحمد تونس – أظهر استطلاع أجراه مركز تونسي مستقل لقياس الرأي العام ارتفاعا في نسبة مستمعي إذاعة « الزيتونة » للقرآن الكريم الخاصة مقارنة بسائر الإذاعات التونسية الأخرى، في حين جاءت الإذاعة الرسمية في آخر الترتيب. وتقدمت « الزيتونة » على خمس إذاعات أخرى تبث في تونس، وحظيت بنسبة مشاهدة بلغت 12.1% من المستمعين، تليها إذاعة « موزاييك » الخاصّة بـ11.3%، ثم إذاعة الشباب الرسمية، فإذاعة تونس الدولية الفرانكفونية، ثم الإذاعة الوطنية الرسمية بنسبة 3.8%، بحسب العيّنة التي شملها الاستطلاع الذي أجراه مركز « سيجما للاستشارات »، وهو من أشهر مراكز قياس الرأي العام. وبهذه النتيجة تحافظ إذاعة « الزيتونة » للقرآن الكريم على تقدّمها، الذي أظهرته عدة استبيانات سابقة، مقابل تراجع مستمعي الإذاعات الأخرى، بما فيها الرسمية. وأُطلقت إذاعة « الزيتونة » في 13-9-2007 على يد رجل الأعمال الشاب، صخر الماطري، صهر الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. ويشرف على إدارتها الدكتور كمال عمران، أستاذ الحضارة العربية الإسلامية، والإمام الخطيب الشيخ محمد مشفر، والدكتور عبد الرحمن الحفيان، المتخصص في القرآن وعلومه، الأستاذ بالمعهد الأعلى للشريعة. تحفظ العلمانيين وأثارت « الزيتونة » عند انطلاقتها حفيظة الأوساط العلمانية التونسية، التي اتهمت السلطات بحملة لأسلمة المجتمع التونسي لا تخدم سوى مصلحة التيار الديني، حسب تقديرهم، باعتبارها « نوعا من الردّة على قيم الحداثة التي تعيشها البلاد منذ ما يزيد على نصف قرن ». وحاولت تلك الأوساط الربط بين الاسم الذي أطلق على المحطة الجديدة وقناة الزيتونة الفضائية التي أطلقتها حركة النهضة الإسلامية المعارضة نهاية التسعينيات من القرن الماضي. وبحسب استبيانات وتقارير صحفية سابقة فإنّ « الزيتونة » خففت من الانتشار الواسع الذي حققته إذاعة « موزاييك »، التي انطلقت منذ سنوات بمضامين مختلفة تكاد تكون مناقضة لما تقدمه « الزيتونة ». وأحجمت الصحف ووسائل الإعلام التونسية والمحطات الإذاعية المدعومة حكوميا عن نقل نتائج الاستبيان؛ خشية افتضاح تراجعها، بحسب مراقبين. حاجة للتطوير وبرغم احتلالها المركز الأول بين الإذاعات التونسية، فإن مراقبين وجهوا انتقادات لإذاعة « الزيتونة »، معتبرين أنها ما تزال في حاجة ملحة لتطوير برامجها معرفيا وفنيا والانفتاح على جمهورها والتفاعل معه. وفي دراسة نشرها عن الإذاعة، اعتبر الباحث الاجتماعي، الدكتور سالم لبيض، أن « الزيتونة بقيت حبيسة الماضي في جزء كبير من برامجها ». ورأى لبيض أنه « إذا بقيت الإذاعة تشتغل بشكل تقليدي دون تناول قضايا المجتمع كما يعيشها اليوم والاكتفاء بالحياة في القرن الأول للهجرة أو بعدها بقليل سينتهي بها الأمر إلى ملل الجمهور من ذلك الخطاب وستتحول إلى مجرد إذاعة قرآنية كمثيلاتها، ولن تحقق رسالتها في نشر التسامح ». لكن مع ذلك يعتبر لبيض أنّ « الزيتونة ملأت فراغا طال أمده.. ووجدت نفسها ودون سابق وعي أو تخطيط من القائمين عليها تتعقّب الإرث الذي بدأ يتراكم بفعل تأثير موزاييك (إذاعة خاصة) وربيباتها من إفساد للغة والذوق وتحنيط للعقل ». ويحمل الإقبال على « الزيتونة » والفضائيات الإسلامية، بحسب مراقبين، مؤشرات عديدة تظهر توجه الكثير من الفئات التونسية إلى التدين. ويتهم عدد من المنظمات الحقوقية السلطات التونسية بشن حرب شاملة على كل مظاهر التدين في البلاد، بدءا من الحجاب والمساجد إلى تغيير المناهج الدراسية. وتتهم تلك المنظمات السلطة باستغلال حرب الولايات المتحدة على ما تسميه « الإرهاب » في شن حملة على الشباب المتدين في تونس، ومنع أي نشاط سلمي للحركات ذات الميول الإسلامية. (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 11 فيفري 2009)
حول ارتقاء تونس الى مرتبة الشريك المتقدم للاتحاد الأوروبي اتصلنا من دائرة الاعلام بوزارة الشؤون الخارجية بما يلي:
«تبعا لما ورد بصحيفة «الصباح» في عددها بتاريخ 7 فيفري الجاري (ص2) بشأن ارتقاء تونس الى مرتبة الشريك المتقدم مع الاتحاد الأوروبي، وبهدف إنارة الرأي العام وقراء هذه الجريدة بالخصوص حول هذا الموضوع، ترى دائرة الاعلام بوزارة الشؤون الخارجية أنه من الضروري نشر التوضحيات التالية: بمناسبة انعقاد الدورة السابعة لمجلس الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي ببروكسيل يوم 11 نوفمبر 2008، أكدت تونس أنه يحق لها الارتقاء بعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبي الى مرتبة «الشريك المتقدم» وذلك بفضل انجازاتها التي شملت مختلف المجالات في اطار تمش اصلاحي شامل بالاضافة الى الاشواط المتقدمة التي قطعتها على درب الاندماج والتقارب مع الاتحاد الأوروبي. وقد حظي هذا المقترح بترحاب وتجاوب الجانب الأوروبي الذي ثمّن الانجازات التي حققتها بلادنا في مختلف الميادين، مشيدا في السياق ذاته بالحوار السياسي البناء والمتواصل القائم بين الجانبين وبالدور المحوري الذي تضطلع به تونس كشريك أساسي للاتحاد الأوروبي في محيطها المغاربي والافريقي والمتوسطي. كما عبر الجانب الأوروبي عن ارتياحه وتقديره لما شهدته العلاقات الثنائية من تطور مطرد في نطاق تنفيذ مقتضيات اتفاقية الشراكة ومخطط العمل للجوار من خلال النسق الحثيث المسجل على مستوى انعقاد اللجان وفرق العمل التونسية الاوروبية ودخول تونس رسميا في جانفي 2008 في منطقة التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي لتكون بذلك أول شريك يحقق مثل هذا الانجاز في جنوب المتوسط. وعلى هذا الأساس، اقترح الجانب الأوروبي تقديم ورقة عمل تتضمن تصورات بلادنا حول مرتبة «الشريك المتقدم» لاسيما من خلال ارساء آليات وبرامج تعاون جديدة. وتقرر أن تتكون لجنة عمل خاصة بين الطرفين للنظر في هذا التصور وفي مضمون «الشراكة المتقدمة». ومن هذا المنطلق، فإن الحصول على مرتبة «الشريك المتقدم» لا يخضع لأحكام أو شروط مسبقة. وفي هذا الاطار، يتم حاليا على مستوى وزارة الشؤون الخارجية تكثيف التنسيق والتشاور مع مختلف الاطراف التونسية المعنية بتطوير العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، قصد صياغة ورقة عمل تؤسس لمرحلة جديدة في هذه العلاقات المتميزة، في اطار الاحترام المتبادل، وبما يكفل لبلادنا الحفاظ على مصالحها العليا ويضمن لها مزيد الاندماج في محيطها الاقليمي والدولي». (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 فيفري 2009)
المترشحون لباكالوريا 2009
يبلغ عدد المترشحين لباكالوريا 2009: 138.583 مترشحا بنقص يناهز 17100 مترشح مقارنة بالسنة الماضية التي سجلت ترشح 155.684 تلميذا، ولئن لا تخفى تأثيرات سياسة التنظيم العائلي على عدد المتمدرسين وبالتالي الممتحنين فإنه لا يخفى كذلك وقع نظام الباكالوريا برأسين الذي تم انتهاجه العام الماضي بصفة استثنائية وأفرز ذلك الكم من المترشحين.
الباكالوريا المهنية
تنصب اهتمامات وزارة التربية والتكوين منذ الان على الاعداد الجيد للباكالوريا المهنية التي تنطلق في سنة 2010 من حيث بلورة برامجها وارساء المناخ المناسب لانجاح هذه التجربة وتأمين افضل الظروف لاجتيازها. الأولوية للمدارس الابتدائية تحظى المدارس الابتدائية بالأولوية في مستوى تدخلات وزارة الاشراف للقيام بأشغال الصيانة وتجديد تجهيزاتها وقد تقرر في هذا السياق رصد 10 ملايين دينار مقابل 7 ملايين دينار سنة 2008 لتكثيف التدخلات وتعهد أكبر عدد منها. المبيتات المدرسية للحد من النقائص المسجلة في العديد من المبيتات المدرسية في مستوى البنية الأساسية ضاعفت وزارة التربية الاعتمادات المخصصة للصيانة في هذا الباب ثلاث مرات هذه السنة برصد 6 ملايين دينار على أمل أن تساهم أشغال التعهد والتوسع في تقليص ظاهرة الاكتظاظ بها. في المفاوضات الاجتماعية في إطار الجولة السابعة من المفاوضات الاجتماعية تم التوقيع على اتفاق يخص الزيادة في أجور العاملين في قطاع مستخدمي الصيدليات الذي يشغل حوالي تسعة آلاف عامل. ويعد هذا الاتفاق رقم أربعين. دورة دراسية ينظم المعهد الأعلى للقضاء بوزارة العدل وحقوق الانسان بالتعاون مع المحكمة العقارية دورة دراسية حول «البحث الاستحقاقي في مادة التسجيل العقاري» وذلك يوم السبت القادم بداية من الساعة التاسعة صباحا بنزل الواحة بقابس. عيد الحب استغلت عديد الفنادق ووكالات الاسفار حلول «عيد الحب» في عطلة نهاية الاسبوع لتعلن عن تخفيضات هامة في الاقامات وفي تذاكر السفر خاصة أن هذه الفترة تعتبر فترة ركود في السياحة. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 فيفري 2009)
على غرار الهيئة المصرية للكتاب
بقلم: آمال موسى صحيح أن مستقبل الكتاب في بلادنا، مرتبط بتطوير آفاق القطاع الخاص وتشجيع المستثمرين للارتقاء بالكتاب إنتاجا ونشرا وتوزيعا ولكن في نفس الوقت، من المهم الإيمان بأن للدولة أيضا الدور الأساسي في رعاية الثقافة الوطنية ،التي يشكل الكتاب إحدى أهم علاماتها ومظاهرها. لذلك فإن النهوض بوضعية الكتاب التونسي وجعله يتخطى العراقيل التي تحد من انتشاره وغزارة إنتاجه، يتحققان بتوخي خطة تطويرية تجمع بين أدوار القطاع العام والخاص معا. وإذا كان القطاع الخاص بحاجة إلى استقطاب مستثمرين شبان( شباب من حيث الفئة العمرية والإرادة والطموح) وتشجيعهم بمجموعة من الإجراءات التسهيلية والمغرية، فإنه على مستوى دور الدولة نحتاج إلى جهد ترشيدي ،يتبلور من خلال تأسيس هيكل وطني خاص بالكتاب دون سواه.ذلك أنه رغم الجهود المبذولة من طرف وزارة الثقافة والمحافظة على التراث، فإن تراكم الشواغل الثقافية وكثافة الأنشطة والتظاهرات يجعلان من الكتاب مهمة من مهامها الشيء الذي يؤكد الحاجة إلى تكوين هيكل مستقل يكون تحت إشراف الجهاز الثقافي الرسمي وتديره مجموعة من الكفاءات ذات الصلة بالكتاب إبداعا وإنتاجا ومعرفة. فالهيكل الخاص بالكتاب هو الذي سيمكننا من التركيز على مسألة الكتاب ومراجعة الإستراتيجية الموضوعة على ذمة النهوض بوضعيته في زمن التفرد فيه يكون بالمعرفة والثقافة رغم كل الخطابات الرنانة حول قوة القوة وقوة المال. طبعا لا شك في أن إدارة الآداب تقوم بدور فعال وأساسي وتسعى إلى الاهتمام بالمؤلفين الجادين كما الناشرين وتحرص على حضور المشاركة التونسية في أقصى ما يمكن من التظاهرات ذات الصلة بالكتاب ولكن نعتقد أن مزيد دعم هذه الإدارة وتوسيع صلاحياتها بما يؤهلها لتعميق الاهتمام بالكتاب التونسي والتركيز على معالجة مشاكله وفتح الآفاق اللازمة له، قد أصبح حاجة ملحة.بل أن هذه الإدارة يمكن أن تكون النواة لتشكيل مؤسسة رسمية ومستقلة خاصة بالكتاب. وفي هذا السياق وكي يُفهم القصد نلوح إلى أهمية الاستفادة من التجربة المصرية وتحديدا مؤسسة الهيئة المصرية للكتاب التي يمكن أن أن ينسج على منوالها الهيكل الذي نتحدث عنه. فهذه الهيئة أسهمت في تطوير الكتاب المصري والعربي وطبقت مجموعة من الأفكار الناجحة على غرار الطبعة الشعبية وأثرت مكتبة الأسرة وتصدت من خلال لجان قراءة من ذوي المعرفة والثقافة لأسباب تراجع المضامين وتفشي الرداءة. وعندما نتأمل عمق الإدارة الرسمية في خصوص تطوير الكتاب التونسي إضافة إلى وجود نخبة هامة من المبدعين والمفكرين التونسيين الذين أظهروا موهبة وكفاءة وقيمة إبداعية عالية، دون أن ننسى دعم وزارة الثقافة من خلال الشراءات ودعم الورق، فإن القناعة تتغلغل أكثر في عزم كافة الأطراف على سلك كل الطرق المؤدية إلى تألق الكتاب التونسي وتجنيحه. ولعل هذه السنة التي ستعقد فيها استشارة وطنية حول الكتاب تمثل مناسبة مواتية للدعوة إلى تأسيس هيئة وطنية تونسية للكتاب، على غرار الهيئة المصرية وأيضا السورية وغيرهما خصوصا أن بعث مثل هذا الهيكل سيركز المجهودات المبذولة في إطار تطوير الكتاب التونسي وسيحدد الطرف المسؤول عن وضعيته وهي خطوة نظنها منهجية وهامة وقد تكون أكثر وضوحا وإستراتيجية من وضع مقترحات كثيرة وعامة تتقاسمها أطراف عديدة، مما يشتت المسؤوليات وبالتالي نبقى ندور في نفس الحلقة… (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 فيفري 2009)
وداعا فوزي بالكاهية… رمز الكفاءة… بعد النظر… والاستقامة
فقدت تونس بداية الأسبوع الجاري أحد أبرز رجالاتها الذين طبعوا مسيرة الاقتصاد الوطني خلال فترة لا تقل عن أربع عشريات وهو المرحوم والمغفور له بإذن اللّه تعالى فوزي بالكاهية الذي اختطفته المنية بعد مرض عضال عن سن لا تتجاوز 61 سنة وتلك هي مشيئة المولى. وان الكتابة والتعرض للمرحوم في هذه المناسبة الأليمة تعتبر في حد ذاتها اعترافا بالجميل لما قدمه المرحوم لهذا الوطن العزيز في العديد من القطاعات الاقتصادية… ولعدد كبير من المستثمرين، رجال الأعمال وباعثي المشاريع الذين وجدوا لسنوات طويلة في فوزي بالكاهية الناصح والمؤطر، ذلك الذي يعشق وطنه بطريقته الخاصة، مسكون بهواجس التنمية، المؤطر لباعثي المشاريع ولكنه لا يتردد لحظة وبكل سهولة في رفض طلب أقرب أصدقائه إذا كانت تشوبه شائبه، قوته في ذلك بعد النظر، الاستقامة وذكاؤه الوقاد والنادر وهي خصال لا تتوفر إلا لدى شخص له الكفاءة والاستقامة والحزم والنزاهة. وهو ما جعله يفتخر – عن جدارة – بدراسة علمية وتقنية قدمها في بداية الثمانينات بوصفه مسؤولا ببنك التنمية « BDET »… رفض فيها إقامة مصنع ثان لتركيب السيارات بمنطقة ماطر، إلا أن القرار السياسي آنذاك تجاهل الدراسة وأقام مشروع ماطر وكانت النتيجة الافلاس وبالتالي إثبات صحة موقف المرحوم الذي كاد أن يكلفه ذلك تبعات لا تحمد عقباها!! لقد تقلد المرحوم عديد المسؤوليات الكبري لعل أبرزها ر.م.ع «الخطوط التونسية» في فترة من أصعب وأدق فترات مسيرة هذه المؤسسة الوطنية الرائدة وطبعها الى يوم الناس هذا بمواقف استراتيجية ظلت بصماتها قائمة الى اليوم… وكذلك لاشأن بالنسبة للفترة التي قضاها وزيرا للنقل… ثم مسيرا للبنك التونسي الذي شهد قفزة نوعية تاريخية. ولعل السبب الرئيسي في هذه النجاحات الثابتة في قطاعات مختلفة أن المرحوم فوزي بالكاهية كان يحب كل مهمة يضطلع بها… ولا يهمه إلا النجاح ولا شيء سوى النجاح… وكان رفع التحديات والاصرار على كسبها خبزه اليومي. وتعود بي الذاكرة إلى العديد من المواقف الهامة والوقائع التاريخية التي كنت شاهدا عليها وسأحاول اختزالها بشدة في النقاط التالية: * كنت أتردد على المرحوم في مكتبه القديم في شارع الحرية وهو رئيس مدير عام «للخطوط التونسية»، لم يتجاوز عمره 40 سنة وكنت في كل مرة أجده محاطا بالعديد من المراجع والكتب والوثائق المتصلة بقطاع النقل الجوي، وكم كان سعيدا رحمه اللّه عندما أصبح بعد فترة يعرف هذا المجال الجديد بالنسبة اليه وملما بمختلف جزئياته بما في ذلك الجوانب التقنية إلى أن تحول إلى خبير في مجال النقل الجوي. فالرجل لم يتخذ قرارات هامة تخص «الخطوط التونسية» إلا بعد أن تمكن من عالم النقل الجوي وعرف خفاياه وخصائصه وجزئياته. ** في جوان 1990 كنت أمثل جريدة «الصّباح» في جولة تضم عددا من الصحافيين بدعوة من شركة «بوينغ» الأمريكية وقادتنا هذه الجولة الى العديد من المناطق الأمريكية… وكم كان اعتزازي كبيرا لا يوصف عندما تعرض المسؤول الأول لمؤسسة «بوينغ» الامريكية خلال لقاء صحفي دام 15 عشرة دقيقة في ختام الزيارة في مدينة «سياتل» « SEATLE » إلى شفافية ومثالية عقد اقتناء الخطوط التونسية لطائرات من نوع «بوينغ». وبعد فترة علمت أن الأمر يتعلق برفض «هدية» تقليدية عادة ما تقدمها بوينغ Boeing عند ابرام عقود اقتناء الطائرات. *** أما الحداثة الثالثة التي أود التعرض لها عند الحديث عن خصال المرحوم العزيز فتتعلق بقدرة الفقيد على المزج الذكي بين الصرامة… و«التنازل خلال لقاء تفاوضي نقابي جمعه مع النقابي الأصيل و«دينامو» المنظمة الشغيلة آنذاك المناضل المرحوم حسين بن قدور الذي لا يعرف للمجاملة منفذا عند التفاوض بحكم نزاهته ونظافته المعروفة، ومع ذلك فقد اقتنع المرحوم بموقف فوزي بالكاهية ودافع عنه بكل قوة… بل تحول الى مدافع عن موقف الادارة العامة للخطوط التونسية. واعتقادي أن اقناع المرحوم حسين بن قدور في تلك الفترة النقابية بالذات لم يكن بالأمر السهل بالمرة وربما يعتقد الذين لا يعرفون المرحوم بوزي بالكاهية عن قرب أنه كان جديا أكثر من اللازم… برغماتيا أكثر من اللازم… مستقيما أكثر من اللازم… ولكنه كان وطنيا وصاحب نكتة ونوادره تنم عن خفة روح. رحم اللّه فوزي بالكاهية… الذي كان استثنائيا… وشاء القدر أن يلم به مرض هو بدوره استثنائيا. مصطفى المشاط (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 فيفري 2009)
كلمة الجمهور بمناسبة انتصار غزة (2) الجمهور مهموم بما بعد حرب غزة؟
كيف تطور القرد إلى إنسان؟
هل العثمانيون على الأبواب.. أم هي عبقرية المكان؟
احميدة النيفر لم يتحفظ الزميل الجامعي العائد لتوه من تركيا في إظهار انبهاره بما شاهد من تقدم ونظام وحرية إلى حدّ جعله يقول «لقد أحسست وكأني في أوروبا». كان مديحه لما عاينه في تركيا غريباً لما أعلمه من شدة ازدرائه لأوضاع العالمين العربي والإسلامي، أما عن الدافع لقيامه بهذه الرحلة فقد كان إلحاح وَلدَيْه اللذين أصرّا على السفر لافتتانهما بالمسلسلات التركية المدبلجة التي اندلقت من شاشات عربية لا تدري كيف تملأ فراغها الترفيهي. هذا نموذج من نماذج الإعجاب المتزايد بتركيا، عبّر عنه جيلان متباينان من بلد لا يزال بعض كبار السن فيه يستعملون عبارة «التتريك» للدلالة على السلب وافتكاك الأرزاق. أما اليوم فقد توارت العبارة المسيئة والخلفية الكارهة لتركيا ومعهما مقولة الاستعمار التركي التي روّج لها بعض الجامعيين والسياسيين. وإذا وسعنا دائرة الضوء، فإن إعادة النظر في المسألة التركية تصبح متأكدة بعد المواقف الرسمية التركية أثناء الحرب على غزة وبالأخص بالانسحاب الاحتجاجي لرئيس الوزراء من مؤتمر «دافوس». – كيف ينبغي أن نفهم مواقف الرسميين الأتراك وقراراتهم المدعومة بنشاط مالي واقتصادي لرجال الأعمال وأصحاب الشركات والمقاولات التركية مع عواصم عربية عديدة؟ – ما هي الدلالة الحقيقية لحادثة «دافوس»؟ وهل كانت غضبة «أردوغان» مفتعَلة أملتها المصالح والمطامع المتخفيّة؟ – أليست عين العثمانية الجديدة متجهة تَرْمُق باستمرار «مطامع» طهران في المنطقة العربية مستحضرة جحافل كسرى التي غلبت قيصر الروم؟ – إلى أي حد يمكن اعتبار العالم العربي واقعاً بين فكي كماشة تعمل للإطباق عليه: «المدّ الشيعي الفارسي» يقابله «الأخطبوط العثماني المغولي»؟ للخروج من حالة الهلع التي تستبطنها هذه الأسئلة، وسعياً لإدراك سليم للواقع، نطرح السؤال الذي نراه أجدى بالعناية وهو: كيف أمكن لتركيا أن تصبح من القوى الاقتصادية (والسياسية) البازغة؟ للإجابة ينبغي التحقيق في ثلاث مسائل كبرى: أولاها، المسألة التاريخية، ومن هذه الجهة لا يتردد الكثيرون في الفصل الكامل بين الإمبراطورية العثمانية، «حامية بيضة الإسلام» وبين تركيا الحديثة في صيغتها العَلمانية، فمثل هذا القول رغم صحته محتاج إلى تدقيق، ولا شك أن إلغاء الخلافة وفرض سلسلة من قرارات التحديث العلماني كان قطعاً مع الماضي العثماني، تحقق ذلك خاصة في مجالات الحكم والتشريع والإدارة. أما إن نظرنا إلى التاريخ التركي من زاوية تطور الأفكار والمؤسسات فإن مقولة القطع الكامل تغدو متهافتة، وما أكّدته الإيديولوجية الكمالية هو أن الأمة التركية أعرق من الإسلام، فوجودها لا يقف عليه، لذلك حددت موقع العثمانيين ضمن مسيرة الدول التركية المتعاقبة منذ الألف الثانية قبل الميلاد فجعلته مجرد حلقة من تلك السلسلة، فالهويّة التركية، على هذا، قائمةٌ مكتملة قبل الإسلام متواصلةٌ بعد إلغاء الخلافة، لأن قيام هذه الأخيرة كان دون أهمية تاريخية. أما إن باشرنا المسألة من جهة صيرورة البناء الفكري والمؤسساتي بين العهدين العثماني والعلماني فإن قراءة الكماليين لا تصمد للتحليل التاريخي، لقد وقع الشروع في فصل الدولة عن التراث الديني قبل الإجراءات الكمالية بعقود، بدأ التمهيد لذلك منذ أيام السلاطين بإدخال المعاملات المصرفية الربوية وإيقاف العمل بالحدود الشرعية وإصدار مجلة الأحكام العدلية وإقرار تعليم علمي محض، أما ما أقرّه خاصة السلطان عبدالمجيد في خط هامايون عام 1856 كان إجراءً تنظيمياً يستهدف إصلاحاً تحديثياً للقضاء والتعليم والإدارة والشؤون المالية فضلاً عن نظام الجيش، لولا هذا المرسوم وما شابهه من إجراءات تحديثية لما أمكن لكمال أتاتورك أن يعلن أنه: «لا يمكننا أن نغمض أعيننا ونفترض أننا نعيش في عزلة عن العالم، بل علينا، باعتبارنا أمة متطورة ومتحضرة، أن نعيش في الفضاء الحضاري لزماننا». تتعلق ثانية المسائل بالاختيارات الاستراتيجية، وهي التي تميّز فعلا حكّام أنقرة عن سلاطين اسطنبول، ذلك أن بناء تركيا القومية الحديثة اقتضى في نظر الكماليين انسحاباً من الفضاء الإسلامي للالتحاق بالغرب، وقد فعلوا ذلك لأنهم اعتبروا أن الأتراك كانوا دوماً في حركة ارتحال من الشرق إلى الغرب (من آسيا الوسطى عبر الأناضول والبلقان إلى أوروبا الوسطى)، واعتُبِرَ هذا التحرّك نحو الغرب أساسَ ديناميكية الأمة التركية وقاعدةَ التوجه الاستراتيجي الكمالي القائم على القول بأن «تدهورت الدولة العثمانية يومَ أعجبتها انتصاراتُها على الغرب، فقطعت العلاقات التي كانت تربطها بالأمم الأوروبية. تلك كانت غلطة لن نكررها». كان هذا الإجراء كمالياً صرفاً فُرض فيه اختيار رسمي عمل على قطع تركيا الكمالية عن جغرافيتها الطبيعية وجذورها الثقافية لعقود، لكن الذي تكشّف بعد ذلك منذ الستينيات أدّى إلى القول بضرورة المراجعة. وقد بدأ اكتشاف هشاشة الخيار الاستراتيجي صوب الغرب عندما تبيّن حكّام أنقرة أن دول الغرب لا تقيم علاقة ندّية معهم، إنما تريدهم عَبَّارة لمصالحها إلى الشرق، ظهر ذلك بعد أزمة كوبا في أول الستينيات ضمن تسوية تحققت بين السوفييت والأميركيين اقتضت سحب هؤلاء صواريخهم من تركيا، وتوالت بعد ذلك الأزمات وحالات التوتر حتى السنوات القريبة (رفض طلب الأميركيين إقامة جسر جوّي لدعم العدوان الصهيوني أثناء حرب يونيو 1967، أزمة قبرص عام 1974، وإلغاء اتفاقية التعاون الدفاعي التركي الأميركي حتى غزو العراق) مؤكدةً للنخب الحاكمة، مدنية وعسكرية، الحاجة إلى بديل يعيد الاعتبار لما يسميه الجغرافي المصري جمال حمدان: عبقريةَ المكان. أما ثالثة الأثافي فهي المسألة الاقتصادية السياسية الداخلية، فلقد حوّلت تَصدُّع الطرح الاستراتيجي التركي المُعرض عن كل ما هو شرقي إلى فاعلية إقليمية جديدة. كان ذلك في المجال الاقتصادي بإنجازات تنموية كبرى تمّت بمواجهة التضخم المالي (من نسبة %100 عام 1995 إلى %9.6 عام 2006) وتشجيع المستثمرين وتواصل معدلات النموّ، وساعد على ذلك فائض العمالة التركية الذي وجد متنفساً في الخليج العربي أتاح للصناعة التركية الناهضة مجالات تطور حقيقي، يضاف إلى ذلك حسن التصرف في الطاقة المائية وتطويرها بما يدعم الزراعة من جهة ويسمح بالفاعلية مع «جيران» الجنوب. معها تتواصل خيارات تركيا لتكون مَعبَراً أساسيا للغاز بأكبر أنبوبين يُضخ منهما غاز آسيا الوسطى إلى كل أوروبا. عندما وعت القوى الصاعدة التركية أهمية هذه الأبعاد الثلاثة، وعندما حققت الحياة السياسية نسبة عالية من الحرية ضمنت نمواً لحركة المجتمع المدني، عندها وُلدت قوة إقليمية كبرى استمدت نبضها من عبقرية المكان، وما جعل غضبة أردوغان في «دافوس» ممكنةً هو انبثاقُها من شرعية صلبة في الداخل المحلي والتركماني أولاً، ومع العالمين العربي والإسلامي ثانياً، وإزاء الغرب الأميركي والأوروبي ثالثاً. أما الرجل الثاني الذي ظل خانساً في «دافوس» فما كان له أن يفعل شيئاً لأن منظمته، جامعة الدول العربية، أعجزُ، في وضعها الحالي، من أن تتمثّل حقيقة البعد الجيوسياسي العربي، ذلك البعد الذي لا يصبح فاعلا إلا عند اكتشافه أن الأثر حقيقي لسلطة الدول تكون عند التحامها بعبقرية المكان. (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 12 فيفري 2009)
في مستقبل المنظمة والمرجعية الوطنية الفلسطينية
بشير موسى نافع أثار التصريح القصير الذي أشار فيه السيد خالد مشعل إلى ضرورة إنشاء إطار مرجعي لقوى المقاومة الفلسطينية عاصفة من ردود الفعل، ففي عمّان، التقى عدد من أعضاء المجلس الوطني للتأكيد على مرجعية منظمة التحرير الفلسطينية، وكذلك فعل الرئيس محمود عباس في تصريحات صارخة أطلقها من رام الله والقاهرة، كما طالت ردود الفعل قطاعاً من الكتاب والمثقفين الفلسطينيين والعرب على السواء، هذا إلى جانب تنظيم تظاهرة واحدة على الأقل في رام الله، للتعبير عن القلق على مستقبل المنظمة. في صيغته الأولى، لم يكن تصريح مشعل واضحاً تماماً، ولكن اعتبار التصريح خطوة لإقامة كيان بديل عن منظمة التحرير يتطلب بالتأكيد خيالاً واسعاً، فالدعوة إلى تأسيس إطار مرجعي لقوى المقاومة، حتى إن فهمت من منظار واسع، قد تعني القوى غير الممثلة في منظمة التحرير وبعض القوى الفلسطينية الأخرى التي تتفق معها حالياً في المقاربة السياسية، ولكن من الصعب على أية حال فصل الجدل المستجد حول المنظمة والمرجعية الوطنية عن السياق الفلسطيني العام منذ توقيع اتفاقية أوسلو وتأسيس سلطة الحكم الذاتي، وعن الحرب على قطاع غزة وما نجم عنها من نتائج. منظمة التحرير هي بلا شك إنجاز لنضال وطني كبير، استمر بلا هوادة منذ نكبة 1948 وما تبعها من شتات وتقويض للجماعة الوطنية الفلسطينية، فقد كانت سلطات الانتداب البريطاني قد وضعت الموافقة على صك الانتداب، بما في ذلك إعلان بلفور، شرطاً للسماح للفلسطينيين بالتنظيم الوطني التمثيلي والمشاركة في إدارة شؤونهم وحكم أنفسهم. ولأن الحركة الوطنية الفلسطينية تحت الانتداب رفضت الاعتراف بوعد بلفور، فقد ظلت الجهود لإقامة مؤسسات تمثيلية وطنية محصورة بالمحاولات غير الرسمية وغير المكتملة. وبوقوع النكبة، لم يخسر الفلسطينيون فرصة العمل على بناء مؤسسات وطنية تمثيلية وحسب، بل واجهوا تحدي إعادة بناء الجماعة والهوية الوطنيتين معاً. ولعل شعباً، حتى شعب جنوب إفريقيا، لم يواجه تحدياً بحجم ووطأة الشتات الفلسطيني، وانقسام الوطن والشعب إلى كتل متفرقة. في 1964، أدرك عبدالناصر، أبرز القيادات العربية على الإطلاق، أن النظام العربي الرسمي لم يعد بإمكانه الاستمرار في تجاهل التحركات الفلسطينية الحثيثة لإعادة التوكيد على الهوية الوطنية، وطرح على القمة العربية بالتالي مشروع إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، وأخذ الشقيري التفويض العربي الرسمي إلى أبعد ما يمكن أن يؤخذ، بما في ذلك إقامة مجلس وطني لتمثيل كل قطاعات الشعب الفلسطيني، في الوطن والشتات، ودائرة عسكرية وجيش فلسطيني. في 1968، أدرك عبدالناصر حقيقة المتغيرات الكبرى التي تشهدها الساحة الفلسطينية، لاسيما بروز منظمات العمل الفدائي، ووفر غطاء عربياً لدخول المنظمات الفدائية إلى المنظمة، وهي الخطوة التي تطورت نحو أن يصبح ياسر عرفات رئيساً للجنة التنفيذية للمنظمة، وأن تصبح فتح وأنصارها القوة الرئيسة في كافة مؤسسات المنظمة، ولم يكن مسار المنظمة خلال العقود القليلة التالية سلساً، ليس فقط للتعددية السياسية الفلسطينية، ولكن أيضاً لأن الساحة السياسية الفلسطينية كانت، وستظل، مرآة للتدافعات العربية الرسمية. وفي 1974، ونظراً للاندفاعة العربية الرسمية نحو السلام التفاوضي، أعلنت القمة العربية منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، وذلك لإلقاء عبء قرار التسوية على كاهل الفلسطينيين أنفسهم، وتحرير النظام الرسمي العربي من مسؤولياته تجاه فلسطين، ولكن المنعطف الأهم في تاريخ المنظمة جاء بعد توقيع اتفاقية أوسلو، فقد فاوض الفلسطينيون في أوسلو، ولو ضمنياً، باسم منظمة التحرير، ووقعوا الاتفاقية في واشنطن باسم المنظمة، وكانت أوسلو بالتأكيد آخر عمل كبير تعهدته المنظمة، لكن ما حدث بعد ذلك من عقد مجلس وطني في غزة لإلغاء بعض بنود الميثاق الوطني الفلسطيني، استجابة للضغوط الإسرائيلية والأميركية، كان عملاً مسرحياً أكثر منه اجتماعاً شرعياً منظماً ومعداً على أسس من توافق ونقاش وطني جاد، وما أكده اتفاق أوسلو أن سلطة الحكم الذاتي ستمثل الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، لا الفلسطينيين جميعاً، رغم أن فلسطينيي الضفة والقطاع أقل من نصف الشعب الفلسطيني. ولكن التوقيع على اتفاقية أوسلو استبطن ما هو أخطر من ذلك: أن التسوية النهائية بين الفلسطينيين والدولة العبرية ستكون في جوهرها تسوية على مستقبل الضفة والقطاع، وليس على مستقبل كل الشعب الفلسطيني، الذي تمثله المنظمة. والحقيقة أن قيادة سلطة الحكم الذاتي بدأت منذ 1994 تهميشاً حثيثاً لمنظمة التحرير ومؤسساتها المختلفة، بعد أن كان الصندوق القومي الفلسطيني يعمل بمثابة وزارة مالية فلسطينية في المهجر لتغطية كافة نفقات العمل الوطني ومؤسساته وتنظيماته، أصبحت السلطة هي مصدر المالية الفلسطينية، وبدلاً من أن تكون الممثليات الفلسطينية في أنحاء العالم ممثليات للمنظمة باعتبارها الإطار الوطني لكل الشعب، وضعت الممثليات تحت سيطرة حكومة السلطة في رام الله، وأهملت تنظيمات العمل الشعبي التابعة للمنظمة كلياً، وغيبت المنظمة من الذاكرة الفلسطينية، ولا يكاد فلسطيني واحد دون سن الخامسة والعشرين يتذكر انعقاداً واحداً للمجلس الوطني، وبهذا التجميد الطويل، لم يعد أحد يعرف كيف وصل أعضاء اللجنة التنفيذية إلى مواقعهم، وما إن كان أي منهم يتمتع بشرعية ما. وفي ربيع 2005، عندما عقد الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة برعاية مصرية، اتفق كافة المشاركين من قادة التنظيمات الفلسطينية على إعادة بناء المنظمة وتفعيل مؤسساتها، ولكن الرئيس الفلسطيني لم يخطُ خطوة جادة واحدة باتجاه تنفيذ هذا الاتفاق، وكان من الواضح أن قيادة المنظمة تريد أن تبقى المنظمة هيئة لتبرير سياسات السلطة، بدون المخاطرة بعملية إعادة بناء توفر تمثيلاً حقيقياً لكافة قطاعات الشعب وقواه، ولم تستعد قيادة السلطة اهتمامها بالمنظمة، وبشكل جزئي فقط، إلا بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية للسلطة في مطلع 2006، ولأن نيات قيادة السلطة لم تكن من البداية صادقة للتعاون مع حكومة حماس، فقد أصبحت منظمة التحرير ضرورية لتوفير شرعية بديلة عن شرعية المجلس التشريعي والحكومة الفلسطينية، ولكن هذه المنظمة ليست المنظمة الفاعلة، ليست المنظمة الإطار الموحد للحركة الوطنية الفلسطينية، ليست المنظمة التي تعمل على تفعيل قوى الشعب وتقود حركته. المشكلة أن الفلسطينيين لا يعرفون هذه القصة وحسب، ولكنهم يعرفون أيضاً أن ثمة تجاهلاً فاضحاً للواقع السياسي الفلسطيني ومتغيراته، ومقاومة يائسة لقاطرة التاريخ التي تعصف بالواقع السياسي، القلة الفلسطينية المسيطرة على إطار المنظمة المفرغ من محتواه، والدول العربية التي تدعم هذه السيطرة، لا تريد أن ترى ما رآه عبدالناصر في 1968، عندما اتخذ القرار الحكيم بمساعدة المنظمات الفدائية على إطاحة حرس المنظمة القديم، فقد تغيرت الخارطة السياسية الفلسطينية منذ زمن، وأوضحت الحرب على قطاع غزة أن هذه المتغيرات ليست عابرة: إما إعادة بناء وإصلاح لمنظمة التحرير يأخذ في الاعتبار هذه المتغيرات، أو أن يتحول اقتراح تشكيل إطار لقوى المقاومة والمعارضة الفلسطينية إلى مرجعية موازية لمرجعية منظمة التحرير، حتى إن لم يكن دعاة الإطار الجديد يسعون فعلاً إلى إيجاد مرجعية موازية. هذه هي الحقيقة، أما تباكي القلة المسيطرة على مستقبل المنظمة فليس سوى تباكٍ مضحك. (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 12 فيفري 2009)
اجتماع سري في غزة لتشكيل جبهة موحدة للمقاومة
محمد الصواف كشف أبو مجاهد الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية عن توجه رسمي لدى قيادات الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة نحو تشكيل جبهة مقاومة موحدة تجمع هذه الأجنحة على الأرض كأحد الدروس المستفادة من الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة. وكانت مصادر فلسطينية ذكرت أن اجتماعا سريا لقادة الأجنحة العسكرية في فصائل المقاومة عقد مساء الإثنين الماضي (9 فيفري 2009) في مكان لم يكشف عنه في غزة. أبو مجاهد الذي نفى علمه بحدوث الاجتماع، أكد أن ما يحدث هو خلط في الحديث عن لقاءات سياسية تحدث بين القيادات السياسية لفصائل المقاومة حول التباحث في الأمور السياسية، وبين ما حدث في الأيام الأخيرة قبل الحرب على غزة من لقاءات على مستوى القيادات الميدانية للتنظيمات لتشكيل غرفة عمليات مشتركة للتصدي للعدوان الصهيوني المحتمل في حينه. ورغم عدم اكتمال هذا المشروع -يضيف أبو مجاهد في تصريحات خاصة « لإسلام أون لاين »- خلال التهدئة الماضية التي دامت ستة أشهر وانتهت في ديسمبر الماضي فإن « التنسيق الميداني خلال العدوان على غزة كان ممتازا، مما أظهر المقاومة بصورة مشرفة أمام العالم تعزز التوجه نحو تشكيل جبهة موحدة للمقاومة لتكون ثمار فعلها على الأرض في مواجهة العدو الصهيوني أكبر وأكثر إيلاما »0 ورأى أن الحرب الأخيرة على غزة « كانت عبارة عن مدرسة للمقاتلين في كيفية مقاومة الاحتلال، واستفدنا كثيرا في هذه المعركة من أساليب الاحتلال، وتحديد مواطن الضعف ومكامن قوتنا ». وأردف أبو مجاهد: « أجرينا تحقيقاتنا منذ اليوم الأول للإعلان الصهيوني لوقف إطلاق النار (18-1-2009)، وبدأنا البحث والتمحيص في أساليب الاحتلال، وتقييم الإخفاقات في بعض الأمور، وجمعنا شهادات المقاتلين في الميدان، وتبين لنا مواطن القوة في المقاومة ونقاط الضعف، وقد تم وضع آليات لتجاوز هذه الإخفاقات وبرامج للتدريب على تجاوز نقاط الضعف، ولن نخوض في تفاصيلها ». شوط طويل من جهته، رفض أبو عبيدة -الناطق باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس- التعليق على نبأ الاجتماع. لكنه أوضح في تصريح لـ »إسلام أون لاين.نت » أن « ما جرى هو عبارة عن أفكار.. نحن قطعنا شوطا طويلا في ذلك، لكن توحيد أذرع المقاومة في هيكل واحد ليس قائما على الأرض ويمكن مستقبلا.. هناك تعاون كبير وأساسي بين الأجنحة العسكرية، وهناك ضرورة للوحدة سواء على الصعيد الميداني أو الموقف السياسي ». وأضاف أبو عبيدة أن « الأهم حاليا هو وحدة القرار المقاوم والسياسي، وهذا تم تحقيقه في السابق، ومثال على ذلك التهدئة الأخيرة التي جرت سواء عند إبرامها أو إنهائها، وكذلك التوحد أثناء العدوان الأخير على غزة ». وخلف هذا العدوان، الذي شنته إسرائيل يوم 27-12-2009، أكثر من 1400 شهيد، و5400 جريح، نصفهم تقريبا من الأطفال والنساء، فضلا عن الدمار الواسع في أنحاء القطاع، لكن المقاومة تقول: إن بنيتها العسكرية ما تزال سليمة، ولم تتأثر كثيرا بالعدوان الذي استمر 22 يوما. في المقابل، اعترفت إسرائيل بمقتل عشرة من جنودها وثلاثة مدنيين، بينما أعلنت كتائب القسام أنها قتلت ثمانين جنديا إسرائيليا. (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 11 فيفري 2009)
على هامش الخطاب الأخير للرئيس مبارك مصر الداخل والخارج.. هكذا توقفت عجلة الزمن
د. عمرو الشوبكي (*) بعد 30 عاما على توقيع معاهدة السلام المنفردة بين مصر وإسرائيل، وعقب انتهاء حالة الحرب عمليا منذ حرب أكتوبر 1973، صار من الغريب أن يستمر حديث القيادة السياسية في مصر على أن « حروب فلسطين » هي سبب إفقار الشعب المصري، وأنه لولا الحروب لكانت أحوال مصر أفضل مما هي عليه الآن، وأن العرب يرغبون في الحرب حتى آخر جندي مصري. هذه المفردات السياسية التي وضحت في خطاب الرئيس المصري حسني مبارك يوم 4 فبراير الجاري في مناسبة الاحتفال بعيد الشرطة، هي في الحقيقة ذات المفردات التي استخدمها الرئيس السادات لتبرير خطوته المنفردة، وتوقيعه على اتفاقية كامب دافيد، حين وعد الشعب المصري بالرخاء، واعتبر أن مصر افتقرت بسبب « حروب العرب » و »القضية الفلسطينية »، وأنه قد حان الوقت لكي تلتفت إلى نفسها وتحقق الرخاء والتقدم لشعبها. توقف عجلة الزمن وتبدو المفارقة أن مصر لم تجد في جعبتها أي كلام جديد تقوله إلا ما سبق ورددته قبل 30 عاما، وكأن الزمن قد توقف بها عند حدود هذا الخطاب القديم الباهت، رغم أنه كان من المتوقع الحديث عن تحديات الدور الإقليمي المصري في مرحلة « السلام »، وكيف يمكن تفعيله في ظل التحولات الإقليمية والدولية الجديدة، وأسباب تعثره إذا لم يكن فشله. أما المفارقة الأخرى فهي أن أحدا لم يطالب الحكم في مصر بإعلان الحرب على إسرائيل حتى آخر جندي مصري، ولا التدخل للدفاع عن غزة في ساحة القتال والمواجهة العسكرية، إنما فقط في إظهار إنجازات « عصر السلام » الذي يتمثل في رخاء اقتصادي كما بشر الرئيس الراحل أنور السادات، وفي إصلاح سياسي واقتصادي كما يتحدث الرئيس مبارك منذ أكثر من ربع قرن، وأخيرا في وزن دولي وإقليمي قادر على التأثير في المعادلة الدولية (وخاصة في الحليف الإستراتيجي الأمريكي بصورة كان يمكن أن تساعد على وقف العدوان الإسرائيلي)، وتترجم قدرات مصر الداخلية على الساحة الدولية، والتي يفترض أن تكون في أفضل حالاتها نظرا لأننا نعيش مرحلة سلام منذ ما يقرب من ثلاثين عاما، وأننا لم ندخل في مواجهة عسكرية واحدة منذ حرب 1973. والحقيقة أن استعادة خطاب السبعينيات في فبراير 2009، جاء كمحاولة لإخفاء أزمة الأداء المصري على مدار ثلاثة عقود بمناقشة قضايا لم يطرحها عاقل واحد في مصر (بعيدا عن الشعارات الوهمية التي تردد من قبل دول ومنظمات بعضها لا زالت أرضها محتلة ولا يطلق على سبيل السهو أو الخطأ طلقة واحدة على إسرائيل)، وهي الدخول في مغامرة عسكرية ضد إسرائيل، وأصبحت شعارات توريط مصر والحرب حتى آخر جندي مصري بديلا عن مناقشة أسباب الفشل في تحقيق تنمية اقتصادية وبناء نظام ديمقراطي يتسم بالكفاءة والشفافية، قادر على ردع الخصوم بالكلمة أو الموقف لا بالسلاح. وظلت مشكلة مصر ليس في كونها لم تنتقل من معسكر السلام إلى معسكر الحرب (غير الموجود بين أي نظام عربي منذ مبادرة الرئيس السادات إلى القدس عام 1977) إنما في الفشل في إدارة « معركة السلام » بصورة أدت إلى ظهورها بهذا الشكل الباهت طوال العدوان الإسرائيلي على غزة. والحقيقة أن تراجع الدور الإقليمي لمصر، لا يرجع إلى عدم استخدام القوة المسلحة أو الدخول في مغامرات عسكرية غير محسوبة ضد إسرائيل، إنما في هذا الفشل الداخلي في بناء نموذج سياسي قادر على الحصول على شرعية المواطنين في الداخل، والتأثير في الخارج، عن طريق وجود نخبة حديثة لديها مشروع ورؤية سياسية متكاملة لدور مصر العربي والإقليمي والدولي، وقادرة على اختيار، ليس فقط السياسات الموفقة، إنما أيضا التعبيرات الموفقة التي تخدم مصالح مصر وهيبتها في الداخل والخارج. والمؤكد أن الحكومة المصرية غير مطالبة بالدخول في حروب أو مغامرات عسكرية ضد إسرائيل، ولم يطلب منها أن تهمل مشكلات المصريين لصالح حل مشكلات الفلسطينيين، وتنسى شعار مصر أولا الذي ذكره الرئيس مبارك أكثر من مرة في خطابه، لأن فشلها في حل مشكلات المصريين جعلها تخلق تناقضا وهميا بين دعم القضية الفلسطينية، بالفعل لا بالقول، وبين مشكلات مصر. وأصبح دعم فلسطين انتقاصا من مصر، وكأن الحكومة أفرطت في الاهتمام بالشعب المصري حتى صارت تخشى من أن يأخذ الفلسطينيون جانبا من هذا « الحب الزائد »، وهو في الحقيقة ما حدث عكسه، حيث لم يعان الشعب المصري من تجاهل وفقر واستبداد مثلما يعاني حاليا، كما أن هذا التبلد الإنساني والسياسي في التعامل مع كوارث الشعب المصري، كان هو نفسه الذي حكم الموقف الرسمي من العدوان الإسرائيلي على غزة. الفشل في إدارة ما بعد السلام إن عدم تطبيق شعار مصر أولا غيب شعار فلسطين ثانيا، وإن الفشل الحكومي في مواجهة كارثة العبارة منذ عدة سنوات وحوادث الطرق والقطارات طوال السنوات الماضية، وأخيرا « قنابل الصخر » التي سقطت على أبرياء الدويقة، هو نفسه السبب الذي جعل التضامن المصري مع الشعب الفلسطيني أقل من مجتمعات أوربية وإسلامية كثيرة. إن الجهود التي بذلت من أجل منع وصول الدعم الطبي والإنساني والمادي إلى الشعب الفلسطيني تحت حجج ومبررات واهية دلت على حالة من التبلد السياسي والإنساني هي بالضبط امتداد لنفس حالة الحكومة في التعامل مع مصائب المصريين. بل إن نفس جنود الأمن المركزي الذين نراهم على الحدود المصرية الفلسطينية، هم أنفسهم الذين نجدهم يفصلون بين وصول مساعدات الناس إلى ضحايا أي كارثة في القاهرة أو عدوان في غزة، ويصبح شعار مصر أولا وهما كبيرا، لأنه إذا كانت بالفعل أولا، لكنا تحركنا بشكل مختلف تماما في مواجهة جرائم إسرائيل في غزة. لقد انتظر المصريون من الرئيس مبارك بعد 30 عاما على توقيع اتفاقات كامب دافيد، وبعد 36 عاما على آخر حرب خاضوها ضد إسرائيل، كلاما مختلفا يتعلق بأسباب التعثر وطبيعة التحديات الجديدة، وجوانب النجاح والإخفاق، وليس البقاء أسرى خطاب المعارك الأيديولوجية والسياسية التي دارت منذ أن قرر الرئيس السادات الذهاب إلى القدس عام 1977. لقد اختارت مصر طريق التسوية السلمية والاعتدال.. فلماذا لم تنجح في استقطاب الشارع المصري والعربي نحو هذا الخيار، ونجحت تركيا المعتدلة في جذبه بموقفها من العدوان الإسرائيلي على غزة؟ ألا يعكس ذلك خللا عميقا في الأداء الدبلوماسي والسياسي والإعلامي المصري؟ وهل هناك مجال حيوي لمصر قادرة على التأثير فيه كما تفعل السعودية وتركيا وإيران وحتى سوريا؟ وهل الحديث عن ارتباط حماس بإيران لا يعكس فشلا مصريا وعربيا تجاه حماس التي اختارت أن تتحالف مع دولة على بعد آلاف الأميال وتركت دولة أخرى ملاصقة لها جغرافيا وتاريخيا كمصر. إن فصائل التشدد الفلسطيني (حماس والجهاد) كان يمكن دمجها في معادلة التسوية السياسية العادلة، وإخراجها من تأثير الأجندة الإيرانية، بامتلاك نموذج اعتدال مصري له مصداقية وقادر على نقد السياسيات الأمريكية ورفض الاعتداءات الإسرائيلية في السر كما في العلن، بصورة تعطيه شرعية أخلاقية وسياسية تجعله قادرا على التأثير في الساحة الفلسطينية، وممارسة الضغط على حماس إذا اقتضى الأمر لكي تفهم طبيعة توازنات القوى الدولية دون أن تتنازل عن خطها المقاوم، وأيضا مساعدة السلطة الفلسطينية على النجاح في الضفة الغربية، بمحاربة الفساد وسوء الإدارة واحترام الديمقراطية.. وهي كلها قيم غابت عن النظام السياسي المصري، فأصبح غير قادر على التأثير الإقليمي والدولي، وهذا ما يجب بحث أسبابه، وليس مناقشة خيار وهمي غير مطلوب ولا مطروح وهو « محاربة إسرائيل حتى آخر جندي مصري ». (*) خبير في مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام. (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 8 فيفري 2009)
جالوب: المصريون أكثر شعوب العالم تدينا
هبة زكريا « المصريون أكثر شعوب العالم تدينا ».. هذا ما خلص إليه استطلاع أجراه معهد جالوب الأمريكي، وشمل 143 بلدا وإقليما حول العالم، حيث أجاب 100% من المصريين المشاركين في الاستطلاع بـ »نعم » على السؤال الوحيد الذي طرحه وهو « هل يمثل الدين جزء هام في حياتك اليومية؟ »، فيما بلغ المتوسط العالمي للاستطلاع 82%، وجاءت أستونيا كأقل دول العالم تدينا بنسبة 14%. وأظهرت نتائج الاستطلاع تقارب مستوى التدين بين العديد من الولايات الأمريكية الـ50 وبعض شعوب الشرق الأوسط، وقد أشار « جالوب » إلى أنه « في ظل هذه الحقيقة ينبغي على الأمريكيين التوقف عن تعميم الأحكام على الشعوب والثقافات الأخرى ووصف بعضها بالتعصب، وكذلك على الشعوب الأخرى تجنب الغلو في إصدار الأحكام على الأمريكيين ». وشمل الاستطلاع الذي استمر 3 سنوات (2006، 2007، 2008) عينات من 143 بلدا وإقليما حول العالم، وحددت العينة بألف شخص (فوق سن 18) في كل دولة، وطرح سؤالاً واحداً هو « هل يمثل الدين جزء هاما في حياتك اليومية؟ »، وقدم للمبحوثين خيارين فقط هما « نعم » ، و « لا ». ودار هامش الخطأ في الاستطلاع حول 4%، واستخدمت المقابلات الهاتفية، واللقاءات الشخصية كوسيلة لتواصل الباحثين مع مفردات العينة. ومن الجدير بالذكر أن نسبة المسلمين في مصر تبلغ نحو 90% من تعداد السكان (80 مليون تقريبا)، والباقي من المسيحيين معظمهم أرثوذكس، بحسب تقديرات وكالة الاستخبارات الأمريكية. متدينون وغير متدينين ووفقا لنتيجة الاستطلاع -الذي نشره المعهد منتصف الأسبوع- فقد أجاب 100% من المصريين بـ »نعم »، مؤكدين أن للدين أهمية كبيرة في حياتهم ومتقدمين بذلك على العديد من الشعوب الإسلامية والإفريقية. وتراوحت نتائج الدول الـ11 الأكثر تدينا في الاستطلاع بين 100 و98%، احتلت بنجلاديش المرتبة الثانية بينها بنسبة 99%، وإندونيسيا المركز الثالث بنسبة 98%، وانضم لنفس المركز كل من المغرب وجيبوتي والإمارات العربية المتحدة، بالإضافة لجمهورية الكونغو الديمقراطية التي يدين غالبية سكانها بالمسيحية مع وجود قوي للكنائس الإنجيلية. وبينما بلغ المتوسط العالمي للتدين بين شعوب العينة 82% تراوحت نتائج الاستطلاع في الدول الـ11 الأقل تدينا بين 14 و27%، كان في مقدمتها أستونيا (إحدى دول البلطيق الثلاث) تلتها في ذلك العديد من دول شمال أوروبا والدول الشيوعية السابقة. واحتلت كل من فرنسا واليابان المرتبة التاسعة بين الدول الأقل تدينا بنسبة 25%، أما الولايات المتحدة الأمريكية فإن 65% من شعبها يعتبرون الدين جزءا مهما في حياتهم اليومية، وهو معدل يفوق كثيرا متوسط معدل الدول المتقدمة الـ27 التي شملها الاستطلاع، والذي حدد بـ38%، ومن بين الدول المتقدمة أيضا التي فاقت هذا المتوسط سويسرا (42%) وكندا (45%). متعصبون وملحدون وفي سياق متصل خص معهد « جالوب » الولايات المتحدة بإجراء الاستطلاع على عينات من ولاياتها الـ50 وذلك خلال عام 2008، وخرج بنتائج تفصيلية خاصة بكل ولاية قارنها مع النتائج التي توصل إليها في الدول الـ142 الأخرى التي شملها الاستطلاع. ولاحظ المعهد انتشارا قويا للتدين في جنوب أمريكا، ولاسيما ولاية المسيسيبي التي بلغت نسبة من يعتبرون فيها الدين جزءا مهما من حياتهم اليومية 85%، وهي نسبة مقاربة للبنان (86%) وإيران (83%)، كما جاءت نسبة التدين في العراق (79%) مقاربة لنظيرتها في ولاية لويزيانا (78%). وفي السياق ذاته تقاربت النسب بين العديد من الدول العلمانية في أوروبا ودول جنوب شرق آسيا التي ينتهج بعضها الشيوعية، حيث كانت هونج كونج وفرنسا بين الدول الأقل تدينا، فيما اقتربت النسب بين تايوان (45%) وسلوفاكيا (47%) وولاية ماساشوستس الأمريكية (48%). ورغم أن الاستطلاع لم يبحث في طبيعة الأديان أو يسأل عن دين كل مفردة من مفردات العينة -بحسب جالوب- فإنه « من المدهش أن تجد نتائج الاستطلاع في بعض الولايات الأمريكية متقاربة مع نتائج بعض الدول الإسلامية في الشرق الأوسط والمجتمعات القبلية في جنوب إفريقيا، كما تتشابه النتائج في بعض الدول العلمانية في أوروبا مع دول شرق آسيا الشيوعية ». وأردف المعهد: « الاعتراف بهذه الحقيقة ينبغي أن يوقف الأمريكيين عن الانزلاق إلى التعميم في الحكم على الثقافات الأخرى كأن يصفوا بعض الشعوب مثلا بأنهم أكثر عرضة للتعصب، كما ينبغي أن تساعد هذه النتائج من هم خارج الولايات المتحدة على تجنب الغلو في تطبيق الأحكام على الأمريكيين ». وأشار « جالوب » إلى أن « الاستطلاع كشف أن 8 من بين الدول الـ11 الأعلى تدينا تعد دولا فقيرة، بينما 10 من بين الدول الـ11 الأقل تدينا من الدول ذات المستوى المعيشي المرتفع، مثل السويد والدنمارك وهونج كونج واليابان ». (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 12 فيفري 2009)
بوتفليقة يسعى لفترة رئاسة ثالثة في الجزائر
الجزائر (رويترز) – بدأ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة حملة كانت متوقعة منذ فترة من أجل تولي فترة رئاسة ثالثة للبلاد يوم الخميس. كما تعهد برصد 150 مليار دولار للمساعدة على تعافي البلاد من أعمال العنف المستمرة منذ سنوات وأضاف بوتفليقة (71 عاما) أمام حشد من المهللين في وسط الجزائر العاصمة أنه يعلن ترشحه بوصفه مستقلا وأن من حق الناس أن يختاروا بكل حرية. وأشرف بوتفليقة الذي يقود البلاد منذ عام 1999 على تعافي البلاد تدريجيا من المواجهات المسلحة في البلاد خلال معظم سنوات العقد الماضي وأسفرت عن مقتل ما يقدر بنحو 150 ألف شخص. ولم يتقدم سوى القليل من المرشحين ذوي الثقل لمنافسة بوتفليقة المتوقع فوزه على نطاق واسع في الانتخابات التي ستجرى في ابريل نيسان والتي من شأنها تمدد فترة بقائه في السلطة حتى عام 2014. ويقول مؤيدو بوتفليقة انه يستحق الثقة المستمرة التي يوليها له الناس لانه أعاد الجزائر على طريق الاستقرار. وفي العام الماضي ألغى البرلمان ما يحول دون تولي الرؤساء فترتي رئاسة. وقابل الاسلاميون المعارضون لبوتفليقة التغيير الدستوري باستياء. واشتكى أحد خصومه من أن ما حدث هو انقلاب مقنع. وكان بوتفليقة قد تعهد بتعزيز الاستثمار القادم من الخارج من أجل تعزيز الاقتصاد في المجالات غير النفطية والتعامل مع البطالة المتفشية بين الشبان. ولكن نتائج ذلك كانت متباينة في أفضل الأحوال. وتابع بوتفليقة انه ماض في سياسة التنمية ويتعهد بمواصلة سياسة التنمية الاقتصادية الاجتماعية. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 12 فيفري 2009)
حبيب: غزة مدخلنا للإصلاح وسنشارك بتشريعيات 2010
عبد المنعم محمود القاهرة– كشف الدكتور محمد حبيب النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر أن الجماعة تخطط للمشاركة في انتخابات العام 2010 التشريعية، إلا أن الجماعة تتكتم على إستراتيجياتها في هذا الشأن في ظل تكتم الدولة على شكل الانتخابات والقانون المرتقب الذي سوف تجرى في ظله، معتبرا أن الحرب بين الإخوان والنظام « حرب معلومات » بالأساس. وحول ما أثاره الحراك الواسع الذي قادته جماعة الإخوان المسلمين في مصر خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة -مقارنة بتحركات الجماعة في شأن القضايا الداخلية- من تساؤلات بشأن موقف الإخوان من قضية الإصلاح السياسي والتغيير، قال حبيب في حوار خاص مع « إسلام أون لاين.نت »: إن الجماعة تعتبر التضامن مع غزة من أولوياتها وأنه مواز لحركتها المطالبة بالإصلاح الداخلي. إلا أن حبيب اعترف بأن تحرك الإخوان المسلمين بشأن غزة « غير متوازن » مع حركتهم الاحتجاجية الداخلية تجاه قضايا مثل أزمة الخبز والغلاء، وأشار إلى أن الجماعة تدرس في الوقت الراهن بدائل سياسية عدة لمواجهة استحقاقات المرحلة القادمة في الداخل المصري. شاهد: وربط حبيب في حواره المطول بين مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وممارساته وبين مواجهة الأنظمة المستبدة الحاكمة في العالم العربي والإسلامي، مع تأييد هذه الأخيرة للسياسات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة ومحاولتها إرضاء إسرائيل كمدخل لعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة. ولاستشراف معالم الرؤية الإخوانية مما يجري في قطاع غزة، والترتيبات الراهنة في الجماعة إزاء استحقاقات المرحلة القادمة كان هذا الحوار: * أحداث الاعتداء الإسرائيلي على غزة أخرجت جماعة الإخوان من حالة كمون طويلة.. ما سر هذا التحرك وسر الكمون؟ – بالتأكيد القضايا الكبرى تستحق الحركة, ونحن ننظر للقضية الفلسطينية على أنها مصيرية ومحورية ومركزية وقضية العرب والمسلمين الأولى, لذلك فهي تدخل في صميم إستراتيجيتنا وخطتنا, وكما رأينا فهذه القضية ليست هامشية؛ فالعالم كله مهتم بها سواء عربيا وإسلاميا أو غربيا. * أنتم تتحركون تجاه القضايا الخارجية وخاصة لفلسطين أكثر من تحرككم في قضايا الإصلاح السياسي في مصر.. كيف ترون هذا القول؟ – نحن نرى أن القضية الفلسطينية ببعدها المحلي والإقليمي والدولي تؤثر بالسلب والإيجاب على أوضاعنا الداخلية، سواء اقتصادية أو سياسية وداخل الوطن العربي والإسلامي, فيجب عدم الفصل بين ما يحدث على المستوى الإقليمي والمستوى الداخلي في مصر, لذلك نحن نرى أن حل القضية الفلسطينية سيكون مدخلا لحل مشاكل الوطن العربي والإسلامي الداخلية بما فيها الإصلاح السياسي. ورغم كل القيود التي فرضت علينا وخاصة في العاصمة أتصور أنه كان من الممكن أن يكون نشاط وحركة الإخوان وتفاعل الجماهير أكبر من هذا بكثير, وهذا تبعا لدور مصر والأمل المعقود عليها فيما يتعلق بمعبر رفح وفك الحصار والدور الذي كان يمكن أن يقوم به النظام المصري للضغط على العدو الصهيوني لوقف عدوانه على أهل غزة. * أنت قلت إن حل القضية الفلسطينية سيكون مدخلا لحل الأزمات السياسية في داخل أوطاننا.. كيف نفهم ذلك فيما يخص الحالة المصرية؟ – على سبيل المثال مساندتنا للمقاومة الفلسطينية في تأدية دورها في تحرير فلسطين يمكن أن تحررنا من القيود وتحررنا من الخوف باستلهام روح المقاومة للقيام بعملية التغيير داخل مصر وبلادنا العربية بشكل سلمي، ولذلك الأنظمة تخشى من انتشار روح المقاومة بين شعوبها الآخذة في التنامي خاصة منذ حرب لبنان عام 2006 التي انتصرت فيها المقاومة. * نقلت تصريحات على لسان كوادر إخوانية أنكم تنظرون إلى إسرائيل بأنها داعمة للنظم المستبدة، لذلك فإن دعمكم للمقاومة لإزاحة إسرائيل محاولة لإنهاء هذا الاستبداد.. كيف هذا؟ – انظر كيف تحاول الحكومات العربية والإسلامية استرضاء الإدارة الأمريكية، وبعضها يركض تجاهها من خلال البوابة الصهيونية، وبالتالي فسوف يظل هناك تهديد للأمن القومي والوطني من وجود هذا الكيان، وذلك من مختلف النواحي وليس من الناحية الأمنية أو العسكرية فقط بل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. * ألا تشعر بأي فارق في حركة الإخوان من النزول إلى الشارع من أجل غزة، والخروج من أجل القضايا الداخلية؟ – القضيتان وجهان لعملة واحدة, فلو كانت هذه الحكومات متصلة بشعوبها ومعبرة عن آمال وطموحات وتطلعات هذه الشعوب وجاءت بطريقة ديمقراطية لكان تصرفها مختلفا إزاء القضية الفلسطينية, وبالتالي رأينا فارقا بين الشعوب والحكومات, ونحن نعتبر قضيتي الإصلاح السياسي ودعم فلسطين متوازيتين. * إذن لماذا لم نشاهد حركة شارع قوية للقضايا الداخلية مماثلة لقوة التحرك من أجل فلسطين؟ – هناك أولويات فعندما تكون هناك كارثة إنسانية مثل غزة فواجب إنساني وشرعي وقومي أن نضغط على الأنظمة والحكومات للتحرك ولإعلان غضبنا على الكيان المعتدي وغضبنا من الانحياز الأمريكي والغربي للكيان الصهيوني, إضافة إلى أن تضامننا هذا يرفع الروح المعنوية للشعب الفلسطيني. ومع ذلك أقول إن الإخوان لم يتحركوا في القضايا المجتمعية والأزمات المجتمعية مثل أزمة الخبز والغلاء بالشكل الذي كان مفترضا أن يكون لحظتها، وهذا يعود إلى أن حركة الاحتجاج الاجتماعي منطلقة في مسيرتها ومنطلقة نحو هدفها، وهي قوية بلا شك, ودخول حركة الاحتجاج الاجتماعي في شكل سياسي ربما يؤدي إلى أن يتعامل النظام معها بشيء من القسوة والعنف، وبالتالي حرصنا على أن تأخذ حركة الاحتجاج الاجتماعي مداها وتبقى مساعدتها ودعمها وتأييدها بالشكل الذي يتصل بالمؤسسات المختلفة, وكنا موجودين في اعتصامات أعضاء هيئة التدريس والأطباء وكنا موجودين في المحلة (إضرابات العمال في دلتا النيل) ولكن دون صبغ الصبغة السياسية على هذه الحركة حرصا على استمراريتها. * أنتم وقوى سياسية اتهمتم النظام المصري بالتخاذل عن نصرة غزة، فهل أخذ النظام المصري هذا الموقف لاعتبار أن حماس هي جزء من جماعة الإخوان التي يحظر القانون نشاطها في مصر؟ – نحن لا ننظر لهذه المسألة بهذا الشكل، ولكن نقول إن في فلسطين شرعية اختارها الشعب ونحن مع الحكومة الفلسطينية التي جاءت بالانتخابات، لكن في المنطقة العربية، الحكومات تتخذ الفيتو ضد وصول الإسلاميين وغير الإسلاميين أيضا، فالمسألة ليست موقفا من الإسلاميين بقدر أنه انفراد واستئثار بالسلطة، ونحن في حالة فلسطين أمام مشروعين, مشروع مقاومة ومشروع تسوية واستسلام، وبديهي أن الحكومات العربية منحازة إلى المشروع الأمريكي الصهيوني الذي يعبر عن التسوية. وموقف هذه الحكومات لن يتغير ولو سيطرت على غزة جبهة يسارية أو اشتراكية، وهي نفسها نظرة الغرب والولايات المتحدة التي لا يهمها سوى أمن وأمان الكيان الصهيوني والتفوق الساحق له على المنطقة ككل، والذي يتبني المشروع المقاوم هم الإسلاميون فتكون الحرب عليهم إذن. * هل ينظر الإخوان المسلمون إلى ما حدث في غزة على أنه انتصار؟ – الحروب تقوم لتحقيق وضع سياسي ولتغليب إرادة وفرض أيدلوجية وسيادة نهج وثقافة, والكيان الصهيوني كان يستهدف كسر إرادة الشعب الفلسطيني والنيل من المقاومة والفصل بين الشعب والمقاومة وحكومته، ولو فصلا سياسيا، وإيقاف الصواريخ والوصول لمخزونها, ونحن نقول هذه الأهداف لم تتحقق, لذلك العدو الصهيوني فشل في تحقيق أهدافه, فالثبات على المنهج في الإرادة والمقاومة انتصار, وإن خلفت هذه الحرب مآسيَ إنسانية. * بشكل واقعي هل يوجد علاقة تنظيمية مباشرة بين جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس.. يعني: هل لكم عليهم تكاليف وأوامر؟ – أولا، من حيث الحركة فحماس لها استقلال الإرادة واستقلال القرار، لأن كل كيان يعمل في أي قطر من الأقطار له سياقه وله مشكلاته وتحديات خاصة تواجهه على أرضه، وبالتالي نحن حريصون على أن يبقى كل كيان يتصرف في ميدان عمله وفق الظروف والأحوال والمناخ الذي يتفق معه. وهذا يعطي قدرا من المرونة وقدرا من العمق في التأثير في الحركة، لكن توجد قواعد عامة فكرية ومنهجية تربطنا، إلا أن ما يتعلق بالتفاصيل والتحديات التي تواجه حماس على المستوى المرحلي هم أولى به، والقاعدة التي لا نختلف عليها أن فلسطين وطن محتل مسلوب، وشرع الإسلام حق المقاومة بكل الوسائل، وأن المقاومة وخيارها هو لتحرير الأرض وتطهير المقدسات، وأنه لا يمكن أن يكون نهاية المطاف بقاء الصهيونية على أرض فلسطين, ونحن ننشد في نهاية المطاف دولة فلسطينية واحدة يعيش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود سواء بسواء. * هل الإخوان لديهم تعقيب على رؤية حماس التي تدعو إلى مرجعية فلسطينية جديدة بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية؟ – نحن نرى أنه لابد أن يعاد بناء منظمة التحرير وتشكيلها وفق المستجدات التي حدثت على أرض الواقع خلال الفترة الأخيرة, فإذا كانت المنظمة تأسست في الستينيات وكان هناك فصائل وأناس مستقلون وشخصيات فتحاوية دخلوا كمستقلين، ومات منهم من مات فالآن لم يعد هذا الشكل الذي كان يرسم شكل هذه المنظمة قائما الآن على أرض الواقع, وبالتالي لابد من إعادة بنائها بشكل ديمقراطي وفق انتخابات في الضفة والقطاع والشتات. وعلى أرض الواقع لابد أن تنشأ منظمة تكون مرجعية للقوى المقاومة تشمل كل فصائل المقاومة, وهذا لا يتعارض مع منظمة التحرير الفلسطينية. * على المستوى الداخلي كنتم مهتمين بإعادة إنشاء تحالف سياسي جديد يضم القوى السياسية والحزبية المعارضة في مصر.. هل وصلتم لشيء؟ – كنا نسير في اتجاه إعادة التحالف الوطني أو على أقل تقدير إعادة الجبهة الوطنية التي كان يترأسها الراحل عزيز صدقي, ولكن قلنا قبل أن ننشئ كيانا جديدا أو نستحضر كيانا قديما لابد من دراسة التجربتين والتجارب التي تمت منذ عام 2004 ومعرفة إيجابيات وسلبيات هذه التجارب لوضعها على أطر التحالف الجديد, وبالفعل بدأنا دراسة هذا الأمر مع بعض الرموز والقوى السياسية, إلا أن أحداث غزة الأخيرة قطعت هذه الأفكار. * ما هي القوى التي تحاورتم معها وشاركت معكم في هذه الدراسة؟ – كان معنا حزب الكرامة (تحت التأسيس) والدكتور نادر الفرجاني وعدد من الشخصيات السياسية المعروفة والقوى الشعبية، لأن تجربتنا مع الأحزاب السياسية ليست جيدة. * الدكتور ضياء رشوان الباحث في مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية دعا القوى السياسية لإنشاء تحالف جديد لممارسة عملية مقايضة مع الرئيس القادم الذي سيخلف الرئيس مبارك، وقد حضر إلى مكتب الإرشاد لإطلاعكم على أفكاره.. هل وافقتم على هذا الطرح؟ – نحن كنا نستمع منه ونناقشه هل المسألة مرتبطة بشخص الرئيس أم الإصلاح ككل، وما هو المنهج في الإصلاح، وهل هو إصلاح فوقي أم تحتي، لكن الإخوان المسلمين يرون أن مسألة الرهان على الجماهير هي الأساس، أو ما يمكن أن نسميه بقوة الرأي العام الذي يستطيع أن يفرض إرادته على السلطة التنفيذية بشكل سلمي ودستوري وقانوني، بحيث تستجيب السلطة لاستحقاقات الإصلاح وتشارك الرأي العام في صنع الحياة السياسية، هذا هو منهجنا, الرهان على الجماهير والرأي العام هو الضمانة الحقيقية لأي ديمقراطية. * هل قررتم خوض الانتخابات البرلمانية القادمة في عام 2010؟ وهل بلورتم الشكل المناسب لمشاركتكم في ظل تعديل الدستور الذي يحظر أي نشاط أو دعاية على أساس ديني؟ – لدينا قرار بالمشاركة في أية انتخابات عامة, إلا أنه لم يصدر بعد القانون الذي ستجرى على أساسه الانتخابات القادمة وفقا للتعديلات الدستورية الأخيرة، ولكن الحزب الوطني و »ترزية » القوانين يعملون على صياغة قانون يحد من وجود الإخوان داخل أي مساحة سياسية بل يقصيها تماما, لكن نحن وضعنا مجموعة من السيناريوهات وفقا لتعديل الدستور الأخير والنظام حريص على التكتم على هذه التفاصيل حتى نفاجأ بها قبل الانتخابات مباشرة، لذلك نحن بدورنا نحرص على التكتم على رؤيتنا بالتأكيد، فالحرب بيننا وبين النظام تكاد تكون حرب معلومات, وبالتالي فالتصريح بأية معلومة قد يستفيد بها الخصم. * النظام يواجه نشاطكم خلال الفترة الماضية بشكل قلت عنه إنه إقصائي، بداية من تعديل مواد الدستور لحظر النشاط الديني.. فهل تفكرون في إستراتيجية جديدة لعملكم في مصر في ظل هذه التضييقات؟ – الجماعة لديها ثلاث وظائف رئيسية، وهي: وظيفة تربوية لإعداد وتأهيل الصف العامل معنا, ووظيفة دعوية لتوسيع قاعدة الصف والارتقاء الفكري وتحسين الممارسة على المستوى الأخلاقي والإيماني، ثم الوظيفة الثالثة وهي السياسية والتي نؤكد من خلالها على حقنا الدستوري والقانوني في المشاركة كفصيل سياسي, لذا نحن لا نفكر في الانسحاب من المجال السياسي لأننا لو فعلنا ذلك فسيكون النظام قد نجح في ممارساته ضدنا. كما أننا حاليا لا ننافس على السلطة وإلا كنا رشحنا 440 عضوا في البرلمان، ولكن مشاركتنا لملاحقة الفساد والاستبداد, كما نشارك لإيجاد مظلة قانونية لعملنا الدعوي والتربوي. * لكن أنتم لا تنوون المنافسة على السلطة مطلقا؟ – ثق تماما يوم أن يصل الرأي العام والجماهير لتحقيق إرادتهم يمكن أن ننافس على السلطة وقتها. * إذن لماذا لا تتحركون في شكل قانوني من خلال حزب أو مؤسسة مجتمع مدني لتغيير الوضع القائم؟ – مسألة الحزب ليست مشكلة فمن السهل إنشاؤه، ثم يكبل وتوضع أمامه كل العراقيل والقيود, المشكلة في المناخ السياسي, نحن نتبنى حزمة إصلاح سياسي من حريات عامة وحرية إنشاء الأحزاب وحرية الصحافة وحرية السلطة القضائية, لذلك نحن نتحرك في النطاق الشعبي والقوى السياسية الفاعلة لكي نضغط بالشكل السلمي والحضاري حتى تستجيب السلطة لنا، ولا يوجد لدينا طريق آخر غير هذا الطريق. * ولكن أنتم عجزتم عن ممارسة هذا الضغط، والنظام ليست لديه بوادر تغيير؟ – نحن نجاهد من أجل الحرية، ونحن ندرك أنه ما لم يكن هناك حراك سياسي اجتماعي فلن يحدث تغيير, نحن نحتاج الجماهير, نحتاج إلى إقناع الناس أن قضيتي الإصلاح والحريات العامة منوطة بالشعب, وأنه على الشعب أن يتحمل مسئوليته، ونحن والقوى السياسية وقتها سنقود هذا الحراك, ولكن على الشعب أن يعي ويتفهم أن قضية الإصلاح والتغيير منوطة به 100%. كما أن على الشعب المصري أن يقتنع بأن لديه طاقات كامنة وهائلة إن وظفت؛ فهو قادر على التغيير والإصلاح, وليأخذ هذا الأمر وقته، عشر أو عشرين سنة، فهذا هو الطريق الوحيد لإيجاد مجتمع مستقر. * هل يوجد حوار بينكم وبين أي شخص في النظام؟ – نحن حريصون على الحوار مع كل الناس, والسلطة دائما لها منهج: عندما تكون في مأزق تتصل بنا والاتصال يكون عادة أمنيا، ولكن توجد تسريبات سياسية تتم ونحن نفهمها, لكن عندما تستنفد السلطة غرضها تولينا ظهرها. * ما هو المأزق الذي تقصده وهل هو خارجي أم داخلي؟ – المآزق كثيرة وقد تكون صغيرة أو كبيرة– مبتسما ومكتفيا بهذه الإجابة. * هل توجهتم بالنصيحة للنظام أو كتبتم له رسالة تناشدون التغيير على اعتبار أن إصلاح البلاد يأتي من إصلاح الحكم؟ – أظن مبادرة الإصلاح التي أعلنا عنها في 3 مارس من عام 2004 كانت إحدى الرسائل القوية التي وجهناها للنظام ولغيره, وقلنا فيها للسلطة هذا هو مشروعنا، وإذا كنتم تريدون إصلاحا فهذه رؤيتنا. (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 8 فيفري 2009)
تنظيم الأرغَنيكون في تركيا والانقلاب الجمهوري
شامل طيار لم يكن الانقلاب الجمهوري في تركيا نتيجة للديناميكية الداخلية للبلد، بل كان من صنع المؤسسة العسكرية المعتادة على إصدار الأوامر، حيث وضع الجيش الذي قام بالانقلاب شفرة الجمهورية بالطريقة التي تلائمه، وبات يتصرف وكأنه « مالك البلد ». وتتلخص هذه المقاربة بهيمنة البيروقراطية العسكرية والمدنية التي على نفس الشاكلة، على عملية إدارة البلد، مما أدى مع مرور الزمن إلى إقصاء الشعب عن المشاركة في الحياة العامة، وباتت النخب العسكرية والمدنية المسيطرة تحتكر إدارة الدولة في بعض الأحيان، وأخذت تتصرف على أساس أنها « دولة التسلط » الكابحة لإرادة الشعب على النحو الذي يحلو لها. وقد اتّبع هؤلاء الذين يريدون تحويل الجمهورية إلى نظام جائر بعض الأساليب التي اتبعها حزب الاتحاد والترقي الذي قضى على الدولة العثمانية، وسيطر على السلطة بتنظيم سري شكله داخل الدولة، ولم يتورع عن اقتراف الجرائم إذا اقتضى الأمر، وبهذا برز صراع لا مفر منه بين الحاكم والمحكوم، وسرى هذا التقليد السيئ منذ مرحلة ما بعد الإمبراطورية في جينات الجمهورية إلى يومنا هذا. ورغم ذلك لم يخرج الشعب إلى الشوارع، لأن ”ثقافة البيعة“ التي هي من نتاج الفكر السنّي الغالب على المجتمع التركي، تجعل من طاعة « ولي الأمر » أمراً أساسياً، وبالتالي لم تظهر ردود أفعال كبرى على المستوى الاجتماعي حيال الضغوطات مهما كبرت، واكتفى الشعب بصناديق الاقتراع، ليعبر عن غضبه من خلالها، محاولاً فرض خياره بانتخاب حكومة مدنية. أما البيروقراطيون المدنيون والعسكريون فإنهم عملوا على مقاومة إرادة الشعب مستخدمين سلطة الدولة ولم يتورّعوا عن التدخل في إدارة البلد من حين لآخر، ولا يزال هذا الجو من الصراع الخفيّ متواصلا إلى اليوم وبأشكال مختلفة، والهدف: إحباط الإرادة الشعبية. والجدير بالذكر أنه في الوقت الذي كان فيه مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية عام 1923 يبني مشروع الدولة الوطنية المتمثلة في النظام الجمهوري على أنقاض الإمبراطورية العثمانية، كان لديه رغبة في تتويج الجمهورية بالنظام الديمقراطي، لكن لم يتحقق ذلك بالشكل المطلوب. وبهذا لم يتمكن البلد من الانتقال إلى التعددية الحزبية إلاّ في سنة 1946 أي بعد وفاة أتاتورك بـ12 عاماً، وبعد أن ساهمت عوامل داخلية وخارجية بفعالية في هذا التغيير السياسي، إذ اختارت تركيا أن تكون إلى جانب الكتلة الغربية والولايات المتحدة الأمريكية عند انقسام العالم إلى قطبين بعد الحرب العالمية الثانية، مما اضطرها للتخلي عن النظام القسري للحزب الواحد، كما ساهمت التفاعلات الاجتماعية المتصاعدة في إنجاح هذا التحول المهم. انقلاب صناديق الاقتراع وما كان نجاح الحزب الديمقراطي عام 1950 رافعاً شعار « يكفي فالكلمة للشعب »، إلاّ انعكاساً لرغبة الشعب في أن يكون صاحب الكلمة العليا في الحكم، مع العلم أن الحزب الديمقراطي وقف لوحده في وجه حزب الشعب الجمهوري، الحزب الذي أنشأه أتاتورك. غير أن صمت الجيش لم يتواصل أكثر من عشر سنوات، حيث قام بانقلاب عام 1960 على الحزب الديمقراطي، وأعدم رئيس الحكومة عدنان مندريس مع وزيرين من وزرائه، وأحدث شكلا وآلية جديدة لإدارة البلد، أما الشعب فقد أبدى ردّ فعله من خلال صناديق الاقتراع واختار حزب العدالة الذي هو امتداد للحزب الديمقراطي. وتواصل هذا النضال إلى عام 1971، حيث اضطرّت حكومة حزب العدالة للاستقالة على إثر المذكرة التي نشرها العسكر، فما كان من الأخير إلا أن قام بتشكيل حكومة انتقالية في تدخل واضح في الحياة السياسية، غير أن التطورات السياسية اللاحقة لم تمش في الاتجاه الذي رسمه الجنرالات الذين قاموا عام 1980 بانقلاب آخر، وسيطروا على الحكم بشكل مباشر، حيث قال الشعب كلمته مرة أخرى في صناديق الاقتراع واختار حزب الوطن الأم مخالفاً توصيات الجنرال كنعان افرين، زعيم انقلاب 1980. وأصبح بذلك تورغوت أوزال رئيساً للحكومة، وكان حزب الوطن الأم، الحزب الشعبي الوحيد في عيون المواطنين، وذلك مقارنة مع بقية الأحزاب المشاركة في الانتخابات، على رأسها الحزب الشعبي والحزب القومي والديمقراطي. وتواصلت العلاقات بين العسكر والمدنيين في صعود وهبوط مستمرين إلى أن استطاع حزب الرفاه تشكيل حكومته عام 1996، وعندما انقطعت كافة الجسور بين الطرفين في ذلك العام، شهد البلد هذه المرة « انقلاب ما بعد الحداثة » حيث اضطر رئيس الحكومة نجم الدين أربكان إلى الاستقالة تحت ضغوطات العسكر. وعندما اقترنت فترة حالة الطوارئ التي تعرف في تركيا باسم « فترة 28 فبراير » بالأزمة الاقتصادية عام 2001، ظهر على الساحة حزب « العدالة والتنمية » الذي شكلته مجموعة كانت قد استقالت من حزب الرفاه. ولم يستطع الجيش تقبّل حكومة هذا الحزب بأي شكل من الأشكال بذريعة أن حزب العدالة والتنمية، يهدف إلى تأسيس « نظام ديني » في تركيا. وعند وصول « العدالة والتنمية » إلى السلطة ظهرت تلك الألاعيب الخفية التي كان يستخدمها في إسقاط الحكومات السابقة، لكن الوضع في هذه المرة مختلف، فقد استطاعت الحكومة ولأول مرة في تاريخ الجمهورية الوقوف في وجه سيناريوهات الانقلابات والمذكرات العسكرية ونشاطات العصابات، وتم البدء في القضاء على العصابات التي انطلقت تعدّ العدّة في مختلف المناطق التركية للقيام بانقلاب عسكري، وكان لهذا الموقف الثابت للسلطة السياسية تأثير بالغ على المواطن التركي وساهم في توحدهما وجعلهما إلى جانب واحد. اكتشاف الأرغَنيكون في سياق العمليات التي تقوم بها قوات الأمن ضد العصابات في مختلف المناطق التركية، شهد يوم 12 يونيو/ حزيران 2007 مداهمة أعطت الصراع على السلطة بعدا جديدا، فقد دهمت قوات الأمن بيتا متواضعا -بشارع كونكور في حي جاقمق بمنطقة العمرانية- في الجزء الآسيوي من إسطنبول، وعثرت فيه على 27 قنبلة يدوية عليها بصمات الضابط المتقاعد أوقطاي يلدرم. وتفصيل ذلك أن قوات الأمن تلقت بلاغا من بقال، أفاد فيه أنه وجد عدداً من القنابل على سطح منزله عندما كان يجمع بعض الأخشاب، وأوضح أن صاحب البيت هو الضابط المتقاعد أوقطاي يلدرم، فكان هذا البلاغ الخطوة الأولى التي انطلقت بعدها العمليات الأمنية التي كشفت عن مستندات سرية لعصابة الأرغَنيكون في مكتب الضابط السابق أوقطاي يلدرم، وتم الكشف كذلك عن عدد من المستندات ذات الصلة في بيوت عدد من أصدقائه من الضباط المتقاعدين وفي مكاتبهم. وساهمت هذه الأدلة الجديدة في تحويل المسألة من قضية عصابة بسيطة تم الكشف عنها صدفة على إثر بلاغ للشرطة، إلى قضية عصابة الأرغَنيكون ذات التنظيم المركزي الخفي الذي يحتاج إلى فك شفرته. تنظيم ذو تسعة أجنحة اتخذ الادعاء العام الذي تابع التحقيق قراراً صارماً في هذه القضية ليعطيها بعداً جديداً، حيث قام بالتدقيق في كافة الملفات والمستندات المتعلقة بعصابة الأرغَنيكون. وعندما قبض عليه عام 2001 بتهمة الاحتيال، قدّم تونجاي گوناي معلومات مهمة عن الأرغَنيكون مكّنت الادعاء العام من توحيد أقسام الصورة، ومن خلال المحاضر والأشرطة التي تم تسجيلها له تم تعميق الأبحاث والتحريات التي قام كل من جهاز المخابرات ومديرية الأمن بتقديم الدعم الاستخباراتي اللازم لها. وحسب المعلومات الأولية التي توصل إليها الادعاء العام فإن لتنظيم الأرغَنيكون تسعة أقسام، وهي القسم المركزي، وقسم جمع المعلومات، وقسم التحليل والتقييم، وقسم التمويل والتجارة، وقسم العلوم والثقافة، وقسم النظريات والسيناريو، قسم الاتصال والدعاية، والقسم الحقوقي، وقسم العلاقات الدولية. وترتبط هذه الأقسام كلها بشكل مباشر بخمسة مديرين مدنيين يتم تعيينهم من طرف المجلس المركزي للتنظيم. ولهؤلاء المديرين الخمسة صلاحية اختيار رؤساء الأقسام، ولا يوجد أعلى من هؤلاء الخمسة إلاّ المجلس المركزي لتنظيم الأرغَنيكون، والرقم الأول في هذا المجلس هو الاسم الموجود على رأس المجلس، ويوجد كذلك اثنان من المدنيين يضطلعان بمهمة ربط العلاقة بين المجلس وبقية الأقسام. وهكذا فإن هذا التنظيم يتكون من عدد من الخلايا المستقلة عن بعضها البعض. وتُظهر الوثائق التي تم الكشف عنها، أن تاريخ تأسيس هذا التنظيم يعود إلى نوفمبر/ تشرين الثاني 1999، مما يعني أن تنظيم الأرغَنيكون تم تشكيله بروح جديدة، وفريق جديد، بعد تصفية فريق العمل الغربي الذي كان مسيطراً على فترة ما بعد انقلاب 28 فبراير/ شباط 1997، ذلك لأن تنظيم الأرغَنيكون لا يتلاءم من حيث البنية مع مجموعة 28 فبراير(شباط) الانقلابية. وعلى الرغم من أن كلاًّ من المجموعتين تتغذّيان من الثقافة الانقلابية، فإن الاختلاف قائم بين الروح والإيديولوجيا الإدارية لهذين التنظيمين، وقد تم نقل بعض أعضاء فريق 28 فبراير الذين لا يتعارضون مع الأرغَنيكون من حيث البنية إلى هذا التنظيم الجديد واستطاعوا الاندماج فيه. التخطيط لانقلاب في 2009 قام النظام المؤسَّس للأرغَنيكون بتفعيل نشاط التنظيم بشكل أكبر، وبوجه خاص بعد وصول حزب « العدالة والتنمية » إلى السلطة بالأغلبية بعد عام من تأسيسه سنة ،2001 وبالتحديد في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2002. وشهدت الفترة الفاصلة بين عامي2003و 2004 سيناريوهات لانقلابات مختلفة مثل خطّة « الشقراء » وخطّة « ضوء القمر »، وخلال هذه الفترة لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية راضية عن حكومة « العدالة والتنمية » بسبب مذكرة 1 مارس/ آذار مما شجع تنظيم الأرغَنيكون على إعداد سيناريوهات الانقلابات. وكانت الولايات المتحدة تهدف فقط في البداية إلى « تلقين العدالة والتنمية درساً » غير أنها عندما لاحظت هذه الأخيرة جدية التنظيم في خطته الانقلابية سحبت دعمها له، وعندما عجز الأرغَنيكون عن تحقيق ما يصبو إليه من خلال هذه السيناريوهات كثف أعماله منذ 2005 في النشاطات السرية الهادفة إلى الإعداد لانقلاب عسكري خلال عام 2009. وقام تنظيم الأرغَنيكون في هذه المرحلة الجديدة، بإبرام اتفاق مقدس مع أعضاء عصابة « صوصُرلُق » وآخرين، مثل ولي كوچك، وسامي خوشطان، وإبراهيم شاهين، ورغم أن أهدافهم كانت مختلفة إلاّ أن النقطة المشتركة بينهم والتي كانت تجمعهم هي القضاء على حكومة حزب العدالة والتنمية. وحينها ظهرت فجأة العصابات في مختلف المناطق التركية، ووصل نشاطها -في السنوات الخمس الأخيرة بشكل خاص- إلى الذروة، وهو ما تؤكده بيانات وزارة الداخلية حيث تم توقيف حوالي 35 ألف شخص، بتهمة التورّط في نشاطات العصابات، وذلك في السنوات العشر الماضية (1997-2007)، وتم حبس 15 ألفا منهم لثبوت التهمة، وكذلك تم الكشف عمّا يقارب 100 عصابة محلية في 30 محافظة مختلفة في السنوات الـثلاث الأخيرة. إشارة الانطلاق بدأت بشمدينلي كانت أكبر عملية استفزاز قام بها تنظيم الأرغَنيكون، تلك الأحداث التي شهدتها بلدة شمدنلي في عام 2005 يوم 9 نوفمبر/ تشرين الثاني، حيث تم تفجير محل قرطاسية يدعى « مكتبة أومود »، وأوقف إثر ذلك ثلاثة موظفين منهما ضابطان، وشخص آخر أدلى باعترافات مهمة، ممّا زاد في درجة الشبهات. وفي الخامس من فبراير/شباط 2006 تم اغتيال الراهب آندريا سانتورو في محافظة طرابزون، وفي 18 فبراير/ شباط 2006 شهدت العاصمة أنقرة عملية أمنية أطلق عليها اسم « الكرة »، وتم فيها إيقاف 11 شخصاً من بينهم نقيب ومساعد سابق لمدير الأمن. وفي 5 و10 و11 من مايو/ أيار 2006 تعرض مبنى صحيفة « الجمهورية » إلى هجوم بالقنابل اليدوية ثلاث مرات متوالية، لم يسفر أي منها عن ضحايا أو إصابات، وتم استخدام هذه الأحداث للضغط على حزب العدالة والتنمية، وانكشف أمر الفريق الذي رتّب الهجمات على صحيفة الجمهورية من خلال الاعتداء الدموي على المحكمة العليا في 17 مايو/أيار 2006، والذي ذهب ضحيته القاضي مصطفى يوجل اوزبلگين. واعتبرت المحكمة الجزائية الحادية عشر بأنقرة، والتي نظرت في تلك القضية، أن ذلك الاعتداء من نشاطات « عصابة الزي الإسلامي » وورد في نص الحكم أن المتهمين قد ارتكبوا جريمتهم ردّاً على قرارسابق للدائرة الثانية من نفس المحكمة ضد مدرّسة ترتدي الحجاب. بيد أن الدائرة التاسعة للمحكمة العليا قد نقضت ذلك الحكم، وربطت تلك الجريمة بتنظيم الأرغَنيكون. وفي هذه الأثناء تم الكشف عن اثنتيْ عشرة خطّة مختلفة لاغتيال رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، كما ثبتت عدّة أعمال استفزازية في عدّة من المحافظات، وعلى رأسها دياربكر ومرسين، وذلك لتأجيج الصراع بين الأتراك والأكراد، وبين أهل السنة والعلويين. عمليات أمنية ذات أربع موجات وللكشف عن بنية الأرغَنيكون، وضع الادعاء العام التاريخ القريب والمظلم لهذا التنظيم تحت المجهر، وقام بما يقارب عشرين عملية أمنية ذات أحجام مختلفة، من بينها أربع عمليات كانت أوسع من غيرها. وأول عملية أمنية موسّعة قام بها الادعاء العام كانت في 22 يناير/ كانون الثاني 2008، حيث تم إلقاء القبض على 26 متهماً من بينهم الجنرال المتقاعد ولي كوچك، والعقيد المتقاعد فكري قاراداغ وذلك في مداهمات متزامنة لـ43 محل في محافظة إسطنبول وخارجها، وكانت هذه العملية أيضاً هي التي حولت المسألة من عملية مكافحة لعصابات بسيطة إلى الكشف عن عصابة الأرغَنيكون. أما موجة العمليات الموسعة الثانية فقد بدأت في 21 مارس/ أذار 2008، واعتقل خلالها رئيس حزب العمال دُوغُو پَرِينْچَكْ وكذلك رئيس تحرير صحيفة الجمهورية اِيلْخَانْ سَلْچُوقْ، ثم اتّسعت دائرة التحقيق مع الموجة الثالثة لهذه الاعتقالات، لتشمل اعتقال الجنرالين المتقاعديْن خورشيد طولون، وشينر ايرويغور. حزب الشعب الجمهوري والأرغَنيكون انقسم الرأي العام في تركيا إلى قسمين مع اتساع دائرة التحقيق في قضية الأرغَنيكون، والتي شملت جنرالات وأساتذة جامعيين وعدداً من رجال السياسية والصحافة. فكان لرئيس حزب الشعب الجمهوري دنيز بايقال تصريحات شديدة داعمة لمعتقلي تنظيم الأرغَنيكون بوجه خاص، وطالب فيها رئيس الأركان العامّة بالتدخل في المسألة، كما أن حزبه ( الشعب الجمهوري) رأى وكان يرى دائماً أن التحقيق في قضية الأرغَنيكون تحقيق سياسي ضد النهج الأتاتوركيّ، ولكن رغم ردود الأفعال هذه كلها فإن التحقيق لم يتوقف، وتأجج الصراع أكثر مع الاعتقالات التي تمت في السابع من يناير/ كانون الثاني 2008. وتحرّكت الأوساط التي دعمت تنظيم الأرغَنيكون في بداياته الأولى، عند إضافة أسماء مهمة في هذه الموجة الأخيرة من الاعتقالات، التي شملت الأمين العام السابق لمجلس الأمن القومي الجنرال المتقاعد تُونْجَرْ قِلِنْچْ، ورئيس مجلس التعليم العالي البروفيسور الدكتور كمال غُرُوزْ، والمدعي العام السابق بالمحكمة العليا صبيح قانادوغلو. كما واصل بايقال انتقاداته الشديدة بنفس الأسلوب، غير أن العثور على مخططات وكميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة في بيت موظف الأمن السابق إبراهيم شاهين الذي حوكم في قضية صُوصُرْلُقْ، قد تركت أثّرها في الرأي العام التركي. أما الأوساط التي كانت تنظر إلى التحقيق في قضية الأرغَنيكون باشتباه إلى تلك اللحظة بدأت تقول: « نحن مع مكافحة العصابات ولكن من الخطأِ اعتبار أسماء مرموقة.. أعضاء في تلك العصابات ». مخازن ذخيرة الأرغَنيكون وذهب البعض في قراءته لهذه القضية إلى القول أن في الأمر ثأراً لانقلاب 28 فبراير/ شباط، وأن ما يجري هو البحث عن كنز تحت أنقاض حادث صُوصُرْلُق، لأن التحقيقات حول الأرغَنيكون لم تسفر عن نتيجة. بيد أن الأمر ليس كذلك، إذ ليس من الضروري القول بسبب ظهور أسماء في تحقيق الأرغَنيكون كانت قد لوحظت في انقلاب 28 فبراير/ شباط على أن بين المسألتين علاقة ما، ذلك لأن فريق العمل الغربي المسيطر على أحداث 28 شباط قد طواه الزمن بعد ظهور الأرغَنيكون. ولو كانت توجد رغبة في الثأر لتم التحقيق كذلك مع باشوات مثل إسماعيل حقي قارادايي، چَوِيكْ بِرْ، تِيُومَانْ قُومَان، چَتِينْ دُوغَانْ، نجدت تِيمُور وكذلك اِيرُولْ اُوزْقَاسْنَاقْ، ذلك لأن هؤلاء الباشوات هم مهندسو انقلاب 28 شباط، وكذلك فإن الأسلحة والذخيرة التي عُثر عليها خلال الحفريات التي تمت في منطقة گول باشي لا علاقة لها بحادث صُوصُرْلُقْ، وتم إثبات أنه لا علاقة لها بالأسلحة الضائعة، ذلك لأنها دفنت في تاريخ قريب (شهرين أو ثلاثة أشهر). السبب الأصلي للصراع من الواضح أن الصراع سيتواصل طيلة مدة التحقيق في قضية الأرغَنيكون، وكما أوضحنا في البداية، فإن تركيا كانت صارمة في تصفية التنظيمات السرية التي على شاكلة تنظيم « غلاديو الخفي » الذي تمت تصفيته قبل سنوات في سائر الدول الأوروبية. ويوجد في تنظيم الأرغَنيكون اليوم عناصر خفية تحاول تحديد سياسية الدولة باستخدام سلطة الدولة، وتتغذّى هذه العناصر بالثقافة الانقلابية ذاتها تلك التي تمتد جذورها إلى حزب الاتحاد والترقي، الذي كان مسيطرا في السنوات الأخيرة للإمبراطورية العثمانية. ولقد تحولت هذه العناصر الخفية إلى العمل المؤسساتي إثر انضمام تركيا لحلف شمال الأطلسي عام 1952 وحافظت على وجودها إلى يومنا هذا، وهي تواجه اليوم عمليات أمنية هي الأكثر جدية في تاريخ الجمهورية التركية، وفي حال لم يتم تفكيك تنظيم الأرغَنيكون فإن حزب العدالة والتنمية لن يُعتبر الحاكم الحقيقي للبلد، ولن يحقق هدفه في ضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، ولهذا السبب فإن الحزب الحاكم « العدالة والتنمية »، يتخذ موقفاً غاية في الصرامة في هذا الباب. وقد أقدمت بعض الأوساط التي ترى أنه لا يمكن إسقاط حزب العدالة والتنمية عن طريق الانتخابات على التعاون مع تنظيم الأرغَنيكون، لكن العمليات الأمنية ضد الأرغَنيكون أحبطت الخطط الهادفة للإطاحة بحزب العدالة والتنمية بطرق غير قانونية، وبهذا الشكل ساهمت الوسائل السرية التي تم تجريبها في الماضي ولم تؤت أكلها هذه المرة، في جعل الإرادة الشعبية أكثر تأثيراً في إدارة الدولة. كما أن هذا الوضع الجديد قد حد من صلاحيات النخبة العسكرية والمدنية التي اتخذت لنفسها امتيازات خاصة منذ قيام الجمهورية إلى يوم الناس هذا، ومن هنا يظهر أن العامل الأساسي الذي زاد في تأجيج هذه الخصومة هو الصراع على المصالح. وفي حال انتهى هذا الصراع لصالح الإرادة الشعبية، فإن تركيا ستتمكن من الوصول إلى هدفها بشكل أسرع، هدفها المتمثل في تحقيق الديمقراطية والشفافية والانفتاح الاجتماعي، أما في حال انتهى إلى خلاف ذلك فإن مسيرة تركيا نحو الاتحاد الأوروبي ستتوقف، وسينغلق البلد على ذاته ويتحول إلى بلد من العالم الثالث محكوم بأنظمة كلية، لهذا، إن هذا التحول الذي تشهده تركيا سيمرّ بمخاض شديد. (المصدر: مركـز الجزيرة للدراســات (الدوحة – قطر) – فيفري 2009)
على الولايات المتحدة أن تضع في الحسبان شعور إيران بالظلم
رولا خلف كان تحدياً إيرانياً نمطياً. فبعد أسبوعين من تولي باراك أوباما رئاسة الولايات المتحدة، بعثت طهران إلى واشنطن بسلسلة من الرسائل المصممة لقول إنها إذا كانت ستفاوض أصلاً، فإنها ستفعل ذلك من موقع قوة. كان إطلاق أول قمر اصطناعي إيراني هو أشد الإشارات تسبيباً للقلق، لكن كانت هناك رسائل أخرى، بما في ذلك القصة الحزينة لفريق البادمنتون الأميركي الذي لم تمنحه السلطات الإيرانية تأشيرات دخول للمشاركة في دورة إيرانية، وكذلك الترهيب المزعوم للمجلس الثقافي البريطاني الذي قرر الأسبوع الماضي تعليق عملياته في طهران. وكل ذلك لا يعني أن حواراً أميركياً ـ إيرانياً يأمل معظم العالم بأن ينتعش، لن يرى النور. بل يعني، على أية حال، أن كل خطوة صغيرة ستكون صراعاً، كما أن احتمالات الغضب، وسوء الفهم بين الجانبين هائلة. وقد أمضيت الأيام العشرة الأخيرة في طهران، وبينما كنت أسافر من مدينة إلى أخرى، صعقت بالشك الموجود لدى الإيرانيين. فعلى الرغم من أن معظم الناس العاديين، والسياسيين، الذين قابلتهم، اعترفوا بوجود بعض القيمة في تقارب إيراني ـ أميركي، إلا أن قليلين هم الذين لديهم الكثير من الأمل في أن تقدم أميركا ما يكفي من التنازلات لجعل ذلك الأمر ممكناً. وجدت على الدوام مشاعر معادية للأميركيين في إيران أقل وضوحاً مما هي عليه في الوطن العربي. وربما يعود ذلك إلى أن النظام الإسلامي كان يعارض الولايات المتحدة بحدة منذ ثورة عام 1979، بينما تنظر الشعوب العربية إلى أن بلدانها صديقة، دون داع، للولايات المتحدة. ويعود الفضل إلى جورج بوش في تضييق هذه الفروق بين الإيرانيين والعرب. الواقع هو أنك تسمع رد فعل أشد حماسا إزاء أوباما من جانب السياسيين الإصلاحيين في إيران الذين يعون تماماً الفرصة التي يقدمها. لكن خارج دوائر الإصلاحيين، إذا سألت عن أوباما تتلقى محاضرة طويلة حول كل آلالام التي سببتها الولايات المتحدة للعالم، على وجه العموم، ولإيران بصفة خاصة. وأما أن على إيران أن تجيب على أسئلة كثيرة، وأنها أخفقت في طمأنة العالم حول نواياها النووية، وأنها تزرع بذور المشكلات في مناطق أخرى، فإنه ينظر إلى هذه الأمور كتفاصيل بسيطة. وقائمة المظالم الإيرانية طويلة للغاية، كما أن الحديث الصاخب منفعل للغاية، بحيث لا يتبقى ما يكفي من الوقت للحديث عن المستقبل. واحدة من أكثر المحادثات كشفاً عن الأمور، هي تلك التي دخلت فيها مع المحررين في صحيفة « خبر » الرئيسية المستقلة في شيراز، في قلب إقليم فارس جنوبي إيران. كان من الواضح أنهم حريصون على الالتقاء بالصحافيين البريطانيين إلى درجة أنهم تحملوا تأخرنا ثلاث ساعات عن الموعد، وكانوا ينتظروننا بأطباق ملئية بالفواكه والكعك. وحين بدأ النقاش، النقاط الواضحة الوحيدة التي كانوا راغبين في التأكيد عليها، هي أن الأمر يعود إلى الولايات المتحدة كي تندم على أخطاء الماضي، وأن تقبل حقيقة أن إيران أصبحت قوة عظمى ذات « تطور علمي » عظيم دون مساعدة من الغرب. إطلاق القمر الصناعي والبرنامج النووي الذي يثير قلق العالم، فكانا في نظرهم مصدر فخر، ورداً على العقوبات الدولية المفروضة على إيران لإرغامها على كبح طموحاتها النووية. وهم يجادلون بأن ثمن تحدي إيران المتمثل في اقتصاد متعثر، وعدم الحصول على الاستثمارات الخارجية اللازمة لصناعة النفط والغاز التي تعتمد عليها البلاد، والعدد غير الكافي من الوظائف لجيش المتعلمين الذين تخرجهم الكليات سنوياً، يستحق أن يدفع. من المؤكد أن هناك من الإيرانيين من يستطيعون الرؤية عبر التناقضات بين المفاهيم المطروحة والحقائق. ويتوقع هؤلاء أن تسود الواقعية في النهاية، وأن يتم تقديم تنازلات من جانب كل من الولايات المتحدة وإيران، لإنشاء علاقة أقل عداوة. غير أن المعضلة التي تواجهها الولايات المتحدة في سعيها لإطلاق حوار مع إيران هي أن النظام الإيراني الذي يهيمن عليه الأصوليون، يشارك محرري « خبر » توجهاتهم. وبغض النظر عما إذا كان حقيقياً، أم مصطنعاً، فإن الإحساس بالأهمية الذي تعطيه إيران لنفسها لايمكن تجاهله. وهو يترافق مع عقود من عدم الثقة بالغرب، والتردد في المشاركة في تحمل مسؤولية الاستعداء الذي يجعل توازن الأساليب الأميركية عملا بالغ الصعوبة. (المصدر: جريدة فايننشل تايمز (يومية – بريطانيا) بتاريخ 11 فيفري 2009)
علماء السودان يحثون الشبان على مقاطعة عيد الحب
خط حديد صيني لربط مكة بالمدينة
محمد حامد وقّعت السعودية مع الصين اتفاقا لمد شبكة سكة حديد بين مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة؛ لخدمة حجاج بيت الله الحرام، وتيسير أداء مناسك فريضة الحج، ويختصر الخط الجديد الرحلة بين المدينتين من خمس ساعات إلى نصف ساعة، كما يتحمل خمسة ملايين شخص سنويا. وفي عددها الصادر اليوم الأربعاء، قالت صحيفة « ذا ديلي تليجراف » البريطانية: إن الرئيس الصيني جو هينتاو متواجد حاليًا في الرياض للتباحث مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بشأن تطوير الشراكات بين بلديهما، وفي مقدمتها الاتفاقية التي وقعاها أمس لمد خط سكة حديد لخدمة حجاج البيت الحرام. وأفادت صحف صينية وسعودية أن وزير الشئون البلدية والقروية الأمير متعب قد ناب عن الجانب السعودي في توقيع الاتفاق، بينما مثل الجانب الصيني شركة « تشاينا رايلواي »، التي ستنفذ المشروع بالاشتراك مع شركة سعودية وأخرى فرنسية لم يتم الإعلان عنهما. وذكرت صحيفة « تشينا ديلي » الصينية اليوم أن حوالي 35% من المشروع سيكون جاهزًا للاستخدام خلال موسم حج عام 2010 (1431 هجرية)، في حين سيصل إلى كامل قدرته التشغيلية بحلول موسم الحج لعام 2012 (1433 هجرية). ومن المقرر أن يربط المشروع الذي تبلغ تكلفته 6.65 مليارات ريال (1.78 مليار دولار) بين عدد من المواقع المقدسة والتي تضم مكة ومنى وعرفات والمزدلفة. وبإنشاء هذا الخط سيتمكن الحجاج من الانتقال من مكة إلى المدينة في غضون ساعة ونصف على الأكثر بعد أن كانت تستغرق حوالي خمس ساعات؛ حيث تبلغ سرعة القطار 360 كيلومترا في الساعة، وتتوافر به جميع الاحتياجات من حمامات ومطاعم ووسائل راحة لا يشعر معها الحاج بأي مشقة، بحسب الصحيفة الصينية. وصرح يانج هونجلين، السفير الصيني لدى السعودية، بأن الهدف من وراء مد خط السكة الحديد هذا هو « تخفيف الازدحام في ذروة الحج؛ ما يساعد في إخلاء المناطق بشكل أسرع وأكثر أمانا، بجانب الحد من الحوادث التي ربما تحدث بسبب الازدحام وانتظار وسائل النقل ». وأشار إلى أن « الاتصالات قد جرت مع الجانب السعودي في الشهر الماضي لإنشاء خط سكة حديد يتحمل طاقة خمسة ملايين شخص سنويا ». توطيد التعاون من جانبها، علقت وكالة الأنباء الصينية على المشروع مشيرة إلى أنه الأول بين الحكومتين الآسيويتين بعد أن اتفقتا على توطيد التعاون حول أعمال البنية التحتية في الصيف الماضي. ولفتت الوكالة إلى أن مشروع السكة الحديد هو واحد من خمس اتفاقيات ثنائية تم توقيعها بين البلدين أمس، وشملت التعاون في مجال النفط والغاز، والتعدين، والصحة، ومراقبة الجودة، ومستويات السلع والخدمات. كما نقلت عن جيانج يو، المتحدث باسم وزير الخارجية الصيني، قوله: « تهتم بكين بتقوية العلاقات في مجال الطاقة مع السعودية؛ لأنها طريقها للشرق الأوسط وإفريقيا ». وتعد السعودية أكبر شريك تجاري للصين في غرب آسيا وشمال إفريقيا؛ حيث بلغت التجارة بين البلدين في عام 2008 حوالي 41.8 مليار دولار أمريكي. (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 11 فيفري 2009)